الأمم المتحدة

CCPR/C/119/D/2512/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

18 May 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2512/2014 * **

المقدم من: راضية رضايفر (يمثّلها المجلس الد ا نمركي للاجئين)

ال أشخاص المدعى أنه م ضح ايا : صاحب ة البلاغ واثنان من أبنائها، م. م. و د. م.

الدولة الطرف: الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ: 14 كانون الأول/ديسمبر 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذته اللجنة عملاً بالمادتين 92 و97 من نظامها الداخلي، وأُحيل إلى الدولة الطرف في 19 كانون الأول/ديسمبر 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 10 آذار/مارس 2017

الموضوع: الترحيل إلى إيطاليا

المسائل الإجرائية: إثبات الادعاءات بأدلة

المس ائل الموضوعية : التعذيب؛ المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

مادة العهد: 7

مادة البروتوكول الاختياري: 2

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة راضية رضايفر ، وهي مواطنة إيرانية وُلدت في عام 1972 و من أصل عرقي فارسي اعتنقت المسيحية، ويقدمه معها اثنان من أبنائها، هما: ابنتها، م. م.، المولودة في 16 أيلول/سبتمبر 1996، وابنها، د. م.، المولود في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 (وكانا في الثامنة عشرة والثالثة من العمر، على التوالي، عندما قدمت بلاغها).

1-2 وقد رُفض طلب اللجوء الذي قدمته صاحبة البلاغ وكانت على وشك أن تُرحّل إلى إيطاليا حينما قدمت بلاغها إلى اللجنة. وتدّعي أن ترحيلها إلى إيطاليا سيعرّضها وابنها وابنتها لخطر تلقّي معاملة لا إنسانية ومهينة، بما يشكل انتهاكاً لأحكام المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية وال سياسية. ويمثّلها المجلس الدانم ركي للاجئين ( ) .

1-3 وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 2014، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 92 من نظام اللجنة الداخلي، وعن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم ترحيل صاحبة البلاغ وابنها وابنتها إلى إيطاليا بينما حالتهم قيد نظر اللجنة.

1-4 وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 2014، أرجأ مجلس طعون اللاجئين (Flygtningenævnet) المهلة المحددة لترحيل صاحبة البلاغ وابنها وابنتها حتى إشعار آخر.

1-5 وفي 8 أيلول/سبتمبر 2015 و2 أيار/مايو 2016، رفضت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، طلب الدولة الطرف رفع التدابير المؤقتة.

الوقائع كما عرض ت ها صاحب ة البلاغ

2-1 تعود أصول صاحبة البلاغ إلى مدينة طهران بجمهورية إيران الإسلامية. وهي فارسية الأصل عرقياً ومسلمة اعتنقت الديانة المسيحية . ولها ثلاثة أبناء، أكبرهم، الذي كان في الثانية والعشرين من عمره عندما قدمت البلاغ (من مواليد عام 1992)، موجود حالياً في إيطاليا، بينما يرافقها ابنها وابنتها الآخران في الد ا نمرك، م. م. البالغة من العمر ثماني عشرة سنة ( ) والمولودة في طهران، وم . د.، البالغ من العمر ثلاث سنوات والمولود في إيطاليا.

2-2 وقد فرّت صاحبة البلاغ هاربةً من جمهورية إيران الإسلامية في عام 2008 عن طريق اليونان برفقة زوجها السابق وابنها وابنتها بسبب نشاط زوجها السابق السياسي لصالح حزب كومله الكردي. ووصلت الأسرة في عام 2008 إلى مدينة فورلي بإيطاليا، ثم نُقلت لاحقاً إلى مدينة فودجا جنوبي البلاد. ومُنحت حق الحماية الدولية في إيطاليا في العام نفسه.

2-3 وأثناء مكوث صاحبة البلاغ بإيطاليا، انسجمت مع المجتمع المسيحي، ثم اعتنقت المسيحية وعُمِّدت في الدانمرك.

2-4 ومكثت الأسرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وصولها إلى إيطاليا بمركز لملتمسي اللجوء. وعقب ثلاثة أشهر، وُفِّر لها سكن. وبعد أن مُنحت الأسرة اللجوء ، وجدت صعوبات في دفع الإيجار لعدم استطاعة أفرادها العثور على عمل ثابت. والتحقت ابنة صاحبة البلاغ، م. م.، بمدرسة كاثوليكية.

2-5 وأثناء إقامة الأسرة في إيطاليا، أصبح زوج صاحبة البلاغ السابق مدمناً على المخدرات. وتعرّضت صاحبة البلاغ وابنها وابنتها للعنف الأسري وأصبحوا معوزين، وأجبرها زوجها السابق على الاشتغال بالبغاء. وبعد أن أنجبت ابنها الأصغر، قررت ترك زوجها السابق واصطحاب أبنائها معها.

2-6 وتعاني صاحبة البلاغ من انفصام الشخصية والاكتئاب. وعقب مكوث الأسرة بمرافق استقبال اللاجئين، تعثّرت صاحبة البلاغ بشدة في تمويل علاجها الطبي. وفي عام 2009، اكتشفت إصابتها بسرطان عنق الرحم، لكنها لم تكن تستط ي ع تحمّل نفقات الخضوع لعملية جراحي ة في إيطاليا. وموّل بعض أصدقائها، في نهاية الأمر، العملية الجراحية، لكن صاحبة البلاغ لم تستطع تحمل نفقات العلاج اللاحق.

2-7 ووُلد الابن الأصغر لصاحبة البلاغ، د. م.، في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. ويعاني من مرض في القلب، هو عيب في الحاجز الأُذيْني ، الأمر الذي استلزم خضوعه للفحص والإشراف الطبيين بانتظام.

2-8 وانتهت صلاحية رخصة إقامة صاحبة البلاغ في إيطاليا في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 ولم تُجدّد نظراً لمغادرتها إلى الدا نمرك.

