الأمم المتحدة

CRC/C/86/D/63/2018

ا تفاقي ـ ة حقوق الطفل

Distr.: General

24 February 2021

Arabic

Original: Spanish

لجنة حقوق الطفل

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، بشأن البلاغ رقم 63/2018 * **

بلاغ مقدم من: س . أُ . س. (تمثله المحامية بانيسا إيرنانديث ديلغادو )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2018

تاريخ اعتماد الآراء: 29 كانون الثاني/يناير 2021

الموضوع: إجراء تحديد سن قاصر غير مصحوب بذويه

المسائل الإجرائية: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، والتعارض من حيث الاختصاص الشخصي، وعدم دعم الشكوى بالأدلة

مواد الاتفاقية: 3؛ و8؛ و18(2)؛ و20(1)؛ و27؛ و29

مواد البروتوكول الاختياري: 6، و7(ج) و(ه) و(و)

1-1 صاحب البلاغ هو س. أُ. س.، وهو مواطن غامبي، وُلد في 2 شباط/فبراير 2001. ويدعي أنه ضحية انتهاك المواد 3، و8، و18(2)، و20، و27، و29 من الاتفاقية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 14 نيسان/أبريل 2014. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحب البلاغ يثير انتهاكاً للمادة 12 من الاتفاقية، وإن لم يحتج بذلك رسمياً.

1-2 وعملاً بالمادة 6 من البروتوكول الاختياري، طلب الفريق العامل المعني بالبلاغات، في 3 كانون الأول/ديسمبر 2018، نيابةً عن اللجنة، إلى الدولة الطرف أن تعتمد تدابير مؤقتة تتمثل في وقف تنفيذ أمر إبعاد صاحب البلاغ ريثما تنظر اللجنة في قضيته، وكذلك في نقله إلى مركز لحماية القاصرين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أوقفت منظمة الإنقاذ البحري، بالتعاون مع هيئة الشرطة الوطنية الإسبانية، صاحب البلاغ عندما كان يحاول دخول أراضي الدولة الطرف على متن قارب. ورغم أن صاحب البلاغ لم يكن يحمل أي وثيقة هوية، فقد أفاد بأنه قاصر. وفي اليوم ذاته، نُقل صاحب البلاغ إلى مرفق تابع لمركز الشرطة الوطنية في لاس أميريكاس ، وهي منطقة تقع جنوب جزيرة تينيريفي .

2-2 وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أُبلغ صاحب البلاغ بقرار صادر عن مكتب المدعي العام الإقليمي في سانتا كروث دي تينيريفي قضى بأنه شخص بالغ استناداً إلى اختبارات طبية لم تُدرج نتائجها في ملف قضيته. ويدعي صاحب البلاغ أنه لم ي ُ خطر في أي وقت من الأوقات بنتائج هذه الاختبارات الطبية. وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أُبلغ صاحب البلاغ بأمر إعادته إلى بلده الأصلي الصادر عن المندوبية الحكومية الفرعية لمكتب شؤون الأجانب في سانتا كروث دي تينيريفي . وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أصدرت محكمة التحقيق رقم 4 في أَرونا قراراً بإيداع صاحب البلاغ في مركز احتجاز الأجانب في أ ُ ويا فرِيَّا. غير أن صاحب البلاغ بقي محتجزاً في المرفق التابع لمركز الشرطة الوطنية في لاس أميريكاس حتى 16 تشرين الثاني/نوفمبر، قبل نقله إلى مركز احتجاز الأجانب.

2-3 وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قدَّم صاحب البلاغ طعناً في قرار إعادته إلى بلده الأصلي. وادعى، ضمن دواعي تقديم هذا الطعن، أن قرار مكتب المدعي العام الذي قضى بأنه شخص بالغ لا يستند إلى أي أساس، إذ لم تُدرج نتائج الاختبارات المذكورة في ملف قضيته، ولم يُشَر إلى التواريخ التي أُجريت له فيها هذه الاختبارات. وحتى تاريخ تقديم هذا البلاغ الفردي إلى اللجنة، لم يتلق صاحب البلاغ أي رد على الطعن الذي قدمه.

2-4 وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، توجهت محامية صاحب البلاغ شخصياً إلى مكتب المدعي العام الإقليمي في سانتا كروث دي تينيريفي لالتماس الحصول على نتائج الاختبارات الطبية التي يُزعم أنها أُجريت لصاحب البلاغ وسبعة قاصرين آخرين، والتي لم تُدرَج نتائجها في ملفات قضاياهم. ورفض المدعي العام المعني بقضايا القاصرين الاستجابة لطلبها إلا فيما يتعلق بحالة واحدة من الحالات الثمانية. ووفقاً للتقرير الذي ا ط لعت عليه المحامية، تمثل الاختبارا ن الوحيد ان اللذان أُجري ا لهؤلاء القاصرين في تصوير المعصم بالأشعة السينية وفقاً لأطلس غروليتش وبايل وفي فحص طبي. ويدعي صاحب البلاغ أن هذ ين الاختبار ين أُجري ا له من دون موافقته ومن دون حضور مترجم شفوي؛ وأنه لم يتلق المساعدة من مهني متخصص خلال إجراء تحديد السن؛ وأنه لم يكن مؤازراً بأي محام خلال هذا الإجراء. وعلاوةً على ذلك، ووفقاً لقرار مكتب المدعي العام القاضي بأن صاحب البلاغ شخص بالغ، خضع، بموافقته المستنيرة، لفحص التصوير البانورامي للأسنان وفقاً لمعايير مينسر . ويدعي صاحب البلاغ أن هذا الفحص لم يُجرَ وكان من المستحيل إجراؤه لأن الجهاز اللازم لذلك كان معطلاً.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تحترم مبدأ افتراض أنه قاصر، رغم الشك أو عدم اليقين بخصوص عمره، وهو ما يتعارض مع مصالحه الفضلى وينتهك المادة 3 من الاتفاقية ( ) . ويتجلى هذا الانتهاك بشكل أوضح في الخطر الحقيقي المتمثل في تعريض صاحب البلاغ لأضرار لا يمكن تداركها بإيداعه في مركز لاحتجاز البالغين وبإصدار أمرٍ بإعادته إلى بلده الأصلي. ويستشهد صاحب البلاغ بالملاحظات الختامية للجنة بشأن الدولة الطرف، التي أعربت فيها عن قلقها إزاء عدم وجود بروتوكول موحد في إقليم الدولة الطرف يحدد على النحو الملائم مدى أهمية مبدأ مصالح الطفل الفضلى لدى تحديد سن الأطفال غير المصحوبين بذويهم ( ) . ويشدد صاحب البلاغ على أن اللجنة أعربت في هذه الملاحظات الختامية عن قلقها إزاء "ظروف إقامة دون المستوى المطلوب والإهمال في مراكز الطوارئ في جزر الكناري، ولا سيما في لا إسبيرنسا وجزيرة تنيريفي " ( ) . ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى دراسات مختلفة لإثبات أن التقديرات الطبية المستخدمة في الدولة الطرف، ولا سيما تلك التي استُخدمت في حالته هو، تنطوي على هامش خطأ كبير، لأن الدراسات التي خلصت إلى تلك التقديرات أُجريت على فئات سكانية أخرى مختلفة إلى حد كبير في خصائصها العرقية والاجتماعية - الاقتصادية.

