الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2330/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

9 March 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2330/2014 * **

المقدم من: سفيتلانا غولداد (لا يمثلها محام أو محامية)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبة البلاغ، وأناتولي بوبلافني ، وليونيد سودالينكو

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 11 نيسان/أبريل 2013 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوث ائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 10 كانون الثاني/يناير 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع: فرض عقوبة بدعوى المشاركة في تجمع سلمي

المس ائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المس ائل الموضوعية : حرية التعبير؛ وحرية التجمع

مواد العهد: 19 و21، مقروءتان على حدة وبالاقتران مع المادة 2(2) و(3)

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و5(2)(ب)

1- صاحبة البلاغ هي سفيتلانا غولداد ، وهي مواطنة من مواطني بيلاروس من مواليد عام 1946. وتقدم البلاغ أصالةً عن نفسها ونيابة عن أناتولي بوبلافني وليونيد سودالينكو ، وهما أيضا ً من مواطني بيلاروس ، وُلدا عامي 1958 و1966 على التوالي. و هي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم بموجب المادتين 19 و21 من العهد، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع المادة 2(2) و(3). ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992. ولا يمثل صاحبةَ البلاغ محام أو محامية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2 - 1 في 10 تموز/يوليه 2012، قدمت صاحبة البلاغ والضحيتان الأخريان المزعومتان طلباً إلى اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل - وهي سلطة بلدية محلية لمدينة يبلغ عدد سكانها نحو 000 500 نسمة - لتنظيم اعتصام في 4 آب/أغسطس 2012 في ساحة قريبة من متجر غوميل الكبير، احتجاجاً على الملاحقة الجنائية للمدافع عن حقوق الإنسان ألكسندر بيلياتسكي و عدد من الناشطين السياسيين الآخرين.

2 - 2 وفي 19 تموز/يوليه 2012، رفضت اللجنة التنفيذية السماح بالاعتصام بدعوى أن صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين لم يستوفوا الشروط المنصوص عليها في قرار اللجنة التنفيذية رقم 299 المؤرخ 2 نيسان/أبريل 2008 بشأن تنظيم أحداث جماهيرية في مدينة غوميل . ويستوجب هذا القرار من المنظمين تنظيم الأحداث ال عامة في موقع واحد بعيد و القيام، قبل الحدث، ب إبرام عقود خدمات مع الشرطة المحلية كي يتسنى لها الحفاظ على النظام العام والسلامة العامة خلال الحدث ، بمعيّة المستشفى المحلي بحيث يكون مهنيون طبيون حاضرين لحالات الطوارئ الطبية، وأيضا ً بمعية الكيان المحلي المعني بصيانة الطرق بحيث يتمكن من التنظيف بعد الحدث . وتدعي صاحبة البلاغ أن الطلب رُفض لأن الاحتجاج كان من المقرر أن يكون في موقع مختلف عن الموقع الدائم الذي حددته اللجنة التنفيذية، ولأن صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين لم يبرموا عقود بشأن خدمات الشرطة أو الرعاية الطبية أو التنظيف قبل الحدث المقرر.

2 - 3 وفي 31 تموز/يوليه 2012، استأنفت صاحبة البلاغ والضحيتان الأخريان المزعومتان قرار اللجنة التنفيذية لدى محكمة غوميل المحلية المركزية. وفي 23 آب/أغسطس 2012، رفضت المحكمة استئنافهم وأيدت قرار اللجنة التنفيذية باعتباره قراراً قانونياً.

2 - 4 وفي تاريخ غير محدد، رفعت صاحبة البلاغ والضحيتان الأخريان المزعومتان دعوى استئناف بطريق النقض إلى محكمة غوميل الإقليمية، لكنها رُفضت في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2012. وفي تواريخ غير محددة، توجّهوا إلى رئيسَي/رئيستَي محكمة غوميل الإقليمية والمحكمة العليا لبيلاروس، ملتمسين إجراء مراجعة قضائية رقابية للحكم الذي أصدرته محكمة غوميل المحلية المركزية. وفي 21 كانون الثاني/يناير 2013 و18 آذار/مارس 2013 ، على التوالي، رفضت المحكمتان التماسيهم.

