الأمم المتحدة

CRPD/C/20/D/23/2014

اتفاق ية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

Distr.: General

30 October 2018

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 23/2014 * **

البلاغ المقدم من: ي . (يمثله المحامي الذي طلب عدم ذكر اسمه)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية تنزانيا المتحدة

تاريخ تقديم البلاغ: 23 حزيران/ يونيه 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 70 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 24 تموز/يوليه ٢٠١٤ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٣١ آب/أغسطس ٢٠١٨

الموضوع: التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ التمييز ضد الأشخاص المصابين بالمهق

المسائل الإجرائية: المقبولية - استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ الاختصاص الموضوعي

المسائل الموضوعية: المهق؛ التمييز على أساس الإعاقة؛ التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ انتهاك الحق في احترام السلامة العقلية والفكرية

مواد الاتفاقية : ١ و ٤ و٥ و7 و8 و14و 15و 16 و17 و٢٤

مواد البروتوكول الاختياري: ٢

١-١ صاحب البلاغ هو ي . ، وهو مواطن من جمهورية تنزانيا المتحدة مولود في عام 1999 ومصاب بالمهق. ويمثل صاحب البلاغ محام ( ) . ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف حقوقَه المنصوص عليها في المواد 4 و5 و7 و8 و14 و15 و16 و17 و24 من العهد. ‬ وقد صد ّقت جمهورية تنزانيا المتحدة على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2009.

١- ٢ وفي 23 أيلول/سبتمبر 2014، قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية هذا البلاغ، وطلبت النظر في مقبوليته بصورة منفصلة عن أسسه الموضوعية. وفي ١٢ أيار/مايو ٢٠١٥ ، رُفض طلب الدولة الطرف فصل المقبولية عن الأسس الموضوعية.

ألف- موجز المعلومات والحجج التي قدمها الطرفان

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢- ١ ولد صاحب البلاغ في عام 1999. وهو من قرية نيار و غ وغ ونا ، الواقعة في منطقة غيتا في جمهورية تنزانيا المتحدة. وقد أصيب هو وشقيقه بالمهق. ونتيجة لذلك، أهملتهما الأسرة وتخلت عنهما. ومنذ ذلك الحين، وهما برعاية منظمة محلية غير حكومية، تدعى "تحت شمس واحدة" ( ) .

٢-٢ وفي عام ٢٠٠٨، ونظراً إلى التصعيد في عمليات القتل والعنف المرتكبة ضد الأشخاص المصابين بالمهق، صار صاحب البلاغ وشقيقه يخشيان التعرض للقتل. ولذلك، توقفا عن الذهاب إلى المدرسة الابتدائية في نيانغهيل ، التي كانت على بعد أميال من منزلهما، وكان الوصول إليها يقتضي منهما القيام برحلة طويلة عبر أدغال كثيفة يمكن أن يتعرضا خلالها للاعتداء عليهما بسهولة.

٢-٣ وفي تاريخ غير محدد في عام ٢٠١٠، عندما لم يك ن صاحب البلاغ يبلغ من العمر سوى ١١ عاماً، حلق له جاره شعره بالقوة. ولم تحقق الدولة الطرف في المسألة ولم يحاكم الجار قط ( ) .

٢- ٤ وفي ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، عندما كان صاحب البلاغ في الثانية عشرة من عمره هاجمه رجل بالساطور في منطقة غيتا، وانتزع ثلاثة أصابع من كفه اليمنى. وقطع الرجل الذي هاجمه أيضاً كتفه اليسرى بالساطور، وتركه في حالة لا يقدر فيها على استخدام كفه اليمنى وذراعه الأيسر. واستطاع صاحب البلاغ التخلص من قبضة الشخص الذي هاجمه بعد أن عضّ أعضائه التناسلية. وتُرك مدمى بجراحه أمام منزله. ولم تقدم الدولة الطرف إلى صاحب البلاغ أي مساعدة طبية أو خدمة لإعادة تأهيله. وفي مرحلة لاحقة في عام ٢٠١٢، أعادت منظمة تحت شمس واحدة صاحب البلاغ إلى المدرسة. ومع ذلك، وبعد مضي سنتين دون الحصول على تعليم رسمي، واجه صاحب البلاغ صعوبات كبيرة في القراءة والكتابة ولا يزال غير قادر على القيام بذلك على النحو السليم.

٢- ٥ وبدأت الدولة الطرف تحقيقاً في هذه الجريمة التي تعرّض لها صاحب البلاغ. وفي ١٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، استناداً إلى شهادة صاحب البلاغ وبعض جيرانه، احتُجز ثلاثة أشخاص واقتيدوا إلى المحكمة وهم ر. ت. والد صاحب البلاغ البيولوجي، وأ . م. زوجة أبيه، وم . أ. عمه. وفي ١٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، مثُل الأشخاص الثلاثة أمام المحكمة الجزئية في غيتا على محاولة الشروع في قتل صاحب البلاغ وعلى أعمال العنف.

٢- ٦ وفي حزيران/ يونيه ٢٠١٢، أسقط مدير النيابة العامة التهم الموجهة إلى ر. ت. وأ . م. وم . أ. لعدم كفاية الأدلة. وأبلغ المدعي العام للدولة المحكمة بأنه يلزم مزيد من الوقت للانتهاء من التحقيق، ولكن لم يتم عمل أي شيء لتحقيق تلك الغاية. وانتظر صاحب البلاغ عامين قبل تقديم بلاغه إلى اللجنة، دون أية إمكانية للانتصاف من السلطات المحلية. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى أنه من بين 72 حالة من حالات القتل العمد الموثقة في جمهورية تنزانيا المتحدة منذ عام 2000، هناك 5 حالات فقط أفضت إلى نجاح الملاحقات القضائية ( ) . وفي الغالبية العظمى من الحالات، فإن سلطات الدولة الطرف لم تجر تحقيقات ولم تحاكم الجناة بحجة ادعاءات عدم كفاية الأدلة، وبذلك فهي تبقي على ظاهرة الإفلات من العقاب وتشجع الجناة على إدامة اضطهاد الأشخاص المصابين بالمهق والتمييز ضدهم وقتلهم ( ) .

٢- ٧ ووفقا ً للإحصاءات التي قدمها صاحب البلاغ، فإن عدد الأشخاص المصابين بالمهق في جمهورية تنزانيا المتحدة يقدّر بأكثر من ٠٠٠ ٢٠٠ شخص ( ) . وهو يدعي أن الأشخاص المصابين بالمهق يعانون أشكالاً مختلفة من الاضطهاد والتمييز، يستند الكثير منها إلى خرافات عميقة الجذور ( ) .

