الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2452/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

4 May 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2452/2014 * **

بلاغ مقدم من: كانات إبراجيموف (يمثله المحامي باخيتزان توريغوزينا )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 (الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 19 آب/أغسطس 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 24 آذار/مارس 2021

الموضوع: مساءلة صاحب البلاغ بموجب الإجراءات الإدارية ومعاقبته بالاحتجاز الإداري لمشاركته في تجمع سلمي غير مرخص له

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: حرية التعبير؛ وحرية التجمع السلمي

مواد العهد: 19 ( 2 ) و 21

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحب البلاغ هو كانات إبراجيموف ، وهو مواطن كازاخستاني وُلِد في عام 1964 . ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 2009 . ويمثل صاحبَ البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ رسّام وناشط مدني. وفي 24 آذار/مارس 2012 ، شارك في تجمع سلمي ( ) لإحياء ذكرى مرور 100 يوم على حادث إطلاق النار على أشخاص في زاناوزين ، الذي وقع في منطقة منتزه فندق كازاخستان. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقى أفراد من الشرطة القبض على صاحب البلاغ ومشاركين آخرين في الاحتفال، وأدانته محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في اليوم ذاته بارتكاب جريمة إدارية بموجب المادة 373 ( 3 ) من قانون الجرائم الإدارية. فقد خلصت المحكمة إلى أن صاحب البلاغ شارك مراراً ( ) في تجمعات غير مرخَّص لها في غضون سنة واحدة، وحكمت عليه بعقوبة الاحتجاز الإداري مدة 15 يوماً. واحتجاجاً على انتهاك حقه في حرية التعبير، بدأ إضراباً عن الطعام أثناء احتجازه، ألحق بصحته ضرراً كبيراً استلزم التعافي منه بعد ذلك فترة طويلة.

2 - 2 وكان من المقرر تنظيم "تجمع سلمي آخر للمعارضة" ( ) في 28 نيسان/أبريل 2012 عند النصب التذكاري لأباي كونانبايولي في ألماتي . وقدمت جماعة من الأشخاص طلب إذن لتنظيم "تجمع سلمي للمعارضة" إلى هيئة أكيمات ( ) في ألماتي ( ) ، ولكن صاحب البلاغ نفسه لم يستطع المشاركة في هذه العملية، إذ كان يقضي عقوبة احتجازه الإداري أثناء التحضير لهذا التجمع وكانت حالته الصحية أيضاً سيئة. غير أن صاحب البلاغ تلقى في 22 نيسان/أبريل 2012 مكالمة هاتفية من موظف في هيئة أكيمات في ألماتي اسمه ك. د.، "دعاه" للحضور شخصياً في اليوم ذاته إلى مقر الهيئة لمناقشة موضوع "تجمع المعارضة" المقبل مع ر. د.، نائب رئيس إدارة السياسة الداخلية في الهيئة، ورفض صاحب البلاغ هذه الدعوة بأدب واقترح عوض ذلك أن يتحدث مع ر. د. هاتفياً. وتلقى صاحب البلاغ بعد ذلك مكالمة هاتفية من ر. د. الذي أصر على أن صاحب البلاغ هو في الواقع أحد منظمي "تجمع المعارضة" المقبل، واقترح عليه نقل هذا "التجمع" إلى مكان مغلق. وأوضح صاحب البلاغ أنه غير معني بتنظيم "تجمع المعارضة"، واقترح على ر. د. التحقق من ذلك في طلب إذن تنظيم تجمع سلمي في 28 نيسان/أبريل 2012 . ورد ر. د. بأن صاحب البلاغ هو الذي أعلن موعد التجمع المقبل وسيُعاد بالتالي احتجازه على أية حال، بغض النظر عما إذا شارك فعلاً في "تجمع المعارضة" أم لا.

2-3 وفي 25 نيسان/أبريل 2012، نشرت فريميا ، إحدى الصحف الوطنية الإلكترونية، مقالاً بعنوان "ليست المشاركة في تجمع كالرسم"، أشارت فيه إلى "حملة ممارسة الضغط بالقوة والتخويف" على صاحب البلاغ ( ) . وتضمن هذا المقال مقابلة مع ر. د.، أكد فيها المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ إلى اللجنة (انظر الفقرة 2-2 أعلاه). وذكر ر. د. في المقابلة أيضاً أسماء ثلاثة أشخاص قدَّموا طلب إذن تنظيم "تجمع المعارضة" في 28 نيسان/أبريل 2012، وربط أحدهم بحزب المعارضة غير المسجل "Alga!" (إلى الأمام!) ومؤامرته المزعومة للقيام بهجوم إرهابي في ألماتي . وردّاً على استفسار أحد الصحفيين، قال ر. د. إنه، حتى لو طلب المنظمون إذناً لتنظيم "تجمع المعارضة" في المكان الوحيد المخصَّص رسمياً لتنظيم جميع الأحداث العامة غير الحكومية أو التجمعات "ذات الطابع الاجتماعي والسياسي"، أي الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا، كان سيُرفض طلبهم على أية حال، إذ "شابت انتهاكات إجراءات تقديمه".

