الأمم المتحدة

CAT/C/74/D/949/2019

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

14 February 2023

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 949/2019 * **

بلاغ مقدم من : أ. س. (تمثله المحامية ريبيكا آلستراند )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: السويد

تاريخ الشكوى: 26 تموز/يوليه 2019 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 30 تموز/يوليه 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد هذا القرار: 27 تموز/يوليه 2022

الموضوع: ترحيل صاحب الشكوى من الدانمرك إلى جمهورية إيران الإسلامية

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب في حال الترحيل إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية )؛ ومنع التعذيب

المسألة الإجرائية: المقبولية – الاختصاص الموضوعي

مادة الاتفاقية : 3

1 - 1 يُدعى صاحب البلاغ أ. س.، وهو من مواطني جمهورية إيران الإسلامية ومن مواليد عام 198 9. قُوبِل طلب لجوئه في الدولة الطرف بالرفض وبات عرضةً لخطر الترحيل إلى جمهورية إيران الإسلامية. وهو يدّعي أن الدولة الطرف، في حال تنفيذها قرار ترحيله، ستنتهك حقوقه المكفولة بموجب المادة 3 من الاتفاقية. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان المطلوب عملاً بالمادة 22 ( 1) من الاتفاقية الذي أصبح نافذاً اعتباراً من 8 كانون الثاني/يناير 198 6. وتُمثِّل صاحب الشكوى محامية.

1 - 2 وفي 30 تموز/يوليه 2019 ، أرسلت اللجنة عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، طلباً إلى الدولة الطرف بالامتناع عن ترحيل صاحب الشكوى ما دامت قضيته قيد النظر .

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 في عام 2013 ، أصبح صاحب الشكوى مهتماً بالديانة المسيحية عن طريق زميل له في العمل، وكان مقيماً في جمهورية إيران الإسلامية. وبدأ بالمشاركة في أنشطة كنيسة منزلية على أساس اجتماعات أسبوعية، وتَعَرَّف عن طريق كنيسته على الكنيسة السبتية في أرمينيا. وسافر صاحب الشكوى عدة مرات إلى أرمينيا في عامي 2013 و 2014 ، وتلقى التعميد هناك في تشرين الأول/أكتوبر 201 4. وفي حزيران/يونيه 2015 ، علم أن السلطات الإيرانية اكتشفت الكنيسة المنزلية التي يشارك فيها، وأن أجهزة الاستخبارات ألقت القبض على قادة الكنيسة. وخشي من أن يكون قد جرى الإبلاغ عنه، ففرَّ إلى أرمينيا في 28 حزيران/يونيه 201 5. وبعد أن مكث هناك بضعة أشهر، سافر إلى السويد للإقامة مع شقيقته . ووصل إلى السويد في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 201 5. وبعد مرور أسبوعين، قام أفراد من جهاز الاستخبارات بتفتيش منزله في جمهورية إيران الإسلامية، وأُبلغت شقيقته ووالدته بأنه يجب على صاحب الشكوى الحضور إلى دائرة الاستخبارات.

2 - 2 وفي حزيران/يونيه 2017 ، شُخصت إصابة صاحب الشكوى على أنها ورم في الغدة النخامية وتستلزم معالجة لمدة أربع سنوات على الأقل. وقِيل له إنه إذا توقف عن العلاج، هناك احتمال بأن يؤدي ذلك إلى العمى أو حتى إلى الموت المبكر. وكان صاحب الشكوى يعاني أيضاً من عدم الاستقرار النفسي والاكتراب التالي للصدمة. وفي تاريخ غير محدد، نُقل إلى عيادة مغلقة للطب النفسي بسبب أفكاره الانتحارية ومحاولات شنق نفسه.

2 - 3 وقدّم صاحب الشكوى طلب لجوء في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 201 5. وفي 6 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، رفضت الوكالة السويدية لشؤون الهجرة طلبه. وفي حين أقرَّت الوكالة بأن صاحب الشكوى حضر اجتماعات إحدى الكنائس في جمهورية إيران الإسلامية وتلقى التعميد في أرمينيا، فقد خلصت إلى أن تحوُّل صاحب الشكوى إلى الديانة المسيحية لم يكن حقيقياً، وأنه إذا عاد فلن يتعرض لخطر الاضطهاد بسبب معتقداته الدينية.

2 - 4 وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ، رأت محكمة قضايا الهجرة في مالمو أنه من غير المحتمل أن يكون صاحب الشكوى معرَّضاً لمعاملة معينة بسبب معتقده الديني. كما رُوعيت في هذا السياق عوامل مثل الحالة الصحية لصاحب الشكوى، وتكيّفه في السويد، والحالة العامة لحقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية، ولكن لم يتبين وجود شروط تجعله مؤهلاً للحصول على تصريح إقامة.

2 - 5 وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ، رفضت محكمة استئناف قضايا الهجرة طلب حصوله على إذن باستئناف قرار محكمة قضايا الهجرة في مالمو.

2 - 6 وفي 12 نيسان/أبريل 2019 ، نظرت الوكالة السويدية لشؤون الهجرة في ادعاء صاحب الشكوى بوجود عقبة أمام تنفيذ قرار الطرد بسبب مرض يهدد حياته. وقررت الوكالة أن مرض صاحب الشكوى ليس من الخطورة بحيث يجعل من تنفيذ قرار الطرد إجراء غير عقلاني، وأن المستوى العام للرعاية الصحية في جمهورية إيران الإسلامية مقبول، وأن العلاج متاح في البلد.

2 - 7 وفي 12 حزيران/يونيه 2019 ، رفضت محكمة قضايا الهجرة في مالمو منح إذنٍ لصاحب الشكوى باستئناف قرار الوكالة السويدية لشؤون الهجرة المؤرخ 12 نيسان/أبريل 201 9.

2 - 8 وفي 28 تموز/يوليه 2019 ، أيدت محكمة استئناف قضايا الهجرة قرار محكمة قضايا الهجرة في مالمو.

2 - 9 ويَّدعي صاحب الشكوى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحل ي ة المتاحة.