٢- ٨ ويدفع صاحب البلاغ بأنه تعرض لهجوم بسبب الاعتقاد السائد بأن أعضاء جسم المصاب بالمهق توفر الثروة والازدهار. وينتشر هذا الاعتقاد على نطاق واسع في جمهورية تنزانيا المتحدة وقد أدى إلى زيادة في اضطهاد الأشخاص المصابين بالمهق لإمداد السوق السوداء التي تتداول أعضاء جسم هؤلاء الأشخاص. ويتزايد استهداف الأطفال، لأنه يعتقد أن لهم أرواحاً بريئة وأن القوى السحرية لأعضاء جسمهم ستكون أكبر في توفير الثروة ( ) . وقد اشتملت الاعتداءات المبلغ عنها في عامي ٢٠١١ و ٢٠١٢، على سبعة أطفال، كان أصغرهم عمره سبعة أشهر. ويدفع صاحب البلاغ بأن حياة الأشخاص المصابين بالمهق وسلامتهم البدنية معرضتان للخطر على الدوام في جمهورية تنزانيا المتحدة ( ) .

الشكوى

3- 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 4 و5 و7 و8 و14 و15 و16 و17 و24 من الاتفاقية. ويدعي أن الدولة الطرف لم توفر له الحماية التي كان يحتاج إليها عندما كان طفلاً مصاباً بالمهق، ولذلك فإنها جعلته معرضاً بشكل دائم لخطر الاعتداء عليه. و هذه الممارسات معروفة للدولة الطرف، ولكنها لم تتخذ أي إجراء لحماية الأطفال والشباب المصابين بالمهق الذين هم في حالة ضعف شديد. ولذلك، يؤكد صاحب البلاغ أن عدم تدخل الدولة الطرف في قضية صاحب البلاغ يعد انتهاكاً لأحكام المادة ٤ من الاتفاقية.‬‬‬‬‬‬‬

٣- ٢ ويدعي صاحب البلاغ أيضا أن الدولة الطرف لم تتخذ خطوات معقولة تكفل عدم تعرض الأشخاص المصابين بالمهق للتمييز على أساس إعاقتهم. ويدفع صاحب البلاغ بأن الأطفال المصابين بالمهق الذين يعيشون في جمهورية تنزانيا المتحدة، يعانون من الإذلال والإهانة والتهميش. وإن عدم قيام الدولة الطرف بإجراء تحقيقات فعالة في قضيته وفي قضايا مماثلة، ومحاكمة مرتكبيها، يعدّ انتهاكاً لحقه في المساواة وعدم ال تمييز، ما يشكل انتهاكا ً للمادة ٥ (٢) و(٣) من الاتفاقية.

٣- ٣ ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم توفر بيئة آمنة ومأمونة، كما لم تكفل توفير الحماية للأشخاص المصابين بالمهق من الاعتداءات والعنف والتهديدات وأي أشكال أخرى من أشكال التخويف. وقد تركت الدولة الطرف الأشخاص المصابين بالمهق تحت رحمة كل من يريد مطاردتهم للحصول على أعضاء جسمهم. ويدفع صاحب البلاغ بأنه، بوصفه طفلاً مصاباً بالمهق، لم تف الدولة الطرف في قضيته بالتزاماتها بتوفير الأمن وحماية الكرامة الإنسانية للأطفال ذوي الإعاقة، مما يشكل انتهاكا ً لحقوقه بموجب المادة ٧ من الاتفاقية.

٣- ٤ ويحاج صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير المناسبة لإذكاء الوعي في المجتمع بأسره بشأن الأشخاص المصابين بالمهق. وعلاوة على ذلك، فإن الدولة الطرف لم توفر لصاحب البلاغ أي شكل من أشكال المساعدة الطبية أو إعادة التأهيل. ولذلك، يخلص صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة في المادة 8 من الاتفاقية.

٣- ٥ ويدعي صاحب البلاغ أن الخطر الدائم الذي يواجهه ، من دون أن تتخذ الدولة الطرف أي تدبير في شأنه، أجبره على التوقف عن الذهاب إلى المدرسة ومن ثم منعه من التمتع بحقه في التعليم. ويرى صاحب البلاغ أن عدم توفير سلطات الدولة الطرف الحماية هو بمثاب ة انتهاك لحقوقه بموجب المادة ٢٤ (١) من الاتفاقية.

٣- ٦ ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن عدم قيام الدولة الطرف باتخاذ الخطوات اللازمة لتقديم مرتكبي الاعتداءات التي تعرض لها إلى العدالة في عامي ٢٠١٠ و٢٠١١ قد انتهك حقه في اللجوء إلى العدالة والتمتع بالحماية. ولذلك، يخلص صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة في المادة 13 من الاتفاقية.

٣- ٧ وعلاوة على ذلك، يرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم توفر الحماية من العنف والتعذيب. وحتى عندما تكون سلطات الدولة الطرف على علم بالاضطهاد الذي يتعرض له الأشخاص المصابون بالمهق في جمهورية تنزانيا المتحدة، فإنها لم تتخذ التدابير المناسبة للحد من الانتهاكات الجسدية والعاطفية والنفسية المحددة الهدف التي يعانون منها. وهذه الحالة مستمرة على الرغم من أن مجلس حقوق الإنسان ( ) حث الدول الأطراف في عام ٢٠١٣ على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان توفير حماية فعالة للأشخاص المصابين بالمهق وأفراد أسرهم. ويرى صاحب البلاغ أن الاعتداءات التي تعرّض لها هي نتيجة مباشرة لعدم تدخل سلطات الدولة الطرف بشأن هذه المسألة، إضافة إلى عدم إجرائها تحقيقات في تلك الاعتداءات، ما يعد انتهاكاً للمادتين ١٥ و١٦ من الاتفاقية.

٣- ٨ ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن حقه في الحفاظ على سلامته البدنية والعقلية لم يحترم، نتيجة لذلك، وعليه فقد انتهكت سلطات الدولة الطرف التزاماتها بموجب المادة ١٧ من الاتفاقية.

٣- ٩ وفيما يتعلق بمسألة اضطراره إلى التوقف عن الذهاب إلى المدرسة سعياً إلى الهروب من العنف وانعدام الأمن، يدعي صاحب البلاغ أنه حرم من التمتع بالحق في التعليم لمدة سنتين قبل أن يحظى برعاية منظمة "تحت شمس واحدة". ولذلك، فإنه يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه ال مكفولة بموجب المادة 24 (1) من الاتفاقية.

