الأمم المتحدة

CAT/C/74/D/795/2017

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

19 October 2022

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 795/2017 * **

بلاغ مقدم من: ن. ن. (يمثله محام من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى: 19 كانون الأول/ديسمبر 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و 115 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 10 كانون الثاني/يناير 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 15 تموز/يوليه 2022

الموضوع: التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وعدم إجراء تحقيق فعال وعدم جبر الأضرار

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ وضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ ومنع التعذيب؛ والتحقيق السريع والنزيه؛ ومعاملة السجناء؛ وجبر الأضرار

مواد الاتفاقية: 2 ( 1 ) و 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و 16 ، والمادة 16

1 - 1 صاحب البلاغ هو ن. ن.، وهو مواطن بوروندي من مواليد عام 197 0 . ويدعي أنه ضحية انتهاك بوروندي حقوقه بموجب المواد 2 ( 1 ) و 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، وعلى سبيل التحوط مع المادة 16 ، من الاتفاقية، وكذلك المادة 16 من الاتفاقية منفردة. وأصدرت الدولة الطرف الإعلان المطلوب بمقتضى الفقرة 1 من المادة 22 من الاتفاقية في 10 حزيران/يونيه 200 3 . وتتولى الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب تمثيل صاحب البلاغ.

1 - 2 وفي 10 كانون الثاني/يناير 2017 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عمل اً بالفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي، أن تمنع بفاعلية، ما دامت القضية قيد النظر، أي تهديد أو عمل من أعمال العنف قد يتعرض له صاحب البلاغ وأسرته، ولا سيما نتيجة رفع هذه الشكوى، وإبقاء اللجنة على علم بالتدابير المتخذة لهذا الغرض.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 في 8 آذار/مارس 2014 ، اعتقل صاحب البلاغ أثناء محاولته الإفلات من عملية اقتحام شنتها الشرطة على أحد مكاتب حزبه، الحركة من أجل التضامن والديمقراطية ( ) . وكان في المكتب للمشاركة في اجتماع مع أعضاء آخرين في الحزب في بوجومبورا. وفي ذلك اليوم، جاء عدد كبير من أفراد الشرطة المدججين بالسلاح إلى مقر الحزب. وتمكن شرطيان من التسلل إلى المكتب من دون أمر قضائي، لكن ناشطين في الحزب جردوهما من سلاحهما وصدّوهما. ثم أطلق أفراد الشرطة الآخرون قنابل الغاز المسيل للدموع. ولما كان صاحب البلاغ مصاب اً بالربو، فقد أغلق على نفسه بسرعة في مكتب لتجنب استنشاق الغاز. وحاول ممثلون عن المجتمع المدني التوسط مرات عدة للإفراج عن الشرطيين، لكن المفاوضات بين الحزب والشرطة باءت بالفشل. لذلك هاجم عناصر الشرطة المكتب، وبدأ أعضاء الحزب في الركض في جميع الاتجاهات.

2 - 2 وخرج صاحب البلاغ إلى مصطبة ولاحظ وجود الشرطة في كل مكان من مكتب الحزب. لذلك رفع يديه وتوسل إلى ثلاثة شرطيين كانوا يستهدفونه ألا يقتلوه. وتعرف عليه أحد أفراد الشرطة الثلاثة بوصفه متحدثا ً رسميا ً باسم الحزب وأطلق النار عليه. وسقط صاحب البلاغ على الأرض وبدأ ينزف لأن الرصاصة أصابته في يده اليسرى بين إبهامه وسبابته. ثم ابتعد الشرطي الذي أطلق النار عليه بينما بدأ الشرطيان الآخران ينهالون عليه بالضرب. فقد ضرباه بعقبَي بندقيتيهما وماسورتيهما على جميع جسده. وعندما رأيا الدماء تتدفق في كل مكان، ابتعدا، ربما بسبب اعتقادهما أنه مات. وتحرك صاحب البلاغ ببطء نحو مدخل المكتب لطلب النجدة عندما لاحظ شرطي سبق أن ضربه أنه لم يمت فأبلغ الشرطيين الآخرين. ثم جَلَده شرطيان آخران بسوط على جميع جسده. ومنع عناصر الشرطة موظفي الصليب الأحمر البوروندي الموجودين في مكان الحادث من علاج صاحب البلاغ أثناء وجوده في مكتب الحزب.

