الأمم المتحدة

CAT/C/74/D/954/2019

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

28 October 2022

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 954/2019 * **

بلاغ مقدم من: ف. ك. م. (يمثله المحامي ويليم بويلينز )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: هولندا

تاريخ تقديم الشكوى: 20 حزيران/ يونيه 2019 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 18 أيلول/ سبتمبر 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 21 تموز/يوليه 2022

الموضوع: خطر التعرض للتعذيب أو لغيره من ضروب سوء المعاملة في حالة الترحيل إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية (عدم الإعادة القسرية)

المسائل الإجرائية: المقبولية – عدم الاستنفاد

المسائل الموضوعية: التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

مواد الاتفاقية: 3

1 - 1 صاحب الشكوى هو ف. ك. م.، وهو من مواطني جمهورية الكونغو الديمقراطية مولود في عام 1972 . وهو يدعي أن الدولة الطرف ستنتهك حقوقه المكفولة بموجب المادة 3 من الاتفاقية إذا أبعدته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأصدرت هولندا الإعلان المطلوب بموجب المادة 22 ( 1 ) من الاتفاقية وبدأ نفاذه اعتباراً من 21 كانون الثاني / يناير 1989 . ويمثل صاحب الشكوى المحامي ويليم بويلينز .

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 ولد صاحب الشكوى في كاساي في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1972 . وانتقل إلى كينشاسا في سن المراهقة، وظل يقيم هناك مع زوجته وأطفالهما.

2 - 2 وفي عام 2009 ، بدأ صاحب الشكوى العمل لدى رجل يدعى دارويزي ، وهو رئيس وكالة الاستخبارات الوطنية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكان من بين المهام الموكلة إليه التحضير للاجتماعات التي تعقد في العديد من منازل دارويزي الخاصة في كينشاسا ( ) .

2 - 3 وفي 16 كانون الثاني/يناير 2010 ، أمر دارويزي صاحب الشكوى بالتحضير لعقد اجتماع. وفي اليوم التالي، استقبل صاحب الشكوى ثلاثة جنود زمبابويين في المنزل. ودخل دارويزي الغرفة التي كان فيها الجنود، وجون نومبي ورجل آخر. وتحدث دارويزي بأسلوب فظ إلى ذلك الرجل وأوعز إلى الجنود الزيمبابويين باقتياده إلى غرفة أخرى. وبعد مرور بعض الوقت، أمر دارويزي صاحب الشكوى بتنظيف الغرفة التي اقتيد إليها الرجل. وكانت الغرفة مغطاة بالدماء وفيها جثة الرجل. ووضع صاحب الشكوى الجثة في كيس، وحملها في سيارة دارويزي بمساعدة سائقه، ونظف الغرفة من الدماء. وعندما سأل صاحب الشكوى السائق عن المكان الذي أخذ إليه الجثة، أبلغ السائق دارويزي أن صاحب الشكوى يطرح أسئلة. فغضب دارويزي وسأل صاحب الشكوى عن أصوله. وعندما علم دارويزي أن صاحب الشكوى ينحدر من كاساي، قال عنه إنه ينتمي إلى حزب سياسي معارض وإنه يحاول نقل معلومات عنه. وأمر دارويزي الجنود باقتياد صاحب الشكوى إلى الغرفة التي قتل فيها ذلك الرجل. وهناك، تعرض صاحب الشكوى للضرب المبرح على أيدي الجنود الزمبابويين الثلاثة. وبعدما غادر دارويزي وأحد الجنود المكان، بقي صاحب الشكوى مع جنديين. وبينما هو يتعرض لسوء المعاملة التي لم تتوقف، أمسك بزجاجة للدفاع عن نفسه وأصاب أحد الجنديين، وبعد ذلك تمكن من الهروب من المنزل عبر النافذة.

2 - 4 وتبعه الجنديان وحاولا إطلاق النار عليه، لكنهما أخطآه. واحتمى بصديق له واتصل بزوجته ليخبرها أن دارويزي يحاول التخلص منه، وأن بقاءها فترة أطول في المنزل يعرضها لخطر كبير. وبعد عدة أيام، ألقي القبض على شقيقه بينما كان يتجول قرب منزل صاحب الشكوى الذي أدرك أن الوقت قد حان لمغادرة البلد. وتوجه إلى ميناء بوما مستعين اً بصديق شقيقه، وتمكن من الصعود على متن سفينة وسافر خلسة إلى أوروبا ( ) .

2 - 5 وعندما وصل صاحب الشكوى إلى هولندا، تقدم إلى السلطات بطلب لجوء. وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، رفضت إدارة الهجرة والتجنُّس طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى استناد اً إلى المقابلة التي أجراها معه موظفو الإدارة في 31 أيار/مايو 2010 . ورأت إدارة الهجرة والتجنس أن الأسباب التي علل بها صاحب الشكوى مغادرته جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يمكن تصديقها، وأنه لم يقدم تفاصيل كافية عن الاجتماعات التي ساعد في التحضير لها، وأنه من المستغرب أن يجهل أن دارويزي هو جان - بيير دارويزي موكومبي . وعلاوة على ذلك، رأت أن الطريقة التي تمكن بها من الإفلات من قبضة حراسه لم تكن مقنعة، وأنه تعذر تأكيد اعتقال شقيقه استناد اً إلى معلومات وردت من مصدر موضوعي.

2 - 6 واستأنف صاحب الشكوى هذا الحكم أمام محكمة أرنهيم الإقليمية. وفي 29 تموز/يوليه 2011 ، أيدت المحكمة الإقليمية قرار إدارة الهجرة والتجنس، بما في ذلك أمر الإبعاد. وبعد تسلم صاحب الشكوى قرار المحكمة الإقليمية، استعان بأخصائيين طبيين لإثبات حالته الصحية البدنية والنفسية الناجمة عن التعذيب الذي تعرض له. وأكد الأطباء أن صاحب الشكوى مصاب بتليف الكبد، والاكتراب التالي للصدمة، واكتئاب حاد، ومشكلة في القلب تستدعي خضوعه لعملية جراحية. ودخل صاحب الشكوى طوع اً إلى مستشفى للأمراض النفسية في 10 أيار/مايو 2012 ثم في الفترة من كانون الثاني/يناير إلى نيسان/أبريل 2014 . وخلال هذه الفترة، قدم صاحب الشكوى طلبات إلى إدارة الهجرة والتجنس لوقف إبعاده إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية لأسباب طبية. وقدم صاحب الشكوى طلب استئناف إلى محكمة أوتريخت الإقليمية ضد قرارات إدارة الهجرة والتجنس ورفضها وقف قرار الطرد، وقضت المحكمة في 10 حزيران/ يونيه 2015 بأن إدارة الهجرة والتجنس محقة في رفضها وقف قرار الطرد.

2 - 7 وفي 1 آذار/مارس 2017 ، قدم صاحب الشكوى طلب لجوء ثان يتضمن تقييم اً طبي اً ونفسي اً أجرته مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي في عام 2016 ورسالة تعريفية صادرة عن خبير مستقل معني بالشؤون الكونغولية. وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 2017 ، رفضت إدارة الهجرة والتجنس الطلب الثاني الذي قدمه صاحب الشكوى على أساس افتقاره إلى أساس سليم وأكدت إدارة الهجرة والتجنس أن تقرير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي والرسالة التعريفية ليسا دقيقين بما يكفي لدعم طلبه الجديد وإلغاء القرار الصادر في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2010 .

