لجنة مناهضة التعذيب
قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 717/2015 * **
بلاغ مقدم من: أ. ش. وآخرون ( تمثلهم محامية، أنجيلا ستيتلر )
الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبا الشكوى
الدولة الطرف: سويسرا
تاريخ الشكوى: 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
تاريخ اعتماد هذا القرار: 4 أيار/مايو 2018
الموضوع: ترحيل إلى الاتحاد الروسي
المسائل الإجرائية: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية
المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب عند العودة إلى بلد المنشأ ، عدم الإبعاد
مواد الاتفاقية: المادة 3
1 - 1 صاحبا الشكوى ه ما أ. ش. وزوجته ز. ه. ، المولودان في 1970 و1974 على التوالي . وقُدِّمت الشكوى أيضا ً باسم أبنائهم ا أح. ش.، وأش. ش.، وأ . م. ش. المولودين في 2003 و2004 و2011 على التوالي. وصاحبا الشكوى شيشاني ا ن عقيد تهم الإسلام و يحمل ا ن جنسية الاتحاد الروسي . وفي وقت تقديم شكواهم ا ، كانا مقيمين في سويسرا في انتظار ترحيلهم ا إلى الاتحاد الروسي، بعد رفض ال طلبات المتعلقة ب لجوئهم ا . و هما يدعيان أن إعادتهما إلى الاتحاد الروسي س تشكل انتهاكاً من جانب سويسرا للمادة 3 من الاتفاقية. وتمثل صاحبي الشكوى محامية .
1-2 وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 114(1) من نظامها الداخلي (CAT/C/3/Rev.6)، ومتصرفة عن طريق مقرِّرها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، وقف إجراء إعادة صاحبي الشكوى إلى الاتحاد الروسي بينما تنظر اللجنة في شكواهما. وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2015، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها قبلت هذا الطلب. وفي 8 تموز/يوليه 2016، رفضت اللجنة، متصرفة عن طريق المقرِّر نفسه، طلب الدولة الطرف المؤرخ 21 كانون الثاني/يناير 2016 النظر في مقبولية الشكوى بمعزل عن أسسها الموضوعية وإلغاء التدابير المؤقتة.
الوقائع كما عرضها صاحبا الشكوى
2 - 1 في عام 1994، قاتل أ. ش. ضد جيش الاتحاد الروسي خلال حملته العسكرية الأولى في جمهورية الشيشان (الشيشان). وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2000، أي بعد الحملة العسكرية الثانية، أوقفه جنود روس هو ومجموعة من الرجال من منطقته واقتادوهم إلى مكان في العراء، و ط ُ لب منهم بعدئذ الكشف عن أسماء المتمردين الشيشان في المنطقة. و عندما أجاب الموقوفون كل على حدة ب أنهم لا يعرفون أي متمردين ، أقدم الجندي الذي كان يتولى استجواب أ. ش. على إطلاق النار عليه وأصاب ه في البطن. ويفيد أ. ش. بأن ه ن ُ قل إلى المستشفى السريري رقم 9 في غروزني، وأدلى ب تقرير طبي كإثبات ( ) .
2 - 2 وفي أيلول/ سبتمبر 2009، التحق زوج أخت أ. ش. ب مجموعة من المتمردين الشيشان وتوارى عن الأنظار بعد أن أصبح قائدا ً لتلك المجموعة. فتولى أ. ش. إثر ذلك دعم عائلة أخته ماليا ً . وفي عام 2010، طلب منه زوج أخته أن يشتري أدوية للمتمردين. فوافق أ. ش. على ذلك رغم تردد ه في البداية . وتسلم المتمردون الأدوية في شقته ليلتي 3 إلى 4 تموز/ يولي ه و31 تموز/ يوليه إلى 1 آب/ أغسطس 2010.
2 - 3 وفي مساء 2 آب/ أغسطس 2010، اعتقل أ. ش. وهو في طريقه إلى منزله قادما ً من العمل على يد ثلاثة من رجال الشرطة الذين اقتادوه إلى مركز شرطة أوكتيابرسكي في غروزني. وفي مركز الشرطة، تعرض للإهانة اللفظية و للضرب المبرح والخنق حتى كاد يغمى عليه . وحثه المحققون على "إخبارهم بكل شيء" وهددوه بضربه حتى الموت وبأنه "سيختفي دون أن يبقى له أثر" .
2 - 4 واعترف أ. ش. بتعاونه مع المتمردين وخضع لاستجواب دقيق بشأن هذا التعاون. وأُمر بإحالة كل رسالة يتلقاها من المتمردين إلى السلطات، وأُجبر على التوقيع على محضر الاستجواب وعلى تصريح يؤكد فيه استعداده للتعاون معه ا . واقتيد بعد ذلك إلى زنزانة تحت الأرض. وأفرج عنه في نفس الليلة بفضل مساعدة أحد الأقارب الذي كان يعمل نائب ا ً ل رئيس شرطة المدينة في غروزني . وفي 4 آب/ أغسطس 2010، ن ُ قل إلى العيادة الخارجية رقم 5 في غروزني، حيث ش ُ خص ت إصابته ب ورم دموي تحت الجلد وكدمات متعددة ( ) .
2 - 5 ومكث أ. ش. مع أقارب له مدة شهر ونصف تقريبا ً ، وأقام معهم أولا ً في الشيشان ثم في إنغوش ت يا ، قبل رحيله من الاتحاد الروسي. وفي تاريخ قريب من هذه الفترة، نفّذ المتمردون هجوم ا ً في ال قرية التي كان يعيش فيها رامزان قاديروف ، الرئيس الحالي للشيشان . و أدى هذا الهجوم إلى نشاط مكثف للمخابرات . وفي هذا السياق، بُحث عن أ. ش. في منزل ه وفي منزل والديه وفي منزل حمويه . و غادر أ. ش. الاتحاد الروسي بصورة قانونية في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2010 برفقة ابنه البكر، أح. ش. ووصل الاثنان إلى سويسرا في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2010.
2 - 6 وفي حوالي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، قدمت الشرطة إلى المتجر الذي يملكه أ. ش. في غروزني واستفسر ت عن مكان وجوده. وردّت زوجته بأنها لم تكن تعرف، فطُلب منها عندئذ مغادرة المحل، دون أن يُسمح لها بأخذ أغراضها الشخصية، وأُمر ت بتسليم المفاتيح حتى تتمكن الشرطة من إغلاق المحل. و بعد ذلك بيومين، صادرت الشرطة سيارة أ. ش. وبعد بضعة أيام، ذهبت زوج ة أ. ش. إلى إدارة مقاطعة زافودسكوي في غروزني لطلب إعادة فتح المتجر ف قيل لها إنه س ي بقى مغلق ا ً ما دام زوجها هاربا ً ، لأن المحل مملوك له. ولم تسفر زياراتها المتكررة إلى إدارة مقاطعة زافودسكوي عن أية نتائج.
2 - 7 وبعد بضعة أيام، حضرت الشرطة - مساء - إلى شقة صاحبي الشكوى وفتشت ها ، دون أمر قضائي، مستفسرة عن مكان وجود أ. ش. و إضافة إلى ذلك، طُلب من ز. ه. تسليم جواز سفرها. و عندما ذهبت إلى غرفة نوم ها لإحضاره ، تبعها القائد. و بدأ يخنقها من الخلف وغطى فمها وأنفها بيديه واغتصبها ( ) . وفي الليلة نفسها ذهبت ز. ه. وابنها أش. ش. للعيش مع والدتها وأخيها . وذكرت أنه بعد هذا الح ا دث، توقف ابنها أش. ش. عن الكلام لبضعة أيام ولم يعد يتواصل مع من حوله إلا با لإيماء وهز رأسه ؛ و بدأ يبلل سريره وأصبح يخاف الشرطة.
2 - 8 و غادر ت ز. ه. الاتحاد الروسي بصورة غير قانوني ة في سيارة ليلة 11-12 كانون الأول/ ديسمبر 2010، بمعية ابنها أش. ش. و وصل ا إلى سويسرا في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2010.