٣- ١٠ ويدعي صاحب البلاغ أن جهوداً كبيرة قد بذلت لاستنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. بيد أن الدولة الطرف لم تجر تحقيقات فعالة في الاعتداءات التي تعرض لها صاحب البلاغ في عامي ٢٠١٠ و٢٠١١ والتي أبلغ عنها الشرطة. ويشير إلى أنه في حزيران/ يونيه ٢٠١٢، قرر مدير النيابة العامة إسقاط التهم الموجهة إلى ثلاثة من المشتبه فيهم لعدم كفاية الأدلة. ويذكر صاحب البلاغ أيضا أن قانون الإجراءات الجنائية ( ) ينص على أن الضحية غير قادرة على الشروع في رفع دعوى شخصية أمام محكمة محلية، أو محكمة جزئية أو محكمة عليا.

٣- ١١ ويدفع صاحب البلاغ بأن شكواه لم تقدم ولم تبحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٤- ١ في ٢٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية هذا البلاغ، وطلبت النظر في المقبولية بصورة منفصلة عن الأسس الموضوعية. وتشير الدولة الطرف إلى الوقائع الرئيسية للشكوى، وتعترف بأن صاحب البلاغ تعرّض للاعتداء في ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١ في منطقة غيتا بسبب تصبغ بشرته.

٤- ٢ وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد جميع سبل الانتصاف ال محلية المتاحة، امتثالا للمادة ٢ (د) من البروتوكول الاختياري للاتفاقية. وتعترض الدولة الطرف على ادعاء صاحب البلاغ بأنها لم تجر تحقيقات فعالة، وتدفع بأن الشرطة فتحت تحقيقاً مباشرة بعد الاعتداء، أي في ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١. وتذكر بأنه في ١٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، ألقي القبض على ثلاثة من المشتبه فيهم واستُدعوا إلى المحكمة الجزئية في غيتا بتهمة محاولة القتل في القضية الجنائية رقم ٤٣/٢٠١١.

٤- ٣ ومع ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يحدد هوية الأشخاص المتهمين، وهم ثلاثة من أفراد أسرته، باعتبارهم المعتدين عليه. ونظرا ً لعدم وجود أدلة أخرى لإقامة صلة بين المتهمين الموقوفين وبين الاعتداء المذكور، أسقط الادعاء التهم بالتخلي عن الملاحقة القضائية وفقا ً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية ( ) . ووفقا للقانون المحلي، يمكن في وقت لاحق البدء من جديد في القضية.

٤- ٤ وتدحض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ بشأن عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة. وتدفع بأن التحقيق في الاعتداء الذي تعرَّض له صاحب البلاغ لا يزال جارياً، وأن الجهود تُبذل من أجل تحديد مكان المعتدين والقبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة. وترى الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ يستند إلى اعتقاد خاطئ بأنها لم تتخذ أي إجراءات في هذا الصدد.

٤- ٥ وفيما يخص حجة صاحب البلاغ بأنه لم يكن قادراً على رفع دعوى شخصية أو متابعتها باعتبار أن القانون الجنائي التنزاني لا ينص على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن هذه الإمكانية متاحة بالفعل بموجب المادة 99 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه لا يوجد دليل على أن صاحب البلاغ حاول اتخاذ هذا الإجراء ولم يفلح في ذلك.

٤- ٦ وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية ينص على إجراء لإنفاذ الحقوق الدستورية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبيل الانتصاف ذاك الذي يتيحه القانون الذي ينص على الجبر عندما تنتهك حقوق الفرد الأساسية لأن الدولة الطرف لم تحقق في الشكاوى على نحو فعال.

٤- ٧ وتدفع الدولة الطرف بأن المحاكم المحلية لم تعتمد بعد قراراً نهائياً بشأن قضية صاحب البلاغ. ولذلك تؤكد من جديد أن بلاغه ينبغي أن يُعتبر غير مقبول لعدم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بالشكاوى المعروضة على اللجنة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٥- ١ في 11 أيار/مايو 2015، أحال صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. ‬ ويدفع بأن قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية ينبغي ألا تُستخدم بوصفها درعاً واقياً من جانب الدول التي لا تعمل على تهيئة بيئة مناسبة من أجل تعزيز حقوق أفرادها وحمايتها وصونها.

٥- ٢ وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب ( ) ، التي تبين ثلاثة معايير رئيسية يمكن الاستدلال عليها من الممارسة التي تتبعها اللجنة في تحديد قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وهي أن سبيل الانتصاف يجب أن يكون متاحاً وفعالاً وكافياً. وتذكر اللجنة أيضاً أن سبيل الانتصاف يُعتبر متاحاً إذا تمكن صاحب البلاغ من السعي إليه من دون عائق، ويُعتبر فعالاً إذا كان يتيح فرصة لتحقيق النجاح، ويُعتبر كافياً إذا كان كفيلاً بمعالجة الشكوى. ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) ، ومفادها أن مقدمي الطلبات ملزمون فقط باستنفاد سبل الانتصاف المحلية التي تكون متاحة من الناحية النظرية والممارسة العملية في الوقت المعني والتي يمكن لهم اللجوء إليها مباشرة بأنفسهم، مما يعني أن سبل الانتصاف يجب أن تكون متاحة، وكفيلة بتوفير التعويض فيما يخص شكاواهم وبإتاحة فرص معقولة لتحقيق النجاح. وحيثما تكون سبل الانتصاف المحلية غير متوافرة، أو تكون مطولة على غير وجه حق أو على نحو غير معقول، أو يُحتمل ألا تحقق جبراً فعالاً، يتعين اللجوء إلى التدابير الدولية. ويرى صاحب البلاغ أن هذا هو الحال بالنسبة إلى أعمال القتل والاعتداءات التي تستهدف المصابين بالمهق، باعتبارها اعتداءات منهجية ومتواصلة في الدولة الطرف، وقد بلغت حد الانتهاك الجسيم لحقوقهم، وتظل دون عقاب.

٥- ٣ وفيما يخص ما دفعت به الدولة الطرف من أنه ألقي القبض على ثلاثة من المشتبه فيهم في ١٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، يؤكد صاحب البلاغ أنه، في أعقاب سحب المدعي العام المسألة بسبب ادعاء عدم وجود أدلة على تجريم الجناة، فإن الدولة الطرف لم تتخذ أي إجراء آخر للتحقيق في قضية صاحب البلاغ. ولذلك يرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب القانون المحلي ( ) وبموجب الاتفاقية بإجراء تحقيقات فعالة ومقاضاة مرتكبي تلك الأفعال.

