الأمم المتحدة

CCPR/C/115/D/2019/2010

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

30 December 2015

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2019/2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 115 (١٩ تشرين الأول/أكتوبر - ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥)

ال مقدَّم من: أناتولي بوبلافني (لا يمثّله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 23 أيار/مايو 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائـق المرجعيـة: قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 12 آب/أغسطس 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥

الموضوع: رفض منح إذن بتنظيم تجمع سلمي، حرية التعبير

المسائل الموضوعية: حرية التعبير، حرية التجمع

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

مواد العهد: 2(2) و2(3) و19 و21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و3 و5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 115)

بشأن

البلاغ رقم 2019/2010 *

ال مقدَّم من: أناتولي بوبلافني (لا يمثّله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 23 أيار/مايو 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في ٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2019/2010، المقدم إليها من أناتولي بوبلافني بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

١- صاحب البلاغ هو أناتولي بوبلافني، مواطن من بيلاروس مولود في عام 1958. وهو يدّعي أنه ضحية انتهاك بيلاروس لحقوقه بموجب المادتين 19 و21، مقرو ء تين بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد. ويُذكر أن البروتوكول الاختياري دخل حيز النفاذ في بيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 199 2. وصاحب البلاغ لا يمثّله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، تقدّم صاحب البلاغ بطلب إلى اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل لتنظيم اعتصام في أحد الميادين المركزية في غوميل في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2009 من أجل التعبير العلني عن رأيه الشخصي بمناسبة الذكرى السنوية لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واليوم العالمي لحقوق الإنسان هو يوم احتفال معترف به في بيلاروس.

٢- ٢ وفي 2 كانون الأول/ديسمبر 2009، رفضت اللجنة التنفيذية بموجب القرار رقم 1410 الإذن لصاحب البلاغ بتنظيم الاعتصام. واستند قرار الرفض إلى عدم امتثال صاحب البلاغ للاشتراطات الواردة في قرار اللجنة التنفيذية رقم 299 المؤرخ 2 نيسان/ أبريل 200 8 بشأن تنظيم الأحداث الجماهيرية في مدينة غوميل، الذي اعتُمد استناداً إلى قانون الأحداث الجماهيرية في بيلاروس المؤرخ 30 كانون الأول/ديسمبر 199 7. ولوحظ أن صاحب البلاغ، أولاً ، كان يعتزم تنظيم اعتصام خارج الموقع المحدد لذلك الغرض في القرار رقم 299، وثانياً، لم يُبرم العقود اللازمة مع مقدمي الخدمات في المدينة فيما يتعلق بالحفاظ على الأمن وتقديم المساعدة الطبية وا لتنظيف .

٢- ٣ وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2009، طعن صاحب البلاغ في قرار اللجنة التنفيذية بالرفض أمام محكمة غوميل المحلية المركزية، التي رفضت طعنه في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2009. وفي 22 كانون الثاني/يناير 2010، طعن في قرار المحكمة المحلية أمام محكمة غوميل الإقليمية، التي رفضت طعنه في 23 شباط/فبراير 2010. وفي 11 آذار/مارس و19 نيسان/أبريل 2010، طعن في قرار المحكمة الإقليمية أمام رئيس المحكمة الإقليمية ورئيس المحكمة العليا، من خلال إجراء المراجعة القضائية. وقد رُفض الطعنان، الأول في 14 نيسان/أبريل 2010 والثاني في 15 أيار/مايو 2010.

٢- ٤ وقد ادّعى صاحب البلاغ في شكواه أمام المحاكم أن رفض اللجنة التنفيذية قيّد حقوقه في حرية التعبير وحرية التجمع التي يكفلها دستور بيلاروس والمادتان 19 و21 من العهد، وأنه لم يحصل على أي تفسير يبرر ضرورة تقييد حقوقه. أما المحاكم ف خلصت إلى أن رفض اللجنة التنفيذية كان قانونياً، إذ استند إلى القرار رقم 299. ويدّعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة.

