الأمم المتحدة

CCPR/C/118/D/2412/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

7 December 2016

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 (4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2412/2014 * **

المقدم من : روي مانوجكومار ساماثانام (يمثله المحامون كريمة تولايت وأماندا غاهريماني ومات ايسينبراندت من المركز الكندي للعدالة الدولية)

الشخص المدع ى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: سري لانكا

تاريخ تقديم البلاغ: ١٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣ ( الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 4 حزيران / يون يه 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : ٢٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦

الموضوع : إساءة معاملة صاحب البلاغ وتعذيبه أثناء الاحتجاز من قبل ضباط شعبة التحقيقات المعنية بمكافحة الإرهاب

المسائل الإجرائية : عدم تعاون الدولة الطرف ؛ استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه؛ احترام الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان؛ المحاكمة العادلة

مواد العهد: 7 و 9 و 10 و 14

مواد البروتوكول الاختياري : المادة 5(2) ( ب )

١- صاحب البلاغ يُدعى روي مانوجكومار ساماثانام ، وهو مواطن كندي وُلد في 20 أيلول / سبتمبر 1970 في سري لانكا . ويدَّعي أن الدولة الطرف انته كت حقوقه المكفولة بموجب المواد 7 و9 و10 و14 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ بالنسبة إلى سري لانكا في 3 كانون الثاني / يناير 1998. ويمثل صاحبَ البلاغ محام .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 -2 وُلد صاحب البلاغ في كولومبو وهو ينتمي إلى إثنية التاميل . وقد ذهب في عام 1990 إلى كندا حيث طلب الحصول مركز لاجئ، وحصل لاحق اً على الجنسية الكندية. وفي عام 2005، استغلّ صاحب البلاغ فترة هدوء الحرب الأهلية ليعود إلى سري لانكا ويعقد القران على المرأة التي باتت زوجته. وعندما حملت منه، قررا البقاء في سري لانكا حتى ولادة طفلهما. ويدّعي صاحب البلاغ أنه كان من حين لآخر يساعد صديق اً له على استيراد سلع لمتجره المتخصص في البرمجيات الحاسوبية. وفي أيلول/سبتمبر 2007، استورد صديقه 600 هاتف نقال إلى سري لانكا ، وأُرسلت السلعة إلى منزل صاحب البلاغ في انتظار أن يستلمها صديقه في اليوم التالي. وفي ليلة 14 أيلول/سبتمبر 2007، حضر إلى منزل صاحب البلاغ ضباط يرتدون زي اً مدني اً ويحملون أسلحة رشاشة. وقدّموا أنفسهم على أنهم ينتمون إلى شعبة التحقيقات المعنية بمكافحة الإرهاب (شعبة التحقيقات) وطلبوا فحص صناديق السلع الموجودة في منزل صاحب البلاغ الذي شرح لهم أن السلع ليست له وإنما لصديقه. وأخبره الضباط بأن الصناديق تحتوي على جهاز النظام العالمي لتحديد المواقع (جهاز تحديد المواقع) وبأن هذا الأمر مخالف للقانون.

2-2 ويدّعي صاحب البلاغ أن الضباط قاموا في أعقاب ذلك بتصفيد يديه وتعصيب عينيه ونقله إلى مرفق احتجاز تابع لشعبة التحقيقات يقع وسط مدينة كولومبو. وقد هدده الضباط الذين اقتادوه إلى المرفق بالقتل. ووُضعت زوجته الحامل وطفلهما في الإقامة الجبرية وتحت حراسة بعض ضباط الشعبة. ولم يكن يسمح لهما بالاتصال بأحد. ومع ذلك، استطاعت زوجته الاتصال بأسرتها وبمكتب المفوضية السامية بكندا بعد أن قذفت ورقة من خلال النافذة إلى أحد الجيران روت له فيها قصّتها. وألقى الضباط القبض أيض اً على صديق صاحب البلاغ واقتادوه إلى مرفق الاحتجاز. ويدّعي صاحب البلاغ أن الموظف المسؤول عن مرفق الاحتجاز أبلغه بأن القانون لا يسمح بامتلاك جهاز لتحديد المواقع، واستجوبه لمدة تتراوح بين 10 دقائق و 15 دقيقة. واتّهم الضابط صاحب البلاغ بالانتماء إلى حركة نمور تحرير تاميل إيلام (الحركة) وقال إن لديهم أدلة على ذلك. كما اتُّهم صاحب البلاغ بعد ذلك بإدارة الجناح الاستخباراتي للحركة في تورنتو، كندا.

2-3 واحتُجز صاحب البلاغ في المرفق لفترة أوّلية مدتها 90 يوم اً، اعتبار اً من 14 أيلول/ سبتمبر 2007، بأمر من الأمين الإضافي لوزارة الدفاع وعمل اً بالفقرة 1 من المادة 19 من لوائح الطوارئ (أحكام وسلطات متفرقة). ووفق اً لهذا الأمر، رأت سلطات وزارة الدفاع أن هذا الإجراء ضروري لمنع صاحب البلاغ من التصرف بطريقة تضر بالأمن القومي أو بالحفاظ على النظام العام، نظراً لوجود أسباب تدعو إلى الاشتباه في تورطه في جريمتي استيراد رادارات ومعدات اتصالات عالية التقنية بصورة غير قانونية وتسليمها إلى الحركة.

