الأمم المتحدة

CAT/C/74/D/928/2019

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

15 November 2022

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 928/2019 * **

بلاغ مقدم من : محمد حاجب (يمثله المحامي رشيد مسلي من منظمة الكرامة)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : المغرب

تاريخ تقديم الشكوى : 30 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملاً بالمادة 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 24 نيسان/ أبريل 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اتخاذ هذا القرار : 22 تموز/يوليه 2022

الموضوع : التعذيب أثناء الاحتجاز

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والتدابير الرامية إلى منع ارتكاب أعمال تعذيب؛ والرصد المنتظم لحراسة المحتجزين ومعاملتهم؛ والتزام الدولة بالحرص على شروع السلطات المختصة في إجراء تحقيق فوري ونزيه؛ والحق في تقديم شكوى؛ الحق في الجبر

مواد الاتفاقية : المادة 1؛ والمادة 2(1)(2 )؛ والمادة 4(2 ) ؛ والمواد 11 و12 و13 و14 و15 و16

1- صاحب البلاغ هو محمد حاجب، وهو مغربي وألماني الجنسية، ولد في 23 أيار/مايو 198 1. ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت المادة 1 من الاتفاقية، فضلا ً عن المادة 2(1)(2 )، والمادة 4(2(، والمواد 11 و12 و13 و14 و15 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية فيما يتعلق به، والمادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بأقاربه. وكانت الدولة الطرف قد أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 22( 1) من الاتفاقية في 19 تشرين الأول/أكتوبر 200 6. ويمثل صاحب البلاغ محام من منظمة الكرامة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2009، ألقي القبض على صاحب البلاغ في باكستان أثناء مشاركته في أنشطة دينية في إطار جماعة التبليغ، وهي منظمة دينية دعوية نشطة ومرخصة في العديد من البلدان. وسجن لمدة خمسة أيام قبل نقله إلى سجن كويتا، حيث ظل محتجزا ً لمدة أربعة أشهر دون توجيه تهمة إليه. وقد أطلق سراحه دون محاكمة في شباط/فبراير 201 0.

2-2 وفي 17 شباط/فبراير 2010، استقل صاحب البلاغ الطائرة متوجها ً إلى ألمانيا. وفي مطار فرانكفورت، استجوبه اثنان من أفراد الشرطة لعدة ساعات بشأن أسباب طرده من باكستان، فأبلغهما صاحب البلاغ بنيته المغادرة إلى المغرب لتوه، حيث كانت أسرته تنتظره.

إلقاء القبض على صاحب البلاغ والمحاكمة غير العادلة

2-3 في 18 شباط/فبراير 2010، ألقي القبض على صاحب البلاغ، في الساعة الواحدة صباحا ً ، عند نزوله من الطائرة في الدار البيضاء من قبل خمسة موظفين من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قبل أن ينقل لتوه إلى مركز شرطة المعاريف في الدار البيضاء، حيث تعرض لأعمال تعذيب أثناء احتجازه لدى الشرطة لمدة اثني عشر يوما ً . ولم يبلغ أقارب صاحب البلاغ، الذين توجهوا إلى المطار لانتظاره، بخبر إلقاء القبض عليه.

2-4 وقام أفراد الشرطة بعصب عيني صاحب البلاغ وصفدوا يديه وقيدوا قدميه. وتم تجريده من ملابسه وركله وهو على الأرض. وفي نهاية احتجازه لدى الشرطة، في 1 آذار/مارس 2010، أجبر على التوقيع على محضر للشرطة القضائية بعد أن هدده أفراد الشرطة بإلقاء القبض على زوجته ووالدته من أجل تعذيبهما. وتم تأريخ المحضر بأثر رجعي إلى 19 شباط/فبراير 201 0.

2-5 ولم تعترف الشرطة القضائية باحتجاز صاحب البلاغ إلا بعد أربعة أيام من إلقاء القبض عليه، بعد أن اتخذ والداه خطوات عديدة للاستفسار عن مصيره. ومثل أمام وكيل الملك في 1 آذار/مارس 2010 ووجهت إليه تهمة تكوين جماعة إجرامية وتمويل الإرهاب، استنادا ً إلى المادتين 218-1 و218 - 4 من القانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب. وعلى الرغم من عدم وجود أي عنصر مادي أو دليل على ضلوع صاحب البلاغ في أعمال عنف، فقد وُضع رهن الحبس الاحتياطي في نفس اليوم في سجن سلا.

2-6 وقال صاحب البلاغ لقاضي التحقيق، أثناء مثوله أمام محكمة سلا، إنه تعرض لأعمال تعذيب في مركز شرطة المعاريف، بهدف إجباره على توقيع وثيقة لا تتطابق مع أقواله. ولم يأخذ قاضي التحقيق في الاعتبار شهادته ولا الآثار الواضحة للتعذيب وسوء المعاملة. وأضرب صاحب البلاغ عن الطعام في الفترة ما بين 10 أيار/مايو و2 حزيران/يونيه 2010، وهو تاريخ بدء محاكمته، احتجاجا ً على الطابع التعسفي للقبض عليه واحتجازه.

2-7 وفي 24 حزيران/يونيه 2010، مثل صاحب البلاغ أمام المحكمة. وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات بعد محاكمة سريعة، بتهمة محاولة الوصول إلى أفغانستان لمحاربة القوات المسلحة الأمريكية. واكتفى القضاة بالإشارة إلى محاضر الشرطة بالكامل، دون الأخذ بأقوال صاحب البلاغ أمام قاضي التحقيق والمحكمة التي ادعى فيها تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازه لدى الشرطة، وفي غياب أدلة مادية.

2-8 وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2010، أيدت محكمة الاستئناف في الرباط الحكم. بيد أن محكمة النقض ألغت الحكم في 22 حزيران/يونيه 2011 وأعادت القضية إلى محكمة الاستئناف نفسها لإعادة النظر فيها. وفي 9 كانون الثاني/يناير 2012، أيدت محكمة الاستئناف القرار الصادر عن المحكمة الابتدائية، ولكنها خفضت الحكم إلى خمس سنوات سجنا ً نافذا ً .

2-9 وفي جميع مراحل الدعوى، أشار صاحب البلاغ إلى أعمال التعذيب التي تعرض لها أثناء احتجازه لدى الشرطة. غير أنه لم يُفتح أي تحقيق في ذلك.

التعذيب وسوء المعاملة في السجن

2-10 في 16 أيار/مايو 2011، شارك صاحب البلاغ في حركة احتجاج عدة مئات من المحتجزين في سجن سلا ضد الطابع ال مجحف للأحكام الصادرة بحقهم. وردا ً على ذلك، نقل صاحب البلاغ في 17 أيار/مايو إلى سجن تولال ، حيث بقي هناك حتى 21 أيار/مايو 2011، وهو تاريخ إعادة إدخاله إلى سجن سلا. ولم تخطر السلطات أقاربه بعمليات نقله هذه، مما جعله في وضع احتجاز مع منع الاتصال لمدة خمسة عشر يوما ً يرقى إلى الاختفاء القسري. وطلب والد صاحب البلاغ، بسبب خشيته على مصير ابنه، توضيحات من المجلس الوطني لحقوق الإنسان في 18 أيار/مايو 201 1. وتمكنت القنصلية الألمانية أخيراً من التوصل إلى مكان وجوده في 31 أيار/مايو 2011 وأطلعت عائلته على أحواله.

2-11 وفي الفترة من 16 إلى 21 أيار/مايو 2011، تعرض صاحب البلاغ لتعذيب شديد على أيدي حراس سجني سلا وتولال . وعلى وجه الخصوص، تعرض للضرب على أجزاء مختلفة من الجسم، مما تسبب في ثقب طبلة أذنه اليمنى وكسر في أنفه. وقُيد في أوضاع مجهدة لفترات طويلة وهُدد بالاغتصاب. وتدهورت حالته النفسية بشكل كبير نتيجة لهذا الإيذاء، لدرجة أنه حاول الانتحار ونُقل مرة أخرى إلى المستشفى في حالة حرجة.

