الأمم المتحدة

CCPR/C/110/D/1997/2010

Distr.: General

23 May 2014

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1997/2010

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها 110 (10-28 آذار/مارس 2014)

المقدم من: فاطمة رزفانوفيتش وروفجدا رزفانوفيتش (يمثلهما محامٍ من منظمة مناهضة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبتا البلاغ وقريبهما المفقود منسود رزفانوفيتش

الدولة الطرف: البوسنة والهرسك

تاريخ تقديم البلاغ: 15 أيلول/سبتمبر 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97، المحال إلى الدولة الطرف في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، و24 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، و29 كانون الأول/ديسمبر 2009، و1 حزيران/يونيه 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 21 آذار/مارس 2014

الموضوع: الاختفاء القسري وسبيل الانتصاف الفعال

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة، وحظر التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة، وحرية الأشخاص وسلامتهم، والحق في معاملة إنسانية تحفظ الكرامة، والاعتراف بالشخصية القانونية، والحق في سبيل انتصاف فعال

المسائل الإجرائية: عدم كفاية الأدلة

مواد العهد: 6 و9 و10 و16، مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2؛ والمادة 7 مقروءةً منفردةً وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2؛ والمادة 26، والفقرة 1 من المادة 2

مواد البروتوكول الاختياري: -

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 110)

بشأن

البلاغ رقم 1997/2010 *

المقدم من: فاطمة رزفانوفيتش ( ) وروفجدا رزفانوفيتش (يمثلهما محامٍ من منظمة مناهضة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبتا البلاغ وقريبهما المفقود منسود رزفانوفيتش

الدولة الطرف: البوسنة والهرسك

تاريخ تقديم البلاغ: 15 أيلول/سبتمبر 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 آذار/مارس 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1997/2010، المقدم إليها من فاطمة رزفانوفيتش وروفجدا رزفانوفيتش بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحتها لها صاحبتا البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبتا البلاغ هما فاطمة رزفانوفيتش، وهي مواطنة بوسنية من مواليد 28 آب/أغسطس 1929، وروفجدا رزفانوفيتش، وهي مواطنة بوسنية من مواليد 18 آب/أغسطس 1952. وهما تقدمان البلاغ باسمهما وباسم منسود رزفانوفيتش (ابن فاطمة رزفانوفيتش وزوج روفجدا رزفانوفيتش)، الذي هو ضحية الاختفاء القسري الذي حدث في تموز/يوليه 1992، ولا يزال مصيره ومكان وجوده مجهولين. وكان منسود رزفانوفيتش، في وقت الأحداث التي أدت إلى اختفائه القسري، يعمل كساعي بريد ويقيم في قرية رزفانوفيتشي، وهو أب لطفلين. وتدعي صاحبتا البلاغ حدوث انتهاك للمواد 6 و7 و9 و10 و16، مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فيما يتصل بمنسود رزفانوفيتش. كما تدعيان أنهما ضحية انتهاك البوسنة والهرسك ( ) للمادة 7، مقروءةً بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 2 والمادة 26 من العهد. وتمثل منظمة مناهضة الإفلات من العقاب صاحبتي البلاغ.

الوقائع كما قدمتها صاحبتا البلاغ

2-1 بعد إعلان الاستقلال في البوسنة والهرسك في آذار/مارس 1992، اندلع نزاع مسلح. وكانت الأطراف المحلية الرئيسية في النزاع هي جيش جمهورية البوسنة والهرسك، المشكّل أساساً من البوشناق ( ) والموالي للسلطات المركزية، وجيش جمهورية صربسكا، ومجلس دفاع كرواتيا، المشكّل أساساً من الكروات ( ) .

2-2 وفي 20 تموز/يوليه 1992، حاصر أفراد قوات جيش جمهورية صربسكا والجماعات شبه العسكرية قرية رزفانوفيتشي، واعتقلت العديد من المدنيين، منهم منسود رزفانوفيتش الذي كان في بيته مع زوجته وأبنائه. وقد وقعت هذه الحادثة في السياق العام "لعمليات التطهير العرقي" التي ارتُكبت في المنطقة. وذكر شهود عيان أن منسود رزفانوفيتش اقتيد، مع رجال آخرين، إلى مدرسة ونقل منها إلى معسكر اعتقال كيراتيرم. وتشير التقارير إلى أن منسود رزفانوفيتش والرجال الآخرين كانوا يعيشون في ظروف لاإنسانية في معكسر كيراتيرم، وتعرضوا بشكل متكرار للضرب وإساءة المعاملة. وقد شاهد شهود عيان منسود رزفانوفيتش حياً لآخر مرة في ظروف مهددة للحياة في أيدي حراس المعسكر الذين كانوا يقتادونه هو والرجال الآخرين، وفقاً للادعاءات، إلى مكان مجهول للقيام بعمل قسري ( ) . ولا يزال مصير منسود رزفانوفيتش ومكان وجوده مجهولين.

2-3 وانتهى النزاع المسلح في كانون الأول/ديسمبر 1995 عندما دخل الاتفاق الإطاري العام للسلام في البوسنة والهرسك (يُشار إليه فيما يلي باسم "اتفاق دايتون") حيز النفاذ ( ) .

2-4 ورغم مرور أكثر من 18 سنة على اختفاء منسود رزفانوفيتش، لم تجر سلطات البوسنة والهرسك أي تحقيق رسمي وفوري ونزيه وشامل ومستقل وفعال. ورغم وجود أدلة على أن المسؤولين عن اعتقال منسود رزفانوفيتش واختفائه القسري أعضاء في جيش جمهورية صربسكا، لم يجر استدعاء أحد أو اتهامه أو إدانته بشأن هذه الجرائم، مما يشجع استمرار مناخ الإفلات من العقاب.

2-5 وبعد أربعة أيام من اعتقال منسود رزفانوفيتش، اقتاد جنود جيش جمهورية صربسكا زوجته، روفجدا رزفانوفيتش، وأبناءه إلى معسكر اعتقال في ترنوبوليي ثم إلى ترافنيك التي مكثوا بها أسبوعين ثم توجهوا منها إلى بوسوسيي. وفي 25 آب/أغسطس 1992، توجهت روفجدا رزفانوفيتش وأبناؤها، بصحبة شقيق زوجها، إلى سييرننغ، بالنمسا. ولم يكن لدى روفجدا رزفانوفيتش أي معلومات طوال هذه الفترة عما حدث لفاطمة رزفانوفيتش، وقد التقتا مرة أخرى في نهاية الأمر في سييرننغ ( ) .