2-4 وبعد أيام قليلة من اعتقال صاحب البلاغ ، زاره أحد موظفي وزارة الشؤون الخارجية والتجارة الدولية في كندا وأحد موظفي المكتب المحلي للمفوضية السامية. وجرى اللقاء الذي دام لمدة تتراوح بين 10 دقائق و15 دقيقة في مكتب الموظف المسؤول الذي كان حاضر اً. وأخبر صاحب البلاغ المسؤولين الكنديين بأنه يجهل أسباب اعتقاله وطلب منهم التحقيق في حالة زوجته وابنته. كما أخبرهم بأنه يعاني من داء السكري ولم يتناول الدواء منذ اعتقاله.

2-5 ويدّعي صاحب البلاغ أنه وضع داخل مرفق الاحتجاز في مكان معزول عن غيره من السجناء السريلانكيين ولم يودع في زنزانة احتجاز عادية. بل احتُجز في مكتب أحد الرقباء مع مجموعة من الرعايا الأجانب الآخرين وكان مقيّد اً إلى أحد المكاتب طول الوقت وأُجبرا على الجلوس أو الاستلقاء على الأرض في وضع غير مريح من دون وسادة أو فراش. وكان ينام لبضع ساعات فقط في الليل وسط الصراصير والفئران وبأصفاد ضيقة. وكان الحراس يوبخونه يومي اً بنعته بـ "النمر الكندي"، ويهددونه بالضرب أو القتل. وكان يحصل على قدر يسير جد اً من الطعام خلال اليوم وقارورة ماء صغيرة واحدة فقط. ولم يحصل على الأدوية اللازمة لعلاج مرض السكري الذي يعاني منه إلا بعد بضعة أيام من اعتقاله عندما زاره مسؤولون من المفوضية السامية للمرة الأولى. وأصيب بحالة خمول شديد بسبب عدم حصوله على ا لأدوية اللازمة لعلاج داء السكري . وعلاوة على ذلك، كان كثير الحاجة إلى التبول بسبب عدم تناوله الأدوية، لكن الحرّاس لم يكونوا يسمحون له دائم اً باستخدام المرحاض وأحيان اً لم يكن أمامه خيار آخر سوى التبول في ثيابه وعدم تغييرها. ومن وقت لآخر، كان يدخل الضباط إلى مكتب الرقيب لإساءة معاملة المحتجزين أثناء استجوابهم. وكان صاحب البلاغ وغيره من المحتجزين مقيدين إلى مكاتب فتفكّ قيودهم ثم يعاد تكبيلهم في أوضاع جسدية مؤلمة. وحينها يصفعهم الحراس أو يضربونهم بقضبان مطاطية أو معدنية صلبة. وفي أحيان أخرى، كان يجبر صاحب البلاغ على مشاهدة غيره من المحتجزين يضربون ويعذبون والاستماع إليهم يصرخون من الألم والوجع. كما وجّه إليه ضباط الشرطة تهديدات مفادها أنه سيخضع لمثل هذا التعذيب، وأنه لا يحتاج إلى محام لأنه لن يغادر المرفق، وأنهم سيقضون عليه برصاصة في رأسه. كما هددّوه باعتقال زوجته واغتصابها.

2-6 ويدفع صاحب البلاغ بأن زوجته زارته في 22 أيلول/سبتمبر 2007، وبأنه سُمح لها بعد ذلك بزيارته كل يوم سبت، لمدة تتراوح بين 10 دقائق و15 دقيقة فقط وبحضور الحراس. ولم يعرض صاحب البلاغ، خلال الأشهر التي كان محتجز اً فيها في المرفق، على قاض أو على موظف قضائي آخر. ولم تستعرض قط مسألة مدى مشروعية احتجازه ولم يسمح له بمقابلة محام.

2-7 وفي تشرين الأول/أكتوبر 2007، زار المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مركز الاحتجاز مرتين. وفي وقت لاحق، أبلغ المقرر الخاص عن روايات بشأن حالات تعذيب وسوء معاملة كان قد جمّعها أثناء زيارته للمركز ( ) . وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر 2007، اجتمع صاحب البلاغ بمندوبين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال زيارتهم لمرفق الاحتجاز. ومنحوه بطاقة تسجيل ( ) . وأوضح صاحب البلاغ أنه لم يكن لديه ما ينام عليه غير أنه زُوّد بفراش رقيق بعد تدخّل لجنة الصليب الأحمر الدولية في كانون الأول/ ديسمبر 2007 أو حوالي ذلك التاريخ .