الشكوى

٣- ١ يدّعي صاحب البلاغ أن رفض السلطات الوطنية طلبه تنظيمَ الاعتصام يبلغ مستوى انتهاك حق وقه بموجب المادتين 19 و21، مقر وء تين بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد. ويدّعي أن اللجنة التنفيذية لا هي ولا المحاكم نظرت فيما إذا كانت القيود المفروضة على حقوقه بموجب القرار رقم 299 تبررها أسباب تتعلق بالأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو ما إذا كانت ضرورية لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ويدّعي أن القرار رقم 299 الذي يحصر تنظيم جميع الأحداث الجماهيرية في مدينة غوميل في موقع واحد ناءٍ ، والاشتراط بأن يبرم المنظمون عقوداً مدفوعة مسبقاً مع مقدمي ال خدمات في المدينة ، يقيّدان بلا داعٍ الحقوق التي تكفلها المادتان 19 و21 من العهد. ويدّعي أيضاً أن أحكام قانون الأحداث الجماهيرية تمكّ ِ ن السلطات التنفيذية المحلية من تحديد مواقع دائمة لتنظيم ال أحداث الجماهيرية دون تقديم مبرر لهذا التقييد.

٣- ٢ وفي هذا السياق، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بمواءمة تشريعاتها مع المعايير الدولية المنصوص عليها في المادتين 19 و21 من العهد، ويطلب تعويضاً عن النفقات التي تكبّدها، بما فيها الرسوم القضائية، وعن الأضرار غير النقدية.

ملاحظات الدولة الطرف

٤-١ في مذكرة شفوية مؤرخة 25 كانون الثاني/يناير 2012، كررت الدولة الطرف الموقف الذي أعربت عنه في مذكرتها الشفوية المؤرخة 6 كانون الثاني/يناير 2011 بشأن التسجيل غير المبرر لبلاغات مقدمة من أفراد لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة في الدولة الطرف، بما في ذلك تقديم طعون أمام مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية لحكم له قوة الأمر المقضي به، وفي ذلك انتهاك للمادة 2 من البروتوكول الاختياري. وبالإضافة إلى ذلك، تبيّن الدولة الطرف أنها عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، وافقت بموجب المادة 1 منه على أن تعترف باختصاص اللجنة ب استلام البلاغات المقدمة من الأفراد الخاضعين لولايتها ويدّعون أنهم ضحايا انتهاك الدولة الطرف لأي حق من الحقوق التي يحميها العهد، والنظر في تلك البلاغات. بيد أنها تلاحظ أن هذا الاعتراف اقترن بأحكام أخرى من البروتوكول الاختياري، من بينها تلك التي تحدد المعايير المتعلقة بالمشتكين ومقبولية بلاغاتهم، ولا سيما المادت ي ن 2 و5.

٤- ٢ وتؤكد الدولة الطرف أن الدول الأطراف ليست ملزمة، بموجب البروتوكول الاختياري، بالاعتراف بالنظام الداخلي للجنة أو بتفسيرها لأحكام البروتوكول الاختياري، وأنه لا يمكن العمل بهما إلاّ إذا تماش يا مع اتفاقية فيينا بشأن قانون المعاهدات. وتبيّن الدولة الطرف أن الدول الأطراف ينبغي أن تسترشد، فيما يتعلق بإجراء تقديم الشكاوى، بأحكام البروتوكول الاختياري في المقام الأول، وأن الإحالات إلى ما استقر من ممارسات اللجنة وأساليب عملها وإلى السوابق القضائية، ليست من مواضيع البروتوكول الاختياري. وتبيّن الدولة الطرف أيضاً أنها ستعتبر أي بلاغ يسجَّل في مخالفة لأحكام البروتوكول الاختياري متعارضاً مع البروتوكول الاختياري وسترفضه دون إبداء ملاحظات بشأن المقبولية أو الأسس الموضوعية، وأن سلطاتها ستعتبر أي قرار تتخذه اللجنة بشأن هذه البلاغات المرفوضة، "باطلاً". وترى الدولة الطرف أن هذا البلاغ سُجِّل في مخالفة للبروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥- ١ في رسالة مؤرخة 21 آذار/مارس 2012، يبيّن صاحب البلاغ، بالرجوع إلى ال آراء والقرارات السابقة للجنة بشأن الموضوع، أنه لا يعتبر المراجعة القضائية من جانب مكتب المدعي العام سبيل انتصاف محلياً فعالاً ( ) .

