الأمم المتحدة

CRC/C/88/D/107/2019

ا تفاقي ـ ة حقوق الطفل

Distr.: General

11 November 2021

Arabic

Original: English

لجنة حقوق الطفل‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، بشأن البلاغ رقم 107/2019 * **

بلاغ مقدم من: كيارا ساكي وآخرون (يمثلهم المحامي سكوت غيلمور وآخرون من شركة هاوسفيلد المحدودة، ورامين بيان وآخرون من صندوق الدفاع القانوني لإنصاف كوكب الأرض)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 23 أيلول/سبتمبر 2019 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار: 22 أيلول/سبتمبر 2021

الموضوع: عدم منع تغير المناخ والتخفيف من آثاره

المسائل الإجرائية: الولاية القضائية؛ صفة الضحية؛ عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ دعم الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة؛ حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه؛ حق الطفل في التمتع بثقافته الخاصة؛ مصالح الطفل الفضلى

مواد الاتفاقية: 6 و 24 و 30 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 3

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 1 ) و 7 (ه) - (و)

1 - 1 أصحاب البلاغ هم كيارا ساكي من الأرجنتين؛ وكاتارينا لورينزو من البرازيل؛ وإيريس دوكين من فرنسا؛ وراينا إيفانوفا من ألمانيا؛ وريديما باندي من الهند؛ وديفيد أكلي الثالث، ورانتون أنجين، وليتوكني كابوا من جزر مارشال؛ وديبورا أديغبيل من نيجيريا؛ وكارلوس مانويل من بالاو؛ وأياخا مليثافا من جنوب أفريقيا؛ وغريتا ثونبرغ وإلين آن من السويد؛ ورسلان جبيلي من تونس؛ وكارل سميث وأليكساندريا فيلاسينيور من الولايات المتحدة الأمريكية. وعند تقديم الشكوى، كان جميع أصحاب البلاغ دون سن الثامنة عشرة. ويدعون أن الدولة الطرف، إذ أخفقت في منع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، انتهكت حقوقهم بموجب المواد 6 و 24 و 30 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 3 من الاتفاقية ( ) . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 14 نيسان/أبريل 2014 .

1 - 2 في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 ، وجه الفريق العامل المعني بالبلاغات، عملاً بالمادة 8 من البروتوكول الاختياري والمادة 18 ( 4 ) من النظام الداخلي للجنة المعتمد بموجب البروتوكول الاختياري وبالنيابة عن اللجنة، طلباً إلى الدولة الطرف لكي تقدم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ بشكل منفصل عن ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2 - 1 يشير أصحاب البلاغ إلى أن حرارة الأرض ارتفعت بنسبة 1 , 1 درجة مئوية مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، وأنها تقترب من نقطة التحول إلى آثار كارثية متوقعة لا رجعة فيها. وإن ارتفعت حرارة الأرض بأكثر من درجتين مئويتين، فمن المتوقع أن يتسبب تفاقم تلوث الهواء وحده في وفاة 150 مليون شخص. وإن ارتفعت حرارة الأرض بأكثر من 3 إلى 4 درجات مئوية بحلول عام 2100 ، وهو المسار الحالي إن لم تحقق الدول تخفيضات جذرية في الانبعاثات، فإن آثار تغير المناخ ستهدد حياة ورفاه أكثر من بليوني طفل.

2 - 2 ويعزز ارتفاع درجات الحرارة انتشار الأمراض المعدية وتفاقم المخاطر الصحية. ففي لاغوس، نيجيريا، أدخلت ديبورا أديغبيل ، وهي إحدى صاحبات البلاغ، المستشفى مراراً وتكراراً بسبب الربو لأن ارتفاع درجات الحرارة يزيد نوعية الهواء سوءاً. وقد انتشرت الأمراض المنقولة عن طريق البعوض إلى مناطق جديدة. ففي جزر مارشال، أُصيب رانتون أنجين، وهو أحد أصحاب البلاغ الآخرين، في عام 2019 ، بحمى الضنك التي أصبحت الآن منتشرة في الجزر. وأُصيب صاحب البلاغ ديفيد أكلي الثالث بمرض الشيكونغونيا ، وهو مرض جديد في جزر مارشال ظهر منذ عام 2015 . وأصبحت حرائق الغابات تتكرر وتتكثف بشكل متزايد بسبب الظروف الأكثر حرارة وجفافاً. وفي طبرقة، تونس، سمع صاحب البلاغ رسلان جبيلي صرخات ذات ليلة ورأى حريقاً حرجياً يقترب من منزله. وقد نجا، ولكن جيرانه لم ينجوا. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، عانت صاحبة البلاغ ألكساندريا فيلاسينيور من استنشاق الدخان من حرائق الغابات في بارادايس ، كاليفورنيا، وظلت طريحة الفراش لمدة ثلاثة أسابيع. وتهدد موجات الحر والجفاف حياة الأطفال وتتسبب في ندرة المياه. وفي كيب تاون، جنوب أفريقيا، أجبر الجفاف أسرة صاحبة البلاغ أياخا مليثافا و 3 , 7 مليون آخرين من السكان على الاستعداد لليوم الذي تجف فيه إمدادات المياه البلدية. وفي بوردو، فرنسا، كان الصيف الأول من حياة صاحبة البلاغ إيريس دوكين الأكثر حرارة في أوروبا منذ عام 1540 وتوفي عشرات الآلاف من الناس في موجة حر عام 2003 . وبعد أن كانت العواصف الشديدة نادرة في السابق، أصبحت الآن أحداثاً عادية. وفي إيبي في جزر مارشال، أجبرت عاصفة عنيفة صاحب البلاغ ليتوكني كابوا وأسرته على إخلاء منزلهم باتجاه قاعدة عسكرية للجيش الأمريكي. وفي هايدو ، الأرجنتين، دمرت عاصفة ريحية غير مسبوقة حي صاحبة البلاغ كيارا ساكي . وفي هامبورغ، ألمانيا، مشت صاحبة البلاغ راينا إيفانوفا في مياه عميقة حتى الركبتين على أرضية مدرستها خلال العاصفة هيروارت في عام 2017 . وأصبحت عواصف جنوب المحيط الأطلسي أكثر تواتراً في باهيا، البرازيل؛ وقد دمرت إحداها منزل صاحبة البلاغ كاتارينا لورينزو . فالفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر أصبحا يغيران علاقات الأطفال بالأرض. ويمكن أن تصبح جزر مارشال غير صالحة للسكن في غضون عقود. وفي بالاو، يرى صاحب البلاغ كارلوس مانويل أن الأمواج، مع ارتفاع مستوى المحيط الهادئ، تخترق الجدران البحرية بشكل متزايد وترتطم بالمنازل. وفي هاريدوار ، الهند، شهدت صاحبة البلاغ ريديما باندي الأمطار الغزيرة تغمر البنية التحتية وتسبب فيضان مياه الصرف الصحي في نهر الغانج المقدس، مما زاد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية. ويوجد أسلوب حياة العديد من مجتمعات الشعوب الأصلية القائم على الكفاف على المحك. ففي شمال السويد، تتعلم صاحبة البلاغ إلين آن تقاليد رعي الرنة للشعب الصامي ، المتوارثة لآلاف السنين، ولكن تغير المناخ بدأ يدمر مصادر أغذية الرنة. وفي أكياك، ألاسكا، في الولايات المتحدة، تعلم صاحب البلاغ كارل سميث القنص وصيد الأسماك من شيوخ قبيلة يوبياك ، ولكن ثروة سمك السلمون التي يعتمدون عليها بدأت تموت بأعداد قياسية بسبب الإجهاد الحراري، وقد حال ارتفاع درجات الحرارة دون وصول قبيلته إلى مناطق صيد الأسماك التقليدية. وقد أثر تغير المناخ على الصحة العقلية للأطفال في جميع أنحاء العالم. وكما لاحظت الجمعية الأميركية لعلم النفس، يصارع علماء النفس الآن اضطرابات جديدة تنتمي للقرن الحادي والعشرين، بما في ذلك القلق المناخي والسولاستالجيا - الألم الناتج عن تدمير مكان عزيز ( ) . وفي السويد، تقول غريتا ثونبرغ إنها اضطربت للغاية من جراء أزمة المناخ لدرجة أن ذلك تسبب لها في اكتئاب فتوقفت عن تناول الطعام.

