الأمم المتحدة

CCPR/C/116/D/2409/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

16 June 2016

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن البلاغ رقم 2409/ 2014 * **

المقدم من: عبد الغفور أبو بكر علي و مايول علي محمد (يمثلهما المجلس الدانمركي للاجئين)

الأشخاص المدعى أنه م ضح ا ي ا : صاحبا البلاغ وابناهما

الدولة الطرف: الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ : 28 أيار/مايو 2014 ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: ال قرار المتخذ بمقتضى المادة 97 من نظام اللجنة الداخلي، الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 2 حزيران / يونيه 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 29 آذار/مارس 2016

موضوع البلاغ : ال إبعاد من الدانمرك إلى إيطاليا

المسائل الإجرائية : لا شيء

المسائل الموضوعية : التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

مواد العهد: 7

مواد البروتوكول الاختياري : 2

1-1 صاحبا البلاغ هما عبد الغفور أبو بكر علي (و عمره وقت تقديم البلاغ 27 عاما ً) ومايول علي محمد (و عمره ا وقت تقديم البلاغ 24 عاماً )، وهما مواطنان صوماليان من مقديشو. ولهما ابنان اثنان: علي عبد الغفور أبو بكر (و عمره وقت تقديم البلاغ سنتان) وعبد الرحم ن عبد الغفور أبو بكر علي (وعمره وقت تقديم البلاغ ستة أشهر) ( ) . وقد تقرر إبعاد صاحب ي البلاغ وابنيهما إلى إيطاليا، بعد أن رفضت السلطات الد انمركية طلب منحهم صفة لاجئين في الدانمرك. ويد َّ عي صاحبا البلاغ أن الدانمرك بإقدامها على ترحيلهما و ابني هما قسرا ً إلى إيطاليا ستنتهك حقوقهم التي تكفلها المادة 7 من العهد. ويمثل صاحبي البلاغ المجلس ُ الدانمركي للاجئين. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز ال نفاذ بالنسبة إلى الدانمرك في 23 آذار/مارس 1976 .

1-2 و عملا ً بالمادة 92 من نظام ها الداخلي، طلبت اللجنة في 2 حزيران/يوني ه 2014 ، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، إلى الدولة الطرف ألا ت ُ رح ِّل صاحبي البلاغ و ابني هما إلى إيطاليا أثناء نظر اللجنة في قضيتهم .

1-3 وفي 4 شباط/فبراير 2015، رفضت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، طلب الدولة الطرف رفع التدابير المؤقتة .

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2-1 ينحدر صاحبا البلاغ من مقديشو. وهما مسلمان ينتميان إلى قبيلة هويي. و بعد أن تلقيا تهديدات من حركة الشباب، فر ّ ا من الصومال إلى ليبيا، حيث التقيا بينما كان ا رهن الاحتجاز لدخولهما البلد بصورة غير قا نونية. ولذلك قدم كلٌ منهما على حدة طلباً للحصول على صفة لاجئ ولأسباب مختلفة . فأبو بكر هرب إلى ليبيا في عام 2008. وكان شقيقه جندياً في الجيش الصومالي إلى أن قتلته حركة الشباب في عام 2007. وبعد مقتل شقيقه، هددته حركة الشباب لأنها اشتبهت في أنه يعمل جاسوس اً للحكومة . أما مايول عل ي محمد، فقد هربت إلى ليبيا بعد مقابلة أجرتها في الإذاعة في مطلع عام 2009، وصرحت فيها بأن حركة الشباب قتلت أخاها وزوجها السابق لأنهما كانا يعملان لصالح الحكومة. وتزعم مايول أنها تلقت بعد المقابلة مراراً تهديدات من عناصر حركة الشباب وأنهم ك انوا يأتون إلى بيتها بحثاً عنها .

2- 2 واحت ُ جز صاحبا البلاغ في ليبيا لمدة عام تقريبا ً ، وخلال ذلك العام أنجبت مايول علي محمد بنتا ً . وفي عام 2011، سافر صاحبا البلاغ على متن قارب إ لى إيطاليا. وخلال الرحلة، تفرق ت بهما السبل وغرقت ابنتهما ( ) . وقدم صاحبا البلاغ طلب لجوء في إيطاليا في نيسان/أبريل وحزيران/يونيه 2011 تباعا ً . ولم ـ ا كانا في إيطاليا الت أ م شملهما وعاشا معا ً في مركز لجوء. وهناك كانا يحصلان على الطعام من هيئات خيرية ، ولا سي ّ ما من إحدى الكنائس. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 2011، أنجبت مايول عل ي محمد ا ب نهما علي عبد الغفور أب و بكر في مستشفى بإيطاليا. ولم ت كن صحة الرضيع بأحسن حال ، لكن صاحبي البلاغ لم يلقيا، كما يزعمان، آذان اً صاغية ولم يؤبه لهما عندما طلبا المساعدة الطبية .

2-3 وبينما كان صاحبا البلاغ في مركز اللجوء، حصل ا على تصريح إقامة مؤقتة. و لمـا كانا لا يتحدثان بالإيطالية، فقد كانا يجهلان مدة صلاحية ذلك التصريح. وفي كانون الثاني/ يناير 2012، طُلب منهما مغادرة مركز اللجوء. فعاشا في الشوارع لمدة أربعة أشهر تقريباً، من كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيه 2012. ولم تُعرض عليهما أي مساعدة لإيجاد مأوى أو سكن دائم أو عمل، وفقدا تصريحي إقامتهما ( ) . وكانا يبيتان في محطات القطار مع ابنهما ويحصلان على الطعام من الكنائس. وتردّت حالة وليدهما الصحية بسبب عيب خِلقي في القلب لم يكن قد شُخِّص حينها. ويزعم صاحبا البلاغ أنهما تعرضا للعنف. ففي شباط/فبراير أو آذار/مارس 2012 مثلاً، اعتدى ثلاثة أشخاص على أبي بكر علي وركلوه حتى وقع طريحاً. وتدخلت الشرطة لكنها لم تتخذ أي إجراء في حق المعتدين، بل اكتفت بأن طلبت من صاحبي البلاغ ألا يبيتا في محطة القطار. ولم يرفع صاحبا البلاغ أي شكوى لأنهما لا يتحدثان بالإيطالية.

