الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2655/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

30 September 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥ ( ٤) من البروتوكول الاختياري، بشأن ال بلاغ رقم ٢٦٥٥/٢٠١٥ * ** ***

بلاغ مقدم من: ألكسي إيفانوف، باسم شقيقه، سيرغي إيفانوف (يمثله المحامي أندري بالودا )

الشخص المدعى أنه ضحية: سيرغي إيفانوف (متوفى)

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥ (الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 97 من النظام الداخلي للجنة (المادة 92 حالياً)، المحال إلى الدولة الطرف في ١٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ١٨ تموز/يوليه ٢٠١٩

الموضوع: فرض حكم الإعدام بعد محاكمة غير عادلة

المسائل الإجرائية: عدم تعاون الدولة الطرف؛ عدم احترام طلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة؛ عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحرمان التعسفي من الحياة؛ أمر إحضار أمام المحكمة ؛ الحق في محاكمة عادلة أمام هيئة قضائية مستقلة ونزيهة؛ الحق في افتراض البراءة

مواد العهد: 6 ( 1) و (2) و 9 ( 1) إلى ( 4) و 14 ( 1) و (2) و(3) ( أ) و(ب) و (د)

مواد البروتوكول الاختياري: 1 و 2 و 5 ( 2) ( ب)

1 -1 يُدعى صاحب البلاغ ألكسي إيفانوف، وهو مواطن بيلاروسي من مواليد عام ١٩٨٨. قدَّم البلاغ باسم شقيقه سيرغي إيفانوف، وهو أيضاً مواطن بيلاروسي من مواليد عام ١٩٩٤، وكان لدى حدوث الوقائع محتجزاً في طابور الإعدام في انتظار تنفيذ العقوبة في أعقاب فرض حكمٍ بالإعدام بحقه. ويدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق شقيقه المكفولة بموجب المواد 6 ( 1) و (2) و 9 ( 1) إلى ( 4) و 14 ( 1) و (2) و(3) ( أ) و(ب) و (د) من العهد. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لبيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992. ويمثّل صاحب البلاغ محام.

1-2 في 15 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١5، قررت اللجنة، وهي تتصرف عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، أن تمنح التدابير المؤقتة في القضية بموجب المادة ٩٢ من نظامها الداخلي (المادة 94 حاليا ً )، وطلبت إلى الدولة الطرف عدم تنفيذ حكم الإعدام بحق سيرغي إيفانوف ريثما تنظر اللجنة في قضيته.

1-3 وفي 24 أيار/مايو ٢٠١6، تلقت اللجنة معلومات من المحامي تفيد بأن حكم الإعدام بحق سيرغي إيفانوف نُفذ في 18 نيسان/أبريل ٢٠١6 ( ) .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في ٢٩ آب/أغسطس ٢٠١٣، عُثر على جثة الفتاة أ. أ.، المولودة في عام ١٩٩٤، وهي تحمل علامات عنف. وفي نفس اليوم، أُلقي القبض على سيرغي إيفانوف للاشتباه في ارتكابه القتل، واحتُجز في مكتب الشؤون الداخلية لمنطقة رشيتسك . وفي ٨ أيلول/سبتمبر ٢٠١٣، وُضع السيد إيفانوف رسمي اً قيد الاحتجاز السابق للمحاكمة بأمر من المدعي العام. ولم يتلق الأمر الصادر عن المدعي العام إلا في ٩ أيلول/سبتمبر. ولم يمثل في ٢٩ آب/أغسطس ولا في 8 أيلول/سبتمبر أمام قاض أو أي مسؤول آخر مأذون له قانون اً بممارسة سلطة قضائية.

2-2 وفي ١٨ آذار/مارس ٢٠١٥، أدانت محكمة غوميل الإقليمية سيرغي إيفانوف بارتكاب أعمال متكررة من الشغب العنيف مع مجموعة من الأشخاص (المادة ٣٣٩، الجزء 2 من القانون الجنائي)؛ وتعمُّد إلحاق ضرر بدني خطير يهدد حياة الضحية (المادة ١٤7، الجزء 2، الفقرة 7)؛ والسطو المتكرر مع استخدام العنف مع مجموعة من الأشخاص بشكل يعرض حياة وصحة الضحية للخطر (المادة ٢٠٦، الجزء ٢)؛ والسرقة المتكررة للممتلكات (المادة ٢٠٥، الجزء ٢)؛ وارتكاب القتل بوحشية بالغة (المادة ١٣٩). وحكمت المحكمة عليه بالإعدام. ولم تعتبر المحكمة الابتدائية أن ” الاعتراف الصادق “ للمدعى عليه بالقتل وتعاونه في جميع مراحل التحقيق يشكلان ظروفاً مخففة.

2-3 وفي ٢٦ آذار/مارس ٢٠١٥، طعن سيرغي إيفانوف في الحكم الصادر عن محكمة غوميل الإقليمية أمام المحكمة العليا. وفي 14 تموز/يوليه، رفضت المحكمة العليا الطعن وأيدت الحكم الابتدائي المؤرخ 18 آذار/مارس . ويؤكد صاحب البلاغ أن حكم المحكمة الإقليمية دخل بالتالي حيز النفاذ على الفور.

2-4

2-5 وفي ٢٥ آب/أغسطس ٢٠١٥، قدم شقيق صاحب البلاغ طلب طعن إلى المدعي العام في إطار المراجعة القضائية الرقابية رغم أنه كان يرى أن سبيل الانتصاف هذا غير فعال.