2 - 3 ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف كانت على علم بالآثار الضارة لمساهماتها الداخلية والعابرة للحدود في تغير المناخ على مدى عقود. وفي عام 1992 ، وقعت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وتعهدت بحماية الأطفال من التهديدات المتوقعة لتغير المناخ. وكان من الواضح آنذاك أن كل طن متري من ثاني أكسيد الكربون ينبعث منها أو تسمح به يزيد من أزمة تتخطى جميع الحدود الوطنية وتهدد حقوق جميع الأطفال في كل مكان، بل كان من الأوضح أن الانبعاثات تعرض حياة الأطفال للخطر في عام 2016 عندما وقعت الدولة الطرف على اتفاق باريس وتعهدت بمواصلة الجهود الرامية إلى إبقاء ارتفاع درجة الحرارة في حدود 1 , 5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية. ولم تراع الدولة الطرف هذا التعهد ولم تف به، وهو في حد ذاته غير كاف لمنع انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع. وفشلت الدولة الطرف في منع الأضرار المتوقعة التي تلحق بحقوق الإنسان نتيجة لتغير المناخ لأنها فشلت في خفض انبعاثاتها إلى مستوى يعكس "أعلى طموح ممكن"، عملاً بالمادة 4 ( 3 ) من اتفاق باريس. وإنها تؤخر التخفيضات الحادة في انبعاثات الكربون اللازمة لحماية حياة ورفاه الأطفال في الداخل والخارج. وهي ليست على مسار انبعاثات متسق مع إبقاء الاحترار العالمي تحت 3 درجات مئوية، ناهيك عن 1 , 5 درجة مئوية. وفي السنوات العشرين التي أعقبت التوقيع في عام 1997 على بروتوكول كيوتو لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أنتج العالم انبعاثات تفوق ما كان عليه في السنوات العشرين السابقة. وقد ساهمت كل دولة في تغير المناخ. وعلى مدى عقود، كان هناك تقاعس عن العمل ناتج عن العذر القائل بعدم إمكانية إرجاع أي ضرر إلى أي انبعاث أو بلد معين، وبالتالي عدم تحمل أي دولة للمسؤولية. غير أن قانون حقوق الإنسان ينص على أن الدول مسؤولة بصورة فردية عن أعمالها السيادية وتقاعسها عن العمل الذي يتسبب في تغير المناخ ويسهم فيه، وانتهاكها بالتالي لالتزاماتها الأساسية في مجال حقوق الإنسان، وينبغي أن تُحاسَب عن ذلك. ويتعين على الدولة الطرف، بوصفها أحد الأعضاء الأكثر تسبباً في الانبعاثات والأكثر نفوذاً في مجموعة العشرين، وهي منتدى للاقتصادات العشرين الرائدة في العالم، أن تكون قدوة، وأن تخفض الانبعاثات بأكبر معدل ممكن وعلى نطاق محدد علمياً لحماية الحياة. وعلاوة على ذلك، يجب أيضاً الحد من انبعاثات أعضاء مجموعة العشرين الآخرين، ولا سيما الدول الأربع الرئيسية المسببة للانبعاثات، لضمان احترام حقوق الطفل. ولذلك، يجب على الدولة الطرف أن تستخدم أيضاً جميع الأدوات القانونية والدبلوماسية والاقتصادية المتاحة لضمان قيام الجهات الرئيسية المسببة للانبعاثات بإزالة الكربون بمعدل ونطاق ضروريين لتحقيق الأهداف الجماعية ( ) .

2 - 4 ويشير أصحاب البلاغ إلى أن اللجنة أقرت في البيان المشترك بشأن حقوق الإنسان وتغير المناخ الذي أصدرته مع أربع هيئات معاهدات أخرى بأنه "تقع على عاتق الدول الأطراف التزامات، منها ما يتجاوز الحدود الإقليمية، باحترام جميع حقوق الإنسان لجميع الشعوب وحمايتها وإعمالها". وتشمل هذه الالتزامات واجب "منع الضرر المتوقع أن يلحق حقوق الإنسان من جراء تغير المناخ" و "تنظيم الأنشطة التي تسهم في هذا الضرر". وأوضحت اللجنة في ذلك البيان المشترك أنه "لكي تمتثل الدول التزاماتها في مجال حقوق الإنسان وتحقق أهداف اتفاق باريس، يجب عليها أن تعتمد وتنفذ سياسات ترمي إلى خفض الانبعاثات. ويجب أن تعكس هذه السياسات أعلى مستوى ممكن من الطموح، وأن تعزز القدرة على تحمل تغير المناخ، وأن تكفل اتساق الاستثمارات العامة والخاصة مع مسار يفضي إلى خفض انبعاثات الكربون وإلى التنمية القادرة على تحمل تغير المناخ" ( ) . ويلاحظ أصحاب البلاغ أيضاً أن اللجنة أقرت بهذه المبادئ في تعليقها العام رقم 16 ( 2013 )، ولاحظت أنه "إذا تم تحديد وقوع أطفال ضحايا للتلوث البيئي، يتعين اتخاذ خطوات فورية من كل الأطراف المعنية لمنع المزيد من الضرر لصح تهم ونموهم ولجبر أي ضرر وقع" (الفقرة 31 ).

2 - 5 ويجادل أصحاب البلاغ بأنهم يقعون ضمن الولاية القضائية للدولة الطرف باعتبارهم ضحايا للعواقب المتوقعة لمساهمات الدولة الطرف المحلية والعابرة للحدود في تغير المناخ. ويقولون إنهم جميعاً ضحايا للعواقب التي يمكن توقعها للتلوث الكربوني المنبعث من إقليم الدولة الطرف التي تعلم ذلك أو تسمح به أو تشجعه. ويلاحظون أن الولاية القضائية للدولة تتجاوز حدودها الإقليمية لتشمل الأقاليم والأشخاص الخاضعين لسلطتها أو لسيطرتها ( ) . وللدولة أيضاً ولاية قضائية في الحالات التي يكون للأفعال التي تقوم بها أو تمتنع عنها آثار متوقعة عليها، سواء داخل إقليمها أو خارجه ( ) . وقد أثبتت اجتهادات حقوق الإنسان الدولية الآن أن السيطرة على الفرد كافية لإقامة صلة الولاية القضائية المطلوبة، ويمكن العثور على درجة كافية من السيطرة في السلوك الذي يشكل الانتهاك نفسه، سواء أكان ذلك ضرراً بيئياً، أو إطلاق نار عبر الحدود، أو عمليات صد لطالبي اللجوء في البر أو البحر. ويلاحظ أصحاب البلاغ أن اللجنة أشارت أيضاً في تعليقها العام رقم 16 ( 2013 ) إلى أنه "تقع أيضاً على عاتق [الـ]دول ... التزامات ... باحترام حقوق الطفل وحمايتها وإعمالها في سياق أنشطة وعمليات المؤسسات التجارية خارج الإقليم، شريطة وجود صلة معقولة بين الدولة والسلوك المعني" (الفقرة 43 ). ويجادل أصحاب البلاغ بأن على اللجنة أن تسلم بأن الطفل، في سياق انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن تغير المناخ، يقع ضمن الولاية القضائية لدولة طرف عندما: (أ) تسهم الأفعال التي تقوم بها تلك الدولة أو تمتنع عنها في نشاط ملوث ينشأ في إقليمها؛ (ب) يؤثر ذلك النشاط الملوث تأثيراً مباشراً ومتوقعاً على حقوق الأطفال داخل إقليم تلك الدولة أو خارجه. ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف تتسبب في تغير المناخ وتديمه من خلال تلويثها الكربوني التاريخي والحالي. وهي تفعل ذلك على الرغم من معرفتها منذ عقود بأنها، إذ تسهم في تغير المناخ، تخاطر بحياة الأطفال ورفاههم داخل أراضيها وخارجها. وأصحاب البلاغ ضحايا يمكن توقعهم لذلك التلوث؛ وإصاباتهم الحالية وتعرضهم للمخاطر هي على وجه التحديد الضرر المهدد لحياتهم الذي كانت الدولة الطرف تعلم أنه سيحدث إن لم تستخدم جميع الوسائل المتاحة لخفض الانبعاثات والتعاون دولياً لمنع الاحترار العالمي. وكنتيجة لذلك، يقع أصحاب البلاغ ضمن الولاية القضائية للدولة الطرف.

2 - 6 ويجادل أصحاب البلاغ بأنهم سيواجهون عقبات فريدة في استنفاد سبل الانتصاف المحلية بسبب النطاق العالمي للضرر الذي لحق بـ 16 طفلاً في جميع أنحاء العالم وطبيعته، وخروقات الدولة الطرف من خلال إجراءاتها الفردية والجماعية. وسيكون استنفاد سبل الانتصاف المحلية في كل دولة طرف مرهقاً على نحو لا مبرر له بالنسبة لأصحاب البلاغ وطويل الأمد على نحو غير معقول. ويجادل أصحاب البلاغ كذلك بأن شكواهم تنطوي على مسائل قانونية تتعلق بقابلية التقاضي في المحاكم المحلية بشأن العلاقات الدبلوماسية والحصانة السيادية الأجنبية فيما يتعلق بدول أخرى. ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف لم تستخدم الوسائل القانونية والاقتصادية والدبلوماسية لإقناع الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة العشرين وصناعات الوقود الأحفوري بخفض انبعاثاتها. وينطوي هذا الادعاء على التزامات الدولة بالتعاون الدولي وواجبها في حماية حقوق الطفل بموجب الاتفاقية. غير أن أصحاب البلاغ ليس لهم علم بأي سبيل قانوني محلي في الدولة الطرف يسمح بإجراء استعراض قضائي لعلاقاتها الدبلوماسية. ويعترف أصحاب البلاغ بأن هناك في ألمانيا وبلجيكا وفرنسا والهند وهولندا وبلدان أخرى قضايا مناخية هامة جارية تركز على السياسات المناخية في البلدان المعنية ( ) . غير أنهم يجادلون بأنه، لأسباب الحصانة وقابلية التقاضي المذكورة أعلاه، لا تعالج هذه القضايا ولا يمكنها أن تعالج السياسات المناخية للدول الأجنبية أو عدم تعاون الدول على الصعيد الدولي.

الشكوى

3 - 1 ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف، إذ تسببت في تغير المناخ الذي يهدد الحياة وأدامته على نحو متهور، لم تتخذ التدابير الوقائية والاحترازية اللازمة لاحترام وحماية وإعمال حقوقهم في الحياة والصحة والثقافة. ويدعون أن أزمة المناخ ليست تهديداً مستقبلياً مجرداً. فارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بنسبة 1 , 1 درجة مئوية يتسبب حالياً في موجات حر مدمرة، وحرائق غابات، وأنماط مناخية قصوى، وفيضانات، وارتفاع في مستوى سطح البحر، ويعزز انتشار الأمراض المعدية. وبالنظر إلى أن الأطفال هم من بين أكثر الفئات ضعفاً، من الناحية الفيزيولوجية والعقلية، أمام هذه الآثار التي تهدد الحياة، فإنهم سيتحملون عبئاً أثقل ولفترة أطول بكثير من البالغين.

