الأمم المتحدة

CED/C/IRQ/VR/1 (Recommendations)

الاتفاقيـة الدوليــة لحمـايـة جمـيـع الأشخاص من الاختفاء القسري

Distr.: General

19 April 2023

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري

تقرير اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري عن زيارتها للعراق بموجب المادة 33 من الاتفاقية * **

ملاحظات وتوصيات (الفقرة 5 من المادة 3 3 )

1 - ترى اللجنة أن من الأولويات القصوى أن تضع الدولة الطرف الأساس اللازم لمعالجة مسألة الاختفاء القسري. وتشكل الإجراءات الموصوفة في الجزء الأول من تقرير الزيارة ( )  شروط اً أولية لازمة لأي إجراء فعال ضد حالات الاختفاء القسري. وحتى يتسنى تنفيذ هذه الإجراءات، ينبغي للدولة الطرف أن تضع استراتيجية واضحة لتنفيذ هذه الشروط بطريقة شاملة، لمعالجة الأولويات المحددة بهدف منع حالات الاختفاء القسري والقضاء عليها، (انظر الفرع أول اً أدناه) وتلبية احتياجات الضحايا (انظر الفرع ثاني اً أدناه ).

2 - وتحدد الاستراتيجية مواعيد نهائية واضحة في خطة عمل ينبغي وضعها وتنفيذها بالتحالف مع أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين العاملين بشأن حالات الاختفاء، وتوضع بالتنسيق مع المجتمع الدولي وبدعم منه (انظر الفرع ثالث اً أدناه ).

أولا ً - الأولويات التي يتعين تناولها في استراتيجية الدولة الطرف لمنع الاختفاء القسري والقضاء عليه

ألف- وضع وتنفيذ الأساس لأبحاث وتحقيقات فعالة

3 - إلى جانب الصمت التشريعي السائد بشأن الاختفاء القسري ثمة غياب لإجراءات محددة للبحث عن الأشخاص المختفين والتحقيق بشأنهم. إذ يتعين الإبلاغ عن الحالات وتسجيلها والتحقيق بشأنها بالاستناد إلى الأحكام القانونية الموضوعة لجرائم أخرى. ومع ذلك، لا توجد أحكام تنص على كيفية الإبلاغ عن اختفاء شخص وتعيين الجهة المبلَّغة. وعلاوة على ذلك، تتوزع القواعد المنظمة لعمليات التفتيش والتحقيق في هذه الحالات على أكثر من 30 تشريع اً منفصل اً، وتظل أحكام اً عامة جد اً.

4 - وبموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية، يتولى التحقيقات الجزائية قضاة التحقيق ( ) ، ويمكن للمدعين العامين أن يقوموا مقام قضاة التحقيق إن لم يوجد قاض تحقيق ( ) . غير أنه نظر اً لمحدودية دور المدعين العامين في العراق، يشكل قضاة التحقيق الشخصيات المركزية في عمليات التحقيق الجزائي. كما أنهم يتولون جمع الأدلة وتقدير قيمتها وتحديد ما إذا كان ينبغي إحالة القضية إلى المحكمة لغرض المحاكمة.

5 - وفي المرحلة الأولى من الإجراءات، يجب على قاضي التحقيق أن يتأكد من صحة بلاغ الاختفاء، باستدعاء المشتكين وشاهدين كحد أقصى ( ) . وهذه خطوة أخرى في الإجراء، تستغرق بالضرورة وقت اً. وإذا ثبتت لدى قاضي التحقيق صحة الأقوال، أمكنه بدء عملية البحث. وتحقيق اً لهذه الغاية، يرسل "إبلاغ عن شخص مفقود" إلى مراكز الشرطة وسلطات مراقبة الحدود ومكاتب الأحوال المدنية ومديرية الإصلاحيات في وزارة العدل لتحديد ما إذا كان الشخص المختفي محتجز اً أو مسجل اً لدى أي سلطة. وعادة ما لا يتجاوز البحث والتحقيق نطاق هذه المهام الإدارية، التي تتم من خلال مقارنة مختلف قوائم المفقودين التي تحتفظ بها السلطات المختصة.

6 - والخطوة التالية في الإجراء هي تحديد ما إذا كان بالإمكان إعلان وفاة المختفي، كما يتعين ذلك بغية السماح لل أسر بطلب الدعم، والمطالبة بالتعويض، ومحاولة توضيح أحوالها الإدارية والقانونية. وتحقيق اً لهذه الغاية، تُكلَّف محاكم الأحوال الشخصية بالتحقيق في "مصير الأشخاص المختفين" ( ) . وهنا أيض اً، يقتصر "التحقيق" على عملية إدارية، تطلب فيها محكمة الأحوال الشخصية إلى أسرة المختفي تقديم الملف الذي فتحه قاضي التحقيق من أجل إصدار "محضر إثبات" من قبل قاضي التحقيق.

7 - وأبرز مختلف المحاورين قلقهم إزاء المفهوم السائد بشأن البحث والتحقيق من حيث اعتبارهما إجراءين إداريين. وشددوا على أن الزيارات الميدانية واستخدام الأدلة العلمية من جانب المدعين العامين والمحققين والقضاة مسألة لا تزال محدودة بسبب نقص في الموارد. وتأسف اللجنة لعدم تمكن الوفد من الحصول على معلومات واضحة عن أنواع الإجراءات الأخرى المتخذة في مجال البحث والتحقيق، أو عن عدد المحاكمات الجزائية التي بدأت، رغم العديد من الطلبات التي قدمها الوفد في هذا الشأن.

8 - وإذا كان المجني عليهم غير قادرين على رفع دعوى، فليس هناك وضوح فيما يتعلق بمسؤولية الدولة عن بدء التحقيق بحكم موقعها.

9 - ووفق اً لقانون المفوضية العليا لحقوق الإنسان، يمكن للمفوضية العليا لحقوق الإنسان أن تتلقى الشكاوى المتعلقة بحالات الاختفاء وأن تجري تحقيقاتها الأولية بنفسها. وتبدأ هذه التحقيقات بتوجيه رسائل رسمية إلى السلطات المختصة، تطلب إليها التحقق من سجلات الأشخاص المسلوبة حريتهم. وبمجرد رفع دعوى قضائية، يمكن للمفوضية العليا لحقوق الإنسان إحالتها إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ومن ذلك إحالة الشكوى إلى المحاكم. وإذا قرر المدعي العام عدم ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية، فلا وجود لسبل انتصاف. وعلى الرغم من توجيه طلبات متكررة للحصول على معلومات في هذا الصدد أثناء الزيارة، لم يتلق الوفد أي بيانات رسمية بشأن نسبة القضايا المحالة إلى المحاكم أو بشأن نتائج هذه الإحالات.

10 - وبالإضافة إلى ذلك، أنشئت آليات مخصصة: ففي عام 2016 ، أنشأت الدولة الطرف لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق بشأن الأشخاص الذين فقدوا في منطقة سجار والصقلاوية بين 26 أيار/مايو و 10 حزيران/يونيه 201 6 . وفي أيار/مايو 2018 ، أنشأت الدولة الطرف "لجنة الأمر الديواني رقم 46 ". وتعين على هذه اللجان إعداد قوائم بأسماء المجني عليهم، بمن فيهم الأشخاص المختفون، لكن ليست لديها ولاية واضحة وقوية فيما يخص التحقيق. ولمحاكمة الجناة المزعومين يتعين على لجان تقصي الحقائق إحالة ملفات القضايا إلى مجلس القضاء الأعلى. ووفق اً للأرقام التي قدمتها الدولة الطرف، سجل مجلس القضاء الأعلى 314 قضية في الفترة من 2020 إلى 2023 ( 122 في عام 2020 ، و 117 في عام 2021 ، و 15 في عام 202 2 ). بيد أنه لا توجد معلومات متاحة عن حيثيات هذه القضايا ولا عن مآلها، ولم تقدم لجنة الأمر الديواني رقم 46 بعد تقرير اً علنيا ً .

11- يجب على الدولة الطرف أن تضع على وجه الاستعجال استراتيجية شاملة للبحث والتحقيق في حالات الاختفاء لضمان إجراء تحقيق شامل ومستقل في الحالات الحديثة والقديمة مع اً، تطبيق اً لاختصاص الدولة الطرف على النحو المنصوص عليه في المادة 9 من الاتفاقية، بصرف النظر عن الخلفية الإثنية أو الدينية أو القومية للأشخاص المختفين، أو الأصل القومي للجناة المزعومين، أو زمن وقوع حالات الاختفاء ومكانها وظروفها.

12- وينبغي أن تحدد هذه الاستراتيجية خطة عمل وجدول اً زمني اً واضحين، بما في ذلك إنشاء أطر قانونية ومؤسسية مشتركة لمعالجة حالات الاختفاء، تكون لها وحدات متخصصة لمعالجة الظروف المحددة التي وقعت فيها حالات الاختفاء.

13- وفي هذا الصدد، ينبغي للدولة الطرف أن تضع بروتوكولات عامة محددة تمتثل معايير حقوق الإنسان بالتمام، وتنهل من الدروس المستفادة والممارسات الجيدة على الصعيدين الوطني والدولي. وفيما يتعلق بعمليات البحث والتحقيق المتعلقة بالأفعال التي يرتكبها فاعلون من دول أخرى، أو بإذن من دول أخرى أو بدعم أو قبول ضمني منها، ينبغي أن تشمل هذه البروتوكولات تعزيز التعاون والمساعدة المتبادلة فيما بين البلدان المعنية، ومساعدة المجني عليهم، والبحث عن المختفين وتحديد أماكن وجودهم والإفراج عنهم، وفي حالة الوفاة، استخراج جثثهم وتحديد هويتهم وإعادة رفاتهم.

14- وتذكر اللجنة بأن الالتزام بالبحث عن شخص وتحديد مكانه يبدأ حالما يتناهى إلى علم السلطات المختصة، بأي وسيلة كانت، بأن شخص اً ما وقع ضحية اختفاء قسري أو تحصل على دلائل تشير إلى ذلك؛ ويجب على السلطات أن تبدأ البحث فور اً وعلى جناح السرعة، من تلقاء نفسها، حتى إن لم تقدَّم شكوى رسمية، أو حامت شكوك حول واقعة الاختفاء المزعوم. ولا يمكن التذرع بعدم وجود معلومات من الأقارب أو المشتكين لتبرير عدم الشروع فور اً في أعمال البحث والتحقيق ( ) .