2-6 وادعى صاحب البلاغ أيض اً وقت تقديم البلاغ أن عقوبة الإعدام يمكن أن تنفَّذ بحق شقيقه في أي وقت من الأوقات لأن الحكم الصادر بحقه قد دخل حيز النفاذ. ولذلك طلب منح التدابير المؤقتة، أي تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، ريثما ينتهي النظر في البلاغ. ورغم قرار اللجنة القاضي بالموافقة على طلب التدابير المؤقتة، أبلغ المحامي اللجنة في ٢٤ أيار/مايو ٢٠١٦ أن عقوبة الإعدام نُفذت في ١٨ نيسان/أبريل.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق شقيقه المكفولة بموجب المواد 6 ( 1) و (2) و 9 ( 1) إلى (4) و 14 ( 1) و (2) و(3) ( أ) و(ب) و (د) من العهد. وعلى وجه الخصوص، انتهكت الدولة الطرف الحق في الحياة لشقيق صاحب البلاغ بموجب المادة ٦ من العهد. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه في بيلاروس، لا يجري إخطار محامي الشخص أو أسرته بتاريخ وموعد الإعدام المقرر إنما يتم الإخطار بذلك فقط بعد أن يكون الإعدام قد نُفذ بالفعل. ويدعي صاحب البلاغ أن المحاكمة، لما كانت تفتقر إلى ضمانات مراعاة الأصول القانونية وخلصت إلى حكم بالإعدام، قد انتهكت في حد ذاتها حقوق شقيقه المكفولة بموجب المادة ٦(١) و (٢) من العهد.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أيض اً أن حقوق شقيقه المكفولة بموجب المواد ٩ ( ١) إلى (٤) قد انتُهكت أثناء إلقاء القبض عليه لأنه لم يمثل فوراً أمام قاض بعد توقيفه الأولي. ولم يمثل شقيقه أمام قاضٍ لأول مرة إلا في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤، أي بعد أكثر من ٤٥٠ يوماً من توقيفه، الأمر الذي ينتهك حقوقه المكفولة بموجب المادة ٩ ( ٣) من العهد.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوق شقيقه المكفولة بموجب المادة 14 ( 1) من العهد. ويدّعي صاحب البلاغ أن المحكمة كانت متحيزة أثناء الدعوى وقد أخلّت بواجبها المتمثل في التحلي بالموضوعية. ويدعي أن المحكمة الابتدائية كانت متحيزة لأنها تسامحت مع السلوك العدواني الذي مارسته أسرة ضحيةِ عملية القتل ومحامي الأسرة تجاه شقيقه أثناء الجلسات. ولم يحصل شقيقه على الوقت الكافي لإعداد دفاعه وكان اتصاله بمحاميه محدوداً، مما يشكل انتهاكاً لضمانات المحاكمة العادلة، وهو ما أدى إلى حكم الإعدام.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن شقيقه وُضع في جناح المحكوم عليهم بالإعدام حتى قبل أن يكتسب حكم المحكمة قوة الأمر المقضي به. وكان شقيقه مكبل اليدين ومودعاً في قفص لدى مثوله أمام المحكمة الابتدائية والمحكمة العليا على حد سواء. وفي دعوى الطعن بالنقض، كان ملزماً بارتداء ملابس خاصة بالأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام وموسومة بأحرف تبين طبيعة الحكم الصادر بحقهم ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، فقد جرى إحضاره إلى الجلسات مع أربع ة إلى ستة حراس فيما يسمى وضعية ” الرأس ما دون مستوى الفخذين “ ( ) . مما سبب له زيادة في ضغط الدم وإحساساً بالدوار وصداعاً. ولم يأخذ قاضي المحكمة الابتدائية في الاعتبار الظروف المخففة، مثل اعترافه وتوبته الصادقة. ولم تكن ال جلسات علنية إنما عُقدت خلف أبواب مغلقة. وبالتالي، قدمت سلطات التحقيق المعلومات المتعلقة بالمحاكمة إلى وسائط الإعلام مباشرةً. ولم تتوفر للمواطنين العاديين والصحفيين المستقلين إمكانية الحصول على معلومات. وتجاهلت سائط الإعلام التابعة للدولة مبدأ افتراض البراءة ونشرت معلومات ضد شقيق صاحب البلاغ دون ثبوتها أثناء المحاكمة. ووصفت وسائط الإعلام شقيق صاحب البلاغ بالقاتل قبل أن يكتسب حكم المحكمة قوة الأمر المقضي به. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا يشكل انتهاك اً لحق شقيقه في أن يُفترض بريئاً بموجب المادة 14(2) من العهد.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أيض اً انتهاك حقوق شقيقه بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( أ) من العهد، لأنه لم يبلَّغ على الفور بطبيعة وسبب التهم الموجهة إليه. ويدعي صاحب البلاغ أن شقيقه احتُجز في ٢٩ آب/أغسطس ٢٠١٣ عند الساعة 35/11 ، بينما وضع المحقق بروتوكول الاحتجاز بعد الساعة 00/14 ، أي بعد انقضاء أكثر من ساعتين على توقيفه. وعلاوة على ذلك، لا يشير البروتوكول إلى الوقت الذي جرى فيه إبلاغ شقيقه بمضمونه.

