الأمم المتحدة

CAT/C/71/D/900/2018

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

29 September 2021

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 900/2018 * **

بلاغ مقدم من : سين (يمثله المحامي جيان لويجي بيراردي )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف : سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى : 4 كانون الأول/ديسمبر 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 11 كانون الأول/ديسمبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار : 22 تموز/يوليه 2021

الموضوع : الإبعاد إلى إريتريا

المسائل الإجرائية : لا يوجد

المسائل الموضوعية : وجود خطر على الحياة أو خطر التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في حال الإبعاد إلى بلد المنشأ

مواد الاتفاقية : 1 ، و 3 ، و 16

1 - 1 صاحب الشكوى هو سين، وهو مواطن من إريتريا وُلد في 1 آب/أغسطس 1998 . وبعد رفض طلبه اللجوء في سويسرا، صدر قرار بإعادته إلى إريتريا. ويدفع صاحب الشكوى بأن هذه الإعادة ستشكل انتهاكا ً من الدولة الطرف للمواد 1 ، و 3 ، و 16 من الاتفاقية. وقد أصدرت الدولة الطرف في 2 كانون الأول/ديسمبر 1986 الإعلان الذي تنص عليه المادة 22 من الاتفاقية. ويمثل صاحبَ الشكوى محام.

1 - 2 وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، ومن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، ألّا تُبعد صاحب الشكوى إلى إريتريا ريثما تنظر اللجنة في قضيته. وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها علَّقت إعادة صاحب الشكوى إلى إريتريا.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 ينتمي صاحب الشكوى إلى إثنية الساهو ، وقد وُلد في ويليشو بإريتريا، بالقرب من الحدود الإثيوبية. وبعد انقطاعه عن الدراسة في عام 2015 ، وهو في سن السادسة عشرة ونصف السنة، بسبب مستوى التعليم المتدني، عمل راعياً لمدة شهرين. وفي أثناء تلك الفترة، حضر إلى منزله جنود من أحد المراكز القريبة من قريته في مناسبتين سعياً إلى تجنيده قسراً في الجيش الإريتري، على أساس قائمة بأسماء الطلاب الذين انقطعوا عن الدراسة قدمتها المدرسة إلى الجيش. ولم يكن صاحب الشكوى موجوداً في منزله في المناسبة الأولى؛ واستطاع الاختباء خارج منزله في المناسبة الثانية. وبعد ذلك، حرر الجنود استدعاء يأمره بالحضور إلى المدرسة برفقة والديه. ووفقاً لصاحب الشكوى، كان الجنود ينوون جمع الشباب وإرسالهم إلى معسكر ساوا . وقرر صاحب الشكوى مغادرة بلده خوفاً من أن يُجبر على الانضمام إلى الجيش. فسافر إلى ليبيا بطريقة غير قانونية عبر إثيوبيا والسودان. ثم استقل قارباً متجه اً إلى إيطاليا.

2 - 2 وفي 9 أيلول/سبتمبر 2015 ، وصل صاحب الشكوى إلى سويسرا، وقدم طلب لجوء في اليوم نفسه. وبسبب مغادرته إريتريا بطريقة غير قانونية، أُجبرت والدته على دفع غرامة للسلطات لتفادي سجنها بدلا ً عنه ( ) . وفي جلستي استماع أمام السلطات السويسرية، في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2015 و 20 نيسان/أبريل 2017 ، ذكر صاحب الشكوى أنه وُلد في ويليشو ، وأنه ينتمي إلى إثنية الساهو ، وأنه مسلم، وأنه انقطع عن الدراسة في سن السادسة عشرة ونصف السنة.

2 - 3 وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ، أبلغت أمانة الدولة لشؤون الهجرة السلطات المختصة في كانتون جنيف بوصول طالب لجوء قاصر غير مصحوب (أي لا يساعده أحد والديه أو وصي عليه)، ودعتها إلى اتخاذ التدابير المناسبة. وبموجب الأمر المؤرخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ، عينت محكمة حماية الكبار والأطفال لكانتون جنيف وصية (ممثلة قانونية) لصاحب الشكوى لغرض تمثيله ومساعدته حتى يبلغ سن الرشد في 1 آب/أغسطس 2016 .

2 - 4 وفي 20 نيسان/أبريل 2017 ، أي بعد أكثر من ثمانية عشر شهراً من تاريخ جلسة الاستماع الموجزة المعقودة في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ، عقدت جلسة استماع أخرى عرض فيها صاحب الشكوى بمزيد من التعمق الأسباب التي دفعته إلى طلب اللجوء. ولأن صاحب الشكوى كان قد بلغ سن الرشد حينها، لم يعد من حقه الحصول على المساعدة من وصيته، وحُرم من ثم فرصة الاستعداد بالقدر الكافي لجلسة الاستماع هذه. وعلاوة على ذلك، تواصل المترجم الشفوي مع صاحب الشكوى في كلتا الجلستين باللغة التيغرينية ، وهي لغة تعلَّم صاحب الشكوى أساسياتها في المدرسة فقط لأن لغة أمه هي الساهوية . ولم يستطع صاحب الشكوى إثارة هذه المسألة حينها نظراً لعدم تمكينه من مساعدة محام .

2 - 5 وفي 16 كانون الثاني/يناير 2018 ، رفضت أمانة الدولة لشؤون الهجرة طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى، واعتبرت في المقام الأول أن خوفه من التجنيد في الجيش لا يستند إلى أي دليل ملموس. وعلى وجه الخصوص، فإن والدة صاحب الشكوى، أي طرف ثالث، هي التي أبلغته، بأنه مطلوب لدى جنود، وهو ما يعتبر دليل اً "غير كاف"، وفقاً للسوابق القضائية، لإثبات خوف مبرر من التعرض للاضطهاد مستقبلاً. وإضافة إلى ذلك، فقد تضمنت روايته تناقضات زمنية بين تاريخ انقطاعه عن الدراسة السابق لأوانه، والحملات المزعومة؛ ولم يكن صاحب الشكوى قط على اتصال مباشر بالسلطات العسكرية في بلده؛ ولا يشكل خوفه النظري من إجباره على الجندية خوفاً مبرراً من الاضطهاد، لضعف المبررات ذات الصلة. ولم يثبت صاحب الشكوى احتمال أن تستدعيه السلطات العسكرية. وهكذا ، فإن خروجه غير القانوني من بلده وهو قاصر لا يجعله (ما عاد يجعله) في حالة من الخوف المبرر من التعرض لضرر جسيم، لأنه لا يوجد سبب لاعتقاد أن السلطات الإريترية تعتبره من المتهربين من الجندية. وفي هذه الظروف، لم يثبت صاحب الشكوى وجود خطر حقيقي وملموس لأن يُعامل معاملة تحظرها المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان).

2 - 6 واستأنف صاحب الشكوى قرار أمانة الدولة لشؤون الهجرة أمام المحكمة الإدارية الاتحادية السويسرية في 14 شباط/فبراير 2018 . وانتقد صاحب الشكوى أساساً أمانة الدولة لعدم منحه فرصة لتوضيح التناقضات الواردة في ملاحظاته. فمرد تلك التناقضات هفوات ناجمة عن مرور الوقت بين الأحداث التي عاشها وجلستي الاستماع، ناهيك من أن جلسة الاستماع الأولى جرت عندما كان قاصراً. ووفقاً لصاحب الشكوى، كان ينبغي لأمانة الدولة أن تمضي في بحث مسألة حضور جنود إلى منزله للبحث عنه.

2 - 7 وفي 21 شباط/فبراير 2018 ، وافقت المحكمة الإدارية الاتحادية على طلب المساعدة القانونية وعينت المحامي الذي اقترحه صاحب الشكوى ممثلاً له بحكم المنصب. وفي الحكم الصادر في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ، أيدت المحكمة قرار أمانة الدولة الصادر في 16 كانون الثاني/يناير 2018 . وذكّرت المحكمة بأنه "لا شك في أن التهرب والهروب من الجندية يعرضان لعقوبة شديدة في إريتريا. وتقترن العقوبة عموماً بالسجن في ظروف غير إنسانية، وبالتعذيب في غالب الأحيان، بقدر ما يُعتبر التهرب والهروب من الجندية مظهراً من مظاهر معارضة النظام؛ وعلى هذا النحو، تكتسي هذه العقوبة طابع الاضطهاد، ويترتب على الخوف المبرر منها الاعتراف بوضع اللاجئ". غير أن المحكمة ارتأت في هذه القضية أنه "لا يوجد في الملف ما يثبت أن الشخص المعني كان في الواقع عرضة لخطر التجنيد".