2 - 4 وفي الفترة الممتدة بين أيار/مايو وتموز/يوليه 2012 ، قدَّم صاحب البلاغ عدداً من الدعاوى، بموجب قانون الإجراءات المدنية، إلى محكمة مقاطعة بوستانديك في ألماتي ، للمطالبة باعتبار تصرفات موظفي هيئة أكيمات في ألماتي إزاءه غير قانونية وبتعويضه عن الضرر غير المالي الذي لحق به جراء ذلك. وفي قرارات مؤرخة 1 حزيران/ يونيه 2012 و 25 حزيران/يونيه 2012 و 12 تموز/يوليه 2012 ، دأب قاض في محكمة مقاطعة بوستانديك على رفض قبول النظر في دعاوى صاحب البلاغ. وقبلت محكمة مقاطعة بوستانديك في البداية الدعوى التي قدمها صاحب البلاغ في 17 تموز/يوليه 2012 ، ثم رفضتها بعد ذلك بوقت قصير. وخلصت المحكمة في قرارها المؤرخ 14 آب/أغسطس 2012 إلى أن موظفي هيئة أكيمات في ألماتي لم يرتكبوا أي أفعال غير قانونية في حق صاحب البلاغ. واستنتجت محكمة مقاطعة بوستانديك أيضاً أن صاحب البلاغ لم يقدم أي أدلة، مثل تسجيل صوتي لمكالمته الهاتفية مع ر. د. (انظر الفقرة 2 - 2 أعلاه) أو شهادات طبية، لدعم ادعائه أنه تلقى تهديدات من موظف عام أو أن حالته الصحية تأثرت سلباً جراء ذلك.

2 - 5 وفي 28 نيسان/أبريل 2012 ، حضر صاحب البلاغ ( ) "تجمع المعارضة"، تحدياً للتهديدات التي تلقاها شخصياً من موظفي هيئة أكيمات في ألماتي ورغم اعتلال صحته، من أجل ممارسة حقه في حرية التعبير الذي يكفله دستور كازاخستان والعهد. وفور انتهاء التجمع، ألقى أفراد الشرطة القبض على صاحب البلاغ، باستخدام القوة، وعُرض على محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات، رغماً عنه. وقام أفراد الشرطة بضربه ولَيِّ ذراعيْه. وفي اليوم ذاته، قدَّم صاحب البلاغ إلى قاض بمحكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات طلباً خطياً للخضوع لفحص طبي، وإلى مكتب المدعي العام شكوى بشأن التصرفات غير القانونية لأفراد شرطة مقاطعة ألمالي في ألماتي . وفي تاريخ غير محدد، أحال مكتب المدعي العام في مقاطعة ألمالي شكوى صاحب البلاغ إلى شعبة الأمن الداخلي في إدارة الشؤون الداخلية في ألماتي . وفي 1 حزيران/ يونيه 2012 ، رفضت شعبة الأمن الداخلي شكوى صاحب البلاغ، وخلصت إلى عدم وجود أسباب لمباشرة إجراءات تأديبية أو جنائية ضد أفراد الشرطة الذين ألقوا عليه القبض في 28 نيسان/أبريل 2012 .

2 - 6 وفي 28 نيسان/أبريل 2012 ، أُدين صاحب البلاغ بارتكاب جريمة إدارية بموجب المادة 373 ( 3 ) من قانون الجرائم الإدارية. فقد خلصت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات إلى أن صاحب البلاغ انتهك إجراءات تنظيم التجمعات السلمية وشارك، في غضون سنة واحدة، في عدة تجمعات غير مرخَّص لها. وحُكم عليه مرة أخرى بعقوبة الاحتجاز الإداري مدة 15 يوماً. غير أن صاحب البلاغ لم يتسلم نسخة من قرار محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات، ومنعته إدارة مركز الاحتجاز حيث كان يقضي عقوبة احتجازه الإداري من إجراء أي اتصالات مع محاميه ومستشاره القانوني. وفي 3 أيار/مايو 2012 ، قدَّم صاحب البلاغ، الذي كان لا يزال قيد الاحتجاز من دون إمكانية الاتصال بممثليه القانونيين، طعناً ضد قرار محكمة ألأماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات إلى محكمة مدينة ألماتي . ورفضت محكمة مدينة ألماتي طعنه في 4 أيار/مايو 2012 . وفي 18 أيار/مايو 2012 ، قدم صاحب البلاغ إلى مكتب المدعي العام طلباً لمراجعة قرار محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات المؤرخ 28 نيسان/أبريل 2012 . وفي 15 آب/أغسطس 2012 ، أبلغ مكتب المدعي العام صاحب البلاغ بأن طلبه يتطلب مزيداً من التحقق، وأحاله لهذا الغرض إلى مكتب المدعي العام في ألماتي في 27 آب/أغسطس 2012 . وفي 25 أيلول/سبتمبر 2012 ، أبلغ مكتب المدعي العام في ألماتي صاحب البلاغ بأنه لا توجد أسباب لمباشرة إجراءات مراجعة قرار المحكمة الصادر بشأنه، الذي صار بالفعل نافذاً. وبالتالي، يفيد صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف ومحاكمها انتهكت حقه في حرية التعبير وحقه في التجمع السلمي، المكفولين بموجب المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد، باحتجازه ومساءلته مراراً في إطار الإجراءات الإدارية لمجرد مشاركته في تجمعات سلمية للتعبير عن موقفه المدني. ويضيف أن القيود التي يفرضها القانون المحلي على هذه الحقوق فضفاضة وغير محددة إلى حد يجعلها تترك للسلطات التنفيذية وسلطات إنفاذ القانون هامشاً واسعاً لإساءة استخدامها، وأن السلطة القضائية ليست مستقلة ولا نزيهة في إجراءات نظرها في الشكاوى المتعلقة بالاستخدام التعسفي للقيود المفروضة على الحقين المذكورين أعلاه.

