الأمم المتحدة

CAT/C/74/D/887/2018

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

30 January 2023

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 887/2018 * **

بلاغ مقدم من: أ. ي. (تمثلها المحامية أنجيلا ستيتلر )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم البلاغ: 11 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 5 تموز/يوليه 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 22 تموز/يوليه 2022

الموضوع: خطر التعذيب في حال الترحيل إلى إريتريا (عدم الإعادة القسرية)

المسائل الإجرائية: تقييمٌ للمصداقية ظاهر البطلان

المسائل الموضوعية: التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

مادة الاتفاقية: 3

1-1 صاحبة الشكوى هي أ. ي. ( ) ، وهي مواطنة إريترية، وُلدت في عام 198 4. وعقب رفض طلب لجوئها، صدر أمر ترحيل لإعادتها إلى إريتريا. وتدعي صاحبة الشكوى أن إبعادها يشكل انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية. وتمثل صاحبة الشكوى المحامية أنجيلا ستيتلر .

1-2 وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2018، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، وعن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم إبعاد صاحبة الشكوى ريثما تنظر اللجنة في شكواها. وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أكدت الدولة الطرف أنها علّقت ترحيل صاحبة الشكوى.

الوقائع كما عرضتها صاحبة الشكوى

2-1 صاحبة الشكوى هي مواطنة إريترية من الإثنية التغرينية أصلها من منطقة ديبوب بجنوب إريتريا. وعندما كانت في السادسة عشرة من العمر، قررت أسرتها تزويجها. لذلك تركت المدرسة وتزوجت، وانتقلت للعيش مع زوجها في عدي جفا. وكان زوجها يؤدي الخدمة الوطنية حينذاك. وفي تموز/ يوليه 2005، أنجبت صاحبة الشكوى ابنة. وانفصل الزوجان في عام 200 6.

2-2 وبعد الطلاق، انتقلت صاحبة الشكوى إلى أسمرة، مع ابنتها، حيث اشتغلت عاملة منزلية لدى إحدى الأسر هناك. وبعد دوام العمل، كانت تبيع الملابس في الشارع. وكانت دائماً تأخذ ابنتها لتجنب تعبئتها لأداء الخدمة الوطنية ( ) . وفي شباط/فبراير 2013، غادرت صاحبة الشكوى منزلها في الصباح الباكر لشراء الخبز قبل أن تبدأ عملها، تاركة ابنتها في المنزل. ولكن السلطات ألقت القبض عليها واقتادتها إلى مركز الشرطة، حيث احتُجزت حتى المساء. فأبلغت ضباط الشرطة أنها بحاجة إلى العودة إلى المنزل لابنتها التي تركتها بمفردها. وفي وقت لاحق من مساء اليوم نفسه، سُجّلت هويتها وطُلب منها أن تظل متأهبة للخدمة الوطنية. ثم أُفرج عنها ( ) .

2-3 فقررت صاحبة الشكوى مغادرة إريتريا خوفاً من أن يُلقى القبض عليها مرة أخرى. وتركت ابنتها مع والدتها ورتبت رحلتها من خلال أحد معارفها. وسافرت عبر السودان وليبيا وإيطاليا، حتى وصلت إلى الدولة الطرف في 6 آب/أغسطس 201 4. وقدمت طلباً للحصول على مركز اللاجئ في الدولة الطرف في 7 آب/أغسطس 201 4.

2-4 وحضرت صاحبة الشكوى جلسة استماع أولية في 22 آب/أغسطس 201 4. وفي 12 آب/ أغسطس 2015، عُقدت جلسة استماع موضوعية قدمت خلالها شهادة مفصلة عن الأسباب الموضوعية لطلبها الحماية الدولية.

2-5 وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2015، رفضت أمانة الدولة لشؤون الهجرة طلب لجوئها. ولم تجد أن رواية صاحبة الشكوى ذات مصداقية نظراً لوجود تناقضات في تفسيرها للأحداث التي أدت إلى مغادرتها إريتريا. وعلى وجه الخصوص، ذكرت صاحبة الشكوى، خلال المقابلة الأولى، أن إدارة حي باراديسو أبلغتها بأنها سوف تستدعى للخدمة العسكرية وأن عليها الاتصال بها في الفترة بين كانون الثاني/ يناير ونيسان/أبريل 2013 بشأن هذه المسألة. وبالإضافة إلى ذلك، ادعت أنها كانت متخوفة من أن تُعتقل في إحدى المداهمات. ومع ذلك، لم تصرح بتعبئتها واقتيادها إلى مركز الشرطة إلا في جلسة الاستماع الموضوعية في شباط/فبراير 2013، حيث أبلغت بضرورة أن تظل متأهبة للخدمة الوطنية. فخلصت أمانة الدولة إلى أن وصفها اللاحق للاعتقال يعني ضمناً أنه ملفق بغرض دعم طلب لجوئها. ولاحظت كذلك أن صاحبة الشكوى ذكرت أثناء جلسة الاستماع الموضوعية أنها كانت وقت إلقاء القبض عليها قد تركت ابنتها لفترة وجيزة في المنزل لشراء الخبز، في حين أنها عادة ما تصطحبها إلى العمل لتجنب إلقاء القبض عليها. غير أن صاحبة الشكوى ادعت في وقت لاحق من الجلسة نفسها أنها كانت في طريقها إلى العمل عندما ألقت الشرطة القبض عليها. وأشارت أمانة الدولة أيضاً إلى رواية صاحبة الشكوى عن رحلتها بوصفها مبهمة، مما حدا بها إلى استنتاج أنها لم تغادر إريتريا بصورة غير قانونية، كما ادعته. ورأت أيضاً أن انتظار صاحبة الشكوى ثلاثة أشهر بعد واقعة اعتقالها لمغادرة البلد أمر غير مفهوم. ولذلك خلصت أمانة الدولة إلى أن ادعاءات صاحبة البلاغ ملفقة وأنها بالتالي تفتقر إلى المصداقية. ولم تجد أي مؤشر على أن صاحبة الشكوى ستتعرض لمعاملة تحظرها المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إذا أعيدت إلى إريتريا.

2-6 وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2015، طعنت صاحبة الشكوى في قرار أمانة الدولة لشؤون الهجرة أمام المحكمة الإدارية الاتحادية. ودعماً للطعن الذي قدمته، أدلت بخط سير مفصل جداً لرحلتها إلى السودان. كما أوضحت البيانات المتعلقة باعتقالها، وشرحت أنها عندما أشارت إلى شراء الخبز، فهي كانت تقصد الأعمال المنزلية أو المشاوير أو المعاملات التجارية، وأسيء تفسير ذلك على أنه يعني مباشرتها للعمل، وأكدت أن روايتها كانت متسقة تمام الاتساق. وطلبت إصدار أمر مؤقت بتعليق الترحيل ريثما ينظر في طعنها.

2-7 وفي 10 كانون الأول/ديسمبر 2015، خلصت المحكمة الإدارية الاتحادية، بناء على تقييم أولي، إلى عدم وجود احتمال معقول لنجاح الطعن الذي قدمته صاحبة الشكوى، لأن أياً من أدلتها لم يؤد إلى التشكيك في قرار أمانة الدولة لشؤون الهجرة. ولذلك، رفض الطلب المؤقت.