15 - وينبغي أن تتضمن بروتوكولات البحث والتحقيق المبادئ الواردة في المبادئ التوجيهية للبحث عن الأشخاص المختفين الصادرة عن اللجنة، وينبغي أن تحدد بوضوح أن العمليات لا يمكن أن تقتصر على إجراء مقارنة إدارية لقواعد البيانات والسجلات. ويجب أن تخضع بروتوكولات البحث والتحقيق لإشراف الضحايا وجميع الأشخاص الذين لهم مصلحة مشروعة، وينبغي تنقيحها دورياً لتضمينها الدروس المستفادة والحلول المبتكرة. وينبغي لأي تحديثات أو تنقيحات تُجرى على البروتوكولات أن تكون معلَّلة وشفافة ( ) .

16 - ويجب أن تشجع استراتيجية البحث والتحقيق على استخدام التحليل السياقي مع مراعاة جميع المعلومات المتاحة، وإتاحة الفهم الكامل لحالات الاختفاء وتحديد المنهجيات الفعالة، وتحديد موقع مسؤوليات التسلسل القيادي ( ) ، ووضع نهج فعالة للبت في القضايا على نطاق المنظومة. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي للدولة الطرف أن تنشئ وحدات للتحليل السياقي وأن تعين مدعين عامين متخصصين وقضاة تحقيق، وأن تنشئ آليات للتنسيق المنهجي لعملهم مع جميع السلطات المعنية.

17 - ويجب على الدولة الطرف أن تقوم بما يلي: (أ) ضمان إجراء تقييم دوري لاستراتيجية البحث والتحقيق ولمدى امتثالها متطلبات العناية الواجبة في جميع مراحل العملية؛ (ب) ضمان كفاءة واستقلال المهنيين المعنيين؛ (ج) تحديد الإجراءات التي يتعين اتخاذها بطريقة متكاملة وفعالة ومنسقة؛ (د) ضمان أن تكون هذه الإجراءات مصحوبة بالوسائل والإجراءات اللازمة للعثور على الأشخاص المختفين والتحقيق في اختفائهم ( ) .

18 - ينبغي للدولة الطرف أن تشجع على استخدام الأدلة العلمية في البحث والتحقيق من خلال التدريب المتخصص وأن تكفل حصول السلطات المختصة على جميع المعدات اللازمة المتاحة لها.

19 - وفي جميع الحالات، ينبغي للدولة الطرف أن تكفل قيام السلطات المختصة بالتحقيق بصورة منهجية في التسلسل القيادي المحتمل، والجناة المتورطين بصورة غير مباشرة وسوى ذلك من أشكال المسؤولية والمشاركة.

20 - وتكرر اللجنة أنه يجب على الدولة الطرف أن تعطي الأولوية للجهود الرامية إلى العثور على المختفين أحياء وتأمين الإفراج عنهم ( ) ، وضمان استمرار البحث إلى أن يحدَّد مكان الشخص المختفي، وضمان متابعة أي تحقيق في اختفائهم إلى حين توضيح الوقائع وتحديد هوية الجناة ( ) . ويجب على الدولة الطرف أن تضمن مساءلة جميع الموظفين المشاركين في البحث والتحقيق، وأن تمنع أي تقصير منهم في الوفاء بواجباتهم وفقاً للمعايير الدولية وأن تحقق في التقصير وتعاقب عليه ( ) .

21 - ويجب على الدولة الطرف أن تعزز المفوضية السامية لحقوق الإنسان حتى تتمكن من الاضطلاع بولايتها بفعالية، بما في ذلك من خلال التعيين العاجل لمجلسها الجديد، اتساقاً تاماً مع المبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان (مبادئ باريس ). ويجب عليها أيضاً ضمان المتابعة الكافية لشكاوى الاختفاء المقدمة إلى اللجنة، وإجراء تحقيقات مع الجناة ومقاضاتهم بفعالية، وتوفير سبل انتصاف للضحايا.

22 - ويجب على سلطات الدولة اتخاذ تدابير عاجلة لضمان انتهاء لجنة تقصي الحقائق لعام 2018 من عملها، ومعالجة استنتاجاتها واستنتاجات لجنة عام 2016 معالجة كافية من خلال التحقيق في حالات الاختفاء المحددة ومقاضاة الجناة.

باء- القضاء على الإفلات من العقاب

23 - بما أن الاختفاء القسري لا يزال غير موجود بوصفه جريمة مستقلة في التشريعات الوطنية، فلا يمكن محاكمة مرتكبيه على هذا النحو في العراق. ومن الناحية النظرية، يمكن مقاضاة مرتكبي حالات الاختفاء بموجب قانون العقوبات وقانون مكافحة الإرهاب. وتمت محاكمة مرتكبي جرائم نظام حزب البعث التي أدت إلى حالات اختفاء في محكمة جنائية عراقية عليا مخصصة. ومع ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات عن القرارات المتخذة في حالات شبيهة بالاختفاء القسري، رغم الأسئلة التي أثيرت في هذا الصدد مع ممثلي السلطة القضائية، وطلبات الحصول على المعلومات التي أرسلت أثناء الزيارة وبعدها.

24 - ورغم هذا النقص في المعلومات، من الواضح أن عدداً قليلاً جداً من التحقيقات آل إلى المحاكمة، بما في ذلك أحدث القضايا. ويسود الإفلات من العقاب على الاختفاء كقاعدة. وفي هذا السياق، يساور اللجنة القلق بوجه خاص إزاء الحالات المزعومة التي تعرض فيها أفراد الأسر والقضاة وموظفو التحقيق والناشطون المطالبون بالمساءلة للتهديد والترهيب أو للاعتداء العنيف، من قبل أشخاص يعتقد أنهم مرتبطون بعناصر مسلحة أو مؤيدون لها، في غالب الأحيان ( ) . ومما يثير القلق أيضاً عدم توفير الحماية والحصانة لأعضاء المفوضية العليا لحقوق الإنسان من الأعمال الانتقامية أو غيرها من تدابير الترهيب في سياق أداء واجباتهم الرسمية. وأثر ذلك مؤخراً على مفوضين سابقين أبلغوا علناً عن حالات اختفاء قسري، ويزيد ذلك من تقاعس المؤسسات ذات الصلة.

25 - وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه وفق اً للمادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يجوز لقاضي التحقيق أن يقرر إغلاق القضية مؤقت اً إذا كان مرتكب الجريمة مجهولا. ويثير هذا النص قلق اً خاص اً في سياق عادة ما لا يعرف فيه الضحايا هوية الجاني، وحيث يخشى أفراد الأسر والأقارب والمنظمات التي تدعمهم تسمية الجناة المزعومين، الذين يظلون في كثير من الأحيان محتفظين بسيطرة أو نفوذ على الأراضي التي يعيشون فيها. وأخيرا، ووفق اً للمعلومات المتاحة، فإن ممارسة إبقاء اسم الجاني المزعوم "مجهولا ً " ممارسة مؤسسية: إذ يزعم الضحايا أنهم عند عرض قضيتهم على لجنة التعويضات وسلطات التحقيق، يُطلب إليهم عدم ذكر اسم الجاني المزعوم، حتى لو كانوا يعرفونه.

26 - وتحولت الإدارة الحالية لطلبات "التدقيق الأمني" إلى عامل آخر يسهم في الإفلات من العقاب. ويبقى هذا التدقيق ضروري اً لتقديم شكوى، أو طلب البحث عن شخص مختف، أو الوصول إلى مجموعة أوسع من الحقوق تحت فئة الشهداء. فإذا كان الشخص المختفي مدرج اً في إحدى "قوائم المطلوبين"، فقدت الأسرة والأقارب جميع الاستحقاقات ولا يمكنهم الوصول إلى أي شكل من أشكال الحقيقة والعدالة. وسُلط الضوء على هذا الواقع في المقابلات التي أجريت خلال الزيارة. ويتجسد ذلك أيض اً في معظم ردود الدولة الطرف على طلبات الإجراءات العاجلة التي قدمتها اللجنة، حيث تذكر السلطات أن الأشخاص المختفين ينتمون إلى جماعات إرهابية، من دون تقديم أي معلومات أو أدلة إضافية بشأن الإجراءات التي بدأت، أو التهم الجنائية المحددة التي وُجهت، أو أوامر الاعتقال التي صدرت ضد الشخص المختفي ( ) .

27 - وتُذكي هذه الممارسات مشاعر التمييز والانتقام. ومما يزيد من القلق، وفق اً للمقابلات التي أجريت خلال الزيارة، أن "قائمة المطلوبين" ليست موحدة، ويتم تقييمها بشكل مختلف حسب الموظف المسؤول عن الملف. ووفق اً للادعاءات المقدمة إلى الوفد، تتسبب كثرة الأسماء المشتركة في العراق أيض اً في احتجاز أشخاص تتشابه أسماؤهم مع أسماء المتهمين بالإرهاب، ولا سيما في محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى وديالى وكركوك. وتشير المعلومات المتاحة إلى عدم بذل العناية الواجبة للتحقق من الهوية الحقيقية للشخص المحتجز. وبالتالي، إذا اختفى الشخص المحتجز، فقدت الأسرة كل إمكانية للحصول على الدعم والعدالة والتعويض.

28 - ويتفاقم الإفلات من العقاب على الاختفاء القسري أيضاً بسبب اعتماد قوانين العفو العام. فعلى سبيل المثال، فُهم من تشريع عام 2016 "على نطاق واسع أنه إجراء لنزع فتيل التوترات السياسية بين السنة والشيعة من خلال النص على إطلاق سراح السنة الذين اعتقلوا لأسباب سياسية". و"يتضمن التشريع مجموعة من الاستثناءات، لكنه لا يشير صراحة إلى حالات الاختفاء القسري - باستثناء إشارة إلى جرائم مدرجة في قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم 10 لعام 2005 (الذي لا ينطبق إلا على انتهاكات حقبة البعث) " ( ) .

29 - وإجمالا، تعكس الحالة السائدة صورة نظام يحكمه الإفلات من العقاب، مما يفضي إلى تكرار أعمال الاختفاء القسري والتستر عليها. والواقع أن الإفلات من العقاب تحول إلى سمة هيكلية تسهم في معاودة الإيذاء وتقوض أثر أي مبادرات ذات صلة. لذا فإن مكافحة الإفلات من العقاب على حالات الاختفاء في العراق أولوية لا يمكن تأجيلها أكثر من ذلك.