3-6 بالإضافة إلى ذلك، يدعي صاحب البلاغ أنه لم يتوفر لشقيقه الوقت الكافي من أجل إعداد دفاعه وأن الاتصال بمحاميه كان محدوداً، وفي ذلك انتهاك لحقوقه المكفولة بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( ب) و (د) من العهد. ولم يبلَّغ على وجه السرعة بحقوقه بعد توقيفه، بما في ذلك حقه في الاستعانة بمحام من اختياره. وفي ٢٩ آب/أغسطس ٢٠١٣، لم يعيَّن محام له قبل الساعة 15/15 ، أي بعد حوالي أربع ساعات من توقيفه. وفي الوقت نفسه، اتُخذ العديد من الخطوات الإجرائية بحقه، إذ وُضع بروتوكول الاحتجاز، وأُنجزت عملية التفتيش الشخصي، وأُرسلت عينات لإجراء تحليل مقارن. وعلاوة على ذلك، لم يتوفر الوقت اللازم بين المحامي والموكِّل للتكلم في إطار من الخصوصية نظر اً لوجود المحقق معه. وخلال التحقيق السابق للمحاكمة، جرى تغيير اثنين من المحامين المعيَّنين ولم يتدخل الثالث، الذي وكَّله شقيق صاحب البلاغ، إلا في مرحلة إعداد الطعن الإضافي بالنقض. وكانت هذه التغييرات الكثيرة في المساعدة القانونية المتاحة خارجة عن سيطرة شقيق صاحب البلاغ. وبالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن مرة أخرى، في مرحلة الطعن بالنقض، من مقابلة محاميه في إطار من الخصوصية نظراً لوجود موظفي السجن معه على الدوام. ولذا لم يتمكن من استكمال طلب الطعن بالنقض الذي قدمه وممارسة حقه في الدفاع عن نفسه بفعالية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 10 كانون الأول/ديسمبر 2015، ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي تدعي أن البلاغ غير مقبول لأن شقيق صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له؛ وعلى وجه الخصوص، فإنه لم يقدم طلب إجراء مراجعة قضائية رقابية لدى المحكمة العليا. وقدم محامي الدفاع، السيد كريمكو ، هذا الطلب أمام المحكمة العليا في ٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥، ورفضَه النائب الأول لرئيس المحكمة العليا. ووفق اً للمادة ١٧٥ ( ١) من القانون الجنائي، يؤدي تقديم طلب لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام ريثما يجري النظر في الطلب.

4-2 وتدفع الدولة الطرف بأن سيرغي إيفانوف قدم أيض اً طلب عفو إلى رئيس بيلاروس، وكان الطلب لا يزال قيد النظر في وقت تقديم البلاغ. ووفق اً للمادة ١٧٥ من القانون الجنائي، يعلَّق تنفيذ عقوبة الإعدام أثناء دراسة طلب العفو.

4 -3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تُوضح الدولة الطرف بأنه، في ١٨ آذار/مارس ٢٠١٥، وجدت محكمة غوميل الإقليمية أن شقيق صاحب البلاغ مذنب وأدانته بارتكاب انتهاكات للمواد 147 ( 2) ( 7)، و 139 ( 2) ( 6)، و 205 ( 2)، و 206 ( 2)، و 339 ( 2) من القانون الجنائي. وحكمت الم حكمة الابتدائية عليه بالإعدام رمي اً بالرصاص. وفي ١٤ تموز/يوليه، أيدت المحكمة العليا قرار محكمة غوميل الإقليمية ورفضت طلب الطعن بالنقض الذي قدمه شقيق صاحب البلاغ ومحاميته، السيدة رومانوفسكايا .

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أن إدانة شقيق صاحب البلاغ ثبتت، وأكدتها كل الأدلة بعد نظر المحكمة فيها وتقييمها. وهو قد اعترف بذنبه في جميع التهم الموجهة إليه، وأكد ملابسات الجريمة المرتكبة ضد الضحايا في القضية الجنائية. وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة نظرت في ظروف القضية على نحو شامل وكامل وموضوعي، مما يشير على وجه التحديد إلى الخطر الذي كان يشكله سيرغي إيفانوف على المجتمع. ولذلك، فإن عقوبة الإعدام التي فُرضت على السيد إيفانوف كانت معقولة وعادلة. ولا تستند الادعاءات الواردة في البلاغ المقدم من صاحب الشكوى باسم شقيقه بشأن انتهاك المواد ٦ و ٩ و ١٤ من العهد إلى مواد القضية الجنائية.

4-5 أما فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة لحقوق سيرغي إيفانوف المكفولة بموجب المادة ٩ من العهد، فإن الدولة الطرف توضح بأنه في ٢٩ آب/أغسطس ٢٠١٣، أُوقف السيد إيفانوف للاشتباه بارتكابه القتل، وشُرح له ذلك أثناء الاحتجاز، وتوفرت له نسخة من أمر الاحتجاز. وقد أُبلغ بحضور محاميته، السيدة رومانوفسكايا ، بحقوقه والتزاماته بوصفه مشتبها ً به وبإمكانية الطعن في احتجازه، ويدل على ذلك توقيعه على الوثائق ذات الصلة. وفي وقت لاحق، عُرضت عليه بحضور محاميته القرارات المتعلقة بمحاكمته وقرار احتجازه في الحبس الاحتياطي بإقرارٍ من المدعي العام، وتوفرت له نسخ من هذه الوثائق؛ وأُوضحت له حقوقه والتزاماته بوصفه متهماً فضل اً عن حقه في الطعن في احتجازه الاحتياطي.

4-6 وتؤكد الدولة الطرف أن سيرغي إيفانوف لم يطعن في قرار احتجازه الاحتياطي أمام المحكمة. كما تؤكد الدولة الطرف أنه لم يقدم أي شكاوى بشأن وقوع انتهاكات لحقه في التواصل مع محامِيَيْه، السيدة رومانوفسكايا والسيد كريمكو ، في إطار من الخصوصية، أثناء التحقيق السابق للمحاكمة والمحاكمة وإجراءات النقض.

4-7 وقيَّمت المحكمة حالته النفسية تقييم اً كامل اً. ووفق اً للاستنتاجات التي خلص إليها الفحص الطبي النفسي الشرعي، كان سيرغي إيفانوف يعاني من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، وكذلك من عدم القدرة على الشعور بالذنب. وعلى الرغم من هذا الاضطراب، كان بإمكانه لدى ارتكاب الجرائم أن يدرك تمام اً طبيعة أعماله والخطر الذي تنطوي عليه من الناحية الاجتماعية. وخلال الجلسات، اتفق السيد إيفانوف مع الاستنتاجات التي توصل إليها الخبراء.