3 - 2 ويجادل أصحاب البلاغ بأن كل يوم تأخير في اتخاذ التدابير اللازمة يستنزف "ميزانية الكربون" المتبقية، وهي كمية الكربون التي لا يزال من الممكن انبعاثها قبل أن يصل المناخ إلى نقاط تحول إيكولوجية وصحية بشرية لا يمكن وقفها ولا رجعة فيها. ويقولون إن الدولة الطرف، من بين دول أخرى، تنشئ خطراً وشيكاً لأنه سيكون من المستحيل استعادة فرص التخفيف الضائعة، وسيكون من المستحيل ضمان سبل العيش المستدامة والآمنة للأجيال المقبلة.

3 - 3 ويجادل أصحاب البلاغ بأن أزمة المناخ أزمة لحقوق الطفل. والدول الأطراف في الاتفاقية ملزمة باحترام وحماية وإعمال حق الطفل في الحياة الغير القابل للتصرف، الذي تنبع منه جميع الحقوق الأخرى. والتخفيف من آثار تغير المناخ ضرورة حتمية من ضرورات حقوق الإنسان. وفي سياق أزمة المناخ، تسترشد الالتزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بقواعد ومبادئ القانون البيئي الدولي. ويجادل أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب الاتفاقية بشأن ما يلي: (أ) منع انتهاكات حقوق الإنسان المتوقعة محلياً وخارج الحدود الإقليمية الناتجة عن تغير المناخ؛ (ب) التعاون على الصعيد الدولي في مواجهة حالة الطوارئ المناخية العالمية؛ (ج) تطبيق المبدأ التحوطي لحماية الحياة في مواجهة عدم اليقين؛ (د) ضمان العدالة بين الأجيال للأطفال والأجيال القادمة.

المادة 6

3 - 4 يدعي أصحاب البلاغ أن الأفعال التي قامت بها الدولة الطرف والأفعال التي امتنعت عنها والتي أدت إلى إدامة أزمة المناخ قد عرضتهم بالفعل طوال طفولتهم لمخاطر تغير المناخ المتوقعة والمهددة للحياة التي يسببها البشر، سواء كانت في شكل حرارة أو فيضانات أو عواصف أو جفاف أو مرض أو هواء ملوث . ويظهر توافق علمي في الآراء أن المخاطر المهددة للحياة التي يواجهونها ستزداد طوال حياتهم مع ارتفاع درجة حرارة العالم بنسبة 1 , 5 درجة مئوية فوق حقبة ما قبل الثورة الصناعية وأكثر.

المادة 24

3 - 5 يدعي أصحاب البلاغ أن الأفعال التي قامت بها الدولة الطرف والأفعال التي امتنعت عنها وأدت إلى إدامة أزمة المناخ قد أضرت بالفعل بصحتهم العقلية والبدنية، مع تراوح آثار هذا الضرر بين الربو والصدمات النفسية. وينتهك الضرر حقهم في الصحة بموجب المادة 24 من الاتفاقية وسيتفاقم مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة العالمية.

المادة 30

3 - 6 يدعي أصحاب البلاغ أن مساهمات الدولة الطرف في أزمة المناخ قد عرضت بالفعل للخطر ممارسات الكفاف القائمة منذ آلاف السنين لأصحاب البلاغ من الشعوب الأصلية من ألاسكا في الولايات المتحدة وجزر مارشال ومناطق سابمي في السويد. فهذه الممارسات الكفافية ليست المصدر الرئيسي لسبل عيشهم فحسب، بل تتصل مباشرة بطريقة محددة للعيش والرؤية والتصرف في العالم أساسية لهويتهم الثقافية.

المادة 3

3 - 7 إن الدولة الطرف، إذ تدعم السياسات المناخية التي تؤخر إزالة الكربون، تنقل العبء والتكاليف الهائلة لتغير المناخ إلى الأطفال والأجيال القادمة. وإنها، إذ تفعل ذلك، تخلي بواجبها في ضمان تمتع الأجيال القادمة بحقوق الأطفال ولا تتصرف وفقاً لمبدأ الإنصاف بين الأجيال. ويشير أصحاب البلاغ إلى أنه، على الرغم من أن شكواهم توثق انتهاك حقوقهم بموجب الاتفاقية، فإن نطاق أزمة المناخ لا ينبغي أن يقتصر على الضرر الذي يعاني منه عدد صغير من الأطفال. فما يوجد على المحك في نهاية المطاف هو حقوق كل طفل في كل مكان. وإن لم تقم الدولة الطرف، بمفردها وبتنسيق مع دول أخرى، باتخاذ التدابير المتاحة فوراً لوقف أزمة المناخ، فإن الآثار المدمرة لتغير المناخ ستبطل قدرة الاتفاقية على حماية حقوق أي طفل في أي مكان. فلا يمكن لأي دولة تتصرف بعقلانية من أجل مصلحة الطفل الفضلى أن تفرض هذا العبء على أي طفل باختيار تأخير اتخاذ هذه التدابير. والتحليل الوحيد للتكاليف والفوائد الذي سيبرر أياً من سياسات المدعى عليهم هو تحليل يخفض من قيمة حياة الأطفال ويعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية القصيرة الأجل على حساب حقوق الطفل. ويشكل إيلاء قيمة أقل للمصالح الفضلى لأصحاب البلاغ وغيرهم من الأطفال في الإجراءات المناخية للدولة الطرف انتهاكاً مباشراً للمادة 3 من الاتفاقية.

3 - 8 ويطلب أصحاب البلاغ إلى اللجنة أن تقر بما يلي: (أ) أن تغير المناخ أزمة من أزمات حقوق الطفل؛ (ب) أن الدولة الطرف، إلى جانب دول أخرى، تسببت في أزمة المناخ وتقوم بإدامتها بالعمل عن علم، دون مراعاة للأدلة العلمية المتاحة فيما يتعلق بالتدابير اللازمة، لمنع تغير المناخ والتخفيف من آثاره؛ (ج) أن الدولة الطرف، بإدامتها لتغير المناخ المهدد للحياة، تنتهك حقوق أصحاب البلاغ في الحياة والصحة وإعطاء الأولوية للمصالح الفضلى للطفل، فضلاً عن الحقوق الثقافية لأصحاب البلاغ من مجتمعات الشعوب الأصلية.

3 - 9 ويطلب أصحاب البلاغ كذلك إلى اللجنة أن توصي بما يلي: (أ) أن تستعرض الدولة الطرف قوانينها وسياساتها وأن تعدلها عند الاقتضاء لضمان التعجيل بجهود التخفيف والتكيف إلى أقصى ما تسمح به الموارد المتاحة وعلى أساس أفضل الأدلة العلمية المتاحة لحماية حقوق أصحاب البلاغ ولجعل مصالح الطفل الفضلى اعتباراً رئيسياً، لا سيما في تخصيص تكاليف وأعباء التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه؛ (ب) أن تشرع الدولة الطرف في اتخاذ إجراءات دولية تعاونية - وأن تزيد جهودها فيما يتعلق بالمبادرات التعاونية القائمة - لوضع تدابير ملزمة وقابلة للتنفيذ للتخفيف من حدة أزمة المناخ، ومنع إلحاق مزيد من الضرر بأصحاب البلاغ وغيرهم من الأطفال، وضمان حقوقهم غير القابلة للتصرف ؛ (ج) أن تكفل الدولة الطرف، عملاً بالمادة 12 من الاتفاقية، حق الطفل في الاستماع إليه والتعبير عن آرائه بحرية، في جميع الجهود الدولية والوطنية ودون الوطنية الرامية إلى التخفيف من حدة أزمة المناخ أو التكيف معها، وفي جميع الجهود المبذولة استجابة لبلاغ أصحاب البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في 20 كانون الثاني/يناير 2020 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى. وهي تدفع بأن البلاغ غير مقبول لانعدام الولاية القضائية وصفة الضحية، وعدم إثبات الادعاءات بأدلة لأغراض المقبولية، وعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

4 - 2 وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لانعدام الولاية القضائية فيما يتعلق بجميع أصحاب البلاغ باستثناء صاحب البلاغ الذي يحمل الجنسية الألمانية. وتلاحظ أن الدول الأطراف تكفل بموجب المادة 2 ( 1 ) من الاتفاقية الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية "لكل طفل يقع ضمن ولايتها". وتدفع بأن أصحاب البلاغ الذين لا يقيمون في ألمانيا ليسوا ضمن ولايتها القضائية وأن أحد الشروط الأساسية لتطبيق حقوق الطفل خارج الحدود الإقليمية هو أن يكون للإجراءات الوطنية أثر مباشر ويمكن توقعه على حقوق الضحايا المزعومين في بلدان أخرى. وتلاحظ أن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان أبرزت صراحة في فتواها OC-23/17 بشأن البيئة وحقوق الإنسان أن "الحالات التي يشكل فيها سلوك الدولة خارج حدودها الإقليمية ممارسة لولايتها القضائية حالات استثنائية، وينبغي أن تُفسَّر في حد ذاتها تفسيراً تقييدياً " ( ) . وعلاوة على ذلك، يتضح من تفسير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تحديد الولاية القضائية يقتضي أن يكون للإجراءات أثر مباشر ويمكن توقعه على نحو معقول على حق الأفراد في الحياة خارج إقليمها، في حين أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رأت أن من الضروري أن يكون هناك سبب مباشر وفوري لتحديد الولاية القضائية خارج الإقليم. ولا يوجد أثر مباشر أو فوري ويمكن توقعه من هذا القبيل على حقوق أصحاب البلاغ من جراء اتخاذ الدولة الطرف أو عدم اتخاذها إجراءات في هذه القضية. ويدعي أصحاب البلاغ أن حقوقهم قد انتُقِصت بسبب تغير المناخ المستمر. وتغير المناخ هو نتيجة للانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة. ومن المؤكد أن انبعاث غازات الدفيئة في دول واحدة يسهم في تفاقم تغير المناخ ، ولكنه لا ينتقص بشكل مباشر ويمكن توقعه من حقوق الشعوب في الدول الأخرى. وبالتالي، لا يمكن تحديد الولاية القضائية بموجب الاتفاقية على الأفراد المتأثرين بتغير المناخ في جميع أنحاء العالم . وبالإضافة إلى ذلك، تجادل الدولة الطرف بأن أصحاب البلاغ لم يثبتوا صفة الضحية، إذ تنص المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري على أنه لا يقبل بلاغ فردي إلا إذا قُدِّم انتهاك محدد لحق مدرج في الاتفاقية. وتلاحظ أن صاحبة البلاغ الألمانية ذكرت أنها تشعر بالقلق بسبب الفيضانات التي حدثت في منطقتها والتي كانت مزعجة للغاية بالنسبة لها. وعلى الرغم من أن القلق على مستقبلها في ضوء التغيرات البيئية الحالية أمر مفهوم، فإنه لا يشكل انتقاصاً لأي حق مكرس بموجب الاتفاقية.