3 - 2 وفي ضوء ما تقدم، يطلب صاحب البلاغ تحديداً إلى اللجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف إلغاء القيود القائمة التي يفرضها قانونها المحلي على ممارسة الحق في التجمع السلمي، والتي تتعارض مع التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 21 من العهد ومع المعايير الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 في مذكرة شفوية مؤرخة 20 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، تُذكر الدولة الطرف بالوقائع التي يستند إليها هذا البلاغ، وتقول إن صاحبه شارك في 24 آذار/مارس 2012 و 28 نيسان/أبريل 2012 في تجمعين غير مرخص لهما، وخضع بالتالي للمساءلة في إطار الإجراءات الإدارية. وتضيف الدولة الطرف أيضاً أن صاحب البلاغ دفع ببراءته في كلتا الحالتين.

4 - 2 وتحاج الدولة الطرف بأنه ينبغي أن تعلن اللجنة عدم قبول هذا البلاغ لعدم استناده، كما هو واضح، إلى أي أساس. وتقول الدولة الطرف إن المادة 32 من الدستور تكفل حق المواطنين في التجمع السلمي وفي تنظيم اجتماعات وتجمعات ومظاهرات ومسيرات واعتصامات. غير أن إعمال هذا الحق يجوز تقييده بحكم القانون لصون أمن الدولة والنظام العام وحماية صحة الآخرين وحقوقهم وحرياتهم. ويحدد قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية شكلَ وطريقة التعبير عن الاهتمامات المجتمعية أو الجماعية أو الشخصية في الأماكن العامة، وكذلك بعض القيود المفروضة في هذا الصدد. وتمنح المادة 7 من هذا القانون الأجهزة التنفيذية المحلية سلطة حظر تنظيم الأحداث العامة في حالات منها وجود خطر على "النظام العام وأمن المواطنين". وعملاً بالمادة 10 من القانون ذاته، يجوز للأجهزة التنفيذية المحلية أيضاً أن تضع شروطاً إضافية لتنظيم الأحداث العامة، تتواءم مع الظروف المحلية وتستند إلى القانون.

4 - 3 وتؤكد الدولة الطرف أن تنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمظاهرات السلمية ليس محظوراً في إقليمها. غير أنه ينبغي، عملاً بقانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، أن يحصل المنظمون مقدَّماً على إذن من الجهاز التنفيذي المحلي وأن يدركوا أنه يجوز رفض منح هذا الإذن في حالات معينة.

4 - 4 وتقول الدولة الطرف إن المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي، الصادرة عن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ( ) ، تعترف أيضاً بضرورة فرض بعض القيود على ممارسة الحق في حرية التجمع. وتضيف الدولة الطرف أنها درست الممارسات المتبعة في عدة بلدان أخرى، وخلصت إلى أن القيود المفروضة على الأحداث العامة في بعض البلدان أشد صرامة من مثيلتها في كازاخستان. ففي مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، من الضروري طلب الإذن 45 يوماً قبل موعد تنظيم الحدث المعني وتحديد مكان تنظيمه. ويحق لسلطات المدينة تغيير المكان المحدد لتنظيم الحدث إذا كان غير مقبول. ولدى بلدان أخرى، مثل السويد، قائمة سوداء بأسماء منظمي المظاهرات التي سبق حظرها أو تفريقها. وفي فرنسا، يحق للسلطات المحلية حظر أي مظاهرة. وفي المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، يحق للسلطات تطبيق حظر مؤقت. وفي المملكة المتحدة أيضاً، لا يُسمح بتنظيم أحداث في الشارع إلا بعد الحصول على إذن من الشرطة. وفي ألمانيا، ينبغي الحصول على إذن من السلطات لتنظيم أي أحداث جماهيرية أو تجمعات أو مظاهرات، داخل أماكن معينة أو خارجها.

4 - 5 وبغية حماية حقوق الآخرين وحرياتهم والنظام العام ومنظومة النقل والهياكل الأساسية الأخرى، حددت سلطات الدولة الطرف أماكن خاصة لتنظيم الأحداث العامة غير الحكومية. وفي الوقت الراهن، توجد هذه الأماكن في جميع عواصم الأقاليم تقريباً، وكذلك في بعض المقاطعات، تبعاً لقرارات الأجهزة التنفيذية المحلية.

4 - 6 وترى الدولة الطرف بالتالي أن قوانينها وأنظمتها المحلية تتوافق مع مقتضيات القانون الدولي المنطبق ومع ممارسات بلدان أخرى، وأن سلطاتها ومحاكمها المحلية امتثلت لمقتضيات المادتين 19 و 21 من العهد بمساءلتها صاحب البلاغ في إطار الإجراءات الإدارية.

