الأمم المتحدة

CAT/C/71/D/843/2017

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

30 September 2021

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 843/2017 * **

بلاغ مقدم من : أ. ن. (يمثلها محام من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : بوروندي

تاريخ تقديم البلاغ : 18 تموز/يوليه 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادتين 114 و115 من النظام الداخلي للجنة والمحال إلى الدولة الطرف في 20 أيلول/سبتمبر 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار : 22 تموز/يوليه 2021

الموضوع : ‎التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة‏؛ عدم إجراء تحقيق فعال وعدم جبر الضرر

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة‏؛ تدابير منع ارتكاب أفعال تعذيب أو معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة؛ الرصد المنتظمة لحراسة الأشخاص المحتجزين ومعاملتهم؛ التزام الدولة بأن تحرص على شروع السلطات المختصة في إجراء تحقيق عاجل ونزيه؛ الحق في تقديم شكوى؛ الحق في الحصول على تعويض

مواد الاتفاقية : المواد 2(1) و11 و12 و13 و14، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 ومع المادة 16

1 - صاحبة البلاغ هي أ. ن.، وهي مواطنة بوروندية، من موالدي 18 شباط/فبراير 1977 . وتدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاكات بوروندي لحقوقها التي تكفلها المواد 2 ( 1 ) و 11 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، ثم مع المادة 16 ، ومع المادة 16 من الاتفاقية. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 22 من الاتفاقية في 10 حزيران/يونيه 2003 . وتتولى الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب تمثيل صاحبة البلاغ.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2 - 1 في 8 آذار/مارس 2014 ، ألقي القبض على صاحبة البلاغ أثناء محاولتها الفرار من اقتحام الشرطة أحد مكاتب حزبها، حركة التضامن والديمقراطية ( ) . وكانت صاحبة البلاغ في مكتب حزبها للمشاركة في اجتماع مع أعضاء آخرين في الحزب في بوجومبورا. وفي ذلك اليوم، أحاط عدد كبير من أفراد الشرطة المدججين بالسلاح بمقر الحزب. وتمكن اثنان من ضباط الشرطة من التسلل إلى مقر الحزب دون أمر قضائي، ولكن ناشطين في الحزب تمكنوا من تجريدهم من سلاحهما ومن القبض عليهما. ثم ألقى الضباط الآخرون قنابل مسيلة للدموع وبدأ أعضاء الحزب في الركض في جميع الاتجاهات بحثا عن مأوى. وغادرت صاحبة البلاغ مكتب الحزب واختبأت مع أعضاء آخرين في الحزب في منزل مجاور كان قيد الإنشاء. وحاول ممثلو المجتمع المدني التوسط عدة مرات للإفراج عن الشرطيين، ولكن المفاوضات بين الحزب والشرطة باءت بالفشل. لذا، شنت الشرطة هجوماً على مقر الحزب.

2 - 2 وكانت صاحبة البلاغ وأعضاء آخرون في الحزب لا يزالون مختبئين في المنزل قيد الإنشاء، ولكن الشرطة اكتشفتهم، فأطلقت حوالي عشر عبوات غاز مسيل للدموع على المنزل. وخلال عملية الاقتحام، تلقت صاحبة البلاغ عدة ضربات بأعقاب بنادق ضباط الشرطة وهراواتهم، كما تلقت ركلات في رأسها وظهرها وبطنها ( ) . وجُرِّدت أيضاً مما كان بحوزتها من مال ومن هاتفها. واحتُجزت صاحبة البلاغ مع ضحايا آخرين لأكثر من ساعتين أمام مقر الحزب بينما كانت تنزف من رأسها وعنقها وذراعيها وأجزاء أخرى من جسدها جراء ما تلقته من ضربات عليها من جانب ضباط الشرطة.

