الأمم المتحدة

CCPR/C/119/D/2681/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

24 May 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥ (4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم ٢٦٨١/٢٠١٥ * **

بلاغ مقدم من: ي. أ. أ. وف. ه. م. (يمثلهما مجلس اللاجئين الدانمركي )

الأشخاص المدعى انهم ضحايا: صاحبا البلاغ

الدولة الطرف: الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ: ١١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥(تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ١٠ آذار/مارس ٢٠١٧

الموضوع: المعاملة المهينة واللاإنسانية والترحيل إلى إيطاليا

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

مواد العهد: ٧

١-١ صاحبا البلاغ هما ي. أ. أ.، ال مولود في ٣ كانون الأول/ديسمبر ١٩٨٣، وف. ه. م. ال مولودة في ١ كانون الثاني/يناير 1980، وهما مواطنان من الصومال. ويقدم صاحبا البلاغ هذا البلاغ بالأصالة عن نفسيهما وبالنيابة عن أطفالهما القصر الأربعة: أ. المولود عام ٢٠٠٩ في إيطاليا؛ وس . المولود عام ٢٠١١ في إيطاليا؛ وس . إ. المولود عام ٢٠١٣ في الدانمرك؛ وأ . م. المولود عام ٢٠١٤ في الدانمرك. وصاحبا البلاغ هما مواطنان من الصومال يلتمسان اللجوء في الدانمرك، وكان من المقرر، في وقت تقديم البلاغ، نقلهما من الدانمرك إلى إيطاليا وفقا ً للائحة دبلن الثانية ( ) . ويدَّعي صاحبا البلاغ أن ترحيلهما إلى إيطاليا سيعرِّضهما ويعرِّض أطفالهما لخطر المعاملة اللاإنسانية والمهينة، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ويمثِّل صاحبي البلاغ المجلسُ الدانمركي للاجئين. وقد دخل البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد حيز النفاذ ب النسبة إلى الدانمرك في 23 آذار/ مارس 1976.

١-٢ و في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، طلبت اللجنة، عملاً بالمادة 92 من نظامها الداخلي، وعن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، إلى الدولة الطرف الامتناع عن ترحيل صاحبي البلاغ إلى إيطاليا أثناء نظر اللجنة في قضيتهما.

١-٣ وفي 13 تموز/يوليه 2016، رفضت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص، طلب الدولة الطرف إنهاء التدابير المؤقتة.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

٢-١ ينحدر صاحبا البلاغ من مقديشو. وتنتمي ف . ه . م . إلى عشيرة رير براوي وهي من الأقليات، فيما ينتمي ي . أ . أ . إلى عشيرة الأشراف . وكلاهم ا مسلم. ولديهما أربعة أطفال: ولد الطفلان الأول والثاني في إيطاليا فيما ولد الطفلان الثالث والرابع في الدانمرك.

٢-٢ وفرَّ صاحبا البلاغ من الصومال معا ً عام ٢٠٠٨. وقد فرت ف. ه. م. من الصومال بعد أن تعرضت لمضايقات شديدة بسبب انتمائها إلى عشيرة من عشائر الأقليات. وتدَّعي أن ميليشيات العشائر وقوات الشرطة والقوات الحكومية اتصلت بأسرتها وضايقتها. وفر ي. أ. أ. من الصومال بسبب نزاع مع السلطات الصومالية والقوات العسكرية الإثيوبية. وكان قد عمل مع محطة تلفزيون صومالية، وفي إحدى المناسبات، أعد تسجيلات فيديو وصور اً تظهر قتلى من الجنود الإثيوبيين، لبثها في نشرة الأخبار. وفي وقت لاحق، هدده شخص مجهول بالقتل أو السجن أكثر من مرة واتهمه بالمسؤولية عن بث تلك الصور والمشاهد. ويخشى صاحبا البلاغ أيضا ً من تشويه الأعضاء التناسلية لبناتهما إذا ما أعيد ا.

٢-٣ وقد وصل صاحبا البلاغ إلى إيطاليا في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨. ولدى وصولهما إلى لامبيدوسا ، أقاما في مرافق استقبال ملتمسي اللجوء في باري لبضعة أشهر. ومُنح صاحبا البلاغ حق الحماية الاحتياطية في كانون الثاني/يناير 2009. لكن تصريحي إقامتهما، اللذيْن انتهت صلاحيتهما في ٢٥ آذار/مارس ٢٠١٣، لم يجددا لأنهما كان يقيمان في الدانمرك في ذلك التاريخ.

٢-٤ وبعد أن منح صاحبا البلاغ تصريح الإقامة، أُمرا بمغادرة مرافق الاستقبال في باري وتسليم بطاقات الهوية الخاصة بملتمسي اللجوء، التي كانت تخولهما الحصول على الغذاء في مرافق الاستقبال. ولم تقدم لهما أية مساعدة أو مشورة بشأن كيفية الاستقرار في إيطاليا أو الأماكن التي يمكنهما الذهاب إليها والبقاء فيها بصورة مؤقتة أو دائمة، ونُصحا بالمغادرة إلى بلدان أوروبية أخرى ( ) . وسافر صاحبا البلاغ إلى فنلندا في أوائل عام ٢٠٠٩ بعد أن عانيا من التشرد ( ) . وبعد أربعة أشهر، أعادتهما السلطات الفنلندية إلى روما ( ) . ولدى وصولهما إلى المطار، لم يحصلا على أي مساعدة أو توجيه من السلطات الإيطالية.

٢-٥ وبعد أن عانيا من التشرد مرة أخرى، ذهبا بناء على مشورة لاجئين صوماليين آخرين، إلى تورينو للعيش في عيادة مهجور ة احتله ا لاجئون وطالبو لجوء مشردون. وكان هذا المكان يفتقر إلى المرافق الأساسية، والظروف السائدة فيه سيئة للغاية ، إذ لا يوجد فيه ماء ولا كهرباء ولا تدفئة، وحالة مرافقه الصحية سيئة. وكان الكثير من شاغليه تحت تأثير الكحول والمخدرات في أغلب الأحيان، وشعرا بعدم الأمان، لا سيما أثناء حمل ف. ه. م . عام ٢٠٠٩.

