الأمم المتحدة

CAT/C/60/D/612/2014

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

16 June 2017

Arabic

Original: French

‎لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الات فاقية، بشأن البلاغ رقم 612/2014 * * *

البلاغ ال مقدم من : أ . ن.، تمثله منظمة ترايل ( الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات م ن العقاب) ومبادرة سيروكا لضحايا الاغتصاب/مركز سيروكا

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى : ٢٤ آذار / مارس ٢٠١٤ ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى )

تاريخ صدور هذا القرار : ٢ أيار/مايو ٢٠١٧

الموضوع : التعذيب على أيدي أفراد من الشرطة الوطنية؛ استخدام اعترافات منتزعة تحت التعذيب في إجراءات قضائية؛ عدم إجراء تحقيق فعال وعدم توفير الجبر

المسائل الإجرائية : لا يوجد

المسائل الموضوعية : التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والتدابير الرامية إلى منع ارتكاب أفعال التعذيب؛ والرصد المنهجي لاحتجاز ومعاملة الأشخاص المسلوبة حريتهم؛ والتزام الدولة الطرف بالحرص على أن تُجري السلطات المختصة فوراً تحقيقات نزيهة؛ والحق في تقديم ال شكاوى؛ والحق في الحصول على الجبر؛ والاعترافات المنتزعة تحت التعذيب

مواد الاتفاقية : المادة 2 (الفقرة 1)، والمواد 11 و12 و13 و14 و15، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 من الاتفاقية

1-1 صاحب الشكوى يدعى أ. ن. وهو مواطن بوروندي مولود في عام 1978 و أص ي ل بلدة مويينغا (مقاطعة موينغا). و عند وقوع الأحداث كان موجوداً في نغوزي. وهو شخص أعزب وغير معيل لأي أطفال. ويدعي صاحب الشكوى أنه ضحية انتهاكات بوروندي ل حقوقه المحمية بموجب المادة ٢ (الفقرة 1) والمواد 11 و١٢ و١٣، ١٤ و١٥، مقروءة بالاقتران مع المادة ١ إضافة إلى المادة ١٦ من الاتفاقية. ويمثله محام.

1-2 في 10 حزيران/يونيه 2003، أعلنت بورندي اعترافها باختصاص اللجنة ل تلقي ال بلاغات الفردية والنظر فيها بموجب المادة 22 من الاتفاقية. ‬

1-3 وفي 16 حزيران/يونيه 2014، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، وفقاً للفقرة 1 من المادة 114 (المادة 108 سابقاً) من نظامها الداخلي (CAT/C/3/Rev.5)، أن تتخذ أثناء نظر اللجنة في شكواه إجراءات فعالة لمنع تعرض صاحب البلاغ وأسرته، خاصة بسبب تقديم هذه الشكوى، لأي تهديد أو عمل من أعمال العنف، وأن تبلّغ اللجنة بالتدابير المتخذة لهذا الغرض.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يعمل صاحب الشكوى كمعلم. وقد درّس بالمدرسة الإعدادية لبلدية ر ويزيروي. وقد توقف عن العمل منذ وقوع الأحداث المتصلة بهذا البلاغ. فإبّان وقوع هذه الأحداث، كانت بوروندي تعيش أزمة خطيرة من أزمات ما بعد الانتخابات. وقد كان صاحب الشكوى حينها يعمل في البلدية كممثل لحزب قوات التحرير الوطنية المعارض للحزب الحاكم.

2-2 وفي 23 نيسان/أبريل ٢٠١١، اعتقل ضباط الشرطة أ. ن. في منزله. فعند حوالي الساعة الرابعة صباحا ً طوّق عشرون من أفراد الشرطة منزل صاحب الشكوى ، واقتحموا المنزل عند طلوع الشمس وأمر ضابط منهم واحدا ً من متساكني صاحب الشكوى بأن يطرق باب غرفة هذا الأخير ويبلغه بأن الشرطة تود ملاقاته . وبعد مضي بضعة ثوان على ذلك ظهر صاحب الشكوى عند باب غرفته. وعلى حين غرة، اقتحم غرفته ستة من أفراد الشرطة مدججين بالسلاح دون الحديث إليه وشرعوا في تفتيش المكان دون الاستظهار بأمر تفتيش. وأمر أحد أفراد الشرطة صاحب الشكوى بالمكوث في أحد أركان الغرفة وعدم التحرك. وقد استمرت عملية التفتيش لمدة ساعة تقريبا ً . واحتجزت الشرطة حاسوبين وطابعة وآلة مسح وسجلا ً لحزب قوات التحرير الوطنية وشهادتي ملكية تتعلق بقطعة أرضية موجودة في كويبوي (مقاطعة موينغا).

2-3 وفي أعقاب عملية المصادرة، أخطر أحد أفراد الشرطة، وهو على ما يبدو المسؤول عن عملية المداهمة، زملاءه بأنه يجب اعتقال صاحب الشكوى. وقد تعرض صاحب الشكوى بالفعل للتوقيف عدة مرات خلال مظاهرات عامة نظمتها قوات التحرير الوطنية. وهكذا فإن السلطات كانت تعرفه شخصيا ً وتعرف هويته.

2- 4 و أُوقف صاحب الشكوى ووُضع في المكان الخلفي لشاحنة صغيرة تابعة للشرطة الوطنية إلى جانب ١٥ ضابط شرطة. وخلال المشوار ، وُضع الشخص الذي يقتسم معه السكن ، الذي أوقف هو الآخر، في حبس ب لدة مويينغا ، في حين نُقل أ. ن. إلى مركز شرطة بلدية مويينغا الذي وصل ه عند الساعة الثامنة صباحا ً . واقتيد إلى مكتب مساعد مفوض المقاطعة. وخلال عملية الاقتياد، رأى صاحب الشكوى ستة رجال حفاة يجلسون مباشرة على الأرض في ممر المركز، إذ كانوا مكبلي اليدين ومصابين في أطراف شتى من جسدهم وكانت ملابسهم ملطّخة بالدماء. وكانت آثار الحبال ظاهرة حول معاصمهم.