٥- ٤ ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى السوابق القضائية للجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في قضية غريكو ضد الأرجنتين ، حيث ذكرت اللجنة ما يلي: "إذا كان من مسؤولية صاحب الالتماس في حالة معينة أن يكفل إخطار الدولة على النحو الواجب بالانتهاك المزعوم للاتفاقية، بحيث تتاح لها فرصة ملائمة لمعالجة الشكوى في إطار نظامها القانوني الخاص، فإن الدولة ملزمة بالمضي قدماً في التحقيق في أي جريمة قد تكون موضع ملاحقة قضائية تلقائياً. وفي هذه الحالات، لا يمكن مطالبة صاحب الالتماس باستنفاد سبل الانتصاف المحلية إلا عند شروع الدولة المعنية في التحقيق في الوقائع المزعومة مع بذل العناية الواجبة ومعاقبة أي شخص تثبت مسؤوليته وفقاً لواجباتها بموجب كل من القانون المحلي والاتفاقية" ( ) .

٥- ٥ ويحاج صاحب البلاغ بأنه في حالة جرائم الدعاوى العامة، وحتى في حالة الجرائم التي قد ترتكبها جهة فاعلة خاصة، لا يجوز المطالبة باستنفاد سبل الانتصاف المحلية من الضحية، لأن من واجب الدولة الطرف الحفاظ على النظام العام، ومن ثم وضع نظام القانون الجنائي لإجراء تحقيقات فعالة في تلك الجرائم. ويشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية الإضافية لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان ( ) ، التي تنص على أن الالتزام بإجراء التحقيق "لا بد أن يبلغ هدفاً محدداً ولا بد أن تتولاه الدولة باعتباره من واجباتها القانونية، وليس كخطوة متخذة لخدمة مصالح خاصة تتوقف على مبادرة تتخذها الضحية أو أسرة الضحية أو بناء على عرض الإثبات، أو دون البحث ال فعلي عن الحقيقة من جانب الحكومة . وبعبارة أخرى، فإن الالتزام بإجراء التحقيق ومن ثم المحاكمة ومعاقبة الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان هو واجب من واجبات الدولة غير القابلة للتفويض". ويدعي صاحب البلاغ أنه، في هذه القضية، لم تضطلع الدولة الطرف بإجراءات التحقيق وبالملاحقة القضائية على نحو فعال. بل إنها أنهت التحقيق قبل تحديد هوية الجناة، على نحو ما تفعله عادةً الولايات القضائية المحلية في حالات مماثلة.

٥- ٦ وفيما يتعلق بما ذكرته الدولة الطرف من أن التحقيقات لا تزال جارية لتقديم المعتدين على صاحب البلاغ إلى المحاكمة، يدّعي صاحب البلاغ أنه لا توجد أي علامة تدل على اتخاذ إجراءات ملموسة في هذا الصدد، أو على ظهور أي نتيجة عن عملية التحقيق المشار إليها. ولم يجر الاتصال قط بصاحب البلاغ، كما أنه لم يتلق أي معلومات عن الإجراءات والتحقيقات التي يُزعم أنها جارية.

٥- ٧ وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه كان ينبغي له أن يقدم التماساً بشأن حقوق الإنسان أمام المحاكم التنزانية بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، يؤكد صاحب البلاغ أن هذا الإجراء مرهق ويستغرق وقتاً طويلاً للغاية. وهو يشير إلى السوابق القضائية لهيئات حقوق الإنسان التي جاء فيها أن لا حاجة إلى استنفاد سبل الانتصاف التي تستغرق وقتاً طويلاً دون مبرر، والتي تكون بحكم طبيعتها غير فعالة ( ) . ويدفع أيضاً بأنه حتى في حال عدم وجود قاعدة صلبة وسريعة لتحديد ما إذا كانت سبل الانتصاف تستغرق وقتاً طويلاً دون مبرر، فإن هيئات حقوق الإنسان عادة ما تنظر في سلوك الدول المعنية و في مدى تعقيد القضية لتحديد ما إذا كانت المدة الزمنية معقولة ( ) . ويفيد صاحب البلاغ كذلك بأن مقدمي الطلبات يمكن أن يعتمدوا على هذه القاعدة عندما تكون التحقيقات، كما هو الحال في قضيته، معلقة منذ سنوات دون أي دليل على إحراز تقدم فيها أو عندما تكون الإجراءات القضائية قد طالت سنوات عدة، أو عندما تكون سبل الانتصاف قد استُخدمت "كأدوات لتأخير سير الدعوى" ( ) .

٥- ٨ ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى الطلب المقدم في ٢٠ آذار/مارس ٢٠٠٩ إلى محكمة تنزانيا العليا من أشخاص مصابين بالمهق وقعوا ضحايا لأعمال العنف، مثل " القضية رقم 15 لعام 2009 من قضايا مدنية متنوعة "، بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية. وتنص المادة ٤ من القانون، على أنه يجوز لأي شخص متضرر أن يتقدم بطلب إلى المحكمة العليا للانتصاف، وأن هيئة المحكمة المكلفة بتحديد الأسس الموضوعية للطلب يجب أن تتكون من ثلاثة قضاة. وقُدم الالتماس الدستوري بدعم من مركز الحقوق القانونية وحقوق الإنسان، وجمعية المصابين بالمهق في تنزانيا، واتحاد تنزانيا لمنظمات المعوقين، وبعد مرور أكثر من ست سنوات، لا تزال تلك القضية بانتظار النظر فيها. ويدعي صاحب البلاغ أن ذلك الإجراء يفضي عادة إلى تأخير لا مبرر له لأن العدد المحدود من القضاة في الكثير من الفروع الإقليمية للمحكمة العليا يزيد من تعقيد عملية تشكيل هيئة المحكمة. ولذلك، فقد شهدت تلك القضية تأخيراً مطولاً لا مبرر له ( ) ، وبالتالي، لا يمكن أن تكون المحكمة العليا سبيل انتصاف محلياً متاحاً لصاحب البلاغ.

٥- ٩ ويكرر صاحب البلاغ التأكيد أنه منذ عام ٢٠٠٠، سُجلت زيادة في عدد ونطاق الاعتداءات على الأشخاص المصابين بالمهق في جمهورية تنزانيا المتحدة، ولا يزال الكثير من تلك الاعتداءات غير مبلّغ عنه. ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن الدولة الطرف لم تكن قادرة على محاكمة الأشخاص في القضايا التي بلغت عنها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حتى الآن ( ) ، وبأن النظام القضائي في جمهورية تنزانيا المتحدة غير مجهز للتعامل مع العدد الكبير من القضايا ذات الصلة بالأشخاص المصابين بالمهق ( ) . ويشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة الأفريقية لحقوق الانسان والشعوب، التي تنص على أنه بافتراض وقوع انتهاكات "واسعة النطاق" و"خطيرة" لحقوق الإنسان، تكون الدولة على علم بهذه الانتهاكات، ويتوقع منها أن تتخذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوعها ( ) . ويدفع صاحب البلاغ بأنه، في قضيته، أُخطرت الدولة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق ا لإنسان التي تعرّض لها، لكنها لم تتخذ الخطوات اللازمة للتحقيق في القضية وملاحقة الجناة ومعاقبتهم، ولا لمنع تكرار أعمال العنف المرتكبة ضد الأشخاص المصابين بالمهق في جمهورية تنزانيا المتحدة.