2-4 وبسبب الظروف السيئة للغاية التي كان يواجهها صاحبا البلاغ، قررا أن يغادرا إلى الدانمرك، ووصلا إليها في 20 حزيران/يونيه 2012 فتقدما بطلب لجوء. وفي 24 نيسان/ أبريل 2013، قررت دائرة الهجرة الدانمركية ترحيل صاحبي البلاغ إلى إيطاليا، حتى وإن كانا يحتاجان إلى حماية ثانوية، لأن إيطاليا كانت بلد لجوئهما الأول. وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، أيد مجلس طعون اللاجئين قرار دائرة الهجرة الدانمركية ، وخلص إلى أن قضية صاحبي البلاغ تندرج في نطاق الفقرة 2 من المادة 7 من قانون الأجانب ( ) ، وبالتالي بقي السؤال المطروح هو ما إذا كان يمكن اعتبار إيطاليا بلد لجوئهما الأول، وفقاً للمادة 7(3) من هذا القانون ( ) . وأشار المجلس إلى أنه لكي يعتبر بلدٌ ما بلدَ اللجوء الأول، يجب كحدّ أدنى أن يكون المكان الذي حصل فيه صاحبا البلاغ على حماية من الترحيل إلى بلد الأصل، وتمكنا من دخوله والإقامة فيه بصورة شرعية، وتوفرت لهما فيه حماية سلامتهما وأمنهما الشخصيين. وإذ وضع المجلس في اعتباره المعلومات التي قدمتها السلطات الإيطالية وصاحبا البلاغ ( ) ، فقد ثبت لديه أن صاحبي البلاغ حصلا على تصريح الإقامة في إيطاليا بموجب الاتفاقية المتعلقة بمركز اللاجئين. وذكر المجلس أيضاً أن مفهوم الحماية يشمل بعض العناصر الاجتماعية والمالية التي تتيح لملتمسي اللجوء التمتع بالحقوق الأساسية وهي الحقوق ذاتها التي سيتمكن صاحبا البلاغ من الحصول عليها، بما فيها الحقوق التي تؤثر على ظروفهما الاجتماعية والاقتصادية في إيطاليا، بلد لجوئهما الأول.

2-5 وفي 21 أيار/مايو 2013، أجريت لابن صاحبي البلاغ في الدانمرك عملية جراحية في القلب بعد أن شخّص الأطباء حالته بأنها عيب خِلقي في القلب. وبحسب ما ذكره صاحبا البلاغ، استنتج الأطباء أيضاً أن الابن لم يخضع لفحوصات كافية في المستشفى بإيطاليا عندما ولد. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2013، أنجبت مايول علي محمد عبد الغفور أبو بكر علي في الدانمرك.

2-6 ويزعم صاحبا البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأن قرار مجلس طعون اللاجئين الصادر في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2013 قرار نهائي لا يمكن الطعن فيه. ويؤكد صاحبا البلاغ أن المجلس استند في قراره السلبي إلى كونهما قد حصلا سابقاً على تصريحي إقامة مؤقتة في إيطاليا، وتمكنا من دخولها والإقامة فيها بصورة شرعية، فضلاً عن إمكانية تمتعهما بظروف اقتصادية واجتماعية ملائمة أيضاً.

الشكوى

3-1 يدعي صاحبا البلاغ أن إقدام السلطات الدانمركية على إعادتهما وابنيهما قسراً إلى إيطاليا سيشكل انتهاكاً لحقوقهم بموجب المادة 7 من العهد ( ) . وهما يدفعان بأنهما، بعد أن طُلب منهما مغادرة مركز اللجوء مطلع عام 2012، لم يتمكنا من إيجاد مسكن أو عمل أو أي حل مستدام في إيطاليا. وبالإضافة إلى ذلك، يدفع صاحبا البلاغ بأنهما قد يواجهان التشرد إذا أعيدا إلى إيطاليا أو قد يضطران إلى العيش في مستوطنات ذاتية التنظيم تكون مكتظة وظروف العيش فيها سيئة للغاية، لأنه لم يعد يحق لهما الإقامة في مراكز الاستقبال، بعد أن حصلا على الحماية واستفادا من خدمات نظام الاستقبال عندما وصلا إلى إيطاليا أول مرة ( ) .