2-6 وباشرت فاطمة وروفجدا رزفانوفيتش معاً إجراءات للبحث عن منسود رزفانوفيتش، حيث أبلغتا بلدية سييرننغ عن اختفائه القسري ( ) ؛ وقامتا بزيارات شهرية إلى مكتب الصليب الأحمر في سييرننغ؛ ووجهتا رسائل وطلبات تعقب من خلال الصليب الأحمر النمساوي والمكتب المعني بالأشخاص المحظورين واللاجئين في زغرب؛ وأرسلتا معلومات إلى المقر الرئيسي للجنة الدولية للصليب الأحمر وإلى مجلة بوسنية توزع بين البوسنيين المقيمين خارج البلد ( ) . وبعد عودة صاحبتي البلاغ إلى قرية رزفانوفيتشي ( ) ، أبلغتا المنظمات الدولية الموجودة في البوسنة والهرسك (وهما: اللجنة الدولية المعنية بالمفقودين واللجنة الدولية للصليب الأحمر) بالاختفاء القسري لمنسود رزفانوفيتش، وأبلغت بذلك أيضاً الكيانات المعنية بالمفقودين (مثل الصليب الأحمر الأسترالي، واللجنة الاتحادية المعنية بالمفقودين، والمعهد المعني بالمفقودين، وفريق العمل التابع لجمهورية صربسكا المعني باقتفاء أثر المفقودين). وقدم كل من فاطمة وأبناء منسود رزفانوفيتش عينات من حمض DNA إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتيسير إمكانية التعرف على رفاته. ولا يزال منسود رزفانوفيتش مسجلاً في قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر باعتباره "شخصاً لا يُعرف مصيره".

2-7 وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، تلقت روفجدا رزفانوفيتش قراراً من المحكمة البلدية في برييدور يعلن وفاة منسود رزفانوفيتش في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، وهو "اليوم الأول بعد مرور عام على انتهاء أعمال القتال". وتشير صاحبتا البلاغ إلى أنهما ترددتا بشدة في استخدام القرار قبل التيقن من مصير منسود رزفانوفيتش ومكان وجوده؛ ولكن كان من الضروري لهما الحصول على معاش شهري، ولم تكن المحاكم البلدية تقدم إعانات اجتماعية لأقارب المفقودين إلا بعد تقديم شهادة وفاة. وترى صاحبتا البلاغ أن ذلك الإجراء المؤلم يصل إلى درجة معاملة "الاختفاء القسري" باعتباره "وفاة مباشرة"، وإن كان لا يُعرف على وجه اليقين مصير ومكان وجود الشخص المختفي. وفي شباط/فبراير 2009، أصدرت الدائرة الإدارية بالإدارة المعنية بقدامى المحاربين وحماية المفقودين في برييدور قراراً بمنح صاحبتي البلاغ الحق في الحصول على معاش شهري ( ) اعتباراً من 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2007. ويأخذ ذلك المعاش شكل المساعدة الاجتماعية ولا يمكن اعتباره إجراءً كافياً للتعويض عن الانتهاكات التي حدثت.

2-8 وفي أيار/مايو 2006، قدمت فاطمة رزفانوفيتش طلباً إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للمحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك. وأرفقت المحكمة هذا الطلب بالطلبات المقدمة من الأعضاء الآخرين في رابطة إزفور لأقارب المفقودين. وفي 16 تموز/يوليه 2007، اعتمدت المحكمة الدستورية قراراً بإعفاء طالبي هذا الإجراء الجماعي من شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية أمام المحاكم العادية، إذ لا يبدو أن "أية مؤسسة متخصصة معنية بالاختفاء القسري في البوسنة والهرسك تعمل بصورة فعالة" ( ) . وتبين للمحكمة أيضاً حدوث انتهاك للمادتين 3 و8 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، نظراً إلى عدم وجود معلومات عن مصير الأقارب المفقودين لمقدمي الطلبات، ومنهم منسود رزفانوفيتش. وأمرت المحكمة السلطات المعنية في البوسنة والهرسك بتقديم "جميع المعلومات الميسورة والمتاحة عن المفقودين أثناء الحرب من أفراد أسر مقدمي الطلبات، [...] على نحو عاجل ودون مزيد من التأخر وقبل انقضاء 30 يوماً من تاريخ تلقي القرار". ولم تتخذ المحكمة الدستورية أي قرار بشأن مسألة التعويض، إذ رأت أن هذه المسألة مدرجة في الأحكام الخاصة بالدعم المالي، الواردة في القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين، وأنها تتعلق بإنشاء صندوق لدعم أسر المفقودين. ورغم ذلك، تحتج صاحبتا البلاغ بأن هذه الأحكام المتعلقة بالدعم المالي لم تُنفذ وبأن الصندوق لم يُنشأ بعد.

2-9 وفي آذار/مارس 2008، تلقت فاطمة رزفانوفيتش رسالة مؤرخة 27 كانون الأول/ديسمبر 2007 من المكتب المعني باقتفاء أثر المحتجزين والمفقودين، التابع لحكومة جمهورية صربسكا، تفيدها بأن منسود رزفانوفيتش سُجل كشخص مفقود لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الاتحادية للمفقودين، وبأن المكتب ملتزم بتسوية مسألة الأشخاص المفقودين في أقرب وقت ممكن. وكانت هذه الرسالة آخر ما تلقته فاطمة رزفانوفيتش من "السلطات المعنية" في سياق تنفيذ قرار المحكمة الدستورية. وانقضى أجل المهلة التي حددها قرار المحكمة الدستورية، وهو 16 تموز/يوليه 2007، دون أن تتلقى المحكمة أو صاحبتا البلاغ معلومات ذات صلة عن مصير منسود رزفانوفيتش أو مكان وجوده.

2-10 وفي 13 أيار/مايو 2009، قدمت فاطمة رزفانوفيتش طلباً للحصول على تعويض بموجب القانون المتعلق بالحق في التعويض عن الضرر المالي والمعنوي الناجم عن أعمال الحرب التي اندلعت في الفترة من 20 أيار/مايو 1992 إلى 19 حزيران/يونيه 1996. وفي 23 أيلول/ سبتمبر 2010، رفض مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا طلبها ( ) ، واحتج بعدم اختصاصه باتخاذ قرار بشأن ادعائها الذي لم يُشر إلى الضرر الذي ترتب على أنشطة الخدمة العسكرية والدفاع العسكري. وفي 28 أيلول/سبتمبر 2010، طعنت فاطمة رزفانوفيتش في القرار أمام وزارة العدل في جمهورية صربسكا. ولم يُتخذ أي قرار حتى تاريخ تقديم هذه الشكوى.