4-8 وتدعو الدولة الطرف اللجنة إلى أن تأخذ في الاعتبار المادة ٦ ( ٢) من العهد، التي تنص على أنه في البلدان التي لم تُلغ عقوبة الإعدام، لا يجوز فرض تلك العقوبة إلا على أشد الجرائم خطورة وفق اً للقانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة؛ وهذا لا يتعارض مع أحكام العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في 8 شباط/فبراير ٢٠١٦، ردّ صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يؤ كد أن صاحب الشكوى المعروضة على اللجنة لا يحتاج إلى استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بل عليه فقط استنفاد سبل الانتصاف التي يمكن اعتبارها فعالة. ووفقاً لصاحب البلاغ، صدرت عن اللجنة منذ أمد بعيد اجتهادات قضائية تفيد بأن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية التي لا تزال قائمة في بلدان الاتحاد السوفياتي السابق تُعتبر غير فعالة ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، يكرر صاحب البلاغ التأكيد أن محامي شقيقه، السيد كريمكو ، قدم طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية، وقُوبل طلبه بالرفض من جانب نائب رئيس المحكمة العليا. وعلاوة على ذلك، فإن تقديم هذا الطلب لا يشكل سبيل انتصاف فعال اً لأنه لا يمكن أن يؤدي إلا إلى تأخير تنفيذ الحكم ريثما يُنظر في الطلب. ويؤكد صاحب البلاغ أنه في عام ٢٠٠٩، لم يؤدِّ أي من الطلبات المقدمة لإجراء مراجعة قضائية رقابية في حالات عقوبة الإعدام إلى البدء بمراجعة من هذا القبيل.

5-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه وفقاً للمادة 5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري، لا تنظر اللجنة في البلاغات قبل أن تتأكد من أن أصحابها قد استنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ‬ بيد أن السوابق القضائية للجنة تنص على أن القاعدة التي تحكم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لا تنطبق إلا إذا كان الحماية القانونية ف عالة ومتاحة. ويشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة التي تفيد بأن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية المتعلقة بقرارات المحاكم التي بدأ نفاذها تشكل أحد سبل الانتصاف الاستثنائية الخاضعة للسلطة التقديرية وتقتصر على المسائل القانونية، ومن ثم لا تشكل سبيل انتصاف فعال اً لأغراض المادة ٥ ( ٢) ( ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . كما يشير صاحب البلاغ إلى أن ” نظام المراجعة القضائية الرقابية الذي لا ينطبق إلا على الأحكام التي بدأ تنفيذها لا يستوفي شروط الفقرة 5 من المادة 14، وذلك بصرف النظر عما إذا كان الشخص المدان هو الذي يمكن أن يطلب إجراء هذه المراجعة أو أن إجراء المراجعة يتوقف على السلطة التقديرية للقاضي أو المدعي العام ( ) ‬ .

5-3 ويذكر صاحب البلاغ أن الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام في بيلاروس يبلَّغون عادة برفض طلب المراجعة القضائية الرقابية قبل بضع دقائق من تنفيذ العقوبة. ويدعي أن عقوبة الإعدام في بيلاروس تنفَّذ في ظروف من السرية. ولا يبلَّغ الشخص المدان ومحاميه وأسرته بنتيجة الطلب المقدم للمراجعة قبل الإعدام. ولذلك، لا يتوفر للشخص المحكوم عليه بعقوبة الإعدام الوقت من أجل اللجوء إلى اللجنة لدى رفض طلبات الطعن على الصعيد الداخلي.

5-4 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن إجراءات تقديم طلب عفو إلى رئيس بيلاروس لم تُستنفد باعتبارها من سبل الانتصاف المحلية المتاحة، يشير صاحب البلاغ إلى أن هذه الآلية لا يجب استنفادها قبل تقديم طلب إلى اللجنة لأنها تشكل إجراء قانوناً ذا طابع إنساني ولا تُعتبر من سبل الانتصاف القانونية إزاء انتهاك الحقوق. ويذكر صاحب البلاغ أنه وفق اً للاجتهادات القضائية الراسخة للجنة، لا يشكل هذا الإجراء سبيل انتصاف محلي اً فعالا ً ( ) . ويذكر صاحب البلاغ أنه وفق اً للأنظمة المتعلقة بإجراءات تنفيذ العفو عن الأشخاص المدانين في جمهورية بيلاروس ( ) ، يتعين تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام إزاء الشخص المحكوم عليه إلى حين النظر في طلب العفو أو رفضه. ومن ثم، فإن رئيس البلد يتخذ القرار النهائي ويُصدر المرسوم في هذا الصدد بصرف النظر عما إذا كان هذا الإجراء قد بدأه الشخص المحكوم عليه بالإعدام أو شخص آخر. ويؤكد صاحب البلاغ أن قرار الرئيس بالاستعاضة عن عقوبة الإعدام بالسجن مدى الحياة لم يُ تخذ سوى مرة واحدة على مدى الأعوام العشرين الماضية. وقبل أن ينظر الرئيس في طلبات العفو، تُعرض الطلبات أولاً على لجنة معنية بطلبات العفو تحت إشراف رئيس الجمهورية. وتُتخذ القرارات بالأغلبية البسيطة لأعضاء اللجنة، الذين يجوز أن يدْعوا ممثلي الهيئات الحكومية والرابطات العمومية ووسائط الإعلام إلى حضور اجتماعاتهم. غير أن دعوة مشابهة لم توجَّه إلى ممثلي شقيق صاحب البلاغ ( ) للمشاركة في اجتماعات اللجنة.

