الأمم المتحدة

CAT/C/60/D/579/2013

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

16 June 2017

Arabic

Original: French

English, Spanish and

French Only

‎لجنة مناهضة التعذيب‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 579/2013 * **

المقدم من : ج. ن . تمثلها منظمة ترايل (الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب) ومبادرة سيروكا لرعاية ضحايا الاغتصاب/مركز سيروكا

الشخص المدَّعى أنه ضحية : ك. ن. ابنة صاحبة الشكوى

الدولة الطرف : بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى : ١١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣ (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ صدور هذا القرار : 1 أيار/مايو 2017

الموضوع : اغتصاب مسؤول في الجيش الوطني لطفلة وعدم إجراء تحقيق فعال وعدم الإنصاف

المسائل الإجرائية : لا يوجد

المسائل الموضوعية : التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وتدابير منع ارتكاب أفعال التعذيب؛ والتزام الدولة الطرف بالحرص على أن تُجري سلطاتها المختصة تحقيق سريع ونزيه؛ والحق في رفع شكوى؛ والحق في الإنصاف؛

مواد الاتفاقية : المادة 2 (الفقرة 1)، والمواد 12 و13 و14 مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 من الاتفاقية

١-١ صاحبة الشكوى هي ج. ن . ، وهي مواطنةٌ بوروندية من مواليد عام ١٩٨٠. وتقدم البلاغ نيابة عن ابنتها القاصر، ك. ن.، المولودة في 17 تموز/يوليه 2003. وتدعي أن ابنتها ك. ن. هي ضحية انتهاك للمادة 2 (الفقرة 1) والمواد 12 و13 و14، مقروءة بالاقتران مع المادة 1، وتحوطاً، مع المادة 16 من الاتفاقية. ويمثل صاحبة الشكوى محام.

١-٢ وقد أعلنت بوروندي، في 10 حزيران/يونيه 2003، اعترافها باختصاص اللجنة بتسلم ودراسة البلاغات الواردة من الأفراد بموجب المادة 22 من الاتفاقية. ‬

١-٣ وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 2013، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالفقرة 1 من المادة 114 (المادة 108 سابقاً) من نظامها الداخلي (CAT/C/3/Rev.5)، أن تعمل بشكل فعال، طيلة فترة نظر اللجنة في القضية، على منع أي تهديد أو عنف قد تتعرض له صاحبة الشكوى وأفراد أسرتها، لا سيما جرَّاء تقديم هذه الشكوى، وأن تبلغ اللجنة بالتدابير المتخذة بهذا الشأن.

الوقائع كما عرضتها صاحبة الشكوى

٢-١ تقيم صاحبة الشكوى في حي جيهوشا ، ببلدية بو ج مبورا. وابنتها ك. ن. هي تلميذة في مدرسة غاسينيي الابتدائية. وكانت في التاسعة من عمرها عندما وقعت الحادثة.

٢-٢ وفي ٣٠ حزيران/يونيه ٢٠١٢، كان النقيب د. ك. ( ) يسيِّر دوريات ليلية في الأحياء الشمالية من العاصمة. وتوجه النقيب د. ك.، أثناء ممارسة مهامه، إلى منزل صاحبة الشكوى، واستقبلته الأسرة كالمعتاد لأنه كان صديق اً لزوج صاحبة الشكوى. وكانت الطفلة ك. ن. تعرف الضابط العسكري أيضاً. وكان زوج صاحبة الشكوى غائب اً عن المنزل في تلك الليلة. وعندما أراد النقيب د. ك. الانصراف طلب إلى صاحبة الشكوى أن تأذن لابنتها ك. ن. بتشييعه. فرفضت صاحبة الشكوى لتأخر الوقت وعدم رغبتها في أن تخرج ابنتها في تلك الساعة من الليل. وعرضت على النقيب أن تُشيِّعه هي لكنه رفض. وتوجهت بعد ذلك إلى المطبخ لتكمل إعداد الطعام. وبعد بضع دقائق، نادت ابنتها طالبة مساعدتها وتبيَّن لها أن الفتاة قد غادرت المنزل.

٢-٣ وحين خرجت صاحبة الشكوى بحث اً عن ابنتها، علمت من جيرانها أنهم رأوا الطفلة ك. ن. برفقة النقيب د. ك. فهرعت صاحبة الشكوى إلى الطريق الرئيسي، لكنها لم ترَ أحدا ً هناك. وقالت في نفسها إن ابنتها لن تتأخر في العودة لأن الضابط العسكري صديقٌ للأسرة. فأقفلت راجعة إلى المنزل حيث تركت باقي صغارها.

٢-٤ وحين وصل الزوج في وقت متأخر من الليل ولاحظت صاحبة الشكوى أن ابنتها ك. ن. لم تعد بعد، شرحت له الوضع. فرد زوجها بعبارات مطمئنة وقرر الزوجان انتظار عودة ابنتهما، نظر اً لعدم وجود هاتف وتأخر الوقت. وفي الغد عادت الطفلة، في نهاية المطاف، إلى المنزل.

٢-٥ وبعد مرور أيام عدة على الحادث، أوضحت ك. ن. أنها لما غادرت منزل الأسرة برفقة النقيب د. ك .، توجها أولاً إلى منزل أهل زوجته، وهناك تناول الضابط العسكري قنينة من الجعة. ووصلا أخيراً إلى منزله قرابة الساعة الحادية عشرة مساء. وعند وصولهما كان الجميع نياما، باستثناء عنصر من فوج الإشارة كان رابض اً بداخل مركبة تقف على بعد بضعة أمتار من المدخل. ولم يدخل النقيب من مدخل البيت الرئيسي، بل دلف إليه من ممر ضيق يفضي إلى المطبخ. وأمر الطفلة بالجلوس، ثم توجَّه إلى المرحاض. وبعد برهة عاد عاري اً وأمسك الطفلة من ذراعها وجرَّدها من ملابسها. وجلس على كرسي، ورفع الضحية بقوة ليجلسها على فخذيه ثم غصبها على الإيلاج الجنسي في الفرج. وحين صرخت الطفلة باكية، أشار إليها بسلاحه مهدد اً إياها بالقتل إذا لم تتوقف عن ذلك على الفور. فخرِست الطفلة تحت التهديد وهي في غاية الارتياع. وبعد ذلك، طلب منها النقيب د. ك. أن تخلد إلى النوم إلى جانب أطفاله. وحين رأت زوجة النقيب الطفلة سألت زوجها عن سبب وجودها في المنزل.