2-11 وفي 19 تموز/يوليه 2010، وجهت فاطمة رزفانوفيتش رسالة أخرى إلى فريق العمل التابع لجمهورية صربسكا المعني باقتفاء أثر المفقودين، التمست فيها معلومات إضافية عن التدابير المتخذة لتنفيذ قرار المحكمة الدستورية الصادر في 16 تموز/يوليه 2007. وفي 23 تموز/يوليه 2010، تلقت رداً يفيد بأن مسؤولية تقديم المعلومات تقع على عاتق المعهد المعني بالمفقودين. وفي 13 نيسان/أبريل 2011، اتصلت فاطمة رزفانوفيتش بالمحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك، مبينةً أن القرار الصادر في 16 تموز/يوليه 2007 لم يُنفذ، وطلبت إلى المحكمة إصدار حكم بموجب المادة 74-6 من قواعدها الإجرائية ( ) . ولم تقدم المحكمة رداً حتى وقت تقديم البلاغ إلى اللجنة.

2-12 وفي 16 أيلول/سبتمبر 2010، تلقت فاطمة رزفانوفيتش رسالة من المعهد المعني بالمفقودين تفيدها بأنه تعذر، حتى ذلك الوقت، تحديد مصير منسود رزفانوفيتش، وأن مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك أتمَّ النظر في طلب فتح عدد من القبور الجماعية في بلدية برييدو، وبأنه من المتوقع صدور أمر قضائي في هذا الصدد. وأخيراً، أشار المعهد، إلى أنه سيبلغها، بعد تلقيه تحليل حمض DNA الخاص بابنها، بعملية التحديد النهائي لرفات منسود رزفانوفيتش وسيسلمها رفاته لدفنها.

2-13 وتشير صاحبتا البلاغ إلى ما خلُصت إليه المحكمة الدستورية من نتائج تفيد بأنه، في الوقت الراهن "لا تحقق الإحالة إلى المحاكم العادية للبوسنة والهرسك أية نتيجة" وبأنه لا توجد مؤسسة متخصصة معنية بالأشخاص المفقودين في البوسنة والهرسك تعمل بصورة فعالة. ومن ثم، رأت المحكمة الدستورية أن فاطمة رزفانوفيتش ومقدمي الطلبات الآخرين "ليس أمامهم سبيل انتصاف فعال وكافٍ لحماية حقوقهم". وامتثالاً للمادة 6(4) من دستور البوسنة والهرسك، يجب اعتبار الحكم الصادر في 16 تموز/يوليه 2007 نهائياً ومُلزِماً، ولا يوجد أي سبيل انتصاف فعال آخر لصاحبتي البلاغ لاستنفاده. وفيما يتعلق بالاختصاص الزمني للجنة، تشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية للمحاكم الوطنية والدولية ولآليات حقوق الإنسان، وكذلك إلى أحكام المعاهدات الدولية التي تبين الطبيعة المستمرة أو الدائمة لحوادث الاختفاء القسري ( ) . وفي سياق القضية الراهنة، حُرم منسود رزفانوفيتش تعسفاً من حريته في 20 تموز/يوليه 1992، وتواصلت منذ ذلك الحين انتهاكات حقوقه وحقوق صاحبتي البلاغ.

الشكوى

3-1 فيما يتعلق بمقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الزمني، تشير صاحبتا البلاغ إلى أنه، رغم وقوع الأحداث قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، تمثل حوادث الاختفاء القسري للأشخاص، في ذاتها، انتهاكاً مستمراً لعدد من حقوق الإنسان. وفي قضية صاحبتي البلاغ، فإن عدم توافر معلومات عن أسباب وظروف اختفاء منسود رزفانوفيتش، وعن سير ونتائج التحقيقات التي تجريها سلطات البوسنة والهرسك، استمر بعد دخول البروتوكول حيز النفاذ. وفي هذا الصدد، تشير صاحبتا البلاغ إلى أن تقاعس سلطات البوسنة والهرسك المستمر في إجراء تحقيق رسمي وفوري ونزيه وشامل ومستقل في حرمان منسود رزفانوفيتش من حريته بشكل تعسفي وإساءة معاملته واختفائه القسري، وفي مقاضاة ومعاقبة المسؤولين عن ذلك، وعدم تنفيذ الدولة الطرف لقرار المحكمة الدستورية الصادر في تموز/يوليه 2007، يصل إلى درجة انتهاك المواد 6 و7 و9 و10 و16، مقترنةً بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فيما يتصل بحق منسود رزفانوفيتش.

3-2 وترى صاحبتا البلاغ أن مسؤولية كشف مصير منسود رزفانوفيتش تقع على عاتق الدولة الطرف، وهما تشيران إلى تقرير للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي ينص على أن المسؤولية الأولى عن القيام بهذه المهام تقع على عاتق السلطات التي يندرج ضمن ولايتها القضائية الوجود المشتبه لمقبرة جماعية ( ) . وتدفع صاحبتا البلاغ أيضاً بأن على الدولة الطرف التزاماً بإجراء تحقيق عاجل ونزيه وشامل ومستقل في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كحالات الاختفاء القسري، أو التعذيب، أو القتل التعسفي. وبصورة عامة، ينطبق أيضاً الالتزام بإجراء تحقيق على حالات القتل أو غير ذلك من الأعمال التي تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان ولا تُعزى إلى الدولة. وفي هذه الحالات، فإن الالتزام بإجراء تحقيق ينشأ من واجب الدولة بحماية جميع الأفراد الخاضعين لولايتها القضائية من أية أعمال يرتكبها أشخاص أو مجموعات من الأشخاص ويمكن أن تُعيق تمتعهم بحقوق الإنسان المكفولة لهم ( ) .