2-9 ووصلت صاحبة البلاغ إلى الدانمرك في 16 تموز/يوليه 2012، وطلبت اللجوء. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2012، قبِ لت السلطات الإيطالية طلب الدانم رك قبول إعادة هذه الأسرة إلى إيطاليا، وفقاً للائحة دبلن الثانية . غير أنه نظراً لطبيعة أحوال معيشة ملتمسي اللجوء في إيط اليا، راجعت وزارة العدل الدانم ركية القرار، وقررت في 13 أيار/م ايو 2013 أن يعالَج في الدانم رك طلب اللجوء المقدم من صاحبة البلاغ وابنها وابنتها، وذلك لأسباب إنسانية، ولا سيما لصغر سن ابنها الأصغر.

2-10 وفي 12 آذار/مارس 2014، رفضت الدائرة الدانمركية لشؤون الهجرة(Udlændingestyrelsen) طلب اللجوء المقدم من صاحبة البلاغ. فمع أنها اعترفت بأنه ينبغي اعتبار صاحبة البلاغ شخصاً بحاجة إلى الحماية بموجب المادة 7-1 من قانون الأجانب الدانماركي، غير أنها رأت ضرورة أن تكون إيطاليا بلد لجوئها الأول، وفقاً لأحكام المادة 7-3 من القانون ذاته.

2-11 وفي 14 آب/أغسطس 2014، رفض مجلس طعون اللاجئين طلب صاحبة البلاغ، وقرر أن إيطاليا تشكل بلد اللجوء الأول لصاحبة البلاغ، كالتالي: "تلاحظ الأغلبية وجود معلومات أساسية أحدث غير مُطمئنة عن الأحوال الراهنة في إيطاليا، لكنها ترى، بعد تقييم كامل للوضع، أنه لا يمكن إثبات أن إيطاليا لا تستطيع أن تضمن ولن تضمن تمتع مقدمة الطلب بظروف اقتصادية واجتماعية ملائمة، بما في ذلك حصولها على المساعدة الطبية اللازمة " .

2-12 وأجرت الشرطة في 15 كانون الأول/ديسمبر 2014 مقابلة مع صاحبة البلاغ بخصوص ترحيلها. لذلك، توقّعت صاحبة البلاغ عندما قدمت بلاغها إلى اللجنة أن ترحيلها وشيك.

الشكوى

3- تدفع صاحبة البلاغ بأن من شأن إعادتها وابنها وابنتها قسراً إلى إيطاليا أن يشكل انتهاكاً من الدولة الطرف لحقوقهم المكفولة بموجب المادة 7 من العهد ( ) . وتذكر أن أسرتها وحدة شديدة الضعف ومعرّضة لخطر حقيقي وهو تلقي معاملة لا إنسانية ومهينة بعد إعادتها إلى إيطاليا. فبالاستناد إلى تجربتها السابقة في إيطاليا، وإلى المعلومات العامة المتاحة، تدّعي صاحبة البلاغ أنها وابنها وابنتها معرّضون لخطر حقيقي وهو التشرّد ومعاناة العوَز، مع محدودية إمكانية الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأ ن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 -1 في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2014، دفعت الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول أو أنه، خلافاً لذلك، لا يستند إلى أساس موضوعي. وتبيّن الدولة الطرف أولا ً هيكل مجلس طعون اللاجئين وتشكيلته وعمله، فضلاً عن التشريعات التي تطبَّق على الحالات المتصلة بنظام دبلن الثاني ( ) .

4-2 وعن م قبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، تحتجّ الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تثبت وجود دعوى ظاهرة الوجاهة لأغراض مقبولية بلاغها في إطار المادة 7 من العهد. وعلى وجه الخصوص، لم يَثبت وجود أسباب وجيهة تدعو لاعتقاد أنها ستتعرض لخطر الخضوع للتعذيب أو لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة في إيطاليا. وعليه، يفتقر البلاغ بوضوح إلى أي أساس وينبغي إقرار عدم مقبوليته. وبخلاف ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تثبت بما فيه الكفاية أن أحكام المادة 7 ستُنتهك في حال إعادتها وابنها وابنتها إلى إيطاليا. فوفقاً لفقه اللجنة القانوني، تلتزم الدول الأطراف بعدم تسليم الشخص المطلوب للعدالة أو ترحيل أي شخص، أو طرده، أو إبعاده من إقليمها بأي طريق آخر، متى ترتّب على ذلك بالضرورة وعلى نحو يمكن توقعه وجود خطر حقيقي لتعرضه لضرر لا يمكن جبره، كذلك المتوخى في المادة 7 من العهد، سواء في البلد الذي سيُ ع ا د إليه أو في أي بلد آخر قد يُبعد إليه لاحقاً. كما أوضحت اللجنة وجوب أن يكون هذا الخطر شخصياً، و أن تكون هناك عتبة مرتفعة لتقديم أسباب وجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي للإصابة بضرر لا يمكن جبره ( ) .

4-3 وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحبة البلاغ وابنها وابنتها دخلوا الد ا نمرك في 16 تموز/ يوليه 2012 دون وثائق سفر سارية. وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، قدمت صاحبة البلاغ طلب لجوء. وفي 12 آذار/مارس 2014، رفضت الدائرة الد ا نمركية لشؤون الهجرة طلبها. وفي 14 آب/أغسطس 2014، أيّد مجلس طعون اللاجئين هذا القرار. وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر 2014، عرضت صاحبة البلاغ الحالة على اللجنة مُدعيّةً أن ترحيلها وابنها وابنتها إلى إيطاليا سيشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد ( ) .