2 - 3 وطلب موظفو الصليب الأحمر البوروندي ( ) رعاية صاحبة البلاغ لتوفير العلاج اللازم لها، ولكن الشرطة منعتهم من ذلك. وفي حوالي الساعة التاسعة مساءً، اقتيدت صاحبة البلاغ مع المصابين الآخرين إلى دائرة الاستخبارات الوطنية في روهيرو، حيث تعرضت للإهانة والتخويف. وأهان مفوض الشرطة ج. ن. صاحبة البلاغ والنساء الأخريات إهانة جسيمة وسألهن عما يدره اشتغالهن بالجنس من دخل يومي. وفي حوالي الساعة العاشرة مساءً نقلت صاحبة البلاغ أخيراً إلى مستوصف الأمير لوي - رواغاسور، وذلك، نتيجة لضغوط من منظمة من منظمات المجتمع المدني لم تحددها صاحبة البلاغ.

2 - 4 وفي المستوصف، كانت غرفة صاحبة البلاغ خاضعة للحراسة ليلاً نهاراً من جانب أربعة ضباط شرطة من فرقة البحث والتدخل القضائي. ولم تتمكن من تلقي زيارات من أسرتها في يومها الأول في المستشفى. ولم تتمكن أسرتها من زيارتها إلا في اليوم التالي، أي 9 آذار/مارس 2014 ، وذلك بفضل الضغوط التي مارستها منظمات المجتمع المدني والرسائل التي نقلتها وسائط الإعلام. وكان ضباط الشرطة موجودين على الدوام أثناء هذه الزيارات.

2 - 5 ولم تتلق صاحبة البلاغ الرعاية المناسبة لأن الطاقم الطبي لم يعتني بها جيداً خوفاً من انتقام الشرطة التي كانت تراقبها باستمرار. ولم تتمكن صاحبة البلاغ من الحصول على إذن بالخضوع لفحص بالأشعة السينية في مستشفى آخر إلا في 17 آذار/مارس 2014 . ورغم الطلبين اللذين قدمهما محامي صاحبة البلاغ في 30 آذار/مارس و 15 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، فإنه لم يتلق قط أي نسخة من الوثائق المدرجة في ملفها الطبي، ولا سيما سجل المستشفى وأي فحوص أجريت وبطاقة خروجها من المستشفى، التي كانت ستكون مفيدة في سياق الدعوى التي كانت صاحبة البلاغ ترغب في رفعها.

2 - 6 وفي 21 آذار/مارس 2014 ، ذهب المدعي العام لبوجومبورا إلى المستشفى وأطلع صاحبة البلاغ على أُمر بإلقاء القبض عليها، دون أن يعطيها نسخة منه، وأبلغها باعتقالها. وأُجبرت صاحبة البلاغ على الخروج من المستشفى، على كرسي متحرك، واقتيدت إلى النيابة العامة للجمهورية في بوجومبورا، حيث استجوبت واحتجزت في زنزانة لعدة ساعات، رغم إصابتها بجروح عميقة وواضحة، قبل نقلها إلى سجن مبيمبا المركزي. ولم تُتح لصاحبة البلاغ إمكانية الاستعانة بمحام أثناء استجوابها ( ) .

2 - 7 وأُجبرت صاحبة البلاغ، خلال فترة احتجازها في السجن، على النوم في سرير صغير مع سجينة أُخرى في زنزانة تضم 46 امرأة أخرى. وكان الطعام قليلاً ورديئاً، مما هيّأ، إلى جانب اكتظاظ السجن، ظروفاً مؤاتية لانتشار الأمراض المعدية، الأمر الذي سبب مشاكل خطيرة لصاحبة البلاغ.

2 - 8 وظلت صاحبة البلاغ محتجزة في سجن مبيمبا حتى 12 حزيران/يونيه 2015 ، عندما استدعت مشاكلها الصحية الخطيرة أخذها إلى قسم الطوارئ، وذلك بفضل تدخل رابطة حماية حقوق الإنسان والأشخاص المحتجزين واللجنة الدولية للصليب الأحمر ( ) . وظلت صاحبة البلاغ في المستشفى حتى 24 حزيران/يونيه 201 5 ، لا سيما لتزويدها بالعلاج المناسب لمرض السكري، وهو مرض لم تكن مصابة به قبل احتجازها.