٢-٦ وفي اليوم التالي، منح النقيب د. ك. الطفلة مبلغ ٥٠٠ فرنك بوروندي (حوالي ٣٠ سنت اً أمريكيا ً )، محذِّرا ً إياها من أن تتحدث يوم اً بما وقع وتوعَّدها وأمّها في حال كشفا هذا السر. وطلب من طفليه اصطحابها إلى بيت أهلها. وأخفت الفتاة الصغيرة الأمر عن أمها في البداية، خشية الموت أو خوف اً من أن يصاب أحد أفراد أسرتها بمكروه.

٢-٧ ولكن بعد مرور ثمانية أيام، ألفت الطفلة ك. ن. نفسها غير قادرة على الوقوف على قدميها. وأخبرت والدتها أنها تشعر بألم في البطن. وفي اليوم التالي، لاحظت صاحبة الشكوى أن ابنتها تمشي بصعوبة بالغة. فألحت في سؤالها عن حالها. وعندئذ كشفت الفتاة الصغيرة لأمها أن الضابط العسكري اغتصبها وناشدتها أن تلتزم الصمت.

٢-٨ وحين فاتح والد الضحية النقيبَ د. ك. في الأمر، عرض عليه هذا الأخير تسوية المسألة ودي اً عن طريق دفع مبلغ من المال مقابل التزام الضحية الصمت. فعارضت صاحبة الشكوى هذه التسوية بشدة، مما أدى إلى نشوب خلاف كبير بينها وبين زوجها الذي كان يؤيد التوصل إلى تسوية ما. وفي نهاية المطاف، هجر زوج صاحبة الشكوى منزل الأسرة. ولذلك، تابعت بمفردها الإجراءات في المحاكم المحلية.

٢-٩ وما أن علمت صاحبة الشكوى أن ابنتها تعرضت للاغتصاب حتى اصطحبتها في اليوم التالي، في يوم ١١ تموز/يوليه ٢٠١٢، إلى مركز سيروكا الذي يقدم المساعدة الطبية والنفسية والقانونية لضحايا العنف الجنسي. فحظيت الضحية برعاية شاملة.

٢-١٠ واعتبار اً من يوم ١٢ تموز/يوليه ٢٠١٢، اصطحبت صاحبة الشكوى ابنتها إلى مكتب نائب المدعي العام العسكري في بوجمبورا لتقديم شكوى بشأن اغتصاب الطفلة ك. ن. وفتح ملف القضية وسُجل رقم الملف. وقدمت الضحية الصغيرة سرد اً وافي اً لملابسات واقعة الاغتصاب على الرغم من مخاوفها. واستمع نائب المدعي العام العسكري أيض اً إلى صاحبة الشكوى، واستناد اً إلى جلسات الاستماع هذه حُرِّر محضر هو بمثابة تسجيل للشكوى. واستُهلَّ التحقيق بالاستماع إلى إفادة النقيب د. ك. وفي 13 تموز/يوليه ٢٠١٢، استدعي الشهود، أي زوجة الضابط العسكري والجندي في فوج الإشارة الذي كان موجود اً في مسرح الجريمة. وفي ١٣ تموز/يوليه ٢٠١٢، طلب نائب المدعي العام العسكري إلى طبيب مركز سيروكا الاستعانة بخبير في الطب الشرعي.

٢-١١ ويشير التقرير الطبي الذي أُعدَّ إلى أن الفحص النسائي الطبي كشف عن وجود "تمزق، في طور الالتئام، في غشاء البكارة عند متوسط القسم العجاني (نقطة الساعة السادسة)"، فضلا ً  عن وجود احمرار شديد حول تجويف الإحليل، على الجوانب الداخلية للأشفار الكبرى والأشفار الصغرى". ويخلص التقرير إلى "وجود علامات على إصابات رضِّية في الأعضاء التناسلية الخارجية" ( ) .

٢-١٢ وتضيف صاحبة الشكوى أن الطفلة تعاني من حالة نفسية تدعو إلى القلق الشديد. وذكرت صاحبة الشكوى خلال أول جلسة من جلسات متابعة الحالة النفسية التي خضعت لها ابنتها في ١٣ آب/أغسطس 2012، أي بعد مرور شهر ونصف على تعرضها للاغتصاب، أنها باتت ميالة إلى العزلة، ولم تعد تتفاعل مع غيرها من الأطفال وبدت عليها علامات الكرب. وقد لاحظ فريق المعالجين النفسيين أن الضحية الصغيرة لا تنفك عن "استرجاع الحدث من خلال سرد تفاصيله مرة تلو الأخرى مع ظهور سلوك التجنب عليها" ( ) .

٢-١٣ وتشير صاحبة الشكوى كذلك إلى أن حالتها الاقتصادية والاجتماعية تبعث على القلق الشديد. فهي تحاول أن تعول أسرتها بمفردها بعد أن هجرها زوجها على إثر رفضها التوصل إلى اتفاق ودي.

٢-١٤ وبعد ذلك، واظبت صاحبة الشكوى على متابعة مآل القضية لدى قاضي التحقيق فكانت تقصد مكتب المدعي العام العسكري للاستعلام عن مدى تقدم التحقيق. وقابلته تحديد اً في 24 تموز/يوليه و1 آب/أغسطس ٢٠١٢. وردَّ عليها في المرتين مع اً بالقول إن التحقيق جار. وفي ٧ آب/أغسطس ٢٠١٢، توجهت المساعدة القانونية لمركز سيروكا إلى مكتب المدعي العام العسكري للاستعلام عن مدى تقدم التحقيق. واستنتجت حينها أن قاضي التحقيق الأول قد نُقل إلى مجلس الحرب. وفي إحدى المقابلات أبلغها القاضي الجديد المكلَّف بالقضية بعدم اكتمال أركان الجريمة في ملف القضية رغم شهادة الضحية من تلقاء نفسها. فاقترحت موظفة مركز سيروكا الاستماع إلى شهادة طفل آخر ادعى أيض اً أن النقيب د. ك. اغتصبه من دون أن يُتَّخذ أي إجراء بشأن الشكوى التي قدمها. واستمع نائب المدعي العام إلى والد الضحية الثانية وتوجه إلى مكان وقوع الاغتصاب برفقة الضحية.

٢-١٥ وظلت صاحبة الشكوى وموظفو مركز سيروكا يتابعون القضية، ولكن من دون أن يجدي ذلك شيئا ً ، لأن قاضي التحقيق أوقف التحقيق فيها على ما يبدو.