2 - 9 و بعد ما غادر صاحبا الشكوى الاتحاد الروسي، وردت عدة استدعاءات ( ) من ضابط التحقيق ومحكمة مقاطعة زافودسكوي في غروزني، موجهة إلى عنوان صاحب الشكوى الأول. وفي الاستدعاءين المرسلين من ضابط التحقيق ، المؤرخين 20 كانون الثاني/ يناير 2011 و16 شباط/ فبراير 2011 ، طُلب إلى أ. ش. الحضور كشاهد - في 24 كانون الثاني/ يناير 2011 و18 شباط/ فبراير 2011 على التوالي - إلى إدارة التحقيق في غروزني التابعة للجنة ال تحقيق ات في ا لاتحاد الروسي. و كان ت استدعاءات محكمة مقاطعة زافودسكوي مؤرخة 2 آب/ أغسطس 2011 و 12 أيلول/ سبتمبر 2011 و17 تشرين الأول/ أكتوبر 2011. و استُدعي أ. ش. بموجب المادة 208 من القانون الجنائي ( تشكيل تنظيم مسلح غير مشروع أو المشاركة فيه) إلى المثول كشاهد إلى أمام المحكمة، التي كان من المقرر أن تعقد جلساتها في 8 آب/ أغسطس 2011 و23 أيلول/ سبتمبر 2011 و21 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 على التوالي. وكان والده هو من تسلم الاستدعاءات.
2 - 10 وكلف شقيق أ. ش. عقب ذلك محام يا ً للاستفسار عن طبيعة الإجراءات المذكورة في الاستدعاءات. وفي 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، أخبرت إدارة وزارة الداخلية في الشيشان ( ) المحامي بأن دعوى جنائية أُقيمت ضد أ. ش. ع ملا ً بمواد القانون الجنائي 314 ( الفرار من قضاء عقوبة سلب الحرية) و 308 (رفض الشاهد أو الضحية الإدلاء بأقواله ) و208 ( تشكيل تنظيم مسلح غير مشروع أو المشاركة في ه ) ، وبأن المعني تغيب عن العديد من جلسات المحكمة. وفي الرسالة نفسها، ط ُ لب إلى المحامي الكشف عن مكان وجود أ. ش .
2 - 11 وفي 23 كانون الثاني / يناير 2013، حكمت المحكمة العليا للشيشان على ابن عم أ. ش. بالسجن ثلاث سنوات بسبب دعمه المالي المزعوم للمتمردين الشيشان ( ) . وفي 10 كانون الثاني/ يناير 2015، أُقيل شقيق أ. ش. م ن مهامه كضابط شرطة ومحقِّق في إدارة التحقيقات الجنائية، وزُعم أن ذلك يندرج في إطار إجراء عادي ( ) . و يعتقد صاحبا الشكوى أن ال إقالة كان ت بدافع ا نتقامي .
2 - 12 وطلب صاحبا الشكوى اللجوء في سويسرا - أ. ش. في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2010 و ز. ه. في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2010. و أجر ى المكتب الاتحادي للهجرة مقابلة استقصائية مع أ. ش. في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2010 ( ) . وأجرى مقابلة استقصائية مع ز. ه. في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2010. و أجر ى مع الاثنين مقابلتي استماع إلى موضوع الطلب في 9 آذار/ مارس 2011.
2 - 13 وفي 29 كانون الأول /ديسمبر 2011، رفض المكتب الاتحادي للهجرة طلبات اللجوء المقدمة من صاحبي الشكوى. واعتبر أن "المساوئ" التي يد ّ عي ها صاحبا الشكوى "كانت محدودة محلياً أو إقليمياً" ومقتصرة على ا لشيشان ، وهو ما يعني أن لديهم ملاذا ً داخلي ا ً بديلا ً في الاتحاد الروسي. ووضع المكتب الاتحادي للهجرة في الاعتبار كون أ. ش. تمكن من العيش في إنغو ت شيا لمدة شهرين قبل مغادرته الاتحاد الروسي دون أي مشاكل مع السلطات الاتحادي ة ، كما أنه تمكن من مغادرة الاتحاد الروسي ب جواز سفره الخاص ( ) . ولاحظ تأكيدات أ. ش. نفسه أنه لم يكن مبحوثا ً عنه من جانب الشرطة وأنه لم يكن لديه قط مشاكل مع السلطات على المستوى الاتحادي. وأكد المكتب الاتحادي للهجرة أن أ. ش. وز. ه. لديهما مستوى تعليمي أعلى من المتوسط وخبرة عمل مناسبة تسمح لهما بتوفير احتياجات أسرت ه ما وبناء حياة جديدة في الاتحاد الروسي. وأخيراً، شدد المكتب الاتحادي للهجرة على أن جزءاً كبيراً من السكان الشيشان يعيشون عادة خارج الشيشان. وقد ألغي النظام السابق ل تراخيص ا لإقامة ( propiska ) في عام 1993. و تكتفي سلطات الاتحاد الروسي بأخذ علم باختيار المواطن الاستقرار في منطقة معينة. ورغم أن بعض المناطق تحاول منع الاستقرار العشوائي باعتماد تدابير إدارية تقييدية، فإن المحكمة الدستورية للاتحاد الروسي قد ألغت هذه التدابير باعتبارها مناهضة للدستور.
2 - 14 وفي 2 شباط/فبراير 2012، طعن صاحبا الشكوى في قرار المكتب الاتحادي للهجرة أمام المحكمة الإدارية الاتحادية. واحتجا بأن مسألة الملاذ الداخلي البديل أمر لا يكتسي أهمية إلا إذا بُتّ في مسألة وجود خوف مبرر من الاضطهاد. و أو ضح أ. ش. ، خلافاً لما جاء في شهادته الأول ى ، أن تعرضه للإصابة الناجمة عن عيار ناري أطلقه عليه ضابط تابع لجيش الاتحاد الروسي حدث أثناء عملية تحقق من الهوية في 3 كانون الأول/ديسمبر 2000، وليس خلال الحملة العسكرية الأولى لجيش الاتحاد ال روسي في الشيشان. وقدم صاحبا الشكوى أيضاً نسخاً من الاستدعاء ات (انظر الفقرة 2-9 أعلاه) وترجمتها إلى اللغة الألمانية. واغتنما هذه الفرصة لإبلاغ المحكمة الإدارية الاتحادية ب ولادة طفلهم ا الثالث، أ. م. ش. في سويسرا في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2011. وصرحت المحكمة في قرارها المؤقت المؤرخ 21 شباط/ فبراير 2012 ب أن الطعن لا ينطوي على عناصر تعِد بنجاحه . وفي 28 شباط/ فبراير 2012، قدم صاحبا الشكوى نسخا ً من الشهادات الطبية وترجمتها إلى اللغة الألمانية.
2 - 15 وفي 24 أيار/ مايو 2012، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية الطعن . واعتبرت أن أ. ش. كذب على السلطات السويسرية عندما ذكر في البداية أن إصابته بعيار ناري حصلت خلال الحملة العسكرية الأولى لجيش الاتحاد الروسي في الشيشان، قبل أن ي دع ي فيما بعد أنه ا كانت نتيجة إطلاق جندي روسي النار عليه أثناء عملية تفتيش في عام 2000. ولم ت تقبل المحكمة حجة أ. ش. التي ذكر فيها أنه لم يقل الحقيقة في البداية بشأن إصابته بال طلق ال نار ي خوفا ً من أن تعتبره السلطات السويسرية متمردا ً شيشانيا ً . وفي هذا السياق، لاحظت المحكمة أن الحادث المزعوم قد وقع ، على أي حال، قبل أكثر من 10 سنوات من مغادرته الاتحاد الروسي، وبالتالي لم ت كن له صلة برحيله . وأكدت المحكمة قرار المكتب الاتحادي للهجرة بوجود ملاذ داخلي بديل يمكن لمواطني الاتحاد الروسي المنحدرين من أصل شيشاني اللجوء إليه في ظل ظروف معينة. وهذا يعني أن طالبي اللجوء من أصل شيشاني لا يخشون الاضطهاد الجماعي على أراضي الاتحاد الروسي إلا عندما يتعذر عليهم الحصول على حماية فعالة من سلطات مكان الإقامة البديل بسبب تعرضهم لاضطهاد من جانب سلطات المستوى الاتحادي. وفي هذه القضية، رأت المحكمة أن صاحبي الشكوى، ال ل ذين كانا يخش يا ن الاضطهاد من جانب السلطات الشيشانية، يمكنهم ا الاتصال بسلطات الاتحاد الروسي للحصول على حماية فعالة. وأشارت المحكمة على وجه التحديد في هذا السياق إلى أن أ. ش. لم ت كن لديه أي مشاكل مع السلطات الاتحادية في الاتحاد الروسي، و يمكن ه بالتالي التعويل على حمايته ا . وبناء على ذلك، ذكرت المحكمة أن المكتب الاتحادي للهجرة يمكن أن يستغني عن شرط تحديد ما إذا كان هناك خوف مبرر أم لا من الاضطهاد قبل اتخاذ قرار بشأن توافر الملاذ الداخلي البديل في هذه القضية. وأخيراً ، شككت المحكمة في مصداقية صاحبي الشكوى، لأنه ما عمد ا إلى تكييف سردهما للوقائع أثناء إجراءات اللجوء، ولم ي قدم ا أدلة عما زعماه من إغلاق متجره م ا، ومصادرة السيارة، واستجواب أ. ش. ، و وجود تصريح بشأن تعاون أ. ش. مع السلطات، وغير ذلك . ولم تقتنع المحكمة بالتفسيرات التي قدمها صاحبا الشكوى في هذا الصدد، لا سيما أن عم أ. ش. ضابط شرطة رفيع المستوى في غروزني، ويفترض أن يكون قد تمكن من الوصول إلى الأدلة المذكورة أعلاه ، وكان بإمكانه إحالتها إلى صاحبي الشكوى. واعتبرت المحكمة أيضاً أن كون الاستدعاء ات لا تنطوي على إجراءات جنائية ضد أ. ش . وأن الغرض منها ليس سوى طلب إدلا ئه بشهادته، فإنها ليست ذات أهمية من منظور طلب اللجوء المقدم من صاحبي الشكوى.