٥- ٢ وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف على النظام الداخلي للجنة، يبيّن صاحب البلاغ أن اللجنة مخولة تفسيرَ أحكام العهد وأن آراءها بموجب البروتوكول الاختياري تمثّل قراراً ذا حجية صادراً عن الهيئة المنشأة بموجب العه د نفسه والمكلفة بتفسير ذلك الصك ( ) . وفي رأي صاحب البلاغ، على الدولة الطرف نظراً لذلك احترام قرارات اللجنة، فضلاً عن معاييرها وممارساتها وأساليب عملها.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم تعاون الدولة الطرف

٦- ١ تحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف عدم وجود أسس قانونية للنظر في البلاغ، حيث إنه سجِّل في مخالفة لأحكام البروتوكول الاختياري، وأن الدولة الطرف غير ملزمة بالاعتراف بالنظام الداخلي للجنة وبتفسيرها لأحكام البروتوكول الاختياري، وأنه في حال أصدرت اللجنة قراراً بشأن هذا البلاغ، فإن سلطاتها ستعتبره "باطلاً".

٦- ٢ و تذكّر اللجنة بأن المادة 39(2) من العهد تخو ّ لها وضع نظامها الداخلي الذي وافقت الدول الأطراف على الاعتراف به. وبانضمام دولة طرف في العهد إلى البروتوكول الاختياري، فإنها تعترف باختصاص اللجنة استلام ونظر البلاغات المقدمة من الأفراد الذين يدّعون أنهم ضحايا أي انتهاك لأي حق من الحقوق المقررة في العهد (الديباجة والمادة 1). وانضمام دولة إلى البروتوكول الاختياري يعني ضمناً أنها تتعهد بالتعاون مع اللجنة بحسن نية بغية تمكينها من النظر في هذه البلاغات، وبعد بحثها، إرسال آرائها إلى الدولة الطرف وإلى الفرد المعني (المادة 5(1) و(4)). ويتنافى مع هذه الالتزامات ا تخ ا ذ دولة طرف أي إجراء من شأنه أن يمنع أو يحبط نظر اللجنة في بلاغ ما وتعبيرها عن آرائها ( ) . واللجنة هي من يقرر ما إذا كان ينبغي تسجيل قضية ما. والدولة الطرف بعدم قبولها اختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ ما، وبإعلانها صراحةً أنها لن تقبل قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغات وأسسها الموضوعية، تكون قد أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

النظر في مقبولية البلاغ

٧- ١ قبل النظر في أي ادّعاء يرد في بلاغ ما، يتعيّن على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٧- ٢ وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧- ٣ وتحيط اللجنة علماً باعتراض الدولة الطرف الذي مفاده أن صاحب البلاغ لم يقدّم طلباً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية لقرارات المحاكم المحلية. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها التي تفيد بأن التماس مراجعة قضائية من مكتب المدعي العام بما يسمح بمراجعة قرارات محاكم دخلت حيز النفاذ، لا يشكّل سبيل انتصاف يجب استنفاده لأغراض المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً عليه، ترى اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

٧- ٤ وتحيط اللجنة علماً بادّعاء صاحب البلاغ أن السلطات المحلية رفضت طلبه تنظيم اعتصام، وأن اللجنة التنفيذية لا هي ولا المحاكم نظرت فيما إذا كان تقييد حقوقه بموجب القرار رقم 299 مبرراً. ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً أن القرار رقم 299، الذي اعتُمد استناداً إلى قانون الأحداث الجماهيرية، يقيّد دون داعٍ حقوقه بموجب المادتين 19 و21 من العهد. وتحيط اللجنة علماً كذلك بادّعاء صاحب البلاغ أن انتهاكاً وقع لحق وقه بموجب المادتين 19 و21، مقرو ء تين بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد. ونظراً لعدم توفر معلومات من الدولة الطرف بشأن وقائع هذه القضية، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول لكونه يثير مسائل تندر ج في إطار المادتين 19 و21، مقرو ء تين بمفردهما وبالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد، وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٨- ١ نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء كل المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على نحو ما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتحيط اللجنة علماً بادّعاءات صاحب البلاغ أن قرار اللجنة التنفيذية رقم 299 يقيّد على نحو لا موجب له الحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، إذ يفرض على منظمي الأحداث الجماهيرية التزاماً بإبرام عقود مدفوعة الأجر مع مقدمي الخدمات في المدينة من خلال تحديد موقع وحيد وناءٍ لجميع الأحداث الجماهيرية التي تنظَّم في غوميل، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 000 500 نسمة. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادّعاء صاحب البلاغ أن تطبيق اللجنة التنفيذية القرار رقم 299 تطبيقاً شكلياً في قضيته، دون النظر في ما إذا كان ثمة داعٍ لفرض قيود على ممارسة حقوقه، يمثّل تقييداً غير مبرر لحقوقه بموجب المادتين 19 و21 من العهد.