3-3 وفيما يتعلق بالمادة 6، تشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة، التي تفيد بأنّ على الدولة الطرف واجباً أساسياً باتخاذ التدابير الملائمة لحماية حياة الأشخاص ( ) . وفي حالات الاختفاء القسري، يقع على الدولة الطرف التزام بإجراء تحقيق وتقديم الجناة إلى العدالة. وترى صاحبتا البلاغ أن عدم قيام الدولة الطرف بذلك في هذه القضية يصل إلى درجة انتهاك حق منسود رزفانوفيتش في الحياة، بما يخالف المادة 6، مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وفي هذه القضية، احتُجز منسود رزفانوفيتش بصورة غير شرعية وظل مجهول المصير منذ 20 تموز/يوليه 1992. ورغم الجهود العديدة التي بذلتها صاحبتا البلاغ، لم يجر أي تحقيق رسمي وفوري ونزيه وشامل ومستقل، ولا يزال مصير الضحية ومكان وجوده مجهولين.

3-4 وتدفع صاحبتا البلاغ كذلك بأن منسود رزفانوفيتش احتُجز بصورة غير شرعية من جانب أعضاء جيش جمهورية صربسكا إلى أجل غير مُسمى دون أي اتصال له بالعالم الخارجي، مع تكرر إساءة معاملته وإخضاعه للعمل القسري. وفي هذا الصدد، ترى صاحبتا البلاغ أن واقعة مشاهدة منسود رزفانوفيتش لآخر مرة في معسكر كيراتيرم وهو في قبضة عملاء من المعروف ضلوعهم في ارتكاب عدة أعمال أخرى من أعمال التعذيب والقتل التعسفي، إنما تدل على تعرُّضه الفعلي والشديد لانتهاك حقوقه بموجب المادة 7 من العهد. وتشير صاحبتا البلاغ كذلك إلى السوابق القضائية للجنة، التي تفيد بأن الاختفاء القسري في حد ذاته يمثل شكلاً من أشكال التعذيب ( ) لم تجر الدولة الطرف أي تحقيق بشأنه في إطار القضية المعروضة لتحديد المسؤولين ومحاكمتهم ومعاقبتهم. وترى صاحبتا البلاغ أن ذلك يشكل انتهاكاً للمادة 7 مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فيما يتصل بحق منسود رزفانوفيتش .

3-5 وتحتج صاحبتا البلاغ أيضاً بأن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بشأن اعتقال منسود رزفانوفيتش دون أمر اعتقال، وبشأن نقله إلى معسكر اعتقال كيراتيرم على أيدي أفراد من جيش جمهورية صربسكا. وتشير صاحبتا البلاغ أيضاً إلى أن احتجاز منسود رزفانوفيتش لم يُسجل في أي سجلات رسمية أو إجراءات أمام أي محكمة للطعن في شرعيته. ونظراً إلى عدم تقديم أي توضيح من جانب الدولة الطرف وعدم بذل أي جهود لبيان مصير منسود رزفانوفيتش، ترى صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 9 مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من المعهد.

3-6 وقد احتُجز منسود رزفانوفيتش في معسكر اعتقال كيراتيرم دون إمكانية الاتصال بالعالم الخارجي. وتشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، التي وصفت أوضاع الاحتجاز في المعسكر بأنها لا إنسانية ومهينة ( ) . وتذكّر صاحبتا البلاغ أيضاً بأن شهود عيان شاهدوا منسود رزفانوفيتش تُساء معاملته ( ) . وتشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة، التي أقرت فيها أن الاختفاء القسري نفسه يشكل انتهاكاً للمادة 10 من العهد ( ) . وترى صاحبتا البلاغ أن عدم إجراء الدولة الطرف تحقيقاً فيما تعرض له الضحية أثناء الاحتجاز من تعذيب ومعاملة لا إنسانية ومهينة يصل إلى انتهاك المادة 10 مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فيما يتصل بحق منسود رزفانوفيتش .

3-7 وتشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة، التي أقرت فيها أن الاختفاء القسري يمكن أن يشكل إنكاراً للشخصية القانونية للضحية إذا كان الشخص في عهدة سلطات الدولة الطرف عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت هناك إعاقة منتظمة لجهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سُبُل ( ) انتصاف فعالة. وقد أُعيقت الجهود المستمرة التي بذلتها صاحبتا البلاغ، منذ اختفاء منسود رزفانوفيتش ، لكشف مصيره وللوصول إلى سبل انتصاف فعالة ممكنة. لذلك، ترى صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف مسؤولة عن الانتهاك المستمر للمادة 16، مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فيما يتصل بحق منسود رزفانوفيتش .

3-8 وتدعي صاحبتا البلاغ أيضاً، أنهما وقعتا ضحية انتهاك البوسنة والهرسك للمادة 7، مقروءةً بمفردها أو بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، لما لحق بهما من ضيق وكرب نفسيين شديدين من جراء ما يلي: (أ) اختفاء منسود رزفانوفيتش؛ (ب) اشتراط إعلان وفاته للحصول على معاش؛ (ج) الغموض المستمر الذي يكتنف مصيره ومكان وجوده؛ (د) عدم التحقيق وعدم كفالة سبيل انتصاف فعال؛ ( ) عدم الاهتمام بقضيتهما على النحو الذي تجلى، مثلاً، في استخدام رسائل نمطية للرد على طلباتهما المتكررة للحصول على معلومات، وهي طلبات لم تلب بعد؛ (و) عدم تنفيذ أحكام مختلفة من القانون المتعلق بالمفقودين، منها الأحكام ذات الصلة بإنشاء صندوق لدعم أسر الأشخاص المفقودين؛ (ز) عدم تنفيذ الدولة الطرف لحكم المحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك ( ) . لذلك، ترى صاحبتا البلاغ أنهما وقعتا ضحية انتهاك منفصل للمادة 7، مقروءةً بمفردها و بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-9 وترى صاحبتا البلاغ أيضاً أن تسليط أعباء إجرائية معينة على ضحايا الحرب المدنيين لكي يحصلوا على تعويضات معنوية، بالمقارنة مع قدامى محاربي جيش جمهورية صربسكا، يصل إلى حد التمييز الذي ينتهك الفقرة 1 من المادة 2، والمادة 26 من العهد. ووفقاً لذلك، ترى صاحبتا البلاغ أن رفض مطالبتهما بالحصول على تعويض معنوي بموجب القانون المتعلق بالتعويض عن الأضرار المالية والمعنوية المترتبة على أعمال الحرب في الفترة من 20 أيار/مايو 1992 إلى 19 حزيران/يونيه 1996، على اعتبار أن منسود رزفانوفيتش كان ضحية مدنية للحرب، لا يستند إلى أحكام القانون ذي الصلة، وإنما يستند إلى تفسير من جانب مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا لأحكام القانون. وترى صاحبتا البلاغ أن ذلك التفسير يصل إلى درجة التمييز الذي ينتهك حقهما في سبيل انتصاف فعال وفي تعويض وجبر منصفين ومناسبين عما لحق بهما من ضرر.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظات في نيسان/أبريل 2011. وفيما يتعلق بالإطار العام، تشير الدولة الطرف إلى أنه، في فترة ما بعد الحرب، بعد عام 1996، قدم مواطنون عدداً كبيراً من طلبات الحصول على تعويض عن الضرر المعنوي إلى محاكم جمهورية صربسكا التي أصدرت عدداً كبيراً من الأحكام النهائية التي تأمر بدفع تعويضات خلال مهلة قصيرة ودون تمييز. ولتجنب عدم الوفاء بالالتزامات المالية المدرجة في ميزانية جمهورية صربسكا والتأثير على أداء الميزانية، اعتُمد في 15 تموز/يوليه 2004 القانون المتعلق بتحديد الدين الداخلي لجمهورية صربسكا وطريقة تسويته، وهو القانون الذي نص على تسوية التعويضات المالية والمعنوية المترتبة على الحرب بإصدار جمهورية صربسكا سندات "ذات أجل استحقاق مدته 14 سنة". ويُدفع التعويض على 10 أقساط خلال فترة تتراوح بين 9 سنوات و14 سنة بعد صدور القرار. وتشير الدولة الطرف إلى أن جمهورية صربسكا، لغرض التعامل بكفاءة مع تلك الأضرار، سنّت قانوناً خاصاً بشأن التعويض عن الأضرار المالية والمعنوية في محاولة لتخفيف عبء قضايا التعويض عن الأضرار الملقى على عاتق المحاكم في جمهورية صربسكا، وللوصول إلى تسوية خارج نطاق القضاء بعد الاتفاق مع الطرف المتضرر.