2-8 ورفضت المحكمة الإدارية الاتحادية في حكمها النهائي الصادر في 14 كانون الثاني/ يناير 2016، الطعن الذي قدمته صاحبة الشكوى، لأنها اعتبرت أن الادعاءات المتعلقة بحياتها في إريتريا وأسباب فرارها وظروف مغادرتها متناقضة جزئياً وبالتالي غير ذات مصداقية. وعلى وجه الخصوص، استشهدت المحكمة برواية صاحبة الشكوى خلال مقابلة التدقيق التي أفادت فيها بأنها كانت تشتغل عاملة منزلية في الفترة من عام 2005 إلى عام 2013، في حين ادعت في المقابلة الموضوعية أنها كانت تعمل في التجارة. ولم تقتنع المحكمة بأن صاحبة الشكوى قد تمكنت من ادخار 500 1 فرنك سويسري لتمويل رحلتها ( ) . وأخيراً، لم تجد اللجنة أنه من المعقول أنها تمكنت من الاتصال بميسر ومغادرة البلد في غضون يوم واحد. وفي ضوء هذه العناصر، خلصت المحكمة إلى أن ترحيلها إلى إريتريا ليس أمراً غير معقول أو مخالفاً لحقوقها بموجب المادة 3 من الاتفاقية أو المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

2-9 وتجادل صاحبة الشكوى بأن أمانة الدولة لشؤون الهجرة لم تأخذ في الاعتبار، في المرحلة الابتدائية، أن مقابلة التدقيق اتخذت طابعاً موجزاً وأنها تلقت تعليمات صريحة منذ البداية بإيجاز روايتها، لأن أسباب لجوئها لم تكن هي محور تلك المقابلة، بل كانت ستدرس في مقابلة اللجوء الموضوعية اللاحقة ( ) . وعلاوة على ذلك، يؤكد المحضر أن مقابلة التدقيق أجريت بطريقة خاطفة بشكل خاص بسبب نقص الموظفين ( ) . وفهمت صاحبة الشكوى أنه لم يكن متوقعا ً منها سوى أن تقدم سرداً موجزاً للأحداث التي أدت إلى هروبها من إريتريا. ولذلك، لم تذكر سوى أنه طلب منها أداء الخدمة العسكرية وأنها خشيت أن يُقبض عليها أثناء إحدى المداهمات. ولم تذكر الظروف التي قيل لها فيها أن تؤدي الخدمة العسكرية (أي عندما كانت محتجزة لدى الشرطة عقب تعبئتها خلال إحدى المداهمات )، حيث طُلب إليها إيجاز سردها لأسباب فرارها. وتدفع أيضاً بأنها أوضحت في المقابلة الموضوعية أنها لم تذكر لهذا السبب أن الشرطة ألقت القبض عليها واحتجزتها لمدة يوم كامل. وتشير صاحبة الشكوى إلى اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية م. أ. ضد سويسرا ، التي ارتأت فيها أنه لا يمكن تجاهل الاختلاف بين طبيعة جلستي الاستماع عند تقييم المصداقية ( ) . وعليه، فإنها تدفع بأن الاختلاف بين طبيعة جلستي الاستماع وكون مقابلة التدقيق أجريت بطريقة خاطفة يفسر السبب وراء اقتصارها على تقديم جزئيات عن اعتقالها خلال إحدى المداهمات، وأنها أوضحت بشكل أدق في المقابلة الموضوعية أنه قيل لها صراحة خلال تلك الواقعة أن تستعد لأداء الخدمة الوطنية.

2-10 وتذكر صاحبة الشكوى أنها لم تدل بأقوال متناقضة فيما يتعلق بالأسباب التي دفعتها إلى المغادرة بدون ابنتها لشراء الخبز. بل حدث سوء فهم في مرحلة ما خلال المقابلة الثانية. فلقد قالت صاحبة الشكوى إنها كانت في طريقها للقيام ببعض الأعمال (بمعنى شراء بعض الطعام ). ومن الواضح أن المترجم أساء فهمها وترجم كلامها على أنها كانت في طريقها إلى العمل. ومع ذلك، فقد تبين بوضوح، من خلال أقوالها السابقة، أن صاحبة الشكوى لم تكن في طريقها إلى العمل في ذلك الصباح. وتشير صاحبة الشكوى إلى أنها ذكرت عدة مرات أنها كانت في طريقها لشراء الخبز. كما أوضحت أنها كانت دائماً تأخذ ابنتها معها عندما تذهب إلى العمل حتى لا تعتقلها الشرطة، لكنها لم تأخذ ابنتها معها في ذلك الصباح. وذلك لأنها أرادت فقط شراء الخبز ثم العودة إلى المنزل. وتجادل صاحبة الشكوى بأن أقوالها ظلت متسقة على طول الخط، وبالتالي فإن روايتها ذات مصداقية. وتجادل بأن تقييم أمانة الدولة لشؤون الهجرة غير صحيح، لا سيما وأنها قدمت وصفاً مفصلاً لملابسات مغادرتها ( ) .

2-11 وتجادل صاحبة الشكوى أيضاً بأن تعليل المحكمة الإدارية الاتحادية كان سطحياً وموجزاً، ومن الواضح أنه لم يأخذ أقوالها في الاعتبار، لأنها ذكرت تفاصيل من سردها للأحداث بشكل خاطئ في حكمها، مستندة في أجزاء من استنتاجاتها إلى ذلك السرد غير الصحيح، مما يتضح أيضاً في عدم تناول المحكمة لبعض الحجج الواردة في الطعن الذي قدمته.

2-12 وتدّعي صاحبة الشكوى أن ترحيلها من سويسرا إلى إريتريا يعرضها لخطر تعذيب حقيقي . وتشير إلى النمط الثابت المتمثل في وقوع انتهاكات جسيمة وصارخة لحقوق الإنسان في إريتريا وتشير إلى ورقة غرفة اجتماعات لجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا والتي لاحظت فيها اللجنة أن ’’التعذيب منتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء إريتريا. ويمارس في حق الأشخاص المحتجزين . .. بل ويتعرض له أيضاً المجندون في الخدمة الوطنية أثناء خضوعهم للتدريب العسكري وطيلة فترة حياتهم التي يقضونها في صفوف الجيش . .. وترى اللجنة أن تكرار بعض أساليب التعذيب وانتشارها يشكل مؤشراً قوياً على أن ممارسة التعذيب أمر منهجي ومعتاد‘‘. وتشير صاحبة الشكوى أيضاً إلى تقرير لجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا، الذي ورد فيه أن ’’الشخص الذي يعاد قسراً إلى وطنه ينظر إليه حتماً على أنه غادر البلد بصورة غير قانونية، وعلى هذا الأساس، يصنف مجرماً خطيراً بل يعتبر أيضاً ’خائناً‘‘‘. وهناك نمط شائع لمعاملة العائدين يتمثل في إلقاء القبض عليهم لدى وصولهم إلى إريتريا. ويخضع الشخص العائد للاستجواب بشأن ملابسات هروبه، ويسأل عما إذا ساعده أحد على مغادرة البلد، وعن مصدر تمويل الرحلة، وعما إذا كان قد اتصل بجماعات المعارضة في الخارج، وما إلى ذلك. ويعامل الشخص العائد معاملة سيئة بشكل منهجي تصل إلى حد التعذيب أثناء مرحلة الاستجواب‘‘.

الشكوى

3- تدعي صاحبة الشكوى بناء على ما سبق أنها تواجه خطراً حقيقياً يُعرضها للاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة إذا عادت إلى إريتريا بما يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية، نظراً لكونها غادرت إريتريا بصورة غير قانونية، دون جواز سفر أو تأشيرة خروج، وتجاوزت سن 18 عاماً، وبالتالي فهي مؤهلة للخدمة الوطنية الإلزامية وخاضعة لها، لا سيما أنه سبق إلقاء القبض عليها وتسجيلها لدى السلطات. وتؤكد أن السلطات الإريترية في المطار ستعتقلها وتحتجزها على الفور، وتستجوبها باستخدام أساليب ينطبق عليها تعريف التعذيب، وسرعان ما ستثبت السلطات أنها غادرت البلد بصورة غير قانونية وأنها بلغت سن الخدمة العسكرية. وبما أن السلطات تعتبر الخروج غير القانوني في حد ذاته معارضة سياسية، فسوف تعامل بقسوة وتخضع للعقاب وتجند وتتعرض للتعذيب طوال هذه العملية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4-1 في 12 نيسان/أبريل 2019، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن المادة 3 من الاتفاقية تنص على أنه لا يجوز للدول الأطراف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى إذا وُجدت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن هذا الشخص سيكون معرضا ً لخطر التعذيب. ولتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب موجودة، تنظر السلطات المختصة في جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، عند الاقتضاء، وجود نمط ثابت من الانتهاكات السافرة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.