2 - 8 وفي 11 كانون الثاني/يناير 2018 ، استأنف صاحب الشكوى قرار إدارة الهجرة والتجنس أمام محكمة أوتريخت الإقليمية. ورأت المحكمة أن صاحب الشكوى لم يثبت جوهر الدوافع التي قادته إلى الهروب بإثباتات أخرى غير تقرير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي والرسالة الصادرة عن الخبير المستقل. وعلاوة على ذلك، رأت المحكمة أنه لا شيء في الرسالة ولا في التقرير الطبي يثبت أن عوائق طبية أو نفسية حالت دون تمكن صاحب الشكوى من إعطاء معلومات كاملة ودقيقة في المقابلة التي أجريت معه 31 أيار/مايو 2010 .

2 - 9 وقدم صاحب الشكوى طلب استئناف إلى دائرة القضاء الإداري بمجلس الدولة. وفي الوقت نفسه، طلب أيض اً وقف إبعاده عن هولندا خلال مدة الإجراءات. وقُبل طلب وقف الإبعاد في 6 شباط/فبراير 2018 . وفي 2 تشرين الأول / أكتوبر 2018 ، رفض مجلس الدولة طلب الاستئناف استناد اً إلى تعليل موجز، كما أنهى وقف الإبعاد.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف ستنتهك حقوقه المكفولة بموجب المادة 3 من الاتفاقية إذا ما أبعدته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

3 - 2 ويدفع بأنه يواجه خطر اً كبير اً من التعرض للتعذيب أو الاضطهاد على أيدي سلطات الدولة إذا ما أعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، لأنه تعرض للتعذيب من قبل، وأنه يمكن أن يشكل خطر اً على مرتكبي تلك الأعمال. ويدعي أنه تعرض عمد اً؛ أثناء احتجازه واستجوابه، لأفعال قاسية ولا إنسانية، بما في ذلك الاغتصاب والضرب والقطع والجلد والحرق والتهديد بالقتل.

3 - 3 وتعرض صاحب الشكوى لأشكال مختلفة من المعاملة أريد بها إلحاق ألم ومعاناة شديدين به، جسدي اً ونفسي اً على السواء، بهدف معاقبته و/أو انتزاع معلومات و/أو اعتراف منه، وذلك على أيدي جهات فاعلة تتصرف بتحريض من سلطات جمهورية الكونغو الديمقراطية أو على الأقل بموافقتها، ولا سيما وكالة الاستخبارات الوطنية في البلد ورئيسها (السابق في الوقت الحالي)، جان بيير دارويزي موكومبي . ويؤكد كذلك أنه لا يزال يعاني من اضطرابات نفسية شديدة. ولم يتمكن قط من التغلب على أثر الأحداث الصادمة، التي دفعته إلى الهروب من أسرته ومن بلده الأم.

3 - 4 ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وأن هذه المسألة لا يجرى بحثها بموجب أ ي إجراء من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 في 18 آذار/مارس 2020 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، فأشارت إلى الوقائع، ونتائج الإجراءات المتعلقة بطلبيْ اللجوء المقدمين من صاحب الشكوى، والقانون الساري ، وسبل الانتصاف القانونية المتاحة.

4 - 2 وأكدت الدولة الطرف أن طلب اللجوء كان قد خضع للتقييم، لدى صدور القرار المؤرخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، وهو تقييم استند إلى التقرير القطري الذي كان مستعملاً آنذاك بشأن جمهورية الكونغو الديمقراطية، والمؤرخ كانون الثاني/يناير 2010 . وهي تؤكد أن صاحب الشكوى لا تنطبق عليه مواصفات أي فئة من فئات الأشخاص الضعفاء المبينة.

4 - 3 وبالإضافة إلى ذلك، يشار إلى الاجتهادات ذات الصلة للجنة. فقد رأت اللجنة، على سبيل المثال، أنه في حال قدم صاحب الشكوى إلى الدولة الطرف مواد كافية تدعم ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب، بما في ذلك التقرير الطبي، فإن ذلك ينشأ عنه واجب يقتضي من الدولة الطرف إجراء فحص طبي متخصص قبل رفض طلب اللجوء ( ) . ورأت اللجنة أنه من النادر أن يُتوقع من ضحايا التعذيب توخي الدقة التامة ( ) . ورأت في استنتاجاتها أيض اً أنه في حال قدم صاحب الشكوى وثائق تفيد بأنه يعاني من الاكتراب التالي للصدمة والاكتئاب، فإن ذلك ربما يفسر أوجه التعارض والضعف في الحكاية التي رواها للسلطات المعنية باللجوء، ولكنه لا يفسر على نحو مقنع الثغرات والتناقضات التي تشوب العناصر الأساسية في تلك الحكاية ( ) .

4 - 4 ورأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في حكمها الصادر في 9 آذار/مارس 2010 ، في قضية ر. س. ضد السويد ( ) ، أن الشهادة الطبية التي يقدمها طالب اللجوء قد يكون فيها ما يدل على أن الشخص المعني قد تعرض لمعاملة لا إنسانية أو للتعذيب في بلده الأصلي. ويمكن أن ينشأ عن ذلك واجب على الدولة المعنية بإجراء المزيد من التحقيقات لتبديد أي شك في احتمال تعرض الشخص مرة أخرى لمعاملة تتعارض مع المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) في حالة تنفيذ قرار الطرد. وفي قضية إ. ضد السويد وقضايا أخرى ( ) ، بيَّنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان السوابق القضائية السابقة ورأت أن الدولة يجب أن يكون بوسعها على الأقل تقييم الحالة الفردية لطالب اللجوء من أجل تبديد أي شك مثل الشك الذي ذُكر في قضية ر. س. ضد السويد . بيد أن هذا الأمر قد يتعذر إذا لم يكن هناك ما يثبت هوية طالب اللجوء وإذا كانت الإفادات التي أدلي بها لدعم طلب اللجوء تدعو إلى التشكيك في مصداقيته ( ) .

4 - 5 وتشير الدولة الطرف أيض اً إلى الأحكام الثلاثة الصادرة في 27 حزيران/ يونيه 2018 ، والتي بتت فيها دائرة القضاء الإداري في كيفية التعامل مع تقارير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي وغيرها من التقارير الطبية في إطار إجراءات اللجوء. وفي هذه الأحكام، أيدت دائرة القضاء الإداري إطار التقييم المتعلق بالدليل الطبي الداعم المذكور في السوابق القضائية السابقة، وأنشأت إطار تقييم جديد لتحديد ما إذا كانت المشاكل النفسية تسبب صعوبات لطالبي اللجوء تفسر عدم قدرتهم على الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة أثناء المقابلات. وإذا أظهر تقرير طبي أن الدليل الطبي الداعم يشير بقوة إلى أن المعاملة اللاإنسانية التي يزعم أن طالب اللجوء تعرض لها في البلد الأصلي هي السبب في الإصابات التي يعاني منها، فقد تكون الحكومة ملزمة بالتحقيق في ذلك الدليل، لإزالة أي شك في وجود خطر على طالب اللجوء من التعرض للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بعد طرده إلى بلده الأصلي.