2 - 8 وسلمت المحكمة الإدارية الاتحادية خطأ بأن صاحب الشكوى من الإثنية التيغرينية ، وأنه انقطع عن الدراسة وهو في سن 15 من العمر. ولا تخلو هذه التفاصيل من أهمية، لأن التفصيل الأول قد يفسر سوء الفهم المحتمل حدوثه مع المترجم التيغريني ، والثاني يزيد من احتمال خطر تجنيد صاحب الشكوى قسراً في الخدمة العسكرية قبل بلوغه سن الرشد.

2 - 9 ويدعي صاحب الشكوى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، وأنه لم يقدم شكواه قط إلى هيئة أخرى من هيئات التحقيق أو التسوية الدولية.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف تنتهك التزاماتها بموجب المادتين 1 و 3 من الاتفاقية بإبعاده إلى إريتريا، حيث سيخضع للتعذيب على أيدي السلطات. وارتأت المحكمة الإدارية الاتحادية أن إساءة المعاملة والاعتداءات على الأشخاص المجندين لأداء الخدمة الوطنية، سواء العسكرية أم المدنية، ليست منتشرة بقدر يجعل كل شخص معرض اً على نحو ملموس وخطير لهذه الإساءة . وحجة المحكمة غير مقنعة، إذ ارتأت أن هذه القضية لا تعرض ظروفاً محددة وخاصة بصاحب الشكوى من شأنها أن تُثير في حالته خطر التعرض لمعاملة يحظرها القانون الدولي. فعلى سبيل المثال، رأت المحكمة أنه من غير المحتمل أن يطلب الجنود، في سعيهم إلى تجنيد الشباب، إلى هؤلاء الحضور برفقة والديهم. ومع ذلك، ليس من الصعب تصور أن السلطات العسكرية طلبت إلى صاحب الشكوى الحضور برفقة والديه لأنه كان قاصراً حينها. وعلاوة على ذلك، لم تؤيد المحكمة الحجج التي قدمتها أمانة الدولة لشؤون الهجرة، في قرارها المؤرخ 16 كانون الثاني/يناير 2018 ، والتي تهدف إلى إنكار معقولية واتساق ملاحظات صاحب الشكوى. ويبدو من ثم أن المحكمة لم تقتنع بحجة أمانة الدولة في هذا الصدد. وعلاوة على ذلك، تتسق أقوال صاحب الشكوى فعلياً مع ممارسات السلطات الإريترية في هذا المضمار. فلئن صح أن أغلبية المجندين يبلغون من العمر 18 سنة فما فوق ، يوجد في ثكنة ساوا أيض اً شباب عمرهم 16 سنة، لا سيما الشبان الإريتريين الذين انقطعوا عن الدراسة، مثل صاحب الشكوى ( ) . ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، أكدت تقارير مختلفة صادرة عن منظمات غير حكومية أن قرابة ثلث المجندين الجدد في مراكز التدريب العسكري تقل أعمارهم عن 18 سنة ( ) .

3 - 2 وعند النظر في طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى بعد بلوغه سن الرشد، تحايلت أمانة الدولة لشؤون الهجرة على المبادئ المنطبقة عند تقييم الأدلة المتعلقة بطلبات الحماية المقدمة من طالبي اللجوء القاصرين. وفي الواقع، لو كانت أمانة الدولة قد تناولت ملف صاحب الشكوى بكل العناية الواجبة وفق اً لمصلحة الطفل الفضلى، لاتخذت (وكان بإمكانها إلى حد كبير أن تتخذ) قراراً قبل بلوغه سن الرشد، لأن صاحب الشكوى قدم طلبه اللجوء عندما كان عمره 17 سنة وشهراً واحداً، ولكان من الأيسر عليها منحه قرينة الشك ، بالنظر إلى قصور سنه ً علاوة على أنه غير مصحوب.

3 - 3 وهذا الاعتبار ضروري لأن جلستي الاستماع اللتين عقدتا مع صاحب الشكوى لم تُجريا بلغة أمه ( الساهوية ) بل باللغة التيغرينية ، وهي لغة تعلم أساسياتها في المدرسة فقط، علماً أن أكثر من ثمانية عشر شهراً فصلت بين جلستي الاستماع. وهذا الأمر يمكن أن يفسر أي حالات إغفال أو تضارب أو تناقض مزعومة في أقوال صاحب الشكوى. وعلى أي حال، فإن التناقضات الممكنة في سرد عمليات البحث عن صاحب الشكوى قبل مغادرته بلده ليست أموراً حاسمة في هذه القضية، ويجب أن تُعتبر ثانوية.

3 - 4 وتشكل مغادرة صاحب الشكوى إريتريا بطريقة غير قانونية عاملاً مشدداً لم تأخذه المحكمة الإدارية الاتحادية في الاعتبار، في انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . ووفقاً لنتائج لجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا لعام 2016 ، تمارس عناصر الدولة الإريترية التعذيب على نطاق واسع وبطريقة منهجية في مراكز الاحتجاز المدنية والعسكرية ( ) . وعلاوة على ذلك، لا ينوي صاحب الشكوى، في حال إعادته، توقيع "استمارة الندم" التي تطلبها السلطات الإريترية، والتي يجب أن يعترف فيها بأنه " يأسف لارتكابه جريمة عدم أداء خدمته الوطنية" وأنه "مستعد لقبول أي عقوبة مناسبة عندما يحين الوقت"، كما لا ينوي دفع الرسوم ذات الصلة لتسوية وضعه العسكري ( ) . زد على ذلك أن إجباره سينطوي حتم اً على انتهاك لحريته في الرأي بل على مساس بكرامته.

3 - 5 ولم يكن موقف المحكمة الإدارية الاتحادية متسقاً. فمن ناحية، أقرت المحكمة بأن التهرب والهروب من الجندية يُعاقب عليهما بعقوبة شديدة في إريتريا، وبأن العقوبة المفروضة تعسفية أو مفرطة تماماً، وتقترن عموماً بالسجن في ظروف لا إنسانية ولمدة لا محددة، وبالتعذيب في كثير من الأحيان، بحيث تُلحق ضرراً بدنياً أو نفسياً خطيراً. ووفقاً للمحكمة، يُعتبر هذا السلوك وما تلاه من مغادرة غير قانونية عموماً مظهراً من مظاهر معارضة النظام. وهذه العقوبة تكتسي في حد ذاتها طابع الاضطهاد، ويترتب على الخوف المبرر من التعرض للاضطهاد الاعتراف بوضع اللاجئ. ومن ناحية أخرى، يبدو أن المحكمة أصبحت ترى، ولغريب الصدف، أن المتهرب من الجندية نفسه (الذي يُفترض أنه هرب من بلده دون سابق اتصال بالسلطات العسكرية) لم يعد عرضة لهذا الاضطهاد في حال مواجهته السلطات العسكرية بعد عودته إلى إريتريا، وقد بلغ سن الثامنة عشرة، أي الحد الأدنى الرسمي لسن التجنيد في الجيش. غير أن الأمر الحاسم في هاتين الحالتين هو أن صاحب الشكوى يوجد "فعلي اً في وضع يعرضه لخطر التجنيد".

3 - 6 وقد أغفلت المحكمة الإدارية الاتحادية تماماً الحالة الخاصة لصاحب الشكوى، الذي فرَّ من بلده لتفادي تجنيده قسراً. وقد بلغ صاحب الشكوى حالي اً السن الرسمية لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، ولا يستوفي شروط الإعفاء منها ( ) ، ومن المرجح أن يُرصد ويُعتقل فور وصوله إلى إريتريا. والمحكمة أخطأت عندما اعتبرت أن الخدمة العسكرية الإلزامية لا تجعل شاب اً متهرب اً من الجندية عرضة لخطر التعذيب أو الاسترقاق عند عودته إلى إريتريا. ولا يوجد أي دليل على أن الإريتريين الذين يعودون إلى بلدهم لا يتعرضون للخطر أو العقاب ، وفي حال الشك، يجب أن تولى الأولوية للحماية ( ) .