2 - 3 ثم اعتقل صاحب البلاغ، وهو ينزف؛ وبدل اً من نقله إلى قسم الرعاية الطبية، اقتيد مع ثلاثة جرحى آخرين إلى جهاز المخابرات الوطني، حيث أجبر على الاستلقاء على الأرض واستجوب وأهين. وظل هناك أكثر من أربع ساعات من دون مساعدة طبية رغم أنه جرح بالرصاص وضرب ضربا ً مبرحا ً . وفي حوالي الساعة 10 مساء، بعد ضغوط من بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، اقتيد في نهاية المطاف إلى عيادة الأمير لويس رواغاسور. وفي 9 آذار/مارس 2014 ، في حوالي الساعة 10 صباحا ً ، سمح عناصر الشرطة لأفراد أسر المصابين برؤية أقاربهم مدة قصيرة تحت إشراف رئيس شرطة. وفي 10 آذار/مارس 2014 ، اقتيد صاحب البلاغ إلى قسم الطب الإشعاعي لإجراء تصوير بالأشعة تحت إشراف أفراد الشرطة. وكانت الرعاية التي قدمها الممرضون غير كافية لأنهم كانوا خائفين من أفراد الشرطة. ولم يعالَج سوى يد صاحب البلاغ اليسرى وجرحين في ساقه اليمنى ناجمين عن ضربات بماسورة بندقية ( ) . وتلقى أيضا ً مسكّنات ألم. ورغم الطلبات التي قدمها في 30 آذار/مارس و 15 كانون الأول/ ديسمبر 2015 ، لم يتلق قط نسخة من سجله الطبي.

2 - 4 وفي 15 نيسان/أبريل 2014 ، مثل صاحب البلاغ أمام النيابة العامة في بوجومبورا بناء على أمر بإلقاء القبض عليه صدر في اليوم نفسه. واستجوب هناك بحضور هيئة الدفاع عنه. ثم احتجز خمس ساعات في قبو بلا نوافذ مساحته 4 أمتار في 6 أمتار، مع نحو عشرين شخصا ً ، رغم حالته الصحية السيئة. ولم يعط طعام اً ولم يستطع الاتصال بأي شخص.

2 - 5 ثم احتجز صاحب البلاغ في سجن مبيمبا المركزي حيث لم يتلق أي رعاية طبية. بيد أن أسرته حاولت أن تجلب له الدواء بمناسبة الزيارات المرخص فيها أحيانا ً . وطلب مرار اً وتكرار اً الإذن في تلقي علاج طبيعي، وهو ما رُفض رغم وصفة من طبيب السجن من أجل متابعة إصابة يده، بهدف تقييم حركة المعصم ومظهر الندبة. ولم يستفد منه إلا مرة واحدة في آخر المطاف. ويضاف إلى ذلك أن ظروف احتجازه في سجن مبيمبا متردية؛ فالطعام غير كاف وذو نوعية رديئة، الأمر الذي يسهم في انتشار الأمراض عندما يقترن باكتظاظ السجون.

2 - 6 وفي 11 آذار/مارس 2016 ، حكمت المحكمة العليا في بوجومبورا على صاحب البلاغ بالسجن ست سنوات وأربعة أشهر بتهمة التمرد وانتهاك الحرمة والعنف مع الشرطة وإلحاق أذى جسدي جسيم بنفسه.

2 - 7 وفي 5 أيلول/سبتمبر 2016 ، نقل صاحب البلاغ مع 13 محتجزا ً آخر إلى سجن رومونج. وأُخرجوا جميع اً من سجن مبيمبا من قبل أفراد من الشرطة عمدوا، بناء على قائمة لديهم ( ) ، إلى فرز المحتجزين وأخذوهم إلى رومونج من دون إبلاغ أي شخص. وكان معظم المحتجزين المنقولين أعضاء في الحركة من أجل التضامن والديمقراطية اعتقلوا خلال احتجاجات 8 آذار/مارس 201 4 . أضف إلى ذلك أن زوجة صاحب البلاغ، وهي أيضا ً عضو في الحركة، اعتقلت في 13 كانون الأول/ديسمبر 2015 واحتجزت في سجن مبيمبا لأنها رفضت اتهام زوجها ( ) .