4 - 6 وفيما يتعلق بالمقبولية، أكد صاحب الشكوى أنه لا يزال يعاني من "أمراض نفسية شديدة"، لأنه لم يتعاف بعد الأحداث الصادمة، وأنه لا يزال يتناول أدوية الأمراض النفسية يومي اً. وبما أن الغرض من هذه الملاحظات هو دعم ادعاء صاحب الشكوى عدم قدرته على العودة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب مشاكله الصحية، تؤكد الدولة الطرف أنه قدم طلبين لتطبيق المادة 64 من قانون الأجانب لعام 2000 . وفي إطار هذا الإجراء، أجري تقييم معمق لحالته الصحية ونظرت هيئات شتى في مسألة ما إذا كانت عودته ستنجم عنها حالة طبية طارئة. وفي الإجراء الأخير، الذي انتهى بصدور قرار المحكمة المحلية في 10 حزيران/ يونيه 2015 ، لم يستنفد صاحب الشكوى جميع سبل الانتصاف القانونية المتاحة. وكان بإمكانه أن يستأنف هذا القرار، الذي رأت فيه المحكمة أن طلبه تطبيق المادة 64 قد رفض رفض اً صحيح اً؛ ولكنه لم يفعل. وعليه، ولما كان صاحب الشكوى يريد الاستناد في بلاغه إلى ظروفه الصحية، فالدولة الطرف تدفع بأنه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

4 - 7 وفيما يتعلق بخطر تعرض صاحب الشكوى للتعذيب لدى عودته، تدفع الدولة الطرف بأن الحكاية التي رواها عن تجاربه السابقة في جمهورية الكونغو الديمقراطية شابتها تناقضات، وأنه لم يقدم أي معلومات تفيد على نحو معقول بأن السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية أو الأشخاص الذين يدعي أنه يخشاهم يهتمون لأمره في الوقت الحالي. وفي هذا الصدد، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يدعي أنه تعرض لسوء المعاملة والاغتصاب والاحتجاز في سقيفة في عام 2010 بناء على أوامر جان بيير دارويزي موكومبي . وتشير التقارير القطرية إلى أن هذا الشخص كان رئيس اً لوكالة الاستخبارات الوطنية حتى 11 أيلول/سبتمبر 2011 ، وهو التاريخ الذي عين فيه وزير اً للاقتصاد الوطني والتجارة. وبعد حل الحكومة في 5 آذار/مارس 2012 ، لم يشغل أي منصب آخر في مجال الشأن العام، بحسب المعلومات التي أمكن التأكد منها. والمسألة الرئيسية المطروحة على اللجنة هو ما إذا كان هناك خطر على صاحب الشكوى حالي اً من التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ( ) . ولا تشير المعلومات المتاحة للدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى لا يزال يواجه خطر التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى بلده الأصلي، بعد أن مرت 10 سنوات على وقوع الأحداث المزعومة. وعلاوة على ذلك، ليس هناك ما يثبت في ادعاءاته أن تقييم إدارة الهجرة والتجنس لطلب اللجوء الذي قدمه لا يمتثل لمعايير الاستعراض التي تقتضيها الاتفاقية.

4 - 8 وفي الختام، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى لم يفلح في أن يثبت، استناداً إلى إفادات موثوقة، وجود خطر حقيقي عليه من التعرض للتعذيب لدى عودته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. والتقرير الطبي الذي قدم في 13 كانون الأول/ديسمبر 2016 لا يُكسب مصداقية للدوافع التي علل بها صاحب الشكوى طلب اللجوء. وعلاوة على ذلك، لم يقدم حجج اً معقولة على أن السلطات، أو أشخاص اً بعينهم، قد أبدوا اهتماما لأمره في الماضي أو يهتمون لأمره حالياً. ولا تكفي عوامل الخطر التي يذكرها، إذا نظر إليها كل على حدة أو مع اً؛ للخروج باستنتاج مفاده أنه يواجه خطر اً متوقع اً وحقيقي اً وشخصي اً من التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

4 - 9 وفي ضوء ما تقدم، ترى الدولة الطرف أنه لم يَثبُت كما يجب أن صاحب الشكوى سيتعرض لمعاملة تتعارض مع المادة 3 من الاتفاقية لدى عودته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعليه، فإن البلاغ لا أساس له في مجمله، كما أن قرار الدولة الطرف الذي يقضي بإعادة صاحب الشكوى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يشكل انتهاك اً للمادة 3 من الاتفاقية. وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تقضي بأن طرد صاحب الشكوى لا يشكل انتهاك اً للالتزامات الواقعة على هولندا بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 14 تموز/يوليه 2020 ، قدم صاحب الشكوى تعليقات إضافية، أشار فيها إلى أن التقرير الطبي الصادر عن مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي يستند إلى تقييمات جرت في عام 2016 . ويدعي أن تأثير المشاكل الجسدية و/أو النفسية على قدرته على الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة لا يقتصر على أجزاء محددة من الذاكرة بل يشمل الذاكرة ككل. فالتمييز بشكل واضح بين الأحداث التي يستطيع شخص ما تذكرها والأحداث التي يعجز عن تذكرها لا يتحقق إلا في ظروف استثنائية.

5 - 2 ولا يستند صاحب الشكوى في بلاغه إلى حالته الصحية في حد ذاتها، بل إلى وجود خطر حقيقي عليه من التعرض للتعذيب عند إبعاده إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهو في هذا الصدد، قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، الأمر الذي تسلم به الدولة الطرف أيض اً.

5 - 3 والافتراض بأن صاحب الشكوى لم يبين على نحو مقنع أن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الوطنية لا يزال يهتم لأمره هو افتراض مبني على أساس وحيد هو مرور 10 سنوات على وقوع الأحداث. فالدولة الطرف لا تعير أهمية كافية لاتهام صاحب الشكوى بالارتباط المزعوم بالمعارضة الكونغولية فضل اً عن كونه شاهد عيان أيض اً على جريمة قتل وحشية ارتكبت بالنيابة عن رب عمله السابق، ولا لتعرضه لتعذيب شديد في أعقاب ذلك، وكل ذلك بناء على أوامر مباشرة من رجل له بالفعل، سجل مقلق للغاية في مجال حقوق الإنسان، أو تحت المسؤولية المباشرة لهذا الرجل. ويعتبر صاحب الشكوى نفسه شاهد اً على جرائم بالغة الخطورة لا يسري عليها أي نوع من أنواع التقادم وضحية لهذه الجرائم في آن واحد، الأمر الذي يمكن أن يوقع الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الوطنية نفسه في ورطة خطيرة إذا ما وُجه نظر أطراف ثالثة إليه. ولهذا السبب، فإن مضي الزمن في حد ذاته لا يعني أن صاحب الشكوى يمكنه أن يعود بأمان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

5 - 4 والدولة الطرف لم تطعن قط في صحة هوية صاحب الشكوى وجنسيته، وكل ما في الأمر أن الوثائق الداعمة للإفادات التي أدلى بها بشأن مسار رحلته وحكاية اللجوء الشخصية غير متاحة، وهذا أمر مُتَوَقَّع جد اً بالنظر إلى وسائل السفر التي استخدمها وطبيعة طلب الحماية الدولية الذي قدمه. وعدم وجود أدلة مستندية لا يُستنتج منه أن صاحب الشكوى لم يبد تعاون اً مع سلطات هولندا.

