البلاغ رقم 1984/2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 114 (من 29 حزيران/يونيه إلى 24 تموز/ يوليه 2015)

المقدم من: يفغيني بوغاش (لا يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 13 آذار/مارس 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثيقة المرجعية: قرار المقرر الخاص بمقتضى المادة 97 المحال إلى الدولة الطرف في 27 أيلول/سبتمبر 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 15 تموز/يوليه 2015

الموضوع: الحق في حرية التعبير، والحق في التجمع السلمي

المسائل الإجرائية: عدم تعاون الدولة الطرف، واستنفاد سبل الانتصاف المحلية ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

المسائل الموضوعية: حرية التعبير والتجمع السلمي

مواد العهد: المادتان 19(2) و21

مواد البروتوكول الاختياري: المادتان 2 و5(2)(ب)

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي  الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 114)

بشأن

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في دراسة هذا البلاغ: السيد عياض بن عاشور ، والسيد لزهاري بوزيد ، والسيدة سارة كليفلاند ، والسيد أحمد أمين فتح الله ، والسيد أوليفييه دو فروفيل، والسيد يوجي إواساوا ، والسيدة إيفانا يليتش، والسيد دنكان موهوموزا لاكي، والسيد فوتيني بازارتزيس، والسيد ماورو بوليتي، والسير نايجل رودلي، والسيد فيكتور مانويل رودريغيس - ريسيا، والسيد عمر فابيان سالفيولي، والسيد دهيروجلال سيتولسينغ، والسيدة آنيا زايبرت - فور، والسيد يوفال شاني، والسيد كونستانتين فاردزيلاشفيلي، والسيدة مارغو واترفال.

البلاغ رقم 1984/2010 *

المقدم من: يفغيني بوغاش (لا يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 13 آذار/مارس 2010 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 15 تموز/يوليه 2015،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1984/2010 الذي قدمه إليها يفغيني بوغاش بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو يفغيني بوغاش، وهو مواطن من بيلاروس، مولود في عام 1984 . ويدعي أن بيلاروس انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19(2) و21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) . ‬

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 -1 في 30 تموز/يوليه 2009، طلب صاحب البلاغ من اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك الحصول على إذن لتنظيم اعتصام سلمي في 22 آب/أغسطس 2009 يهدف إلى لفت انتباه المواطنين إلى مسألة الحيوانات الضالة والاحتجاج على المعاملة القاسية للحيوانات والاعتراض على أساليب عمل المدير الجديد للمؤسسة الحكومية "سيتي فونا" التي تتولى مسؤولية تجميع الحيوانات الضالة. وأوضح في الطلب أن ما يقرب من 50 شخص اً سيشاركون في الاعتصام من الساعة 00/ 15 إلى الساعة 00/18، وأنه يود الاعتصام في ساحة المشاة مقابل المبنى رقم 42 الذي توجد به مؤسسة سيتي فونا في شارع غورسكوفو في مدينة مينسك.

2-2 وفي 14 آب/أغسطس 2009، رفضت اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك منح الإذن بالاعتصام، مشيرة إلى أن التجمع في المكان المشار إليها سيعرقل عمل مؤسسة سيتي فونا ومؤسستين تجاريتين أخريين موجودتين في المنطقة نفسها.

2-3 وفي 7 أيلول/سبتمبر 2009، قدم صاحب البلاغ طعناً ضد قرار اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك أمام محكمة مقاطعة موسكو بمدينة مينسك يدعي فيه انتهاك حقوقه في حرية التعبير والتجمع السلمي على النحو الذي يكفله دستور بيلاروس والمادتين 19 و21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 2009، رأت المحكمة أن قرار اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك يمتثل لأحكام قانون التجمعات الجماهيرية (1997) ورفضت طعن صاحب البلاغ.

2-4 وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر 2009، قدم صاحب البلاغ دعوى أمام محكمة مدينة مينسك لنقض القرار ، موضّحاً أن قرار محكمة المقاطعة غير مشروع وينتهك حقه في التجمع السلمي وحرية التعبير. وقال إن قرار اللجنة التنفيذية القاضي بحظر الاعتصام في 22 آب/ أغسطس 2009 لا مبرر له وغير ضروري في مجتمع ديمقراطي . وأشار كذلك إلى أن محكمة المقاطعة تجاهلت الأدلة المصوّرة التي تثبت أن الاعتصام في الساحة موضع البحث لا يعوق عمل المؤسسات أو حركة المشاة أو النقل، لأنها لا تقع بجوار طرق أو ممرات لعبور المشاة. وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، أيدت محكمة مدينة مينسك قرار محكمة المقاطعة الصادر في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ورفضت شكوى صاحب البلاغ.