2-8 وفي مساء يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2007 دخل نائب قائد مرفق الاحتجاز إلى غرفة احتجاز صاحب البلاغ، وكان يرافقه عدد آخر من الحراس غير المناوبين. وقد ك انوا جميعاً في حالة سكر. وأخبر نائب القائد صاحب البلاغ بأنه لا يحق له الحصول على فراش من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبدأ الضباط في إهانته وضربه في الوجه والبطن والذراعين والقدمين، قائلين له إنهم سيقتلون "كندي الحركة". وقد تعرّض صاحب البلاغ لتورم في الرسغ الأيسر وإصابة في الركبتين وكان يعاني من الألم على مستوى المعدة والفخذ بسبب الضرب. وفي صباح اليوم التالي، حذره الموظف المكلف من الحديث إلى لجنة الصليب الأحمر الدولية عما تعرض له من ضرب. ثم وعده بألا يتعرض لمثل هذا الضرب مجدد اً إن هو وقّع على اعتراف بالتهم الموجهة إليه، ونبّهه إلى أن شعبة التحقيقات ستعتقل زوجته وطفله وتحبسهما في مركز الاحتجاز في حال رفضه توقيع الاعتراف. وطلب صاحب البلاغ الاستعانة بمحام، ولكن دون جدوى. وقد أصرّ على براءته ورفض التوقيع على أي اعتراف كان.

2-9 وفي نيسان/أبريل 2008، نُقل صاحب البلاغ إلى مركز الاحتجاز بوسا الموجود في غالي. وفي 1 أيار/مايو 2008، أمر الأمين الإضافي لوزارة الدفاع باحتجاز صاحب البلاغ هناك لمدة 90 يوم اً. ويدفع صاحب البلاغ بأنه احتجز في الحبس الانفرادي في زنزانة من دون ماء ولا حمام داخل مركز الاحتجاز بوسا. ويدفع بأنه كان يجبر على التبول في زجاجة والتغوط في كيس بلاستيكي، وبأنه كان يقتاد يومي اً إلى غرفة للاستجواب من أجل استجوابه. ويدفع بأنه لم يتعرض للضرب من جانب الحراس، لكنه كان يجبر على حضور عمليات الضرب المبرح التي كان يتعرض لها غيره من السجناء وكان يهدّد بالتعرض للمعاملة الوحشية نفسها. وفي نيسان/أبريل أو أيار/مايو 2008، زار موظف من مكتب المفوضية السامية بكندا صاحب البلاغ، فأخبره هذا الأخير بالأحداث التي عاشها وشهدها داخل مركز الاحتجاز بوسا وطلب إليه التوسط له لإعادته إلى السجن في كولومبو.

2-10 وفي آخر تموز/يوليه 2008، أعيد صاحب البلاغ مؤقت اً إلى مركز الاحتجاز التابع لشعبة التحقيقات في كولومبو. وهو يدّعي أنه اعترف تحت الضغط بانتمائه إلى الجناح الاستخباراتي الدولي للحركة. فقد هدده المستجوبون باعتقال زوجته واغتصابها وقتل طفلته في حال رفضه الاعتراف. وفي بداية آب/أغسطس 2008، أبلغه المستجوبون بأنهم سيستصدرون أمر اً باعتقال زوجته. وهكذا قام صاحب البلاغ، بعد ساعة من الاستجواب، ومن أجل حماية زوجته من التهديدات، بكتابة بلاغ خطي بلغة التاميل يفيد بأنه استورد جهاز اً لتحديد المواقع لفائدة الحركة بصورة غير قانونية. وأعيد بعد ذلك إ لى مركز الاحتجاز بوسا.

2-11 وفي أيلول/سبتمبر 2008 أو حوالي ذلك التاريخ، عُرضت قضية صاحب البلاغ أخير اً على محكمة جزئية. ويدّعي صاحب البلاغ أنه أفاد خلال مثوله الأول والسريع أمام المحكمة بأنه مواطن كندي؛ وأنه لم يتّهم بارتكاب أي جريمة؛ وأنه لا ت وجد أي أسس قانونية لاعتقاله ومواصلة احتجازه. ويدّعي أن القاضي أجابه بالقول إن "لوائح الطوارئ تجيز توقيف أي شخص لمدة أقصاها 18 شهر اً دون أن توجه إليه تهم"؛ وأن الشرطة أعدت تقرير اً من أربع صفحات يتضمن العديد من الأكاذيب لتبرير احتجازه، بما في ذلك استخدامه شركة مسجلة باسم زوجته لاستيراد أجهزة عالية التقنية من جنوب شرق آسيا؛ وانتماءه إلى الجناح الاستخباراتي للحركة وعلاقته الوثيقة برئيس استخبارات المتمردين، ب. أ . ؛ وتآمره مع شخص آخر من التاميل لاغتيال وزراء في الحكومة وجنرالات عسكريين في كولومبو. واستناد اً إلى هذا التقرير، أذن القاضي بمواصلة احتجاز صاحب البلاغ ونقله إلى سجن و ي ليكادا .

2-12 وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 أو حوالي ذلك التاريخ، وجّهت المحكمة العليا رقم 2 (المختصة في القضايا المتصلة بلوائح الطوارئ) تهم اً إلى صاحب البلاغ. ودفعت بأن صاحب البلاغ كان يعلم شخصي اً أن عضو اً في الجناح الاستخباراتي كان ينشط داخل سري لانكا غير أنه لم ينبه سلطات البلد إلى ذلك. وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2009 أو حوالي ذلك التاريخ، مثَل صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا رقم 1 (المختصة في القضايا المتصلة بقانون منع الإرهاب) ووُجّهت إليه تهم رسمية تتمثل في الاستيراد غير القانوني لأحد أجهزة تحديد المواقع وفي التواطؤ مع الحركة.