4-4 وأحالت الدولة الطرف إلى قرار مجلس الطعون المؤرخ 14 آب/أغسطس 2014 الذي يشير هو ذاته إلى قرار الدائرة الد ا نمركية لشؤون الهجرة أنه عند النظر إلى وضع صاحبة البلاغ بمعزل ع ن أي ظروف أخرى ، فإنها وابنتها وابنها المرافقيْن لها، المولوديْن في 1996 و2011 على التوالي، مشمولون بنطاق حكم المادة 7(1) من قانون الأجانب لأنها اعتنقت المسيحية. ومن ثم، فقد قَصر مجلس طعون اللاجئين تحليله على مسألة مدى إمكانية أن تكون إيطاليا بلد لجوئها الأول.

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تقدم في بلاغها أي معلومات أساسية جدي دة عن ظروفها بخلاف تلك التي است ند ت إليها من قبل في إجراءات لجوئها القانونية وأن مجلس طعون اللاجئين سبق وأن نظر في هذه الظروف. وانتهى المجلس إلى أن صاحبة البلاغ مشمولة بنطاق المادة 7(2) من قانون الأجانب (وضع الحماية)، إلا أنها كانت قد مُنحت حق اللجوء في إيطاليا في عام 2008، وتصريح إقامتها قابل للتجديد. علاوة على ذلك، اعتبرت أغلبية أعضاء المجلس المعروضة عليهم قضيتها إمكانية دخول صاحبة البلاغ إيطاليا ومكوثها بها على نحو مشروع حقيقة واقعة. ومن ثم، رفض المجلس منحها حق اللجوء بالإحالة إلى المادة 7(3) من قانون الأجانب (مبدأ بلد اللجوء الأول). وتضيف الدولة الطرف أنه عند النظر في مدى إمكانية أن يكون بلد ما بلدَ لجوء أول، يشترط مجلس طعون اللاجئين كحد أدنى إلزامي أن يتمتع ملتمس اللجوء بالحماية من الإعادة القسرية في بلد اللجوء الأول. ويجب أيضاً أن يتسنى دخوله بلد اللجوء الأول المعني بشكل قانوني وإقامته فيه إقامةً مشروعة، كما يجب حماية سلامته وأمنه الشخصيين. ويتضمن مفهوم الحماية هذا كذلك عنصراً اجتماعياً واقتصادياً، لكنه لا يتعدّى توفير الظروف المعيشية الأساسية ( ) . إلا أنه لا يمكن أن يُشترط تمتع ملتمس اللجوء بنفس مستوى المعيشة الاجتماعي الذي يتمتع به مواطن البلد. فجوهر مفهوم الحماية إنما هو وجوب تمتع الشخص بالأمن الشخصي عند دخوله بلد اللجوء الأول وعند مكوثه به، على حد سواء.

4-6 أما عن ادعاءات صاحبة البلاغ أنها إن أُعيدت إلى إيطاليا فقد تُضطر هي وابنها وابنتها إلى العيش في الشوارع دون إمكانية الحصول على مسكن وعلى الرعاية الطبية، فتُحيل الدولة الطرف إلى قرار المقبولية الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بتاريخ 2 نيسان/ أبريل 2013 في قضية سمسم محمد حسين وآخرين ضد هولندا وإيطاليا ، الذي قضت فيه المحكمة بوجوب حصول الشخص الذي مُنح حق الحماية الثانوية على تصريح إقامة سارٍ لثلاث سنوات قابلة للتجديد تُصدره المفوضية المانحة حق الحماية في الإقليم الوطني، وبجواز تحويل تصريح الإقامة هذا إلى تصريح إقامة للعمل في إيطاليا شريطة أن يُطلب ذلك قبل انتهاء صلاحية تصريح الإقامة وأن يكون الشخص المعني حائزاً لبطاقة هوية. كما قضت المحكمة في قرارها هذا بتخويل الشخص الحاصل على تصريح إقامة لأغراض الحماية الثانوية حقوقاً منها الحق في الحصول على وثيقة سفر للأجانب، والحق في العمل وفي لمّ شمل الأسرة، والحق في الاستفادة من النظم العامة للمساعدة الاجتماعية والرعاية الصحية والسكن الاجتماعي والتعليم، بموجب القانون المحلي الإيطالي.

4-7 وقد مُنحت صاحبة البلاغ حق الحماية الثانوية في إيطاليا حتى 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2012. وتدفع الدولة الطرف بأن افتراض أن تصريح إقامة صاحبة البلاغ لن يُجدد لا أساس له. وتذكر أيضاً أن صاحبة البلاغ قد أحالت أساساً إلى تقارير ومواد أساسية أخرى عن ظروف الاستقبال في إيطاليا المتصلة بملتمسي اللجوء فحسب، بمن فيهم الأشخاص الذين أُعيدوا إلى إيطاليا بموجب لائحة دبلن الثاني ة ، لا بالأشخاص الذي مُنحوا حق الحماية الثانوية في إيطاليا فعلاً، كصاحبة البلاغ. وتحيل الدولة الطرف إلى تقرير بعنوان "إجراء اللجوء وظروف استقبال ملتمسي اللجوء في إيطاليا" ( ) يوضح أن الأشخاص الذين أُعيدوا إلى إيطاليا بموجب نظام دبلن القانوني سيُعاد إدماجهم بوجه عام في إجراءات التماس اللجوء السابقة في المرحلة التي بلغوها حينما غادروا. ويبدو أن أغلبية العائدين في إطار نظام دبلن كانوا قد حصلوا بالفعل على تصريح إقامة إيطالي قبل مغادرتهم إيطاليا إلى بلدان أوروبية أخرى. ويجوز تجديد تصاريح الإقامة الصادرة لملتمسي اللجوء الذين قُبل منحهم صفة ال لاجئين أو الممنوحة لأغراض الحماية الثانوية أو لأسباب إنسانية، بتقديم طلب إلى الشرطة المختصة بإدارة شؤون الهجرة.

