الأمم المتحدة

CCPR/C/111/D/2008/2010

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

30 September 2014

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2008 /201 0

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها 111 (7-25 تموز/يوليه 2014)

المقدم من: علي عرَّاس (يمثله المحامون، دنيا علامات، وكريستوف مارشان، ومحمد علي ماييم)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ البلاغ: 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 92/97، الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 (لم  يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 21 تموز/يوليه 2014

الموضوع: تسليم شخص يُشتبه في أنه إرهابي إلى المغرب

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والاحتجاز التعسفي؛ والعقوبة المزدوجة؛ والتدخل التعسفي أو غير القانوني في الحياة الخاصة أو الأسرية للأشخاص؛ وحظر التمييز

المسائل الإجرائية: عدم امتثال الدولة الطرف لطلب اتخاذ تدابير مؤقتة؛ والإجراءات الأخرى للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية؛ وعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

مواد العهد: الفقرة 3 من المادة 2؛ والمادة 7؛ والفقرات 1 و2 و3 من المادة 9؛ والمادة 10؛ والفقرتان 3(أ) و7 من المادة 14؛ والمادة 23؛ والمادة 26

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 2؛ والفقرة 2(أ) و(ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة  111)

بشأن

البلاغ رقم 2008 /201 0 *

المقدم من: علي عرَّاس (يمثله المحامون، دنيا علامات، وكريستوف مارشان ومحمد علي م اييم)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ البلاغ: 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 تموز/يوليه 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2008/2010، الذي قدَّمه إليها علي عرَّاس بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد علي عرَّاس، المغربي والبلجيكي الجنسية، المولود في 4 آذار/ مارس 1962. وهو يدّعي أن تسليمه من جانب الدولة الطرف إلى المغرب ينتهك حقوقه بموجب الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7، والفقرات من 1 إلى 3 من المادة 9، والمادة 10، والفقرتين 3(أ) و7 من المادة 14، والمادة 23، والمادة 26 من العهد. ويمثل صاحب البلاغ محام.

1-2 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، طلب المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، باسم اللجنة، اعتماد التدابير المؤقتة بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، وطلب إلى الدولة الطرف عدم تسليم صاحب البلاغ أثناء نظر اللجنة في قضيته. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 2010، أفاد محامو صاحب البلاغ اللجنة بأن الدولة الطرف سلَّمت صاحب البلاغ إلى المغرب في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010، وبأن محامي الدفاع وأسرة صاحب البلاغ لم يتسلما أي إخطار مسبق بهذا الإجراء.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وُلِدَ صاحب البلاغ في مدينة ميليا، بإسبانيا. وانتقل وهو في سن المراهقة إلى بلجيكا ليقيم مع أمه. وفي عام 2005، عاد إلى ميليا ليكون بالقرب من أبيه. وفي عام 2006، أجرت المحكمة العليا الوطنية تحقيقاً مع صاحب البلاغ في جريمة الانضمام إلى منظمة إرهابية، بزَعم عضويته في حركة المجاهدين في المغرب، وهي حركة جهادية، ومشاركته في هجمات إرهابية في الدار البيضاء، بالمغرب، في 1 أيار/مايو 2003. وفي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، أمرت المحكمة العليا الوطنية باحتجازه رهن المحاكمة، وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 أُفرج عنه بكفالة قدرها 000 24 يورو ومُنِعَ من مغادرة البلد. وبعد إجراء تحقيقات مختلفة خلال الأشهر التالية، أُغلق ملف التحقيق في 16 آذار/مارس 2009 لعدم كفاية الأدلة على ارتكاب جريمة. وفي الوقت نفسه، أصدرت محكمة الاستئناف في الرباط في 13 آذار/مارس 2008، في إطار إجراءات المحاكمة الجنائية في القضية المعروفة باسم " قضية بلعيرج" ، أمراً دولياً ب اعتقال صاحب البلاغ لضلوعه في تخطيط وارتكاب أعمال إرهابية في المغرب، بالإضافة إلى جرائم أخرى. وأشارت السلطات المغربية إلى أن شبكة إرهابية تتألف من أعضاء "حركة المجاهدين في المغرب" جنَّدت صاحب البلاغ في عام 1982. وأشارت السلطات المغربية أيضاً إلى أن صاحب البلاغ أقام روابط في الجزائر بأفراد لهم صلة بكل من "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" وخلايا القاعدة في المغرب العربي، من أجل فتح معسكرات تدريب شبه عسكرية في الجزائر.

2-2 وفي 1 نيسان/أبريل 2008، احتُجز صاحب البلاغ في ميليا تنفيذاً لأمر الاعتقال الدولي الصادر عن المحاكم المغربية، ومَثَل أمام محكمة التحقيق رقم 5 في ميليا (المحكمة المختصة). وفي 2 نيسان/أبريل 2008، أمرت المحكمة بوضعه قيد الاحتجاز الاحتياطي على أساس وجود دليل معقول على ارتكابه جريمة واحتمال هروبه. وفي 14 نيسان/أبريل 2008، رفضت المحكمة طعن صاحب البلاغ في احتجازه احتياطياً.

2-3 وفي 22 نيسان/أبريل 2008، طلب المغرب إلى وزارة العدل في الدولة الطرف أن تسلمه صاحب البلاغ لارتكابه جرائم تتمثل في إنشاء عصابة إجرامية، وإنشاء جماعة لتخطيط وارتكاب أعمال إرهابية في إطار التآمر لتقويض النظام العام، والمساعدة على ارتكاب عمل إرهابي، وذلك بموجب القانون الجنائي المغربي وقانون مكافحة الإرهاب رقم 03/03.

2-4 وفي 30 نيسان/أبريل 2008، أذنت محكمة التحقيق رقم 1 التابعة للمحكمة العليا الوطنية (المحكمة رقم 1) باحتجاز صاحب البلاغ احتياطياً، دون إمكانية الإفراج عنه بكفالة، بموجب أمر الاعتقال الدولي. وقدم صاحب البلاغ طعنا ً في هذا القرار. وفي 6 حزيران/ يونيه 2008، رفضت المحكمة رقم 1 هذا الطعن وأيدت قرار احتجازه.

2-5 وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، أيد القسم الثاني للغرفة الجنائية للمحكمة العليا الوطنية تسليم صاحب البلاغ إلى المغرب، شريطة تقديم المغرب ضمانات صريحة بعدم الحكم عليه حتماً بالسجن المؤبد. وذكرت المحكمة العليا الوطنية أن صاحب البلاغ لا يمكن أن يُعامل معاملة متساوية كمواطن تابع للدولة الطرف - أي أن يُعفى من التسليم - على أساس أنه مواطن بلجيكي؛ وأن المحكمة ليس من اختصاصها النظر في الدليل، وإنما في المعايير الرسمية المتعلقة بالإذن بالتسليم أو رفضه؛ وأن صاحب البلاغ لم يبين أن الأفعال التي هي قيد التحقيق من جانب المحكمة رقم 5 هي الأفعال نفسها التي طُلِبَ التسليم على أساسها؛ وأن الادعاءات المتعلقة بأوضاع السجون المغربية لا تدعمها أدلة وتتسم بطابع عام وتستند إلى تقارير إعلامية؛ وأنه لا يمكن للمحاكم المغربية، وفقاً للمادة 11 من معاهدة تسليم المجرمين، أن تحكم على صاحب البلاغ بالإعدام ( ) .

2-6 وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2008، قدَّم صاحب البلاغ طلباً لإعادة النظر في القرار الصادر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008.