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً وقوع انتهاك للمادة 3، مقروءة بالاقتران مع المادة 18(2) من الاتفاقية، بالنظر إلى عدم تعيين وصي له لحماية مصالحه، وهو مبدأ يشكل ضمانة إجرائية مهمة للغاية لاحترام المصالح الفضلى للطفل غير المصحوب بذويه ( ) . ويدعي أيضاً وقوع انتهاك للمادة 3(2)، مقروءة بالاقتران مع المادة 20(1) من الاتفاقية، لأن الدولة الطرف لم توفر له الحماية رغم وضعه المتسم بانعدام الحماية و ب الضعف الشديد. ويدعي صاحب البلاغ أنه ينبغي أن تُعطَى مصالح الطفل الفضلى الأولوية على أحكام النظام العام المتعلق بالأجانب، وأنه يجب على الدولة الطرف أن تعتمد التدابير التشريعية والإدارية الملائمة لكفالة حماية القاصر على نحو سليم حتى لا يجد نفسه بلا حماية بسبب عدم تعيين وصي له ( ) .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الهوية، المعترف به في المادة 8 من الاتفاقية، التي تشير إلى أن السن ت مثل جانباً أساسياً من جوانب الهوية وأن الدولة الطرف ملزمة بعدم المساس بها. وعلاوةً على ذلك، يشمل التزام الدولة الطرف واجب صون واستعادة بيانات هوية الأشخاص المعنيين الموجودة فعلاً أو المحتمل وجودها .

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه ضحية انتهاك المادتين 27 و29 من الاتفاقية، إذ لم تتح له إمكانية تنمية كل قدراته على نحو سليم. ويرى صاحب البلاغ أن عدم تعيين وصي لإرشاده يعني عدم تمكينه من النماء على نحو ملائم لسِنِّه ( ) .

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً وقوع انتهاك للمادة 20 من الاتفاقية، لأن الدولة الطرف لم توفر له الحماية. ويستشهد صاحب البلاغ بالتعليق العام رقم 6(2005) الذي يوضح أن هذا الحق ينبغي أن يفسَّر على نحو يراعي ظروف الطفل وعمره وخلفيته الإثنية والثقافية واللغوية.

3-6 ويقترح صاحب البلاغ، كحلول ممكنة، ما يلي:

(أ) أن تعترف الدولة الطرف باستحالة إثبات س ِ نه عن طريق الاختبارات الطبية المنجزة؛

(ب) أن يُبلغ بأي قرار يمسه؛

(ج) أن يُعترف بإمكانية الطعن أمام الهيئات القضائية في قرارات تحديد السن الصادرة عن مكتب المدعي العام؛

(د) أن يعيَّن له على الفور ممثل قانوني؛

(ه) أن يُعترف له بجميع الحقوق المكفولة له باعتباره طفلاً، بما في ذلك الحق في التمتع بحماية سلطات الإدارة العامة، وفي التمثيل القانوني، وفي التعليم، وفي الحصول على رخصةٍ للإقامة والعمل تتيح له إمكانية تنمية شخصيته على نحو كامل والاندماج في المجتمع.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

عرض الوقائع

4-1 تقدم الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 1 آذار/مارس 2019 بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، عرضها الخاص للوقائع ذات الصلة. ف وفقاً للدولة الطرف، وصل صاحب البلاغ على متن قارب إلى سواحل سانتا كروث دي تينيريفي ، في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018، رفقة 72 شخصاً آخرين منحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي اليوم ذاته، فعَّل اللواء المحلي لشرطة الهجرة والحدود في جنوب تينيريفي البروتوكول الخاص بالقاصرين غير المصحوبين بذويهم. وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أذِن مكتب المدعي العام المعني ب قضايا القاصرين في محكمة سانتا كروث دي تينيريفي العليا الإقليمية بإجراء اختبارات ل تحديد سن صاحب البلاغ.