4-8 وتشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ذكرت أيضاً ( ) أن تقييم مدى وجود أسباب وجيهة تدعو لاعتقاد أن مقدم طلب اللجوء معرّض لخطر الخضوع لمعاملة تشكل خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ( " الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان " ) يجب أن يكون تقييما ً صارماً بالضرورة ويستلزم منها حتماً تقييم أوضاع ملتمسي اللجوء في البلد المستقبِل استناداً إلى المعيار المقرر في هذه المادة. وانتهت ( ) المحكمة إلى أن مجرّد إعادة الشخص إلى بلد سيكون فيه وضعه الاقتصادي أسوأ مما هو عليه في الدولة القائمة بالطرد لا يكفي للوفاء بعتبة إثبات سوء المعاملة، المقررة في المادة 3 م ن الاتفاقية ، وإلى أنه لا يجوز تفسير هذه المادة على أنها تُلزم الدول الأطراف بتوفير سكن لكل من يخضع لولايتها الإقليمية؛ إذ لا ينطوي هذا الحكم على أي التزام عام بتقديم المساعدة المالية للاجئين لتمكينهم من التمتع بمستوى معيشي معين. وأشارت المحكمة إلى أنه ، من حيث المبدأ، لا يجوز للأجنبي المعرّض للطرد أن يطالب بأي أحقية في البقاء في إقليم أي دولة ويواصل الاستفادة من المساعدة والخدمات الطبية أو الاجتماعية أو غيرها من أشكال المساعدة والخدمات التي تقدمها الدولة القائمة بالطرد . وعليه، انتهت المحكمة إلى أنه في غياب أسباب إنسانية اضطرارية استثنائياً لوقف تنفيذ إبعاد مقدم طلب اللجوء ، إن تقرّر إبعاده، لا يعتبر انخفاض مستوى أحواله المعيشية المادية والاجتماعية إلى حد كبير في البلد المستقبِل سبب اً كافياً لوقف تنفيذ إبعاده.

4-9 وبخصوص الأحوال المعيشية في إيطاليا، رأت المحكمة، آخذة في حسبانها التقارير الواردة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، أنه "مع أن الوضع العام والوضع المعيشي في إيطاليا لملتمسي اللجوء، وملتمسيه الذين قُبل منحهم صفة ال لاجئين، والأجانب الحاصلين على رخص إقامة لأغراض الحماية الدولية أو لأسباب إنسانية، قد يكشفان عن وجود بعض أوجه القصور، إلا أنه لم يثبت كشفهما عن وجود تقصير منهجي في تقديم الدعم أو توفير المرافق بما يلزم لتلبية احتياجات ملتمسي اللجوء كأفراد فئة شديدة الضعف، كما كان الحال في قضية م. س. س. ضد بلجيكا واليونان " ( ) .

4-10 وفيما يتعلق بصاحبة البلاغ وصحة ابنها الأصغر، تدفع الدولة الطرف بأنه، بالنظر إلى المعلومات الأساسية المتاحة، يجب افتراض أن الأسرة ستتمكن من الحصول على خدمات الرعاية الصحية في إيطاليا. إضافة إلى ذلك، ذكرت صاحبة البلاغ أثناء جلسة الاستماع التي عُقدت في 14 آب/أغسطس 2014 في مجلس طعون اللاجئين أنها قد تلقّت في إيطاليا العلاج والدواء اللازمين لمشاكل الصحة العقلية التي كانت تعاني منها، وأنها زارت طبيباً نفسياً. وفي 15 كانون الثاني/يناير 2015، طلب إليها المجلس تقديم مستندات طبية أخرى لدعم طلب اللجوء الذي قدمته. واستجابةً لطلبه، قدمت صاحبة البلاغ في 14 حزيران/يونيه 2015، مرة أخرى، المستندات الطبية المرفقة بشكواها الأولى. كما يتضح من خلال مذكرة الدفاع التي قدمها محامي صاحبة البلاغ إلى المجلس في 2 تموز/يوليه 2014 أنها قالت لمحاميها إنها "كانت قد أُخبرت أن صمّامين بقلب ا بنها لا ين غلقان كما ينبغي ، لكن بعد خضوعه لفحص في الد ا نمرك، يبدو أنهما يعملان الآن كما ينبغي".

4-11 وفي رأي الدولة الطرف، فإن الحكم الصادر في قضية تَراخِل ( ) ، المتعلق بأسرة في وضع التماس لجوء في إيطاليا، لا يحيد عن الأحكام الصادرة في السوابق القضائية ا لمتعلقة بالأفراد والأسر الحائزي ن لرخص إقامة في إيطاليا، على النحو الوارد في قضايا منها قضية محمد حسين وآخرين ضد هولندا وإيطاليا . ومن ثم، ترى الدولة الطرف أنه لا يمكن أن يُستنتج من الحكم الصادر في قضية تَراخِل أن الدول الأعضاء مُلزمة بالحصول على ضمانات فردية من السلطات الإيطالية قبل أن ترحّل إلى إيطاليا الأفراد أو الأسر المحتاجين إلى حماية الحاصلين من قبل على تصاريح إقامة في إيطالي ا .

4-12 وفي هذا الصدد، تكرر الدولة الطرف تأكيد أنه يتبين من القرار الصادر في قضية سمسم محمد حسين وآخرين ضد هولندا وإيطاليا أنه يحق للأشخاص المعترف بهم كلاجئين في إيطاليا أو المتمتعين ب الحماية الإضافية فيها الاستفادة من النظم العامة للمساعدة الاجتماعية والرعاية الصحية والسكن الاجتماعي والتعليم، بموجب القانون المحلي الإيطالي. وبناء على ذلك، فإن المادة 7 من العهد لا تمنع الدولة الطرف من إنفاذ لائحة دبلن الثاني ة بحق صاحبة البلاغ وابنها وابنتها.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 21 آب/أغسطس 2015، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وتؤكد صاحبة البلاغ أن ظروف عيش كل من ملتمسي اللجوء والمستفيدين من الحماية الإضافية مثلها، في إيطاليا ، متشابهة نظراً لعدم تنفيذ نظام إدماج فعال. وبالتالي، يواجه ملتمسو اللجوء ومُتلقو الحماية الإضافية الصعوبات الشديدة ذاتها في العثور على ما هو أساسي من مأوى وغذاء وإمكانية للاستفادة من المرافق الصحية ( ) . وتحيل صاحبة البلاغ إلى تقرير الدائرة اليسوعية للاجئين الصادر عام 2013 الذي يُذكر فيه أن المشكلة الحقيقية تتعلق بالأشخاص الذين أُعيدوا إلى إيطاليا وكانوا قد مُنحوا من قبل نوعاً من أنواع الحماية؛ فربما كانوا قد مكثوا بعد وصولهم للمرة الأولى إلى البلد في مركز واحد على الأقل من المراكز السكنية المتاحة لهم كخيار، لكنهم إن تركوه طوعاً قبل انقضاء المدة المقررة لذلك سقط عندئذ حقهم في السكن في مراكز استقبال ملتمسي اللجوء الحكومية ( ) .

