اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2847/2016 * **
بلاغ مقدم من : فيتالي غولياك (لا يمثله محام)
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ
الدولة الطرف : بيلاروس
تاريخ تقديم البلاغ : 12 آذار/مارس 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء : 27 تموز/يوليه 2022
الموضوع : رفض الترخيص لاجتماعات عامة؛ التغريم بسبب تنظيم اعتصام فردي غير مرخص له
المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف الداخلية
المسائل الموضوعية : حرية التجمع؛ حرية التعبير
مواد العهد : 19 و 21
مواد البروتوكول الاختياري : 2 و 5 ( 2 )(ب)
1 - صاحب البلاغ هو فيتالي غولياك، وهو مواطن من بيلاروس مولود في عام 198 3 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 199 2 . ولا يمثل صاحب البلاغ محامٍ.
الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ
2 - 1 يدفع صاحب البلاغ بأن سلطات مدينة فولكوفيسك رفضت منحه ترخيصاً لعقد حدثين عامين في مناسبتين، وبعد ذلك عقد اعتصاماً فردياً غير مرخص له وأدين بارتكاب مخالفة إدارية لانتهاكه الإجراء المعمول به لعقد المناسبات العامة.
الظروف المتصلة بطلبات صاحب البلاغ الحصول على ترخيص لعقد مناسبة عامة
2 - 2 في 9 كانون الثاني/يناير 2014 ، طلب صاحب البلاغ إلى اللجنة التنفيذية لمقاطعة فولكوفيسك إصدار ترخيص لتنظيم مسيرة كان من المقرر عقدها في 25 كانون الثاني/يناير 2014 ، من الساعة 12 ظهراً حتى الساعة 3 عصراً، في منتزه المدينة. وكان الغرض من المسيرة هو دعم اندماج أوكرانيا الأوروبي.
2 - 3 وفي 17 كانون الثاني/يناير 2014 ، رفضت اللجنة التنفيذية منح ترخيص على أساس أن التشريع ات الساري ة لا تتناول تنظيم ال مسيرات في المنتزهات. وأشارت، على وجه الخصوص، إلى أن المادة 2 من قانون المناسبات العامة تعرف المسيرة بأنها حركة جماهيرية منظمة لمجموعة من المواطنين على طول شارع أو طريق أو طريق عريض أو ميدان؛ لذلك، لا يجوز اعتبار منتزه المدينة مكاناً مسموحاً بعقد مسيرة فيه.
2 - 4 وفي 27 كانون الثاني/يناير 2014 ، طلب صاحب البلاغ إلى اللجنة التنفيذية أن تأذن بعقد اعتصام في 19 شباط/فبراير 2014 ، من الساعة 12 ظهراً حتى الساعة 6 مساءً، في منتزه المدينة، بحضور ما يصل إلى 10 مشاركين. وكان الغرض من الاعتصام هو الإعراب عن التضامن مع شعب أوكرانيا في رغبته في العيش في دولة حرة تتصدى ل لقتل والعنف والوحشية.
2 - 5 وفي 10 شباط/فبراير 2014 ، رفضت اللجنة التنفيذية الطلب على أساس أن صاحب البلاغ لم يمتثل مقتضيات قانون المناسبات العامة ولم يقدم في طلبه معلومات عن قائمة التدابير الرامية إلى كفالة الحفاظ على النظام العام والسلامة وتقديم الخدمات الطبية أثناء الحدث وتنظيف الموقع بعد انتهائه.
2 - 6 وطعن صاحب البلاغ في رفضي اللجنة التنفيذية الصادرين في 17 كانون الثاني/يناير و 10 شباط/فبراير 2014 أمام محكمة فولكوفيسك المحلية، مدعيا ً أنهما يشكلان انتهاكاً لحقه في حرية التعبير والتجمع السلمي الذي يكفله دستور بيلاروس والمادتان 19 و 21 من العهد.