4-7 وتقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ لم يستنفد أيضاً سبل الانتصاف المحلية. وتشير إلى أن نائب المدعي العام رفض طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة قضائية للإجراءات الإدارية التي خضع على أساسها للمساءلة بموجب قانون الإجراءات الإدارية لمشاركته في تجمع غير مرخص له في 28 نيسان/أبريل 2012. وتقول الدولة الطرف كذلك إن الفصل 40 من قانون الجرائم الإدارية ينص على إجراء استثنائي كان بإمكان صاحب البلاغ أن يطلب في إطاره إلى المدعي العام مباشرة إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري أمام المحكمة العليا ( ) . وينبغي إعلان عدم قبول البلاغ المعروض على اللجنة بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لأن صاحبه لم يقدم هذا الطلب.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. ويشير إلى حجة الدولة الطرف أنه قد خضع للمساءلة مرتين في إطار الإجراءات الإدارية بموجب القانون لمشاركته في تجمعيْن غير مرخص لهما. ويقول صاحب البلاغ في هذا الصدد إن الدولة الطرف انتهكت في الواقع حقه في التجمع السلمي، بإخضاعه للمساءلة في إطار الإجراءات الإدارية لمجرد مشاركته في تجمعيْن سلمييْن. ويضيف صاحب البلاغ أن محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات لم توضح الأسباب التي جعلت تقييد حقه في التجمع السلمي "ضرورياً" لتحقيق غرض مشروع، مثل حماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وفي هذا الصدد، تمثل المبرر الوحيد الذي ساقته محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات للحكم على صاحب البلاغ بعقوبة الاحتجاز الإداري مدة 15 يوماً في أنه شارك في حدث عام غير مرخَّص له.

5-2 ويقول صاحب البلاغ أيضاً إنه، خلافاً لما ادعته الدولة الطرف في ملاحظاتها، لا تراعى أحكام المادة 32 من الدستور والمادتين 19 و21 من العهد، من حيث الممارسة، في كازاخستان. ويحاج صاحب البلاغ أيضاً بأنه، خلافاً لكازاخستان، حيث يلزم الحصول على إذنٍ من السلطات لتنظيم أي حدث سلمي عام، يجري معظم التجمعات السلمية في بلدان أخرى، بما فيها الولايات المتحدة، وفق إجراءٍ لإخطار السلطات.

5 - 3 ويدَّعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بما في ذلك تقديم طلب إلى مكتب المدعي العام لمباشرة إجراءات المراجعة القضائية أمام المحكمة العليا للحكم الصادر في حقه. وكان بإمكان مكتب المدعي العام أن يباشر إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري، ولكنه لم يفعل ذلك. ويرى صاحب البلاغ بالتالي أن تقديم طلب آخر من هذا القبيل إلى المدعي العام لن يفضي إلى نتيجة مختلفة.

5 - 4 ويطلب صاحب البلاغ إلى سلطات الدولة الطرف أن تقدم إليه اعتذاراً علنياً عن انتهاك حقوقه وأن تدفع له تعويضاً عن التكاليف القانونية والطبية المترتبة على إجراءاتها غير القانونية، وكذلك عما لحق به من أضرار معنوية. ويضيف أن حالته الصحية تدهورت إلى حد كبير بسبب احتجازه الإداري مدة 30 يوماً في ظروف مزرية، وإضرابيْن عن الطعام بدأهما احتجاجاً على احتجازه غير القانوني، وما لازمه عقب ذلك من ضغط واكتئاب مدة ثلاث سنوات. ويطلب صاحب البلاغ إلى الدولة الطرف أيضاً أن تلغي القانون "الجائر" المتعلق بإجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، الصادر في عام 1995 ، وتعوضه بقانون تقدمي جديد.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6 - 1 في مذكرة شفوية مؤرخة 26 شباط/فبراير 2015 ، تكرر الدولة الطرف موقفها السابق المتمثل في أنه ينبغي أن تعلن اللجنة عدم قبول هذا البلاغ لعدم استناده، كما هو واضح، إلى أي أساس.

6 - 2 وتقول الدولة الطرف إن المادتين 19 و 21 من العهد تنصان على فرض بعض القيود على ممارسة الحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، وإن هذه الأحكام من القانون الدولي تنعكس في التشريعات الوطنية لكازاخستانية. وتشير الدولة الطرف على وجه الخصوص إلى المادتين 20 و 32 من الدستور. وتُذكر بأن ممارسة الحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي تفرض واجبات ومسؤوليات خاصة على أصحاب الحقوق. ولهذا السبب تنص التشريعات الوطنية لكازاخستانية على عدد من الشروط الموضوعية، فيما يتعلق بإجراءات تنظيم الأحداث العامة "ذات الطابع الاجتماعي والسياسي". ولكن ذلك لا يعني أن تنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمظاهرات السلمية محظور في كازاخستان. فباستيفاء الشروط المنصوص عليها في التشريعات الوطنية، تنتفي كل موانع تنظيم الأحداث العامة. وتحاج الدولة الطرف بأن القانون يقيد الحق في التجمع السلمي تقريباً في جميع البلدان الديمقراطية المتقدمة النمو، التي تضع شروطاً محددة لممارسة هذا الحق. وعلاوة على ذلك، تُذكر بأن المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي، الصادرة عن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تعترف أيضاً بضرورة فرض قيود معينة على ممارسة الحق في حرية التجمع السلمي (انظر الفقرة 4 - 4 أعلاه).