2-5 وقد أمر مساعد المفوض صاحب الشكوى بالجلوس وشرع في استجوابه. وسأله إلى حيث كان ينوي الذهاب مع الأشخاص الستة المصابين الذين رآهم في الممر. وقال له إنهم متهمون جميعا ً بالتحريض على التمرد انطلاقا ً من جمهورية تنزانيا المتحدة. وردّ صاحب الشكوى قائلا ً إنه لا يعرف ما كان يلام عليه مضيفا ً أنه لا يعرف أيّا ً من الأفراد الذين رآهم في الممر، ما عدا فردا ً واحدا ً منهم كان عضوا ً في حزب قوات التحرير الوطني ة .

2-6 وهكذا، تناول مساعد المفوض، الذي بدا منزعجا ً من ردود صاحب الشكوى، عصاه وقضيبا ً حديديا ً وانهال على أ. ن. ضرباً على رجليه وظهره. وقد حاول أ. ن. الاحتماء بيديه لكن مساعد المفوض ضربه بقوة إلى حد أنه انهار من شدة الضربات التي تلقاها. وقد ظل مساعد المفوض أثناء ضربه ل صاحب الشكوى يطلب منه الاعتراف بنيته التحضير لقيام ثورة. وقد أخذه من عنق قميصه و دفع به إلى الجدار ووضع مسدسه على أذنه مهددا ً إياه بالقتل "كما حدث مع الآخرين" ورمي جثته في نهر روفوبو ( ) . وقد ت واصل ال ض رب قبل أن ي ت وقف عن ذلك في نهاية المطاف عند سماع صوت عربة كانت تقترب منهما ، تاركاً إياه ملقى على الأرض وهو يتوجَّع من شدة الألم.

2-7 وحينها كُلّف أحد ضباط الشرطة القضائية بمواصلة الاستجواب و أصرّ هذا الضابط على طرح الأسئلة نفسها على أ. ن. وبعد مضي عشر دقائق على ذلك، عاد مساعد المفوض إلى الظهور وضرب صاحب الشكوى مجددا ً بقوة على ذراعه الأيمن مجبرا ً إياه على توقيع محضر الشرطة من خلال وضع بصمته على الوثيقة.

2 -8 وقد أصيب صاحب الشكوى بكسر في ذراعه وهو لا يزال يعاني من ندوب جسدية ونفسية خطيرة جرّاء سوء المعاملة التي تعرّض لها.

2-9 وقد استطاع مراقبون من مكتب الأمم المتحدة في بوروندي، خلال زيارتهم ل مركز الشرطة في موينغا في اليوم ذاته، الاجتماع بصاحب الشكوى ومعاينة آثار التعذيب البادية على جسده، بما في ذلك ذراعه المكسور.

2-10 وفي اليوم نفسه، نُقل صاحب الشكوى عند حوالي الساعة العاشرة صباحا ً إلى سجن مويينغا حيث عاين ممرض الإصابة التي لحقت ذراعه الأيمن ووضع له ضمادة مشيرا ً إلى احتمال تعرضه لكسر. مع ذلك لم يُنقل إلى مستشفى موينغا إلا بعد مضي خمسة أيام على ذلك. غير أنّه في ظل عدم وجود الطبيب أعيد اقتياده إلى السجن. ولم ي ُ ستجب لطلب ه زيارة طبيب في الأيام التالية رغم ما كان يعانيه من آلام شديدة. وقد عالجه سجناء آخرون واحتفظ بالضمادة نفسها لمدة شهرين.

2-11 وكان أ. ن. محتجزا ً في زنزانة مع 80 سجينا ً آخرين . ولم تكن الغرفة مزودة سوى بعدد قليل من النوافذ عند السقف وكان النور فيها ضئيلا ً . وكان أ. ن. ينام على البلاط الإسمنتي البارد مباشرة دون فراش.

2-12 وفي ٣ أيار/مايو ٢٠١١، عُقدت جلسة لبحث مدى مشروعية احتجاز صاحب الشكوى، وقد أفضت إلى الاحتفاظ به قيد الاحتجاز. وخلال هذه الجلسة، بل َّ غ أ. ن. فورا ً عن سوء المعاملة التي تعرض لها أثناء استجوابه على أيدي مساعد المفوض لكن دون جدوى. وعلاوة على ذلك، ونظرا ً لقرب تاريخ انعقاد الجلسة من فترة وقوع الأحداث وظهور آثار الضرب الذي تعرّض له صاحب الشكوى، فإنه بالتأكيد كان بإمكان قاضي التحقيق معاينة هذه الآثار بنفسه. ومع ذلك، فإن هذا الأخير أبلغ أ. ن. بأن انتفاخ ذراعه لا يشكل في حد ذاته تعذيبا ً ، لأنه لا يوجد دليل على وقوع ذلك في مركز الشرطة.