4-3 وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة قد عبّرت بشكل ملموس عن عناصر المادة 3 في سوابقها القضائية وأصدرت على وجه الخصوص مبادئ توجيهية دقيقة بشأن تطبيق أحكامها في تعليقها العام رقم 4(2017 )، الذي ينص على أنه يجب على صاحب الشكوى أن يثبت أن خطر تعرضه للتعذيب إذا ما رُحِّل إلى بلده الأصلي متوقع وقائم وشخصي وحقيقي. وعلاوة على ذلك، يجب أن يكون واضحا ً أن احتمال وجود مثل ذلك الخطر أمر وارد جدا ً ، وهو ما يحدث عندما تستند الادعاءات إلى وقائع موثوقة. وتشمل العناصر التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار لاستنتاج وجود مثل هذا الخطر، في جملة أمور، الأدلة على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية، وادعاءات التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة على يد موظف رسمي في الماضي القريب؛ ووجود أدلة يمكن الحصول عليها من مصادر مستقلة لإثبات ادعاءات التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة؛ وادعاءات احتمال تعرض صاحب البلاغ أو محيطه للتعذيب أو سوء المعاملة نتيجة للإجراءات المعروضة على اللجنة؛ والأنشطة السياسية لصاحب البلاغ داخل دولة المنشأ أو خارجها؛ ووجود أدلة على مصداقية صاحب البلاغ وصحة ادعاءاته بوجه عام، على الرغم من وجود بعض التناقضات الوقائعية أو بعض الإسقاطات في بياناته.

4-4 وتلاحظ الدولة الطرف أنه يجب على اللجنة أن تنظر في جميع الاعتبارات ذات الصلة، وفقاً للمادة 3( 2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من انتهاكات الدولة لحقوق صاحب البلاغ. غير أن السؤال المطروح هو ما إذا كانت مقدمة الطلب معرضة ’’شخصياً‘‘ لخطر التعذيب في البلد الذي ستعاد إليه ( ) . ويترتب على ذلك أن وجود نمط من انتهاكات حقوق الإنسان لا يشكل سبباً كافياً لاستنتاج أن الفرد سيتعرض لخطر التعذيب لدى عودته إلى بلده. وبالتالي، يجب أن توجد أسباب أخرى تدعو إلى تصنيف خطر التعذيب على أنه ’’متوقع وقائم وشخصي وحقيقي‘‘.

4-5 وتشير الدولة الطرف إلى ادعاءات صاحبة الشكوى بأن السلطات الوطنية لم تجر سوى دراسة وجيزة لحججها المتعلقة بمخاطر التعذيب وسوء المعاملة في حالة عودتها إلى إريتريا، وأن تعليل المحكمة الإدارية الاتحادية سطحي وموجز نسبياً ولا يأخذ في الاعتبار على الإطلاق أقوال صاحبة الشكوى، وأن السلطات لم تجر التحقيقات اللازمة لتحديد الطبيعة الفعلية لما زُعم من مخاطر التعرض للتعذيب وسوء المعاملة. ورداً على هذه الادعاءات، توضّح الدولة الطرف ممارستها المتعلقة بتجهيز طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين الإريتريين، والتي استُمدت نقاطها الأساسية من قرار اللجنة في قضية م. ج. ضد سويسرا ( ) .

4-6 ففيما يتعلق بتقييم خطر التعرض للاضطهاد في إريتريا عموماً، تشير الدولة الطرف إلى الاجتهادات السابقة للمحكمة الإدارية الاتحادية التي قضت بأن اللاجئين لا يدخلون ضمن الأشخاص الذين يخشون الأذى على أساس أنهم رفضوا الخدمة في الجيش أو فروا من الخدمة ( ) . وتدفع كذلك بأن أمانة الدولة لشؤون الهجرة تقيّم بانتظام التقارير المتعلقة بإريتريا وتحرص على تبادل المعلومات باستمرار مع خبراء وهيئات شريكة. وعلى هذا الأساس، تحتفظ بقائمة جرد قطرية محدثة تستخدم كأساس لاتخاذ القرارات والعمل المتعلق باللجوء. وتشير على وجه الخصوص إلى تقرير أعدته الأمانة في أيار/مايو 2015 بعنوان ’’إريتريا - دراسة قطرية‘‘، تضمن المعلومات التي جمعتها كافة. وتلاحظ أن هذا التقرير حاصل على تصديق من أربع هيئات شريكة، وخبير علمي، والمكتب الأوروبي لدعم اللجوء (الذي أصبح الآن وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء) ( ) . وفي شباط/فبراير وآذار/مارس 2016، أوفدت الأمانة بعثة ميدانية إلى إريتريا لمراجعة المعلومات وتعميقها واستكمالها، مع إضافة بعض المصادر التي وردت منذ ذلك الحين. وتلاحظ الدولة الطرف أيضا ً أن الأمانة نشرت في 10 آب/أغسطس 2016 تحديثاً للتقرير الأصلي وتشير إلى الاستنتاجات المماثلة الواردة في التقارير التي نشرها عدد من الهيئات الوطنية في الفترة بين كانون الأول/ديسمبر 2015 وتموز/يوليه 2018 (على سبيل المثال، في السويد والنرويج والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية ).

4-7 وتوضح الدولة الطرف أن سلطات اللجوء السويسرية غيرت في حزيران/يونيه 2016 ممارستها فيما يتعلق بالمغادرة غير القانونية من إريتريا، على نحو ما أكدته المحكمة الإدارية الاتحادية في قرارات لاحقة، ولا سيما حكم المحكمة الصادر في 30 كانون الثاني/يناير 2017 ( ) . وفي تلك الأحكام، نظرت المحكمة، بقدر كبير من التفصيل، في الحالة في إريتريا استناداً إلى عدد وفير من المصادر ( ) . وكان استنتاج هذه التحليلات أن الخروج غير القانوني من إريتريا لم يعد كافياً في حد ذاته لتبرير الاعتراف بمركز اللاجئ. بل أصبح هناك تساؤل عما إذا كانت الأحكام الجنائية المتعلقة بالمغادرة غير القانونية لا تزال مطبقة، علماً بأن السلطات الإريترية لم تعد تتخذ إجراءات صارمة ضد المواطنين العائدين إلى البلد نظراً للقدر الهائل من ’’هجرة العقول‘‘ الذي تشهده إريتريا حالياً ( ) . ولم يعد من الممكن قبول حجة وجود خطر كبير يتمثل في التعرض للعقاب في حالة العودة إلا في وجود عوامل، بالإضافة إلى الخروج غير القانوني، تجعل من طالب اللجوء شخصاً غير مرغوب فيه في نظر السلطات الإريترية. وتتوقف معاملة مقدمي طلبات اللجوء المرفوضين على الطريقة التي يعودون بها إلى البلد، أي ما إن كانت العودة حرة أم قسرية. ووفقاً للمعلومات الواردة من سلطات اللجوء السويسرية، تدفع الدولة الطرف بأن العودة الحرة للإريتريين الذين رفضت طلبات لجوئهم تمنحهم وضعاً متميزاً يعرف باسم ’’الشتات‘‘. والواقع أن هؤلاء الأشخاص ’’يعاد تأهيلهم‘‘ ويعفون من الخدمة الوطنية لمدة ثلاث سنوات على الأقل؛ ومن ثم، فهم ليسوا معرضين لخطر اضطهاد الدولة لأسباب تتعلق بمغادرتهم البلد.

4-8 وفيما يتعلق بمشروعية عمليات إبعاد الأشخاص غير الحاصلين على مركز اللاجئ وإنفاذها، تشير الدولة الطرف إلى إقرار المحكمة الإدارية الاتحادية الذي يفيد بأنه يبدو من مصادر المعلومات العديدة التي استُند إليها أن جميع المواطنين الإريتريين، رجالاً كانوا أم نساء، مطالبون بأداء الخدمة الوطنية ( ) . وقد تطول مدة التدريب الأساسي الواجب تلقيه في هذا الإطار لمدة تصل إلى ستة أشهر قبل أن يدمج الأشخاص المعنيون في الخدمة العسكرية أو المدنية لمدة تتراوح ما بين خمس وعشر سنوات ( ) . واعترفت المحكمة أيضاً بأن ظروف العيش شاقة جداً سواء أثناء التدريب الأساسي أو أثناء أداء الخدمة الوطنية، وبأن المصادر التي سُئلت عن هذا الأمر أشارت بالخصوص إلى سوء المعاملة والاعتداءات الجنسية.

