الأمم المتحدة

CCPR/C/128/D/3082/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

5 November 2020

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3082 / 2017 * **

المقدم من : أ حمد سويان وعائشة سويان (تمثلهما المحامية نصيرة ديتور ، من تجمّع عائلات المفقودين في الجزائر)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : صاحبا البلاغ ورابح سويان (ابن صاحبي البلاغ)

الدولة الطرف : الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ : 8 أيلول/سبتمبر 2017 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 27 آذار/مارس 2020

الموضوع : اختفاء قسري

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية : الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحق الفرد في الحرية والأمن على شخصه؛ والكرامة الإنسانية؛ والاعتراف بالشخصية القانونية

مواد العهد : 2 (الفقرتان 2 و 3 ) و 6 و 7 و 9 و 10 و 14 و 16

مواد البروتوكول الاختياري : 2 و 3 و 5 (الفقرة 2 )

1 - 1 صاحبا البلاغ هما أحمد سويان وزوجته عائشة بن جازية زوجة سويان، وكلاهما مواطنان جزائريان. ويدعيان أن ابنهما، رابح سويان، المولود في 1 كانون الثاني/يناير 1966 ، وهو أيض اً مواطن جزائري، ضحية اختفاء قسري منسوب إلى الدولة الطرف، الأمر الذي ينتهك المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 من العهد. ويزعمان أنهما ضحيتان لانتهاك حقوقهما بموجب الفقرتين 2 و 3 من المادة 2 والمادتين 7 و 14 من العهد . ودخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 1989 . ويمثل صاحبيْ البلاغ المحامية نصيرة ديتور ، من تجمّع عائلات المفقودين في الجزائر.

1 - 2 وفي 17 أيلول/سبتمبر 2018 ، قررت اللجنة، عن طريق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، ألا تنظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2 - 1 كان رابح سويان ملازم اً أوّل اً في دائرة الاستعلام والأمن التابعة لوزارة الدفاع، وتُعرف أكثر باسم "الأمن العسكري". وقبل اختفائه ببضعة أيام، قدم استقالته إلى الدائرة. وحذى حذوه نحو 100 من زملائه، من بينهم خمسة فقط قُبلت استقالتهم، شريطة التقيد بمهلة الإخطار المحددة في ستة أشهر. وكان رابح سويان واحداً من هؤلاء الخمسة، وكانت سلطات الدائرة طلبت منه أن يفكر في تبعات طلب الاستقالة خلال مهلة الأشهر الستة. ففي خلال هذه الفترة، في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1994 ، اختفى رابح سويان بعد أن غادر منزله للذهاب إلى موعد بسيارته البيضاء التي تحمل لوحة التسجيل المرقمة 16 183 00899 . ومنذئذ، لم يُرَ هو ولا سيارته.

2 - 2 وفي اليوم السابق لاختفائه، تلقى رابح سويان مكالمة هاتفية وسمعه والده يضرب موعد اً لأشخاص مخبر اً إياهم برقم لوحة سيارته ومكان اللقاء، في ديار السعادة. وقبل مغادرته، ترك قلادته الذهبية لوالدته كما لو كان يعرف أنه لن يعود.

2 - 3 وفي اليوم التالي، توجه أحد أبناء عمومته أو خؤولته، بن جازية علال -الذي كان آنذاك ضابط شرطة في المديرية العامة للأمن الوطني - إلى مركز شرطة سالمبيي في الجزائر العاصمة للإبلاغ عن اختفاء رابح سويان مشير اً إلى رقم لوحة سيارته. فعلّق أفراد الشرطة فور اً الرقم ومواصفات السيارة على لوحة الأغراض المفقودة في مركز الشرطة. غير أنه عندما عاد إلى مركز الشرطة في اليوم التالي، لم تَعُد مواصفات السيارة معلّقة. وعندما سأل أفراد الشرطة عن هذا الموضوع، لم يتلق أي رد. وتفقّد والد رابح سويان كل مراكز الشرطة والدرك والثكنات حول الجزائر العاصمة. وذهب إلى المستشفيات والمشارح للاستعلام دون جدوى.

2 - 4 وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 1994 ، استدعى درك ديار المحصول والد رابح سويان. وركزت المقابلة مع الدرك حصراً على بناته وليس على ابنه المختفي. وحاول أحمد سويان فهم سبب هذه الأسئلة، لكنه لم يتلق أي جواب. ثم استُدعي إلى مركز الإشارة في ثكنة رغاية، ثم إلى ثكنة البليدة، بعد 18 شهراً من اختفاء ابنه. هناك، طرح عليه الجنود أسئلة عن ابنه، لا سيما لمعرفة سبب عدم عودته إلى العمل لأنهم كانوا في حاجة إليه.