5-2 ولا تنازع صاحبة البلاغ إمكانية سفرها إلى إيطاليا وعيشها هناك على نحو قانوني مع ابنها وابنتها؛ فالمسألة الجوهرية هنا ليست احتمال وجود خطر إعادة قسرية من عدمه. إذ تشير المعلومات المتاحة إلى أن عدداً كبيراً من اللاجئين يُتركون دون مساكن في إيطاليا نظراً لعدم كفاية القدرة على استضافتهم. وبالتالي، فالمسألة الجوهرية المتصلة بقضية صاحبة البلاغ هي أنها لن تستفيد من سكن لائق وعلاج طبي كافٍ، وأنها وابنها وابنتها سيُعرّضون للعيش في ظل أحوال معيشية دون المستوى المعياري، وانعدام المساعدة الاجتماعية المفترض تلقّيها من السلطات، وانعدام إمكانية العثور على حل إنساني دائم.

5-3 وتنازع صاحبة البلاغ أيضاً في تفسير الفقه القضائي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي أحالت إليه الدولة الطرف. إذ تدفع بأن المعلومات التي قدمتها المحكمة في قضية سمسم على وجه الخصوص ( ) عن أحوال استقبال ملتمسي اللجوء واللاجئين لا تتفق مع النتائج التي انتهت إليها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية بهذا الشأن. فضلا ً عن ذلك، فعلى النقيض من قضية سمسم، كانت صاحبة البلاغ في هذه القضية قد اختبرت بالفعل العيش في إيطاليا كلاجئة حيث لم تحصل على أي مساعدة ولم تستطع سداد إيجار مسكنها ولا تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرتها، بما في ذلك المساعدة الطبية التي كانت وابنها بحاجة إليها. وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها اضطرت إلى الاشتغال بالبغاء لتعول أسرتها. ولذلك، فافتراض أن السلطات الإيطالية ستستطيع استقبالها وابنها وابنتها وفقاً للمعايير الإنسانية الأساسية لا أساس له. فقد اختبرت بالفعل الأحوال المعيشية في البلد حينما عاشت فيه بصفة قانونية، ووجدتها بائسة.

5-4 كما تشير صاحبة البلاغ إلى أن الحكم الصادر في قضية تَراخِل تعلق بأسرة كانت تلتمس اللجوء ولا ينطبق، بالتالي، على و ضعها. غير أن وجه الصلة بين قضية تراخل وقضيتها يكمن في أن طبيعة الأحوال المعيشية وصعوبات العثور على مأوى ورعاية صحية وغذاء مماثلتان في حالتي ملتمسي اللجوء والأشخاص الذين مُنحوا الحماية فعلاً. وقد ذكرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه، في ظل الوضع الراهن في إيطاليا، "لا يمكن استبعاد احتمال أن يُترك عدد كبير من ملتمسي اللجوء دون مساكن أو يتم إسكانهم في مرافق مكتظة مجرّدة من أي خصوصية، أو حتى في ظل أحوال غير صحية أو عنيفة، على أنه احتمال لا أساس له" ( ) . كما شدّدت المحكمة على أن للأطفال خصوصاً "احتياجات خاصة" وأنهم "شديدو الضعف" وأن مرافق الاستقبال الخاصة بهم "يجب أن تُكيَّف بحسب أعمارهم ضماناً لعدم تسبب هذه الأحوال في خلق . .. حالة من التوتر والقلق لهم‘، تؤدي إلى إصابتهم بصدمات نفسية معينة" ( ) . وألزمت المحكمة سويسرا بأن تحصل السلطات السويسرية من نظيرتها الإيطالية على تطمينات باستقبال مقدمي طلب اللجوء (أسرة في هذه الحالة) في مرافق وأحوال ملائمة لأعمار الأطفال؛ وبعدم تقد ي م سويسرا ل هذه التطمينات تكون سويسرا قد انتهكت ا لمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إن هي نقلت مقدمي طلبات اللجوء إلى إيطاليا ( ) . وتحتج صاحبة البلاغ بأنه في ضوء هذا الحكم فإن قسوة الأحوال المعيشية التي يشهدها متلقو الحماية الإضافية الذي ن أُعيدوا إلى إيطاليا تدخل في نطاق المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، المتفقة مع المادة 7 من العهد ( ) .