4-9 ولذلك، تستشهد الدولة الطرف بتحليل المحكمة الإدارية الاتحادية الذي رأى أن الالتزام بأداء الخدمة الوطنية يشكل عبئا ً لا يحول في حد ذاته دون إعادة مقدمي الطلبات إلى إريتريا. وعلاوة على ذلك، لا تحظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مثل هذا الإجراء إلا في حالة وجود خطر شديد يُخشى منه حدوث انتهاك صارخ لحظر السخرة، وهو خطر نفت المحكمة وجوده في نهاية دراستها. وبالتالي، فإن الظروف السائدة المتعلقة بالخدمة الوطنية الإريترية هي بالتأكيد إشكالية، ولكن ليس إلى حد جعل الترحيل غير قانوني. وعلاوة على ذلك، فإن سوء المعاملة والاعتداء الجنسي لا يرتكبان بأسلوب معمم يحتّم إعادة النظر في هذا التقييم ( ) . كما نفت المحكمة أن العودة الطوعية إلى إريتريا ينطوي عموماً على خطر كبير يتمثل في السجن وبالتالي المعاملة اللاإنسانية ( ) . وأخيراً، أشارت أيضاً إلى أن إريتريا ليست في حالة حرب، ولا تشهد حرباً أهلية أو حالة عنف معمم، وأن الظروف المعيشية في البلد تحسنت منذ عام 2005، أي عندما كانت الحالة الإنسانية تعتبر يائسة ( ) .

4-10 وفي ضوء الممارسة الحالية لأمانة الدولة لشؤون الهجرة المشار إليها أعلاه والاجتهاد القضائي السابق المفصل للمحكمة الإدارية الاتحادية، ترى الدولة الطرف أن كلا ً من السلطتين قد أجرتا دراسة مفصلة ومعلَّلة حسب الأصول للحالة السائدة في إريتريا ولطبيعة مخاطر التعذيب أو سوء المعاملة التي تدعيها صاحبة البلاغ، المتعلقة بكل من الخدمة الوطنية ومغادرة البلد بصورة غير قانونية.

4-11 وبالنظر إلى المخاطر الناشئة عن التجنيد في إطار الخدمة الوطنية، تشير الدولة الطرف إلى أن احتمال استدعاء الشخص لأداء الخدمة الوطنية من منزله في إريتريا لا تبرر منح مركز اللاجئ، لأن ممارسة السلطات الإريترية المذكورة أعلاه لا تشكل في حد ذاتها تدبيراً حاسماً من تدابير الاضطهاد في مسائل اللجوء، كما أنها لا تشكل خطراً يعرّض الشخص لمعاملة مخالفة للمادة 3 من الاتفاقية لهذا السبب، ولا في الواقع لأي سبب آخر. وعلاوة على ذلك، فإن حالة حقوق الإنسان عموماً ليست كافية في حد ذاتها لجعل إبعاد مقدمة الطلب منافياً للمادة 3 من الاتفاقية. وينطبق الشيء ذاته على وجود التزام أداء الخدمة الوطنية.

4-12 وفيما يتعلق بالادعاءات المتعلقة بمغادرة صاحبة البلاغ بصورة غير قانونية، تذكر الدولة الطرف بأن أقوال صاحبة الشكوى بشأن ظروف مغادرتها كانت متناقضة وغير متسقة، بحيث اعتبرتها كل من أمانة الدولة لشؤون الهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية غير معقولة. وبما أن صاحبة البلاغ لم تستطع جعل مغادرتها غير القانونية من إريتريا تبدو معقولة، فإنها بالتالي لم تتمكن من جعل ادعاءاتها بأنها ستتعرض لمعاملة تحظرها المادة 3 من الاتفاقية في حالة عودتها إلى إريتريا تبدو محتملة. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى الاجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكمها في قضية م. أُ. ضد سويسرا المؤرخة 20 حزيران/يونيه 2017، التي قضت فيها بما يلي: ’’تشاطر المحكمة آراء المحكمة العليا (لدائرة الهجرة واللجوء في المملكة المتحدة) القائلة بأن الشخص الذي لم يثبت أن طلب لجوئه موثوق لا يمكن افتراض أنه غادر إريتريا بشكل غير قانوني، وأن كونه طالب لجوء رفضت طلباته ليس كافياً في حد ذاته لكي يواجه خطراً حقيقياً من التعرض لمعاملة منافية للمادة 3 من الاتفاقية إذا أعيد إلى إريتريا‘‘ ( ) .

4-13 وفيما يتعلق بانتقاد صاحبة الشكوى إجراءات اللجوء المحلية التي خلصت إلى أن ادعاءها غير قابل للتصديق، تلاحظ الدولة الطرف أن هذه المزاعم ليست كافية لتفنيد استنتاجات السلطات الوطنية المختصة. وبما أن الدولة الطرف لا تزال مصرة على أن أقوال صاحبة الشكوى متناقضة بشأن نقاط أساسية في روايتها، ولا سيما بشأن أسباب مغادرتها إريتريا وبشأن الاستدعاء للخدمة الوطنية، فإنها تعيد تأكيد تأييدها لمنطق كل من أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية بأن مقدمة الطلب لم تتمكن من إثبات معقولية ملاحظاتها.

4-14 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن صاحبة الشكوى اتبعت في بلاغها أسلوباً انتقائياً في إدلائها بالمعلومات الخاصة بالبلد. ففي الواقع، تستند حججها إلى حد كبير إلى تقارير هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، والتي بدورها لا تستند سوى إلى تصريحات أشخاص غادروا إريتريا. وعلاوة على ذلك، فإنها لا تتضمن أي معلومات عن معاملة الأشخاص المتهمين فقط بالخروج من البلد بصورة غير قانونية (وليس بأي أسباب أخرى مثل الفرار من الخدمة العسكرية أو التهرب من التجنيد )، في حين أن عدداً من البلدان الأوروبية (النرويج والسويد وسويسرا) نشرت تقارير تستند إلى مصادر أوسع نطاقاً وأكثر تمايزاً (بما في ذلك بحوث ميدانية ).

4-15 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن صاحبة الشكوى اقتبست باستفاضة من ورقة غرفة الاجتماعات التي تتضمن النتائج التفصيلية للجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا. بيد أن اللجنة تشير صراحة إلى عدم تعاون حكومة إريتريا في جمع المعلومات ذات الصلة اللازمة لإعداد الورقة، واستحالة سفر أعضاء اللجنة إلى إريتريا للقيام بمهمتهم ( ) . وعليه، تجادل الدولة الطرف بأن محتوى ذلك التقرير يستند إلى وقائع وأدلة أبلغت عنها أطراف ثالثة وليس إلى استنتاجات اللجنة مباشرة، بحيث لا يسع صاحبة البلاغ أن تستمد منه قيمة إثباتية تفوق قيمة المصادر الأخرى.

4-16 وتسترسل الدولة الطرف مشيرة إلى أنها ترى، في ضوء الأدلة التي قدمتها صاحبة الشكوى، أن محتوى التقارير التي تستشهد بها لا يكفي لإثبات أنها معرضة بشكل شخصي وحقيقي للمخاطر الواردة في الشكوى. وفيما يتعلق بهذه النقطة، تذكّر اللجنة بأن السلطات الوطنية المسؤولة عن إجراءات اللجوء أجرت تحليلاً دقيقاً للمخاطر التي قد تتعرض لها مقدمة الطلب وخلصت إلى أنه لا يوجد دليل ملموس يدعم الاستنتاج القائل بأنها إذا عادت إلى بلدها الأصلي، فإنها ستتعرض لعقوبات أو معاملة تحظرها المادة 3 من الاتفاقية.

4-17 وتذكر الدولة الطرف أيضاً أن سلطات اللجوء التابعة لها خلصت إلى أن أقوال صاحبة البلاغ بشأن احتجازها غير معقولة وبالتالي يسعها أن تخلص بصورة مشروعة إلى أن السلطات الإريترية لم تعتقل صاحبة البلاغ أو تسجنها قط. فلقد أشارت صاحبة البلاغ نفسها، خلال جلسة الاستماع الموجزة التي عقدت معها، إلى أنها لم تواجه أي مشاكل في بلدها الأصلي.