2 - 7 وفي 19 آذار/مارس 2014 ، رفضت المحكمة المحلية الشكوى، بعد أن خلصت إلى أن القرارين المطعون فيهما يتفقان مع الأحكام ذات الصلة من التشريعات المحلية.
2 - 8 وقدم صاحب البلاغ طعناً بالنقض إلى محكمة غرودنو الإقليمية، ورفض هذا الطعن في 12 أيار/مايو 201 4 . ثم طعن في الحكم بموجب إجراء المراجعة الرقابية أمام رئيس محكمة غرودنو الإقليمية. ورُفِض طعنه في 12 تموز/يوليه 201 4 . وقدم صاحب البلاغ طعناً آخر بموجب إجراء المراجعة الرقابية أمام رئيس المحكمة العليا في بيلاروس. وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، رفض نائب رئيس المحكمة العليا طعنه باعتبار أنه لا يستند إلى أي أساس.
مشاركة صاحب البلاغ في اعتصام فردي
2 - 9 في حوالي الساعة 5 مساء من يوم 13 آذار/مارس 2014 ، وقف صاحب البلاغ في ساحة عامة في فولك و فيسك، رافع اً علم أوكرانيا و لافتة ، احتجاجاً على نشر القوات الروسية في أوكرانيا. و يفيد صاحب البلاغ بأ نه لم يتقدم بطلب للحصول على ترخيص لعقد هذا الحدث، لأن سلطات المدينة رفضت طلبه المسبق في مناسبتين.
2 - 10 وفي تاريخ غير محدد أعقب ذلك الحدث، اتُهم صاحب البلاغ بانتهاك الإجراء المعمول به في تنظيم المناسبات العامة، وهي مخالفة إدارية بموجب المادة 23 - 34 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية، لأنه لم يحصل على ترخيص مسبق من سلطات المدينة لعقد اعتصام فردي. وفي 17 آذار/مارس 2014 ، أدانت المحكمة المحلية صاحب البلاغ بالتهم الموجهة إليه وأمرته بدفع غرامة إدارية قدرها 1 , 3 مليون روبل بيلاروسي ( ) .
2 - 11 وطعن صاحب البلاغ في قرار المحكمة المحلية أمام محكمة غرودنو الإقليمية، دافعاً بأن فرض الغرامة الإدارية على تنظيم اعتصام فردي يشكل قيداً غير مبرر على حقه في حرية التعبير والتجمع، لأن ما فعله لم يشكل أي تهديد للأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين ومصالحهم. وفي 10 نيسان/أبريل 2014 ، رفضت المحكمة الإقليمية طعن صاحب البلاغ وأيَّدت قرار المحكمة المحلية. وقدم صاحب البلاغ طعناً مرة أخرى أمام رئيس محكمة غرودنو الإقليمية. فرُفِض طعنه في 29 أيار/مايو 201 4 . وقدم طعناً بعد ذلك أمام رئيس المحكمة العليا لبيلاروس . ورفض نائب رئيس المحكمة العليا الطعن في 29 تشرين الأول/أكتوبر 201 4 .
2 - 12 ويدفع صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.
الشكوى
3 - 1 يدفع صاحب البلاغ بأن حقه في حرية التعبير والتجمع قد قُيّد، مما يشكّل انتهاكاً للمادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد، حيث لم يرخص له بتنظيم تجمعين سلميين وفرضت عليه غرامة لعقده اعتصاما ً فرديا ً سلميا ً . ويدفع بأن القيود التي فرضت على حقوقه غير مبررة، مشيراً إلى أن سلطات المدينة والمحاكم لم تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة مبررةً بأسباب تتعلق بالأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو ضروريةً لحماية حقوق الغير وحرياته. ويجادل بأن المحاكم المحلية اعتمدت في حالته فقط على أحكام التشريعات المحلية وتجاهلت شكاواه بشأن عدم توافق القيود مع حقوقه بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.