2 - 16 وفي 6 أيار/ مايو 2013، قدم صاحبا الشكوى طلب مراجعة الملف إلى المكتب الاتحادي للهجرة، استنادا ً إلى تقارير طبية جديدة تثبت أن أ. ش. وكذلك ز. ه. و ابنهما يعان ون من اضطراب الكرب التالي للرضح ، وإلى رواية ز. ه. بشأن تعرضها للاغتصاب. و قدم صاحبا الشكوى، على وجه الخصوص، عددا ً من التقارير الطبية الصادرة من العيادة الجامعية للطب النفسي والعلاج النفسي في ب ي رن ( المؤرخة 31 آب/ أغسطس 2012 و23 كانون الثاني/ يناير 2013 و11 نيسان/ أبريل 2013 و19 آذار/ مارس 2013)، تشير إلى أن ز. ه. عانت من اضطراب الكرب التالي للرضح نتيجة تعرضها للاغتصاب. واحتج صاحبا الشكوى ، مستندين - في جملة أمور - إلى معلومات مؤرخة 31 كانون الثاني/ يناير 2013 صادرة عن مكتب الحماية الموجود في غروزني التابع للجنة الدولية ل لصليب الأحمر ، بعدم وجود مستشفيات في الشيشان يمكن أن تقدم العلاج في حالات اضطراب الكرب التالي للرضح . ومن ثم، ففي ضوء العقبات الطبية القائمة، يصبح تنفيذ أمر الترحيل إجراء غير معقول. وفي 6 شباط/فبراير 2014، رفض المكتب الاتحادي للهجرة طلب المراجعة المقدم من صاحبي الشكوى، معتبرا ً أن ز. ه. قد أتيحت له ا العديد من الفرص أثناء إجراءات اللجوء المتعلقة بها لذكر أسباب أخرى ممكنة لطلب اللجوء ولم تفعل. وعلاوة على ذلك، لاحظ المكتب الاتحادي للهجرة أن صاحبي الشكوى لم يشيرا إلى مشاكلهم ا النفسية إلا بعد صدور الحكم النهائي ل لمحكمة الإدارية الاتحادية وبعدما تقرر طردهم ا . و خلص المكتب الاتحادي للهجرة إلى أن علاج صاحبي الشكوى من اضطرابات الكرب التالي للرضح التي ترد في التقارير الطبية التي قدم ا ها أمر متاح في بلدهم ا الأصلي، وأنهما بالتالي غير مضطرين لتلقي مثل هذا العلاج في سويسرا.
2 - 17 وفي 11 آذار/مارس 2014، طعن صاحبا الشكوى في القرار الثاني السلبي الصادر عن المكتب الاتحادي للهجرة أمام المحكمة الإدارية الاتحادية. وبناء على قرار مؤقت صدر في 17 آذار/ مارس 2014، أوقفت المحكمة الإدارية الاتحادية تنفيذ أمر الطرد. وفي 28 أيلول/ سبتمبر 2015، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية طعن صاحبي الشكوى، و اعتبرت أن مشاكلهم ا النفسية لا تكفي لتطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية، إذ لا يوجد التزام يقع على الدول بوقف إنفاذ أمر إبعاد عندما تساور ال شخص خواطر انتحار ية . و إذا لزم الأمر، يمكن اتخاذ تدابير مناسبة لتجنب الميول الانتحارية أثناء عملية الإبعاد . وعلاوة على ذلك، يمكن لأصحاب الشكوى الحصول على علاج لاضطراب الكرب التالي للرضح في الاتحاد الروسي لأن الملاذ الداخلي البديل سيكون متاحا ً له م ا.
الشكوى
3 - 1 يدعي صاحبا الشكوى أنهما سيتعرضان للتعذيب إذا ما أُعيد ا إلى الاتحاد الروسي. ولذلك ف إن سويسرا س تنتهك المادة 3 من الاتفاقية، لا سيما الالتزام بعدم الإعادة القسرية. وقدم ا أدلة كافية لدعم ادعاءاتهما ، بما في ذلك تقارير طبية تؤكد أن أ. ش. تعرض للتعذيب أثناء استجوابه في مخفر شرطة أوكتيابرسكي في 2 آب/ أغسطس 2010. ومردّ عدم شرحه على نحو صحيح في أقواله الأول ى سبب إصابته ب طلق ناري هو خوفه من أن تعتبره السلطات السويسرية متمردا ً شيشانيا ً . وقد اتبعت المحكمة الإدارية الاتحادية في هذا الصدد نهجا ً شكليا ً ، كما اعتبرت أن ن ُ سخ الاستدعاء ات دليل غير مقبول (انظر الفقرة 2-15 أعلاه) ، لكن ها توقعت من صاحبي الشكوى في المقابل أن يُقدِّما بمساعدة من عم أ. ش. أدلة مستقاة من السلطات الشيشانية بشأن الإجراءات غير القانونية المتخذة وهي إغلاق متجر أ. ش. ، ومصادرة سيار ته، وتفتيش شقته دون أمر قضائي. وقد ي ُ عر ِّ ض العم في هذه الحالة نفسه للخطر ويثير انتباه ضباط الشرطة الآخرين إذا حاول الحصول على هذه الأدلة. والغرض الوحيد من الاستدعاء ات الصادرة باسم أ. ش. هو ضمان مثوله أمام السلطات.
3 - 2 وفيما يتعلق بادعاءات ز. ه. بشأن تعرضها ل لاغتصاب، يشير صاحبا الشكوى إلى الاجتهادات القانونية للجنة ( ) التي تعتبر أن الاغتصاب هو التسبب في ألم ومعاناة شديدين لتحقيق عدد من الأغراض المحظورة، و هو بالتالي ضرب من التعذيب. ودفع صاحبا الشكوى ب أن سلطات الدولة الطرف طبقت في هذا الصدد معيار إثبات صارما ً للغاية وأشارا إلى عدة قرارات اتخذتها اللجنة اعتبرت فيها أن التأخر في الإبلاغ عن الاعتداء الجنسي لا يقوض مصداقية صاحب الشكوى ( ) . ولم يعتمد المكتب الاتحادي للهجرة في قراره إلا على كون ز. ه. لم تذكر الاغتصاب خلال ال إجراء الأول المتعلق بطلب اللجوء ، على الرغم من ال توضيح الوارد في التقارير الطبية المقدمة ومؤداه أن تجنب الذكريات المؤلمة يشكل أحد الأعراض الرئيسية ل اضطراب الكرب التالي للرضح . وعلاوة على ذلك، لم تفحص المحكمة الإدارية الاتحادية مصداقية ادعاءات ز. ه. بشأن الاغتصاب.
3 - 3 و يعاني صاحبا الشكوى، نتيجة للأحداث المؤلمة التي وقعت لهم ا ولأفراد عائلتهما في الشيشان، من اضطراب الكرب التالي للرضح واضطراب اكتئابي شديد، وهي حالة تقترن بخواطر انتحارية ، الأمر الذي أدى إلى تلقيهما علاج ا ً نفسي ا ً وسيكولوجيا ً في سويسرا. وشُخص ت إصابة ابنهما أش. ش. ب اضطراب الكرب التالي للرضح مع حالة سلس بول ي لا علاقة له ا بأي مادة أو حالة فسيولوجية معروفة ، و هو يتلقى علاجا ً سيكولوجيا ً .