4 - 3 وتدعي الدولة الطرف أيضاً أن من الواضح أن البلاغ لا يقوم على أسس سليمة وبالتالي فهو غير مقبول بموجب المادة 7 (و) من البروتوكول الاختياري لأن الادعاءات التي أثارها أصحاب البلاغ لا تندرج في إطار الاتفاقية أو البروتوكول الاختياري. وتلاحظ أن أصحاب البلاغ يجادلون بأن تغير المناخ ينبغي أن يُعرَّف بأنه أزمة لحقوق الطفل، وتلاحظ أن ادعاءاتهم بأن الدولة الطرف، إلى جانب دول أخرى، قد تسببت في تغير المناخ وتعمل على إدامته بالتصرف عن علم بطريقة تتجاهل الأدلة العلمية المتاحة فيما يتعلق بالتدابير اللازمة لمنع تغير المناخ والتخفيف من آثاره. وتجادل الدولة الطرف بأنه، على الرغم من الآثار الفعلية لتغير المناخ على حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، فإن إعلان أن تغير المناخ "أزمة لحقوق الطفل" غير مقبول لأن الاتفاقية أو البروتوكول الاختياري لا يتضمن أي منهما مصطلح "أزمة حقوق الطفل"، كما لا توجد معايير في الاتفاقية تحدد متى يمكن أن يؤدي الانتقاص من حقوق الطفل إلى هذه الأزمة. وتجادل أيضاً بأن الاتفاقية والبروتوكول الاختياري يخدمان غرض تأمين حقوق الطفل وضمانها. ولا يخدمان غرض تحديد مجرد لجوانب الاختلال.

4 - 4 وأخيراً، تؤكد الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة عملاً بالمادة 7 (ه) من البروتوكول الاختياري. وفي نظام الحماية القانونية للدولة الطرف، يعني ذلك استخدام الخيارات الإدارية والقانونية المتاحة للحماية القانونية، مثلاً بتقديم بلاغ بعدم الدستورية. ولم يتخذ أصحاب البلاغ أي إجراء قانوني في ألمانيا للحصول على جبر لانتقاص الحقوق كما يدعون. ويجوز لأصحاب البلاغ أن يباشروا إجراءات قانونية إدارية عملاً بالمادة 40 من قانون إجراءات المحاكم الإدارية. ويمكنهم تقديم طلبات للحصول على نتيجة تفسيرية أو "إجراء تفسيري" ("Feststellungsklage") بموجب المادة 43 من المدونة أو رفع "دعوى عامة للترضية" ("allgemeine Leistungsklage"). ويمكن أيضاً أن يرفع أصحاب البلاغ دعوى أمام المحاكم المحلية. ووفقاً للمادة 59 ( 2 ) من القانون الأساسي لألمانيا، تتمتع الاتفاقية بمركز قانون اتحادي، وبالتالي يتعين أن تنظر فيها المحاكم بحكم منصبها. وسيكون من الممكن أن يعرض أصحاب البلاغ على المحاكم الوطنية المخالفات المزعومة التي ارتكبتها هيئات القطاع العام المحلية. وبصفة عامة، يمكن للمحاكم أن تعيد النظر في أي إجراء تتخذه الدولة قد ينتهك حقوق الأفراد بموجب المادة 19 ( 4 ) من القانون الأساسي. وافتراض أن تكاليف الإجراءات القانونية قد تكون مرتفعة لا يعفي أصحاب البلاغ من استنفاد جميع سبل الانتصاف القانونية. وعلى العموم، ليست تكاليف إجراءات المحاكم الإدارية في الدولة الطرف مرتفعة. وبالإضافة إلى ذلك، تتوفر المساعدة القانونية للأفراد الذين لا يكونون في وضع يسمح لهم بتغطية هذه التكاليف بسبب وضعهم المالي.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 يؤكد أصحاب البلاغ في تعليقاتهم المؤرخة 4 أيار/مايو 2020 أن البلاغ مقبول ويصرون على أن اللجنة لديها الولاية القضائية للنظر في الشكوى، وأن الشكوى مدعومة بما يكفي من الأدلة وأن السعي إلى سبل الانتصاف المحلية لن يكون مجدياً.

5 - 2 وفيما يتعلق بمسألة الولاية القضائية، يجادل أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف لديها رقابة تنظيمية فعالة على الانبعاثات الناشئة في إقليمها. والدولة الطرف وحدها هي التي يمكنها خفض تلك الانبعاثات، من خلال سلطتها السيادية في التنظيم والترخيص والتغريم وفرض الضرائب. ونظراً لأن الدولة الطرف تسيطر حصراً على مصادر الضرر هذه، فإن الضحايا الذين يمكن توقعهم لآثارها في النهاية، بمن فيهم أصحاب البلاغ، يقعون ضمن ولايتها القضائية. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن تغير المناخ مسألة عالمية لا يمكن أن تتحمل مسؤوليتها، يجادل أصحاب البلاغ بأن القانون الدولي العرفي يعترف بأنه عندما تسهم دولتان أو أكثر في نتيجة ضارة، تكون كل دولة مسؤولة عن أفعالها، بصرف النظر عن مشاركة دول أخرى ( ) . وفي المادة 47 من المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، نصت لجنة القانون الدولي على أنه: "عندما تكون هناك عدة دول مسؤولة عن نفس الفعل غير المشروع دولياً، يمكن الاحتجاج بمسؤولية كل دولة فيما يتعلق بذلك الفعل". وفي هذه الحالات، تُحدَّد مسؤولية كل دولة مشاركة على حدة، على أساس سلوكها الخاص وبالإشارة إلى التزاماتها الدولية.

5 - 3 ويؤكد أصحاب البلاغ مجدداً أنهم أثبتوا أن كل واحد منهم قد أصيب وعُرِّض لخطر مزيد من الضرر الذي لا يمكن إصلاحه نتيجة لتغير المناخ الناجم في جزء كبير منه عن فشل الدولة الطرف في خفض الانبعاثات. وتتسبب عواقب الأفعال التي تقوم بها الدولة الطرف والأفعال التي تمتنع عنها فيما يتعلق بمكافحة تغير المناخ بشكل مباشر وشخصي في ضرر لأصحاب البلاغ وتعرضهم لمخاطر يمكن توقعها. ولا تشكل تأكيداتهم المتعلقة بالضرر الناجم عن تغير المناخ دعوى حسبة ، حتى وإن كان الأطفال في جميع أنحاء العالم قد يشاركون تجاربهم أو يتعرضون لمخاطر مماثلة.

5 - 4 ويؤكد أصحاب البلاغ كذلك أن التماس سبل الانتصاف المحلية لن يكون مجدياً لعدم وجود احتمالات حقيقية لنجاحها. ويجادلون بأن المحاكم المحلية لا يمكنها الفصل في ادعاءاتهم التي تنطوي على التزام التعاون الدولي، ولا يمكنها مراجعة ما إذا كانت الدولة الطرف لم تستخدم الوسائل القانونية والاقتصادية والدبلوماسية لإقناع الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة العشرين وصناعات الوقود الأحفوري بخفض انبعاثاتها. ولا يمكن للدولة الطرف أن توفر منبراً محلياً للادعاءات التي أثيرت في البلاغ وسبل الانتصاف المطلوبة، مما ينطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان عابرة للحدود تسببت فيها دول متعددة عبر حدود متعددة. فحصانة الدول تبطل أي سبيل انتصاف ممكن للضرر العابر للحدود الذي تسببه دول أخرى. ويجادل أصحاب البلاغ بأن سبل الانتصاف التي يلتمسونها غير قابلة للتقاضي بشأنها أو من غير المرجح أن تمنحها المحاكم. والمحاكم المحلية لا يُرجَّح أو لا يمكن أن تأمر السلطتين التشريعية والتنفيذية بالامتثال لالتزاماتها المناخية الدولية عن طريق خفض انبعاثاتها. وعلاوة على ذلك، من المرجح أن توفر المحاكم المحلية سلطة تقديرية واسعة للسلطتين التشريعية والتنفيذية لتحديد ما يشكل سياسة مناخية مناسبة. وتنطوي سبل الانتصاف هنا أيضاً على قرارات سياسية في العلاقات الدولية. ولا يمكن للمحاكم المحلية أن تأمر الحكومة بالتعاون دولياً في مكافحة تغير المناخ. وخلاصة القول أنه لن تكون هناك محكمة تحمل الحكومة على اتخاذ تدابير وقائية فعالة لمنع إلحاق مزيد من الضرر بأصحاب البلاغ.