٨- ٣ وتذكّر اللجنة، أولاً، بأن المادة 19(3) من العهد تجيز فرض بعض القيود ، لكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، التي تنص على أن هاتين الحريتين شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد وهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع. وتشكّلان حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية (الفقرة 2). وأي قيود تُفرض على ممارسة هاتين الحريتين يجب أن تكون متلائمة مع اختبارات صارمة تتعلق بالضرورة والتناسب. ولا يجوز تطبيق القيود إلاّ للأغراض التي وُضعت من أجلها كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تأسست عليه (الفقرة 22). وتذكّر اللجنة ( ) بأن إثبات ضرور ة و تناسب القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 يقع على عاتق الدولة الطرف، وأنه حتى إذا جاز للدول الأطراف، بالمبدأ، أن تطبق نظاماً الغرض منه إيجاد توازن بين حرية الفرد في نقل المعلومات والمصلحة العامة المتمثلة في الحفاظ على النظام العام في منطقة معيّنة ، فإن هذا النظام لا يجب أن يُستخدم بطريقة غير متوافقة مع المادة 19 من العهد.

٨- ٤ وتذكّر اللجنة، ثانياً، بأن ال حق في التجمع السلمي، على نحو ما تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو ضروري للتعبير علناً عن وجهات النظر والآراء ولا غنى عنه في أي مجتمع ديمقراطي. ويتضمن هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه، بما في ذلك الحق في تنظيم تجمع ثابت (كالاعتصام) في موقع عام. وعموماً، يحق لمنظ ّ مي تجمّع ما اختيار موقع على مرأى ومسمع الجمهور المستهدف، ولا يجوز تقييد هذا الحق إلاّ إذا كان التقييد (أ) مفروضاً طبقاً للقانون، و(ب) ضرورياً في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة المشار إليها أعلاه، ينبغي أن تسترشد بالهدف المتمثل بتيسير إعمال هذا الحق، وليس السعي إلى تقييده بقيود غير ضرورية أو غير متناسبة. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة بتبرير تقييدها للحق الذي تحميه المادة 21 من العهد.

٨- ٥ وفي هذه القضية، اختار صاحب البلاغ أحد الميادين المركزية في غوميل لتنظيم اعتصامه من أجل التعبير علناً عن رأيه بشأن احتفال الدولة الطرف بيوم حقوق الإنسان. وتلاحظ اللجنة أن السلطات الوطنية رفضت طلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام على أساس أن الموقع المقرر للحدث يخ تلف عن الموقع الوحيد المسموح به بموجب القرار رقم 299، وأن صاحب البلاغ لم يبرم عقوداً مع مقدمي ال خدمات في المدينة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن المواد الموجودة في الملف تدلّ على أن السلطات الوطنية لم تفسّر كيف سيشكّل اعتصام ٌ يُعقد في الموقع الذي اقترحه صاحب البلاغ تهديداً للأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتلاحظ اللجنة على وجه الخصوص أن قرار اللجنة التنفيذية رفض طلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام ، لا هو ولا قرارات المحكمة ، قدّمت أي مبرر يبيّن كيف أن القيود التي يفرضها القرار رقم 299، وطُبِّقت في ق ضية صاحب البلاغ، ضرورية ومبررة.

٨- ٦ وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الحظر المفروض بحكم الأمر الواقع بموجب القرار رقم 299 على التجمع في أي موقع عام في مدينة غوميل بأكملها، باستثناء منطقة واحدة نائية، يقيّد على نحو لا موجب له الحق في التجمع وحرية التعبير في السياق نفسه. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الطلب من منظّم اعتصام لشخص واحد التعاقد مع خدمات إضافية من أجل تنظيم اعتصام ، يفرض عبئاً غير متناسب على الحق في التجمع السلمي والحق في حرية التعبير. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن لا مبرر ل لتطبيق الشكلي للقرار رقم 299 و ل رفض سلطات الدولة الطرف طلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام، وتخلص إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب ال مادتين 19 و21 من العهد.