5-5 وتدفع صاحبة البلاغ بأنه يبدو أن القرار الصادر في قضية تَراخِل يوضح أنه لم يعد يمكن اعتبار الافتراض المبيّن في القرار الصادر في قضية سمسم كافياً، وأنه يشترط، وفقاً للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الحصول على ضمانات فردية، وخاصة لحماية الأطفال الذين يُعادون إلى بلد اللجوء الأول من قسوة الأحوال المعيشية فيه. وبهذا الخصوص، تذكر صاحبة البلاغ أن المسألة الجوهرية في قضية تَراخِل لم تكن خطر الإعادة القسرية، بل كانت طبيعة الأحوال المعيشية في مرافق استقبال ملتمسي اللجوء المكتظة. وبالتالي، يوضح القرار الصادر فيها أن تمتع الشخص بالحماية من الإعادة القسرية في إيطاليا لا يستبعد وقوع انتهاكات للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نتيجة لقسوة الظروف المعيشية، وبخاصة بالنسبة إلى الأسر التي لديها أطفال. ومن ثم، فإن الاعتراف بصاحبة البلاغ في هذه القضية كلاجئة لا ينفي احتمال تعرّضها وابنها وابنتها للعيش في أحوال قاسية وللتشرّد ومعاناة العوَز في غياب إمكانية حقيقية لتحسّن وضعهم، بما يشكل خرقاً للمادة 7 من العهد.

5-6 وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها تنتمي لفئة سكانية شديدة الضعف وأنها بحاجة إلى حماية خاصة؛ فهي أم عزباء، تعاني من انفصام الشخصية والاكتئاب، وتخضع للعلاج الطبي والنفسي، كما أن ابنها الأصغر يعاني من مرض في القلب يستلزم الرعاية الطبية. وبصرف النظر عن النظام التشريعي الإيطالي الرسمي المعمول به فيما يتعلق بتجديد رخص الإقامة وإمكانية الاستفادة رسمياً من نظم الإدماج، فإن المعلومات الأساسية المتصلة بالموضوع تشير بقوة إلى أن أحوال معيشة المستفيدين من الحماية الدولية، في إيطاليا، لا تفي بالمعايير الإنسانية الأساسية خلافاً لما يقتضيه الاستنتاج رقم 58 الذي انتهت إليه اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وفي ظل هذه الظروف، يوجد خطر كبير لتعرض صاحبة البلاغ وابنها وابنتها لمعاملة مهينة إن رُحّلوا إلى إيطاليا.

معلومات إضافية مقدمة من الطرفين

6-1 في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، أحالت صاحبة البلاغ إلى آراء اللجنة في قضية ياسين وآخرين ضد الدانمرك ( ) ، مؤكدةً أنه ، على غرار الحالة الراهنة، لم يقدر مجلس طعون اللاجئين بما فيه الكفاية الخطر الشخصي الذي ستتعرض له صاحبة البلاغ إن أُبعدت إلى إيطاليا. وتكرر صاحبة هذا البلاغ تأكيد عدم كفاية استناد الدولة الطرف إلى معلومات أساسية عامة تشير إلى أن الأشخاص الذين يُعادون إلى إيطاليا يتمتعون، نظرياً، بالحق في العمل وفي السكن وفي المساعدة الاجتماعية. فوفقاً لصاحبة البلاغ، يجب أن تُجري الدولة الطرف تقييماً فردياً للحالة، تقيَّم في إطاره جميع الأدلة المتاحة، بما في ذلك عدم حصول صاحبة البلاغ على أي مساعدة من إيطاليا في الماضي .

6-2 كما تدفع صاحبة البلاغ بأن عدم قدرتها على ممارسة أبسط حقوقها الاقتصادية والاجتماعية الأساسية في إيطاليا قد يجعل الخيار الوحيد أمامها العودة إلى جمهورية إيران الإسلامية، ليصبح حقها في عدم إعادتها قسراً عندئذ في الواقع الفعلي حقاّ وهمياً بموجب القانون الدولي للاجئين.

7-1 ورداً على تعليقات صاحبة البلاغ في 23 شباط/فبراير 2017 ، أشارت الدولة الطرف إلى أن السلطات الإيطالية قد أحاطتها علماً في ردها على مشاورة السلطات الدانمركية في صيف عام 2015 أنه يجوز للأجنبي الحاصل على رخصة إقامة في إيطاليا بصفة لاجئ أو متمتع بالحماية أن يتقدم بطلب تجديد رخصة إقامته المنتهية صلاحيتها بعد إعادته إلى إيطاليا. كما أحاطت ال سلطات الإيطالية نظيرتها الدانم ركية علماً بأن على الأجنبي ، بعد إعادته إلى إيطاليا ، أن يتصل بمخفر الشرطة الذي أصدر رخصة إقامته، ويُحيل المخفر طلبه لاحقاً إلى السلطة المختصة ويطلب التحقّق من مدى استيفائه ل شروط التجديد. وذكرت السلطات الإيطالية أنه يجوز للأجنبي الحائز لرخصة إقامة منتهية الصلاحية دخول إيطاليا على نحو مشروع لأغراض تجديدها. وفي هذه الخلفية، ترى الدولة الطرف أنه يمكن اعتبار أن لصاحبة البلاغ وابنها وابنتها، الحائزين لرخص إقامة إيطالية منتهية مدة الصلاحية صدرت لأغراض الحماية، الحق في دخول إيطاليا والتقدم بطلب تجديدها.

7-2 وفيما يتعلق بإحالة صاحبة البلاغ إلى قضية ياسين وآخرين ضد الدانمرك ، تلاحظ الدولة الطرف أن المواد الأساسية المتاحة لمجلس طعون اللاجئين جُمعت من طائفة واسعة من المصادر وقورنت بإفادة ملتمسة اللجوء، بما في ذلك تجاربها السابقة. وقد أُتيحت لصاحبة البلاغ الفرصة لتقديم إفادات شفوية وخطية، على حد سواء، أثناء سير إجراءات اللجوء القانونية أمام الدائرة الد ا نمركية لشؤون الهجرة ومجلس طعون اللاجئين، ومثّلها محام. وقد أجرى المجلس تقييماً وافياً لقضية لجوئها . وعليه، تؤكد الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تثبت وجود دعوى ظاهرة الوجاهة لأغراض مقبولية بلاغها في إطار المادة 7 من العهد، وأن البلاغ، بالتالي، يفتقر بوضوح إلى أي أساس وينبغي اعتباره غير مقبول . وبخلاف ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن المادة 7 من العهد لن تُنتهك إذا أُعيد كل من صاحبة البلاغ وابنها وابنتها إلى إيطاليا.