30 - تحث اللجنة الدولة الطرف على القضاء على جميع الأسباب الهيكلية للإفلات من العقاب. وتحقيق اً لهذه الغاية، يجب على الدولة الطرف أن تقوم، في جملة أمور، بما يلي: (أ) ضمان الإدراج الفوري للاختفاء القسري بوصفه جريمة قائمة بذاتها في التشريعات الوطنية؛ (ب) استعراض جميع جوانب تشريعاتها التي تشجع الإفلات من العقاب، مثل المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وقوانين العفو العام، وإنشاء الأطر المخصصة؛ (ج) وضع حد للممارسات التي تعيق الوصول إلى العدالة وتديم الاختفاء القسري، بما في ذلك عن طريق تعديل التشريعات التي تربط وصول الضحايا إلى حقوقهم بنتائج عمليات التدقيق الأمني غير الموثوقة.

31 - ويجب على الدولة الطرف أيض اً أن تنشئ نظام اً فعال اً تُسأل من خلاله جميع المؤسسات المكلفة بعمليات البحث والتحقيق في حالات الاختفاء ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم عن فعالية عملها وكفاءته. وفي هذا الصدد، تكرر اللجنة أن الاتفاقية لا تنص على أي استثناءات من التزام الدولة الطرف بالبحث عن المختفين والتحقيق في اختفائهم، بصرف النظر عن سماتهم أو أي شكوك في تورطهم في أنشطة إرهابية ( 1 4 ) .

32 - ومن المسائل ذات الأولوية أيض اً أن تعترف جميع السلطات بمختلف أشكال مسؤولية الدولة الطرف في حالات الاختفاء ( ) وأن تأخذها في الاعتبار عند استعراض الإطار والممارسات القانونية والمؤسسية ذات الصلة.

33 - ينبغي للدولة الطرف أن تضع برنامجاً شاملاً لحماية الموظفين العموميين المشاركين في عمليات البحث والتحقيق. وينبغي إيلاء اعتبار خاص للمخاطر الكامنة في الأماكن الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة غير القانونية.

34 - وينبغي للدولة الطرف أيضاً أن تعمل فوراً على تمكين أعضاء المفوضية السامية لحقوق الإنسان من أداء واجباتهم المهنية بصورة مستقلة وعلى حمايتهم من أي ترهيب أو مضايقة أو تدخل غير لائق أو انتقام ( ) .

35 - وينبغي للدولة الطرف أن تعمل على إدراج عقوبات مناسبة ضمن الإطار القانوني الذي ستعتمده لتجريم الاختفاء القسري بوصفه جريمة قائمة بذاتها. وتنضم اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري إلى لجنة مناهضة التعذيب في دعوة الدولة الطرف إلى أن تستعرض، في ضوء التزاماتها الدولية، تطبيق تشريعات مكافحة الإرهاب وغيرها من القوانين ذات الصلة التي قد تستتبع فرض عقوبة الإعدام. وينبغي للدولة الطرف أيضاً أن تعزز الضمانات القانونية وضمانات مراعاة الأصول القانونية الواجبة في جميع مراحل الإجراءات وأن تنظر في التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام ( ) .

36 - وفيما يتعلق بالتحقيق والملاحقة والتعويض في حالات الاختفاء القسري المزعوم ارتكابها من قبل موظفين تابعين لدول أخرى أو أشخاص أو مجموعات من الأشخاص يتصرفون بإذن أو دعم أو موافقة من دول أخرى، ينبغي للدولة الطرف أن تشجع، مع السلطات المعنية، على المساعدة المتبادلة، امتثالاً للمادتين 14 و15 من الاتفاقية، بما في ذلك من خلال اعتماد معاهدات للمساعدة المتبادلة في هذا الشأن.

جيم- تعزيز وتوسيع القدرات الوطنية في مجال الطب العدلي

37 - في عام 2006 ، أنشئت آلية قانونية بموجب قانون شؤون وحماية المقابر الجماعية (القانون رقم 5 لعام 2005 ) لتحديد أماكن الأشخاص الذين اختفوا خلال نظام صدام حسين البعثي، والقيام بعمليات الحفر وتحديد هوية الرفات البشرية المستخرجة من المقابر الجماعية. ويهدف هذا القانون أيض اً إلى حماية المقابر الجماعية من العبث والنبش العشوائي أو من دون موافقة، وإلى تيسير الملاحقات الجزائية. وعُينت وزارة حقوق الإنسان آنذاك لقيادة الجهود المبذولة لاستخراج الجثث من المقابر الجماعية وتصنيفها وتوثيق الأدلة التي يمكن استخدامها في المحكمة.

38 - وفي عام 2015 ، اعتمد قانون شؤون المقابر الجماعية، مما وسع المجال ليشمل البحث عن الأشخاص المغيَّبين من قبل داعش وتحديد هويتهم اعتبار اً من عام 2014 . وحُلت وزارة حقوق الإنسان بعد ذلك بوقت قصير، ونُقلت "مديرية شؤون وحماية المقابر الجماعية" إلى مؤسسة الشهداء الاتحادية ( ) .

39 - وينص قانون شؤون المقابر الجماعية على أنه عند العثور على مقبرة جماعية، تشكَّل لجنة مؤلفة من ممثلين عن السلطات الاتحادية والسلطات الإقليمية (اللجنة المشكلة بموجب المادة 6 ) مسؤولة عن قيادة التحقيق ( ) . وتقود العمليةَ مديرية المقابر الجماعية وإدارة الطب العدلي بالتنسيق مع وزارة الدفاع، من خلال أعمال الحفر وجمع الرفات وتحديد هويتها وغير ذلك من الأدلة التي عُثر عليها.

40 - وفي عام 2017 ، أنشأ مجلس الأمن بموجب قراره رقم 2379 فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش/تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وتتمثل ولاية فريق التحقيق في دعم الجهود المحلية لمحاسبة داعش من خلال جمع وحفظ وتخزين الأدلة في العراق على أفعال ارتكبتها داعش قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية. ويساهم فريق التحقيق في التحقيقات المتعلقة بالمقابر الجماعية بالتنسيق مع معهد المقابر الجماعية والجهات الفاعلة الأخرى المعنية، مثل اللجنة الدولية لشؤون المفقودين. وفي تموز/يوليه وآب/أغسطس 2020 ، وقعت الدولة الطرف بالفعل اتفاقات تعاون مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين بهدف دعم جمع البيانات ذات الصلة بتحديد أماكن المختفين وتحديد هويتهم؛ وتحسين القدرات التقنية المحلية في علم الآثار الجنائي والأنثروبولوجيا وإدارة مسرح الجريمة؛ وتعزيز التعاون بين أقارب المختفين، وبين الأسر والسلطات.

41 - وترحب اللجنة بهذه المشاريع وباتفاقات التعاون، التي تعتبر أساسية لتمكين الدولة الطرف من معالجة العدد الكبير من المقابر الجماعية التي لم يتم حفرها بعد وتحديد هوية الرفات التي عثر عليها. وفي سنجار، تمكن الوفد من رصد عمليتين لاستخراج جثث ومن زيارة مركز مؤقت لتحديد الهوية بواسطة الحمض الخلوي الصبغي تديره الدولة الطرف بالاشتراك مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين وفريق التحقيق. وهذا العمل المنجز هائل وأهميته للمجتمع ككل عظيمة.

42 - وأشار محاورو اللجنة إلى الصعوبات القائمة فيما يخص ضمان قيام جميع السلطات المعنية بتبادل المعلومات وتنسيق خططها على النحو الواجب، بما في ذلك خططها المتعلقة باستخراج الجثث. وتشكل التحديات التي تواجهها السلطات المسؤولة في الاستجابة لجميع طلبات استخراج الجثث، وفي تحليل الأدلة والمعلومات التي تم جمعها، ومنع إساءة استخدامها، مصدر قلق بالغ. وذكر محاورو الوفد في مناسبات مختلفة أنه بعد تحديد مكان الرفات، عادة ما لا تسمح عينات الحمض الخلوي الصبغي المجمعة بتحديد الهوية، حيث لا توجد بيانات أخرى متاحة لمقارنة النتائج. وتزداد هذه المخاوف بازدياد عدد المقابر الجماعية المكتشفة. ووفق اً للمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف في 24 شباط/فبراير 2023 ، تم حتى الآن حفر 139 مقبرة جماعية تتعلق بالحرب بين جمهورية إيران الإسلامية والعراق، ويوجد حاليا ً  120 مقبرة جماعية مسجلة في انتظار استخراج الجثث. وادعى عدد من محاوري الوفد وجود الكثير من المقابر الجماعية الأخرى التي لم يُحدد موقعها بعد.

43 - وشدد آخرون على أن المدعين العامين والسلطة القضائية بالكاد يستفيدون من الأدلة العلمية المتاحة، وأعربوا عن خشيتهم من أن جزء اً كبير اً من تلك المعلومات قد يضيع أو يصبح غير قابل للاستخدام. وأوضحوا أن هذا الاتجاه ناتج عن نقص في المعرفة بإمكانيات وأهمية هذه الأدلة وبمحدودية الأدوات المتاحة. وفي هذا الصدد، ترحب اللجنة بالعملية الجارية لتطوير السجل الوطني للبصمات، بما في ذلك من خلال تنفيذ نظام البطاقة الوطنية الموحدة. وتحل هذه الوثيقة البيومترية محل هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن، وتصدرها وزارة الداخلية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019 . ومع ذلك، وإلى جانب التحديات الخطيرة التي لا تزال قائمة فيما يتعلق بالحصول على وثائق الأحوال المدنية، ولا سيما بالنسبة للنازحين داخلي اً والعائدين من النزوح الداخلي ( ) ، فإن السجل المتاح لتحديد هوية الأشخاص لا يحظى بما يكفي من التغطية والربط البيني ليتسنى اتخاذه أداة فعالة للبحث عن المختفين وتحديد هويتهم.

44 - وتحث اللجنة الدولة الطرف على ضمان إمكانية الاستفادة من عمليات استخراج الجثث وخدمات الطب العدلي لجميع ضحايا الاختفاء والاختفاء القسري المزعومين، بغض النظر عن الخلفية الإثنية أو الدينية أو القومية للمختفين، أو زمن وقوع حالات الاختفاء ومكانها وظروفها.