2-13 وبينما كان صاحب البلاغ محتجز اً في سجن ويليكادا ، زاره في مناسبتين مندوبون من لجنة الصليب الأحمر الدولية وكذا موظفون من مكتب المفوضية السامية بكندا. وهو يدّعي أنه احتجز تحت الحراسة المشددة إلى جانب قتلة مدانين، بل عامله الحراس معاملة أشد قسوة ورفضوا تزويده بدواء مرض السكري. وحينها، بدأ صاحب البلاغ يكابد آلام اً في الصدر والمفاصل. وفي 2 آذار/مارس 2010، وجّهت المفوضية السامية رسالة إلى المشرف على السجون تطلب فيها إلى السلطات أن تتخذ الترتيبات اللازمة لنقله إلى المستشفى من أجل تلقي علاج طبي ( ) . ويدّعي صاحب البلاغ أنه نُقل في وقت لاحق إلى المستشفى العام حيث أشار أحد الأطباء بضرورة إدخاله المستشفى غير أن الشرطة رفضت ذلك وأعيد إلى السجن. وقد كتب له الطبيب وصفة أدوية لعلاج آلام الصدر وسلمها إلى الحراس الذين كانوا يرافقونه إلى مستشفى السجن. غير أن صاحب البلاغ لم يزود بأي أدوية لعلاج هذه الآلام.

2-14 ويدّعي صاحب البلاغ أنه كان يمثل أمام المحكمة مرة كل أسبوعين تقريب اً بعد مثوله الأول أمامها. وفي كل مرة، كانت المحكمة تمدّد أمر احتجازه دون البت في الأسس الموضوعية للتهم الموجهة إليه. وفي تاريخ غير محدد، طلب صاحب البلاغ إلى محاميه أن يفعل شيئ اً لتسوية وضعه. وقد تحدث المحامي إلى مكتب المدعي العام وتفاوض معه من أجل بلوغ اتفاق. وقد استطاع المحامي في نهاية المطاف أن يعقد اتفاق اً مع المدعي العام يقضي بإسقاط جميع التهم الموجّهة إليه، فيما عدا تهمة حيازة جهاز لتحديد المواقع. وبات صاحب البلاغ يعتقد أنه لم يعد لديه أي خيار آخر، فوافق على الإقرار بأنه مذنب بالتهمة الموجهة إليه ودفع غرامة مالية قدرها خمسمائة ألف روبية، وهو ما فعله في 19 آب/أغسطس 2010. وأُفرج عنه من سجن ويليكادا في 27 آب/أغسطس 2010.

2-15 وعاد صاحب البلاغ إلى كندا في 28 نيسان/أبريل 2011. وهو يدفع بأن حكومة سري لانكا رفضت السماح لأسرته بمغادرة البلد بعد أن روى قصته للصحيفة الكندية "ذي ناشيونال بوست" . وفي نهاية المطاف، تمكنّت زوجته وطفلاه من السفر إلى كندا في 14 شباط/ فبراير 2012، واستقرّوا معه في تورونتو. ومع ذلك، لا يزال يعاني من الآثار البدنية والنفسية للأحداث التي عاشها في سري لانكا . وفي هذا الصدد، يدفع بأنه يعاني من ألم في ساقه اليسرى ومن ألم وخدر في يده بسبب ما تعرض له من ضرب في 17 كانون الأول/ديسمبر 2007؛ وبأنه يعاني من ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب؛ وبأنه يحتاج إلى أخذ مسكنات الآلام؛ وبأنه تلقّى علاج اً ضد الاكتئاب وشُخّصت لديه إصابة باضطراب الكرب التالي للرضح. و بات صاحب البلاغ غير قادر على العمل بسبب معاناته وحالته الصحية.