2 - 5 وفي عام 2002 ، وَرَدَ على أسرة رابح سويان معلومات مؤداها أنه محتجز في ثكنة بومرداس. وعندما ذهب صاحبا البلاغ إلى هناك، استقبلهما جندي وسألهما عن الغرض من زيارتهما، فردت عائشة سويان بأنها تبحث عن ابنها المختفي وأنها أُبلغت احتجازَه في هذه الثكنة، فطلب منها الجندي أن تُرِيَه صورة لابنها؛ وعندما فعلت، سألها عما إذا كانت متأكدة تمام اً من أنه ابنها، لأن هناك شخصاً يشبهه في الثكنة، لكن اسمه مختلف. وأكدت مجدد اً أنه ابنها، فطلب منها الجندي العودة في نهاية الصباح مع الصورة، قائلاً إنها ستبشَّر بخبر سار.

2 - 6 وعاد صاحبا البلاغ إلى الثكنة في آخر الصباح حسب الاتفاق، لكن مسؤول اً جاء لمقابلتهما فأمرهما بعدم العودة. فرافقهما إلى المخرج الجنديان اللذان استقبلاهما في وقت سابق، وطلبا إليهما عدم الالتفات إلى الوراء نظر اً لوجود كاميرات مراقبة في الثكنة. وعندما كانا بعيديْن عن الثكنة بما فيه الكفاية، ومن ثم عن الكاميرات، خاطب الجنديان أمّ رابح سويان قائليْن إنهما أشفقا عليها وإنهما لا يودّان أن تواجه أمّاهما محنة من هذا القبيل. لذا عرضا عليها مساعدتها، فأخذا رقم هاتفها حتى يخبراها بمكان وجود ابنها، فأمدّتهما عائشة سويان ببيانات الاتصال بها، لكنها لم تتلق أي معلومات.

2 - 7 وأفاد صاحبا البلاغ بأن اختفاء رابح سويان ربما كان مرتبطاً بتقديم استقالته إلى الأمن العسكري. ومع أن رؤساءه قبلوا الاستقالة، فقد كان ذلك استثناء، لأنه ليس من الشائع الاستقالة من دائرة الاستعلام والأمن.

2 - 8 وبعد بضعة أشهر من اختفاء رابح سويان، اعتقل رجلان أباه أحمد سويان، وهو سائق سيارة أجرة، وطلبا منه أن يتبعهما بينما كانا يهمسان في أذنه بأنهما شخصان محل ثقة وأنه لا داعي للقلق. ومع ذلك، أطلقا النار على رأسه وأخرجاه من السيارة. ونَقَله إلى المستشفى مارّة رأوه ونَجا بفضل ذلك. وأفاد صاحبا البلاغ بأن هذا الحدث مرتبط باختفاء رباح سويان.

2 - 9 وفي 3 شباط/فبراير 1999 ، رفع أحمد سويان شكوى إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد يطلب فيها إجراء تحقيق في مصير ابنه. وفي 26 تموز/يوليه 2006 ، طلب إلى رئيس مفرزة الدرك الوطني في سالومبيي إجراء تحقيق. وأرسل طلب اً آخر لإجراء تحقيق في 29 تموز/يوليه 2006 إلى النائب العام لدى محكمة الجزائر العاصمة، وفي 30 تموز/يوليه 2006 إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد . وفي 23 آذار/مارس 2016 ، رفع أحمد سويان شكوى جديدة إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد يطلب فيها إجراء تحقيق في مصير ابنه.

2 - 10 وفي الوقت الذي قدم فيه صاحبا البلاغ التماسات إلى السلطات القضائية، طلبا دعم هيئات غير قضائية شتى. ففي 22 كانون الثاني/يناير 1997 ، أرسلا طلباً إلى وسيط الجمهورية، الذي رد على ذلك بأن الطلب أحيل إلى الدوائر المعنية. وفي تاريخ غير محدد من عام 1998 ، قدم صاحبا البلاغ التماساً إلى رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان ( ) ، الذي أبلغهما بأن أجهزة الأمن الجزائرية سبق أن حققت في القضية ( ) وأن المسؤولين عن اختفاء رابح سويان ما زالوا مجهولي الهوية. وفي 8 آب/ أغسطس 2003 و 21 شباط/فبراير 2006 ، قدم صاحبا البلاغ التماسيْن إلى رئيس الحكومة لطلب إجراء تحقيق في مصير رابح سويان.

2 - 11 ورُفعت قضية رابح سويان أيض اً إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في 13 آذار/مارس 2000 . وبعد 17 عاماً على ذلك، لم تحلّ السلطات الجزائرية بعدُ القضية.

2 - 12 ورغم الجهود الحثيثة التي بذلها صاحبا البلاغ، لم تجر السلطات الحكومية المختصة أي تحقيق. ويشددان على أنه يستحيل عليهما حالي اً من الناحية القانونية اللجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 المتضمِّن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وعليه، لم تعد هناك سبل انتصاف داخلية متاحة، علم اً بأنها عديمة الجدوى وغير فعالة على أية حال. فميثاق السلم والمصالحة الوطنية ينص على أن "الأفعال الجديرة بالعقاب المقترفة من قبل أعوان الدولة الذين تمت معاقبتهم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال، لا يمكن أن تكون مدعاة لإلقاء الشبهة على سائر قوات النظام العام التي اضطلعت بواجبها بمؤازرة من المواطنين وخدمة للوطن".