2 - 8 وظل صاحب البلاغ في سجن رومونج حتى 5 آب/أغسطس 2017 عندما نقل مرة أخرى إلى سجن مبيمبا المركزي. وفي اليوم السابق، تعرض صاحب البلاغ ومحتجزين آخرين في سجن رومونج إلى ضرب مبرح من لدن عناصر الشرطة وحركة إمبونيراكور. وفي كانون الثاني/يناير 2018 ، صدر عفو عن صاحب البلاغ وحُدد موعد الإفراج عنه في 16 آذار/مارس 201 8 . بيد أن حراسا ً اعتقلوه أثناء مراسم الإفراج عنه، ومنعوه من المشاركة فيها، وصادروا بطاقة إطلاق سراحه وأعادوا سجنه. لذلك فهو لا يزال في سجن مبيمبا المركزي.

2 - 9 وأَبلغ صاحب البلاغ عما تعرض له من تعذيب أثناء إجراءات الدعوى التي رُفعت عليه ( ) وبواسطة الشكوى الرسمية التي قُدمت في 14 آذار/مارس 2014 إلى النيابة العامة في بوجومبورا باسم صاحب البلاغ وأعضاء آخرين في الحركة من أجل التضامن والديمقراطية ممن عوملوا المعاملة نفسها. ورغم المساعي العديدة، لم تتخذ السلطات أي إجراء بشأن الأفعال المبلغ عنها. فهي لم تجر أي تحقيق ولم تستجوب صاحب البلاغ قط ولا هي اتصلت به بخصوص أعمال التعذيب التي تعرض لها مع أنها مشهورة. وحظيت القضية التي كان طرف اً فيها بتغطية إعلامية واسعة على الصعيدين الوطني ( ) والدولي على السواء ( ) . وإضافة إلى ذلك، لم تعاقب الدولة الطرف قط المسؤولين عن هذه الانتهاكات رغم تحديد هوياتهم تحديداً صريحاً في الشكوى.

2 - 10 وإلى جانب رفض السلطات رفضاً واضحاً تحديد المسؤوليات في هذه القضية، يشير صاحب البلاغ إلى حالة الإفلات من العقاب السائدة في بوروندي، لا سيما فيما يتعلق بأعمال التعذيب، وهي حالة تناولتها تقارير عديدة صادرة عن هيئات تابعة للأمم المتحدة ( ) . زد على ذلك إعراب اللجنة في ملاحظاتها الختامية بشأن تقرير بوروندي الأولي الذي اعتمد في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 عن قلقها إزاء تبعية السلطة القضائية، بحكم الواقع، للسلطة التنفيذية ( ) . وأعربت اللجنة بعدئذ في ملاحظاتها الختامية بشأن تقرير بوروندي الدوري الثاني الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 عن قلقها إزاء ضعف التحقيقات والملاحقات القضائية وبطء وتيرتيهما، الأمر الذي يؤكد الادعاءات التي تشير إلى حالة الإفلات من العقاب السائدة فيما يخص مرتكبي أعمال التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء، ومنهم، على وجه الخصوص، شرطة بوروندي الوطنية وجهاز المخابرات الوطني ( ) . وأخيرا ً ، كررت اللجنة، في ملاحظاتها الختامية المؤرخة آب/أغسطس 2016 بشأن تقرير بوروندي الخاص، الإعراب عن قلقها من الزيادة في حالات التعذيب، وحثت بوروندي على وضع حد للإفلات من العقاب والعمل على التحقيق بسرعة وفعالية ونزاهة في جميع حالات وادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، بما فيها تلك التي يرتكبها أفراد يتقلدون مناصب قيادية ( ) .