2-16 ويدّعي صاحب البلاغ أنه لم تكن تتاح له وقت انتهاك حقوقه سبل انتصاف محلية من أجل استنفادها، وأنها غير متاحة له اليوم لأنها ستكون غير فعالة. وقد حُرم صاحب البلاغ، منذ اعتقاله واحتجازه، من الحماية القانونية والضمانات القضائية، وسُجّل تأخير كبير في الإجراءات القانونية. ومنذ صدور الأمر باحتجازه، وفق اً للوائح الطوارئ لعام 2005 التي لا تتقيد بمعايير حقوق الإنسان، لم يستطع تقديم دعوى أمام المحاكم العادية ( ) ، وهو ما حال دون وصوله إلى أي سبيل انتصاف. ولأن قانون الأمن العام لعام 1947 وقانون منع الإرهاب يمنحان الحصانة لمسؤولي الدولة، فإن صاحب البلاغ لم يستطع رفع دعوى مدنية ضد الدولة الطرف والموظفين المتورطين في احتجازه وتعذيبه. وبالمثل، يمنح القانون رقم 15 لعام 1979 (بصيغته المعدلة) من قانون العقوبات الجنائية المسؤولين الحكوميين الحصانة من المقاضاة عن الإجراءات التي يتخذونها بحسن نية عند الاضطلاع بواجباتهم. وعلى أية حال، حتى وإن كان بإمكان صاحب البلاغ رفع دعوى مدنية ضد الدولة و/أو الأفراد المعنيين، فإنه لا يمكن اعتبارها سبيل انتصاف ملائم اً وفعال اً في حالته. كما يدعي صاحب البلاغ أن النظام القانوني السريلانكي ينص على إمكانية رفع دعوى أمام المحكمة العليا بسبب انتهاك الحقوق الأساسية، أو الاحتجاج لدى المدّعي العام لإعلان أحد القوانين متجاوز اً لحدود السلطة، أو التشجيع على مقاضاة موظفين عموميين. غير أن أي اً من هذه البدائل لا يشكل سبيل انتصاف فعال اً لأن النظام القضائي ليس مستقل اً ونزيه اً في سري لانكا . وقد رفع أفراد آخرون دعاوى أمام المحكمة العليا بسبب انتهاك الحقوق الأساسية لكنها لم تنجح لأسباب مختلفة، أو لعدم البت فيها بعد مرور عدة أشهر أو سنوات على رفعها ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، لم يكن المدعي العام نزيه اً وكثير اً ما كان يرفض اتخاذ إجراءات بشأن الشكاوى المقدمة من الأفراد الذين يزعمون أن حقوقهم الأساسية انتُهكت، أو يعرقل الإجراءات المتخذة في هذا الصدد. وفي هذا السياق، يؤكد صاحب البلاغ أن الدعوى التي رفعها ضد الدولة و/أو المسؤولين المعنيين بسبب انتهاك حقوقه الأساسية، لم تكن لتنجح لأن قرارات مكتب المدعي العام تنطوي على طابع سياسي. ويدّعي صاحب البلاغ أنه مُنع من تقديم طلب إلى المحكمة العليا لمراجعة لوائح الطوارئ مراجعة قضائية في ضوء أ مر الأمن العام 1947 واللائحة 19 (10) من لوائح الطوارئ لعام 2005 لأن هذه اللائحة تنص على أن أوامر الاحتجاز الإداري التي تصدر بموجب لوائح الطوارئ "لا يجوز أن يطعن فيها في أي محكمة لأي سبب كان".

2-17 وشعر صاحب البلاغ بعد الإفراج عنه بعدم وجود احتمال معقول لنجاح محاولة إلغاء إدانته بعد أن تعرض لممارسات النظام القانوني المجحفة ( ) . وفي هذا الصدد، يدفع بأن عدة حالات مماثلة لحالته عرضت على المحاكم السريلانكية لكنها لم تكلل بالنجاح. ويشير إلى أن أوجه القصور التي تعتري الإجراءات الجنائية، مثل التأخير غير المبرر في التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، أثرت كثير اً في نزاهة نظام العدالة الجنائية ( ) . وقال أيض اً إنه يخشى على أمنه وأمن أسرته. أما خوفه من الانتقام فمرده أفعال التعذيب والتهديدات التي تعرض لها أثناء احتجازه، وكذا رد فعل السلطات بعد أن روى قصته لإحدى الصحف في كندا. وبالإضافة إلى ذلك، يدّعي صاحب البلاغ أنه سيتعرض لخطر كبير في حال العودة إلى سري لانكا من أجل الحصول على أي سبيل انتصاف محلي. وعلى الرغم من زيادة ادعاءات انتشار التعذيب وسوء المعاملة وحالات الاختفاء على أيدي موظفي إنفاذ القانون، بات الإفلات من العقاب فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان يكتسي طابع اً مؤسسي اً ومنهجي اً في سري لانكا على مر السنين ( ) . وفي هذا السياق، تفتقر السلطة القضائية إلى الاستقلالية، وهو ما يقوض، أو يكاد يقوض، احتمال أن يحصل الضحايا، لا سيما الأشخاص المنحدرون من أصل تاميلي، على سبل انتصاف أو تعويضات جرّاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ( ) . وعلى الرغم من صدور أحكام قضائية وتسجيل محاكمات ناجحة وغير ذلك من النتائج الإيجابية لصالح الضحايا في سري لانكا ، فإن هناك من الوثائق ما يفيد بأن قصص النجاح قليلة ومتباعدة وتظل تشكل استثناء من الاتجاه العام للإفلات من العقاب في البلد. وهكذا، لن تجدي كل الجهود التي سيبذلها صاحب البلاغ لطلب الحصول على سبل الانتصاف في سري لانكا .

الشكوى

3-1 يدَّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المواد 7 و9 و10 و14 من العهد.