2 - 9 وفي 24 حزيران/يونيه 2015 ، غادرت صاحبة البلاغ المستشفى بنية الهروب من بوروندي. وفي 9 تموز/يوليه 2015 ، مُنحت صفة لاجئة في رواندا. وفي 15 شباط/فبراير 2016 ، حكمت عليها المحكمة العليا في بوجومبورا بالسجن ثلاث سنوات وستة أشهر بتهمة التمرد.

2 - 10 ولم تكتف صاحبة البلاغ بالإبلاغ عما تعرضت له من تعذيب أثناء الدعوى التي رُفعت ضدها ( ) ، ولكن أيضاً من خلال الشكوى الرسمية التي قُدمت، في 14 آذار/مارس 2014 ، إلى مكتب المدعي العام في بوجومبورا، باسم صاحبة البلاغ وغيرها من أعضاء حركة التضامن والديمقراطية ممن تعرضوا للمعاملة نفسها. ورغم إيداع العديد من الشكاوى، لم تتخذ السلطات أي إجراء بشأن الأفعال المبلغ عنها. ولم تجر السلطات البوروندية أي تحقيق، ولم تُستجوب صاحبة البلاغ قط ولم يتم حتى الاتصال بها فيما يخص أفعال التعذيب التي تعرضت لها والتي كانت مع ذلك معروفة على نطاق واسع. وفي مؤتمر صحفي عقد في 9 أيار/مايو 2014 ، ندد المحامون الذين وقعوا الشكوى بعدم شروع المدعي العام في أي تحقيق في القضية رغم مرور شهرين على تقديم الشكوى وبإجبار الضحايا على مغادرة المستشفى قبل تماثلهم للشفاء التام ( ) . ولاقت القضية، التي كانت صاحبة البلاغ طرفاً فيها، صدى إعلامياً قوياً، على الصعيدين الوطني ( ) والدولي ( ) . وعلاوة على ذلك، لم تعاقب الدولة الطرف قط الأشخاص المسؤولين عن هذه الانتهاكات، رغم تحديد هوياتهم تحديداً صريحاً في الشكوى.

2 - 11 وإلى جانب رفض السلطات رفضاً واضحاً تحديد المسؤولية في هذه القضية، تشير صاحبة البلاغ إلى حالة الإفلات من العقاب السائدة في بوروندي، ولا سيما فيما يتعلق بأفعال التعذيب، وهي حالة تناولتها تقارير عديدة صادرة عن هيئات تابعة للأمم المتحدة ( ) . وعلاوة على ذلك، أعربت اللجنة في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الأولي لبوروندي الذي اعتمد في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 عن قلقها إزاء تبعية السلطة القضائية، بحكم الواقع، للسلطة التنفيذية ( ) . وفيما بعد، أعربت اللجنة في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الثاني لبوروندي عن قلقها إزاء ضعف وبطء وتيرة التحقيقات والملاحقات القضائية، مما يؤكد الادعاءات التي تشير إلى حالة الإفلات من العقاب السائدة فيما يخص مرتكبي أفعال التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء، الذين يشملون على وجه الخصوص، الشرطة الوطنية البوروندية وجهاز الاستخبارات الوطني ( ) . وأخيرا، أكدت اللجنة في ملاحظاتها الختامية المؤرخة آب/أغسطس 2016 على التقرير الخاص المقدم من بوروندي، أنه ينبغي لبوروندي أن تنهي الإفلات من العقاب وأن تكفل التحقيق الفوري والفعال والمحايد في جميع حالات وادعاءات التعذيب وسوء المعاملة ( ) .