٥- ١٠ ويدفع صاحب البلاغ بأن سبل الانتصاف لا تُعتبر متوافرة إلا إذا كانت متاحة من الناحيتين النظرية وفي الممارسة العملية ( ) ، وإذ كان يمكن السعي إليها دون أي عائق ( ) . ويق ا ل أيضاً إن سبل الانتصاف المحلية لا تكون فعالة إلا عندما تتيح فرصاً لتحقيق النجاح، من قبيل التعويض عن الانتهاكات المزعومة. وفي حالات الانتهاكات الخطيرة، كالانتهاكات المزعومة للحق في الحياة وحظر التعذيب، لا يمكن الادعاء بأن الإجراءات التأديبية أو الإدارية البحتة كافية أو فعالة ( ) . ومن ثم يجب أن تتسم سبل الانتصاف بطابع قضائي، وأن تكون الدول قادرة على تحديد المسؤوليات الجنائية لمرتكبي الانتهاكات. ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه لا يلزم لمقدمي الطلبات استنفاد سبل الانتصاف المحلية "عندما يتبين وجود ممارسة إدارية قائمة على تكرار الأفعال التي تتنافى مع الاتفاقية وعلى تسامح رسمي من جانب سلطات الدولة، وهي بطبيعتها تجعل الإجراءات المذكورة، عديمة الجدوى أو غير فعالة " ( ) .

٥- ١١ ولذا يرى صاحب البلاغ أنه، في الظروف الخاصة بقضيته، لم تكن سبل الانتصاف المحلية متاحة للحصول على انتصاف من الانتهاك الذي تعرض له في الدولة الطرف، ويؤكد أنه حتى إن وجدت، فسوف تكون غير فعالة وغير كافية ( ) . ولذلك فإنه يطلب إلى اللجنة أن تنظر في القضية من حيث الأسس الموضوعية، ويكرر تأكيد أن الأفعال التي كان ضحيتها ومسألة انعدام التحقيق في تلك الأفعال الذي أفضى إلى عدم مقاضاة المسؤولين عنها وتركهم يفلتون بشكل كامل من العقاب يشكلان انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المواد 4 و5 و7 و8 و14 و15 و17 و24 من الاتفاقية.

عدم ردّ الدولة الطرف فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ

٦- طُلب إلى الدولة الطرف أن تقدم ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ في 12 أيار/مايو 2015، و27 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، و4 آذار/مارس 2016، و9 أيار/ مايو 2016. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق هذه المعلومات وتأسف لذلك. وفي حال عدم وجود تعليقات من الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية، يجب على اللجنة ترجيح ادعاءات صاحب البلاغ ما دامت مدعومة بما يكفي من الأدلة ‬ ( )‬‬‬‬‬.

باء- نظر اللجنة في مقبولية البلاغ

٧- ١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري والمادة 65 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب أحكام البروتوكول الاختياري.

٧- ٢ وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 2(ج) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لم يسبق أن نظرت فيها اللجنة أو كانت، أو مازالت، محل دراسة بمقتضى إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧- ٣ وتشير اللجنة إلى الطلب الوارد من الدولة الطرف بأن يُعتبر البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2(د) من البروتوكول الاختياري، بحجة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وأشارت الدولة الطرف على وجه الخصوص إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم قضيته إلى محاكم جمهورية تنزانيا المتحدة بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية. وأشارت الدولة الطرف أيضاً إلى أن صاحب البلاغ كان بإمكانه أن يشرع في دعوى شخصية بموجب القانون الجنائي المحلي. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأن تقديم التماس إلى المحاكم التنزانية بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، فضلا ً عن الشروع في دعاوى شخصية ومتابعتها ضد المعتدين، لا يشكلان سبيلين من سبل الانتصاف الفعالة فيما يتعلق بقضيته. وتلاحظ اللجنة أيضا أن صاحب البلاغ يدفع بأن الشرطة كانت على علم بالاعتداء يوم ارتكابه، وهو ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، وبأنه في اليوم التالي قبض على ثلاثة أفراد من أسرة صاحب البلاغ ومن ثم استدعوا إلى المحكمة كمشتبه فيهم في الاعتداء، وبأن إجراءات الملاحقة القضائية سحبت بموجب المادة ٩٨ من قانون الإجراءات الجنائية لعدم كفاية الأدلة، وأنه منذ ذلك الحين لم يبلغ صاحب البلاغ قط بوجود أي خطوات إضافية اتخذتها سلطات الدولة الطرف للتحقيق في القضية وتقديم الجناة إلى العدالة. وفي هذا السياق، تشير اللجنة إلى أن فعالية سبيل الانتصاف تتوقف على طبيعة الانتهاك المزعوم وخطورته الشديدة ( ) . وتشير اللجنة إلى أنه بموجب الإجراءات الجنائية التنزانية، يجوز للقاضي الذي يستفسر أو ينظر في أي قضية أن يسمح لأي شخص برفع الدعوى، بما يشمل الضحية ( ) . ومع ذلك، عندما تحدث انتهاكات تبلغ درجة من الخطورة مماثلة لتلك التي تعرض لها صاحب البلاغ، فإن المسؤولية الرئيسية عن المقاضاة تظل تقع على عاتق السلطات في الدولة الطرف ( ) ، وتُعتبر تلك الإجراءات واجباً من واجبات الدولة غير القابلة للتفويض والتزاماً عليها بالتحقيق في تلك الانتهاكات ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم ( ) .

٧- ٤ وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه في 20 آذار/مارس ٢٠٠٩، قدم عدد آخر من ضحايا أعمال عنف مماثلة قضاياهم إلى المحكمة الدستورية لجمهورية تنزانيا المتحدة بمقتضى قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، وأنه في وقت النظر في الشكوى الحالية، أي بعد مرور أكثر من تسع سنوات على تقديم القضايا، لم ينظر في المسألة بعد. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة الصعوبات التي تواجهها المحكمة العليا في تشكيل هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة من أجل البت في الأسس الموضوعية لكل طلب مقدم بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية. وفي ظل هذه الظروف، لا ترى اللجنة أن من المعقول اشتراط أن يكون صاحب البلاغ قد توجه إلى المحكمة للشروع في إجراءات إضافية لا يمكن التنبؤ بمدتها، مثل الإجراءات المدنية أو الإجراءات الإضافية المتخذة لدى المحكمة العليا بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية ( ) .