4-18 وتميز الدولة الطرف بين بلاغ صاحبة الشكوى وبين الوقائع التي تشكل أساس قضية م. ج. ضد سويسرا ، التي خلصت فيها اللجنة إلى حدوث انتهاك ( ) . وعلى النقيض من ذلك، جرت في القضية الراهنة جلسة الاستماع مع صاحبة الشكوى بلغتها الأم، ولم تكن صحة الوثائق المقدمة عاملاً حاسماً في تقييم مصداقية ادعاءاتها، والأهم من ذلك، أجرت المحكمة الإدارية الاتحادية تقييماً مفصلاً ومعلّلا ً للأسس الموضوعية لادعاءات صاحبة البلاغ. وعليه، تخلص الدولة الطرف إلى أنه يتضح في هذه القضية، ولا سيما من خلال قرارات سلطات اللجوء الوطنية، أن ادعاءات صاحبة البلاغ تفتقر إلى المصداقية وأن أقوالها لا تدعم بأي حال من الأحوال الاستنتاج القائل بوجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنها ستتعرض للتعذيب إذا أعيدت إلى بلدها الأصلي.

4-19 وتؤكد الدولة الطرف من جديد الاستنتاجات التي توصل إليها صانعو القرار المحليون، بيد أنها تسلط الضوء على العناصر التالية:

(أ) في جلسة الاستماع الموجزة التي عُقدت في 22 آب/أغسطس 2014، أشارت مقدمة الطلب إلى أنها كانت تخشى أن تداهم الشرطة مسكنها، ولكنها قالت إنها لم تكن قد واجهت أي مشاكل مع الشرطة حتى ذلك الحين. غير أنها ذكرت في جلسة الاستماع الثانية أنها تعرضت لمداهمة شنتها الشرطة واضطرت إلى قضاء يوم كامل في مركز للشرطة، مما دفعها إلى الفرار من إريتريا، على حد قولها. وبناء على ذلك، لم تشر، في الجلسة الأولى، إلى العامل الحاسم لخوفها من أن تجبرها السلطات الوطنية على أداء الخدمة الوطنية. وهذا أمر مثير للدهشة وغير قابل للتصديق إلى حد ما لأنها ذكرت في مقابلتها الأولى أنها لم تكن قد واجهت أي مشاكل مع السلطات الوطنية. وتؤكد الدولة الطرف أنه لم يكن من الممكن شرح هذه التناقضات في ظل الطابع الموجز لجلسة الاستماع الأولى؛

(ب) علاوة على ذلك، ذكرت صاحبة البلاغ في جلسة الاستماع الأولى أن السلطات الإدارية هي التي طلبت إليها أن تظل متأهبة للخدمة الوطنية، في حين ادعت بعد ذلك أن ضباط الشرطة هم الذين اعتقلوها.

4-20 وفي ضوء ما تقدم، تدفع الدولة الطرف بأنه ليس هناك ما يشير إلى وجود أسباب حقيقية تدعو إلى القلق من وجود مخاطر متوقعة وقائمة وشخصية وحقيقية تعرض صاحبة البلاغ للتعذيب أو سوء المعاملة إذا أعيدت إلى إريتريا. ولذلك تدعو اللجنة لأن تخلص إلى أن إعادة صاحبة البلاغ إلى إريتريا لا تشكل انتهاكاً للالتزامات الدولية لسويسرا بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 31 تموز/يوليه 2019، قدمت صاحبة الشكوى تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية بلاغها وأسسه الموضوعية.

5-2 وتحيط صاحبة الشكوى علماً بادعاء الدولة الطرف بأن بلاغها استشهد بشكل انتقائي بمصادر لدعم ادعاءاتها التي اعتمدت في الغالب أو حصراً على تصريحات لأشخاص فروا من إريتريا، مشيرة إلى أن هذه المصادر لا يمكن الوثوق بها وإلى أنها هي وبلدان أوروبية أخرى اعتمدت على تقارير منشورة تستند إلى مصادر أكثر شمولاً وتمايزاً أكدت أن الخروج غير القانوني في حد ذاته لا يكفي لتبرير مركز اللاجئ.

5-3 غير أن صاحبة الشكوى تلاحظ أن هناك أدلة قوية تشير إلى أن بعثات تقصي الحقائق والتغييرات في السياسة العامة التي أشارت إليها الدولة الطرف كأساس لاستنتاجها كانت معيبة ولو جزئياً وأجريت لغرض وحيد هو خفض عدد طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين الإريتريين. وتشير صاحبة الشكوى إلى توجيهات وزارة الداخلية البريطانية، التي نشرت في آذار/مارس 2015 واستندت إلى زيارة أجرتها في كانون الأول/ديسمبر 2014، وتلاحظ أن المؤسسة المسماة "مشروع القانون العام" حصل ت في كانون الثاني/يناير 2017 على معلومات كشفت أنه حتى وزارة الداخلية نفسها شككت، قبل نشر التوجيه المذكور، في موثوقية البيانات التي أدلى بها مسؤولو الحكومة الإريترية أثناء الزيارة السالفة الذكر ( ) . وتلاحظ صاحبة الشكوى، على وجه الخصوص، أن المحكمة العليا للمملكة المتحدة أصدرت في تشرين الأول/أكتوبر 2016 حكماً مرجعياً ناقشت فيه باستفاضة التقرير المتعلق ببعثة تقصي الحقائق التابعة لها. فوجدت أنه على عكس التوجيهات التي نشرتها وزارة الداخلية ( ) ، عوقب المتهربون والفارون بقسوة، الأمر الذي يشكل قاسماً مشتركاً يرد في غالبية الأدلة المستقاة. ووفقاً للمحكمة العليا، لا يزال الأشخاص الذين غادروا البلد بصورة غير قانونية وتهربوا من الخدمة العسكرية يتعرضون للاضطهاد أو الأذى الجسيم. وعقب هذا القرار، سحبت وزارة الداخلية منشورها التوجيهي القطري.

5-4 وتدفع صاحبة الشكوى بأن المحكمة العليا للمملكة المتحدة أجرت تحليلاً نقدياً لعدد من تقارير بعثات تقصي الحقائق. وفيما يتعلق ببعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها الدانمرك، ذكرت أن هناك مزيداً من الأسباب لتوخي الحذر بشأن إعطاء وزن للأدلة التي قدمها وزير خارجية إريتريا، بالنظر إلى أن له مصلحة راسخة في الدفاع عن موقف الحكومة وسمعتها. ووجدت المحكمة العليا أيضاً ما يدعو للاعتقاد بأن الأدلة التي قدمتها إحدى المنظمات غير الحكومية الإقليمية الواقع مقرها في أسمرة، والتي اعتُبرت أدلتها أكثر توازناً، قد تكون ملفقة لصالح الحكومة لأن بيان تلك المنظمة غير الحكومية بأن البلد ’’ليس به . .. فساد‘‘ يتعارض حتى مع اعتراف الحكومة نفسها بأن الفساد يشكل مشكلة مستمرة. وخلصت المحكمة العليا إلى أن الشخص الذي يبلغ سن التجنيد أو يقترب منه، يُنظر إليه عند الرجوع إلى البلد على أنه متهرب من الخدمة العسكرية أو فار منها، ويكون بذلك في خطر حقيقي يعرضه للاضطهاد أو انتهاك المادة 3 أو 4( 2) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أو كليهما. ولاحظت المحكمة العليا كذلك أنه حيثما يتبيّن وجود خطر حقيقي يعرّض الشخص للاضطهاد في سياق أداء الخدمة العسكرية/الوطنية، فمن المرجح جداً أن يكون ذلك لسبب تتناوله الاتفاقية ويرتبط برأي سياسي منسوب إلى الشخص المعني. ورأت المحكمة العليا أيضاً أنه ’’لا يسع الشخص المرجح أن ينظر إليه على أنه فار/متهرب تجنب التعرض لمثل هذا الخطر الحقيقي بمجرد إبداء أنه دفع (أو مستعد لدفع) ضريبة الشتات ووقّع (أو مستعد للتوقيع) على رسالة الندم‘‘ ( ) . وعلاوة على ذلك، خلصت إلى أنه حتى لو تجنب ذلك الشخص العقوبة المتمثلة في الاحتجاز وسوء معاملة، فمن المرجح أن يُجنّد للخدمة الوطنية، التي يرجح أن تصل إلى حد المعاملة المخالفة للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ما لم يقع الشخص ضمن فئة أو أكثر من الإعفاءات الثلاثة المسموح بها ( ) . ثم خلصت المحكمة العليا إلى أنه لا يوجد دليل على حدوث تغيير كبير ودائم منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016 ومن ثم فإن استبعاد توجيهات الحكومة يعيد الأمر إلى السابقة القضائية القائمة. ونشرت وزارة الداخلية فيما بعد إرشادات جديدة وفقاً لتلك النتائج ( ) .