3 - 7 واعترفت المحكمة الإدارية الاتحادية نفسها، في حكمها بشأن قضية أخرى، بأنها تفتقر إلى مصادر موثوقة للمعلومات عن حالة حقوق الإنسان في إريتريا، بسبب عدة عوامل، منها نوعية المصادر (مشاكل منهجية وتحيز ونقصان)، ودولة الحزب الواحد، وانعدام الشفافية الإدارية، والقيود المفروضة على حرية التعبير وعلى تنقل المتعاونين مع الممثليات الأجنبية في إريتريا، أو عدم قدرة المنظمات الدولية لحقوق الإنسان على زيارة البلد ( ) . وإضافة إلى ذلك، أعلنت المحكمة في حكم آخر أنه من غير الممكن عموماً تطبيق الإعادة القسرية إلى إريتريا، وأنها "لم تحسم مسألة شرعية الإعادة القسرية" ( ) . وإذ امتنعت المحكمة صراحة عن البت في شروع ه الإعادة القسرية، فمن الصعب فهم الكيفية التي خلصت بها المحكمة إلى أن إعادة صاحب الشكوى، الذي تهرب من الجندية وستكون إعادته من ثم إعادة قسرية، أمر لن يتعارض مع القانون الدولي.

3 - 8 ويدعي صاحب الشكوى أيضاً حدوث انتهاك لأحكام المادة 16 من الاتفاقية، في حال إعادته إلى إريتريا حيث سيتعرض لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. ووفقاً لتقارير موثوقة عديدة، تشكل الخدمة العسكرية في إريتريا استعباداً وعملاً قسرياً ( ) . ولم تبرر المحكمة الإدارية الاتحادية على النحو الواجب ترك هذه المسألة جانباً. فحتى اليوم، لم يتحسن الوضع في إريتريا ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 تقدم الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 7 حزيران/ يونيه 2019 ، معلومات مفصلة عن إجراءات اللجوء في سويسرا، وترى أنه ينبغي رفض الشكوى بناء على أسسها الموضوعية. وتذكّر الدولة الطرف بالعناصر التي يجب أخذها في الاعتبار لتقييم مدى وجود خطر متوقع وشخصي وقائم وحقيقي" بالتعرض للتعذيب عند العودة إلى بلد المنشأ، وهذه العناصر هي: الأدلة على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد المنشأ؛ وادعاءات بشأن التعذيب أو إساءة المعاملة في ماض قريب، وأدلة مستقلة على ذلك؛ والأنشطة السياسية لصاحب الشكوى داخل بلد منشئه أو خارجه؛ وأدلة على مصداقية صاحب الشكوى وموثوقية ادعاءاته بوجه عام، على الرغم من وجود بعض التناقضات الوقائعية في بياناته أو بعض حالات النسيان.

4 - 2 وفيما يتعلق بوجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان، تؤكد الدولة الطرف أن ذلك لا يشكل في حد ذاته أساساً كافياً لاعتقاد أن شخصاً بعينه عُرضة للتعذيب عند عودته إلى بلد منشئه. وعلى اللجنة أن تحدد ما إذا كان صاحب الشكوى معرض "شخصياً" لخطر التعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه. ويجب توافر أسباب أخرى ليكون خطر التعذيب "متوقعاً وحقيقياً وشخصياً ". ويجب تقييم خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك.

4 - 3 وتصف الدولة الطرف بعد ذلك ممارسات السلطات السويسرية فيما يتعلق بمعالجة طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين إريتريين. وتقيّم أمانة الدولة لشؤون الهجرة باستمرار التقارير المتعلقة بهذا البلد، وتتبادل المعلومات مع خبراء وهيئات شريكة. وعلى هذا الأساس، تضع الأمانة تقييماً محدثاً للحالة في البلد يُستخدم أساساً لعمل السلطات السويسرية المتعلق باللجوء. وفي أيار/مايو 2015 ، أعدت الأمانة تقريراً عنوانه "إريتريا - دراسة قُطرية" يشمل جميع هذه المعلومات. وحظي هذا التقرير بتأييد أربع هيئات شريكة، وخبير علمي، والمكتب الأوروبي للدعم في مسائل اللجوء. وزارت بعثة من الأمانة البلد، في شباط/فبراير وآذار/ مارس 2016 ، لمراجعة هذه المعلومات وتعميق النظر فيها واستكمالها، وذلك بإضافة مصادر أخرى ظهرت في غضون ذلك. وبناءً على جميع هذه المعلومات، نشرت الأمانة تحديثاً في 10 آب/أغسطس 2016 ( ) . وفي تقارير نُشرت في الفترة ما بين كانون الأول / ديسمبر 2015 وآب/أغسطس 2016 ، توصلت عدة سلطات وطنية - مثل سلطات السويد والنرويج، وكذلك وزارة الداخلية في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية - إلى استنتاجات مماثلة.

4 - 4 ومنذ كانون الثاني/يناير 2017 ، أصدرت المحكمة الإدارية الاتحادية ثلاثة أحكام مرجعية تتعلق بإريتريا ( ) ، عالجت فيها قيوداً بعينها تتعلق بمصادر المعلومات المتعلقة بالحالة في إريتريا. وفي الحكم الصادر في 10 تموز/يوليه 2018 ، تناولت المحكمة أيضاً في صفحتين ونصف الصفحة الجوانب الحاسمة لفئات معينة من المصادر الهامة ذات الصلة بإريتريا، وأشارت إلى بعض التحفظات المنهجية فيما يتعلق بجميع المصادر. وفي الحكم نفسه، أخذت المحكمة في الاعتبار المعلومات المتاحة عن إريتريا وفقاً لمعايير الجودة والأساليب العلمية التي أقرتها سلطات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء المختصةُ في قضايا الهجرة، لا سيما اللجوء والإعادة. وتدرك المحكمة الصعوبات الكامنة في جمع المعلومات عن إريتريا، لكنها لم تأخذ في الاعتبار وقائع أبلغت بها المنظمات الدولية لحقوق الإنسان فحسب، ولو أن بعضها قديم إلى حد ما، بل أخذت أيضاً وقائع أبلغ بها مؤخراً صحفيون وأخصائيون أجانب من هيئات أوروبية في سياق بعثات ميدانية لجمع المعلومات. وقد درست المحكمة على نحو مفصل وعلى امتداد عشرات الصفحات الوضع في إريتريا على أساس عدد كبير من المصادر. وقيّمت تقييماً دقيقاً المعلومات والتقارير والحجج الواردة في هذه المصادر. وفي القضايا الأخيرة المتعلقة بإريتريا، بما في ذلك الحكم E-1218/2019 الصادر في 16 نيسان/أبريل 2019 ، حافظت المحكمة على استنتاجاتها. ولهذا السبب، تشير الدولة الطرف إلى هذه الأحكام لغرض النظر في هذه القضية.

4 - 5 ووفقاً للسلطات السويسرية لشؤون الهجرة، لا يُعتبر التهرب والهروب من الجندية عنصرين كافيين في حد ذاتهما لتبرير الاعتراف بوضع اللاجئ. ومع ذلك، يجب الاعتراف بملتمس اللجوء لاجئاً إذا كان تهربه أو هروبه من الجندية يجعلانه عرضة للاضطهاد. وإذا تبين من دراسة حالة فردية ما أن العقوبة لا ترمي إلى إجبار الشخص المعني على الوفاء بالتزاماته العسكرية فحسب، بل أيض اً إلى اعتباره معارضاً سياسياً يعاقَب عقوبة غير متناسبة ويعامَل معاملة لاإنسانية، يكون ذلك اضطهاداً واضحاً من منظور قانون اللاجئين.