2 - 12 وبناء على ذلك، تدفع صاحبة البلاغ بما يلي: (أ) أن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم توفر لها أي ترضية لأن السلطات لم ترد على شكاواها في حين أنه كان ينبغي لها أن تفتح تحقيقاً جنائياً على أساس ادعاءاتها؛ (ب) أن سبل الانتصاف هذه تأخرت إلى حد غير معقول، إذ لم يُفتح بعد أي تحقيق في البلاغ الذي قدمته في 14 آذار/مارس 2014 والذي تدعي فيه تعرضها لأفعال تعذيب، رغم مرور ثلاث سنوات وأربعة أشهر على تقديمه؛ (ج) أن اتخاذ أي إجراءات أخرى قد يعرضها للخطر، لأنها فرت من بوروندي مع أسرتها بينما كانت رهن الاحتجاز ولأن الأشخاص المسؤولين عن أفعال التعذيب تلك هم ضباط شرطة وأشخاص مقربون من الحكومة القائمة.

الشكوى

3 - 1 تدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاك بوروندي حقوقها التي تكفلها المواد 2 ( الفقرة 1 ) و 11 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، ثم مع المادة 16 من الاتفاقية، والمادة 16 من الاتفاقية منفردة.

3 - 2 ووفقا ً لصاحبة البلاغ، فإن الإيذاء الجسماني الذي تعرضت له سبب لها ألماً ومعاناةً شديدين لا يز ا لا يؤثران على صحتها البدنية والنفسية حتى اليوم. ومن بين الآثار الناجمة عن التعذيب الذي تعرضت ل ه في آذار/مارس 2014 ، تعاني صاحبة البلاغ من ألم جسماني وأيضاً من القلق والأرق والهلوسة والاضطرابات الاكتئابية ( ) . وقد قصد ضباط الشرطة الذين ضربوها بعنف التسبب في هذه المعاناة: فقد ضربوها في أشد مناطق جسد المرأة حساسية، مثل الظهر وأسفل الظهر والثديين. وبالإضافة إلى ذلك، منعت صاحبة البلاغ من الحصول على رعاية أفراد الصليب الأحمر الذين كانوا موجودين في مكان الحادث، وبدلا من نقلها إلى المستشفى على وجه السرعة لكي تتلقى العلاج الطبي الذي كانت تحتاجه على ما يبدو، نُقلت إلى جهاز الاستخبارات الوطني، حيث تعرضت للإهانة والتخويف. وكان الهدف من أفعال التعذيب هذه التي أرتكبها ضباط الشرطة الوطنية هو تخويفها ومعاقبتها والضغط عليها بسبب انتمائها السياسي. ولذا، تؤكد صاحبة البلاغ أن هذا الإيذاء الجسماني يشكل أفعال تعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية.

3 - 3 وبموجب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، تدفع صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف لم تتخذ تدابير فعالة لمنع ارتكاب أفعال تعذيب في الأراضي الخاضعة لولايتها القضائية. وعلى وجه الخصوص، لم تتلق صاحبة الشكوى طوال فترة احتجازها الرعاية الكافية. بل على العكس من ذلك، ساهم وجود ضباط شرطة في المستشفى وسوء ظروف الاحتجاز في سجن مبيمبا في تدهور حالتها الصحية البدنية والنفسية. ولم تتمكن صاحبة البلاغ من الاستعانة بمحام إلا في جلسة سماع الدعوى التي عُقدت في الدائرة الاستشارية في 25 نيسان/أبريل 2014 ، أي بعد أكثر من شهر ونصف من اعتقالها، ولم يُسمح لها بالاستعانة بمحام أثناء استجوابها في النيابة العامة في 21 آذار/مارس 2014 . وعلاوة على ذلك، ورغم الادعاءات التي ساقتها صاحبة البالغ والشكوى الرسمية التي قدمتها، لم تف الدولة الطرف بالتزاماتها بالتحقيق في أفعال التعذيب التي تعرضت لها صحابة البلاغ وبتقديم المسؤولين عن هذه الأفعال إلى العدالة. وأخيراً، تشير صاحبة البلاغ إلى أن القانون البوروندي ينص على سقوط أفعال التعذيب بالتقادم بعد مرور عشرين أو ثلاثين سنة على ارتكابها بحسب ملابسات ارتكابها، ما لم تُرتكب هذه الأفعال في سياق جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية ( ) . وبناء على ذلك، تؤكد صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تعتمد أي تدابير، سواءً كانت تشريعية أم لا، من التدابير التي تقتضيها الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية.