3 - 4 وفيما يتعلق بالملاذ الداخلي البديل ، يدفع صاحبا الشكوى بأن هذا الخيار غير متاح لهم ا ، ما داما تعرضا لمعاملة سيئة و للاضطهاد من جانب "موظفين عموميين أو أشخاص آخرين يعملون بصفتهم الرسمية في شمال القوقاز". لذلك يخشى صاحبا الشكوى اضطهاد ا ً تمارسه الدولة. و هما يشير ان إلى ورقة صادرة في عام 2003 عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تفيد بأن الانتقال الداخلي إلى مناطق أخرى من الاتحاد الروسي لا يمكن أن يكون حلاً مناسبا ً عندما يكون المـُضطهِد أحد وكلاء الدولة ( ) . و تشير المبادئ التوجيهية المتعلقة ب معاملة النازحين داخليا ً وطالبي اللجوء واللاجئين الشيشانيين في أوروبا ، الصادرة عن المجلس الأوروبي المعني باللاجئين والمنفيين، ا لتي ن ُ قح ت في عام 2007، إلى أن توفير حماية داخلية بديلة ومستدامة للشيشانيين المحتاجين إل ى حماية دولية أمر غير متاح ( ) . وفيما يتعلق ب حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أ. ضد السويد ( ) و ب المبادئ التوجيهية للمجلس الأوروبي المعني بال لاجئين والمنفيين التي حُدّثت في آذار/ مارس 2011 ( ) ، يذكر صاحبا الشكوى أن الأشخاص من أصل شيشاني العائد ين من الخارج يُستدعون إلى اجتماع مع جهاز الأمن الاتحادي ووزارة الداخلية، ويخضعون لل استجواب، وغالباً ما يقترن ذلك بالتهديد وسوء ال معاملة وبمطالبتهم بدفع أموال . ويجبر الشباب، على وجه الخصوص، على التعاون مع أجهزة الأمن. وتعمل هذه الكيانات في كامل أراضي الاتحاد الروسي. لذلك، لا يوجد ملاذ داخلي بديل للاجئين من شمال القوقاز، ما داموا يجبرون على الخضوع لل استجواب و التعاون مع النظام في جميع أنحاء الاتحاد الروسي. وحتى إذا لم تتمكن السلطات الشيشانية من ممارسة السلطة خارج الشيشان مباشرة، فإنها تتعاون مع سلطات الاتحاد الروسي، و ت حصل هذه الأخ ي رة على معلومات من السلطات الشيشانية بشأن الأشخاص المشتبه في أنهم متمردون . ولذلك، من الواضح لصاحبي الشكوى أن سلطات الاتحاد الروسي لن تحميهم ا - باعتبارهما شخصين من أصل شيشاني تتهمهم ا السلطات الشيشانية بالتعاون مع المتمردين - لأنهم ا يعمل ا ن ضد مصالح حكومة الاتحاد الروسي. وبناء على ذلك، فإن صاحبي الشكوى معرضان بصورة حقيقي ة لخطر إقدام سلطات الاتحاد الروسي على ا ستجواب هما وتعذيب هما قبل تسليمهما إلى الشيشان .
3 - 5 ويؤكد صاحبا الشكوى أيضاً أن منطقة شمال القوقاز كانت ساحة لنزاع سياسي ومدني منذ فترة طويلة، وأن قوات الأمن التابعة للاتحاد الروسي تتعامل مع عدم الاستقرار بإجراءات قاسية، بما في ذلك ب فرض عقوبات خارج نطاق القانون وتعزيز المراقبة التي يمكن أن تؤدي إلى تفتيش المنازل والاعتقالات والتعذيب والقتل. وفي هذا السياق، يشير صاحبا الشكوى إلى الملاحظات الختامية للجنة لعام 2012 بشأن الاتحاد الروسي ( ) ، التي تفيد بشيوع ممارسة ا لتعذيب وسوء المعاملة كوسيلة لانتزاع الاعترافات، وإلى أن السلطات لا تجري تحقيقات فورية وفعالة ومستقلة في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة اللذين يرتكبهما المسؤولون . ويشير صاحبا الشكوى أيضا ً إلى قرار صدر حديثا ً عن اللجنة بشأن قضية تسليم إلى الاتحاد الروسي خلصت فيه إلى أن ه قد ثبت بصورة كافية وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان إلى جانب خطر التعرض ل لتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في منطقة شمال القوقاز من الاتحاد الروسي ( ) . و يشير صاحبا الشكوى أيضاً إلى تقارير قدمتها عدة منظمات غير حكومية، تفيد بأن أجهزة إنفاذ القانون والأمن في منطقة شمال القوقاز تواصل معاقبة أقارب ا لمتمردين المزعومين ومن يشتبه في أنهم من ال مؤيد ين ( ) . و جاء في تلك التقارير أن أفراد عائلات نشطاء المقاومة الشيشانية يتعرضون لخطر التعذيب أو الاختطاف أو حتى القتل خارج نطاق القضاء على أيدي سلطات الأمن التابعة للاتحاد الروسي ( ) .
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4 - 1 في 21 كانون الثان ي /يناير 2016، طعنت الدولة الطرف في مقبولية الشكوى. وتذكّر الدولة الطرف بأن صاحبي الشكوى دفعا في شكواهم ا المقدمة إلى اللجنة بما يلي: (أ) شرعت سلطات الاتحاد الروسي في إجراءات جنائية ضد صاحب الشكوى الأول؛ (ب) في 23 كانون الثاني /يناير 2013، حكمت المحكمة العليا في الشيشان على ابن عم أ. ش. بالسجن ثلاث سنوات ؛ (ج) أُقيل شقيق أ. ش. من مهامه كضابط شرطة في 10 كانون الثاني/ يناير 2015. ولم تثر هذه العناصر مع سلطات الدولة الطرف خلال إجراء المراجعة ( ) . ولم يقدم صاحبا الشكوى أيض ا ً أي أدلة إلى سلطات الدولة الطرف دعماً لهذه العناصر. و كان ينبغي أن تتاح للدولة الطرف فرصة لتقييم الأدلة الجديدة قبل تقديم الشكوى إلى اللجنة. وفي سياق إجراء المراجعة ، اقتصر صاحبا الشكوى أساسا ً على ذكر مشاكل صحية، وغياب المرافق الطبية في الاتحاد الروسي، و مسألة رفاه أطفالهم ا، الذين سيجدون أنفسهم كمن اقتلع من جذوره في حالة عودتهم. وتزعم الدولة الطرف أن ه كان بإمكان أ. ش. وأطفاله الثلاثة تقديم طلب لجوء ثان على أساس الأدلة الجديدة التي أصبحت متاحة بعد إغلاق ال إجراء الأول المتعلق بطلب اللجوء. ويقتضي الشروع في إجراء جديد للجوء بعد تقديم طلب اللجوء الثاني الحق في الإقامة في سويسرا إلى حين اكتمال الإجراء ات . وفيما يتعلق بالسبل الاستثنائية للإدلاء ب حقائق جديدة، لا يمكن لا للمكتب الاتحادي للهجرة (في سياق طلب المراجعة ) ولا للمحكمة الإدارية الاتحادية (في سياق طلب إعادة النظر ) أن يُقرّا تدابير ذات أثر إيقافي . وفي جميع الحالات، يُت ّ خذ قرار ب تعليق إنفاذ أمر الطرد، أو باعتبار الطعنِ طلب َ لجوءٍ جديد ا ً ، بعد إجراء بحث فردي للقضية ، الأمر الذي يتضمن تقييماً للمخاطر عملاً بالمادة 3 من الاتفاقية.
4 - 2 وتخلص الدولة الطرف، بالتالي، إلى أن أ. ش. وأبناءه الثلاثة لم يستنفدوا سبل الانتصاف الداخلية ، لأنهم لم يستعملوا الوسائل الفعالة لتقديم مطالبات وأدلة جديدة إلى المكتب الاتحادي للهجرة، الذي كان يمكن الطعن في قراره السلبي أيضاً أمام المحكمة الإدارية الاتحادية.
تعليقات صاحبي الشكوى بشأن ملاحظات الدولة الطرف المتعلقة بالمقبولية
5-1 يحتج صاحبا الشكوى في التعليقات المقدمة منهم ا في 18 آذار/مارس 2016 بأن أ. ش. قد أشار في الطعن الذي قدمه أمام المحكمة الإدارية الاتحادية في 2 شباط/فبراير 2012 إلى الاستدعاءات التي أصدرتها السلطات الشيشانية بحقه. وفي 14 شباط/فبراير 2012، قدمت محاميتهم ا نسخاً منها إلى المحكمة، إلى جانب ترجمتها بالألمانية (انظر الفقرة 2-14 أعلاه). غير أن المحكمة الإدارية الاتحادية صرّحت في قرارها المؤقت الصادر في 21 شباط/فبراير 2012 بأن أ. ش. قد استُدعي كشاهد، لا كمدعى عليه، وأن تلك الاستدعاءات "ليست حجة وجيهة" لتفنيد افتراض وجود ملاذ داخلي بديل في الاتحاد الروسي متاح لصاحبي الشكوى. وقد طلبت محاميتهم ا إلى المحكمة الإدارية الاتحادية عقد جلسة استماع جديدة بشأن الوقائع الجديدة، لكنّ المحكمة رفضت الطلب في 24 أيار/مايو 2012 وكررت تأكيد تصريحها السابق بأن تلك الاستدعاءات لا تتعلق بشخص السيد أ. ش.، وبالتالي فهي عديمة الصلة بطلب اللجوء المقدم من صاحبي الشكوى. وبالإشارة إلى قراري المحكمة الإدارية الاتحادية المذكورين أعلاه، يدفع صاحبا الشكوى بأنه كان لدى الدولة الطرف فرصة مواتية جدا ً لبحث ادعاء أ. ش. أن السلطات الشيشانية قد أقامت عليه دعوى جنائية وفحص أدلة الإثبات التي قدمها.