6 - 3 وتحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ تجاهل مراراً الشروط المحددة في التشريعات الوطنية الكازاخستانية، بمشاركته النشطة في تجمعيْن غير مرخص لهما نُظِّما في 24 آذار/مارس 2012 و 28 نيسان/أبريل 2012 . وبالتالي، وخلافاً لما يدعيه صاحب البلاغ أمام اللجنة، لم يخضع للمساءلة في إطار الإجراءات الإدارية بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير وحقه في التجمع السلمي، بل بسبب انتهاك الشروط المنصوص عليها في التشريعات الوطنية لممارسة هذين الحقيْن.

6 - 4 وتكرر الدولة الطرف أيضاً موقفها المتمثل في أنه ينبغي إعلان عدم قبول البلاغ بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لأن صاحبه لم يقدم طلباً لمباشرة إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري إلى المدعي العام مباشرةً وإرفاقه بنسخة من الرد الذي تلقاه من نائب المدعي العام.

تعليقات صاحب البلاغ على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف

7 - 1 في 21 نيسان/أبريل 2015 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف. ويلفت انتباه اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم توضح في ملاحظاتها سبب عدم منحه وغيره من المشاركين في التجمعيْن السلمييْن المنظميْن في 24 آذار/مارس 2012 و 28 نيسان/أبريل 2012 الفرصة لإبداء تضامنهم مع العاملين في قطاع النفط في زاناوزين وللتعبير عن عدم موافقتهم على أسلوب تعامل سلطات الدولة الطرف مع الأحداث المأساوية التي وقعت في زاناوزين ، إذا كانت تصرفات المشاركين في هذين التجمعيْن السلمييْن لم تشكل أي تهديد للأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

7 - 2 وبكثير من التفصيل، يحاج صاحب البلاغ أيضاً بأن سلطات الدولة الطرف انتهكت، في سياق هذا البلاغ، المبادئ التوجيهية الستة التالية الواردة في المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي، الصادرة عن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي اعتمدتها كازاخستان إلى جانب الدول الأخرى الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا: (أ) التأييد المبدئي لتنظيم التجمعات السلمية؛ و(ب) التزام الدولة الإيجابي بتسهيل التجمعات السلمية وحمايتها؛ و(ج) الشرعية؛ و(د) التناسب؛ و(ه) حسن الإدارة؛ و(و) عدم التمييز. ويقول صاحب البلاغ، على وجه الخصوص، إن سلطات الدولة الطرف اتخذت "تدابير احترازية" لثنيه عن المشاركة في "تجمع المعارضة" المنظَّم في 28 نيسان/أبريل 2012 ، حيث هددته باتخاذ إجراءات عقابية (انظر الفقرة 2 - 2 أعلاه)، وإن إخضاعه للمساءلة مراراً في إطار الإجراءات الإدارية لمجرد مشاركته في التجمعات السلمية ليس متناسباً ولا "ضرورياً" بالمعنى المقصود في المادتين 19 ( 3 ) و 21 من العهد.

7 - 3 ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى القرار رقم 167 الذي اعتمده مجلس ( مَسليخات ) ( ) مدينة ألماتي في 29 تموز/يوليه 2005 ، والذي يجيز تنظيم الأحداث العامة غير الحكومية "ذات الطابع الاجتماعي والسياسي" فقط في الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا. وعملاً بالقرار ذاته الصادر عن مجلس مدينة ألماتي ، ينبغي أن تجري في ميدان الجمهورية الأحداثُ الرسمية، ذات الطابع المحلي والوطني، التي تنظمها الهيئات الحكومية المعنية، وكذلك الأحداث الأخرى التي يشارك فيها مسؤولون رفيعو المستوى على صعيد الدولة والمدينة. وتُستخدم الميادين والحدائق الأخرى، بحسب خصائصها المعمارية والوظيفية، لتنظيم الأنشطة الرسمية والثقافية والترفيهية. ويحاج صاحب البلاغ بأن قرار مجلس مدينة ألماتي قسَّم فعلياً جميع الأحداث العامة التي تُنظَّم في ألماتي إلى أحداث حكومية وأحداث غير حكومية، ثم قسَّم هذه الفئة كذلك، بحسب الموضوع، إلى أحداث "ذات طابع اجتماعي وسياسي" وأحداث ذات طابع آخر. وبالتالي، يجوز، وفقاً لقرار مجلس مدينة ألماتي ، أن تَجري جميع الأحداث التي تنظمها وتديرها الدولة، وكذلك الأحداث ذات الطابع غير السياسي (مثل الأحداث الرياضية والمسابقات والحفلات الموسيقية والأحداث التجارية والمعارض) في أي ميدان أو حديقة أو منتزه أو شارع مناسب. غير أنه ينبغي تنظيم جميع الأحداث ذات الطابع "الاجتماعي والسياسي" فقط في الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا. وبالتالي، فإن منح سلطات الدولة الطرف الإذن بتنظيم الأحداث العامة "ذات الطابع الاجتماعي والسياسي" فقط في مكان واحد مخصص لهذا الغرض، مع السماح بتنظيم الأحداث العامة الحكومية وغير السياسية في أماكن أخرى، مسألة ذات دوافع سياسية وتنطوي على التمييز.