5 - 5 وفيما يتعلق بالحجة التي تقول إن صاحب الشكوى لم يتمكن من شرح مسار رحلته، مما أضعف مصداقية أقواله، يؤكد صاحب الشكوى أن هذا الرد ليس له صلة بجوهر حكايته. ثم إن هذا النهج مستنبطٌ من مفهوم "الاعتقاد الإيجابي"، وهو مفهوم يشدد جد اً عبء الإثبات على طالب اللجوء الذي يعجز عن تقديم دليل مادي على هويته وجنسيته ومسار رحلته و/أو حكاية لجوئه أو عن الإدلاء بإفادات يمكن التحقق منها . وقد طبق هذا المفهوم في أغلب حالات اللجوء في هولندا منذ عام 2000 ، ولكنه نُبِذ في عام 2014 لعدم توافقه مع قانون اللجوء في الاتحاد الأوروبي.

5 - 6 أما فيما يتعلق بجهله اسم رب عمله السابق ومعاونيه، فإن هذه الشواغل عالجها كريس برووتس ، وهو خبير مستقل معني بوسط أفريقيا. والقول إنه من غير المعقول أن يجهل صاحب الشكوى اسم رجل ادعى أنه قابله حوالي 50 مرة، هو قول خاطئ. فصاحب الشكوى لم يكن يعرف اسمه الكامل، وليس هذا بالأمر الغريب على الإطلاق، وفق اً لما رآه السيد برووتس . وقد أعرب الخبير نفسه أيض اً عن اختلافه مع الدولة الطرف في تقييمها لإفادات صاحب الشكوى بشأن الاجتماعات التي حضرها باعتبارها غير دقيقة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حجة الدولة الطرف التي تقول إنه "قد يكون متوقعا" حدوث نوع من الغَربَلَة، تعتبر ضرب اً من التخمين، ولا تقدم الدولة الطرف أسباب اً محددة تدعو إلى القول إن رد فعل دارويزي لا يتسق مع "الصورة العامة لطبيعة العلاقة التي تجمعهما". فعلى عكس ذلك، يبدو أن صاحب الشكوى أظهر اهتمام اً بمعرفة وقائع جريمة القتل بدل اً من الاكتفاء بما قيل له والتزام الصمت. ونظر اً لأن دارويزي كان ضابط أمن عديم الرحمة، فإن رد فعله ينسجم مع الأحداث التي كشفها صاحب الشكوى.

5 - 7 صحيح أن الإفادات التي أدلى بها صاحب الشكوى بشأن الهروب أثناء إجراءات اللجوء الأولى هي إفادات ناقصة. وقد تضمن تقرير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي وصف اً وشرح اً لما حدث بالفعل، وللأسباب التي جعلت صاحب الشكوى يروي حكاية مختلفة إلى حد ما في المرة الأولى، وهذا التقرير هو جزءٌ لا يتجزأ من التعليقات. وعلاوة على ذلك، لا يذكر تقرير هذه المؤسسة تواريخ دقيقة بل يشير فقط إلى التعاقب الزمني للأحداث، كما أن التسلسل الزمني الذي قدمه صاحب الشكوى بشأن تاريخ مغادرته البلد ليس عنصر اً أساسي اً في مصداقية حكايته.

5 - 8 ولا يعني استقاء المعلومات من جهة ثالثة أن هذه المعلومات غير موثوقة في حد ذاتها. وعلاوة على ذلك، لا يشكل اعتقال شقيق صاحب الشكوى عنصر اً أساسي اً في حكاية لجوئه.

5 - 9 و"المؤشر القوي نوع اً ما" على أن صاحب الشكوى تعرض "لشكل معين" من المعاملة اللاإنسانية تختلف عن المعاملة التي كشف عنها تقرير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي ينطوي على استخفاف بقيمة الدليل الطبي المحدد جد اً في هذه القضية. ولا يستطيع صاحب الشكوى مواءمة هذه الحجة مع الآراء التي اعتمدتها اللجنة في قضايا ذات طابع مماثل ( ) . وبدل اً من رفض تقرير هذه المؤسسة بسبب غموض أقوال صاحب الشكوى وتناقضها، كان يجدر بالدولة الطرف أن تدرك أن الأمر يستلزم إجراء فحص طبي آخر ( ) .

5 - 10 وفي التقرير المرفق المؤرخ 5 تموز/يوليه 2020 ، أشارت مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي إلى تقييماتها الأولى، الواردة في الرسالة الداعمة لهذه القضية، والمؤرخة 14 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، وهي ينبغي أن تقرأ بالاقتران مع الدليل المصاحب لتلك الفترة ( 2016 ). وتلاحظ المؤسسة أن المهمة الأولى للخبير الطبي هي تقديم رد موضوعي على الفحص الطبي الشرعي. وترى حكومة هولندا، من خلال إدارة الهجرة والتجنس، أنها لا تحتاج، في الاستجابة لتقرير المؤسسة في هذه القضية، إلى تغيير نتيجة تقييم مصداقيته، كما أنها ليست ملزمة بإجراء فحص طبي آخر استجابةً لتقرير المؤسسة.

5 - 11 وفيما يتعلق بدرجة المصداقية، رأت مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي في تقييمها لحالة الندوب الجسدية ككل وأنماط النسق العام لأقوال صاحب الشكوى أنها تتراوح بين الاتساق والاتساق الشديد مع الحكاية المزعومة، واستندت في ذلك إلى الدرجات التي وردت في المادة 187 من دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول). وقد صنفت المؤسسة طبيعة الأعراض النفسية لصاحب الشكوى ومضمونها ومسارها على أنها نمطية في حكاية اللجوء المزعومة. ولكن السلطات ترى أن الوصف الذي أعطته المؤسسة لا يحمل مؤشرات قوية على احتمال أن تكون الحكاية المزعومة صحيحة نظر اً لوجود بديل ممكن آخر أو اثنين أو أكثر. فالعنف يمكن أن يتسبب في ندوب أو علامات محددة جد اً؛ ولكن لا يحدث ذلك بالضرورة. ثاني اً؛ لم تأخذ مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي بصحة حكاية الاعتداء، وخضعت موثوقية الفحص للتقييم في كل مرة، مع الاعتراض على ادعاء إدارة الهجرة والتجنس أن المؤسسة انطلقت من صحة أقوال صاحب الشكوى والأحداث التي رواها كأساس. وترى الدولة الطرف أنه ينبغي أن تؤخذ في الحسبان إمكانية أن يدلي طالب اللجوء بإفادات كاذبة أمام المؤسسة من أجل تحسين موقفه. غير أن إرشادات الطب الشرعي تنص على أن تقرير الطب الشرعي يجسد على نحو حاسم وموضوعي النتائج الطبية التي يتوصل إليها الخبير الطبي. ولا يجوز للخبير الطبي أن يقبل تلقائي اً ادعاءات الأجنبي. وإذا استنتجت الدولة الطرف أن عبارات في تقرير ما تدل على الأخذ بصحة الحكاية، فإن ذلك قد يكون مؤشر اً على وضوح العبارات الواردة في التقرير. وعلى كل حال، فإن الأساس المطلق لإجراء الفحص الطبي الشرعي يقوم على ألا يفترض المحقق قط صحة الحكاية المزعومة. وعليه، فإن الادعاء بأن المؤسسة تستقرئ تلقائي اً الصلات بين الندوب والأعراض البدنية والنفسية وحكاية الاعتداء كما يرويها الأجنبي هو ادعاء باطل.