2-13 وفي ١٠ أيار/مايو ٢٠١١، التقى مراقبو مكتب الأمم المتحدة في بوروندي مدعي عام مقاطعة موينغا، وطلبوا إليه التحقيق في سوء المعاملة التي تعرض لها أ. ن. أثناء استجوابه، وتعرض لها أيضا ً الأشخاص الستة الآخرون المحتجزون للأسباب ذاتها. وأمام إصرار المراقبين فتح مكتب المدعي العام تحقيقا ً بهذا الشأن. وقد استجوب قاضي التحقيق أ. ن. ومحتجزين آخرين في ١٢ تموز/يوليه ٢٠١١، أي بعد مضي تسعة وسبعين يوما ً على وقوع الأحداث. وخلال جلسة الاستماع هذه، أبلغ صاحب الشكوى مرة أخرى بسوء المعاملة التي تعرض لها في مكتب مساعد المفوض. وقد استطاع أن يكشف آثار الضرب البادية على كامل جسده وحالة ذراعه ال ذ ي كان لا ي زال منتفخ اً انتفاخا ً شديدا ً . ومع ذلك لم يطلب المدعي العام إجراء أي فحص طبي.

2-14 وفي ١٤ تموز/يوليه ٢٠١١ قدّم أ. ن. ومتهمان آخران شكوى جماعية ضد مساعد مفوض مركز شرطة مويينغا ورئيس مخفر شرطة بوهينزويا. وقد أحيل الملف في 26 آذار/ مارس ٢٠١٢ من المدعي العام بموينغا إلى محكمة الاستئناف في نغوزي (بسبب الامتيازات القضائية التي يتمتع بها الأشخاص المشمولون ب الشكوى) ، وسُجّل الملف . غير أنه لم يفتح أي تحقيق. ولم يستمع قط للأشخاص موضوع الشكوى ولم تتخذ ضدهم أي عقوبات. ولم يطلب قط إجراء أي فحص طبي. وعلاوة على ذلك، اختفى ملف التحقيق المفتوح في أعقاب تدخل مكتب الأمم المتحدة بعد أن أحيل إلى محكمة الاستئناف في نغوزي، وذلك وفقا ً للمعلومات المقدمة من المدعي العام إلى موظفي المكتب. وقد باشر موظفو المكتب العديد من المساعي للبحث عن الملف و العثور عليه لكن مساعيه لم تكلل بالنجاح.

2-15 وقد بُث تقرير إذاعي بشأن هذه القضية على إذاعة إيسانغانيرو التي تعد واحدة من أكثر المحطات الإذاعية شعبية في بوروندي.

2-16 وفي 12 تموز/يوليه 2016، استُجوب صاحب الشكوى في محكمة المنطقة القضائية بموينغا في إطار الإجراءات الجنائية التي بوشرت ضده بسبب مشاركته في عصابات مسلحة وتهديده ل أمن الدولة الداخلي. واستجوبه القاضي بشأن وجود منشورات تحريضية والإعداد لعملية تمرد. وقد أنكر صاحب الشكوى كل هذه الوقائع. وأبلغ مجددا ً بما تعرض له من أعمال تعذيب، لكن دون جدوى. وقد طلب القاضي إلى صاحب الشكوى تقديم الأدلة الطبية التي تدعم ادعاءاته ف سعى إلى الحصول عليها لكن ب دون جدوى. وقد رفض مدير السجن تزويده بتقاريره الطبية. ومع أن صاحب الشكوى أبلغ القاضي بهذا الرفض، لم تتخذ المحكمة أي إجراء لطلب هذه الوثائق، ولم يطلب القاضي رأي أي خبير، على الرغم من أن ذلك يندرج ضمن صلاحياته بموجب المادة 199 من القانون الجنائي السابق الذي كان ساريا ً وقت وقوع الأحداث.

2-17 وفي ٣ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢، حُكم على أ. ن. بالسجن لمدة إحدى عشرة سنة بسبب مشاركته في عصابات مسلحة وتهديده ل أمن الدولة الداخلي. وقد طعن في هذا القرار. وفي 30 آب/أغسطس ٢٠١٢، قضت محكمة الاستئناف في نغوزي ببراءته في نهاية المطاف وأُفرج عنه في ١١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢. وكان أ. ن. قد قضى أكثر من ١٦ شهرا ً رهن الاحتجاز.

2-18 وفي ١٤ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣، وجّه أ. ن. رسالة إلى وزير التعليم بغية طلب إعادته إلى منصبه كأستاذ. ولم يُقبل هذا الطلب سوى في تموز/يوليه ٢٠١٣، دون أن يستطيع صاحب الشكوى الحصول على نسخة من هذا القرار. ويؤكد صاحب الشكوى أن حالته المهنية و المادية هشة جدا ً . وهو لا يزال يجهل ما إذا كان سيستأنف عمله كأستاذ. وهو يسكن لدى بعض الأصدقاء، ويعمل أحيانا ً كحارس بعض الساعات كي يستطيع العيش.

2-19 ولا يزال أ. ن. يعاني من آلام جسدية ومشاكل نفسية بسبب أعمال التعذيب التي تعرض لها. ويضيف أن الشهادة الطبية الصادرة في ١٢ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣ تؤكد إصابته بـ "إعاقة وظيفية" على مستوى الذراع، مقترنة بـ "آلام مزمنة"؛ كما تشير الشهادة إلى معاناته من تبعات نفسية تتجلى في كوابيس وحالات نسيان ( ) .

2-20 وفي ٢ أيلول/سبتمبر ٢٠١٣، أعاد صاحب الشكوى تقديم شكواه، لكنه لم يُتخذ أي إجراء في هذا الصدد. وبعد مضي ثلاث سنوات على الوقائع، لم يفتح أي تحقيق بهذا الخصوص. وعلى الرغم من أنه جرى تحديد هوية الجناة المزعومين إلا أنه لم يحقق معهم قط ولم تتخذ ضدهم أي إجراءات. ولم يطلب قط إجراء أي فحص طبي. وعليه، أفلت الجناة من العقاب.