الشكوى

3 - 1 يدَّعي صاحب الشكوى أنه سيتعرض للتعذيب أو سيُحكم عليه بالإعدام إذا أُعيد إلى جمهورية إيران الإسلامية نتيجةً لتحوله إلى المسيحية. ويؤكد أن فحص الطابع الصادق لإيمانه في السويد كان أكثر صرامة مما هو موصى به في المبادئ التوجيهية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بشأن تقييم شروط الحماية الدولية لملتمسي اللجوء على أساس الدين ( ) . ويؤكد أن السلطات السويدية أجرت تقييماً لتحوله على عين المكان في قضيته، رغم أنه ليس من المتحولين على عين المكان إلى المسيحية.

3 - 2 ويدَّعي صاحب الشكوى أيضاً أنه سيواجه معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة في بلده لأنه لن يحصل هناك على الرعاية الطبية الكافية لمعالجة ورم الغدة النخامية ومشاكل القلق الحاد الذي ينتابه. وخلصت السلطات السويدية، في تقييمها، إلى أن صاحب الشكوى سيحصل على الرعاية الطبية الكافية في جمهورية إيران الإسلامية. غير أن صاحب الشكوى يرى أن هذا غير صحيح بسبب التكلفة الباهظة للأدوية وعدم توافرها نظراً للجزاءات المفروضة على البلد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في 28 نيسان/أبريل 2020 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى وأسسها الموضوعية. وأكدت أن جزم صاحب الشكوى بأنه معرَّض لمعاملة قد تشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية إذا أُعيد إلى جمهورية إيران الإسلامية هو جزم لا يبلغ الحد الأدنى من الإثبات المطلوب لغرض المقبولية.

4 - 2 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن صاحب الشكوى يدَّعي، على ما يبدو، أنه سيتعرض لإساءة معاملة لا تبلغ حد التعذيب في جمهورية إيران الإسلامية نتيجةً لاعتناقه المسيحية وعدم توافر الرعاية الطبية المناسبة. غير أن الدولة الطرف تلاحظ أن نطاق الالتزام بعدم الإعادة القسرية، الوارد في المادة 3 ، لا يشمل حالات إساءة المعاملة المنصوص عليها في المادة 1 6. وبناء على ذلك، ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي ما دام صاحب الشكوى يدَّعي أن خطر التعرض لإساءة المعاملة لا يصل إلى حد التعذيب في جمهورية إيران الإسلامية.

4 - 3 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أنه قد يُفهم من صاحب الشكوى أنه يدَّعي أن إبعاده في حد ذاته سيشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، فيما يمثّل انتهاكاً للمادة 16 بسبب حالته الصحية. ووفقاً للدولة الطرف، رأت لجنة مناهضة التعذيب مراراً وتكراراً أن الإبعاد في حد ذاته لا يشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة إلا في ظروف استثنائية جداً ( ) . وبما أن هذه الظروف الاستثنائية لم تُبَيَّن، فإن الدولة الطرف تدفع بأن أي ادعاء بمقتضى المادة 16 غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي .

4 - 4 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للقضية، تلاحظ الدولة الطرف أن وكالة شؤون الهجرة أجرت في 9 آذار/مارس 2016 مقابلة تمهيدية مع صاحب الشكوى بشأن طلب اللجوء، وأُرسل محضرها إلى مستشاره القانوني العام في 18 كانون الثاني/يناير 201 7. وفي 3 آذار/مارس 2017 ، أُجري تحقيق موسَّع بشأن التماس اللجوء، استمر أكثر من أربع ساعات، بحضور المستشار القانوني العام. وأُجريت المقابلة والتحقيق بمساعدة مترجمين شفويين، وأكد صاحب الشكوى خلالهما أنه يفهم كلام المترجمين تماماً. وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ، عقدت محكمة قضايا الهجرة جلسة شفوية دامت أكثر من ساعتين، وقد حضرها صاحب الشكوى بمساعدة مترجم شفوي ومستشاره القانوني العام. وتدفع الدولة الطرف بأن فرصاً عدة أتيحت لصاحب الشكوى لشرح الوقائع والظروف المتصلة بقضيته من أجل دعم ادعائه والدفاع عن قضيته، شفوياً وكتابياً، أمام وكالة شؤون الهجرة ومحاكم قضايا الهجرة. وفي ضوء ما ورد أعلاه، تخلص الدولة الطرف إلى أنه لا يوجد سبب يدعو إلى الاستنتاج أن الأحكام الوطنية لم تكن كافية في هذه القضية، أو أن نتيجة الإجراءات المحلية كانت تعسفية بأي شكل من الأشكال أو بلغت حد إنكار العدالة، وتُضيف أنه يجب إيلاء وزن كبير لآراء سلطات الهجرة السويدية.

4 - 5 وفيما يتعلق بمسألة تحول صاحب الشكوى من الإسلام إلى المسيحية، تلاحظ الدولة الطرف أن وكالة شؤون الهجرة ومحكمة قضايا الهجرة خلصتا إلى أن صاحب الشكوى لم يُثبِت بشكل معقول أن تحوله يستند إلى إيمان ديني حقيقي وأنه كان يعتزم العيش كمسيحي عند عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية، وأن تحوله كان موضع اهتمام السلطات الإيرانية. وترى الدولة الطرف أن ملتمسي اللجوء يتحملون عبء الإثبات ليُظهروا بشكل معقول أن التحول المزعوم من الإسلام إلى المسيحية يستند إلى إيمان شخصي حقيقي. وعند النظر فيما إذا كان شخص ما قد أثبت أن تحوله هو تحول حقيقي، بمعنى أنه استند إلى إيمان ديني شخصي حقيقي، تُجري سلطات الهجرة السويدية تقييماً فردياً وفقاً لدليل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن الإجراءات والمعايير الواجب تطبيقها لتحديد وضع اللاجئ بمقتضى اتفاقية 1951 وبروتوكول 1967 الخاصين بوضع اللاجئين ( ) .