5 - 12 وبالإضافة إلى ذلك، ترى الدولة الطرف أن معهد حقوق الإنسان والتقييم الطبي لم يوضح المعلومات الطبية التي استند إليها في تقييمه وجعلته يرجح بشدة أن تكون قدرة صاحب الشكوى على الإدلاء بإفادات متماسكة ومتسقة وكاملة أثناء مقابلة اللجوء في عام 2010 ، محدودة. وتقر مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي بأن المعلومات الطبية التي يعود تاريخها إلى ما قبل تاريخ مقابلات اللجوء التي جرت في الفترة من آذار / مارس إلى أيار / مايو 2010 أو تعود إلى هذه الفترة، لم تكن متاحة. وتعود أحد أسباب ذلك إلى أن صاحب الشكوى ذهب إلى الطبيب العام بعد مقابلات اللجوء وكان يعاني من تلك الأعراض . ولكن هذا ينسجم مع فكرة أن يكون صاحب الشكوى قد تجنب تمام اً إبلاغ السلطات بحكايته بدافع الشعور بالعار وعدم الثقة، وهو أمر معهود لدى شخص يزعم أنه تعرض لاعتداء جنسي. وقد أُجري تقييم للملف الطبي الشامل، الذي يعود تاريخه إلى الفترة الممتدة من منتصف عام 2010 إلى منتصف عام 2016 ، كما بيَّن المحقق. وتشخيص أعراض الاكتراب التالي للصدمة، التي يعد سلوك التجنب من سماتها، يدعم استنتاج المقرر الذي يفيد بأنه يعاني من مشاكل نفسية، ومن المحتمل جد اً أن يكون ذلك قد حال أثناء إجراء مقابلات اللجوء دون قدرته على الإدلاء بإفادة متماسكة ومتسقة وكاملة. ومرور عدة سنوات طويلة بين مقابلات اللجوء والفحص الطبي الشرعي لا يحول بالضرورة دون إجراء تحقيق جدي وموثوق به، وهو ما تؤكده السوابق القضائية لمجلس الدولة الهولندي.

5 - 13 ومن المهم أن تحدد السلطات الوطنية، في سياق إجراءات اللجوء الموانع المؤكدة للإدلاء بإفادات متسقة ومتماسكة وكاملة، والتي قد تؤثر على أجزاء من حكاية اللجوء. وفي هذه القضية، ترى الدولة الطرف أن موانع القدرة على الإدلاء بإفادات، كما حددتها مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي، تتعلق بالعنف والاعتداء الجنسيين المزعومين والأثر النفسي على صاحب الشكوى. ومع ذلك، فإن السلطات، في هذه القضية، استندت في جزء من رأيها بشأن المصداقية إلى إفادات اعتبرتها غامضة ومثيرة للدهشة و/أو متناقضة تتعلق بأجزاء وقائعية أخرى من حكاية اللجوء. وقد انطلقت السلطات من فكرة أنه حتى لو وجدت موانع القدرة على الإدلاء بإفادات فإن طالب اللجوء المعني يظل مع ذلك قادر اً على الإدلاء بإفادات متسقة ومتماسكة وكاملة بشأن الخطوط العريضة في حكاية اللجوء. وتتجاهل الدولة الطرف عدم وضوح الخطوط العريضة لأي حكاية لجوء ولتفاصيلها . وبعبارة أخرى، ليس من الواضح ما إذا كانت الخطوط العريضة والتفاصيل تكتسي عند طالب اللجوء الفرد نفس الأهمية التي تكتسيها بالنسبة للدولة الطرف. فقد أظهرت البحوث أن الضحية هي من تقرر في نهاية المطاف، ما هي المعلومات الأساسية وما الذي يشكل المعلومات الثانوية، وما هي الخطوط العريضة وما هي التفاصيل، وأن هذا يعتمد على ما تركز عليه الضحية في تلك اللحظة بالذات. وعلى أي حال، لا يجوز أن تستنتج الدولة الطرف من تقرير المؤسسة أن ثبوت موانع القدرة على الإدلاء بإفادات عن العنف الجنسي والتعذيب لا يعني تلقائي اً أن طالب اللجوء ينبغي أن يكون قادر اً على الإدلاء بإفادات بشكل طبيعي عن أجزاء وقائعية أخرى من الرواية من دون موانع.

5 - 14 وعلاوة على ذلك، تتوسع مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي في مسألة تَذَكُّر الأحداث الصادمة والقدرة على الإدلاء بإفادات أو العجز عن ذلك. ويذكر من العوامل المهمة، درجة الثقة في من يتحدث إليه الشخص. وقد أظهرت البحوث، على سبيل المثال، أن طالب اللجوء الذي تعرض للعنف الجنسي يواجه صعوبات في الإفصاح عن المعلومات أكثر من طالب اللجوء الذي لم يتعرض للعنف الجنسي. ويؤدي الشعور بالعار إلى تجنب مناقشة الأحداث الصادمة. وتؤثر هذه الصعوبات على الذاكرة ككل وعلى أداء الشخص. ويتعذر، من وجهة نظر علمية، الوفاء بمتطلبات إطار التقييم لدائرة القضاء الإداري في مجلس الدولة الهولندي، أي تحديد أجزاء حكاية اللجوء التي تأثرت أو لم تتأثر بموانع القدرة على الإدلاء بإفادات كاملة ومتسقة ومتماسكة. ولا يمكن الوفاء بهذه المتطلبات إلا في ظروف استثنائية. وفي الختام، تؤكد مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي أنها تؤيد بشدة التقرير المتعلق بصاحب الشكوى، وأنها على استعداد لتقديم مزيد من المعلومات إلى اللجنة.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6 - 1 في 1 نيسان/أبريل 2021 ، أكدت الدولة الطرف أن التعليقات الإضافية التي قدمها صاحب الشكوى، بما في ذلك تقرير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي، لا تقدم أي سبب يدعو إلى تغيير الموقف الذي أعربت عنه في ملاحظاتها المؤرخة 18 آذار/مارس 2020 . وبما أن صاحب الشكوى يكرر إلى حد ما الحجج التي وردت في بلاغه الأول، تكتفي الدولة الطرف بتناول بعض المسائل التي أثارها.

6 - 2 قبل كل شيء، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن صاحب الشكوى لم يعرض قضية وجيهة يظهر منها أن خطر التعرض للتعذيب هو خطر متوقع وحاضر وشخصي وحقيقي. والمسألة الرئيسية المطروحة على اللجنة هو ما إذا كان صاحب الشكوى يواجه حالي اً خطر التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. والمعلومات المتاحة للجنة لا تشير، من وجهة نظر الدولة الطرف، إلى أن صاحب الشكوى لا يزال يواجه خطر التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى بلده الأصلي، بعد أن مرت 10 سنوات على وقوع الأحداث المزعومة. وبالفعل، لم يثبت صاحب الشكوى أن الرئيس السابق لجهاز الأمن لا يزال يهتم لأمره بعد مرور كل هذه السنوات. وفي هذا السياق، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب الشكوى . ويفيد صاحب الشكوى، في تعليقاته الإضافية المؤرخة 14 تموز/يوليه 2020 ، بأنه شاهدٌ على ارتكاب جرائم وضحية لها، وأن ذلك يمكن أن يوقع الرئيس السابق لجهاز الأمن في ورطة خطيرة. وهذا وحده لا يكفي لدعم الادعاء الذي يفيد بأن صاحب الشكوى لا تزال لديه مخاوف من رب عمله السابق المزعوم، حتى بعد مرور أكثر من 10 سنوات. ولذلك ينبغي اعتبار البلاغ بلا أساس.