3-2 ويدفع صاحبا البلاغ أيضا ً بأن ظروف الاستقبال والعيش في إيطاليا فيما يخص اللاجئين الحاصلين على تصاريح إقامة صالحة أو منتهية الصلاحية، لا تتوافق مع أبسط المعايير الإنسانية ولا مع الالتزامات الدولية في مجال الحماية ( ) . وهما يؤكدان أن تجربتهما السابقة تدل على مواطن قصور في نظام الدعم المقدم لملتمسي اللجوء واللاجئين في إيطاليا، ولا سيّما أفراد الفئات المستضعفة. ويقول صاحبا البلاغ إنهما لا يستبعدان احتمال تعرضهما للتشرد والعوز وقد لا يحصلان سوى على قدر محدود جد اً من الرعاية الطبية في إيطاليا ( ) . ولذلك يرى صاحبا البلاغ أن إيطاليا لا تستوفي حالياً المعايير الإنسانية اللازمة لتطبيق مبدأ بلد اللجوء الأول وبالتالي فإنه يوجد خطر حقيقي يتمثل في أنهما قد يتعرضان لمعاملة لا إنسانية أو مهينة إذا أعيدا إلى إيطاليا. ويوجه صاحبا البلاغ الانتباه إلى وجود طفلين صغيرين بصحبتهما. وهما يريان أيضاً أن ابنهما البكر، علي، قد لا يحصل في إيطاليا على ما يلزمه من المساعدة والمتابعة الطبية لمرض القلب الذي يعاني منه، لأنه لم يحصل في هذا البلد على المساعدة الطبية المناسبة لما ولد ولم يُكتشف العيب الخِلقي في قلبه. وهما يشيران أيضاً إلى أنهما، بعدما طلب منهما مغادرة مرافق الاستقبال الإيطالية في مطلع عام 2012، لم يتمكنا من إيجاد مأوى ولا الحصول على الرعاية الطبية ولا العمل ولا أي حل إنساني مستدام لهما ول ابنيهما، بالرغم من استفادتهما من الحماية الثانوية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 2 كانون الأول/ديسمبر 2014، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وترى الدولة الطرف أنه ينبغي إعتبار البلاغ غير مقبول لأنه قطعاً لا يستند إلى أسس سليمة. أما إذا قررت اللجنة قبول البلاغ، فإن الدولة الطرف ترى أنه ينبغي للجنة أن تُعلن أن إعادة صاحبي البلاغ إلى إيطاليا لا تنتهك المادة 7 من العهد. وبوجه أكثر تحديداً، تدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يقدما إلى اللجنة أي معلومات جوهرية جديدة عن حالتهما عدا ما سبق أن قدماه من معلومات تتعلق بإجراءات لجوئهما. وترى الدولة الطرف أن المعلومات المقدمة سبق أن محّصها مجلس طعون اللاجئين في قراره الصادر في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2013. وتلاحظ الدولة الطرف أن المجلس استنتج أن قضية صاحبي البلاغ تندرج في نطاق الفقرة 2 من المادة 7 من قانون الأجانب الدانمركي (مركز الحماية). بيد أن صاحبي البلاغ سبق أن حصلا على حماية ثانوية في إيطاليا ويمكنهما العودة إليها والإقامة فيها بصورة قانونية مع ابنيهما. وإيطاليا تُعتبر "بلد اللجوء الأول" وهذا ما يعلّل رفض السلطات الدانمركية منحهما حق اللجوء وفقاً للمادة 7(3) من قانون الأجانب.

4-2 وتوضح الدولة الطرف أيضاً أن مجلس طعون اللاجئين يشترط كحد أدنى، لدى تطبيق مبدأ بلد اللجوء الأول، حماية ملتمسي اللجوء من الترحيل إلى بلد الأصل وتمكينهم من دخول بلد اللجوء الأول والحصول على إقامة قانونية فيه. وبحسب ما ذكرته الدولة الطرف، تشمل هذه الحماية بعض العناصر الاجتماعية والاقتصادية، إذ يجب أن يعامل ملتمسو اللجوء وفقاً للمعايير الإنسانية الأساسية وأن تصان سلامتهم الشخصية. والعنصر الأساسي في هذه الحماية هو أنه يجب أن يتمتع الأشخاص المعنيون بالسلامة الشخصية، وقت دخولهم وخلال مقامهم في بلد اللجوء الأول. وترى الدولة الطرف أيضاً أنه من غير الممكن اشتراط تمتع ملتمسي اللجوء بالمستوى الاجتماعي والمعيشي ذاته الذي يتمتع به مواطنو هذا البلد.

4-3 ورداً على المزاعم بشأن الأوضاع الإنسانية في إيطاليا، تحيل الدولة الطرف إلى قرار عدم المقبولية الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2013 في قضية سامسام محمد حسين وآخرين ضد هولندا وإيطاليا . ففي تلك القضية، رأت المحكمة، وقد وضعت في اعتبارها تقارير منظمات حكومية وغير حكومية، أنه "رغم أن الحالة العامة لملتمسي اللجوء واللاجئين المقبولين والأجانب الذين مُنحوا تصريح إقامة لأغراض الحماية الدولية أو لاعتبارات إنسانية وظروف عيشهم في إيطاليا قد تشوبها بعض النقائص، فإنها لا تكشف عن تقصير منهجي في الالتزام بإيواء ملتمسي اللجوء وتوفير أشكال أخرى من المساعدة لهم باعتبارهم ينتمون إلى فئة تعاني ضعفاً خاصاً، كما هي الحال في قضية م. س. س. ضد بلجيكا واليونان " ( ) . واستنتجت المحكمة أن ادعاءات صاحبة البلاغ في تلك القضية بُنيت قطعاً على أسس غير وجيهة وهي غير مقبولة، وأنه يجوز ترحيل صاحبة البلاغ إلى إيطاليا. أما في هذه القضية، فترى الدولة الطرف أنه بالرغم من أن صاحبي البلاغ استندا إلى استنتاج المحكمة في قضية م. س. س. ضد بلجيكا واليونان (عام 2011)، فإن قرار هذه المحكمة في قضية محمد حسين أ حدث عهدا ً (عام 2013) ويتناول الوضع في إيطاليا تحديداً. وبالإضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف، على غرار ما لاحظته المحكمة، بأن الشخص الذي يحصل على الحماية الثانوية في إيطاليا يُمنح تصريح إقامة مدته ثلاث سنوات قابلة للتجديد يتيح له العمل والحصول على وثائق سفر خاصة بالأجانب، ولـمّ شمل الأسرة والاستفادة من الأنظمة العامة للمساعدة الاجتماعية والرعاية الصحية والسكن الاجتماعي والتعليم.

4-4 وتحيل الدولة الطرف إلى التقرير القُطري عن إيطاليا لعام 2013، الذي استشهد به صاحبا البلاغ، والذي يفيد بأن بعض ملتمسي اللجوء الذين لم يتمكنوا من دخول مراكز الاستقبال اضطروا إلى العيش في "مستوطنات ذاتية التنظيم" غالباً ما تكون مكتظة. وتدفع الدولة الطرف بأن الصيغة الحديثة من التقرير التي صدرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 تشير إلى أن الظروف المقصودة هي ظروف استقبال ملتمسي اللجوء في إيطاليا وليس الأجانب الحاصلين فعلاً على تصاريح الإقامة، كما هي حال صاحبي البلاغ. وفيما يتعلق بمرض القلب الذي يعاني منه ابن صاحبي البلاغ وادعاءاتهما بأنه سيحتاج لرعاية طبية ومتابعة غير متاحتين في إيطاليا، تدفع الدولة الطرف بأن علاج الابن قد اكتمل بنجاح بفضل عملية جراحية أجريت له في الدانمرك ( ) . وهي ترى أيضاً أن ابن صاحبي البلاغ سيحصل على العلاج الطبي في إيطاليا، وفق ما تفيد به المعلومات الأساسية المتاحة.