5-2 وعلى النقيض مما أشارت إليه الدولة الطرف، لم يتمكن صاحبا الشكوى من تقديم طلب لجوء جديد استناداً إلى تلك الاستدعاءات، إذ إنه لا يجوز تقديم مثل هذا ال طلب إلا إذا تسنى التذرّع بأسباب جديدة لطلب اللجوء ( ) . وبالنظر إلى أن المحكمة الإدارية الاتحادية كانت قد بحثت أصلاً مضمون تلك الاستدعاءات، فادعاء صاحبي الشكوى أن أ. ش. قد أُقيمت عليه دعوى جنائية لم يكن يشكل واقعة جديدة. ومن ثم، يحتج صاحبا الشكوى باستنفادهم ا جميع سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بمسألة الدعوى الجنائية المقامة على السيد أ. ش.
5-3 ويعترف صاحبا الشكوى بأنهم ا لم يذكرا خلال سير إجراء طلب اللجوء ولا خلال إجراء المراجعة أن المحكمة العليا في الشيشان قد حكمت على ابن عم أ. ش. في 23 كانون الثاني/يناير 2013 بالسجن ثلاث سنوات وأن شقيق الأخير قد أُقيل من الخدمة كضابط شرطة في 10 كانون الثاني/يناير 2015. ومرد ذلك أنهم ا كانا يجهلان هاتين الواقعتين عندما قدما في 6 أيار/مايو 2013 طلب المراجعة. أما عن احتجاج الدولة الطرف بأنه كان يمكن لصاحبي الشكوى تقديم طلب ثانٍ للجوء استناداً إلى الأدلة الجديدة، فيدفع المشتكيان بأن تقديم طلب لجوء جديد هو سبيل انتصاف استثنائي وبأنهم ا سبق أن أوضحا أسباب طلبهم ا اللجوء في سياق الإجراء الأول المتعلق به ثم في إجراء المراجعة اللاحق. ثم إن الواقعتين الجديدتين اللتين تشير إليهما الدولة الطرف تتعلقان بأفراد عائلتهم ا ، كما أنهما ليستا إلا دليلين آخرين يؤكدان مبعث خوفهم ا من التعرض للتعذيب والاضطهاد، وهو ما سبق أن بحثته السلطات المختصة للدولة الطرف في إطار موضوع الحالة. فتقديم طلب لجوء جديد لا يشكل في حالتهم ا سبيل انتصاف محلي فعال، ذلك أنه لن يجدي إلا في تمكين تلك السلطات من بحث الواقعتين الجديدتين بمعزل عن سائر ظروف حالتهم ا ليترتب على ذلك تأييد تلقائي لسلامة القرارات السابقة الصادرة. وفي هذا السياق، يدفع صاحبا الشكوى بأن القرارات الصادرة في حالتهم ا عن المكتب الاتحادي للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية اعتورتها عيوب، ومن ثم كان لا بُد لهم ا من تقديم طلب مراجعة مشروطة عملاً بالمادة 111(ج) من قانون اللجوء ( ) . إلا أنه لن يترتب على تقديم هذا الطلب ولا على الطعن لاحقاً في قرار المكتب الاتحادي للهجرة بشأنه أثر إيقافي لقرار الطرد ( ) . لذا، فإن هذا الإجراء لا يشكل سبيل انتصاف فعال ا ً . ويضيف صاحبا الشكوى أنه لا يمكنهم ا في جميع الأحوال تقديم طلب مراجعة أو طلب لجوء جديد على أساس إدانة ابن عم أ. ش. قضائياً وإقالة شقيق الأخير في الشيشان.
5-4 ويشير صاحبا الشكوى إلى أن جميع الوقائع الجديدة تتعلق بأحداث وقعت في الشيشان ولا تشكل، بالتالي، حجة وجيهة لتفنيد افتراض توفر ملاذ داخلي بديل. وهما يحتج ا ن بأنه حتى لو كانا قدما طلباً ثانياً للجوء لكان المكتب الاتحادي للهجرة رفضه عملاً بالمادة 111(ج)(2) من قانون اللجوء ( ) . وأخيراً، يدفعان بأنه إذا كانت سلطات الدولة الطرف ترى أن الوقائع الجديدة تكتسي وجاهة ، ف قد كان بمقدورها بموجب المادة 111(ب) من قانون اللجوء مراجعة طلبهم ا بعدما أُبلغت بهذه الشكوى المقدمة إلى اللجنة، وهو ما لم تفعله ( ) . وعلى ذلك، لا تتوفر لصاحبي الشكوى سبل انتصاف محلي فعالة فيما يتعلق بالوقائع الجديدة التي حددتها الدولة الطرف.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية
6-1 قدمت الدولة الطرف في 27 حزيران/ يونيه 2016 ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للشكوى. وأشارت فيها إلى طعنها في مقبولية الشكوى المتعلقة بالسيد أ. ش. وأبنائه الثلاثة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية (انظر الفقرتين 4-1 و4-2 أعلاه)، ودفعت بأنها ستق تصر في ملاحظاتها على الجوانب التي خضعت لإجراءاتها القانونية الداخلية نظراً إلى أن سلطاتها المحلية لم تكن في وضع يسمح لها بالإعراب عن رأيها في العناصر الوقائعية الجديدة التي أشار إليها صاحبا الشكوى.
6-2 وتعترف الدولة الطرف بأن حالة حقوق الإنسان في الشيشان تثير قلقاً متعدد الأوجه، بيد أنها ترى أن هذه الحالة لا تشكل في حد ذاتها سبباً كافياً لإقرار احتمال تعرض صاحبي الشكوى لخطر التعذيب بعد إعادتهم ا إلى روسيا الاتحادية ( ) . ولم يثبت صاحبا الشكوى احتمال تعرضهم ا لهذا الخطر بوصفه شخصياً وحقيقياً وراهناً إذا ما أُعيد ا إليها.
6-3 وتُذكِّر الدولة الطرف، مشيرة إلى تعليق اللجنة العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق متعلق بالمادة 22 منها، إلى أن ما تعرّض له صاحبا الشكوى من تعذيب وسوء معاملة في الماضي يشكل عنصرا ً ينبغي أخذه في الحسبان عند النظر في مدى احتمال تعرض هما لخطر التعذيب إذا ما أعيدا إلى بلدهم ا الأصلي. وتستند الدولة الطرف في هذا الصدد إلى الاستنتاج الذي خلصت إليه سلطاتها المحلية ومفاده أن "التدابير الاضطهادية " التي ادعى صاحبا الشكوى تعرضهم ا لها "كانت محدودة محلياً أو إقليمياً" (انظر الفقرة 2-13 أعلاه). وتضيف الدولة الطرف أنه وفقاً للممارسة التي تتبعها سلطاتها المحلية، فبموجب مبدأ الولاية الاحتياطية، لا يُمنح الشخص المعني حق اللجوء أو يُقبل مؤقتاً كلاجئ فيها إلا إذا كان لا يوجد أمامه ملاذ بديل داخل بلده. وفيما يتعلق بالأشخاص من أصل شيشاني، تخضع إمكانية استقرارهم في مناطق أخرى بالاتحاد الروسي غير الشيشان لبعض الشروط وتستلزم استعراضاً لكل حالة على حدة. فعلى وجه الخصوص، يجب أن تكون لدى الشخص المعني شبكة علاقات في محل الإقامة الجديد، كأفراد من العائلة، يمكنها في البداية مساعدته فيما يتعلق بمسألة السكن. وتعتبر الموارد المالية الكافية عاملا ً ييسّر ال استقرار في مكان جديد. ومن العوامل الأخرى التي ينبغي أخذها في الحسبان في هذا الصدد سن الشخص المعني وحالته الصحية ونوع جنسه ومستوى تعليمه وخبرته المهنية ( ) . وتشير الدولة الطرف في هذا السياق إلى القرار الذي اتخذته اللجنة مؤخراً واعتبرت فيه أن إعادة الأشخاص من أصل شيشاني إلى الاتحاد الروسي لا تشكل انتهاكاً لأحكام الاتفاقية ( ) .