7 - 4 ويقول صاحب البلاغ، فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية (انظر الفقرتين 4 - 7 و 6 - 4 أعلاه)، إن اللجوء إلى مكتب المدعي العام ليس سبيل انتصاف فعالاً ينبغي استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري. غير أنه قدم طلباً إلى مكتب المدعي العام في ألماتي وطلباً إلى مكتب المدعي العام للجمهورية لمباشرة إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري، ولكنهما رفضا طلبيْه. وبالتالي، فقد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

معلومات إضافية من الدولة الطرف وصاحب البلاغ

8- في مذكرة شفوية مؤرخة 2 تموز/يوليه 2015، تكرر الدولة الطرف موقفها السابق المتمثل في أنه ينبغي أن تعلن اللجنة عدم قبول هذا البلاغ وأنه لم تقع أي انتهاكات لحقوق صاحبه المكفولة بموجب العهد.

9 - وفي 14 أيلول/سبتمبر 2015 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات على المعلومات الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف في 2 تموز/يوليه 2015 ، حيث كرر ادعاءاته الأولية التي مفادها أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد. ويلفت صاحب البلاغ أيضاً انتباه اللجنة إلى تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين جمعيات، ماينا كياي، عن بعثته إلى كازاخستان ( 19 - 27 كانون الثاني/يناير 2015 ) ( ) . ويقترح أيضاً إدراج عدد من الأحكام في القانون الجديد المتعلق بالتجمعات السلمية. وعلاوةً على ذلك، يقول صاحب البلاغ إن الدولة الطرف لم تنفذ حتى الآن آراء اللجنة الواردة في البلاغ رقم 2137 / 2012 ، بشأن قضية توريغوزينا ضد كازاخستان ( ) ، الذي يماثل هذا البلاغ من حيث الجوهر. ويضيف صاحب البلاغ أن اللجنة ذكرت بالتحديد في ذلك البلاغ أن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. ولذلك، ينبغي للدولة الطرف أن تعيد النظر في تشريعاتها، ولا سيما قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، بصيغته المطبقة في هذه القضية، بغرض ضمان التمتع الكامل في إقليمها بالحقوق المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد ( ) .

10 - وفي مذكرة شفوية مؤرخة 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، كررت الدولة الطرف ملاحظاتها الأولية المؤرخة 20 تشرين الأول/أكتوبر 2014 وملاحظاتها الإضافية المؤرخة 26 شباط/فبراير 2015، حيث حاجت بأنه ينبغي للجنة أن تعلن عدم قبول هذا البلاغ لعدم استناده، كما هو واضح، إلى أي أساس.

11 - وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات على المعلومات الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، حيث يذَكِّر بأنه يلزم الحصول مقدماً على إذن من السلطات في كازاخستان لتنظيم أحداث عامة سلمية، وبأنه لا يُسمح بتنظيمها إلا في مكان واحد في ألماتي : الميدان الذي يقع خلف سينما ساري أركا (انظر الفقرة 7 - 3 أعلاه). ويحاج أيضاً بأنه لا يوجد ما يمنع مكتب المدعي العام من مباشرة إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري أمام المحكمة العليا بموجب الفصل 40 من قانون الجرائم الإدارية ( ) . ويُذكر صاحب البلاغ كذلك بأنه قدَّم بالفعل طلباً إلى المدعي العام لمباشرة إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري، رفضه نائب المدعي العام. وبالتالي، فلن يفضي تقديم طلب آخر من هذا القبيل إلى المدعي العام إلى نتيجة مختلفة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

12 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

12 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

12 - 3 وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، حيث لم يقدم طلباً إلى المدعي العام لمباشرة إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري أمام المحكمة العليا. وتُذكر اللجنة باجتهاداتها التي مفادها أن تقديم طلب لمراجعة القرارات القضائية التي دخلت حيز النفاذ إلى مكتب المدعي العام، يتوقف قبوله على السلطة التقديرية لهذه الهيئة، ليس سبيل انتصاف ينبغي استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ قدم إلى مكتب المدعي العام طلباً لمباشرة إجراءات المراجعة القضائية لقضية احتجازه الإداري أمام المحكمة العليا وأن نائب المدعي العام رفض هذا الطلب على اعتبار أنه لا يستند إلى أي أساس. وبناءً عليه، وفي ظل هذه الملابسات، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

12 - 4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد دعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية ادعاءاته المدرجة في إطار المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد. وعليه، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