2 - 13 ويفيد صاحبا البلاغ بأن الأمر رقم 06 - 01 يحظر اللجوء إلى القضاء تحت طائلة الملاحقة الجنائية، وهو ما يعفي الضحايا من ضرورة استنفاد سبل الانتصاف الداخلية. فهو يحظر أي شكوى بشأن الاختفاء أو الجرائم الأخرى؛ وتنص المادة 45 على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدّفاع والأمن للجمهوريّة، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمّة والحفاظ على مؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبية". وبمقتضى هذا الحكم، يجب على السلطة القضائية المختصة التصريح بعدم قبول كل إبلاغ أو شكوى. وإضافة إلى ذلك، تنص المادة 46 من الأمر نفسه على ما يلي: "يعاقب بالحبس من ثلاث ( 3 ) سنوات إلى خمس ( 5 ) سنوات وبغرامة من 000 250 دج إلى 000 500 دج، كلّ من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أيّ عمل آخر، جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية. تبــاشر النيــابة العـامّة المتابعات الجزائية تلقائي اً. في حالة العود، تضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذه المادّة".

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحبا البلاغ أن ابنهما ضحية اختفاء قسري وفق اً لتعريف حالات الاختفاء القسري الوارد في المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ويؤكدان أنه رغم عدم وجود أي حكم من أحكام العهد يشير صراحةً إلى حالات الاختفاء القسري، فإن الممارسة تنطوي على انتهاكات للحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحرية والأمن. وفي القضية محل النظر، يحتج صاحبا البلاغ بانتهاك الدولة الطرف الفقرتين 2 و 3 من المادة 2 ، وكذلك المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 14 و 16 من العهد.

3 - 2 ويرى صاحبا البلاغ أن الأمر رقم 06 - 01 يخلّ بالالتزام العام المكرّس في الفقرة 2 من المادة 2 من العهد لكون هذا الحكم يتضمن أيضاً التزاماً سلبياً يقتضي من الدول الأطراف ألا تعتمد تدابير تتعارض مع العهد. وباعتماد الدولة الطرف هذا الأمر، لا سيما المادة 45 ، تكون قد اتخذت إجراء تشريعياً يمنع إنفاذ الحقوق المعترف بها في العهد ( ) ، خاصة الحق في سبيل انتصاف فعال عن انتهاكات حقوق الإنسان. ومنذ أن صدر هذا الأمر، بات لجوء صاحبي البلاغ إلى المحاكم ممنوع اً. ويريان أن الإخلال بالالتزام المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 2 من العهد، بالفعل أو بالامتناع عن الفعل، قد ينشأ عنه مسؤولية دولية على الدولة الطرف ( ) . ويؤكدان أن الشكاوى التي قدماها لم تُعالج رغم جميع المساعي التي بذلاها بعد دخول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية حيز النفاذ. ولذلك يريان أنهما ضحيتان لهذا الحكم التشريعي الذي يتعارض مع الفقرة 2 من المادة 2 من العهد.

3 - 3 ويضيف صاحبا البلاغ أن أحكام الأمر رقم 06 - 01 تتعارض مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد لأنها تمنع رفع دعوى جنائية على المدّعى ارتكابهم جرائم اختفاء قسري عندما يكون الضحايا من أعوان الدولة. والحال أن هذا الأمر هو بمثابة عفو فعلي عن مقترفي الجرائم التي ارتكبت خلال العقد الماضي، بما في ذلك الجرائم الأشد خطورة مثل الاختفاء القسري. وتمنع أيضاً اللجوء إلى القضاء لاستجلاء مصير الضحايا، تحت طائلة الحبس ( ) . وتَبين أن المساعي التي بذلها صاحبا البلاغ لدى السلطات الجزائرية قبل اعتماد هذا الأمر وبعده غير ذات جدوى، إذ إنهما لم يتلقيا أي جواب عن مصير رابح سويان. ويحول هذا الرفض دون فعالية سبل الانتصاف التي لجأت إليها أسرته. وتقتضي الفقرة 3 من المادة 2 من العهد توفير سبل الجبر للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم التي يعترف بها العهد ( ) . ولا تنص المواد من 27 إلى 39 من الأمر رقم 06 - 01 إلا على تعويض مالي بسيط مشروط بإصدار تصريح بالوفاة بموجب حكم قضائي بعد إجراء تحقيق دون جدوى، مع استبعاد المادة 38 أي شكل آخر من أشكال التعويض. غير أنه لم يُجرَ في الواقع أي تحقيق في مصير المختفي أو في حق الجناة. ويذكّر صاحبا البلاغ بأن اللجنة رأت أن الحق في سبيل انتصاف فعال يشمل بالضرورة الحق في تعويض كاف والحق في معرفة الحقيقة، وأوصت الدولة الطرف بأن تلتزم بضمان تمتع المختفين و/أو أسرهم بانتصاف فعال وأن تحرص على حسن متابعة ذلك والتأكد من احترام الحق في التعويض والجبر على أكمل وجه ممكن ( ) . إذَن فقد انتهكت الدولة الطرف حقوق صاحبي البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3 - 4 ويذكّر صاحبا البلاغ بالتطور الذي طرأ على اجتهادات اللجنة فيما يخص مسألة الاختفاء القسري، ويريان أن مجرد وجود خطر يهدد بفقدان شخص حياته في سياق الاختفاء القسري سبب كاف لاستنتاج وقوع انتهاك مباشر للمادة 6 من العهد. ونظراً لعدم إجراء تحقيق شامل في اختفاء رابح سويان، يعتقد صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف لم تلتزم بواجبها حماية حقه في الحياة واتخاذ تدابير للتحقيق فيما حدث له، الأمر الذي ينتهك الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