3 - 2 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى حدوث انتهاك للمادتين 19 و 21 من العهد وأن توصي الدولة الطرف بمواءمة تشريعاتها المحلية مع المعايير الدولية المتعلقة بحرية التجمع السلمي والتعبير.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية
4 - 1 في مذكرة شفوية مؤرخة 6 كانون الثاني/يناير 2017 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، مشيرة فيما يتعلق بمقبولية البلاغ إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، لأنه لم يطعن في القرارات الصادرة في قضيته من خلال إجراء المراجعة القضائية الرقابية أمام النيابة العام ة ، ولم يلتمس قط النظر في قضيته من قبل من رئيس المحكمة العليا في بيلاروس.
4 - 2 وتجادل الدولة الطرف كذلك بأن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن عدم امتثال التشريعات المحلية المتعلقة بالأحداث الجماهيرية ا لمعايير الدولية لا أساس لها من الصحة. وتلاحظ الدولة الطرف في هذا الصدد أن أحكام التشريعات المحلية المتعلقة بالحق في التجمع السلمي وحرية التعبير تهدف إلى تهيئة الظروف لممارسة الحقوق والحريات الدستورية، فضلاً عن كفالة السلامة والنظام العامين أثناء المناسبات الجماهيرية؛ ولا تتنافى مع المادتين 19 و 21 من العهد، اللتين تسمحان للدول ب فرض القيود على تلك الحقوق والحريات حسبما تقتضيه الضرورة في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الغير وحرياتهم.
تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية
5 - 1 في 27 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، قدم صاحب البلاغ تعليقاته التي ذكر فيها أن إجراء المراجعة القضائية الرقابية لا يشكل سبيل انتصاف محلياً فعالاً، لأنه لا يستتبع دراسة جديدة للقضية؛ وتتوقف نتائجه على السلطة التقديرية للمدعي العام أو القاضي المعني وحده. وعلاوة على ذلك، فإن اللجوء إلى إجراء المراجعة القضائية الرقابية يتطلب دفع رسوم للمحكمة، مما يشكل عقبة إضافية. وبالإشارة إلى ملابسات قضيته بالتحديد، يلاحظ صاحب البلاغ أنه استأنف القرارات المطعون فيها في قضيته في إطار إجراء المراجعة الرقابية أمام محكمة غرودنو الإقليمية والمحكمة العليا في بيلاروس. ورفض طلباه لإجراء ال مراجعة ال رقابية كلاهما .
5 - 2 وتعليقاً على حجج الدولة الطرف بأن الأحكام ذات الصلة الواردة في التشريعات المحلية تتسق مع المادتين 19 و 21 من العهد، يدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تثبت في ملاحظاتها ضرورة تقييد السلطات المحلية حقوقه في الظروف الخاصة بقضيته .
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
6 - 2 وقد تحقَّقت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6 - 3 وتحيط اللجنة علماً ب ادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يلتمس إجراء مراجعة رقابية للقرارات المطعون فيها في قضيته أمام النيابة العام ة أو رئيس المحكمة العليا في بيلاروس. بيد أن اللجنة تحيط علماً ب ادعاء صاحب البلاغ ال ذ ي تؤكده المواد المسجلة في الملف ومفادها أنه استأنف بالفعل، دون جدوى، القرارات الصادرة في قضيته في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية، وذلك أمام رئيس محكمة غرودنو الإقليمية ورئيس المحكمة العليا في بيلاروس. وترى اللجنة في هذا السياق، أن تقديم طلبات إلى رئيس إحدى المحاكم لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ وتخضع للسلطة التقديرية للقاضي يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول ل أن تتيح هذه الطلبات انتصافاً فعالاً في سياق ظروف القضية. وتذكّر اللجنة كذلك باجتهاداتها القضائية التي جاء فيها أن التماس مراجعة رقابية ل قرارات محكمة دخلت حيز النفاذ من النيابة العام ة وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية ل هذه ا ل نيابة ، ليس سوى سبيل انتصاف استثنائيً و لا يتعيّن من ثم استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد استنفد في هذه الحالة جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بما فيها السبل التي تشكّل إجراء مراجعة قضائية رقابية، وعليه، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا ت منع ها من دراسة هذا البلاغ.
