الأمم المتحدة

CCPR/C/134/D/3664/2019

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

30 May 2022

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3664 / 2019 * **

بلاغ مقدم من: أرماندو غارثيا ميندوثا ، نيابة عن شقيقه المتوفى، إميليانو غارثيا ميندوثا ، وخوليا غوتي ي ريث خولكا ، نيابة عن زوجها المتوفى، روبين باريونا كامبوسانو (تمثلهما ال ت نس ي ق ي ة الوطنية لحقوق الإنسان)

الشخص ان المدعى أنه ما ضحي تان : إميليانو غارثيا ميندوثا وروبين باريونا كامبوسانو

الدولة الطرف: بيرو

تاريخ تقديم البلاغ: 27 آذار/مارس 2019 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 14 آذار/مارس 2022

الموضوع: الإعدام خارج نطاق القضاء في سياق مظاهرة

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في سبيل انتصاف فعال؛ والحق في الحياة؛ والحق في التجمع السلمي

مواد العهد: 2 ( 3 )؛ و 6 ( 1 )؛ و 21

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحبا البلاغ هما أرماندو غارثيا ميندوثا ، وهو مواطن بيروفي وُلد في 15 تموز/يوليه 1967 ، وخوليا غوتييريث خولكا ، وهي مواطنة بيروفية وُلدت في 26 حزيران/ يونيه 198 0. ويتصرف أرماندو غارثيا ميندوثا بالنيابة عن شقيقه إميليانو غارثيا ميندوثا ، وخوليا غوتييريث خولكا بالنيابة عن زوجها، روبين باريونا كامبوسانو ، اللذيْن توفيا خلال مظاهرة. ويدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق الهالكيْن المكفولة بموجب المادة 6 ( 1 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين 2 ( 3) و 21 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 3 كانون الثاني/يناير 198 1. وصاحبا البلاغ لهما تمثيل قانوني .

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2 - 1 دعا المجلس الوطني لمستخدمي مياه الري إلى إضراب وطني للمزارعين يومي 18 و 19 شباط/فبراير 2008 ؛ وشارك القادة على صعيد الأقاليم والمقاطعات في جمعٍ عام اتفقوا خلاله على أن تكون المظاهرات سلمية. وفي أياكوتشو ، منح حاكم المقاطعة الإذن بتنظيم هذه المظاهرة.

2 - 2 وفي 18 شباط/فبراير 2008 ، جاب حوالي 500 3 متظاهر شوارع مدينة هوامانغا ، في مقاطعة أياكوتشو ، من الساعة 00 / 08 حتى الساعة 00 / 1 3.

2 - 3 وفي 19 شباط/فبراير 2008 ، شارك السيدان غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو في مظاهرة ضمت حوالي 700 متظاهر في هوامانغا . ووصل ت المظاهر ة إلى شارع لوس ليبرتادوريس ، على مستوى المدخل الثاني إلى غريفو أياكوتشو (طريق ليما - هوامانغا )، حيث كان يوجد 12 فرداً من أفراد الشرطة بغرض حفظ النظام. وأمر الشرطي المسؤول بتوقيف أحد المتظاهرين ( ) . وأثار تنفيذ هذا الأمر رد فعل المتظاهرين فألقى هذا الشرطي قنبلة غاز مسيل للدموع على الحشد لتفريقه. وعندما تفرق المتظاهرون، سُمع دوي انفجارين وسقط السيد غارثيا ميندوثا ، 44 سنة، و السيد باريونا كامبوسانو ، 29 سنة، على الأرض جراء إصابات في الرأس كانت تنزف دماً غزيرا . وتوفي كلاهما على الفور ( ) . وكشف تقرير الطب الشرعي أن سبب الإصابات قذائف أسلحة نارية عبارة عن كريات معدنية.

التحقيق الذي أجراه مكتب المدعي العام

2 - 4 بعد وقوع الأحداث، أمر المدعي العام الجنائي الإقليمي المناوب في هوامانغا بمباشرة التحقيقات.

2 - 5 وفي 1 نيسان/أبريل 2008 ، قدم المدعي العام الجنائي الإقليمي في هوامانغا إلى المحكمة الجنائية الأولى في هوامانغا شكوى جنائية ضد الشرطي كارلوس ألبيرتو رودريغيث هواماني ، بدعوى ارتكابه جريمة القتل العمد المقترن بظروف التشديد التي راح ضحيتها السيدان غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو ، حيث أفضت التحقيقات الأولية إلى وجود أدلة كافية على صلته بكلتا الوفاتين. وأشار المدعي العام، على وجه الخصوص، إلى أن المتهم اعترف بأنه صوَّب طلقات نارية نحو المكان الذي سقط فيه الضحيتان ( ) ، ويُحتمل أن تكون الرصاصتان اللتان اعترف الشرطي بإطلاقهما هما اللتان أودتا بحياة السيديْن غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو ، بالنظر إلى أنه لم يُسمع سوى دوي طلقتين خلال المظاهرة، مباشرة قبل وفاة الفلاحيْن المعنييْن. وطلب المدعي العام الحكمَ على المتهم بال سجن مدة 30 سنة وبدفع 000 100 سول بيروفي جديد ( )  لصاحبي البلاغ.

التحقيق الذي أجرته لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية

2 - 6 بالنظر إلى أن المسألة حظيت بالاهتمام على الصعيد الوطني، فقد تشكلت، بالموازاة مع الإجراءات القضائية، لجنة تحقيق متعددة الأحزاب في كونغرس الجمهورية، بغرض المساهمة في استجلاء الوقائع، والتحقيق في التعليمات التي وجَّهتها وزارة الداخلية إلى الشرطة الوطنية بأن تمنع الإخلال بالنظام وتصونه وتستعيده، و في تحديد الأفراد المتورطين في الوقائع، وتحديد المسؤوليات المزعومة.