45 - وينبغي للدولة الطرف أن تنشئ مركزاً وطنياً لتحديد الهوية البشرية، بمكاتب ووحدات إقليمية متخصصة في حالات الاختفاء والاختفاء القسري. ويجب على الدولة أن تكفل حصول السلطات القائمة والمركز الوطني لتحديد الهوية البشرية على ما يلزم من الميزانية والهيكل التنظيمي والمعدات والاستقلالية للوفاء بواجباتها.

46 - ويجب تزويد المؤسسات المعنية بالموظفين المدربين تدريباً كافياً وبالمعدات والموارد التقنية التي تحتاج إليها، ومن ذلك السجلات الرقمية التي تحتوي على معلومات مفصلة وحديثة ومحمية، وبتدريب متخصص على استخدام الأدلة العلمية، وتزويدها بالهياكل الأساسية اللازمة. وينبغي للدولة الطرف أيضاً أن تنشئ آليات فعالة ومستقلة لضمان مساءلة هذه المؤسسات عن أفعالها.

47 - وينبغي لهذه المؤسسات أن تطبق نظاماً عدلياً متعدد التخصصات لتحديد الهوية في حالات الاختفاء، يكون الغرض منه تحليل جميع المعلومات العدلية المتاحة، مع إعطاء الأولوية للإجراءات التقنية التي تزيد من احتمال تحديد الهوية.

48 - وينبغي للمؤسسات أيضاً أن تعتمد على وجه السرعة بروتوكولات لمختلف التخصصات العدلية، بما في ذلك بروتوكول بشأن الإبلاغ عن تحديد هوية رفات المختفين وتسليمهم بكرامة، وبروتوكول بشأن إحالة الأدلة العدلية واستخدامها من قبل السلطات القضائية.

49 - وينبغي إعطاء الأولوية لتنظيم الآليات الداخلية والبينية للتنسيق بين المؤسسات الوطنية والدولية المكلفة باستخراج الجثث وتحديد هوية الرفات.

50 - وتشدد اللجنة على الحاجة الملحة إلى أن تنشئ الدولة الطرف مصرفاً وطنياً للبيانات العدلية، وسجلاً وطنياً للمختفين مجهولي الهوية وغير المطالب بهم، وسجلاً وطنياً للمقابر الجماعية والسرية. وينبغي أن يكون مصرف البيانات هذا قابلاً للتشغيل البيني مع مصارف السمات الجينية الأخرى الموجودة في البلدان الأخرى.

51 - وينبغي للدولة الطرف أن تنظم حملة وطنية لجمع بيانات الحمض الخلوي الصبغي وتسجيلها. وينبغي لهذه الحملة أن تعطي الأولوية لتقديم عينات مرجعية لسمات أفراد أسر جميع المختفين، بحيث يمكن البحث عنهم في النظم القائمة عن طريق مقارنة عينات الحمض الخلوي الصبغي المرجعية المأخوذة من أسرهم مع ملفات الحمض الخلوي الصبغي للرفات البشرية المجهولة الهوية.

52 - وينبغي للدولة الطرف أن تشجع على وضع اتفاقات وآليات وممارسات مع البلدان المجاورة لزيادة فرص التدقيق في البيانات الجينية، مع ضمان الاحترام الكامل للمبادئ المنظمة لحماية البيانات الفردية وفقاً للمادة 19 من الاتفاقية.

53 - وينبغي للدولة الطرف أن تحرص على أن يكون السجل الوطني لتحديد هوية الأشخاص محتوياً بصورة منهجية على ما يتعلق بغرض تحديد الهوية من البصمات والصور الفوتوغرافية والبيانات الشخصية من الولادة إلى الوفاة. وينبغي لها أيضاً أن تنشئ نظاماً حاسوبياً قابلاً للتشغيل البيني يمكن للسلطات الوصول إليه بحيث يمكن إجراء مقارنة البصمات على وجه السرعة مع الامتثال التام للمعايير الدولية لحماية البيانات الشخصية، بما في ذلك المادة 19 من الاتفاقية.

54 - وينبغي للدولة الطرف أن تكفل دفن جميع الأشخاص المتوفين مجهولي الهوية في مقابر فردية وتسجيل معلومات مفصلة عن هؤلاء الأشخاص في قاعدة بيانات تشغيلية.

55 - ومع ضمان حماية البيانات الحساسة، ينبغي للدولة الطرف أن تقدم بصورة دورية وعلنية معلومات عن الأنشطة التي تضطلع بها والتحديات التي تواجهها، بما في ذلك عدد المقابر الجماعية التي حُدد موقعها، واستخرجت الجثث منها، والتي لم تُستخرج الجثث منها بعد. والمعلومات الواضحة في هذا الصدد حاسمة الأهمية لإبراز الجهود المبذولة، وتحديد الاحتياجات القائمة وتلبيتها، وتعزيز الثقة في المؤسسات المعنية.

دال- ضمان وفاء إدارة السجون وغيرها من أماكن سلب الحرية بمسؤوليتها عن منع حالات الاختفاء القسري والقضاء عليها

56 - تنص المواد من 17 إلى 21 من الاتفاقية بوضوح على دور إدارة السجون وغيرها من أماكن سلب الحرية في منع حالات الاختفاء القسري والقضاء عليها، بما في ذلك من خلال حظر الاحتجاز السري، وواجب تسجيل جميع الأشخاص المسلوبة حريتهم وفق الأصول، وإمكانية بقاء أي شخص مسلوب الحرية على اتصال بالعالم الخارجي.

57 - وفي العراق، تقع مسؤولية إدارة السجون ومراكز الاحتجاز على عاتق وزارة العدل ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية ورئيس الوزراء (فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وجهاز الأمن الوطني وجهاز المخابرات الوطني ). ووفق اً للمعلومات التي أحيلت إلى اللجنة، يخضع 34 مكان اً لسلب الحرية لوزارة العدل، منها خمسة مخصصة للأطفال. ولم يتم الحصول على بيانات مضبوطة عن العدد الصحيح لأماكن سلب الحرية الخاضعة للوزارات الأخرى. إذ تقتصر المعلومات المقدمة أثناء الزيارة على الإشارة إلى أن لكل وحدة عسكرية أو مركز شرطة، أو أي مؤسسة أمنية، مرفق احتجاز.

58 - وبعد الحصول على إذن من الدولة، توجه الوفد إلى أربعة أماكن لسلب الحرية، تحت إشراف وزارات مختلفة، للتحقق من محتوى السجلات وعملها، وللاستفسار عن الآليات القائمة للسماح للمحتجزين بالاتصال بالعالم الخارجي، بما في ذلك مع الأسرة والمحامين. وهذه الأماكن هي: (أ) مرفق الاحتجاز لمكافحة الإرهاب في أربيل (التابع لمديرية مكافحة الإرهاب )؛ (ب) مرفق احتجاز الفيصلية، في الموصل (التابع لوزارة الداخلية )؛ (ج) مرفق احتجاز المثنى، في بغداد (التابع لوزارة الدفاع )؛ (د) مرفق الاحتجاز لمكافحة الإرهاب في مطار بغداد الدولي (التابع لوزارة الداخلية ). ويساور اللجنة القلق لأن الهيكل الحالي لأماكن سلب الحرية وطريقة عملها لا يمكنان السلطات المختصة من المساهمة بشكل كامل في القضاء على حالات الاختفاء القسري ومنعها.

تجزئة إدارة السجون

59 - لاحظ الوفد، طوال تفاعله مع سلطات الدولة والضحايا ومنظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة الدولية، الارتباك الناجم عن كون السجون مسؤولة أمام وزارات مختلفة، بما في ذلك السلطات العسكرية. وتذكر اللجنة بأن إدارة السجون ينبغي أن تكون في أيد المدنيين، وألا تكون جزءاً من هيكل عسكري أو شرطي ( ) .

الحاجة الملحة إلى وجود سجل وطني للأشخاص المسلوبة حريتهم

60 - في أماكن سلب الحرية الأربعة التي زارها الوفد، يوجد سجل مكتوب بخط اليد مدعوم بقاعدة بيانات رقمية – ويشملان البيانات المدخلة المقابلة للمعلومات المطلوبة بموجب المادة 17 من الاتفاقية وهي: اسم الشخص المحتجز وتاريخ ولادته وسنه والاسم الكامل لأبيه وأمه بهدف التغلب على التحديات الناشئة عن كثرة الأسماء المشتركة في العراق، وصورة المحتجز ووثائق المحكمة. ووفق اً للسلطات، فإن أي شخص محتجز هو موقوف بناء على مذكرة توقيف؛ وبعد الاعتقال، تقوم لجنة طبية بفحص صحة المتهم وتسجيل المعلومات الصحية المتعلقة به، والتي تصبح جزء اً من ملف قضية المحتجز؛ وكلما تلقت السلطات المسؤولة عن إدارة السجون ادعاء بأن شخص اً مختفي اً قد يكون محتجز اً في مرفق ما، قامت بالتدقيق في سجلاتها.

61 - وهذه السجلات ليست مترابطة، وليس لدى العراق سجل وطني للأشخاص المسلوبة حريتهم. وعلاوة على ذلك، فإن المعلومات التي تحتفظ بها الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة إقليم كوردستان غير مرتبطة بقواعد بيانات الحكومة الاتحادية ( ) . وقد قدمت بالفعل عدة توصيات إلى الدولة الطرف بشأن الحاجة الملحة إلى إنشاء هذا السجل ( ) . ووضعت مشاريع لتحقيق هذا الهدف، ولكن لم يتحقق أي سجل من هذا القبيل حتى الآن ( ) . وعلاوة على ذلك، بينما يهدف سجل الاحتجاز المحفوظ في المحكمة الجنائية المركزية للعراق إلى إدراج أسماء جميع الأشخاص الماثلين أمام سلطة قضائية، يطول الوقت أحيان اً قبل معالجة هذه المعلومات. ولا يمكن إدراج المحتجزين الذين لم يمثلوا أمام سلطة قضائية في السجل. ومن ناحية أخرى، لكل مكان من أماكن سلب الحرية سجلاته الخاصة والمعزولة، بسمات وأشكال مختلفة.

62 - وأكد محاورو الوفد أن عدم وجود سجل مركزي للأشخاص المسلوبة حريتهم يثير تحديات خطيرة للضحايا وللسلطات المسؤولة عن البحث عن المختفين والتحقيق في اختفائهم القسري المزعوم.