2 - 5 وتدفع صاحبة البلاغ بأنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة. وتحيل إلى اجتهادات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، وتلاحظ أنها لم تتقدم بطلب لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى مكتب المدعي العام لأنه ليس سبيل انتصاف مح لياً فعالاً ( ) .

الشكوى

3 - 1 تدعي صاحبة البلاغ أن اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل قيّدت دون مبرر، في قرارها رقم 299 المؤرخ 2 نيسان/أبريل 2008 بشأن الأحداث الجماهيرية في مدينة غوميل ، حقها وحق الضحيتين المزعومتين الأخريين في حرية التعبير وحقهم في التجمع السلمي، وذلك عن طريق فرض التزام على منظمي الأحداث العامة بإبرام عقود خدمات مع الشرطة المحلية، والموظفين الطبيين المحليين، والكيان المحلي المعني ب صيانة الطرق ، وأيضا ً عن طريق تحديد موقع واحد بعيد لجميع الأحداث العامة التي تنظم في غوميل ، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 000 500 نسمة. وتدعي أيضاً أن السلطات والمحاكم لم تحدد هدفاً مشروعاً لتقييد حقوقهم، وترى أن حظر السلطات المحلية التجمعَ السلمي لم يكن ضرورياً لحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لاحترام حقوق الغير وحرياتهم. وعلى هذا، تكون الدولة الطرف قد انتهكت حقوقها وحقوق الضحيتين المزعومتين الأخريين بموجب المادتين 19 و21 من العهد، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع المادة 2(2) و(3).

3 - 2 وتحيل صاحبة البلاغ إلى آراء اللجنة في قضية شوميلين ضد بيلاروس حيث طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف أن تعيد النظر في تشريعاتها، ولا سيما قانون الأحداث العامة، وتنفيذها، لضمان توافق ها مع مقتضيات المادة 19 من العهد، وتدفع بأن بيلاروس لم تنفذ بعد هذه التوصية ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 26 آذار/مارس 2015، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. و هي تدفع بأنها تعترف باختصاص اللجنة ل تلقي البلاغات من الأفراد الخاضعين لولايتها القضائية والذين يدعون أنهم ضحايا انتهاكات حقوقهم بموجب العهد والنظر فيها، لكنها لا تعترف باختصاصها ل لنظر في البلاغات المقدمة من أطراف ثالثة تمثل الضحايا المزعومين. وتجادل الدولة الطرف بأن المادة 1 من البروتوكول الاختياري لا تجيز ل أ ص ح ا ب ال بلاغ ات تمثيل مصالح ضحايا آخرين مذكورين في بلاغات ه م .

4 - 2 وترفض الدولة الطرف جزم صاحبة البلاغ بأنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، على النحو المطلوب في المادة 2(د) من البروتوكول الاختياري. وتدفع بأن البروتوكول الاختياري لا يتضمن شرط "فعالية" سبل الانتصاف المحلية، ومن ثم يجب استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة بالكامل قبل أن يتسنى تقديم بلاغ إلى اللجنة.

4 - 3 وتدفع الدولة الطرف بأنها ستوقف تعاونها بخصوص البلاغ نظراً لأن في تسجيل ه انتهاك ل أحكام البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 قدمت صاحبة البلاغ، في رسالة مؤرخة 14 أيار/مايو 2015، تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. وتلاحظ أن اجتهادات اللجنة تجيز ل أي شخص يقدم بلاغاً إليها أن يذكر عددا ً غير محدد من الضحايا. وتحيل صاحبة البلاغ إلى آراء اللجنة في قضية كالياكين وآخرون ضد بيلاروس حيث خلصت اللجنة إلى وجود انتهاكات لحقوق صاحب البلاغ و20 ضحية أخرى بموجب العهد ( ) .

5 - 2 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ صاحبة البلاغ أن سبل الانتصاف ينبغي ألا تكون متاحة فحسب ، بل فعالة أيضاً. وتدفع بأنها لم تشتك إلى مكتب المدعي العام لأنها لا تعتبر إجراء المراجعة القضائية الرقابية سبيل انتصاف فعالاً.