2 - 7 وهكذا، قُدم، في 15 كانون الثاني/يناير 2009 ، التقرير النهائي للجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية، التي حققت في ظروف وملابسات وفاة فلاحين على أيدي قوات الشرطة خلال إضراب المزارعين. ولاحظت هذه اللجنة أن الحجة التي ساقتها وزارة الداخلية والشرطة، والتي مفادها أنه كان بين المتظاهرين شخص يحمل سلاحاً نارياً تقليدياً، لا يمكن اعتبارها ذات مصداقية، إذ لم يتسن تحديد هوية ذلك الشخص بعد مرور سنة تقريباً؛ وخلافاً لذلك، يوجد حالياً شرطي اعترف بأنه أطلق النار لحظة وفاة الفلاحيْن المعنييْن. وكان هذا الشرطي واقفاً خلف المتظاهرين، في وضع قناص، وأطلق عليهم النار على بُعد 25 متراً من المكان الذي سقط فيه المتظاهران قتيليْن. وبالإضافة إلى ذلك، لم يسلِّم المدعى عليه البندقية إلى مكتب التحقيقات الجنائية التابع للشرطة الوطنية البيروفية ، رغم صدور أمر بهذا الشأن، ولكنه وضع السلاح في المستودع بعدما نظفه بالفعل، وخلص التقرير الباليستي بالتالي إلى عدم وجود أي آثار على السلاح المذكور تدل على أنه استُخدم في إطلاق النار، رغم اعتراف رودريغيث نفسه بأنه أطلق النار منه. كما خلصت هذه اللجنة إلى أن الخرطوشة أُطلقت من بندقية سافاج عيار 12 ، التي تحمل الرقم التسلسلي E 090267 ، وهو السلاح ذاته الذي كان يحمله رودريغيث هواماني ( ) . وفي هذا الصدد، رأت اللجنة أن ثمة تناقضاً بين التقارير التي قدمها وزير الداخلية إلى الكونغرس، والتي تشير إلى أن الرصاصات المعنية لا تتوافق مع الأسلحة التي تستخدمها الشرطة الوطنية، وتقرير الخبرة الباليستية التقني، الذي يشير إلى أن القذائف، أي الرصاصات التي تسببت في حالتيْ الوفاة، قابلة للإطلاق من البندقية التي استخدمها الشرطي المعني ( ) .

2 - 8 ويخلص التقرير النهائي للجنة التحقيق، في المقام الأول، إلى أن كلتا الوفاتيْن تشكلان حالتيْ إعدام خارج نطاق القضاء، لأن أفراد الشرطة المرخَّص لهم باستخدام القوة، وإن كان يجوز لهم التصدي للاعتداءات غير المشروعة، يجب عليهم القيام بذلك في إطار احترام معياريْ الضرورة الملحة والتناسب. ولذلك، يشكل تجاوز قوات الشرطة هذين المعياريْن، في تصديها لأي تهديد، استخداماً غير مشروع وغير متناسب للقوة ينتهك الحق في الحياة ( ) . وفي هذه القضية، "لم يشكل الشخصان المتوفيان خطراً على ال سلامة الشخصية ل لشرطي الذي أطلق الرصاص ولا على سلامة غيره، حيث كان خلفهما [.. .]، وهو ما شكل بالتالي استخداماً غير متناسب للقوة أدى إلى حالتيْ إعدام خارج نطاق القضاء" ( ) . ويخلص التقرير أيضاً إلى أن قادة الشرطة أخلوا، خلال هذه العملية، بواجبهم المتمثل في صون أرواح المواطنين، وفي مراقبة تصرفات مرؤوسيهم ( ) .

2 - 9 وبناء على كل ما تقدم، خلص تقرير لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية إلى أن وزارة الداخلية ومدير الشرطة يتحملان مسؤولية مؤسسية، "لأنهما لم يتداركا الأخطاء الميدانية التي شابت العمليات المباشَرة بعدما تبين أنها معيبة أو تنتهك الحقوق الأساسية" ولأنهما لم يمارسا رقابة فعالة على أفراد الشرطة المكلفين بهذه العملية ( ) . كما خلص التقرير إلى أن مديريات الشرطة الإقليمية تتحمل المسؤولية "بسبب تقصيرها في تكييف الخطة الوطنية، وفي وضع الخطط الإقليمية، وفي مراقبة أفراد الشرطة المسؤولين عن العمليات، وفي التحقيق في الحوادث ومعاقبة المسؤولين عنها" ( ) .

2 - 10 وخلص التحقيق الذي أجرته المفتشية العامة للشرطة الوطنية إلى أن ثمانية من أفراد الشرطة يتحملون مسؤولية إدارية تستوجب عقوبة تأديبية بسبب سلوكهم، وهم: عميدٌ "لأنه لم يمارس مهامه الرقابية، حيث لم يراقب نظام العمليات"؛ ورائدان لأنهما ل م يَقوما مسبقاً، بوصفهما قائدي الفرقة، بمراقبة وتفتيش أفراد الشرطة المشاركين في العملية، وسمحا لبعض الأفراد بحمل أسلحتهم النارية؛ ورائد آخر "لأنه لم يرافق مسيرة المتظاهرين، الذين لم تراقبهم سوى وحدة من 12 فرداً؛ وضابط صف لأنه "ألقى يدوياً قنبلة غاز مسيل للدموع، من دون توخي الحرص الواجب في أداء وظيفته كشرطي"؛ وضابطا صف لأنهما كانا يحملان سلاحهما الناري الخاص؛ والشرطي كارلوس ألبيرتو رودريغيث هواماني "لأنه كذب" في إفادته أمام مفتشية الشرطة، حيث أشار إلى أنه لم يطلق النار من سلاحه، "وأفاد لاحقاً أمام شعبة التحقيق في جرائم القتل وممثل النيابة العامة بأنه استخدم بالفعل سلاح ه " ( ) .

2 - 11 وأكدت لجنة التحقيق أنه، رغم أهمية العمل الذي تضطلع به المفتشية العامة للشرطة الوطنية في التحقيق في مخالفات أفراد الشرطة الموجبة لإجراءات تأديبية والمعاقبة عليها، وضمان محاكمتهم وفقاً للقانون في حالة ارتكابهم جرائم، يثير الانتباه أن المخالفات التي ارتكبها أفراد الشرطة المعنيون صُنفت قانوناً ضمن فئة المخالفات البسيطة جداً. ولذلك، فربما تتستر المفتشية العامة للشرطة الوطنية على بعض أفراد الشرطة السيئين وتحميهم ( ) .

2 - 12 وبناء على كل ما تقدَّم، أوصت لجنة التحقيق النيابة العامة بأن "توسع نطاق التحقيقات ليشمل مسألة التواطؤ بسبب التقصير في جريمة القتل التي تورط فيها كبار أفراد الشرطة في منطقة أياكوتشو لعدم إعمالهم على النحو الواجب آليات مراقبة مرؤوسيهم"، وأوصت اللجنة المفتشيةَ العامة للشرطة الوطنية البيروفية والمحكمة الإدارية التأديبية للشرطة الوطنية البيروفية "بمباشرة إجراءات لإعادة تصنيف المخالفات الموجبة لإجراءات تأديبية التي ارتكبها مختلف أفراد الشرطة [.. .]، وتصنيف الأفعال تبعاً لحجمها الحقيقي، مع مراعاة أنها ليست مخالفات بسيطة، لأنها أدت إلى وفاة أربعة أشخاص " ( ) .