المسائل والإجراءات المطروحة أمام اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8-2 وقد تثبّتت اللجنة، وفقاً لمقتضيات المادة 5(2)(أ) من البرتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أنها قد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لها. وفي غياب أي اعتراض من الدولة الطرف على ذلك، ترى اللجنة أن الاشتراط المحدد في المادة 5(2) (ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفي.

8-4 وتحيط اللجنة علماً ب طعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ على أساس أن ادعاء صاحبة البلاغ في إطار المادة 7 من العهد غير مدعوم بأدلة. إلا أن اللجنة ترى أن صاحبة البلاغ قد أثبتت ادعاءاتها بأدلة كافية لأغراض مقبولية البلاغ، وتلاحظ أن الدولة الطرف لم تطعن في مصداقية الادعاءات ولم تنازع زعم أن صاحبة البلاغ ستواجه صعوبات حقيقية لدى عودتها إلى إيطاليا. وعليه، تقرّ اللجنة مقبولية البلاغ من حيث إثارته مسائل تندرج في إطار المادة 7 من العهد، وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة إليها من الطرفين، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحبة البلاغ أن ترحيلها وابنها وابنتها، وكذلك ابنها الأصغر، د. م.، إلى إيطاليا، على أساس مبدأ "بلد اللجوء الأول" من مبادئ لائحة دبلن الثانية ، سيعرّضهم لخطر الإصابة بضرر لا يمكن جبره، بما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد. وتَبني صاحبة البلاغ حججها على وقائع منها نوع المعاملة الفعلية التي تلقّتها بعد أن مُنحت الحماية الثانوية في إيطاليا، وشدة ضعف أسرتها كوحدة، وطبيعة الأحوال العامة لاستقبال ملتمسي اللجوء واللاجئين الداخلين إيطاليا، كما تبيَّن في العديد من التقارير. وتشير اللجنة أيضاً إلى حجة صاحبة البلاغ أن عدم قدرتها على ممارسة حقوقها الاقتصادية والاجتماعية الأساسية قد يضطرها فعلياً إلى العودة إلى جمهورية إيران الإسلامية.

9-3 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ( ) ، الذي تشير فيه إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم الشخص المطلوب للعدالة أو ترحيل أي شخص، أو طرده، أو إبعاده بأي طريق آخر من إقليمها، متى وُجدت أسباب وجيهة تدعو لاعتقاد وجود خطر حقيقي لإصابته بضرر لا يمكن جبره، كما ورد ذلك في المادة 7 من العهد التي تحظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وقد أوضحت اللجنة أيضاً وجوب أن يكون هذا الخطر شخصياً، ومسألة ارتفاع عتبة التبرير بأسباب وجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي ل لإصابة ب ضرر لا يمكن جبره ( ) . كما تذكّر اللجنة بفقهها القانوني المتصل بضرورة إعطاء وزن كبير للتقييم الذي تجريه الدولة الطرف وبأن استعراض الوقائع والأدلة وتقييمهما لتحديد وجود هذ الخطر من عدمه ( ) يعودان بوجه عام إلى أجهزة الدول الأطراف في العهد، ما لم يتبيّن أن التقييم كان تعسفياً بوضوح أو بلغ حد إنكار العدالة ( ) .

9-4 وتشير اللجنة إلى أن صاحبة البلاغ قد مُنحت الحماية الإضافية في إيطاليا في عام 2008، وحصلت على رخصة إقامة انتهت صلاحيته ا في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2012، وسافرت إلى الدان م رك برفقة ابنها وابنتها القاصريْن آنذاك في 16 تموز/ يوليه 2012، وقدمت طلب لجوء هناك. كما تشير اللجنة إلى ادعاء صاحبة البلاغ أنها عاشت في إيطاليا مع زوجها السابق وأبنائها في شقة نُقلت إليها بعد أن كانت قد مكثت أولاً بمراكز استقبال اللاجئين، لكنها تعثّرت في سداد الإيجار لافتقارها وشريكها إلى عمل ثابت وعدم تلقيهما أي مساعدة اجتماعية. ودفعت صاحبة البلاغ كذلك بأنها تعاني من انفصام الشخصية والاكتئاب وسرطان عنق الرحم، وأن ابنها المولود في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 (البالغ من العمر خمس سنوات) يعاني من مرض في القلب، وأن زوجها أجبرها على الاشتغال بالبغاء لتتمكن من تلبية احتياجات الأسرة.

9-5 وتلاحظ اللجنة أن السلطات الإيطالية وافقت على الطلب الذي أرسلته الدائرة الدانماركية لشؤون الهجرة لقبول إعادة صاحبة البلاغ وأبنائها إلى إيطاليا، وفقاً للائحة دبلن الثانية ، غير أنه نظراً لطبيعة الأحوال المعيشية السائدة في إي طاليا، قررت وزارة العدل الدانم ركية في 13 أيار/مايو 2013 أن يعالَج في الدانمرك طلب لجوء صاحبة البلاغ، وذلك لأسباب إنسانية ، ولا سيما في ضوء صغر سن ابن صاحبة البلاغ، د. م. ورُفض طلبها اللجوء في 12 آذار/مارس 2014، وأيّد مجلس طعون اللاجئين هذا القرار في 14 آب/أغسطس 2014.

9-6 وتشير اللجنة إلى التقارير العديدة التي قدمتها صاحبة البلاغ والتي تسلّط الضوء على عدم توفر أماكن في مرافق الاستقبال في إيطاليا لكل من ملتمسي اللجوء والأشخاص الذين أُعيدوا إليها بموجب لائحة دبلن الثاني ة . وتشير اللجنة بوجه خاص إلى دفع صاحبة البلاغ بأن الشخص الذي يُعاد إلى إيطاليا، مثلها، ويكون قد مُنح فيها من قبل شكلاً من أشكال الحماية واستفاد من مرافق الاستقبال بها حينما كان هناك يسقط حقه في السكن في مراكز استقبال ملتمسي اللجوء الحكومية ( ) .