6-4 وطبقاً للممارسة المذكورة أعلاه، رأت الدولة الطرف أنه يمكن لصاحبي الشكوى الاستقرار في مناطق أخرى بالاتحاد الروسي غير الشيشان (انظر الفقرة 2-13 أعلاه). ففي هذا السياق، ذكر أ. ش. لسلطات الدولة الطرف أن لديه أصدقاء في موسكو كانوا قد دعوه إلى أن ينشئوا سويا ً شركة لتجارة محاصيل الحبوب في مدينة تفير. ووفقاً لإفادته، كان من شأن مزاولته هذا النشاط أن يمكّنه من تلبية احتياجات أسرته ( ) . وقالت زوجته إن إحدى خالاتها وإحدى بنات خالاتها تعيشان في موسكو وهي على اتصال دائم بهما ( ) . وبالتالي، لدى صاحبي الشكوى شبكة علاقات شخصية وعائلية في منطقة أخرى خارج الشيشان يمكنها دعمهما في البداية ومساعدتهم ا فيما يتعلق بمسألة السكن. وكل من أ. ش . وز. ه. صغير السن نسبياً، كما يتمتعان بمستوى تعليمي جيد جداً وخبرة مهنية مناسبة ( ) . و هم ا كانا يُديران معاً متجراً لبيع ملابس الرجال ومعدات الفيديو.
6-5 وقد بُسّطت إلى حد كبير في الآونة الأخيرة عملية تسجيل الأشخاص المنحدرين من الشيشان الذين يختارون الاستقرار في مناطق أخرى خارج الشيشان، إذ لا يتطلب الأمر من الشخص المعني سوى تسجيل نفسه في محل الإقامة الجديد، ويمكنه القيام بذلك أيضاً عبر شبكة الإنترنت ( ) .
6-6 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه، خلافاً لما ادعاه صاحبا الشكوى، توجد أسباب تدعو إلى اعتقاد أن السلطات الشيشانية ليست في وضع يسمح لها بممارسة سلطتها خارج الإقليم الشيشاني، ومن ثم، لا يمكنها اضطهادهم ا في سائر أنحاء الاتحاد الروسي. إلا أنها إن أرادت ذلك فبوسع صاحبي الشكوى اللجوء إلى الاتحاد الروسي، إذ تعتقد الدولة الطرف أنه سيوفر لهم الحماية. فالواقع أن من المستبعد أن تسمح سلطات الاتحاد الروسي للسلطات الشيشانية باضطهاد أشخاص خارج الإقليم الخاضع لسيطرة هذه الأخيرة. و إضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحبي الشكوى أكد ا أنهم ا لا يواجهان أي صعوبات في التعامل مع سلطات الاتحاد الروسي الاتحادية، ولا توجد أيضاً أي دلائل على أنهم ا معرضان لأعمال انتقامية على أيدي المتمردين الشيشان خارج الشيشان. و ينبغي أيضا ً توضيح أن أي أفعال تمييز تمارَس ضد صاحبي الشكوى بسبب أصلهم ا الشيشاني لا تشكل كلها معاملةً مخالفة لأحكام الاتفاقية.
6-7 وبالنظر إلى أنه يمكن لصاحبي الشكوى الاستقرار في منطقة أخرى من الاتحاد الروسي، لا يوحي - في هذه الحالة - سوء المعاملة الذي عانياه ب أنهم ا معرضان لخطر شديد متمثل في معاملة مخالفة لأحكام الاتفاقية في حال إعادتهم. وفي ضوء هذه ال إمكانية التي تتيح لهم ا ملاذ ا ً داخلي ا ً بديل ا ً ، لم تبحث سلطات الدولة الطرف بالتفصيل مدى مصداقية ادعاءاتهم ا . بيد أنها أعربت عن شكوك إزاءها. فقد لاحظت، ضمن ملاحظات أخرى، أن السيد أ. ش. قدم روايتين متباينتين للوقائع المتصلة بسبب إصابته الناجمة عن طلق ناري (انظر الفقرتين 2-14 و2-15 أعلاه). ولم يقدم صاحبا الشكوى أدلة لإثبات ادعاء غلق متجرهم ا أو مصادرة سيارتهم ا أو استجواب أ. ش. أو وجود تصريح أعرب فيه عن استعداده ل لتعاون مع السلطات (انظر الفقرة 2-15 أعلاه). وتدفع الدولة الطرف في هذا السياق بعدم كفاية إثبات الادعاء عندما لا تتوفر التفاصيل الظرفية المحددة لنقطة أساسية، وهو ما يدل على أن صاحبي الشكوى لم يشهدا الوقائع المبيّنة. وعلى غرار ذلك، لا يمكن تصديق الادعاء حينما تكون إحدى نقاطه الأساسية منافية للمنطق أو الخبرة العامة.
6-8 ومن العناصر الأخرى التي ينبغي أخذها في الحسبان عند تقدير حجم خطر تعرض صاحبي الشكوى للتعذيب بعد إعادتهم ا إلى الاتحاد الروسي مدى انخراطهم ا في أنشطة سياسية، سواء داخل بلدهم ا الأصلي أو خارجه. وبخصوص هذه المسألة، تدفع الدولة الطرف بأنهم ا لم يدعيا ممارسة أي نشاط سياسي في بلدهم ا أو في سويسرا.
6-9 وفيما يتعلق بطبيعة الحالة الصحية ل أ. ش. و ز. ه. وابنهما أش. ش.، تدفع الدولة الطرف بأنه لا يُستدل منها أنهم قد يتعرضون لمعاملة تبلغ حد التعذيب في حال إعادتهم إلى الاتحاد الروسي ( ) . وبهذا الخصوص، تشير الدولة الطرف إلى إمكانية استقرار صاحبي الشكوى في منطقة أخرى من الاتحاد الروسي، ولا سيما في منطقة موسكو التي تضم البنى التحتية الطبية اللازمة لعلاجهم ا ، ويمكن أن تقدَّم لهم ا هناك الأدوية المناسبة، حسب الاقتضاء ( ) .
6-10 و تذكر الدولة الطرف أيضا ً أن سلطاتها الوطنية قد بحثت بالتفصيل مسألة إبعاد صاحبي الشكوى في ضوء مبدأ مصالح الطفل الفضلى، رغم أن هذا الجانب لا يكتسي طابعا ً حاسما ً بصورة مباشر ة بموجب الاتفاقية ( ) .
6-11 وفي ضوء الاعتبارات المذكورة أعلاه، تنتهي الدولة الطرف إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى وجود أسباب جدية للخشية من احتمال تعرض صاحبي الشكوى شخصياً للتعذيب بصورة خطير ة ً بعد إعادتهم ا إلى الاتحاد الروسي.
تعليقات صاحبي الشكوى بشأن ملاحظات الدولة الطرف المتعلقة بالأسس الموضوعية
7-1 يدفع صاحبا الشكوى في التعليقات المقدمة منهم ا في 8 أيلول/سبتمبر 2016 بأن خطر تعرضهم ا للتعذيب بوصفه خطراً شخصياً وحقيقاً وراهناً ينشأ عن العوامل التالية منفردةً ومجتمعة: (أ) علاقاتهم ا العائلية بمتمردين شيشان ؛ (ب) تقديم أ. ش. الدعم إلى المتمردين، (ج) انتباه السلطات بالفعل إلى أ. ش. وز. ه. وتعرّضهما للتعذيب في الماضي. ويذكر صاحبا الشكوى في هذا السياق أن الدولة الطرف لم تنازع في تعرّض أ. ش. و ز. ه . للتعذيب في الماضي، إلا أنها تحتجّ باقتصار هذا الاضطهاد على الصعيد المحلي أو الإقليمي فحسب، أي أن السلطات الشيشانية هي وحدها الجهة التي كانت تبحث عنهما ، لا سلطات الاتحاد الروسي. غير أن صاحبي الشكوى يشيران إلى أنهم ا قدما أدلة تثبت أن دعوى جنائية قد فُتحت بحق أ. ش. عملاً بمواد القانون الجنائي 314 (الفرار من قضاء عقوبة سلب الحرية) و308 (رفض الشاهد أو الضحية الإدلاء بأقواله) و208 ( تشكيل تنظيم مسلح غير مشروع أو المشاركة فيه). لذا، لا تزال السلطات تبحث عنه و هو يواجه خطراً حقيقياً وشخصياً وراهناً متمثلا ً في التعرض للتعذيب أثناء استجوابه أو احتجازه.