4-5 وإضافةً إلى ذلك، تحيل الدولة الطرف إلى قرار آخر اتخذته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قضية تراخيل ضد سويسرا ( ) استنتجت المحكمة فيه أن إعادة أسرة أفغانية من سويسرا إلى إيطاليا قد تشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) (حظر ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة)، إذا أقدمت السلطات السويسرية على إعادة ملتمسي اللجوء إلى إيطاليا بموجب لائحة دبلن قبل حصولها من السلطات الإيطالية على ضمانات فردية بالتكفل بأصحاب البلاغ وفق ما يتناسب وأعمار أبنائهم وبعدم الفصل بين أفراد الأسرة. وترى الدولة الطرف أن القرار المتخذ في قضية تراخيل ضد سويسرا لا يحيد عن اجتهاد المحكمة بشأن الأفراد والأسر الحاصلين على تصاريح إقامة في إيطاليا ( ) ، لأن القضية تتعلق بملتمسي اللجوء. وتدفع الدولة الطرف بأنه لا يمكن أن يُتوقع من الدول الأطراف الحصول على ضمانات فردية من السلطات في إيطاليا قبل ترحيل أشخاص أو أسر محتاجين للحماية ممن حصلوا أصلاً على حق الإقامة في إيطاليا.

4-6 وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحبي البلاغ لم يدعما بالأدلة ادعاء احتمال تعرضهما لضرر يتعذر إصلاحه، ثم تخلص إلى أن ترحيلهما وابنيهما إلى إيطاليا لا يشكل انتهاكاً للمادة 7.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 28 كانون الثاني/يناير 2015، قدم صاحبا البلاغ تعليقاتهما على ملاحظات الدولة الطرف. وهما يؤكدان أن ظروف العيش في إيطاليا سواء بالنسبة إلى ملتمسي اللجوء أو المستفيدين من الحماية الدولية (الثانوية) لا تختلف في كلتا الحالتين، حيث لا يوجد في هذا البلد أي نظام فعال للإدماج. وكثيرا ًما يواجه ملتمسو اللجوء والمستفيدون من الحماية الثانوية على حد سواء الصعوبات الشديدة ذاتها في العثور على مأوى يستوفي أبسط الشروط والاستفادة من مرافق الصرف الصحي والحصول على الغذاء ( ) . ويحيل صاحبا البلاغ إلى تقرير الجمعية اليسوعية لخدمة اللاجئين لعام 2013 الذي أشير فيه إلى أن المشكلة الحقيقية تتعلق بمن أعيدوا إلى إيطاليا ممن استفادوا فيما سبق من نوع من أنواع الحماية، إذ لا يحق لهؤلاء الإقامة في مراكز الاستقبال الحكومية المخصصة لملتمسي اللجوء، إذا سبق أن أقاموا في أحد مرافق الإيواء المتاحة لدى وصولهم وغادروه بمحض إرادتهم قبل الموعد المحدد ( ) . ومعظم المقيمين في مباني مهجورة في روما ينتمون إلى هذه الفئة. ويتبين من الاستنتاجات أن النقص في أماكن الإيواء يطرح مشكلة كبيرة، ولا سيّما في حالة العائدين، ومعظمهم من المشمولين بالحماية الدولية أو الإنسانية ( ) .

5-2 ولا يوافق صاحبا البلاغ على التفسير الذي ذهبت إليه الدولة الطرف فيما يخص ال اجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وهما يعتبران أن القرار المتخذ في قضية سامسام محمد حسين وآخرين ضد هولندا وإيطاليا يستند إلى افتراض مؤداه أن السلطات الإيطالية ستهيئ حلاً مناسباً لعودة أسرة صاحبة البلاغ إلى إيطاليا ( ) . ويؤكد صاحبا البلاغ أنه لا أساس يسند الافتراض بأن السلطات الإيطالية ستهيئ حلاً مناسباً لعودتهما وفقاً لمعايير حقوق الإنسان الأساسية.

5-3 ويرى صاحبا البلاغ أنه خلافاً للتفسير الذي قدمته الدولة الطرف، فإن الاجتهادات القضائية الأكثر صلة بالموضوع إنما هي تلك الاجتهادات المتعلقة بقضية تراخيل ضد سويسرا ، لأن ظروف العيش وصعوبات إيجاد مأوى والحصول على المساعدة الطبية والغذاء، كما ذُكر آنفاً، لا تختلف بين ملتمسي اللجوء والأشخاص الذين سبق أن مُنحوا الحماية. ويلاحظ صاحبا البلاغ أن المحكمة أعلنت، في تلك القضية، أن افتراض احترام الدول المشاركة في نظام دبلن الحقوق الأساسية المكرسة في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان هو افتراض لا يقبل الدحض . وفيما يخص الوضع الحالي في إيطاليا، استنتجت المحكمة أيضاً أن "احتمال ترك عدد كبير من ملتمسي اللجوء من دون مأوى أو إيوائهم في مرافق مكتظة تنعدم فيها الخصوصية، أو حتى في مرافق غير صحية أو يسودها العنف، هو احتمال لا يمكن استبعاده بدعوى أنه بلا أساس" ( ) . وطلبت المحكمة إلى السلطات السويسرية الحصول من نظيرتها الإيطالية على ضمانات تكفل استقبال أصحاب البلاغ (وهم أسرة) في مرافق وظروف تتناسب وأعمار أبنائهم؛ وفي حال عدم الحصول على تلك الضمانات، تكون سويسرا قد أخلت بالمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية بترحيلهم إلى إيطاليا. ويرى صاحبا البلاغ، في ضوء هذا الاستنتاج، أن قساوة الظروف التي يواجهها الحاصلون على الحماية الثانوية الذين يعادون إلى إيطاليا تندرج في نطاق المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد. وبناء على ذلك، يؤكد صاحبا البلاغ من جديد أن ترحيلهما إلى إيطاليا سيشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعا ء ات ت رد في بلاغ ما ، يجب على اللجنة ، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري .

6-2 ووفقا ً لمقتضيات المادة 5(2)(أ) م ن البروتوكول الاختياري، تلاحظ اللجنة أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية .

6-3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبي البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة لهما. و إذ لم يرد أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الخصوص، ترى اللجنة أن متطلبات المادة 5(2)( ب ) م ن البروتوكول الاختياري قد استوفيت .

6-4 وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف تطعن في مقبولية البلاغ على أساس أن ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة 7 من العهد لا تستند قطعاً إلى أساس سليم. غير أن اللجنة ترى أن حجة عدم المقبولية التي ساقتها الدولة الطرف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأسس الموضوعية ومن ثم يتعين بحثها في تلك المرحلة.

6-5 وتعتبر اللجنة أن البلاغ مقبول ما دام يثير مسائل تدخل في نطاق المادة 7 من العهد، وتشرع بالتالي في بحث أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ، في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبي البلاغ أن ترحيلهما وابنيهما القاصرين إلى إيطاليا، استناداً إلى مبدأ "بلد اللجوء الأول" الوارد في لائحة دبلن، سيعرضهم لخطر الإصابة بضرر يتعذر إصلاحه، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ويستند صاحبا البلاغ إلى حجج منها المعاملة التي تلقياها فعلاً بعد حصولهما على تصريحي إقامة في إيطاليا والظروف العامة لاستقبال ملتمسي اللجوء واللاجئين الذين يدخلون إيطاليا، كما وُصفت في تقارير مختلفة.

7-3 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه إلى أن الدول الأطراف ملزمة بعدم تسليم أو ترحيل أو طرد أو نقل أي شخص بأية طريقة أخرى من إقليمها عندما توجد أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد باحتمال إصابة ذلك الشخص بضرر يتعذر إصلاحه، على نحو ما يرد في المادة 7 من العهد التي تحظر ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وأكدت اللجنة أنه يجب أن يكون هذا الخطر شخصياً وأن يُطبق سقف عال من الصرامة في تمحيص وجاهة الأسباب التي تثبت وجود احتمال حقيقي يتمثل في التعرض لضرر يتعذر إصلاحه ( ) . وتُذكّر اللجنة أيضاً باجتهادها القضائي الذي يفيد بأنه ينبغي أن يقام وزن كاف للتقييم الذي تجريه الدولة الطرف، وأنه يؤول إلى هيئات الدول الأطراف في العهد بوجه عام بحث وتقييم الوقائع والأدلة لتحديد وجود ذاك الخطر من عدمه ( ) ، ما لم يثبت أن التقييم المذكور فيه تعسف سافر أو فيه تقصير أو إهمال في إقامة العدل ( ) .

7-4 وتحيط اللجنة علماً بأن صاحبي البلاغ، كما جاء في إفاداتهما التي لم يُطعن فيها، عاشا في مركز استقبال في الفترة من حزيران/يونيه 2011 حتى كانون الثاني/يناير 2012، أي إلى حين طُلب منهما المغادرة من دون أن يتاح مأوى بديل لهما ولابنهما (الذي ولد في 21 كانون الأول/ديسمبر 2011). وبعد ذلك عاشوا في الشوارع ومحطات القطارات واعتمدوا في مؤونتهما على الطعام الذي تقدمه الكنائس. وبذلك فقد تُركوا بلا مأوى ولا وسائل للبقاء على قيد الحياة. وتحيط اللجنة علماً كذلك بأن صاحبي البلاغ أفادا بأن وليدهما لم يتلق الرعاية الطبية التي احتاجها وقت ولادته بالرغم من الطلبات الموجهة إلى السلطات المختصة. وإذ خشي صاحبا البلاغ من العجز عن إعالة ابنهما، وإذ يئسا من إيجاد حل إنساني لحالتهما في إيطاليا، فقد غادراها وتوجها إلى الدانمرك، وفيها طلبا اللجوء في حزيران/يونيه 2012. ويعيش صاحبا البلاغ، ا ل لذين يلتمسان اللجوء مع ابنيهما ( ) ، وضعا ً هشّا ً للغاية.

7-5 وتحيط اللجنة علماً بما قدمه صاحبا البلاغ من تقارير مختلفة تبرز عدم توافر أماكن في مرافق الاستقبال في إيطاليا ل ملتمسي اللجوء والأشخاص المعادين إليها بموجب لائحة د ب لن. وتحيط اللجنة علماً، بوجه خاص، بتأكيد صاحبي البلاغ بأن الأشخاص المعادين إلى إيطاليا، ممن سبق أن حصلوا على شكل من أشكال الحماية واستفادوا من خدمات الإيواء في مرافق استقبال لما كانوا في إيطاليا أول مرة، كما هي حالهما، لم يعد من حقهم إيواؤهم في مرافق إيواء ملتمسي اللجوء ( ) .

7-6 وتحيط اللجنة علماً باستنتاج مجلس طعون اللاجئين أنه ينبغي اعتبار إيطاليا "بلد اللجوء الأول" في هذه الحالة، وبموقف الدولة الطرف الذي يعتبر أن بلد اللجوء الأول ملزم بأن يكفل ل ملتمسي اللجوء حقوق الإنسان الأساسية، وإن كان لا يشترط منه منح هؤلاء الأشخاص المستوى الاجتماعي والمعيشي ذاته الذي يتمتع به مواطنوه (انظر الفقرة 4-2 أعلاه). وتحيط اللجنة علماً بإحالة الدولة الطرف إلى قرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يفيد بأن الوضع العام في إيطاليا، رغم نقائصه، لا يكشف عن "تقصير منهجي في الالتزام بإيواء ملتمسي اللجوء وتلبية احتياجاتهم" ( ) .