4-2 و في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2018، قضى مكتب المدعي العام المعني ب قضايا القاصرين في محكمة تينيريفي العليا الإقليمية، من خلال القرار رقم 24/2018، بأن صاحب البلاغ شخص بالغ. وفي اليوم ذاته، باشر مركز الشرطة المحلي في جنوب تينيريفي ، بموجب القرار الصادر عن المندوبية الحكومية الفرعية في سانتا كروث دي تينيريفي ، إجراءات إبعاد صاحب البلاغ استناداً إلى المادة 53-8 (ب) من القانون 4/2000 بسبب دخوله الأراضي الإسبانية بصفة غير قانونية. وأُبلغ صاحب البلاغ بهذا الإجراء في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

4-3 وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أذنت محكمة التحقيق رقم 4 في أَرونا بإيداع صاحب البلاغ في مركز احتجاز الأجانب. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أُودع صاحب البلاغ بصفة مؤقتة في مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين التابع لمركز شرطة جنوب تينيريفي ، لعدم توافر أماكن في مركز احتجاز الأجانب في أُويَّا فريَّا.

4-4 وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أُودع صاحب البلاغ في مركز احتجاز الأجانب في أُويَّا فريَّا. وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2018، أُفرج عنه لاستحالة إثبات هويته وأُحيل إلى هيئة الصليب الأحمر في تينيريفي . وتدعي الدولة الطرف أن الشرطة الوطنية تجهل في الوقت الحالي مكان وجود ه .

أسباب عدم المقبولية

4-5 تدعي الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الشخصي لأن صاحبه شخص بالغ، وفقا ً ل ما أثبتته الاختبارات الطبية التي تشير نتائجها إلى أن سنه لا تقل عن 18 سنة، و ما أكده تقرير ٌ خاص ٌ لطبيبيْن شرعييْن خلص أيضاً إلى أنه شخص بالغ ( ) .

4-6 وعلاوةً على ذلك، تدعي الدولة الطرف، استناداً إلى المادة 7(ه) من البروتوكول الاختياري، أن البلاغ غير مقبول لأن صاحبه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة ( ) . فقد كان بإمكان صاحب البلاغ: (أ) أن يطلب إلى النيابة العامة إجراء اختبارات طبية لإثبات أنه قاصر؛ و(ب) أن يطلب إلى القاضي المدني في مكان الاحتجاز، وفقاً للإجراء المنصوص عليه في المادة 780 من قانون الإجراءات المدنية، مراجعة أي قرار صادر عن سلطات الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي لا يعتبره قاصراً؛ و(ج) أن يطعن في أمر إعادته إلى بلده أمام محكمة المنازعات الإدارية؛ و(د) أن يباشر أمام المحاكم المدنية إجراءات طوعية لتحديد السن، وفقاً للقانون 15/2015 المتعلق بالإجراءات القضائية الطوعية.

ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية

4-7 تدعي الدولة الطرف أنه لا توجد أسباب موضوعية لتدخل اللجنة ، حتى في حالة قبول البلاغ. ففي المقام الأول، تشير الدولة الطرف إلى القانون المحلي الذي يخول للنيابة العامة، في حالة وجود شك معقول، صلاحية تحديد سن الأشخاص، باعتبارها المؤسسة المسؤولة عن صون الشرعية، وحقوق المواطنين، والمصلحة العامة التي يحميها القانون. ووفقاً للنظام الساري، يُفترض مؤقتاً، من حيث المبدأ، أن شخصاً ما قاصر في الحالات التي يستحيل فيها إثبات أنه بالغ، ريثما يجري تحديد سنه. وفي الوقت ذاته، يتقرر إجراء اختبارات طبية موضوعية لتحديد سن الشخص المعني ، تحترم كرامته، وذلك بناء ً على موافق ته المسبقة والمستنيرة ( ) .

4-8 وفي المقام الثاني، تدعي الدولة الطرف عدم وقوع انتهاك لمبدأ مصالح الطفل الفضلى الذي تحميه المادة 3 من الاتفاقية، لأن صاحب البلاغ شخص بالغ. وتوضح الدولة الطرف أنه لا ينبغي افتراض أن الشخص قاصر إلا "في حالة الشك"، وليس عندما يكون من الواضح أنه بالغ. وتدعي الدولة الطرف أن السلطات الإسبانية منحت صاحب البلاغ فرصة الخضوع، بموافقته المسبقة والمستنيرة، لاختبارات طبية موضوعية لتحديد سنه، بيَّنت نتائجها بوضوح أنه شخص بالغ. ووفقاً للفقرة 31 من التعليق العام رقم 6، أُجريت هذه الاختبارات "بطريقة علمية تراعي سلامة الطفل [...] ومبدأ الإنصاف". ووفقاً للدولة الطرف، لا يمنع هذا التعليق العام ولا يحظر إجراء هذه الاختبارات للأشخاص الذين يبدو من مظهرهم أنهم بالغون ولا يحملون وثائق الهوية ويدعون أنهم قاصرون. وترى الدولة الطرف أن اعتبار شخص بالغ قاصراً بدون أدلة موثوقة وبالاستناد حصراً إلى إفادته قد يعرض لخطر جسيم القاصرين الموجودين في مراكز الإيواء (الذين قد يتعرضون للإيذاء وسوء المعاملة من جانب ذلك الشخص)، وهو ما سيشكل بالفعل انتهاكاً لمبدأ مصالح الطفل الفضلى.

4 -9 وتدعي الدولة الطرف أيضاً عدم وقوع انتهاك لمبدأ مصالح الطفل الفضلى فيما يتعلق بالمادتين 18(2) و20(1) من الاتفاقية، بدعوى ما يلي:

(أ) ما إن وطأت قدما صاحب البلاغ الأراضي الإسبانية حتى قدمت إليه الدوائر الصحية الرعاية الطبية؛

(ب) وُثِّقت حالته ووُفر له محام ومترجم شفوي بالمجان على نفقة الدولة، وأُخبر فوراً بحقوقه؛

(ج) أُبلغت السلطة القضائية المختصة على الفور بحالته لكفالة احترام حقوقه ريثما يجري تنفيذ الإجراءات المترتبة على وضعه غير القانوني؛

(د) بمجرد ادعائه أنه قاصر، أُبلغت بذلك النيابة العامة، باعتبارها المؤسسة المكلفة بحماية مصالح الطفل الفضلى ( ) .