4-2 وفيما يتعلق بوضع صاحبتي البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أن فاطمة رزفانوفيتش قدمت، في 13 أيار/مايو 2009، طلباً إلى مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا للحصول على تعويض. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن الفقرة 2 من المادة 8 من القانون المتعلق بالتعويض عن الضرر المالي والمعنوي المترتب على أعمال الحرب خلال الفترة من 20 أيار/ مايو 1992 إلى 19 حزيران/يونيه 1996، تنص على الحق في التوصل إلى تسوية خارج نطاق القضاء بشأن الضرر المالي والمعنوي الذي وقع خلال الحرب للأشخاص الذين وردت طلباتهم بعد 19 حزيران/يونيه 2001، والذين نجم الضرر الذي لحق بهم "أثناء أداء الواجب العسكري والدفاع عن البلد". وترى الدولة الطرف أنه، نظراً إلى أن منسود رزفانوفيتش اختفى بوصفه ضحية مدنية للحرب لا بوصفه موظفاً عسكرياً، فليس من اختصاص مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا التوصل إلى تسوية خارج نطاق القضاء من أجل تعويض فاطمة رزفانوفيتش، وترى أيضاً أن فاطمة رزفانوفيتش أُخطرت بهذا الوضع كتابةً. وترى الدولة الطرف أيضاً أن فاطمة رزفانوفيتش ينبغي أن تلتمس التعويض من خلال إجراء مدني أمام محكمة مختصة.

تعليقات صاحبتي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 قدمت صاحبتا البلاغ تعليقاتهما في 12 أيار/مايو 2011، وهما تشيران إلى التعليق العام للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي رقم 9(2010) بشأن الاختفاء القسري بوصفه جريمة مستمرة ( ) . وترى صاحبتا البلاغ أن ملاحظات الدولة الطرف تقيم الدليل على أن منسود رزفانوفيتش لا يزال مسجلاً كشخص "مفقود لا يُعرف مصيره"، وتفيد اللجنة بعدم العثور على معلومات مطابقة من خلال أداة التقصي الإلكترونية التي أنشأتها اللجنة الدولية المعنية بالمفقودين. لذلك، لا تزال عملية اقتفاء الأثر مفتوحة تحت مسؤولية سلطات البوسنة والهرسك.

5-2 وترى صاحبتا البلاغ أن ملاحظات الدولة الطرف لا تطعن في الادعاءات التي قدمتاها، ولا تشير إلى أي تحقيق جارٍ لتحديد المسؤولين عن معرفة مصير منسود رزفانوفيتش ومكان وجوده، أو التدابير المتخذة لهذا الغرض. وتشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة، التي تدعو، في مثل هذه الظروف، إلى إيلاء الاهتمام الواجب لادعاءات أصحاب البلاغات ( ) . وترى صاحبتا البلاغ أن صمت الدولة الطرف يؤكد فقط أن سلطات البوسنة والهرسك لم تفِ بالتزامها بالتحقيق مع المسؤولين عن عمليات الاختفاء القسري ومحاكمتهم ومعاقبتهم. وتشير صاحبتا البلاغ أيضاً إلى أن المعهد المعني بالمفقودين ل م يتصل بهما، وتعتبران ذلك الصمت مظهراً آخر من مظاهر انعدام الاتصال بين سلطات الدولة الطرف وأقارب المفقودين.

5-3 وتكرر صاحبتا البلاغ مطالبتهما بمعرفة هوية الجناة، ومصير منسود رزفانوفيتش ومكان وجوده، والتقدم المحرز في البحث ونتائجه. كما تطلبان أن تكونا على اتصال وثيق بسير الإجراءات التي تتخذها السلطات المعنية في الدولة الطرف. وفي هذا الصدد، تشير صاحبتا البلاغ إلى التعليق العام للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي رقم 10(2010) بشأن الحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالاختفاء القسري، وهو التعليق الذي يؤكد أن مشاركة أقارب الضحية في التحقيق جزء من حقهم في معرفة الحقيقة (الفقرة 3) ( ) .

5-4 وتشير صاحبتا البلاغ إلى أن قضيتهما يجب النظر فيها في إطار الوضع العام للإفلات من العقاب عن جرائم الحرب. فالعديد من العقبات تأخذ طابعاً عملياً، مثل محدودية الموارد اللازمة لإجراء التحقيقات، والافتقار إلى الخبرة الضرورية، وعدم حماية الشهود، وترى صاحبتا البلاغ أن هذا الوضع ينجم عن عدم رغبة الشرطة في إجراء تحقيقات، وعن عدم استفادة أجهزة التحقيق من مصادر الإثبات المتاحة ( ) .