2 - 11 ولذلك يجادل صاحب البلاغ بأنه لم يكن راضي اً عن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأن السلطات لم تحقق بسرعة ونزاهة في ادعاءاته وأنه كان من الخطر عليه بذل مزيد من المساعي لأنه كان معرض اً للانتقام نتيجة نقله من سجن مبيمبا إلى سجن رومونج، حيث يواجه خطر التصفية الجسدية، وكذلك بسبب احتجاز زوجته والتهديدات التي تلقاها محاموه ( ) .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف حقوقه بموجب المواد 2 ( 1 ) و 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، وعلى سبيل التحوط مع المادة 16 ، من الاتفاقية، وكذلك المادة 16 من الاتفاقية منفردة.

3 - 2 ويقول صاحب البلاغ إن الاعتداء البدني الذي تعرض له سبب له ألماً ومعاناة شديدين ما زالا يؤثران في صحته البدنية والنفسية حتى اليوم. ومن بين عقابيل التعذيب الذي تعرض له في آذار/ مارس 2014 أن يده اليسرى لا تزال غير حساسة بين إبهامه وسبابته، حيث أصيب بالرصاص، ويعاني آلام اً في الساق والظهر، وعليه أن يبذل جهداً كبيراً كي يقف وقوفا ً صحيحا ً . ولا تزال العديد من الندوب ظاهرة على ساقيه وظهره. وكان هدف أفراد الشرطة الذين أطلقوا النار عليه وضربوه ضرب اً مبرح اً التسبب حق اً في هذه المعاناة. وإضافة إلى ذلك، منع من الحصول على رعاية موظفي الصليب الأحمر الذين كانوا في مكان الحادث؛ وبدل اً من نقله إلى المشفى على جناح السرعة كي يتلقى العلاج الطبي الذي كان يحتاجه على ما يبدو، اقتيد إلى جهاز المخابرات الوطني لاستجوابه. وكان الهدف من أعمال التعذيب هذه التي اقترفها عناصر الشرطة الوطنية تخويفه ومعاقبته والضغط عليه بسبب انتمائه السياسي. لذا، يؤكد صاحب البلاغ أن هذا الاعتداء البدني تعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية.

3 - 3 ويدفع صاحب البلاغ، بمقتضى المادة 2 ( 1 ) من الاتفاقية، بأن الدولة الطرف لم تتخذ تدابير فعالة لمنع التعذيب في إطار ولايتها. وعلى وجه الخصوص، شاركت جهات حكومية، مثل عناصر الشرطة وأفراد جهاز المخابرات الوطني، مباشرةً في ارتكاب أعمال تشكل تعذيبا ً . ويضاف إلى ذلك أن صاحب البلاغ لم يتلقّ الرعاية المناسبة في 8 آذار/مارس 2014 وطوال فترة احتجازه. ثم إنه رغم الإبلاغات وشكوى رسمية قدمها، لم تف الدولة الطرف بالتزاماتها بالتحقيق في التعذيب الذي تعرض له وبتسليم الجناة إلى العدالة. وعلى هذا، يؤكد أن الدولة الطرف لم تعتمد التدابير اللازمة، لا سيما التشريعية، التي تقتضيها الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية.

3 - 4 وإذ يحتج صاحب البلاغ بالمادة 11 من الاتفاقية ويشير إلى قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، يدفع بأنه من الواضح أن الدولة الطرف لم تف بالتزامها الذي يقضي برصد قواعد الاستجواب وتعليماته وأساليبه وممارساته والترتيبات المتصلة بحبس المعتقلين أو المحتجزين أو المسجونين وبمعاملتهم. ويتجلى ذلك، في جملة أمور منها أنه على الرغم من حالته الحرجة وقت اعتقاله، لم يُتخذ أي تدبير لتمكينه من الحصول على المساعدة الطبية بسرعة، وأنه لم يبلغ على الفور بالتهم الموجهة إليه، وأنه لم يستفد من سبل انتصاف فعالة للطعن في المعاملة التي تعرض لها، وأنه احتجز في ظروف يرثى لها في سجن مبيمبا ثم في سجن رومونج رغم حالته الصحية الحرجة وافتقاره إلى الرعاية المناسبة.