٢-١٦ وفي 25 شباط/فبراير ٢٠١٣، أي بعد مرور ثمانية أشهر على حادثة الاغتصاب، حفظ التحقيق نهائي اً بسبب عدم توافر أركان الجريمة ( ) . وتؤكد صاحبة الشكوى أن القضاة قد اعترفوا مع ذلك، بأن النقيب اصطحب الطفلة ك. ن . إلى منزله في وقت متأخر من الليل وأشاروا إلى تقرير الخبرة الطبية الذي يخلص بشكل واضح إلى وقوع اعتداء جنسي. وكُلُّ ما استُنِد إليه في قرار حفظ التحقيق نهائي اً هو "إبلاغ الضحية عن الاغتصاب بعد مرور فترة طويلة نسبي اً هي عشرة أيام" و"تماسك النقيب د. ك." و"جاهزيته" لتلبية ضرورات التحقيق ( ) .

٢-١٧ وفي ظل إعراض مكتب المدعي العام العسكري الواضح عن تحريك الدعوى، لم يبق من سبيل أمام صاحبة الشكوى سوى اللجوء إلى إجراء التكليف بالحضور المباشر، استناد اً إلى المادة ٣٥٠ من قانون الإجراءات الجنائية ( ) . وهذا الإجراء يعرض الضحية بوجه خاص للخطر لأنه يقتضي مثول الجاني المزعوم في حال لم تجر النيابة العامة التحقيق اللازم، وباللجوء إليه يصبح صاحبه معرض اً بدرجة عالية لخطر الانتقام والضغوط. وعلاوة على ذلك، طلبت صاحبة الشكوى إلى مجلس الحرب تسجيل عريضة التكليف بالحضور المباشر فرُفِض طلبها بحجة عدم علم المجلس بهذا الإجراء. ومضت بضعة شهور حتى علمت صاحبة الشكوى، عن طريق محاميها، أن عليها أن تسجل عريضة التكليف بالحضور المباشر لدى محكمة منطقة كينيندو . وانتهى الأمر بتسجيل التكليف بحضور النقيب د. ك. لدى مجلس الحرب في ٢٢ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠١٣. بيد أنه لم يُتَّخذ أي إجراء بهذا الشأن.

٢-١٨ وتدعي صاحبة الشكوى أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف التي كانت متاحة لها، وقد ثبت أنها غير فعالة بالنظر إلى أن مسار التحقيق الذي فتح قد أوقف قبل أن يكتمل ولم يكن مجدي اً وشابه الانحياز في جوانب عدة، ولم يُنْظر في المسألة بسبب حفظ ملف القضية نهائيا ً . وتدعي صاحبة الشكوى أن أمد إجراءات الانتصاف المحلية قد تجاوز، على أية حال، الآجال الزمنية المعقولة. وتشير في الأخير إلى أن انعدام الأمن في بوروندي وما يرافقه من أجواء الإفلات من العقاب يجعل من الخطورة بمكان أن يلاحق ضحايا أعمال التعذيب، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي التي يرتكبها موظفو إنفاذ القانون، المسؤولين أمام القضاء. ولا سيما أن الضحية تلقت تهديد اً مباشر اً بالقتل من مغتصبها.

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة الشكوى أن ابنتها ك. ن. هي ضحية انتهاك للمادة 2 (الفقرة 1) والمواد 12 و13 و14، مقروءة بالاقتران مع المادة 1، وتحوطاً مع المادة 16 من الاتفاقية.

٣-٢ وتفيد صاحبة الشكوى بأن الإساءات التي تعرضت لها ك. ن.، بنت التاسعة التي اغتصبها نقيبٌ يخدم في الجيش البوروندي ، تمثل أعمال اً بالغة الخطورة. ومما لا شك فيه أن هذه الإساءات قد سببت لها آلام اً ومعاناة شديدين وتشكل أعمال تعذيب بالمعنى المحدد في المادة ١ من الاتفاقية، وهي أعمال لا تزال عواقبها الخطيرة على صحتها البدنية والعقلية ماثلة حتى الآن. وهُدِّدت حياة الطفلة على نحو خطير لأن مغتصبها هددها بسلاح ناري وتوعد بتصفيتها إذا ما احتجت على اغتصابها.

٣-٣ وترى صاحبة الشكوى أن الاغتصاب يشكل عمل اً من أعمال التعذيب إذا ارتكبه مسؤول حكومي أو إذا ارتكب بإيعاز منه أو بموافقته أو سكوته ( ) . ثم إن القانون الجنائي الدولي اعترف بأن الاغتصاب يعد شكل اً من أشكال التعذيب ( ) . وقد اعترفت اللجنة نفسها بأن ارتكاب رجال الشرطة لأعمال الاعتداء الجنسي يشكل ضرباً من ضروب التعذيب حتى وإن لم ترتكب داخل مرافق الاحتجاز الرسمية ( ) . وتضيف صاحبة الشكوى أن حداثة سن الضحية عاملٌ يزيد من حدة معاناتها وأن ما تعانيه من ضعف بطبيعتها الخاصة يضيف إلى آلامها آلاما ً .

٣-٤ فقد كان واضح اً أن الجلاد تعمَّد أن يسومها عذاب اً شديدا ً ، لأن من المستحيل أن يعرض المرء طفلة في التاسعة من العمر لعنف جنسي بهذه الجسامة بدون أن يكون متعمِّد اً ذلك. ثم إن إخراجه الطفلة من منزل أهلها واستغلال وضعه كشخص بالغ وصديق للأسرة وكمسؤول حكومي فوق هذا وذاك، يُبيِّن أن سلوكه كان مقصود اً ومحسوب اً تماما ً . وكانت الغاية المنشودة، التي تشكل، في هذه الحالة، الفعل المكون لجريمة التعذيب، هي التمييز على أساس الجنس أو التمييز الجنساني. وتُذكِّر صاحبة الشكوى بأن النقيب د. ك. قد فعل ما فعل أثناء ممارسة مهامه، بينما كان يسير دوريات ليلية. مما يعني أن الجاني هو بالفعل مسؤول حكومي.

٣-٥ وتضيف صاحبة الشكوى قائلة إن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير اللازمة، تشريعية أو غير تشريعية، لمنع ممارسة التعذيب في بوروندي، مما يتعارض مع التزاماتها المنصوص عليها في ( الفقرة 1 ) من المادة 2 من الاتفاقية. واستناد اً إلى الشكوى التي رفعتها مقدمة هذه الشكوى والضحية، فتح المدعي العام العسكري تحقيق اً في الوقائع بتاريخ ١٢ تموز/يوليه ٢٠١٢. واستُمِع إلى الأطراف، وطُلبت الاستعانة بخبير الطب الشرعي واستُنتج بذلك تعرض الضحية الصغيرة لاعتداء جنسي. وزار قاضي التحقيق أيض اً مكان وقوع الاغتصاب في حضور الضحية واستمع إلى أقوالها في عين المكان، وتسنَّى له بذلك أن يدرك مدى تماسك رواية الضحية. ومع ذلك، عمد المدعي العام العسكري، بعد جمود التحقيق طيلة أشهر عدة، إلى حفظ التحقيق نهائي اً في ٢٥ شباط/فبراير ٢٠١٣ لعدم توافر أركان الجريمة، على الرغم من وجود قرائن قوية تدين المدعى عليه. ولم يستوف التحقيق العسكري شروط السرعة والحرص والنزاهة. وحاولت صاحبة الشكوى إعادة تحريك الإجراءات عن طريق طلب التكليف بالحضور المباشر لكن هذه المحاولة لم تجد شيئاً. ولم يخضع الجاني المزعوم لأي ملاحقة قضائية، والضحية محرومةٌ الآن من سبل المطالبة بحقوقها. وعليه، تكون الدولة الطرف قد أخلَّت بالالتزامات الواقعة عليها بموجب الفقرة ١ من المادة 2 من الاتفاقية.