3 - 5 ويذكّر صاحبا البلاغ بملابسات اختفاء ابنهما، وهي الافتقار التام إلى المعلومات عن احتجازه وعن حالته الصحية، وكذلك عدم التواصل مع أسرته والعالم الخارجي. ويذكّران أيض اً بأن الاحتجاز التعسفي المطول يزيد من خطر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وأحالا إلى اجتهادات اللجنة فشددا على أن حالة القلق وعدم اليقين والكرب التي سببها اختفاء رابح سويان تعد شكلاً من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لأسرته. وبناء على ذلك، يدعيان أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك المادة 7 من العهد في حقهما وحق رابح سويان.

3 - 6 ويؤكد صاحبا البلاغ - وهما يأخذان في الحسبان كون رابح سويان كان محتجزاً مع منع الاتصال دون أن تتاح له إمكانية الاستعانة بمحام ودون أن يبلَّغ أسباب اعتقاله أو التهم الموجهة إليه، وكون احتجازه لم يرد في سجلات الاحتجاز لدى الشرطة، وأنه لا توجد معلومات رسمية عن مكان وجوده أو مصيره - أنه حُرم حقَّه في الحرية والأمن وأنه لم يتمكن من الطعن لدى محكمة. وعليه، يريان أن ابنهما حُرم الضمانات المنصوص عليها في المادة 9 من العهد، لا سيما الاستفادة من سبيل انتصاف فعال، وهو ما أدى إلى انتهاك حقه بمقتضى هذه المادة.

3 - 7 ثم أكد صاحبا البلاغ أنه بسبب عدم إجراء السلطات الجزائرية تحقيق اً، سُلب رابح سويان حريته ولم يعامل معاملة إنسانية تحفظ كرامته، الأمر الذي ينتهك حقوقه بموجب المادة 10 من العهد.

3 - 8 ويؤكد صاحبا البلاغ في معرض تذكيرهما بالمادة 14 من العهد، وكذلك الفقرة 9 من تعليق اللجنة العام رقم 32 ( 2007 )، أن جميع المساعي التي بُذلت لدى السلطات القضائية باءت بالفشل. وإضافة إلى ذلك، يحول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والمادة 45 من الأمر رقم 06 - 01 دون اتخاذ أي إجراء قضائي في حق أعوان الدولة، الأمر الذي يمنع صاحبي البلاغ الدفاع عن قضيتهما. إذنْ، فقد انتهكت الدولة الطرف حقوقهما بمقتضى المادة 14 من العهد.

3 - 9 ثم يذكّر صاحبا البلاغ بأحكام المادة 16 من العهد والاجتهادات الثابتة للجنة التي تفيد بأن تعمّد حرمان شخص ما من حماية القانون فترة طويلةً يمكن أن يكون بمثابة امتناع عن الاعتراف له بالشخصية القانونية إن كان الضحية في عهدة سلطات الدولة حين شوهد آخر مرة، وما إن كانت أُعيقت على الدوام جهودُ أقاربه في سبيل الوصول إلى سبل انتصاف فعال، بما فيها المحاكم. ويحيلان في هذا الصدد إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر المقدم بموجب المادة 40 من العهد ( ) ، حيث رأت أن المختفين، الذين لا يزالون على قيد الحياة والمحتجزين مع منع الاتصال، يُنتهك حقهم في أن يُعترف لهم بالشخصية القانونية المكرس في المادة 16 من العهد. وعليه يزعمان أن السلطات الجزائرية، بإبقائها على رابح سويان محتجزاً دون إبلاغ أسرته وأقاربه بذلك رسمي اً تكون قد حرمته حماية القانون ومنعته التمتع بحقه في الاعتراف له بشخصيته القانونية، الأمر الذي ينتهك المادة 16 من العهد.