5-5 وتحتج صاحبتا البلاغ أيضاً بأن ملاحظات الدولة الطرف تشير فحسب إلى مسألة طلب الحصول على تعويض معنوي، وهو الطلب الذي قدمته فاطمة رزفانوفيتش في 19 أيار/مايو 2009. وتشير صاحبتا البلاغ إلى أن الطعن الذي قدمته فاطمة رزفانوفيتش في 28 أيلول/سبتمبر 2010 في قرار مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا لم يُبت فيه حتى وقت تقديمهما هذا البلاغ.

5-6 وترى صاحبتا البلاغ أن رسالة مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا تؤكد وجود تمييز في التمتع بالحق في سبيل انتصاف فعال لضحايا الحرب المدنيين. ولا تطعن الدولة الطرف، في ملاحظاتها، في وجود هذا التمييز، ولا تقدم أي تعليق بشأن عدم حصول صاحبتي البلاغ على الانتصاف والجبر. وترى صاحبتا البلاغ أن ذلك الصمت يدعم حججهما بشأن هذه المسألة.

5-7 وتفيد صاحبتا البلاغ اللجنة بأن المحكمة الدستورية ردّت ، في 22 آذار/مارس 2011، على طلب فاطمة رزفانوفيتش إصدار حكم بشأن عدم تنفيذ قرار المحكمة الصادر في 16 تموز/يوليه 2007. وذكرت المحكمة، في تلك الرسالة، أنها أصدرت في 27 آذار/مارس 2009 معلومات بشأن إنفاذ قرارات المحكمة الدستورية الصادرة في الفترة من 1 كانون الثاني/يناير إلى 31 كانون الأول/ديسمبر 2008، وأن قرار المحكمة الصادر في 16 تموز/يوليه 2007 يعتبر نافذاً بناء على ذلك. وتحتج صاحبتا البلاغ بأنهما انتظرتا عامين لتلقي معلومات عن القرار، وأن اعتماد هذا القرار لا يعكس الواقع، إذ لم يُنشأ الصندوق بعد، ولم تُقدم معلومات بشأن مصير منسود رزفانوفيتش ومكان وجوده. وترى صاحبتا البلاغ أن القرار يعكس المشكلة العامة المتمثلة في عدم تنفيذ قرارات المحكمة الدستورية، وأنه دليل آخر على لا مبالاه سلطات البوسنة والهرس ك.

الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

6-1 في 4 و17 آب/أغسطس 2011، قدمت الدولة الطرف مزيداً من المعلومات رداً على تعليقات صاحبتي البلاغ. ويرى مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا أنه غير مختص بالنظر في طلب صاحبتي البلاغ الحصول على تعويض، وأنه مسؤول فقط عن تمثيل وحماية مصالح جمهورية صربسكا المتعلقة بالملكية في الأمور المدنية، وأن مكتب النيابة هو المختص بالأمور الجنائية. لذلك تحتج الدولة الطرف بأن قرار رفض مطالبة صاحبتي البلاغ اعتُمد بسبب عدم الاختصاص. كما أنه بالنظر إلى أن القانون المتعلق بالتعويض عن الأضرار المالية والمعنوية التي حدثت أثناء الحرب ليس التشريع الوحيد ذا الصلة، وإلى أن هناك إجراءات أخرى يمكن لصاحبتي البلاغ أن تمارسا من خلالها حقهما في الحصول على تعويض، ترى الدولة الطرف أن صاحبتي البلاغ لم تقدما أدلة كافية تثبت ادعاءهما المتعلق بالطابع التمييزي للقرار المعني.

6-2 وتشير الدولة الطرف إلى بذل جهود كبيرة لتحسين عملية اقتفاء أثر المفقودين، لا سيما باعتماد قانون عام 2004 المتعلق بالأشخاص المفقودين، وبإنشاء حكومة جمهورية صربسكا لفريق عمل معني باقتفاء أثر المفقودين.

6 -3 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى إحراز قدر كبير من النجاح في السعي إلى معرفة أماكن وجود المفقودين أو مصيرهم. فخلال فترة الحرب، فُقد نحو 000 30 شخص، أُخرجت جُثث أكثر من 000 20 شخص منهم وحُدِّدت هوية أكثر من 000 18 شخص من هؤلاء. واتخذ المعهد المعني بالمفقودين، منذ إنشائه، تدابير لزيادة سرعة وكفاءة عملية البحث، وشَمِل ذلك إنشاء مكاتب إقليمية ووحدات تنظيمية. وفي وقت تقديم هذا البلاغ، كان قد تم إخراج أكثر من 769 جُثة، ولا تزال عمليات إخراج جُثث أخرى مُعلقة، ولا يزال 800 شخص مفقودين في بلدية برييدور، منهم منسود رزفانوفيتش.

6-4 وترى الدولة الطرف أن أفراد الأسر لا يُبلَّغون عادةً بعمليات إخراج الجُثث وفحص حمض DNA لتجنيبهم مزيداً من الصدمات النفسية. ورغم ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أنها أبلغت فاطمة رزفانوفيتش، في 16 أيلول/سبتمبر 2010، بأن عمليات إخراج الجُثث في بلدية برييدور مُعلقة، وأنها ستُخطرها في حال إجرائها عملية التحديد الأولي لرفات ابنها عن طريق تحليل حمض DNA.

التعليقات الإضافية لصاحبتي البلاغ

7-1 في 15 أيلول/سبتمبر 2011، أرسلت صاحبتا البلاغ تعليقات إضافية أشارتا فيها إلى أن ردّ الدولة الطرف لا يقدم أية معلومات جديدة فيما يتعلق بالاختفاء القسري لمنسود رزفانوفيتش، وإلى أن الدولة الطرف لم تتناول عدداً من المسائل التي أثارتها صاحبتا البلاغ. لذلك، تُكرر صاحبتا البلاغ ملاحظاتهما السابقة.