2-12 و تعرض صاحب البلاغ يوم نقله من سجن سلا إلى سجن تولال ، في 17 أيار/مايو 2011، للتعذيب بحضور موظفَيْن من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وزاره محام وممثل عن القنصلية الألمانية في سجن سلا بين 31 أيار /مايو و8 حزيران/يونيه 2011 ( ) . وذكر المحامي أن صاحب البلاغ كان يحمل ندوبا ً على يديه وقدميه نتيجة أعمال تعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة ( ) . وفي رسالة مؤرخة 30 حزيران/يونيه 2011، أبلغت السفارة الألمانية وزارة الخارجية المغربية بأن صاحب البلاغ "أصيب بجروح خطيرة" وأنه، وفقا ً لأقواله، تعرض لعدة حالات من سوء المعاملة والعنف الجسدي في سجني سلا وتولال . ونتيجة لمشاركته في حركة الاحتجاج التي جرت في 16 و17 أيار/مايو 2011، حكمت محكمة الاستئناف في سلا على صاحب البلاغ بالسجن لمدة سنتين إضافيتين في 10 أيلول/ سبتمبر 201 2.

2-13 وفي 30 أيار/مايو 2012، طلب والد صاحب البلاغ من وكيل الملك فتح تحقيق في أعمال التعذيب التي تعرض لها ابنه في سجني سلا وتولال . وبعث صاحب البلاغ رسالة في مناسبتين، في 8 حزيران/يونيه 2012 و26 أيار/مايو 2014، إلى وزارة العدل يطلب فيها إجراء فحص طبي عاجل لصاحب البلاغ لإثبات أعمال التعذيب المعنية، توخياً لتقديم شكوى جنائية ( ) . ولكن هذه المساعي لم تُسفر عن أي نتيجة.

2-14 وفي تموز/يوليه 2012، نقل صاحب البلاغ إلى سجن تيفلت، حيث بقي هناك حتى إطلاق سراحه في 18 شباط/فبراير 201 7. وفي نهاية أيار/مايو 2016، اشتكى مرة أخرى من الطابع التعسفي لاحتجازه، فضلا ً عن نظام احتجازه من خلال ارتداء زي برتقالي مماثل للزي الذي يرتديه سجناء غوانتانامو. وردا ً على ذلك، تعرض صاحب البلاغ مرة أخرى لأعمال تعذيب وسوء معاملة على أيدي حراس في السجن. وعلى وجه الخصوص، تعرض للحرق على ظهره بقضيب حديدي ملتهب وهو مقيد على سرير زنزانته حيث تم ربط قدميه بيديه وعصب عينيه. وتمكن من التقاط صور تظهر إصاباته داخل زنزانته ( ) . ويدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب بحضور مدير السجن ومنسق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

2-15 ولم يرغب صاحب البلاغ في عرض الوقائع على المحاكم خوفا ً من الانتقام مع اقتراب إطلاق سراحه. ولا يزال يحمل ندوب أعمال التعذيب هذه حتى اليوم، كما تبين عدة صور التقطت له في ألمانيا بعد إطلاق سراحه ( ) . وأتيحت له فرصة فحص إصاباته من قبل معهد الطب الشرعي في دوسلدورف في 13 نيسان/أبريل 201 7. كما خضع صاحب البلاغ لتقييم نفسي في ألمانيا، خلص إلى أنه يعاني من الاكتراب التالي للصدمة.

الرأي الصادر عن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي

2-16 في 26 تموز/ يوليه 2011، عرض صاحب البلاغ حالته على الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي الذي أصدر رأيا ً ، في 31 آب/أغسطس 2012، يصف فيه احتجاز صاحب البلاغ بأنه تعسفي ( ) . ولاحظ الفريق العامل أولا ً أن الاعترافات التي أدلى به صاحب البلاغ بعد إلقاء القبض عليه في مطار الدار البيضاء، أثناء احتجازه لدى الشرطة، حُصل عليها دون أن يسمح له بالاتصال بمحام وفي غياب دليل مادي. وعندما مثل صاحب البلاغ أمام قاضي التحقيق في حضور محام، نفى جميع الادعاءات الموجهة إليه علاوة على الاعترافات، مدعيا ً أنها انتزعت تحت التعذيب. وقد اكتفت حكومة المغرب، في ردها المرسل إلى الفريق العامل، بدحض وجود اعترافات منتزعة تحت التعذيب دون أن تثبت إجراء تحقيق مستقل وشفاف في هذه الادعاءات. وعليه، خلص الفريق العامل إلى حدوث انتهاك للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المرتبطتيْن ارتباطا ً مباشرا ً بالمواد 9 و10 و11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادتين 9 و14 من العهد. ورأى أن انتهاكات حق صاحب البلاغ في محاكمة عادلة ومنصفة اتسمت بقدر كاف من الخطورة يجعل احتجازه تعسفيا ً . وأحال الفريق العامل القضية أيضا ً إلى المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) .

2-17 ولم تتابع الدولة الطرف توصيات الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي قط ، سواء فيما يتعلق بالإفراج الفوري عن صاحب البلاغ أو فيما يتعلق بالجبر المناسب بموجب المادة 9( 5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر 2014، قدم محاميه طلبا ً إلى وزارة العدل لإعادة محاكمة صاحب البلاغ، مستشهدا ً ، في جملة أمور، برأي الفريق العامل، فرُفض الطلب. وعلى الرغم من الإفراج عن صاحب البلاغ في 18 شباط/فبراير 2017، فإنه لم يحصل على أي شكل من أشكال الجبر.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 1 من الاتفاقية والمادة 2(1)(2 )، والمادة 4(2(، والمواد 11 و12 و13 و14 و15 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية فيما يتعلق به، والمادة 16 فيما يتعلق بأسرته.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه مارس جميع سبل الانتصاف الممكنة، وتبيّن أنها غير فعالة. وفي جميع مراحل الدعوى القضائية، أبلغ عن أعمال التعذيب التي تعرض لها. ويذكّر بأن اللجنة رأت أنه يكفي أن تتقدم الضحية وتعرض الوقائع على سلطة حكومية لكي تكون الدولة ملزمة بأن تعتبر ذلك تعبيرا ً عن رغبة الشخص المعني في الشروع في فتح تحقيق فوري ونزيه ( ) .

3-3 وظل صاحب البلاغ، منذ إلقاء القبض عليه في 18 شباط/فبراير 2010، تحت حراسة السلطات المغربية؛ ولذلك ينبغي اعتبار أي ادعاء معادلا ً لشكوى جنائية. بيد أنه لم يتخذ أي إجراء بشأن ادعاءات التعذيب التي عرضت على القضاة في كل مرحلة من مراحل الدعوى ( ) . لذا، لا يمكن للدولة الطرف أن تدفع بعدم وجود شكوى منه بشأن أعمال التعذيب التي ارتكبت أثناء احتجازه لدى الشرطة ( ) .

3-4 وكرر صاحب البلاغ قوله إن الشكاوى المتعلقة بأعمال التعذيب التي تعرض لها في سجني سلا وتولال لم تتابع بأي إجراء من طرف السلطات، كما كرر أنه لم يرغب في عرض الوقائع التي حدثت في سجن تيفلت على المحاكم خوفا ً من الانتقام.

3-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يدفع صاحب البلاغ بأن المعاملة التي تعرض لها أثناء احتجازه لدى الشرطة في مركز شرطة المعاريف وأثناء احتجازه في سجون سلا وتولال وتيفلت ، تشكل تعذيبا ً بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية.

3-6 وألقي القبض على صاحب البلاغ دون أمر قضائي ودون إبلاغه بالتهم الموجهة إليه. ومُنع من الالتحاق بأسرته، كما أنه لم يحصل على مساعدة محام ولم يمثل أمام قاض إلا بعد انتهاء احتجازه لدى الشرطة، أي بعد اثني عشر يوما ً من إلقاء القبض عليه. وخلال هذه الفترة، حرم عمدا ً من حماية القانون ولم يستفد من أي إجراءات قانونية للنظر في ادعاءاته التعرض للتعذيب أو للطعن في مشروعية احتجازه. علاوة على ذلك، لم يتلق أي مساعدة طبية مستقلة، سواء أثناء احتجازه لدى الشرطة أو بعد جلسات الاستماع إليه أمام وكيل الملك وقاضي التحقيق. وعلى الرغم من أنه اشتكى مرارا ً وتكرارا ً مما خضع له من تعذيب واحتجاز مع منع الاتصال، أمام السلطات القضائية، فإن أقواله لم تتبعها إجراءات تحقيق، ولا تزال هذه الأفعال دون عقاب. ويمثل عدم رد السلطات انتهاكا ً للمادة 2 ( 1 ) ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية.