6 - 4 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاءات صاحب البلاغ أن حقه في حرية التجمع بموجب المادة 21 من العهد قد قُيّد تعسفاً، لأنه غُرم بسبب إجراء اعتصام غير مرخص له. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن صاحب البلاغ كان المشارك الوحيد في الاعتصام. وعلى الرغم من أن مفهوم وجوب حماية التجمع بموجب المادة 21 يعني ضمناً مشارك ة أكثر من فرد واحد في التجمع، فإن ال محتج ال واحد يتمتع بحماية مماثلة بموجب العهد ، كتلك المنصوص عليها في المادة 19 مثلا ً ( ) . وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم عناصر كافية تبين تنظيم ’’تجمع‘‘ بالفعل بالمعنى المقصود في المادة 2 1 . وعليه، ترى اللجنة، في ظروف هذه القضية، أن صاحب البلاغ لم يثبت هذا الادعاء تحديداً بأدلة كافية لأغراض المقبولية وتعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ) .
6 - 5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 19 ( 2 ) من العهد بشأن العقوبة الإدارية المفروضة عليه بسبب قيامه باعتصام غير مرخص له، وادعائه بموجب المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد بشأن رفض سلطات الدولة الطرف منحه ترخيصاً لعقد تجمعين سلميين، ترى اللجنة أنهما مدعمان بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتعلن أنهما مقبولان وتشرع في النظر في أسسهما الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.
7 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن حقوقه في حرية التعبير والتجمع قد قيدت، مما يشكل انتهاكاً للمادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد، حيث إنه منع من تنظيم تجمعين سلميين، أي مسيرة واعتصام، بهدف الإعراب عن تأييده لاندماج أوكرانيا الأوروبي وتضامنه مع شعب أوكرانيا في رغبته في العيش في دولة حرة ومناهضة للقتل والعنف والوحشية. وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 19 ( 2 ) من العهد بأن حقه في حرية التعبير قد قيد دون مبرر، حيث حكم عليه بدفع غرامة إدارية لمشاركته في اعتصام فردي بغرض الاحتجاج على نشر القوات الروسية في أوكرانيا. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحب البلاغ أن السلطات لم توضح السبب الذي يجعل تقييد حقوقه أمراً ضرورياً لضمان الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، كما تقتضيه أحكام المادة 19 ( 3 ) والجملة الثانية من المادة 21 من العهد.
7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ حدوث انتهاك لحقه بموجب المادة 21 من العهد بسبب رفض سلطات مدينة فولكوفيسك غير المبرر إصدار ترخيص لعقد تجمعين سلميين. ولهذا السبب، فالمسألة المعروضة على اللجنة هي تحديد ما إذا كان منع سلطات المدينة صاحب البلاغ من تنظيم تجمعين سلميين يبلغ حد انتهاك المادة 21 من العهد.
7 - 4 و قد ذكرت اللجنة في تعليقها العام رقم 37 ( 202 0 ) أنه يجوز تنظيم التجمعات السلمية، من حيث المبدأ، في جميع الأماكن التي يمكن للناس الوصول إليها أو التي ينبغي أن تتاح لهم إمكانية الوصول إليها، مثل الساحات العامة والشوارع ( ) . وينبغي عدم إبعاد التجمعات السلمية إلى مناطق نائية يتعذر فيها جذب اهتمام الفئات المستهدفة أو عامة الناس بصورة فعالة. وتقضي القاعدة العامة بأنه لا يمكن فرض حظر كلّي على جميع التجمعات في العاصمة أو في جميع الأماكن العامة باستثناء مكان واحد محدد داخل المدينة أو خارج وسط المدينة أو في جميع شوارع المدينة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الشروط التي تلزم منظمي التجمع السلمي أو المشاركين فيه إما بضبط النظام أو الأمن، أو تقديم المساعدة الطبية أو التنظيف، أو أي خدمات عامة أخرى مرتبطة بالتجمعات السلمية، أو بالمساهمة في دفع تكاليف ذلك، لا تتفق مع أحكام المادة 21 ( ) .