2-21 وفي ضوء الخطوات المتخذة، يؤكد صاحب الشكوى أنه حاول استنفاد سبل الانتصاف المحلية، إلا أنه ثبت بكل موضوعية أنها غير فعالة ومتحيزة وغير مجدية. وعلاوة على ذلك، تجاوزت هذه الإجراءات الأجل المعقول المحدد لها: فقد تعيّن الانتظار أكثر من تسعة أسابيع، أي ثلاثة وستين يوما ً ، بعد الإبلاغ الأول بالوقائع في جلسة استماع قبل فتح التحقيق. وبالإضافة إلى ذلك، س ي ت عرض صاحب الشكوى نفسه للخطر إن هو مضى في هذه الإجراءات ؛ فعلاً فقد تلقى صاحب الشكوى تهديدات من مساعد مفوض موينغا الذي حذّره من أن الإبلاغ عن المعاملة التي خضع لها ستعرضه للقتل.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب الشكوى أن بوروندي انتهكت حقوقه المحمية بموجب المادة ٢ (الفقرة 1) والمواد 11 و ١٢ و ١٣، ١٤ و ١٥، مقروءة بالاقتران مع المادة ١، و مع المادة ١٦ من الاتفاقية، وكذلك المادة 16 بمفردها.

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ أنه عانى من أوجاع وآلام حادين بسبب سوء المعاملة الشديدة جدا ً التي تعرّض لها على أيدي ضباط الشرطة الوطنية البوروندية أثناء اعتقاله واستجوابه في مركز الشرطة بموينغا (انظر الفقرة 2-4 وما بعدها أعلاه). فقد تعرّض للضرب بوحشية وهُدّد بالقتل ونُفذت فيه عملية إعدام صورية. وتشكل هذه الأفعال أعمال تعذيب لأنها تسببت للضحية في جزع شديد. وقد كانت أعمال التعذيب التي ارتكبها أعوان حكومي و ن مقصودة بغرض ترهيبه والحصول منه على اعترافات. وكل شيء يوحي أن إلقاء القبض على أ. ن. كان بسبب انتمائه السياسي إلى حزب قوات التحرير الوطنية ، الذي لم يكن يخفى على السلطات.

3-3 ويضيف صاحب البلاغ أن حالته الصحية تدهورت بسبب حرمانه من الرعاية الطبية عند وصوله إلى سجن مويينغا واحتجازه بعد ذلك في ظروف مزرية، وهو ما يجب أيضا ً تحليله من منظور المادة ١ من الاتفاقية.

3-4 وبموجب الفقرة 1 من المادة ٢ من الاتفاقية، يدّعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تتّخذ تدابير فعالة لمنع ارتكاب أعمال تعذيب داخل ولايتها القضائية. وفي هذه القضية، لم يُحترم عدد من الضمانات الإجرائية التي ينبغي أن تواكب أي عملية حرمان من الحرية. ولم يصدر أي أمر يقضي بزيارة محل إقامته وتفتيش معداته ومصادرتها أثناء توقيفه في ٢٣ نيسان/ أبريل ٢٠١١، ولم يبلّغ بالتهم الموجهة إليه. وعلاوة على ذلك، لم تحترم مهلة المثول أمام القاضي في غضون سبعة أيام التي تنص عليها المادة ٦٠ من قانون الإجراءات الجنائية التي كانت سارية وقت وقوع الأحداث: إذ اعتقل أ. ن. في ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١١ ومثل أمام القاضي في ٣ أيار/مايو ٢٠١١، أي بعد مضي عشرة أيام على اعتقاله. ولم تنظم بعد ذلك أي جلسة استماع أخرى، في حين أنه كان يجب مراجعة مدى مشروعية احتجازه مرة كل ثلاثة أيام، وفقا ً للفقرة ٧٥ من قانون الإجراءات الجنائية القديم الذي كان ساريا ً آنذاك. ويلاحظ صاحب الشكوى أيضا ً أن محكمة الاستئناف في نغوزي قضت في نهاية المطاف ببراءته بعد احتجازه قرابة 17 شهرا ً ، وهو دافع مشروع لاعتقاد أن الدعاوى المقامة ضده لم تكن تستند إلى أي أس ا س.

3-5 ويضيف صاحب البلاغ أنه لم يحصل عند وصوله إلى السجن ثم أثناء احتجازه على الرعاية الطبية التي كانت تقتضيها حالته الصحية، وهكذا يتضح أنه حُرم من تلقي مساعدة طبية ملائمة وسريعة من طبيب مستقل، بما يشكل انتهاكا ً للمادة 2 (الفقرة 1) من الاتفاقية.

3-6 ووفقا ً لصاحب الشكوى، أخلّت الدولة الطرف أيضا ً بالتزامها بالتحقيق في أفعال التعذيب التي تعرض لها، بغية تقديم المتورطين فيها إلى العدالة. وعلاوة على ذلك، ورغم إصلاح قانون العقوبات لعام 2009 لا تزال ثمة عقبات قانونية تحول دون منع التعذيب بصورة فعالة. وبخلاف السياقين المحددين للإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية، تخضع أفعال التعذيب على هذا النحو لفترة التقادم المتراوحة بين عشرين وثلاثين سنة بحسب ا لظروف. وبالتالي، يؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تعتمد تدابير تشريعية أو أي تدابير أخرى تقتضيها المادة 2 (الفقرة 1) من الاتفاقية.