الإجراءات القضائية الجنائية

2 - 13 يدعي صاحبا البلاغ أنه، رغم الاستنتاجات التي خلص إليها تقرير لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية، لم تجر التحقيقات القضائية في جريمتي القتل على نحو سليم، مما أدى إلى صدور قرارات قضائية ساهمت في إفلات مرتكبهما من العقاب. وبالفعل، برأت دائرة الاستئناف الجنائية بمحكمة العدل العليا في أياكوتشو ، في حكمها الصادر في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2013 ، المتهم، حيث أكدت أنه، وإن "ثبتت أسباب الوفاتين" بعد إجراء عملية التشريح، "لم يتسن خلال الإجراءات القضائية والمحاكمة الشفوية تحديد مسؤولية المتهم"، بالنظر إلى أن سلاحه، وفقاً لتقرير الخبرة الباليستية، "لا توجد عليه أثار تدل على أنه استُخدم في إطلاق النار" ( ) . ويؤكد الحكم أيضاً أن الدستور يعترف بقرينة البراءة، وأنه لا يجوز "كسر هذه القاعدة إلا بناء على أدلة موضوعية وليس على أساس افتراضات" ( ) . وبالنظر إلى أنه "يجب أن يستند حكم الإدانة إلى أدلة كافية تثبت بوضوح وبلا شك مسؤولية المتهم"، "يتعين تبرئته لعدم وجود هذه الأدلة" ( ) .

2 - 14 وطعن صاحبا البلاغ بالفعل في هذا الحكم، رغم أن مكتب المدعي العام لم يفعل ذلك. وفي 7 حزيران/ يونيه 2016 ، أيَّدت الدائرة الجنائية المؤقتة بمحكمة العدل العليا حكم البراءة، رغم تأكيدها أن "رد فعل الشرطة كان مفرطاً لعدم وجود عوامل خارجية كافية لإثارته"، وكذلك أن "الملابسات تبين بالأحرى أن سلوك أفراد الشرطة مستهجن، حيث أطلقوا النار من مسافة قريبة، وهو ما ضاعف عدة مرات قوة فتك الانفجار". وترى الدائرة الجنائية المؤقتة بمحكمة العدل العليا أن "الأدلة التي تثبت بشكل مؤكد ولا شك فيه صلة الشخص المبرَّ أ بواقعة إطلاق النار ضعيفة، بسبب قصور التحقيق الأولي"، وتعتبر بالتالي لائحة الاتهام التي قدمها مكتب المدعي العام " ذات طابع شكلي بحت"، وتخلص بالتالي إلى أنه "يوجد نقص في أدلة الإثبات يخدم مصلحة المتهم، بالنظر إلى عدم وجود أدلة كافية تثبت، بما لا يدع مجالاً للشك المعقول، أنه هو مرتكب جريمة القتل العمد المقترن بظروف التشديد" ( ) .

2 - 15 ويدعي صاحبا البلاغ أنه اعترت التحقيقات مجموعة من أوجه التقصير أثَّرت بشكل واضح في نتيجة الإجراءات (الفقرات من 2 - 18 إلى 2 - 20 )، رغم ثبوت أن الهالكيْن كانا يُوليان ظهريْهما لأفراد الشرطة عندما أُطلق عليهما الرصاص (الفقرة 2 - 16 من هذه الوثيقة )، ورغم نقص تدريب أفراد الشرطة - الذي أكده مكتب أمين المظالم - والذي أدى إلى استخدام الغاز المسيل للدموع بلا داع، مما زاد حدة انفلات الوضع (الفقرة 2 - 1 7).

2 - 16 وبالفعل، خلص التحقيق إلى أن الرصاصات أُطلقت من مسافة تناهز خمسة وعشرين متراً، عندما كان السيدان غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو يُوليان ظهريهما لمصدرها ( ) . ويرى صاحبا البلاغ أنه لم يكن ثمة مبرر لاستخدام القوة المميتة ضد أشخاص هاربين كانوا لا يشكلون بالتالي خطراً على حياة أفراد الشرطة أو سلامتهم البدنية.

2 - 17 كما يدعي صاحبا البلاغ أن أفراد الشرطة لم يكونوا مجهَّزين ولا مدرَّبين بالقدر الكافي للتعامل مع الحشود، وأنه لم يُقيَّم بشكل صحيح الأثر الذي قد يخلفه على الحشد الأمرُ بتوقيف أحد المتظاهرين من دون أسباب قوية، وأن استخدام الغاز المسيل للدموع، رغم أن الاحتجاجات كانت سلمية، زاد حدة انفلات الوضع، مما تسبب في جريمتي قتل. وأكد مكتب أمين المظالم كذلك نقص تدريب أفراد الشرطة في تقريره رقم 156 ، الذي يشير فيه إلى أنه "لاحظ مجموعة من مشاكل التنسيق بين مختلف المديريات المكلفة بالعمليات خلال عمليات استعادة النظام العام"، وأنه "تسنى لمكتب أمين المظالم، من خلال استعراض المناهج الدراسية المعتمدة في مدارس الشرطة الوطنية للضباط وضباط الصف، التحقق من أن تناول المسائل المتصلة بالنزاعات الاجتماعية والعنف واستخدام القوة يتم بصورة عرضية . وتنضاف إلى ذلك النواقص اللوجستية التي تعاني منها مدارس الشرطة [.. .] فيما يتعلق بالتدريب التطبيقي لشرط ة المستقبل. وتتفاقم نقاط الضعف لاحقاً، خلال ممارسة وظيفة الشرطة، بسبب عدم وجود خطة لامركزية للتدريب، وكذلك بسبب التناوب المتكرر لأفراد وحدات مكافحة الشغب" ( ) .

2 - 18 ويدعي صاحبا البلاغ أنه، رغم كل الأدلة المتاحة على مسؤولية قوات الشرطة، أثَّرت مجموعة من أوجه التقصير التي شابت التحقيقات في نتيجة الإجراءات القضائية. وفي هذا الصدد، ورغم أن المدعي العام أمر رئيس دائرة الشرطة الإقليمية بأن يُسلم جميع ُ أفراد الشرطة الذين شاركوا في العملية أسلحتهم لمكتب التحقيقات الجنائية، فقد سلَّم الشرطي كارلوس ألبيرتو رودريغيث هواماني سلاحه إلى مستودع أسلحة الشرطة وليس إلى مكتب التحقيقات الجنائية، ولم يخضع للتحقيق بسبب عدم الامتثال لهذا الأمر . وفي وقت لاحق، أظهرت نتيجة فحص السلاح " أنه لا توجد عليه أي آثار تدل على أنه استُخدم في إطلاق النار" ( ) ،  وهذا غير معقول لأن الشرطي نفسه أفاد بأنه أطلق رصاصتين. والتفسير الممكن لنتيجة هذا الفحص هو أن السلاح نُظف قبل وصوله إلى مكتب التحقيقات الجنائية، على نحو ما لاحظته لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية (الفقرة 2 - 7). وبالإضافة إلى ذلك، يجب على أي شرطي أن يُعد، في حالة استخدام سلاحه، تقريراً يطلب فيه سحب السلاح من الخدمة واستبداله، وهو ما لم يفعله كذلك الشرطي المعني. كما لم يُعد الخراطيش، ولم تطلب إليه السلطات تقديم التقرير المتعلق باستخدام الذخيرة، وهو ما كان من شأنه أن يساعد في تحديد نوع الذخيرة التي استخدمها أثناء العملية والتحقق من مدى مطابقتها للإصابات التي كانت على جمجمتي الضحيتين.