3 - 10 ويطلب صاحبا البلاغ من اللجنة أن تلاحظ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق رابح سويان بمقتضى المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 من العهد، وحقوقهما بموجب الفقرتين 2 و 3 من المادة 2 ، إضافة إلى المادتين 7 و 14 من العهد. ويطلبان منها أيض اً أن تحث الدولة الطرف على احترام التزاماتها الدولية وإنفاذ الحقوق التي يعترف بها العهد وكل المعاهدات الدولية لحماية حقوق الإنسان التي صدّقت عليها الجزائر. ويطلبان منها، إضافة إلى ذلك، أن تلتمس من الدولة الطرف إصدار أمر بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة لأجل الآتي: (أ) العثور على رابح سويان واحترام التزامها بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد؛ و(ب) إحالة الأشخاص المسؤولين مادياً وفكرياً عن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري هذه إلى السلطات المدنية المختصّة قصد ملاحقتهم أمام القضاء وفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد؛ و(ج) وجبر الضرر الذي لحق برابح سويان، إن كان لا يزال على قيد الحياة، وأسرته جبراً كافياً وفعالاً وفورياً وفقاً للفقرة 3 من المادة 2 وللمادة 9 من العهد، ويشمل ذلك التعويض الملائم الذي يتناسب مع خطورة الانتهاك، وإعادة التأهيل على أكمل وجه، وضمانات عدم التكرار. ويطلبان أخيراً إلى اللجنة أن تأمر السلطات الجزائرية بإلغاء المواد من 27 إلى 39 و 45 و 46 من الأمر رقم 06 - 01 ، وكذلك المادة 2 من المرسوم الرئاسي رقم 06 - 94 المؤرخ 28 شباط/فبراير 2006 المتعلق بإعانة الدولة للأسر المحرومة التي ابتُلِيت بضلوع أحد أقاربها في الإرهاب.

ملاحظات مقدمة من الدولة الطرف

4 - في 9 نيسان/أبريل 2018 ، أحالت الدولة الطرف اللجنة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية عن معالجة مسألة الاختفاءات في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. ولما كانت اللجنة رفضت النظر في مقبولية الطلب بمعزل عن الأسس الموضوعية، فقد أحالت الدولة الطرف اللجنة مرة أخرى في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2018 على المذكرة المرجعية المشار إليها آنف اً، معترضةً على مقبولية البلاغات التي تُعرض على اللجنة ويكون موضوعها تنفيذ ميثاق السلام والمصالحة الوطنية، ومن ثم دعت اللجنة إلى عدم النظر في الأسس الموضوعية.

تعليقات صاحبي البلاغ على الملاحظات المقدمة من الدولة الطرف

5 - 1 في 30 حزيران/ يونيه 2018 ، علّق صاحبا البلاغ على الملاحظات المقدمة من الدولة الطرف بشأن المقبولية. ويشددان على أن هذه الملاحظات موجهة إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي ولا ترد على هذه الشكوى. ويشددان في هذا السياق على أن هذه الملاحظات لا تتطرق بتات اً لمقبولية البلاغ أو خصائص القضية أو سبل الطعن التي لجأت إليها أسرة الضحية، الأمر الذي يدل على عدم جدية السلطات الجزائرية وازدرائها هذا الإجراء أمام اللجنة. ويشددان أيض اً على أن هذه الملاحظات، التي يعود تاريخها إلى تموز/يوليه 2009 ، قد عفا عنها الزمن.

5 - 2 وخلص صاحبا البلاغ - في معرض تذكيرهما بأن الطعون التي قدماها لم يسفر أي منها عن فتح تحقيق فوري أو ملاحقة جنائية وأن السلطات الجزائرية لم تَسُق أي عنصر ملموس يوحي ببذل جهود بحث فعلية للعثور على رابح سويان وكشف المسؤولين عن اختفائه - إلى استنفادهما سبل الانتصاف الداخلية المتاحة وأن اللجنة يجب أن تعتبر الشكوى مقبولة.

5 - 3 وذكّر صاحبا البلاغ - في معرض إحالتهما إلى اجتهادات اللجنة التي جاء فيها أنه لا يجوز التذرّع بميثاق السلم والمصالحة الوطنية في حق الأشخاص الذين يقدمون بلاغ اً فردي اً - بأن أحكام الميثاق لا تعدّ بأي شكل من الأشكال تولّياً كافياً لملف المختفين لأن ذلك يتطلب انتهاج نهج قائم على احترام الحق في معرفة الحقيقة والعدالة والجبر الكامل.

عدم تعاون الدولة الطرف

6 - تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف طعنت في مقبولية البلاغ في 9 نيسان/أبريل 2018 واستندت في ذلك إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية عن معالجة مسألة الاختفاءات في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي 17 أيلول/سبتمبر و 14 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، وكذلك في 29 أيار/مايو 2019 ، دُعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن أسس البلاغ الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أنها لم تتلق أي رد وتأسف لعدم تعاون الدولة الطرف بشأن تقديم ملاحظاتها على الشكوى موضع النظر. والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بالتحقيق بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاك أحكام العهد التي تنسب إليها ولمن يمثلها، وبموافاة اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي أُبلغ بحالة الاختفاء محل النظر. إلاّ أنها تذكّر بأن إجراءات أو آليات مجلس حقوق الإنسان الخارجة عن نطاق الاتفاقيات التي تتمثل ولايتها، من جهة، في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم محدد أو انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ومن جهة أخرى تقديم تقارير علنية عنها، لا تندرج عموماً ضمن إجراء من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمعنى المقصود في الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . لذلك ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في حالة رابح سويان لا يجعل هذا البلاغ غير مقبول بمقتضى هذه المادة.