3-7 وبالنظر إلى الحالة الحرجة التي كان عليها صاحب البلاغ بعد استجوابه في ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١١، يتضح بجلاء أن السلطات البوروندية لم تمارس الرقابة الضرورية على المعاملة التي تلقاها في مخفر الشرطة بمقاطعة مويينغا. وقد عوينت العديد من المخالفات الإجرائية، ولا سيما فيما يتعلق بتوقيفه واحتجازه: فقد باشر ضباط الشرطة عملية تفتيش المنزل ومصادرة المعدات، ثم اعتقاله وإيداعه السجن دون تقديم أي أمر بهذا الخصوص؛ ولم يخطر صاحب البلاغ بالتهم الموجهة إليه. ولم تستوف عملية رصد مدى مشروعية احتجازه الشروط القانونية؛ ولم تنظم جلسة الاستماع إلا بعد مضي عشرة أيام على توقيفه، ولم تنظم أي جلسة أخرى؛ وأخيرا ً ، احتُجز صاحب البلاغ في ظروف مزرية (الفقرة 2-11 أعلاه). وهكذا، انتُهكت المادتان 11 و16.

3-8 وبموجب المادة ١٢، يدعي صاحب الشكوى أن السلطات لم تفتح أي تحقيق على الرغم من أنه أبلغها بأفعال التعذيب التي تعرض لها منذ جلسة الاستماع الأولى أمام القاضي التي نُظمت في ٣ أيار/مايو ٢٠١١ وأبلغ فيها عن المعاملة التي تلقاها في مكتب مساعد المفوض، وعلى الرغم من أن علامات سوء المعاملة كانت بادية على جسده. وقد تعين الانتظار تسعة أسابيع قبل أن يفتح تحقيق في نهاية المطاف، مع أنه كانت توجد بناء على معلومات واردة من عدة مصادر أسباب معقولة تدعو إلى اعتقاد أن صاحب البلاغ تعرض للتعذيب. ولا يمكن القول إ ن التحقيق كان سريعا ً ونزيها ً ، نظرا ً لأنه مضى أكثر من عامين و عشرة أشهر على تاريخ أول عملية إبلاغ، دون أن يجري أي تحقيق فعّال وأن تقام دعاوى ضد الجناة المزعومين. وباستثناء جلسة الاستماع إلى الضحية المعقودة في ١٢ تموز/يوليه ٢٠١١ لم يجر أي تحقيق آخر. ولم يستمع قط إلى الأشخاص موضوع الشكوى المقدمة في ١٤ تموز/يوليه ٢٠١١ ولم يطلب رأي أي خبير طبي. وسُلّط الضوء أيضا ً على عدم إيلاء العناية الواجبة عند معالجة القضية من خلال "ضيا ع " ملف القضية أثناء نقله إلى محكمة الاستئناف في نغوزي. كما أنه لم يستجب لإجراء إعادة تقديم الشكوى في ٢ أيلول/سبتمبر ٢٠١٣.

3-9 ويضيف صاحب الشكوى أنه لا يوجد في القانون الجنائي البوروندي التزام صريح من المدعين العامين بأن يلاحقوا بحكم المنصب المتورطين في أعمال التعذيب أو حتى بأن يأمروا بإجراء تحقيق (انظر الفقرة 22 من الوثيقة CAT/C/BDI/CO/1). ويدعو اللجنة إلى الخلوص إلى وجود انتهاك للمادة ١٢.

3-10 ويستشهد صاحب الشكوى أيضا ً بالمادة ١٣، ويؤكد من جديد أنه لم ينظر في قضيته بصورة سريعة ونزيهة، على النحو المبين أعلاه.

3-11 ويفيد صاحب البلاغ بأن الدولة البوروندية بحرمانه من الإجراءات الجنائية حرمته أيضا ً من السبل القانونية للحصول على تعويض عن الأضرار المادية والمعنوية المترتبة على جريمة خطيرة مثل جريمة التعذيب. ولم يتلقّ صاحب الشكوى أي تعويض ولم يستفد من أي شكل من أشكال الجبر وإعادة التأهيل. وبالنظر إلى موقف السلطات القضائية السلبي، تنعدم من الناحية الموضوعية فرص نجاح أي سبل طعن أخرى، ولا سيما ا لحصول على الجبر من خلال رفع دعوى مدنية للحصول على تعويض ( ) . ومن ثم فإن صاحب الشكوى يدّعي انتهاك المادة ١٤ من الاتفاقية.

3-12 ويضيف صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت أيضا ً المادة ١٥ من الاتفاقية. ومما لا شك فيه أن أ. ن. تعرّض للتعذيب بغرض الحصول منه على اعترافات بدليل أن أفعال التعذيب توقفت ما أن وضع الضحية تحت الإكراه بصمته على محضر قدّم ه إليه ضباط الشرطة. وعلى أساس تلك الاعترافات تحديدا ً جرت ملاحقة صاحب البلاغ بتهمة المشاركة في عصابات مسلحة وتهديد أمن الدولة الداخلي. ولم تُفحص قطّ ظروف إعداد المحضر الذي وقّعه صاحب الشكوى ولم تعتبر الاعترافات لاغية وباطلة. بل على العكس من ذلك، استُخدمت في المحكمة الابتدائية لإدانة أ. ن.

3-13 وأخيرا ً ، يكرّر صاحب الشكوى أن جميع أشكال المعاملة التي تعرّض لها تشكل تعذيبا ً بمفهوم المادة الأولى من الاتفاقية ويؤكد ، استطرادا ً، أن سوء المعاملة التي تعرض لها هي بمثابة معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، وهكذا فإن الدولة ملزمة أيضاً بمنع وقمع ارتكابها أو التحريض عليها أو التغاضي عنها من جانب موظفي ها ، وجبر الأضرار المترتبة عليها.