4 - 6 وخلصت المحكمة الإدارية الاتحادية إلى أن التهرب والهروب من الجندية يُعاقب عليهما بشدة في إريتريا. وتقترن العقوبة عموم اً بالسجن في ظروف غير إنسانية، وبالتعذيب في غالب الأحيان، لأن التهرب والهروب من الجندية يعتبران مظهراً من مظاهر معارضة النظام؛ وعلى هذا النحو، تكتسي هذه العقوبة طابع الاضطهاد، ويترتب على الخوف المبرر منها الاعتراف بوضع اللاجئ. غير أن هذا الخوف لا يكون مبرراً ما لم تكن للشخص المعني اتصال فعلي بالسلطة العسكرية أو بسلطة أخرى، بحيث ينذر اتصاله هذا بتجنيده فيما بعد (بعد تلقي استدعاء من الجيش مثلاً). ومجرد إمكانية استدعائه في وقت لاحق، قريباً كان أم بعيداً، لا يكفي. وعلاوة على ذلك، لا يُعتبر وجوب أداء الخدمة العسكرية فيما بعد أمراً حاسماً. ومعرفة ما إذا كان التجنيد في الخدمة الوطنية بعد عودة الشخص المعني إلى إريتريا يشكل معاملة يحظرها القانون الدولي سؤالٌ يندرج إذن في نطاق النظر في عدم الشرعية، فيما يتصل باستحالة فرض تنفيذ الإعادة. ويُعتبر تنفيذ إعادة الأجانب غير قانوني عندما يستحيل على سويسرا، لأسباب تتعلق بالقانون الدولي العام، إجبار الشخص الأجنبي على السفر إلى بلد بعينه، أو عندما لا توجد دولة أخرى تعلن استعدادها لاستقباله، احترام اً لمبدأ عدم الإعادة القسرية. ووفقاً للقانون المحلي، يستحيل فرض تنفيذ أمر إعادة الشخص الأجنبي إذا كان إعادته أو إبعاده إلى بلد منشئه أو البلد الذي وصل منه يجعلانه عرضة لخطر ملموس، كما هو الأمر في حالات الحرب، أو الحرب الأهلية، أو تفشي العنف، أو لضرورة طبية.

4 - 7 وتعتبر أمانة الدولة لشؤون الهجرة، منذ حزيران/ يونيه 2016 ، أن مجرد مغادرة إريتريا بطريقة غير قانونية لا يجعل الشخص المعني، في حال عودته إلى بلده، عرضة لاضطهاد حاسم. لذلك، لم يعد يُعترف للمواطنين الإريتريين الذين لم يُستدعوا بعد لأداء الخدمة العسكرية الوطنية أو الذين أُعفوا أو سُرحوا منها بوضع اللاجئ على هذا الأساس وحده. ومع ذلك، تواصل أمانة الدولة نظرها بعناية في كل طلب لجوء. وقد أيدت المحكمة الإدارية الاتحادية هذه الممارسة وأوضحتها في أحكامها المرجعية المذكورة أعلاه.

4 - 8 ففي الحكم المرجعي D-7898/2015 الصادر في 30 كانون الثاني/يناير 2017 ، نظرت المحكمة الإدارية الاتحادية في الحدود التي يكون فيها خوف الإريتريين الذين غادروا بلدهم بطريقة غير قانونية من تدابير الاضطهاد، في حال إعادتهم، خوف اً مبررا. ولخصت المحكمة استنتاجاتها في حكمها رقم E-1218/2019 الصادر حديث اً في 16 نيسان/أبريل 2019 . فبعد إجراء تحليل متعمق للمعلومات المتاحة، خلصت المحكمة إلى أنه لا يمكن الاستمرار في الممارسة المتبعة التي تعتبر مغادرة إريتريا بطريقة غير قانونية مبرراً في حد ذاته للاعتراف بوضع اللاجئ. ويستند هذا التقييم أساساً إلى استنتاج أن أفراداً من الشتات، بمن فيهم أيض اً أشخاص غادروا إريتريا بطريقة غير قانونية، يعودون إليها لفترات وجيزة ولا يتعرضون لأي أذى. ومن ثم، لم يعد من الممكن اعتبار الأشخاص الذين غادروا إريتريا دون تصريح أشخاص اً معرضين، بصورة عامة، لعقوبة شديدة تبررا منح اللجوء.

4 - 9 وليس من المستحيل في هذه القضية فرض إعادة صاحب الشكوى. فإريتريا لا تشهد حالة حرب، أو حرب أهلية، أو عنف واسع النطاق من شأنها أن تفضي تلقائي اً - وبغض النظر عن ملابسات هذه القضية - إلى افتراض وجود خطر ملموس يتهدد جميع مواطني هذا البلد. وإضافة إلى ذلك، تحسنت الظروف المعيشية بالرغم من أن الحالة الاقتصادية لا تزال صعبة؛ واستقرت حالة الموارد الطبية، والحصول على المياه والغذاء، وكذلك ظروف التدريب. ويستفيد جزء كبير من السكان من التحويلات المالية الكبيرة التي يبعثها أقاربهم من الشتات. وقد أنهى اتفاق السلام الموقع مع إثيوبيا في 9 تموز/ يوليه 2018 الصراع بين البلدين. وفي هذا السياق، يظل تنفيذ الإعادة ممكن اً ما لم تظهر ظروف شخصية بعينها من شأنها أن تعرض للخطر حياة الشخص المعاد ؛ وهذا التنفيذ لم يعد يتطلب ظروفاً فردية مواتية على نحو خاص، كما نصت عليه السوابق القضائية. ولا يُعتبر خطر التجنيد في الخدمة الوطنية في حد ذاته عائقاً أمام تنفيذ الإعادة.

4 - 10 وفي هذه القضية، يجوز إعادة صاحب الشكوى. فللأسباب التي حددتها المحكمة الإدارية الاتحادية في حكمها المرجعي E-5022/2017 الصادر في 10 تموز/ يوليه 2018 ، يجب على أي شخص يشير إلى أنه غادر بلده خوفاً من تجنيده مستقبل اً في الخدمة الوطنية أن يثبت أيض اً وجود احتمال كبير لأن يكون مستهدَف اً شخصياً - وليس من تعيس الصدف - بتدابير تتعارض مع أحكام القانون الدولي ذات الصلة. وفي هذه القضية، يفيد صاحب الشكوى بأن المحكمة اعتمدت على معلومات من السلطات الإريترية فقط، ولم تبحث من ثم بعمق كاف حالة الأشخاص الذين أُعيدوا إلى إريتريا. ومع ذلك، يتضح من الحكم موضوع الانتقاد، وكذلك من الأحكام الأخرى المذكورة أعلاه، أن السوابق القضائية ذات الصلة تستند إلى مجموعة واسعة من المصادر، من بينها تقارير منظمات دولية، وسوابق قضائية، ومصادر صحفية.

4 - 11 وقضية م. أ. ضد سويسرا التي ذكرها صاحب الشكوى غير ذات صلة بالموضوع. ففي الحكم الصادر في هذه القضية، خلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن الحالة العامة لحقوق الإنسان في إريتريا في حد ذاتها لا تمنع من إعادة الشخص المعني. فلم تسلم المحكمة في الواقع بأن مغادرة إريتريا بطريقة غير قانونية مبرر كاف للاعتراف بوضع اللاجئ لطالب لجوء إريتري.

4 - 12 وينتقد صاحب الشكوى أيضاً ما جاء في السوابق القضائية للمحكمة الإدارية الاتحادية من أنه يجب اعتبار الخدمة الوطنية في إريتريا عملاً قسرياً وليس استرقاقاً. غير أنه ينبغي التذكير بأن تصنيف المحكمة، موضوع الانتقاد، يستند إلى الحكم E-5022/2017 الصادر في 10 تموز/ يوليه 2018 ، الذي حللت فيه المحكمة المسألة المصطلحية في ضوء مصادر منها الاتفاقية الخاصة بالرق الصادرة في 25 أيلول/سبتمبر 1926 والسوابق القضائية ذات الصلة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومحاكم وطنية الأخرى بشأن هذه المسألة. وخلصت المحكمة إلى أن ممارسة خصائص حق الملكية تشكل الجانب الرئيسي الذي لا غنى عنه لمفهوم الرق بموجب المادة 1 من الاتفاقية الخاصة بالرق، وهو عنصر لم يتحقق فيما يتعلق بالخدمة الوطنية الإريترية. وبخصوص الاسترقاق، ارتأت المحكمة أن ليس لها أن تفترض وجود ظرف دائم في هذا الصدد. ويتوافق هذا الوصف كذلك مع مقاربة مجلس حقوق الإنسان الذي لم يأت ، في قراره 38 / 15 المعتمد في 6 تموز/يوليه 2018 ، على ذكر الاسترقاق عندما أشار إلى تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا ( ) .

4 - 13 وعلاوة على ذلك، لم يقدم صاحب الشكوى أي دليل جديد يتعلق به تحديداً من شأنه أن يسمح باستنتاج وجود خطر التعرض لمعاملة محظورة من جراء أدائه المحتمل للخدمة العسكرية. والواقع، أن صاحب الشكوى إنما يسعى إلى الحصول على تحليل جديد للحالة في إريتريا يخدم مصلحته، دون تقديم حجج حاسمة فيما يتعلق بحالته الشخصية. وعلى نحو ما ذُكر أعلاه، لا يمكن اعتبار صاحب الشكوى شخصاً متهرباً من الجندية.