2-7 وفي 23 كانون الثاني/يناير 2009، أيدت الجلسة العامة للغرفة الجنائية للمحكمة العليا الوطنية القرار الصادر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، وبالتالي أذنت بتسليم صاحب البلاغ، شريطة أن يُنفذ التسليم وفقاً للمادة 11 من معاهدة تسليم المجرمين. ورأت المحكمة العليا الوطنية، في جملة أمور أخرى، أن حق صاحب البلاغ في الدفاع لم يُنتهك برفض التماسه إجراء مزيد من التحقيقات، نظراً إلى أن الدليل يدور حول وقائع معروفة أو لا صلة لها بالقضية. ونظرت المحكمة أيضاً في تقرير لمنظمة العفو الدولية بشأن حالة حقوق الإنسان في المغرب، وأشار هذا التقرير، في جملة أمور أخرى، إلى أن موظفي السجون وقوات الأمن يستخدمون التعذيب لانتزاع الاعترافات من المحتجزين ويسيئون معاملتهم. ومع ذلك، لم تجد المحكمة دليلاً على أن هذه الانتهاكات منهجية أو شائعة، أو دليلاً، ولو ظرفياً، على أن صاحب البلاغ مُعرَّض بشكل محدد وفعلي لخطر المعاملة اللاإنسانية أو المهينة إذا جرى تسليمه.

2-8 وفي 9 شباط/فبراير 2009، أيدت المحكمة العليا الوطنية القرار الصادر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، وطلبت إلى وزارة العدل أن تحصل من السلطات المغربية على الضمانات المنصوص عليها في القرار الصادر في 23 كانون الثاني/يناير 2009.

2-9 وفي 23 آذار/مارس 2009، طلب صاحب البلاغ اتخاذ تدبير للحماية المؤقتة ضد قرار المحكمة العليا الوطنية الصادر في 23 كانون الثاني/يناير 2009. وزَعم صاحب البلاغ انتهاك حقوقه في كل من الحماية القانونية الفعالة، واستخدام الدليل ذي الصلة في الدفاع عن نفسه، وافتراض البراءة، والمعاملة المنصفة، والحياة، والسلامة البدنية والمعنوية، فضلاً عن حقه في عدم التعرض للتعذيب وللمعاملة والعقوبة اللاإنسانية أو المهينة.

2-10 وأكدت وزارة العدل المغربية للدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 14 نيسان/ أبريل 2009، أن السلطات القضائية المغربية ملتزمة بمراعاة أحكام معاهدة تسليم المجرمين. ومع ذلك، أشارت إلى أن المعاهدة لا تجيز للدولة الموجَّه إليها طلب التسليم أن تُخضع عملية التسليم لأية شروط ما عدا الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 2، وهي لا تنطبق على هذه القضية.

2-11 وفي 14 آب/أغسطس 2009، أشارت المحكمة العليا الوطنية إلى أن تنفيذ الشرط المحدَّد لتسليم صاحب البلاغ، وهو تلقي الضمانات، يستلزم أن تصدر السلطات المغربية إعلاناً يؤكد التزامها بالمادة 11 من معاهدة تسليم المجرمين. وفي حال عدم تلقي هذا الإعلان خلال 30 يوماً، سيُفترض أن السلطات المغربية لا توافق على تقديم هذه الضمانات، وهو ما يشكل أساساً وجيهاً لرفض تسليم صاحب البلاغ. وأعرب المغرب مجدداً، في مذكرة شفوية مؤرخة 18 أيلول/سبتمبر 2009، عن موقف سلطاته القضائية الذي أعرب عنه في مذكرته الشفوية السابقة.

2-12 وفي 30 أيلول/سبتمبر 2009، طعن صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا الوطنية في تجديد طلب الحصول على الضمانات، نظراً إلى أن المغرب رفض بالفعل تقديم هذه الضمانات.

2-13 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2009، قررت المحكمة العليا الوطنية الرد على المغرب، معربةً عن قبولها تعهد السلطات القضائية المغربية تطبيق المادة 11 من معاهدة تسليم المجرمين. ومع ذلك، جعلت المحكمة التسليم رهناً بتعهد صريح تؤكده السلطات المغربية خلال 30 يوماً، بأنه في حال الحكم على صاحب البلاغ بالسجن المؤبد فإنه لن يظل بالضرورة في السجن مدى الحياة.

2-14 وقدَّم صاحب البلاغ طلباً لإعادة النظر في هذا القرار، والتمس رفض أمر تسليمه إلى المغرب استناداً إلى أن الضمانات التي طلبتها المحكمة العليا الوطنية في 23 كانون الثاني/ يناير 2009 لم تُقدَّم. وزَعم أن تفسير المحكمة العليا الوطنية للمذكرات الشفوية التي قدَّمها المغرب يتسم بالتعسف، ولا يقوم على أساس، وأن المذكرات الشفوية لا يمكن تفسيرها إلا على أنها تعني اعتزام المغرب تنفيذ معاهدة تسليم المجرمين تنفيذاً حرفياً. كما أن طلب المحكمة العليا الوطنية في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2009 الحصول على مزيد من الضمانات ينتهك مبدأ الشرعية واليقين القانوني - إذ أرسى هذا الطب شرطاً جديداً لم يُدرج في قرار المحكمة العليا الوطنية المؤرخ 23 كانون الثاني/يناير 2009، ومن ثم فهو تنقيح غير قانوني وتعسفي لذلك القرار.

2-15 وأبلغت السلطات المغربية الدولة الطرف، بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، تعهدها بمراجعة أحكام اتفاق تسليم المجرمين التي "لا تجيز لأي طرف وضع شروط باستثناء الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 2، وهي لا تنطبق على هذه القضية". وأضافت السلطات المغربية أن "القانون يجيز لمحكمة الجنايات أن تطبق الظروف المخفِّفة للعقوبة وفقاً للمادة 147 من القانون الجنائي"، الذي ينص على أنه "إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي الإعدام فإن محكمة الجنايات تطبِّق عقوبة السجن المؤبد أو السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة. وإذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤبد فإنها تطبِّق عقوبة السجن من عشر إلى ثلاثين سنة". وبالإضافة إلى ذلك، يجوز للشخص المُدان أن يلتمس عفواً ملكياً.

2-16 وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، رفضت المحكمة العليا الوطنية طلب صاحب البلاغ إعادة النظر في القرار الصادر في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2009. وذكرت المحكمة أن المادة 11 من اتفاق تسليم المجرمين لم تحدِّد أية ضمانات أو شروط، وإنما تتعلق بتخفيف عقوبة الإعدام، وأن الشرط الفعلي للتسليم هو ذلك الشرط المنصوص عليه في أمر المحكمة العليا الوطنية الصادر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، الذي أيدته الجلسة العامة في 23 كانون الثاني/يناير 2009.

2-17 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، أصدرت المحكمة العليا الوطنية قراراً ينص على أنه "في ضوء الالتزام الصريح [من جانب السلطات المغربية] بتطبيق الظروف المخفِّفة للعقوبة المنصوص عليها في القانون المغربي [تخفيف عقوبة الإعدام والسجن المؤبد إلى عقوبات أخرى]، ترى هذه المحكمة أن [الضمانات المُقدَّمة من المغرب في مذكرته الشفوية المؤرخة 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2009] كافية".

2-18 وفي 8 شباط/فبراير 2010، رأت المحكمة الدستورية أن طلب صاحب البلاغ الحصول على تدبير الحماية المؤقتة غير مقبول على أساس أن صاحب البلاغ لم يبين أن للقضية أهمية دستورية خاصة.