3-14 ويضيف صاحب الشكوى أن ظروف احتجازه المزرية لمدة سبعة عشر شهرا ً تقريبا ً في سجن مويينغا الذي يواجه مشكلة الاكتظاظ المفرط ( ) والمستمر والظروف غير الصحية التي تهدد صحة المحتجزين، تشكل أيضا ً انتهاكا ً لحقوقه المكفولة بالمادة ١٦ . وعلاوة على ذلك، كانت الحالة الصحية لصاحب الشكوى مقلقة عند وصوله إلى سجن مويينغا ولم يحصل رغم طلباته الملحة على الرعاية الطبية التي كانت تقتضيها حالته. وهو لا يزال يعاني حتى اليوم من آثار بدنية جراء ذلك. ويخلص صاحب الشكوى إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة في المادة ١٦ من الاتفاقية.

3-15 وفي الختام، يطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تخلص إلى حدوث انتهاك للأحكام المذكورة آنفا ً وتأمر بوروندي بأن تقوم على الخصوص بما يلي: ( أ) إجراء تحقيق فوري وشامل وفعال في أفعال التعذيب ال ت ي تعرض لها بغرض مقاضاة الجناة ومعاقبتهم؛ (ب) منحه جبرا ً ملائما ً ، بما في ذلك تدابير التعويض عن الضرر المادي والمعنوي، وتدابير الرد وإعادة التأهيل والترضية وضمان عدم التكرار؛ (ج) التأكد من إبطال الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب؛ (د) تعديل تشريعاتها لضمان عدم تقادم الإجراءات المدنية فيما يتعلق بأعمال التعذيب؛ (ه) اتخاذ إجراءات لضمان عدم تكرار الانتهاكات المسجّلة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 27 آذار/مارس 2015، قدّمت الدولة الطرف ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وقد اعترضت على مقبوليته لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ووفقا ً للدولة الطرف، فإن صاحب الشكوى قد تخلى عن شكواه الجاري البت فيها أمام المحاكم البوروندية بغرض اللجوء إلى اللجنة. وعلاوة على ذلك، تعتبر ادعاءات صاحب الشكوى أحادية الطرف وغير مدعومة بأي أدلة. ولذلك، فإن طلبه الحصول على التعويض لا يستند إلى أي أساس بما أن الضرر الذي لحقه لم يحدد بعدُ، وسيتعين على محاكم الدولة الطرف أن تبتّ في الأسس الموضوعية لادعائه، وكذلك في التعويضات التي يمكن أن تدفع له.

4-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تؤكد الدولة الطرف أنّها اتخذ ت تدابير فعالة لمنع التعذيب إذ إ ن قانون العقوبات الجديد لعام 2009 صنّفه كجريمة خطيرة تستوجب عقوبات ردعية شديدة.

4- 3 وفيما يتعلق بتدابير الحماية التي طلبها صاحب البلاغ لمنع تعرضه لحالات انتقام محتملة، فإن الدولة الطرف تعتبرها غير ملائمة وغير ذات صلة. وينعم صاحب الشكوى بحرية التنقل داخل بلده ولم يعترضه حتى اليوم أي مشكل.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في 1 تموز/يوليه 2015، قدّم صاحب الشكوى تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يشير في بداية الأمر إلى أن آجال سبل الانتصاف المحلية امتدت لفترة غير معقولة. وبالإضافة إلى ذلك، قد يتعرّض صاحب الشكوى للخطر في استخدام هذه السبل. ويشير إلى أن قاضي التحقيق استمع إليه في ١٢ تموز/يوليه ٢٠١١ (أي بعد حوالي تسعة وسبعين يوما ً على حدوث الوقائع)؛ وإلى أنه لم يفتح أي تحقيق على الرغم من علامات التعذيب البادية عليه؛ وإلى أن ملف قضيته ضاع بعد ما نُقل إلى محكمة الاستئناف في نغوزي.

5-2 كما يشير صاحب الشكوى إلى أنه لم يتخلّ قط عن شكواه لكنه اضطُرّ إلى اللجوء إلى المحاكم الدولية بما أن الوقائع ظلت بدون عقاب بعد مرور ثلاث سنوات على حدوثها. ويضيف صاحب الشكوى أن هذين الإجراءين لا يستبعدان أحدهما الآخر ، وأنه على الرغم من اللجوء إلى اللجنة سيكون من المستصوب أن تباشر السلطات البوروندية الإجراءات وتقاضي الجناة.