4 - 6 وتدفع الدولة الطرف بأنه في قضية صاحب الشكوى، أجرت وكالة شؤون الهجرة تحقيقاً موسَّعاً في طلب اللجوء مع صاحب الشكوى، وعقدت محكمة قضايا الهجرة جلسة شفوية للنظر في طابع الإيمان المكتسَب لصاحب الشكوى، والسبيل الذي سلكه للتعرف على المسيحية، وطبيعة معتقداته الدينية قبل اعتناقه المسيحية والروابط القائمة فيما بينها، والمعتقدات التي يؤمن بها منذ ذلك الحين، فضلاً عن أي استياء محتمل من الدين الذي كان يعتنقه سابقاً. ونظرت السلطات الوطنية أيضاً في تجربة صاحب الشكوى مع دينه الجديد وانخراطه فيه، ونظرت في أي أدلة داعمة تتعلق بالانخراط في الطائفة الدينية الجديدة وانتمائه إليها. وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يُثبت عدم أخذ سلطات الهجرة المحلية في الاعتبار الوقائع ذات الصلة أو الأدلة الخطية أو عوامل الخطورة في تقييماتها، ولم يبيِّن أن تقييمات السلطات كانت تعسفية أو تبلغ حد الخطأ الواضح أو إنكار العدالة.

4 - 7 وفيما يتعلق بالمشاكل الصحية التي يعاني منها صاحب الشكوى، تدفع الدولة الطرف بأن وكالة شؤون الهجرة اعتبرت أن مرض صاحب الشكوى ليس حالياً من الخطورة بحيث يجعل تنفيذ أمر الطرد يبدو وكأنه غير عقلاني، وأشارت إلى أن الأطباء أجروا تقييماً لحالته واعتبروا أنها قابلة للعلاج. ورأت وكالة شؤون الهجرة كذلك أنه بالنظر إلى مستوى الرعاية العامة في جمهورية إيران الإسلامية، لا يوجد سبب يدعو إلى الافتراض بأن الرعاية والعلاج المقبولين لن يكونا متاحين في البلد. وتلاحظ الدولة الطرف أن وكالة شؤون الهجرة استندت في تقييمها إلى المعلومات التي حصلت عليها من تقارير وزارة الخارجية السويدية ( ) ومنظمة الصحة العالمية ومقال نُشر في محفوظات الطب الإيراني.

4 - 8 وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان اعتمدت أيضاً نهجاً تقييدياً إزاء التزامات الدولة الطرف بعدم الإعادة القسرية في الحالات المرَضِية، حين رأت أن الحالة المرَضِية يجب أن تكون ذات طابع استثنائي ( ) . وفي القضية التي نظرت فيها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، كان صاحب البلاغ يعاني من مرض مزمن في القلب استلزم بالفعل عدة عمليات جراحية لاستبدال أوعية دموية، مع إمكانية إجراء عملية جراحية أخرى. وكان خطر الانتحار أيضاً في حالة صاحب البلاغ يُعتبر عالياً، وكان المعني يعاني من اضطراب اكتئابي شديد يتسم بالحزن الدائم والأرق وفقدان الشهية وفقدان الوزن. غير أن اللجنة رأت أن الملف لا يُبين أن الحالة المرَضِية لصاحب البلاغ، في حد ذاتها، هي حالة ذات طابع استثنائي يستلزم تنفيذ التزامات الدولة الطرف بعدم الإعادة القسرية بمقتضى المادة 7 من العهد.

4 - 9 وأشارت الدولة الطرف أيضاً إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية بابوشفيلي ضد بلجيكا ، حيث أكَّدت أن الظروف الاستثنائية وحدها يمكن أن تثير مسألة في هذا السياق بمقتضى المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) ( ) . ووفقاً لما ذكرته الدولة الطرف، فقد أوضحت المحكمة في تلك القضية أن ما يُقصد بسائر القضايا الاستثنائية هي القضايا التي قد تثير مسألة شخص يعاني من مرض خطير ويثبت فيها وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص، وإن لم يكن معرَّضاً على نحو وشيك لخطر الوفاة، سيواجه نتيجةً لعدم توافر العلاج المناسب أو إمكانية الحصول عليه في البلد المتلقي، خطراً حقيقياً يتمثل في تعرُّض حالته الصحية لتدهور خطير وسريع ولا رجعة فيه، يؤدي إلى معاناة شديدة أو إلى تراجع كبير في عمره المتوقع.

4 - 10 وتشير الدولة الطرف إلى أنها لا ترغب في التقليل من شأن الحالة المرَضِية المذكورة لصاحب الشكوى ومن أي شواغل قد يُعْرَب عنها بشأن أوجه القصور في إمكانية الحصول على الرعاية الطبية في جمهورية إيران الإسلامية . غير أنها تخلص، في ضوء ما ورد أعلاه، إلى أن صاحب البلاغ لم يُثبِت أن حالته الصحية ذات طابع استثنائي يجعل من إبعاده إلى جمهورية إيران الإسلامية انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - 1 في 28 آب/أغسطس 2020 ، قدّم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. ويعترض صاحب الشكوى على تأكيد الدولة الطرف أن ادعاءاته لا ترقى إلى الحد الأدنى من الأدلة المطلوبة لغرض المقبولية. ويلاحظ صاحب الشكوى أن ادعاءه بانتهاك المادة 3 من الاتفاقية يتعلق على حد سواء بتحوله إلى المسيحية وحالته المرضية الاستثنائية التي لا يمكن الحصول على علاج لها في جمهورية إيران الإسلامية. وفيما يتعلق بصحته، يدفع بأنه سيتعرض في جمهورية إيران الإسلامية لخطر الإصابة بالعمى أو حتى لخطر الموت، فضلاً عن الإصابة بمرض نفساني خطير يمكن أن يؤدي إلى الانتحار إذا لم يعالَج. ومع ذلك، فإذا وجدت اللجنة أن إبعاده إلى جمهورية إيران الإسلامية، رغم مشاكله الصحية الخطيرة، لا يبلغ الحد الأدنى من التعريف المعطى للتعذيب، يؤكد صاحب الشكوى أن ظروفه، في ضوء مشاكله الصحية، تمثّل ظروفاً استثنائية من شأنها أن تؤدي إلى معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة، فيما يشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية.

5 - 2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للشكوى، يلاحظ صاحب الشكوى أنه لم يُتَح له، خلال جلسته الشفوية في محكمة قضايا الهجرة التي استغرقت، وفقاً للدولة الطرف، أكثر من ساعتين، سوى القليل من الوقت للإعراب عن أفكاره وتأملاته العميقة وقناعاته الحقيقية أمام المحكمة لأن قدراً كبيراً من الوقت قد كُرِّس للترجمة الشفوية والاستجواب من جانب مجلس شؤون الهجرة والمستشار القانوني.

5 - 3 ويدفع صاحب الشكوى بأنه ينبغي، تمشياً مع السوابق القضائية المعمول بها في محكمة استئناف قضايا الهجرة السويدية ( ) ، أن يتم تقييم حالات تغيير الدين، حين يتعلق الأمر بتحول ديني على عين المكان، بإجراء تقييم فردي وفقاً للمبادئ التوجيهية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن طلبات اللجوء القائمة على الدِين ومن خلال تقييم شامل في ضوء جميع الظروف المحيطة بالتحول الديني. وعلى هذا الأساس، يودّ صاحب الشكوى معرفة ما إذا كانت المبادئ التي يتعين تطبيقها في حالات التحول الديني على عين المكان قابلة للتطبيق في قضيته. ويشير إلى أن السلطات المحلية لم تشكك في تلقيه التعميد في أرمينيا في عام 201 4. ويدَّعي صاحب الشكوى أنه كان ينبغي للسلطات تفسير الشك لصالحه وعدم إيلاء اهتمام كبير لمصداقيته، على نحو ما هو مطلوب في حالات تغيير الدين على عين المكان . ولذلك يؤكد صاحب الشكوى أن السلطات السويدية قد أخطأت في تطبيق معيار أعلى للمصداقية في قضيته.

5 - 4 ويلاحظ صاحب الشكوى أنه خلافاً للقضية التوجيهية لمحكمة استئناف قضايا الهجرة، التي تحدد مبادئ توجيهية لتطبيقها في قضايا تغيير الدين على عين المكان، فقد تحوَّل المعني إلى المسيحية وتلقى تعميده قبل دخوله السويد بوقت طويل، وهو أمر لم تشكك فيه السلطات السويدية. وبالإضافة إلى الشهادة الصادرة عن الكنيسة السبتية في يريفان، تؤكد شهادة من الكنيسة السبتية في مالمو عضويته في الكنيسة وممارسته المستمرة والدؤوبة للعقيدة المسيحية، وكذلك قناعته الحقيقية على مدى فترة طويلة من الزمن. وعلاوة على ذلك، لم يتم تعميده على عجل وإنما جرى تعليمه العقيدة وطريقة الحياة المسيحية بدقة في إطار عدة دورات حضرها في أرمينيا قبل تعميده. ويلاحظ صاحب الشكوى أنه كان يدرك تماماً المخاطر المرتبطة بأن يكون مسيحياً في جمهورية إيران الإسلامية نظراً لرحلاته المتكررة والخطيرة إلى أرمينيا، والقواعد الأمنية في الكنيسة المنزلية التي كان يشارك فيها. غير أنه خلافاً للسوابق القضائية المعمول بها، التي توضح أن هذه العوامل تُعزز مصداقية التحول الديني، فهو يرى أنه لم يتم إيلاء تلك الظروف سوى القليل من الاعتبار، أو لم تُمنح تلك الظروف أي اعتبار على الإطلاق. ويلاحظ صاحب الشكوى أيضاً أن العرض الشفوي الذي قدمه أثناء المقابلة التي أجراها بشأن اللجوء أظهر أن لديه معرفة كبيرة بالعقيدة المسيحية والحياة المسيحية، وأن بإمكانه أن يقدم سرداً مفصلاً لمن قاده إلى الإيمان المسيحي والعملية التي أجرى تحوله من خلالها.

5 - 5 ووفقاً لصاحب الشكوى، يتضمن بروتوكول مقابلة اللجوء التي أجراها في 3 آذار/مارس 2017 سرداً مفصلاً لاجتماعات الكنيسة المنزلية التي حضرها، مع العناوين، وأسماء المشاركين، وحتى الإشارات إلى تواريخ وأوقات معينة. غير أنه يلاحظ أن محكمة قضايا الهجرة تجاهلت ذلك وخلصت بطريقة غير موضوعية إلى أنه لم يُعرِب عن المشاعر في هذه العملية بما فيه الكفاية، وأن التحول من الإسلام إلى المسيحية يجب أن يولّد قدراً أكبر من المشاعر مما استطاع إظهاره. ويؤكد صاحب الشكوى أنه لا يوجد أساس قانوني لمثل هذا القول الصادر من المحكمة، لأن المشاعر وأشكال التعبير يمكن أن تختلف اختلافاً كبيراً بين الأفراد، ولأن هذا القول يتجاهل أجزاء أخرى أكثر أهميةً من روايته. ومن ثم، فقد استند حكم المحكمة إلى حجج تعسفية لا إلى تقييم شامل لجميع ظروفه، على نحو ما تقتضيه السوابق القضائية المحلية والمبادئ التوجيهية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن طلبات اللجوء القائمة على الدِين.

5 - 6 ويلاحظ صاحب الشكوى كذلك أن السلطات السويدية قيَّمت جميع عوامل الخطورة، كلٌّ على حدة، لا في سياق تقييم شامل للمخاطر المتفاقمة الناجمة عن الظروف التي كان يواجهها. ويشير إلى قضية ق. أ. ضد السويد ، التي نظرت فيها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ورأت فيها أن السلطات السويدية، أثناء دراستها لكل عامل خطورة على حدة، لم تنظر في جميع العوامل المعزِّزة للمخاطر مجتمعةً ( ) . وخلصت اللجنة إلى أن السلطات لم تقدم تقييماً كافياً للخطر الحقيقي والشخصي والمتوقع الناجم عن عودة صاحب البلاغ إلى أفغانستان، باعتبار أنه كان يُنظر إليه على أنه مرتد (مُلحد )، وهو ما ينطوي على عدد كبير من العوامل المعزِّزة للمخاطر، ويؤدي إلى نشوء سمات ضعف متعددة، مثل المرض النفسي، والرغبة في الانتحار، والافتقار إلى شبكة تواصُل اجتماعي.

5 - 7 كما يلاحظ صاحب الشكوى أن لديه عدداً من العوامل المعزِّزة للمخاطر، مثل المرض النفسي الشديد، والحالة الصحية الخطيرة التي تحتاج إلى وسائل علاج وأدوية باهظة الثمن غير متوافرة في جمهورية إيران الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عمله التبشيري وأنشطته على الإنترنت قد وجَّها انتباه النظام الإيراني إليه. ويمكن أن يثير طلبُ اللجوء الذي قدمه وقُوبل بالرفض، في حد ذاته، الانتباه عند عودته. ويدفع صاحب الشكوى بأنه لم يتم فحص هذه العوامل معاً، بل كلٌّ على حدة.

5 - 8 ويشير صاحب الشكوى إلى عدد من التقارير القطرية الجديدة المتعلقة بجمهورية إيران الإسلامية التي تبين أن مراقبة الكنائس المنزلية والأفراد قد ازدادت باطراد، وأن الأفراد الذين يقومون بالتبشير وينشطون في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الإنترنت، والذين يعودون إلى البلد بعد فترة إقامة في البلدان الغربية، من المرجح أن يكونوا موضوع اهتمام ومراقبة عند عودتهم، بما يشمل التحقيق في أنشطتهم عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت ( ) . ووفقاً لصاحب الشكوى، فإنه معرَّض بشدة لخطر الاعتقال والتعذيب عند عودته، بالنظر إلى أنه قام بالتبشير وينتمي إلى حركة تبشيرية، في حين يُعتبر التبشير جريمة ضد الأمن الوطني في جمهورية إيران الإسلامية. كما كان المعني نشطاً وغير متحفّظ على الإنترنت، وهو ما لاحظته السلطات الإيرانية التي أغلقت مدونته على الشبكة وقتئذٍ ( ) .

5 - 9 وفيما يتعلق بصحته، يدفع صاحب الشكوى بأن موقف وكالة شؤون الهجرة فيما يتعلق بتوافر الرعاية الصحية في جمهورية إيران الإسلامية يستند إلى تقرير لمنظمة الصحة العالمية نُشر في عام 2006 ، وإلى مقال من محفوظات الطب الإيراني صادر في عام 201 7. ويؤكد صاحب الشكوى أن التقريرين يفتقران إلى المعلومات اللازمة عن آثار الجزاءات المفروضة على البلد من حيث توافر العلاج، وأنه لا يمكن على هذا الأساس اعتبارهما من التقارير الموثوقة. ويشير إلى مقال أحدث منهما، صدر في عام 2018 ، ويحتوي على معلومات بشأن عواقب الجزاءات المفروضة التي أدت إلى عدم توافر الأدوية ووسائل العلاج، بما في ذلك لمرض السرطان ( ) .

5 - 10 وأخيراً، يلاحظ صاحب الشكوى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تشترط في قرارها الصادر في قضية بابوشفيلي ضد بلجيكا الحصول على ضمانات فردية وكافية من الدولة المتلقية عن توافر العلاج الحالي للشخص المعني بغية كفالة عدم وقوع انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية. ويدفع صاحب الشكوى بأنه لم يتم الحصول على مثل هذه الضمانات من جمهورية إيران الإسلامية في قضيته.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6 - 1 في 22 كانون الثاني/يناير 2021 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها الإضافية وأشارت إلى أنها تتمسك تماماً بموقفها فيما يتعلق بوقائع الشكوى ومقبوليتها وأسسها الموضوعية، على النحو المعرب عنه في ملاحظاتها الأولية. وفيما يتعلق بمقبولية الشكوى، تدحض الدولة الطرف تأكيدات صاحب الشكوى بأنه كانت هناك أوجه قصور إجرائية في إطار الإجراءات المحلية. وتلاحظ أن جزءاً كبيراً من أي جلسة شفوية في محكمة قضايا الهجرة يتألف من الترجمة الشفوية والأسئلة الموجهة من الأطراف. غير أن هذا لا يدعم الفكرة القائلة بأنه لا تتاح لصاحب الشكوى فرصة للدفاع عن قضيته كتابياً وشفوياً أمام سلطات الهجرة المحلية. بل تُكرر الدولة الطرف، خلافاً لذلك، تأكيدها أنه يجب اعتبار أنه قد أُتيح لوكالة شؤون الهجرة ومحاكم قضايا الهجرة ما يكفي من المعلومات والوقائع والوثائق المتعلقة بهذه القضية لكفالة الاستناد إلى أساس متين في إعداد تقييم مستنير وشفاف ومعقول للمخاطر وتحديد مدى ضرورة توفير الحماية لصاحب الشكوى في السويد.

6 - 2 وتدفع الدولة الطرف بأنه أُجري تقييم شامل لتحوُّل صاحب الشكوى إلى الديانة المسيحية، ولما إذا كان من المتوقع أن يعيش كمسيحي عند عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية، ولاحتمال نسب معتقد ديني إليه. وخلصت كل من وكالة شؤون الهجرة ومحكمة قضايا الهجرة إلى أن رواية صاحب الشكوى لم تكن موثوقة، وأن تحوُّله إلى الديانة المسيحية لم يكن يستند إلى قناعة دينية حقيقية. وتسلّم الدولة الطرف بأن ثمة ما يدعم التقييم القائل بأن الأفراد الذين يعودون إلى جمهورية إيران الإسلامية بعد التخلي عن معتقداتهم الإسلامية أو التحول عن دينهم يواجهون خطراً حقيقياً بالتعرض للاضطهاد، وهو ما يبرر طلب الحماية الدولية. غير أن الدولة الطرف تكرر تأكيد موقفها بأن صاحب الشكوى، في هذه القضية بالذات، لم يُثبِت بشكل معقول أنه يعتزم العيش كمسيحي عند عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية أو أن تحوله إلى المسيحية كان موضوع اهتمام السلطات الإيرانية بحيث أنه بات يواجه خطر التعرض لمعاملة منافية للمادة 3 من الاتفاقية.

6 - 3 وفيما يتعلق بإشارة صاحب الشكوى إلى قضية ق. أ. ضد السويد ، تلاحظ الدولة الطرف أن القضية يمكن تمييزها بوضوح عن قضية صاحب الشكوى. ففي قضية ق. أ. ضد السويد ، قُدمت الادعاءات المتعلقة بالتحول الديني بعد أن أصبح أمر الطرد نهائياً وغير قابل للاستئناف، وهذا ليس هو الحال في قضية صاحب الشكوى. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في القضية الأولى، أولت وزناً كبيراً لكون اسم صاحب الشكوى معروفاً على نطاق واسع لدى الأصدقاء وعامة الجمهور من خلال وسائط الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ولتوجيه رسالة إلى سفارة أفغانستان في السويد للكشف عن إلحاد صاحب البلاغ وهويته. وفي القضية محل النظر، تدفع الدولة الطرف بأن السلطات المحلية أجرت تقييماً لخطر الاضطهاد، ليس فقط نتيجةً للتحول الديني المزعوم، إنما كذلك نتيجةً لمعتقدات دينية منسوبة.

6 - 4 وترى الدولة الطرف أن احتجاج صاحب الشكوى بمشاكل صحية في طلبه المتعلق بالحواجز التي تحول دون إنفاذ أمر الطرد لا يغير الرأي المذكور أعلاه. وتؤكد الدولة الطرف أنه ليس ثمة ما يدعم الادعاء بأن المشاكل الصحية لصاحب الشكوى ينبغي أن تؤثر على تقييم التحول الديني المزعوم، والمخاطر المرتبطة به، بحيث يشكل إنفاذ أمر الطرد انتهاكاً للاتفاقية لهذا السبب. وتلاحظ الدولة الطرف أن سلطات الهجرة المحلية قامت، في جملة أمور، بتقييم ما إذا كان إنفاذ أمر الطرد يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نظراً للحالة الصحية المذكورة لصاحب الشكوى، وخلصت إلى عدم وقوع انتهاك، وإلى أن محكمة قضايا الهجرة، في تقييمها، أخذت في حسبانها حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية بابوشفيلي ضد بلجيكا .

تعليقات إضافية من صاحب الشكوى

7 - في 10 حزيران/يونيه 2022 ، قدم صاحب الشكوى شهادة طبية من مستشفى جامعة سكوني، موقَّعة من طبيب متخصص كان يعالج صاحب الشكوى منذ عام 2017 ، أي منذ أن شُخصت إصابته لأول مرة بورم في الغدة النخامية. وتفيد الرسالة بأنه وصف لصاحب الشكوى في البداية دواء لمدة أربع سنوات. وتذكر الشهادة أن صاحب الشكوى توقف، في مرحلة ما، عن تناول الدواء، مما تسبب في ارتفاع مستويات البرولاكتين لديه، ولكن بعد استئناف العلاج، عاد محتوى البرولاكتين إلى مستوى عادي. ويوصي الطبيب بعدم محاولة وقف الدواء إلى أن يصبح مستوى البرولاكتين طبيعياً بشكل مستمر لمدة عامين على الأقل، شرط أن يظهَر انحدار الورم أيضاً. ومع ذلك، ونظراً لأن فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لم تُظهِر حتى الآن انحدار الورم (أو تقدمه )، أفاد تقييم الطبيب بأن صاحب الشكوى سيحتاج إلى مواصلة العلاج خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة. ووفقاً للشهادة، إذا لم يتلقَّ صاحب الشكوى العلاج الطبي الحالي، فهناك احتمال بأن يزيد حجم الورم، مما قد يؤثر على العصب البصري، وقد يفقد صاحبُ الشكوى بصره نتيجةً لذلك. وبالإضافة إلى ذلك، إذا توقف العلاج الطبي في وقت مبكر جداً، فمن المرجح أن يعاني صاحب الشكوى من اضطرابات هرمونية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 22 ( 5 )(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجرى بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 2 ووفقاً للمادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية، لا يجوز للجنة أن تنظر في أي بلاغ يرد من فرد ما لم تتحقق من أن الفرد قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تعترض في هذه القضية على أن صاحب الشكوى قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. لذلك، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من أن تنظر في البلاغ بموجب المادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية.

8 - 3 وتحيط اللجنة علماً بما ذكرته الدولة الطرف من أن صاحب الشكوى يدعي أنه سيتعرض لإساءة معاملة لا تصل إلى حد التعذيب في جمهورية إيران الإسلامية بسبب إعلانه عن اعتناقه المسيحية وعدم توافر الرعاية الطبية المناسبة، في حين أن نطاق الالتزام بعدم الإعادة القسرية، الوارد في المادة 3 ، لا يشمل حالات سوء المعاملة المنصوص عليها في المادة 1 6. وبناء على ذلك، ترى الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي ما دام صاحب الشكوى يدعي خطر التعرض لإساءة معاملة لا تصل إلى حد التعذيب في جمهورية إيران الإسلامية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن ديباجة الاتفاقية تنص على أن أي عمل من أعمال التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة يشكل تعدياً على كرامة الإنسان. وبناء على ذلك، تتناول الديباجة المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة بالاقتران بالمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد أتاحت هذه الإشارات الصريحة للجنة أن توضح، في تعليقها العام رقم 2 ( 2007 )، أن الالتزامات بموجب الاتفاقية، بما في ذلك ما يتعلق بالمادة 3 ، تشمل التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأن المادة 16 من الاتفاقية، على نحو ما ذكرت اللجنة سابقاً، غير قابلة للتقييد ( ) . وتلاحظ اللجنة أن هذا التفسير تُعززه أغلبية الاتفاقيات الدولية التي تؤكد الطابع المطلق لحظرها في كل حالة، وإن كانت قد تميز بين المفهومين في المصطلحات ( ) . وتلاحظ اللجنة كذلك أن الاتفاقية لا تنتقص من التزامات الدولة الطرف بموجب صكوك حقوق الإنسان الأخرى التي هي طرف فيها، بما في ذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي لا تتضمن أي استثناء وتربط أيضاً بين المفهومين في تفسير المادة 3. وتشدد اللجنة في هذا السياق على أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تسلط الضوء بصورة منهجية على الطابع الإلزامي لمبدأ عدم الإعادة القسرية، ومن ثم لحظر نقل مقدم الطلب إلى دولة يكون فيها معرضاً لخطر التعذيب وسوء المعاملة ( ) . ويتضح من جميع هذه القواعد أن القانون الدولي يوسِّع الآن نطاق مبدأ عدم الإعادة القسرية ليشمل الأشخاص المعرضين لمخاطر أخرى غير التعذيب ( ) .

8 - 4 وعلى ضوء ما ورد أعلاه، تعتبر اللجنة أن البلاغ المقدم بموجب المادة 3 من الاتفاقية مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 22 ( 4) من الاتفاقية.

9 - 2 وفي هذه القضية، تتمثل المسألة المعروضة على اللجنة في معرفة ما إذا كانت عودة صاحب الشكوى إلى جمهورية إيران الإسلامية تشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لالتزامها بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة (رد) شخص إلى دولة أخرى حين توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض فيها لخطر التعذيب.

9 - 3 ويتعين على اللجنة أن تُقيّم ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب عند العودة إلى جمهورية إيران الإسلامية. وعند تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3 ( 2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تُذكّر بأن الهدف من إجراء تقييم من هذا النوع هو إثبات ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً متمثلاً في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه. ويترتب على ذلك أن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان، في بلد ما، لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد أن شخصاً معيناً سيتعرض لخطر التعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب تقديم أسباب إضافية تُبين أن الفرد المعني سيكون شخصياً في خطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه قد لا يتعرض للتعذيب في الظروف التي تخصه على وجه التحديد ( ) .

9 - 4 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 4 ( 2017 )، الذي ينص على أن هناك التزاماً بعدم الإعادة القسرية كلما كانت هناك "أسباب حقيقية" تدعو إلى الاعتقاد أن الشخص يواجه خطر التعرض للتعذيب في الدولة التي يجب أن يُرحّل إليها، سواء بصفته فرداً أو عضواً في جماعة من شأنها أن تكون عرضة لخطر التعذيب في بلد المقصد. وتذكّر اللجنة بأن هناك "أسباباً حقيقية" كلما كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً" ( ) . ويمكن أن تشمل الإشارات إلى الخطر الشخصي، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: (أ) الخلفية الإثنية لصاحب الشكوى وانتماؤه الديني؛ و(ب) التعرُّض للتعذيب سابقاً؛ و(ج) الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي أو الخضوع لأي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ و(د) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية للمشتكي؛ و(ه) إصدار مذكرة توقيف دون ضمان العدل في المعاملة والمحاكمة؛ و(و) انتهاكات الحق في حرية الفكر والوجدان والدين؛ و(ز) الهروب سراً من البلد الأصلي بسبب تلقي تهديدات بالتعذيب؛ و(ح) انتهاكات الحق في حرية الفكر والوجدان والدين ( ) .

9 - 5 وتذكّر اللجنة بأن عبء الإثبات يقع على المشتكي، الذي يتعين عليه أن يقدم قضيّة يمكن الدفاع عنها، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي ( ) . بيد أنه عندما يكون أصحاب الشكاوى في وضع يعجزون فيه عن عرض قضاياهم بالتفصيل، كأن يكونوا مثلاً قد أثبتوا استحالة حصولهم على وثائق تتعلق بادعاء تعرضهم للتعذيب أو يكونوا مسلوبي الحرية، فإن عبء الإثبات ينعكس ويكون على الدولة الطرف المعنية أن تحقق في هذه الادعاءات وتتحقق من صحة المعلومات التي تستند إليها الشكوى ( ) . وتولي اللجنة أهمية كبيرة لاستنتاجات أجهزة الدولة الطرف المعنية؛ إلا أنها غير ملزمة بتلك الاستنتاجات. ويعني ذلك أن اللجنة ستُجري تقييماً حراً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22 ( 4) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية ( ) .

9 - 6 وفي تقييم خطر التعرض للتعذيب في هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب الشكوى بأنه سيواجه خطر التعذيب إذا أعيد إلى جمهورية إيران الإسلامية بسبب تحوله إلى الديانة المسيحية وحالته الصحية التي لن تتوافر لها الأدوية والعلاج في البلد. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى أصبح مهتماً بالديانة المسيحية عن طريق زميل له في العمل في عام 2013 ، وأنه تلقى تعميده في أرمينيا في عام 201 4. وفي عام 2015 ، اكتشفت السلطات الإيرانية الكنيسة المنزلية التي كان يشارك في أنشطتها، وألقت أجهزة الاستخبارات القبض على قادة الكنيسة، مما دفع صاحب الشكوى إلى الفرار من البلد. وبعد أسبوعين من وصوله إلى السويد، قام أفراد من جهاز الاستخبارات بتفتيش منزله في جمهورية إيران الإسلامية، وأُبلغت شقيقته ووالدته بأنه يجب على صاحب الشكوى الحضور إلى دائرة الاستخبارات.

9 - 7 وتذكِّر اللجنة بأنه يتعين عليها التأكد مما إذا كان صاحب الشكوى يواجه حالياً خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى جمهورية إيران الإسلامية. وتلاحظ اللجنة أنّه أُتيحت للمشتكي فرصة كافية لتقديم أدلّة داعمة ومزيداً من التفاصيل بخصوص ادّعاءاته إلى وكالة شؤون الهجرة ومحكمة قضايا الهجرة، لكن الأدلة التي قدمها لم تقد السلطات السويدية إلى استنتاج أنه سيكون عرضة للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في حال عودته. وتحيط اللجنة علماً بما ذكرته الدولة الطرف من أن صاحب الشكوى لم يثبت بشكل معقول أن تحوله إلى المسيحية كان قائماً على قناعة دينية حقيقية وأنه كان يعتزم العيش كمسيحي عند عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية، أو أن تحوله الديني كان موضع اهتمام السلطات الإيرانية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يقدم أي دليل يثبت أنه مطلوب من السلطات الإيرانية بسبب مشاركته في أنشطة الكنيسة المنزلية التي اكتُشفت في عام 2015 ، أو بسبب أنشطته في المدونة الشبكية، التي يدعي أنها أدت إلى إغلاق مدونته.

9 - 8 وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى يعترض على قرار السلطات السويدية، ويؤكد أن ذلك القرار يستند إلى حجج تعسفية، لا إلى تقييم شامل لجميع الظروف على نحو ما تقتضيه السوابق القضائية المحلية والمبادئ التوجيهية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن طلبات اللجوء القائمة على الدِين. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن المبادئ التوجيهية لمفوضية شؤون اللاجئين تقترح أن يستنبط متخذو القرارات المحليون معلومات عن التجارب الدينية للفرد، مثل أن يطلبوا إليه أن يصف بالتفصيل كيف اعتنق الدين، أو مكان وطريقة عبادته، أو الطقوس التي يمارسها، أو أهمية الدين بالنسبة للشخص، أو القيم التي يعتقد أن الدين ي تبنَّاها . كما تحيط اللجنة علماً بما ذكرته الدولة الطرف من أن وكالة شؤون الهجرة أجرت تحقيقاً موسعاً بشأن اللجوء مع صاحب البلاغ، وأن محكمة قضايا الهجرة عقدت جلسة شفوية للنظر في طابع الإيمان المكتسَب لصاحب الشكوى، والسبيل الذي سلكه للتعرف على المسيحية، وطبيعة معتقداته الدينية قبل اعتناقه المسيحية والروابط القائمة فيما بينها، والمعتقدات التي يؤمن بها منذ تحوله الديني، فضلاً عن أي استياء محتمل من الدين الذي كان يعتنقه سابقاً. ونظرت السلطات السويدية أيضاً في تجربة صاحب الشكوى مع دينه الجديد وانخراطه فيه، ونظرت في أي أدلة داعمة تتعلق بالانخراط في الطائفة الدينية الجديدة وانتمائه إليها. وفي ضوء ما ورد أعلاه، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن تقييم السلطات لحالة صاحب الشكوى كان غير متسق مع المبادئ التوجيهية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو أنه كان تعسفياً أو بلغ حد الخطأ الواضح أو إنكار العدالة فيما يتعلق بادعائه التعرض لخطر التعذيب بسبب تحوله إلى الديانة المسيحية.

9 - 9 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب الشكوى أنه إذا رُحِّل إلى جمهورية إيران الإسلامية، فمن المحتمل ألا تتاح له إمكانية الحصول على العلاج الطبي المتخصص لإصابته بورم في الغدة النخامية، وهو ما يمكن أن يؤدي في حال انعدام العلاج إلى العمى، ولا إمكانية الحصول على العلاج لاكتئابه وقلقه الشديد. وتلاحظ اللجنة أيضاً تأكيد الدولة الطرف أن مرض صاحب الشكوى ليس من الخطورة في الوقت الراهن بحيث يبدو إنفاذ أمر الطرد غير معقول، وأن الأطباء أجروا تقييماً لحالته واعتبروا أنها قابلة للعلاج. وترى الدولة الطرف أنه بالنظر إلى مستوى الرعاية العامة في جمهورية إيران الإسلامية، لا يوجد سبب يدعو إلى افتراض أن الرعاية والعلاج المقبولين لن يكونا متاحين.

9 - 10 وتلاحظ اللجنة أن سلطات الهجرة والمحاكم المحلية استندت في معلوماتها بشأن توافر الرعاية والعلاج المقبولين في جمهورية إيران الإسلامية إلى تقارير يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من عام 2006 إلى عام 2017 ، في حين يؤكد صاحب الشكوى أن تقريراً آخر نُشر في عام 2018 وهو يشير إلى أن الجزاءات المفروضة على البلد أسفرت عن أوجه قصور في توافر أدوية معينة، بما في ذلك الأدوية المستخدمة لعلاج السرطان. وفي الوقت نفسه، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يقدم أي معلومات محددة عن مدى توافر الأدوية التي يتناولها حالياً في جمهورية إيران الإسلامية لغرض علاجه. وتذكِّر اللجنة بأن المحاكم المحلية هي المختصة في الواقع بتقييم الوقائع والأدلة في قضية معينة، ما لم يثبت أن هذا التقييم كان تعسفياً بشكل واضح أو بلغ حد إنكار العدالة ( ) . كما لا ترى اللجنة أن الحالة الصحية لصاحب الشكوى هي في حد ذاتها ذات طابع استثنائي يؤدي إلى فرض التزامات الدولة الطرف بعدم الإعادة القسرية ( ) .

10 - واستناداً إلى ما ورد أعلاه، ترى اللجنة في ضوء المواد المعروضة عليها أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة كافية تمكّنها من استنتاج أن من شأن ترحيله قسراً إلى بلده الأصلي أن يعرضه لخطر حقيقي ومتوقع وشخصي وقائم بمواجهة معاملة منافية لأحكام المادة 3 من الاتفاقية.

11 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22 ( 7) من الاتفاقية، تخلص إلى أن إبعاد الدولة الطرف لصاحب الشكوى إلى جمهورية إيران الإسلامية لن يشكل خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية.