الأمم المتحدة

CCPR/C/134/D/2921/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

22 September 2022

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2921/2016 * **

بيان مقدم من: نعيمة مزهود (يمثلها المحامي سيفين غيز غيز)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ: 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 22 كانون الأول/ديسمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 14 آذار/مارس 2022

الموضوع: حظر ارتداء الحجاب في مكان التدريب

المسائل الإجرائية: المقبولية من حيث الاختصاص الموضوعي

المسائل الموضوعية: حرية الفرد في المجاهرة بدينه؛ والتمييز على أساس الدين والهوية الجنسانية

مواد العهد: 18 و26

مواد البروتوكول الاختياري: 2

1- صاحبة البلاغ هي نعيمة مزهود، وهي مواطنة فرنسية ولدت في عام 197 7. وترى أنها ضحية انتهاك الدولة الطرف لحقوقها بموجب المادتين 18 و26 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 17 أيار/مايو 198 4. ويمثل صاحبة البلاغ المحامي سيفين غيز غيز .

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 صاحبة البلاغ مسلمة ترتدي حجاباً يغطي شعرها، بسبب معتقداتها الدينية. وفي إطار تدريبها المهني، التحقت بمؤسسة "غريتا تيرسيير 94" (Greta Tertiaire 94) وهي مجموعة مؤسسات عامة مسؤولة عن التدريب المستمر للبالغين - من أجل مواصلة التعليم للحصول على شهادة التأهيل المهني المتقدم في المساعدة الإدارية لمؤسسات الأعمال والصناعات الصغيرة والمتوسطة. وأعربت صاحبة البلاغ، التي تحمل بالفعل عدة درجات علمية، عن أملها في أن يسمح لها هذا التدريب في مؤسسة "غريتا" بالحصول على وظيفة مجدية.

2-2 وفي 14 أيار/مايو 2010، دعيت صاحبة البلاغ إلى مقر مؤسسة "غريتا تيرسيير 94" لإجراء مقابلة شخصية بعد استلام ملفها. وتؤكد صاحبة البلاغ أنها ذهبت إلى المقابلة وهي ترتدي حجابها. وبعد نجاحها في المقابلة واختبار القبول، تلقت رسالة بريدية مؤرخة 30 آب/أغسطس 2010، تدعوها إلى الالتحاق بمؤسسة "غريتا" من أجل تلقي تدريبها كمساعدة إدارية. وفي 6 أيلول/سبتمبر 2010، حضرت إلى المدرسة الثانوية "سانت إكسوبيري"، في كريتيل، حيث كان من المقرر تلقي التدريب. ومع ذلك، لم تتمكن من الدخول إلى المؤسسة لأنها تلقت من مدير المدرسة رفضاً شفهياً لدخولها، بسبب حظر ارتداء رموز الانتماء الديني في مؤسسة تعليمية عامة. وقد أكد رئيس مؤسسة "غريتا" هذا الرفض الشفوي خطياً في 18 أيلول/سبتمبر 2010، وجعل دخول المؤسسة مشروطاً بخلع صاحبة البلاغ لحجابها.

2-3 وفي 20 أيلول/سبتمبر 2010، كررت صاحبة البلاغ طلبها المشاركة في التدريب وقدمت استئنافاً أولياً إلى السلطة العليا في مؤسسة "غريتا"، وهي الرئاسة التي مقرها في كريتيل. وفي رسالة مؤرخة 25 كانون الثاني/يناير 2011، أكدت الرئاسة قرار مدير المؤسسة.

2-4 وقدمت صاحبة البلاغ شكوى أمام محكمة ميلون الإدارية مدعية في طلبها تعرضها للتمييز على أساس الدين بالمعنى المقصود في القانون الجنائي والمادتين 9 و14 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ). وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، رفضت المحكمة الإدارية طلب صاحبة البلاغ، مشيرة إلى أن المادة L141-5-1 من قانون التعليم، بصيغتها المعدلة بموجب القانون رقم 2004-228 المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 الذي ينظم، تطبيقاً لمبدأ العلمانية، ارتداء رموز أو ملابس تظهر الانتماء الديني في المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية (القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 )، والذي يحظر على التلاميذ في مراكز التعليم العام ارتداء رموز تظهر على نحو لافت انتماءهم الديني، لا تنطبق على صاحبة البلاغ. ورأت المحكمة الإدارية أنه لم يثبت وجود خطر الإخلال بالنظام العام في هذه القضية؛ غير أنها رأت أنه نظراً لأن التدريب في مؤسسة "غريتا" يقدم بدوام كامل في مباني المؤسسة ولأن تصميم المبنى يعني بالضرورة أن المتدربين المشاركين في الدورة التدريبية وتلاميذ المدرسة الثانوية (الذين ينطبق عليهم حظر ارتداء رموز بارزة) يخالط بعضهم بعضاً، فإن حسن سير عمل المؤسسة المعنية يبرر التقييد المفروض على صاحبة البلاغ، وكانت الإدارة ستتخذ نفس القرارات على هذا الأساس وحده. وخلصت المحكمة إلى أنه لم يثبت أي تدخل مفرط في حرية التعبير لصاحبة البلاغ وحريتها في إظهار معتقداتها الدينية، مراعاة لهدف المصلحة العامة.

2-5 واستأنفت صاحبة البلاغ هذا القرار أمام محكمة الاستئناف الإدارية في باريس. وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2015، رفضت المحكمة استئناف صاحبة البلاغ، معتبرة أن متدربي مؤسسة "غريتا" مضطرون إلى الالتقاء بتلاميذ المدرسة الثانوية الذين يخضعون، عملاً بقانون التعليم، لحظر ارتداء رموز تظهر على نحو بارز انتماءهم الديني، وأن وجودهم المتزامن مع متدربة من مؤسسة "غريتا" ترتدي هذا الرمز كان سيخل بالنظام في تلك المؤسسة في ظل ظروف هذه القضية، وأن هذا السبب وحده كاف لتبرير القرار. وخلصت محكمة الاستئناف أيضاً إلى أن القرار، نظراً لاستناده إلى أسس سليمة، لا ينطوي على تدخل مفرط في حرية صاحبة البلاغ في إظهار معتقداتها الدينية في ضوء المصلحة العامة المرعية ولا يشكل أي تمييز. وأخيراً، لجأت صاحبة البلاغ إلى مجلس الدولة الذي لم يقبل الاستئناف في قرار مؤرخ 2 أيار/مايو 201 6.

2-6 وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها لم تعرض هذه المسألة على إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية الأخرى.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ حدوث انتهاك لحقها في تلقي التعليم بموجب المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأنها حرمت من الحصول على تدريبها المهني بسبب عقيدتها الإسلامية.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أن حرمانها من الحصول على التدريب بسبب ارتداء الحجاب يشكل انتهاكاً لحقها في إظهار دينها بحرية وفقاً للمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وترى أن هذا الرفض يشكل قيداً لا تسمح به أحكام الفقرة 3 من المادة 18 من العهد، وتذكر بأن اللجنة خلصت في حالة مماثلة جداً إلى أن الاستبعاد من مؤسسة تعليمية بسبب ارتداء رمز ديني لم يكن ضرورياً ولا متناسباً مع الأهداف المتوخاة وشكل انتهاكاً للمادة 18 من العهد ( ) . فأولاً، تدفع صاحبة البلاغ بأن الحظر المفروض على الحجاب، الذي ترتديه لأسباب دينية، لا يمكن اعتباره "منصوصاً عليه في القانون". فلا يوجد أي حكم قانوني يحظر ارتداء الرموز الدينية من قبل طلاب مؤسسة "غريتا". ورغم أن هناك قانوناً تقييدياً بالفعل، وهو قانون 15 آذار/مارس 2004، فإنه يهدف إلى حظر التلاميذ في المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية، من ارتداء رموز دينية تظهر بصورة لافتة انتماءهم الديني. ولا يستهدف هذا القانون الجماهير الأخرى، مثل طلاب مؤسسة "غريتا"، البالغين بحكم تعريفهم. وبالإضافة إلى ذلك، يستبعد التعميم المنفذ للقانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 تطبيقه على آباء التلاميذ و"المرشحين الذين يأتون لإجراء اختبارات أو امتحانات تنافسية في مقرات مؤسسة تعليمية عمومية والذين لا يصبحون لهذا السبب وحده تلاميذ للتعليم العام" ( ) .

3-3 وقد أدّت القيود المفروضة على صاحبة البلاغ إلى تدخل غير متناسب في حريتها في إظهار معتقداتها الدينية عند حضورها إلى مقر مؤسسة "غريتا" بسبب ادِّعاء الإخلال بالنظام العام، لا سيما وأن تحليلاً وقائعياً للحالة يبين أن هذا الخطر ضئيل، أي من المحتمل أن يلتقي عدد قليل جداً من متدربي مؤسسة "غريتا" مع طلاب المدارس الثانوية في مباني المدرسة التي يتشاركونها نظراً لاختلاف جداولهم الزمنية وتجمعاتهم المكانية، كما أن هناك نسبة ضئيلة جداً من متدربات مؤسسة "غريتا" يرتدين الحجاب. ولذلك، فإن خطر الإخلال بالنظام العام من الناحية العددية ضئيل للغاية، إن وجد أصلاً.

3-4 وعلاوة على ذلك، فإن هذا التقييد ليس ضرورياً في مجتمع ديمقراطي، لأن الدولة الطرف لم تثبت أن ارتداء الحجاب يمثل إخلالاً حقيقياً بالنظام العام. وترى صاحبة البلاغ أن المحاكم المحلية استندت إلى خيال قانوني عندما اعتبرت أن وجودها بجانب مجموعة أفراد خاضعين لتدبير حظر قانوني، من شأنه أن يحدث نوعاً من الاضطراب. وهذا المنطق يحكم مسبقاً على ردود الفعل السلبية المحتملة من المرتادين الآخرين للمدرسة الثانوية. غير أن صاحبة البلاغ تؤكد أن هناك حالات أخرى أدَّت إلى تعايش مماثل دون أن تسبب أي إخلال بالنظام العام. فأولاً، يمكن تشبيه قضيتها بحالة الآباء المرافقين لأبنائهم في الرحلات المدرسية، والذين اعترفت لهم المحاكم بالحق في التعبير عن قناعتهم الدينية، على سبيل المثال من خلال ارتداء الحجاب ( ) . وثانياً، هناك مؤسسات أخرى تابعة ل‍  "غريتا" يوجد فيها هذا التعايش دون أن يسبب أي إخلال بالنظام العام، فقد قدمت صاحبة البلاغ شهادات عن حسن سير عمل مؤسسات "غريتا" الأخرى على الرغم من وجود نساء يرتدين الحجاب الإسلامي في المدارس الثانوية. وتجادل صاحبة البلاغ أيضاً بأن مدير المدرسة الإعدادية هوليريث، في رسالة رسمية مؤرخة 3 حزيران/يونيه 2014، يشير إلى أنه "بعد التشاور مع الوحدة القانونية التابعة لسلطات التعليم المحلية وبالنظر إلى النصوص المذكورة في الإجراءات الموجزة، يتضح أن هؤلاء المتدربات يحق لهن تماماً ارتداء الحجاب الإسلامي" ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تشير صاحبة البلاغ إلى قرار صادر عن مجلس الدولة في 26 أيلول/سبتمبر 2016 ( ) ألغى المجلس بموجبه القرار الصادر عن عمدة بلدية ساحلية بحظر الوصول إلى الشاطئ برموز دينية (وهو ما يعرف عموماً باسم أوامر حظر البوركيني ). وقد اعتبر مجلس الدولة أن القيود التي فرضها العمدة على الحريات لا تبرِّرها مخاطر ثبت أنها تخل بالنظام العام، وأن وقوع عراك بين أسرة يرتدي اثنان من أفرادها البوركيني ، وبين مرتادين آخرين للشاطئ لا يكشف عن وجود خطر مثبت بحدوث إخلال بالنظام العام من شأنه أن يبرر الحظر. وترى صاحبة البلاغ أن خطر الإخلال بالنظام العام المتذرع به في قضيتها أيضاً، ليس حقيقياً في الواقع.

3-5 وتجادل صاحبة البلاغ أيضاً بأن أحكام المادة 26 من العهد انتُهكت في حقها لأنها لم تستفِد من الحماية من التمييز كما يحق لها وأنها عوملت معاملة تمييزية. وترى أن رفض السماح لها بالحصول على تدريب يستند إلى أساس يتعلق بدينها ومعتقداتها الدينية؛ وأشارت، في هذا الصدد، إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) واللجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) اعترفتا بارتداء الحجاب بوصفه عمل اً يستمد مبرره أو مصدر استلهامه من قناعة دينية.

3-6 وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى أن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لها، وبتعويضها عن الأضرار التي لحقت بها، وباتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، وبنشر آراء اللجنة على الملأ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4- أشارت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 22 شباط/فبراير 2017، إلى أنها لا ترغب في الاعتراض على مقبولية البلاغ. ومع ذلك، تودّ الدولة الطرف أن تشير إلى أن صاحبة البلاغ تدّعي حدوث انتهاك للمادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن النظر في الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات المزعومة للعهد يقع خارج نطاق اختصاص اللجنة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 قدمت الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 22 حزيران/يونيه 2017، ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ.

5-2 وتعرض الدولة الطرف القانون الساري الذي يكفل حرية الدين وعدم التمييز بالإشارة إلى المادة 10 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن المؤرخ 26 آب/أغسطس 1789، وإلى المادتين 1 و2 من دستور 4 تشرين الأول/أكتوبر 195 8.

5-3 وتوضح الدولة الطرف أن مسألة التوفيق بين ممارسة حرية الدين والمتطلبات الناشئة عن حياد الخدمة العامة في ميدان التعليم أصبحت مطروحة على نحو متزايد، وأن حياد الخدمة العامة مطلب حتمي ذو قيمة دستورية ( ) .

5-4 وفيما يتعلق بحرية التلاميذ في إظهار دينهم، أصدر مجلس الدولة رأياً في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 وقراراً في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1992 ( ) ، ذكر فيهما أن مبدأ العلمانية يقتضي أن "يقدَّم التعليم مع احترام المناهج الدراسية والمعلمين لمبدأ الحياد هذا، من جهة، ومع احترام حرية الوجدان للطلاب، من جهة أخرى". وبذلك، يعترف مجلس الدولة بحرية الطلاب في ارتداء الرموز الدينية، لكنها مع ذلك ليست حرية مطلقة. وبالتالي، فإن ممارسة هذه الحرية يجب ألا تمس "بأنشطة التعليم، ومحتوى المناهج الدراسية، والالتزام بالحضور"، ولذلك يمكن تقييدها، عندما يكون من شأنها أن تقوض الشروط المتأصلة في أداء الخدمة العامة، كما هو الحال، وفقاً لمجلس الدولة، في أربعة أنواع من الحالات المفترضة التالية:

(أ) عندما تشكل المجاهرة بالدين عملاً من أعمال الضغط أو الاستفزاز أو التبشير أو الدعاية؛

(ب) عندما تسفر هذه المجاهرة عن انتهاك كرامة الطالب أو أي عضو في الأسرة التعليمية أو  تعدديتهما أو حريتهما، أو تؤدي إلى المساس بصحتهما وسلامتهما؛

(ج) عندما يكون من المحتمل أن تؤدي المجاهرة إلى تعطيل سير الأنشطة التعليمية أو الدور التعليمي للمعلمين؛

(د) عندما يكون من المحتمل أن تؤدي المجاهرة إلى الإخلال بالنظام في مؤسسات الخدمة العامة أو بالأداء الطبيعي لهذه الخدمة.

5-5 ويوفر القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004، المعدل لقانون التعليم، إطاراً ينظم ارتداء الرموز أو الأزياء الدينية في المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية، تطبيقاً لمبدأ العلمانية. ويشير العرض الإيضاحي لذلك القانون إلى ما يلي:

يجب الحفاظ على المدارس من أجل ضمان تكافؤ الفرص، والمساواة في اكتساب القيم والمعارف، والمساواة بين البنات والبنين، والتعليم المختلط في جميع أشكال التعليم، بما في ذلك التربية البدنية والرياضة. وهذا لا يعني تغيير حدود العلمانية، أو تحويل المدرسة إلى مكان للتنميط وإغفال الهوية، مما قد يتجاهل الحقيقة الدينية. بل يتعلق الأمر بالسماح للمعلمين ومديري المدارس بممارسة مهمتهم بهدوء مع التأكيد على قاعدة واضحة كانت منذ زمن بعيد جزءاً من عاداتنا وممارساتنا. وإذا كان تلاميذ المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية، أحراراً بطبيعة الحال في ممارسة عقيدتهم، فلا بد أن يكون ذلك في إطار احترام علمانية مدارس الجمهورية. فالحياد الذي تتصف به المدرسة هو الذي يضمن احترام حرية الوجدان لدى الطلاب، واحترام جميع القناعات على قدم المساواة.

ولذلك، تنص المادة L141-5-1 من قانون التعليم على أنه "يحظر في المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ارتداء رموز أو ملابس يظهر بها الطلاب انتماءهم الديني على نحو لافت للنظر. ويذكر النظام الداخلي بأن تنفيذ إجراء تأديبي يسبقه حوار مع الطالب" ويشمل تعبير "يظهر على نحو لافت الانتماء الديني" رموزاً مثل القلنسوة أو الصليب الكبير أو الحجاب. بيد أن الدولة الطرف تشير إلى أن هذا القانون ينطبق على تلاميذ المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية. في حين تظل قرارات مجلس الدولة هي الإطار القانوني المنطبق في هذا المجال في الخدمات التعليمية الأخرى، مثل الجامعات() .

5-6 وتشير الدولة الطرف إلى أن موضوع هذه القضية ليس حرية اعتناق دين، وإنما حرية إظهار الدين، وهي ليست حرية مطلقة، بل يجوز فرض قيود عليها وفقاً للفقرة 3 من المادة 18 من العهد ( ) . وأوضحت اللجنة، في تعليقها العام رقم 22(1993 )، أحكام الفقرة 3 من المادة 18 من العهد المتعلقة بالقيود التي يجوز للدولة أن تفرضها على حرية المرء في إظهار دينه. وفي الفقرة 8، تذكر اللجنة بأن هذه القيود تخضع لشروط صارمة: مشروعيتها (بالمعنى الواسع للكلمة )، وضرورتها، وتناسبها مع الأهداف المنشودة (السلامة العامة، والنظام والصحة العامة، والآداب أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين ). وتنص على أن هذه القيود لا تنطبق إلا على الأغراض التي وضعت من أجلها، وأنه يجب أن تكون ذات صلة مباشرة بالهدف المحدد الذي تستند إليه وأن تكون متناسبة معه، وأنه لا يجوز فرض قيود لأغراض تمييزية أو بطريقة تمييزية. وتلاحظ الدولة الطرف أن هذه العناصر الثلاثة نفسها استخدمت أساساً لنظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في احتمال حدوث انتهاك في إطار الفقرة 2 من المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

5-7 ولا تعترض الدولة الطرف على أن ارتداء صاحبة البلاغ الحجاب يندرج في نطاق حريتها في إظهار دينها، وأن حرمانها من الوصول إلى أماكن تدريبها المستمر على أساس ارتدائها الحجاب يشكل تقييداً لهذه الحرية. بيد أنها تؤكد أن القيد المعني يتفق مع المادة 18 من العهد، لأنه منصوص عليه في القانون، ويسعى إلى تحقيق هدف مشروع ومتناسب في ضوء الهدف المشروع المتوخى.

5-8 وتدفع الدولة الطرف بأن القانون ينص على هذا القيد. كما أنها لا تنكر أن المادة L141-5-1 من قانون التعليم، مثل ما تؤكد صاحبة البلاغ، لا تنطبق على قضيتها. غير أن الدولة الطرف تؤكد أنه كان هناك بالفعل أساس قانوني محدد ودقيق بما فيه الكفاية للرفض الذي قوبلت به صاحبة البلاغ. ولهذا الغرض، حكمت المحكمة الإدارية في ميلون ومحكمة الاستئناف الإدارية في باريس في هذه القضية، ورفضتا تطبيق القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004، لكنهما ذكَّرتا بالمبادئ المنطبقة التي حددها مجلس الدولة في عام 1989 في رأيه ثم في قراره المؤرخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 199 2. وقد أعاد مجلس الدولة وجميع المحاكم الإدارية() التأكيد باستمرار على هذه المبادئ المنطبقة. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن اللجنة، لدى تقييمها للشرط المتعلق بإمكانية التنبؤ بالقانون في قضية روس ضد كندا() ، وعلى الرغم من عدم وجود تفاصيل دقيقة في الأحكام المطبقة في الإجراءات، رأت أن المحكمة العليا نظرت في جميع جوانب القضية وخلصت إلى وجود أساس كاف في القانون المحلي لدعم أحكام الأمر الذي أعادت إقراره. وأخذت اللجنة في اعتبارها أيضاً أنه قد استُمع إلى صاحبة البلاغ طوال الإجراءات وأنه قد توافرت لديها الوسائل اللازمة للطعن في القرارات الصادرة ضدها، وهو ما استفادت منه بالفعل. وأخيراً، اعتبرت أنه ليس لها أن تعيد تقييم استنتاجات المحكمة العليا بشأن هذه النقطة، وخلُصت إلى أن القيد المفروض منصوص عليه في القانون. ويتضح صراحة من الرفض الذي وجهه مدير مؤسسة "غريتا"، ثم رئيس أكاديمية "كريتيل"، إلى صاحبة البلاغ، أن القرارات الصادرة في هذه القضية لم تستند إلى المادة L141-5-1 من قانون التعليم، كما لاحظت المحكمة الإدارية ثم محكمة الاستئناف الإدارية. وتمكنت صاحبة البلاغ أيضاً من تقديم ملاحظاتها بفعالية طوال الإجراءات الإدارية ثم القضائية. وبناء على ذلك، ترى الدولة الطرف أنه لا يمكن الطعن في أن التقييد المفروض على صاحبة البلاغ منصوص عليه في القانون.

5-9 وتدفع الدولة الطرف بأن تقييد حرية صاحبة البلاغ في إظهار دينها يسعى إلى تحقيق الأهداف المشروعة المتمثلة في حماية حقوق الآخرين وحرياتهم وحماية النظام بالمعنى المقصود في الفقرة 3 من المادة 18 من العهد. وفي هذا الصدد، جاء في ردّ وزير التربية الوطنية على سؤال برلماني أن "تأطير ارتداء المتدربين المستفيدين من تدريب مستمر داخل مؤسسات تعليمية للرموز الدينية الظاهرة على نحو لافت يمكن أن تبرره اعتبارات المصلحة العامة المتصلة بضرورة ضمان حسن سير هذه المؤسسات"، نظراً إلى أن "تعايش مستفيدين من التدريب الأساسي والتدريب المستمر خاضعين لقواعد مختلفة لا يمكن أن يؤدي إلا إلى خطر الإخلال بالنظام العام" ( ) . وأشار تقرير لجنة التفكير في تطبيق مبدأ العلمانية في الجمهورية، الذي سبق اعتماد القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004، إلى أن مسألة التعبير عن حرية الدين تطرح بطريقة خاصة جداً في البيئة المدرسية، حيث "يجب على التلاميذ الذين يعتنى بهم لفترة طويلة أن يتعلموا ويعيشوا معاً، في وضع لا يزالون فيه عرضة للهشاشة، وخاضعين لتأثيرات وضغوط خارجية" ( ) . وقد أتيحت للجنة بالفعل فرصة اعتبار أن القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 يخدم أهداف حماية حقوق الآخرين وحرياتهم والنظام العام والأمن العام ( ) . وحتى إذا كان هذا القانون غير منطبق في هذه القضية، فإن الدولة الطرف ترى أنه لا يوجد سبب موضوعي لإقصاء هذا التحليل، لأن التقييد المفروض على صاحبة البلاغ في هذه القضية يتوخى تحقيق نفس الأهداف. والواقع أن الدورة التدريبية المعنية تجري من الساعة 30/8 إلى الساعة 30/17 من الاثنين إلى الجمعة، في مبنى مدرسة ثانوية عامة، حيث تكون صاحبة البلاغ على احتكاك بتلاميذ المدرسة الثانوية، الذين يخضعون لقيود القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004؛ ولذلك، فمن الضروري التوفيق بين الحرية التي تتمتع بها صاحبة البلاغ في إظهار دينها وبين متطلبات الحفاظ على النظام وحسن سير المؤسسة العامة المعنية.

5-10 وتدفع الدولة الطرف بأن هذا التقييد يتناسب أيضاً مع الأهداف المتوخاة. وتذكر بأن صاحبة البلاغ تؤكد أن تدابير الرفض المطعون فيها في الحالات الأخيرة التي حظرت فيها الأوامر البلدية ارتداء ملابس معينة تظهر بصورة لافتة ديانة الشخص في شواطئ السواحل الفرنسية لا علاقة لها بهذه القضية، التي ترتبط بحرية الدين وبمتطلبات الحفاظ على النظام وحسن سير عمل مؤسسة عامة. وعلاوة على ذلك، تود الدولة الطرف أن تشير إلى أن المبدأ المنطبق خارج المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية، هو تعبير عن إظهار المعتقدات بحرية، ولا سيما المعتقدات الدينية. والواقع أن اللجنة قد أحاطت علماً بالفعل بهذه العناصر في آرائها في قضية سينغ ضد فرنسا ، حيث لاحظت أن الدولة الطرف لا ترى أن العلمانية في حد ذاتها تقتضي من المستفيد من الخدمات العامة تجنب ارتداء رموز أو ملابس دينية ظاهرة للعيان في المباني العامة عموماً أو في المؤسسات التعليمية بوجه خاص ( ) . وترى الدولة الطرف أن التقييد في هذه القضية يبرره السياق المحدد جداً للتدريب الذي أرادت صاحبة البلاغ أن تتلقاه. ويجري هذا التدريب في أوقات وفي مبانٍ يُضطر فيها تلاميذ المدارس الثانوية إلى الاحتكاك بطلاب التدريب، وتتاح لطلاب المدارس الثانوية وكذلك للمستفيدين من التدريب إمكانية الذهاب إلى جميع الأماكن المتاح لهم الوصول إليها، مثل المناطق المشتركة وأماكن العبور. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن ماهية القواعد المنطبقة المفروضة على جميع مستخدمي نفس المؤسسة وحدها كفيلة بأن تضمن الحفاظ على النظام العام وحسن سير الخدمة. ولذلك يبدو من المبرر تماماً أن يأخذ النظام الداخلي لمؤسسة "غريتا" في الاعتبار هذا الظرف وأن يحظر على المتدربين ارتداء رموز الانتماء الديني خلال تلقي التدريب. وبطبيعة الحال، يقتصر هذا الحظر على الحالات التي يخالط فيها المتدربون فعلاً التلاميذ، أي الحالات التي تتطابق فيها ساعات عمل مؤسسة "غريتا" مع ساعات عمل المدرسة الثانوية، كما أشار وزير التعليم في رده على سؤال برلماني بشأن هذا الموضوع ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة في قضية سينغ ضد فرنسا اعترفت بأن الحظر المعني لا يتعلق إلا بالرموز والملابس التي تظهر بصورة لافتة للنظر انتماءً دينياً، وأنه لا ينطبق على الرموز الدينية السرية، وأن مجلس الدولة يتخذ قرارات بشأن هذه المسألة على أساس كل حالة على حدة ( ) . وعلاوة على ذلك، تذكر الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعتبرت أن حظر ارتداء الرموز التي تظهر ديانة الشخص بصورة لافتة يسعى إلى "تحقيق الأهداف المشروعة المتمثلة في حماية حقوق الآخرين وحرياتهم والنظام العام" وأن "التدخل المطعون فيه له ما يبرره من حيث المبدأ ويتناسب مع الهدف المنشود" ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تأخذ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في الاعتبار وجود "فترة حوار" سبقت عقوبة إقصاء المعني بالأمر من المؤسسة المدرسية، لاعتبار العقوبة غير متناسبة ( ) . وتلاحظ أيضاً أن المعني بالأمر "كان يمكنه مواصلة الدراسة في مؤسسة للتعلم عن بعد أو في مؤسسة خاصة" ( ) . وتلاحظ الدولة الطرف أنه، في هذه القضية، أقيم حوار بين صاحبة البلاغ ومدير المدرسة الثانوية "سانت - إكزوبيري " ومدير مؤسسة "غريتا". وتمكنت صاحبة البلاغ أيضاً من تأكيد موقفها أمام رئيس الأكاديمية، من خلال ممارسة طعن إداري، قبل تقديم استئناف أمام القاضي الإداري. ولذلك فإن هناك عدة ضمانات تؤطر التدابير المطعون فيها التي خضعت لمراجعة قضائية فعالة أمام المحاكم الإدارية. وأخيراً، فإن العقوبة المفروضة على صاحبة البلاغ هي المتابعة الوحيدة الممكنة بعد حوار غير مثمر بين الأشخاص المعنيين، من أجل ضمان احترام حسن سير المؤسسة المدرسية. وعلاوة على ذلك، فقد كانت صاحبة البلاغ في تدريب مستمر، وغير أساسي، ولذلك فهي حرة في مواصلة تدريبها في مؤسسة أخرى أو عن طريق المراسلة، على سبيل المثال من خلال المركز الوطني للتعليم عن بعد، الذي يقدم التدريب المؤدي إلى شهادة التأهيل المهني المتقدم في مجال المساعدة الإدارية لمؤسسات الأعمال والصناعات الصغيرة والمتوسطة. وبناء عليه، ترى الدولة الطرف، في ظل الظروف الخاصة بهذه القضية، أن التقييد المفروض على حرية صاحبة البلاغ في إظهار دينها كانت ضرورية ومتناسبة مع الأهداف المتوخاة، ومن ثم فهي تفي تماماً بمتطلبات الفقرة 3 من المادة 18 من العهد.