5-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يكرّر صاحب الشكوى جميع الحجج المقدمة في رسالته الأولى. ويضيف أن طلب منحه تدابير وقائية إجراء مبرر تماما ً وضروري لأن المتورطين في أفعال التعذيب هم أفراد يتبعون للشرطة الوطنية، من بينهم ضباط كبار، ويتمتعون بسلطات وسبل قمع مهمة، وهو ما يشكل سببا ً مشروعا ً للخوف من التعرض لأعمال الانتقام. وأشار الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في بوروندي في تقريره لعام ٢٠١١ أن ضحايا التعذيب الذين يحاولون الإبلاغ عن أفعال أفراد الأمن يتعرضون للتهديد (انظر A/HRC/17/50، الفقرة 46). وعلاوة على ذلك، ونظرا ً لتردي الحالة الأمنية في البلد، بات السكان المدنيون، ولا سيما الأفراد المنتمون إلى المعارضة أو يُنظر إليهم كمعارضين ، يعيشون في ظروف أمنية هشّة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 تأكّدت اللجنة، حسبما هو مطلوب منها بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية الشكوى لعدم ا ستنفاد سبل الانتصاف المحلية إذ إ ن مكتب المدعي العام فتح تحقيقا ً في أعقاب تدخل مراقبي مكتب الأمم المتحدة ببوروندي. وتلاحظ اللجنة أنه في أعقاب تسجيل هذه الشكوى استجوب صاحب الشكوى من قبل قاضي التحقيق في ١٢ تموز/يوليه ٢٠١١ وتمكّن بهذه المناسبة من الإبلاغ عن أفعال التعذيب التي تعرّض لها في مركز الشرطة في موينغا في ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١١. ومنذ جلسة الاستماع هذه، لا نزاع في أنه لم يفتح أي تحقيق ولم تباشر أي إجراءات ملاحقة بناء على مختلف الشكاوى والطلبات المقدّمة من صاحب البلاغ في السنتين اللاحقتين. ويبدو أن الأمر نفسه ينسحب على الشكوى الجماعية المقدمة في ١٤ تموز/يوليه ٢٠١١ ضد مساعد المفوض في مركز شرطة مويينغا ورئيس مخفر شرطة بوهينزويا. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تقدّم أي عنصر إضافي من شأنه أن يسمح للجنة بتقييم التقدم المحرز فيما يتعلق بالتحقيق في هذه القضية، في حين أنها تظل نظريا ً مسجلة في جدول محكمة الاستئناف في نغوزي منذ أكثر من خمس سنوات (بعد إحالتها إلى هذه المحكمة في ٢٦ آذار/مارس ٢٠١٢). وتخلص اللجنة إلى أن تقاعس السلطات المختصة، في هذه الظروف، حال دون إمكانية إتاحة سبيل انتصاف من شأنه تحقيق جبر مفيد وإلى أن الإجراءات الداخلية تجاوزت المهل الزمنية المعقولة على أي حال. وهكذا، ترى اللجنة أنه ليس ثمة ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية.

6-3 وفي ظل غياب أي عائق آخر يحول دون مقبولية البلاغ، تباشر اللجنة النظر في الأسس الموضوعية لأوجه التظلم التي قدمها صاحب الشكوى بموجب المادة 1، والفقرة 1 من المادة 2، والمواد 11 و12 و13 و14 و16 من الاتفاقية. ‬

النظر في الأُسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في الشكوى ، آخذة في الحسبان على النحو الواجب جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

7-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يفيد بأنه أُوقف في ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١١ في منزله من قبل أفراد الشرطة واقتيد إلى مركز شرطة مويينغا حيث اتهم بالمشاركة في مشروع تمرد على النظام واستجوب ثم ضُرب ضربا ً مبرحا ً على أيدي مساعد مفوض مركز شرطة مويينغا الذي هدّده أيضا ً بالقتل من خلال إخضاعه لعملية إعدام صورية. وعلى الرغم من تعرض صاحب البلاغ لإصابات خطيرة وكسر واضح على مستوى الذراع، فقد نُقل في اليوم نفسه إلى سجن مويينغا. ولم يتلقّ أي رعاية طبية رغم طلبه ذلك.

7-3 وبموجب المادة ١ من الاتفاقية، أضاف صاحب الشكوى أن ظروف احتجازه في سجن مويينغا حيث حُرم من الرعاية الطبية وكان يعاني من ظروف الاكتظاظ في السجن وينام على الأرض مباشرة هي أيضا ً من ضروب المعاملة التي تشكل تعذيبا ً .

7-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحب الشكوى. وتخلص اللجنة، في ظل هذه الظروف، وبناء على المعلومات المتاحة لها، إلى أنه يجب مراعاة ادعاءات صاحب الشكوى مراعاة كاملة؛ وإلى أن صاحب الشكوى تعرض لسوء المعاملة على يد أعوان الدولة الطرف الذين كانوا يتصرفون بصفتهم الرسمية؛ وإلى أن هذه الأفعال تشكل ضروباً من التعذيب بموجب المادة 1 من الاتفاقية.

7-5 إن اللجنة، وقد خلصت إلى وجود انتهاك للمادة الأولى من الاتفاقية، فإنها لن تنظر استطراداً في ادعاءات صاحب الشكوى الأخرى بمقتضى المادة 16 من الاتفاقية.

7-6 و يت ذرَّع صاحب الشكوى أيضاً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية التي كان ينبغي على الدولة الطرف أن تتخذ بموجبها التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع أفعال التعذيب في أي إقليم خاضع لولايتها. وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أنه ألقي القبض على صاحب البلاغ دون الاستظهار ب أمر يقضي بذلك؛ وأنه لم يتم بحث مشروعية احتجازه في غضون المهلة القانونية المحددة (انظر الفقرة 3-4 أعلاه)؛ وأنه حُرم من الرعاية الطبية رغم حاجته إليها. ولم يعاقب أحد على سوء المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ في مركز شرطة مويينغا والتي أبلغ عنها في عدة مناسبات. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة الأولى من الاتفاقية ( ) .