4-10 و تدعي الدولة الطرف أنه لم يقع أي انتهاك ل لحق في الهوية الذي تحميه المادة 8 من الاتفاقية، حيث بوشرت إجراءات "تسجيل هوية صاحب البلاغ التي صرَّح بها فور إنقاذه في عرض البحر ودخوله الأراضي الإسبانية بصفة غير قانونية" وأن "الوثيقة التي أعدتها السلطات الإسبانية هي التي تسمح له حالياً بممارسة بعض الحقوق".

4-11 وتدعي الدولة الطرف أنه لم تُنتهك الحقوق المنصوص عليها في المواد 20 و27 و29 من الاتفاقية، لأن هذه الحقوق مكفولة حصراً للأطفال الذين لا يوجد أي شك في أنهم قاصرون. وبالنظر إلى عدم وجود شك في أن صاحب البلاغ شخص بالغ، فلا تنطبق عليه الحقوق المزعوم انتهاكها.

4-12 وتخلص الدولة الطرف ليس فقط إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم وثائق أصلية تتضمن بيانات بيومترية صحيحة تثبت أنه قاصر، كما ز ُ عم، بل كذلك إلى أن السلطات الإسبانية حصلت على أدلة مضادة من خلال اختبارات طبية وفحص أجراه طبيب شرعي، تدحض رواية صاحب البلاغ. وباعتبار صاحب البلاغ شخصاً بالغاً، تطلب الدولة الطرف إعلان عدم مقبولية البلاغ أو حفظه أو، عوض ذلك، رفضه لعدم وجود أسس موضوعية تثبت انتهاك الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 يشدد صاحب البلاغ، في تعليقاته على المقبولية والأسس الموضوعية المؤرخة 14 آب/ أغسطس 2019، على أنه بقي فترة أطول من اللازم في مرافق تابعة للشرطة، ولم تقدِّم إليه دوائر حماية الطفل أي خدمات في أي وقت من الأوقات. فقد وصل إلى الدولة الطرف في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، ولم يُبلَغ بأمر إعادته إلى بلده الأصلي إلا في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ولم يُعتمد قرار إيداعه في مركز احتجاز الأجانب إلا في اليوم التالي. وبالإضافة إلى ذلك، يشدد صاحب البلاغ على أنه بقي محتجزاً، خلال الفترة الممتدة بين 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018 و16 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، في ظروف سيئة للغاية في المرافق التابعة لمركز الشرطة؛ ولم يعيَّن أي شخص بالغ لحماية مصالحه؛ ولم تتمكن أي منظمة غير حكومية من مساعدته (إذ لم يُسمح لأي منظمة من هذا القبيل بدخول المبنى)؛ وكان الطعام المقدَّم إليه دائماً بارداً وغير كاف. ويضيف صاحب البلاغ أن مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين الذي تشير إليه الدولة الطرف ليس مركزاً للإيواء المؤقت، بل مجموعة عنابر ملحقة بمرافق الشرطة. ولا تستوفي هذه العنابر الشروط الدنيا لإيواء أي شخص، فبالأحرى قاصرين مزعومين مثل صاحب البلاغ، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للبروتوكول الخاص بالقاصرين غير المصحوبين بذويهم ( ) .

5-2 ويوضح صاحب البلاغ أن كل حجج الدولة الطرف تركز على أنه ليس قاصراً وأن الاتفاقية لا تنطبق بالتالي على حالته. غير أنه يرفق بلاغه بنسخة من جواز سفره الذي ح صل عليه في 25 آذار/ مارس 2019، والذي يثبت أنه شخص قاصر. ويوضح صاحب البلاغ أن ذلك لا ي ُ فند فحسب كل حجج الدولة الطرف بشكل تام، بل يبين كذلك أن الآليات التي تتيحها الدولة الطرف لا تصلح لتحديد وحماية القاصرين غير المصحوبين بذويهم.

5-3 وفيما يتعلق بإجراءات تحديد السن، يؤكد صاحب البلاغ أن محاميته توجهت شخصياً إلى المحكمة وتمكنت من التحقق من خُلو ملف قضيته من نتائج الاختبارات الطبية التي استند إليها قرار مكتب المدعي العام. ولهذا السبب قدمت محاميته إلى مكتب المدعي العام، في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، طلباً خطياً لإبلاغها بنتائج هذه الاختبارات.

5-4 وفيما يتعلق بتقييم الاختبارات الطبية، يرفق صاحب البلاغ بلاغه بمذكرة من أمين المظالم مؤرخة 26 تموز/يوليه 2019، بشأن إجراءات تحديد السن التي خضع لها الأشخاص الذين وصلوا إلى سواحل سانتا كروث دي تينيريفي في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018، ومنهم صاحب البلاغ. ويرد في هذه المذكرة أنه، رغم إجراء اختبار التصوير البانورامي لأسنان صاحب البلاغ، "كان من المستحيل تماماً تفسير نتائجه، حيث أفاد المستشفى بعدم وجود طبيب مختص يمكنه القيام بذلك". ووفقاً للمذكرة ذاتها، فإن القرار القاضي بأن صاحب البلاغ شخص بالغ "شابَهُ خطأ، حيث أشار إلى أنه أُجري اختبار التصوير البانورامي للأسنان، ولم يوضح أنه تعذَّر تفسيره لعدم وجود طبيب مؤهل لإصدار التقرير ذي الصلة". ويختم أمين المظالم مذكرته مدعياً أنه "وفقاً للرأي العام لخبراء الطب الشرعي المرموقين، [...]، لا يضمن إجراء اختبار واحد يتمثل في تصوير الرسغ بالأشعة السينية توافقَ النتائج المتوصل إليها بشأن سن عظام الشخص المعني مع عمره الزمني".