٨- ٧ وفي ضوء هذا الاستنتاج، تقرر اللجنة عدم النظر في ادّعاءات صاحب البل اغ بموجب المادتين 19 و21، مقرو ءت ين بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد.

٩- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد.

١٠- وطبقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، يتوجب على الدولة الطرف توفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وهذا يقتضي منها تقديم تعويض كامل للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المشمولة بالعهد. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة بجملة أمور منها تسديد أي نفقات تكبّدها صاحب البلاغ وتقديم تعويض مناسب له. والدولة الطرف ملزمة أيضاً بضمان منع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة مجدداً أنه ينبغي للدولة الطرف أن تنقح تشريعاتها وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2(2)، وخاصة القرار رقم 299 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل وقانون الأحداث الجماهيرية الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997، كما طُبِّقا في هذه القضية، بغية ضمان التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و21 من العهد تمتعاً تاماً في الدولة الطرف ( ) .

١١- ونظراً إلى أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة ب تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بكفالة الحقوق التي يعترف بها العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، و ب توفير سبيل انتصاف فعال وواجب النفاذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك ما، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ آراء اللجنة. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغتين البيلاروسية والروسية في الدولة الطرف.

التذييل الأول

رأي فردي (موافق) لعضو اللجنة سارة كليفلاند

١- في هذا البلاغ، يدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد أخلّت بالتزاماتها بموجب المادتين 19 و21، مقرو ء تين بالاقتران مع المادة 2(2) من العهد. وجدير بالذكر أن اللجنة تخلص إلى أن هذا الادّعاء مقبول، لكنها في نهاية المطاف لا تنظر فيه في ضوء استنتاجها حدوث انتهاكات قائمة بذاتها للمادتين 19 و21. بيد أن اللجنة تذكر في الفقرة المتعلقة بتص حيح الوضع، أن بيلاروس ملزمة بمقتضى المادة 2(2) من العهد بتنقيح قوانينها المحلية بغية ضمان التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و21 من العهد تمتعاً تاماً في الدولة الطرف (الفقرة 10).

٢- وإنني أؤيد هذه النتيجة وأ دوّن هذا الرأي المنفصل لأستفيض في شرح النهج المتّبع فيما يت علق بالمادة 2(2) في هذه القضية . وأعتقد أيضاً أن المعلومات المتاحة كانت تسمح للجنة بأن تخلص إلى حدوث انتهاك لمواد موضوعية ذات صلة مقترنة مع المادة 2(2).

٣- لم يُمنح صاحب هذا البلاغ الإذن بتنظيم اعتصام في ميدان مركزي في غوميل بمناسبة الذكرى السنوية لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بسبب عدم امتثاله للقرار رقم 299 الصادر عن اللجنة التنفيذية في غوميل، وهو قرار اعتُمد عملاً بقانون الأحداث الجماهيرية في بيلاروس المؤرخ 30 كانون الأول/ديسمبر 1997. ويشترط هذا النظام القانوني الحصول على إذن مسبق لتنظيم كل التجمعات العامة في مدينة غوميل، وهي مدينة سك ّا نها حوالي 000 500 نسمة ، ويحصر كل التجمعات التي لا تنظّمها سلطات الدولة في موقع وحيد ناءٍ، ويشترط على منظمي أي أحداث عامة من هذا القبيل إبرام عقود، على نفقتهم الخاصة، من أجل ضمان توفير خدمات السلامة العامة والأمن العام والرعاية الطبية والتنظيف. ورغم طعن صاحب البلاغ في رفض طلبه الإذن بالتظاهر أمام محكمة محلية، فقد أيّدت المحاكم الرفض واعتبرته قانو نياً بموجب هذا الإطار القانوني.