٢-٦ ولم تحصل ف. ه. م. على الرعاية الصحية أثناء حملها الأول عام ٢٠٠٩. وعندما جاءها المخاض، رفض المستشفى استقبالها لأن صاحبي البلاغ لم يكن لديهما عنوان رسمي - إذ كانا يعيشان في ذلك الوقت في المبنى المهجور في تورينو، ولم تكن لديهما بالتالي بطاقات صحية. وحصلا على مساعدة من امرأة من فرع محلي للحزب الشيوعي كانت تساعد اللاجئين، إذ رتبت الأمور مع المستشفى فقبل استقبال ف. ه. م. لتوليدها. وعانى صاحبا البلاغ، بعد ولادة ابنهما الأكبر، من التشرد مرة أخرى واضطرا إلى السكن في من ا زل مهجور ة في تورينو أيضا ً . وبسبب نقص المرافق الأساسية والاستخدام الظاهر للمخدرات في المنزل، أدرك صاحبا البلاغ أن البقاء فيه صعب وغير مأمون لطفل صغير.

٢-٧ وعندما حملت ف. ه. م مرة أخرى، عام ٢٠١٠، ساعدتهما عضوة الحزب الشيوعي نفسها ورتبت إقامتهما في غرفة في مهجع للطلاب في تورينو. وعاش صاحبا البلاغ في المهجع عدة أشهر. وأنجبت ف. ه. م. طفلهما الثاني في أحد المستشفيات خلال تلك الفترة. ورتبت عضوة الحزب الشيوعي نفسها دخولها إلى المستشفى مرة أخرى. وبعيد ولادة الطفل الثاني، طُلب إلى صاحبي البلاغ مغادرة المهجع لأنه غير معد لاستقبال أسر لديها أطفال. وفي وقت لاحق، قضى صاحبا البلاغ عددا ً من الليالي في الكنائس وكان يُطلب إليهما مغادرة المكان خلال النهار.

٢-٨ ولم تعرض السلطات الإيطالية على صاحبي البلاغ، خلال السنوات الثلاث التي أمضياها في تورينو، أي مسكن أو منافع اجتماعية أو برنامج إدماج. وتلقى صاحبا البلاغ المساعدة من الفرع المحلي للحزب الشيوعي وأغذية من الكنائس. وفتش ي. أ. أ. على عمل ولم يوفق. وقد بادر بنفسه إلى حضور دورات مجانية لتعلم اللغة وأساليب التواصل في معهد في تورينو لمدة ستة أشهر.

٢-٩ وسافر صاحبا البلاغ وطفلاهما، بعدما عانيا من التشرد ومن عدم إمكانية الاستفادة من أي برنامج إدماج أو توظيف، إلى السويد حيث طلبا اللجوء في نيسان/أبريل ٢٠١٢. ورُفض طلبهما لأن السلطات الإيطالية منحتهما تصريح إقامة. وعندما قررت السلطات السويدية ترحيلهما إلى إيطاليا، سافرا إلى الدانمرك حيث طلبا اللجوء في 28 آب/ أغسطس 2012. وكان تصريحا إقامة صاحبي البلاغ في إيطاليا صالحين عند وصولهما إلى الدانمرك . وأنجبت ف . ه . م . طفلهما الثالث في شباط / فبراير ٢٠١٣ في الدانمرك .

٢-١٠ وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، رفضت دائرة الهجرة الدانمركية طلب لجوئهما. وأُرسلت القضية إلى مجلس طعون اللاجئين ف أيد قرار دائرة الهجرة، في ٢٥ شباط / فبراير ٢٠١٤، مؤكدا ً أن ف . ه . م . وبالتالي ي . أ . أ . يحتاجان إلى حماية احتياطية، نظرا ً لخطر اضطهادهما في الصومال، لكنه أشار إلى إمكانية إعادة صاحبي البلاغ إلى إيطاليا وفقا ً لمبدأ بلد اللجوء الأول. وذكر المجلس، في قراره، أنه على الرغم من أن تصريح إقامة صاحبي البلاغ لم ي عد صالح اً ، فإنه يتوقع أن يتمكنا من الدخول إلى إيطاليا والإقامة فيها بصفة قانونية، وتقديم طلب لتجديد تصريح الإقامة المنتهية صلاحيته ( ) .

٢-١١ وبما أن قرار مجلس طعون اللاجئين نهائي، أُمر صاحبا البلاغ بمغادرة الدانمرك. وفي ٨ نيسان/أبريل ٢٠١٤، حاولت الشرطة الوطنية الدانمركية ترحيل صاحبي البلاغ وأطفالهم الثلاثة إلى إيطاليا. وقد وصل صاحبا البلاغ إلى المطار في روما مع ستة من أفراد الشرطة الدانمركية . واتصلت الشرطة الدانمركية بالسلطات الإيطالية في المطار وقدمت لها أسماء صاحبي البلاغ وأطفالهم و نسخة من الوثيقة الإيطالية التي تؤكد منح صاحبي البلاغ الحماية الاحتياطية في إيطاليا. وبعد فترة، قالت السلطات الإيطالية للشرطة الدانمركية إ نها لم تبلغها مسبقا ً بوصول صاحبي البلاغ و إ نها لن تقبل دخولهما بشكل فوري. وأبلغت الشرطة الإيطالية الشرطة الدانمركية أن إيطاليا تستغرب عدم اتصال الدانمرك بإيطاليا بشأن القضية علما ً أن طلبا ً قُدم في حزيران/ يونيه ٢٠١٣ بموجب لائحة دبلن الثانية. وعلاوة على ذلك، انقضت مدة الحماية الاحتياطية ولم تجدد. وقد أعيد صاحبا البلاغ وأطفالهما إلى الدانمرك في اليوم نفسه.