5-5 وفي هذا الصدد، يدعي صاحب البلاغ أن المدعي العام اعتمد قراراً قضى بأنه شخص بالغ، من دون أن تُجرى له الاختبارات اللازمة لذلك، وهو ما يتعارض مع جميع التشريعات السارية في مجال حماية القاصرين. ويستند في ذلك إلى ما يلي:

(أ) أُجري له اختبار التصوير البانورامي للأسنان، ولكنه لم يُبلغ أبداً بنتائجه؛

(ب) لم يقدَّم أي تقرير صادر عن طبيب شرعي ي ُ قيِّم اختبار التصوير البانورامي للأسنان، لعدم وجود طبيب مؤهل لتفسيره في ذلك اليوم؛

(ج) في غياب تقرير طبي، قد يكون المدعي العام نفسه هو من قيَّم هذا الاختبار، وليس من اختصاص مكتب المدعي العام إجراء أي تقييم طبي؛

(د) لم يقدَّم أيضاً تصوير المعصم بالأشعة السينية ولا التقرير الطبي الذي يتضمن تقييمه المزعوم؛

(ه) لم يبلَغ صاحب البلاغ بأنه كان سيخضع لاختبارات طبية ولم تُ طلَب موافقته المستنيرة على إجرائها .

5-6 وفيما يتعلق بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يؤكد صاحب البلاغ أن محاميته توجهت شخصياً إلى مقر مكتب المدعي العام في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 بغرض التماس كل المعلومات الواردة في ملف قضيته، حتى تكون لديها بالتالي جميع المعلومات اللازمة لكفالة إعداد دفاع قانوني ملائم. غير أن مكتب المدعي العام لم يقدم أبداً إلى المحامية أي وثائق تتعلق بصاحب البلاغ، مما أعاق دفاعها عنه. وفي السياق ذاته، لا يمكن الطعن أمام المحاكم في قرارات تحديد السن الصادرة عن مكتب المدعي العام، على نحو ما أكدته المحكمة الدستورية في قرارها 172/2013 . وعلاوة على ذلك، ورغم أن الدولة الطرف تشير إلى أنه يمكن تعديل القرار في حالة تقديم أدلة طبية جديدة، فقد كان صاحب البلاغ في وضع مادي لا يسمح له بدفع تكاليف الاختبارات الطبية. وأخيراً، وفي سياق وجود قرار ب إبعاد صاحب البلاغ، لم يكن من شأن أي من سبل الانتصاف المتاحة أن يوقف تنفيذ هذا القرار، وهو ما يجعلها غير فعالة.

5-7 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل على أنها حصلت على موافقته المستنيرة على إجراء اختبارات تحديد السن، ولا أنه عُيِّن له وصي طوال هذه الإجراءات. وبخصوص الانتهاكات الأخرى المزعومة، يحيل صاحب البلاغ إلى رسالته الأولى، لأن الدولة الطرف، على حد رأيه، اكتفت فقط في مذكرتها بنفي وقوع هذه الانتهاكات.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6- تفيد الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 3 أيلول/سبتمبر 2019، بأن مراكز احتجاز الأجانب هي مراكز للاحتجاز المؤقت للأجانب في انتظار ترحيلهم. وتوضح الدولة الطرف أن هذه المراكز تتميز بكونها مراكز غير سجنية، تابعة لوزارة الداخلية، يبقى فيها الأجانب إلى حين ترحيلهم من الأراضي الإسبانية (وتُستخدم بالتالي لأغراض وقائية واحترازية). ووفقاً للدولة الطرف، يبدو أن صاحب البلاغ يحاول إعطاء الانطباع بأنه قضى عدة أشهر في "زنزانة مظلمة في مركز للشرطة"، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع. وكان سبب إيداع صاحب البلاغ في مركز احتجاز الأجانب هو دخوله أراضي الدولة الطرف بصفة غير قانونية، وهو إجراء يكتسي طابعاً مؤقتاً بحتاً، وليس حبسياً، وينفَّذ كتدبير احترازي قبل الترحيل.

تعليقات صاحب البلاغ على الملاحظات الثانية للدولة الطرف

7-1 يؤكد صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 على الملاحظات الثانية للدولة الطرف، أنه ن ُ قل يوم وصوله إلى سواحل تينيريفي إلى مرافق تابعة لمركز الشرطة في بلايا دي لاس أميريكاس في بلدية أديخي ، حيث بقي إلى حين نقله مع قاصرين آخرين إلى مركز احتجاز الأجانب في أُويَّا فريَّا في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

7-2 ويشدد صاحب البلاغ على أنه بقي في هذه المرافق من 28 تشرين الأول/أكتوبر حتى 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، في إطار نظام الاحتجاز المغلق تحت حراسة الشرطة، في ظروف أسوأ من ظروف مركز احتجاز الأجانب، حيث تفتقر العنابر إلى التهوية، ويوجد بها حمام واحد لـ 17 شخصاً، وت ُ غلق الأبواب على المحتجزين من الساعة 00/19 حتى اليوم التالي، ويقدَّم إليهم طعام بارد وغير كاف. ويوضح صاحب البلاغ أن هذه المرافق ليست مركزاً للإقامة المؤقتة للمهاجرين ولا مركزاً لاحتجاز الأجانب. و من الضروري لإيداع شخص في مركز ٍ لاحتجاز الأجانب، أن ت ُ صدر محكمة قراراً باحتجازه ، حتى يبقى محتجزاً أكثر من 72 ساعة في إطار نظام الاحتجاز المغلق ، كما حصل في حالته هو والقاصرين الآخرين.