2-19 وفي 16 و17 آذار/مارس 2010، قدَّم صاحب البلاغ طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التمس فيه اتخاذ تدابير مؤقتة. وادّعى في طلبه حدوث انتهاكات للمواد التالية من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان: 6 (الحق في محاكمة عادلة)، و2 (الحق في الحياة)، و3 (حظر المعاملة اللاإنسانية والمهينة)، و5 (الحق في الحرية والأمن)، و14 (حظر التمييز)، وكذلك المادة 4 من البروتوكول السابع لتلك الاتفاقية (بشأن الحق في عدم المحاكمة والمعاقبة على نفس الجُرم مرتين). وادّعى صاحب البلاغ، بشكل خاص، استناداً إلى تقرير أعدته وزارة الخارجية الإسبانية عن وضع المواطنين الإسبان المحتجزين في السجون المغربية، أنهم يعيشون في أوضاع بالغة السوء، إذ يعانون من الاكتظاظ ورداءة الطعام ونقص الرعاية الطبية وتردي النظافة العامة. كما تشيع أعمال العنف والفساد في هذه السجون. ومن ثم، توجد أُسس كافية يُستنتج منها أن صاحب البلاغ سيتعرض لمعاملة لا إنسانية ومهينة في السجون المغربية. وذكر صاحب البلاغ أيضاً، استناداً إلى تقرير لمنظمة العفو الدولية أصدرته في عام 2008، أن مئات السجناء الذين أُدينوا بعد الهجمات التي وقعت في الدار البيضاء يطلبون إعادة النظر في محاكماتهم، وأن العديد منهم أُدينوا استناداً إلى بيانات لم يُحقق فيها لكي يُتيقَّن من أنها اُخذت طوعاً أم انتُزعَت تحت وطأة التعذيب. وأشار إلى أن مَن يقضون عقوبتهم في سجن سلا أضربوا عن الطعام احتجاجاً على تردي أحوالهم وسوء المعاملة التي يتلقونها على يد حراس السجن وقوات الأمن. وعلى ذلك، فإن احتجازه في السجون المغربية ستكون له عواقب ضارة تستمر طوال عمره بل قد تكلفه حياته. وادّعى صاحب البلاغ أيضاً أنه لن يُحَاكم محاكمة عادلة في المغرب؛ وأن تسليمه ينتهك حقه في عدم المحاكمة مرتين على نفس الجُرم، نظراً إلى أن الوقائع التي استُنِدَ إليها كأساس للتسليم خضعت للتحقيق من جانب المحكمة رقم 5؛ وأن حقه في الحرية انتُهك نظرا ًإلى أن الدولة الطرف مدَّدت احتجازه الاحتياطي بشكل تعسفي؛ وأنه تلقى معاملة تمييزية بالمقارنة مع مواطني الدولة الطرف، إذ رفضت المحاكم الاعتراف بجنسيته الأوروبية كمواطن بلجيكي، وهو ما كان سيتيح للدولة الطرف أن ترفض تسليمه بموجب المادة 3 من معاهدة تسليم المجرمين؛ وأن المغرب لم يقدم، في سياق إجراءات التسليم، أي ضمان بعدم الحكم عليه بالإعدام أو بالسجن المؤبد؛ ولذلك، فإن تسليمه إلى المغرب سيعرِّض حياته وسلامته البدنية والنفسية لخطر حقيقي وواقعي.

2-20 وفي 29 آذار/مارس 2010، رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلب صاحب البلاغ اتخاذ تدابير مؤقتة. وفي 11 أيار/مايو 2010، قررت المحكمة في جلسة عُقدت بقاضٍ واحد عدم قبول دعوى صاحب البلاغ ضد الدولة الطرف "لعدم استيفائها الاشتراطات المنصوص عليها في الاتفاقية"، وعلى أساس أنها لم تكشف عن "أي انتهاك للحقوق والحريات المكفولة بموجب الاتفاقية أو بروتوكولاتها".

2-21 وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، أَذن مجلس الوزراء في الدولة الطرف بتسليم صاحب البلاغ إلى المغرب.

2-22 وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، قدَّم صاحب البلاغ طلباً جديداً لاتخاذ تدابير مؤقتة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أجل وقف تسليمه إلى المغرب. وفي اليوم نفسه، قدَّم صاحب البلاغ طلباً إلى المحكمة العليا الوطنية لإعادة النظر في قرار تسليمه التمس فيه وقف التسليم على أساس أنه سيتعرض على نحو حقيقي وواقعي لخطر التعذيب إذا جرى تسليمه.

2-23 في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلب صاحب البلاغ، وذكرت أن الظروف الجديدة لا تستدعي إصدار قرار يختلف عن القرار الصادر في 16 آذار/مارس 2010. ودعت المحكمة صاحب البلاغ إلى إفادتها، بحلول 7 كانون الأول/ ديسمبر 2010، عما إذا كان يعتزم تقديم التماس جديد ضد الدولة الطرف، وأكدت أنها لن تنظر في التماس جديد يماثل الالتماس الذي رفضته في 11 آذار/مارس 2010.

2-24 وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، أفادت المحكمة العليا الوطنية الإنتربول بأنها أمرت بتسليم صاحب البلاغ فوراً إلى السلطات المغربية.

2-25 ويشير صاحب البلاغ إلى أن تشريعات الدولة الطرف (القانون رقم 29/1998 بشأن الولاية القضائية الإدارية) تنص على إمكانية الطعن في قرار مجلس الوزراء الذي يأذن بالتسليم. ومع ذلك، يدّعي صاحب البلاغ عدم فعالية وسيلة الانتصاف هذه لأن المحاكم الإدارية عادة ما ترفض هذه الطعون على أساس أن طلب الإذن بالتسليم عمل من أعمال السلطة الحكومية. كما أن هذه الوسيلة لم تكن لتسمح بوقف الإجراء أو القرار المطعون فيهما. ويضيف صاحب البلاغ أن القانون رقم 29/1998 يجيز لمقدم الطعن أن يطلب اتخاذ تدابير للحماية، غير أن ذلك لم يكن خياراً متاحاً في الواقع لأن صاحب البلاغ لم يكن بوسعه، من جهة، الاحتجاج بأمر التسليم الرسمي، الذي لم يكن محاميه قد أُبلغ به بعد ، وأن الطلب، من جهة أخرى، لم يكن سيُنظر فيه على وجه السرعة.

2-26 وفيما يتعلق بمعيار المقبولية المنصوص عليه في الفقرة الفرعية 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يدّعي صاحب البلاغ أن طلبه المقدَّم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم يُقبل بناءً على أُسس إجرائية، وأن المحكمة لم تنظر في الأسس الموضوعية بالمعنى المقصود في البروتوكول الاختياري، وهو أن اللجنة مختصة بالنظر في هذا البلاغ.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادتين 7 و14 م ـ ن العهد ( ) .