2-5 ولم يتابع صاحب البلاغ هذه المسألة برفع شكوى إلى المحكمة العليا لبيلاروس في إطار إجراءات المراجعة الرقابية لأنه رأى عدم فعالية هذا السبيل للانتصاف. ورأى أن الشكوى لا تستتبع إعادة النظر في أي قضية إلا عندما تقدم في إطار إجراءات النقض.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن رفض السماح له تعسفاً بتنظيم اعتصام شكّل تقييد اً ل حريته في التعبير وانتهاكاً للمادة 19 ( 2) من العهد لأنه حرمه من فرصة لفت انتباه المواطنين إلى مسألة الحيوانات ال ضالة و منعه من إبداء اعتراضه على أساليب عمل المؤسسة الحكومية " سيتي فونا " .

3-2 ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أن تقييد حقه في التجمع السلمي ينتهك المادة 21 من العهد لأن القيود المفروضة تستند إلى افتراض لا أساس له من الصحة يفيد ب أن الاعتصام الذي ا عتزم تنظيمه كان سيعرقل عمل المؤسسات التجارية المجاورة. وهو يدَّعي أن السلطات لم تقدم أية مبررات تسوغ ضرورة هذا التقييد في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن القومي أو ال نظام العام أو الأمن العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ‬

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 6 كانون الثاني/يناير 2011، أعربت الدولة الطرف فيما يتعلق بهذا البلاغ وبعدة بلاغات أخرى معروضة على اللجنة عن قلقها إزاء عدة أمور، من بينها التسجيل غير المبرَّر للبلاغات المقدمة من أفراد مشمولين بولايتها ترى أنهم لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بما في ذلك الطعن أمام مكتب المدعي العام من أجل إجراء مراجعة رقابية لحكم له حجية الأمر المقضي به، ما يشكل انتهاكاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري. وتدفع الدولة الطرف بأن تسجيل هذا البلاغ وعدة بلاغات أخرى يشكل انتهاكاً لأحكام البروتوكول الاختياري، وبأنه لا توجد أية أسس قانونية تستند إليها الدولة الطرف للنظر في تلك البلاغات، وبأن أي قرار اتخذته اللجنة بشأن تلك البلاغات سيعتبر باطلاً. وذكرت الدولة الطرف كذلك أن أية إحالة في هذا الصدد إلى الممارسات التي تتبعها اللجنة منذ أمد بعيد هي إحالات غير مُلزِمة لها قانوناً.

4-2 وبموجب الرسالة المؤرخة 19 نيسان/أبريل 2011، أبلغ رئيس اللجنة الدولة الطرف على وجه الخصوص، بأن المادة 4(2) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد تنص ضمناً على وجوب أن تقدم الدولة الطرف إلى اللجنة جميع المعلومات المتاحة لديها بشأن أي بلاغ معروض عليها. وطلب الرئيس إلى الدولة الطرف تقديم ملاحظات إضافية بشأن مقبولية هذه القضية وبشأن أسسها الموضوعية. وأبلغ الرئيس الدولة الطرف أيضاً بأنه، في حال عدم تقديم ملاحظاتها بشأن البلاغ موضع النظر، فستشرع اللجنة في دراسة البلاغ استناداً إلى المعلومات المتوفرة لديها. وفي 30 أيلول/سبتمبر 2011، دُعيت الدولة الطرف مرة أخرى إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

4-3 وفي مذكرة شفوية مؤرخة 5 تشرين الأول/أكتوبر 2011، تؤكّد الدولة الطرف في جملة أمور، فيما يتعلق بهذا البلاغ، أنها ترى عدم وجود أسس قانونية تجعلها تنظر فيه من حيث إن تسجيله قد شكل انتهاكاً للمادة 1 من البروتوكول الاختياري. وهي تؤكد أيضاً أن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم تُستنفذ جميعها على النحو المنصوص عليه في المادة 2 من البروتوكول الاختياري، إذ لم يُقدَّم أي طعن إلى مكتب المدعي العام من أجل إجراء مراجعة رقابية.