5 - 5 وفيما يتعلق بسبل الانتصاف المحلية المتاحة لأصحاب البلاغ التي تشير إليها الدولة الطرف، يجادل أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف، خلافاً لبياناتها، سبق لها أن قالت بعدم إمكانية الطعن في سياساتها المتعلقة بخفض الانبعاثات في المحاكم المحلية. ويؤكد أصحاب البلاغ أن المحاكم المحلية سترفض على الأرجح ادعاءاتهم بسبب انعدام الصفة القانونية والفصل بين السلطات. وينص القانون الألماني لحماية المناخ صراحة على أنه لا ينشئ حقوقاً فردية أو يمنح الأفراد صفة قانونية لطلب المراجعة القضائية للسياسات المناخية. وبالتالي، فإن الإجراءات الحكومية القائمة على قانون حماية المناخ غير قابلة للمقاضاة. وحتى لو كان أصحاب البلاغ سيستندون إلى الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) أو اتفاقية حقوق الطفل، فإن اجتهادات الدولة الطرف تعترف بسلطة تقديرية تنفيذية وتشريعية واسعة فيما يتعلق بحماية الحقوق الأساسية . وهذا النطاق الواسع للسلطتين التنفيذية والتشريعية لا يحده إلا العجز الشديد، مثلاً إذا لم تُتَّخذ تدابير وقائية، أو إذا كانت اللوائح والتدابير المتخذة غير مناسبة بشكل واضح أو غير كافية على الإطلاق، أو إذا كانت قائمة على تقييمات غير مبررة. وقد رُفِضت أول قضية محلية رفعت في الدولة الطرف بشأن خفض الانبعاثات باعتبارها غير مقبولة. ففي قضية المزارعون الأسريون ومنظمة غرين بيس ضد ألمانيا ، رفضت المحكمة الإدارية في برلين قضية ادعى فيها المشتكون أن هدف خفض الانبعاثات لعام 2020 الذي تصبو إليه الحكومة الاتحادية غير كافٍ وينتهك التزاماتها الدستورية ( ) . ورفضت المحكمة هذا الادعاء، ورأت أن للحكومة سلطة تقديرية واسعة عند الوفاء بالتزاماتها الدستورية، شريطة ألا تكون أفعالها غير مناسبة كلية أو غير كافية على الإطلاق.

5 - 6 ويجادل أصحاب البلاغ بأن الظروف الفريدة لقضيتهم ستجعل الإجراءات المحلية مطولة بشكل غير معقول حيث سيتعين عليهم متابعة خمس قضايا منفصلة، في كل دولة طرف مدعى عليها، تستغرق كل منها سنوات. ولم تستطع الدولة الطرف أن تكفل الحصول على حل في غضون الإطار الزمني اللازم لأن أي تأخير في خفض الانبعاثات يستنزف ميزانية الكربون المتبقية ويحول دون تحقيق حد 1 , 5 درجة مئوية على ارتفاع درجة الحرارة.

تدخل أطراف ثالثة

6 - 1 في 1 أيار/مايو 2020 ، قُدِّم إلى اللجنة تدخلَ أطراف ثالثة من قبل المكلفين الحالي والسابق بولاية المقرر الخاص المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، ديفيد ر. بويد وجون نوكس.

6 - 2 ويشير المتدخلون إلى أن أزمة المناخ لها بالفعل آثار خطيرة على حياة البشر ورفاههم، وبالتالي على حقوق الإنسان. والأطفال معرضون بشكل خاص لخطر أزمة المناخ لعدة أسباب. أولاً، الأطفال أكثر عرضة من الكبار للأضرار البيئية بجميع أنواعها، التي تتعارض مع طائفة واسعة من حقوقهم المحمية بموجب الاتفاقية، بما في ذلك حقوقهم في الحياة والصحة والتنمية والغذاء والسكن والماء والصرف الصحي واللعب والترفيه. وهم معرضون بشكل خاص للمشاكل الصحية التي يفاقمها تغير المناخ، بما في ذلك سوء التغذية والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال وغيرها من الأمراض المنقولة عن طريق المياه. وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي تغير المناخ إلى تزايد مظاهر التفاوت الاجتماعي والاقتصادي، وتفاقم الفقر، والنكوص عن التحسن في رفاه الأطفال.

6 - 3 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، يلاحظ المتدخلون أن التزامات الدول تتجاوز حالات السيطرة الفعلية لتشمل التزامات بحماية أولئك الذين تتأثر حقوقهم بأنشطة الدولة "بطريقة مباشرة يمكن توقعها على نحو معقول" ( ) . ويشيرون إلى أن آثار تغير المناخ على حقوق أصحاب البلاغ هي بالضبط نوع التأثير الذي يشمله معيار "بطريقة مباشرة يمكن توقعها على نحو معقول". وليس التوقع على نحو معقول أن انبعاثات غازات الدفيئة ستؤثر بطريقة مباشرة على حقوق الإنسان لأصحاب البلاغ والأطفال في جميع أنحاء العالم أمراً ممكناً فحسب، بل إنه حتمي.

6 - 4 والدول الخمس الأطراف المعنية ليست أكبر الدول المسببة للانبعاثات سواء في الماضي أو الحاضر. غير أن مساهماتها ليست ضئيلة. فكل منها يوجد ضمن الجهات الأربعين الأولى المسببة للانبعاثات، استناداً إلى الانبعاثات التاريخية منذ عام 1850 ، وهي تسهم معاً في الوقت الحاضر بنسبة 7 في المائة من الانبعاثات العالمية. ولا يمكن لكون هذه المشكلة مشكلة عالمية أن يشكل اعتراضاً صحيحاً على مقبولية البلاغ، كما لا يمكن أن يكون الجواب عندما تسهم دول متعددة في ضرر عالمي ألا تتحمل أي منها أي مسؤولية عن آثاره. فبموجب القانون الدولي العرفي لمسؤولية الدول، عندما تسهم عدة دول في نفس الضرر عن طريق سلوك غير مشروع منفصل، "تحدد مسؤولية كل دولة مشاركة على حدة، على أساس سلوكها الخاص وبالإشارة إلى التزاماتها الدولية" ( ) . ولئن كان من الصعب تتبع مسار سببي دقيق بين أفعال أي دولة من الدول الأطراف المعنية والأضرار التي لحقت بأصحاب البلاغ، فإن من الممكن بالتأكيد تحديد مسؤولية كل دولة فيما يتعلق بالأضرار التي تسهم فيها. وفي هذا الصدد، قد يكون مجموع انبعاثاتها الحالية عاملاً واحداً فقط؛ وقد تكون هناك عوامل أخرى ذات صلة أيضاً، مثل مستوى تنميتها الاقتصادية ومساهماتها التاريخية.

6 - 5 ويذكر المتدخلون أن السعي إلى سبل الانتصاف المحلية في هذه القضية سيطول دون مبرر ومن غير المرجح أن يؤدي إلى جبر فعال لأن هناك في كثير من المحاكم المحلية تراكمات كبيرة تفاقمت بسبب إغلاق المحاكم استجابة لجائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد- 19 ). وتتفاقم التأخيرات التي تترتب على ذلك في الدعاوى القضائية المتعلقة بالمناخ التي تؤكد وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان بسبب حداثة هذه القضايا وتعقيدها. واستغرقت قضية أورغيندا في هولندا سبع سنوات قبل اختتامها ( ) . ورُفِضت قضية جوليانا في الولايات المتحدة على أساس الصفة القانونية بعد خمس سنوات من التقاضي ( ) . ولن تكون سبل الانتصاف المتاحة من المحاكم المحلية المختلفة فعالة بمفردها لأن محكمة محلية واحدة تفتقر بوضوح إلى الولاية القضائية لفرض التزامات على الدول الأخرى بالتعاون على الصعيد الدولي لحل أزمة المناخ. واللجنة، على النقيض من ذلك، لديها القدرة على توفير سبل انتصاف فعالة ضد دول أطراف متعددة. وتتمتع اللجنة بالخبرة والولاية اللازمتين لمعالجة المسائل التي قد لا تدخل في اختصاص المحاكم المحلية، بما في ذلك التزامات كل دولة بموجب قانون حقوق الإنسان بالتصدي لتحدٍّ عالمي لحقوق الإنسان الخاصة بجميع الأطفال.

الجلسة الشفوية

7 - 1 بناءً على دعوة من اللجنة، وعملاً بالمادة 19 من نظامها الداخلي المعتمد بموجب البروتوكول الاختياري، مثُل محامو الطرفين أمام اللجنة في 25 أيار/مايو 2021 عن طريق التداول بالفيديو، وأجابوا على أسئلة أعضاء اللجنة عن عرضهم، وقدموا إيضاحات إضافية.

التعليقات الشفوية لأصحاب البلاغ

7 - 2 يؤكد أصحاب البلاغ مجدداً ادعاءهم بأن الدولة الطرف لم تتخذ جميع التدابير اللازمة والمناسبة لمنع ارتفاع درجات الحرارة في العالم بنسبة 1 , 5 درجة مئوية فوق حقبة ما قبل الثورة الصناعية، فساهمت بذلك في تغير المناخ، في انتهاك لحقوقهم. ويقولون إن الأضرار التي تعرض لها أصحاب البلاغ، وسيظلون يتعرضون لها، كان يمكن توقعها في عام 1990 ، عندما تنبأت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأن الاحترار العالمي بنسبة لا تتجاوز درجة مئوية واحدة يمكن أن يتسبب في حالات نقص المياه والأمراض المحمولة بالنواقل وارتفاع مستوى سطح البحر التي يواجهها أصحاب البلاغ حالياً. ويجادلون بأنهم سيظلون يعانون معاناة كبيرة في حياتهم إن لم تتخذ الدول إجراءات فورية لخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة إلى حد كبير. ويصرون على وجود صلة سببية مباشرة ويمكن توقعها بين الضرر الذي تعرضوا له وانبعاثات الدولة الطرف لأن الضرر الذي لحق بهم يُعزى إلى تغير المناخ، ولأن الانبعاثات المستمرة للدولة الطرف تسهم في تفاقم تغير المناخ.