6 - 3 وفيما يتعلق بالتقارير الطبية، تفيد مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي بأنها ترى، في أغلب الأحيان، خبراء غير طبيين، يتبعون لدوائر الهجرة الوطنية عادة، يقدمون ردود اً طبية لا تندرج في نطاق خبرتهم. ولما كانت هذه التعليقات عامة ولا تخص هذا البلاغ، ترى الدولة الطرف أنها غير ذات صلة بتقييم اللجنة لهذا البلاغ. ويستند الإطار الذي يتيح تقييم مدى توخي العناية في إعداد التقرير الطبي إلى المتطلبات القانونية للسوابق القضائية ذات الصلة ( ) . ولذلك فإن تحديد ما إذا كان التقرير الطبي يفي بالمتطلبات القانونية للتقييم الدقيق لا يخرج عن نطاق خبرة دوائر الهجرة الوطنية. وعندما يطرح تقييم طبي مسائل طبية، يمكن أن تستند الدولة الطرف إلى خبرة مكتب المشورة الطبية، وهو قسم خاص تابع لدائرة الهجرة والتجنس في هولندا. والسلطات الوطنية المختصة هي وحدها المؤهلة للبت في صحة حكاية اللجوء. ويتلخص دور الخبير الطبي المحايد في الإدلاء بإفادة بشأن مدى اتساق حكاية اللجوء مع الدليل الطبي الداعم. وتضيف الدولة الطرف أن تقرير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي يميز بوضوح بين الأدلة الطبية الداعمة (الأدلة المتعلقة بالحالة الجسدية والحالة النفسية) من جهة، وحجم تأثير حالة صحية ما على القدرة على الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة من جهة أخرى.

6 - 4 وترى مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي أن الأدلة الطبية الداعمة المتعلقة بالحالة الجسدية والنفسية ترسم صورة واضحة يمكن أن تتفق تمام اً مع الحكاية المزعومة. ولا تعترض الدولة الطرف على الأوصاف التي أعطتها المؤسسة في حد ذاتها. بيد أن الحكومة تؤكد من جديد أن وصف المؤسسة للأدلة الداعمة الطبية المتعلقة بالحالة الجسدية لا يحمل مؤشر اً قوي اً (الوصف الثاني والثالث من أصل الأوصاف الخمسة). فهناك تفسيرات محتملة أخرى عديدة أو متعددة للإصابة بالندوب الجسدية. ولذلك، فإن الأدلة المادية الداعمة لا تحمل مؤشر اً قوي اً على وقوع العنف المزعوم بالفعل، ويمكن تجاهلها. ومن ناحية أخرى، يعتبر وصف الأدلة الطبية الداعمة المتعلقة بالحالة النفسية قوي اً إلى حد ما (الوصف الرابع من أصل الأوصاف الخمسة). بيد أن الدولة الطرف ترى، استناد اً إلى ما ذكر أعلاه من سوابق قضائية ذات صلة لدائرة القضاء الإداري التابعة لمجلس الدولة، وطبقاً لآراء اللجنة ( ) ، أنه يمكن تنحية الأدلة الداعمة المتعلقة بالحالة النفسية للسبب التالي. فالأدلة الداعمة المتعلقة بالحالة النفسية، على النحو المبين في موضع سابق، لا تفسر على نحو مقنع كثرة الثغرات والتناقضات التي تشوب عناصر أساسية في حكاية صاحب الشكوى. ولذلك ترى الدولة الطرف أن الأدلة الداعمة المتعلقة بالحالة النفسية يمكن تجاهلها أيض اً؛ على الرغم من كونها مؤشر اً قوي اً في حد ذاتها.

6 - 5 وعليه، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن ادعاءات صاحب الشكوى أنه تعرض للتعذيب على نحو ما وصف لا تدعمها بالقدر الكافي لا الأدلة الطبية المتعلقة بالحالة الجسدية ولا تلك المتعلقة بالحالة النفسية.

6 - 6 وقد أوضحت الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 18 آذار/مارس 2020 ، سبب القول إن نتائج تقرير مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي فيما يتعلق بالموانع الصحية التي تحول دون الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة لا تقدم أي سبب يدعو إلى تغيير الاستنتاج الذي يفيد بأن حكاية صاحب الشكوى لا يمكن تصديقها.

6 - 7 ومن المهم، في البداية، ملاحظة أنه ليست هناك معلومات طبية متاحة تعود إلى الفترة التي أجريت فيها المقابلات أو تعود إلى ما قبل ذلك، وهو ما أقرت به مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي. ومع ذلك، ترجح المؤسسة بشدة أن يكون صاحب الشكوى محدود القدرة على الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة خلال المقابلات التي أجرتها معه سلطات اللجوء. ولا يمكن، وفق اً لدليل القراءة الصادر عن المؤسسة وللشهادة التي أدلت بها أمام دائرة القضاء الإداري في مجلس الدولة، إجراء هذا الفحص إلا على أساس معلومات طبية يعود تاريخها إلى الفترة التي أجريت فيها المقابلة أو إلى ما سبقها. وتوضح المؤسسة قائلة إن عدم توفر معلومات طبية يعزى إلى الشعور بالعار وعدم الثقة، وهو من أعراض الاكتراب التالي للصدمة، الذي كشف تشخيص حالة صاحب الشكوى أنه يعاني منها. بيد أن الدولة الطرف ترى أن هذا لا يكفي وحده لاستنتاج وجود موانع صحية للإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة.

6 - 8 وتقول مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي كذلك إن مرور عدة سنوات طويلة بين مقابلات اللجوء والفحص الطبي لا تحول دون إجراء تحقيق جدي وموثوق. ولإثبات هذا الادعاء، تشير المؤسسة إلى حكم دائرة القضاء الإداري الذي تقدم ذكره. ولا تطعن الحكومة في الادعاء القائل إن مرور فترة زمنية طويلة بين المقابلات والفحص الطبي لا يحول دون إجراء تحقيق موثوق به. بيد أن الدولة الطرف ترى أن هذا قد يكون صحيح اً إذا استند الفحص الطبي حصر اً إلى معلومات طبية يعود تاريخها إلى الفترة التي أجريت فيها المقابلات. وتواصل الدولة الطرف استنتاجها بأن الفحص الطبي المتعلق بوجود قيود على الإدلاء ببيانات في هذه القضية يمكن تجاهله لأن هذا الفحص لم يجر على أساس معلومات طبية مستمدة من تلك الفترة.

6 - 9 وحتى لو كان الاستنتاج القائل بوجود موانع القدرة على الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة استنتاج اً دقيق اً؛ فإن ذلك يقدم تفسير اً مقنع اً للثغرات والتناقضات التي شابت بعض تفاصيل حكاية اللجوء التي رواها صاحب الشكوى فقط لا غير وليس للعناصر الأساسية في تلك الحكاية. وقد أشارت الدولة الطرف، في ملاحظاتها الأولى، إلى آراء اللجنة، التي رأت فيها أنه في حال قدم صاحب الشكوى وثائق تفيد بأنه يعاني من الاكتراب التالي للصدمة والاكتئاب، فإن ذلك ربما يفسر أوجه التعارض والضعف في الحكاية التي رواها للسلطات المعنية باللجوء، ولكنه لا يفسر على نحو مقنع الثغرات والتناقضات التي تشوب العناصر الأساسية في تلك الحكاية.