3 - 5 وإضافة إلى ذلك، يدفع صاحب البلاغ بأن السلطات البوروندية لم تجر تحقيقاً سريعاً وفعالاً في ادعاءات التعذيب التي ساقها رغم علمها بها من خلال شكوى مؤرخة 14 آذار/مارس 2014 ، الأمر الذي ينتهك الالتزامات التي تفرضها المادة 12 من الاتفاقية على الدولة الطرف. ويدعي أيض اً أن الدولة الطرف لم تحترم حقه في رفع شكوى كي تنظر السلطات المختصة في قضيته على الفور وبنزاهة، وهو ما يتعارض مع التزاماتها بموجب المادة 13 من الاتفاقية.

3 - 6 وفيما يخص المادة 14 من الاتفاقية، يرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، بعدم إجرائها تحقيقا ً جنائيا ً ، حرمته في الوقت نفسه من حقّه في الانتصاف وفي الحصول على تعويض منصف ومناسب. ولم يستفد في هذا الصدد من أي تدابير لإعادة التأهيل بعد التعذيب الذي تعرض له أو من الوسائل اللازمة لإعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن، على النحو المنصوص عليه في المادة 1 4 . وفي ضوء عدم مبالاة السلطات القضائية، لا يوجد أي احتمال موضوعي أن تتكلل بالنجاح سبل انتصاف أخرى، سِيّما لجبر الأضرار بواسطة رفع دعوى تعويض مدنية. ففي عام 2014 أعربت اللجنة على وجه التحديد عن قلقها من عدم تنفيذ أحكام قانون الإجراءات الجنائية البوروندي التي تنص على تعويض ضحايا التعذيب، الأمر الذي ينتهك المادة 14 من الاتفاقية ( ) ؛ وفي عام 2016 ، كررت الإعراب عن قلقها إزاء الحاجة إلى تقديم تعويض مناسب وفق اً للمادة 14 ( ) .

3 - 7 ويكرر صاحب البلاغ أن أعمال العنف التي تعرض لها تعذيب وفقاً للتعريف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية. فإن لم تأخذ اللجنة بهذا التوصيف، يؤكد صاحب البلاغ أن الاعتداء البدني عليه يشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة وأن الدولة الطرف ملزمة أيضاً في هذا الصدد، بمقتضى المادة 16 من الاتفاقية، بمنع الجهات الحكومية من ارتكابها أو التحريض عليها أو السكوت عنها و بمعاقبتها في حالة الإقدام على ذلك. وإضافة إلى ذلك، تذكّر بظروف احتجازه في زنزانات جهاز المخابرات الوطني والنيابة العامة وسجن مبيمبا المركزي وسجن رومونج. ويحيل صاحب البلاغ مرة أخرى إلى ملاحظات اللجنة الختامية بشأن التقارير التي قدمتها بوروندي بمقتضى المادة 19 من الاتفاقية والتي رأت فيها أن ظروف الاحتجاز في بوروندي بمثابة معاملة لا إنسانية ومهينة ( ) . وأخيراً، يذكّر بأنه لم يتلق أي علاج طبي أثناء احتجازه رغم حالته الحرجة، ويستنتج من ذلك أن ظروف احتجازه تشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم تعاون الدولة الطرف

4 - في 10 كانون الثاني/يناير 2017 و 10 تموز/يوليه 2019 و 17 كانون الأول/ديسمبر 2020 و 19 كانون الثاني/يناير و 28 نيسان/أبريل 2022 ، دعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي ردّ وتعرب عن أسفها لعدم تعاون الدولة الطرف بخصوص مشاركة ملاحظاتها على الشكوى محل النظر ( ) . وتذكّر بأن الدولة الطرف المعنية ملزمة بموجب الاتفاقية بأن تقدم إليها كتابةً توضيحات أو إعلانات تجلي المسألة وتشير، عند الاقتضاء، إلى التدابير التي قد تكون اتخذتها لمعالجة الوضع.