2 - 19 ويدعي صاحبا البلاغ أيضاً أن تقرير الخبرة الباليستية التقني الذي أعده خبراء من معهد الطب الشرعي، وهو مؤسسة حكومية، بشأن أربع كريات من الرصاص استُخرجت خلال عملية التشريح الأولى لجثتيْ الضحيتيْن (ثلاث كريات من جمجمة السيد غارثيا ميندوثا وكرية واحدة من جمجمة السيد باريونا كامبوسانو )، اتسم بالتناقض، حيث أشار، من جهة، إلى أن كريات الرصاص التي عُثر عليها متوافقة مع البندقية التي استخدمها الشرطي المعني، ويُحتمل بالتالي أنها أُطلقت من هذه البندقية، وأشار في الوقت ذاته، إلى أن الكريات قد تكون متوافقة مع سلاح ناري تقليدي، مما يفسح بالتالي المجال لافتراض أن من تسبب في الوفاتيْن ليس هو الشرطي المعني بل شخص مدني. وبالفعل، وعلى نحو ما تشير إليه لجنة التحقيق في تقريرها النهائي، بدأت السلطات تسوق الحجة المتمثلة في أن من تسبب في الوفاتيْن هو شخص مدني كان يحمل سلاحاً تقليدياً؛ وسيراً على نفس المنوال، أكد مدير دائرة التحقيقات الجنائية أمام الكونغرس أن القذائف، أي كريات الرصاص، لم تُطلق من أسلحة تستخدمها الشرطة الوطنية. غير أن تقريريْن - هما تقرير لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية وتقرير خبرة طلب أقارب الضحيتين إلى الفريق البيروفي للأنثربولوجيا الجنائية إنجازه - يشككان في فرضية استخدام سلاح تقليدي. وفي هذا الصدد، أشار تقرير الخبرة الذي أعده الفريق البيروفي للأنثربولوجيا الجنائية إلى أن كريات الرصاص المستخرجة حسبما زُعم من الجثتين لا يمكن أن تكون قد تسببت في الثقوب الم و جودة على جمجمتي الضحيتين، لأن قياساتها وأشكالها لا تتطابق من أي زاوية مع الإصابات الكبيرة القطر الموجودة على جمجمتيْ الضحيتين (بيضاوية الشكل في إحدى الحالتين ودائرية الشكل في الأخرى) ( ) . وبالتالي، يحتمل صاحبا البلاغ أن كريات الرصاص المعنية وُضعت في الجمجمتين لتغيير الأدلة. كما يلاحظ الفريق البيروفي للأنثربولوجيا الجنائية أنه، بالإضافة إلى أن الإصابات الثلاث التي خلَّفها الرصاص في رأس السيد غارثيا ميندوثا والإصابة التي خلفها في رأس السيد باريونا كامبوسانو ، وهي الإصابات التي لوحظت خلال عملية التشريح الأولى، توجد أيضاً إصابة أخرى على جثة السيد باريونا كامبوسانو ناجمة عن رصاصة اخترقت رقبته وخرجت من فكه ( ) .

2 - 20 ويدعي صاحبا البلاغ كذلك أن التحقيقات لم تكن شاملة، لأنها لم تتناول سلوك قادة الشرطة الذين صمموا العملية ولا سلوك من نفَّذوها. ويرى صاحبا البلاغ أن عدم التحقيق مع كبار أفراد الشرطة، الذين لم يراقبوا بفعالية تصرفات مرؤوسيهم، شكَّل تقصيراً آخر في التحقيقات، بالنظر، على وجه التحديد، إلى أن لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية رأت في تقريرها أن تصرف كبار أفراد الشرطة يعتبر تقصيراً متعمداً، ويمكن بالتالي إدانتهم لتواطئهم في جريمة القتل بفعل التقصير ( ) . ورغم أن هذا التقرير قُدم في 15 كانون الثاني/يناير 2009 ، أي قبل أربع سنوات وتسعة أشهر من صدور حكم البراءة، فلم تشمل التحقيقات قط قادة الشرطة.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحبا البلاغ وقوع انتهاك للمادة 6 ( 1) من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 )، ويُذكران بأنه، في حين تنص المادة 3 من مدونة قواعد السلوك للموظفين المكلفين ب إ نفاذ القوانين على عدم جواز استخدام القوة إلا "في حالة الضرورة القصوى"، وتنص المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، التي است ن سختها بيرو في دليل حقوق الإنسان المطبَّق في أداء وظيفة الشرطة ( ) ، على مراعاة مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب، لم يراع أفراد الشرطة في هذه القضية مبدأيْ الضرورة والتناسب في استخدام القوة، مما جعل تصرفهم غير قانوني. ويدعي صاحبا البلاغ أن كلتا الوفاتيْن نجمتا عن إجراء تعسفي بالمعنى المقصود في التعليق العام رقم 36 ( 201 9).

3 - 2 وعلاوة على ذلك، وبالنظر إلى أن مرتكب جريمتيْ القتل لا يزال في حالة إفلات تام من العقاب، يدعي صاحبا البلاغ أنه وقع في هذه القضية أيضاً انتهاك للمادة 6 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3) من العهد. وفي هذا الصدد، يُذكر صاحبا البلاغ بأنه جرت تبرئة المتهم الوحيد بعد تحقيقٍ اتسم بالتقصير ، ولم يخضع للتحقيق أي من قادة الشرطة، رغم أن التعليق العام رقم 36 ( 201 9) يعتبر التحقيق مع المسؤولين عن الوفيات ومقاضاتهم عنصريْن مهميْن من عناصر واجب حماية الحق في الحياة.

3 - 3 وأخيراً، يدعي صاحبا البلاغ وقوع انتهاك للحق في التجمع السلمي الذي تحميه المادة 21 من العهد، ويذكران بأنه، وفقاً للمبادئ التوجيهية لمراقبة المظاهرات والاحتجاجات الاجتماعية ( ) ، "ينبع الحق في الاحتجاج من ثلاث ضمانات أساسية مجت م عة، هي: الحق في حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات". ويدعي صاحبا البلاغ أن إجراءات الشرطة في مواجهة المتظاهرين كانت غير متناسبة وغير ضرورية. ولم تكن ثمة أسباب لتقييد المظاهرة أو قمعها، ولا مظاهر لجريمة إثارة الشغب تستدعي توقيف أحد المتظاهرين، وكان الغرض من استخدام الغاز المسيل للدموع هو تفريق الاحتجاج الذي كان سلمياً.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 في 15 نيسان/أبريل 2021 ، ادعت الدولة الطرف أنه يجب إعلان عدم مقبولية البلاغ لعدم استنفاد صاحبيه سبل الانتصاف المحلية. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحبي البلاغ لم يُباشرا إجراءات دعوى الحماية القضائية الدستورية إزاء الحكم الصادر في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2013 ، الذي برَّأ الشرطي المتهم، ولا إزاء الحكم الصادر في 7 حزيران/ يونيه 2016 ، الذي أيد حكم المحكمة الابتدائية.