٧- ٥ و تشير اللجنة إلى أن المادة 1 من الاتفاقية، تنص على أن مصطلح الأشخاص ذوي الإعاقة يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، كل من يعانو ن من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن "المهق حالة نادرة نسبياً غير معدية موروثة جينياً تصيب الأشخاص في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن أصلهم العرقي أو نوع الجنس. ‬ وهي تنجم عن نقص كبير في إنتاج صبغة الميلانين، وسِمتها الغياب الجزئي أو الكامل لهذه الصبغة في الجلد والشعر والعينين ... وأكثر هذه الأنواع شيوعاً وبروزاً المهق العيني الجلدي الذي يصيب الجلد والشعر والعينين ... ويؤدّي نقص صبغة الميلانين في العينين إلى حساسية شديدة إزاء الضوء الساطع وإلى إعاقة بصرية كبيرة يتفاوت مستوى حدتها من شخص إلى آخر. ولا يمكن في كثير من الأحيان تصحيح هذه الإعاقة البصرية بشكل تام. وبالإضافة إلى ذلك، يتمثل أحد أخطر آثار المهق الصحية في خطر الإصابة بسرطان الجلد الذي يظل يشكل حالة صحية تهدد حياة معظم الأشخاص المصابين بالمهق" ‬ ( ) . ويقتضي نموذج الإعاقة القائم على حقوق الإنسان مراعاة تنوع الأشخاص ذوي الإعاقة (ديباجة الاتفاقية، الفقرة (ط)) إلى جانب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة والحواجز في المواقف والبيئات (ديباجة الاتفاقية، الفقرة (ه)) ( ) . وفي ضوء ما تقدم، ومع الإشارة إلى أن الدولة الطرف لا تشكك في الاختصاص الموضوعي للجنة لمعالجة شكوى صاحب البلاغ، ترى اللجنة أن من الضروري أن تكرر أن المهق يندرج ضمن تعريف الإعاقة على النحو المنصوص عليه في المادة ١ من الاتفاقية ( ) .

٧- ٦ وفيما يخص الادعاءات التي ساقها صاحب البلاغ في إطار المادة 4 من الاتفاقية، تذكر اللجنة بأنه لا تنشأ عن هذه المادة، من حيث المبدأ، ادعاءات قائمة بذاتها، بالنظر إلى طابعها العام، وأنه لا يمكن الاحتجاج بها إلا بالاقتران مع حقوق موضوعية أخرى مكفولة بموجب الاتفاقية ‬ ( ) . ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 4 مقروءة منفردة غير مقبولة بموجب المادة 2(هـ) من البروتوكول الاختياري.

٧- ٧ وفيما يخص الادعاءات التي ساقها صاحب البلاغ في إطار المادة ١٤ من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة حجة صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير المناسبة والكافية لزيادة الوعي في المجتمع، الأمر الذي أفضى إلى التمييز وانعدام الأمن فيما يخص الأشخاص المصابين بالمهق، وأن الدولة الطرف لم تتخذ أي مبادرة لإنهاء هذه الحالة. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أيضا أن هذه الادعاءات مقدمة بصفة عامة، وأن صاحب البلاغ لم يحرم من حريته بالمعنى المقصود في المادة ١٤ التي تتعلق بأي شكل من أشكا ل احتجاز الأشخاص ذوي الإعاقة أو إيداعهم في مؤسسات إصلاحية ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن هذا الجزء من الشكوى غير مقبول لعدم دعمه بأدلة بموجب المادة 2(هـ) من البروتوكول الاختياري. ‬‬‬‬‬‬

٧- ٨ ونظراً لعدم وجود عوائق أخرى تحول دون مقبولية البلاغ، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول و تشرع في النظر في أسسه الموضوعية .

جيم- نظر اللجنة في الأسس الموضوعية

٨- ١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي تلقتها، وفقاً للمادة 5 من البروتوكول الاختياري و المادة 73 (1) من نظامها الداخلي. وحيث إن الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، فإنه يتعين إعطاء الأهمية الواجبة لادعاءات صاحب البلا غ بقدر ما تكون مؤيَّدة بالأدلة ‬ ( ) .

٨- ٢ وفيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ بموجب المادة ٥ من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى حجته بأنه قد تعرّض للتمييز بسبب إعاقته، وبأن نوع العنف الذي تعرّض له هو ممارسة معممة في الدولة الطرف لا يتأثر بها سوى الأشخاص المصابين بالمهق. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه كان أيضاً ضحية للتمييز على أساس الإعاقة بسبب طريقة التعامل إلى الآن مع أعمال العنف التي تعرض لها المتمثلة في إفلات الجناة من العقاب. وفي هذا الصدد، يدفع صاحب البلاغ بأن الإفلات من العقاب يميّز معظم حالات العنف المرتكبة ضد الأشخاص المصابين بالمهق، حيث إن سلطات الدولة الطرف تعتبر أن الأشخاص المصابين بالمهق مرتبطين بالسحر، الذي يشكل بدوره ممارسة ثقافية مقبولة عموماً ولا تزال هناك أحكام مسبقة كثيرة بشأنها سائدة في المجتمع . وأخيراً، تلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم تتخذ التدابير اللازمة لكفالة إجراء تحقيق فعال وكامل ونزيه ومقاضاة مرتكبي هذه الأفعال، كما تلاحظ عدم اتخاذ أي تدابير لغرض الوقاية أو الحماية في هذا الشأن.