5-5 وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ صاحبة الشكوى أن مختلف المؤسسات، بما فيها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين، تشكك في تنوع بعثات تقصي الحقائق الموفدة إلى إريتريا وبالتالي في فائدتها، لأنها عادة ما لا تفي بالمعايير الدولية للموثوقية المتمثلة في توازن المصادر، نظراً لأن المقابلات التي تجريها مكاتب الهجرة تقتصر في كل حالة من الحالات على ممثلي الحكومات والدبلوماسيين في أسمرة وغيرهم من الأشخاص الخاضعين للحكومة ( ) .

5-6 وعلاوة على ذلك، تلاحظ صاحبة الشكوى أن الأحكام الثلاثة الصادرة عن المحكمة الإدارية الاتحادية بشأن ملتمسي اللجوء الإريتريين التي استشهدت بها الدولة الطرف قد صدرت في كانون الثاني/ يناير وآب/أغسطس 2017 وتموز/يوليه 2018، بعد صدور حكم المحكمة في القضية الراهنة. وتؤكد صاحبة الشكوى أن تطبيق الممارسة المنصوص عليها في هاتين الحالتين على القضية الراهنة أمر مثير للشك، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى معاملة غير متساوية مقارنة بملتمسي اللجوء الإريتريين الذين قدموا طلباتهم في نفس الوقت الذي قدمت فيه صاحبة الشكوى طلبها.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن تعليقات صاحبة البلاغ

6-1 في 26 أيلول/سبتمبر 2019، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية رداً على تعليقات صاحبة البلاغ.

6-2 وتلاحظ الدولة الطرف انتقاد صاحبة الشكوى للنهج الذي اتبعته سلطاتها في تقييم الحالة في إريتريا. وفي هذا الصدد، تشدد اللجنة على أن سلطات اللجوء تنظر في كل حالة على حدة فيما إذا كان ملتمِس اللجوء سيواجه خطراً حقيقياً يعرضه لسوء المعاملة على نحو يتنافى مع المادة 3 من الاتفاقية، إذا أعيد إلى بلده. وتذكر كذلك أنه عندما يتعلق الأمر بتحديد ما إذا كان شخص ما سيواجه خطرا ً في بلده الأصلي وما إذا كانت هناك مؤشرات ملموسة على أنه معرض لمعاملة تحظرها المادة 3 من الاتفاقية، يجب دائماً في حالة الإبعاد، النظر في الحالة الراهنة في البلد المعني. وبالنسبة للأحكام التي ذكرتها صاحبة الشكوى، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الإدارية الاتحادية قد استكملت بالفعل تقييمها للحالة في إريتريا وأنها درست عدة جوانب بالتفصيل، منها مصادر المعلومات المستخدمة.

6-3 وفي هذا السياق، تدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي أيضاً ملاحظة أن مسألة الإعادة القسرية إلى إريتريا ليست موضع نقاش، لأنها لا تمارس الإعادة القسرية للمواطنين الإريتريين، لأن إريتريا لا تقبل هذا النوع من العودة لمواطنيها. ولذلك فإن الإعادة القسرية مستحيلة، ومن غير اللازم بالتالي تناول مشروعية مثل هذا التدبير. ومع ذلك، تلاحظ أيضاً أن المغادرة الطوعية ممكنة، شريطة أن يتخذ مقدم الطلب الخطوات اللازمة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

7-2 وفيما يتعلق بالمادة 22(5)(ب) من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات في هذا الصدد وأنه لا يوجد في الملف ما يشير إلى أن صاحبة الشكوى لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتبعاً لذلك، ترى اللجنة أن المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

7-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة بأن من الواضح أن البلاغ لا يستند إلى أساس سليم، وأنه لذلك غير مقبول عملاً بالمادة 22( 2) من الاتفاقية، وخاصة فيما يتعلق بادعاءات صاحبة الشكوى بأن الدولة الطرف لم تدرس بصورة شاملة الخطر الذي تواجهه لدى عودتها إلى إريتريا. بيد أن اللجنة ترى أن الحجج التي قدمتها صاحبة الشكوى تثير مسائل موضوعية بموجب الاتفاقية ينبغي تقييمها من حيث أسسها الموضوعية. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 عملاً بالمادة 22( 4) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذه الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها كلا الطرفين.

8-2 وتتمثل المسألة المعروضة على اللّجنة، في القضية الحالية، في تحديد ما إذا كانت عودة صاحبة الشكوى إلى إريتريا ستشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة ( إبعاد ) الشخص إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب.

8-3 وبالتالي، يجب على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت هناك أسس جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحبة الشكوى ستتعرض شخصياً لخطر التعذيب لدى عودتها إلى إريتريا. وعند تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تنظر في جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3( 2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد. ومع ذلك، تذكر اللجنة بأن الهدف من إجراء هذا التقييم هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً يعرضه للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وبالتالي فإن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد معين لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً للجزم بأن شخصاً بعينه سيتعرض للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص المعني سيكون شخصياً في خطر. وعلى العكس من ذلك، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يعني أن الشخص قد لا يتعرض للتعذيب في ظروفه الخاصة ( ) .

8-4 وتذكر اللجنة بتعليقها العام رقم 4(201 7) الذي ستقيّم اللجنة بموجبه ’’الأسباب الحقيقية‘‘ وتعتبر أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وشخصي وقائم وحقيقي عندما يكون وجود الوقائع الموثوقة المتعلقة بالخطر في حد ذاته، عند اتخاذ قرارها، سيؤثر على حقوق صاحبة الشكوى المكفولة في الاتفاقية في حال ترحيلها ( ) .

8-5 وتذكّر اللجنة أيضاً بأن عبء الإثبات يقع على المشتكي، إذ يجب عليه تقديم قضيّة يمكن الدفاع عنها، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي. وتذكّر اللجنة بأنها تولي أهمية بالغة للاستنتاجات الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية. إلا أنها غير ملزمة بتلك الاستنتاجات. ويعني ذلك أن اللجنة ستُجري تقييماً حراً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22( 4) من الاتفاقية، مع النظر في جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن ممارسة المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، سواء بلغت حد التعذيب أم لا، والتي سبق أن تعرض لها الفرد أو أسرته في دولته الأصلية، أو التي قد يتعرض لها في الدولة المزمع ترحيله إليها، تشكل مؤشراً على أن الشخص معرض لخطر التعذيب إذا رحل إلى هذه الدولة. وينبغي للدول الأطراف أن تأخذ هذه الإشارة في الاعتبار كعنصر أساسي يبرر تطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية ( ) . وفي التعليق العام رقم 4(2017 )، تقدم اللجنة قائمة غير حصرية بأمثلة لحالات حقوق الإنسان التي قد تشكل مؤشراً على خطر التعرض للتعذيب، وينبغي للدول الأطراف أن تنظر فيها في قراراتها بشأن إبعاد شخص من إقليمها وأن تأخذها في الاعتبار عند تطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية ( ) بما في ذلك: (أ) ما إذا كان الشخص وقع أو سيقع ضحية للعنف في دولة منشئه أو في الدولة التي يجري ترحيله إليها، بما في ذلك العنف الجنساني أو الجنسي، في أماكن عامة أو خاصة، مما قد يصل إلى حد التعذيب ( ) ؛ (ب) ما إذا كان الشخص حُكِم عليه في دولة المنشأ أو سيُحكَم عليه في الدولة التي يجري ترحيله إليها في نظام قضائي لا يضمن الحق في محاكمة عادلة ( ) ؛ (ج) ما إذا كان الشخص المعني قد سبق احتجازه أو سجنه في دولة المنشأ أو سيُحتجَز أو يُسجَن، في حال ترحيله إلى دولة من الدول، في ظروف تصل إلى حد التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) ؛ (د) ما إذا كان الشخص المعني سيواجه أحكام عقوبة بدنية في حال ترحيله إلى دولة يجيز قانونها الوطني العقوبة البدنية ولكن تلك العقوبة تصل إلى حد التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وفقاً للقانون الدولي العرفي واجتهادات اللجنة وغير ذلك من الآليات الدولية والإقليمية المعترف بها لحماية حقوق الإنسان ( ) .