7-2 ولم تُجرِ سلطات الدولة الطرف تقييماً وافياً لادعاءات صاحبي الشكوى على الصعيد الداخلي ولا انتهت حتى إلى أنها عديمة المصداقية. بل عمدت، عوضاً عن ذلك، إلى الاستغناء عن هذا التقييم بعدما خلصت إلى وجود ملاذ داخلي بديل متاح لهم ا . إلا أنه لا توجد منطقة "مأمونة" لهم ا في الشيشان أو الاتحاد الروسي لأن الشرطة تبحث عن أ. ش. ولوجود دعوى جنائية مفتوحة بحقه.
7-3 ويكرر صاحبا الشكوى تأكيد حجّتهم ا بشأن التعاون القائم بين السلطات الشيشانية وسلطات الاتحاد الروسي (انظر الفقرة 3-4 أعلاه). ويضيفان أن سلطات الاتحاد الروسي قد أرست نظاماً شيشانياً موالياً للاتحاد الروسي وأن رئيس الاتحاد الروسي ذاته قد آل على نفسه أن يتخذ إجراءات أشد ضد المتمردين الشيشان باعتبارهم "إرهابيين داخليين" ( ) . لذا، فما من ملاذ داخلي بديل أمام اللاجئين القادمين من شمال القوقاز، كصاحبي الشكوى، ذلك أنهم معرّضون للاستجواب والاعتقال في جميع أرجاء الاتحاد الروسي.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
8-1 قبل النظر في أي ادعاء مقدم في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه منها الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (5) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
8-2 و تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف طعنت في مقبولية الشكوى المتعلقة ب أ. ش. وأبنائه الثلاثة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وقد احتجّت الدولة الطرف، على وجه الخصوص، بأنه لم تسنح للسلطات الوطنية المختصة فرصة تقييم العناصر الوقائعية الجديدة التالية التي عرضها صاحبا الشكوى في شكواهم ا إلى اللجنة: ( أ ) قيام سلطات الاتحاد الروسي بفتح دعوى جنائية بحق السيد أ. ش. ؛ (ب) ادعاء صدور حكم من المحكمة العليا في الشيشان على ابن عم أ. ش. بالسجن ثلاث سنوات في كانون الثاني/يناير 2013 ؛ (ج) الإفادة بإقالة شقيق أ. ش. من الخدمة كضابط شرطة في كانون الثاني/يناير 2015. و تلاحظ اللجنة تأكيد الدولة الطرف أنه كان يمكن لصاحبي الشكوى المعنيين تقديم طلب ثان للجوء استناداً إلى توفر أدلة جديدة بعدما أُغلق الإجراء الأول المتعلق بطلب اللجوء الذي تقدما به.
8-3 وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة اعتراف صاحبي الشكوى بأنهم ا لم يذكرا خلال سير إجراء طلب اللجوء ولا إجراء المراجعة واقعتي صدور حكم قضائي والإقالة من الخدمة المتعلقتين بفردين من عائلة أ. ش. في الشيشان (انظر الفقرة 5-3 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبي الشكوى أن العناصر الوقائعية الجديدة إنما هي أدلة أخرى تؤكد مبعث خوفهم من التعرض للتعذيب والاضطهاد، وليست "أسباباً جديدة لطلب اللجوء"، وهو ما سبق أن بحثته السلطات المختصة للدولة الطرف في إطار موضوع الحالة. ومن ثم، فحتى لو كانا قدما طلباً ثانياً للجوء لكان المكتب الاتحادي للهجرة قد رفضه عملاً بالمادة 111(ج)(2) من قانون اللجوء، بوصفه "طلباً متعدداً أو مكرراً". و علاوة على ذلك، تتعلق تلك العناصر الوقائعية الجديدة بأحداث وقعت في الشيشان ولا تشكل، بالتالي، حجة وجيهة لتفنيد افتراض سلطات الدولة الطرف توفر ملاذ داخلي بديل في الاتحاد الروسي لصاحبي الشكوى. وبهذا الخصوص، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تطعن في صحة الحجج المفصّلة التي تذرّع بها صاحبا الشكوى بشأن عدم فعالية الطلب الثاني للجوء في ظروف حالتهم تحديداً.
8-4 و علاوة على ذلك، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحبي الشكوى المعروضة عليها تستند إلى مجموعة من الوقائع التي بحثتها سلطات الدولة الطرف وقد أُثبتت بأدلة كافية لأغراض المقبولية. وتلاحظ في هذا الصدد أن الدولة الطرف لا تطعن في مقبولية الشكوى لأي أسباب أخرى، ومن ثم فهي لا ترى حائلاً دون مقبوليتها.
8-5 وعليه، تقرّ اللجنة مقبولية الشكوى فيما يتعلق بالوقائع والادعاءات المعروضة على سلطات الدولة الطرف وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية للشكوى.
النظر في الأسس الموضوعية
9-1 نظرت اللجنة في هذه الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان المعنيان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.
9-2 والمسألة المعروضة على اللجنة في هذه الحالة هي ما إذا كانت إعادة صاحبي الشكوى إلى الاتحاد الروسي تشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف الناشئ بموجب الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أي شخص أو إعادته ("ردّه") إلى دولة أخرى إذا وُجدت أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أنه قد يواجه فيها خطر التعرض للتعذيب.
9-3 فيجب على اللجنة أن تقدّر مدى وجود أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أن صاحبي الشكوى قد يواجهان شخصياً خطر التعرض للتعذيب بعد إعادتهم ا إلى الاتحاد الروسي. وعند تقدير حجم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات المتصلة بذلك، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بما في ذلك مسألة مدى وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد المعني. غير أن اللجنة تشير إلى أن الهدف من تحديد وجود هذه الأسباب من عدمه هو إقرار مدى احتمال أن يواجه الفرد المعنى شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً متمثلا ً في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه. وعلى ذلك، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لإقرار احتمال تعرض شخص بعينه لخطر التعذيب بعد إعادته إلى ذلك البلد، إذ يجب التذرّع بأسباب أخرى لإثبات احتمال تعرض الفرد المعني شخصياً للخطر. وعلى النقيض من ذلك، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا ينفي احتمال تعرض الشخص المعني للتعذيب في ظروفه هو تحديداً ( ) .
9-4 وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى تعليقها العام رقم 4(2017)، بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق متعلق ب المادة 22 منها، الذي يفيد بوقوع التزام عدم الإعادة القسرية على الدولة الطرف متى وُجدت أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أن الشخص المعني قد يواجه خطر التعرض للتعذيب في الدولة التي يواجه الترحيل إليها، إما كفرد مستقل أو في مجموعة قد تواجه خطر التعرض للتعذيب في دولة المقصد. وتتجلى الممارسة التي تتبعها اللجنة في هذا السياق في إقرار وجود الأسباب الحقيقية فعلياً متى كان خطر التعذيب متوقعاً وشخصياً وراهناً وحقيقياً ( ) . وقد تشمل دلائل وجود الخطر الشخصي، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: الأصل الإثني لصاحب الشكوى، التعرض للتعذيب فيما سبق، الخضوع للاحتجاز مع منع الاتصال أو لغير ذلك من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي، الفرار خفيةً من البلد الأصلي بسبب تلقي تهديدات بالتعذيب، ممارسة العنف ضد المرأة، بما في ذلك الاغتصاب ( ) .
9-5 و تشير اللجنة أيضا ً إلى أن عبء الإثبات يقع على صاحب الشكوى إذ يجب عليه تقديم حجة يمكنه الدفاع عنها، أي أن عليه تقديم حجج مفصّلة بظروف، تثبت أن خطر تعرضه للتعذيب متوقع وراهن وشخصي وحقيقي. بيد أنه إذا كان في وضع يعجز فيه عن تفصيل حجته، كأن يكون، مثلاً، قد أثبت استحالة حصوله على وثائق تتعلق بادعائه التعرض للتعذيب أو يكون مسلوب الحرية، رُفع عنه عبء الإثبات وأصبح للدولة الطرف المعنية حرية بحث هذه الادعاءات والتحقق من صحة المعلومات التي تستند إليها الشكوى ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أنها تُقيم وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تنتهي إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، غير أنها ليست مُلزمة بهذه النتائج، حيث تُجري هي تقييماً مستقلاً للمعلومات المتاحة لديها وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، مراعيةً جميع ظروف كل حالة ( ) .