63 - وشدد أقارب المختفين الذين يشتبهون في كون ذويهم محتجزين على الصعوبات التي يواجهونها وهم يحاولون زيارة أكبر عدد ممكن من أماكن سلب الحرية للبحث عنهم. إذ يتعين عليهم الاتصال بمختلف السلطات للوصول إلى كل سجل لديها. وعندما لا تظهر أسماء أقاربهم، لا يمكنهم الاستفسار أكثر من ذلك في المكان الذي يزورونه. ولا تجري أي سلطة تدقيقا منهجيا وشاملا لجميع السجلات الموجودة.

64 - ويُذكي الأثر العاطفي والمادي لهذا الوضع يأس الأسر ومعاناتها، خاصة وأنه يقترن بتعدد السلطات التي يجب الرجوع إليها، والشكوك القائمة حول مكان بعض مواقع الاحتجاز الرسمية، والادعاءات الواسعة الانتشار باحتمال وجود بعض "أماكن الاحتجاز السرية" على أرض الوطن ( ) .

65 - وبالنسبة للسلطات المسؤولة عن عمليات البحث والتحقيق، يعني عدم وجود سجل مركزي مترابط أن طلبات حصولها على المعلومات يجب أن توجه إلى كل وزارة من الوزارات المختصة، التي يتعين عليها بعد ذلك إحالتها إلى مختلف أماكن سلب الحرية الخاضعة لإشرافها. وقد أنشئت بعض الآليات لتسريع الإجراءات، مثل تركيز الطلبات عبر وزارة العدل. ومع ذلك، لا تزال العملية تستغرق وقت اً طويل اً للغاية بالنسبة لجميع السلطات المعنية. ولا تزال حالات التأخير في تلقي المعلومات وإرسالها، التي تتم عن طريق الخدمة البريدية، طويلة جدا: فكثير اً ما تستغرق الردود أسابيع أو شهور اً للوصول إلى المؤسسة الطالبة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على فعالية وكفاءة البحث والتحقيق.

66 - ولا توجد معلومات متاحة عن الأشخاص المسلوبة حريتهم في المؤسسات الخاصة مثل المستشفيات ومؤسسات الطب النفسي والمراكز النهارية ومؤسسات المساعدة والرعاية البديلة للأطفال والمراهقين والأشخاص ذوي الإعاقة.

67 - ويجب على الدولة الطرف أن تنشئ فوراً فرقة عمل مستقلة مكلفة بالتدقيق المنهجي في سجلات جميع أماكن سلب الحرية، بغض النظر عن المؤسسة التي تنتمي إليها، مع ذكر أسماء جميع المحتجزين. ويجب على فرقة العمل أن تكفل تسجيل جميع الأشخاص الموجودين في أماكن الاحتجاز وإبلاغ أقاربهم على النحو الواجب بأماكن وجودهم.

68 - ويجب على الدولة الطرف أن تضمن الطابع المدني لإدارة السجون، وأن تلغي تجزئتها. ويجب عليها أيضاً أن تنشئ من دون تأخير سجلاً مركزياً مترابطاً لجميع أماكن سلب الحرية الموجودة على أرض الوطن.

69 - ويجب أن يتضمن هذا السجل جميع حالات سلب الحرية، من دون استثناء، وأن يتضمن، كحد أدنى، المعلومات المطلوبة بموجب المادة 17(3) من الاتفاقية. ويجب ملء المعلومات وتحديثها فوراً وبدقة وأن تخضع للتدقيق الدوري. ويجب أن تكون المعلومات متاحة من دون تأخير للسلطات المسؤولة عن البحث عن المختفين والتحقيق في اختفائهم، ولأي شخص له مصلحة مشروعة. وفي حالة حدوث مخالفات، يجب على الدولة الطرف أن تضمن معاقبة الموظفين المسؤولين على النحو المناسب ( ) .

70 - وفي الوقت نفسه، يجب على الدولة الطرف أن تضع ضوابط ملائمة على تسجيل الأشخاص المسلوبة حريتهم في المؤسسات الخاصة مثل المستشفيات ومؤسسات الطب النفسي والمراكز النهارية ومؤسسات المساعدة والرعاية البديلة للأطفال والمراهقين والأشخاص ذوي الإعاقة. ويجب إجراء تعدادات دورية لهذه المؤسسات لضمان تسجيل النزلاء بها.

الاتصال بالعالم الخارجي والاستعانة بالمحامين فوراً

71 - ينص قانون إصلاح النزلاء والمودعين المطبق في العراق الاتحادي على وجوب إخطار الأسر أو غيرهم من الأشخاص المعيَّنين في حالات الاحتجاز أو النقل. وأشار المحتجزون الذين جرت مقابلتهم أثناء الزيارة إلى أنهم تمكنوا من إبلاغ أسرهم بمكان وجودهم. وزار الوفد أيضاً أجزاء من المبنى الذي يمكن فيه للمحتجزين إجراء مكالمات هاتفية. ومع ذلك، أفادت شهادات بأن الإذن بإجراء المكالمات كثير اً ما يتأخر، لا سيما خلال مرحلة التحقيق، وقد يُرفض بالنسبة لبعض المحتجزين.

72 - وأفاد شهود آخرون بأنهم احتُجزوا ثم أفرج عنهم بعد أن أمضوا سنوات من دون أي اتصال بالعالم الخارجي، بما في ذلك الاتصال بمحاميهم وأسرهم، الذين لم تكن لديهم أي معلومات عن مكان وجودهم. وأشارت هذه الشهادات إلى أماكن مختلفة، بما فيها مبنى كبير جد اً مقسم إلى جزأين، يؤوي آلاف المختفين من محافظة كركوك: "الجزء الأمامي من المبنى هو الواجهة الرسمية. ولا يسمح لأي جهة حكومية أو غير حكومية بدخول هذا السجن باستثناء الصليب الأحمر بعد الحصول على موافقة مسبقة. ويُقال إن الجزء الخلفي يخضع لسيطرة أجهزة المخابرات الكردية. وهو محاط بأطواق عسكرية، مما يجعله يبدو كأنه معسكر أمني. ويضم عدة قاعات تحت الأرض وفوق الأرض، مكتظة بالمحتجزين". ويزعم أن كل محتجز يعرف برقم من إدارة السجن، ولكن لا تستطيع أسرهم الحصول على معلومات عن موقعهم.

73 - وتشدد اللجنة على أن هذه الأنماط، وبصورة أعم، الحرمان من الحق في الزيارة والاتصال، إلى جانب عدم إمكانية الاتصال بمحامين، قد تبلغ درجة الاحتجاز السري وتشكل انتهاك اً للمادتين 17 و 18 من الاتفاقية.

74 - وامتثالاً للمادة 18(1) من الاتفاقية، يجب على الدولة الطرف أن تكفل تمكين أي شخص له مصلحة مشروعة من الوصول الفوري، في أي مكان في إقليم الدولة، إلى السجل المركزي المزمع إنشاؤه ( ) ، وإلى سجلات المؤسسات الخاصة.

75 - وتكرر اللجنة أن جميع الأشخاص المسلوبة حريتهم، بمن فيهم المشتبه في صلتهم بالإرهاب، يجب أن تتاح لهم إمكانية الاستعانة بمحام منذ بداية سلب الحرية. ويجب أن يكونوا قادرين على الاتصال من دون تأخير بأقاربهم أو محاميهم أو أي شخص يختارونه، وبالسلطات القنصلية بالنسبة للأجانب ( ) .

76 - وينبغي للدولة الطرف أن تسمح بانتظام للمفوضية العليا لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية وهيئات الرصد الدولية بزيارات إلى جميع أماكن سلب الحرية، أياً كانت الوزارة المسؤولة عنها. والانفتاح على التدقيق ضروري للغاية لتعزيز الثقة في النظام.

الحظر المطلق للاحتجاز غير القانوني

77 - وفق اً للمادة 37 ( 2 ) من دستور العراق والمادتين 109 و 110 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، لا يجوز توقيف أحد إلا إذا صدر أمر قضائي بهذا الشأن. ومع ذلك، تلقى الوفد ادعاءات مختلفة من ضحايا مفادها أن أقارب لهم اختفوا بعد أن احتجزتهم سلطات الدولة من دون مذكرة توقيف.

78 - ويلاحَظ هذا الاتجاه أيض اً في معظم طلبات الإجراءات العاجلة التي سجلتها اللجنة ( ) . وفي هذه الحالات، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تحيل مذكرة التوقيف ذات الصلة، وترحب اللجنة بقيام سلطات الدولة بذلك مؤخر اً. غير أن بعضها صدر بعد تاريخ الاختفاء المزعوم ( ) ؛ والبعض الآخر لم يُحل بعد؛ ولم يُبلَّغ أي من الأسر المعنية من قبل بالاحتجاز أو بأسبابه.

79 - يجب على الدولة الطرف أن تكفل ما يلي: (أ) ألا يتم سلب الحرية إلا من قبل موظفين مأذون لهم قانوناً بتوقيف الأشخاص واحتجازهم مع الامتثال الصارم للقانون، مع شرح أسباب الاحتجاز دائماً وتزويد الشخص المحتجز بمذكرة التوقيف فوراً؛ (ب) ألا يحتجز الأشخاص المسلوبة حريتهم إلا في أماكن سلب الحرية المعترف بها والمراقبَة رسمياً ( ) .

الادعاءات المتعلقة بأماكن الاحتجاز السرية

80 - مما يزيد من غضب الضحايا وشعورهم بالعجز ومن التحديات التي تواجهها السلطات المسؤولة عن البحث والتحقيق استمرار الادعاءات بوجود "أماكن احتجاز سرية". وهناك نوعان من الادعاءات: في بعض الحالات، يشار إلى حالات تصل إلى حد الاحتجاز السري في أماكن احتجاز رسمية ومعروفة، مثل سجن كروبر في مطار المثنى الدولي في بغداد، وسجن الحوت في الناصرية، وسجن جمجمال في قضاء محافظة السليمانية (إقليم كوردستان ). وفي حالات أخرى، يشير الناس إلى أماكن سرية لسلب الحرية "لا يمكن لأحد الوصول إليها". ومن الأمثلة التي ذُكرت للجنة مرافق احتجاز في جرف الصخر، وسجن يقال إنه "أسفل أبو زينب الحشد الشعبي خلف مركز الحياة مول قبل التقاطع أسفل جسر الطابقين". وأشار محاورو الوفد أيض اً إلى "أماكن احتجاز سرية" على الحدود مع تركيا والجمهورية العربية السورية. ولم تتمكن اللجنة أو أي كيان أو سلطة أخرى من التحقق من أي من هذه الأمثلة: فوفق اً للمعلومات المتاحة، يمنع حتى كبار ممثلي الحكومة من الوصول إلى هذه الأماكن. وقد دأبت الدولة الطرف على تفنيد هذه الادعاءات.