4 - 2 كما تدعي الدولة الطرف أن المادة 6 من العهد لم تُنتهك، بالنظر إلى عدم ثبوت مسؤولية المتهم. وتوضح الدولة الطرف أن الشرطي، الذي اعترف بإطلاق الرصاص، تصرف في إطار ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه. كما تدعي الدولة الطرف أن طلقات كريات الرصاص لا تُصيب سوى الأنسجة اللينة، ولا تكسر العظام، وليست قاتلة.

4 - 3 وتختم الدولة الطرف بأنه أُجري تحقيق ملائم، ولكنه لم يخلص إلى وجود أي دليل مناسب وكافٍ يثبت المسؤولية الجنائية للمتهم على وجه اليقين من الناحية الموضوعية. وبالنظر إلى وجوب استناد أي حكم إدانة إلى أدلة كافية تثبت بوضوح وبلا شك مسؤولية المتهم، فقد وجبت تبرئته لعدم وجود هذه الأدلة. وتوضح الدولة الطرف أنه كان من اللازم مراعاة حق المتهم في قرينة البراءة، وهو مبدأ يكرسه العهد نفسه، بالنظر إلى وجود شك حال دون استنتاج أنه المسؤول عن الوقائع موضوع الإجراءات الجنائية.

تعليقات صاحبيْ البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 16 آب/أغسطس 2021 ، أشار صاحبا البلاغ إلى أنهما غير ملزَمين بتقديم دعوى الحماية القضائية الدستورية لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية . وفي هذا الصدد، سبق للمحكمة الدستورية في بيرو أن أشارت إلى أن طلب الحماية القضائية الدستورية ليس إجراء قضائياً إضافياً لمراجعة الإجراءات العادية، إذ لا يتيح إمكانية إعادة النظر في جميع القرارات المتخذة في إطار الإجراءات العادية ( ) . وعلاوة على ذلك، فقد ارتُكبت بالفعل انتهاكات الحق في الحياة وفي التجمع السلمي، ويشير قانون الإجراءات الدستورية إلى أنه لا يجوز قبول دعوى الحماية القضائية الدستورية عندما يتوقف ، لدى تقديمها، انتهاك حق دستوري أو التهديد بانتهاكه أو يستحيل جبر الضرر الناجم عنه. ويذكر صاحبا البلاغ أيضاً بأنه، وفقا ً لاجتهادات اللجنة نفسها، لا يلزم استنفاد سوى سبل الانتصاف التي قد تتكلل بالنجاح ( ) .

5 - 2 ويُذكر صاحبا البلاغ أيضاً بأن مكتب المدعي العام لم يستأنف حكم البراءة الصادر عن المحكمة الابتدائية. وإزاء تقاعس هذا المكتب، استأنف المحامون الخاصون هذا الحكم. وبالتالي، سعى صاحبا البلاغ إلى جعل الدولة الطرف تصحح إجراءات المحكمة الابتدائية، ولكن محكمة الاستئناف أيدت حكم البراءة، وإن بيَّنت في حيثيات حكمها أن المدعي العام التابع للمحكمة الابتدائية لم يُجر تحقيقاً دقيقاً بل شكلياً فقط. وفي هذا الصدد، أشارت محكمة الاستئناف في حكمها إلى أن "التحقيق الأولي اتسم بالقصور"، وهو ما جعل الأدلة "التي تثبت بشكل مؤكد ولا شك فيه صلة الشخص المبرَّأ بواقعة إطلاق النار ضعيفة؛ وتعتبر بالتالي لائحة الاتهام التي قدمها مكتب المدعي العام في هذا الصدد ذات طابع شكلي بحت". وبالنظر، على وجه التحديد، إلى "عدم وجود أدلة كافية تثبت، بما لا يدع مجالاً للشك المعقول، أن المتهم هو مرتكب جريمة القتل العمد المقترن بظروف التشديد"، فإنه "يوجد نقص في أدلة الإثبات يخدم مصلحته". ويوضح صاحبا البلاغ أن ل ِ ما سبق ذكره صلة بالنظر في الأسس الموضوعية (الفقرة 2 - 1 4).

5 - 3 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 6 من العهد، يُذكر صاحبا البلاغ بأن الحجة التي ساقتها الدولة الطرف في ملاحظاتها والتي مفادها أن الشرطي المعني تصرف في إطار ممارسة حقه المشروع في الدفاع عن النفس، لم ترد في الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف، التي أشارت، خلافاً لذلك، إلى أن "رد فعل الشرطة كان مفرطاً لعدم وجود عوامل خارجية كافية لإثارته"، وأكدت أن "الملابسات تبين بالأحرى أن سلوك أفراد الشرطة مستهجن، حيث أطلقوا النار من مسافة قريبة، وهو ما ضاعف عدة مرات قوة فتك ال طلقات " (الفقرة 2 - 1 4).

5 - 4 كما يوضح صاحبا البلاغ أن واجب حماية الأرواح يتمثل، وفقاً للتعليق العام رقم 36 ( 2019 )، في التحقيق مع المسؤولين عن الحرمان غير المشروع من الحياة ومقاضاتهم ومعاقبتهم، وفي جبر الضرر اللاحق بأُسر الضحايا، وكذلك في تحليل المسؤولية القانونية لكبار الموظفين الذين صمموا العملية وقادوها.

5 - 5 وأخيراً، يوضح صاحبا البلاغ أنهما لا يعترضان على نتيجة الحُكمين اللذين برَّ آ المتهم الرئيسي، بل على تقصير الدولة الطرف الخطير في إجراء تحقيق دقيق يمكِّن من المعاقبة على انتهاك الحق في الحياة.