7-3 ويستنسخ صاحب البلاغ أجزاء من قرار احتجازه المؤرخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، لإثبات أنه لم يُتخذ أي من التدابير المشار إليها في هذا القرار، حيث بقي حتى 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 في مركز غير مرخص له لهذا الغرض. ولم يعامل لا هو ولا القاصرون الآخرون على هذا الأساس، وبقوا في مكان لا يخضع لأي نظام، ويوجد كُلياً خارج نطاق القانون، على نحو فيه انتهاك لجميع الضمانات الدستورية والاتفاقات الدولية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يَرِد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 20 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات.

8-2 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الشخصي، لوجود أدلة طبية تثبت أن عمر صاحبه لا يقل عن 18 سنةً ، وتقرير ٍ خاص ٍ أعده أطباء شرعيون خلصوا فيه أيضاً إلى أنه شخص بالغ. غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ أفاد بأنه قاصر لدى وصوله إلى إسبانيا، ويحمل جواز سفر رسمياً يثبت ذلك، وهو ما لم تشر إليه الدولة الطرف في ملاحظاتها. وفي الوقت ذاته، تذكِّر اللجنة بأن عبء الإثبات لا يقع على صاحب البلاغ وحده، ولا سيما بالنظر إلى أن صاحب البلاغ والدولة الطرف لا يتساويان دائماً في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات، وأن الدولة الطرف هي وحدها التي تمتلك في كثير من الأحيان المعلومات ذات الصلة. وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تثبت أن الاختبارات الطبية أجراها وقيَّمها بالفعل موظفون طبيون متخصصون. وعلى وجه الخصوص، تحيط اللجنة علماً بإشارة أمين المظالم نفسه في الدولة الطرف إلى أنه تعذَّر تقييم التصوير البانورامي للأسنان، رغم إجرائه، وأن إدراجه في قرار المدعي العام كان عن طريق الخطأ. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن المادة 7(ج) من البروتوكول الاختياري لا تمنع قبول هذا البلاغ.

8-3 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة، لأنه كان بإمكانه: (أ) أن يطلب إلى النيابة العامة إجراء اختبارات طبية إضافية؛ و(ب) أن يطلب إلى القاضي المدني مراجعة القرار الذي قضى بعدم تعيين وصي له، وفقاً للإجراء المنصوص عليه في المادة 780 من قانون الإجراءات المدنية؛ و(ج) أن يطعن في أمر إعادته إلى بلده الأصلي أمام محكمة المنازعات الإدارية؛ و(د) أن يباشر أمام المحاكم المدنية إجراءات طوعية لطلب تحديد السن، وفقاً للقانون 15/2015 . وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف المحلية التي ذكرتها الدولة الطرف إما غير متاحة أو غير فعالة. وتحيط اللجنة علما ً بحجة صاحب البلاغ، التي لم تعترض عليها الدولة الطرف، ومفادها أن محاميته مُنعت من الاطلاع على الوثائق التي است َ ند إليها، حسبما زُعم، القرار الذي قضى بأنه شخص بالغ، مما أعاق دفاعها عنه على النحو الملائم لإثبات أنه قاصر. وفي الوقت ذاته، ترى اللجنة أنه، في سياق الطرد الوشيك لصاحب البلاغ من الأراضي الإسبانية، لا يمكن أن تُعتبر فعالةً سبل الانتصاف التي تطول بشكل مفرط أو لا توقف تنفيذ أمر الطرد الساري ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تُثبت أن من شـأن سبل الانتصاف المشار إليها أن توقف تنفيذ قرار طرد صاحب البلاغ. وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أن المادة 7(ه) من البروتوكول الاختياري لا تمنع قبول هذا البلاغ.

8-4 وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ التي تستند إلى المواد 18(2)، و27، و29 من الاتفاقية لم تُدعم بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتعلن بالتالي عدم مقبوليتها بموجب المادة 7(و) من البروتوكول الاختياري.

8-5 غير أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ دعم بما يكفي من الأدلة ادعاءاته المستندة إلى المواد 3، و8، و20 من الاتفاقية، حيث لم يعيَّن له ممثل قانوني خلال إجراء تحديد السن الذي خضع له، ولم يراع هذا الإجراء حقه في افتراض أنه قاصر، وانتهك حقه في الهوية، ولم يتلق الحماية اللازمة باعتباره قاصراً. وعليه، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من الشكوى مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-6 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه المادة 10(1) من البروتوكول الاختياري.

8-7 وتتمثل إحدى المسائل المعروضة على اللجنة في تحديد ما إذا كان إجراء تحديد السن الذي خضع له صاحب البلاغ، الذي أفاد بأنه قاصر، قد انتَهك، في ظل ملابسات هذه القضية، حقوقه المعترف بها في الاتفاقية. وادعى صاحب البلاغ، على وجه الخصوص، أن هذا الإجراء لم يأخذ في الاعتبار مصالح الطفل الفضلى، بالنظر إلى نوع الاختبار الطبي الذي استُند إليه لتحديد سنه وإلى عدم تعيين وصي أو ممثل قانوني له خلال هذا الإجراء.