3 - 4 واستنادا ً إلى المادة 11 من الاتفاقية والممارسة التي تتبعها اللجنة ( ) ، تفيد صاحبة البلاغ بأنها لم تتلق الرعاية الكافية رغم حالتها الحرجة وقت إلقاء القبض عليها. فقد أُلقي القبض عليها دون إبلاغها بالتهم الموجهة إليها، ولم تُتح لها سبل انتصاف فعالة للطعن في أفعال التعذيب تلك، وكانت محتجزة في ظروف يرثى لها في سجن مبيمبا، على الرغم من حالتها الصحية الحرجة.

3 - 5 وعلاوة على ذلك، تدفع صاحبة البلاغ بأن السلطات البوروندية لم تجر تحقيقاً سريعاً وفعالاً في أفعال التعذيب التي تعرضت لها رغم علمها بها من خلال الشكوى التي قدمتها صاحبة البلاغ في 14 آذار/مارس 2014 والادعاءات التي ساقتها أثناء جلسة سماع الدعوى في 25 نيسان/أبريل 2014 ، الأمر الذي يشكل انتهاكاً للالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية. وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم تحترم حقها في تقديم شكوى بغرض النظر على نحو فوري ونزيه في الوقائع المزعومة، منتهكة بذلك المادة 13 من الاتفاقية.

3 - 6 وبحرمان صاحبة البلاغ من الإجراءات الجنائية، حرمتها الدولة الطرف أيضاً من أي تعويض عن التعرض لجرائم خطيرة من قبيل التعذيب. وبالإضافة إلى ذلك، لم تستفد صاحبة البلاغ من أي تدابير لإعادة التأهيل في أعقاب ما تعرضت له من تعذيب بهدف إعادة تأهيلها على أكمل وجه ممكن، بدنياً ونفسياً واجتماعياً ومالياً. وفي ضوء عدم مبالاة السلطات القضائية، لا يوجد أي احتمال موضوعي أن تتكلل سبل الانتصاف الأخرى، مثل رفع دعوى مدنية للحصول على تعويض، بالنجاح. فقلما تتخذ السلطات البوروندية تدابير لتعويض ضحايا التعذيب، وهي مسألة أشارت إليها اللجنة من قبل في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الأولي للدولة الطرف في عام 2006 ( ) . وفي عام 2014 ، أعربت اللجنة، في معرض إحاطتها علماً بأن قانون الإجراءات الجنائية الجديد في بوروندي ينص على تعويض ضحايا التعذيب، عن قلقها لأن عدم تنفيذ أحكام هذا القانون يشكل انتهاكاً للمادة 14 من الاتفاقية ( ) . وأخيرا، أكدت اللجنة مجدداً، في عام 2016 ، أن الدول الأطراف ملزمة بضمان حصول ضحايا التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على تعويضات كافية ( ) . ومن ثم، فإن السلطات البوروندية لم تمتثل لالتزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية لأن الانتهاكات المرتكبة في حق صاحبة البلاغ ظلت بلا عقاب بسبب عدم مبالاة الدولة، من جهة، ولأن صاحبة البلاغ لم تتلق أي تعويض ولم تستفد من أي تدابير إعادة تأهيل، من جهة أخرى.

3 - 7 وتؤكد صاحبة البلاغ مجدداً أن أعمال العنف التي تعرضت لها هي أفعال تعذيب وفقاً للتعريف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية. أما إذا اعتبرت اللجنة أن هذا العنف لا يعد بمثابة تعذيب، فتؤكد صاحبة البلاغ أن الإيذاء الجسماني الذي تعرضت له يعد بمثابة معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة وأن الدولة الطرف ملزمة أيضاً، بموجب المادة 16 من الاتفاقية، بمنع الموظفين الحكوميين وقمعهم من ارتكاب أفعال من هذا القبيل أو التحريض عليها أو السكوت عنها. وعلاوة على ذلك، تذكّر صاحبة البلاغ بظروف الاحتجاز التي فُرضت عليها في زنزانات جهاز الاستخبارات ثم في سجن مبيمبا. وتشير صاحبة البلاغ مرة أخرى إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الأولي لبوروندي، التي رأت اللجنة فيها أن ظروف الاحتجاز في بوروندي تعد بمثابة معاملة لا إنسانية ومهينة ( ) . وأخيراً، تذكِّر صاحبة البلاغ بأنها لم تتلق أي رعاية طبية خلال احتجازها رغم حالتها الحرجة، وتستنتج من ذلك أن ظروف الاحتجاز التي تعرضت لها تشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية.