5 - 3 وعن الحجج التي تشير إلى اختصاص اللجنة ل لنظر في البلاغ، تدفع صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف لم تعترف، عند انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة لكي تصدر قرارات بشأن انتهاك ا لعهد فحسب، بل أيضاً لكي تحيل، وفقاً للمادة 40(4) من العهد، تقارير ها وأي ملاحظات عامة قد تعتبرها مناسبة إلى الدول الأطراف. ويشمل دور اللجنة، في نهاية المطاف، تفسير أحكام العهد وتطوير الاجتهاد القضائي بشأنها . ثم إن بيلاروس، برفضها الاعتراف بممارسات اللجنة المتبعة وأساليب عملها وسوابقها، ترفض، في الواقع، الاعتراف باختصاص ها ل تفسير العهد، الأمر الذي يتعارض مع الغرض من العهد. والدولة الطرف ملزمة ليس بتنفيذ قرارات اللجنة فحسب ، بل أيضاً بالاعتراف بممارساتها المتبعة وأساليب عملها وسوابقها أيضاً. وتستند هذه الحجة إلى أهم مبدأ من مبادئ القانون الدولي، ألا وهو مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، الذي يفيد بأن كل معاهدة نافذة ملزِمة للأطراف فيها ويجب التقيد بها بحسن نية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم تعاون الدولة الطرف

6 - 1 تحيط اللجنة علما بجزم الدولة الطرف بأن في تسجيل البلاغ انتهاك ل أحكام البروتوكول الاختياري وأنها ستوقف تعاونها بخصوص هذا البلاغ.

6 - 2 وتذكّر اللجنة بأنها مخوّلة، بمقتضى المادة 39(2) من العهد، سلطة وضع نظامها الداخلي، وهو ما اتفقت الدول الأطراف على الاعتراف به. وتلاحظ أن أي دولة طرف في العهد تعترف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة ل تلقّي البلاغات التي ترد من ال أفراد الذين يدَّعون أنهم ضحايا انتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1 من البروتوكول الاختياري) وفي النظر فيها. ثم إن انضمام دولة ما إلى البروتوكول الاختياري يعني ضمناً تعهدها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية لتتيح لها النظر في هذه البلاغات وتمكّنها منه ثم، بعد دراستها إياها، إحالة آرائها فيها إلى كل من الدولة الطرف والشخص المعني (المادة 5(1) و(4)). ويتعارض مع تلك الالتزامات أن تتخذ الدولة الطرف أي إجراء من شأنه أن يمنع أو يعطل نظر اللجنة في البلاغ ودراسته وإبداء آرائها فيه. و اللجنة هي التي تقرر ما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ ما أم لا. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ، إذ ترفض اختصاص اللجنة ل تحديد ما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ من البلاغات، وإذ تعلن سلفاً أنها لن تقبل ما تقره اللجنة بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، تخل بالتزاماتها في إطار المادة 1 من البروتوكول الاختياري ( ) .

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لمقتضيات المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تشتك في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية إلى مكتب المدعي العام لبيلاروس. وتحيط علما في هذا الصدد بجزم الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة وبأن البروتوكول الاختياري لا يتضمن شرط "فعالية" سبل الانتصاف المحلية، ومن ثم يجب استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة بالكامل قبل أن يتسنى تقديم بلاغ إلى اللجنة. وتحيط علماً أيضاً بحجة صاحبة البلاغ التي تذهب إلى أنها استأنفت قرار اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل لدى محكمة غوميل المحلية المركزية، لكن الاستئناف رُفض في 23 آب/ أغسطس 2012. ورفعت دعوى استئناف بطريق النقض إلى محكمة غوميل الإقليمية، لكنها رُفضت في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2012، وقدمت التماسين إلى محكمة غوميل الإقليمية والمحكمة العليا لبيلاروس لإجراء مراجعة قضائية رقابية، لكنهما رُفضا في 21 كانون الثاني/يناير 2013 و18 آذار/مارس 2013، على التوالي. وتحيط علماً، إضافة إلى ذلك، بدفع صاحبة البلاغ بأنها لم تقدم التماساً في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية إلى مكتب المدعي العام لأنها لا تعتبره سبيل انتصاف فعالا ً .