عدم تعاون الدولة الطرف

6-1 تحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف لم تحترم طلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة، وذلك بتنفيذها حكم إعدام سيرغي إيفانوف قبل أن تنتهي اللجنة من النظر في البلاغ.

6-2 وتشير اللجنة إلى الفقرة 2 من المادة 39 من العهد التي تُجيز لها وضع نظامها الداخلي، الذي وافقت الدول الأطراف في العهد على الاعتراف به. وتشير اللجنة كذلك إلى أن الدول الأطراف في العهد، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تلقي ودراسة البلاغات التي ترد من أفراد يخضعون لولايتها ويدَّعون أنهم وقعوا ضحايا لانتهاك أي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1 من البروتوكول الاختياري). ويعني انضمام دولة ما إلى البروتوكول الاختياري ضمناً تعهّدها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية بحيث تسمح لها بالنظر في تلك البلاغات وتمكّنها من ذلك، ثم تحيل آراءها إلى الدولة الطرف والفرد المعني بعد دارسة البلاغ (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). وأي إجراء تتخذه الدولة الطرف يُعطّل أو يمنع اللجنة من النظر في البلاغ ودراسته، والتعبير عن آرائها بشأنه، هو إجراء يتعارض مع التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري ( ) .

6-3 وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بأنه عندما قدم صاحب البلاغ بلاغه المؤرخ 14 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١5، أبلغ اللجنة بأن حكماً بالإعدام صدر بحق شقيقه وبأن الحكم يمكن أن ينفَّذ في أي وقت. وفي ١٥ تشرين الأول/أكتوبر، أحالت اللجنة إلى الدولة الطرف طلباً بعدم تنفيذ حكم الإعدام ريثما تنظر اللجنة في القضية. وفي 24 أيار/مايو 2016، تلقت اللجنة معلومات تفيد بأن سيرغي إيفانوف أُعدم رغم أنها طلبت اتخاذ تدابير الحماية المؤقتة. وتلاحظ اللجنة أن ما من شك في أنّ هذا الإعدام قد نُفِّذ في تجاهل تام ل طلب اتخاذ تدابير الحماية المؤقتة الذي وُجه إلى الدولة الطرف. ‬

6-4 وتكرر اللجنة التأكيد أنه إلى جانب التثبت من ادعاء انتهاك دولة طرف للعهد كما يرد في بلاغ ما، فإن الدولة الطرف تخل إخلالاً جسيماً بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري إذا أتت تصرفاً يمنع أو يعطّل نظر اللجنة في بلاغ يدعي انتهاك الدولة الطرف للعهد أو يجعل دراسة اللجنة له محل جدل وإفصاحها عن آرائها فيما يتعلق بتنفيذ التزامات الدولة الطرف بموجب العهد عديم الأثر والجدوى ‬ ( ) . وفي هذه القضية، يدعي صاحب البلاغ أن حقوق شقيقه، سيرغي إيفانوف، المكفولة بموجب أحكام مختلفة من العهد، قد انتُهكت على نحو ينعكس مباشرة على قانونية حكم الإعدام الصادر بحقه. وبعد أن أُخطرت الدولة الطرف بالبلاغ وبطلب اللجنة اتخاذ تدابير الحماية المؤقتة، ارتكبت الدولة الطرف انتهاكاً جسيماً لالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري إذ أعدمت الضحية المزعومة قبل أن تفرغ اللجنة من النظر في البلاغ. ‬ ‬ ‬

6-5 وتذكِّر اللجنة بأن التدابير المؤقتة بموجب المادة ٩4 من نظامها الداخلي، المعتمد وفقاً للمادة ٣٩ من العهد، أساسية لعمل اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري من أجل تلافي إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بضحية الانتهاك المزعوم. وانتهاك تلك المادة، ولا سيما باتخاذ تدابير لا رجعة فيها كما هو الحال في هذه القضية، أي إعدام سيرغي إيفانوف، إنما يقوض حماية الحقوق المنصوص عليها في العهد من خلال البروتوكول الاختياري ‬ ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتحيط اللجنة علم اً بادعاء الدولة الطرف أن سيرغي إيفانوف لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له بعدم تقديم طلب للمراجعة القضائية الإشرافية لدى المحكمة العليا. وتلاحظ اللجنة أن محاميه، السيد كريمكو ، قدم طلباً للمراجعة، وقُوبل طلبه بالرفض من جانب نائب رئيس المحكمة العليا. وتذكّر اللجنة أيض اً باجتهادها القانوني الذي يفيد بأن تقديم طلبات إلى المحاكم أو إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ وتخضع للسلطة التقديرية لقاض أو مدع عام يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف بالتالي أن تثبت وجود احتمال معقول في أن تتيح هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في سياق ظروف القضية ( ) .

7-4 وفيما يتعلق بالشروط المحددة في المادة 5 ( 2)(ب) من البروتوكول الاختياري، تحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف أن سيرغي إيفانوف لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وقت تقديم البلاغ، نظراً على وجه الخصوص لكون طلبه للعفو الرئاسي كان لا يزال قيد النظر. ‬ وفي هذا الصدد، و على ضوء المعلومات المتعلقة بتنفيذ عقوبة إعدام السيد إيفانوف، تكرر اللجنة تأكيد اجتهاداتها السابقة، التي تعتبر العفو الرئاسي من سبل الانتصاف الاستثنائية ( ) ، وأنه بالتالي لا يشكل سبيل انتصاف فعال اً لأغراض المادة ٥ ( ٢) ( ب) من البروتوكول الاختياري. وعلاوة على ذلك، فإن العفو في هذه القضية لا يمكن في حد ذاته أن يشكل سبيل انتصاف كافياً إزاء الانتهاكات المدعى ارتكابها. وعليه، ترى اللجنة أن ليس هناك ما يمنعها في المادة 5 ( 2)(ب) من البروتوكول الاختياري من النظر في البلاغ.