13 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

13 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في حرية التجمع السلمي بإخضاعه للمساءلة في إطار الإجراءات الإدارية لمجرد مشاركته في تجمعات سلمية. ويشير صاحب البلاغ في هذا الصدد إلى أن أفراد الشرطة ألقوا عليه القبض مرتين فور مشاركته في تجمعيْن سلمييْن. وتحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ احتُجِز في الواقع وخضع للمساءلة في إطار الإجراءات الإدارية لمشاركته في أحداث عامة غير مرخص لها. وتذكِّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى عنه للفرد للتعبير علناً عن آرائه ووجهات نظره، ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي ( ) . وبالنظر إلى أن التجمعات السلمية تشكل عادة فرصة للتعبير عن الآراء، فلا بد من السماح قدر الإمكان بعقدها على مرأى ومسمع من الجمهور المستهدف ( ) ، ولا يجوز فرض أي قيد على هذا الحق إلا إذا: (أ) فُرِضَ على نحو يتوافق مع القانون؛ و(ب) كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لصون الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. ورغم جواز تقييد الحق في التجمع السلمي في بعض الحالات، فإن عبء تبرير أي قيود يقع على عاتق السلطات ( ) . فيجب على السلطات أن تثبت أن أي قيود تستوفي شرط الشرعية، وتكتسي أيضاً طابع الضرورة والتناسب مع أساس واحد على الأقل من الأسس المسموح بها لفرض القيود المذكورة في المادة 21 من العهد. ويشكل عدم استيفاء هذا الشرط انتهاكاً للمادة 21 من العهد ( ) . وينبغي أن يهدف فرض أي قيود على هذا الحق إلى تيسير ممارسته وليس الحد منها على نحو غير ضروري وغير متناسب ( ) . ويجب ألا تتسم هذه القيود بالتمييز، وألا تخل بجوهر الحق، وألا تهدف إلى ردع المشاركة في التجمعات، أو تؤدي إلى ثني الناس عن ذلك ( ) .

13 - 3 وتلاحظ اللجنة أن نظم الترخيص، التي تُلزِم الراغبين في تنظيم تجمع سلمي بطلب إذن (أو رخصة) من السلطات للقيام بذلك، تتعارض مع اعتبار التجمع السلمي حقاً أساسياً ( ) . وفي حالة وجود هذه النظم، ينبغي أن تعمل، من حيث الممارسة، كآلية للإخطار، حيث يُمنح الإذن تلقائياً ما لم توجد أسباب قاهرة تحول دون ذلك. ويجب أيضاً ألا تتسم إجراءات هذه النظم بالبيروقراطية المفرطة ( ) . وينبغي ألا تعمل نظم الإخطار أيضاً، من حيث الممارسة، كنظم للترخيص ( ) .

13 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف ومحاكمها لم تقدم أي مبرر لضرورة إخضاعه للمساءلة في إطار الإجراءات الإدارية لمجرد مشاركته في أحداث عامة سلمية، وإن كانت غير مرخص لها. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بإفادة الدولة الطرف بأن القيود فُرضت على صاحب البلاغ وفقاً لقانون الجرائم الإدارية ولأحكام قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف أن شرط تقديم طلب الإذن بتنظيم تجمع سلمي إلى الجهاز التنفيذي المحلي يهدف إلى حماية النظام العام وحقوق المواطنين الآخرين وحرياتهم. غير أن اللجنة تحيط علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أنه، وإن جاز قانوناً فرض قيود بموجب التشريعات الوطنية، لم يكن احتجازه وإخضاعه للمساءلة في إطار الإجراءات الإدارية أمراً ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لتحقيق الأهداف المشروعة التي تذرعت بها الدولة الطرف. ويحاج صاحب البلاغ كذلك بأن التجمعيْن المتعلقيْن بقضايا مهمة - إحياء ذكرى إطلاق النار على المحتجين في زاناوزين والتعبير عن عدم الموافقة على أسلوب تعامل سلطات الدولة الطرف مع الأحداث المأساوية في زاناوزين - كانا سلمييْن ولم ينجم عنهما أي ضرر أو خطر شخصي أو مادي.

13 - 5 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف استندت إلى أحكام قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، الذي يشترط تقديم طلب عشرة أيام على الأقل قبل موعد الحدث المقرر والحصول على إذن من السلطات التنفيذية المحلية، وهو ما يقيد بالتالي الحق في التجمع السلمي. وتشير اللجنة إلى أن حرية التجمع السلمي حق وليست امتيازاً. كما يقتضي الامتثال للعهد أن تستوفي القيود المفروضة على هذا الحق، حتى وإن كان القانون يجيزها، المعايير المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن القيود المفروضة لحماية "حقوق الآخرين وحرياتهم" قد ترتبط بحماية الحقوق المنصوص عليها في العهد أو حقوق الإنسان الأخرى المكفولة للأشخاص غير المشاركين في التجمع. ولأن التجمعات، باعتبارها استخداماً مشروعاً للأماكن العامة وغير العامة، قد تؤدي بطبيعتها إلى مستوى معين من اضطراب الحياة العادية، فينبغي استيعاب هذا الاضطراب ما لم يفرض ذلك عبئاً غير متناسب، وهي الحالة التي يتعين فيها على السلطات تقديم مبررات مفصلة لأي قيود ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن مصطلح "النظام العام" يشير إلى مجموعة القواعد التي تكفل حسن سير المجتمع، أو إلى مجموعة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، وهو ما يعني أيضاً احترام حقوق الإنسان، بما فيها الحق في التجمع السلمي ( ) . وينبغي ألا تعتمد الدول الأطراف على تعريف غامض لمصطلح "النظام العام" لتبرير فرض قيود مفرطة على الحق في التجمع السلمي ( ) . ويمكن أن تتسبب التجمعات السلمية أحياناً بحكم طبيعتها أو عن قصد في اضطرابات تتطلب التحلي بقدر كبير من التسامح. وليس مصطلح "النظام العام" مرادفاً لـمصطلح "القانون والنظام"، ولا ينبغي استخدام "حظر الفوضى العامة" في القانون المحلي بإفراط لتقييد التجمعات السلمية ( ) . غير أن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات محددة عن طبيعة الاضطراب الذي نجم عن التجمعيْن المعنييْن، ولا عن تجليات تجاوزهما حد الاضطراب الذي يمكن التسامح معه.