٣-٦ وتدعي صاحبة الشكوى كذلك أن التحقيق لم يستوف الشروط المنصوص عليها في المادة ١٢ من الاتفاقية، كونه افتقر بشكل واضح إلى عنصري الفعالية والنزاهة؛ وكانت الدوافع التي استُند إليها لحفظ التحقيق واهية، لأن المدعي العام العسكري تجاهل التهديدات بالقتل التي وجهها عسكري له نفوذ كبير إلى طفلة في التاسعة من العمر، في حين أولي الاعتبار بدرجة مبالغ فيها إلى "تماسك" النقيب. ثم إن النيابة العامة لم تبد حرص اً فلم تباشر عملية بحث فعالة ونزيهة عن أدلة إضافية في إطار التحري، على الرغم من خطورة الحدث وصغر سن الضحية. وتفيد صاحبة الشكوى بأن تراخي السلطات مع هذا العسكري، الذي لم يلاحق قضائي اً حتى الآن، يجسد رغبتها في حمايته دون أن تبالي بفعالية التحقيق. وعليه، فإن الدولة الطرف لم تف بالالتزامات الواقعة عليها بموجب المادة ١٢ من الاتفاقية.

٣-٧ ولهذه الأسباب نفسها، تستشهد صاحبة الشكوى أيضاً بالمادة ١٣ من الاتفاقية، وتدفع بأنه ما من تحقيقات أجريت وبأن القضاء لم يلاحق الجاني المزعوم الذي لا يزال يحتفظ بمنصبه، وعليه، فإن حق الضحية في أن ترفع شكوى بموجب المادة ١٣ من الاتفاقية قد انتهك أيضاً.

٣-٨ وتفيد صاحبة الشكوى بأن دولة بوروندي حرمت الضحية من رفع دعوى جنائية، وهي بذلك قد حرمتها أيض اً من وسيلة قانونية للحصول على تعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجم عن جريمة بجسامة الاغتصاب. وتدابير التأهيل الوحيدة التي استفادت منها الضحية قدمها لها مركز سيروكا ، وهو جمعية أهلية. فالسلطات الحكومية لم توفر أي تدابير تأهيلية. وتكابد الطفلة الصغيرة مشقة عظيمة في العودة إلى المدرسة واستئناف علاقاتها مع غيرها من الأطفال. وقد هجرت اللهو وأصبحت كمن يغرق في حالة من الصدمة والحزن الدائم. وعليه، فإن الدولة الطرف مسؤولة أيض اً عن انتهاك المادة ١٤ من الاتفاقية، لأن الممثلين القانونيين للطفلة الضحية لم يحصلوا على أي تعويض ولم تستفد الضحية من أي تدبير من تدابير رد الاعتبار وإعادة التأهيل.

٣-٩ وتؤكد صاحبة الشكوى من جديد أن اغتصاب الطفلة ك. ن. هو عمل من أعمال التعذيب، ينطبق عليه الوصف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية. ولكن تحوط اً لإمكانية أنْ ترى اللجنة غير ذلك، فالثابت هو أن الإساءات التي تعرضت لها الضحية ت شكل في جميع الأحوال ضرب اً من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، ولهذا السبب فإن الدولة الطرف ملزمة أيضاً، بمنع المسؤولين الحكوميين من ارتكاب هذه الأفعال أو الإيعاز بارتكابها أو السكوت عليها، وردعهم عن ذلك طبقاً للمادة 16 من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ في 28 أيار/مايو 2014، قدمت الدولة الطرف تعليقات بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي تؤكد أن الاغتصاب منصوص عليه في القانون رقم ١/٠٥ المؤرخ 22 نيسان/أبريل 2009 المتعلق بتنقيح قانون العقوبات البوروندي (المادة 557، الفقرتان 2 و5). وتتطرق الدولة الطرف مجدد اً أيض اً إلى وقائع القضية، فتذكر أن الطفلة توجهت مباشرة إلى غرفة أبناء النقيب د. ك. لدى وصولهما إلى منزله، وأن الطفلة ك. ن. تعرف الأسرة جيد اً لأنها زارتها ثلاث مرات.

٤-٢ وفي معرض الإشارة إلى التقرير الطبي وما ورد فيه من وصف للإصابات الرضِّية، تقول الدولة الطرف إن الاستنتاجات التي توصل إليها الخبير لا تستند إلى أي عينات. وتضيف قائلة إن صاحبة الشكوى توقفت عن اصطحاب ابنتها إلى الجلسات الدورية لمتابعة حالتها النفسية.

٤-٣ وفيما يتعلق بالدعوى، تؤكد الدولة الطرف أن تحقيق اً جنائي اً قد أجري بشأن هذه القضية، خلاف اً لما ادعته صاحبة الشكوى عن انتشار الإفلات من العقاب. وتفيد بأن المشرع البوروندي تنبَّه إلى مشكلة العنف ضد المرأة والاعتداءات الجنسية، وأن الحكومة تضع هذه المشكلة ضمن أولوياتها. فقانون الميزانية لعام ٢٠١٤ ينص على رصد مخصصات لتغطية تكاليف تشغيل آليات مكافحة العنف ضد المرأة والوحدة الوطنية لتوفير الحماية القضائية للطفل. ثم تشير الدولة الطرف إلى القانون رقم ١/٠٥ المتعلق بتنقيح قانون العقوبات (المواد من 538 إلى 563) والقانون رقم 1/10 المؤرخ 3 نيسان/أبريل ٢٠١٣ المتعلق بقانون الإجراءات الجنائية.

٤-٤ وتؤكد الدولة الطرف، فيما يتعلق بالالتزامات الواقعة عليها بموجب الفقرة 1 من المادة ٢، أنها أنشأت هيئات عدة معنية بمكافحة أعمال العنف الجنسي والجنساني في المحاكم ومكاتب النيابة العامة وكذلك في وزارتيْ العدل وحقوق الإنسان. وتلقى هذه الهيئات دعماً من اللجنة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان، ومكتب أمين المظالم وجمعيات أهلية.