6 - 10 ولا يعترض صاحب الشكوى، في ملاحظاته، على القول إنه أدلى بإفادات غريبة وغامضة وسطحية ومتناقضة فيما يخص العناصر الأساسية في حكاية لجوئه. ولكنه يرى أنه ينبغي إعادة النظر في إطار التقييم الذي ورد بيانه في الملاحظات الأولى للدولة الطرف. ويقول صاحب الشكوى، في سياق الإشارة إلى دليل القراءة الجديد الصادر عن مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي، إنه لم يعد ممكن اً تأييد إطار التقييم هذا علمي اً.

6 - 11 وترى الدولة الطرف أن هذا الرأي ينبغي ألا يقبل به. ويشير دليل القراءة الصادر عن مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي في عام 2016 ، إلى أن حجم تأثير حالة صحية ما على القدرة على الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة يَهُمّ تفاصيل رواية اللجوء. وأوضحت المؤسسة هذا الرأي أمام دائرة القضاء الإداري في مجلس الدولة في الأحكام المذكورة أعلاه الصادرة في حزيران/ يونيه 2018 ، ونتيجة لذلك، قضت دائرة القضاء الإداري بأن هذا الرأي لا يعفي صاحب الشكوى من الإدلاء بإفادات معقولة بشأن العناصر الأساسية في حكاية اللجوء. ولم تراجع المؤسسة هذا الرأي إلا بعد فترة وجيزة من صدور حكم دائرة القضاء الإداري، وقالت في هذه المراجعة إن هذا الرأي لم يعد من الممكن إثباته علمي اً. وحتى إن كان لا بد من قبول هذا الرأي، في حالة صاحب الشكوى تحديد اً؛ ترى المؤسسة أن صاحب الشكوى يتذكر الأحداث الصادمة بوضوح، رغم أنه لا يستطيع استعادة جميع التفاصيل من ذاكرته. ولذلك، فإن تقرير المؤسسة لا يقدم تفسير اً مقنع اً للعديد من الإفادات الغريبة والغامضة والسطحية والمتناقضة، التي تتعلق بعناصر أساسية في حكاية اللجوء.

6 - 12 وأخير اً ، تعتبر المصداقية عنصر اً أساسي اً في هذه القضية، كما ذكرت مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي. وترى الحكومة أن إدارة الهجرة والتجنس، وهي الهيئة الحكومية الوطنية المعنية بالتحقق من مصداقية حكايات اللجوء، أجرت تقييم اً شامل اً لطلب اللجوء المقدم من صاحب الشكوى، آخذة في الاعتبار جميع المعلومات ذات الصلة التي كانت متاحة في ذلك الوقت.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 22 ( 5 )(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

7 - 2 وتُذكر اللجنة بأنها لا تنظر في أي بلاغ يرد من فرد إلا بعد أن تتأكد من أن ذلك الفرد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، وذلك وفقاً للفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية. ولا تنطبق هذه القاعدة إذا ثبت أن إعمال سبل الانتصاف المحلية قد طال أمده أو سيطول بصورة غير معقولة أو كان من غير المحتمل أن يحقق الإنصاف الفعلي للشخص ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد طعنت في مقبولية الجزء الذي يندرج في إطار المادة 3 من الاتفاقية من ادعاء صاحب الشكوى، ومفاده أن عودة صاحب الشكوى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ستنجم عنه حالة طبية طارئة، وتعزو ذلك إلى عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأن قرار المحكمة المحلية بشأن سبب اللجوء هذا يمكن الطعن فيه أمام دائرة القضاء الإداري في مجلس الدولة. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب الشكوى لم يفند هذا الرد. وبناء عليه، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بموجب المادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية. وبما أن الادعاءات الأخرى التي قدمها صاحب الشكوى بموجب المادة 3 من الاتفاقية قد دعمت بما يكفي من الأدلة، تعتبر اللجنة هذا الجزء من البلاغ مقبول اً وستنظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 عملاً بالمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذه الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

8 - 2 والمسألة المعروضة على اللجنة تتلخص في تحديد ما إذا كان إبعاد صاحب الشكوى قسر اً إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية يشكل انتهاك اً لالتزام الدولة الطرف، بموجب المادة 3 من الاتفاقية، بألا تطرد أي شخص أو تعيده ("أن ترده") إلى دولة أخرى إ ذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.

8 - 3 وفي هذه القضية، يجب على اللجنة أن تقدر مدى توافر أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه شخصي اً خطر التعرض للتعذيب لدى عودته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعند تقدير هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تراعى جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان ( ) . بيد أن اللجنة تُذكر بأن الهدف من إجراء تقييم من هذا النوع هو إثبات ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً من التعرض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه ( ) . وعليه، فإن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً للجزم بوجود خطر على شخص بعينه من التعرض للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص المعني سيكون شخصياً في خطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه قد لا يتعرض للتعذيب في الظروف التي تخصه على وجه التحديد ( ) .

8 - 4 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 4 ( 2017 ) بشأن تنفيذ المادة 3 في سياق المادة 22 ، الذي ينص على أن الالتزام بعدم الإعادة القسرية ينشأ كلما توافرت "أسباب حقيقية" تدعو إلى الاعتقاد أن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة يواجِه الترحيل إليها، سواء كفرد أو كعضو في مجموعة قد تكون في خطر التعذيب في بلد المقصد. وتشير اللجنة إلى أن "الأسباب الحقيقية" تصبح متوافرة متى كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً" ( ) . ويمكن أن تشمل مؤشرات الخطر الشخصي، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: (أ) الأصل الإثني لصاحب الشكوى وانتماؤه الديني؛ و(ب) التعرُّض للتعذيب سابقاً؛ و(ج) الاحتجاز مع منع الاتصال أو الخضوع لأي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ و(د) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية؛ و(ه) التوقيف و/أو الاحتجاز دون ضمان العدل في المعاملة والمحاكمة؛ و(و) انتهاكات الحق في حرية الفكر والوجدان والدين؛ و(ز) الهروب سراً من البلد الأصلي عقب تلقي تهديدات بالتعذيب ( ) .

8 - 5 وتذكر اللجنة كذلك بأن عبء الإثبات يقع على عاتق المشتكي، الذي يجب عليه أن يعرض قضية وجيهة، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي، ما لم يكن في وضع يعجز فيه عن تفصيل قضيته ( ) . وتذكّر اللجنة كذلك بأنها تولي أهمية كبيرة للنتائج الوقائعية التي تقدمها أجهزة الدولة الطرف المعنية. بيد أنها غير ملزمة بتلك النتائج، وستجري تقييم اً حر اً للمعلومات المتاحة لها بموجب الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية ( ) .

8 - 6 وفي سياق تقييم خطر التعرض للتعذيب فيما يتصل بهذا البلاغ، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى ادعى أنه عومل معاملة سيئة واغتُصب واحتجز في سقيفة في عام 2010 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بناء على أوامر صادرة عن جان بيير دارويزي موكومبي ، بعد أن شاهد بأم العين قتل شخص مجهول. وتشير التقارير القطرية إلى أن هذا الشخص كان يشغل منصب رئيس وكالة الاستخبارات الوطنية حتى 11 أيلول/سبتمبر 2011 ، وهو التاريخ الذي عين فيه وزير اً للاقتصاد الوطني والتجارة ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى ادعى أنه يخشى أن يكون مطلوب اً وأن يُعذَّب ويُقتل في نهاية المطاف إذا أعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأن فكرة العودة صادمة بالنسبة له لأنه يعاني من الاكتراب التالي للصدمة والاكتئاب بسبب أعمال التعذيب التي مورست عليه. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى ادعى أن دارويزي ربما لا يزال يتمتع بالنفوذ اللازم للانتقام منه حتى يمنع احتمال أن يشهد ضده.