7-2 وتُفيد صاحبتا البلاغ اللجنة أيضاً بأن وزارة العدل في جمهورية صربسكا أصدرت، في 1 نيسان/أبريل 2011، قراراً برفض طعن فاطمة رزفانوفيتش في قرار مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا المتعلق بمطالبتها بتعويض معنوي، ودعت وزارة العدل فاطمة رزفانوفيتش إلى اللجوء إلى المحاكم العادية. وتحتج صاحبتا البلاغ بأن الإطار القانوني القائم لا يسمح لأقارب منسود رزفانوفيتش، بوصفه مدنياً، بالحصول على تعويض عن الأضرار المعنوية على النحو المتبع مع أقارب المحاربين. وعلاوة على ذلك، ترى صاحبتا البلاغ أن المحاكم العادية اعتادت على رفض طلبات التعويض المعنوي عن الأضرار التي نجمت عن الحرب، إذ تطبِّق هذه المحاكم نظام سقوط الدعوى بعد مرور ثلاث سنوات بالنسبة للشخص وخمس سنوات بالنسبة للموضوع. لذلك تحتج صاحبتا البلاغ بعدم وجود سبيل انتصاف فعال أمامهما.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8 -2 وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية وأن صاحبتي البلاغ قد استنفدتا جمي ع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

8-3 وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ وأن ادعاءات صاحبتي البلاغ شُفعت بأدلة كافية لأغراض المقبولية. وبما أن جميع معايير المقبولية قد استوفيت، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ. وتمضي من ثمَّ إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها الطرفان وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتدعي صاحبتا البلاغ أن منسود رزفانوفيتش وقع ضحية الاختفاء القسري وهو في قبضة جيش جمهورية صربسكا منذ اعتقاله غير القانوني في 20 تموز/يوليه 1992 وأنه على الرغم من جهودهما العديدة، لم يُجر تحقيق فوري ونزيه وشامل ومستقل لاستجلاء مصيره ومكان وجوده ولتقديم الجناة إلى العدالة. وفي ذلك السياق، تذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 31(2004) المتعلق بطبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، ومؤداه أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة وعن محاكمة مرتكبي انتهاكات معينة (لا سيما التعذيب وما يشابهه من معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة، والإعدامات بإجراءات موجزة وتعسفاً، والاختفاء القسري) يمكن أن يستتبع، في حد ذاته، خرقاً منفصلاً للعهد.

9-3 ولا تدعي صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الاختفاء القسري لقريبهما.

9-4 وتحيط اللجنة علماً بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف والتي تفيد ب أنها بذلت جهوداً كبيرة على المستوى العام في ضوء حدوث أكثر من 000 30 حالة اختفاء قسري أثناء النزاع. وفي هذه القضية بالخصوص، أكدت المحكمة الدستورية أن سلطات الدولة الطرف مسؤولة عن التحقيق في اختفاء قريب صاحبتي البلاغ (انظر الفقرة 2-8 أعلاه)؛ وأن آليات محلية أُنشئت للتعامل مع حالات الاختفاء القسري وغير ذلك من حالات جرائم الحرب (انظر الفقرة 4-2 أعلاه)؛ وأن عينات DNAالمأخوذة من عدد من الجثث المجهولة قد قورنت مع عينات DNA المأخوذة من أطفال فاطمة ومنسود رزفانوفيتش.

9-5 وتّذكِّر اللجنة بسوابقها القضائية التي أكدت فيها أن الالتزام بالتحقيق في ادعاءات الاختفاء القسري وبتقديم الجناة للعدالة ليس التزاماً بتحقيق نتيجة، وإنما بإتاحة السُبُل، وأن هذا الالتزام يجب تفسيره بطريقة لا تفرض على سلطات الدولة الطرف عبئاً مستحيلاً أو غير متناسب ( ) . ورغم ذلك، تشير اللجنة إلى أنه، حسب المعلومات المقدمة من صاحبتي البلاغ والدولة الطرف، لم تُتخذ أية إجراءات محددة للتحقيق في حرمان منسود رزفانوفيتش تعسفاً من حريته وإساءة معاملته واختفائه القسري ولتقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة. وتشير اللجنة أيضاً، في جملة أمور، إلى أن المحكمة الدستورية لم تستشر صاحبتي البلاغ عما إذا كان القرار الصادر في 16 تموز/يوليه 2007 جرى إنفاذه أم لا؛ وإلى أن صاحبتي البلاغ لم تُبلغا باعتماد المحكمة الدستورية للقرار الصادر في 27 آذار/مارس 2009، الذي ينص على أن القرار جرى إنفاذه؛ وإلى عدم تقديم معلومات بشأن مصير منسود رزفانوفيتش ومكان وجوده؛ وإلى أن صندوق دعم أُسر المفقودين لم يُنشأ بعد. وأخيراً، تشير اللجنة إلى أن المعلومات المحدودة التي تسنى للأسرة الحصول عليها خلال الإجراءات لم تُقدَّم إليها إلا بناءً على طلبها أو بعد فترات تأخير طويلة، وهو أمر لم تنفه الدولة الطرف. وترى اللجنة أن المعلومات المتعلقة بالتحقيق في حالات الاختفاء القسري يجب إتاحتها فوراً للأُسر ( ) . لذلك، تخلُص اللجنة إلى أن الحقائق المعروضة عليها، في هذه الظروف، تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و7 و9، بحق صاحبتي البلاغ وقريبهما المختفي.

9-6 وتشير اللجنة كذلك إلى أن الإعانة الاجتماعية المقدمة إلى صاحبتي البلاغ توقّفت على قبولهما الإقرار بوفاة قريبهما، دون التيقن من مصيره ومكان وجوده. وترى اللجنة أن إجبار أُسر الأشخاص المفقودين على إعلان وفاة الشخص للحصول على تعويض، رغم استمرار التحقيق، يربط تقديم التعويض بعملية ضارة، ويشكِّل معاملة لا إنسانية ومُهينة تنتهك المادة 7، مقروءة منفردة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، بحق صاحبتي البلاغ ( ) .

9-7 وفي ضوء الاستنتاجات المذكورة أعلاه، لن تبحث اللجنة بشكل مستقل ادعاءات صاحبتي البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادتين 10 و16 من العهد.