3-2 ويدفع صاحب البلاغ، فيما قدمه من معلومات أساسية، بأن السلطات قامت منذ عام 2005، في سياق النزاع المسلح بين الحركة وقوات الأمن السريلانكية، بزيادة عمليات الجيش والشرطة التي أدت في حالات كثيرة إلى تعرض أفراد من التاميل للاعتقال التعسفي، والإعدام خارج نطاق القضاء، وحالات اختفاء قسري وتعذيب. وتشير بعض التقارير إلى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما في آخر مراحل النزاع المسلح، أي في الفترة من شباط/فبراير إلى أيار/مايو 2009 ( ) . وخلال هذه السنوات، كان يمارس التعذيب على نطاق واسع في سري لانكا ( ) ، لا سيما في سياق عمليات مكافحة الإرهاب التي كانت تضطلع بها القوات المسلحة والشرطة، بما فيها شعبة التحقيقات ( ) . ويدّعي كذلك أن الشعبة متورطة في العديد من حالات سوء المعاملة والتعذيب. وغالب اً ما كان الأشخاص المحتجزون يودعون في مرافق الحبس الانفرادي التابعة للشعبة ويحرمون من زيارات أقاربهم والمحامين ومجموعات حقوق الإنسان ( ) .

3-3 وفيما يتعلق بادعائه بموجب المادة 7، يفيد صاحب البلاغ بأن موظفي شعبة التحقيقات والحراس عاملوه، عند اعتقاله وأثناء احتجازه، معاملة تتنافى مع أحكام المادة 7 من العهد. وعلى وجه الخصوص، استُجوب صاحب البلاغ في آب/أغسطس 2008 لعدة ساعات وأُجبر تحت التعذيب على توقيع اعتراف زائف مفاده أنه استورد بصورة غير قانونية جهاز اً لتحديد المواقع لفائدة الحركة. ويزعم صاحب البلاغ أن جميع الأحداث التي عاشها بصورة فردية وجماعية تشكل ضرباً من التعذيب . وفي حال لم تتفق اللجنة مع هذا التقييم، فإن صاحب البلاغ يدفع بأن هذه الأحداث تشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة.

3-4 ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 9 من العهد. فهو لم يحتجز بالاستناد إلى أسس قانونية، لأن أسس توقيفه لأول مرة لم تكن معقولة ولا محتملة . وإضافة إلى ذلك، لم يبلغه ضباط شعبة التحقيقات بأي سبب وجيه لاعتقاله . ولم يمثل قط أمام قاض ولم تمنحه أي فرص ة للطعن في أي جانب من جوانب احتجازه. ولم يسمح له بالاتصال بمحام إلى حين مثوله أمام القاضي لأول مرة ، أي بعد أن كان قد احتُجز لمدة سنة دون أن توجّه إليه تهم.

3-5 وبالإضافة إلى انتهاك المادة 7 من العهد، يدّعي صاحب البلاغ أن الأوضاع في مختلف مراكز احتجازه كانت تشكل انتهاك اً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 10، وكذا للعديد من أحكام الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه حُرم لبعض الوقت، أثناء احتجازه، من الأدوية اللازمة لعلاج مرضه بداء السكري ولم يوفر له موظّفو سجن ويليكادا الأدوية لعلاج آلام الصدر، رغم أن الطبيب كتب له وصفة أدوية وأصدر تعليمات لهذا الغرض. كما كان مجبر اً على النوم على الأرض وسط الصراصير والجرذان وبأصفاد ضيقة وكان مقيداً طول الوقت إلى أحد المكاتب. وفي مركز الاحتجاز بوسا، أودع في الحبس الانفرادي وأجبر على التبول في قارورة والتغوط في كيس بلاستيكي. كما لم يكن مفصول اً عن السجناء المدانين بجرائم قتل وغيرها من الجرائم العنيفة.

3-6 وأخيراً، يدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب الفقرات  (1) و(2) و(3)(ز) من المادة 14 من العهد. ويرى أن الشرطة قوّضت وأفسدت نزاهة ا لعملية القضائية لأنها قدمت معلومات كاذبة لتبرير استمرار احتجاز صاحب البلاغ واستخدمت ضده اعترافات منتزعة تحت التعذيب. كما أن سير إجراءات المحكمة انتهك حقوقه في محاكمة عادلة، لأن المحكمة لم تتصرف بصورة مستقلة ومحايدة ولم تحقق في سوء المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ. وعلاوة على ذلك، يشكل استخدام اعترافات غير طوعية ومنتزعة تحت الإكراه انتهاك اً للمادة 14 (3)(ز) من العهد. ويدّعي صاحب البلاغ كذلك أن الحالات التي قدّم فيها المدعي العام لائحة اتهام لم تستند في غالب الأحيان سوى إلى اعترافات قسرية وقّع عليها المتهم، وأن المادة 16(2) من قانون منع الإرهاب تجيز قبول الاعترافات القسرية كأدلة، مع تحميل المتهم عبء إثبات أن الاعتراف "عديم الصلة". وفي حالته، أسقطت التهم عنه لعدم كفاية الأدلة، فيما عدا التهمة التي اعترف بها كذب اً بسبب التعذيب والاحتجاز التعسفي المطول.

3-7 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف، في جملة أمور، بما يلي: (أ) إقرار انتهاكاتها للعهد؛ و(ب) إجراء تحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها واتخاذ إجراءات تأديبية جنائية ضد الجناة؛ و(ج) تعويضه عن الأضرار التي لحقته هو وأسرته جراء الانتهاكات المرتكبة وعن غير ذلك من الأضرار القابلة للتقييم؛ و(د) تقديم تأكيدات أو ضمانات بعدم تكرار ذلك؛ و(ه) اتخاذ التدابير التشريعية اللازمة لتفعيل الحقوق المكفولة بموجب المواد 7 و9 و10 و14 من العهد.