7 - 3 وتحيط اللجنة علم اً بتأكيد صاحبي البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المتاحة، وأن الدولة الطرف تكتفي، في معرض الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتذكّر في هذا الصدد بأنها كانت أعربت عن قلقها في عام 2018 لأن الدولة الطرف تجاهلت طلباتها المتكررة وظلت تحيل دائم اً إلى الوثيقة العامة الموحدة، التي تُعرف باسم "المذكرة"، من دون الرد تحديد اً على ادعاءات أصحاب البلاغات. وبناءً على ذلك، حثت الدولةَ الطرف على أن تتعاون معها بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية بالتوقف عن الإحالة إلى "المذكرة"، وتقديم رد فردي ومحدد بشأن ادعاءات أصحاب البلاغات ( ) .

7 - 4 ثم تذكّر اللجنة بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر فقط على إجراء تحقيقات شاملة في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة التي تُبلَّغ بها سلطاتها، ولا سيما ما تعلّق منها بانتهاك الحق في الحياة، بل من واجبها أيضاً ملاحقة كل شخص يُزعم أنه ضالعٌ في هذه الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وقد أخبر صاحبا البلاغ السلطات المختصة مراراً وتكراراً بالاختفاء القسري لابنهما، لكن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق في هذا الادعاء. وإضافة إلى ذلك، لم تقدم أي تفسير محدد في ملاحظاتها رداً على قضية رابح سويان من شأنه أن يؤدي إلى استنتاج وجود سبيل انتصاف فعال متاح حتى الآن. وإضافة إلى ذلك، لا يزال الأمر رقم 06 - 01 سارياً رغم تشديد اللجنة على ضرورة جعله يمتثل مبادئ العهد ( ) . وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بأنها كانت قد أعربت في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للدولة الطرف عن الأسف بوجه خاص لعدم توفير سبيل انتصاف فعال للمختفين و/أو أسرهم، وعدم اتخاذ تدابير لاستجلاء حقيقة اختفائهم، وتحديد مكان وجودهم، وإعادة رفات من توفي منهم إلى أسرته ( ) . وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أنه لا شيء يمنعها من النظر في البلاغ وفقاً للفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7 - 5 وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ أثارا أيض اً انتهاك اً منفصل اً لحقوقهما المكفولة بالفقرتين 2 و 3 من المادة 2 من العهد. وإذ تذكّر باجتهاداتها التي رأت فيها أن أحكام المادة 2 من العهد تضع التزامات عامة على عاتق الدول الأطراف، ولا تعتبر، بمفردها، أساس اً يمكن الاستناد إليه لتقديم ادعاء منفصل بموجب البروتوكول الاختياري، إذ لا يمكن الاحتجاج بها إلا مقترنة بمواد موضوعية أخرى ينص عليها العهد ( ) ، فإنها تعتبر أن ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب الفقرتين 2 و 3 من المادة 2 من العهد، المحتجّ بها بطريقة منفصلة، غير مقبولة بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7 - 6 غير أن اللجنة ترى أن صاحبي البلاغ قدم اً ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاتهما الأخرى لأغراض المقبولية، وتشرع من ثم في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بانتهاك الفقرة 3 من المادة 2 ، والفقرة 1 من المادة 6 والمواد 7 و 9 و 10 و 14 و 16 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمت لها، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بالإحالة إلى ملاحظاتها الجماعية والعامة التي كانت قدّمتها سابقاً إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي وإلى اللجنة نفسها فيما يتعلّق ببلاغات أخرى، وذلك من أجل تأكيد موقفها القائل إنه سبق تسوية قضايا من هذا القبيل في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها وإلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للجزائر، وتذكّر بأنه لا يجوز للدولة الطرف أن تتذرّع بأحكام الميثاق المذكور في حق أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدّموا أو يمكن أن يقدّموا بلاغات إلى اللجنة. ويقضي العهد بأن تحرص الدولة الطرف على مصير كل شخص وبأن تعامل كل شخص معاملة تحترم كرامة الإنسان الأصيلة فيه. وبالنظر إلى عدم إدخال الدولة الطرف التعديلات التي أوصت بها اللجنة، فإن الأمر رقم 06 - 01 يُسهم في الإفلات من العقاب في القضية موضع النظر، ولذلك لا يمكن اعتباره، بصيغته الحالية، متفقاً مع أحكام العهد ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة، إضافة إلى ذلك، أن الدولة الطرف لم ترُد على ادعاءات صاحبي البلاغ بشأن الأسس الموضوعية، وتذكّر باجتهاداتها التي مفادها أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على الأدلة، وأن المعلومات اللازمة تملكها الدولة الطرف دون غيرها في معظم الأحيان ( ) . والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بالتحقيق بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاكات العهد التي تنسب إليها وإلى من يمثلها، وبموافاة اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) . ولما لم تقدم الدولة الطرف أي توضيح في هذا الشأن، فإنه يتعين إيلاء ادعاءات صاحبي البلاغ الاعتبار الواجب ما دامت مدعومة بأدلة كافية.