النظر في المقبولية

5 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إن كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد استيقنت، وفقاً لما تنص عليه المادة 22 ( 5 )(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5 - 2 وتذكّر اللجنة بأنها لا تنظر، وفقاً للمادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية، في أي بلاغات يتقدم بها أي فرد ما لم تتحقق من أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير إلى أن الدولة الطرف، في القضية موضع النظر، لم تطعن في كون صاحب البلاغ استنفد جميع هذه السبل. لذا، ترى أن المادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية لا تمنعها من النظر في البلاغ.

5 - 3 وبالنظر إلى عدم وجود أي عوائق أخرى تحول دون مقبولية البلاغ، تباشر اللجنة النظر في الأسس الموضوعية لادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 2 ( 1 ) و 11 و 14 و 16 من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية

6 - 1 عملاً بالفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان. ولما لم تقدم الدولة الطرف أي ملاحظة بشأن الأسس الموضوعية، وَجَب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ، المدعومة بما يكفي من الأدلة، ما تستحق من اعتبار.

6 - 2 تحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أنه أصيب برصاص أطلقته الشرطة وأن عناصر من الشرطة ضربوه ضرب اً مبرح اً على جميع جسده بأعقاب بنادقهم وسياطهم. وتحيط علماً أيضاً بما يلي: (أ) أن أفراد الشرطة احتجزوا صاحب البلاغ أمام مكتب الحركة من أجل التضامن والديمقراطية مع أن يده كانت تنزف وكذلك بعض من مواضع جسده التي ضربه عليها عناصر الشرطة؛ (ب) وأنهم لم يسمحوا لموظفي الصليب الأحمر البوروندي بالاعتناء به لتقديم الرعاية له؛ (ج) وأنه بدل اً من نقله إلى المشفى اقتيد إلى جهاز المخابرات الوطني حيث أرغم على الاستلقاء على الأرض واستجوب وشتم؛ (د) وأنه لم يُنقل إلى المشفى إلا بعد ضغوط من مدافعين عن حقوق الإنسان. وتحيط علماً أيضاً بادعاءات صاحب البلاغ أن الضرب الذي تعرض له سبب له ألماً ومعاناة حادّين، بما في ذلك معاناة جسدية ونفسية، وكان ذلك عمداً على يد جهات حكومية قصد معاقبته وتخويفه. وتحيط علماً، إضافة إلى ذلك، بأن الدولة الطرف لم تطعن في هذه الوقائع في أي لحظة من اللحظات. وعلى هذا، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع، كما عرضها صاحب البلاغ، تشكل تعذيبا ً بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

6 - 3 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ التي تستند إلى المادة 2 ( 1 ) من الاتفاقية وتذكّر باستنتاجاتها وتوصياتها بشأن تقارير بوروندي بمقتضى المادة 19 من الاتفاقية حيث حثت الدولةَ الطرف على اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية فعالة لمنع أي عمل من أعمال التعذيب وسوء المعاملة وتدابير أخرى عاجلة كي تخضع جميع أماكن الاحتجاز للسلطة القضائية من أجل منع أعوانها من اللجوء إلى الاحتجاز التعسفي وممارسة التعذيب ( ) . وفي القضية قيد النظر، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أنه أصيب برصاص وتعرض للضرب على يد أفراد من الشرطة ثم احتجز من دون أمر بإلقاء القبض ومن دون أساس قانوني ومن دون أن تتاح له، على مدى أكثر من شهر، إمكانية توكيل محام، وهي فترة ظل خلالها خارج نطاق حماية القانون. وتحيط علماً أيضاً بأن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير لحمايته إلى أن تدخل مدافعون عن حقوق الإنسان لدعمه. وفي ضوء ما سلف، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 2 ( 1 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