7 - 5 وتذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان ، وهو ضروري لتعبير الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. وتحمي المادة 21 من العهد التجمعات السلمية أينما عُقدت، سواء في الهواء الطلق أ م في الأماكن المغلقة أو عبر الإنترنت؛ أو في الأماكن العامة والخاصة؛ أو فيها معاً. وقد تتّخذ هذه التجمعات أشكالاً عديدة، بما فيها المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والتجمعات والاعتصامات والوقفات على ضوء الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي محمية بموجب المادة 21 سواء أكانت ثابتة، مثل الاعتصامات، أم متنقلة، مثل المواكب أو المسيرات ( ) . ويحق عموماً لمنظمي أي تجمع اختيار مكان على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف ( ) ، ولا يُسمح بفرض أي قيد على هذا الحق إلا إذا كان القيد (أ) مفروضاً بموجب القانون؛ (ب) وضرورياً في مجتمع ديمقراطي، لصون الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع وبين المصالح العامة ال آنفة الذكر، ينبغي أن تسترشد الدولة الطرف بهدف تيسير إعمال هذا الحق لا توخّي تقييده بقيود غير ضرورية أو غير متناسبة ( ) . وبناء على ذلك، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام ب تبرير تقييدها الحقَّ الذي تحميه المادة 21 من العهد ( ) .
7 - 6 وفي هذه القضية، يجب على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في التجمع السلمي مبررة بموجب أي من المعايير المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وفي ضوء المعلومات المتاحة في الملف، رُفض التماسا صاحب البلاغ اللذان طلب فيهما ترخيصاً من سلطات المدينة لعقد مسيرة واعتصام على أساس أن المكان المختار للمسيرة، أي منتزه المدينة، غير مسموح باستخدامه بموجب الأحكام ذات الصلة من قانون المناسبات العامة، وأن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات عن التدابير المتخذة لضمان النظام العام والسلامة وتقديم الخدمات الطبية خلال الحدث المخطط له وتنظيف الموقع بعد انتهائه. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن السلطات التنفيذية والمحاكم المحلية لم تقدم عملياً أي تبرير أو توضيح للكيفية التي يمكن بها للمناسبتين العامتين لصاحب البلاغ، في الواقع العملي، أن تخلا بالأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، على النحو المبيّن في المادة 21 من العهد. ولم تثبت الدولة الطرف أنها اتخذت أي تدابير بديلة لتيسير ممارسة صاحب البلاغ حقوقه المنصوص عليها في المادة 2 1 .
7 - 7 و إذ لم تقدم الدولة الطرف أي توضيحات إضافية، فإن اللجنة تخلص إلى أنها انتهكت حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 21 من العهد ( ) .
7 - 8 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التعبير قد قُيّد، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 19 ( 2 ) من العهد، حيث رفضت الدولة طلبيه ا لحصول على ترخيص لعقد تجمعين سلميين بغرض التعبير وعوقب فيما بعد على عقد اعتصام فردي غير مرخص له. والمسألة المطروحة أمام اللجنة هي ما إذا كانت القيود التي فُرضت على حرية صاحب البلاغ في التعبير يمكن تبريرها بموجب أي معيار من المعايير المنصوص عليها في المادة 19 ( 3 ) من العهد.