٨- ٣ وتذكر اللجنة بأنه يجب على الدول الأطراف بموجب المادة 5(1) -(3) من الاتفاقية، أن تحرص على أن يكون جميع الأشخاص متساوين أمام القانون وبمقتضاه ولهم الحق دون أي تمييز وعلى قدم المساواة في الحماية والفائدة اللتين يوفرهما القانون، وبأن عليها أن تتخذ جميع الخطوات المناسبة لكفالة توفر ترتيبات تيسيرية معقولة سعياً لتعزيز المساواة والقضاء على التمييز. ‬ وفي هذه القضية، تلا حظ اللجنة أن صاحب البلاغ كان ضحية الجريمة العنيفة التي توفق بين خصائص الممارسة التي تؤثر على الأشخاص المصابين بالمهق دون غيرهم: وقد تعرض في 14 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، عندما كان عمره 12 عاماً، لاعتداء بالساطور من رجل انتزع ثلاثة أصابع من كفه اليمنى. وقطع أيضاً كتفه بالساطور ما منعه من استخدام كل من كفه اليمنى وذراعه الأيسر. ومنذ ذلك الحين، كانت فرص احتكام صاحب البلاغ إلى القضاء محدودة على نحو كبير، حيث يبدو أن السلطات المختصة لم تتخذ أي إجراءات للتحقيق إثر سحب الدعوى الأولى، ولا تزال قضيته تواجه حالة من الإفلات التام من العقاب، بعد مرور أكثر من ست سنوات على الاعتداء الإجرامي الذي تعرّض له.‬‬‬‬

٨- ٤ وترى اللجنة أن الدولة الطرف لا يجوز لها التنصل من مسؤولياتها بموجب الاتفاقية بحجة أن بعض سلطاتها القضائية، مثل المحكمة الجزئية في غيتا قد نظرت بالفعل في المسألة أو لا تزال تنظر فيها، متى اتضح أن سبل الانتصاف المطروحة في الدولة الطرف طالت على نحو غير ملائم وتبدو غير فعالة ( ) . وترى اللجنة أيضاً أن عدم قيام الدولة الطرف بمنع هذه الأفعال والمعاقبة عليها قد أسفر عن وضع صاحب البلاغ وغيره من الأشخاص المصابين بالمهق في حالة ضعف شديد ومنعهم من العيش في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين. وحيث إن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير بشأن هذه المسائل، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ كان ضحية شكل من أشكال العنف التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق على وجه الحصر. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ كان ضحية للتمييز المباشر القائم على أساس إعاقته، ما يشكل انتهاكاً للمادة ٥ من الاتفاقية.

٨- ٥ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم توجه اهتماماً كافياً إلى ضعفه الشديد كطفل مصاب بالمهق، على الرغم من أن الأطفال والشباب المصابين بالمهق كثيراً ما يتعرضون للأعمال الوحشية والتعذيب في الدولة الطرف، وأن صاحب البلاغ اضطر إلى التوقف عن الذهاب إلى المدرسة خوفا من الاضطهاد وأنه تعرض للاعتداءات في مناسبتين. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أنه بموجب الما دة ٧ (١) من الاتفاقية، يجب على الدول الأطراف اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان تمتع الأطفال ذوي الإعاقة تمتعا كاملا بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين. وتلاحظ اللجنة أن عدم توفير الحماية لصاحب البلاغ، وهو طفل في الثانية عشرة من عمره، على الرغم من الشكوى التي قدمها إلى الشرطة بعد الاعتداء الأول الذي تعرّض له في عام ٢٠١٠، وعدم منحه ما يحتاجه من المساعدة الطبية وخدمة إعادة التأهيل بعد الاعتداء الثاني الذي تعرض له في عام ٢٠١١ بسبب إعاقته، يجعل الدولة الطرف تنتهك التزاماتها بموجب المادة ٧ من الاتفاقية.

٨- ٦ وفيما يخص الادعاءات التي ساقها صاحب البلاغ في إطار المادة 8 من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة حجة صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير المناسبة والكافية لزيادة الوعي في المجتمع، الأمر الذي أفضى إلى التمييز وانعدام الأمن فيما يخص الأشخاص المصابين بالمهق، وبأن الدولة الطرف لم تتخذ أي مبادرة لإنهاء هذه الحالة. وتلاحظ اللجنة أن تقاعس الدولة الطرف وعدم فعاليتها يصلان إلى حد يشكل قبولاً ضمنياً لارتكاب الجرائم الشنيعة على نطاق ولايتها القضائية ضد الأشخاص المصابين بالمهق ويعتبر انتهاكا لأحكام المادة ٨ من الاتفاقية.

٨- ٧ وفيما يخص الادعاءات التي ساقها صاحب البلاغ في إطار المادة ١٥ من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة حجته التي تفيد بأن الأفعال التي تعرض لها تبلغ درجة التعذيب والعنف والإيذاء وهي أفعال لم تحقق فيها الدولة الطرف ولم تعاقب مرتكبيها. وتشير اللجنة إلى أنه بموجب المادة ١٥ من الاتفاقية، لا يعرض أي شخص للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع إخضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع الآخرين، للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتشير اللجنة أي ضاً إلى أن مصطلح التعذيب يعني " أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية" ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أن أعمال العنف التي تعرَّض لها صاحب البلاغ قد ارتكبها أفراد عاديون، وهي بهذه الصفة لا تشكل أعمال تعذيب. ومع ذلك، تشير اللجنة أيضاً إلى التزام الدول الأطراف بمنع الانتهاكات التي تندرج في فئة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة والمعاقبة عليها ينطبق على الأفعال التي ترتكبها الدول والجهات الفاعلة من غير الدول على حد سواء ( ) . وتكتسي المعالجة السريعة والفعالة أهمية خاصة في البت في القضايا المتعلقة بالتعذيب. وترى اللجنة أيضاً أن المعاناة التي يشهدها صاحب البلاغ، نظراً لعدم قيام الدولة الطرف باتخاذ إجراءات تتيح الملاحقة القضائية الفعالة للمشتبه في أنهم مرتكبو الجريمة، أصبحت سبباً لإعادة الإيذاء وتبلغ حد التعذيب النفسي و/أو سوء المعاملة. ولهذه الأسباب، تخلص اللجنة، في هذه القضية، إلى الاستنتاج بأن الدولة الطرف قد انتهكت المادة ١٥ من الاتفاقية ( ) .

٨- ٨ وتشير اللجنة إلى أنه بموجب المادة ١٦ (٤) من الاتفاقية، تتخذ الدول الأطراف "جميع التدابير المناسبة لتشجيع استعادة الأشخاص ذوي الإعاقة عافيتهم البدنية والإدراكية والنفسية، وإعادة تأهيلهم، وإعادة إدماجهم في المجتمع عندما يتعرضون لأي شكل من أشكال الاستغلال أو العنف أو الاعتداء، بما في ذلك عن طريق توفير خدمات الحماية لهم". وتتحقق استعادة العافية وإعادة الإدماج في "بيئة تعزز صحة الفرد ورفاهيته واحترامه لنفسه وكرامته واستقلاله الذاتي وتراعي الاحتياجات الخاصة بكل من نوع الجنس والسن". ونظراً لعدم وجود أية معلومات من الدولة الطرف في ادعاءات صاحب البلاغ بشأن انتهاك المادة ١٦، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم إلى صاحب البلاغ أي نوع من الرعاية الطبية والمساعدة على إعادة التأهيل بالرغم من أنه كان طفلاً في الثانية عشر من عمره وأن أسرته تخلت عنه. ولهذه الأسباب، تخلص اللجنة، في ظل ظروف هذه القضية، إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 16 من الاتفاقية.