5-11 وفيما يتعلق بالتظلم بموجب المادة 26 من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن القواعد المنصوص عليها في السوابق القضائية لمجلس الدولة لا تنشئ أي تمييز، لأنه لا يشار إلى دين معين، بل ولا إلى جنس معين. والواقع أن القواعد المحددة على هذا النحو تنطبق بنفس الطريقة، أي اً كان الدين المعني. وبناء على ذلك، لا يمكن لصاحبة البلاغ أن تدعي أن رفضها على أساس هذه القواعد سيكون تمييزياً. وصحيح أن من المحتمل أن يكون هناك اختلاف في المعاملة في هذه القضية بين الأشخاص الذين لا يرغبون في إظهار دينهم أو الذين يظهرونه بطريقة تتفق مع سير الخدمة الطبيعي ومع الحفاظ على نظام المؤسسة، وبين الأشخاص الذين يظهرونه بطريقة مخالفة لذلك. غير أن هذا الاختلاف يستند إلى معايير معقولة وموضوعية، وبالتالي لا يمكن اعتباره تمييزاً غير مباشر بالمعنى المقصود في المادة 26 من العهد. والواقع أن الإطار القانوني الساري لا يمنع بأي حال من الأحوال أي شخص من المجاهرة بانتمائه الديني. ومع ذلك، يجب تقييد هذه المجاهرة في الحالات التي تحددها السوابق القضائية لمجلس الدولة والمبينة أعلاه. وعليه، فإن عدم تمكن الأشخاص الذين يعتزمون تبني سلوكيات يبررونها بمعتقداتهم، سواء أكانت دينية أم لا، ولا يستطيعون تحقيق ذلك بسبب قيود يفرضها الإطار القانوني الذي حدده مجلس الدولة، لا يمكن اعتباره في حد ذاته تمييزياً، ما دام الحظر يستند إلى أساس معقول ويظل متناسباً مع الهدف المشروع المنشود، كما جرى إثباته للتو في هذه القضية.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 في رسالة مؤرخة 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية للبلاغ.

6-2 وتؤكد صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تثبت وجود إطار قانوني يبرر التقييد الذي فرض عليها، بالنظر إلى أن القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 لا ينطبق.

6-3 وترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف، في ملاحظاتها، لم تثبت أن تقييد حريتها في إظهار دينها كان ضرورياً ومتناسباً من أجل حماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين. وعلى وجه الخصوص، لم تبين الدولة الطرف بوضوح كيف يمكن أن يؤدي وجود صاحبة البلاغ داخل المدرسة الثانوية إلى انتهاك النظام وحسن سير الأداء الطبيعي للمؤسسة. بل على العكس من ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أي دليل يناقض الأدلة التي قدمتها صاحبة البلاغ، والتي تتضمن شهادات لمتدربات أخريات من مؤسسة "غريتا" قُبلن في المدارس الثانوية بحجابهن الإسلامي دون أن يثير وجودهن أي ردّ فعل خاص. وفي غياب أي دليل يثبت أن ارتداء الحجاب في المدارس الثانوية يمثل تهديداً، فإن انتهاك المادة 18 من العهد واضح تماماً.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في أي بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، طبقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تحقَّقت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تطعن في اختصاص اللجنة في تلقي الادعاءات المتعلقة بالحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتذكّر اللجنة بأن كل دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تصبح طرفاً في البروتوكول تعترف، وفقاً للمادة 1 من البروتوكول الاختياري باختصاص اللجنة في تلقي وفحص البلاغات المقدمة من الأفراد الخاضعين لولايتها القضائية الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك الدولة الطرف لأي حق من حقوقهم المنصوص عليها في العهد. وبناء عليه، ترى اللجنة أنها تفتقر إلى الاختصاص للنظر في الادعاء بموجب المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية بقية البلاغ. وتلاحظ كذلك أن صاحبة البلاغ قدمت استئنافاً إلى مجلس الدولة الذي رفضه في قرار مؤرخ 2 أيار/مايو 201 6. وبناءً عليه، ترى اللجنة أنه ليس هناك ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