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً أن تسليمه من جانب الدولة الطرف إلى المغرب ينتهك المادة 7 من العهد، لأن السلطات المغربية تستخدم التعذيب على نحوٍ منهجي منذ عام 2003 في إطار ما يُسمى الحرب على الإرهاب. وقال إن هذه الانتهاكات الجسيمة ذُكرت في تقارير حقوق الإنسان المقدمة من الدول ومن منظمات غير حكومية يُعتد بها. وعلاوة على ذلك، ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، نفسها، أن بعض جوانب التشريع المغربي المتعلق بمكافحة الإرهاب يتعارض مع العهد ( ) . وفي قضية صاحب البلاغ، طُلب تسليمه في إطار قضية بلعيرج التي اشتُبه في ضلوع الأفراد المنخرطين فيها في أعمال إرهاب. وقد اعتُقل العديد منهم تعسفياً، واحتُجزوا في أماكن احتجاز سرية، وتعرضوا لإساءة المعاملة والتعذيب البدني والنفسي، وحُكم عليهم بعقوبات قاسية استناداً إلى اعترافات انتُزعت تحت وطأة التعذيب. وشملت أفعال التعذيب التي تعرضوا لها الصعق بالكهرباء، وتغطيس رؤوسهم في الماء، والإيذاء الجنسي، والحبس الانفرادي. ورغم إحجام السلطات المغربية عن إجراء تحقيقات جادة في هذه الممارسات، لا يمكن اعتبار هذه الممارسات حوادث فردية، بل إنها كثيراً ما تُستخدم ضد المعارضين السياسيين. ولذلك من المنطقي افتراض أن صاحب البلاغ سيتعرض في المغرب للتعذيب ولحكم بالسجن مؤبد، وهو ما يصل إلى درجة العقوبة اللاإنسانية أو القاسية أو المهينة ( ) .

3-3 وفيما يتعلق بالمادة 14 من العهد، يدّعي صاحب البلاغ أن من واجب الدول الأطراف أن تكفل عدم تسليم الأشخاص إلى دول يُرجح ألا يُحاكموا فيها وفق الإجراءات القانونية الواجبة. ويكرر صاحب البلاغ أن الأشخاص المتهمين في قضية بلعيرج لم يُحاكموا وفق الإجراءات القانونية الواجبة. فقد أُدين العديد منهم على أساس اعترافات وشهادات انتُزعت تحت وطأة التعذيب أو بموجب أدلة تم الحصول عليها بطرق غير قانونية. كما أنهم عجزوا عن الدفاع عن أنفسهم على نحوٍ كامل وفعال. ويؤكد صاحب البلاغ أن من المعقول افتراض أنه لن يُحاكم، في حال تسليمه، وفق الإجراءات القانونية الواجبة، وأنه سيُدان على أساس اعترافات تُنتزع تحت وطأة التعذيب. وأشار إلى أن سلطات الدولة الطرف أجرت تحقيقات جنائية في حالته، وأُغلق ملف التحقيق بعد ذلك لعدم وجود أدلة على عضويته في أية جماعات إرهابية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 7 كانون الأول/ديسمبر 2010، قدَّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي ترى أن البلاغ ينبغي أن يعتبر غير مقبول بموجب الفقرة 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وطلبت الدولة الطرف أيضاً إلى اللجنة إلغاء التدابير المؤقتة المتخذة في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2010.

4-2 وقدَّم صاحب البلاغ شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لم تُقبل في أول الأمر. وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، قدَّم صاحب البلاغ شكوى أخرى، ومنحته المحكمة في هذه المرة مهلة تنتهي في 7 كانون الأول/ديسمبر 2010 ليبين ما إذا كانت هذه الشكوى جديدة أم تكراراً لالتماسه السابق. ومن ثم، كانت المسألة لا تزال معروضة على المحكمة في وقت تقديم البلاغ إلى اللجنة.

4-3 وتدَّعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، نظراً إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 تشرين الثاني /نوفمبر 2010، الذي يأذن بتسليم صاحب البلاغ، كان قابلاً للطعن أمام المحكمة العليا، وبعد ذلك، إذ اقتضى الأمر، أمام المحكمة الدستورية في شكل التماس لاتخاذ تدابير الحماية المؤقتة. ولا يوجد ما يثبت أن صاحب البلاغ سلك سبل الانتصاف هذه التي كان يمكنه أن يدّعي في إطارها انتهاك حقه الأساسي في السلامة البدنية، وهو الحق المثبت في المادة 15 من الدستور. وقضت المحكمة العليا في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2010 باختصاصها في النظر فيما إذا كانت الحكومة قد تجاوزت سلطتها أم لم تف بواجباتها عندما أذن مجلس الوزراء بالتسليم.

4-4 ومن ناحية أخرى، ترى الدولة الطرف أنه ينبغي للجنة، إذا اعتبرت البلاغ مقبولاً، أن ترفض ادعاءات صاحب البلاغ بناءً على الأسس الموضوعية. وفيما يتعلق بالمادة 7 من العهد، تشير الدولة الطرف إلى أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة والصارخة والجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكِّل في حد ذاته أساساً كافياً لإثبات أن شخصاً معيناً سيتعرض لخطر التعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ وإنما لا بد من تقديم أدلة أخرى على أن الشخص المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وفي سياق إجراءات التسليم، أشار صاحب البلاغ في ادعاءاته إلى أوضاع السجون المغربية وإمكانية الحكم عليه بالسجن المؤبد. وقد أخذت المحكمة العليا الوطنية بعين الاعتبار هذه الادعاءات في قراريها المؤرخين 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 و23 كانون الثاني/يناير 2009، وأحاطت علماً بالمعلومات المقدمة إليها، ومنها تقرير منظمة العفو الدولية بشأن حالة حقوق الإنسان في المغرب، وهو التقرير الذي وثّق تعرُّض المحتجزين للتعذيب لانتزاع الاعترافات منهم وإساءة معاملتهم من جانب مسؤولي السجون وقوات الأمن. ومع ذلك، لم تجد المحكمة العليا الوطنية ما يثبت أن الانتهاكات الواردة في التقرير منهجية أو شائعة. وعلاوة على ذلك، لا يوجد دليل، ولو كان ظرفياً، على أن صاحب البلاغ مُعرَّض بشكل محدد وفعلي لخطر المعاملة اللاإنسانية أو المهينة في المغرب. وبالإضافة إلى ذلك، كانت المحكمة العليا الوطنية قد أكدت أنه إذا صدر حكم على صاحب البلاغ بالسجن المؤبد فإنه لن يُسجن حتماً مدى الحياة، وإذا صدر حكم بإعدامه فسيُخفف إلى العقوبة المنصوص عليها في تشريعات الدولة الطرف عن الأفعال نفسها. كما أن الضمان المطلوب من المغرب ليس مجرد "ضمان دبلوماسي"؛ وإنما هو ضمان منصوص عليه صراحةً في معاهدة تسليم المجرمين المُبرمة بين البلدين.

4-5 وتزعم الدولة الطرف أن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب البلاغ فيما يتعلق بالخوف الفعلي والشخصي من تعرضه، في حال تسليمه، للمعاملة المحظورة بموجب العهد. ولا تثبت الوثائق التي قدَّمها صاحب البلاغ وجود خطر حقيقي وشخصي لأن يتعرض، في حال تسليمه إلى المغرب، للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في 14 شباط/فبراير 2011، قدَّم صاحب البلاغ تعليقه على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

5-2 يدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري، بمخالفة موضوعه والغرض منه، وذلك بتسليمه في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010 رغم طلب اللجنة وقف عملية التسليم أثناء نظرها في بلاغه. ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف تصرفت بسوء نية عندما طلبت إلى اللجنة، في 7 كانون الأول/ديسمبر 2010، تقييم مدى ملاءمة تمديد التدابير المؤقتة، من جهة، في حين مضت في عملية التسليم دون انتظار قرار اللجنة، من جهة أخرى.

5-3 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الشرطة المغربية احتجزته دون مثوله أمام قاض للفترة القصوى المنصوص عليها في القانون المغربي، وهو ما يُعد انتهاكاً صريحاً لحقوقه بموجب العهد. وقد تعرض خلال تلك الفترة للتعذيب، وأُجبر على التوقيع على اعترافات مكتوبة باللغة العربية التي لا يتحدثها، وحُرم من النوم لعدة أيام واستُجوب بصورة متواصلة، وحُقن بمواد كيميائية، وصعقت أعضاؤه التناسلية بالكهرباء، واغتصب، وضُرب ضرباً مبرِّحاً. وأدى ذلك إلى فقدانه السمع والإحساس بيديه وقدميه، وتغيُّر لون أطرافه السفلى وأُصيب بالإجهاد التالي للصدمة النفسية، بالإضافة إلى مشاكل في الذاكرة والنوم وكانت أوضاع الاحتجاز بالغة القسوة تصل إلى درجة التعذيب. كما أنه حُبس انفرادياً دون أي سبيل للاتصال بالعالم الخارجي أو الوصول إلى شبكات التلفزيون أو الإذاعة أو الصحف أو الهاتف. ولم يُسمح له بالوصول إلى المواد المقروءة أو المكتوبة. وكان يُسمح له فقط بالخروج إلى الفناء، وحده، لمدة نصف ساعة يومياً. ولم يكن مسموحاً لموظفي أمن السجن بالتحدث إليه. وكان يوقظ أثناء الليل للتفتيش بنداء الأسماء، مما جعل من الصعب عليه النوم. وعندما واجه مشاكل صحية، أعطي أدوية غير ملائمة دون مشورة طبيب، ولم يتلق العلاج الطبي لحالة الصرع التي يعاني منها. ويدّعي صاحب البلاغ ارتكاب مخالفات في الإجراءات الجنائية المتخذة ضده، وأن السلطات المغربية لا تملك أي دليل ضده.

5-4 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يكرر صاحب البلاغ ما قدمه في رسالته الأولى من ادعاءات، ويحتج بأنه، في ضوء الطابع الملح الذي يتسم به الوضع، من غير المعقول أن يُتوقع منه أن يطعن في الإجراءات أمام المحكمة العليا ثم أمام المحكمة الدستورية، لا سيما وأن سبيلي الانتصاف المذكورين ليس لهما تأثير إيقافي، وأنه كان من المستبعد تماماً أن تقبل هاتان المحكمتان طعنه. كما أن أي طعن أمام المحكمة العليا لم يكن سيُقبل بموجب المادة 6 من القانون رقم 4/1985 المتعلق بالتسليم السلبي، والمادة 69(ج) من القانون رقم 29/1998 بشأن الولاية القضائية الإدارية، كما أن المحكمة الدستورية رفضت، في 29 أيلول/سبتمبر 2009، طلب صاحب البلاغ اتخاذ تدابير الحماية المؤقتة. أما السوابق القضائية للمحكمة العليا التي استشهدت بها الدولة الطرف فهي قرار مستقل يبين أن سلطة المحكمة تقتصر على النظر في المسائل التقنية والإجرائية، مثل انتهاكات الضمانات القضائية التي يرسيها الدستور. ومن ناحية أخرى، تبين السوابق القضائية للمحكمة العليا بوضوح أن قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بالتسليم هي عموماً غير قابلة للطعن.

5-5 وفيما يتعلق بالفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يدعي صاحب البلاغ أن ملاحظات الدولة الطرف غير دقيقة: فالطلب الذي قدمه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، الذي كان مجرد طلب لاتخاذ تدابير مؤقتة، رُفض في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، وطُلب من صاحب البلاغ إخطار المحكمة بحلول 7 كانون الأول/ديسمبر 2010 عما إذا كان يرغب في تقديم طلب آخر. وعندما قدم بلاغه إلى اللجنة لم يكن أمام المحكمة دعوى قيد النظر. ويضيف أن المسائل التي قدمها إلى المحكمة في آذار/مارس و تشرين الثاني/نوفمبر 2010 لم يُنظر فيها على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. كما أنه لم يُمنح أية فرصة لاستئناف قضيته أمام المحكمة، ولم يُبلَّغ، ولو بإيجاز، بأسباب عدم قبول طلبه. ولم يتلق إلا ثلاث رسائل نمطية خلت من أية معلومات عن أسس رفض التدابير المؤقتة أو الاعتراض عليها.

5-6 وفيما يتعلق بالمادة 7 من العهد، يكرر صاحب البلاغ الادعاءات التي قدمها في رسالته الأولى، ويزعم أنه قدَّم أدلة محددة على أن التعذيب يُستخدم بشكل منهجي في المغرب في إطار الحرب على الإرهاب، وفقاً لتقارير عدد من المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان. ومن ثم، فإن المحاكمة الجنائية التي استند إليها طلب التسليم صنَّفته ضِمن فئة ضعيفة من الأفراد - هم المشتبه في انتمائهم لجماعة إرهابية - ولذلك كان من المتوقع أنه سيواجه خطراً شخصياً وحقيق ي اً في التعرُّض للتعذيب. ورغم أن الوقائع التي أوردها معروفة ومُثبتة في وثائق رسمية، رفضت المحكمة الوطنية هذه الوقائع بشكل تعسفي في قراريها الصادرين في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 و23 كانون الثاني/يناير 2009.

5-7 وفيما يتصل بالمادة 14 من العهد، يؤكد صاحب البلاغ أنه قدَّم معلومات كافية تبين وجود خطر متوقع في تعرضه، لدى تسليمه إلى المغرب، للمحاكمة الجنائية دون ضمانات قضائية، وفي الحكم عليه بعقوبة قاسية على أساس اعترافات تُنتَزَع تحت وطأة التعذيب.

5-8 ويشير صاحب البلاغ إلى أن تسليمه أدى إلى انتهاكات أخرى يطلب إلى اللجنة النظر فيها.

5-9 وانتهكت الدولة الطرف الفقرة 3 من المادة 2 من العهد بإحجامها عن توفير سبيل انتصاف فعال يمكِّنه من منع انتهاك حقه في السلامة البدنية، أو تحديداً من الطعن في قرار مجلس الوزراء الذي أَذِنَ بتسليمه. ولم تجر محاكم الدولة الطرف إلا فحصاً عابراً وشكلياً لادعاءاته دون أن تأخذ في الاعتبار طلب اللجنة المتعلق باتخاذ تدابير مؤقتة. وبالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى أن تسليمه كان وشيكاً، لم يتمكن من تقديم استئناف لأنه نُقل في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 إلى سجن بالمنطقة الثالثة لمدريد، ولم يُسمح له بالاتصال بمحاميه لإبلاغهم بأن عملية تسليمه تمضي قُدُماً.

5-10 وانتُهكِت أيضاً حقوقه بموجب الفقرة 2 من المادة 9 والفقرتين 3(أ) و7 من المادة 14 من العهد، لعدم إخطاره فوراً بالتُهم الموجهة إليه. وكانت الوقائع المذكورة في أمر الاعتقال الدولي الذي أصدرته المحاكم المغربية شديد العمومية ولم ينص على أية جرائم. وبالإضافة إلى ذلك، يشكل تسليمه انتهاكاً لحقه في عدم المحاكمة مرتين على نفس الجُرم، إذ إن الوقائع التي استند إليها التسليم كانت قد خضعت بالفعل للتحقيق من جانب المحكمتين رقم 1 ورقم 5 اللتين أمرتا في نهاية الأمر بتعليق النظر في القضية لعدم كفاية الأدلة. ورفضت المحكمة العليا الوطنية هذا الادعاء، وبررت قرارها بعدم وجود علاقة بين هذه الإجراءات وتلك المتخذة في المغرب.

5-11 وانتهكت الدولة الطرف أيضاً الفقرتين 1 و3 من المادة 9، والمادة 10، والمادة 23 من العهد، لأن قرار الاحتجاز المؤقت الذي اتخذته محاكم الدولة الطرف أثناء النظر في طلب التسليم كان تعسفياً ويتناقض مع الطابع الفرعي لهذا النوع من الاحتجاز. واحتُجز صاحب البلاغ قيد المحاكمة، أثناء التحقيق الجنائي الذي أجرته المحكمة رقم 5 في عام 2006، ثم أُفرج عنه شريطة دفع كفالة والحضور أمام السلطات بانتظام، وهو ما لم يفعله لمدة عامين. وعلى ذلك الأساس، فإن احتجازه الذي امتد نحو 32 شهراً ريثما يُنظر في طلب تسليمه لم يكن له مبررات. وعلاوة على ذلك، فإن نظام الاحتجاز البالغ الصرامة، وهو العزل مع تقييد فرص الاتصال بالعالم الخارجي، ينتهك المادة 10 من العهد، لأن أياً من سلوك صاحب البلاغ أو السياق لم يكن يدل على أنه سيشكل خطراً على نفسه أو على الآخرين. ولا يمكن أن يُفترض أن الدولة الطرف لم تكن على دراية بأن الاحتجاز لدى الشرطة في المغرب بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وأوضاع السجون المغربية عموماً، تنتهك هذه المواد من العهد. ونتيجةً للاحتجاز المؤقت، وما أعقبه من تسليم، حُرم صاحب البلاغ من حقه في الحياة الأُسرية، على النحو المحدد في المادة 23 من العهد.

5-12 وفيما يتعلق بالمادة 26 من العهد، يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للتمييز على أساس جنسيته ولمعاملة تختلف عن معاملة مواطني الدولة الطرف، رغم أنه كان ينبغي أن يُعامل على قدم المساواة مع المواطن الإسباني لأنه يحمل جنسية دولة من دول الاتحاد الأوروبي، وهي بلجيكا، أي أنه بعبارة أخرى كان ينبغي الامتناع عن تسليمه. والواقع أن مجلس الوزراء رفض طلباً بتسليم السيد م. إ. ب. إلى المغرب، وهو مواطن مغربي وإسباني كان وضعه مماثلاً لوضع صاحب البلاغ - من حيث الصلة بقضية بلعيرج - ولكن لم يفسر مجلس الوزراء سبب المعاملة المتناقضة لهذين الشخصين.

ملاحظات إضافية مقدمة من الدولة الطرف

6-1 في 14 حزيران/يونيه 2011، قدمت الدولة الطرف إلى اللجنة ملاحظات إضافية وكررت عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، لأن صاحب البلاغ كان يمكنه الطعن أمام المحكمة العليا في قرار مجلس الوزراء الذي يأذن بتسليمه.

6-2 وفيما يتعلق بطلب اتخاذ تدابير مؤقتة الذي قدمته اللجنة في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، تشير الدولة الطرف إلى أن السلطات المختصة نظرت على النحو الواجب في الطلب في ضوء ملابسات القضية، وقررت في نهاية الأمر المضي قُدماً في تسليم صاحب البلاغ استناداً إلى جملة عوامل، منها تجاوز الحدود القانونية لمدة الاحتجاز في انتظار التسليم.

6-3 وفيما يتعلق بمكان الاحتجاز، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ احتُجز معظم الوقت في سجن ألخيسيراس. ومع ذلك، نُقل إلى سجن المنطقة الثالثة لمدريد عندما طلبت السلطات القضائ ية مثوله في الإجراءات القضائية. ولدى الإذن بتسليمه، نُقل إلى مدريد في 4 كانون الأول/ديسمبر 2010 ريثما يُنفذ أمر التسليم.

6-4 ورداً على ادعاءات صاحب البلاغ بشأن أوضاع الاحتجاز في المغرب، تؤكد الدولة الطرف عدم وجود دليل على أن الأحداث التي يدعيها صاحب البلاغ تحدث بالفعل.

معلومات إضافية مقدمة من صاحب البلاغ

7-1 في 9 أيار/مايو و11 تشرين الأول/أكتوبر و18 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، و20 كانون الثاني/يناير و7 شباط/فبراير و28 حزيران/يونيه و9 تشرين الأول/أكتوبر و7 كانون الأول/ديسمبر 2012، قدم صاحب البلاغ معلومات إضافية إلى اللجنة، وكرر حججه السابقة المتعلقة بمقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

7-2 ويحتج صاحب البلاغ بأن الغرض من التدابير المؤقتة للجنة هو تجنُّب إلحاق ضرر لا يمكن جَبره بضحية الانتهاك المدعي ، ولذلك لا يمكن للدولة الطرف أن تبرر عدم تطبيق هذه التدابير بتجاوز المدة القصوى للاحتجاز المؤقت أثناء إجراءات التسليم. كما أن حجة الدولة الطرف تمثل اعترافاً ضمنياً بانتهاك حقه في الحرية والسلامة.

7-3 ويفيد صاحب البلاغ اللجنة بأنه قدم إلى لجنة مناهضة التعذيب، في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2011، شكوى ضد المغرب لانتهاكه اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) . ويكرر صاحب البلاغ، بوصف مفصل، أنه تعرض للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة على يد السلطات المغربية. ورغم شكاواه إلى السلطات المغربية، لم يصدر أمر بإجراء أي تحقيق فعال ومحايد.

7-4 ولم تردّ الدولة الطرف على عدد من ادعاءاته، ولم تقدم ملاحظات بشأن الادعاءات الجديدة التي قدمها إلى اللجنة في 14 شباط/فبراير 2011. ويطلب صاحب البلاغ أن تنظر اللجنة في ادعاءاته، وأن تُلزم الدولة الطرف بتقديم تعويض كامل عن انتهاكاتها للعهد، ويشمل ذلك ما يلي: (أ) اتخاذ ما تقتضيه الحاجة من تدابير فعالة لضمان عدم تعرضه للتعذيب في المغرب، وأن يُجرى في المغرب تحقيق شامل ومحايد في ادعاءات تعرضه للتعذيب؛ (ب) منح صاحب البلاغ تعويضاً مناسباً عن الضرر الذي لحق به في المغرب، وعن فترة احتجازه في المغرب، وعن احتجازه التعسفي في الدولة الطرف، وعن الضرر غير المادي الذي لحق به نتيجة عدم استجابة اللجنة لطلب اتخاذ تدابير مؤقتة، وعن انتهاك حقه في الحياة الأُسرية؛ (ج) دفع جميع تكاليف السفر التي تكبدتها أسرته لزيارته في المغرب، إضافةً إلى مصروفاته القانونية.

7-5 ويفيد صاحب البلاغ اللجنة بأن الفرصة سنحت له لعرض قضيته أثناء الزيارة التي قام بها إلى المغرب المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في الفترة من 15 إلى 22 أيلول/سبتمبر 2012. وبالإضافة إلى ذلك، حكمت محكمة الاستئناف بالرباط، في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2012، على صاحب البلاغ بالسجن لمدة 12 سنة. وفيما يخص شكاواه المتعلقة بالتعذيب، أشارت المحكمة فقط إلى أن تقرير الفحص الطبي الشرعي الذين أمرت بإجرائه لا يبين تعرض صاحب البلاغ لأفعال تعذيب. ورغم ذلك، يحتج صاحب البلاغ بأن تقرير الفحص الطبي الذي أمرت المحكمة بإجرائه، وفقاً لآراء اثنين من الأطباء الشرعيين المستقلين، يتسم بالعمومية ويفتقر إلى المضمون، ولا يرقى إلى معايير بروتوكول اسطنبول. واحتُجز صاحب البلاغ في سجن سلا 2.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم احترام طلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة ( )

8-1 تشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف قامت بتسليم صاحب البلاغ رغم تسجيل بلاغه بموجب البروتوكول الاختياري، وتوجيه طلب إلى الدولة الطرف باتخاذ تدابير الحماية المؤقتة في هذا الصدد. وتذكِّر اللجنة بأن أية دولة طرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تلقي ودراسة البلاغات الواردة من الأفراد الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك أي من الحقوق الواردة في العهد (الديباجة والمادة 1) ( ) . كما أن الانضمام إلى البروتوكول الاختياري يُلزِم أية دولة طرف بالتعاون مع اللجنة بحسن نية بغية السماح لها بالنظر في هذه البلاغات وتمكينها من ذلك، وكذلك، بعد انتهاء النظر فيها، بإحالة آرائها إلى الدولة الطرف وإلى الشخص المعني (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). وينافي هذه الالتزامات قيام أي دولة طرف باتخاذ أي إجراء من شأنه أن يمنع أو يبطل نظر اللجنة في البلاغ وتناولها إياه بالبحث وتعبيرها عن آرائها.