٨- ٩ وفيما يتعلق بالشكوى الواردة من صاحب البلاغ بمقتضى المادة 17 من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى أنه بمقتضى هذه المادة "لكل شخص ذي إعاقة الحق في احترام سلامته الشخصية والعقلية على قدم المساواة مع الآخرين". ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن "حق الفرد في السلامة الشخصية يستند إلى ما تعنيه فكرة أن يكون شخصاً" ( ) . وهذا أمر يرتبط بفكرة الكرامة الإنسانية ووجوب حماية الحيز البدني والنفسي لكل فرد. ويشمل ذلك حظر التعذيب الجسدي والنفسي، والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة، وكذلك طائفة واسعة من أشكال التدخل الأقل خطورة في جسد شخص وعقله. وتندرج أعمال العنف التي تعّرض لها صاحب البلاغ بوضوح في فئة الأفعال التي تؤدي إلى انتهاك السلامة البدنية والعقلية، وبما أن الممارسة الحالية في الدولة الطرف تتمثل في مطاردة الأشخاص المصابين بالمهق من أجل قطع بعض أعضاء جسمهم بوحشية، وحرمانهم من سلامتهم البدنية وتجريدهم من إنسانيتهم . وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه بموجب المادة ٤ من الاتفاقية، يقع على عاتق الدول الأطراف الالتزام العام باتخاذ جميع التدابير اللازمة لكفالة وتعزيز الإعمال التام لهذا الحق. وفي هذه القضية، فإن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير لمنع الأفعال التي تعرّض لها صاحب البلاغ، ولم تحاكم مرتكبي الأفعال ولم تتخذ أي تدابير تتيح لصاحب البلاغ إعادة تأهيله أو دعمه لإعادة إدماجه في المجتمع. وحتى الآن، فإن الجرائم المرتكبة ضد صاحب البلاغ تظل دون عقاب. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ لم يحصل على أي دعم من سلطات الدولة الطرف لتمكينه من العيش المستقل مرة أخرى بعد فقدان ذراعه الأيسر وكفه اليمنى وأن الدولة الطرف، بوجه عام، لم تعتمد أي تدابير لمنع هذا الشكل من أشكال العنف الموجه ضد الأشخاص المصابين بالمهق وحمايتهم منه ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن عدم قيام الدولة الطرف باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أعمال العنف المماثلة لتلك التي تعرَّض لها صاحب البلاغ والتحقيق بكفاءة ومعاقبة مرتكبي تلك الأعمال في قضية صاحب البلاغ إنما يصل إلى حد انتهاك حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة ١٧، مقروءة بالاقتران مع المادة ٤ من الاتفاقية.

٨-١٠ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بانتهاك المادة ٢٤ من الاتفاقية لأن الدولة الطرف لم تقدم إليه الحماية في ظل مناخ عام يتسم بزيادة العنف والاعتداءات على الأشخاص المصابين بالمهق، وهو ما أجبره على التوقف عن الذهاب إلى المدرسة لمدة عامين هرباً من انعدام الأمن. وتحيط اللجنة علماً أيضا ً بادعاء صاحب البلاغ أنه أصبح يواجه صعوبة في القراءة والكتابة على النحو السليم نتيجة بقائه عامين من دون تعليم. ونظراً لعدم وجود أية معلومات من الدولة الطرف في هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم إلى صاحب البلاغ أي مساعدة ولم تعتمد أي شكل من أشكال الترتيبات التيسيرية المعقولة التي تسمح له بالذهاب إلى المدرسة، ونتيجة لذلك فإنه حرم من حقه في التعليم قبل أن تقدم له منظمة غير حكومية خاصة الدعم الذي يحتاج إليه. ولهذه الأسباب، تخلص اللجنة، في ظل ظروف هذه القضية، إلى أن الدولة الطرف قد انتهك ت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 24(2)(ب) و(ج) من الاتفاقية.

دال - الاستنتاجات والتوصيات

٩- ترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب المواد 5 و7 و8 و15 و16 و17 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين 4 و24 من الاتفاقية، وبناء على ذلك، فهي تقدم إلى الدولة الطرف التوصيات التالية:

(أ) فيما يتعلق بصاحب البلاغ، ينبغي أن تلتزم الدولة الطرف بما يلي:

أن توفر له سبيل انتصاف فعالاً، بما في ذلك التعويض والجبر عن الإيذاء الذي عانى منه، وأن تقدم إليه الدعم اللازم لتمكينه من العيش المستقل مجدداً؛

أن تُجري تحقيقاً نزيهاً وسريعاً وفعالاً في الاعتداء الذي تعرَّض له صاحب البلاغ، وأن تقدم مرتكبيه إلى المحاكمة؛

أن تنشر هذه الآراء وتعمّمها على نطاق واسع في شكل يسهل إطلاع جميع فئات السكان عليها؛

(ب) التدابير العامة: تلتزم الدولة الطرف باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى التوصيات الصادرة عن الخبيرة المستقلة المعنية بمسألة التمتع بحقوق الإنسان في حالة الأشخاص المصابين بالمهق بصيغتها الواردة في تقريرها المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان ( ) وتطلب إلى الدولة الطرف القيام بما يلي:

استعراض وتكييف الأطر القانونية عند الضرورة للتأكد من أنها تشمل جميع جوانب الاعتداءات التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق، بما في ذلك فيما يتعلق بالاتجار بالأعضاء البشرية؛

كفالة التحقيق السريع في حالات الاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق وكذلك في أعمال الاتجار بالأعضاء البشرية، ومحاكمة المتورطين فيها؛

كفالة أن تكون الممارسة المتمثلة في استخدام الأعضاء البشرية في الممارسات المتصلة بالسحر موضع تجريم كافٍ لا لبس فيه في التشريعات المحلية؛

وضع وتنفيذ حملات طويلة الأمد للتوعية والتدريب على أساس نموذج حقوق الإنسان لذوي الإعاقة، مع الامتثال لالتز امات الدولة الطرف بمقتضى المادة ٨ من الاتفاقية بالتصدي للممارسات الضارة والخرافات المتفشية التي تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان في حالة الأشخاص المصابين بالمهق، فضلاً عن إتاحة التدريب بشأن نطاق الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري.

١٠- ووفقاً للمادة 5 من البروتوكول الاختياري والمادة 75 من النظام الداخلي للجنة، ينبغي للدولة الطرف أن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن الإجراءات المتخذة في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها هذه.