7-7 وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة صاحب الشكوى التي تفيد بأن المادة 11 انتُهكت لأن الدولة الطرف لم تراقب كما يلزم المعاملة التي خضع لها صاحب الشكوى خلال فترة احتجازه. وادّعى هذا الأخير على وجه الخصوص أن عملية القبض عليه واحتجازه لم ترافقها الضمانات الإجرائية وتدابير الرقابة اللازمة؛ وأنه حُرم من الرعاية الطبية رغم حالته الصحية الحرجة. وأنه احتُجز في ظروف مزرية. وتشير اللجنة من جديد إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الثاني لبوروندي التي أعربت فيها عن قلقها إزاء ما يلي: فرط طول فترة الحبس على ذمة التحقيق، والحالات العديدة لتجاوز فترة الحبس على ذمة التحقيق؛ وعدم حفظ سجلات إيداع السجناء أو عدم حفظها واكتمالها، وعدم احترام الضمانات القانونية الأساسية الممنوحة للأشخاص المحرومين من الحرية؛ والافتقار إلى أحكام تنص على إتاحة الوصول إلى الطبيب والمساعدة القانونية للمعوزين؛ واللجوء التعسفي الحبس الاحتياطي في ظل انعدام رقابة منتظمة لمدى قانونية هذا الحبس وحدود فترته الإجمالية (انظر الفقرة 10 من الوثيقةCAT/C/BDI/CO/2). وفي هذه القضية، يبدو أن معاملة صاحب البلاغ لم تخضع لأي رقابة قانونية. وفي ظل غياب أي معلومات وجيهة من جانب الدولة الطرف ومن شأنها أن تثبت أن احتجاز صاحب الشكوى كان يخضع في الواقع لرقابتها، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 11 من الاتفاقية ( ) .

7-8 وفيما يتعلق بالمادتين ١٢ و١٣ من الاتفاقية، تكرّر اللجنة ملاحظاتها الأولية (الواردة في الفقرة 6-2) وتحيط علما ً بالادعاءات غير المعترض عليها التي تفيد بأنه على الرغم من تسجيل شكويين متتالي ت ين في عام ٢٠١١، وهما فتح تحقيق قضائي وتقديم شكوى جماعية ضد مساعد مفوض مركز شرطة موينغا، ومتعلقتين بالوقائع ذاتها، لم تباشر أي ملاحقة جنائية، على الرغم من تفعيل صاحب البلاغ لشكواه من جديد في أيلول/سبتمبر ٢٠١٣. وقد اعترضت الدولة الطرف على اللجوء إلى اللجنة، بحجّة أن صاحب الشكوى قد "تخلّى" عن شكواه على الصعيد المحلي، لكنها لم تقدم أي تفسير للتأخير في معالجة هذه القضية. وترى اللجنة أن مثل هذا التأخير يتعارض بشكل صارخ مع التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية، التي تنص على إجراء تحقيق فوري ونزيه كلما كانت هناك أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتكب. وبالإضافة إلى عدم وفاء الدولة الطرف بهذا الالتزام، فإنها أخلت كذلك بالمسؤولية الواقعة عليها بموجب المادة 13 من الاتفاقية والمتمثلة في أن تكفل لصاحب البلاغ الحق في تقديم شكوى، وهو ما يفترض أن تستجيب السلطات لهذه الشكوى على النحو المناسب بإجراء تحقيق سريع ونزيه ( ) .

7-9 وفيما يتعلق بالمادة 14 من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علماً بادّعاءات صاحب الشكوى التي تفيد بأنه لم يتمتع بتدبير من تدابير إعادة التأهيل يرمي إلى إعادة إدماجه على أكمل وجه ممكن. وتذكّر اللجنة بأن المادة 14 من الاتفاقية تعترف ليس فقط بالحق في التعويض بصورة عادلة وصحيحة، بل تلزم الدول الأطراف أيضاً بالسهر على أن تحصل ضحية التعذيب على الجبر. وتخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية.

7-10 وفيما يتعلق بالمادة ١٥، أحاطت اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ الذي يفيد بأن إجراءي ملاحقته قضائيا ً وإدانته في 3 كانون الثاني/يناير ٢٠١٢ بتهمة المشاركة في عصابات مسلّحة وتهديد أمن الدولة (وهي تهم بُرّئ منها لاحقا ً )، استندا إلى الاعترافات التي انتزعت منه تحت التعذيب في ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١١. ولم تقدم الدولة الطرف أي حجة من شأنها دحض هذا الادعاء. وتُذكّر اللجنة بأن الصيغة العامة لنص المادة 15 من الاتفاقية تنبع من الطابع المطلق لحظر التعذيب، وبالتالي تُلزم كل دولة طرف بالتحقق مما إذا كانت الأقوال المستخدمة في دعوى تندرج ضمن اختصاصها لم تُنتزع تحت التعذيب ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد لفت انتباه السلطات القضائية إلى تعرضه لسوء المعاملة في مناسبات عديدة، لكن دون جدوى. ويتعين على الدولة الطرف التي لم تدحض أي من ادعاءات صاحب البلاغ أن تتحقق من مضمون ادعاءات صاحب الشكوى التي تفيد بأنه أدلى باعترافاته تحت التعذيب. والدولة الطرف بعدم تحقّقها من ذلك واستخدامها هذه الاعترافات في الملاحقة القضائية التي استهدفت صاحب البلاغ وانتهت بتبرئة ذمته، أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة ١٥ من الاتفاقية.

٨- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وللمواد 11 و12 و13 و14 و15 من الاتفاقية.

٩- تحث اللجنة الدولة الطرف على القيام بما يلي: (أ) إكمال التحقيق الذي بدأ بشأن الأحداث المعنية، بهدف محاكمة جميع المتورطين المحتملين في سوء المعاملة التي تعرض لها صاحب الشكوى؛ (ب) منح صاحب الشكوى سبل الجبر الملائم، بما في ذلك تدابير التعويض عن الضرر المادي والمعنوي، وتدابير الرد وإعادة الاعتبار والترضية وضمان عدم التكرار؛ (ج) اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أي تهديدات أو أعمال عنف قد يتعرض لها صاحب الشكوى وأسرته، لا سيما بسبب تقديم هذه الشكوى. وتحث اللجنة الدولة الطرف، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، على إبلاغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار بما يكون قد اتخذته من خطوات استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه.