الأمم المتحدة

CED/C/IRQ/VR/1 (Findings)

الاتفاقيـة الدوليــة لحمـايـة جمـيـع الأشخاص من الاختفاء القسري

Distr.: General

19 April 2023

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري

تقرير اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري عن زيارتها للعراق بموجب المادة 33 من الاتفاقية * **

معلومات عن الزيارة ونتائجها (الفقرة 1 من المادة 3 3 )

أولاً- برنامج الزيارة وتعاون الدولة الطرف

1 - في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، طلبت اللجنة القيام بزيارة قطرية إلى العراق امتثالاً لولايتها بموجب المادة 33 من الاتفاقية. وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 ، أكدت الدولة الطرف رسمياً موافقتها على الزيارة، معربةً بذلك عن انفتاحها على التدقيق والدعم الدوليين فيما يتعلق بمسألة تثير قلقاً بالغاً هي مسألة حالات الاختفاء.

2 - وأجرت اللجنة زيارتها في الفترة من 12 إلى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 202 2 . وقام بها وفد مؤلف من ثلاثة من أعضاء اللجنة ( ) . وفي نهاية الزيارة، عرض الوفد نتائج أولية على الدولة الطرف وأصدر بياناً أولياً لتسليط الضوء على بعض الجوانب التي لاحظها خلال وجوده في البلد (انظر المرفق 1 ) ( ) ، دون المساس بمحتوى هذا التقرير ( ) .

3 - وترحب اللجنة بوجه خاص بالتعاون والتسهيلات التي قدمتها الدولة الطرف قبل الزيارة وأثناءها، على الصعيدين الاتحادي والإقليمي، بما في ذلك في إقليم كوردستان العراق. وكان هذا التعاون ضرورياً لتتمكن اللجنة من تأكيد معظم مراحل الزيارة المطلوبة ومن الاضطلاع بأنشطتها المقررة. وزار الوفد الأنبار وبغداد وأربيل والموصل وسنجار. وعقد 24 اجتماعاً مع أكثر من 60 سلطة، واجتماعات مع أربعة وفود من المفوضية العليا لحقوق الإنسان في المحافظات التي زارها، وعقد سبعة اجتماعات مع 171 ضحية ومع منظمات للمجتمع المدني من محافظات الأنبار وبغداد وكركوك وديالى وأربيل ونينوى وصلاح الدين. وتمكن الوفد من معاينة عمليتي استخراج جثث وزار مركزاً مؤقتاً لتحديد البصمة الوراثية (DNA) في سنجار . وزار الوفد أيضاً دائرة الطب العدلي وأربعة من أماكن سلب الحرية( ). وعقد الوفد اجتماعات تشاورية مع مكتب الأمم المتحدة في العراق وممثلي الدول الأعضاء، وكذلك مع منظمات دولية معنية بمكافحة حالات الاختفاء (انظر annex 2: list of meetings).

4 - وتعرب اللجنة عن تقديرها لاستعداد جميع مَن قابلتهم للتحاور وتقديم معلومات ووثائق قيّمة للغاية. وتعرب أيضاً عن امتنانها للدعم الذي قدمته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق قبل الزيارة وأثناءها. وأخيراً، تعرب اللجنة عن امتنانها الخاص لعوائل المختفين وأقاربهم لما أدلوا به من شهادات وأفكار ومقترحات، وتود أن توجه انتباه الجمهور إلى كفاحهم اليومي.

5 - وترحب اللجنة باستعداد الدولة لتعزيز تعاونها وتفاعلها مع اللجنة والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، كل في إطار ولايته. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بأن زيارتها تشكل خطوة جديدة في تفاعلها مع العراق، وهو من أوائل البلدان التي صدقت على الاتفاقية. وقد دأب العراق على تقديم تقاريره بموجب المادة 29 من الاتفاقية في أوانها، وكان أول دولة طرف قبلت إجراء حوار تفاعلي عبر الإنترنت بالكامل مع هيئة من هيئات المعاهدات، على نحو أتاح له التفاعل مع اللجنة على الرغم من القيود التي فرضتها جائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد- 1 9 ). كما تشكر اللجنة الدولة الطرف على المعلومات التي أحالتها في 13 آذار / مارس 2023 ، ولكنها تأسف للتأخير في تلقي ذلك الرد ( ) ، ولأن الإجابات المقدمة لا تجيب إلا جزئياً على الأسئلة المطروحة.

6 - وسبق أن أحالت اللجنة، من خلال الإجراءات المذكورة في الاتفاقية، توصيات محددة إلى الدولة الطرف لتعزيز منع الاختفاء القسري والقضاء عليه. ويشمل ذلك التوصيات المعتمدة بمناسبة النظر في تقارير الدولة الطرف، ومتابعتها في الأعوام 2015 و 2016 و 2020 و 2022 ، والتوصيات المحالة في كل من رسائل التسجيل والمتابعة المرسلة إلى الدولة الطرف بموجب الإجراءات العاجلة، والتي سجلت اللجنة بموجبها 578 حالة فردية تتعلق بالعراق حتى 29 آذار/مارس 202 3 . وتلاحظ اللجنة بارتياح أن التواصل مع الدولة الطرف ازداد في هذا الصدد، ولكن لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله: فغالبية الطلبات المسجلة لاتخاذ إجراءات عاجلة لا تزال دون رد، والمعلومات التي أحالتها الدولة الطرف لا توضح الإجراءات المتخذة لتنفيذ توصيات اللجنة. وقد أشارت اللجنة، في تقاريرها الخمسة السابقة المقدمة إلى الجمعية العامة ( ) ، إلى عدم وفاء العراق بالتزاماته بموجب المادة 30 من الاتفاقية. وتذكّر اللجنة بأن الإجراءات العاجلة تهدف إلى دعم السلطات والضحايا في عملية البحث والتحقيق، ولذلك يتوقف نجاحها على التدابير المتخذة لتنفيذ التوصيات المقدمة.

7 - وتؤكد اللجنة استعدادها لتعزيز التفاعل البناء والموثوق مع الدولة الطرف، ودعم تنفيذ الاتفاقية من أجل القضاء على الاختفاء القسري ومنعه، ومكافحة الإفلات من العقاب، وضمان وصول جميع الضحايا إلى الحقيقة والعدالة والجبر الكامل، بغض النظر عن أصلهم الإثني أو الديني أو القومي، والأصل القومي للجناة المزعومين، ووقت حدوث حالات الاختفاء ومكانها وظروفها.

8 - وتحال جميع النتائج والاستنتاجات والتوصيات الواردة في جزأي هذا التقرير إلى الدولة الطرف مع مراعاة هذا الهدف. وهي ثمرة تحليل شامل للمعلومات العلنية والسرية التي تلقتها اللجنة وتم التحقق منها على النحو الواجب.

ثانياً- السياق والاتجاهات التي لوحظت والإجراءات التي اتخذتها الدولة الطرف

ألف- الأنماط التاريخية والحالية

9 - بعد عقود من النزاعات والعنف السياسي، أُشير إلى حالات الاختفاء، بما فيها حالات الاختفاء القسري ( ) ، باعتبارها "مشكلة ذات أبعاد هائلة في العراق" ( ) . وتشير الأرقام المذكورة في المنشورات والوثائق الرسمية إلى نطاق يتراوح ما بين 000 250 ومليون شخص مختف، وتؤكد بلا شك الحجم الهائل لحالات الاختفاء في البلد. ويتعذر اليوم تقديم أرقام أدق. ومع ذلك، تسمح التقديرات الحالية والمعلومات المتاحة بتحديد مجموعة كبيرة من الأنماط المتنوعة.

10 - وتشير اللجنة إلى مختلف موجات وأنماط الاختفاء، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، المبينة في الوثائق المقدمة إليها ومن خلال تبادل الآراء مع محاوريها: (أ) عهد البعث في العراق الاتحادي وإقليم كوردستان ( 1968 - 2003 )؛ و(ب) من غزو العراق عام 2003 وما تلاه من احتلال إلى فترة ما قبل داعش؛ و(ج) إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( )  (المشار إليه فيما يلي باسم "داعش ") ( )  الخلافة الإسلامية على جزء من أراضي العراق والعمليات العسكرية ضد داعش ( 2014 - 2017 )؛ و(د) الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الفترة 2018 - 2020 ؛ و(ه) الأنماط المستمرة.

11 - وفي جميع هذه السياقات، يشمل الجناة المزعومون موظفي أمن الدولة، والقوات العسكرية الأجنبية، والجهات المسلحة التي يشار إليها عادة باسم "الميليشيات" التي لها مستويات مختلفة من الانتماء إلى الدولة وموظفي الدولة أو القرب منهم، أو التي، على العكس من ذلك، تتصرف دون إذن أو دعم أو قبول من الدولة ( ) . وقد تأثر بذلك كل العراقيين، أياً كان انتماؤهم العرقي والديني.

عهد البعث في العراق الاتحادي وإقليم كوردستان (1968-200 3 )

12 - اتسم "عهد البعث" ( 1968 - 200 3 ) بالقمع الداخلي العنيف وانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع. وتسبق هذه الفترة بدء نفاذ الاتفاقية. وتأخذ اللجنة حالات الاختفاء القسري هذه في الاعتبار، نظراً لطابعها المستمر، من أجل فهم التحديات والالتزامات القائمة حالياً أمام الدولة الطرف في هذا الصدد فهماً أفضل، ومن أجل تحديد التدابير التي يتعين اتخاذها بطريقة تتكيف مع واقع البلد ( ) .

13 - وكان صدام حسين ينوي إقامة دولة بقيادة حزب واحد هو حزب البعث. واعتُبرت الأحزاب المنافسة، ولا سيما الحزب الشيوعي وحزب الدعوة الإسلامية، أعداء داخليين وقُمعت بأساليب منها الاختفاء القسري ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، انخرط النظام في أعمال عنف مسلح ضد الأكراد المطالبين بالحكم الذاتي. وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 000 290 شخص اختفوا قسراً خلال هذه الفترة ( ) ، بما في ذلك ما يقدَّر بنحو 000 100 من الأكراد الذين اختفوا قسراً كجزء من حملة الإبادة الجماعية التي شنها صدام حسين في كوردستان العراق ( ) . وقد اعتُقل غالبية هؤلاء الأشخاص خلال حملة الأنفال من شباط/فبراير إلى أيلول/سبتمبر 198 8 . وعاد العديد من النازحين من حلبجة ( )  من البلدان المجاورة، ولكن قوات الأمن العراقية ألقت القبض عليهم واحتجزتهم في معسكرات الاعتقال أو السجون ( ) ، وفي كثير من الأحيان بمعزل عن العالم الخارجي.

14 - وخلال الحرب بين جمهورية إيران الإسلامية والعراق، من عام 1980 إلى عام 1988 ، تضرر المدنيون على جانبي الحدود بالعمليات العسكرية واختفى المئات ( ) . وطردت حكومة العراق أكثر من نصف مليون شيعي من العراق بافتراض أنهم موالون لجمهورية إيران الإسلامية. وتشير التقديرات إلى أن عملية الطرد سبقها سجن واختفاء 000 50 إلى 000 70 رجل وفتى ( ) . ولا تزال آلاف العوائل العراقية تأمل في أن يكون ذووها على قيد الحياة محتجزين في معسكرات الاعتقال الإيرانية.

15 - وفي عام 1990 ، أسفر غزو العراق واحتلاله للكويت عن اعتقال واختفاء أكثر من 600 كويتي ورعايا بلدان ثالثة. وبعد نهاية حرب الخليج، نظم أفراد من السكان الشيعة في جنوب العراق انتفاضة ضد حكومة العراق. ورداً على ذلك، احتجزت القوات الحكومية وأخفت آلاف الشيعة، بمن فيهم رجال دين وطلاب ( ) .

من غزو العراق عام 2003 وما تلاه من احتلال إلى فترة ما قبل داعش

16 - من عام 2003 إلى فترة ما قبل داعش، أسر جيش الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤه ما لا يقل عن 000 200 عراقي، منهم 000 96 احتُجزوا في وقت من الأوقات في سجون تديرها الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية. ووفقاً للمعلومات المتاحة، ألقي القبض على المحتجزين دون أمر قضائي لمشاركتهم في عمليات تمرد، بينما كان آخرون مدنيين تصادف وجودهم "في المكان الخطأ في الوقت الخطأ" ( ) . وبسبب الأعداد الهائلة من الاعتقالات، لم يتم تسجيل المحتجزين ولا حساب عددهم على النحو الواجب ( ) . واحتُجز المعتقلون إلى أجل غير مسمى دون تهمة ( ) ، وفي كثير من الحالات، لم يخطر التحالف عوائل المحتجزين باعتقالهم: لم تقدَّم أي معلومات عن هوية المعتقلين أو مكانهم أو سبب الاعتقال أو نقلهم المحتمل. وفي هذه الحالات، تعرضوا للاختفاء القسري أياماً أو أسابيع أو شهوراً أو سنوات قبل أن يتمكنوا من الاتصال بعوائلهم ( ) .

17 - وترافقت سياسات اجتثاث البعث التي نُفذت في تلك الفترة مع فصل أعداد كبيرة من السنة من مناصب القطاع العام، وحُل الجيش العراقي. وقد أدى هذا الوضع إلى نمو الجماعات المسلحة المشار إليها عموماً باسم الميليشيات. وخلال أسوأ فترات العنف، في عامي 2006 و 2007 ، اختفى عشرات الآلاف من الأشخاص. وفي الفترة من عام 2006 إلى حزيران/ يونيه 2007 ، سُلمت حوالي 000 20 جثة إلى معهد الطب العدلي في بغداد. ولم يتسن التعرف على معظم هذه الجثث ( ) . وقلما حضرت العوائل إلى المشرحة لاستلام الجثث، خوفاً من انتقام الأجهزة الأمنية ( ) .

18 - وفي أعقاب انسحاب قوات الولايات المتحدة، استمرت حالات الاختفاء، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، مثل الحالات التي ارتُكبت خلال حملة القمع التي شنتها قوات الأمن العراقية في تشرين الأول/أكتوبر 2011 ضد أعضاء مزعومين في حزب البعث السابق في تكريت وعدة محافظات أخرى. واختفى العديد ممن احتُجزوا في ذلك السياق ( ) .

19 - وخلال حملة عسكرية أُطلق عليها اسم "ثأر الشهداء"، قُبض تعسفاً على أكثر من 000 1 شخص وقُتل عدد لا يحصى من الأشخاص الآخرين على مدى أسبوعين. وجرت المرحلة الأولى من عملية "ثأر الشهداء" في الفترة من 1 إلى 12 آب/أغسطس 201 3 . وأُطلق على جميع الذين اعتُقلوا وقُتلوا وصف "الإرهابيين". وبحلول 20 آب/أغسطس 2013 ، بلغ عدد الموقوفين 1500 وأعلنت الحكومة آنذاك اعتقال آلاف "الإرهابيين"، دون تقديم أي دليل على انتماءاتهم.

إعلان داعش دولة الخلافة الإسلامية على جزء من أراضي العراق والعمليات العسكرية ضد داعش (2014-201 7 )

20 - في 10 حزيران/ يونيه 2014 ، سيطر تنظيم داعش على مدينة الموصل. وأدى ذلك إلى دخول العراق في نزاع مسلح داخلي استمر حتى عام 201 7 . وطوال تلك الفترة، كان من بين الضحايا أفراد منتسبون إلى حكومة العراق أو يُعتقد أنهم كانوا منتسبين إليها في السابق، مثل الموظفين العموميين السابقين والعاملين في الاقتراع؛ ومهنيون، مثل الأطباء والمحامين؛ وصحفيون؛ وزعماء قبليون ودينيون؛ وأفراد من أقليات دينية غير مسلمة، بما في ذلك المسيحيون والأيزيديون ؛ ومرشحات سياسيات. واختُطف آخرون و/أو قُتلوا بحجة أنهم ساعدوا قوات الأمن الحكومية أو قدموا معلومات إليها، أو بسبب ميولهم الجنسية المفترضة. ولا يزال الكثير منهم في عداد المختفين. ويُفترض أن بعضهم قد مات؛ ويُعتقد أن آخرين ما زالوا أسرى لدى داعش أو اتُجر بهم إلى خارج العراق ( ) .

21 - وخلال الفترة 2014 - 2017 ، نفذ تنظيم داعش أيضاً عمليات اختطاف وقتل جماعي لأفراد من الجيش العراقي وقوات الأمن، مثل مجزرة معسكر سبايكر ( ) . كما استُهدفت الأقليات الإثنية والدينية بأفعال تصل إلى حد الاختفاء القسري. وفي 3 آب/أغسطس 2014 ، عمد تنظيم داعش، في منطقة سنجار ذات الأغلبية الأيزيدية ، إلى اختطاف وإخفاء آلاف النساء والفتيات للزواج القسري أو الاستعباد الجنسي، في حين فُصل الرجال والفتيان وقُتلوا ودُفنوا في مقابر جماعية ( ) . وتشير التقديرات إلى أن حوالي 800 6 من الأيزيديين قد اختُطفوا وقُتل منهم نحو 100 3 في بضعة أيام. وتشير التقديرات إلى أن 000 3 منهم ما زالوا مختفين ( ) . كما اختُطفت مئات النساء الآشوريات المسيحيات ونساء الشبك والتركمان الشيعة من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش، ولا يزال مصير العديد منهن مجهولاً.

22 - ووفقاً للادعاءات الواردة، أدى النزاع مع داعش أيضاً إلى نمو الميليشيات ذات الأغلبية الشيعية في العراق: فبعد انهيار الجيش العراقي في الموصل، أصدر آية الله العظمى السيستاني فتوى لانضمام الرجال إلى القتال لإنقاذ بلدهم. وتشكلت نتيجة لذلك قوات الحشد الشعبي، وهي منظمة جامعة لميليشيات جديدة وقائمة قاتلت إلى جانب القوات المسلحة العراقية في الحرب على داعش. ووُضعت قوات الحشد الشعبي تحت سيطرة مكتب رئيس الوزراء في عام 2015 وأُدمجت لاحقاً بصفة قانونية في الجيش العراقي ومُنح أفرادها رواتب ورتباً عسكرية مكافئة ( ) . ومع ذلك، من الناحية العملية، تبقى سيطرة الحكومة على فصائل قوات الحشد الشعبي محدودة، حيث إن لكل منها هيكل قيادة مستقلاً وأيديولوجيات متنافسة، وتدين بالولاء لقيادات سياسية ودينية شتى.

23 - ومهما كانت درجة الانتماء هذه، تشير المعلومات المتاحة إلى أن وحدات قوات الحشد الشعبي شاركت في العمليات العسكرية لاستعادة المدن الكبرى من داعش وسيطرت على نقاط تفتيش ومرافق احتجاز في جميع أنحاء البلد. "في هذه العملية، احتجزوا عشرات الرجال والفتيان معظمهم من السنة" الفارين من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش ( ) . وفي محافظة الأنبار، اختفى ما لا يقل عن 000 1 رجل وفتى، معظمهم من العرب السنة، على أيدي القوات الموالية للحكومة على مدار العمليات العسكرية التي وقعت في عامي 2015 و 201 6 . وقد أُخذ هؤلاء الأفراد من مراكز الفرز الأمني التي أقيمت في قضاءي الفلوجة والرمادي لاعتراض المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم داعش ( ) . وتلقت اللجنة ادعاءات بأن حكومة إقليم كوردستان وقوات مخابراتها، الأسايش ، متورطة أيضاً في تجاوزات، بما فيها الإخفاء القسري لأفراد احتُجزوا للاشتباه في انتمائهم إلى تنظيم داعش، وخاصة في محافظة كركوك.

24 - ووفقاً للمعلومات المقدمة إلى اللجنة، جرى تكثيف عمليات فرز المنتسبين المحتملين إلى تنظيم داعش في عام 2017 ، وخاصة في منطقة الموصل. ويُدّعى أن العوائل التي فرت من المدينة أوقفت في مراكز الفرز التي تشرف عليها القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي والقوات الكردية: "فُصل الرجال والفتيان عن عوائلهم ودُققت أسماؤهم على ‘قوائم المطلوبين‘ الحكومية من المنتسبين لداعش. مع ذلك، شملت الأسماء الواردة في قوائم المطلوبين أفراداً يُدعى أنه كان لهم دور غير قتالي مع داعش (مثل الطهاة أو السائقين )، أو الأفراد الذين تربطهم صلة قرابة بشخص ينتمي إلى داعش، أو الأشخاص الذين اتهمهم أفراد مجتمعهم بالانتماء إلى داعش. علاوةً على ذلك، نظراً لانتشار الأسماء المتشابهة في العراق، قد يُحتجز بعض الأفراد لمجرد أنهم يحملون اسماً مشابهاً لاسم شخص في القائمة. واقتيد الرجال والفتيان الذين لم يجتازوا عملية الفرز، دون إخطار عوائلهم" ( ) . ومنذ ذلك الحين، تبحث العوائل عن أقاربها، ويزعم الكثيرون أن موظفي الدولة ينكرون احتجازهم، أو يرفضون تقديم معلومات عن مكان وجودهم.

25 - وطوال الزيارة، تلقى الوفد مجموعة واسعة من الادعاءات المتسقة عن حالات اختفاء قسري ارتكبتها القوات المسلحة العراقية، بما في ذلك قوات الحشد الشعبي، أثناء استعادة السيطرة من تنظيم داعش في محافظات الأنبار وديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين وفي أجزاء من محافظتي بغداد وبابل. ويدعي أفراد عوائل المختفين بوجه عام أنهم ربما احتُجزوا في مراكز احتجاز مختلفة، بما في ذلك في منطقة جرف الصخر في محافظة بابل، التي يتعذر دخولها على العوائل والمنظمات الوطنية والدولية.

احتجاجات الفترة 2018-2020

26 - وقعت الموجة التالية من حالات الاختفاء القسري المزعومة في سياق الاحتجاجات التي جرت في الفترة من 2018 إلى 2020 ، والتي شارك فيها أشخاص من جميع الخلفيات الإثنية: انطلقت في تموز/يوليه 2018 في البصرة، احتجاجاً على تلوث المياه وانقطاع الكهرباء ونقص الخدمات الأساسية. وفي الفترة من 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019 فصاعداً، وقعت احتجاجات في بغداد ومدن أخرى. وفي كلتا الفترتين، وردت أنباء عن إفراط قوات الأمن في استخدام القوة، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى ( ) . ووقعت عمليات اختطاف واحتجاز تعسفي، أعقبها اختفاء متظاهرين، خلال كلتا الموجتين. واحتُجز المحتجون بعيداً عن الشوارع أو عند عودتهم من الاحتجاجات، إما على أيدي قوات الأمن أو الجماعات المسلحة التي يشار إليها عموماً باسم الميليشيات ( ) .

27 - وتشير الإفادات التي تلقتها اللجنة إلى أنه في حين أن بعض المحتجزين ما زالوا مختفين، أتيحت لمعظمهم فرصة إبلاغ عوائلهم بأماكن وجودهم، ولكن بعد مضي أيام أو أسابيع على اعتقالهم. وفي غضون ذلك، لم يتمكنوا في كثير من الأحيان من الاتصال بمحام، وعندما سألت عوائلهم السلطات المختصة عن أماكن وجودهم، لم تحصل على أي رد ( ) . وهذه الأنماط تجعل من معظم الاعتقالات المشار إليها اعتقالات سرية وحالات اختفاء قسري، انتهاكاً للمواد 1 و 2 و 17 من الاتفاقية ( ) .

الأنماط المستمرة

28 - في أعقاب احتجاجات الفترة 2018 - 2020 ، تلقى الوفد عدداً كبيراً من الادعاءات المماثلة التي تشير إلى حالات اختفاء قسري حدثت بعد اعتقال الأشخاص أو احتجازهم بصفة غير قانونية أو احتجازهم في مكان مجهول. وتشير الإفادات إلى تدخل مباشر من سلطات الحكومة المركزية، أو من سلطات حكومة إقليم كوردستان مثل البيشمركة والشرطة البلدية والأسايش . وأفاد بعض الضحايا الذين أُجريت معهم مقابلات بأن أقاربهم اختُطفوا وهم منشغلون بشؤونهم اليومية في المنزل أو في طريقهم إلى العمل أو المدرسة أو مراكز التسوق. وشوهد بعضهم وهم يوقفون على يد مجموعات من الرجال يرتدون زياً رسمياً أو شارات مرتبطة بالشرطة المحلية، أو قوات الأمن، وشوهد آخرون توقفهم ميليشيات ترتدي زياً رسمياً. ووفقاً للمعلومات المقدمة إلى اللجنة، من الشائع أن يطلق الأفراد المسلحون النار في الهواء لمنع الناس من الاقتراب من المكان، حتى لا يقوموا بالتصوير أو تسجيل أرقام لوحات الترخيص.

29 - وفي هذا السياق، يمكن تلخيص نمط مشترك أُبلغ إلى اللجنة بالشهادة التالية التي وردت أثناء الزيارة: "ذهب ابني لزيارة ابن عمه. اتصلتُ به بُعيد خروجه لأنه نسي الخبز الذي أردتُ أن يأخذه لابن أخي. أجاب قائلاً إنه كان عند نقطة تفتيش وأن بعض الرجال بالزي العسكري كانوا يفتشونه، وأنه سيتصل بي بعد ذلك مباشرة. لكنه لم يفعل قط. وعندما عاودتُ الاتصال به، لم يرد. ولم يصل قط إلى بيت ابن أخي. ومنذ ذلك الحين، وأنا أبحث عنه في كل مكان، وفي كل سجن، ولدى جميع السلطات. لكن لا شيء، لا شيء، لا شيء". وقُدمت إلى اللجنة ادعاءات مماثلة كثيرة تكشف عن العنف المتعدد الأبعاد للحالة التي يواجهها الضحايا.

30 - وأُبلغت إلى اللجنة أنماط أخرى من حالات الاختفاء والاختفاء القسري في مختلف المحافظات، تتمثل في أفعال ترتكبها جهات غير حكومية، بالتواطؤ أحياناً مع موظفي الدولة. ويشير أول هذه الأنماط إلى الاختفاء القسري المزعوم في سياق الاتجار بالأشخاص، وأساساً لأغراض الاتجار بالمخدرات والاستغلال الجنسي والسخرة. وتفيد التقارير بأن جهات مثل قوات الحشد الشعبي والقبائل ضالعة في هذه الأعمال، وأحياناً بإذن أو دعم أو قبول من موظفي الدولة. ويمس هذا الأمر النساء والأطفال والمهاجرين بوجه خاص. ويختفي الضحايا في أيدي شبكات الاتجار، ويتعذر عليهم الاتصال بعوائلهم أو أقاربهم. والإجراءات المحدودة للغاية التي اتخذتها السلطات المختصة نادراً ما تسمح بتحديد مكانهم، وهي تثير مسؤولية الدولة بموجب المادة 2 أو 3 من الاتفاقية.

31 - كما أشار الضحايا إلى الاختفاء القسري المزعوم للأطفال، وخاصة الأطفال من أصل إيزيدي ، الذين وُلدوا بعد الاستغلال الجنسي لأمهاتهم في مخيمات داعش. وأُبلغت إلى الوفد حالات اضُطرت فيها الأمهات، بعد عودتهن إلى العراق، إلى ترك أطفالهن في دور أيتام، بِنية استعادتهم في أقرب وقت ممكن. غير أن الأمهات عندما عُدن إلى دار الأيتام قيل لهن إن أطفالهن "أعطوا" لعوائل أخرى ( ) ، وادُعي أن ذلك كان بضلوع مباشر من موظفي الدولة. ولا أحد يعطي الأمهات رداً عندما يسألن عن مكان وجود أطفالهن. ومما يسهل مثل هذه الحالات أنه يوجد، وفقاً للمعلومات المتاحة، مئات أو آلاف الأطفال المولودين تحت حكم داعش أو لآباء أجانب لم يسجَّلوا عند الولادة وليست لديهم وثائق مدنية. وعلى الرغم من وجود إطار قانوني يسمح بحصول الأطفال المولودين نتيجة العنف الجنسي على وثائق هوية، فإن الشهادات المختلفة التي تلقتها اللجنة تكشف عن أن الحصول على هذه الوثائق صعب جداً من الناحية العملية، خاصة أن ذلك "يتطلب من النساء الكشف علناً عما تعرضن له، هي تجارب تعتبرها عوائلهن وثقافتهن وقبيلتهن ودينهن مخزية للغاية" ( ) .

32 - وبموازاة ذلك، لا تزال مئات العوائل تبحث عن ذويها، ولديها شكوك في أنهم موجودون في مخيمات في تركيا أو الجمهورية العربية السورية أو جمهورية إيران الإسلامية، حيث لا يمكنهم الاتصال بالعالم الخارجي. وتستند هذه الفرضية عادة إلى معلومات يقدمها العائدون. ويشمل ذلك الأطفال: فتيان اختفوا بعد إكراههم أو العبث بعقولهم لدعم الجماعات المسلحة أو اضطروا إلى ذلك حفاظاَ على حياتهم، وفتيات أُخذن من عوائلهن لإجبارهن على الزواج واستغلالهن جنسياً. وفي جميع هذه الحالات، تقع على العراق والبلدان المجاورة مسؤولية البحث عن المختفين، والتحقيق في اختفائهم المزعوم أو اختفائهم القسري، وتقديم تعويضات للضحايا.

33 - وعلى وجه العموم، تلاحظ اللجنة أن العراق واجه في تاريخه الحديث ممارسة الاختفاء القسري وتدرك تماماً التحديات العديدة والخطيرة التي تواجهها الدولة الطرف في معالجة هذا الوضع. وفي هذا السياق وبالنظر إلى المعلومات التي جُمعت طوال الزيارة، تكرر اللجنة الإعراب عن بالغ قلقها إزاء انتشار ممارسة الاختفاء القسري على نطاق واسع في أنحاء كثيرة من أراضي الدولة الطرف على مدى فترات مختلفة، وإزاء تفشي الإفلات من العقاب ومعاودة الإيذاء ( ) . وتدعو اللجنة الدولة الطرف إلى معالجة هذا الواقع بجميع أبعاده وأشكاله، مع الاحترام الكامل لحقوق الضحايا.

34 - ويتطلب حجم الأنماط ونطاقها وتنوعها تدخلاً عاجلاً ومنسقاً من الدولة الطرف، وكذلك من البلدان المجاورة والمجتمع الدولي ككل. وتكرر اللجنة التزامها الثابت بدعم أي عمليات توضع لمنع حالات الاختفاء في العراق والقضاء عليها، بما فيها حالات الاختفاء القسري.

باء- الإجراءات التي اتخذتها الدولة الطرف

35 - إن تراكم هذه الموجات الخمس من حالات الاختفاء، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تضرر منها جميع أبناء الشعب العراقي منذ عام 1968 ، يؤثر على البلد ككل. وقد بذلت العديد من الجهات جهوداً وسعت إلى تشجيع الحقيقة والعدالة والتعويض. وشُجع اتخاذ العديد من المبادرات القانونية، وأُنشئت مؤسسات كثيرة للتجاوب مع الواقع. وتدرك اللجنة كل الإدراك التحدي الهائل الذي يطرحه الوضع العام لحالات الاختفاء في العراق بالنسبة للدولة الطرف، وتنظر فيه على النحو الواجب في جميع أجزاء هذا التقرير. وتود اللجنة أيضاً أن تؤكد أن الهدف الرئيسي من زيارتها ومن هذا التقرير هو تقديم الدعم، بطريقة بناءة، وطرح توصيات تهدف إلى تمكين الدولة الطرف والمجتمع العراقي قاطبةً من إحراز تقدم نحو القضاء على الاختفاء القسري ومنع حدوثه عن أي كان.

36 - وتود اللجنة، إذ تضع هذا المنظور في اعتبارها ودون أن تدعي تغطية كل الجوانب، أن تشدد على بعض الخطوات الإيجابية التي اتخذتها سلطات الدولة. أولاً، ترحب اللجنة مرة أخرى بانفتاح الدولة على التدقيق الدولي. فهذا أمر أساسي لنجاح أي مبادرة للقضاء على الاختفاء القسري ومنعه، من حيث إنه شرط مسبق لبذل جهود مشتركة لتحقيق هذه الغاية.

37 - وترحب اللجنة أيضاً بتشكيل اللجنة الوزارية المشتركة بقيادة دائرة حقوق الإنسان بوزارة العدل لجمع المعلومات المتعلقة بالمختفين، ولا سيما أولئك الذين أُبلغ عنهم من خلال الإجراءات العاجلة للجنة، وباعتماد قانون الناجيات الأيزيديات وإنشاء المديرية العامة لشؤون الناجيات الأيزيديات .

38 - وكما ذكرت اللجنة في ملاحظاتها الختامية وتفاعلها السابق مع الدولة الطرف، فإنها تنوه بالجهود التي بذلتها الحكومة لمعالجة ادعاءات الاختفاء القسري عن طريق إنشاء لجنتين لتقصي الحقائق (في عامي 2016 و 201 8 ) وتتطلع إلى الاطلاع على التقارير المستخلصة من التحقيقات التي أجرتها كل منهما والتي لم تُنشر بعد.

39 - وترحب اللجنة أيضاً بما اتخذته الدولة الطرف من مبادرات لتدريب موظفي الدولة على مسألة الاختفاء القسري والمسائل ذات الصلة، بسُبل منها مثلاً دليل حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الدفاع، والذي يتضمن معلومات عن منع التعذيب والاختفاء القسري.

40 - وبينما تلاحظ اللجنة أن الخطة الوطنية لحقوق الإنسان للفترة 2021 - 2025 يمكن أن تفيد من إدراج عناصر إضافية تتعلق باتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ( ) ، فإنها تعتبر اعتماد هذه الخطة خطوة إيجابية لتحديد الأولويات، بما في ذلك مكافحة الاختفاء القسري. وعلى نفس المنوال، ترحب اللجنة بإطلاق خطة إقليم كوردستان لحقوق الإنسان للفترة 2021 - 2025 ومشروع خطة عمل للفترة 2022 - 2026 بشأن الحق في معرفة الحقيقة.

41 - وأخيراً، ترحب اللجنة، كما سبق لها ذكره في ملاحظاتها الختامية ( ) ، بالخطوات المتخذة لصياغة ومناقشة مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، ومختلف مشاريع القوانين المتعلقة بمسألة الاختفاء القسري مثل "مشروع القانون المتعلق بالكيان الوطني/الهيئة الوطنية لشؤون المفقودين/المختفين" ومشروع القانون المتعلق بالحق في معرفة الحقيقة.

42 - وهذه الإجراءات مشاريع جارية، ولا يمكن تقييم نتائجها بعد. وبناءً على ذلك، توصي اللجنة الدولة الطرف بأن تواصل جهودها بشأن جميع هذه المبادرات لضمان امتثالها التام للاتفاقية وغيرها من المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وتنفيذها تنفيذاً فعالاً. ويتضمن هذا التقرير توصيات تتعلق ببعض هذه الإجراءات، وتدعو اللجنة الدولة الطرف وجميع الجهات المعنية إلى أخذها في الاعتبار.

43 - ويجب الحفاظ على التعاون بين سلطات الدولة والآليات الدولية لحقوق الإنسان والجهات الدولية الأخرى وزيادة تطويره، وتوطيده بالثقة والكفاءة، وفي إطار الامتثال التام للاتفاقية وغيرها من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.

44 - وتوصي اللجنة الدولة الطرف بأن تطلب إلى الهيئات الدولية والمجتمع الدولي إنشاء آليات للتعاون والتنسيق في المشاريع المضطلع بها لمعالجة حالات الاختفاء. ولا بد من تنفيذ هذه المشاريع على وجه السرعة بطريقة أكثر تضافراً لتجنب التداخل وسد ثغرات الحماية القائمة.

45 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها الطابع المستمر للاختفاء القسري ( ) ، توصي الدولةَ الطرف أيضاً بتنفيذ التزاماتها الحالية بموجب الاتفاقية فيما يتعلق بجميع حالات الاختفاء التي حدثت في البلد، بما في ذلك حالات الاختفاء التي وقعت بين عامي 1968 و2003 ( ) .

جيم- الأطر القانونية والمؤسسية الحالية

46 - من المشاكل الجوهرية التي تواجهها الدولة الطرف في التصدي لحالات الاختفاء القسري بفعالية وكفاءة عدم الوضوح الذي يكتنف نطاق هذه الحالات ومدى انتشارها، وتعقّد النظام. وتثير هذه المشاكل المزيد من الشكوك التي تغذي الارتياب وعدم الثقة في مؤسسات الدولة.

47 - ولا ينص الإطار القانوني الوطني على إجراءات محددة للبحث عن المختفين والتحقيق في حالات الاختفاء القسري المزعومة. بل إن القوانين والسياسات والممارسات المتعلقة بالمختفين تصنف هؤلاء الأشخاص تصنيفاً مفرطاً، وفق خصائص جماعية أو الظروف المفترضة لاختفائهم، وتفتقر هذه القوانين والسياسات والممارسات في كثير من المواضع إلى الاتساق. وتُعنى بهذه المسألة عدة كيانات حكومية، مثل الشرطة ومحاكم الأحوال الشخصية ووزارة الصحة ومؤسسة الشهداء والمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، ولكل منها ولاية محددة. وقد أدى تراكم الأنظمة والمؤسسات إلى ظهور أطر قانونية ومؤسسية مجزأة ومتداخلة ومحيرة.

ثالثاً- إرساء الأساس لمعالجة الاختفاء القسري: أولوية ملحة

48 - في ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن على الدولة الطرف أن تتخذ، على سبيل الأولوية القصوى، تدابير فورية لإرساء الأساس اللازم لمعالجة مسألة الاختفاء القسري. ويتطلب ذلك ما يلي: (أ) توضيح مفهوم الاختفاء القسري لجميع الجهات المعنية؛ و(ب) تنقيح الإطار القانوني الوطني وتجريم الاختفاء القسري بوصفه جريمة قائمة بذاتها؛ و(ج) توضيح الإطار المؤسسي وتعزيزه وضمان التنسيق المنهجي والفعال بين المؤسسات؛ و(د) إنشاء سجل موحد وموثوق به على الصعيد الوطني لحالات الاختفاء. وتشكل هذه المتطلبات شروطاً مسبقة لوضع استراتيجية فعالة لمنع الاختفاء القسري في العراق والقضاء عليه ( ) .

ألف- توضيح مفهوم الاختفاء القسري

49 - طوال الزيارة، أظهرت المناقشات مع السلطات الوطنية عدم وضوح مفهوم الاختفاء القسري. والبلبلة موجودة أيضاً بين عامة الناس، وكثيراً ما تُستخدم مجموعة واسعة من المصطلحات - مثل المختطفين والمختفين والمفقودين - كمترادفات.

50 - وبالفعل، تلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف التي اجتمعت بها أثناء الزيارة، عندما طُلب إليها تقديم أرقام محددة عن حالات الاختفاء القسري، أشارت مرارا إلى الإجراءات العاجلة البالغ عددها 555 إجراء المسجلة في ذلك الوقت بموجب المادة 30 من الاتفاقية. ولا يمكن اعتبار أن هذه الحالات تعكس على نحو شامل عدد حالات الاختفاء القسري المزعومة في العراق، وتذكّر اللجنة بأن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي أحال إلى الدولة الطرف ما مجموعه 575 16 حالة في الفترة من عام 1980 إلى عام 201 3 . وتود اللجنة أيضاً أن تؤكد على مئات الادعاءات المتعلقة بالاختفاء القسري التي تلقتها في محافظات مختلفة أثناء الزيارة.

51 - وتلاحظ اللجنة كذلك أن معظم محاوري الوفد استخدموا تعبير "مفقود". ولئن كان الاختفاء القسري مدرجاً فعلاً في مفهوم "المفقود"، فإن هذا المفهوم يغطي حالات تتراوح بين حالات الاختفاء الناجمة عن الكوارث الطبيعية وحالات الاختفاء التي تشكل جرائم ضد الإنسانية. ويشير تعبير "الاختفاء" حصراً إلى أفعال يرتكبها البشر، ويشمل ثلاث فئات فرعية هي: (أ) الاختفاء القسري، الذي يرتكبه موظفو الدولة أو أشخاص أو مجموعات من الأشخاص يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها؛ و(ب) الأفعال المحددة في المادة 2 من الاتفاقية التي ترتكبها جهات غير حكومية دون إذن أو دعم أو موافقة من الدولة؛ و(ج) الاختفاء القسري بوصفه جريمة ضد الإنسانية، بما في ذلك عندما ترتكبه جهات غير حكومية.

المفقودون: أشخاص اختفوا لأسباب شتى، مثل الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة والاتجار بالبشر والاختفاء القسري، أو لأسباب أخرى "المفقودون" و"الاختفاء" و"الاختفاء القسري": توضيح المفاهيم

الاختفاء القسري: اختفاء ارتكبه موظفو الدولة أو أشخاص أو مجموعات من الأشخاص يتصرفون بإذن أو بدعم من الدولة أو بموافقتها (المادة 2 من الاتفاقية) المختفون: أشخاص وقعوا ضحايا أفعال ارتكبها بشر الاختفاء القسري بوصفه جريمة ضد الإنسانية، بما في ذلك عندما ترتكبه جهات غير حكومية (المادة 5 من الاتفاقية) الأفعال المحددة في المادة 2 التي ترتكبها جهات غير حكومية دون إذن أو دعم أو موافقة من الدولة

52 - وتذكّر اللجنة بأن المادة 2 من الاتفاقية تنص على أن الدول الأطراف تتحمل المسؤولية عن أفعال الاختفاء القسري التي يرتكبها الموظفون العموميون، بصرف النظر عن الظروف التي تحدث فيها. وبموجب المادة نفسها، تتحمل الدول الأطراف أيضاً المسؤولية عن أفعال الاختفاء القسري التي يرتكبها أشخاص أو مجموعات من الأشخاص، مثل المنظمات الإجرامية، يتصرفون بإذن أو بدعم من الدولة أو بموافقتها. ويمكن أن يحدث هذا الإسناد في أي سياق وقائعي، بما في ذلك حالات السلم أو النزاع المسلح الوطني أو الدولي. ويعني "الإذن" في هذا السياق أن الدولة، عن طريق موظفيها، قد أذنت شفوياً أو خطياً لأشخاص أو لمجموعات من الأشخاص بارتكاب حالة اختفاء. ويعني "الدعم" أن الدولة قدمت بعض المساعدة إلى أشخاص أو مجموعات من الأشخاص ارتكبوا جريمة اختفاء قسري، بسُبل منها تبادل المعلومات و/أو توفير وسائل مثل البُنى التحتية أو التمويل أو الأسلحة أو التدريب أو اللوجستيات. ولأغراض الإسناد في هذا السياق، لا يلزم تقديم الدعم بهدف محدد هو ارتكاب اختفاء قسري. وتعني "الموافقة" أن الدولة كانت على علم، أو كانت توجد أسباب تجعلها على علم، أو كان ينبغي أن تعلم بارتكاب الاختفاء القسري أو بوجود خطر حقيقي ووشيك لارتكاب شخص أو مجموعات من الأشخاص الاختفاء القسري، ولكن: (أ) إما قبلت هذا الوضع أو تغاضت عنه أو وافقت عليه، ولو ضمنياً؛ (ب) أو تخلفت عمداً، وعن علم تام بفعل أو امتناع، عن اتخاذ تدابير لمنع الجريمة والتحقيق مع مرتكبيها ومعاقبتهم؛ (ج) أو تصرفت بالتواطؤ مع الجناة، أو بتجاهل تام لحالة الضحايا المحتملين، مما يسر أعمال الجهات غير الحكومية التي ترتكب الفعل ؛ أو (د) هيأت الظروف التي سمحت بارتكابها. وعلى وجه الخصوص، تحدث الموافقة بالمعنى المقصود في المادة 2 عندما يوجد نمط معروف لحالات اختفاء الأشخاص وتكون الدولة تخلفت عن اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع المزيد من حالات الاختفاء والتحقيق وتقديم الجناة إلى العدالة.

53 - وهذا لا يعني أن الدول الأطراف لا تتحمل مسؤولية فيما يتعلق بحالات الاختفاء التي يرتكبها أشخاص أو مجموعات من الأشخاص يتصرفون دون إذن أو دعم أو موافقة من الدولة. وحتى في هذه الحالات، تتحمل الدول الأطراف مسؤولية إن هي لم تحقق في حالات الاختفاء ولم تقدم المسؤولين عنها إلى العدالة. كما أنها تتحمل مسؤولية إن هي تخلفت عن البحث عن المختفين وتحديد مكانهم، وفي حالة وفاتهم، إن لم تتم إعادة الجثث إلى العوائل والأقارب بطريقة كريمة، وبوجه عام، إن لم تف بالتزاماتها تجاه الضحايا، بمن فيهم الأطفال ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تذكّر اللجنة بأن على الدول، بموجب القانون الدولي، التزامات صارمة ببذل العناية الواجبة عندما تكون على علم بحدوث اختفاء، أو بوجود خطر حقيقي ووشيك بأن تقع حالة اختفاء على يد جهة غير حكومية. وتكون التزامات العناية الواجبة هذه صارمة بوجه خاص عندما يتعلق الأمر بالنساء أو الفتيات، بسبب ما قد يكون من صلة بين الاختفاء وأفعال منها العنف الجنسي وقتل الإناث والاتجار بالنساء.

54 - ويجب على الدولة الطرف أن تكفل على وجه السرعة إيجاد فهم واضح لمفاهيم "المفقودين" و"الاختفاء" و"الاختفاء القسري" واستخدامها لتحديد نطاق كل فئة من الفئات وتوضيح مختلف أشكال المسؤولية التي تتحملها الدولة الطرف. ويجب على جميع أصحاب المصلحة أن يحسنوا التمييز بين هذه المفاهيم من أجل ضمان استخدام التعبير الصحيح، والسماح بتحديد المسؤوليات الواقعة على الدولة الطرف وغيرها من الجهات الفاعلة، ووضع وتنفيذ استراتيجيات مناسبة وفعالة لمنع حالات الاختفاء القسري والقضاء عليها.

باء- تنقيح الإطار القانوني وتجريم الاختفاء القسري بوصفه جريمة قائمة بذاتها

55 - في الوقت الحاضر، تتناول أحكام شتى من قوانين مختلفة قضية الأشخاص المختفين في العراق. ويشمل هذا الإطار القانوني المعقد أكثر من 30 تشريعاً تتراوح ما بين أحكام الدستور والقوانين والتعليمات – مثل قانون العقوبات (القانون رقم 111 لسنة 1969 )، بصيغته المعدلة سنة 2010 ، الذي يجرم القبض على الأشخاص وخطفهم وحجزهم بصفة غير قانونية؛ وقانون أصول المحاكمات الجزائية (القانون رقم 23 لسنة 1971 )؛ وقانون حماية المقابر الجماعية (القانون رقم 5 لسنة 2005 )، الذي عُدل سنة 2015 إلى قانون شؤون المقابر الجماعية (القانون رقم 13 لسنة 2015 )؛ وقانون الطب العدلي (القانون رقم 37 لسنة 2013 )؛ وقانون تسجيل الولادات والوفيات (القانون رقم 148 لسنة 1971 )؛ وقانون مؤسسة الشهداء (القانون رقم 3 لسنة 2006 )، المعدل سنة 2015 ؛ وقانون وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين لإقليم كوردستان العراق (القانون رقم 8 لسنة 2006 )؛ وقانون المفقودين في حملات الإبادة الجماعية لشعب كوردستان العراق (القانون رقم 3 لسنة 1999 لإقليم كوردستان العراق )؛ وقانون حقوق وامتيازات وحيد الإبادة الجماعية (القانون رقم 14 لسنة 2015 )؛ وقانون الناجيات الإيزيديات لسنة 202 1 . وتغطي هذه القوانين وغيرها أكثر من 70 عاماً من التطورات التشريعية ( ) وتخلق نظاماً مشتتاً ومجزأً للغاية مع ولايات وإجراءات متداخلة. ولا يقدم أي من هذه القوانين أو التعليمات تعريفاً للاختفاء القسري.

56 - وكما أبرزت اللجنة في ملاحظاتها الختامية في عامي 2015 و 2020 وفي تقرير المتابعة الذي قدمته في عام 2022 ، فإن عدم وجود تعريف صريح للاختفاء القسري بصفته جريمة مستقلة بذاتها في التشريع الوطني يثير قلقاً بالغاً. وهذا الصمت المعياري يغذي الخلط بين المفاهيم، ويحول دون التحديد الواضح لنطاق الجريمة ومسؤولية الدولة. وانعدام الوضوح في هذا الصدد يحد بشدة من إمكانية وضع خطط عمل فعالة لمعالجة الاختفاء القسري. وأياً كانت طرائق وأهداف الإجراءات المتخذة، فإن العمل على جريمة غير موجودة في الإطار القانوني الوطني لن يجدي في حقيقة الأمر نفعاً.

57 - واللجنة على علم تام بمختلف المحاولات الرامية إلى وضع مشروع قانون بشأن الاختفاء القسري في العراق. ففي عام 2017 ، طرحت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي مشروع قانون قُدم للقراءة الأولى في البرلمان. وفي عام 2018 ، قدمت وزارة العدل مشروع قانون منفصلاً، راجعه مجلس الدولة وأحاله إلى الدائرة القانونية بمجلس الوزراء طلباً لمزيد من التعليقات. وبموازاة ذلك، تجري مناقشة مشروع قانون بشأن "المفقودين" ومشروع لإصلاح قانون العقوبات.

58 - وخلال الزيارة، كشفت المناقشات التي أجراها الوفد مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني ومؤسسات الدولة التي تنبغي استشارتها بشأن التعديلات التي أُدخلت على مشروع القانون عن عدم وضوح الصيغة المراد مناقشتها. وفي الوقت الحاضر، يبدو أن الاستراتيجية التشريعية تشجع على اتباع نهج مجزأ بدلاً من التشجيع على تحليل شامل ومترابط للمشاريع القائمة.

59 - و يجب على الدولة الطرف، من أجل إرساء الأساس لنظام يعالج حالات الاختفاء بكفاءة، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، أن تنقح وتبسط إطارها القانوني المتعلق بالاختفاء. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي لها أن تتجنب اعتماد تشريعات مخصوصة لمعالجة حالات محددة، بل ينبغي أن تنشئ إطاراً قانونياً واحداً يعالج جميع حالات الاختفاء، ويوضح مختلف المفاهيم والولايات والإجراءات.

60 - وفي هذا الصدد، يجب على الدولة الطرف، دون مزيد من التأخير، أن تحدد الطريقة التي تود اتباعها لضمان تجريم الاختفاء القسري بوصفه جريمة قائمة بذاتها في تشريعها الوطني، بالامتثال الكامل للاتفاقية ( ) . وتشكل هذه العملية التزاماً على الدولة الطرف بموجب الاتفاقية وشرطاً مسبقاً لفعالية وكفاءة أي استراتيجيات وسياسات مستقبلية تتعلق بالاختفاء القسري.

61 - وأياً كانت الاستراتيجية المختارة (قانون محدد بشأن الاختفاء القسري، أو قانون بشأن "المفقودين"، أو إدراج الاختفاء القسري بوصفه جريمة قائمة بذاتها في قانون العقوبات، أو مزيج من أجزاء مما سبق )، يجب على الدولة الطرف أن تكفل تمييزاً واضحاً ومنهجياً بين مفاهيم "المفقودين" والاختفاء والاختفاء القسري، امتثالاً للاتفاقية (انظر الفقرة 51 أعلاه ).

62 - ويجب على الدولة الطرف أيضاً أن تكفل عدم وقوف مبدأ عدم رجعية القوانين حائلاً دون مقاضاة حالات الاختفاء القسري. وينبغي أن يتضمن الإطار القانوني المقبل مادة تؤكد الطبيعة المستمرة لجريمة الاختفاء القسري وتنص على أن الجريمة لا تنقضي إلا بعد تحديد مكان الضحية.

جيم- توضيح وتعزيز الإطار المؤسسي وضمان التنسيق المنهجي والفعال

63 - لا ينص الإطار القانوني الوطني على إجراءات محددة للبحث عن المختفين والتحقيق في حالات الاختفاء القسري المزعومة. وكانت وزارة حقوق الإنسان، حتى حلها في عام 2015 ، تتحمل المسؤولية الرئيسية فيما يتعلق بحالات الاختفاء. ومنذ ذلك الحين، كُلفت مؤسسة الشهداء بالمسؤولية الرئيسية عن المقابر الجماعية، في حين نُقلت اختصاصات أخرى إلى وزارة العدل وإلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان. وفي إقليم كوردستان، تتولى وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين المسؤولية عن المقابر الجماعية ودعم عوائل الضحايا. وفي عام 2007 ، صدر قانون حقوق وامتيازات ذوي الشهداء والمؤنفلين ، الذي يحدد مزايا ومستحقات أفراد العائلة المتوفى عنهم.

64 - وفي الوقت الحاضر، تضطلع أكثر من 17 مؤسسة أو سلطة حكومية بمسؤوليات تتعلق بحالات الاختفاء، وهي تشمل ( ) : مؤسسة الشهداء، دائرة شؤون وحماية المقابــر الجماعية، حكومة العراق؛ ووزارة الصحة في العراق الاتحادي، من خلال دائرة الطب العدلي في بغداد وأقسامها في المحافظات؛ ووزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين ، حكومة إقليم كوردستان؛ وهيئة التحقيق وجمع الأدلة؛ والمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق؛ ووزارة العدل، التي تتبعها ‘ 1 ‘ دائرة لحقوق الإنسان مسؤولة عن ضمان تنفيذ العراق التزاماته بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الاتفاقية، و‘ 2 ‘ دائرة للإصلاح، تشرف على المرافق الإصلاحية ، و‘ 3 ‘ دائرة لرعاية القاصرين، تشارك في إدارة أموال وأملاك المختفين، و‘ 4 ‘ قسم للمفقودين "يعالج طلبات المفقودين فيما يخص مَن هم في مرافق الاحتجاز وأولئك الذين أُبلغ عن فقدانهم من خلال المفوضية العليا لحقوق الإنسان"؛ ووزارة الداخلية ومختبر البصمة الوراثية التابع لها؛ ووزارة الدفاع؛ ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والمديرية العامة لشؤون الناجيات الأيزيديات التابعة للوزارة؛ وسلطات المحافظات؛ ومجلس القضاء الأعلى وهياكل الادعاء والمحاكم التابعة له لإجراء التحقيقات والملاحقات، إن وُجدت.

65 - وتبعاً لظروف الاختفاء القسري المزعوم أو الاختفاء المعني، يمكن للسلطات القضائية التالية التدخل: محاكم الأحوال الشخصية؛ ومحاكم التحقيق والمحاكم الابتدائية؛ والمحكمة الجنائية المركزية للعراق؛ وممثلو أجهزة الأمن الوطني، وهم مسؤولون مباشرة أمام رئيس الوزراء.

66 - وبالإضافة إلى البلبلة السائدة بشأن مفهوم الاختفاء القسري وعدم وجود هياكل واستراتيجيات مؤسسية محددة للتعامل مع حالات الاختفاء القسري، كشف التفاعل مع مؤسسات الدولة أثناء الزيارة عن نقص حاد في التنسيق والتفاعل بين المؤسسات. وعلى الرغم من أن بعض المؤسسات تعمل معاً، فإن العديد منها يؤدي وظائفه بالتوازي، ولا توجد آليات تنسيق. ويتفاقم هذا الوضع نتيجة التفسير الحرفي لمهام المؤسسات، الذي يعزز العمل المنعزل ويتعارض مع اتباع نهج كلي في عمليات البحث والتحقيق. فعلى سبيل المثال، تشير ديباجة قانون شؤون المقابر الجماعية إلى تقديم الأدلة الجرمية التي تُجمع من المقابر الجماعية إلى القضاء لتسهيل مهمته في إثبات مسؤولية الجناة عن جرائم الإبادة الجماعية والدفن غير الشرعي وغيرها من الجرائم المرتكبة ضد الضحايا. غير أن الأدلة التي جُمعت من المقابر الجماعية نادراً ما استُخدمت في التحقيقات الجنائية ومحاكمة الجناة. ويمكن العثور على مثال آخر يتعلق بمؤسسات الطب العدلي: تتولى دائرة الطب العدلي في بغداد وأقسام الطب العدلي في المحافظات المسؤولية عن تحديد هوية الرفات، بوسائل منها فحص البصمة الوراثية. وعندما سُئل الموظفون عن استخدام سلطات التحقيق للمعلومات، أوضحوا أن عملهم هو تحديد هوية الرفات وإعادتها إلى عوائلها وأنه لا يقع على عاتقهم دعم استخدام تلك المعلومات لاحقاً.

67 - وتحد عوامل عملية أيضاً من التنسيق والتعاون بين المؤسسات. فعلى سبيل المثال، أشار موظفو مختلف سلطات الدولة إلى أن تفاعلهم مع المؤسسات الأخرى يتأثر بالافتقار إلى البنية التحتية الرقمية: فجميع طلبات المعلومات والردود عليها تحال عن طريق رسائل قد تستغرق أسابيع للوصول إلى وجهاتها وتضيع أحياناً.

68 - إن تعدد المؤسسات وافتقارها إلى التعاون والتنسيق يسبب للضحايا مستوى عالياً من البلبلة والكلل. إذ يتعين عليهم، في المتوسط، السير بمعاملاتهم في ما لا يقل عن سبع مؤسسات لبدء الإجراءات الأساسية، وأحياناً أكثر من ذلك بكثير. وفي كل مؤسسة من هذه المؤسسات، يجب على الضحايا ملء المعلومات في استمارة مختلفة وتقديم وثائق محددة، الأمر الذي يعرقل عملية الإبلاغ بالمعاملات الإدارية. وكثيراً ما تثني هذه الشروط الناس عن تسجيل القضايا لدى السلطات المختصة وبدء التحقيق نتيجة لذلك، وقد أدلى عدد من الضحايا بشهاداتهم عن المعاناة الإضافية الناجمة عن ضرورة إعادة روايتهم "مراراً وتكراراً". وكما ذكرت أم ثلاثة رجال مختفين: "في كل مرة أشرح فيها اختفاء أبنائي للسلطات، أحس بضيق شديد. أرتجف وأبكي ويجفوني النوم. لقد فقدت كل أمل. وأنا الآن مريضة جداً. أوراق وأوراق ولا شيء يحدث. لا سند لنا".

69 - وتتدخل أيضاً منظمات ووكالات وبعثات وآليات دولية متعددة في المسائل المتصلة بحالات الاختفاء، ولكل منها ولاية محددة: اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ وفريق التحقيق المنشأ بموجب قرار مجلس الأمن 2379 ( 201 7 ) لدعم الجهود المحلية الرامية إلى مساءلة تنظيم داعش على الأعمال التي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية المرتكبة في العراق؛ وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق ومكتب حقوق الإنسان التابع لها؛ والمنظمة الدولية للهجرة؛ ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف )؛ وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأمم المتحدة للمرأة )؛ واللجنة الدولية لشؤون المفقودين. ويضطلع كل منها بأدوار رئيسية في دعم مؤسسات الدولة والضحايا.

70 - غير أن اللجنة تلاحظ أن أدوار الجهات الدولية ووظائفها وتفاعلها فيما يخص حالات الاختفاء تثير الحيرة والبلبلة. فقد أفاد شقيق شخص مختف بما يلي: "في كثير من الأحيان، يبدو أن المنظمات الدولية لا يكلم بعضها بعضاً، وأنها لا تريد العمل معاً. عندما أبلغتُ عن قضيتنا، بدوا أنهم لا يريدونني أن أطلب المساعدة من غيرهم – حتى لكأن القضية صارت ملكاً لهم" ( ) . وأشار آخرون إلى أنهم شعروا بالحيرة بسبب المعلومات المتناقضة التي تلقوها بين المؤسسات الوطنية والدولية، فيما يتعلق مثلاً بتواريخ بعض عمليات استخراج الجثث.

71 - وعلى وجه العموم، يؤثر نقص التنسيق بين المؤسسات والتعاون بين الوكالات في النظام بأكمله: فهو يكرر بعض التدخلات، ويترك بعض الخطوات الحاسمة في الإجراء دون معالجة، ويعوق جمع البيانات والأدلة المتعلقة بحالات الاختفاء. ويؤثر عدم اتباع نهج متعدد التخصصات ومنسق إزاء الحالات تأثيراً سلبياً في نتائج عمليات البحث والتحقيق، وكذلك في مجموع المعلومات المتعلقة بحالات الاختفاء والجهود المبذولة لمعالجتها ومنعها.

72 - وتحيط اللجنة علماً بالمشروع الجاري لإنشاء "كيان وطني لشؤون المفقودين"، ويحسن أن يُسمى "النظام الوطني لشؤون المختفين". وترحب أيضاً بوضع خطة برنامج لتنفيذه في عام 202 2 . بيد أن اللجنة تأسف لأن هذا المشروع لا يزال في مراحله الأولى، وترى أن العديد من النقاط الواردة في مشروع القانون تستدعي المراجعة لضمان امتثاله التام للاتفاقية.

73 - وترى اللجنة أنه يجب على سبيل الأولوية توضيح الإطار المؤسسي المكلف بمعالجة حالات الاختفاء في العراق. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي للدولة الطرف أن تجسد مشروعها الرامي إلى إنشاء نظام وطني وحيد لشؤون المختفين. وينبغي أن يكون هذا النظام مكلفاً بمعالجة جميع حالات الاختفاء، وفقاً لاختصاص الدولة الطرف على النحو المذكور في المادة 9 من الاتفاقية، بصرف النظر عن الخلفية الإثنية أو الدينية أو القومية للضحايا، أو الأصل القومي للجناة المزعومين، أو وقت حدوث حالات الاختفاء وأماكنها وظروفها. وينبغي للدولة الطرف أن تضع استراتيجيات محددة مكيفة مع ظروف القضايا، ولكن في إطار مشترك.

74 - ينبغي للدولة الطرف أن تكفل حصول جميع المؤسسات التي تتولى حالياً بعض المسؤولية فيما يتعلق بحالات الاختفاء والنظام الوطني المقبل لشؤون المختفين على ما يلزمها من موارد بشرية ومالية للاضطلاع بعملها على المستويات الاتحادية والإقليمية والمحلية. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي لكل مؤسسة معنية أن تضع خطة دورية مفصلة لتحديد الموارد التي تحتاج إليها لأداء واجباتها بكفاءة. وفي الوقت نفسه، يجب على السلطات الاتحادية والأقاليم والمحافظات تخصيص ميزانيات تستجيب لتخطيط الكيانات الوطنية والمحلية وأولوياتها.

75 - وعلى نفس المنوال، ينبغي للدولة الطرف أن تولي الأولوية لتوظيف موظفين متخصصين وتدريبهم، ووضع إجراءات مناسبة لاختيار الموظفين وفحصهم.

76 - وبالإضافة إلى ذلك، يجب اعتبار البحث عن الأشخاص المختفين والتحقيق الجنائي مع الأشخاص المسؤولين عن اختفائهم عنصرين يعزز كل منهما الآخر ( ) . ويتطلب ذلك من الدولة الطرف أن تنشئ على وجه السرعة آليات فعالة للتنسيق والتعاون بين المؤسسات وبين الوكالات على الصعيدين الاتحادي والمحلي.

77 - وفي هذا الصدد، يجب على جميع السلطات المشاركة في عمليات البحث والتحقيق أن تعمل معاً من أجل الإنشاء الفوري لقاعدة بيانات وطنية موحدة للأشخاص المختفين، بمن فيهم الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء القسري (انظر الفقرات 82-89 أدناه ). وعليها أيضاً أن تنشئ آلية موحدة للإبلاغ عن الحالات، ذات شكل موحد يفي باحتياجات كل حالة.

78 - ويجب على الدولة الطرف أن تكفل التفاعل والتنسيق بين جميع المنظمات والوكالات والبعثات والآليات الوطنية والدولية التي تُعنى بالمسائل المتعلقة بحالات الاختفاء. وينبغي لها أن تنشئ منتدى للتنسيق بين المؤسسات يرسي الأساس لعمليات البحث عن الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم وتحديد هويتهم، ومنع حالات الاختفاء والتحقيق فيها، ومعاقبة الجناة، وضمان تعويض الضحايا.

79 - ويجب على الدولة الطرف أيضاً أن تعزز التفاعل والتنسيق بين جميع المؤسسات الوطنية التي تُعنى بالمسائل المتعلقة بحالات الاختفاء. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي أن تقوم بما يلي: (أ) إنشاء آليات وقنوات اتصال داخل المؤسسات وفيما بينها تسمح بتبادل المعلومات بطريقة منهجية وفورية ومرنة، تبعاً لاحتياجات الحالة؛ و(ب) ضمان إتاحة المعلومات وإدارتها بفعالية؛ و(ج) ضمان إشراك جميع المؤسسات المختصة في البحث عن الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم وتحديد هويتهم، ومنع حالات الاختفاء والتحقيق فيها، ومعاقبة الجناة، وضمان تعويض الضحايا.

80 - وفي الوقت نفسه، ينبغي للدولة الطرف أن تضع وتنفذ منهجيات ومؤشرات لإجراء تقييم دوري للتطبيق الفعلي لآليات التنسيق ونتائج عمليات البحث عن الأشخاص والتحقيقات في حالات الاختفاء، على نحو يتيح تصحيح أوجه القصور.

81 - وتوصي اللجنة الدولة الطرف بأن تدعو الهيئات الدولية والمجتمع الدولي إلى إنشاء آليات تفاعل فعالة لتعزيز التنسيق بين المشاريع المضطلع بها لمعالجة حالات الاختفاء. وينبغي تعزيز هذا التنسيق على وجه السرعة لتجنب الازدواجية والتناقضات وسد الثغرات في مجال الحماية.

دال- إنشاء سجل موحد وموثوق به على الصعيد الوطني لحالات الاختفاء

82 - إن لتعقد الإطار القانوني والمؤسسي الحالي المتعلق بحالات الاختفاء تأثيراً مباشراً أيضاً في قدرة الدولة الطرف على إنشاء نظام يتسم بالكفاءة والفعالية لتسجيل حالات الاختفاء.

83 - وتوجد في جميع المؤسسات التي تمت زيارتها سجلات أو قواعد بيانات. غير أنها لا تشمل دائماً مداخل محددة تتعلق بالاختفاء القسري أو بالجرائم القائمة التي يمكن اعتبارها شبيهة بالاختفاء القسري. وبالإضافة إلى ذلك، ليس بين هذه السجلات ترابط: فمما أتيح للوفد الاطلاع عليه خلال الزيارة، يمكن القول إن لكل مؤسسة قاعدة بيانات خاصة بها، وفي بعض الأحيان، يكون لكل قسم من أقسام المؤسسة الواحدة سجله الخاص، بأشكال ومحتويات مختلفة. ولا تسمح الأنظمة المعمول بها بالاطلاع على المعلومات بين المؤسسات، أو حتى بين الأقسام المختلفة داخل المؤسسة الواحدة.

84 - ومما أثار دهشة الوفد أيضاً أن التقارير الرسمية التي قدمتها المؤسسات التي زارها لم تكن تتضمن بيانات عن حالات الاختفاء القسري، في حين قدمت هذه المؤسسات نفسها، بصفة غير رسمية، بيانات دقيقة عن تسجيل هذه الحالات. وتؤثر هذه التناقضات في موثوقية المعلومات المقدمة.

85 - وأشار معظم محاوري الوفد خلال الزيارة إلى الحاجة الملحة إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة لتسجيل جميع حالات الاختفاء، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري. وقد طُرحت مشاريع مختلفة لتحقيق هذه الغاية ( ) ، ولكن لم يُنجَز بعد أي منها بالكامل. وحتى الآن، لا تتوافر بيانات موثوقة عن عدد حالات الاختفاء القسري المزعومة في العراق.

86 - ويجب التصدي على وجه السرعة لعدم وجود بيانات موثوقة، لأن ذلك يحول دون وضع استراتيجيات فعالة لتعزيز عمليات البحث عن الأشخاص المختفين والتحقيق في اختفائهم. ولذلك تكرر اللجنة توصيتها بأن تنشئ الدولة الطرف سجلاً وطنياً موحداً لجميع حالات الاختفاء في العراق منذ عام 196 8. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب تجميع المعلومات الواردة من مصادر مختلفة وترتيبها ترتيباً منهجياً بحيث يمكن إدراجها في السجل. وينبغي كذلك تحديث السجل تحديثاً منهجياً وفورياً حتى يتسنى للسلطات توليد إحصاءات موثوقة.

87 - وينبغي أن يكون الاطلاع على السجل الوطني متاحاً لجميع الأشخاص الذين لديهم مصلحة مشروعة، بما يضمن حماية المعلومات الشخصية والبيانات الحساسة. وبغية ضمان إمكانية تحديد جميع الاتجاهات التي تؤثر في فئات معينة من السكان وأخذها في الاعتبار بوصفها عناصر جوهرية في عملية البحث والتحقيق، تكرر اللجنة تأكيد موقفها القاضي بأن السجل ينبغي أن يتضمن على الأقل ما يلي ( ) :

(أ) العدد الإجمالي لجميع الأشخاص المختفين وهويتهم؛

(ب) نوع الجنس والهوية الجنسانية والميل الجنسي والسن والجنسية، وإذا كان ذلك منطبقاً، الجماعة الإثنية أو الانتماء الديني للشخص المختفي؛

(ج) حالة إجراءات البحث والتحقيق، بما في ذلك، حسب الاقتضاء، معلومات مفصلة عن إجراءات استخراج الجثث وتحديد الهوية ونتائج التشريح؛

(د) مكان الاختفاء وتاريخه وظروفه، بما في ذلك جميع العناصر المهمة لتحديد ما إذا كان الاختفاء اختفاءً قسرياً.

88 - وما أن يتم إنشاء السجل الوطني، ينبغي للسلطات المسؤولة عن عمليات البحث والتحقيق والمقاضاة، وعن تقديم المساعدة والتعويض للضحايا، أن تستفيد من جميع المعلومات والوثائق التي جُمعت للاضطلاع بالأنشطة اللازمة لأداء واجباتها.

89 - إن خطورة حالات الاختفاء وتأثيرها المتشعب والبليغ على الضحايا والمجتمع العراقي ككل تتطلب على وجه السرعة إرساء الأساس اللازم لمنعها والقضاء عليها. وتحقيقاً لهذه الغاية، تحث اللجنة الدولة الطرف على مراعاة جميع الملاحظات والتوصيات الواردة في جزأي تقرير زيارتها ( ) ، بما في ذلك معايير بذل العناية الواجبة واتباع نهج متمايز ونهج قائم على حقوق الإنسان، باعتبارها عناصر متقاطعة.