3-7 واستنادا ً إلى المادة 2(2) من الاتفاقية، يرى صاحب البلاغ أن أعمال التعذيب التي تعرض لها كانت مباحة وميسرة بسبب عدم وجود ضمانات أساسية واردة في القانون رقم 03-03، الذي أنشأ نظاما ً قانونيا ً استثنائيا ً في هذا المجال. ومنذ عام 2004، أعربت اللجنة عن قلقها إزاء الإطار القانوني لمكافحة الإرهاب في المغرب، بما في ذلك التمديد الكبير لفترة الاحتجاز لدى الشرطة، التي يكون احتمال التعرض للتعذيب خلالها أكبر، سواء تعلق الأمر بالقانون الجنائي العام أو قانون مكافحة الإرهاب ( ) . وفي عام 2011، أعربت اللجنة عن قلقها لأن أحكام القانون رقم 03-03 تمدد الفترة القانونية للاحتجاز لدى الشرطة، مما يزيد من خطر تعرض المشتبه فيهم المحتجزين للتعذيب، وذكّرت بأن المشتبه فيهم يكونون أكثر عرضة للتعذيب، على وجه التحديد، خلال الفترات التي لا يستطيعون الاتصال فيها بأسرهم ومحاميهم ( ) .

3-8 ويشكل عدم تنفيذ الأحكام المتعلقة بمقاضاة ومعاقبة الموظفين الذين يرتكبون أعمال تعذيب انتهاكا ً للمادة 4( 2) من الاتفاقية. وإن عدم إجراء التحقيق والمقاضاة، على الرغم من الادعاءات المتكررة التي أبلغت بها السلطات القضائية في الدولة الطرف فضلا ً عن الإجراءات الخاصة وهيئات المعاهدات التي تكون الدولة طرفا ً فيها ، هو ممارسة ثابتة لا تزال السلطات تتبعها.

3-9 واستنادا ً إلى المادة 11 من الاتفاقية، أشار صاحب البلاغ إلى أنه لم يستفد من الضمانات الإجرائية الكافية أثناء احتجازه لدى الشرطة. زد على ذلك أن الدولة الطرف لم تمتثل لالتزامها بموجب المادة 12 بإجراء تحقيق فوري ونزيه في ادعاءات التعذيب. ولم تف كذلك بمسؤوليتها بموجب المادة 13 بضمان حق صاحب البلاغ في تقديم شكوى إلى السلطات المختصة، التي يتعين عليها الاستجابة بشكل مناسب من خلال فتح تحقيق فوري ونزيه. وبذلك تكون الدولة الطرف قد حرمت صاحب البلاغ من إمكانية الحصول على جبر، من خلال دعوى مدنية أو جنائية، بموجب المادة 1 4.

3-10 وخلال التحقيق الأولي، أُجبر صاحب البلاغ على الاعتراف، تحت الإكراه ودون حضور محاميه، بالتزامه المزعوم بالإيديولوجية السلفية الجهادية واعتزامه محاربة القوات الأمريكية في أفغانستان. وطعن في القيمة الإثباتية للاعترافات الموقعة تحت التعذيب في كل مرحلة من مراحل ال دعوى المرفوعة ضده، دون جدوى. بيد أنها استُخدمت طوال إجراءات التحقيق والمحاكمة، مما يشكل انتهاكا ً للمادة 15 من الاتفاقية.

3-11 وأخيرا ً ، وقع صاحب البلاغ وأسرته ضحايا لمعاملة قاسية ولا إنسانية بالمعنى المقصود في المادة 16 من الاتفاقية طوال فترة احتجازه مع منع الاتصال في سجني تولال وسلا بين 17 و28 أيار/ مايو 201 1. وانتظر أقارب صاحب البلاغ أسبوعين للحصول على معلومات عن مصيره، لأن السلطات تعمدت عدم إبلاغهم بنقله إلى سجن تولال على الرغم من جميع الطلبات التي قدموها والإجراءات التي اتخذوها. وللتذكير، كانت السلطات القنصلية الألمانية هي التي أبلغت أقارب صاحب البلاغ عن مصيره بعد إفلاحها في تحديد مكانه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 تقدم الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أولا ً توضيحات بشأن القضيتين الجنائيتين اللتين حوكم وأدين فيهما صاحب البلاغ في المغرب.

4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ استجوب في مقر الشرطة القضائية في امتثال صارم للأحكام القانونية السارية وتحت الرقابة الفعلية للوكيل العام. وفي يوم إلقاء القبض عليه في مطار الدار البيضاء، احتُجز لدى الشرطة لمدة ست وتسعين ساعة، تم تجديدها مرتين بإذن من النيابة العامة ووفقا ً للمادة 66 من قانون المسطرة الجنائية. وخلافا ً لادعاءات صاحب البلاغ، لم يحتجز أبدا ً احتجازا ً مع منع الاتصال . وأبلغ بالتفصيل بالوقائع المشتبه في ارتكابه لها. وأُبلغت أسرته باحتجازه لدى الشرطة، في شخص والدته، التي تم الاتصال بها على هاتفها المحمول. وقد سجلت جميع هذه الجوانب الإجرائية في محضر استجواب الشرطة القضائية، الذي لم يطعن فيه صاحب البلاغ أو دفاعه فيما يتعلق بمضمونه، وفقا ً لما يسمح به القانون. وخلافا ً لما يدعيه صاحب البلاغ، فقد تمكن من قراءة محضر استجوابه ووقع عليه طواعية. علاوة على ذلك، تظهر كتابة التوقيع ورسمه بوضوح عدم وجود أي إجبار.

4-3 وفيما يتعلق بالادعاءات التي مفادها أن صاحب البلاغ أجبر على التوقيع على محضر استجوابه تحت تهديد أفراد الشرطة، تدفع الدولة الطرف بأن والديه لم يدليا قط ب ادعاءات في هذا الشأن أو يثيراها أو يدعيا أنهما تعرضا لضغوط أو تهديدات من جانب السلطات المغربية أو ي قدما شكوى في هذا الصدد.

4-4 وفي نهاية فترة احتجاز صاحب البلاغ لدى الشرطة، مثل أمام وكيل الملك في 1 آذار/ مارس 2010، ومثل، في اليوم نفسه، أمام قاضي التحقيق وخضع لجلسة استماع أولية بحضور محاميه ( ) . وكان صاحب البلاغ موضوع جلسة است ماع تفصيلية في 17 آذار/مارس 2010 أمام قاضي التحقيق، بحضور محاميه مرة أخرى ( ) . وفي تلك الجلسة، تراجع صاحب البلاغ عن أقواله التي أدلى بها أمام الشرطة القضائية فيما يتعلق بالأفعال المنسوبة إليه.

4-5 وبانتهاء التحقيق، أحال القاضي المسؤول القضية إلى محكمة الاستئناف في الرباط في 24 أيار /مايو 201 0. ثم مثل صاحب البلاغ أمام القضاء في محاكمة احترمت فيها حقوق الدفاع وجميع الضمانات المتأصلة في المحاكمة العادلة. وتمكن من الطعن في الإدانات في الدرجة الأولى والثانية، وفي 9 كانون الثاني/يناير 2012، خففت محكمة الاستئناف في الرباط عقوبته من عشر إلى خمس سنوات سجنا ً نافذا ً ( ) . وقدم صاحب البلاغ مرة أخرى طعنا ً لنقض هذا القرار، ورفض طعنه في 30 أيار/ مايو 201 2.

4-6 وفيما يتعلق بالقضية الثانية، توضح الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان سلوكه دائما ً ، أثناء مدة حبسه في سجن سلا، عدوانيا ً بوجه خاص تجاه موظفي السجن، ونظم عدة احتجاجات وصلت إلى حد التحريض على تمرد مثير في 16 أيار/مايو 2011، عرض السلامة البدنية لعدة مئات من الأشخاص للخطر، بما في ذلك سلامة المحتجزين أنفسهم ( ) . وقام - مع عشرات السجناء – بتسلق سطح السجن وأخذ موظفين في السجن رهائن هدّدهم بالقتل. وخلال هذه الأحداث، أصيب ما يقرب من 200 موظف بجروح خطيرة إضافة إلى التسبب في أضرار مادية هائلة، بما في ذلك تخريب أبواب الزنازين ونوافذها، علاوة على تدمير شبكة الكهرباء وأنابيب مياه الشرب. كما تم المس بالرموز الوطنية بسبب تمزيق العلم الوطني. وفي اليوم التالي، نقل المحتجزون المعنيون إلى سجون أخرى بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بسجن سلا، حتى يتسنى ترميم المبنى. وبذلك، نقل صاحب البلاغ إلى سجن تولال المحلي في 17 أيار/مايو 201 1.

4-7 ووضع صاحب البلاغ في زنزانة تأديبية نتيجة للتدابير التأديبية المتخذة بشأنه لضلوعه في تلك الوقائع. وفي سجن تولال ، ظل محتجزا ً لمدة أربعة أيام فقط. وفي 21 أيار/مايو 2011، نقل إلى سجن سلا 2 لتسهيل مثوله أمام محكمة الاستئناف في الرباط في إطار دعوى جديدة رفعت ضده. وفي هذا الصدد، ترفض الدولة الطرف رفضا ً قاطعا ً ادعاءات "الاحتجاز مع منع الاتصال الذي يرقى إلى الاختفاء القسري" والذي يُدعى أنه دام خمسة عشر يوما ً .

4-8 واستمعت الشرطة القضائية لأقوال صاحب البلاغ في 1 حزيران/ يونيه 2011، مما أتاح إثبات أنه المحرض الرئيسي على التمرد. وفي 2 شباط/فبراير 2012، قدم وكيل الملك المرافعة الختامية، وقرر قاضي التحقيق مقاضاة صاحب البلاغ بعد جلسة استماع أولية في 8 شباط/ فبراير 2012 وجلسة استماع تفصيلية في 23 شباط/فبراير 2012، بحضور محاميه ( ) . وفي 24 أيار/مايو 2012، مثل أمام محكمة الاستئناف في الرباط، التي أدانته بالسجن النافذ لمدة سنتين ونصف، وخفضت الحكم في الاستئناف في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2012 إلى مدة سنتين.

4-9 ولا تخفي الدولة الطرف دهشتها إزاء الادعاءات القائلة إن المحاكمة بشأن تنفيذ أعمال إرهابية كانت "سريعة" لأنها جرت في الفترة من 1 آذار/مارس 2010 إلى 30 أيار/مايو 201 2. وتؤكد أن صاحب البلاغ نقل في 12 تموز/يوليه 2012 إلى سجن تيفلت 1، بعد طلبه تقريب محل احتجازه من محل أسرته، قبل أن ينقل في 15 تموز/يوليه 2016 إلى سجن تيفلت 2 المجاور لسجن تيفلت 1. وقضى عقوبته في هاتين المؤسستين في إطار القانون و تمتع ، في الوقت نفسه، بجميع حقوقه بصفته محتجزا ً . وفي 18 شباط/فبراير 2017، أطلق سراحه بعد نهاية عقوبتَيْه، وفي 22 شباط/فبراير 2017، غادر المغرب متوجها ً إلى ألمانيا.

4-10 وتعترض الدولة الطرف على مقبولية الشكوى على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأن صاحب البلاغ، خلافا ً لادعاءاته، لم يثر قط - لا هو ولا دفاعه - أي ادعاء بالتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في إطار محاكمته فيما يتعلق بأنشطته الإرهابية، ولا أمام قاضي التحقيق، ولا حتى أمام محكمة الاستئناف في الرباط. كما أنه لم يقدم أي شكاوى إلى الهيئات القضائية أو المؤسسات الوطنية المختصة. ولم يثر دفاع صاحب البلاغ ادعاءاته بالتعرض للتعذيب وسوء المعاملة إلا في إطار القضية المتعلقة بالتمرد الذي حرض عليه.

4-11 وتدفع الدولة الطرف بأنه على الرغم من حفظ شكاو ى صاحب البلاغ ، ظلت سبل الانتصاف متاحة ل ه ل لمطالبة بحقوقه، علماً أن حفظ الشكاوى في حد ذاته ليس نهائيا ً إذا قدم الشخص المعني عناصر جديدة أو وجيهة لتمكين العدالة من تقييم ما يدعي أنه تعرض له.

4-12 وفيما يتعلق بظروف احتجاز صاحب البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أنه أمضى مدة احتجازه على الدوام في ظروف عادية تماما ً تفي بالمعايير الدولية في هذا المجال. وبعد تقديم شكاوى من أسرة صاحب البلاغ بشأن ادعاءات تعرضه لسوء المعاملة بعد التمرد الذي أثاره، أخضعته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لفحص جسدي في آب/أغسطس 2011، أجراه طبيب مختص أثبت أن صاحب البلاغ لم تظهر عليه أي علامات عنف أو تعذيب. ولقد كان يخضع لمتابعة طبية ملائمة على الدوام.

4-13 وكانت أسرة صاحب البلاغ تزوره أثناء احتجازه في سجن سلا 2 بانتظام، فضلا ً عن زيارات محاميه ( ) . وسمح له، لأنه يحمل الجنسية الألمانية، بتلقي عدة زيارات من موظفين معتمدين في القنصلية الألمانية في الرباط. كما كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتابع حالته عن كثب. وعلى وجه الخصوص، تلقى صاحب البلاغ زيارتين في 26 آذار/مارس 2015 و25 تموز/يوليه 2016 من طرف اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الرباط - سلا - القنيطرة وزيارة أخرى في إطار زيارة عامة للسجن. وتمكن وفد اللجنة الجهوية من مقابلته ومعاينة ظروف احتجازه. وقدم الوفد أيضا ً توصيات إلى مدير المؤسسة بشأن طول الفترة التي انتظرها صاحب البلاغ للوصول إلى الهاتف الثابت ومراسلاته، وكان ذلك من مواضيع الشكاوى التي قدمها والده.

4-14 وتمتع صاحب البلاغ بجميع حقوقه في السجن المحلي تيفلت 2 ، وهو مرفق حديث افتتح في عام 2016 ويستوفي معايير سجن مرضية. وكان محتجزا ً في زنزانة فردية تمتثل لجميع معايير التهوية والإضاءة والنظافة الصحية ومساحة مكان الاحتجاز، وكذلك كانت ظروف سجنه قبل نقله إلى سجن تيفلت 2. وتلقى هناك مراسلاته، فضلا ً عن الصحف والمجلات باللغتين العربية والألمانية. بالإضافة إلى ذلك، كان بإمكانه الوصول إلى الزنزانة المجاورة له، التي كانت غير مأهولة، لكي يعدّ فيها وجبات طعامه. وطوال فترة سجنه، استفاد من 44 استشارة طبية داخلية لحالات روتينية مع علاج الأعراض، وفحصه طبيب المؤسسة السجنية كلما طلَب ذلك، وعولج عندما اقتضت حالته الصحية ذلك. وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه نقل إلى المستشفى، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن ادعاء صاحب البلاغ لا أساس له على الإطلاق.

4-15 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لشكوى صاحب البلاغ المتعلقة بادعاءاته التعرض للتعذيب أثناء احتجازه لدى الشرطة، تؤكد الدولة الطرف من جديد أنه لم يثرها قط، كما أنه لم يقدم أي طلب لإجراء فحص طبي، على النحو المنصوص عليه في المادة 134 من قانون المسطرة الجنائية.

4-16 وفي سياق القضية الثانية المتعلقة بالتمرد، توضح الدولة الطرف أنه، استنادا ً إلى تقارير صحفية عن ادعاءات بشأن الحصول على اعترافات تحت الإكراه والتعذيب في السجن، وإلى المراسلتين اللتين بعثتهما وزارة العدل بشأنها في 25 تموز/يوليه و7 أيلول/سبتمبر 2011 إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الرباط، تم فتح تحقيق في 16 آب/أغسطس 201 1. وفي هذا السياق، استمعت النيابة العامة للمدير المكلف ب سلامة ال نزلاء في 20 أيلول/سبتمبر 2011، الذي ذكر أن صاحب البلاغ لم يتعرض في أي وقت من الأوقات لسوء المعاملة، ولم يقدم قط شكوى أو أي تظلم بسبب سوء المعاملة، لا أمام السلطات الإدارية ولا أمام السلطات القضائية. وذكر المدير، الذي أشرف شخصيا ً على عملية نقل صاحب البلاغ، أنه لم يلاحظ أي أثر للعنف عليه عندما نقل من سجن تولال 2 إلى سجن سلا 2. واستنادا ً إلى نتائج التحقيق، تقرر في 22 أيلول/سبتمبر 2011 حفظ الشكوى لعدم كفاية الأدلة. كما تلقى وكيل الملك، في 5 آذار/مارس 2013، شكوى قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن طريق وزارة العدل بشأن ادعاءات التعرض للتعذيب نفسها، التي تم حفظها أيضا ً لعدم كفاية الأدلة.