ملاحظات إضافية مقدَّمة من الدولة الطرف

6 - 1 في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2021 ، كررت الدولة الطرف موقفها بشأن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وشددت على أن دعوى الحماية القضائية الدستورية تشكل ضمانة دستورية للطعن في فعل أو تقصير أي سلطة أو موظف أو شخص ينتهك الحقوق الأساسية أو يهدد بانتهاكها. وفي هذا الصدد، تنص المادة 4 من قانون الإجراءات الدستورية على أنه "تُقدَّم دعوى الحماية القضائية الدستورية للطعن في القرارات القضائية النافذة التي تنطوي على انتهاك واضح للحق في الحماية القانونية الفعالة". وباختصار، يشمل الاختصاص الموضوعي للنظر في دعوى الحماية القضائية الدستورية ضد القرارات القضائية كل الحقوق الأساسية التي يعترف بها الدستور بشكل صريح أو ضمني. وبالتالي، فقد كان بالإمكان، لو قُدمت دعوى الحماية القضائية الدستورية، التحقق من مدى احترام ضمانات دنيا، مثل الحق في اللجوء إلى القضاء بلا عوائق، وفي الدفاع، وتقديم الأدلة، وتعليل القرارات، والحصول على حكم قائم على أسس قانونية، والتقاضي على درجات متعددة، ومنح أجل معقول لمباشرة الإجراءات، والمحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، في جملة حقوق أساسية أخرى، وتُعتبر بالتالي الإجراءات القضائية المنفذة من دون مراعاة هذه الضمانات إجراءات غير قانونية يجب على المحكمة الدستورية تصحيحها.

6 - 2 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، تطلب الدولة الطرف أيضاً إلى اللجنة أن تؤكد اجتهاداتها التي مفادها أنه، فيما يتعلق بالادعاءات التي يقدمها أصحاب البلاغات بشأن المخالفات الإجرائية المرتكبة خلال مرحلتي التحقيق والمحاكمة، "تقع عموماً على محاكم الدول الأطراف مسؤولية تقييم الوقائع والأدلة في كل قضية على حدة، وتفسير التشريعات المحلية، ما لم يثبت أن هذا التقييم اتسم بالتعسف الواضح أو شكل إنكاراً للعدالة أو أن المحكمة أخلت بواجبها في التصرف بشكل مستقل ونزيه"، وأنه، في حالة تعذر استنتاج أنه جرى خلال الإجراءات القضائية تقييم الأدلة بطريقة تتسم بالتعسف أو تشكل إنكاراً للعدالة، يجب على اللجنة أن تعلن أن البلاغ لم يُدعم بما يكفي من الأدلة وليس بالتالي مقبولاً بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ) .

6 - 3 أما بخصوص الأسس الموضوعية، فتكرر الدولة الطرف أنها لم تنتهك الحق في الحياة، لأن محاكمها أعلنت عدم مسؤولية المتهم من خلال إجراء قضائي روعيت فيه ضمانات المحاكمة وفق الأصول القانونية ومبدأ افتراض البراءة. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أنها تحترم حق مواطنيها في السلامة الشخصية وفي الحياة، وأنشأت لهذا الغرض آليات للحماية على الصعيد المحلي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ لعدم استنفاد صاحبيْه سبل الانتصاف المحلية، بموجب المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، إذ لم يُقدِّما دعوى الحماية القضائية الدستورية للطعن في الحكم الابتدائي أو في الحكم الذي أيَّده، اللذيْن برأ كلاهما المتهم.

7 - 4 كما تحيط اللجنة علماً بحجة صاحبي البلاغ التي مفادها أنهما غير ملزَمين بتقديم دعوى الحماية القضائية الدستورية لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأن المحكمة الدستورية في بيرو سبق أن أشارت إلى أن دعوى الحماية القضائية الدستورية ليست إجراء قضائياً إضافياً لمراجعة الإجراءات العادية، ولأن قانون الإجراءات الدستورية يشير إلى أنه لا يجوز قبول دعوى الحماية القضائية الدستورية عندما يتوقف ، لدى تقديمها، انتهاك حق دستوري أو التهديد بانتهاكه أو يستحيل جبر الضرر الناجم عنه، وهذا هو الحال في هذه القضية. ويُذكر صاحبا البلاغ أيضاً بأنه، وفقاً لاجتهادات اللجنة نفسها، لا يلزم استنفاد سوى سبل الانتصاف التي قد تتكلل بالنجاح.

7 - 5 وتُذكّر اللجنة بأن الغرض من شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية هو منح الدولة الطرف نفسها فرصة الوفاء بواجبها المتمثل في حماية الحقوق المنصوص عليها في العهد وكفالتها ( ) . وتُذكر اللجنة أيضاً بأنه، وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، ليس أصحاب البلاغات ملزَمين باللجوء إلا إلى سبل الانتصاف التي تتيح لهم إمكانية معقولة لجبر الضرر ( ) ، والتي تتعلق بالانتهاك المزعوم، والتي تكفل جبر الضرر على نحو يتناسب وحجمه. وإذ تدرك اللجنة، على نحو ما أشارت إليه محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، أن "إجراءات طلب المثول أمام القضاء ودعوى الحماية القضائية الدستورية من الضمانات القضائية التي لا غنى عنها لحماية مختلف الحقوق [.. .] وتتوخى أيضاً صون الشرعية في مجتمع ديمقراطي" ( ) ، فهي تلاحظ أيضاً، في هذه القضية، أن الدولة الطرف لم تقدم رداً كافياً على حجة صاحبي البلاغ المحددة التي مفادها أنه لا يجوز، على النحو المنصوص عليه في تشريعات الدولة الطرف، قبول دعوى الحماية القضائية الدستورية عندما يستحيل جبر الضرر الناجم عن الانتهاك المرتكب، كما هو الشأن في هذا البلاغ، لأن وفاة السيديْن غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو مسألة لا رجعة فيها. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن شكوى صاحبي البلاغ تتعلق بالاعتراف بانتهاك حق قريبيْهما في الحياة؛ ولم يطلب صاحبا البلاغ إلى المحاكم الوطنية - ولا إلى اللجنة - اتخاذ أي تدبير لجبر الضرر الناجم عن انتهاك حقوقهما. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن المادة 1 من قانون الإجراءات الدستورية البيروفي تنص على أن الغرض من دعوى الحماية القضائية الدستورية هو حماية الحقوق الدستورية بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل انتهاك حق دستوري أو التهديد بانتهاكه ( ) . وتلاحظ اللجنة أن إجراءات دعوى الحماية القضائية الدستورية في الدولة الطرف تهدف إِذَن بالأساس إلى رد الحقوق المنتهكة، وتتوخى بالتالي وقف الأفعال الضارة وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل وقوع الانتهاك، وأنه يجوز، في حالة استحالة رد الحقوق لانعدام إمكانية جبر الضرر الناجم عن الانتهاك (كما هو الشأن بالنسبة لانتهاك الحق في الحياة، على سبيل المثال )، أن تطلب المحكمة في أحكامها بشأن دعوى الحماية القضائية الدستورية، في حالة تحديد المسؤول عن الانتهاك، فتح تحقيق والحكم بتعويض عن الضرر الناجم ( ) . بيد أن اللجنة تلاحظ في هذه القضية أنه لم يعُد بالإمكان جبر الضرر الناجم عن الانتهاك المزعوم للحق في الحياة، وأنه ما كان لحكمٍ بشأن دعوى الحماية القضائية الدستورية أن يساعد في تحديد المسؤول عن الانتهاك بالنظر، على وجه التحديد، إلى أن "التقصير في التحقيق الأولي" أدى إلى "عدم كفاية الأدلة" (الفقرتان 2 - 14 و 5 - 2). وتلاحظ اللجنة كذلك أن تقديم دعوى الحماية القضائية الدستورية للطعن في القرارات القضائية التي برَّأت الشرطي المتهم (على نحو ما تقترحه الدولة الطرف) إجراء ما كان ليعالج، على أية حال، المسؤولية المؤسسية الأوسع نطاقاً التي أشار إليها تقرير لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية في عام 2009 ، حينما أوصت هذه اللجنة الدولةَ الطرف بأن "توسع نطاق التحقيقات ليشمل مسألة التواطؤ بسبب التقصير في جريمة القتل التي تورط فيها كبار أفراد الشرطة"، وبأن تباشر "إجراءات لإعادة تصنيف المخالفات الموجبة لإجراءات تأديبية التي ارتكبها مختلف أفراد الشرطة [.. .]، وتصنيف الأفعال تبعاً لحجمها الحقيقي، مع مراعاة أنها ليست مخالفات بسيطة، لأنها أدت إلى وفاة أربعة أشخاص" (الفقرتان 2 - 9 و 2 - 1 2). وفي ضوء كل ما تقدم، ترى اللجنة أنه ما كانت دعوى الحماية القضائية الدستورية لتشكل سبيل انتصاف فعالاً في ظ ل الملابسات المحددة لهذه القضية، وتخلص بالتالي إلى أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