7 - 3 وفيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يشير أصحاب البلاغ إلى حكم المحكمة الدستورية الأخير الصادر في قضية نيوباور وآخرين ضد ألمانيا ، التي قدمت فيها مجموعة من الأطفال من ألمانيا وبنغلاديش ونيبال طعناً دستوري اً قائماً على الحقوق في قانون حماية المناخ ( ) . ويجادل أصحاب البلاغ بأن الحكم يبين السبب في أن شكوى دستورية لن توفر لهم جبراً فعالاً. وهو بالتحديد أنهم سيبقون غير قادرين على إنفاذ مطالباتهم ضد الأرجنتين والبرازيل وتركيا وفرنسا في المحاكم الألمانية بسبب الحصانة السيادية الأجنبية؛ وستفشل أيضاً مطالبهم التي تقتضي من ألمانيا أن تستخدم جميع وسائل التعاون الدولي المتاحة للتأثير على العمل المناخي؛ ولن تكون حقوق غير المواطنين الألمان من أصحاب البلاغ محمية بما فيه الكفاية، حيث رأت المحكمة الدستورية في قرارها أن التزامات ألمانيا تجاه المدعين الأجانب محدودة وأقل حماية من التزاماتها تجاه المدعين الألمان. ويرجع ذلك إلى أن المحكمة لاحظت أنه، على الرغم من أن الهيئة التشريعية يجب أن تسعى إلى حصر ارتفاع درجة الحرارة في حدود 1 , 5 درجة مئوية ، فإن هدف التخفيف الأدنى البالغ درجتين مئويتين قد يكون مقبولاً إن مكّنت تدابير التكيف من حماية الشعب الألماني. غير أن أصحاب البلاغ يجادلون بأن هدف 1 , 5 درجة مئوية هو الحد الأدنى المطلق اللازم للحد من تغير المناخ الخطير والمعيار الأكثر حماية لحقوق الإنسان الخاصة بجميع أصحاب البلاغ.

الملاحظات الشفوية المقدمة من الدولة الطرف

7 - 4 تلاحظ الدولة الطرف أنها، وإن كانت تتعاطف مع أهداف البلاغ وتشاطر في الوقت نفسه الشواغل المتعلقة بتغير المناخ والشعور بالحاجة الملحة إلى مكافحة الاحترار العالمي، فإنها لا تقبل البلاغ على أنه الطريقة السليمة للسعي إلى تحقيق هذه الأهداف. وترى أن اللجنة ليست المحفل المناسب لإجراء مناقشة بشأن مزايا وعيوب النهج الوطنية لمكافحة تغير المناخ. وتؤكد الدولة الطرف مجدداً أن أصحاب البلاغ الذين لا يقيمون في ألمانيا لا يمكن اعتبارهم تحت السيطرة الفعلية للدولة الطرف لأغراض تحديد الولاية القضائية. ونظراً لحدود السيادة بموجب القانون الدولي، فإن الدولة الطرف لا يمكنها عملياً أن تتخذ تدابير خارج أراضيها لحماية الأشخاص المقيمين في الخارج. ويوجد بالفعل واجب التعاون على الصعيد الدولي واستخدام جميع الوسائل القانونية والدبلوماسية والاقتصادية المتاحة لإقناع الدول الأخرى باعتماد مسارات كافية لخفض الانبعاثات. غير أن الغرض من ذلك هو توضيح أن احترام سيادة كل دولة لا يزال يكمن في صميم القانون الدولي. ولا يمكن لكون انبعاثات من دولة ما تؤثر تأثيراً عاماً على المناخ العالمي أن ينشئ ولاية قضائية محددة فيما يتعلق بإقليم أي دولة أخرى. وفي هذه القضية، لم تثبت أي صلة سببية بين الأفعال المزعوم أن الدولة الطرف قامت بها أو امتنعت عنها والضرر المزعوم الذي لحق بأصحاب البلاغ. ولا تتسبب غازات الدفيئة المنبعثة في ألمانيا مباشرة وعلى الفور في موجات الحر أو حرائق الغابات أو العواصف على بعد آلاف الكيلومترات. وأي انبعاثات من ألمانيا، كما هو الحال في أي مكان آخر، سيكون لها تأثير على الوضع المناخي العالمي، مما قد يؤدي إلى تأثير على الظروف المعيشية لأصحاب البلاغ. ومع ذلك، فإن المساهمة العامة في الظاهرة العالمية لتغير المناخ لا يمكن مساواتها في القانون بتأثير مباشر ومحدد على الظروف المعيشية لأصحاب البلاغ.

7 - 5 وفيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير الدولة الطرف أيضاً إلى حكم المحكمة الدستورية في قضية نيوباور وآخرين ضد ألمانيا . وتلاحظ أن المحكمة أصدرت قراراً بشأن الشكاوى الدستورية التي رفعها العديد من الناشطين الشباب، وبعضهم يعيشون في بنغلاديش ونيبال، ضد سياسة حماية المناخ التي تنتهجها الدولة الطرف، وتحديداً القانون الاتحادي لحماية المناخ الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2019 . وعلى غرار العروض التي قدمها أصحاب البلاغ في هذه القضية، ادعى أصحاب الشكوى أن جهود الدولة الطرف غير كافية في مكافحة تغير المناخ وأنها تشكل، في جملة أمور، انتهاكاً لحقوقهم في الحياة والسلامة البدنية والممتلكات. ورأت المحكمة الدستورية الاتحادية أن الشكاوى مقبولة وخلصت إلى أن قانون تغير المناخ غير كافٍ لضمان تحقيق الانتقال الضروري إلى الحياد المناخي في الوقت المناسب. ولذلك، طلبت من الدولة الطرف أن تعدل القانون وفقاً لذلك. غير أن المحكمة رفضت ادعاء أن سياسة الدولة الطرف المتعلقة بالمناخ تشكل حالياً انتهاكاً لحقوق أصحاب الشكوى في الحياة والسلامة البدنية والممتلكات. وتدفع الدولة الطرف بأن القرار ذو صلة بهذا البلاغ من عدة جوانب. وينص القرار على ما يلي: تكون أي شكوى دستورية ضد سياسة حماية المناخ التي تنتهجها الدولة الطرف مقبولة ويُستمَع إليها في غضون فترة زمنية معقولة جداً ( ) ؛ وكما يتضح من القرارات، سيتمتع غير المواطنين القصّر بالصفة القانونية أمام المحكمة؛ والدولة الطرف ملزمة بالسعي إلى إيجاد حلول دولية لأزمة المناخ. وتدفع الدولة الطرف بأن قرار المحكمة الدستورية ينص بوضوح على أن أصحاب البلاغ كان يمكنهم أن يقدموا إلى المحكمة الدستورية الاتحادية طلباً يتضمن نفس الأهداف الواردة في بلاغهم. وكانت هذه الشكوى ستكون مجانية أيضاً، وكانت ستُتاح لها المساعدة القانونية.

7 - 6 وأخيراً، تكرر الدولة الطرف التأكيد على أن أصحاب البلاغ الذين يشعرون بقلق مباشر إزاء أنشطة معينة كان يمكنهم، بالإضافة إلى تقديم شكوى دستورية، أن يرفعوا دعوى إدارية في الدولة الطرف وفقاً للشروط العامة ليلتمسوا إما اتخاذ إجراءات محددة من جانب الحكومة (مثلاً إصدار أوامر بإغلاق المرافق القائمة على الفحم، أو حظر أنشطة معينة، وما إلى ذلك) أو إصدار حكم إعلاني (مثلاً للإفادة بأن سياسة حكومية معينة تنتهك حقاً معيناً من حقوق مقدِّم الطلب بموجب الاتفاقية).

جلسة الاستماع الشفوية مع أصحاب البلاغ

8 - بناءً على دعوة من اللجنة وعملاً بالمادة 19 من نظامها الداخلي المعتمد بموجب البروتوكول الاختياري، مثل 11 من أصحاب البلاغ أمام اللجنة في 28 أيار/مايو 2021 عن طريق التداول بالفيديو في جلسة مغلقة، دون حضور ممثلي الدول الأطراف. وأوضحوا للجنة كيف أثر تغير المناخ على حياتهم اليومية وأعربوا عن آرائهم بشأن ما ينبغي للدول الأطراف المدعى عليها أن تفعله بشأن تغير المناخ، ولماذا ينبغي للجنة أن تنظر في شكاواهم.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

9 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يَرِد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 20 من نظامها الداخلي المعتمد بموجب البروتوكول الاختياري، ما إذا كان الادعاء مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري.

الولاية القضائية

9 - 2 تشير اللجنة إلى إفادة الدولة الطرف بعدم مقبولية البلاغ لانعدام الولاية القضائية وصفة الضحية. وتشير اللجنة أيضاً إلى حجة أصحاب البلاغ بأنهم يقعون ضمن ولاية الدولة الطرف باعتبارهم ضحايا للعواقب التي يمكن توقعها من إسهامات الدولة الطرف المحلية والعابرة للحدود في تغير المناخ والتلوث الكربوني المنبعث من داخل إقليم الدولة الطرف التي تعلم ذلك أو تسمح به أو تشجعه. وتشير اللجنة كذلك إلى ادعاءات أصحاب البلاغ بأن الأفعال التي قامت بها الدولة الطرف والأفعال التي امتنعت عنها والتي تؤدي إلى إدامة أزمة المناخ قد عرضتهم بالفعل طوال طفولتهم لمخاطر تغير المناخ الناجمة عن البشر التي يمكن التنبؤ بها والمهددة للحياة.