4-17 وأخيرا ً ، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يبدأ في إثارة ادعاءات الت عرض للت عذيب وسوء المعاملة إلا بعد التمرد الذي حرض عليه، وذلك بينما كانت دعوى النقض جارية ضد القرار الأول المتعلق بضلوعه في مشاريع إرهابية. وبذلك، أصبحت ادعاءات التعرض للتعذيب وسوء المعاملة وسيلة للدفاع بالنسبة إليه، حتى يُبرّأ من جميع التهم الموجهة إليه، بما في ذلك تلك التي وجهت إليه في السجن.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 أثار صاحب البلاغ مرة أخرى، في تعليقاته المؤرخة 15 نيسان/أبريل 2021، التعذيب الذي تعرض له. وبعد ذلك، يدفع صاحب البلاغ بأنه، خلافا ً لتأكيدات الدولة الطرف، لم يحتجز قط في زنزانة فردية تمتثل لجميع معايير التهوية والنظافة الصحية، بل وضع في عزل تام دون الحق في ضوء النهار والهواء النقي طوال مدة حبسه في سجن تيفلت. ونتيجة لذلك، اشتكى مرة أخرى، على نحو ما وصفه من قبل، من الطابع التعسفي لاحتجازه في نهاية أيار/مايو 2016، وهو ما سبب له التعرض لمزيد من الانتهاكات.

5-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يدفع صاحب البلاغ بأن القانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب لا ينص على إمكانية الاتصال بمحام إلا بعد ستة أيام ولمدة أقصاها ثلاثون دقيقة، دون ضمان السرية. ومع ذلك، لم يتمكن أي محام من زيارته طوال فترة الاثني عشر يوما ً من الاحتجاز لدى الشرطة، مما يشكل انتهاكا ً للقانون نفسه، وهو ما لا تعترض عليه الدولة الطرف. بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، خلال زيارته للمغرب في كانون الأول/ديسمبر 2013، أن العديد من القضايا المعروضة على المحاكم، وخاصة في قضايا الإرهاب، استندت كليا ً إلى اعترافات المتهمين، في غياب الأدلة المادية ( ) . وعلى الرغم من أن اللجنة أوصت الدولة الطرف بأن تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان صدور الإدانات الجنائية على أساس أدلة أخرى غير اعترافات المتهم، بما في ذلك عندما يتراجع المتهم عن اعترافاته أثناء المحاكمة ( ) ، فإن الاعتراف يشكل دائما ً ، في الممارسة القضائية، دليلا ً كافيا ً لإدانة المتهم.

5-3 وردا ً على ادعاءات الدولة الطرف بشأن عدم وجود شكوى التعرض للتعذيب، يشير صاحب البلاغ مرة أخرى إلى أنه ذكر ، منذ جلسة الاستماع الأولية أمام قاضي التحقيق، أنه تعرض لأعمال تعذيب في مركز شرطة المعاريف. أما فيما يتعلق بأعمال التعذيب التي تعرض لها في سجن سلا، والتي أُبلغ عنها في الوثائق الرسمية للسلطات القنصلية الألمانية، قرر صاحب البلاغ التزام الصمت، اقتناعا ً منه بأن النيابة العامة لن تفي بالتزامها على أي حال ولن تشرع كالعادة في إجراء تحقيق فوري ونزيه.

5-4 علاوة على ذلك، يذكر صاحب البلاغ أن والده بعث، منذ 8 حزيران/يونيه 2012، رسالة أولى إلى وزارة العدل يبلغها فيها بأن ابنه تعرض للتعذيب في سجني سلا 2 وتولال ، ووصف الإصابات الجسدية التي تعرض لها ابنه وصفا ً دقيقا ً . وفي رسالة تذكير موجهة إلى وزارة العدل في 26 أيار/ مايو 2014، وصف والد صاحب البلاغ بدقة أعمال التعذيب التي تعرض لها ابنه، وذكر أسماء مرتكبيها وطلب إجراء فحص طبي ل ا بنه وفتح تحقيق مستقل. ولم يتخذ أي إجراء بشأن هذه الرسالة، لأنه لو أجري هذا التحقيق بالفعل، كما تدعي الدولة الطرف، لكان قد استُمع إلى صاحب البلاغ في هذا الإطار، ولكان قد تسنى، بشكل واضح، إجراء فحص طبي لتحديد آثار أو مخلفات أعمال التعذيب المزعومة - وهو ما لم يكن كذلك.

5-5 وفي 19 أيار/مايو 2021 ، قدم صاحب البلاغ مقالا ً صحفيا ً بشأن قضيته ( ) .

ملاحظات إضافية من الطرفين

الدولة الطرف

6-1 في 15 تموز/يوليه 2021، نددت الدولة الطرف بإصرار صاحب البلاغ على تبرئة نفسه من الوقائع التي استُند إليها في القبض عليه ومقاضاته وإدانته في المغرب. وبالمثل، تعرب عن دهشتها بشأن الحجج التي ساقها صاحب البلاغ لتبرير عدم تقديم شكوى بشأن ادعاءاته التعرض للتعذيب المزعوم في سجن تيفلت، في حين أن النيابة العامة بدأت تحقيقات منذ عام 2011، استنادا ً إلى عدة شكاوى ورسائل من والديه، وحُفظت لعدم كفاية الأدلة.

6-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وبعد أن تلقى بالفعل في 30 أيار/مايو 2012 ( ) - وليس في 8 حزيران/يونيه 2012 ( ) ، كما يقول المحامي - شكوى من والدي صاحب البلاغ بأنه تعرض للتعذيب في سجن سلا 2، طلب في البداية من مدير السجن إعداد تقرير في الموضوع. وفي 25 تموز/يوليه 2012، أرسل المدير تقريره إلى الوكيل العام، الذي نفى فيه ادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة، وسلط الضوء على السلوك العدائي والعدواني لصاحب البلاغ تجاه موظفي السجن. وفي 3 آب / أغسطس 2012، أمرت النيابة العامة الشرطة القضائية في تيفلت بالاستماع إلى صاحب البلاغ ( ) . وفي 15 آب/أغسطس 2012، تم الاستماع إلى صاحب البلاغ بالفعل، خلافا ً لما يدعيه. وخلال جلسة الاستماع، زعم أنه تعرض للتعذيب في سجن سلا 2 خلال عام 201 1.

6-3 وتشير الدولة الطرف إلى أنه بناء على تعليمات من النيابة العامة - وعلى الرغم من أن صاحب البلاغ لم يعد يقيم في المغرب - استمعت الشرطة القضائية في سلا لعدد من موظفي سجن سلا 2 المذكورين في الشكوى التي قدمها والداه. ونفوا جميعا ً ادعاءات صاحب البلاغ، بما في ذلك أنه كان مكبلا ً . وأوضحوا أيضا ً ، فيما يتعلق بادعاءات وضع صاحب البلاغ في الحبس الانفرادي، أنه وضع في زنزانة فردية بسبب ملفه الشخصي كسجين، وفقا ً لما يسمح به القانون، من أجل منع تأثيره على المحتجزين الآخرين وتجنب أي محاولة أخرى للتمرد. ولذلك قررت النيابة العامة حفظ هذه الشكوى، كما هو الحال بالنسبة إلى الشكاوى الأخرى، لأن نتائج التحقيق لم تثبت صحة ادعاءات صاحب البلاغ. وأُبلغ والده بأن هذه الشكوى حُفظت.