7 - 6 وبالنظر إلى أن البلاغ استوفى جميع شروط المقبولية، وأن صاحبيْ ه دعما شكاواهما المدرجة في إطار المادة 6 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 )، والمادة 21 من العهد، بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، فإن اللجنة تعلن م قبول ية البلاغ وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لمقتضيات المادة 5 ( 1) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 و تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبيْ البلاغ أن وقائع هذه القضية تشكل انتهاكاً للمادة 6 ( 1) من العهد، إذ لا يجوز استخدام القوة إلا في إطار التقيد بمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب، وهو ما لم يحصل في هذه القضية، مما حوَّل كلتا الوفاتيْن إلى حالتيْ إعدام تعسفي. وتحيط اللجنة علماً بإشارة صاحبيْ البلاغ إلى أنه سُمع دوي انفجاريْن مباشرة قبل أن يسقط السيدان غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو على الأرض ويتوفيا جراء إصابتهما بقذائف أسلحة نارية مُصوَّبة نحوهما من الخلف، وفقما خلص إليه تقرير معهد الطب الشرعي (الفقرة 2 - 16 )، وأن الضحيتين كانا يوليان ظهريهما لأفراد الشرطة ولا يشكلان بالتالي خطراً عليهم؛ وأن الشرطي المتهم اعترف بأنه أطلق صو ْ ب المكان الذي وقع فيه الضحيتان الرصاصتين الوحيدتين اللتين سُمع دويُّهما أثناء المظاهرة؛ وأن المفتشية العامة للشرطة الوطنية خلصت إلى أن ثمانيةً من أفراد الشرطة يتحملون مسؤولية إدارية تستوجب عقوبة تأديبية، ومنهم الشرطي المتهم، لأنه كذب في البداية، حيث أفاد بأنه لم يطلق النار من سلاحه، ثم أفاد لاحقاً بأنه فعل ذلك بالفعل؛ وأن تقرير الخبرة الباليستية التقني أثبت أن القذائف التي تسببت في الوفاتيْن مطابقة للبندقية التي استخدمها الشرطي المتهم؛ وأن الدائرة الجنائية المؤقتة بمحكمة العدل العليا أكدت كذلك أن رد فعل الشرطة كان "مفرطاً" ومستهجناً؛ وأن مكتب أمين المظالم اعترف بأن أفراد الشرطة لم يكونوا مدرَّبين بالقدر الكافي للتعامل مع الحشود؛ وأن لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية خلصت أيضاً إلى أن وزارة الداخلية ومدير الشرطة يتحملان مسؤولية مؤسسية لأنهما لم يمارسا رقابة فعالة على أفراد الشرطة.

8 - 3 كما تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبيْ البلاغ وقوع انتهاك للمادة 6 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3) من العهد، لأن جريمتيْ القتل بقي تا بلا عقاب، إذ جرت، رغم كل الأدلة المشار إليها سابقاً، تبرئة المتهم الوحيد بعد تحقيق اتسم بالتقصير ولم يُفض إلى ال معاقبة ع لى انتهاك الحق في الحياة. ووفقاً لصاحبي البلاغ، لم يُسلِّم المتهم سلاحه في البداية لمكتب التحقيقات الجنائية، على نحو ما أمر به مكتب المدعي العام، بل سلَّمه بعدما نُظف بالفعل، ولم يخضع للتحقيق بسبب عدم الامتثال لهذا الأمر. وجعل ذلك التقرير الباليستي يخلص إلى أنه لم تكن على ذلك السلاح آثار تدل على أنه استُخدم، رغم أن المتهم نفسه أكَّد عكس ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، لم يُعد المتهم تقريراً يطلب فيه سحب سلاحه من الخدمة واستبداله، بعدما استخدمه، رغم أن ذلك هو البروتوكول الواجب اتباعه؛ كما لم يُعد الخراطيش المتبقية، ولم يُ طلب إليه تقديم التقرير المتعلق باستخدام الذخيرة، وهو ما كان من شأنه أن يساعد في تحديد نوع الذخيرة التي استخدمها أثناء العملية والتحقق من مدى مطابقتها للإصابات التي كانت على جمجمتي الضحيتين. وعلاوة على ذلك، يدعي صاحبا البلاغ أيضاً أن التحقيقات لم تكن شاملة لأنها لم ت حلل المسؤولية القانونية لكبار قادة الشرطة، رغم أن لجنة التحقيق المتعددة الأحزاب التابعة لكونغرس الجمهورية أوصت النيابة العامة بتوسيع نطاق التحقيقات ليشمل مسألة تواطؤ كبار قادة الشرطة بسبب التقصير. وباختصار، وعلى نحو ما اعترفت به الدائرة الجنائية المؤقتة بمحكمة العدل العليا، كان التحقيق معيبا ً ، مما أدى إلى إفلات المسؤول ع ن الوفاتين من العقاب.

8 - 4 كما تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أنه لم تتبيَّن، في سياق تحقيق ملائم، المسؤولية الجنائية للمتهم، الذي تصرف في إطار ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه. وتوضح الدولة الطرف أن حكم الإدانة يجب أن يستند إلى أدلة كافية تثبت بوضوح وبلا شك مسؤولية المتهم، ووجبت بالتالي تبرئة المتهم في هذه القضية لعدم وجود هذه الأدلة، ومراعاة حقه في قرينة البراءة.