6 - 4 وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بحجة صاحب البلاغ القائلة بانتهاك المادة 11 من الاتفاقية، التي توجب على الدولة الطرف أن ترصد بانتظام الترتيبات المرتبطة بحجز المعتقلين أو المحتجزين أو المسجونين بأي شكل من الأشكال ومعاملتهم في أي إقليم يخضع لولايتها، قصد تجنب أي حالة من حالات التعذيب. ويزعم ما يلي على وجه الخصوص: (أ) أنه لم يتلق الرعاية الطبية المناسبة رغم حالته الحرجة وقت اعتقاله؛ (ب) ولم تُتح له إمكانية توكيل محام على مدى أكثر من شهر بعد اعتقاله، بما في ذلك أثناء استجوابه في جهاز المخابرات الوطني في 8 آذار/مارس 2014 ؛ (ج) وأنه اعتقل من دون إبلاغه بالتّهم الموجهة إليه؛ (د) ولم يستفد من سبل انتصاف فعالة للطعن في التعذيب؛ (ه) واحتجز في "ظروف يرثى لها" في سجن مبيمبا وسجن رومونج رغم حالته الصحية الحرجة. وتذكّر اللجنة بملاحظاتها الختامية بشأن تقرير بوروندي الدوري الثاني حيث أعربت عن قلقها من فرط طول فترة الاحتجاز لدى الشرطة، وكثرة تجاوز فترة الاحتجاز من هذا النوع، وعدم مسك سجلات السجن وعدم اكتمالها، وعدم احترام الضمانات القانونية الأساسية لمسلوبي الحرية، وعدم وجود أحكام تنص على توفير سبل مراجعة الأطباء والحصول على المعونة القضائية للأشخاص المعوزين، والتعسف في اللجوء إلى الحبس الاحتياطي في ظل عدم وجود مراقبة منتظمة لمدى قانونيته وحدود فترته الإجمالية ( ) . ويبدو أن صاحب البلاغ في القضية قيد النظر حُرم أي مراقبة قضائية. ونظر اً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات وجيهة بخلاف ذلك، فإن وجود هذه الظروف والمعاملة اللتين يرثى لهما يكفي لإثبات عدم وفاء الدولة الطرف بالتزامها بالرصد المنتظم للترتيبات المتصلة بحجز المعتقلين أو المحتجزين أو المسجونين بأي شكل من الأشكال ومعاملتهم في أي إقليم يخضع لولايتها، قصد تجنب أي حالة من حالات التعذيب، وأن هذا الإخلال أدى إلى إلحاق الأذى بصاحب البلاغ. ولذلك تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 11 من الاتفاقية ( ) .

6 - 5 وفيما يتعلق بالمادتين 12 و 13 من الاتفاقية، تحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ التي تذهب إلى أنه رغم رفعه شكوى في 14 آذار/مارس 2014 إلى المدعي العام للجمهورية في بوجومبورا بشأن أعمال التعذيب التي تعرض لها في 8 آذار/مارس 2014 فإنه لم يجرَ أي تحقيق. وتذكّر في هذا الصدد بالتزام الدولة الطرف، بموجب المادة 12 من الاتفاقية، بأن تبادر فور اً إلى إجراء تحقيق نزيه كلما وُجدت أسباب معقولة تحمل على اعتقاد أن عملاً من أعمال التعذيب ارتكب ( ) . ولذلك تخلص اللجنة في القضية محل النظر إلى حدوث انتهاك للمادة 12 من الاتفاقية.

6 - 6 وبالمثل، لم تف الدولة الطرف بالتزامها بمقتضى المادة 13 من الاتفاقية بضمان حق صاحب البلاغ في رفع شكوى وفي أن تنظر السلطات المختصة في شكواه بسرعة ونزاهة ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن المادة 13 من الاتفاقية قد انتهكت أيضاً.