4 - 14 وفي ضوء الاستنتاجات التي توصلت إليها المحكمة الإدارية الاتحادية في أعقاب تحليل مفصل للخدمة الوطنية الإريترية، يتضح أن إساءة معاملة المجندين المدمجين في الجيش والاعتداء عليهم ليسا منتشرين لدرجة تجعل كل المجندين في خطر فعلي وحقيقي للتعرض للإيذاء. وبناء على ذلك، لا يمكن تأييد القول بوجود خطر جسيم يترتب على أداء الخدمة الوطنية ويعرض المجندين لممارسة تنتهك الحظر المفروض على العمل القسري أو الإلزامي. واحتمال استدعاء صاحب الشكوى لأداء الخدمة العسكرية الوطنية عند عودته إلى إريتريا لا يتعارض مع المادة 3 ولا مع المادة 16 من الاتفاقية.

4 - 15 ولا يدعي صاحب الشكوى أنه تعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في بلد منشئه. ولا يتضح من الملف أيضاً أن أفراد أسرته تعرضوا لمعاملة مماثلة، لا سيما بسبب مغادرة صاحب الشكوى بلده. ولا يدعي أنه شارك في أنشطة سياسية داخل بلد منشئه أو خارجه. وفيما يتعلق بحالته الشخصية، أشار إلى أنه معرض، بسبب بلوغه سن الرشد، لخطر الخضوع لمعاملة تحظرها المادة 3 من الاتفاقية. وعلى نحو ما يتضح من اجتهادات المحكمة الإدارية الاتحادية، لم يعد مجرد مغادرة إريتريا بطريقة غير قانونية مبرراً للاعتراف بوضع اللاجئ، ولا يوجد خطر لفرض عقوبات عليه في حال عودته ما لم تكن ثمة عوامل سلبية إضافية. وفي ضوء هذا الاجتهاد، فإن هذه العوامل الإضافية هي وحدها التي يمكن أن تجعل صاحب الشكوى شخصاً غير مرغوب فيه في نظر السلطات الإريترية. وهذه العوامل غير موجودة في هذه القضية، على الرغم من المخاوف التي أعرب عنها صاحب الشكوى. ولا يتضح من الملف في الواقع أن صاحب الشكوى قد تهرب من الجندية. فلم يقدم في أي مرحلة من مراحل الإجراءات ما يؤيد ادعاءه أنه استهدف رسمياً بالتجنيد أو حتى أنه رفض الاستجابة للاستدعاء العسكري. ويصف صاحب الشكوى نفسه خطأ بأنه "شاب متهرب من الجندية". فمجرد مغادرته بلده بطريقة غير قانونية، وبلوغه بعدها سن أداء الخدمة العسكرية، لا يضعه ضمن فئة الأشخاص الذين تهربوا من الجندية.

4 - 16 ويلوم صاحب الشكوى السلطات الوطنية على اعتبار بياناته فاقدة للمصداقية. وعلى عكس ما يدعيه، فقد خلصت كل من أمانة الدولة لشؤون الهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية إلى أنها فاقدة للمصداقية. ورأت المحكمة، على وجه الخصوص، أن رواية صاحب الشكوى غير متسقة، وأن أقواله المتعلقة بحضور جنود إلى منزله مجرد تخمينات لا أساس لها. ورأت المحكمة أيضاً أن تأكيد وجوب تفسير استدعاء صاحب الشكوى إلى المدرسة برفقة والديه بأنه استدعاء عسكري اً تأكيدٌ غير متسق بوضوح. فمن الصعب في الواقع، وفي سياق البلد، تصور جنود يسعون إلى تجنيد شباب طالبين إليهم الحضور مع والديهم. ولا يرفق صاحب الشكوى بشكواه أي عنصر يدحض هذا التقييم. وعلى وجه الخصوص، ليس لحجة تعرض الشباب في سن 16 أيضاً لخطر التجنيد وجاهة في حد ذاتها، لأنها لا تتعلق بوضع صاحب الشكوى، الذي لم يثبت في الواقع أنه كان له، في وقت أو آخر من حياته، اتصال بالسلطات العسكرية أو أن السلطات استهدفته.

4 - 17 وفي جلسة الاستماع الأولى، اكتفى صاحب الشكوى بالقول إنه غادر بلده بسبب الحملات التي وقعت في منطقته. ومع ذلك، ليس هناك ما يسمح بافتراض أنه كان عرضة لأن تشمله هذه الحملات، ومجرد انقطاعه عن الدراسة لا يكفي ليكون من المجندين المحتملين. وإضافة إلى ذلك، اعترف صاحب الشكوى، في جلسة الاستماع الثانية المعقودة للنظر في طلب لجوئه، أولاً، بأنه غادر إريتريا بسبب ظروف المعيشة الصعبة ولغرض ضمان مستقبل أفضل؛ ولم يشر إلى الحملات إلا في وقت لاحق. ولم يقدم صاحب الشكوى في بلاغه أي حجج جديدة تتعلق بمصداقية أسس طلبه اللجوء، وإنما اكتفى بالطعن في تحليل السلطات الوطنية للوقائع.

4 - 18 ويشير صاحب الشكوى في مناسبات عديدة إلى أخطاء الإجراءات. ويدفع أولاً بأن أمانة الدولة لشؤون الهجرة أساءت التصرف بانتظار أن يبلغ سن الرشد قبل تنظيم جلسة الاستماع الثانية، وهو ما حرمه إمكانية الاستعانة بوصي، ومن ثم فرصة عرض دوافع طلبه بطريقة واضحة وموجزة. غير أن عتاب صاحب الشكوى لا يستند إلى أي دليل ملموس. فعلى الرغم من أن جلسة الاستماع الثانية عُقدت بعد مرور ثمانية عشر شهراً على الجلسة الأولى، ليس هناك ما يشير إلى أن هذه محاولة متعمدة لحرمانه من ضماناته الإجرائية. وإضافة إلى ذلك، تمكّن صاحب الشكوى من توضيح دوافع طلب لجوئه بكل حرية في الجلسة الثانية التي شارك فيها، بعد موافقته، ممثل أو ممثلة من الجمعيات الخيرية. وعلى أي، لم يبد الشخص الذي مثَّله أي اعتراض على المحضر أو على جلسة الاستماع. وعلاوة على ذلك، كان بإمكان صاحب الشكوى ووصيتيه، بل كان عليهم، عندما ارتأوا أن مدة الإجراءات أمام أمانة الدولة مفرطة، التدخل في الوقت المناسب لدى أمانة الدولة، وهو ما لم يفعلوه في أي مرحلة من الإجراءات. وإضافة إلى ذلك، نظرت المحكمة الإدارية الاتحادية في التجاوز المزعوم في أعقاب طلب استئناف قدمه أحد المحامين.

4 - 19 ويشتكي صاحب الشكوى أيضاً من أن جلسة الاستماع دارت باللغة التيغرينية ، على الرغم من أن لغة أمه هي الساهوية . بيد أن صاحب الشكوى سبق أن ذكر في أول جلسة استماع إليه أن لغته الأم هي التيغرينية وسُجل ذلك في ورقة بياناته الشخصية ( ) . وعلاوة على ذلك، ذكر أنه يفهم المترجم الشفوي جيداً، ولم يبلغ بأي مشاكل في التواصل مع الأشخاص المسؤولين عن الاستماع إليه، مكتفي اً بتصويب واحد لا غير في محضر الجلسة الثانية، بعد إعادة قراءتها بالتيغرينية . وأخيراً، شهد صاحب الشكوى بأن المعلومات الواردة في المحضرين مطابقة لإفاداته . ولم ينتقد ممثل أو ممثلة الجمعية الخيرية جلسة الاستماع هذه. وليس هناك ما يشير إلى أن صاحب الشكوى واجه مشاكل لغوية.