7 - 4 وتذكّر اللجنة باجتهادها، الذي يقضي بأن تقديم التماس إلى مكتب م د ّ ع ٍ عام طلباً لإجراء مراجعة لقرارات قضائية دخلت حيز النفاذ لا يشكل سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناء عليه، ترى اللجنة أن أحكام الفقرة (2)(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

7 - 5 وتحيط اللجنة علماً بدفع صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21. وتكرر اللجنة التأكيد على أنه لا يجوز الاحتجاج بأحكام المادة 2 في أي ادعاء يرد في بلاغ ما مقدم بمقتضى البروتوكول الاختياري، بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد، إلا إذا كان عدم تقيّد الدولة الطرف بالتزاماتها في إطار المادة 2 هو السبب القريب لانتهاك منفصل للعهد يؤثر مباشرةً على الشخص الذي يدعي أنه ضحية ( ) . غير أن ها تلاحظ أن صاحبة البلاغ سبق أن ادعت انتهاك حقوقها بموجب المادتين 19 و21 نتيجة تفسير القوانين الحالية للدولة الطرف وتطبيقها، ولا ترى اللجنة أن النظر فيما إذا كانت الدولة الطرف انتهكت أيضاً التزاماتها العامة بموجب المادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21، ينفصل عن النظر في مسألة انتهاك حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد. وعليه، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ في هذا الصدد تتعارض مع المادة 2 من العهد، وهي من ثم غير مقبولة بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري. ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

7 - 6 ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات عن الوقائع الواردة في هذا البلاغ، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدّمت أدلة كافية تدعم ادعاءاتها بمقتضى المادتين 19 و21 من العهد، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3)، لأغراض المقبولية، ومن ثم ترى أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحبة البلاغ أن حقها وحق الضحيتين المزعومتين الأخريين في التجمع السلمي بموجب المادة 21 من العهد انتُهك عندما رفضت السلطات البلدية السماح لهم بالاعتصام. وذكرت اللجنة في تعليقها العام رقم 37(20 2 0) بشأن الحق في التجمع السلمي أن التجمعات السلمية يمكن أن تنظَّم مبدئيا في جميع الفضاءات التي يمكن أن يصل إ ل يها ا لناس أو ينبغي أن يكون بإمكانهم الوصول إليها ، مثل الساحات العامة والشوارع. وينبغي عدم إبعاد التجمعات السلمية إلى مناطق نائية يتعذر فيها جذب اهتمام الفئات المستهدفة أو عامة الناس بفعالية . والقاعدة العامة هي أنه لا يمكن فرض حظر كلي على جميع التجمعات في العاصمة أو في جميع الأماكن العامة باستثناء موقع واحد محدد داخل مدينة معينة ، أو خارج وسط ال مدينة، أو في جميع شوارع مدينة معينة . وبوجه عام، لا تتوافق مع أحكام المادة 21 من العهد الشروطُ التي تلزم المشاركين أو المنظمين إما بترتيب العمل الشُّرطي أو الأمن، أو المساعدة الطبية أو التنظيف، أو أي خدمات عامة أخرى مرتبطة بالتجمعات السلمية ، أو بالمساهمة في دفع تكاليف هذه الخدمات ( ) .

8 - 3 وتذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان ضروري لتعبير الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. ويستتبع هذا الحقَّ إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه، ومن ضمنه تنظيم تجمع ساكِن (كالاعتصام) في مكان عام. ويحق لمنظمي التجمع عموماً اختيار موقع على مرأى جمهورهم المستهدف ومسمعه، ولا يجوز وضع أي قيود على هذا الحق إلا في الحالات التالية: (أ) أن تُفرض وفقاً للقانون؛ (ب) أن تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً قصد التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة المشار إليها أعلاه، ينبغي أن تستهدي ب ال هدف القاضي ب تيسير إعمال هذا الحق عوضاً عن السعي إلى تقييده بقيود غير ضرورية أو غير متناسبة. لذا يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييدها الحقَّ الذي تحميه المادة 21 من العهد ( ) .

8 - 4 وفي هذه القضية، على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين في التجمع السلمي مبررة بمقتضى أي من المعايير المبيّنة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن المعلومات المتاحة في ملف القضية تفيد بأن الدولة الطرف والمحاكم المحلية كليهما لم تقدما أي مبرر أو توضيح يبين الطريقة التي يمكن بها لاحتجاج صاحبة البلاغ أو الضحيتين المزعومتين الأخريين، في الواقع العملي، أن يخل بالأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، المبيّنة في المادة 21 من العهد. ولم تثبت الدولة الطرف أنها اتخذت أي تدابير بديلة لتيسير ممارسة صاحبة البلاغ والضحيتين المزعوم ت ين الأخريين حقوقهم بمقتضى المادة 21.