8-8 وتُذكر اللجنة بأن إجراء تحديد سن شخص يافع يدعي أنه قاصر أمرٌ بالغ الأهمية، لأن نتيجته تحدد ما إذا كان يحق له الاستفادة أم لا من الحماية الوطنية باعتباره طفلاً. وعلى غرار ذلك، يكتسي هذا الإجراء أهمية حيوية بالنسبة للجنة باعتباره أساس التمتع بالحقوق الواردة في الاتفاقية. ولذلك، لا بد من وجود إجراء لتحديد السن يراعي الأصول القانونية الواجبة، بالإضافة إلى إمكانية الطعن في نتيجته من خلال إجراءات الاستئناف. وينبغي، ما دامت هذه الإجراءات جارية، تفسير الشك لصالح الشخص المعني ومعاملته باعتباره طفلاً. وبالتالي، تُذكر اللجنة بوجوب إيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى خلال جميع مراحل إجراء تحديد السن ( ) .

8-9 وتُذكر اللجنة بأنه ينبغي تفسير الشك لصالح الشخص المعني ( ) ، وبأنه:

لتقدير السن على نحو مستنير، ينبغي للدول أن تضطلع بتقييم شامل لنمو الأطفال البدني والنفسي، يجريه متخصصون في طب الأطفال أو مهنيون آخرون لديهم من المهارات ما يخولهم الجمع بين جوانب النمو المختلفة. وينبغي أن تنفَّذ هذه التقييمات بسرعة وبطريقة تراعي الطفل والاعتبارات الجنسانية والثقافية، بما في ذلك إجراء المقابلات مع الأطفال، [...] بلغة يفهمها الطفل" ( ) .

8-10 وتلاحظ اللجنة ما يلي:

(أ) بهدف تحديد سن صاحب البلاغ، الذي كان بلا وثائق لدى وصوله إلى الأراضي الإسبانية، أُخضع لاختبارات طبية لتحديد سن العظام تتمثل في تصوير المعصم بالأشعة السينية، ولكن لم يجرِ إعداد تقرير بشأن التصوير البانورامي لأسنانه، رغم خضوعه لهذا الاختبار، لعدم وجود موظف طبي متخصص في هذا المجال ، ولم ترد الإشارة إلى إجراء أي نوع آخر من الاختبارات التكميلية، ولا سيما النفسية، ولا أي مقابلة مع صاحب البلاغ في إطار هذا الإجراء؛

(ب) بناء على اختبار تصوير المعصم بالأشعة السينية، حُددت سن عظام صاحب البلاغ في ما لا يقل عن 18 سنة، وفقاً لأطلس غروليش وبايل ، من دون مراعاة أنه من الواضح أن هذه الدراسة، التي لا تحدد هوامش الانحراف المعياري بالنسبة لهذه الفئة العمرية، لا تنطبق على الأشخاص الذين لديهم خصائص صاحب البلاغ؛

(ج) استناداً إلى نتائج هذا الاختبار الطبي، أصدر مكتب المدعي العام قراراً قضى بأن صاحب البلاغ شخص بالغ؛

(د) بناء على هذا القرار، أمر القاضي المختص بإيداع صاحب البلاغ في مركز لاحتجاز البالغين؛

(ه) أُفرج عن صاحب البلاغ "لاستحالة إثبات هويته" وأُحيل إلى هيئة الصليب الأحمر في تينيريفي ؛

(و) لم يؤازَر صاحب البلاغ بممثل قانوني خلال إجراء تحديد السن الذي خضع له.

8-11 وتلاحظ اللجنة كذلك المعلومات الوفيرة الواردة في ملف القضية ، التي تشير إلى عدم دقة الفحوص الطبية لتحديد سن العظام، التي تنطوي على هامش خطأ كبير ولا يمكن بالتالي اعتبارها الطريقة الوحيدة الملائمة لتحديد العمر الزمني ليافع يدعي أنه قاصر ويقدم وثائق تثبت ذلك.

8-12 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاءات صاحب البلاغ أنه لم يعيَّن له وصي أو ممثل قانوني للدفاع عن مصالحه، باعتباره طفلاً مهاجراً محتملاً غير مصحوب بذويه، قبل وخلال إجراء تحديد السن الذي خضع له، والذي أفضى إلى إصدار القرار القاضي بأنه شخص بالغ. وتُذكر اللجنة بأنه ينبغي للدول الأطراف أن تعين بالمجان لجميع اليافعين الذين يدَّعون أنهم قاصرون ممثلاً قانونياً مؤهلاً، وعند الاقتضاء، مترجماً شفوياً، في أقرب وقت ممكن بعد وصولهم ( ) . وترى اللجنة أن إتاحة التمثيل القانوني لهؤلاء الأشخاص خلال إجراء تحديد سنهم يشكل ضمانة أساسية لمراعاة مصالحهم الفضلى ولكفالة حقهم في الاستماع إليهم، بالنظر إلى عدم كفاية الدور الذي يضطلع به مكتب المدعي العام المعني ب قضايا القاصرين في هذا الصدد ( ) . وينطوي عدم القيام بذلك على انتهاك للمادتين 3 و12 من الاتفاقية، لأن إجراء تحديد السن هو منطلق تنفيذ الاتفاقية. ومن شأن عدم توفير ممثل قانوني في الوقت المناسب أن يؤدي إلى ظلم كبير.

8-13 وفي ضوء كل ما تقدم، ترى اللجنة أن إجراء تحديد السن الذي خضع له صاحب البلاغ، الذي ادعى أنه قاصر، لم تتوافر فيه الضمانات اللازمة لحماية حقوق صاحب البلاغ المعترف بها في الاتفاقية. وفي ظل ملابسات هذه القضية، يتمثل ذلك في عدم إجراء اختبارات مناسبة لتحديد السن، وفي رفض إطلاع صاحب البلاغ على التقارير الطبية التي استند إليها، حسبما زُعم، القرار القاضي بأنه شخص بالغ، وفي عدم تعيين وصي لدعمه خلال ذلك الإجراء. وبالتالي، ترى اللجنة أن مصالح الطفل الفضلى لم تولَ الاعتبار الأول خلال إجراء تحديد السن الذي خضع له صاحب البلاغ، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادتين 3 و12 من الاتفاقية.