9 - 3 وتنص المادة 2 ( 1 ) من الاتفاقية على أن الدول الأطراف ملزمة باحترام حقوق "كل طفل يخضع لولايتها". ووفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري، يجوز للجنة أن تتلقى وتنظر في البلاغات المقدمة من أو باسم أفراد أو جماعات أفراد خاضعين لولاية دولة طرف يدعون أنهم ضحايا لانتهاك الدولة الطرف لأي حق من حقوقهم المنصوص عليها في الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة أنه، على الرغم من عدم إشارة الاتفاقية ولا البروتوكول الاختياري إلى مصطلح "الإقليم" في تطبيق الولاية القضائية، فإن الولاية القضائية خارج الإقليم ينبغي أن تُفسَّر تفسيراً تقييدياً ( ) .

9 - 4 وتحيل اللجنة إلى الاجتهادات ذات الصلة للجنة المعنية بحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تشير إلى الولاية خارج الحدود الإقليمية ( ) . غير أن تلك الاجتهادات وُضِعت وطُبِّقت على حالات وقائعية تختلف اختلافاً كبيراً عن وقائع هذه القضية وظروفها. ويثير هذا البلاغ مسائل جديدة تتعلق بالولاية القضائية في سياق الضرر العابر للحدود المتصل بتغير المناخ.

9 - 5 وتشير اللجنة أيضاً إلى الفتوى OC-23/17 الصادرة عن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بشأن البيئة وحقوق الإنسان، وهي ذات صلة خاصة بمسألة الولاية في هذه القضية لأنها أوضحت نطاق الولاية خارج الحدود الإقليمية فيما يتعلق بحماية البيئة. ولاحظت المحكمة في ذلك الرأي أنه عندما يحدث ضرر عابر للحدود يؤثر على الحقوق التعاهدية ، فإن من المفهوم أن الأشخاص الذين انتُهِكت حقوقهم يوجدون تحت ولاية دولة المنشأ إن كانت هناك علاقة سببية بين الفعل الذي نشأ في إقليمها وانتهاك حقوق الإنسان للأشخاص خارج إقليمها (الفقرة 101 ). وتنشأ ممارسة الولاية القضائية عندما تمارس دولة المنشأ سيطرة فعلية على الأنشطة التي تسببت في الضرر وما ترتب عليه من انتهاك لحقوق الإنسان (الفقرة 104 (ح)). وفي حالات الضرر العابر للحدود، تقوم ممارسة دولة المنشأ لولايتها القضائية على أساس أن الدولة التي نفذت الأنشطة في إقليمها أو ضمن ولايتها القضائية هي التي تمارس عليها سيطرة فعلية وهي في وضع يمكنها من منعها من التسبب في ضرر عابر للحدود يؤثر على تمتع الأشخاص بحقوق الإنسان خارج إقليمها. والضحايا المحتملون للآثار السلبية لهذه الأنشطة يوجدون تحت الولاية القضائية لدولة المنشأ لأغراض المسؤولية المحتملة لتلك الدولة عن عدم الامتثال لالتزامها بمنع الضرر العابر للحدود (الفقرة 102 ). ولاحظت المحكمة كذلك أنه يمكن، بناءً على ذلك، استنتاج أن الالتزام بمنع الضرر أو الأذى البيئي العابر للحدود التزام يعترف به القانون البيئي الدولي، ويمكن بموجبه اعتبار الدول مسؤولة عن أي ضرر هام يلحق بالأشخاص خارج حدودها بسبب الأنشطة الناشئة في أراضيها أو الموجودة تحت سيطرتها أو سلطتها الفعلية (الفقرة 103 ).

9 - 6 وتذكر اللجنة بأنها لاحظت في البيان المشترك بشأن حقوق الإنسان وتغير المناخ الذي أصدرته مع أربع هيئات أخرى من هيئات المعاهدات أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أكدت في تقرير صدر في عام 2018 أن تغير المناخ يشكل مخاطر هامة على التمتع بحقوق الإنسان التي تحميها الاتفاقية مثل الحق في الحياة، والحق في الحصول على غذاء كافٍ، والحق في سكن لائق، والحق في الصحة، والحق في المياه، والحقوق الثقافية (الفقرة 3 ) ( ) . ومن شأن عدم اتخاذ تدابير لمنع الضرر الذي يمكن توقعه لحقوق الإنسان من جراء تغير المناخ، أو لتنظيم الأنشطة التي تسهم في هذا الضرر، أن يشكل انتهاكاً لالتزامات الدول في مجال حقوق الإنسان (الفقرة 10 ).

9 - 7 وبعد النظر فيما سبق، ترى اللجنة أن الاختبار المناسب للولاية القضائية في هذه القضية هو الاختبار الذي اعتمدته محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في فتواها بشأن البيئة وحقوق الإنسان. وهذا يعني أنه عندما يحدث ضرر عابر للحدود، يكون الأطفال تحت ولاية الدولة التي تنشأ الانبعاثات على أراضيها لأغراض المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري إن كانت هناك علاقة سببية بين الأفعال التي تقوم بها الدولة المعنية أو الأفعال التي تمتنع عنها والأثر السلبي على حقوق الأطفال الموجودين خارج إقليمها، عندما تمارس دولة المنشأ سيطرة فعلية على مصادر الانبعاثات المعنية. وترى اللجنة أنه، على الرغم من أن العناصر المطلوبة لإثبات مسؤولية الدولة مسألة تتعلق بالوقائع الموضوعية، فإن الضرر المزعوم الذي يلحق بالضحايا يجب أن يكون من الممكن توقعه على نحو معقول من جانب الدولة الطرف وقت القيام بأفعالها أو الامتناع عنها حتى لغرض تحديد الولاية القضائية ( ) .

9 - 8 وتلاحظ اللجنة ادعاءات أصحاب البلاغ بأن الدول الأطراف تتحمل المسؤولية الفردية عن الأفعال التي تقوم بها أو تمتنع عنها فيما يتعلق بتغير المناخ ومساهمتها فيه على الرغم من أن تغير المناخ وما يتسبب فيه لاحقاً من ضرر بيئي وأثر على حقوق الإنسان هي مسائل جماعية عالمية تتطلب استجابة عالمية. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف تسيطر سيطرة فعلية داخل إقليمها على مصدر انبعاثات الكربون التي لها أثر عابر للحدود.

9 - 9 وترى اللجنة أن إسهام انبعاثات الكربون الناشئة في الدولة الطرف في تفاقم تغير المناخ والأثر السلبي لتغير المناخ على تمتع الأفراد بحقوقهم داخل إقليم الدولة الطرف وخارجه أمر مقبول عموماً ومثبت بالأدلة العلمية. وترى اللجنة أن الدولة الطرف، نظراً لقدرتها على تنظيم الأنشطة التي تشكل مصدر هذه الانبعاثات وعلى إنفاذ هذه اللوائح، تتحكم تحكماً فعلياً في الانبعاثات.

9 - 10 ووفقاً لمبدأ المسؤوليات المشتركة وإن كانت متباينة، كما هو مبين في اتفاق باريس، ترى اللجنة أن الطابع الجماعي للعلاقة السببية لتغير المناخ لا يعفي الدولة الطرف من مسؤوليتها الفردية التي قد تنبثق عن الضرر الذي يمكن أن تسببه الانبعاثات الناشئة داخل إقليمها للأطفال، مهما كان موقعهم ( ) .

  9 - 11 وفيما يتعلق بمسألة إمكانية التوقع، تلاحظ اللجنة حجة أصحاب البلاغ التي لا جدال فيها بأن الدولة الطرف كانت على علم بالآثار الضارة لمساهماتها في تغير المناخ على مدى عقود وأنها وقعت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992 واتفاق باريس في عام 2016 . وفي ضوء الأدلة العلمية الموجودة التي تبين وقع الأثر التراكمي لانبعاثات الكربون على التمتع بحقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية ( ) ، ترى اللجنة أن الضرر المحتمل للأفعال التي تقوم بها الدولة الطرف أو تمتنع عنها فيما يتعلق بانبعاثات الكربون الناشئة في إقليمها كان يمكن للدولة الطرف أن تتوقعه على نحو معقول.

9 - 12 وبعد أن خلصت اللجنة إلى أن الدولة الطرف تسيطر سيطرة فعلية على مصادر الانبعاثات التي تسهم في إلحاق ضرر يمكن توقعه على نحو معقول بالأطفال خارج إقليمها، يجب عليها الآن أن تقرر ما إذا كانت هناك علاقة سببية كافية بين الضرر الذي يدعي أصحاب البلاغ وقوعه والأفعال التي قامت بها الدولة الطرف أو الأفعال التي أغفلتها لأغراض إقامة الولاية القضائية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة، تمشياً مع موقف محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، أن مسؤولية الدولة التي تقع فيها الأنشطة المسببة لضرر عابر للحدود لا تنشأ عن كل أثر سلبي يقع في حالات الضرر العابر للحدود، وأن الأسباب المحتملة لتحديد الولاية القضائية يجب تبريرها استناداً إلى الظروف الخاصة للحالة المحددة، وأن الضرر يجب أن يكون "هاماً" ( ) . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان لاحظت أن لجنة القانون الدولي لم تشر، في المواد المتعلقة بمنع الضرر العابر للحدود الناجم عن الأنشطة الخطرة، إلا إلى الأنشطة التي قد تنطوي على ضرر هام عابر للحدود، وأن الضرر "الهام" ينبغي أن يُفهَم على أنه شيء أكثر من "يمكن كشفه" ولكن ليس من الضروري أن يكون على مستوى "خطير" أو "كبير". ولاحظت المحكمة كذلك أن الضرر يجب أن يؤدي إلى أثر ضار حقيقي على أمور مثل صحة الإنسان أو الصناعة أو الممتلكات أو البيئة أو الزراعة في دول أخرى، وأن هذه الآثار الضارة يجب أن تكون قابلة للقياس بمعايير واقعية وموضوعية ( ) .