عدم تعاون الدولة الطرف

4 - في 20 أيلول/سبتمبر 2017 وفي 19 حزيران/يونيه و 15 تشرين الثاني/نوفمبر و 17 كانون الأول/ديسمبر 2019 ، دُعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي رد، وتعرب عن أسفها لعدم تعاون الدولة الطرف في تقديم ملاحظاتها على هذه الشكوى ( ) . وتذكِّر اللجنة بأن الدولة الطرف المعنية ملزمة، بموجب الاتفاقية، بموافاة اللجنة بتفسيرات أو بيانات كتابية توضح الأمر ووسائل الانتصاف التي اتخذتها تلك الدولة، إن وجدت. وفي حال عدم ورود رد من الدولة الطرف، يجب إيلاء الاهتمام الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ، وهي ادعاءات مدعومة بما يكفي من الأدلة.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تيقنت اللجنة، بمقتضى الفقرة 5 ( أ ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها حالياً في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5 - 2 ونظراً لعدم وجود أي أسباب أخرى تحول دون قبول البلاغ، تشرع اللجنة في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات التي ساقتها صاحبة البلاغ بموجب المادتين 1 و 2 ( الفقرة 1 ) والمواد من 11 إلى 14 والمادة 16 من الاتفاقية.

الأسس الموضوعية

6 - 1 عملاً بالفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان. وبما أن الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية، فإنه ينبغي إيلاء المصداقية الواجبة للادعاءات التي ساقتها صاحبة البلاغ.

6 - 2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أنها تعرضت للضرب على يد ضباط الشرطة الذين ضربوها ضربا مبرحاً على جميع أنحاء جسدها بأعقاب بنادقهم وهراواتهم، كما ركلوها على رأسها وظهرها وبطنها. وتلاحظ اللجنة أيضا ً ما يلي: (أ) أن ضباط الشرطة احتجزوا صاحبة البلاغ أمام مكتب حركة التضامن والديمقراطية لأكثر من ساعتين بينما كانت تنزف من رأسها وعنقها وذراعيها وأجزاء أخرى من جسدها تعرضت للضرب عليها من قبل الشرطة؛ (ب) أن الشرطة لم تسمح لأفراد الصليب الأحمر البوروندي بتقديم الرعاية لصاحبة البلاغ؛ (ج) أن صاحبة البلاغ لم تُنقل إلى المستشفى وإنما إلى جهاز الاستخبارات الوطني، حيث تعرضت للإهانة والتخويف؛ (د) أن صاحبة البلاغ لم تُنقل إلى المستشفى إلا بعد ضغوط من إحدى منظمات المجتمع المدني. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المستشفى لم يمتثل لطلبات محامي صاحبة البلاغ تزويدها بملفها الطبي لكي تتمكن من موافاة السلطات بأدلة على ما تعرضت له من إيذاء جسماني. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحبة البلاغ أن الضرب الذي تعرضت له سبب لها ألماً ومعاناة شديدين، بما في ذلك معاناة نفسية ومعنوية، وأن الموظفين الحكوميين ضربوها عنوةً بغرض معاقبتها وتخويفها. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تطعن في هذه الادعاءات. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع، كما عرضتها صاحبة البلاغ، تشكل تعذيبا بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