٤- وفي ما يقرب من 20 قضية، خلصت اللجنة إلى أن تطبيق قانون الأحداث الجماهيرية في بيلاروس ينتهك حقوق الأفراد بموجب المادة 19 و/أو 21 و/أو 22 في حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. وقد اتصلت ست من هذه القضايا على الأقل بالقرار رقم 299 أيضاً. وفي هذه القضايا، ما انفكت اللجنة تدعو بيلاروس إلى مراجعة تشريعاتها بغية مواءمة نظامها القانوني مع أحكام العهد ومنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل ( ) .

٥- وفي رأيي، تؤثر ملابسات هذه القضايا مباشرة في التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 2(2) من العهد . إذ تنص تلك المادة على ما يلي:

تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلا ً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقا ً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضروريا لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية.

٦- وقد أقرّت اللجنة منذ وقت طويل أن المادة 2 تفرض التزامات ثانوية ولا يمكن أن تشكّل بمفردها أساساً لادّعاء حدوث انتهاك بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . بل إن أي انتهاك للمادة 2 يجب أن ينشأ بالاقتران مع انتهاك لمادة موضوعية أخرى من مواد العهد. وكما أقررنا في التعليق العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، تتيح المادة 2(2) أيضاً للدولة الطرف أن تحقق الامتثال بطرق تتماشى مع "نظامها الدستوري المحلي" ( ) . ومع ذلك، لا يجوز للدول الأطراف هي أيضاً أن تحتجّ بأحكام قانونها الداخلي لتبرر عدم تنفيذ التزاماتها بموجب العهد أو الوفاء بها ( ) . بل على العكس، "في حال وجود تناقضات بين القانون المحلي وأحكام العهد، تقضي المادة 2 بتغيير القانون المحلي أو الممارسة المحلية لاستيفاء المعايير التي تفرضها الضمانات الجوهرية للعهد" ( ) .

٧- وفي قضية بولياكوف ضد بيلاروس ، رأت اللجنة أن المادة 2 قد تشكّل الأساس لادّعاء حدوث انتهاك بموجب البروتوكول الاختياري، مقروءة بالاقتران مع مادة أخرى، "عندما يكون عدم تنفيذ الدولة الطرف التزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب القريب لانتهاك قائم بذاته للعهد يؤثر مباشرة في الشخص الذي يدّعي أنه ضحية" ( ) .

٨- ويمكن إدراك مفهوم "الانتهاك القائم بذاته" للمادة 2 الذي ينشأ مع ذلك "بالاقتران مع انتهاك لمادة موضوعية أخرى من مواد العهد" في ضوء النهج الذي دأبت اللجنة على اعتماده منذ زمن فيما يتعلق بالمادة 2(3). ويقتضي ذلك النص من الدول الأطراف أن تقدّم تعويضاً للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المشمولة بالعهد ( ) . وقد طبّقت اللجنة المادة 2(3) بطريقتين. أولاً، في أي قضية تستنتج فيها اللجنة حدوث انتهاك للعهد، تفرض المادة 2(3) التزاماً على الدولة الطرف بتقديم تعويض مناسب للضحية. وعليه، تحتجّ اللجنة بالمادة 2(3) بوصفها الأساس للفقرة المتعلقة بتص حيح الوضع في أي آراء تخلص فيها اللجنة إلى حدوث انتهاك، نظراً لأن استنتاج اللجنة حدوث انتهاك يستتبع التزامات على الدولة الطرف بتقديم تعويض كامل بموجب المادة 2(3).

٩- وثانياً، يجوز لفرد أن يثبت حدوث انتهاك بالاقتران مع المادة 2(3) إذا كانت الدولة قد أُخطرت بأن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتُكبت ضمن ولايتها القضائية، وإذا داومت الدولة على عدم الوفاء بالتزاماتها بتوفير سبيل انتصاف للضحية. فعلى سبيل المثال، في القضايا التي تنطوي على حدوث انتهاكات سابقة من قبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري، تُلزَم الدولة الطرف بالتحقيق وتقديم الجناة إلى العدالة ( ) وتعويض الضحايا. وعندما تداوم الطرف على عدم الوفاء بهذا الالتزام، يمكن لفرد أن يثبت حدوث "انتهاك قائم بذاته" للمادة 2(3)، مقروءة بالاقتران مع المادة الموضوعية ذات الصلة من العهد، مثل المادة 6 أو 7 ( ) .