٢-١٢ وبعد ذلك، لم تقم الشرطة الدانمركية بأي محاولات أخرى لترحيل أصحاب البلاغ إلى إيطاليا. واتصل ي. أ. أ. بدائرة الهجرة الدانمركية ، فور عودته إلى الدانمرك، طلبا للمساعدة، وأحيل طلبه إلى مجلس طعون اللاجئين كطلب لإعادة فتح القضية. وفي ٢ تموز/يوليه ٢٠١٤، طلب المجلس إلى الشرطة إبداء رأيها فيما إذا كانت تعتبر ترحيل صاحبي البلاغ إلى إيطاليا ممكنا ً . وفي أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، أنجبت ف. ه. م. طفلهما الرابع في الدانمرك.

٢-١٣ وفي 24 آذار/مارس 2015، طلب المجلس الدانمركي للاجئين إلى مجلس الطعون إعادة فتح القضية. وأشار المجلس إلى أن صاحبي البلاغ مُنعا من الدخول إلى إيطاليا وأن الشرطة الدانمركية لم تبذل أي جهود لترحيل أصحاب البلاغ في السنة السابقة .

٢-١٤ وفي 14 نيسان/أبريل ٢٠١٥، أبلغت الشرطة الدانمركية مجلس طعون اللاجئين أن من الصعب عليها تصور إمكانية الترحيل إلى إيطاليا. وفي ١ حزيران/يونيه ٢٠١٥، طلب المجلس مرة أخرى إلى الشرطة الدانمركية إبداء الرأي في ما إذا كان ترحيل صاحبي البلاغ ممكنا ً أو ينبغي اعتباره بلا جدوى. وفي ٨ حزيران/يونيه ٢٠١٥، طلبت الشرطة إلى وزارة العدل مساعدتها في إعداد ردها إلى المجلس. وفي ٣ حزيران/يونيه ٢٠١٥، أبلغت الشرطة المجلس أن وزارة العدل أرسلت، في 11 حزيران/يونيه 2015 ، طلب تشاور إلى السلطات الإيطالية بشأن مسألة إعادة الرعايا الأجانب إلى إيطاليا وإمكانية تجديد تصاريح الإقامة المنتهية الصلاحية في إيطاليا. وفي 21 تموز/ يوليه ٢٠١٥، قرر المجلس عدم إعادة فتح القضية مشيرا ً إلى أن الوزارة كانت في ذلك الوقت على اتصال بالسلطات الإيطالية. وكان قرار المجلس نهائيا ً ولم يكن بالإمكان الطعن فيه أمام المحكمة.

٢-١٥ وفي وقت لاحق، أبلغ مجلس طعون اللاجئين مجلس اللاجئين الدانمركي هاتفيا ً بأنه تلقى ردا ً من السلطات الإيطالية بواسطة الشرطة الدانمركية ، مؤرخا ً ٨ آب/أغسطس ٢٠١٥، وبأن السلطات الإيطالية ستقبل الآن دخول الأسرة.

الشكوى

٣-١ ويدعي صاحبا البلاغ أن ترحيلهما إلى إيطاليا سوف يعرضهما وأطفالهما الأربعة لخطر المعاملة اللاإنسانية والمهينة بما يتنافى مع مصلحة الطفل الفضلى، وانتهاكا للمادة ٧ من العهد، لأنهم سيعانون من التشرد والعوز ومحدودية فرص الحصول على الرعاية الصحية. ويشير صاحبا البلاغ كذلك إلى وجوب اعتبارهما ضعفاء للغاية لأن لديهما أربعة أطفال أصغرهم في الثانية من العمر.

٣-٢ ويؤكد صاحبا البلاغ أنهما، بعد حصولهما على الحماية الاحتياطية في كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٩، لم يتمكنا من إيجاد مأوى أو عمل أو أي حل إنساني دائم في إيطاليا لهما ولأطفالهما. وقد واجها صعوبات جمة في الحصول على الرعاية الطبية أثناء الحمل والولادة. وفي ظل التشرد، عاشا مع لاجئين وملتمسي لجوء آخرين في مبان مهجورة لا توجد فيها مرافق صحية وتُستهلك فيها المشروبات الكحولية علنا ً .

٣-٣ ويدَّعي صاحبا البلاغ كذلك أن ظروف استقبال اللاجئين وملتمسي اللجوء الحاصلين على تصاريح إقامة سارية أو منتهية لا تتماشى مع الالتزامات الدولية للحماية ( ) . وعلاوة على ذلك، يؤكد صاحبا البلاغ أن ملتمسي الحماية الدولية العائدين إلى إيطاليا، الذين مُنحوا في السابق شكلاً من أشكال الحماية وانتفعوا بنظام الاستقبال عندما كانوا يعيشون في إيطاليا، لا يحق لهم النزول، بعد ذلك، في مرافق الاستقبال في إيطاليا ( ) . ويذكران أن تجربتهما السابقة تدل على مواطن قصور في نظام الدعم الأساسي المقدم لملتمسي اللجوء واللاجئين في إيطاليا، لا سيّما أفراد الفئات المستضعفة. ويشيران إلى أن ملتمسي اللجوء في إيطاليا يواجهون صعوبات شديدة في الحصول على الخدمات الصحية ( ) .

٣-٤ ويؤكد صاحبا البلاغ أ ن ظروفهما تختلف عن الظروف المعروضة في قضية "محمد حسين وآخرون ضد هولندا وإيطاليا" ( ) ، لأنهما عاشا بالفعل تجربة ترحيلهما من فنلندا إلى إيطاليا، ولم يحصلا، لا عند الوصول ولا في وقت لاحق، على أي مساعدة من السلطات الإيطالية في تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرتهما، أي المأوى والغذاء والمساعدة الطبية عند الولادة، كما لم يتلقيا أي مساعدة في إيجاد عمل أو سكن أو في الاندماج في المجتمع الإيطالي.