7-5 وتحيط اللجنة علم اً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أن الاجتماعات التي تتطلب إطاراً من الخصوصية بين المحامي والموكِّل لم تُعقد بين سيرغي إيفانوف ومحامِيَيْه نظر اً لوجود المحققين أو سلطات السجن معه. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة اعتراض الدولة الطرف على أن سيرغي إيفانوف لم يقدم أي شكوى بشأن انتهاكات حقه في الاتصال في إطار من الخصوصية مع محامِيَيْه. وفي غياب مزيد من المعلومات، ليس في مقدور اللجنة تحديد ما إذا كانت سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت فيما يتعلق بهذا الادعاء تحديداً بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( ب) و (د) من العهد، وهي ترى أن المادة ٥ ( ٢) ( ب) من البروتوكول الاختياري تمنعها من النظر في هذا الجزء من البلاغ.

7-6 وتحيط اللجنة علماً بالادعاءات التي تفيد بأن حقوق سيرغي إيفانوف بموجب المادة ٩(١) ( 2) و(4) والمادة ١٤(١) و(3)(أ) و(ب) و(د) من العهد قد انتهكت. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على تلك الادعاءات؛ وفي ظل عدم توافر مزيد من المعلومات المفصلة أو الأدلة التي تدعم هذه الادعاءات، ترى اللجنة أن الادعاءات لم تُدعَّم بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتعلن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-7 وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ الأخرى، التي تثير مسائل بموجب المواد 6(1) و(2) و 9(3) و 14(2) من العهد، تستند إلى أدلة كافية لأغراض المقبولية، وهي تنتقل من ثم إلى النظر في أسسها الموضوعية. ‬

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في القضية في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وفيما يتعلق بالادعاء بأن سيرغي إيفانوف لم يُمنح حقوقه المكفولة بموجب المادة ٩(٣) من العهد، تشير اللجنة إلى أنه، وفقاً لتلك المادة، يجب إحضار أي شخص يتم توقيفه أو احتجازه بتهمة جنائية، على وجه السرعة، أمام قاض أو موظف آخر يخوله القانون ممارسة السلطة القضائية.

8-3 كما تحيط اللجنة علم اً بالادعاءات التي مفادها أن مبدأ افتراض البراءة لم يُحترم في قضية سيرغي إيفانوف لأنه كان مكبل اليدين ومودعاً في قفص خلال جلسات المحكمة، وكان عليه بالإضافة إلى ذلك، ارتداء ملابس خاصة محددة للأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، وموسومة بحروف تشير إلى ” التدبير العقابي الاستثنائي “ في السجن وكذلك أثناء إجراءات النقض عندما كان الحكم لم يدخل بعد حيز النفاذ. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة، على النحو المبين أيضاً في تعليقها العام رقم ٣٢(2007) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، الذي ينص على أن افتراض البراءة، وهو أساسي لحماية حقوق الإنسان، يفرض على الادعاء عبء إثبات الاتهام، ويضمن عدم افتراض الإدانة إلى أن يثبت الاتهام بما لا يدع مجالاً للشك، ويكفل استفادة المتهم من قرينة البراءة، ويقتضي معاملة المتهمين بأعمال إجرامية وفقاً لهذا المبدأ. وفي التعليق العام نفسه، تذكر اللجنة أيضاً أنه عادةً لا ينبغي تكبيل المتهمين أو وضعهم في أقفاص خلال المحاكمات أو تقديمهم إلى المحكمة بطريقة أخرى توحي بأنهم مجرمين خطيرين، وأنه ينبغي لوسائط الإعلام تجنب التغطية الإخبارية التي تنال من افتراض البراءة ( ) . وترى اللجنة، استناداً إلى المعلومات المعروضة عليها، وفي غياب أي معلومات أو حجج أخرى ذات صلة من الدولة الطرف بشأن ضرورة إبقاء شقيق صاحب البلاغ مكبل اليدين في قفص طوال المحاكمة وارتدائه ملابس خاصة محددة للأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام خلال جلسة الاستئناف بالنقض، أن الوقائع المقدمة تبين أن حق سيرغي إيفانوف في افتراض براءته، على نحو ما تكفله المادة ١٤(٢) من العهد، قد انتُهك.

8-4 وتحيط اللجنة علم اً ببيان الدولة الطرف (الفقرة 4-8) أن عقوبة الإعدام غير محظورة عند فرضها على ” أشد الجرائم خطورة “ ، وأن هذا ما تنص عليه المادة 6(2) من العهد. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم ٣٦ ( ٢٠١٨) بشأن المادة ٦ من العهد الذي تذكر فيه اللجنة أن مصطلح ” أشد الجرائم خطورة “ يشير إلى القتل العمد. وفي هذه الحالة، حُكم على شقيق صاحب البلاغ بالإعدام بعد إدانته بارتكاب القتل العمد، وهو جريمة من أخطر الجرائم. بيد أن العهد ينص أيض اً على ضرورة استيفاء ال شروط الصارمة للمحاكمة العادلة، علاوة على ذلك، قبل جواز فرض عقوبة الإعدام، امتثالاً لأحكام المادة ٦ ( ) .