6 - 7 وفيما يخص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 من الاتفاقية، تذكّر اللجنة بأن أحكام هذه المادة تعترف بالحق في تعويض عادل ومناسب، بما في ذلك الوسائل اللازمة لإعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن. وتذكّر أيض اً بأن الجبر يجب أن يغطي كل الأضرار التي لحقت الضحية وأن يشمل، في جملة تدابير أخرى، رد الحق والتعويض، إضافة إلى تدابير من شأنها أن تضمن عدم تكرار الانتهاكات، مع الحرص دوماً على مراعاة ملابسات كل قضية ( ) . وفي هذه القضية، نظراً إلى عدم إجراء تحقيق سريع ونزيه رغم وجود أدلة مادية واضحة تشير إلى أن صاحب البلاغ تعرض لأعمال تعذيب، ظلت بلا عقاب، ولأنه لا يوجد أي احتمال موضوعي أن تتكلل بالنجاح أي محاولة لجبر الأضرار بواسطة رفع دعوى تعويض مدنية، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت أيضاً بالتزاماتها بمقتضى المادة 14 من الاتفاقية ( ) .

6 - 8 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة 16 من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ بشأن ظروف الاحتجاز في سجن مبيمبا المركزي وسجن رومونج. وبالنظر إلى عدم ورود أي معلومات وجيهة من الدولة الطرف في هذا المضمار، تخلص اللجنة إلى أن المعلومات المقدمة تثبت أن هذه الظروف تشكل معاملة لا إنسانية ومهينة وتكشف عن انتهاك الدولة الطرف التزاماتها بمقتضى المادة 16 من الاتفاقية ( ) .

7 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف أحكام المواد 2 ( 1 ) و 11 و 12 و 13 و 14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، وكذلك أحكام المادة 16 ، من الاتفاقية.

8 - ونظر اً إلى أن الدولة الطرف لم ترد على طلبات اللجنة تقديم ملاحظات على هذه الشكوى، ورفضت، من ثم، التعاون مع اللجنة ومنعتها من النظر بفعالية في عناصر الشكوى، فإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تقرر أن قرار الدولة الطرف رفض التعاون معها ومن ثم تقييد قدرتها على النظر بفاعلية في عناصر البلاغ يشكل انتهاك اً من الدولة الطرف للمادة 22 من الاتفاقية. وتعرب اللجنة عن بالغ أسفها لكون الدولة الطرف لم تلبّ طلباتها المتكررة الداعية إلى تقديم ملاحظات بشأن هذا البلاغ، الأمر الذي حال دون نظر اللجنة في القضية وحل المسائل التي أثارها البلاغ بمقتضى الاتفاقية. وتأسف اللجنة أيض اً لأن عدم الاستجابة لطلبات اللجنة في القضية موضع النظر يشكل جزء اً من عدم التعاون الممنهج مع اللجنة في قضايا أخرى ( ) . ويتعارض عدم الاستجابة في هذه القضية وغيرها من القضايا مع قدرة اللجنة على الوفاء بمسؤولياتها عن النظر في البلاغات الفردية ويشكل إخلال اً صارخ اً ومتكرر اً وفادح اً بالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 22 من الاتفاقية.

9 - وتحث اللجنة الدولة الطرف على الآتي: (أ) فتح تحقيق نزيه ومعمق في الأحداث موضع النظر يتوافق تمام اً مع المبادئ التوجيهية لدليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول) قصد تقديم من قد يكونون مسؤولين عن المعاملة التي عومل بها صاحب البلاغ إلى العدالة؛ (ب) ومنح صاحب البلاغ تعويضاً مناسباً وعادلاً، بما في ذلك الوسائل اللازمة لإعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن؛ (ج) وتمكين صاحب البلاغ من الاستفادة من المساعدة القانونية عن طريق توكيل محام من اختياره؛ (د) والسماح لصاحب البلاغ بأن يفحصه طبيب يختاره بنفسه؛ (ه) وتمكين صاحب البلاغ من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة لحالته الصحية؛ (و) والسماح لصاحب البلاغ وممثله بالاطلاع على جميع الوثائق المتعلقة بإجراءات المحكمة المتخذة في حقه، بما فيها جميع القرارات السابقة التي قضت بها المحكمة؛ (ز) والعمل على عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10 - وتدعو اللجنة الدولة الطرف، عملاً بأحكام الفقرة ( 5 ) من المادة 118 من نظامها الداخلي، إلى إبلاغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار بالتدابير المتخذة استجابةً للملاحظات المذكورة أعلاه.