9-8 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 1 من المادة 2 وللفقرة 26 من العهد، تشير اللجنة إلى أن حُجة صاحبتي البلاغ بأن القانون المتعلق بالتعويض عن الأضرار المالية والمعنوية، الناجمة عن أعمال الحرب في الفترة من 20 أيار/مايو إلى 19 حزيران/يونيه 1996، والتعديلات اللاحقة المدخلة على هذا القانون، لا تستبعد المدنيين من الحق في الحصول على تعويض، وتشير أيضاً إلى أن الاستبعاد المشار إليه إنما هو نتيجة ل تفسير القانون من جانب مكتب المدعي العام، وهو استبعاد ينطوي على تمييز. وتلاحظ اللجنة كذلك ما ذكرته الدولة الطرف من أن عدم قابلية التشريع المذكور للتطبيق على المدنيين وأُسرهم إنما ينشأ عن الفقرة 2 من المادة 8 من القانون المذكور، وهي الفقرة التي تقصُر تطبيق القانون على الأضرار التي حدثت "أثناء أداء الواجب العسكري والدفاع عن البلد". وتحيط اللجنة علماً كذلك بحجة الدولة الطرف بأن هناك إجراءات أخرى متاحة لصاحبتي البلاغ لممارسة حقهما في التعويض، وبأن صاحبتي البلاغ لم تقدما أدلة كافية تدعَم ادعاءهما بأن القانون وتفسيره يأخذان طابعاً تمييزياً. وترى اللجنة، في غياب أي معلومات إضافية أمامها، أن المعلومات المتاحة لا تمكِّنها من إثبات حدوث انتهاك لحقوق صاحبتي البلاغ بموجب المادة 26 والفقرة 1 من المادة 2 من العهد.

9-9 وتُقرّ اللجنة أيضاً، وفقاً لأحدث معلومات قدمتها روفجدا رزفانوفيتش، بأن فاطمة رزفانوفيتش تُوفيت في 19 أيار/مايو 2013 دون إعمال حقها في معرفة الحقيقة وفي العدالة وفي الجبر عن الاختفاء القسري لابنها.

10- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحبتي البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقترنةً بالمواد 6 و7 و9 من العهد، فيما يتصل بحق صاحبتي البلاغ وقريبهما المختفي؛ والمادة 7، مقروءة منفردة، فيما يتصل بحق صاحبتي البلاغ.

11- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف مُلزَمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لروفجدا رزفانوفيتش وأسرتها، بما في ذلك: (أ) مواصلة جهودها لمعرفة مصير منسود رزفانوفيتش ومكان وجوده على النحو المنصوص عليه في القانون المتعلق بالمفقودين لعام 2004؛ (ب) مواصلة جهودها لتقديم المسؤولين عن اختفائه القسري للعدالة، والقيام بذلك بحلول نهاية عام 2015، على النحو الذي تشترطه الاستراتيجية الوطنية لجرائم الحرب؛ (ج ) ضمان تقديم تعويض ملائم. والدولة الطرف مُلزَمة أيضاً بأن تمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، وبأن تضمن، بشكل خاص، إمكانية إطلاع أُسر المفقودين على التحقيقات المتعلقة بادعاءات الاختفاء القسري لأقاربهم، وبأن توفر بالفعل لأقارب ضحايا الاختفاء القسري المزايا الاجتماعية وإجراءات الجبر دون الالتزام بالحصول على حكم من المحكمة البلدية يشهد على وفاة الضحية.

12- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد ، وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما تطلب من الدولة الطرف نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بجميع اللغات الرسمية الثلاث للدولة الطرف.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً أيضاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]

تذييل

رأي فردي لعضو اللجنة، جيرالد ل. نومان، تؤيده فيه عضو اللجنة آنيا زايبرت - فور (رأي مؤيد)

أكتُب هذا الرأي، بشكل مستقل، لأتناول مسألتين اختارت الأغلبية، لأسباب يمكن تبريرها، عدم تناولها. لقد طلبت صاحبتا البلاغ إلى اللجنة أيضاً أن تُثبت أن الدولة الطرف انتهكت واجبها بأن توفر سبيل انتصاف فعالاً نظراً إلى انتهاك المادتين 10 و16 من العهد. وأود أن أتناول تلك الادعاءات، وأن أُبيّن أنها لا سَنَد لها، لأسباب قانونية من المفيد توضيحها.

أولاً، كمسألة عامة:

رأت اللجنة مراراً وتكراراً أن عمليات الاختفاء القسري التي تقوم بها سلطات الدولة تؤدي إلى انتهاكات للمادة 10 التي تكفل المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم. غير أن التزامات الدولة بموجب المادة 10 تتعلق بأوضاع الاحتجاز الخاضع لسلطتها، لا بالأشكال غير القانونية للحرمان من الحرية التي تمارسها جهات أخرى ( ) . وتختلف المادة 10 في هذا الصدد عن المادة 7 التي تطالب الدول الأطراف بأن "تتخذ تدابير إيجابية لضمان عدم قيام أفراد أو كيانات خاصة بتعذيب غيرهم ممن يخضعون لسلطتهم أو معاملتهم معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة" ( ) . ولا يعني حدوث اختفاء قسري ضمناً أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادة 10، إذا لم يكن من الممكن أن يُعزى الاختفاء إلى الدولة.

وبالمثل، استنتجت اللجنة أن عمليات الاختفاء القسري التي تقوم بها سلطات الدولة قد تنتهك، في الظروف الواقعية المناسبة، المادة 16 التي تكفل حق الشخص في الاعتراف بشخصيته القانونية. ومن الصعب أن نرى كيف أن أطرافاً ليست من أجهزة أي دولة، تعمل دون تواطؤ مع تلك الدولة، يمكنها أن تنفي اعتراف تلك الدولة بالشخصية القانونية للضحية. ومن ثم، فإن حدوث الاختفاء القسري في إقليم الدولة لا يعني ضمناً أن الدولة انتهكت المادة 16، إذا لم يكن من الممكن أن يُعزى الاختفاء إلى الدولة.

وعودةً إلى هذه القضية، لا تدعي صاحبتا البلاغ أن الاختفاء القسري لمنسود رزفانوفيتش يمكن أن يُعزى إلى البوسنة والهرسك، وإنما إلى القوات المسلحة المناوئة لها. ويبدو أنهما تفترضان أنه نظراً إلى أن الفظائع التي تعرَّض لها منسود رزفانوفيتش يمكن أن تُوصَف بأنها اختفاء قسري، فكان ينبغي الاحتكام إلى المادتين 10 و16، مما يُضيف التزامات بتوفير سُبُل انتصاف فعالة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وكُنت أودُّ أن أُبيّن خطأ هذا التبرير. فبدون وجود أساس آخر يربط الدولة الطرف بالاختفاء، أرى أن صاحبتي البلاغ لم تُثبتا بالأدلة ادعاءاتهما بأن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 3 من المادة 2، مقترنةً بالمادة 10 أو المادة 16.

[ حُرر بالإنكليزية. وسيصدر لاحقاً أيضاً بالإسبانية والروسية والصينية والفرنسية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]