9-7 كما تشير اللجنة إلى قرار مجلس طعون اللاجئين أنه ينبغي اعتبار إيطاليا بلد اللجوء الأول‘ في هذه القضية وإلى موقف الدولة الطرف، ومفاده أن بلد اللجوء الأول ملزمٌ بتهيئة الظروف المعيشية الأساسية لملتمسي اللجوء، وإن لم يكن من المشترط أن ي تمتع هؤلاء الأشخاص بنفس مستويات مواطني البلد الاجتماعية والمعيشية (انظر الفقرة 4-5 أعلاه). وتشير اللجنة أيضاً إلى إحالة الدولة الطرف إلى قرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رأت فيه المحكمة أنه على الرغم من أن الوضع في إيطاليا لا يخلو من أوجه ال قصور، لم يثبت أنه يكشف عن " وجود فشل نظامي في توفير ما يلزم من الدعم أو المرافق لتلبية احتياجات ملتمسي اللجوء" ( ) .

9-8 غير أن اللجنة ترى أن استنتاج الدولة الطرف لم يراعِ على نحو وافٍ المعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ، بالاستناد إلى ظروفها الشخصية وتجربتها السابقة، عما شهدته في إيطاليا من أحوال معيشية لا تُحتمل، رغم حصولها في السابق على رخصة إقامة هناك. وبهذا الخصوص، تشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم توضح كيف أن رخصة الإقامة القابل ة للتجديد، في حال إعادة صاحبة البلاغ وابنها وابنتها إلى إيطاليا، وأحدهما طفل قاصر يعاني من مرض في القلب، من شأنها أن تحميهم فعلياً من العُسر والعوز الشديدين، كاللذين عاشتهما صاحبة البلاغ من قبل في إيطاليا ( ) .

9-9 وتذكّر اللجنة بأنه ينبغي للدول الأطراف أن تقد ر بما فيه الكفاية الخطر الحقيقي الشخصي الذي قد يتعرض له الشخص إن رُحّل ( ) ، وترى أنه كان لزاماً على الدولة الطرف أن تجري تقييماً فردياً للخطر الذي قد يتعرض له كل من صاحبة البلاغ وابنها وابنتها (وكان ا كلاهما قاصر أثناء سير إجراءات اللجوء القانونية) في إيطاليا، بدلاً من أن تستند إلى تقارير عامة وإلى افتراض أنه يحق لصاحبة البلاغ، من حيث المبدأ، نظراً لاستفادتها من حق الحماية الثانوية في الماضي، أن تتمتع اليوم بمستوى الحماية الإضافية ذاته. و ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تأخذ شدة ضعف حال صاحبة البلاغ وابنها وابنتها في الاعتبار الواجب. وعلى الرغم من أحقية صاحبة البلاغ الرسمية في الحماية الإضافية في إيطاليا، وقد أساء زوجها معاملتها إساءة شديدة، فقد عانت فقراً شديداً في إيطاليا وعجزت عن إعالة نفسها وأبنائها، بما في ذلك تلبية احتياجاتهم الطبية، في غياب أي مساعدة من السلطات الإيطالية. كما لم تطلب الدولة الطرف إلى السلطات الإيطالية تطمينات فعلية بأن صاحبة البلاغ وابنها وابنتها، وهم في حال ضعف شديد مماثل لحال صاحبة البلاغ في قضية ياسين وآخري ن ضد الدانم رك (التي تعلقت أيضاً بالترحيل المزمع لأم عزباء معتلّة لديها أطفال قصّر، كانت قد قاست في السابق في إيطاليا العسر والعوز الشديدين) ( ) ، سيُستقبلون في أحوال مواتية لوضعهم كملتمسي لجوء يحق لهم التمتع بالحماية المؤقتة والضمانات المقررة بموجب المادة 7 من العهد. وعلى وجه الخصوص، لم تطلب الدولة الطرف إلى إيطاليا ( أ) تجديد رخصة إقامة صاحبة البلاغ، وإصدار رخصتي إقامة لابنها وابنتها، و ( ب) استقبالهم في أحوال ملائمة لسن الطفل ولوضع الأسرة الضعيف تمكّنهم من البقاء في إيطاليا ( ) .

9-10 وعليه، ترى اللجنة أن إبعاد صاحبة البلاغ وابنها وابنتها إلى إيطاليا في هذه الظروف الخاصة، ودون الحصول على التطمينات المذكورة آنفاً، يشكل انتهاك اً ل لمادة 7 من العهد.

10- وترى اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، أن ترحيل صاحبة البلاغ وابنها وابنتها إلى إيطاليا دون الحصول على تطمينات حقيقية يشكل انتهاكاً لحقوقهم بموجب المادة 7 من العهد.

11- ووفقاً للمادة 2(1) من العهد، القاضية بأن تتعهد الدول الأطراف باحترام الحقوق المعترف بها في العهد وكفالتها لجميع الأفراد الموجودين في إقليم كل منها والخاضعين لولاية كل منها القضائية، الدولة الطرف ملزمة بالشروع في إعادة النظر في مطالبة صاحبة البلاغ، آخذة في حسبانها التزامات الدولة الطرف بموجب العهد، وآراء اللجنة هذه، وضرورة الحصول على تطمينات حقيقية من إيطاليا، على النحو المبين في الفقرة 9-9 أعلاه. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً الامتناع عن طرد صاحبة البلاغ وابنها وابنتها إلى إيطاليا أثناء إعادة النظر في طلبهم اللجوء.

12- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك لأحكام العهد أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها القضائية التمتع بالحقوق المعترف بها فيه، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ. كما ت طلب إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء وترجمتها إلى لغتها الرسمية وتعميمها على نطاق واسع.