٣-٥ ويذكر صاحبا البلاغ أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية " تراخ ي ل ضد سويسرا" ( ) ذات صلة بهذه القضية، لأنه يشير إلى الظروف المعيشية والصعوبات في إيجاد المأوى لملتمسي اللجوء والمستفيدين من الحماية الدولية في إيطاليا. ويلاحظ صاحبا البلاغ أن المحكمة، في قرارها، طالبت سويسرا بأن تحصل السلطات السويسرية من نظيرتها الإيطالية على ضمانات لاستقبال مقدمي طلب اللجوء (وهم أسرة) في مرافق وأحوال ملائمة لأعمار الأطفال؛ وإذا لم تحصل سويسرا على هذه الضمانات تكون قد انتهكت المادة 3 من ‎‎اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية‏‏ إن هي نقلت مقدمي طلبات اللجوء إلى إيطاليا. ويدفع صاحبا البلاغ، في ضوء هذا الاستنتاج، بأن قساوة الظروف التي يواجهها ملت م سو اللجوء والحاصلون على الحماية الدولية الذين يعادون إلى إيطاليا تندرج أيضاً في نطاق المادة 3 من الاتفاقية والمادة 7 من العهد. وبناء على ذلك، يؤكد صاحبا البلاغ من جديد أن ترحيلهما إلى إيطاليا سيشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ويؤكدان كذلك أن القرار الصادر في قضية تراخيل ضد سويسرا يبين أن الضمانات الفردية، مثل إبقاء الأطفال العائدين في مأمن من العوز وظروف الإقامة القاسية هي ضمانات ضرورية.

ملاحظات الدولة الطرف

٤-١ في ١٨ أيار/مايو ٢٠١٦، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتبيّن الدولة الطرف أولاً هيكل مجلس طعون اللاجئين وتكوينه وعمله، فضلاً عن التشريع الذي ي طبَّق على الحالات المتصلة بنظام دبلن ( ) .

٤-٢ وفيما يخص مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، تفيد الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يثبتا وجاهة الدعوى لأغراض المقبولية بموجب المادة 7 من العهد. وعلى وجه الخصوص، لم يَثبت وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحبي البلاغ وأطفالهما سيتعرضون لخطر التعذيب أو لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة في إيطاليا. ولذلك، من الواضح أن البلاغ لا ي ستند إلى أسس وجيهة وينبغي اعتباره غير مقبول . ويستتبع اجتهاد اللجنة التزاماً من الدول الأطراف بعدم تسليم أي شخص أو إبعاده أو طرده بأية طريقة أخرى من إقليمها وذلك حيثما تكون هناك أسس وافية تبرر الاعتقاد بأن ثمة خطراً حقيقياً من أن يتعرض هذا الشخص لأذى لا يمكن جبره، مثل ذلك المتصوَّر في المادة 7 من العهد، سواء في البلد الذي سيُبعَد إليه أو في أي بلد آخر قد يُبعد إليه في وقت لاحق. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً وأن هناك عتبة عالية لتقديم أسباب موضوعية من أجل إثبات وجود خطر حقيقي للتعرض لأذى لا يمكن جبره ( ) .

٤-٣ وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لم يقدما أي معلومات أو آراء جوهرية جديدة بشأن ظروفهما، عدا المعلومات المستند إليها بالفعل في سياق إجراءات اللجوء، وأن مجلس الطعون قد نظر بالفعل في تلك المعلومات في قراره المؤرخ 25 شباط/فبراير 2014. وتؤكد الدولة الطرف أن اللجنة لا يمكنها أن تكون هيئة استئناف تعيد تقييم الظروف الوقائعية التي استشهد بها صاحبا البلاغ في طلب اللجوء أمام السلطات الدانمركية ويجب أن تعطي وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي خلص إليها مجلس طعون اللاجئين لأنه في موقع يمكنه على نحو أفضل من تقييم الظروف الوقائعية لقضية صاحبي البلاغ. وعلاوة على ذلك، تشير الدولة الطرف إلى اجتهاد اللجنة الذي جاء فيه أن "هيئات الدول الأطراف هي التي يجب أن تنظر في الوقائع والأدلة المتعلقة بالحالات، إلا إذا أمكن إثبات أن ذلك التقييم كان تعسفياً أو يرقى إلى مستوى خطأ واضح أو حرمان من العدالة" ( ) .

٤-٤ وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن مجلس طعون اللاجئين خلص إلى أن صاحبي البلاغ سبق أن مُنحا الحماية الاحتياطية في إيطاليا ويمكن لهما أن يعودا إلى إيطاليا والإقامة فيها بصورة قانونية مع أطفالهما؛ وبناء على ذلك، تُعتبر إيطاليا "بلد اللجوء الأول" لصاحبي البلاغ، ما يبرر رفض السلطات الدانمركية منحهما حق اللجوء، وفقاً للفقرة 3 من المادة 7 من قانون الأجانب. وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن المجلس يشترط، كحد أدنى مطلق، حماية ملتمس اللجوء أو اللاجئ من الإعادة القسرية من بلد اللجوء الأول . و يجب أيضاً أن تتاح لملتمس اللجوء أو اللاجئ إمكانية الدخول بصفة قانونية إلى بلد اللجوء الأول المعني والحصول على الإقامة فيه بصورة شرعية، ويجب حماية سلامته الشخصية وأمنه هناك. وتشمل الحماية بهذا المفهوم عنصراً اجتماعي اً واقتصادي اً معين اً لأن ملتمسي اللجوء يجب أن يعاملوا وفقاً للمعايير الإنسانية الأساسية. بيد أن من غير الجائز المطالبة لملتمس اللجوء بظروف معيشية واجتماعية مماثلة تماماً لما ينعم به رعايا البلد. فمفهوم الحماية يعني في جوهره وجوب تمتع الفرد بالسلامة الشخصية، لدى الدخول إلى بلد اللجوء الأول وأثناء الإقامة فيه. وعلاوة على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن إيطاليا ملتزمة باتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والعهد .

٤-٥ وعلاوة على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن ادعاء ف. ه. م. عدم الحصول على الرعاية الصحية والعلاج الطبي في إيطاليا يستند فقط إلى معلومات غير مثبتة بالأدلة قدمها صاحب ا البلاغ. وتشير الدولة الطرف إلى أن ملتمسي اللجوء والمستفيدين من الحماية الدولية يتمتعون بحق في العلاج مماثل لحق المواطنين الإيطاليين؛ ويجب أن يسجلوا في نظام الخدمة الصحية الوطنية في إيطاليا ويحق لهم الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية المجانية على أساس إعلان الأشخاص عن عوزهم لعرضهم على مجلس الصحة المحلي ( ) .