١٠- وفي هذه القضية، وتماشياً مع النهج الأول المتبع فيما يتعلق بالمادة 2(3) أعلاه، تحتجّ اللجنة صراحةً في الفقرة المتعلقة بتص حيح الوضع (الفقرة 10) بالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 2(2) كأساس لتوجيه الدولة الطرف لتنقّح تشريعاتها بما يتماشى مع التزاماتها بموجب العهد ( ) . وإنني أتفق مع هذا القرار.

١١- وعلاوة على ذلك، وتماشياً مع نهجنا فيما يتعلق بانتهاكات المادة 2(3)، أعتقد أن في وسع اللجنة أيضاً أن تستنتج حدوث انتهاك بالا قتران مع المادة 2(2) متى، كما ه و الحال هنا، كانت التشريعات الدائمة في دولة ما، أو التفسير الد ائم للقوانين من جانب أعلى محكمة في الدولة، مصدراً لانتهاك العهد على نحو مستمر ومنهجي، ولم تمتثل الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 2(2) ب أن تتخذ ما يكون ضرورياً من تدابير تشريعية أو غير تشريعية لإعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد.

١٢- وقد رأت اللجنة مراراً أن الإطار القانوني ذا الصلة في بيلاروس - وه و في هذه القضايا المادة 5 من قانون الأحداث الجماهيرية والقرار رقم 299 - ي نتهك حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات بموجب العهد. وقد دعونا الدولة الطرف مراراً وتكراراً إلى مراجعة تشريعاتها في ضوء هذه الانتهاكات. و بالمثل، داومت الدولة الطرف على عدم الوفاء "القاطع والفوري" بالالتزام المترتب عليها بتغيير قوانينها المحلية من أجل تلبية المعايير التي يفرضها العهد ( ) .

١٣- ويشكّل استمرار دولة طرف في عدم تكييف قوانينها لإعمال الحقوق التي يكفلها العهد عدم امتثال للمادة 2(2) وينبغي، في رأيي، أن يُفهم على أنه يؤدي إلى "انتهاك قائم بذاته" للعهد، وهو انتهاك لالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 2(2) مقروءة بالاقتران مع المواد الموضوعية ذات الصلة. وثمة سياقات أخرى مشابهة من الملائم فيها استنتاج حدوث انتهاك مقروء بالاقتران مع المادة 2(2)، منها بعض قضايا الاستنكاف الضميري، حيث خلصت اللجنة مراراً وتكراراً إلى حدوث انتهاكات للمادة 18 نتيجة لعدم اعتماد دولة طرف تشريعات تنص على بدائل مدنية للخدمة العسكرية، وأوصت مراراً وتكراراً بمراجعة التشريعات ذات الصلة ( ) ، فضلاً عن القوانين الدائمة التي تفرض عقوبة إلزامية بالإعدام ( ) .

١٤- ومن شأن إقرار حدوث انتهاك مقترن مع المادة 2(2) في سياقات وجود تقصير بنيوي ونُظُمي من جانب الدولة عن اعتماد تشريع تص حيحي أن يبيّن للدولة الطرف، ولا سيما لواضعي القوانين المعنيين ، أن اللجنة قلقة لكون الإطار القانوني للدولة هو مصدر الانتهاك، وأن التزاماً قائماً بذاته يقع على عاتق الدولة بموجب المادة 2(2) بتكييف قوانينها المحلية لإعمال الحقوق الواردة في العهد ( ) . وسيؤدي الاستنتاج بحدوث انتهاك للمادة 2(2) بدوره إلى تعزيز حماية حقوق الإنسان للفرد عن طريق التشديد على التزام الدولة بمنع حدوث الانتهاكات مجدداً في المستقبل.

١٥- ويتفق هذا النهج أيضاً مع النهج الذي تتبعه هيئات أخرى لحقوق الإنسان. فعملاً بالمادة 46 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية‏‏، اعتمدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نهجاً مماثلاً في إجرائها النموذجي المتعلق بالأحكام، وبموجبه تحدد المحكمة في حُكمها ما يشوب الإطار القانوني للدولة الطرف من مشاكل نُظُمية أو بنيوية أدّت إلى الانتهاك، والتدابير التص حيحية التي يتعيّن على الدولة اتخاذها، بما في ذلك تنقيح التشريعات ( ) . وقد طبّقت المحكمة هذا النهج للتصدي لتقصير الدولة المستمر عن استحداث تشريعات تص حيحية . أما محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان فدأبت هي أيضاً منذ وقت طويل على تحديد الحالات التي تتطلب تنقيح الإطار القانوني المحلي، وقد خلصت، ولا سيما في ظل تقصير الدولة عن اتخاذ إجراءات من هذا القبيل، إلى وجود انتهاك أو عدم امتثال للمادة 2 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالمواد الموضوعية ذات الصلة ( ) .