٤-٥ وفيما يتعلق بالمادة ١٢، تفيد الدولة الطرف بأن الإجراءات الجنائية في بوروندي تتوخى بالضبط تحقيق ما ينص عليه هذا الحكم. فعند ارتكاب جريمة ما، يكون ضابط الشرطة القضائية ملزما ً ، بموجب الفقرة 2 من المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية لعام 2013، بمباشرة مهامه من تلقاء نفسه وبإبلاغ المدعي العام على الفور. وفيما يتعلق بأعمال العنف الجنسي، أنشئت مؤخراً دوائر متخصصة، وعُين قضاة ونواب للمدعي العام كلفوا بمعالجة هذه المسألة حصرا ً . ويكون التحقيق بالتحري عن أدلة الاتهام وأدلة النفي، مع المراعاة الكاملة لحقوق الدفاع.

٤-٦ أما فيما يتعلق بالمادة 13، فإن وجود دوائر متخصصة معنية بحالات العنف الجنسي في مكاتب النيابة العامة والمحاكم دليلٌ على امتثال هذا الحكم. فالسلطات تبادر إلى فتح تحقيق قضائي فور إبلاغها بوقوع الجريمة.

٤-٧ أما فيما يخص المادة 14، تدعي الدولة الطرف أنها وضعت نظام اً قضائي اً يستوفي، إلى حد كبير، الشروط المنصوص عليها في هذا الحكم. ويبتُّ قاضي الموضوع الذي تسند إليه القضية في نوع العقوبة الواجبة وقيمة التعويض الذي ينبغي أن يقدَّم إلى الضحية المحتملة.

٤-٨ وتضيف الدولة الطرف أن تعريف التعذيب الذي وضعه المشرع البوروندي يتطابق مع التعريف المنصوص عليه في المادة ١ من الاتفاقية (المادة 204 من القانون رقم 1/05 المتعلق بتنقيح قانون العقوبات). وينص القانون نفسه على قمع أعمال التعذيب. وتطبق على وجه العموم المادة 16 من الاتفاقية أيض اً لأن قانون العقوبات البوروندي لعام 2009 ينص على قمع جميع أعمال التعذيب والأعمال المماثلة.

٤-٩ وفيما يتعلق بالادعاءات المحددة التي أثارتها صاحبة الشكوى، تبدأ الدولة الطرف بتقديم سرد للوقائع يختلف عما قدمته صاحبة الشكوى. وتزعم أن النقيب د. ك. زار صاحبة الشكوى حوالي الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم ٣٠ حزيران/يونيه ٢٠١٢. وبعد أن تبادلا أطراف الحديث، طلب من الطفلة ك. ن. أن ترافقه إلى بيته. وغادرت الطفلة المنزل برفقة الضابط العسكري. وعند وصولهما إلى منزل النقيب د. ك. قرابة الساعة الحادية عشرة مساءً، توجهت الفتاة الصغيرة مباشرة إلى غرفة أبناء الضابط العسكري حيث أمضت الليلة. والطفلة ك. ن. تعرف الأسرة حق المعرفة لأنها سبق أن زارتها ثلاث مرات.

٤-١٠ وتضيف الدولة الطرف أن السلطات المختصة فتحت تحقيق اً قضائي اً فور إبلاغها، في ١٣ تموز/يوليه ٢٠١٢، بوقوع الاعتداء الجنسي، إلا أن هذا التحقيق لم يُمكِّن من جمع الأدلة التي تدين المتهم. واستُمِع إلى أقوال الأطراف في يوم إبلاغ السلطات وقدمت نتائج الخبرة الطبية في ١٦ تموز/يوليه ٢٠١٢. وفي اليوم التالي، استُمع إلى شاهد العيان الوحيد الذي كان حاضرا ً في عين المكان لكي يقدم روايته للوقائع، ونفى الشاهد في إفادته التهمة عن الضابط العسكري المشتبه به.

٤-١١ وفي ظرف أربعة أيام فقط، كان المدعي العام العسكري قد أكمل التحقيق. وأغلق ملف القضية بعيد ذلك. ولا تنطوي سرعة إنجاز التحقيق على مخالفة للقانون ولم يكن هناك أي إهمال. فالمدعي العام لم يتمكن من العثور على صلة تربط النقيب بحادثة الاعتداء الجنسي على الطفلة. وتشير الدولة الطرف إلى أن الخبير لم يأخذ العينات من العسكري الذي يشتبه في ارتكابه الاعتداء، رغم أنها أساسية، ولا هو أخذ عينات بيولوجية من الطفلة لتحليلها عن طريق مقارنتها مع البصمة الوراثية التي تم الحصول عليها. ولذلك تعذَّر على المحقق في مكتب المدعي العسكري إثبات إمكانية ضلوع النقيب د. ك. في الإصابات الرضّية التي لحقت بالطفلة، والتي نجمت عن جروح سببها التعرض لاعتداء جنسي. ونظر اً لعدم تمكن المحقق من تحديد هوية المعتدي الفعلي، طلب حفظ التحقيق نهائي اً وأُذِن له بذلك عملاً بالمادة ٤١ (الفقرة 1) من القانون رقم 1/15 المؤرخ ٢٠ تموز/يوليه 1999 المتعلق بإصلاح قانون الإجراءات الجنائية، نظر اً لتفسير الشك لصالح الضابط العسكري.

٤-١٢ وتضيف الدولة الطرف أن الإجراءات الجنائية الواجبة التطبيق في بوروندي تنص على معاملة تفضيلية ( ) فيما يتعلق بحماية الطفل ومبدأ مراعاة مصالحه الفضلى. غير أن الإجراءات الجنائية تقترن بمبادئ أساسية أخرى. فالمحقق ملزم باحترام مبدأ قرينة البراءة. ولا يستبعد تمام اً أن يكون شخص آخر غير النقيب د. ك. هو من اعتدى جنسي اً على الطفلة ك. ن. ولا يجوز اتهام السلطات القضائية بالتقاعس بسبب وقف التحقيق. والاستعانة في التحقيق بتحديد الهوية الجينية (الحمض الخلوي الصبغي) هو أمر غير معروف في بوروندي حالي اً وهذا الأسلوب غير مستخدم في المسائل الجنائية.