6-4 وفيما يتعلق برسالة والد صاحب البلاغ المؤرخة 26 أيار/مايو 2014، التي يطلب فيها إخضاع ابنه لحفص طبي، تشير الدولة الطرف إلى أن النيابة العامة لم تتلق أي طلب في هذا الصدد، مع العلم أن صاحب البلاغ رفض أيضا ً حضور موعد طبي في إطار استشارة طبية خارجية.

6-5 وفيما يتعلق بادعاءات التعرض للتعذيب في أيار/مايو 2016، تشير الدولة الطرف إلى أنه بناء على تعليمات من الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في الرباط، استمعت دائرة الشرطة القضائية التابعة لمقر شرطة الرباط - سلا - تمارة - الخميسات إلى المدير السابق للسجن المحلي تيفلت 1، ومنسق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في سجن تيفلت 1، وموظفين آخرين عملوا جميعهم في نفس السجن وفي نفس الوقت. وأتاحت جلسات الاستماع التحقق من أنه - خلافا ً لادعاء صاحب البلاغ – لا يتيح هيكل السرير في زنزانته تكبيله أو حتى تقييده. وبالمثل، لا يسع الدولة الطرف إلا أن تشكك في قدرة محتجز معصوب العينين، على حد قوله، على تأكيد وجود أو عدم وجود شخص معين.

6-6 وبيّنت جلسات الاستماع أيضا ً أن صاحب البلاغ كان يرتدي الزي البرتقالي احتجاجا ً على جملة أمور منها قرار المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عدم حجز غرفة زيارة حصر ا ً لأسر المحتجزين المدانين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، في إطار إدارة هذه الفئة من المحتجزي ن . أما بالنسبة إلى تأكيدات صاحب البلاغ التي نفى من خلالها كونه المحرض على التمرد في سجن سلا في عام 2011، فقد ناقضها اليوم بنفسه علنا ً من خلال تصريحاته الواضحة والمنتظمة على قناته على يوتيوب، حيث يفتخر بأنه كان القائد الرئيسي للتمرد، الذي يصفه بأنه "ملحمة".

6-7 وتبلغ الدولة الطرف اللجنة بنشر اثنين من زملائه المحتجزين مقاطع فيديو، تؤكد مسيرته القتالية في تنظيم القاعدة. وبالنظر إلى طبيعة ادعاءات صاحب البلاغ - وعلى الرغم من عدم وجوده في الإقليم الوطني - أمر الوكيل العام بفتح تحقيق لا يزال جاريا ً .

6-8 وفي 24 آب/أغسطس 2021، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بنشر صاحب البلاغ مقطع فيديو على المنتديات الإلكترونية للتواصل الاجتماعي يمجد فيه الإرهاب بصورة صريحة وعلنية ويحرض على الكراهية والعنف ضد المغرب ومؤسساته.

صاحب البلاغ

7-1 في 6 أيلول/سبتمبر 2021، أكد صاحب البلاغ أنه لم يكن على اتصال بالمحتجزيْن المزعوميْن. وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن النيابة العامة لم تتلق أي طلب لإجراء فحص طبي، يذكر صاحب البلاغ في شكواه التي أحيلت إلى وزارة العدل في 26 أيار/مايو 2014 والمسجلة تحت رقم 24505، أن والده كرر طلبه إجراء فحص طبي ( ) .

7-2 ويشير صاحب البلاغ إلى أن والده اتخذ خطوات عديدة بشأنه، في الفترة بين إلقاء القبض عليه وإطلاق سراحه. ف توجه أولا ً إلى المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي راسل وزارة العدل في 25 شباط / فبراير 2010، لطلب فتح تحقيق في ظروف إلقاء القبض على صاحب البلاغ وظروف احتجازه ( ) . وفي 18 أيار/مايو 2011، قدم والد صاحب البلاغ طلبا ً إلى الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لفتح تحقيق في قضية ابنه، بعد أن فقدت أسرته كل اتصال به أثناء احتجازه في سجن سلا. وأخيرا ً ، اشتكى والد صاحب البلاغ بشأن التعذيب الذي تعرض له ابنه في سجني سلا وتولال .

7-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه على الرغم من محاولة الدولة الطرف نفي ادعاءات التعذيب، فإن عدة تقارير لأطباء ألمان تثبت أثر هذا التعذيب على صحته. وبذلك، يبين تقرير أعده طبيب ألماني مختص في الأعصاب والطب النفسي في 25 حزيران/يونيه 2018 أن صاحب البلاغ يعاني من اضطرابات عصبية وأنه يتلقى متابعة نفسية منتظمة منذ عام 201 7. كما يشير تقرير آخر أعده خبير طبي لوكالة العمل الألمانية، مؤرخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2018، إلى عجز صاحب البلاغ خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة، مضيفا ً أنه لا يمكن استبعاد العجز الدائم عن العمل أيضا ً ( ) . واليوم، تبلغ نسبة إعاقة صاحب البلاغ الناجمة عن التعذيب الذي تعرض له خلال احتجازه في المغرب 50 في المائة، كما تبين بطاقة الإعاقة التي حصل عليها.

7-4 وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2021، أوضح صاحب البلاغ، ردا ً على مقطع الفيديو الذي قدمته الدولة الطرف، أنها أرسلت عدة طلبات إلى النيابة العامة الألمانية، استنادا ً إلى مقاطع فيديو مماثلة، لمقاضاته جنائيا ً بحجة أنه دعا إلى العنف الإرهابي، ورفضها وكيل الجمهورية في دويسبورغ على أساس أن تصريحات صاحب البلاغ المنشورة على حسابه على فيسبوك هي مجرد تعبيرات عن رأي سياسي. وأخيرا ً ، ألغت لجنة مراقبة الملفات في الإنتربول في 8 شباط/فبراير 2021 مذكرة توقيف دولية أصدرتها الدولة الطرف وخلصت إلى أن بيانات صاحب البلاغ لا تمتثل للقواعد المطبقة على معالجة البيانات الشخصية في نظام الإنتربول للمعلومات.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، يتعين أن تبت اللجنة فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية، من أنه لم ينظر في المسألة نفسها، ولا يجرى النظر فيها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قد أُبلغا بشأن حالة صاحب البلاغ في عام 201 2. ومثل هذه الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات ليست جزءا ً من إجراء للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية بموجب المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية. لذا، فإن النظر في قضية صاحب البلاغ، في إطار هذه الإجراءات، لا يؤدي إلى عدم مقبولية البلاغ بموجب هذه المادة ( ) .

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية الشكوى لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، مشيرةً إلى أن صاحب البلاغ ومحاميه لم يثيرا ادعاءات التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء احتجازه لدى الشرطة أمام وكيل الملك أو قاضي التحقيق أو المحكمة أثناء محاكمته. ويجيب صاحب البلاغ بأنه ذكر أعمال التعذيب هذه في جميع مراحل الدعوى.

8-3 وتلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أن صاحب البلاغ لم يتمكن من الاتصال بمحام أثناء احتجازه لدى الشرطة، وهو ما لم تعترض عليه الدولة الطرف، فقد كان مؤازرا ً بمحام بالفعل خلال جلسات الاستماع التي أجراها قاضي التحقيق في 1 و17 آذار/مارس 201 0. ويدعي صاحب البلاغ أنه اشتكى أمام قاضي التحقيق - وكذلك أثناء المحاكمة – من انتزاع اعترافاته تحت التعذيب. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أن محاضر الاستماع الأولية والتفصيلية لصاحب البلاغ من قبل قاضي التحقيق تثبت أنه تراجع عن أقواله التي أدلى بها للشرطة، فإنه لم يذكر فيها أي ادعاءات بانتزاع الاعترافات تحت التعذيب. كما تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعترض أو يعلق على محضري جلستي الاستماع اللذين قدمتهما الدولة الطرف.