8 - 4 وتذكّر اللجنة بأنه على الرغم من أن مصطلح "الاختفاء القسري" لا يرد صراحة في أي مادة من مواد العهد، فإن الاختفاء القسري يشكل مجموعة فريدة ومتكاملة من الأفعال التي تنتهك حقوقاً عدة مكرسة في هذا الصك انتهاكاً مستمراً، مثل الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحرية والأمن ( ) .

8 - 5 ويلاحظ الفريق أن آخر مرة رأى فيها صاحبا البلاغ ابنهما كانت في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1994 . ثم إن عسكريين أكدوا لصاحبي البلاغ أنهم رأوا رابح سويان في تواريخ غير محددة من عام 2002 أثناء احتجازه في ثكنة بومرداس. وتحيط اللجنة علم اً بأن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يسمح بتحديد مصير رابح سويان، بل إنها لم تؤكد قط احتجازه. وتذكّر بأن سلب الشخص حريته ثم عدم الاعتراف بذلك، أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يعني، في حالات الاختفاء القسري، حرمان هذا الشخص حماية القانون وتعريض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل قد يثبت أنها أوفت بالتزامها بحماية حياة رابح سويان. وبناءً عليه، تخلص إلى أن الدولة الطرف أخلَّت بالتزامها بحماية حياة رابح سويان، وهو ما ينتهك الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

8 - 6 وتقر اللجنة بمدى المعاناة التي يكابدها الشخص من جراء احتجازه لأجلٍ غير مسمى مع حرمانه من الاتصال بالعالم الخارجي. وتذكّر بتعليقها العام رقم 20 ( 1992 ) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حيث أوصت الدول الأطراف باتخاذ تدابير تمنع الاحتجاز مع منع الاتصال. وتلاحظ في القضية موضع النظر أن صاحبي البلاغ، بعد أن حصلا على معلومات من العسكريين الذين أكدوا رؤيتهم ابنهما في ثكنة بومرداس، لم يتلقيا قط أي معلومة عن مصيره أو مكان احتجازه رغم رفعهما الالتماس تلو الآخر مرات عدة إلى السلطات الحكومية. وعليه، ترى اللجنة من المحتمل أن يكون رابح سويان، الذي اختفى في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1994 ، لا يزال قيد الاحتجاز مع منع الاتصال لدى السلطات الجزائرية. وبالنظر إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيحات بهذا الخصوص، ترى أن هذا الاختفاء ينتهك حقوقه بمقتضى المادة 7 من العهد ( ) .

8 - 7 وفي ضوء ما سلف، لن تنظر اللجنة في الادعاءات المتصلة بانتهاك المادة 10 من العهد بمعزل بعضها عن بعض ( ) .

8 - 8 وتحيط اللجنة علماً بحالة القلق والكرب التي يسببها اختفاء رابح سويان لصاحبي البلاغ منذ أكثر من 25 عاماً. وترى في هذا الصدد أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوقهما بموجب المادة 7 من العهد ( ) .

8 - 9 وعن الادعاءات المتعلقة بالانتهاك المزعوم للمادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علماً بمزاعم صاحبي البلاغ أن السيد رابح سويان اعتقل تعسّفا، دون مذكرة توقيف، ولم توجه إليه أي تهمة ولا هو مثل أمام سلطة قضائية كان بإمكانه الاعتراض أمامها على قانونية احتجازه. ولما لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات عن هذه المسألة، فإن اللجنة ترى أنه ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبي البلاغ ( ) . وعليه، تخلص اللجنة إلى انتهاك حقوق رابح سويان بمقتضى المادة 9 من العهد ( ) .