٤-١٣ وتضيف الدولة الطرف أن صاحبة الشكوى عرضت قضيتها على اللجنة قبل أن تستنفد سبل الانتصاف المحلية في بوروندي. وكان بإمكانها أن تقدم طعن اً إلى السلطة الأعلى في التنظيم الهرمي (المدعي العام للجمهورية) تدفع فيه بأن إجراء حفظ التحقيق نهائي اً في غير محله وتطالب بإعادة فتح ملف القضية وتقدم أدلة إثبات أخرى. فحفظ التحقيق نهائي اً هو، وفق اً للمادة 41 (أ) من قانون عام ١٩٩٩، إجراءٌ إداري لا يمنع إعادة فتح التحقيق أو استئناف إجراءات الدعوى. وهو إجراء مؤقت وليس نهائيا ً .

٤-١٤ وفي هذه المرحلة، لا سبيل إلى أن تحصل الطفلة على الإنصاف القضائي لسبب بسيط هو أن القضية لم تعرض بعد على القاضي. وفي انتظار إعادة فتح ملف القضية، يجب أن تتلقى الطفلة المساعدة النفسية - الاجتماعية والرعاية الطبية اللازمتين للتخفيف من أثر الصدمة النفسية التي تعرضت لها. وتضيف الدولة الطرف أنها تُسخِّر ما تملكه من قدرات لتعزيز المؤسسات الاجتماعية، عن طريق تشجيع أنشطة الجمعيات الأهلية التي تتعهد الضحايا بالرعاية. وتوضح الدولة الطرف قائلة إن وحدة الصحة النفسية والاجتماعية في مركز سيروكا قد انتقدت، في هذه القضية، انقطاع صاحبة الشكوى عن المركز وعن الاستفادة من الخدمات النفسية المقدمة إلى ابنتها، وهي خدمات ضرورية بالنظر إلى حالتها الصحية.

تعليقات صاحبة الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٥-١ في 16 كانون الأول/ديسمبر 2014، علقت صاحبة الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف. وهي تشير في المقام الأول إلى أن بوروندي قد اعتمدت بالفعل قانون عقوبات جديداً في عام 2009 يجرم التعذيب، واعتمدت بعد ذلك قانون الإجراءات الجنائية الجديد في عام 2013، ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات قانونية كثيرة تحول دون منع ممارسة التعذيب بصورة فعالة وردع هذه الممارسة. ثم إن اعتماد التشريعات لا يضمن تنفيذها تنفيذ اً يفي بالغرض ولا يكفي لمنع ارتكاب أعمال التعذيب. فالمادة 558 من قانون العقوبات تنص تحديد اً على "إنزال عقوبة نافذة بالسجن المؤبد بمن يغتصب طفل اً دون سن الثانية عشرة"، وبذلك فإن تدابير الدولة للتصدي لمشاكل العنف الجنسي تظل غير كافية على الرغم من وجود إطار قانوني مناسب.

٥-٢ وتشير صاحبة الشكوى إلى الحجج التي دفعت بها أول مرة وتكرر القول إن سبل الانتصاف المحلية غير مجدية وغير فعالة، وإن أمد الإجراءات تجاوز الآجال الزمنية المعقولة وإنها تنطوي على خطورة بالنسبة لطفلتها ولها شخصيا ً . وأضافت قائلة إنها حاولت، بمساعدة مركز سيروكا ، إعادة تحريك الدعوى في المحاكم المحلية بعد أن قرر مكتب المدعي العام العسكري حفظ التحقيق نهائيا ً ، فقدمت إلى مجلس الحرب عريضة بالتكليف بالحضور المباشر في ٢٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣. وفي 26 حزيران/يونيه 2014، أعلن المجلس عدم اختصاصه بالنظر في الشكوى، مستند اً في ذلك إلى المادة 65 من القانون رقم ١/٢١ المؤرخ 31 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، المعدل للقانون رقم ١/١٥ المؤرخ 29 نيسان/أبريل ٢٠٠٦ والذي ينظم الوضع القانوني للضباط في قوات الدفاع الوطني البوروندية ( ) . وتضيف صاحبة الشكوى أن قاضي التحقيق كان قد أعلن مع ذلك، اختصاص هذه الهيئة في دعوى مماثلة بشأن اغتصاب قاصر مرفوعة ضد الجاني المزعوم عينه ( ) . وهو ما يقود إلى الاستنتاج أن ثمة تبايناً في كيفية التعاطي مع القضيتين. وفي ضوء ما سبق ذكره من تجاوزات أخرى ارتكبت أثناء النظر في القضية، تخلص صاحبة الشكوى إلى أن القرار المتعلق بعدم اختصاص مجلس الحرب يبدو إجراءً تسويفي اً هدفه حماية المتهم من الملاحقة الجنائية.

٥-٣ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للقضية، تؤكد صاحبة الشكوى أن الدولة الطرف لم تطعن في الوقائع. ولم تنكر وقوع اعتداء جنسي، بل اكتفت بتأكيد تعذُّر إمكانية إثبات أي صلة للشخص المشتبه في ارتكابه الجريمة بهذا الاعتداء، وسلمت ضمناً باحتمال أن يكون النقيب ضالع اً في الاعتداء الجنسي.

٥-٤ وتدعي صاحبة الشكوى بأنه لا يعقل أن تلومها الدولة الطرف على عدم إجراء اختبارات الحمض الخلوي الصبغي وأن تحاول التنصل من مسؤوليتها عن عدم توافر وسائل وتقنيات التحقيق وتحملها للضحية، وتتوقع منها تقديم أدلة أخرى تستند إلى أسلوب هي نفسها لم توفره. ثم تشير صاحبة الشكوى إلى حجة الدولة الطرف بشأن عدم استنفادها سبل الانتصاف المحلية كونها لم تقدم طعن اً إلى السلطة الأعلى في التنظيم الهرمي تدفع فيه بأن إجراء حفظ التحقيق نهائي اً في غير محله، وترى أنه لا يعقل أن يُشترط تقديم أدلة إثبات أخرى تعجز الدولة نفسها عن تقديمها لعدم توفر اختبارات الحمض الخلوي الصبغي. وترى علاوة على ذلك، أن هذا الموقف فيه تجاهلٌ لقلَّة حيلة الضحية وأسرتها الفقيرة عقب هذا الاغتصاب حيال مسؤول كبير يتمتع بالحماية.