13 - 6 وتذكّر اللجنة بأن المادة 21 من العهد توجب أن تكون أي قيود "ضرورية في مجتمع ديمقراطي". وينبغي أن تكون القيود بالتالي ضرورية ومتناسبة في سياق مجتمع قائم على الديمقراطية وسيادة القانون والتعددية السياسية وحقوق الإنسان، وألا تكون فقط معقولة أو مناسبة ( ) . ويجب أن تشكل هذه القيود إجراءات مناسبة للاستجابة لضرورة اجتماعية ملحة تتصل بأحد الأسس المسموح بها الواردة في المادة 21 . وينبغي أيضاً أن تكون أقل التدابير تقحماً من تلك التي قد تؤدي المهمة الوقائية المطلوبة ( ) . وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تكون متناسبة، وهو ما يقتضي تقييمها من خلال موازنة طبيعتها وتأثيرها الضار على ممارسة الحق مع الفائدة التي يحققها فرضها ( ) . وإذا فاق الضرر الفائدة، كان التقييد غير متناسب وبالتالي غير مسموح به. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تثبت أن الحكم على صاحب البلاغ عدة مرات بعوقة الاحتجاز الإداري مدة 15 يوماً بسبب مشاركته في تجمعات سلمية كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لتحقيق غرض مشروع أو كان متناسباً مع هذا الغرض وفقاً للشروط الصارمة المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن أي قيود على المشاركة في التجمعات السلمية ينبغي أن تستند إلى تقييم متمايز أو فردي لسلوك المشاركين في التجمع المعني. ويُعَدُّ فرض قيود شاملة على التجمعات السلمية مبدئياً أمراً غير متناسب ( ) . ولهذه الأسباب، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تبرر تقييد حق صاحب البلاغ في التجمع السلمي، وانتهكت بالتالي المادة 21 من العهد.

13 - 7 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ وقوع انتهاك لحقه في حرية التعبير المكفول بموجب المادة 19 من العهد. وينبغي للجنة بالتالي أن تقرر ما إذا كانت القيود المفروضة على صاحب البلاغ تندرج ضمن القيود المسموح بها الواردة في المادة 19 ( 3 ) من العهد.

13 - 8 وتلاحظ اللجنة أن فرض عقوبة على صاحب البلاغ بسبب التعبير عن آرائه من خلال المشاركة في أحداث عامة انتهك حقه في نقل مختلف ضروب المعلومات والأفكار الذي تكفله المادة 19 ( 2 ) من العهد. وتشير اللجنة إلى أن المادة 19 ( 3 ) من العهد تجيز فرض بعض القيود شريطة أن تقتصر على ما ينص عليه القانون، وأن تكون ضرورية لكفالة احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، الذي يرد فيه أن هاتين الحريتين شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد، وعنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع. وتشكل هاتان الحريتان لبنة أي مجتمع حر وديمقراطي. وينبغي أن يتوافق أي تقييد لممارستهما مع معياريْ الضرورة والتناسب الصارمين. ويجب ألاَّ تُطبق القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها، وأن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي استدعى فرضها. وتذكّر اللجنة بأن عبء إثبات ضرورة وتناسب القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 يقع على عاتق الدولة الطرف ( ) .

13 - 9 وفيما يتعلق بتقييد حق صاحب البلاغ في حرية التعبير، تذكّر اللجنة بأن الخطاب السياسي يحظى بمستوى عالٍ من التسامح والحماية باعتباره شكلاً من أشكال التعبير ( ) . وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن التجمعيْن السلمييْن المعنييْن نُظما لإحياء ذكرى إطلاق النار على المحتجين في زاناوزين وإبداء عدم الموافقة على أسلوب تعامل سلطات الدولة الطرف مع الأحداث المأساوية في زاناوزين . ولعدم ورود أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف توضح مدى توافق القيود المفروضة مع أحكام المادة 19 ( 3 ) من العهد، فإن اللجنة تخلص إلى وقوع انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 ( 2 ) من العهد.

14 - وإذ تتصرف اللجنة وفقاً للمادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، فهي ترى أن الوقائع المعروضة عليها تبين انتهاك الدولة الطرف حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد.

15 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك توفير كامل سبل جبر الضرر لمن انتُهِكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الخطوات المناسبة لمنح صاحب البلاغ تعويضاً مناسباً وردِّ أي تكاليف قانونية تكبَّدها. ويتعين عليها أيضاً اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة من جديد أنه ينبغي للدولة الطرف، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، أن تراجع تشريعاتها لكفالة التمتع الكامل في إقليمها بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد، بما في ذلك تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية.

16 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا وقع انتهاك لأحكام العهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة متى ثبت وقوع انتهاك، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.