7 - 9 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 34 ( 201 1 ) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، حيث ذكرت جملة أمور منها أن حرية التعبير عنصر أساسي من عناصر أي مجتمع وتشكل حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وتلاحظ اللجنة أن المادة 19 ( 3 ) من الاتفاقية لا تسمح بفرض قيود معينة على حرية التعبير، بما يشمل حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا بقدر ما ينص القانون على هذه القيود، وإلا إذا كانت ضرورية (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ أو ( ب) حماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، يجب ألا يكون أي تقييد لحرية التعبير مفرطاً ب طبيعته - أي أنه يجب أن يكون أقل التدابير تدخلاً من بين التدابير التي من شأنها تحقيق وظيفة الحماية ذات الصلة وأن يكون متناسباً مع المصلحة موضوع الحماية ( ) . وتذكر اللجنة بأن الدولة الطرف تتحمل مسؤولية أن تثبت وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 19 من العهد ( ) .
7 - 10 وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أن فرض عقوبة على صاحب البلاغ بسبب اعتصام سلمي أجراه دون أن يحصل على ترخيص مسبق من السلطات التنفيذية المحلية، ولا سيما فرض غرامة عليه، أمر يثير شكوكاً خطيرة بشأن وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 من العهد. وتلاحظ اللجنة كذلك، فيما يتعلق برفض السلطات المحلية منح ترخيص لعقد التجمعات السلمية بغرض التعبير، أن قصر عقد تجمع عام على أماكن معينة محددة سلفاً لا يفي فيما يبدو بمعايير الضرورة والتناسب بموجب المادة 19 من العهد. وفي الحالة قيد النظر، كان من المقرر أن ي قام المسيرة والاعتصام السلمي في منتزه المدينة. بيد أن اللجنة التنفيذية رفضت إصدار ترخيص على أساس أنه لا يمكن اعتبار المتنزه مكاناً مسموحاً بإقامة مسيرة فيه، لأنه غير مذكور في الحكم ذي الصلة من قانون المناسبات العامة (الفقرة 2 - 3 أعلاه ). وفيما يتعلق بالاعتصام، رفضت اللجنة التنفيذية منح الترخيص لأن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات عن قائمة التدابير الرامية إلى ضمان النظام العام والسلامة وتقديم الخدمات الطبية أثناء الحدث وتنظيف الموقع بعد انتهائه (الفقرة 2 - 5 أعلاه ). وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تحتج بأي أسس محددة لدعم ضرورة القيود المفروضة على صاحب البلاغ على النحو الذي تقتضيه المادة 19 ( 3 ) من العهد ( ) . ولم تثبت الدولة الطرف كذلك أن التدابير التي اختيرت تشكل بطبيعتها أقل التدابير تدخلاً أو أنها متناسبة مع المصلحة المراد حمايتها. وترى اللجنة، في ظل ظروف القضية، أن العقوبات والقيود المفروضة على صاحب البلاغ، رغم أنها تستند إلى القانون المحلي، لم تكن مبرَّرة عملاً بالشروط المنصوص عليها في المادة 19 ( 3 ) من العهد. و إذ لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات أو توضيحات إضافية، فإن اللجنة تخلص إلى أن حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 19 من العهد قد انتُهكت.
8 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من جانب الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.
9 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك منها أن تقوم بتوفير كامل سبل الجبر للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المشمولة بالعهد. وبناءً على ذلك، يجب على الدولة الطرف، في جملة أمور، اتخاذ الإجراءات المناسبة لتقديم تعويض كاف لصاحب البلاغ، بما في ذلك رد قيمة الغرامة التي فُرضت عليه وأي تكلفة قانونية تكبدها. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بقوانين الدولة الطرف وممارساتها نفسها في عدد من البلاغات السابقة وأنه ينبغي من ثم للدولة الطرف مراجعة إطارها المعياري المتعلق بالأحداث العامة، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، بما يكفل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.
10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إن كان وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفّر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.