٤-٦ وتلاحظ الدولة الطرف أن ادعاءات صاحبي البلاغ بأنهما معرضان لخطر التشرد وأنهما لن يتلقيا المساعدة اللازمة من السلطات الإيطالية إذا رُحِّلا إلى إيطاليا هي ادعاءات غير مدعمة بالأدلة ، على ما يبدو، وأن المعلومات غير متسقة مع المعلومات الأساسية العامة المتاحة بشأن ظروف معيشة ملتمسي اللجوء واللاجئين في إيطاليا. وتلاحظ الدولة الطرف أنه وفقا ً للبيانات، عُرض على صاحبي البلاغ غرفة في قاعة إقامة لعدة أشهر، وأن ي. أ. أ. حضر دورة لتعلم اللغة ودرس في جامعة تورينو لمدة ستة أشهر.

٤-٧ وتشير الدولة الطرف كذلك إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية "محمد حسين وآخرون ضد هولندا وإيطاليا" ، وترى أنه ينطبق على هذا البلاغ. ففي ذلك الحكم ، ذكرت المحكمة أن تقييم احتمال انتهاك المادة ٣ من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية يجب أن يتسم بالدقة وأن يحلل الظروف في البلد المتلقي بالقياس إلى المستوى الذي تحدده أحكام الاتفاقية. وعلى وجه الخصوص، أشارت المحكمة إلى أنه "ما لم تكن هناك أسباب إنسانية قاهرة تمنع إبعاد صاحب الطلب، فإن احتمال حدوث تراجع كبير في ظروفه المعيشية المادية والاجتماعية في حال إبعاده من الدولة المتعاقدة ليس كافياً في حد ذاته لكي يفضي إلى الإخلال بأحكام المادة 3" ( ) . وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أنه لا يمكن أن يستنتج من حكم المحكمة في قضية " تراخيل ضد سويسرا " وجوب الحصول على ضمانات فردية من السلطات الإيطالية في القضية المطروحة، لأنه سبق لصا حبي البلاغ أن مُنحا الحماية الاحتياطية في إيطاليا، في حين أن طلب لجوء أصحاب البلاغ في قضية " تراخيل ضد سويسرا" ، في إيطاليا كان لا يزال معلقا ً عندما استعرضت المحكمة القضية.

٤-٨ وتؤكد الدولة الطرف أيضا ً أن ظروف صاحبي البلاغ تتناقض مع الظروف المبينة في الآراء التي اعتمدتها اللجنة في قضية "وردة عثمان ياسين وآخرون ضد الدانمرك" ( ) . وتلاحظ الدولة الطرف، في القضية موضع النظر ، أن صاحبي البلاغ كانا يحملان بالفعل تصاريح إقامة في إيطاليا، وكانت قد انتهت مدتها في ٢٥ آذار/مارس ٢٠١٣، عندما تقدما بطلب لجوء في الدانمرك في ٢٨ آب/أغسطس ٢٠١٢. وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن مغادرة صاحبي البلاغ إلى إيطاليا وبقا ء هما خارجها إلى حين انتهاء صلاحية تصريحي إقامتهما لا يعني أن بالإمكان اعتبارهما ملتمسي لجوء اليوم ( ) .

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥- ١ في 4 تموز/يوليه 2016، أبدى صاحبا البلاغ تعليقاتهما على ملاحظات الدولة الطرف. ويؤكد صاحبا البلاغ أنهما قد أوضحا بالقدر الكافي الأسباب التي تبرر خشيتهما من أن يفضي ترحيلهما إلى إيطاليا إلى انتهاك المادة ٧ من العهد ويريان أنهما قد أثبتا كما يجب ادعاءاتهما في هذا الصدد. ويؤكد صاحبا البلاغ كذلك أن تقييم مجلس طعون اللاجئين لا يفي بمتطلبات التقييم الفردي للخطر التي سيواجهانه إذا رُحِّلا إلى إيطاليا . ويشير صاحبا البلاغ إلى أنهما كانا يعيشان، عندما كانت لديهما تصاريح إقامة في إيطاليا، في عيادة مهجور ة ت فتقر إ لى أبسط المرافق، مثل الماء والكهرباء. ولم يُعرض على الأسرة السكن في غرفة في مهجع للطلبة إلا ل بضعة أشهر خلال الحمل الثاني للسيدة ف. ه. م. وعندما جاءها المخاض، رفض أحد المستشف يات استقبالها في بداية الأمر، ولم يقبل استقبالها ل وضع مولودها إلا بعد تدخل شخص ذي نفوذ على الصعيد المحلي. ولم تحصل على الرعاية الصحية أثناء حملها. وعاش صاحبا البلاغ على أغذية قدمتها لهما الكنيسة. وطوال ثلاث سنوات، لم تعرض السلطات الإيطالية على صاحبي البلاغ أي إمكانية للحصول على سكن أو على منافع اجتماعية أو للاستفادة من برامج إدماج، رغم أن ي. أ. أ. حضر دورات لتعلم اللغة وأساليب التواصل لفترة ما، ورغم أنهما عانيا من ظروف معيشية لا تطاق طوال الفترة التي قضياها في إيطاليا تقريبا ً .

٥-٢ ويشير صاحبا البلاغ كذلك إلى أن ملتمسي اللجوء والمستفيدين من الحماية الدولية يواجهون، في الكثير من الأحيان، نفس الصعوبات الشديدة في إيجاد مأوى أساسي وفي الوصول إلى مرافق الصرف الصحي والحصول على الغذاء. ويستشهد صاحبا البلاغ بتقرير لوزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية عن إيطاليا تذكر فيه ما يلي:

أنشأت السلطات مراكز مؤقتة لإيواء فئات مختلطة من السكان المهاجرين، بينها لاجئون وملتمسو لجوء، لكن تعذر عليها مجاراة الوضع بسبب ارتفاع عدد الوافدين ... وأفادت منظمات غير حكومية عن وصول آلاف الأجانب بصورة نظامية وغير نظامية، بينهم مهاجرون ولاجئون، وهم يعيشون في مبان مهجورة في روما وغيرها من المدن الرئيسية، ولا يحصلون على الخدمات العامة إلا بشكل محدود. وذكرت الصحف أنهم يعانون من محدودية خدمات الرعاية الصحية، ومن اكتظاظ مرافق الاستقبال وعدم كفايتها، ومن عدم الحصول على المشورة القانونية والتعليم الأساسي. وشجب ممثلو مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، ومنظمات إنسانية أخرى الظروف المعيشية اللاإنسانية السائدة في مراكز الاستقبال، لا سيما الاكتظاظ ( ) .