7-7 بيد أن اللجنة ترى أن استنتاجات الدولة الطرف لم تراع بما يكفي المعلومات التي قدمها صاحبا البلاغ، استناداً إلى تجربتهما الشخصية، حيث أشارا إلى أنهما واجها ظروف عيش لا تُحتمل رغم حصولهما على تصريح الإقامة، وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تشرح كيف أن تصاريح الإقامة، في حالة الترحيل إلى إيطاليا، ستحميهما حماية فعلية، هما وابنيهما القاصرين، وأحدهما يحتاج إلى متابعة الرعاية الطبية، من حالة العسر والحرمان الاستثنائيين اللذين خبراهما في هذا البلد في ما مضى ( ) .

7-8 وتذكّر اللجنة بأنه ينبغي أن تقيم الدول الأطراف وزناً كافياً للخطر الحقيقي والشخصي الذي قد يواجهه الشخص في حالة ترحيله ( ) ، وترى أنه يقع على عاتق الدولة الطرف إجراء تقييم فردي للخطر الذي قد يتعرض له صاحبا البلاغ بدل الاعتماد على تقارير عامة وعلى افتراض أنه بحكم استفادة صاحبي البلاغ من الحماية الثانوية في الماضي سيحق لهما اليوم مبدئياً الحصول على الحماية الثانوية ذاتها. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تول الاعتبار الواجب لحالة الضعف الخاصة لصاحبي البلاغ اللذين يواجهان خطر التشرد، رغم أحقيتهما في الحصول على الحماية الثانوية، فضلاً عن أنهما ليسا قادرين على إعالة نفسيهما في غياب أي دعم من السلطات الإيطالية، بما في ذلك المساعدة الطبية المطلوبة لوليدهما. وهي لم تسع أيضاً إلى الحصول على ضمانات ملائمة من السلطات الإيطالية باستقبال صاحبي البلاغ وابنيهما القاصرين في ظروف تتوافق مع أوضاعهم كملتمسي لجوء يحق لهم الحصول على الحماية المؤقتة والضمانات الواردة في المادة 7 من العهد، بأن تطلب من إيطاليا التعهد: (أ) بإعادة إصدار أو تجديد تصريحي إقامتهما ( ) وإصدار تصريحي إقامة لابنيهما وعدم ترحيلهم من إيطاليا؛ (ب) استقبال صاحبي البلاغ وابنيهما في ظروف تتناسب وأعمار ابنيهما والوضع الهش للأسرة، بما يمكنهم من البقاء في إيطاليا ( ) .

7-9 ولذلك ترى اللجنة، في هذه الظروف، أن ترحيل صاحبي البلاغ وابنيهما إلى إيطاليا استناداً إلى قرار مجلس طعون اللاجئين الدانمركي سيشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

8- وترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ، أن ترحيل صاحبي البلاغ وابنيهما إلى إيطاليا سينتهك حقوقهم بموجب المادة 7 من العهد.

9 - ووفقاً للمادة 2(1) من العهد، التي تنص على أن الدول الأطراف تتعهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها وال خاضعين ل ولايتها ، فإنه يقع على عاتق الدولة الطرف الالتزام بإتاحة سبل انتصاف فعالة لصاحبي البلاغ، بما في ذلك إعادة النظر في ادعائهما بالكامل، مع مراعاة التزامات الدولة الطرف بموجب العهد، وآراء اللجنة، وضرورة الحصول على ضمانات من إيطاليا، كما هو مبين في الفقرة 7-8 أعلاه، عند اللزوم. ويُطلب إلى الدولة الطرف أن تمتنع عن طرد صاحبي البلاغ إلى إيطاليا أثناء إعادة النظر في طلبهما اللجوء.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف ، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتترجمها إلى اللغة الرسمية للدولة الطرف وأن تعممها على نطاق واسع.

المرفق الأول

رأي فردي لأعضاء اللجنة يوفال شاني ، و كونستانتين فاردز يلاشفيلي والسير نايجل رودلي (معارض)

1- إننا لا نوافق على ما استنتجته اللجنة من أن الوقائع المعروضة في هذه القضية تدل على أن الدانمرك قد انتهكت المادة 7 من العهد، إذا ما أقدمت على ترحيل صاحبي البلاغ وابنيهما إلى إيطاليا.

2- فوفقاً لما هو ثابت في الاجتهاد القانوني للجنة ، تُلزَم الدول الأطراف بألاّ ترحِّل الأشخاص من أراضيها "إذا وُجدت أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بوجود احتمال حقيقي لتعرضهم لضرر يتعذر إصلاحه، على نحو ما ورد في المادتين 6 و7 من العهد، سواء في البلد الذي تم الترحيل إليه أو في أي بلد قد ينقل الشخص إليه لاحقاً" ( ) . بيد أنه ليس كل تعرض للمشاق الشخصية في بلد الترحيل يدخل في نطاق التزامات الدولة المرحِّلة المتعلقة بعدم الترحيل ( ) .

3- وقد تكون للأفراد الذين يُحتمل تعرضهم، بعد ترحيلهم، للعوز وظروف عيش غير ملائمة مطالب مشروعة من بلد الترحيل بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وربما أيضاً بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ومع ذلك، وباستثناء حالات أولئك الأفراد الذين يواجهون مشاق خاصة بسبب أوجه ضعف خاصة تجعل محنتهم قاسية بوجه استثنائي ويتعذر إصلاحها بحكم طبيعتها، فإن عدم توافر المساعدة الاجتماعية لا يشكل سبباً مانعاً للترحيل. أما تفسير ذلك خلافاً لما سبق باعتبار جميع الأفراد المعوزين اقتصادياً ضحايا محتملين بموجب المادة 7 من العهد، فلا يوجد ما يؤيده في اجتهادات اللجنة أو في ممارسات الدول، وقد يحمل أوجه الحماية المنصوص عليها في المادة 7 ومبدأ عدم الترحيل القسري (وكلاهما يتسم بطابع مطلق) ما لا يتحملانه.