8 - 7 وتلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف رأت أن صاحب الشكوى لم يكن صادق اً لأنه أدلى بإفادات متناقضة بشأن عناصر أساسية في حكاية اللجوء التي قدمها في طلبه الأول، بما في ذلك مسار الرحلة والتسلسل الزمني للأحداث وتاريخ مغادرته البلد. وادعت الدولة الطرف أن السلطات الوطنية المختصة هي وحدها المؤهلة للبت في صحة حكاية اللجوء. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب الشكوى لم يطلب إلى دائرة الهجرة والتجنس، أثناء إجراءات اللجوء الأولى، أن تعطي الأمر بإجراء فحص طبي، وأنه لم يعرض نفسه على الطبيب العام إلا بعد مقابلة اللجوء. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى يؤكد أنه لم يبلغ السلطات قط بقصته بدافع الشعور بالعار وعدم الثقة، وهذا أمر معهود لدى شخص يدعى أنه تعرض لاعتداء جنسي. وتلاحظ اللجنة كذلك تعليق الدولة الطرف ومفاده أن التقرير الصادر عن مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي ليس فيه ما يثبت أن صاحب الشكوى تعرض للتعذيب، لأن الندوب التي يصفها قد تعزى إلى أسباب أخرى. ودفعت الدولة الطرف أيض اً بأن الأدلة الداعمة المتعلقة بالحالة النفسية لا تفسر على نحو مقنع كثرة الثغرات والتناقضات التي تشوب عناصر أساسية في حكاية صاحب الشكوى. ورأت الدولة الطرف أنه يمكن تجاهل الفحص الطبي الذي أجرته مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي بشأن موانع القدرة على الإدلاء بإفادات في هذه القضية لأن هذا الفحص لم يُجر استناد اً إلى معلومات طبية ترجع زمني اً إلى الفترة التي جرت فيها المقابلات. ومع أن تقرير المؤسسة يبدو مقنع اً فيما يخص العقابيل النفسية وأصلها، التي تؤثر على القدرة على الإدلاء بإفادات كاملة ومتماسكة ومتسقة ( ) ، فإن هذه العقابيل لا تبرر، في رأي الدولة الطرف، القول بوجود خطر على صاحب الشكوى حالي اً من التعرض للتعذيب في حالة إبعاده.

8 - 8 وتشير اللجنة إلى أنه يتعين عليها التحقق من وجود خطر على صاحب الشكوى في الوقت الحالي من التعرض للتعذيب إذا ما أُبعد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى أتيحت له الفرصة لتقديم المزيد من الأدلة الداعمة لادعاءاته إلى السلطات المحلية، وأن هذه السلطات نظرت في ادعاءات صاحب الشكوى في سياق طلبي لجوء. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن التناقضات التي شابت أقوال صاحب الشكوى جعلت السلطات ترى في استنتاجها أنه لم يثبت وجود خطر متوقع وقائم وشخصي وحقيقي عليه من التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتلاحظ اللجنة، بصفة خاصة، أن الادعاءات التي عرضها صاحب الشكوى على اللجنة تختلف إلى حد ما عن أسباب اللجوء التي دفع بها أمام إدارة شؤون الهجرة والتجنُّس والمحاكم المحلية ( ) . وتشير اللجنة إلى أنه من النادر أن يُتوقع من ضحايا التعذيب وصف الوقائع بمنتهى الدقة ( ) ، وتلاحظ أن صاحب الشكوى أدلى بوثائق تفيد بأنه كان يعاني بالفعل، من الاكتراب التالي للصدمة في عام 2010 ، وهو ما أثبته لاحق اً التقرير الصادر عن مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي في عام 2016 . ومع ذلك، ترى اللجنة أن حالة الصحة العقلية لصاحب الشكوى ربما تفسر بعض أوجه التعارض والضعف في الحكاية التي رواها للسلطات المعنية باللجوء، غير أن ذلك لا يفسر على نحو مقنع التناقضات التي تقدم ذكرها، وهي تشوب عناصر أساسية وردت في حكايته.

8 - 9 وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة، في ضوء التقريرين الصادرين عن مؤسسة حقوق الإنسان والتقييم الطبي في عامي 2016 و 2020 ، واللذين يفيدان بأن ندوب صاحب الشكوى تتطابق مع الحكاية التي رواها، أنها حتى لو تجاهلت تناقض صاحب الشكوى في سرد التجارب التي عاشها سابق اً في جمهورية الكونغو الديمقراطية وصدقت أقواله، فإن صاحب الشكوى لم يقدم أي معلومات تفيد على نحو معقول بأن السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية تهتم بأمره في الوقت الحاضر ( ) . ولا تشير المعلومات المتاحة للجنة إلى أن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعذيب إذا ما أعيد إلى بلده الأصلي ( ) ، بعد أن مر على وقوع الأحداث المزعومة 12 عام اً.

8 - 10 وتذكر اللجنة بأن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب الشكوى، وفي الوقت نفسه، تحيط علم اً بملاحظات الدولة الطرف التي تفيد بأن الحكاية التي رواها صاحب الشكوى عن تجاربه السابقة في جمهورية الكونغو الديمقراطية تشوبها تناقضات ولا يمكن تصديقها فيما يخص عناصر أساسية وردت في ادعاءاته. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب الشكوى تعرض للتعذيب قبل أكثر من 12 عام اً؛ وأنه لم يقدم حجج اً مقنعة على أن السلطات، أو الأشخاص الذين يدعي أنه يخشاهم (رئيس سابق لجهاز الأمن)، قد أبدوا اهتمام اً لأمره في الماضي القريب أو يهتمون لأمره في الوقت الحاضر. وتلاحظ اللجنة أن الأحداث الماضية ربما تكون ذات أهمية، غير أن المسألة الرئيسية المطروحة عليها هي تحديد إذا كان هناك خطر على صاحب الشكوى حالياً من التعرض للتعذيب إذا ما أُعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة طبية كافية قد تبرر الأسباب الطبية الكامنة وراء انعدام الاتساق في الأقوال التي أدلى بها أثناء إجراءات اللجوء الأولى في عام 2010 . وفي ضوء الاعتبارات المذكورة أعلاه، واستناد اً إلى جميع المعلومات التي قدمها صاحب الشكوى والدولة الطرف، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالحالة العامة لحقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ترى اللجنة أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة كافية تمكنها من الخروج باستنتاج مفاده أن إبعاده إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية من شأنه أن يجعله يواجه خطر اً متوقع اً وقائم اً وشخصي اً وحقيقي اً من التعرض للتعذيب بالمعنى المقصود في المادة 3 من الاتفاقية. وعلاوة على ذلك، ليس هناك ما يثبت في ادعاءاته أن تقييم سلطات الدولة الطرف لطلبي اللجوء اللذين قدمهما ربما كان تقييم اً تعسفي اً أو يرقى إلى مستوى إنكار العدالة أو ينطوي على أخطاء إجرائية واضحة ( ) .

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22 ( 7 ) من الاتفاقية، تستنتج أن إبعاد الدولة الطرف صاحبَ الشكوى إلى جمهورية الكونغ و الديمقراطية لا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.