8 - 10 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحبي البلاغ أن ما واجها من انعدام سبل الاتصال بسلطات الدولة الطرف القضائية ينتهك المادة 14 من العهد. وتذكّر بتعليقها العام رقم 32 حيث أشارت، خاصة، إلى أن عدم تمكُّن أحد الأفراد من الوصول إلى المحاكم أو الهيئات القضائية المختصة - في كل الأحوال - سواء أكان ذلك بحكم القانون أم بحكم الواقع يُعد مخالفاً للضمانة الواردة في الجملة الأولى من الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وتلاحظ، في القضية محل النظر، أن جميع المساعي التي بذلها صاحبا البلاغ من أجل عرض قضيتهما على السلطات القضائية باءت بالفشل. وتحيل إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للجزائر حيث أعربت عن قلقها إزاء المادتين 45 و 46 من الأمر رقم 06 - 01 ؛ وهما مادتان تنتهكان حق كل شخص تعرض لانتهاكات حقوق الإنسان في سبيل انتصاف فعال ( ) . ويشمل هذا الحق أيضاً الحق في اللجوء إلى هيئة قضائية المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلَّت بالتزامها بأن توفر لصاحبي البلاغ إمكانية اللجوء إلى هيئة قضائية، الأمر الذي ينتهك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

8 - 11 وترى اللجنة أن حرمان شخص عمداً من حماية القانون يعد إنكاراً لحق هذا الشخص في أن يُعترف له بالشخصية القانونية، ولا سيما عندما توضع دوماً عراقيل من أجل تعطيل الجهود التي يبذلها أقارب الضحية لممارسة حقهم في سبيل انتصاف فعال ( ) . وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بشأن مصير رابح سويان ولا بشأن مكان وجوده، رغم المساعي التي بذلها أقاربه ووجوده في عهدة سلطات الدولة عندما شوهد آخر مرة. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء رابح سويان قسراً منذ ما يزيد على 25 عاماً حرمه حماية القانون وحقَّه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، وهو ما ينتهك المادة 16 من العهد.

8 - 12 وأخيراً، تلاحظ اللجنة أنه في حين أن صاحبي البلاغ لم يحتجا صراحة بانتهاك الفقرة 3 من المادة 2 ، مقترنةً بالمادة 7 من العهد، فإنهما يشيران إلى الالتزام الذي يفرضه هذا الحكم على الدول الأطراف بأن تضمن لكل شخص سبل انتصاف فعالة وسهلة المنال وقابلة للتنفيذ لإعمال الحقوق التي يكفلها العهد. وتذكّر بأنها تولي أهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر أيضاً بتعليقها العام رقم 31 ( 2004 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أن عدم تحقيق الدولة الطرف في المزاعم المتعلقة بالانتهاكات المزعومة يمكن أن يؤدي، في حد ذاته، إلى انتهاك مستقل للعهد.

8 - 13 وفي القضية موضع النظر، أخطر صاحبا البلاغ السلطات المختصة مراراً باختفاء ابنهما دون أن تحقق الدولة الطرف في هذا الاختفاء، ودون أن تبلغهما بمصيره. ثم إن استحالة اللجوء قانوناً إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 يحرم رابح سويان وصاحبي البلاغ حتى الآن أيَّ فرصة للوصول إلى سبيل انتصاف فعال لأن الأمر المذكور يمنع عليهما اللجوء إلى العدالة لاستجلاء ملابسات جريمة الاختفاء القسري التي هي من أشد الجرائم خطورة ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق رابح سويان المكفولة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 ، مقترنةً بالمواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، ولحقوق صاحبي البلاغ المكفولة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 ، مقترنةً بالمادة 7 من العهد.

9 - واللجنة، إذ تتصرف في إطار المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن ارتكاب الدولة الطرف انتهاكات لحقوق رابح سويان المكفولة بالمواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، وكذلك المادة 2 ( 3 ) مقترنةً بالمواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد. وترى أيضاً أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحبي البلاغ المكفولة بالمادة 7 ، منفردةً ومقترنةً بالفقرة 3 من المادة 2 ، وكذلك المادة 14 من العهد.

10 - والدولة الطرف مُلزمة، بموجب الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر الضرر جبراً تاماً لمن انتُهِكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وفي القضية محل النظر، تُلزم الدولة الطرف بما يلي: (أ) إجراء تحقيق سريع وفعال وشامل ومستقل ونزيه وشفاف في اختفاء رابح سويان وإمداد صاحبي البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ و(ب) الإفراج فوراً عن رابح سويان إن كان لا يزال محتجزاً مع منع الاتصال؛ و(ج) إعادة رفات رابح سويان، إن كان متوفي اً، إلى أسرته في ظروف تحفظ الكرامة، وفقاً للمعايير والتقاليد الثقافية للضحايا؛ و(د) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ و(ه) جبر كل الأضرار التي لحقت بصاحبي البلاغ وبرابح سويان، إن كان على قيد الحياة، ويشمل ذلك التعويض المناسب؛ و(و) اتخاذ تدابير لترضية صاحبي البلاغ. وبصرف النظر عن الأمر رقم 06 - 01 ، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على أن يمارس ضحايا جرائم مثل التعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري حقهم في سبيل انتصاف فعال من دون عراقيل. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً باتخاذ تدابير تمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف أن تعيد النظر في تشريعاتها وفقاً للالتزام الواقع على عاتقها بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد، وأن تلغي على وجه الخصوص أحكام الأمر المذكور التي تتنافى مع العهد، حتى يتسنى التمتع بالحقوق المكرسة في العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

11 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع ا لأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصافٍ فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشرها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.