٨-5 ويدعي صاحب البلاغ أيض اً حدوث انتهاك لحق سيرغي إيفانوف في الحياة بموجب المادة 6 من العهد نظراً لأنه حُكم عليه بالإعدام بعد محاكمة غير عادلة. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى سوابقها القضائية التي تفيد بأن فرض عقوبة الإعدام بعد انتهاء محاكمة لم تُحترم فيها أحكام المادة 14 من العهد يشكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد ( ) . وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 32، وتذكر أنه في حالة المحاكمات التي تفضي إلى فرض عقوبة الإعدام، يكتسي التقيد الصارم بضمانات المحاكمة العادلة أهمية بوجه خاص ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، أشارت اللجنة أيضاً في تعليقها العام رقم 36 إلى أن من شأن الإخلال، في إجراءات تفضي إلى فرض عقوبة الإعدام، بما تنص عليه المادة 14 من العهد من ضمانات المحاكمة العادلة أن يجعل هذا الحكم تعسفياً في طابعه ومنافياً للمادة 6 من العهد. وقد ينطوي هذا الإخلال على عدم احترام افتراض البراءة، الذي قد يتجلى في إيداع المتهم في قفص أو تكبيل يديه أثناء المحاكمة ( ) . وتخلص اللجنة، في ضوء استنتاجاتها التي تفيد بوجود انتهاك للمادة 14 ( 2) من العهد، إلى أن الحكم النهائي بالإعدام بحق سيرغي إيفانوف وتنفيذ الإعدام بعد ذلك لا يفيان بشروط المادة 14، ونتيجةً لذلك فإن حقه في الحياة بموجب المادة 6 من العهد قد انتُهك أيضا ً . ‬ ‬ ‬ ‬

٩- وترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاك الدولة الطرف لحقوق سيرغي إيفانوف المكفولة بموجب المواد 6 و 9(3) و14(2) من العهد. وتستنتج اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف، بعدم احترامها طلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة، قد انتهكت التزاماتها بموجب المادة ١ من البروتوكول الاختياري.

١٠- وعملاً بالمادة ٢(3)(أ) من العهد، تُلزَم الدولة الطرف بأن تتيح للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المشمولة بالعهد سبيل انتصاف فعالاً في شكل جبر كامل. ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

١١- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، والتزمت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليميها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

ا لمرفق

رأي مشترك لأعضاء اللجنة عارف بولكان وهيلين تيغرودجا وأندرياس زيمرمان وجينتيان زبيري (مخالف جزئياً)

١- إننا نتفق تمام اً مع استنتاجات اللجنة بشأن هذا البلاغ على النحو الوارد في الفقرة ٩، ولكننا لا نوافق على استنتاج عدم مقبولية ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( ب) و (د). وفي البداية، نلاحظ أن الظروف المحيطة بمحاكمة سيرغي إيفانوف وإدانته وإعدامه حافلة بالمخالفات، بدءاً من وقت إلقاء القبض عليه. وعلى وجه الخصوص، لقد احتُجز إيفانوف لأكثر من ٤٥٠ يوماً قبل أن يمثل أمام قاض للمرة الأولى. ويتعارض هذا التأخير المفرط مع مبدأ الإنصاف وينتهك التزامات الدولة بموجب العهد، على نحو ما لوحظ مرار اً وتكرار اً في حالات سابقة ( ) . وبالنظر إلى المشاكل المزعومة بشأن تمثيله القانوني، وهو ما نناقشه أدناه، تبلغ هذه المخالفات حد المخالفات الإجرائية التي لا يمكن التسامح إزاءها في محاكمة يُحتمل أن تؤدي إلى فرض عقوبة الإعدام، وهي عقوبة نهائية ولا رجعة فيها على حد سواء. وفي هذا الصدد، نشير إلى موقف اللجنة الثابت بأن عقوبة الإعدام، إذا ما أُبقي عليها، يجب أن تخضع لـ ” شروط صارمة “ ( ) ولضمانات إجرائية يتم التقيد بها تقيداً تاما ً ( ) . وعلاوة على ذلك، لم تمتثل الدولة الطرف للتدابير المؤقتة المطلوبة في هذه القضية، وهو ما سبق للجنة أن اعتبرته (الفقرة 6-4) انتهاك اً جسيم اً لالتزامات الدولة الطرف بموجب البروتوكول الاختياري.

٢- ويدّعي صاحب البلاغ أن حق شقيقه في الحصول على المشورة القانونية قد انتُهك نتيجةً لعدد من الظروف، بما في ذلك أنه لم يتمكن من الاستعانة بمحام إلا بعد مرور أربع ساعات على توقيفه واتخاذ خطوات إجرائية معينة بحقه؛ وأنه أ ثناء التحقيق السابق للمحاكمة، تم تغيير اثنين من المحامين المعيَّنين له ولم يتدخل المحامي الثالث الذي اختاره هو إلا في المرحلة النهائية من مرحلة الطعن بالنقض؛ وأن تغيير المحاميَيْن كان خارج اً عن إرادته؛ وأنه لم يُمنح الوقت اللازم بين المحامي والموكِّل للتواصل في إطار من الخصوصية نظر اً لوجود المحقق معه على الدوام (الفقرة 3-6) . وب الاستناد إلى اعتراض الدولة الطرف الذي يفيد بأن شقيق صاحب البلاغ لم يقدم أي شكوى بشأن هذه الانتهاكات على الصعيد المحلي، رأت الأغلبية أن الادعاء المقدم غير مقبول بموجب المادة ٥ ( ٢) ( ب) من البروتوكول الاختياري.

٣- ونجد أن استنتاج عدم المقبولية غير مقنع، ويعود ذلك جزئي اً إلى أن المسائل موضوع الشكوى كانت كلها وقائع لم تطعن فيها الدولة الطرف. وبالفعل، فإن الدولة الطرف أقرَّت بحدوث تغييرات على صعيد المحامين المعيَّنين لشقيق صاحب البلاغ، وذكرت ما لا يقل عن اسمين مختلفين من أسماء المحامين الذين مثَّلوه في مراحل مختلفة من المحاكمة (الفقرة 4-4) .