4- ورغم أننا أيّدنا الآراء التي اعتمدتها اللجنة في قضية ياسين ضد الدانمرك ( ) ، فإن وقائع تلك القضية تختلف اختلافاً كبيراً عن وقائع القضية المعروضة حالياً، ولا تسوغ الاستنتاج القانوني ذاته. ففي قضية ياسين ضد الدانمرك ، كانت صاحبة البلاغ في وضعية هشّة للغاية، كاد يكون من المستحيل عليها أن تواجه المشاق الاستثنائية التي تنتظرها لو رُحِّلت إلى إيطاليا. فقد كانت أما عازبة لثلاثة أبناء صغار اضطروا إلى مصارعة متاعب صحية، وفقدت وضع الهجرة الخاص بها في إيطاليا وقد ثبُت أن منظومة الرعاية الإيطالية لم تقدم لهم المساعدة. وفي تلك الظروف الاستثنائية، لم يكن من الممكن اعتبار إيطاليا بلداً آمناً تُرحَّل إليه صاحبة البلاغ وأبناؤها (مما أثار إمكانية ترحيلها بحكم الواقع من إيطاليا إلى بلدها الأصلي).

5- أما في هذه القضية، فصاحبا البلاغ راشدان وفي قواهما ويمكنهما، وفقاً لوضع الحماية الثانوية الذي حصلا عليه في إيطاليا، أن يعملا بصورة قانونية وأن يعيلا نفسيهما وابنيهما القاصريْن. وتشير وقائع هذه القضية أيضاً إلى أن السلطات الإيطالية استجابت في الماضي، ولو جزئياً على الأقل، لاحتياجاتهما الاجتماعية، حيث سكنا في مركز لجوء لعدة أشهر. ومع أن أحد أبني صاحبي البلاغ قد عانى في الماضي من مرض خِلقي في القلب (ثقب في الحاجز الأذيني )، فإن السجلات المعروضة أمامنا تفيد بنجاح العملية التي أجريت له في الدانمرك، وبأن المشكلة الصحية قد عولجت تماماً وأن الطفل لم يعد يحتاج أي علاج طبي آخر ولا تستدعي حالته الصحية عناية مشددة (عدا إجراء فحص متابعة بعد خمس سنوات من تاريخ إجراء العملية). ورغم أن الترحيل إلى إيطاليا قد يضع صاحبي البلاغ في وضع أصعب من ذي قبل، فلا معلومات لدينا تفيد بأن محنتهم ستبلغ حداً استثنائياً من القساوة ومستوى يتعذر إصلاحه، ما يؤدي إلى انتهاك للمادة 7.

6- وفي هذه الظروف، لا يمكننا أن نستنتج أن قرار السلطات الدانمركية ترحيل صاحبي البلاغ إلى إيطاليا كان متعسفاً على نحو بيِّن وقد يؤدي إلى انتهاك الدانمرك المادة 7 من العهد.

المرفق الثاني

رأي فردي لعضو اللجنة فوتيني بازارتزيس (معارض)

1- إنني غير موافق على رأي اللجنة بأن هذه القضية تنطوي على انتهاك للمادة 7 من العهد، إذا رُحِّل صاحبا البلاغ وابناهما إلى إيطاليا.

2- فقد ذكّرت اللجنة في استنتاجاتها (انظر الفقرة 7-3 من الآراء) بالالتزام الواقع على عاتق الدول بالاّ ترحِّل شخصاً من أراضيها إذا وُجدت أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بوجود احتمال حقيقي تعرضه لضرر يتعذر إصلاحه، على نحو ما ورد في المادة 7 من العهد، التي تحظر ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ( ) . وذكّرت اللجنة أيضاً باجتهاداتها الراسخة التي تقضي بإيلاء وزن للتقييم الذي تجريه الدولة الطرف، وبأنه يعود إلى أجهزة الدول الأطراف عادةً استعراض وتقييم الوقائع والأدلة لتحديد ما إذا كان ذلك الخطر الحقيقي موجوداً أم لا، ما لم يثبت لديها أن التقييم كان متعسفاً على نحو بيّن ويرقي إلى إنكار للعدالة. ولا يبدو أن الحال كذلك في القضية المعروضة. فقد أكد المجلس الدانمركي لطعون اللاجئين، في قراره المؤرخ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2013، ضرورة توفير الحماية الثانوية (وهو ما سبق أن حصل عليه صاحبا البلاغ في إيطاليا) ومراعاة جميع المعلومات التي قدمها صاحبا البلاغ لدى بتّها في عدم وجود أي أسس موضوعية تؤكد أن صاحبي البلاغ سيعانيان ضرراً يتعذر إصلاحه إذا ما أعيدا إلى إيطاليا.

3- وبالرغم من حالة الضعف الشديد التي قد يجد ملتمسو اللجوء أنفسهم فيها، فإن تقييم وجود احتمال التعرض لضرر شخصي يتعذر إصلاحه يتوقف على الظروف الوقائعية لكل حالة على حدة. وفي هذه القضية، سبق أن حصل صاحبا البلاغ وابناهما على حماية ثانوية ورخص عمل من السلطات الإيطالية. وفي الدانمرك، أجريت للابن عملية جراحية بسبب إصابته بعيب خلقي في القلب، واكتمل علاجه بنجاح. وبذلك فإن القضية الحالية تختلف عن قضية ياسين ضد الدانمر ك ، التي خلصت فيها اللجنة إلى استنتاج مختلف بسبب الحالة الاستثنائية لصاحبة البلاغ، التي كانت أما عازبة تواجه مشاكل صحية وكان لها ثلاثة أبناء ( ) .

4- أما احتمال مواجهة صاحبي البلاغ صعوبات في إيجاد السكن أو العمل إذا أعيدا إلى إيطاليا، فإنه في رأيي لا يرقى إلى احتمال وجود خطر حقيقي يتمثل في التعرض لمشقة، أو مشقة شديدة إلى حد يكفي لتشكل تعذيباً أو معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة وتدخل في نطاق المادة 7 من العهد.