81 - وتولد هذه الحالة في الوقت نفسه لدى الضحايا الكرب والخوف والأمل، ولكنها تولد أيض اً مستويات عالية جد اً من عدم ثقة المجتمع بسلطات الدولة عموم اً. ويجب اتخاذ تدابير عاجلة في هذا الصدد.

82 - وتكرر اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف أن "تجري تحقيقاً عاجلاً ومستقلاً ونزيها في جميع ادعاءات الاحتجاز السري" ( ) . وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي للدولة الطرف أن تنشئ لجنة محايدة ومستقلة تضطلع ببعثة لتقصي الحقائق، بمشاركة خبراء مستقلين وطنيين ودوليين، وتُكلَّف بالتحقق مما إذا كانت أماكن احتجاز سرية موجودة في المناطق التي أشير إليها، وذلك باستخدام جميع الوسائل التقنية ذات الصلة، مثل الصور الساتلية والطائرات المسيرة.

83 - وينبغي أن تضطلع هذه اللجنة بمهمتها بالتشاور والتنسيق مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين، ولا سيما منظمات المجتمع المدني والضحايا، لضمان مراعاة الادعاءات القائمة على النحو الواجب. وينبغي أن يعقب البعثة إصدار تقرير عام لإلقاء الضوء على مدى وجود أماكن الاحتجاز السرية المزعومة أو عدمه. وكلما وجدت هذه الأماكن أو حُددت أماكن احتجاز سرية، ينبغي للدولة الطرف أن تعد قائمة شاملة بجميع الأشخاص المحتجزين وأن تتيحها لأقاربهم وللسلطات المسؤولة عن عمليات التفتيش والتحقيق.

ثانيا ً - تلبية احتياجات الضحايا والاحترام الكامل لحقوقهم

84 - بموجب التشريع الساري على حالات الاختفاء، فإن تعريف شخص ما بأنه "ضحية" يتوقف أساس اً على الخلفية الإثنية أو الدينية أو القومية للشخص المعني، أو على زمن اختفائه ومكانه وظروفه. وليس هناك أي حكم ينص، امتثال اً للمادة 24 ( 1 ) من الاتفاقية، على اعتبار "أي شخص لحق به ضرر مباشر من جراء اختفاء قسري" ضحية، وبالتالي له الحقوق المرتبطة بذلك.

مشاركة الضحايا ومنظمات المجتمع المدني

85 - يسمح الإطار القانوني الوطني للأسر والأقارب بالمشاركة في عملية تحديد مكان المختفين وتحديد هويتهم، لكن مشاركتهم لا تزال محدودة. وتشير المادة 6 - 2 من قانون شؤون المقابر الجماعية إلى مشاركة الأسر في عمليات الحفر وتحديد الهوية التي تقوم بها لجنة الأمر الديواني 6 . وتسمح المادة 14 لوزارة حقوق الإنسان بالاستعانة بمنظمات المجتمع المدني "من أجل تحقيق أهداف هذا القانون". ويخضع هذا الاختصاص الآن لمديرية شؤون وحماية المقابر الجماعية.

86 - وقد تعززت هذه المشاركة بفضل مشاريع من قبيل التي طورتها مديرية المقابر الجماعية بالتنسيق مع فريق التحقيق واللجنة الدولية لشؤون المفقودين. وعند حضور عملية استخراج الجثث في سنجار، تسنى للوفد أن يشهد على وجود ضحايا. ويجب ضمان هذه الممارسات في جميع العمليات المماثلة في جميع مراحل البحث والتحقيق، حتى يتمكن الضحايا وممثلوهم من ممارسة حقهم في معرفة الحقيقة والحصول على العدالة والتعويض.

87 - ووفق اً للمعلومات المتاحة، لا يزال حضور الضحايا لجلسات المحكمة نادرا ً ( ) . وعزا محاورو اللجنة هذا الوضع إلى عدم وجود معلومات يمكن الوصول إليها بشأن مواعيد جلسات الاستماع وإلى الخوف من المشاركة ومقابلة الجناة المسؤولين عن الاختفاء القسري المزعوم.

88 - وعموم اً، فإن المشاركة في العمليات يعوقها الخوف السائد من الأعمال الانتقامية، وهو ما يفسر أساس اً بالتورط المفترض لسلطات الدولة في حالات الاختفاء، أو احتمال مشاركة الجناة في البحث والتحقيق، أو في حماية المقابر الجماعية.

89 - وتلقى الوفد أيض اً شهادات عن أعمال التهديد والانتقام والترهيب التي تعرض لها الضحايا، والمدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم من الأفراد المشاركين بنشاط في عملية البحث والتحقيق، في شكل رسائل تهديدية في المكالمات الهاتفية والبريد الإلكتروني والرسائل وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. وأشار محاورون آخرون إلى عمليات قتل، مثل الوفاة المفجعة لجاسب حطاب، والد محامي حقوق الإنسان على جاسب ، الذي اختفى قسر اً على يد فصيل من قوات الحشد الشعبي في مدينة العمارة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 انتقام اً لمشاركته في البحث عن ابنه والتحقيق في اختفائه القسري ( ) . ويتأكد هذا الاتجاه في إطار إجراء الإجراءات العاجلة، حيث وردت أنباء عن وقوع أعمال انتقامية في 30 حالة مسجلة.

90 - وأمام كل هذه العقبات، يمتنع العديد من الضحايا على مضض عن الإبلاغ عن حالات الاختفاء القسري، مما يجعل هذه الحالات غائبة عن الأنظار ويساهم في الإفلات من العقاب عليها. وتأسف اللجنة لعدم مواصلة إعداد مشروع قانون حماية الشهود الذي كان قيد النظر في عام 2015 .

91 - وتثبَّط أنشطة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني بسبب تجريم تدخلاتها. ويساور اللجنة القلق إزاء موجات الملاحقة الجزائية الأخيرة التي تعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان وغيرهم من الجهات الفاعلة بزعم "القذف" ( )  أو "الإخلال بالآداب العامة" ( ) . ويزعم أن هذه الملاحقات الجزائية تقام ضد أصحاب المواقف المنتقدة لسياسات الدولة أو إجراءاتها، كما أن نشر ما يعتبر قذفاً يعد ظرف اً مشدد اً. ويعاقب المتهم بالغرامة والسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات بتهمة القذف وبالسجن لمدة تصل إلى سنتين للإخلال بالآداب العامة. ووفق اً للشهادات الواردة، عادة ما لا يراعى دفاع المتهم بشكل كامل. وتؤثر هذه الممارسات على حرية التعبير وتثبط انخراط المجتمع المدني في الأنشطة المتصلة بمسألة الاختفاء القسري البالغة الحساسية والمثيرة للجدل.

92 - وثمة عامل آخر من عوامل التهديد ومعاودة الإيذاء التي ذُكرت للوفد وهو ما يبدو أنها ممارسة الابتزاز على نطاق واسع: ففي جميع الاجتماعات مع الضحايا، وصف البعض كيف طلب إليهم دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل الحصول على صور أو معلومات، أو الإفراج عن ذويهم المختفين. وفي بعض الحالات، تسلم بالفعل صور للشخص المختفي، وعادة ما تكون في أماكن احتجاز لا يمكن التعرف عليها. وفي أحيان أخرى، يفرَج عن المختفي. وفي حالات أخرى، يؤخذ المال ولكن الشخص المختفي لا يظهر أبدا ً .

93 - وامتثالاً للمادة 24 من الاتفاقية، يجب على الدولة الطرف أن تتخذ تدابير تشريعية وقضائية تكفل اعتبار أي فرد لحق به ضرر كنتيجة مباشرة لاختفائه على أنه ضحية بشكل رسمي ويستفيد من الحقوق الواردة في الاتفاقية. ويجب أن ينص التشريع الساري بوضوح على الدور المركزي للضحايا في عمليات البحث والتحقيق والتعويض ( ) .

94 - ويجب على الدولة الطرف أن تنشئ بموجب القانون عملية شفافة وفعالة تزود أقارب المختفين مباشرة بالمعلومات اللازمة لتيسير مشاركتهم الفعالة في أي مرحلة من مراحل البحث والتحقيق والمقاضاة والجبر إذا رغبوا في ذلك. وينبغي زيادة تطوير الحملات الإعلامية في هذا الصدد من خلال وسائط الإعلام وفي المدارس ومن خلال الخدمات العامة.

95 - ويجب تشجيع الدعم المقدم من منظمات المجتمع المدني، لا "بناء على طلب السلطات الوطنية" فحسب، بل كلما رغب الضحايا في ذلك. ويجب الإعراب عن التقدير والدعم بشكل رسمي لدور منظمات المجتمع المدني في مساعدة الضحايا على الوصول إلى المعلومات ذات الصلة، وفي إعداد مشاركة الضحايا في أي مرحلة من مراحل الإجراءات، وفي دعمهم.

96 - ويجب على الدولة الطرف أن تمتنع عن تجريم أنشطة المجتمع المدني - بدءا بالاعتراف بالحق في حرية الرأي والتعبير وإعماله كلياً ( ) .

97 - وعلى نفس المنوال، يجب على الدولة الطرف أن تقوم بما يلي: (أ) منع جميع أعمال الترهيب والانتقام ضد جميع الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم من الأفراد المشاركين بنشاط في عملية البحث والتحقيق؛ (ب) التحقيق في جميع الادعاءات ذات الصلة؛ (ج) معاقبة الجناة الذين حددت هويتهم. ويجب على التشريعات المقبلة التي ستنص على الاختفاء القسري بوصفه جريمة قائمة بذاتها أن تتضمن أحكاماً لهذه الأغراض ( ) .

98 - وفي الوقت نفسه، يجب على الدولة الطرف أن تنفذ برنامجاً لحماية الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم من الأفراد المشاركين بنشاط في عملية البحث والتحقيق، بوضع خطة عمل ملموسة وواقعية، وتخصيص وموارد بشرية ومالية كافية، وإنشاء آليات للتعاون الدولي والمساعدة المتبادلة.

99 - ويجب على الدولة الطرف أن تعمل على ألا تكون للأشخاص المشتبه بمشاركتهم في حالات الاختفاء القسري المزعومة مشاركة في أي مرحلة من مراحل عمليات البحث أو التحقيق أو الأنشطة ذات الصلة، مثل حماية الأدلة ذات الصلة. ويجب عليها أيضاً أن تضمن التحقيق على النحو الواجب في جميع ادعاءات الابتزاز التي يتعرض لها ضحايا الاختفاء ومعاقبة الجناة وأن تراعى جميع المعلومات ذات الصلة في عمليات البحث والتحقيق.

100 - ولا يجوز تعريض أي شخص تعاون مع اللجنة أو زودها بمعلومات للترهيب أو الانتقام. وتقع على عاتق الدول الأطراف المسؤولية الرئيسية عن منع ارتكاب هذه الأفعال ضد الأفراد والجماعات المتعاونين مع اللجنة في الماضي والحاضر والمستقبل ( ) .

جبر الضرر ودعم الضحايا

101 - وعادة ما تواجه أسر المختفين ظروف اً معيشية قاسية للغاية، حيث تحرم من مصادر دخلها الرئيسية وأراضيها الزراعية وماشيتها، مع ما يصاحب ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية سلبية واضحة. كما أن آثار حالات الاختفاء العابرة للأجيال تثير قلق اً بالغا: فبالإضافة إلى الآثار النفسية المترتبة عن الاختفاء، كثير اً ما يحرم أطفال المختفين من التعليم بسبب نقص الموارد واضطرارهم للعمل من أجل إعالة أسرهم.

102 - وتشير التشريعات الوطنية المتعلقة بالجبر إلى التعويض ورد الحقوق وإعادة التأهيل والترضية وتخليد الذكرى. ويتوقف حق الضحايا في جبر الضرر عموم اً على صورة الضحايا والجناة المزعومين، وعلى التصنيف القانوني للمختفي على أنه "شهيد"، الذي له تعريفات مختلفة في كامل الإطار القانوني ( ) .

103 - وبادئ الأمر ركز قانون مؤسسة الشهداء الاتحادي لسنة 2006 وقانون حقوق وامتيازات ذوي الشهداء والمؤنفلين لإقليم كوردستان العراق على ضحايا نظام حزب البعث وحملة الأنفال. وعُدل قانون مؤسسة الشهداء في 2015 لتوسيع نطاق تطبيقه ليشمل الأفراد غير المدنيين في القوات المسلحة والقوات شبه العسكرية في فترة ما بعد 2014 . وبموجب القانون رقم 20 لسنة 2009 بشأن تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية، يشمل التعويض حالات الوفاة والفقدان والعجز والإصابات والأضرار التي تصيب الممتلكات والأضرار المتعلقة بالوظيفة والدراسة. وفي 2021 ، اعتمدت الدولة الطرف قانون الناجيات الإيزيديات، الذي يضع خطة لتعويض النساء الإيزيديات والمسيحيات والتركمان والشبك والأطفال والرجال من ضحايا داعش والناجين منه. وتتولى المديرية العامة لرعاية شؤون الناجيات الإيزيديات، المرتبطة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، مسؤولية تقديم الرعاية اللازمة للمشمولين بالقانون، الذي لا يزال في مرحلته الأولى من التنفيذ.

104 - ويحدد الإطار القانوني الحالي مختلف خيارات إحياء المناسبات، بما في ذلك تخليد الذكرى، وتشييد صروح ومعالم للمقابر، وإقامة المراسيم، والنُّصب، والتماثيل، والمعارض ( ) . ونظمت مناسبات لإحياء ذكرى، كالتي أقيمت تكريم اً لضحايا مذبحة معسكر سبايكر في 12 حزيران/يونيه 2014 . وينص قانون الناجيات الإيزيديات على اعتبار يوم 3 آب/أغسطس اليوم الوطني لإحياء ذكرى الجرائم التي ارتكبها داعش. ولكن عندما سئل الضحايا وأصحاب المصلحة عن وجود نصب تكريم اً لضحايا الاختفاء، لم يُذكر منها شيء.

105 - وكان التعويض محور تركيز استراتيجيات الجبر المنفذة. وقد أحرز تقدم، لا سيما بالنسبة لضحايا العمليات العسكرية والأخطاء العسكرية والأعمال الإرهابية. غير أنه لا تزال بعض فئات المختفين مستبعدة من خطط التعويض، مثل أطفال الآباء المنتسبين إلى نظام البعث، وأفراد أسر الذين خدموا في نظام البعث بأي صفة، بمن فيهم أفراد قوات الأمن ومسؤولو المحاكم والمدرسون وموظفو الخدمة المدنية، وأي شخص يعتبر منتسب اً إلى جماعة إرهابية. ولعدم وجود إشارة صريحة إلى الاختفاء القسري في التشريعات الوطنية يستثني الناجون من الاختفاء أو الذين لم تثبت وفاتهم. وتثير هذه الحالة إحساس اً بالتمييز والوقوع ضحية من جديد، ويتفاقم ذلك لعدم وجود نهج تبايني يسمح بتكييف خطة التعويض مع الاحتياجات المحددة للضحايا.

106 - وعلى الرغم من التغييرات التي أدخلها تعديل 2015 على القانون رقم 20 في محاولة لتسريع العملية ( ) ، لا يزال تنفيذ أطر التعويض متأثر اً بتأخر الإجراءات، ونقص الموظفين، وعدم كفاية الموارد المالية أو قطع الأراضي المتاحة للحصول على التعويض الذي يستحقه الضحايا قانونا ً ( ) . وتعاني محافظات عديدة من تراكم الملفات بسبب ارتفاع عدد المطالبات المقدمة، ولا يزال يتعين على الضحايا مواجهة مشاكل عملية للوصول إلى "إطار الشهداء".

107 - وامتثال اً لمتطلبات الإثبات، يجب على الضحايا الحصول على وثائق من مختلف سلطات الدولة. وينطوي ذلك على تكاليف باهظة، لا سيما من حيث الوقت والنقل ( ) ، ويصبح ذلك تحدي اً لا يطاق بالنسبة للنازحين داخلي اً والمقيمين في المخيمات ( ) . وقد اعتمدت استثناءات لتيسير الإجراء: ففي حالة المطالبات المتعلقة بالممتلكات، على سبيل المثال، تسمح اللجنة المركزية الآن للضحايا من المناطق الريفية بتقديم تعهد من زعيم قرية أو سلطة أخرى ذات صلة بتأكيد ملكيتهم إذا لم تكن لديهم وثائق رسمية. وتظل هذه الاستثناءات محدودة.

108 - وسلط الضحايا الضوء على المعاناة الناجمة عن هذه المتطلبات. فأشاروا بشكل خاص إلى شهادة الوفاة التي يجب عليهم تقديمها من أجل المطالبة بالتعويض، حتى عندما يظلون آملين في بقاء ذويهم على قيد الحياة. وكما قال أحد الضحايا: "اضطررت للذهاب إلى أكثر من 17 مؤسسة لجمع الوثائق. وكنت منهك اً ولم يكن لدي مال. فاضطررت إلى الاقتراض للسفر [إلى المدينة] لزيارة المؤسسات. وهناك، قال رجل: ’ تقول إن ابنك اختفى. لا تكن سخيفا ً : إنه ميت بالتأكيد. وأنا متأكد من أنك في غاية السعادة الآن لأن بإمكانك الحصول على بعض المال. أنت محظوظ . .. ‘ وأسوأ شيء ربما أنه كان علي أن أقول إن ابني مات للحصول على الشهادة. لا يمكنني قبول ذلك، أنا متأكد من أنه لا يزال على قيد الحياة، في مكان ما". وتتفاقم هذه المعاناة بسبب تكلفة الإجراء ومدته.

109 - ويجب تقديم شهادة الوفاة ذاتها من قبل الضحايا للحصول على الدعم الاجتماعي والاستفادة من برامج إعادة التأهيل. ويمكن تقديم الدعم الاجتماعي لضحايا الاختفاء الذين يعيشون تحت خط الفقر، بموجب قانون الحماية الاجتماعية (القانون رقم 11 لسنة 2014 ). وتلاحظ اللجنة أن مرافق الرعاية الصحية الممولة من القطاع العام تقدم خدمات الرعاية النفسية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ( ) ، ولكن يظل ذلك غير كاف.

110 - والواقع أن التفكير في هذا الدعم لم يكن في قانوني 2006 و 2009 ، في حين أن المادة 5 من قانون الناجيات الإيزيديات تشمل فتح "مراكز صحية وتأهيل نفسي" و"العيادات الصحية داخل العراق وخارجه". كما أن المديرية العامة لشؤون الناجيات الإيزيديات مفوضة لتوفير فرص التعليم والعمل للناجيات. غير أن الموارد والهياكل القائمة لا تسمح للمديرية العامة بتلبية الاحتياجات. ذلك أن الأفرقة في حاجة إلى تدريب وتعزيز متخصصين، ويجب وضع برامج محددة. وفيما يتعلق بالتعليم، على سبيل المثال، يحتاج العديد من الضحايا العائدين إلى العراق مراهقين أو بالغين بعد سنوات في قبضة داعش إلى إنشاء هياكل مناسبة لتزويدهم بالتعليم الابتدائي الأساسي.

111 - وتلاحظ اللجنة مختلف المبادرات التي اتخذتها منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية لسد الثغرات القائمة من حيث الدعم النفسي - الاجتماعي. وقد كان هذا أمر اً حاسم اً بالنسبة للعديد من الضحايا. ولكن مما يؤسف له أن تدخلاتها ليست جزء اً من استراتيجية شاملة، وتعتمد على وجود تمويل خارجي. وأعربت الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والجهات التابعة للدولة عن قلقها إزاء عدم استدامة هذه التدخلات.

112 - وترى اللجنة أن من الأولويات أن تعتمد الدولة الطرف استراتيجية شاملة بشأن الحصول على الجبر، بما في ذلك التعويض وإعادة التأهيل، تُتاح لجميع ضحايا الاختفاء، بغض النظر عن أصلهم الإثني أو الديني أو القومي، وعن زمن الاختفاء ومكانه وظروفه - ومرتكبه. ويجب أن تضمن هذه الاستراتيجية اتباع نهج تبايني يسمح بمواءمة تدابير الجبر مع الاحتياجات المحددة للضحايا.