٤- حتى أن موقف الأغلبية يثير درجة أكبر من الاستغراب بالنظر إلى أن الدولة الطرف أثارت صراحةً الاعتراض المتصل بعدم الاستنفاد بشأن اثنين من الادعاءات، وثانيهما يتعلق بالاحتجاز الاحتياطي. مع ذلك، ودون إجراء أي مناقشة، رأت الأغلبية أن الادعاء الثاني مقبول، وخلصت بعد ذلك، عن حق، إلى استنتاج حدوث انتهاك نتيجةً لاحتجاز الشقيق مدة 450 يوماً قبل إحضاره أمام قاضٍ. ونرى أن هذا النهج يفتقر إلى الاتساق نظراً إلى أن الخلفية الإجرائية المتعلقة بكلا الادعاءين (بموجب المادتين ٩ و ١٤) خلفية واحدة، فإذا كان أحد الادعاءين مقبول اً، ينبغي أن يكون الثاني مقبول اً كذلك.

٥- وفي النهاية، لم يتضح سبيل الانتصاف المحلي الذي كان متاح اً للشقيق ويُعتبر فعال اً في تلك الظروف. وكان تغيير المحاميَين وحرمان المعني من الاتصال بمحاميه في إطار من الخصوصية من نتائج القرارات التي اتخذتها السلطات المحلية، وهي وقائع ليس لدى شقيق صاحب البلاغ سيطرة عليها. ولم تُدحض هذه الادعاءات، بل إن الدولة الطرف زعمت ببساطة أنه لم يتم تقديم أي شكوى، ومن دون أن تحدِّد ماهية الإجراءات المحلية الني كانت متاحة لتوفير الجبر. وفي الحالات التي أُثيرت فيها مسألة عدم استنفاد سبل الانتصاف في الماضي، كثير اً ما طلبت هذه اللجنة إلى الدولة الطرف أن تبين ما هي الإجراءات التي كانت متاحة فضلاً عن الاحتمال المعقول الذي يمكن أن يشكل وسيلة انتصاف فعالة في ظل الظروف السائدة ( ) . ولكل هذه الأسباب، نجد أن الاعتراض المتعلق بعدم الاستنفاد لا يستند إلى أساس وأن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ ( ب) و (د) مقبول.

٦- ويشكل ا لحق في الاستعانة بمحام أحد الجوانب التي لا غنى عنها في إجراء محاكمة عادلة، وهو حق معترف به في الكثير من النظم المحلية وفي السوابق القضائية الطويلة العهد والثابتة للجنة. وفي تعليق اللجنة العام رقم ٣٢ ( ٢٠٠٧) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، وُصف هذا الحق بأنه ” تطبيق لمبدأ تكافؤ ال وسائل “ ( ) . وفي القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام، يكتسي التمثيل القانوني أهمية بحيث أنه في حالات انعدام تمثيل من هذا القبيل، لأي سبب من الأسباب، يصبح من المستحيل تدارك اختلال التوازن الناشئ، حتى من جانب قاضٍ يقظ في إطار محاكمة عادلة. وعلى نحو ما ذكرت اللجنة سابقاً ، ” من البديهي أن تتاح المساعدة القانونية في القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام ... حتى إذا كان عدم توافر مستشار قانوني خاص يُعزى إلى حد ما إلى صاحب البلاغ نفسه، و حتى إذا كان توفير المساعدة القانونية سينطوي على تأجيل الإجراءات. ويظل هذا الشرط ضروري اً بموازاة الجهود التي قد يبذلها القاضي بطريقة أخرى لمساعدة صاحب البلاغ على الاضطلاع بدفاعه في غياب محام “ ( ) .

٧- وعلاوة على ذلك، يتمثل حق المتهم في الاستعانة بمحام من اختياره هو، على نحو ما جرى تأكيده تحديد اً في المادة ١٤ ( ٣) ( ب) و (د). وهذا الشرط يؤكد ليس فقط القيمة الموضوعية للتمثيل القانوني، إنما ضرورة تمكُّن المتهم من أن يختار محاميه ويضع ثقته فيه لتمثيله. وعلى نحو ما ذكرت اللجنة سابقاً، يستتبع هذا الحق ” حرية المتهم ليس فقط في الاختيار، بل أيض اً في الاستعاضة عن المحامي. وينبغي ألا تُوضع قيود على هذا الحق ما لم يكن ذلك بداعي الضرورة القصوى لإقامة العدل ... “ ( ) . وتعكس الأبعاد المتعددة لهذا الحق أهميته المطلقة ودوره البارز على نحو متزايد في القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام.

٨- وإزاء هذه الخلفية القانونية، نلاحظ الإخلالات الخطيرة للغاية التي يدَّعي صاحب البلاغ وقوعها خلال محاكمة شقيقه. وعلى وجه الخصوص، لقد تغير المحامي في عدة مناسبات لأسباب خارجة عن إرادة الشقيق، ولم يبدأ محام ثالث بتمثيله إلا عند الشروع في إعداد طلب إضافي للطعن بالنقض. وهذه عوائق كبيرة بالفعل، وقد تفاقمت نتيجةً لحرمان الشقيق من الوقت اللازم للاتصال بمحاميه في إطار من الخصوصية. ولا يمكننا القول البتة إن هذا التمثيل الذي يبدو متقطع اً وعشوائي اً ومنقوص اً، والذي لم يكن لدى الشقيق أي سيطرة عليه، لم يؤثر تأثير اً سلبي اً على المحاكم ة والاستنتاج النهائي بالإدانة. وبالنظر إلى عدم قيام الدولة الطرف بدحض هذه الادعاءات، يجب إيلاء الاهتمام الواجب لها. وفي هذه الظروف، نجد أن هذه الوقائع، على نحو ما عرضها صاحب البلاغ، تكشف حدوث انتهاك لحقوق سيرغي إيفانوف بموجب المادة 14 ( 3) ( ب) و(د) من العهد. ‬ ‬