8 - 5 ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح للأمر، فإن اللجنة تخلص، في القضية محل النظر، إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين بموجب المادة 21 من العهد، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3).

8 - 6 وتحيط اللجنة علما ً أيضاً بادعاء صاحبة البلاغ أن حقها وحق الضحيتين المزعومتين الأخريين في حرية التعبير قد قُي ِّ د على نحو غير مشروع لأنه لم يرخَّص لهم في تنظيم اعتصام احتجاجاً على الملاحقة الجنائية للعديد من الناشطين السياسيين. وترى أن القضية القانونية المعروضة عليها هي البت فيما إذا كان حظر تنظيم ال اعتصام ال عام ، الذي فرضته السلطات التنفيذية للمدينة في الدولة الطرف على صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين ، يبلغ حد انتهاك المادة 19 من العهد.

8 - 7 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، حيث ذكرت جملة أمور منها أن حرية التعبير عنصر أساسي من عناصر أي مجتمع وتشكل حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وتلاحظ أن المادة 19(3) من الاتفاقية لا تجيز فرض بعض القيود على حرية التعبير، بما فيها حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا بقدر ما ينص عليه القانون وشريطة أن تكون ضرورية لاحترام حقوق الغير أو سمعتهم، أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، أي قيد على حرية التعبير يجب ألا يكون فضفاضاً بطبعه - أي أن يكون هو التدبير الأقل مساساً بهذا الحق من بين التدابير التي قد تحقّق الحماية المطلوبة وأن يتناسب مع المصلحة المراد حمايتها ( ) . وتذكّر أيضا ً بأنه يقع على عاتق الدولة الطرف عبء إثبات أن القيود المفروضة على حقوق صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين بمقتضى المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة ( ) .

8 - 8 وتلاحظ اللجنة أن رفض الترخيص في الاعتصام استند إلى قرار اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل رقم 299 بشأن الأحداث الجماهيرية في مدينة غوميل المؤرخ 2 نيسان/أبريل 2008. غير أنها تلاحظ في الوقت نفسه أن الدولة الطرف و المحاكم الوطنية كليهما لم ت قدم ا أي توضيح بشأن كيفية تبرير هذه القيود - وهي حصر التجمعات السلمية في م وقع معين محدد سلفاً واشتراط إبرام منظمي الاعتصامات عقود خدمات مع عدد من الوكالات الحكومية لتنظيم تجمع سلمي - عملاً بشرطي الضرورة والتناسب المبيّنين في المادة 19(3) من العهد. ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح للأمر، فإن اللجنة تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين بموجب المادة 19(2) من العهد، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3).

9- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوقَ صاحبة البلاغ والضحيتين المزعومتين الأخريين بموجب المادتين 19(2) و21 من العهد، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3). وتكرر استنتاجها الذي ذهبت فيه إلى أن الدولة الطرف أخلّت أيضاً بالتزاماتها بمقتضى المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

10- والدولة الطرف مُلزمة، عملاً بالمادة 2(3)(أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ والضحيتين الأخريين. ويقتضي منها ذلك جبر الضرر الذي لحق بمن انتُهِكت حقوقهم التي يكفلها العهد جبراً تاماً. وعلى ذلك، فالدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتعويض صاحبة البلاغ تعويضا ً كافيا ً . ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل، لا سيما عن طريق مراجعة تشريعاتها الوطنية وتنفيذها لتكون متوافقة مع التزامها باعتماد تدابير تمكّن من إنفاذ الحقوق المعترف بها بموجب المادتين 19 و21 من العهد.

11- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت بأن للجنة اختصاص البت فيما إذا كان هناك انتهاك للعهد، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في أراضيها أو الخاضعين لولايتها القضائية بالحقوق المعترف بها في العهد وبإتاحة سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حال ثبوت حدوث أي انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لإنفاذ آراء اللجنة. ‬ وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.