٥-٥ وتضيف صاحبة الشكوى أن خبير الطب الشرعي قد خلص، في هذه القضية، إلى وقوع اعتداء جنسي، وهو ما لم تنكره الدولة الطرف. وأكدت وحدة الصحة النفسية - الاجتماعية وجود صلة تربط بين الوقائع التي وصفتها الطفلة وحالتها النفسية التي خضعت للتقييم على أيدي أخصائيين. وفوق هذا وذاك، سبق أن صدرت أحكام بشأن حوادث اغتصاب - لم يرتكبها مسؤولون حكوميون يتولون مهام رفيعة - استناد اً إلى تقارير خبراء الطب الشرعي من دون الاستعانة باختبارات الحمض الخلوي الصبغي. وعليه، فإن عدم توفر اختبارات الحمض الخلوي الصبغي في هذه القضية لا يشكل عائق اً منيعا ً ، والدولة الطرف لا تقدم أي تفسير مقنع يبرر تقاعسها عقب المعاينة الطبية التي أثبتت أن عملاً بالغ الخطورة قد ارتكب في حق فتاة قاصر ينبغي أن تحظى بحماية خاصة. وكان من مسؤولية السلطات الحكومية أن تشرع في إجراء تحقيق فعال وسريع ونزيه فتطلب إجراء فحص شامل عن طريق الاستعانة بخبير الطب الشرعي وتستجوب الشهود لتحديد المسؤوليات.

٥-٦ وتلاحظ صاحبة الشكوى أيض اً عدم صدور أحكام إدانة، عمليا ً ، بحق مرتكبي أعمال العنف ضد النساء والاعتداءات الجنسية من المسؤولين الحكوميين. فالمسؤولون الكبار لا يخضعون لأي ملاحقة قضائية. ثم إن الدولة الطرف تتحدث عن أنشطة جمعياتٍ من المجتمع المدني وكأنها إنجازات لها فضلٌ فيها، في حين أن هذه الأنشطة تنفذ تحديد اً لتعويض أوجه القصور التي تعتري تدابير الدولة في التصدي لمثل هذه الانتهاكات. وينطبق القول نفسه على التزام الدولة الطرف بتوفير التدابير اللازمة لتعويض الضحية وإعادة تأهيلها، وهو ما أمَّنته لها حتى الآن جمعية أهلية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ تحققت ال لجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

٦-٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة الشكوى الذي يفيد بأن الدولة الطرف لم تتخذ إجراءات تشريعية أو أية اجراءات أخرى لمنع ممارسة التعذيب، مما يتعارض مع التزاماتها بموجب المادة 2 (الفقرة 1) من الاتفاقية. وتحيط اللجنة علم اً بالتدابير التشريعية التي اتخذتها الدولة الطرف، بما في ذلك القانون رقم ١/٠٥ المتعلق بتنقيح قانون العقوبات؛ وبالفقرة ٢ من المادة ١٠ من قانون الإجراءات الجنائية لعام 2013، التي توجب على الشرطة القضائية مباشرة مهامها من تلقاء نفسها وإبلاغ المدعي العام على الفور؛ وتحيط علم اً كذلك بالمادة 558 من القانون الجنائي، التي تنص على إنزال عقوبة جنائية نافذة بالسجن المؤبد بمن يغتصب طفلا ً دون سن الثانية عشرة. وتستنتج اللجنة أن صاحبة الشكوى لم تقدم أدلة، لأغراض المقبولية، تدعم تظلمها الذي يستند إلى المادة ٢ (الفقرة 1) من الاتفاقية وتعتبره بالتالي غير مقبول.

٦-٣ وتلاحظ اللجنة، ثانيا ً ، أن الدولة الطرف قد طعنت في مقبولية البلاغ على أساس أن صاحبة الشكوى لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية، لأنه كان بإمكانها أن تطعن أمام المدعي العام للجمهورية في قرار مكتب المدعي العسكري المؤرخ ٢٥ شباط/فبراير ٢٠١٣ حفظَ التحقيق نهائي اً بتقديم أدلة إثبات أخرى. وتشير اللجنة إلى أن بوروندي لا تستعين في المسائل الجنائية بتقنيات التحقيق التي تعتمد على تحليل الحمض الخلوي الصبغي، باعتراف الدولة الطرف نفسها. وتدفع مع ذلك، بأهمية الاستعانة بهذه التقنيات لتحديد هوية الجاني والضحية لأغراض التحقيق. ولذلك، لا يمكن أن تلام صاحبة الشكوى على عدم الطعن في القرار، لأنه ما كان ليتسنى لها الطعن فيه إلا إذا قدمت أدلة إثبات جديدة. وتشير اللجنة إلى أنه من واجب الدولة الطرف، على أي حال، أن تواصل البحث عن الحقيقة وتضمن التوصل إلى الكشف عن الشخص المسؤول عن الجريمة المرتكبة ومعاقبته عن طريق تطبيق إجراء تحقيق فعال. وتخلص اللجنة إلى أن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت في ظروف هذه القضية وأن الشكوى مقبولة بموجب ال مادة 22 (5)(ب) من الاتفاقية.

٦-٤ وفي ظل عدم وجود عائق إضافي يحول دون قبول البلاغ، تباشر اللجنة النظر في الأسس الموضوعية لتظلمات صاحبة الشكوى بموجب المادة 1 والمواد 12 و13 و14 و16 من الاتفاقية.

النظر في الأُسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي قدمها لها الطرفان، طبقا ً للفقرة 4 من المادة ٢٢ من الاتفاقية.

٧-٢ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحبة الشكوى الذي يفيد بأن النقيب د. ك.، وهو عنصر في القوات المسلحة البوروندية ، قصد منزلها أثناء تسييره دورية ليلية في٣٠ حزيران/يونيه ٢٠١٢، واصطحب ابنة صاحبة الشكوى، ك. ن.، التي كانت في التاسعة من عمرها في ذلك الوقت، إلى منزله واعتدى عليها جنسيا ً . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف سردت الوقائع بطريقة مختلفة. فهي تزعم أن النقيب د. ك. اقترح على الطفلة ك. ن. مرافقته إلى بيته فوافقت. وعندما وصلا إلى منزل الضابط العسكري توجهت الطفلة إلى غرفة الأطفال، وأمضت ليلتها معهم.

٧-٣ وتؤكد اللجنة أن هذا الاختلاف في سرد الوقائع لا ينفي أن الطفلة ك. ن . قد أمضت الليل في بيت النقيب د. ك.، وأنها تعرضت لاعتداء جنسي ثبت رسمي اً عن طريق الخبرة الطبية التي أنجزت بناء على طلب سلطات الدولة الطرف الاستعانة بخبير في سياق التحقيق القضائي الذي فتح بشأن هذه القضية. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تعلق على ادعاء صاحبة الشكوى الذي يفيد بأن النقيب د. ك. عمد أولاً إلى تهديد الطفلة بالقتل بسلاحه إذا لم تتوقف عن البكاء والصراخ، ثم أعطى الطفلة مال اً لضمان سكوتها، وعرض في وقت لاحق تسوية ودية على أسرة الضحية، وهو ما ينبغي اعتباره، من وجهة نظر اللجنة، بمثابة اعتراف. وعليه، تولي اللجنة الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبة الشكوى بقدر توافر أدلة كافية تدعمها وعدم ورود رد مقنع من الدولة الطرف.