4 - 20 وخلاصة القول أنه ليس هناك ما يحول دون استنتاج أن إفادات صاحب الشكوى تفتقر إلى المصداقية، لا سيما أن الإجراءات أمام السلطات الوطنية سارت على نحو سليم. وهكذا، لم يثبت صاحب الشكوى بالتفصيل أنه يواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً وقائماً بالتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في حال إعادته.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 يشير صاحب الشكوى في تعليقاته المؤرخة 13 آب/أغسطس 2019 إلى مبادئ الاتحاد الأوروبي التوجيهية المشتركة لتجهيز المعلومات عن بلد المنشأ، التي استشهدت بها الدولة الطرف. وهذه المبادئ تنص على أنه في حال توافرت بصفة عامة معلومات قليلة عن البلد المعني أو الشخص المعني، وجب أخذ ذلك في الاعتبار. وبناء عليه ونظراً لقلة المعلومات الموثوقة عن الحالة في إريتريا، لا تبدو حجة الدولة الطرف أن المحكمة الإدارية الاتحادية نظرت في هذه القضية بالتفصيل استناداً إلى العديد من المصادر حجةً مقنعة. فقد أقرت المحكمة نفسها في الواقع، في مناقشة من صفحتين ونصف الصفحة، بوجود بعض التحفظات المنهجية المرتبطة بجميع المصادر المتصلة بالحالة في إريتريا. وتؤكد المصادر نفسها التي استشهدت بها الدولة الطرف عدم وجود معلومات كافية عن الحالة في إريتريا ( ) . ولم تستشهد الدولة الطرف بأي مصدر أفاد بأن طالب لجوء غادر إريتريا بطريقة غير قانونية وهو لا يزال قاصراً، تهربا من واجباته العسكرية الحالية أو المستقبلية، وبلغ سن الرشد في بلده المضيف، ثم أُجبر على العودة إلى إريتريا، لم يتعرض للتعذيب أو لإساءة المعاملة في بلده. ولا تقدم الدولة الطرف أي مصدر يبرر الاستنتاج الذي خلصت إليه المحكمة في حكمها المرجعي D-7898/2015 الصادر في 30 كانون الثاني/يناير 2017 بشأن ما ادعت من عدم وجود ضرر يلحق المواطنين الإريتريين الذين يُعادون إلى وطنهم. ومن ثم، فهذا الاستنتاج بلا أساس. وبالنظر إلى أن المحكمة لم تكن لديها معلومات كافية وكاملة وموثوقة لتقييم أحوال الشبان الإريتريين الذين أُعيدوا إلى وطنهم، لا يمكن للدولة الطرف أن تدفع على نحو سليم ، ودون حشو، بأن المحكمة أجرت تحليلاً دقيقاً للمعلومات المتاحة في هذه القضية.

5 - 2 وينتمي صاحب الشكوى بحكم الواقع، بوصفه متهرباً من الجندية وهو في سن التجنيد، إلى فئة ضعيفة، وهو من ثم إلى فئة معرضة لخطر الخضوع لمعاملة تتعارض مع القانون الدولي. ويشكل الانتماء إلى هذه الفئة عاملاً حاسماً في تقييم الخطر الذي يتهدد الشخص في حال إعادته إلى بلد المقصد. ووفقاً للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يشكل التهرب من الجندية في الواقع عامل خطر في حال الإعادة إلى إريتريا ( ) . ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى قضية سين. ضد الدانمرك ( ) ، حيث خلصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن إبعاد صاحب البلاغ إلى إريتريا يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) .

5 - 3 ويرفض صاحب الشكوى احتجاج الدولة الطرف بأن مجرد مغادرته بلده بطريقة غير قانونية، وبلوغه بعدها سن الخدمة العسكرية، لا يضعه ضمن فئة الأشخاص الذين تهربوا من الجندية. ويرى صاحب الشكوى أن سعي الجهة المضطهِدة في النيل من الضحية هو العامل الحاسم الوحيد لقرار منح اللجوء، استناداً إلى الأسس التي حددها القانون المنطبق. فقبل مغادرة صاحب الشكوى إريتريا، كان قد انقطع عن الدراسة، وكانت السلطات العسكرية تبحث عنه. وبالرغم من أن السن الرسمية لبدء التجنيد هي 18 سنة، تشن الحكومة الإريترية حملات منتظمة على القرى لتجنيد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 16 سنة قسراً، لا سيما الشباب غير الملتحقين بالمدارس. ( )

5 - 4 ويرفض صاحب الشكوى أيضاً احتجاج المحكمة الإدارية الاتحادية بأن مفهومي الاسترقاق أو العبودية لا ينطبقان على النظام الوطني الإريتري ( ) . ففي قضية م. ج. ضد سويسرا ، أيدت اللجنة صراحة رأي لجنة التحقيق المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا، إذ خلصت، بالنظر إلى المدة اللامحدودة للخدمة العسكرية، إلى أن هناك أسباباً معقولة لاعتقاد أن هذه الخدمة تشكل على الأقل استرقاقاً لمجموعة كاملة من السكان، وهي من ثم جريمة ضد الإنسانية ( ) .

5 - 5 وحتى الآن، لم تجر السلطات السويسرية أي تقييم للوضع في حال إعادة الشباب في سن الخدمة الوطنية قسراً إلى إريتريا. فمجرد مغادرة هؤلاء إريتريا بطريقة غير قانونية وهم على وشك بلوغ سن التجنيد العسكري يعني أنهم كانوا متمردين من البداية.

5 - 6 وفيما يتعلق بطول مدة الإجراءات أمام أمانة الدولة لشؤون الهجرة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تحميل صاحب الشكوى المسؤولية عن عدم تدخل وصيتيه. وعلاوة على ذلك، لم يتسن لصاحب الشكوى، للأسف، عندما كان دون سن الرشد، الاستفادة من أي مساعدة قانونية كان من شأنها أن تمكنه من التحضير لجلستي الاستماع اللاحقتين بشأن دوافع لجوئه.

5 - 7 ويؤكد صاحب الشكوى أن لغة أمه هي الساهوية ، وأنه كان ينبغي من ثم تنظيم جلسة الاستماع بهذه اللغة. وأثناء جلسة الاستماع إليه بشأن أسباب طلبه اللجوء، أُبلغ بعدم توافر مترجم شفوي للغة الساهوية في سويسرا، وأنه يتعين استدعاء هذا المترجم الشفوي ألمانيا (إن لم يكن مخطئا ً )، وأن ذلك سيؤخر الإجراءات. ولهذا السبب قبِل صاحب الشكوى بمترجم شفوي للغة التيغرينية . وكان صاحب الشكوى قد ردّ بالقول إنه " يفهم المترجم الشفوي"، عندما طرُح عليه هذا السؤال مرة واحدة فقط في بداية الجلسة، لكن ذلك لا يمكّن من استنتاج أنه فهم بالفعل الأسئلة التي ترجمها المترجم الشفوي، وأن المترجم الشفوي فهم ما قاله صاحب الشكوى. ويبدو أن ورقة البيانات الشخصية لصاحب الشكوى، التي تشير إلى أن لغة أمه هي التيغرينية ، قد مُلئت دون علمه لأنه لم يوقع تلك الورقة. وتشير الورقة علاوة على ذلك إلى دين وتاريخ ميلاد مغلوطين.

5 - 8 ويستشهد صاحب الشكوى في تعليقاته الإضافية المقدمة في 6 كانون الأول/ديسمبر 2019 بتقرير نشره المكتب الأوروبي للدعم في مسائل اللجوء في أيلول/سبتمبر 2019 وصاغته أمانة الدولة لشؤون الهجرة ( ) . ووفقاً للتقرير، يُجنَّد القاصرون في إريتريا قسراً في الخدمة العسكرية، ولم تتحسن معاملة المجندين في السجون الإريترية، ولا يُعرف مصير معظم الذين أُعيدوا إلى إريتريا، في حين يشير بعض التقارير إلى أن عدداً كبيراً منهم سُجن بالقرب من تيسيني ، حيث تفيد التقارير بارتكاب أعمال تعذيب.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 تتمسك الدولة الطرف بموقفها في ملاحظاتها التكميلية المؤرخة 26 أيلول/سبتمبر 2019 ، وتؤكد أنها لا تعيد المواطنين الإريتريين قسراً، لأن إريتريا ترفض اتخاذ تدابير من هذا القبيل في حق رعاياها. ومن ثم، فإعادة هؤلاء الأشخاص قسراً أمرٌ مستحيل، بحيث لا داعي إلى دراسة ما إذا كان هذا التدبير مشروعاً. بيد أنه يمكن لصاحب الشكوى المغادرة طوعاً، شريطة أن يتخذ الخطوات اللازمة.