ويشير صاحبا البلاغ أيضا ً إلى تقرير منظمة "أطباء بلا حدود" الذي جاء فيه ما يلي:

رغم أن التشريعات الإيطالية تجيز تسجيل ملتمسي اللجوء واللاجئين في نظام الخدمات الصحية وحصولهم على المساعدة الطبية بنفس الطريقة المتاحة للمواطنين الإيطاليين، فإن الحصول على هذا الحق محدود للغاية بسبب ظروف التهميش الاجتماعي الذي تعاني منه هذه الفئة السكانية في بلدنا، لا سيما داخل المستوطنات غير الرسمية ... كما أن تجديد تصريح الإقامة، ولا سيما لأسباب إنسانية، أصبح صعبا ً في مخافر الشرطة التي تطلب تسجيل مكان الإقامة أو المسكن في البلدية، رغم عدم وجود أي قاعدة قانونية تفرض ذلك. ووفقا للشرطة، يجب إثبات وجود المسكن عن طريق تقديم عقد إيجار، أو على الأقل رسالة استضافة من مالك أو مستأجر لأحد العقارات. وعندما لا يستوفي المهاجرون هذا الشرط أو ذاك، وترفض الشرطة رسائل استضافتهم في مبان وهمية تعدها منظمات داعمة لهم، قد يلجأ المهاجرون إلى "شراء" عقد إيجار مزيف أو وثيقة سكنية أخرى، أو إلى تجديد تصاريح الإقامة في مخافر شرطة أقل تشددا ً ، وهي مخافر توجد في مناطق أو أقاليم بعيدة عن مكان السكن الفعلي: ما يحول دون استشارة اللاجئين لأطباء الصحة العامة وأطباء الأطفال في المناطق التي يعيشون فيها فعليا ً لأن التسجيل في نظام خدمات الصحة الوطنية يعتمد على مكان الإقامة المبين في تصريح الإقامة ( ) .

٥-٣ ويشير صاحبا البلاغ أيضاً إلى آراء اللجنة في قضية "وردة عثمان ياسين وآخرون ضد الدانمرك" ، التي أكدت فيها ضرورة إعطاء وزن كاف للخطر الحقيقي والشخصي الذي قد يواجهه الشخص في حالة ترحيله. ويشير صاحبا ال بلاغ إلى أن الدولة الطرف لم تحصل على ضمانات محددة من إيطاليا تجاه ما يلي: (أ) قبول عودة صاحبي البلاغ؛ (ب) تجديد تصاريح إقامة صاحبي البلاغ؛ (ج) ضمان عدم ترحيل صاحبي البلاغ إلى الصومال؛ (د) توفير ظروف ملائمة لأسرة صاحبي البلاغ وأطفالهما. ويؤكد صاحبا البلاغ أن هذا الأمر يتطلب تقييماً فردياً للخطر المحدق بالشخص، عوضاً عن الاعتماد على تقارير عامة وعلى افتراض أن منحه الحماية الاحتياطية في الماضي، سيمنحه من حيث المبدأ الحق في العمل وفي الحصول على المزايا الاجتماعية. ويدعيان كذلك أن مجلس طعون اللاجئين لم يجر تقيي ما ً فرديا ً بما فيه الكفاية للخطر الذي سيواجهه صاحبا البلاغ في إيطاليا. وعلاوة على ذلك، فإن تطبيق عتبة عالية بشكل غير معقول للأسباب الوجيهة اللازمة لإثبات وجود خطر حقيقي للتعرض لضرر لا يمكن جبره يجعل قرار المجلس غير معقول وتعسفي اً على حد سواء. كما يدَّعي صاحبا البلاغ أنهما شهدا ظروفا ً معيشية لا تطاق في إيطاليا رغم أنهما كانا يحملان تصريح إقامة ساري المفعول. وتثبت المعلومات الأساسية المتاحة وجود ظروف معيشية لا تطاق لكل من اللاجئين وملتمسي اللجوء، وعدم تقديم السلطات الإيطالية لأي دعم، وتبين أسبابا ً وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بوجود خطر حقيقي بأن يواجه صاحبا البلاغ مرة أخرى الظروف نفسها إذا رُحِّلا إلى إيطاليا.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وتلاحظ اللجنة، وفقاً لما تقضي به الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبي البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة لهما. وإذ لم ترد أي معلومات مخالفة من الدولة الطرف في هذا الخصوص، فإن اللجنة ترى أن مقتضيات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