8-14 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادة 8 من الاتفاقية، إذ غيرت عناصر من هويته عندما حددت له عُمر اً لا ي تطابق مع البيانات الواردة في الوثيقة الرسمية الصادرة عن سلطات بلده الأصلي. وترى اللجنة أن تاريخ ميلاد طفل يشكل عنصراً من عناصر هويته، وأن الدول الأطراف ملزمة باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته وعدم حرمانه من أي عنصر من عناصرها. وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تحترم هوية صاحب البلاغ، إذ حددت له تاريخ ميلاد ليس تاريخ ميلاده الحقيقي، من دون الاتصال بسلطات بلده الأصلي، لا سيما وأن صاحب البلاغ ليس ملتمس لجوء ولا توجد دواع للاعتقاد بأن الاتصال بتلك السلطات قد يعرضه لخطر ما. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 8 من الاتفاقية.

8-15 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحب البلاغ، التي لم تعترض عليها الدولة الطرف، ومفادها أن الدولة الطرف لم توفر له الرعاية رغم وضعه المتسم بانعدام الحماية و ب الضعف الشديد. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ حُرم من الحماية على وجه الخصوص بعد الإفراج عنه من مركز احتجاز الأجانب بسبب ما زُعم من استحالة إثبات هويته لأغراض تنفيذ أمر ترحيله، وحتى قبل إيداعه في هذا المركز، إذ بقي مدة أيام في مركز احتجاز آخر غير ذلك الذي حدده القرار القضائي الذي قضى باحتجازه. وبالتالي، ترى اللجنة أن ما سبق ذكره يشكل انتهاكاً للمادة 20(1) من الاتفاقية.

8-16 وأخيراً، تلاحظ اللجنة عدم امتثال الدولة الطرف للتدابير المؤقتة المتمثلة في نقل صاحب البلاغ إلى مركز لحماية القاصرين. وتُذكر اللجنة بأن الدول الأطراف، بتصديقها على البروتوكول الاختياري، يقع عليها التزام دولي باحترام التدابير المؤقتة المطلوبة وفقاً للمادة 6 من هذا البروتوكول، وهي التدابير التي تمنع وقوع ضرر لا يمكن جبره عندما يكون بلاغ ما قيد النظر، وتكفل بذلك فعالية إجراء تقديم البلاغات الفردية ( ) . وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن نقل صاحب البلاغ إلى مركز لحماية القاصرين قد يشكل خطراً جسيماً على الأطفال الموجودين فيه. بيد أن اللجنة تلاحظ أن هذه الحجة تقوم على فرضية أن صاحب البلاغ شخص بالغ. وعليه، ترى اللجنة أن عدم تنفيذ التدابير المؤقتة المطلوبة يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 6 من البروتوكول الاختياري.

9- وإذ تتصرف لجنة حقوق الطفل بموجب المادة 10(5) من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، فهي ترى أن الوقائع المعروضة عليها تنم عن وقوع انتهاك للمواد 3، و8، و12، و20(1) من الاتفاقية، والمادة 6 من البروتوكول الاختياري.

10- وبالتالي، ينبغي للدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيلاً فعالاً لجبر الضرر الناجم عن الانتهاكات التي تعرض لها. والدولة الطرف ملزمة أيضاً بتفادي وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، توصي اللجنة الدولة الطرف بما يلي:

(أ) أن تكفل توافق أي إجراء لتحديد سن اليافعين الذين يدَّعون أنهم قاصرون مع الاتفاقية، وأن تضمن خلاله، على وجه الخصوص، ما يلي:

أن تُؤخذ في الاعتبار الوثائق التي يقدمها هؤلاء اليافعون، وتُقبل باعتبارها صحيحة ً ، عندما تؤكد ذلك سلطات الدول التي أصدرتها أو سفاراتها؛

أن يعيَّن لهؤلاء اليافعين على الفور وبالمجان ممثل قانوني مؤهل أو ممثلون آخرون، وأن يُعترف بالمحامين الخاصين المعيَّنين لتمثيلهم، ويُسمح لجميع الممثلين القانونيين أو ممثلين آخرين بمساعدتهم خلال هذه الإجراءات؛

(ب) أن تضمن تعيين وصي مختص، في أقرب وقت ممكن، لليافعين غير المصحوبين بذويهم الذين يدَّعون أن أعمارهم تقل عن 18 سنة، حتى وإن كان إجراء تحديد سنهم لا يزال جارياً؛

(ج) أن تنشئ آلية فعالة وميسرة لجبر الضرر تتيح لليافعين المهاجرين غير المصحوبين بذويهم الذين يدَّعون أن أعمارهم تقل عن 18 سنة إمكانية طلب مراجعة قرارات السلطات التي تقضي بأنهم بالغون، في الحالات التي يجري فيها تحديد سنهم من دون الضمانات اللازمة لحماية مصالح الطفل الفضلى وحقه في الاستماع إليه؛

(د) أن توفر التدريب لموظفي دائرة الهجرة وأفراد الشرطة وموظفي النيابة العامة والقضاة وغيرهم من المهنيين المختصين بشأن حقوق القاصرين المهاجرين، ولا سيما بشأن تعليق اللجنة العام رقم 6، والتعليقين العامين المشتركين رقم 3 ورقم 4 للجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ورقم 22 ورقم 23 للجنة حقوق الطفل (2017).

11- ووفقاً لأحكام المادة 11 من البروتوكول الاختياري، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في أقرب وقت ممكن وفي غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ آراء اللجنة. وتطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تدرج معلومات عن هذه التدابير في تقاريرها المقدمة بموجب المادة 44 من الاتفاقية. وأخيراً، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر هذه الآراء وتُعمِّمها على نطاق واسع.