المرفق الثالث

رأي فردي لعضو ي اللجنة آن يا سايبرت - فوهر و يو ج ي إواساوا ( معارض)

1- إننا نأسى لظروف العيش المزرية التي يواجهها العديد من اللاجئين المؤهلين للحصول على الحماية الثانوية في نظام أُطر تنظيمية اعتمده اتحاد من الدول ويستند إلى القيم العالمية غير القابلة للتجزئة والمتمثلة في صون الكرامة والحرية والمساواة والتضامن ( ) . ونحن نقر أيضاً بضرورة قيام الاتحاد باتخاذ إجراءات للوفاء بهذا الالتزام.

2- بيد أنه استناداً إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإلى الأسباب التي نورد شرحها أدناه، لا يمكننا أن نوافق على استنتاج غالبية أعضاء اللجنة في القضية الحالية ومفاده أن الدانمرك ستنتهك التزامها المتعلق بعدم تعريض صاحبي البلاغ للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وفقاً للمادة 7 إذا رحلتهما إلى إيطاليا.

3- ووفقاً لاجتهادات اللجنة الراسخة، تلزَم الدول الأطراف " بعدم تسليم أو ترحيل أو طرد أو نقل أي شخص بأية طريقة أخرى من إقليمها عندما توجد أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد باحتمال إصابة ذلك الشخص بضرر يتعذر إصلاحه، على نحو م ا يرد في المادتين 6 و7 من العهد" ( ) . وفي الفقرة 7-3 من هذه الآراء، تؤكد اللجنة هذا المبدأ، وتشدد إضافة إلى ذلك على أنه يجب أن يكون هذا الضرر شخصياً وأن يُطبق سقف عال من الصرامة في تمحيص وجاهة الأسباب التي تثبت وجود احتمال حقيقي للتعرض لضرر يتعذر إصلاحه.

4- ويجب تحديد وجود احتمال التعرض للخطر بموجب المادة 7 حسب كل حالة على حدة. ويتعين على صاحبي البلاغ أن يقدّما أدلة تثبت وجود أسس وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأنهما سيواجهان احتمالاً حقيقياً يتمثل في التعرض لمعاملة منافية للمادة 7 إذا نفذ التدبير المشتكى منه.

5- وفي القضية الحالية، نرى أن صاحبي البلاغ لم يدعما بما يكفي ادعاءهما بموجب المادة 7.

6- وقبل أن يغادر صاحبا البلاغ إلى الدانمرك، مُنح كلاهما حماية ثانوية في إيطاليا وحصلا على تصريحي إقامة مؤقتة أتاحا لهما، بحسب إفادة الدولة الطرف التي لم يطعن فيها، العمل والاستفادة من ال أنظمة العامة للمساعدة الاجتماعية والرعاية الصحية والسكن الاجتماعي والتعليم . ولا يوجد ما يدل على أنهما غير قادرين على تجديد تصريحي إقامتهما لدى عودتهما إلى إيطاليا.

7- ويدعي صاحبا البلاغ أنهما قد يواجهان التشرد و العوز وقد لا يحصلان إلا على قدر محدود جدا ً من الرعاية الطبية أو قد يضطران إلى العيش في "مستوطنات ذاتية التنظيم" (الفقرة 3-1). وهما يستندان في ادعائهما بموجب المادة 7 إلى عدم وجود مخطط إدماج فعال في إيطاليا (الفقرة 5-1) وإلى عدم تقديم السلطات الإيطالية المساعدة لهم في إيجاد مأوى أو عمل في إيطاليا (الفقرة 2-3).

8- ولا تكفي هذه الحجة لإثبات وجود احتمال حقيقي يتمثل في التعرض للضرر المتعذر إصلاحه كما بينته المادة 7 من العهد. وبوصف هذه المادة معيار حماية مقبولاً عالمياً، فإنها تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولم يقدم صاحبا البلاغ ما يكفي من الأدلة التي تدعم احتمال مواجهتهما فعلياً لخطر حقيقي يتمثل في تعرضهما لمعاملة من هذا النوع في إيطاليا. وعدم توافر المساعدة الاجتماعية لا يرقى إلى انتهاك للمادة 7 ( ) . أما مستوى المشقة والعوز الذي يدعيه صاحبا البلاغ، فهو لا يرقى إلى المستوى الذي يجعل ترحيلهما قاسياً أو لا إنساني أو مهيناً. وتختلف الوقائع المعروضة في هذه القضية عن وقائع قضية ياسين ضد الدانمرك ، لأن صاحبة البلاغ في هذه القضية الأخيرة - أم عازبة لثلاثة أبناء صغار انقضت صلاحية تصريح إقامتها في إيطاليا وكانت تعاني من مشاكل صحية - كانت ستترك، لو رحلت، في وضعية تهدد حياتها وحياة أبنائها ( ) . وخلافاً لذلك، فإن الوضع القانوني لصاحبي البلاغ في القضية الحالية بوصفهما مستفيدين من الحماية الثانوية يتيح لهما العمل وحالتهما كأسرة تضم بالغيْن قادرين على العمل لا تسوغ الاستنتاج القاطع الذي خلصت إليه غالبية أعضاء اللجنة بأنهما غير قادرين على أن يعيلا نفسيهما.

9- ولم يدعم صاحبا البلاغ ادعاءهما بأن ترحيلهما قد يعرض ابنهما البكر لخطر عدم تلقي العلاج الطبي المناسب لمرض القلب في إيطاليا، لأنه لا ينازع في أن علاج ابنهما اكتمل بنجاح بعد العملية الجراحية التي أجريت له في الدانمرك.

10- ولهذه الأسباب، نعتقد أن صاحبي البلاغ لم يثبتا أن ظروفهما في المستقبل، إذا أعيدا إلى إيطاليا، تكشف عن وجود احتمال حقيقي يتمثل في تعرضهما لضرر شديد بما يكفي ليدخل في نطاق المادة 7. وفي غياب أدلة تدعم ادعاءاتهما بما يكفي، لا يمكن أن تعاتب الدانمرك على عدم مراعاتها، على نحو كاف، المعلومات التي قدمها صاحبا البلاغ.