4-4 وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 2011، دُعيت الدولة الطرف مرة أخرى إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وأبلغت مرة أخرى أنه، في حال عدم تقديم معلومات إضافية، سوف تدرس اللجنة البلاغ استناداً إلى المعلومات المتوفرة لديها في الملف.

4-5 وتدفع الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 25 كانون الثاني/يناير 2012، أنها عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، وافقت بموجب المادة 1 من هذا البروتوكول على الاعتراف باختصاص اللجنة في تلقي البلاغات من أفراد يخضعون لولاية تلك الدولة الطرف ويدّعون أنهم ضحايا أي انتهاك من جانبها لأي حق من الحقوق المشمولة بحماية العهد وفي النظر في تلك البلاغات. ومع ذلك، تلاحظ أن ذلك الاعتراف قد اقترن بأحكام أخرى من البروتوكول الاختياري، بما فيها الأحكام التي تحدد المعايير المتعلقة بمقدِّمي الالتماسات وبمقبولية بلاغاتهم، ولا سيما المادتان 2 و5 . وتؤكد الدولة الطرف أن الدول الأطراف ليست ملزمة بموجب البروتوكول الاختياري بالاعتراف بالنظام الداخلي للجنة ولا بتفسيرها لأحكام هذا البروتوكول، وهو أمر لا يمكن أن يكون نافذ المفعول إلا إذا توافق مع اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. وتدفع فيما يتصل بإجراءات تقديم الشكاوى أنه ينبغي للدول الأطراف الاسترشاد في المقام الأول بأحكام البروتوكول الاختياري وأن الإحالات إلى ممارسات اللجنة الطويلة الأمد وأساليب عملها وسوابقها القضائية ليست جزءاً من البروتوكول الاختياري. وتؤكد أيضاً أن أي بلاغ يسجَّل دون التقيد بأحكام البروتوكول الاختياري ستعتبره الدولة الطرف متعارضاً مع هذا البروتوكول وترفضه دون إبداء تعليقات بشأن مقبوليته أو أسسه الموضوعية وأن سلطاتها ستعتبر أي قرار تتخذه اللجنة بشأن البلاغات المرفوضة من ذلك القبيل قراراً "باطلاً". وترى الدولة الطرف أن تسجيل هذا البلاغ وعدة بلاغات أخرى معروضة على اللجنة يشكل انتهاكاً للبروتوكول الاختياري.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم تعاون الدولة الطرف

5-1 تلاحظ اللجنة تأكيد الدولة الطرف عدم وجود أية أسس قانونية للنظر في بلاغ صاحب البلاغ لأن ت سج ي ل ه يشكل انتهاكاً لأحكام البروتوكول الاختياري، وأن الدولة الطرف غير ملزَمة بالاعتراف بالنظام الداخلي للجنة أو تفسيرها لأحكام البروتوكول الاختياري. وأن أي قرار تتخذه اللجنة بشأن هذا البلاغ ستعتبره سلطاتها باطلاً.

5-2 وتذكِّر اللجنة بأنها مخوّلة، بموجب المادة 39(2) من العهد، بوضع نظامها الداخلي الذي وافقت الدول الأطراف على الاعتراف به. وتشير كذلك إلى أن الدولة الطرف في العهد تعترف، إذ تنضم إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تلقي البلاغات من أفراد يدّعون أنهم ضحايا ل انتهاك أي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد وفي النظر في هذه البلاغات (الديباجة والمادة 1 من البروتوكول الاختياري). ويعني انضمام دولة ما إلى البروتوكول الاختياري ضمناً تعهدها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية من أجل السماح لها بالنظر في مثل هذه البلاغات وتمكينها من ذلك ثم إحالة آرائها إلى الدولة الطرف والفرد المعني بعد دراسة البلاغ (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). وأي إجراء تتخذه الدولة الطرف يمنع اللجنة من النظر في البلاغ ودراسته والتعبير عن آرائها بشأنه أ ن يعطلها عن ذلك هو إجراء يتعارض مع التزامات تلك الدولة ( ) . فاللجنة هي وحدها الجهة التي تقرر ما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ من البلاغات أم لا. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، بعدم قبولها اختصاص اللجنة بالبت فيما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ ما أم لا وإعلانها مسبقاً أنها لن تقبل قرار اللجنة بشأن مقبولية هذا البلاغ وأسسه الموضوعية، تكون قد أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) .