8 - 6 وتحيط اللجنة علماً بما ذكرته صاحبة الشكوى من وجود أسباب جوهرية، تستند إلى العديد من التقارير المستقلة، فضلاً عن المعاملة التي تعرضت لها في الماضي، لاعتقادها بأنها ستحتجز فوراً أو تستجوب أو تجند قسراً أو تسجن على الفور لأجل غير مسمى ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وأنها ستتعرض للاعتداء وسوء المعاملة على نحو يصل إلى حد التعذيب، بما يتعارض مع المادة 3 من الاتفاقية.

8-7 كما تحيط اللجنة علماً بتأكيدات الدولة الطرف بأن جميع ادعاءات صاحبة الشكوى خضعت للدراسة والتقييم على النحو الواجب بطريقة موضوعية وشاملة أمام هيئتين محليتين تتلقيان معلومات مستكملة بانتظام ولهما تجارب وخبرات محددة في مسائل اللجوء، وأتيح لهما النظر في جميع المعلومات المعروضة عليهما، بما في ذلك الأدلة الشفوية التي قدمتها صاحبة الشكوى في كلتا الهيئتين. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أنه لا يجوز لها القيام بعمليات الإعادة القسرية للمواطنين الإريتريين، استناداً إلى السياسة الإريترية المتمثلة في رفض قبول هذه التدابير، وبالتالي فإن هذه العودة ليست مسألة مطروحة في الوقت الراهن.

8-8 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعتمدت في ملاحظاتها على الاستنتاجات السابقة التي توصلت إليها السلطات المحلية بأن صاحبة البلاغ ذكرت، في مقابلتها الأولى في آب/أغسطس 2014، أنها تخشى تعبئتها للخدمة الوطنية، ولكن عندما سئلت عما إذا كانت قد واجهت مشكلة مع السلطات في بلدها من قبل، أجابت بالنفي. واستنتج من ذلك أن ما أضافته فيما بعد بأنها تعرضت للتعبئة والاعتقال كان تلفيقاً بهدف تعزيز ادعائها بعد إدلائها بالمعلومات، وبالتالي فإن صاحبة الشكوى ليست ذات مصداقية. وتلاحظ أيضاً ادعاء صاحبة الشكوى بأنه قيل لها إن المقابلة الأولية مجرد استعراض سريع لطلب لجوئها وأنه طُلب منها صراحة عدم الإدلاء بتفاصيل آنذاك، لأن ذلك لم يكن الحيز المناسب للقيام بذلك، بل أُكّد لها أن فرصة تقديم مزيد من التفاصيل ستُتاح لها في مقابلتها الموضوعية. وتلاحظ أيضاً ادعاء صاحبة الشكوى، المدعوم بمحضر المقابلة، بأن المقابلة قد اختُزلت على نحو غير عادي بسبب مسائل تتعلق بالموظفين.

8-9 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بالمقابلة الأولى التي أُجريت مع صاحبة الشكوى، أن المحضر المقدم يبين صدور تعليمات إليها في بداية المقابلة بأن تُقدم أسباب التماس اللجوء بطريقة موجزة، أي بذكر أهم المسائل فقط. وأُخبرت بأنه سيتسنى لها تقديم مزيد من التفاصيل في مقابلة لاحقة. وعلاوة على ذلك، ذكرت صاحبة الشكوى، عندما سئلت عن أسباب طلبها اللجوء، أنها لم تكن ترغب في أداء الخدمة العسكرية الوطنية. وعندما سئلت عما إذا كانت على اتصال بالسلطات فيما يتعلق بالخدمة الوطنية، أجابت بالنفي، وذكرت أنه كان يقال لها دائماً إن عليها أن تؤديها وأن تتقدم للخدمة العسكرية بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل 201 3. وعندما سئلت عن المكان الذي كان ينبغي أن تتقدم فيه، قالت إن ذلك كان في إدارة حي باراديسو . ثم سئلت عما إذا كانت قد واجهت أي مشاكل مع السلطات غير ذلك. وأجابت صاحبة الشكوى بأنه على الرغم من أنها كانت دائما ً تخشى المداهمات، إلا أنها لم تواجه أي مشاكل. ويبين المحضر أنها سئلت بعد ذلك عما إذا كان بإمكانها تقديم جميع الأسباب التي دفعتها إلى طلب الحماية الدولية؛ وكان الرد بالإيجاب ولكن يرد في المحضر ما يلي بين قوسين: ’’تم تقصير المقابلة المتعلقة بأسباب اللجوء بسبب نقص الموارد‘‘. وليس من الواضح ما إذا كان من أدخل هذه الإضافة هو صاحبة الشكوى أم الشخص الذي أجرى المقابلة. وعلى أي حال، فإن الرواية الواردة في الفقرات من 2-1 إلى 2-12 أعلاه تبين أسباب طلبها اللجوء. وترى اللجنة أن المقابلة الأولى اختُصر ت اختصاراً شديداً، وأن الأسئلة المطروحة والوقت المتاح للردود كانا غير كافيين للاعتماد على تلك الردود باعتبارها تمثل أسباباً حاسمة للجوء. وتلاحظ أيضاً أنه عندما أثيرت أسئلة في المقابلة الموضوعية بشأن ما اعتُبر أوجه عدم اتساق، قدمت صاحبة الشكوى ردوداً مفصلة ومتسقة. ولكن بعد أن فسرت سلطات الهجرة في الدولة الطرف المقابلة الأولى على أنها تمثل ادعاءها برمته وبالتالي رفضت التفاصيل التي أضيفت لاحقاً باعتبارها ملفقة، رفضت ادعاءاتها برمتها. وترى اللجنة أن الدولة الطرف إذ قصرت المقابلة الأولى صراحة على موجز أولي لادعاءاتها، لا يجوز لها حينئذ أن تفسر بحسن نية ردودها بطريقة تقييدية للغاية وأن تستخدم ذلك لاحقاً كأساس لاستبعاد معلومات أكثر تفصيلاً كان قد أُكد لها أن من حقها تقديمها. وعليه، ترى أن الدولة الطرف لم تمنح صاحبة الشكوى ميزة الشك وبالتالي لم تقيّم ادعاءها تقييماً شاملاً.