6 - 3 وتحتج صاحب البلاغ أيضاً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية التي تقتضي بأن تتخذ الدولة الطرف تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع وقوع أفعال تعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي. وفي هذا الصدد، تُذكّر اللجنة باستنتاجاتها وتوصياتها التي قدمتها في ملاحظاتها على التقرير الأولي لبوروندي، والتي حثت فيها الدولة الطرف على اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية فعالة لمنع أي فعل من أفعال التعذيب وسوء المعاملة، واتخاذ تدابير عاجلة لكي تخضع جميع أماكن الاحتجاز للسلطة القضائية من أجل منع موظفيها من اللجوء إلى الاحتجاز التعسفي وممارسة التعذيب ( ) . وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحبة البلاغ أنها تعرضت للضرب على يد ضباط الشرطة ثم احتجزت دون أمر قبض، ودون أساس قانوني، ودون أن تتح لها، على مدى أكثر من شهر ونصف، إمكانية الاستعانة بمحام للدفاع عنها، وهي فترة ظلت خلالها خارج نطاق حماية القانون. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير لحماية صاحبة البلاغ إلى أن تدخلت منظمات غير حكومية لدعمها. وأخيرا، لم تتخذ سلطات الدولة أي تدابير للتحقيق في أفعال التعذيب التي تعرضت لها صاحبة البلاغ وفرض العقوبات اللازمة، رغم الشكاوى التي قدمتها صاحبة البلاغ مراراً في هذا الصدد. وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 2 من المادة 1 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ‬ ( ) .

6 - 4 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبة البلاغ أن أحكام المادة 11 انتُهكت لأن الدولة الطرف لم تراقب على النحو الواجب طريقة معاملتها أثناء احتجازها. وتدعي صاحبة البلاغ، على وجه الخصوص، ما يلي: (أ) أنها لم تتلق الرعاية الكافية رغم حالتها الحرجة وقت إلقاء القبض عليها؛ (ب) أن إمكانية الاستعانة بمحام لم تُتح لها إلا بعد مرور شهر ونصف على اعتقالها، ولم يُسمح لها بالاستعانة بمحام أثناء استجوابها في النيابة العامة في 21 آذار/مارس 2014 ؛ (ج) أنه أُلقي القبض عليها دون إبلاغها بالتهم الموجهة إليها؛ (د) أنه لم تُتح لها سبل انتصاف فعالة للطعن في أفعال التعذيب التي تعرضت لها، (ه) أنها احتُجزت في ”ظروف يرثى لها“ في سجن مبيمبا، على الرغم من حالتها الصحية الحرجة. وتذكر اللجنة بملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الثاني لبوروندي، التي أعربت فيها عن قلقها إزاء فرط طول فترة الحبس الاحتياطي، والحالات العديدة لتجاوز فترة الحبس الاحتياطي، وعدم الاحتفاظ بسجلات احتجاز وعدم اكتمالها، وعدم احترام الضمانات القانونية الأساسية للأشخاص مسلوبي الحرية، وعدم وجود أحكام تنص على توفير سبل الوصول إلى طبيب والحصول على المعونة القضائية للأشخاص المعوزين، واللجوء التعسفي للحبس الاحتياطي في ظل عدم وجود رصد منتظم لمدى قانونية هذا الحبس وحدود فترته الإجمالية ( ) . وفي هذه القضية، يبدو أن صاحبة الطلب حُرمت من أي مراقبة قضائية. وبما أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات وجيهة من شأنها أن تثبت أن احتجاز صاحبة البلاغ كان بالفعل خاضعاً لمراقبتها، فإن اللجنة تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 11 من الاتفاقية ( ) .