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تحدد، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كانت قضية البلاغ مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وحسبما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، تأكدت اللجنة من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفيما يتعلق بالشرط الوارد في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم شكوى إلى المحكمة العليا لبيلاروس في إطار إجراء المراجعة الرقابية لأنه اعتبر أن هذ ا السبيل ل لانتصاف غير فعال. وفي هذا الصدد ، تذكر اللجنة بآرائها السابقة ( ) التي تبين فيها أن تقديم طلبات إلى رئيس المحكمة لإجراء مراجعة رقابية لقرارات المحكمة التي دخلت حيز النفاذ وتتوقف على السلطة التقديرية للقاضي هو أمر يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول أن تتيح هذه الطلبات انتصافاً فعالاً في ظل ظروف القضية موضع النظر. بيد أن الدولة الطرف لم تبين في الحالة الراهنة ما إذا كانت الالتماسات المقدمة إلى رئيس المحكمة العليا بشأن إجراء المراجعة الرقابية قد تكللت بالنجاح أم لا، في قضايا تتعلق بالحق في حرية التعبير وفي التجمع السلمي وكم عددها. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية البلاغ بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأنّ صاحب البلاغ لم يقدم طعناً إلى مكتب المدعي العام بموجب إجراءات المراجعة الرقابية. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة ب اجتهاداتها السابقة التي تفيد ب أن تقديم التماس مراجعة رقابية إلى مكتب المدعي العام يسمح بمراجعة قرارات المحكمة التي باتت نافذة، لا يشكل سبيل انتصاف ينبغي استنفاده لأغراض المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً عليه، ترى اللجنة أن مقتضيات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ. ‬

6 -4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ أثبت بما يكفي من الأدلة ادعاءاته بموجب المادتين 19(2) و21 من العهد، لأغراض المقبولية. ولذلك، تعلن أن البلاغ مقبول فيما يتعلق بتلك الأحكام من العهد وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة إليها من الأطراف على النحو المنصوص عليه في المادة 5 ( 1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 والمسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كان حظر الاعتصام في 22 آب/أغسطس 2009 بهدف لفت انتباه الجمهور إلى مسألة الحيوانات ال ضالة والاحتجاج على المعاملة القاسية للحيوانات وإبداء اعتراض على أساليب عمل المؤسسة الحكومية سيتي فونا يشكل انتهاك اً لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد.

7-3 وتشير اللجنة إلى أن المادة 19(2) من العهد تقتضي من الدول الأطراف أن تكفل ممارسة الحق في حرية التعبير، بما في ذلك حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها، دونما اعتبار للحدود، سواء شفوياً أو في شكل مكتوب أو مطبوع. وتحيل اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حريتي الرأي والتعبير الذي مفاده أنّ حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد. وهما عنصران أساسيان من العناصر المكونة لأي مجتمع ويشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع حر وديمقراطي ( ) . ‬

7-4 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الحق في التجمع السلمي على النحو الذي تكفله المادة 21 من العهد حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو ضروري لتعبير الشخص علناً عن وجهات نظره وآرائه ولا غنى عنه لأي مجتمع ديمقراطي ( ) . ويشمل هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي أو مظاهرة سلمية والمشاركة فيهما بهدف مناصرة قضية م ا أو الاعتراض عليها.

7-5 وتشير اللجنة إلى أنّ رفض السماح بتنظيم اعتصام يهدف إلى لفت انتباه الجمهور إلى مسألة الحيوانات ال ضالة والاحتجاج على المعاملة القاسية للحيوانات وإبداء اعتراض على أساليب عمل المؤسسة الحكومية سيتي فونا هو بمثابة فرض قيد على حق صاحب البلاغ في نقل المعلومات وفي حرية التجمع. ولذلك، على اللجنة التحقّق مما إذا كانت القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ في هذا البلاغ لها ما يبررها بموجب أحكام المادة 19 ( 3) والعبارة الثانية من المادة 21 من العهد.