عدم تعاون الدولة الطرف

4-1 طُلب إلى الدولة الطرف، من خلال مذكرتين شفويتين مؤرختين 22 حزيران/ يونيه 2014 و22 شباط/فبراير 2015، أن تقدم إلى اللجنة معلومات عن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وفي 27 آب / أغسطس 2014 ، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها لا تستطيع تقديم المعلومات المطلوبة بسبب الحكم الذي أصدرته المحكمة الع ليا لسري لانكا في قضية نالاراتنام سينغاراسا ضد المدعي العام في 15 أيلول/سبتمبر 2006، وأشارت فيه إلى أن حكومة سري لانكا ، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، انتهكت أحكام الدستور وإلى أن المحاكم والهيئات القضائية المنشأة بموجب الدستور هي وحدها المخولة البت في حقوق الشعب السريلانكي. وأفادت الدولة الطرف بأنه كان من اللازم احترام أحكام المحاكم المحلية. وفي 21 أيار/مايو 2015، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن سلطاتها أطلقت، بعد الانتخابات الرئاسية في 8 كانون الثاني/يناير 2015، مشاورات راعت فيها آراء اللجنة ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بشأن إمكانية مراجعة قرار المحكمة العليا المذكور أعلاه؛ وبأنه سيقدم رد على البلاغ عند نهاية هذه المشاورات.

4-2 وطُلب إلى الدولة الطرف، من خلال مذكرات شفوية مؤرخة 15 حزيران/يونيه 2015 و22 كانون الأول/ديسمبر 2015 و23 أيار/مايو 2016، أن تقدم إلى اللجنة معلومات عن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أنها لم تتلق هذه المعلومات وأن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات عن المشاورات المذكورة في مذكرتها الشفوية المؤرخة 21 أيار/ مايو 2015. وتأسف اللجنة لعدم تقديم الدولة الطرف أي م علومات فيما يتعلق بمقبولية ادعاءات صاحب البلاغ أو موضوعها. وتذكِّر بأن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تلزم الدول الأطراف بأن تفحص بحسن نية جميع الادعاءات المقدَّمة ضدها، وأن تتيح للجنة كلّ ما لديها من معلومات ( ) . وبما أنه لم يرِد أي جواب م ن الدولة الطرف، فإنه يجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاعتبار اللازم ما دامت مدعومة بالأدلة الكافية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 على اللجنة، قبل أن تنظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

5-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لمقتضيات المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد الدراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5-3 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب الفقرتين (1) و(2) من المادة 14 من العهد، لأن احتجازه استند إلى معلومات كاذبة، وبأن المحاكم لم تتصرف بصورة مستقلة ونزيهة. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يوضح الأسباب التي جعلته يرى أن المحاكم لم تتصرف باستقلالية ونزاهة فيما يتعلق بالظروف الخاصة لقضيته. وبالمثل، لم يوضح صاحب البلاغ كيف انتهكت سلطات الدولة الطرف حقه في افتراض البراءة. وبناء على ذلك، تعتبر اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية لدعم ادعاءاته التي تشير إلى انتهاك الفقرتين (1) و(2) من المادة 14 من العهد، ومن ثم تعتبر هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-4 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه لم تكن توجد وقت انتهاك حقوقه سبل انتصاف محلية يمكنه استنفادها وبأن تلك الموجودة حالي اً ينبغي اعتبارها غير فعالة (انظر الفقرت ي ن 2-16 و2-17 أعلاه). ويدّعي صاحب البلاغ توافر بعض سبل الانتصاف المحلية في سري لانكا ، مثل الحق الأساسي في رفع دعوى ضد الدولة و/أو مسؤولين معينين في الدولة إلى المحكمة العليا، لكن من غير المرجح بصورة معقولة أن تجدي نفعا ً لا حاضرا ً ولا مستقبلا ً ، كما يتّضح من حالات مشابهة عُرضت على المحاكم السريلانكية، وذلك بالنظر إلى الإفلات من العقاب فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وعدم استقلال السلطة القضائية، على النحو المبين في التقارير المقدمة من منظمات دولية ومنظمات غير حكومية معروفة. وبناء عليه، يدّعي صاحب البلاغ أن هذه السبل غير فعالة في الممارسة العملية. وفي ضوء جميع المعلومات المقدّمة إلى اللجنة وفي ظل غياب ملاحظات من الدولة الطرف تدحض تأكيدات صاحب البلاغ، ترى اللجنة أنه لا توجد عقبات أمام مقبولية البلاغ بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