صفة الضحية

9 - 13 في الظروف الخاصة بهذه القضية، تلاحظ اللجنة ادعاءات أصحاب البلاغ بأن حقوقهم بموجب الاتفاقية قد انتُهِكت بسبب الأفعال التي قامت بها الدول الأطراف المدعى عليها والأفعال التي امتنعت عنها في المساهمة في تغير المناخ، وادعاءاتهم بأن الضرر المذكور سيتفاقم مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة في العالم. وتلاحظ ادعاءات أصحاب البلاغ: أن الدخان الناجم عن حرائق الغابات والتلوث المتصل بالحرارة قد تسبب في تفاقم الربو لدى بعض أصحاب البلاغ، مما استوجب دخول المستشفى؛ وأن انتشار الأمراض المحمولة بالنواقل وتكثيفها قد أثر على أصحاب البلاغ، مما أدى إلى إصابة بعضهم بالملاريا عدة مرات في السنة أو إصابتهم بحمى الضنك أو الشيكونغونيا ؛ وأن أصحاب البلاغ قد تعرضوا لموجات حر شديدة، مما تسبب في تهديد خطير لصحة العديد منهم؛ وأن الجفاف يهدد الأمن المائي لبعض أصحاب البلاغ؛ وأن بعض أصحاب البلاغ قد تعرضوا لعواصف وفيضانات شديدة؛ وأن الحياة على مستوى الكفاف معرضة للخطر بالنسبة لأصحاب البلاغ من الشعوب الأصلية؛ وأن جزر مارشال وبالاو قد تصبحان غير صالحتين للسكن في غضون عقود بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر؛ وأن تغير المناخ قد أثر على الصحة العقلية لأصحاب البلاغ، الذين يدعي بعضهم أنهم يعانون من القلق المناخي. وترى اللجنة أن أصحاب البلاغ، كأطفال، يتأثرون بشكل خاص بتغير المناخ، سواء من حيث الطريقة التي يعانون بها من آثاره أو من حيث إمكانية تأثير تغير المناخ عليهم طوال حياتهم، لا سيما إذا لم تُتَّخذ إجراءات فورية. ونظراً للتأثير الخاص على الأطفال، واعتراف الدول الأطراف في الاتفاقية بأن الأطفال يستحقون ضمانات خاصة، بما في ذلك الحماية القانونية المناسبة، فإن الدول قد زادت من التزاماتها بحماية الأطفال من الأذى الذي يمكن توقعه ( ) .

9 - 14 ومع مراعاة العوامل المذكورة أعلاه، تخلص اللجنة إلى أن أصحاب البلاغ قد برروا بما فيه الكفاية، لأغراض تحديد الولاية القضائية، أن انتقاص حقوقهم المنصوص عليها في الاتفاقية نتيجة الأفعال التي تقوم بها الدولة الطرف أو تمتنع عنها فيما يتعلق بانبعاثات الكربون الناشئة داخل إقليمها كان يمكن توقعه على نحو معقول. وتخلص أيضاً إلى أن أصحاب البلاغ أثبتوا مبدئياً أنهم تعرضوا شخصياً لضرر حقيقي وهام لتبرير صفتهم كضحايا. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن أحكام المادة 1 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

استنفاد سبل الانتصاف المحلية

9 - 15 تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأن البلاغ ينبغي أن يُعتبَر غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ أيضاً حجة الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف المحلية متاحة أمام أصحاب البلاغ، بما في ذلك عن طريق تقديم شكوى إلى المحكمة الدستورية. وتلاحظ كذلك حجة الدولة الطرف بأن أصحاب البلاغ كان بإمكانهم أن يرفعوا دعوى قضائية إدارية عملاً بالمادة 40 من قانون إجراءات المحاكم الإدارية، وأنه كان بإمكانهم أيضاً إثارة الادعاءات المقدمة في البلاغ أمام المحاكم المحلية بموجب المادة 19 ( 4 ) من القانون الأساسي لألمانيا.

9 - 16 وتذكّر اللجنة بأن على أصحاب البلاغات أن يستعملوا جميع السبل القضائية و/أو الإدارية التي يمكن أن تتيح لهم فرصة معقولة للانتصاف. وتعتبر اللجنة أن لا حاجة إلى استنفاد سبل الانتصاف المحلية إن كانت فرص نجاحها منعدمة موضوعياً، مثلاً في الحالات التي ستُرفض فيها الدعوى حتمياً بموجب القوانين المحليـة السارية أو في الحالات التي ستحول فيها السوابق القضائية الراسخة لأعلى الهيئات القضائية المحلية دون التوصل إلى نتيجة إيجابية. ولكن اللجنة تلاحظ أن مجرد وجود شكوك أو افتراضات بشأن نجاح سبل الانتصاف أو فعاليتها لا يعفي أصحاب البلاغ من استنفادها ( ) .

9 - 17 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يبدأوا أي إجراءات محلية في الدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة أصحاب البلاغ بأنهم سيواجهون عقبات فريدة في استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن ذلك سيكون مرهقاً لهم بلا مبرر، ومطولاً على نحو غير معقول، ومن غير المرجح أن يجلب لهم جبراً فعالاً. وتلاحظ كذلك حجتهم بأن المحاكم المحلية سترفض على الأرجح ادعاءاتهم، التي تنطوي على التزامات الدولة بالمشاركة في التعاون الدولي، بسبب عدم إمكانية مقاضاة السياسة الخارجية والحصانة السيادية الخارجية. غير أن اللجنة ترى أن ادعاء عدم مشاركة الدولة الطرف في التعاون الدولي أُثير على علاقة بالشكل المحدد للانتصاف الذي يسعى إليه أصحاب البلاغ وأنهم لم يثبتوا بما فيه الكفاية أن هذا الانتصاف ضروري للحصول على الجبر الفعال. واحتج أصحاب البلاغ أيضاً، على وجه الخصوص، بأن الإجراءات الحكومية القائمة على قانون حماية المناخ لا يمكن أن تكون موضع تقاض أمام المحاكم المحلية للدولة الطرف. غير أن اللجنة تلاحظ في هذا الصدد حجة الدولة الطرف بأن السبل القانونية متاحة أمام أصحاب البلاغ، إما بتقديم شكوى دستورية أو إجراءات إدارية بموجب قانون إجراءات المحاكم الإدارية أو بإعادة النظر في ادعاءاتهم المقدمة في البلاغ بموجب القانون الأساسي لألمانيا أمام المحاكم المحلية. وتلاحظ أيضاً أن أصحاب البلاغ لم يحاولوا بتاتاً تقديم ادعاءاتهم بموجب أي من هذه الإجراءات. وتلاحظ اللجنة كذلك قرار المحكمة الدستورية في قضية نيوباور وآخرين ضد ألمانيا ، التي قبلت فيها المحكمة الدعاوى المرفوعة ضد القانون الاتحادي لحماية المناخ من جانب أطفال ليسوا من مواطني الدولة الطرف ولا مقيمين فيها. وتلاحظ أن المحكمة أكدت في قرارها أيضاً على وجه التحديد أن الدولة اضطرت إلى المشاركة في أنشطة ذات توجه دولي للتصدي لتغير المناخ على الصعيد العالمي وأنها مطالبة بتعزيز العمل المناخي في الإطار الدولي ( ) . وفي غياب تبرير من جانب أصحاب البلاغ للأسباب التي جعلتهم لا يحاولون السعي وراء سبل الانتصاف هذه، فيما عدا الاكتفاء بالإعراب عن الشكوك في فرص نجاح أي سبيل انتصاف، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة والمتاحة لهم على نحو معقول للطعن في الانتهاك المزعوم لحقوقهم بموجب الاتفاقية.

9 - 18 وفيما يتعلق بحجة أصحاب البلاغ بأن الحصانة السيادية الأجنبية ستمنعهم من استنفاد سبل الانتصاف المحلية في الدولة الطرف، تلاحظ اللجنة أن مسألة الحصانة السيادية الأجنبية قد لا تنشأ إلا فيما يتعلق بالانتصاف الخاص الذي سيهدف أصحاب البلاغ إلى تحقيقه برفع دعوى ضد الدول الأطراف الأخرى المدعى عليها مع الدولة الطرف في محكمتها المحلية. وفي هذه الحالة، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يدعموا بما يكفي من الأدلة حججهم المتعلقة بالاستثناء المنصوص عليه في المادة 7 (ه) من البروتوكول الاختياري بأن تطبيق سبل الانتصاف من غير المرجح أن يؤدي إلى جبر فعال.

9 - 19 وتلاحظ اللجنة حجة أصحاب البلاغ بأن التماس سبل الانتصاف في الدولة الطرف سيطول على نحو غير معقول. وتلاحظ أيضاً أن أصحاب البلاغ، على الرغم من استشهادهم بحالات شهدتها دول أخرى واستغرقت المحاكم فيها عدة سنوات للتوصل إلى قرار، فإنهم لم يثبتوا الصلة بسبل الانتصاف المتاحة داخل الدولة الطرف أو لم يبينوا بطريقة أخرى كيف أن الوقت الذي ستستغرقه المحاكم للتوصل إلى قرار في الدولة الطرف سيكون أطول على نحو غير معقول، لا سيما في ضوء القرار الذي اتخذ في الوقت المناسب في قضية نيوباور . وتخلص اللجنة إلى أن أصحاب البلاغ، في غياب أي معلومات محددة منهم تبرر أن سبل الانتصاف المحلية ستكون غير فعالة أو غير متاحة، وفي غياب أي محاولة من جانبهم لبدء إجراءات محلية في الدولة الطرف، لم يستنفدوا سبل الانتصاف المحلية.

9 - 20 وبالتالي، ترى اللجنة أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة عملاً بالمادة 7 (ه) من البروتوكول الاختياري.

10 - وبناءً عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 7 (هـ) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُحال هذا القرار إلى أصحاب البلاغ وإلى الدولة الطرف لتحيط به علماً.