١٦- وبناءً على ذلك، رغم تأييدي للطلب الصريح الذي قدّمته اللجنة في الفقرة 10 بأن تنقح الدولة الطرف تشريعاتها وفقاً للمادة 2(2)، فإني أعتقد أنه كان في وسع اللجنة ، في ضوء ملابسات هذه القضايا، أن تخ لص إلى حدوث انتهاك بالاقتران مع المادة 2(2)، وكان من الممكن تعزيز حماية حقوق الإنسان .

التذييل الثاني

[الأصل: بالإسبانية]

رأي مشترك (مخالف جزئياً) لعضوَي اللجنة فابيان سالفيولي وفكتور مانويل رودريغيس - ريسيا

١- فيما يتعلق بالبلاغ رقم 2019/2010، بوبلافني ضد بيلاروس ، وعلى الرغم من أننا نتفق مع الاستنتاج الذي مفاده أن الدولة تتحمّل المسؤولية الدولية عن انتهاك المادتين 19 و21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإننا نرى أنه كان ينبغي للجنة أن تتناول أيضاً مسألة انتهاك المادة 2-2 من العهد.

٢- إذ إن استنتاج حدوث انتهاك للمادة 2(2) في قضية بوبلافني سيكون متسقاً مع الوقائع، التي تبيّن على نحو وافٍ أن القرار رقم 299 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل يتعارض بوضوح مع الحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و21 من العهد.

٣- وقد صدّقت بيلاروس على العهد في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1973، وأصبحت، منذ تاريخ دخول العهد حيز النفاذ، ملزمة كدولة طرف بمختلف الالتزامات التي ينص عليها العهد، بما فيها تلك الواردة في المادة 2(2). ونتيجة لذلك، ثمة التزامات إيجابية (اعتماد تدابير تشريعية أو تدابير غير تشريعية لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد) والتزامات سلبية (الامتناع عن اعتماد تدابير تشريعية أو غير تشريعية تمنع أو تعيق ممارسة الحقوق المعترف بها في العهد). وبالتالي، قد تجرّ الدولة على نفسها مسؤولية دولية عن انتهاك المادة 2(2) إما عن طريق الفعل أو الامتناع عن الفعل.

٤- والدولة باعتمادها قانون الأحداث الجماهيرية، الذي يخو ّ ل السلطات التنفيذية المحلية تحديد مواقع دائمة ل تنظيم الأحداث العامة دون الحاجة إلى تبرير فرض القيود المختلفة، تكون قد قصّرت عن الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21 من ذلك الصك.

٥- وبالمثل، يشكّل القرار رقم 299 الذي اعتمدته اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل في 2 نيسان/أبريل 2008، ويشترط إبرام عقود مع مقدمي ال خدمات في المدينة للحفاظ على الأمن وتوفير المساعدة الطبية والتنظيف في الحدث، عقبة ً لا تستوفي معيارَي الضرورة والتناسب لتنظيم ممارسة الحقوق في حرية التعبير والتجمع، وهو بالتالي يشكّل أيضاً انتهاكاً للمادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21 من العهد.

٦- ويتضح هذا حتى من المنطق الذي استندت إليه اللجنة نفسها، إذ ذكرت في الفقرة 10 من آرائها أنه ينبغي للدولة الطرف أن تراجع تشريعاتها لجعلها متسقة مع التزاماتها بموجب المادة 2(2) من العهد، مشيرةً صراحةً إلى المعيارين المذكورين سابقاً. ولا يمكن التوصل إلى هذا الاستنتاج دون التأكيد أولاً على تعارض تلك القواعد مع المادة 2(2)، وبالتالي استنتاج حدوث انتهاك لتلك المادة، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21 من العهد، ونرى أن الآراء التي اعتمدتها اللجنة قد أقرّت ذلك ضمناً.