5-5 وفي ظل استيفاء جميع شروط المقبولية، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ في حدود ما يثيره من م سائل في إطار المواد 7 و9 و10 و14(3)(ز) من العهد وتشرع من ثم في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ أنه تعرض لتهديدات وسوء معاملة شديدة من جانب بعض موظفي الدولة أثناء الاحتجاز، وأنه أجبر على توقيع اعتراف؛ وأن السلطات هددته بالقتل؛ وأنه تعرض للضرب على أيدي موظفي شعبة التحقيقات في 17 كانون الأول/ديسمبر 2007؛ وأن الموظف المكلف بمرفق الاحتجاز التابع لشعبة التحقيقات وعده في صباح اليوم التالي بالتوقف عن ضربه حالما يوقع على الاعتراف؛ وأنه أجبر على مشاهدة أفعال التعذيب التي كان يتعرض لها غيره من السجناء. وعلى وجه الخصوص، يدّعي أنه اعترف تحت الضغط بانتمائه إلى جناح الاستخبارات الدولي للحركة، وذلك في تموز/يوليه 2008 عندما كان محتجز اً في مرفق كولومبو التابع لشعبة التحقيقات؛ وأن المستجوبين هدّدوه باعتقال زوجته واغتصابها وقتل طفله في حال رفضه الاعتراف، وأنهم أخبروه في بداية آب/أغسطس بأنهم سيستصدرون أمر اً باحتجاز زوجته؛ وهكذا، أُجبر على كتابة بيان يعترف فيه بأنه استورد بصورة غير قانونية لفائدة الحركة جهاز اً لتحديد المواقع؛ وأنه عُرض لاحقا ً على المحكمة واتُّهم باستخدام طرق غير قانونية لاستيراد جهاز لتحديد المواقع وبالتواطؤ مع الحركة. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه لم يزود، بعد اقتياده إلى مرفق الاحتجاز في كولومبو، بالأدوية اللازمة لعلاج مرضه بداء السكري إلا عندما زاره لأول مرة ممثل لمكتب المفوضية السامية بكندا؛ وبأنه كان يضطر إلى التبول كثير اً بسبب نقص الأدوية، لكن الحراس لم يكونوا يسمحون له دائم اً باستخدام المرحاض وأحيان اً لم يكن له خيار آخر سوى التبول في ثيابه وعدم تغييرها. وأفادت الادعاءات أيض اً بأن حراس سجن ويليكادا رفضوا تزويد صاحب البلاغ بالأدوية اللازمة لعلاج مرضه بداء السكري؛ وبأن صاحب البلاغ انتابته أيض اً آلام في الصدر والمفاصل، لكنه لم ينقل إلى المستشفى إلا بعد أن وجهت المفوضية السامية رسالة إلى المشرف على السجون في كولومبو في 2 آذار/مارس 2010؛ وبأن طبيب المستشفى أشار بضرورة إدخال صاحب البلاغ إلى المستشفى غير أنه أعيد إلى السجن حيث لم تقدم إليه قط الأدوية التي وصفها له الطبيب. وفي ظل غياب ردّ من الدولة ال طرف بهذا الشأن، تولي اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ الاهتمام الواجب وتخلص إلى حدوث انتهاك لحقوقه المكفولة بالمادة 7 من العهد.

6-3 وفي ضوء هذا الاستنتاج، ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت كذلك، بالنظر إل ى حيثيات هذه القضية، حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14(3)(ز).

6-4 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن ضباط شعبة التحقيقات لم يبلغوه في 14 أيلول/سبتمبر 2007 بأسباب اعتقاله؛ وأنه لم يحتجز على أسس قانونية؛ وأنه لم تتح له فرصة الطعن في مشروعية احتجازه . ويدفع بأنه لم يمثل أمام قاض إلا بعد مرور ع ام على احتجازه، أي في أيلول/سبتمبر 2008 أو حوالي ذلك التاريخ؛ وبأنه كان خلال تلك الفترة محتجز اً دون تهمة. وفي غياب رد من الدولة الطرف بهذا الشأن، تعتبر اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 من العهد .

6-5 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ أنه خضع لظروف الاحتجاز العامة، وهو ما يشكل انتهاك اً للمادة 10 من العهد (انظر الفقرات 2-5 و2-9 و2-13 أعلاه) ( ) . وفي غياب أي طعن أو توضيحات ذات صلة من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى أن هذه الأخيرة انتهكت أحكام ال مادة 10 من العهد.

7- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المواد 7 و 9 و 10 و 14 (3)( ز ) من العهد .

8- ووفقاً لأحكام الفقرة (3)(أ) من المادة 2 من العهد، يجب على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. ويقتضي ذلك أن تمنح الدولة الطرف تعويضاً كاملاً للأشخاص الذين تُنتهك حقوقهم المنصوص عليها في العهد . وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل وفعال في الوقائع التي قدمها صاحب البلاغ؛ و(ب) ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة المسؤولين عن الاعتقال التعسفي لصاحب البلاغ وسوء معاملته واحتجازه اللاإنساني، وإعلان نتائج هذه التدابير؛ و(ج) تقديم تعويض كافٍ وتدابير ترضية مناسبة لصاحب البلاغ، بسبب ما تعرض له من انتهاكات. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل . وعلى وجه الخصوص، ينبغي للدولة الطرف أن تكفل ما يلي : ( أ ) مواءمة تشريعاتها مع أحكام العهد؛ ( ب ) تحمل الادعاء عبء إثبات أن الاعتراف لم يُنتزع عن طري ق التعذيب أو غيره من ضروب إساءة المعاملة في الدعاوى المرفوعة على الشخص المدعي أنه ضحية.

9- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغات الدولة الطرف الرسمية .