7-6 وتشير اللجنة إلى أن الحقوق الواردة في المادة 19(1) من العهد ليست مطلقة، وأن المادة 19(3) من العهد تجيز فرض بعض القيود، شريطة أن ينص عليها القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لا حترام حقوق الآخرين أو سمعتهم ؛ و (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتلاحظ اللجنة أن أي قيود تفرض على ممارسة الحقوق المنصوص عليها في المادة 19(2) يجب أن تستوفي المعيارين الصارمين المتمثلين في الضرورة والتناسب ويجب أن تتعلق مباشرة بالحاجة المحددة التي وضعت على أساسها ( ) .

7-7 وتشير اللجنة كذلك إلى عدم جواز فرض أية قيود ع لى الحق المكفول بموجب المادة 21 عدا تلك التي تفرض طبقاً للقانون، وتكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم ( ) . وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح السالفة الذكر التي تثير قلقاً عاماً، فينبغي لها أن تسترشد بهدف تيسير الحق بدلاً من السعي إلى فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة على هذا الحق. وتكون الدولة الطرف بذلك ملزمة بتبرير تقييدها للحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) . ‬

7-8 وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية لهذا البلاغ، وأنه في ظل تلك الظروف، يجب إيلاء الاهتمام الواجب لادعاءات صاحب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أن سلطات مدينة مينسك رفضت منح الإذن لصاحب البلاغ بتنظيم اعتصام في مكان اختاره في 22 آب/أغسطس 2009، وهو ما يقيد حقه في حرية التجمع وفي نقل آرائه، جنب اً إلى جنب مع الآخرين، بشأن الحيوانات الضالة وأساليب عمل المؤسسة الحكومية سيتي فونا. وتلاحظ اللجنة في هذا الخصوص أن السلطات الوطنية رفضت السماح لصاحب البل اغ بتنظيم اعتصام في مكان يختاره ، وبالتالي، قيدت حقه في التعبير عن شواغله مع الآخرين، لأسباب تتمثل حصراً في أن الاعتصام سيعرقل عمل المؤسسة الحكومية سيتي فونا وغيرها من المؤسسات في المنطقة إضافة إلى حركة السير. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة في ضوء المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، أن السلطات لم توضح الكيفية التي يمكن بها لاعتصام منظم في منطقة مخصصة للمشاة خارج مبنى المؤسسة الحكومية المعنية أن يتسبب عملياً في عرقلة عمل المؤسسة المذكورة، فضل اً عن حرك ة المرور، ولا الطريقة التي يمكن بها تبرير القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في حرية التعبير وفي التجمع السلمي بموجب المادة 19(3) والعبارة الثانية من المادة 21 من العهد ( ) . وتذكر اللجنة بأنه يتعين على الدولة الطرف أن تثبت أن تلك القيود المفروضة كانت ضرورية في القضية المعروضة ( ) .

7-9 وفي ظل ظروف هذه القضية، وعدم تقديم الدولة الطرف أية معلومات مناسبة أخرى لتبرير التقييد لأغراض المادة 19(3) والعبارة الثانية من المادة 21 من العهد، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادتين 19(2) و21 من العهد قد انتهكت.

8- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للمادة 5(4) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك بيلاروس حقوق السيد بوغاش بموجب المادتين 19(2) و 21 من العهد.

9- وعملاً بأحكام المادة 2(3)(أ) من العهد، يتعين على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً، بما في ذلك سداد أية أتعاب قانونية تحمّلها صاحب البلاغ، بالإضافة إلى منحه تعويضات مناسبة. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة مستقبلاً. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة مجدداً أنه ينبغي للدولة الطرف مراجعة تشريعاتها، ولا سيما قانون التجمعات الجماهيرية الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997، بالصيغة التي طُبق بها في هذه القضية، من أجل ضمان التمتع التام في الدولة الطرف بالحقوق المكرسة في المادتين 19 و21 من العهد ( ) .

10- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين على أراضيها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حال ثبوت وقوع انتهاك، ترجو من الدولة الطرف أن توافيها، في غضون 180 يوماً، بمعلومات عن التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفيذ. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى تعميم آراء اللجنة ونشرها على نطاق واسع باللغتين البيلاروسية والروسية في الدولة الطرف.