9-6 وفي معرض تقدير اللجنة حجم خطر تعرض صاحبي الشكوى للتعذيب لأغراض البتّ في شكواهم ا هذه، تلاحظ ادعاء أ. ش. أنه اعتُقل في آب/أغسطس 2010 في الشيشان واستُجوب بشأن تعاونه مع المتمردين الشيشان وعُذب أثناء احتجازه وأُرغم على التوقيع على تصريح يؤكد فيه استعداده للتعاون مع السلطات. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبي الشكوى أن السلطات ظلت تترصّد أ. ش. بعد الإفراج عنه ثم مغادرته الاتحاد الروسي، حيث أُغلق متجره وصودرت سيارته وفُتشت شُقة أسرته السكنية وشق تا والديه وحمويه السكنيتان. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، فُتحت بحقه دعوى جنائية عملاً بمواد القانون الجنائي 314 (الفرار من قضاء عقوبة سلب الحرية) و308 (رفض الشاهد أو الضحية الإدلاء بأقواله) و208 ( تشكيل تنظيم مسلح غير مشروع أو المشاركة فيه). وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحبي الشكوى أن ز. ه. اغتُصبت من قِبل ضابط شرطة في شقتها في غروزني أثناء عملية تفتيش غير مأذون بها استهدفت تحديد مكان وجود زوجها. و تلاحظ أن صاحبي الشكوى قدما شهادة طبية صادرة عن عيادة خارجية في غروزني تثبت الإصابات التي تعرض له ا أ. ش. في آب/أغسطس 2010، فضلاً عن التقارير الطبية الصادرة من الطبيب النفسي والأخصائيين النفسيين المعنيين في سويسرا التي تؤكد إصابة أ. ش. وز. ه. باضطراب الكرب التالي للرّضح واضطراب اكتئابي شديد ، وتشخيص إصابة ابنيهما أش. ش. أيضاً باضطراب الكرب التالي للرّضح.
9-7 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبي الشكوى أن احتمال مواجهتهم ا خطر التعرض للتعذيب بوصفه خطراً شخصياً وراهناً وحقيقاً بعد إعادتهم ا إلى الاتحاد الروسي ينشأ عن العوامل التالية منفردةً ومجتمعة: (أ) علاقاتهم ا العائلية بأفراد من المتمردين الشيشان ؛ (ب) تقديم أ. ش. الدعم إلى المتمردين ؛ (ج) انتباه السلطات بالفعل إلى أ. ش. و ز. ه. وتعرّضهما للتعذيب في الماضي. ولم تنازع الدولة الطرف في تعرضهما للتعذيب في الماضي، إلا أنها استغنت، رغم ذلك، عن تقييم مدى مصداقيتهما وإقرار مدى صحة وجود خوف مبرر من تعرض صاحبي الشكوى للاضطهاد في حال إعادتهم ا إلى الاتحاد الروسي، على أساس أن سلطاتها المحلية قد افترضت وجود ملاذ داخلي بديل متاح لهم ا في بلدهم ا الأصلي، وقد نازع أصحاب الشكوى في هذه الحجة. ومن بين ادعاءات صاحبي الشكوى أن الأشخاص من أصل شيشاني العائدين من الخارج يُستدعون إلى لقاءات مع كيانات الدولة، العاملة في كامل إقليم الاتحاد الروسي، كجهاز الأمن الاتحادي ووزارة الداخلية، ويخضعون للاستجواب ، و غالباً ما يقترن ذلك ب التهديد و سوء ال معاملة وبمطالبتهم بدفع أموال، ويُسخَّرون في الغالب للتعاون مع الأجهزة الأمنية (انظر الفقرة 3-5 أعلاه). و تلاحظ اللجنة أن السلطات الوطنية للدولة الطرف قد أبدت بعض الشكوك في مصداقية ادعاءات أ. ش. وسألت أيضاً عن سبب عدم ذكر ز. ه. واقعة اغتصابها أثناء سير الإجراء الأول المتعلق بطلب اللجوء. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه وفقاً للتقارير الطبية الصادرة من الطبيب النفسي والأخصائيين النفسيين السويسريين، يعاني كل من أ. ش. و ز. ه. من اضطراب الكرب التالي للرّضح نتيجةً للمعاملة التي تعرضا لها قبل مغادرتهما الاتحاد الروسي، وترى، بالتالي، أنه بالنظر إلى أنه يندر توقع تمام الدقة من ضحايا التعذيب ( ) ، فإن تأخر ضحية الاعتداء الجنسي في الإبلاغ بواقعة الاعتداء لا يمسّ بمصداقية الضحية ( ) . وتشير اللجنة أيضاً إلى اجتهاداتها القانوني ة التي تعتبر فيها أن الاغتصاب هو التسبب في ألم ومعاناة شديدين لتحقيق عدد من الأغراض المحظورة منها الاستجواب، والترهيب، والمعاقبة، والانتقام، والإذلال، والتمييز على أساس نوع الجنس، وأنها خلصت في حالات أخرى إلى أن "الاعتداء الجنسي من قبل رجال الشرطة يشكل تعذيباً" وإن وقع خارج مرافق الاحتجاز الرسمية ( ) .
9-8 وتلاحظ اللجنة أنه نظراً إلى أن سلطات الدولة الطرف قد ا س ت ندت في قراراتها القاضية ب رفض طلبات صاحبي الشكوى إلى افتراض توفر ملاذ داخلي بديل لهما في الاتحاد الروسي، فإنها لم تبحث على الوجه التام الادعاءات التي ساقاها بشأن خطر تعرضهم ا للتعذيب بناء على تجربتهم ا السابقة في بلدهم ا الأصلي ووجود علاقات وتعاون حقيقيين أو متصوَّرين بين أفراد عائلتهما والمتمردين الشيشان. وتشير اللجنة في هذا السياق إلى أن الملاذ الداخلي أو الانتقال إلى مكان آخر كحل بديل ليسا خيارا ً موثوقا ً ودائما ً متى ساد انعدام الحماية أصلاً واحتُمل أن يواجه الفرد المعني خطراً آخر متمثلا ً في التعرض للاضطهاد أو لأذى شديد ( ) . وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن ما يسمى ب التسجيل، أي النظام الذي يسجل بموجبه محل إقامة المواطنين الروس وهجرتهم داخلياً، لا يزال موجوداً في الاتحاد الروسي ويجري إنفاذه بصرامة. وبموجب المادة 5 من القانون المتعلق بحق مواطني الاتحاد الروسي في حرية التنقل واختيار محل الإقامة داخل الاتحاد الروسي، يجب على المواطن الروسي أن يسجل محل إقامته الجديد لدى السلطات في غضون تسعين يوماً من وصوله إليه. فالإقامة في مسكن من دون التسجيل بصفة دائمة أو مؤقتة يُعد جريمة إدارية طبقاً للمادة 19-15-1 من قانون الاتحاد الروسي للجرائم الإدارية. وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه وفقاً للمعلومات المتاحة في المجال العام، تتعاون سلطات الاتحاد الروسي الاتحادية مع السلطات الشيشانية، ولا سيما فيما يتعلق بتبادل المعلومات عن الأشخاص المشتبه في أنهم متمردون. وتشير كذلك إلى أن الرئيس الشيشاني الحالي يحظى بدعم وحماية من سلطات الاتحاد الروسي على أعلى المستويات السياسية. ومن ثم، يُلزَم صاحبا الشكوى قانونيا ً بمجرد إعاد تهما إلى الاتحاد الروسي بإخطار سلطات الاتحاد الروسي بمحل إقامتهم ا ، ويمكن للسلطات الشيشانية الحصول على هذه المعلومة. وعليه، ترى اللجنة أن الدولة الطرف برفض ها طلب ات ال لجوء المقدمة من صاحبي الشكوى على أساس افتراض توفر ملاذ داخلي بديل في حالتهم ا ومن دون إقامة وزن كاف لمدى احتمال تعرضهم ا لخطر الاضطهاد، تكون قد أخلّت بالتزامها الناشئ بموجب المادة 3 من الاتفاقية.
10- وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة، إذ تتصرّف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، إلى أن من شأن ترحيل صاحبي الشكوى إلى الاتحاد الروسي أن يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
11- وترى اللجنة أنه عملاً بالمادة 3 من الاتفاقية، فالدولة الطرف ملزمة بالامتناع عن إعادة صاحبي الشكوى قسرياً إلى الاتحاد الروسي أو إلى أي بلد آخر يوجد فيه خطر حقيقي لطردهم ا أو إعادتهم ا إلى الاتحاد الروسي . وعملاً بالفقرة 5 من المادة 118 من نظام اللجنة الداخلي، تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى أن تحيطها علماً، في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها، بالخطوات التي اتخذتها استجابةً للملاحظات المبيّنة أعلاه .