8 - 5 وتُذكر اللجنة بتعليقها العام رقم 36 ( 2019 )، الذي تشير فيه إلى أن استخدام القوة التي قد تكون فتاكة لأغراض حفظ النظام العام تدبير استثنائي لا يجوز اللجوء إليه إلا في حالات الضرورة القصوى لحماية الأرواح أو لمنع وقوع ضرر جسيم قد ينجم عن خطر وشيك (الفقرة 1 2). وفي هذا الصدد، لا يجوز استخدام القوة إلا في الحدود الدنيا الضرورية عندما تكون الوسائل الأقل خطورة غير مجدية، وبالتالي، لا ينبغي أبداً استخدام الأسلحة النارية فقط لتفريق تجمعٍ ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يراعي أي استخدام للقوة المبادئ الأساسية المتمثلة في الشرعية والضرورة والتناسب والاحتياط وعدم التمييز والمسؤولية، ولا يجوز أبداً إطلاق النار عشوائياً على حشد من الناس ( ) . وبالتالي، لا يجوز توجيه طلقات الأسلحة النارية إلا صوب الأشخاص الذين يشكلون خطراً وشيكاً على الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أو الأشخاص الموجودين قد يؤدي إلى موتهم أو تعرضهم لأضرار جسيمة.

8 - 6 وبالإضافة إلى ذلك، يُتوقع من الدول الأطراف أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لمنع ما قد ينجم من حالات الحرمان التعسفي من الحياة عن سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، بما في ذلك إجراءات لضمان التخطيط المناسب لعمليات قوات حفظ النظام. وينبغي أن تُبين الخطة بالتفصيل التعليمات الموجهة إلى جميع الموظفين المعنيين والوحدات المعنية وعتادهم ومواقع نشرهم ( ) . وبصفة خاصة، لا ينبغي، لأغراض مراقبة التجمعات، نشر سوى موظفي حفظ النظام المدربين في مجال معايير حقوق الإنسان ذات الصلة ( ) . ووفقاً لما أُشير إليه في الفقرات 2 - 7 ، و 2 - 8 ، و 2 - 10 أعلاه، لا يبدو أنه جرى تنفيذ ما سلف ذِكره. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تتوافق جميع عمليات موظفي حفظ الأمن مع أحكام مدونة قواعد السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، و مع المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، ويجب أن يتلقى هؤلاء الموظفون تدريباً مناسباً حتى تترسخ لديهم هذه المعايير، بغية ضمان مراعاة الحق في الحياة على أكمل وجه في جميع الظروف ( ) .

8 - 7 وعلاوة على ذلك، تُذكر اللجنة بأنه، إذ يشكل حرمان سلطات الدولة الأشخاصَ من الحياة أمراً بالغ الخطورة، يقتضي واجب حماية الحق في الحياة أيضاً من الدول الأطراف أن تحقق في الحالات المحتملة من الحرمان التعسفي من الحياة، وأن تقاضي المسؤولين عنها وتعاقبهم وتوفر كامل سبل جبر الضرر للضحايا ( ) . وتُذكر اللجنة بأن الدول الأطراف ملزمة بالتحقيق على نحو فعال ونزيه وملائم في أي شكوى أو شبهة معقولة بشأن استخدام موظفي حفظ النظام القوة بشكل غير مشروع أو ارتكابهم أي انتهاكات أخرى في سياق التجمعات، وبأن الفعل المتعمد أو التقصير بسبب الإهمال قد يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان ( ) . وينبغي أن تجري التحقيقات والملاحقات القضائية المتعلقة بما قد يقع من حالات الحرمان التعسفي من الحياة وفقاً للمعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك بروتوكول مينيسوتا المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة التي يُحتمل أن تكون غير مشروعة، ويجب أن تهدف إلى ضمان تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة ( ) . وعلى وجه الخصوص، يجب أن تستكشف التحقيقات المسؤولية القانونية لكبار الموظفين عما يرتكبه مرؤوسوهم من انتهاكات للحق في الحياة ( ) ، وأن تجرى كلما أُطلقت الذخيرة الحية على المتظاهرين ( ) .

8 - 8 وتلاحظ اللجنة أن السيدين غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو توفيا في مظاهرة جراء إصابتهما برصاصات في الرأس، اخترقت رقب تيهما وخرجت من فك َّيْهما ؛ وأن المدعي العام قدَّم شكوى جنائية ضد شرطي بدعوى ارتكابه جريمة القتل العمد المقترن بظروف التشديد، وطلب الحكم عليه بالحبس مدة 30 سنة؛ ولكنه بُرئ لعدم كفاية الأدلة، ويُعزى ذلك بالأساس إلى تحقيق ٍ اتسم بالتقصير، على نحو ما اعترفت به السلطات القضائية نفسها في الدولة الطرف.

8 - 9 وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن التحقيقات التي أُجريت لم تكن على ما يبدو شاملة وفعالة لتحديد المسؤولين عن وفاة السيدين غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو ، وتخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تبين بالفعل وقوع انتهاك للمادة 6 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3) من العهد.

8 - 10 أما وقد خلصت اللجنة إلى هذا الاستنتاج، وفي ضوء العناصر الواردة في الفقرات من 8 - 5 إلى 8 - 8 من هذه الآراء، فهي ترى أن الوقائع التي نظرت فيها تكشف أن استخدام القوة لم يستوف مقتضيات الضرورة والتناسب، ويشكل بالتالي انتهاكا ً لحق السيدين غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو في التجمع السلمي، المنصوص عليها في المادة 21 من العهد.

9 - وإذ تتصرف اللجنة وفقاً للمادة 5 ( 4) من البروتوكول الاختياري، فهي ترى أن المعلومات المعروضة عليها تبين بالفعل أن الدولة الطرف انتهكت المادة 6 ( 1 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 )، وكذلك المادة 21 من العهد.

10 - ووفقاً للمادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال. ويقتضي منها ذلك منح تعويض كامل لمن انتُهِكت حقوقهم. وفي هذا الصدد، يجب على الدولة الطرف، في جملة أمور، (أ) أن تجري تحقيق اً فعال اً وشامل اً في الوقائع التي تسببت في وفاة السيدين غارثيا ميندوثا وباريونا كامبوسانو ، وتعاقب جنائياً وإدارياً جميع الأشخاص المسؤولين، إن ثبتت مسؤوليتهم؛ و(ب) أن تمنح صاحبي ْ البلاغ تعويضاً مناسباً عن الضرر الذي لحق بهما. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها القضائية بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ قانوناً متى ثبت وقوع انتهاك، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ هذه الآراء. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعمّمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.