6 - 5 وفيما يخص المادتين 12 و 13 من الاتفاقية، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ التي تفيد فيها بانها تعرضت، في 8 آذار/مارس 2014 ، للضرب على يد ضباط الشرطة أثناء اقتحامهم مقر حزب حركة التضامن والديمقراطية. ورغم الشكوى التي قدمتها صاحبة البلاغ في 14 آذار/مارس 2014 إلى النائب العام للجمهورية في بوجومبورا، وتنديدها بالتعذيب الذي تعرضت له أمام القاضي خلال جلسة سماع القضية التي عُقدت في الدائرة الاستشارية في 25 نيسان/أبريل 2014 ، فإنه لم يُجر أي تحقيق في ملابسات القضية رغم مرور ست سنوات تقريباً على وقوعها. وترى اللجنة أن الانتظار طيلة هذه الفترة قبل الشروع في أي تحقيق في ادعاءات تعذيب يعتبر بوضوح إجراء تعسفياً. وفي هذا الصدد، تذكر اللجنة بالتزام الدولة الطرف، بموجب المادة 12 من الاتفاقية، بأن تبادر بإجراء تحقيق فوري ونزيه كلما وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد أن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتُكب ( ) . ومن ثم، تلاحظ اللجنة أن أحكام المادة 12 قد انتُهكت في هذه القضية.

6 - 6 وبما أن الدولة الطرف لم تف بهذا الالتزام، فإنها تكون قد أخلّت أيضاً بالمسؤولية الواقعة على عاتقها بموجب المادة 13 من الاتفاقية والمتمثلة في ضمان حق صاحبة البلاغ في رفع دعوى، وهو ما يقتضي ضمناً أن تستجيب السلطات لهذه الدعوى استجابة مناسبة من خلال إجراء تحقيق سريع ونزيه فيها ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن المادة 13 من الاتفاقية قد انتُهِكت أيضاً.

6 - 7 وفيما يتعلق بالادعاءات التي ساقتها صاحبة البلاغ في إطار المادة 14 من الاتفاقية، تذكّر اللجنة بأن أحكام هذه المادة لا تعترف بالحق في تلقي تعويض عادل ومناسب فحسب، بل تُلزم الدول الأطراف أيضاً بضمان جبر ضحية أي فعل من أفعال التعذيب عما لحق بها من ضرر. وتذكر اللجنة بأن الجبر يجب أن يغطي مجموع الأضرار التي لحقت الضحية وأن يشمل، في جملة تدابير أخرى، رد الحق إلى نصابه والتعويض، فضلاً عن تدابير من شأنها أن تضمن عدم تكرار الانتهاكات، مع الحرص دوماً على مراعاة ملابسات كل قضية ( ) . وفي هذه القضية، وبالنظر إلى عدم إجراء تحقيق سريع ونزيه، على الرغم من وجود أدلة مادية واضحة تشير إلى أن صاحبة الشكوى تعرضت لأفعال تعذيب ظلت بلا عقاب، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت أيضاً بالتزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية ( ) .

6 - 8 وفيما يتعلق بالشكوى التي قدمتها صاحبة البلاغ في إطار المادة 16 من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ التي تفيد بأنها احتجزت في الفترة من 21 آذار/مارس 2014 إلى 12 حزيران/يونيه 2015 في سجن مبيمبا المركزي، الذي يتسم باكتظاظه وبسوء الظروف الصحية فيه، مما يشكل معاملةً لا إنسانية ومهينة. وفي ظل عدم ورود أي معلومات وجيهة من الدولة الطرف في هذا الصدد، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع في هذه الحالة تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 16 من الاتفاقية ( ) .

7 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف وقوع انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 2 وللمواد من 11 إلى 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، وكذلك لأحكام المادة 16 من الاتفاقية.

8 - وبما أن الدولة الطرف لم ترد على طلبات اللجنة تقديم ملاحظات على هذه الشكوى، ورفضت، من ثم، التعاون مع اللجنة ومنعتها من النظر بفعالية في عناصر الشكوى، فإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تقرر أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لأحكام المادة 22 من الاتفاقية.

9 - وتحث اللجنة، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، الدولة الطرف على الشروع فوراً في تحقيق نزيه في الوقائع المذكورة، بغرض مقاضاة الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا متورطين في المعاملة التي تعرضت لها الضحية، وعلى إبلاغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها، بما اتخذته من تدابير استجابة للآراء الواردة أعلاه، بما في ذلك تقديم تعويض مناسب وعادل يتضمن الوسائل اللازمة لإعادة تأهيل الضحية على أكمل وجه ممكن.