6 - 2 وفي 9 كانون الثاني/يناير 2020 ، أحالت الدولة الطرف إلى اللجنة ردها، المؤرخ 7 كانون الثاني/يناير 2020 ، على الطلب المشترك المؤرخ 19 حزيران/ يونيه 2019 والموجه من المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، فيما يتعلق بحالة طالبي اللجوء الإريتريين في سويسرا. وفي هذا الرد، تشير الدولة الطرف، في جملة أمور، إلى أن أمانة الدولة لشؤون الهجرة تستعرض باستمرار الحالة في إريتريا، وتكيف ممارستها المتعلقة باللجوء والإعادة حسب الاقتضاء. وتصف الدولة الطرف بالتفصيل بعد ذلك تطور هذه الممارسة منذ عام 2012 .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق مقتضيات المادة 22 ( 5 )(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها حالياً في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 2 وتذكر اللجنة بأنها، وفقاً للمادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ يقدمه أحد الأفراد إلا بعد أن تكون قد تأكدت من أن ذلك الفرد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف، في هذه القضية، لم تعترض على مقبولية الشكوى على هذا الأساس أو لأي سبب آخر. وتعلن اللجنة عدم وجود أي عائق يحول دون قبولها هذا البلاغ وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ، وفقاً للمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، آخذة في الحسبان جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

8 - 2 وفي هذه القضية، يجب على اللجنة أولاً أن تقرر ما إذا كانت الدولة الطرف، بإعادتها صاحب الشكوى إلى إريتريا، تنتهك التزامها بموجب المادة 3 من الاتفاقية. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 4 ( 2017 ) الذي ينص على: (أ) أن هناك التزاماً بعدم الإعادة القسرية كلما كانت هناك "أسباب حقيقية" تدعو إلى اعتقاد أن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة يواجه الترحيل إليها، سواء كفرد أم كعضو في مجموعة قد تكون في خطر التعرض للتعذيب في بلد المقصد؛ و(ب) أن اللجنة دأبت في هذا السياق على اعتبار "الأسباب الحقيقية" موجودة كلما كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أن عبء الإثبات يقع على صاحب البلاغ، الذي يجب عليه أن يعرض قضية وجيهة، أي أن يقدم حججاً مفصلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي. ولكن عندما يكون صاحب الشكوى في وضع يعجز فيه عن عرض قضيته بالتفصيل، ينعكس عبء الإثبات ويكون على الدولة الطرف المعنية أن تحقق في هذه الادعاءات وتتحقق من صحة المعلومات التي يستند إليها البلاغ ( ) . وتولي اللجنة أهمية كبيرة للنتائج الوقائعية التي تقدمها أجهزة الدولة الطرف المعنية. إلا أنها غير ملزمة بهذه النتائج، بل تجري تقييماً مستقلاً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة تأكيد صاحب الشكوى أن جنود اً حضروا إلى منزله وبحثوا عنه في مناسبتين، دون جدوى، لغرض تجنيده قسراً في الجيش، وتركوا بعدها أمراً بالحضور إلى المدرسة برفقة والديه. ويفيد صاحب الشكوى بأن وضع المتهرب من الجندية ومغادرته إريتريا بطريقة غير قانونية يجعلانه في خطر التعرض للتعذيب في حال إعادته. وتلاحظ اللجنة في المقابل دفع الدولة الطرف بأنه لا يوجد ما يدل على توافر أسباب حقيقية للخوف من أن يتعرض صاحب الشكوى بصورة فعلية وشخصية للتعذيب عند عودته إلى إريتريا، وأن ادعاءاته وأدلته اعتُبرت غير موثوقة.

8 - 4 وفي هذا السياق، تحيط اللجنة علماً بسير إجراء طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى إلى السلطات السويسرية. وتذكّر اللجنة، في هذا الصدد، بأن الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال، المنصوص عليه في المادة 3 ، يقتضي في هذا السياق إمكانية إجراء مراجعة فعلية ومستقلة ونزيهة لقرار الإبعاد أو الإعادة، بعد اتخاذ هذا القرار، إذا كان هناك ادعاء معقول يشكك في امتثال المادة 3 المذكورة ( ) . وتلاحظ اللجنة دفع صاحب الشكوى بأنه كان ينبغي عقد جلستي الاستماع المتعلقتين بدوافع طلب اللجوء باللغة الساهوية وليس التيغرينية . فهو يدعي أنه أشار إلى لغة أمه ( الساهوية ) أثناء جلسة الاستماع المتعلقة بدوافع طلبه والمعقودة مع السلطات السويسرية، التي أبلغته بعدم توافر مترجمين للغة الساهوية في سويسرا، وعرضت عليه استقدام مترجم شفوي من ألمانيا. عندها، وافق صاحب الشكوى على استجوابه بالتيغرينية لتفادي تأخر الإجراءات. وتلاحظ اللجنة، وفقاً لمحضر الجلسة الثانية، أن صاحب الشكوى أشار إلى أن لغة أمه هي التيغرينية ، وأن معرفته بهذه اللغة تحسنت بعد وصوله إلى سويسرا. وأشار أيضاً إلى تاريخ ميلاده وإثنيته ودينه بما يوافق البيانات الواردة في هذا البلاغ. ووفقاً لهذا المحضر ، لم يشر صاحب الشكوى إلى أي مشاكل في التواصل مع الأشخاص المسؤولين عن الاستماع إليه، وذكر في نهاية الجلسة أنه فهم المترجم الشفوي فهماً جيدا. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يدخل سوى تعديل واحد على محضر الجلسة الثانية، بعد أن أعاد قراءته بالتيغرينية . وأخيراً، شهد صاحب الشكوى بأن المعلومات الواردة في المحضرين مطابقة لإفاداته. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن المعلومات المتاحة في هذه القضية لا تسمح لها بأن تستنتج أن عقد جلستي الاستماع بالتيغرينية يشكل انتهاك اً من الدولة الطرف لالتزامها بضمان مراجعة فعالة ومستقلة ونزيهة، بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

8 - 5 وفيما يتعلق بمدة معالجة طلب اللجوء، تذكر اللجنة بأنه ينبغي للدولة الطرف، في إجراءاتها المتعلقة بتقييم طلب لعدم الإعادة القسرية، أن تقدم إلى الشخص المعني أثناء إجراءات التقييم ضمانات أساسية، لا سيما إذا كان هذا الشخص مسلوب الحرية أو في حالة ضعف شديد، مثل حالة ملتمسي اللجوء والقاصرين غير المصحوبين بذويهم، في جملة حالات أخرى ( ) . وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن مرور فترة ثمانية عشر شهراً بين تاريخ الجلسة التمهيدية الموجزة وتاريخ جلسة الاستماع المتعمق بشأن دوافع طلب لجوء صاحب الشكوى لا يشير في حد ذاته إلى حدوث خطأ إجرائي في معالجة طلبه. غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحب الشكوى يدعي أنه قدم طلبه عندما كان عمره 17 سنة وشهراً واحداً. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب الشكوى، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 17 سنة، استفاد في الجلسة الأولى (الموجزة) المتعلقة بدوافع طلبه اللجوء، من مساعدة وصية (ممثلة قانونية) عينتها له محكمة حماية الكبار والأطفال لكانتون جنيف في عام 2015 . وتلاحظ اللجنة كذلك أن الجلسة الثانية، التي عُقدت عندما كان صاحب الشكوى في الثامنة عشرة من العمر، جرت بحضور تمثيل مستقل عن مؤسسة خيرية، لكن في غياب وصي أو وصية أو تمثيل قانوني لمؤازرة صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم توضح سبب عدم عقد جلسة الاستماع المتعمق عندما كان صاحب الشكوى قاصراً، وكان بإمكانه الاستفادة من مستوى حماية أعلى بسبب سنه. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن مدة معالجة الطلب تشكل إخلال اً من الدولة الطرف بالتزامها بضمان مراجعة فعالة لطلب اللجوء لأغراض المادة 3 من الاتفاقية.