113 - ويجب أن يولي هذا النهج التبايني اهتماماً خاصاً للاحتياجات الخاصة بالنساء والأطفال والمسنين وذوي الإعاقة، ويجب أن يراعي جميع سمات الضحايا الشخصية التي قد تكون ذات صلة. وفي هذا الصدد، يجب وضع استراتيجية محددة لتلبية الاحتياجات التعليمية للضحايا، حسب سنهم ومستوى تعليمهم، وتزويد السلطات المسؤولة بالهياكل الأساسية والموارد البشرية والمالية اللازمة.

114 - وينبغي للدولة الطرف أن تضاعف الجهود المبذولة لتخليد الذكرى، مثل إقامة النصب التذكارية، وإقامة أنشطة تذكارية بشكل دوري، وإدراج قضايا الاختفاء والاختفاء القسري في برامج التعليم العام. ويجب الاعتراف على نطاق واسع بالمعاناة اليومية لضحايا حالات الاختفاء القسري في الماضي والحاضر، على الصعيدين الوطني والدولي.

115 - ويجب اتخاذ تدابير لتعزيز ثقة السكان في المؤسسات المسؤولة عن خطط الجبر – بما في ذلك من خلال التنفيذ الفعال لآليات المساءلة الشفافة، ولا سيما في حالات الفساد أو سوء المعاملة أو عدم الكفاءة المزعومة.

116 - وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب على الدولة الطرف أيضاً أن توضح استحقاقات الضحايا، بما في ذلك عن طريق إجراء تحليل شامل وواقعي وشفاف لقدرة النظام على تمكين جميع الضحايا من الحصول على الجبر الذي يستحقونه، بغض النظر عن أصلهم الإثني أو الديني أو القومي، وعن زمن الاختفاء ومكانه وظروفه.

117 - وينبغي تبسيط تقديم مطالبات الجبر، ولا سيما عن طريق توسيع الظروف التي يُسمح فيها بمزيد من المرونة عندما يظهر الضحايا صعوبات في تقديم جميع الوثائق المطلوبة. وينبغي تحديد هذه الاستثناءات بطريقة واضحة للجميع، على أساس مشاورات عامة شفافة واسعة النطاق.

118 - ويجب إلغاء شرط الحصول على شهادة وفاة نهائياً من جميع الإجراءات إلى أن يتضح مصير الشخص المختفي بشكل كامل. وبدلاً من ذلك، يجب على الدولة الطرف أن تنص قانوناً على إصدار إعلانات الغياب بسبب الاختفاء.

119 - ويجب على الدولة الطرف أيضاً أن تكفل إدماج الرعاية النفسية والدعم الاجتماعي بصورة منهجية في جميع خطط الجبر وفي التشريعات ذات الصلة، باعتبار ذلك حقاً أساسياً للضحايا، وأن تزود السلطات المسؤولة بالموارد المالية والبشرية المتخصصة اللازمة للاضطلاع بواجباتها بشكل صحيح.

ثالثا ً - زيادة الوعي بحالات الاختفاء القسري في العراق وتعزيز القدرات الوطنية للتصدي لها

120 - عادة ما لا يتم الاعتراف بحجم الاختفاء القسري في العراق. وهناك حاجة ملحة لإبلاغ السكان العراقيين والمجتمع الدولي بنطاق الاختفاء القسري وواقعه، وبما يجب فعله عندما يختفي شخص ما. وترحب اللجنة بالمبادرات المتخذة، ومعظمها من منظمات المجتمع المدني، لنشر المعلومات عن هذا الموضوع. وينبغي تعزيز هذه المبادرات وتوسيع نطاقها.

121 - وتلاحظ اللجنة إدراج إشارات إلى الاتفاقية في برامج التدريب التي تديرها وزارة الدفاع، ووزارة الداخلية، والأكاديميات، وأكاديمية الشرطة، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، والمعهد القضائي، ومعهد التطوير القضائي، وإدارة الإصلاحيات، والسلطات الأمنية والتنفيذية والقضائية في إقليم كوردستان، وكليات الحقوق، وكذلك في البرامج التي يديرها المجتمع المدني وإدارة حقوق الإنسان التابعة لوزارة العدل.

122 - وتحيط اللجنة علم اً ببرامج التدريب التي تنظمها الجهات الفاعلة الوطنية والدولية، وبتنظيم زيارات من بعض موظفي الدولة إلى المؤسسات ذات الصلة في الخارج للتعرف على الممارسات الجيدة. غير أن هذه البرامج لا تعالج دائم اً مسألة الاختفاء بالتفصيل، ولا تشكل جزء اً من استراتيجية شاملة ومنسقة، وكثير اً ما تفتقر إلى مؤشرات واضحة لتقييم الأثر. وإجمال اً، كشفت المناقشات التي جرت أثناء الزيارة عن محدودية الاطلاع على اجتهادات اللجنة وتوصياتها السابقة وعلى المعايير الدولية الأخرى ذات الصلة.

123 - كما اتضحت في المناقشات التي دارت خلال الزيارة الحاجة إلى تعزيز معارف منظمات المجتمع المدني التي يمكن أن تدعم الضحايا في عرض قضاياهم على المؤسسات الوطنية والآليات الدولية لحقوق الإنسان. فالحقوق والالتزامات والإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقية لا تكاد تكون معروفة، ولا يزال الإبلاغ عن الانتهاكات المرتبطة بها ناقصا ً .

124 - ويتطلب إنشاء وتعزيز الأفرقة المسؤولة عن إجراءات البحث والتحقيق والمقاضاة والجبر، وعن الإجراءات الرامية إلى منع حالات الاختفاء، التنفيذ الفوري لبرامج تدريبية متخصصة أثناء العمل. وينبغي أن تكفل هذه البرامج مراعاة الأفرقة للمعايير والأدوات والإجراءات والسوابق القضائية والأنظمة الوطنية والدولية المتعلقة بالاختفاء ومكافحة الإفلات من العقاب. وينبغي لهم تحديد الأهداف والمؤشرات وجدولة المتابعة الدورية لقياس تأثيرها وتنفيذ المحتوى المدرَّس.

125 - وينبغي للمؤسسات المشاركة في عمليات البحث والتحقيق، والبت في القضايا، وتقديم الدعم والجبر للضحايا ومنع حالات الاختفاء، أن تضع خطط عمل دورية ومفصلة ومنسقة ذات أهداف واضحة تكفل تنفيذ الأدوات المعمول بها، وتسمح بمعالجة عبء العمل بطريقة استراتيجية وفعالة، وتخضع لآليات المتابعة والمساءلة. وينبغي أن يراعي تحديد هذه الأهداف الدروس المستفادة والممارسات الجيدة المحددة على الصعيدين الوطني والدولي.

126 - وتشدد اللجنة على أهمية تضمين المناهج الجامعية تدريس المواضيع المتصلة باختفاء الأشخاص ونشرها والبحث فيها، من وجهة نظر متعددة التخصصات.

127 - وينبغي للدولة الطرف أن تشن، على وجه الاستعجال، حملة إعلام وتوعية وطنية ودولية واسعة النطاق بشأن حالات الاختفاء والاختفاء القسري في العراق. وينبغي لهذه الحملة أن تنشر على نطاق واسع رسائل واضحة وميسَّرة بشأن الآليات القائمة للتصدي لهذه الحالات، والنتائج التي تمخضت عنها والتحديات التي تواجهها، وينبغي أن تتصدى للوصم ونقص الدعم الذي يواجهه الضحايا يومياً. وينبغي للحملة أن تصل إلى جميع قطاعات السكان العراقيين، بما في ذلك في المدارس ومن خلال وسائط الإعلام الرئيسية، والمجتمع الدولي عموما ً .

128 - وتماشياً مع المادتين 14 و15 من الاتفاقية، ينبغي للعراق والدول الأطراف الأخرى توحيد الجهود لتعزيز قدراتها الوطنية على التصدي للاختفاء القسري، من خلال إنشاء مجتمع مستدام من الخبراء المشاركين في التحقيق في حالات الاختفاء ومقاضاة مرتكبيها ومنعها، وفي تقديم الدعم والجبر للضحايا. وينبغي لهذا المنبر أن يعزز تبادل المعلومات بشأن الممارسات الجيدة وأن يقدم ردوداً على استشارات الدول بشأن المسائل التشريعية والإجرائية والتقنية والاستراتيجية ذات الصلة.

رابعا ً - خاتمة

129 - لكي يتمكن العراق من وضع الأساس لمنع حالات الاختفاء القسري والقضاء عليها بكفاءة، يجب عليه أن يتعامل على وجه السرعة مع المسائل المحددة في جزأي هذا التقرير، مع التركيز على طبيعة الجريمة، بغض النظر عن تاريخ حدوثها أو سمة الضحايا.

130 - ويجب على الدولة الطرف أن تعالج جميع النقاط التي أبرزت في هذا التقرير بوضع خطة عمل قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل تنفذ بالتعاون مع الجهات الفاعلة الوطنية والدولية، بشفافية، وتضمن المساءلة الكاملة للسلطات المسؤولة. وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي للدولة الطرف أن تنشئ آلية لمتابعة تنفيذ التوصيات، يشارك فيها المجتمع المدني وجميع سلطات الدولة والسلطات المستقلة.

131 - وتعرب اللجنة عن تقديرها للتعاون والتسهيلات التي قدمها العراق قبل الزيارة وأثناءها. وهي على ثقة من أن الدولة الطرف ستفي بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، وستنفذ التوصيات الواردة في جزأي التقرير، وستتصدى لآفة الاختفاء القسري التي يواجهها المجتمع العراقي ككل. وتكرر اللجنة الإعراب عن استعدادها الكامل للتعاون في هذه العملية.

132 - وعملاً بالمادة 97(2) من النظام الداخلي للجنة، أمام الدولة الطرف أربعة أشهر لتقديم أي ملاحظات قد ترغب في إبدائها فيما يتعلق بهذا التقرير. وستنشر هذه الملاحظات على صفحة اللجنة على شبكة الإنترنت. وبعد انقضاء هذه الفترة، ستتابع اللجنة تنفيذ توصياتها وفقاً للمادة 29(4) من الاتفاقية والمادة 98 من نظامها الداخلي، بالتنسيق والتعاون مع الدولة الطرف ومختلف الجهات الفاعلة المعنية.