٦-٤ وتحيط اللجنة علماً بطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ على أساس أن ادعاء صاحبي البلاغ في إطار المادة 7 من العهد غي ر مدعم بأدلة. بيد أن اللجنة ترى ، في ضوء اجتهاداتها السابقة في القضايا المتعلقة بلائحة دبلن الثانية ( ) ، و الصعوبات الفعلية التي واجهها صاحبا البلاغ عندما كانا يعيشان في إيطاليا، وصغر سن أطفالهما الأربعة والمعلومات المعروضة على اللجنة بشأن الطبيعة المحدودة للضمانات التي قدمتها السلطات في إيطاليا، أنها لا يمكن أن تعتبر البلاغ بلا مضمون على نحو واضح. وعليه، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول في حدود ما يثيره من مسائل بموجب المادة 7 من العهد، وتشرع في بحث أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبي البلاغ أن ترحيلهما وأطفالهما الأربعة إلى إيطاليا، استناداً إلى مبدأ "بلد اللجوء الأول" الوارد في لائحة دبلن، سيعرضهم لخطر الإصابة بضرر يتعذر إصلاحه، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ويستند صاحبا البلاغ إلى حجج تتعلق بجملة أمور بينها المعاملة التي تلقياها فعلاً بعد حصولهما على تصريح إقامة في إيطاليا والظروف العامة لاستقبال ملتمسي اللجوء والمستفيدين من الحماية الدولية في إيطاليا، كما وُصفت في تقارير مختلفة. وتحيط اللجنة علما ً بحجة صاحبي البلاغ أنهما سيواجه ا ن التشرد والعوز ومحدودية فرص الحصول على الرعاية الصحية، كما يتضح من تجربتهما بعد منحهما الحماية الاحتياطية في كانون الثاني/يناير ٢٠٠٩. وتلاحظ اللجنة كذلك المعلومات التي قدمها صاحبا البلاغ والتي تفيد بأنهما لن يتمكنا من الحصول على مأوى في مرافق الاستقبال، بالنظر إلى استفادتهما السابقة من نظام الاستقبال عندما وصلا إلى إيطاليا في المرة الأولى وإلى أنهما مُنحا في السابق شكلا من أشكال الحماية ( ) .

٧-٣ وتذكّر اللجنة بال فقرة 12 من تعليقها العام رقم 31 (2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم أي شخص أو إبعاده أو طرده بأية طريقة أخرى من إقليمها وذلك حيثما تكون هناك أسس وافية تبرر الاعتقاد بأن ثمة خطراً حقيقياً في أن يتعرض هذا الشخص لأذى لا يمكن جبره، مثل ذلك المتصوَّر في المادة 7 من العهد، التي تحظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وقد أشارت اللجنة أيضاً إلى وجوب أن يكون هذا الخطر شخصياً، وإلى أن عتبة التبرير بأسباب وجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي للإصابة بضرر لا يمكن جبره عتبة عالية ( ) . وتُذكّر اللجنة كذلك باجتهادها الذي رأت فيه أنه ينبغي إعطاء وزن كبير للتقييم الذي تُجريه الدولة الطرف، وأن مراجعة الوقائع والأدلة و تقييمها لحسم وجود هذا الخطر من عدمه ( ) هي ، عموماً، من اختصاص أجهزة الدولة الطرف في العهد، ما لم يتبين أن التقييم كان تعسفياً بشكل واضح أو أنه يصل إلى حد رفض إقامة العدالة ( ) .

٧-٤ وتلاحظ اللجنة ما قاله صاحبا البلاغ من أنهما عانيا، بعد حصولهما على الحماية الاحتياطية، من التشرد وعاشا مع لاجئين آخرين في مبنى مهجور لا تتوفر فيه مرافق صحية كافية وتُستهلك فيه المشروبات الكحولية علنا ً ، وأنهما لم يتمكنا من إيجاد عمل. وتلاحظ اللجنة أيضا ً المعلومات التي قدمها صاحبا البلاغ والتي تفيد بأن ف. ه. م. عانت من صعوبات جمة في الحصول على الرعاية الصحية أثناء حمل ووضع طفليهما في إيطاليا وأن المستشفى رفضت استقبالها، عندما جاءها المخاض، لأن صاحبي البلاغ لم تكن لديهما بطاقة صحية بسبب افتقارهما لعنوان رسمي. ولم تُقبل في المستشفى إلا بعد قيام شخص ثالث يعمل في مجال مساعدة اللاجئين ب ترتيب الأمور مع المستشفى. وتلاحظ اللجنة كذلك أن السلطات الإيطالية لم توفر لصاحبي البلاغ إمكانية الحصول على السكن أو الرعاية الصحية أو المنافع الاجتماعية أو إمكانية الاستفادة من برنامج إدماج، بعد ذهابهما إلى فنلندا وإعادتهما إلى إيطاليا. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ ذهبا، عام ٢٠١٢، إلى السويد، ومن ثمَّ إلى الدانمرك، حيث طلبا اللجوء في آب/أغسطس ٢٠١٢.

٧-٥ وتحيط اللجنة علماً بالتقارير المختلفة التي قدمها صاحبا البلاغ. وتلاحظ، علاوة على ذلك، أن تقارير حديثة سلطت الضوء على نقص الأماكن المتاحة في مرافق استقبال ملتمسي اللجوء والعائدين في إيطاليا، في إطار لائحة دبلن الثانية. وتشير اللجنة بوجه خاص إلى تأكيد صاحبي البلاغ أن الشخص الذي يُعاد إلى إيطاليا، مثلهما، ويكون قد مُنح فيها من قبل شكلاً من أشكال الحماية واستفاد من مرافق الاستقبال فيها يسقط حقه في السكن في مرا كز استقبال ملتمسي اللجوء الحكومية ( ) .

٧-٦ وتحيط اللجنة علما ً باستنتاج مجلس طعون اللاجئين أن إيطاليا ينبغي أن تعتبر "بلد اللجوء الأول" في هذه القضية وبموقف الدولة الطرف ومفاده أن بلد اللجوء الأول ملزم بتزويد ملتمسي اللجوء بعناصر اجتماعية واقتصادية معينة وفقاً للمعايير الإنسانية الأساسية، وإن كان لا يُشترط تمتع هؤلاء الأشخاص بالمستوى الاجتماعي والمعيشي ذاته الذي يحظى به مواطنو البلد. وتلاحظ اللجنة كذلك إشارة الدولة الطرف إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومفاده أن احتمال حدوث تراجع كبير في الظروف المعي شية المادية والاجتماعية لصاحبي البلاغ في حال إبعادهما من الدولة المتعاقدة - الدانمرك - ليس كافيا ً في حد ذاته لكي يفضي إلى الإخلال بأحكام المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ( ) .