8-10 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحبة البلاغ بأن المعلومات القطرية التي استندت إليها الدولة الطرف في البت في طلب اللجوء الذي قدمته لا تعكس الواقع في إريتريا وأن دولتين من الدول التي أشارت إليها الدولة الطرف باعتبارهما تشاطران موقف واستنتاجات بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها سلطاتها، وهما الدنمارك والمملكة المتحدة، تعرضتا لانتقادات شديدة بسبب نقص الموضوعية والحياد في المصادر التي اعتمدتا عليها. وتلاحظ أيضاً أن تقرير المكتب الأوروبي لدعم اللجوء الذي استشهدت به الدولة الطرف في الفقرة 4-6 أعلاه، والذي خلصت على أساسه اللجنة إلى أن التجنيد الوطني لا يشكل وحده أساساً كافياً لمنح مركز اللاجئ، يتضمن أيضاً بيانات لم تدرجها الدولة الطرف أو لم تتناولها ومفادها ما يلي: ’’لا توجد سوى معلومات قليلة جداً عن معاملة السلطات الإريترية للأشخاص العائدين قسراً، حيث لم تكن هناك عمليات إعادة قسرية في السنوات الأخيرة إلا من السودان (وربما من مصر ). وعلى عكس العائدين طوعاً، لا يمكن للأشخاص الذين أعيدوا قسراً تسوية أوضاعهم مع السلطات. وتشير جميع المعلومات المتاحة إلى أنه كما في حالة ’’القِفا‘‘ أو الاعتقال أثناء محاولات الهروب، يجري التحقق من وضع الخدمة الوطنية ومن ثم يكون الإجراء المتبع هو نفس الإجراء المعتمد في حالة الأشخاص المقبوض عليهم في إريتريا. ومع ذلك، لا يستبعد فرض عقوبة أشد لأن الفرد غادر البلد بشكل غير قانوني‘‘ ( ) . وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف بأن المعلومات التي اعتمدت عليها صاحبة الشكوى، والتي تستند إلى حد كبير إلى شهادات أفراد غادروا إريتريا، هي معلومات انتقائية عمداً. وتلاحظ بوجه خاص أنه تم استخدام تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية والمقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إريتريا كأمثلة على ذلك. وليس أمام اللجنة ما يشير إلى أن السلطات القضائية في الدولة الطرف أجرت تقييماً مفصلاً للمواد المصدرية التي اعتمدت عليها سلطات الهجرة أو صاحبة الشكوى في أي مرحلة من المراحل. وتخلص إلى أنه، إجمالاً، إذا كان هناك مصدر ينبغي إيلاؤه وزناً أقل، فهو المصدر الذي أفاد تقييمه بأنه صاحب مصلحة راسخة واضحة في السرد المقدم. ويرجح أن هذا السرد يستند إلى المعلومات التي قدمها وكلاء الحكومة أو مصادر من داخل البلد، الذين قد يتعرضون للانتقام إذا ما فُهِم أنهم ينتقدون حكومة إريتريا. ويبدو أن ملاحظات الدولة الطرف تشير إلى أن رفض دولة ما المشاركة في زيارة لتقصي الحقائق أو قبولها هو سبب لرفض استنتاجات تقرير بعثة تقصي الحقائق تلك، وأن المعلومات الواردة من الأفراد الذين فروا من الاضطهاد أقل موثوقية. وعلى العكس من ذلك، ترى اللجنة أن هذا التفسير له أثر رادع على الدول التي تفي بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان ويحدّ من الشفافية والمساءلة. وعلاوة على ذلك، عندما يتم الحصول على مصادر على نطاق واسع من المجتمع المدني والمواطنين في المنفى، من المرجح أن تمثل المعلومات المقدمة روايات مباشرة موثوقة وغير خاضعة للرقابة، حيث يمكن القول بأن الأشخاص خارج البلد الذين فروا لم يعودوا يعيشون تحت الرقابة. ولم تشر الدولة الطرف إلى أن هذه الاعتبارات كانت متوازنة أو أن لديها أي شواغل محددة بشأن وجود إكراه، أو أنها كانت على علم بوجود مصادر متضاربة موثوق بها، مما من شأنه تقويض تلك الشهادات الفردية.

8-11 وتلاحظ اللجنة أن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ذكرت في أحدث ملاحظاتها الختامية أنها لا تزال تشعر بقلق عميق إزاء الأثر الخطير الذي تحدثه الخدمة الوطنية الإلزامية على حقوق المرأة ( ) . كما تحيط علماً بأحدث النتائج التي توصل إليها المقرر الخاص المعني بإريتريا ( ) : فالمتهربون من التجنيد لا يمنحون الإجراءات القانونية الواجبة، ويفترض أن يعرفوا سبب توقيفهم واحتجازهم، وتطبق العقوبة المنصوص عليها في المادة 37 من إعلان الخدمة الوطنية رقم 82 / 1995 بالسجن لمدة سنتين أو دفع غرامة دون إمكانية اللجوء للطعن في قانونية احتجازهم. ويتم الاحتفاظ بالمجندين لفترة تتجاوز عادة الحد القانوني البالغ 18 شهراً في ظروف معيشية قاسية للغاية، مع تعرضهم للاعتداء الجنسي والعقاب الشديد، لا سيما في ثكنة سوا العسكرية. ويواجه المتهربون من الخدمة والفارون منها الذين يقبض عليهم عقوبة شديدة، بما في ذلك فترات الاحتجاز الطويلة والتعذيب وضروب أخرى من المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. ووفقاً للمعلومات، يواجه ملتمسو اللجوء الذين يعادون إلى إريتريا عقوبة شديدة عند عودتهم، ويشمل ذلك العزل التام لفترات طويلة، والتعذيب، وسوء المعاملة، مع تعرض المحتجزات لأشكال متعددة من الاعتداء، بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب أو التهديد بالاغتصاب والتحرش الجنسي مع إفلات المعتدين من العقاب ( ) . وعلاوة على ذلك، لاحظ المقرر الخاص تدهوراً في حالة حقوق الإنسان منذ بداية ولايته في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، نتيجة لتورط البلد في النزاع المسلح في إثيوبيا وتمديد الخدمة الوطنية/العسكرية إلى أجل غير مسمى. ووجد أن من حاولوا التهرب من التجنيد سجنوا في ظروف لا إنسانية ومهينة لفترات غير محددة من الزمن. وذكر أيضا ً أن السلطات تعاقب المتهربين من التجنيد بصورة غير مباشرة، عن طريق سجن أحد الوالدين أو الزوج مثلا ً ، من أجل إجبارهم على تسليم أنفسهم، وأن عمليات التعبئة أو ’’القِفا‘‘ لغرض التجنيد العسكري، قد كُثِّفت بشكل كبير في جميع أنحاء البلد ( ) .

8-12 ولا ترى اللجنة أن الدولة الطرف قد قدمت حججها فيما يتعلق بادعاءاتها بشأن نزاهة المعلومات التي استندت إليها صاحبة الشكوى، لا سيما وأن ذلك يتفق مع استنتاجات العديد من هيئات معاهدات حقوق الإنسان والمكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة فيما يتعلق بالعائدين ومعاملة النساء المشمولات بالتجنيد الوطني في إريتريا. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف، برفضها تلك المعلومات وعدم قيامها بدراسة شاملة لادعاءات صاحبة الشكوى نتيجة لاستنتاج عدم المصداقية، لم تف بنصيبها من تحمل عبء الإثبات المتمثل في تقديم معلومات أساسية محايدة وموضوعية عن البلد تكون مستقاة من مجموعة واسعة من المصادر لضمان تناول الظروف الفردية لصاحبة الشكوى والمخاطر التي تتعرض لها، بغض النظر عن استنتاجها بشأن المصداقية، على أساس وقائع لا جدال فيها، أي أنها امرأة في سن التجنيد وملتمسة لجوء رُفض طلبها، في سياق المعلومات القطرية المستكملة المتاحة. فاستناداً إلى هذا الاستنتاج المتعلق بالمصداقية، رفضت الدولة الطرف ادعاء صاحبة الشكوى برمته باعتباره ملفقاً وخلصت إلى أنها لا تواجه أي خطر، دون تقديم أي تبرير مفصل.

8-13 وبناء على ذلك، تستنتج اللجنة أن صاحبة الشكوى في هذه القضية تواجه بالفعل خطراً متوقعاً وحقيقياً وقائماً وشخصياً يتمثل في التعرض للتعذيب إذا أعيدت إلى إريتريا. وعليه، ترى اللجنة أن إعادة صاحبة الشكوى إلى إريتريا ستشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

9- وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة، عملاً بالمادة 22( 7) من الاتفاقية، أن إعادة صاحبة الشكوى إلى إريتريا ستشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

10- وعملاً بالمادة 3 من الاتفاقية، ترى اللجنة أنه يتعين على الدولة الطرف الامتناع عن إعادة صاحبة الشكوى إلى إريتريا.

11- وتدعو اللجنة، طبقاً للمادة 118( 5) من نظامها الداخلي، الدولة الطرف إلى إطْلاعها ، ضمن أجل لا يتعدى 90 يوماً ابتداءً من تاريخ إرسال هذا القرار، على التدابير التي تكون قد اتخذتها متابعةً للملاحظات الواردة في هذا القرار.