8 - 6 ولتحديد ما إذا كان صاحب الشكوى معرض اً حالياً لخطر التعذيب في حال إعادته إلى إريتريا، يجب على اللجنة أن تنظر، بعد ذلك، فيما أشارت إليه السلطات الوطنية من تضاربات وتناقضات مزعومة في أقوال صاحب الشكوى وإفاداته. وترى اللجنة أن من المفيد تقييم أقوال صاحب الشكوى في ضوء التقارير المتعلقة بحالة حقوق الإنسان في إريتريا، وتشير إلى أن التقارير المذكورة أدناه صدرت بعد صدور قرارات السلطات السويسرية بشأن طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة أنه، وفقاً لتقرير أصدرته في عام 2019 المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا، لا تزال حالة حقوق الإنسان في إريتريا مصدر قلق، على الرغم من اتفاق السلام الذي وقعته إريتريا مع إثيوبيا في عام 2018 ، لأسباب منها أن مدة الخدمة العسكرية والوطنية، لا تزال غير محدودة، وأن المجندين قد يتعرضون لإساءة المعاملة والاعتداء، وأن التهرب من الجندية قد يفضي إلى التوقيف والاحتجاز، وأن تأشيرة الخروج أعيد فرضها للسفر إلى الخارج ( ) . ووفقاً للتقرير نفسه، أشارت الحكومة الإريترية في آذار/مارس 2019 إلى أنها ستبدأ في إدخال إصلاحات على الخدمة العسكرية في المستقبل، عندما تتوافر لها الموارد الكافية لإيجاد فرص عمل للمجندين ( ) . وتشير تقارير أصدرتها مؤخراً منظمات غير حكومية إلى أن هذه الإصلاحات لم تبدأ بعد ( ) .

8 - 7 وإضافة إلى ذلك، تحيط اللجنة علماً بالنتائج التي توصلت إليها أمانة الدولة لشؤون الهجرة، التي صاغت التقرير الذي نشره المكتب الأوروبي للدعم في مسائل اللجوء في أيلول/سبتمبر 2019 . ووفقاً لهذا التقرير، تشمل الخدمة الوطنية في إريتريا مسار اً عسكري اً وآخر مدنيا ً ( ) . ويشارك جميع المجندين في التدريبات العسكرية، ويعينون بعدها إما في المسار العسكري، الذي تديره وزارة الدفاع، أو في المسار المدني الذي تديره وزارة أخرى. ويستمر قادة القوات المسلحة وقوات حفظ النظام في تطبيق العقوبات على الهروب من الجندية والتمرد والخروج غير القانوني تطبيق اً تعسفي اً وغير متسق ( ) . فقد وردت معلومات قولية تفيد بأن المتهربين والهاربين من الجندية معرضون للتوقيف في إطار حملات التجنيد وعند عودتهم من الخارج، وأنهم يُسجنون عموماً لفترات تتراوح بين شهر واحد واثني عشر شهراً. وقد يتعرضون للتعذيب أثناء احتجازهم. ويمكن سجن من غادروا البلد من دون تصريح لفترات أطول قد تصل إلى ثلاث سنوات. ومن المرجح أن يُقبض على العائدين الذين دفعوا غرامة ووقعوا رسالة الندم وأن يُجندوا قسراً في الخدمة الوطنية بعد انقضاء فترة الإعفاء. ولا تتوافر أي معلومات رسمية عن كيفية معاملة المتهربين والهاربين من الجندية والأشخاص الذي غادروا إريتريا بطريقة غير قانونية. وحتى آب/أغسطس 2019 ، لم يكن هناك ما يشير إلى أن توقيع اتفاق السلام مع إثيوبيا في عام 2018 قد أفضى إلى مزيد من التسامح إزاء هذه الفئات.

8 - 8 وتلاحظ اللجنة، بالاستناد إلى محضر الجلسة الثانية، أن صاحب الشكوى، عندما طلبت إليه السلطات الوطنية أن يشرح بالتفصيل دوافع طلبه اللجوء، أجاب قائل اً إنه غادر بلده لمواصلة دراسته ثم العمل. وعندما طُلب إلى صاحب الشكوى توضيح جميع دوافعه ، أشار إلى كثرة الحملات، وإلى أنه لم يكن ينعم بالحرية وكان مضطر اً إلى العيش مختبئاً. وترى اللجنة أن مجرد وجود أسباب عديدة لمغادرة البلد لا يحول دون أن يصبح الشخص المعني عرضة لخطر التعذيب في حال إعادته. وتلاحظ اللجنة بعد ذلك أن صاحب الشكوى وصف بالتفصيل ما فعله أثناء الحملتين اللتين شنتا في قريته قبل بضعة أشهر من مغادرته البلد، وتمكَّن من الإجابة عن أسئلة أخرى تتعلق بظروف مغادرته.

8 - 9 وترى اللجنة أن التضاربات التي أشارت إليها الدولة الطرف والسلطات المحلية ليست ذات أهمية كافية للتشكيك في مصداقية صاحب الشكوى. فعلى سبيل المثال، توجه الدولة الطرف الانتباه إلى أن صاحب الشكوى ادعى في الجلسة الأولى أن الحملات التي استهدفت قريته نُفذت في أيار/مايو 2015 ، بينما ادعى خلال الجلسة الثانية أنها جرت قبل مغادرته إريتريا بثلاثة أشهر وأربعة أشهر، أي في شباط/فبراير وآذار/مارس 2015 . وترى اللجنة أن هذا التناقض طفيف نسبياً. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أنه بالنظر إلى عدم توافر معلومات عن الأساليب المتبعة لتجنيد الشباب في إريتريا، لم تبرر المحكمة الإدارية الاتحادية استنتاجها الذي يفيد بأن من غير المعقول أن يكون جنود قد طلبوا إلى صاحب الشكوى الحضور إلى المدرسة برفقة والديه لغرض تجنيده. وفيما يتعلق بحجة المحكمة أن صاحب الشكوى لم يثبت أنه كان على اتصال بالسلطات العسكرية، ترى اللجنة أن صاحب الشكوى أوضح بصورة معقولة أن عدم الاتصال هذا يُعزى إلى هروبه للاختباء أثناء الحملات. وفيما يتعلق بموقف الدولة الطرف القائل بعدم وجود سبب يدعو إلى افتراض أن هذه الحملات شملت صاحب الشكوى، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى أشار إلى أن الحملات كانت تنفذ في قريته في كثير من الأحيان. وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب الشكوى بشأن الحملات تتفق مع المعلومات المتوافرة عن الحالة العامة في إريتريا، كما وصفتها أمانة الدولة لشؤون الهجرة في تقرير المكتب الأوروبي للدعم في مسائل اللجوء الصادر في أيلول/سبتمبر 2019 ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ترى أن مجرد انقطاع صاحب الشكوى عن الدراسة لا يكفي لاعتباره مجنداً محتملاً، لكن اللجنة ترى أن من المعقول، في ضوء المعلومات المتاحة عن الحالة في إريتريا، أن يُستهدف صاحب الشكوى بكل بساطة بسبب سنه ( ) .

8 - 10 وبالنظر إلى ادعاءات صاحب الشكوى بأن جنوداً استهدفوه مرتين لغرض تجنيده، وأن ذلك دفعه إلى مغادرة بلده بطريقة غير قانونية؛ وبالنظر أيضاً إلى المعلومات الواردة في الآونة الأخيرة عن تجنيد الشباب، لا سيما الذكور، على نطاق واسع في إريتريا، وعن إمكانية أن يصبح المتمردون والذين غادروا البلد بطريقة غير قانونية ضحايا للتعذيب عند عودتهم؛ وبالنظر أخيراً إلى محدودية المعلومات الموثوقة المتاحة عن مدى هذا الخطر، لا يمكن للجنة أن تستنتج، في هذه القضية، أن صاحب الشكوى لا يواجه خطر اً متوقع اً وحقيقي اً وشخصي اً لأن يتعرض للتعذيب في حال إعادته إلى إريتريا، وهو ما سيشكل انتهاك اً من الدولة الطرف للمادة 3 من الاتفاقية.

9 - وبالنظر إلى ما تقدم، تخلص اللجنة، عملاً بالمادة 22 ( 7 ) من الاتفاقية، إلى أن إعادة الدولة الطرف صاحبَ الشكوى إلى إريترياُ ستشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية. ولا ترى اللجنة ضرورة للنظر في الانتهاك المزعوم للمادة 16 من الاتفاقية بعد أن خلصت إلى أن إعادة صاحب الشكوى ستشكل انتهاكاً للمادة 3 .

10 - وترى اللجنة، وفقاً لأحكام المادة 3 من الاتفاقية، أن على الدولة الطرف التراجع عن إعادة صاحب الشكوى قسراً إلى إريتريا.

11 - وعملاً بالمادة 118 ( 5 ) من النظام الداخلي للجنة، تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى أن تحيطها علماً، في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها، بالخطوات التي اتخذتها استجابةً إلى الملاحظات الواردة أعلاه.