٧-٧ وتشير اللجنة إلى أنه ينبغي للدول الأطراف أن تعطي، عند استعراض الطعون في قرارات طرد الأفراد من إقليمها، وزنا ً كافيا ً للخطر الحقيقي والشخصي الذي قد يتعرض له الأفراد في حالة ترحيلهم ( ) . ويجب، على وجه الخصوص، ألا يستند تحديد احتمال تعرض الأفراد المرحلين لظروف تشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة على نحو ينتهك المادة ٧ من العهد إلى تقييم للظروف العامة في البلد المتلقي فحسب، بل وأيضا ً إلى الظروف الفردية للأشخاص المعنيين. وتشمل هذه الظروف العناصر التي تفاقم ضعف هؤلاء الأشخاص، وهي عناصر قد تحوِّل حالة عامة مقبولة بالنسبة لمعظم الأفراد المرحلين إلى حالة لا تطاق بالنسبة إلى بعض الأفراد. وينبغي أن تشمل أيضا ً ، في الحالات المتعلقة بلائحة دبلن الثانية، إشارات إلى التجارب السابقة للمرحَّلين في بلد اللجوء الأول، والتي يمكن أن تبرز المخاطر الخاصة التي يرجح أن يتعرضوا لها ويمكن أن تجعل عودتهم إلى بلد اللجوء الأول تجربة مؤلمة جدا ً لهم.

٧-٨ وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن موقف الدولة الطرف، على النحو المبين في قرارات دائرة الهجرة الدانمركية ومجلس طعون اللاجئين، لم يأخذ في الاعتبار حالة الضعف الخاصة لصاحبي البلاغ وأسرتهما والمعلومات التي قدماها عن تجربتهما الشخصية ومفادها أنهما واجها ظروفا ً معيشية لا تطاق في إيطاليا رغم منحهما تصريح إقامة فيها. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم توضح كيف أن تصاريح الإقامة ستحميهما وأطفالهما الأربعة من المشقة والحرمان الشديدين اللذين عانياه من قبل، في حالة إعادتهما وأطفالهما إلى إيطاليا.

٧-٩ وتذكّر اللجنة الدول الأطراف بأنه ينبغي لها أن تعطي وزناً كافياً للخطر الفعلي والشخصي الذي يمكن أن يتعرض له الفرد في حال ترحيله ( ) ، وترى أن من واجب الدولة الطرف إجراء تقييم فردي للخطر الذي سيتعرض له صاحبا البلاغ وأطفالهما الصغار الأربعة في إيطاليا، عوض الاعتماد على تقارير عامة، لا تدعم كلها تقييم الدولة الطرف، وعلى افتراض أنه سيكون لهما الحق مبدئياً في العمل وفي الحصول على المنافع الاجتماعية في إيطاليا اليوم بحكم أنهما استفادا من الحماية الاحتياطية فيما مضى. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تأخذ شدة ضعف حال صاحبي البلاغ وأطفالهما في الاعتبار الواجب . وعلى الرغم من أحقية صاحبي البلاغ الرسمية في الحماية الاحتياطية في إيطاليا، فإنهما عانيا من ال تشرد وعاشا في مبنى مهجور، ولم يتمكنا من إيجاد عمل، وواجهت ف. ه. م. صعوبات بالغة في الحصول على الرعاية الصحية خلال ال حمل وخلال ولادة طفليهما في إيطاليا ؛ وبعد ذهاب صاحبي البلاغ إلى فنلندا وإعادتهما إلى إيطاليا، لم تتح لهما السلطات الإيطالية فرصة الحصول على سكن أو على الرعاية الصحية أو المنافع الاجتماعية أو الاستفادة من برنامج إدماج. وترى اللجنة أنه على الرغم من أن الدولة الطرف تدَّعي أنها حصلت على موافقة السلطات الإيطالية على قبول صاحبي البلاغ في إيطاليا إثر فشل محاولة ترحيلهما إلى إيطاليا في ٨ نيسان/أبريل ٢٠١٤، فإنها لم تلتمس الضمانات المناسبة من السلطات الإيطالية لاستقبال صاحبي البلاغ وأطفالهما الأربعة في ظروف تتفق مع مركزهم بوصفهم ملتمسي حماية دولية يحق لهم الحصول على الحماية والضمانات بموجب المادة ٧ من العهد، التي تشمل تعهد إيطاليا بما يلي: (أ) تجديد تصاريح الإقامة لصاحبي البلاغ وأطفالهم كي لا يُرحَّلوا من إيطاليا؛ (ب) إصدار تصريحي إقامة لأصغر طفلين من أطفالهما اللذين ولدا في الدانمرك؛ (ج) استقبال صاحبي البلاغ وأطفالهما في ظروف تتناسب مع أعمار الأطفال ومع الوضع الهش للأسرة، بما يتيح لهم البقاء في إيطاليا والتمتع فيها بحماية دولية فعلية ( ) . وعليه، ترى اللجنة أنه في ضوء الظروف الخاصة بهذه القضية، ونظرا ً إلى العيوب التي تعتري قرارات السلطات الدانمركية ، فإن ترحيل صاحبي البلاغ وأطفالهما الأربعة إلى إيطاليا، من دون الضمانات المذكورة أعلاه، سيشكل انتهاكا ً للمادة ٧ من العهد.

٨- وترى اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، أن ترحيل صاحبي البلاغ وأطفالهما الأربعة إلى إيطاليا، دون الحصول على ضمانات حقيقية يشكل انتهاكاً لحقوقهم بموجب المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

٩- ووفقاً للمادة 2(1) من العهد، القاضية بأن تتعهد الدول الأطراف باحترام الحقوق المعترف بها في العهد وكفالتها لجميع الأفراد الموجودين في إقليم ها والخاضعين لولاي تها ، فإن الدولة الطرف ملزمة بالشروع في إعادة النظر في مطالبة صاحبي البلاغ، آخذة في حسبانها التزامات الدولة الطرف بموجب العهد، وآراء اللجنة هذه، وضرورة الحصول على ضمانات حقيقية من إيطاليا، على النحو المبين في الفقرة 7-9 أعلاه. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً الامتناع عن طرد صاحبي البلاغ وأطفالهما الأربعة إلى إيطاليا أثناء إعادة النظر في طلب لجوئهما ( ) .

١٠- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضا ً أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع بلغتها الرسمية .