8-4 علاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أي نسخة من أي شكاوى أو أحكام قضائية صادرة عن المحاكم المحلية لإثبات أنه أثار بالفعل انتزاع الاعترافات تحت التعذيب في جميع مراحل الدع و ى، كما يدعي. كما أنه لم يثر عدم القدرة على تقديم نسخة في هذا الصدد. وأخيرا ً ، تلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أن صاحب البلاغ يدعي أن والديه أشارا، في رسالة مؤرخة 25 آذار/ مارس 2014، موجهة إلى المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إلى اعترافات موقعة تحت التعذيب، فإن صاحب البلاغ لم يقدم نسخة منها رغم أنه قدم نسخا ً لشكاوى أخرى رفعها والداه نيابةً عنه. علاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم إليها بالفعل، في سياق القضية الثانية المتعلقة به بشأن التمرد الذي وقع في 16 أيار/مايو 2011، نسخا ً من الشكاوى التي قدمها والده والتي تضمنت ختم الإقرار بالاستلام من كتابة الضبط في وزارة العدل. بالإضافة إلى ذلك، بدأ تحقيق في 16 آب/ أغسطس 2011 في ادعاءات الاعترافات القسرية والتعذيب بعد التمرد. ولم تتلق اللجنة أي تفسير لعدم تمكن صاحب البلاغ من إثبات ذلك، على افتراض أن محاميه وأسرته أثاروا الأمر في عدة مراحل من دعوى التعرض للتعذيب خلال الاحتجاز لدى الشرطة، على غرار ما يفعل بالنسبة إلى الشكاوى التي ادعى فيها التعرض للتعذيب بعد التمرد. علاوة على ذلك، لم ترد أي إشارة في هذه الشكاوى إلى التعذيب أثناء احتجازه لدى الشرطة. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة، عملا ً بالمادة 22(5)(ب) من الاتفاقية، إلى أن صاحب البلاغ لم يتمكن من إثبات أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية بشأن ادعائه المتعلق بالتعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز لدى الشرطة وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، بموجب المادة 12، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ( ) ، وبشأن استخدام اعترافات انتزعت تحت التعذيب في محاكمته، بموجب المادة 1 5. وعليه، فإن هذه الشكاوى غير مقبولة.

8-5 وتحيط اللجنة علما ً بأقوال صاحب البلاغ التي مفادها أنه لم يقدم شكوى بشأن التعذيب الذي تعرض له في أيار/مايو 2016 في سجن تيفلت خوفا ً من الانتقام مع اقتراب إطلاق سراحه. ومع ذلك، تحيط اللجنة علما ً بما أفادت به الدولة الطرف أن الشرطة استمعت - بناء على تعليمات من وكيل الملك - للمدير السابق للسجن المحلي في تيفلت 1، ومنسق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في سجن تيفلت 1، وموظفين آخرين عملوا جميعا ً في نفس السجن وفي نفس الوقت. غير أن الدولة الطرف ل م توضح مآل هذا التحقيق، ولم تذكر ما إذا كانت سلطات التحقيق قد استمعت إلى صاحب البلاغ وأمرت بإجراء فحص طبي له أو ما إذا كانت قد أخذت في الاعتبار الفحوص الطبية التي أجراها صاحب البلاغ في ألمانيا. وبالنظر إلى عدم تقديم الدولة الطرف معلومات ذات صلة من شأنها إثبات أنه كان بإمكان صاحب البلاغ الاستفادة من تحقيق فعال، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تثبت أن سبل الانتصاف القائمة قد أتيحت عمليا ً لصاحب البلاغ لتقديم شكوى بشأن أعمال التعذيب التي تعرض لها في أيار/مايو 2016، لإعمال حقوقه بموجب الاتفاقية.

8-6 وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ، بموجب المادة 2( 2) من الاتفاقية، بأن ما سمح بتعريضه ل أعمال التعذيب ويسّره هو غياب ضمانات أساسية في القانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب. بيد أنها تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل في هذا الشأن، بل استند في ادعاءاته إلى إفادات عامة. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 2( 2) من الاتفاقية غير مقبول لعدم وجود أدلة كافية بموجب المادة 22 من الاتفاقية والمادة 113(ب) من نظامها الداخلي.

8-7 وأخيرا ً ، تحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ التي مفادها أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب المادة 4 من الاتفاقية، وأنه وضع في الحبس الانفرادي، خلافا ً للمادة 1 6. بيد أنها ترى أن صاحب البلاغ لم يدعم هذه الشكاوى بالأدلة لأغراض المقبولية ( ) .

8-8 ولا ترى اللجنة، في إطار المادة 22( 4) من الاتفاقية والمادة 111 من نظامها الداخلي، أي عقبة أخرى أمام مقبولية الشكوى وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية بموجب المادة 2( 1) والمواد من 11 إلى 14، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية فيما يتعلق بصاحب البلاغ، والمادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بأسرته.

الأسس الموضوعية

9-1 عملاً بالمادة 22( 4) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

9-2 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ أن الإيذاء البدني الذي تعرض له داخل سجني سلا وتولال ، في أعقاب التمرد الذي وقع في 16 أيار/مايو 2011، ثم في سجن تيفلت في أيار/مايو 2016، يشكل أعمال تعذيب بموجب المادة 1 من الاتفاقية: في أيار/مايو 2011، تعرض، على وجه الخصوص، للضرب من قبل الحراس على أجزاء مختلفة من جسده، مما تسبب في ثقب طبلة أذنه اليمنى وكسر في أنفه، كما كان مقيدا ً في أوضاع مجهدة لفترات طويلة وهُدد بالاغتصاب؛ وفي أيار/مايو 2016، تعرض كذلك للحرق على ظهره بواسطة قضيب حديدي ملتهب وهو على سرير زنزانته مربوط اليدين بالقدمين ومعصوب العينين. أما بالنسبة إلى أعمال التعذيب التي تعرض لها في أيار/مايو 2011، فقد تمكن محام وممثل عن قنصلية ألمانيا من معاينة ندوب على يديه وقدميه. وتدفع الدولة الطرف بأن فحصا ً طبيا ً أجري في آب/أغسطس 2011 أثبت أن صاحب البلاغ لم تظهر عليه أي علامات عنف أو تعذيب. غير أن الدولة الطرف لم تقدم نسخة من هذا الفحص الطبي ولم تذكر رأي الخبير بشأن مدى توافق ندوب صاحب البلاغ مع أعمال التعذيب. علاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن والد صاحب البلاغ طلب من وزارة العدل في 26 أيار/مايو 2014 إجراء فحص طبي مستقل لأذن صاحب البلاغ اليسرى دون جدوى، مما سبب له الكثير من المعاناة. وفيما يتعلق بأعمال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ في أيار/مايو 2016، تحيط اللجنة علما ً بصور ندوب صاحب البلاغ وتقارير طبية صادرة عن السلطات الألمانية. وفي غياب معلومات مقنعة من الدولة الطرف للطعن في هذه الادعاءات، ترى اللجنة أن الإيذاء البدني والإصابات التي يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض لها أثناء احتجازه في سجني سلا وتولال في أيار/مايو 2011، وفي سجن تيفلت في أيار/مايو 2016، يشكلان تعذيبا ً بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

9-3 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 2(1) من الاتفاقية، تذكّر اللجنة بأنها أعربت عن قلقها إزاء ادعاءات تتعلق في جملة أمور بالتعذيب وسوء المعاملة وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب ( ) في الدولة الطرف، وحثتها على اتخاذ تدابير فورية ملموسة للتحقيق في أعمال التعذيب، ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم، فضلا ً عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان صدور الإدانات الجنائية على أساس أدلة أخرى غير اعترافات المتهم، ولا سيما عندما يتراجع عن اعترافاته أثناء المحاكمة. وفي هذه القضية، أدين صاحب البلاغ بارتكاب أعمال إرهابية على أساس اعترافاته فقط. وفي ضوء ما سلف، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 2(1)، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

9-4 وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بحجة صاحب البلاغ بموجب المادة 11 من الاتفاقية، ومفادها أنه أثناء احتجازه لدى الشرطة: (أ) لم يكن بإمكانه الاتصال بمحام؛ (ب) لم يتلق مساعدة طبية؛ (ج) ألقي عليه القبض دون إبلاغه بالتّهم الموجهة إليه؛ (د) لم تبلغ أسرته بإلقاء القبض عليه. بالإضافة إلى ذلك، تعرض صاحب البلاغ للتعذيب وسوء المعاملة والشطط على أيدي سلطات السجن في أيار/مايو 2011 وأيار/مايو 2016، ولم يستفد من سبل انتصاف فعالة للطعن في التعذيب وسوء المعاملة. وتشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للمغرب، الت ي أعربت فيها عن أسفها لعدم وجود معلومات بشأن التنفيذ العملي للضمانات الأساسية، مثل كفالة زيارة طبيب مستقل وإخطار الأسرة ( ) . وفي هذه الحالة، قدمت الدولة الطرف معلومات عن ظروف احتجاز صاحب البلاغ، وإبلاغ والدته بإلقاء القبض عليه، وإبلاغه بالتهم الموجهة إليه، ومتابعته الطبية وشكاواه من سوء المعاملة أثناء الاحتجاز فيما يتعلق حصرا ً بفترة ما بعد التمرد الذي وقع في 16 أيار/مايو 2011، على الرغم من أنه كان محتجزا ً منذ 18 شباط/فبراير 201 0. وبالنظر إلى غياب أي معلومات من الدولة الطرف تثبت أن فترة احتجاز صاحب البلاغ بأكملها - خاصة أثناء احتجازه لدى الشرطة - كانت خاضعة بالفعل لمراقبتها، وفي غياب أي دليل على معالجة فعالة لشكاوى صاحب البلاغ بشأن أعمال التعذيب التي تعرض لها بعد التمرد الذي وقع في 16 أيار/مايو 2011، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 11 من الاتفاقية ( ) .