٧-٤ وتلاحظ اللجنة أن الابنة القاصر لصاحبة الشكوى كانت تخضع، في يوم ٣٠ حزيران/يونيه ٢٠١٢، للسيطرة الفعلية لمسؤول في الجيش الوطني البوروندي . ولا جدال في أن الأفعال المذكورة، التي ارتكبت عمداً، والمتمثلة في مواقعة طفلة في التاسعة من العمر عن طريق الإيلاج الجنسي في الفرج، قد تسببت قطعاً، في إصابتها بألم ومعاناة شديدين لأغراض محظورة. وقد زاد من حدة هذه الآلام والمعاناة أعمال التخويف التي تعرضت لها الضحية عن طريق تهديدها بسلاح ناري. ثم مورست ضغوط على أسرة الضحية لكي تكتم هذه الأخيرة أمر اغتصابها. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له الطفلة ك. ن. وما لحقه من أفعال التخويف التي مارسها مسؤول حكومي في دولة بوروندي أثناء ممارسة مهامه، تندرج ضمن نطاق المادة ١ من الاتفاقية.

٧-٥ واللجنة إذ تخلص إلى هذه النتيجة، لا ترى ضرورة للنظر في التظلمات نفسها في إطار المادة ١٦ من الاتفاقية، التي استشهدت بها صاحبة الشكوى على سبيل التحوط.

٧-٦ وفيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، تحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحبة الشكوى التي تفيد بأن التحقيق في القضية لم يستوف ما يقتضيه هذا الحكم من شروط النزاهة والفعالية والسرعة. وتلاحظ اللجنة أولاً، أن تحقيق اً قد بوشر على الفور، بما أن تحقيق اً قضائي اً فتح بعد يوم واحد من الشكوى الرسمية التي رفعتها مقدمة هذه الشكوى، أي في يوم ١٣ تموز/يوليه ٢٠١٢؛ وفي اليوم التالي، استُمع إلى الشهود. وتُنبِّه اللجنة مع ذلك، إلى أن الدول الأطراف ملزمة بموجب المادة 12 من الاتفاقية بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عمل اً من أعمال التعذيب قد ارتكب.

٧-٧ وفي هذه القضية، ترى اللجنة، بالنظر إلى سرعة المبادرة إلى وقف التحقيق، أن هناك أسباب اً وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن التدابير المتخذة لم تكن نزيهة، لأنها لم تتوخَّ البحث عن أدلة إضافية تفضي إلى الملاحقة القضائية. وبالتالي، لا يمكن للجنة أن تستنتج أن هذه التدابير كانت فعالة. ولا يمكن أن تُقبل حجة الدولة الطرف التي ألقت باللائمة على الخبير الطبي لعدم أخذ عينات جينية (في إطار إنجاز الخبرة الطبية التي أمرت بها الدولة الطرف نفسها)، وأكدت في الوقت نفسه أن هذه التقنيات غير متوفرة في بوروندي.

٧-٨ وفي جميع الأحوال، تلاحظ اللجنة أن وقف هذا التحقيق في مرحلة مبكرة لم يعقبه توقيف أو محاكمة أي شخص آخر مشتبه به في الدولة الطرف، حيث لم يلق مغتصب الطفلة ك. ن. عقابه حتى الآن، رغم أن قانون العقوبات البوروندي (المادة 558) ينص على إنزال عقوبة السجن المؤبد بمن يغتصب طفل اً دون سن الثانية عشرة. وتخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة ١٢ من الاتفاقية.

٧-٩ وبما أن الدولة الطرف لم تف بهذا الالتزام، تكون قد أخلت كذلك بالمسؤولية الواقعة عليها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بأن تضمن لمقدمة هذه الشكوى الحق في أن ترفع شكوى، وهو ما يستلزم استجابة السلطات المختصة على النحو الملائم بالشروع في إجراء تحقيق سريع ونزيه ( ) .

٧-١٠ وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة الشكوى بموجب المادة 14 من الاتفاقية، تذكِّر اللجنة بأن هذا الحكم لا يعترف بالحق في الحصول على تعويض عادل ومناسب فحسب بل يلزم الدول الأطراف كذلك بضمان إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب. وتذكر اللجنة بأن الإنصاف يجب أن يكون عن مجموع الأضرار التي لحقت بالضحية وأن يشتمل، في جملة تدابير أخرى، على إعادة الحق إلى نصابه والتعويض فضل اً عن تدابير من شأنها أن تضمن عدم تكرار الانتهاكات، مع مراعاة ظروف كل حالة دائماً ( ) . وفي هذه القضية، أحاطت اللجنة علم اً بادعاء صاحبة الشكوى الذي يفيد بأن تدابير المتابعة الوحيدة التي استفادت منها الضحية بهدف إعادة تأهيلها قد قدمتها لها جمعية أهلية. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف استشهدت بعمل هذه الجمعية الذي لا يدخل في نطاق صلاحياتها ولا يخضع لولايتها، من دون أن تحدد التدابير التي تعتزم اتخاذها لتنفيذ التزامها بتوفير تدابير التأهيل والإنصاف عن جريمة في مثل خطورة جريمة اغتصاب مسؤول في الجيش لطفلة. وفي ظل هذه الظروف، لا يسع اللجنة إلا أن تخلص إلى أن الدولة الطرف قد أخلت بالتزاماتها بموجب المادة ١٤ من الاتفاقية، عندما تقاعست عن إجراء تحقيق فعال ونزيه.

٨ - وإذ تتصرف اللجنة، بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، فإنها ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكات للمواد 12 و13 و14، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة الأولى من الاتفاقية.

٩ - وتحث اللجنة الدولة الطرف، وفق اً للفقرة 5 من المادة ١١٨ من نظامها الداخلي، على ما يلي: (أ) المبادرة فوراً إلى فتح تحقيق في الأحداث المشار إليها، بهدف مقاضاة جميع الأشخاص الذين قد يتحملون مسؤولية عن المعاملة التي تعرضت لها ابنة صاحبة الشكوى؛ (ب) وإنصاف صاحبة الشكوى على النحو الملائم، ويشمل ذلك تدابير التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية، وإعادة الحق إلى نصابه، وإعادة التأهيل، والترضية، وضمان عدم التكرار؛ (ب) واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أي تهديد أو عنف قد تتعرض له صاحبة الشكوى أو ابنتها، لا سيما جرَّاء تقديم هذه الشكوى؛ و(د) إبلاغ اللجنة، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالخطوات المتخذة استجابةً للآراء المعرب عنها أعلاه، بما في ذلك تعويض صاحبة الشكوى.