8-2 وبصرف النظر عما يثبت في سياق بلاغ ما من انتهاك للعهد من جانب دولة طرف، فإن هذه الدولة الطرف تخل إخلالاً جسيماً بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري إذا أتت تصرفاً يمنع أو يبطل نظر اللجنة في بلاغ يدعي انتهاك الدولة الطرف للعهد أو يجعل دراسة اللجنة له محل جدل وإفصاحها عن آرائها عديم الأثر والجدوى. وقد ادعى صاحب هذا البلاغ أن حقوقه بموجب المادتين 7 و14 من العهد ستُنتهك إذا سُلم إلى المغرب. وبعد أن أُخطرت الدولة الطرف بالبلاغ، أخلَّت بالتزاماتها بمقتضى البروتوكول الاختياري، إذ سلمت صاحب البلاغ قبل أن تفرغ اللجنة من النظر في البلاغ ودراسته وقبل أن تصوغ آراءها وترسلها. ومما يدعو للأسف الشديد أن الدولة فعلت ذلك بعد أن تصرفت اللجنة بموجب المادة 92 من نظامها الداخلي وطلبت إلى الدولة الطرف الامتناع عن تسليمه.

8-3 وتذكر اللجنة ( ) بأن التدابير المؤقتة الواجب اتخاذها بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، المعتمدة وفقاً لأحكام المادة 39 من العهد، هي تدابير أساسية لاضطلاع اللجنة بدورها بموجب البروتوكول. ومن شأن عدم مراعاة هذه المادة، لا سيما باتخاذ تدابير لا رجعة فيها، كما هو الحال في هذه القضية بتسليم صاحب البلاغ، أن يقوِّض حماية الحقوق التي يكفلها العهد من خلال البروتوكول الاختياري.

النظر في المقبولية

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

9-2 وتشير اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قدَّم في آذار/مارس 2010 طلباً والتماساً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لاتخاذ تدابير مؤقتة تمنع تسليمه. وأُبلغ صاحب البلاغ، بموجب رسالة مؤرخة 11 أيار/مايو 2010، بأن محكمة مشكَّلة من قاضٍ واحد أعلنت عدم مقبولية طلبه، إذ لم يتبين لها حدوث أي انتهاك للحقوق والحريات التي تكفلها الاتفاقية أو بروتوكولاتها. وقدم صاحب البلاغ في وقت لاحق طلباً جديداً إلى المحكمة لاتخاذ تدابير مؤقتة، ورُفض طلبه في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2010. ولم يخاطب صاحب البلاغ المحكمة مرة أخرى بعد ذلك التاريخ. وتذكِّر اللجنة بأن إسبانيا، عند تصديقها على البروتوكول الاختياري، أبدت تحفظاً يستبعد اختصاص اللجنة في النظر في المسائل التي بُحثت أو يجري بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

9-3 وتذكِّر اللجنة باجتهادها القضائي بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ومفاده أنه عندما لا تبني المحكمة الأوروبية قرارها بعدم المقبولية على أسس إجرائية فحسب، بل أيضاً على أسس تنشأ عن قدر من النظر في الأسس الموضوعية للقضية، فتعتبر المسألة عندئذ قد بُحثت بالمعنى المقصود في التحفظات ذات الصلة على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛ وينبغي اعتبار أن المحكمة قد تجاوزت مجرد النظر في المعايير الشكلية البحتة للمقبولية عندما تعلن عدم مقبولية طلب ما لأنه "لا يكشف عن حدوث أي انتهاك للحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية أو بروتوكولاتها" ( ) .

9-4 وفي هذ ه القضية، رأت اللجنة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تنظر في المعايير الشكلية للمقبولية فحسب، وإنما في الشكاوى الفعلية التي قدمها صاحب البلاغ في طلبه إلى المحكمة. وفي هذا الصدد، تذكِّر اللجنة باجتهادها القضائي ، ومفاده أنه لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ينبغي أن تفهم عبارة "المسألة نفسها" على أنها تعني صاحب البلاغ نفسه، والوقائع ذاتها، والحقوق الموضوعية ذاتها ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يشير، في سياق شكواه المتعلقة بانتهاك المادة 7 من العهد، إلى خطر تعرضه للتعذيب وإساءة المعاملة في حال تسليمه. وفي هذا الصدد، يدَّعي صاحب البلاغ أن السلطات المغربية تستخدم التعذيب على نحوٍ منهجي منذ عام 2003 في إطار جهودها لمحاربة الإرهاب؛ وأن طلب تسليمه قُدم في إطار قضية بلعيرج التي تعرض المتهمون فيها لإساءة المعاملة والتعذيب البدني والنفسي وأُدينوا استناداً إلى اعترافات انتُزعت تحت وطأة التعذيب؛ وأن حالات التعذيب تلك لم تكن حوادث فردية؛ وأن من المعقول بناءً على ذلك أن يُفترض أنه هو أيضاً سيتعرض للتعذيب. وتلاحظ اللجنة أن شكوى صاحب البلاغ بموجب المادة 7 تشير إلى خطر تعرضه للحبس الانفرادي والتعذيب من أجل انتزاع اعتراف منه، في إطار تطبيق قانون مكافحة الإرهاب المغربي، في حين أن شكواه المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بموجب المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، تشير إلى أوضاع السجون بشكل عام في المغرب، إذ يرى صاحب البلاغ أن هذه الأوضاع تشكل معاملة لا إنسانية أو مهينة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن شكوى صاحب البلاغ بموجب الفقرتين 1 و3 من المادة 9 من العهد تشير إلى مدة احتجازه الاحتياطي في الدولة الطرف، بما في ذلك المدة بين صدور قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بعدم المقبولية، من جهة، وتسليمه إلى المغرب في 14 كانون الأول/ديسمبر 2010. وعلى ذلك، في ضوء هذه الاعتبارات، ومع مراعاة التعليل المحدود الوارد في قراراي المحكمة المؤرخين 11 أيار/مايو و23 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، ترى اللجنة، من واقع ملابسات هذه القضية، أن المسألة التي تتناولها الشكاوى بموجب المادة 7 والفقرتين 1 و3 من المادة 9 من العهد ليست في جوهرها نفس المسألة المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ومن ثم، ترى اللجنة، وفقاً للفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أنه ليس هناك ما يمنعها من النظر في شكاوى صاحب البلاغ المتعلقة بالمادة 7 والفقرتين 1 و3 من المادة 9 من العهد.

9-5 وتحيط اللجنة علماً بشكاوى صاحب البلاغ المقدمة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 بشأن عدم وجود سبيل انتصاف فعال يتيح له، في ضوء التدابير المؤقتة التي طلبتها اللجنة، أن يطعن في قرار مجلس الوزراء الذي يأذن بتسليمه؛ وبشكواه المتعلقة بانتهاك حقه في الحياة الأسرية بموجب المادة 23؛ وبشكواه المقدمة بموجب المادتين 10 و26 من العهد. ونظراً إلى أن هذه الشكاوى لم تشكل جزءاً من طلبه المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ولا تستند إلى أحكام لا تتطابق تماماً مع أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وبروتوكولاتها، ترى اللجنة أنه ليس هناك ما يمنعها من النظر في هذه الشكاوى بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-6 وفيما يتعلق بشكاوى صاحب البلاغ المقدمة بموجب الفقرة 2 من المادة 9، والمادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن هذه الشكاوى تشير في جوهرها إلى نفس الأحداث والوقائع التي سبق تقديمها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ولذلك، في ضوء تحفظ الدولة الطرف على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى اللجنة أن هناك ما يمنعها من النظر في هذه الشكاوى.

9-7 ويحتج صاحب البلاغ بالمادة 10، ويدعي أن نظام الاحتجاز الذي تطبقه الدولة الطرف يتناقض مع أحكام هذه المادة، وفيما يتعلق بالمادة 23، يشير صاحب البلاغ إلى أنه حُرم تعسفياً من حقه في الحياة الأسرية نتيجة احتجازه احتياطياً ثم تسليمه. ومع ذلك، لا يتبين للجنة، من واقع الوثائق المقدمة، أن صاحب البلاغ عرض هذه المسائل على المحاكم المحلية. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-8 وتحيط اللجنة علماً بشكاوى صاحب البلاغ المقدمة بموجب الفقرتين 1 و3 من المادة 9، ومفادها أن الاحتجاز الاحتياطي الذي أمرت به محاكم الدولة الطرف كان تعسفياً؛ وأن هذا الإجراء ليس له مبررات نظراً إلى الطابع الفرعي لهذا النوع من الاحتجاز؛ بل وأن الاحتجاز دام نحو 32 شهراً. ورغم ذلك، تشير اللجنة إلى أن صاحب البلاغ احتُجز بموجب أمر اعتقال دولي أصدرته المحاكم المغربية، وأن محكمة التحقيق رقم 5 في ميليا أمرت باحتجازه احتياطياً استناداً إلى وجود دليل معقول، هو ارتكاب جريمة واحتمال هروبه. وقد رفضت المحكمة العليا الوطنية طعون صاحب البلاغ في هذا الإجراء. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن هذه الشكاوى لا تدعمها أدلة كافية لأغراض المقبولية، وتعلن عدم مقبوليتها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-9 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 26 من العهد أنه تعرض للتمييز على أساس جنسيته، وتلقى معاملة تختلف عن المعاملة التي يتلقاها مواطنو الدولة الطرف؛ وأنه كان ينبغي أن يُعامل بالطريقة التي يعامل بها أي مواطن إسباني لأنه من رعايا الاتحاد الأوروبي بوصفه مواطناً بلجيكياً، أي كان ينبغي عدم تسليمه.

9-10 وفيما يتعلق بشكاوى صاحب البلاغ المقدمة بموجب الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7 من العهد، ترى اللجنة أن هذه الشكاوى تدعمها أدلة كافية لأغراض المقبولية. ونظراً إلى عدم وجود أي عوائق أخرى أمام المقبولية، تعلن اللجنة قبول هذه الشكاوى.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وتحيط اللجنة علماً بشكوى صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تجر تقييماً سليماً للخطر الذي سيتعرض له في حال تسليمه إلى المغرب ( ) ، وبأن من المعقول توقع أن يضعه التسليم في وضع بالغ الخطورة يتعرض فيه للتعذيب، وهو ما حدث بالفعل لدى تسليمه إلى المغرب حيث حُبس انفرادياً في أوضاع قاسية وتعرض لإساءة المعاملة والتعذيب ( ) . وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف بأن المحكمة العليا الوطنية نظرت في هذا الادعاء المقدم من صاحب البلاغ وأحاطت علماً بالمعلومات المقدمة إلى المحكمة؛ غير أن المحكمة العليا الوطنية لم تجد دليلاً، ولو ظرفياً، على أن صاحب البلاغ معرض بشكل شخصي وحقيقي لخطر المعاملة اللاإنسانية أو المهينة في المغرب.

10-3 وتذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام الذي يقع على عاتق الدول الأطراف في العهد ( ) ، إذ يشير هذا التعليق إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم شخص أو إبعاده أو طرده أو إخراجه بطريقة أخرى من إقليمها إذا وُجدت أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بوجود خطر حقيقي بوقوع ضرر لا يمكن جبره، على النحو المنصوص عليه في المادتين 6 و7 من العهد. ومن ثم، يجب النظر في جميع الوقائع والملابسات، بما في ذلك وضع حقوق الإنسان بشكل عام في البلد الذي سيُرحَّل أو سيُسلَّم إليه صاحب البلاغ. وتذكِّر اللجنة أيضاً بأن من اختصاص المحاكم في الدول الأطراف في العهد أن تُقيِّم الوقائع والأدلة لتحديد وجود مثل هذا الخطر من عدمه.

10-4 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن تسليم صاحب البلاغ طُلب في سياق الإجراءات المتعلقة بالجرائم ذات الصلة بالإرهاب في إطار قضية بلعيرج، وفقاً للقانون الجنائي المغربي وقانون مكافحة الإرهاب رقم 03/03. وفي إطار إجراءات التسليم، أحاطت المحكمة العليا الوطنية بالمعلومات التي أشارت إلى استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات من المحتجزين وإساءة معاملتهم من جانب حراس السجون وقوات الأمن في المغرب، ولكن رفضت المحكمة ادعاءات صاحب البلاغ بشأن خطر تعرضه للتعذيب، حيث ذكرت فقط أن الانتهاكات المشار إليها لا يمكن اعتبارها منهجية وواسعة الانتشار. ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أن التقارير الموثوقة التي قدمها صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا الوطنية، والمعلومات المتاحة لعامة الجمهور، تبين أن العديد من الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم ذات صلة بالإرهاب في المغرب، لا سيما في قضية بلعيرج، حُبسوا انفرادياً وتعرضوا للضرب المبرِّح والتعذيب ( ) . وفي هذا السياق، وفي ضوء الظروف الشخصية لصاحب البلاغ بوصفه متهماً بجرائم ذات صلة بالإرهاب، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تجر تقييماً سليماً لخطر تعرض صاحب البلاغ للتعذيب والمعاملة البالغة السوء. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن تسليم صاحب البلاغ إلى المغرب من جانب الدولة الطرف يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

10-5 وفي ضوء ما توصلت إليه اللجنة من نتائج بشأن المادة 7، فإنها لن تمضي في بحث ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

11- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 من العهد.

12- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن تكفل لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً، يشمل (1) تقديم تعويض مناسب عن انتهاك حقوقه، مع الأخذ في الاعتبار ما تعرض له من تعذيب وإساءة معاملة نتيجة تسليمه إلى المغرب؛ (2) اتخاذ جميع الخطوات الممكنة للتعاون مع السلطات المغربية من أجل المراقبة الفعالة للمعاملة التي يتلقاها صاحب البلاغ في المغرب. ويقع أيضاً على الدولة الطرف التزام بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

13- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان العهد قد انتهك أم لا وأن الدولة الطرف قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُرجى أيضاً من الدولة الطرف نشر آراء اللجنة وتوزيعها على نطاق واسع.