9-5 ويجب أن تحدد اللجنة بعد ذلك ما إذا كانت الدولة الطرف قد أجرت تحقيقات نزيهة في أعمال التعذيب التي يدعى ارتكابها في أيار/مايو 2011 وأيار/مايو 2016، على النحو المنصوص عليه في المادة 12 من الاتفاقية. وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ التالية: (أ) اشتكى والده صراحة لوكيل الملك في 30 أيار/مايو 2012، ووزارة العدل في 8 حزيران/يونيه 2012، من أعمال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ في أيار/مايو 2011، وطلب من وزارة العدل، في 26 أيار/مايو 2014، إجراء فحص طبي؛ و(ب) أكد محام وموظف في القنصلية الألمانية - بعد أن قاما ً بزيارته - آثار التعذيب ال ذي ادعى التعرض له في أيار/مايو 2011؛ و(ج) ت شهد عدة صور وتقارير أصدرها أطباء ألمان في عام 2018 على التعذيب الذي تعرض له في أيار/مايو 2016 وتأثير هذا التعذيب على صحته؛ و(د) لم يستمع إليه في أي وقت من الأوقات ولم يصدر أمر لإجراء أي فحص طبي. وتدفع الدولة الطرف، فيما يتعلق بالتعذيب الذي تعرض له في أيار/مايو 2011، بأن وكيل الملك طلب في مرحلة أولية من مدير السجن إعداد تقرير، صدر في 25 تموز/يوليه 2012، وبأن النيابة العامة أمرت الشرطة القضائية في تيفلت في 3 آب/أغسطس 2012 بالاستماع إلى صاحب البلاغ، وبأنه استمع إلى مقدم البلاغ بالفعل، في 15 آب/أغسطس 2012، خلافا ً لما يدعيه. وفيما يتعلق بأعمال التعذيب التي تعرض لها في أيار/ مايو 2016، تشير الدولة الطرف إلى أنها بادرت إلى فتح تحقيق، وتؤكد الاستماع إلى عدد من موظفي السجن. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لا يدحض هذه الادعاءات للدولة الطرف، خاصة أنه قد استمع إليه في الواقع في 15 آب/أغسطس 201 2.

9-6 وتلاحظ اللجنة ما يلي: (أ) حُفظت التحقيقات الثلاثة التي فتحت في ادعاءات التعذيب الذي ارتكب في أيار/مايو 2011 لعدم كفاية الأدلة؛ و(ب) استُمع إلى صاحب البلاغ في تحقيق واحد منها فقط؛ و(ج) لم يصدر أمر بإجراء فحص طبي في أي من هذه التحقيقات، على الرغم من الطلب الصريح الذي قدمه والد صاحب البلاغ في 26 أيار/مايو 2014 وعلى الرغم من علامات التعذيب الواضحة عليه والتي لاحظها محاميه وممثل عن القنصلية الألمانية. وفيما يتعلق بالتحقيق الذي بدأ بمبادرة السلطات في ادعاءات التعذيب الذي تعرضه له في أيار/مايو 2016، تلاحظ اللجنة أيضا ً عدم الاستماع إلى صاحب البلاغ وعدم إجراء فحص طبي له، على الرغم من الآثار الموجودة على جسده، التي تؤكدها صور وفحوص طبية أجريت في ألمانيا بعد الإفراج عنه. علاوة على ذلك، لم تبلغ الدولة الطرف اللجنة بنتيجة هذا التحقيق. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن النحو الذي سارت عليه التحقيقات في ادعاءات تعذيب صاحب البلاغ في أيار/مايو 2011 وأيار/مايو 2016 يتنافى مع التزام الدولة الطرف، بموجب المادة 12 من الاتفاقية، بضمان إجراء السلطات المختصة لتحقيق فوري ونزيه كلما وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب قد ارتُكب ( ) .

9-7 وفي ضوء ما سبق، لا ترى اللجنة ضرورةً للنظر في شكاوى صاحب البلاغ كل واحدة على حدة بموجب المادة 13 من الاتفاقية ( ) .

9-8 وفيما يتعلق بالمادة 14 من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي أنه يعاني من آثار بدنية ونفسية نتيجةً للإيذاء الذي لحق به. وقد حال عدم إصدار وكيل الملك أمراً بإجراء فحص طبي لصاحب البلاغ دون استفادته من تدابير إعادة التأهيل والتعويض والرعاية وضمانات بعدم تكرار الجريمة. وعليه، ترى اللجنة أن عدم إجراء تحقيق فوري ونزيه حرم صاحب البلاغ من إمكانية التمتع بحقه في الجبر، وفي ذلك انتهاك للمادة 14 من الاتفاقية ( ) .

9-9 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ أن أسرته لم تبلغ بنقله في 17 أيار/مايو 2011 إلى سجن تولال ، ولم تحصل على معلومات عن أحواله إلا في 28 أيار/مايو 2011 من طرف السلطات القنصلية الألمانية، وليس من طرف السلطات المغربية. وفي 18 أيار/مايو 2011، أبلغ والد صاحب البلاغ المجلس الوطني لحقوق الإنسان بانقطاع الاتصال بابنه منذ 17 أيار/مايو 2011، و طلب في الوقت نفسه إجراء تحقيق في مصيره، ولكنه لم يتلق أي رد. وأخيرا ً ، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدحض هذه الادعاءات. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن عدم وجود معلومات عن مصير صاحب البلاغ، لمدة أسبوعين تقريبا ً ، سبّب لأسرته القلق والمعاناة، وأن السلطات لم تكن مبالية بجهود أسرته لتسليط الضوء على ما حدث له، بعد التمرد الذي وقع في 16 أيار/مايو 2011 وعلى مكان وجوده. وفي غياب تفسيرات من جانب الدولة الطرف، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بأسرة صاحب البلاغ ( ) .

10- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22( 7) من الاتفاقية، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 2( 1) والمواد 11 و12 و14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية فيما يتعلق بصاحب البلاغ، والمادة 16 من الاتفاقية فيما يتعلق بأسرته.

11- وتحث اللجنة الدولة الطرف على القيام بما يلي: (أ) فتح تحقيق شامل ونزيه في الأحداث المشار إليها، بما يتفق تماماً مع المبادئ التوجيهية لدليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول) قصد تقديم الأشخاص، الذين يمكن أن يكونوا مسؤولين عن المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ، إلى العدالة؛ و(ب) منح صاحب البلاغ وأسرته تعويضاً كافياً و عادلاً، بما في ذلك الوسائل اللازمة لإعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن؛ و(ج) الامتناع عن ممارسة أي شكل من أشكال الضغط أو التخويف أو الانتقام التي من شأنها أن تضرّ بالسلامة البدنية والمعنوية لصاحب البلاغ، و سي شكل عدم الامتناع عن ذلك انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف بموجب الاتفاقية بأن تتعاون مع اللجنة بحسن نية من أجل تطبيق أحكام الاتفاقية؛ كما أنّ الدولة الطرف ملزمة بضمان عدم تكرار انتهاكات مماثلة.

12- وتدعو اللجنة الدولة الطرف، عملاً بأحكام المادة 118( 5) من نظامها الداخلي، إلى إبلاغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير المتخذة استجابةً للملاحظات المذكورة أعلاه.