7-5 وترى اللجنة كذلك أن صاحبة البلاغ، لأغراض المقبولية، قد أثبتت بما فيه الكفاية ادعاءاتها المتعلقة بحقها في حرية الدين، بما في ذلك حرية إظهار دينها، وحظر التمييز على أساس الدين والمعتقد الديني. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ من حيث إنه يثير مسائل في إطار المادتين 18 و26 من العهد وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن حرمانها من الحصول على التدريب بارتداء الحجاب يشكل انتهاكاً لحقها في حرية إظهار دينها بموجب المادة 18 من العهد، لأن هذا الرفض يشكل قيداً غير متناسب لا ينص عليه القانون ولا تقتضيه الضرورة في مجتمع ديمقراطي.

8-3 وتشير اللجنة إلى أن حرية المرء في إظهار دينه، كما جاء في الفقرة 4 من تعليقها العام رقم 22(199 3) بشأن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، المتعلق بالمادة 18 من العهد، تشمل ارتداء ملابس أو أغطية رأس معينة. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن ارتداء الحجاب الذي يغطي الشعر كلياً أو جزئياً هو ممارسة معهودة لدى عدد من النساء المسلمات اللواتي يعتبرن الحجاب جزءاً لا يتجزأ من المجاهرة بمعتقدهن الديني. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لا تعترض على أن ارتداء صاحبة البلاغ للحجاب يندرج في نطاق حريتها في إظهار دينها، وأن حرمانها من الحصول على التدريب بارتدائها الحجاب يشكل قيداً لهذه الحرية. ولذلك ترى اللجنة أن الحظر المفروض على صاحبة البلاغ يشكل قيداً على ممارسة حقها في حرية إظهار دينها.

8-4 وبناء على ذلك، يتعين على اللجنة أن تبت فيما إذا كان تقييد حرية صاحبة البلاغ في إظهار دينها أو معتقدها (الفقرة 1 من المادة 18 من العهد) يتسق مع المبادئ المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 18 من العهد، أي أن هذا التقييد يجب أن يكون منصوصاً عليه في القانون وضرورياً لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. وتذكر اللجنة بأن الفقرة 3 من المادة 18، كما جاء في الفقرة 8 من تعليقها العام رقم 22(1993 )، يجب أن تفسر تفسيراً دقيقاً: فلا يجوز فرض قيود على أسس غير الأسس المحددة فيها، حتى وإن كانت هذه الأسس تبرر فرض القيود على حقوق أخرى تخضع لحماية العهد، مثل الأمن القومي. ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها ويجب أن ترتبط ارتباطاً مباشراً بالهدف المحدد الذي يبرّرها وأن تكون متناسبة معه. ولا يجوز فرض القيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها على نحو تمييزي.

8-5 ولذلك فإن المسألة الأولى التي تواجهها اللجنة تتمثل في تحديد ما إذا كان التقييد الذي فُرض على صاحبة البلاغ منصوص عليه في القانون، وفقاً للفقرة 3 من المادة 18 من العهد. وهذا يطرح مبدأ الشرعية، الذي يرقى إلى مستوى الالتزام، المنصوص عليه في مواد أخرى من العهد، بأن تكون القيود "منصوصاً عليها في القانون" ( ) . ويجب أن يكون المعيار المعني متاحاً للجمهور، وأن يصاغ بدقة كافية لتمكين الأفراد من تكييف سلوكهم، كما يجب ألا يمنح المسؤولون عن تطبيقه سلطة مطلقة أو واسعة جداً ( ) .

8-6 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن القانون، وفقاً لصاحبة البلاغ، لم ينص على القيد الذي فرض عليها، لأن القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004، الذي يفرض مثل هذا القيد، لا ينطبق عليها، بل على تلاميذ المدارس العامة، الابتدائية والمتوسطة والثانوية. وتقر الدولة الطرف بأن القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 لا ينطبق على صاحبة البلاغ، ولكنها ترى أن هذا القيد منصوص عليه في القانون الوارد في رأي مجلس الدولة المؤرخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 وقراره المؤرخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، الذي ينص على أنه يجوز تقييد ممارسة المرء لحرية إظهار دينه حيثما يتعارض ذلك مع المتطلبات المتأصلة في أداء الخدمة العامة. وهذا هو الحال، وفقاً لمجلس الدولة، في أربعة أنواع من الحالات. وتلاحظ اللجنة أنه لا قرار محكمة ميلون الإدارية ولا قرار محكمة الاستئناف الإدارية في باريس يشيران إلى قرار مجلس الدولة، رغم أنهما يكرران جزئياً مضمونه. فقد رأت المحكمة الإدارية ومحكمة الاستئناف أن تقييد حرية ارتداء الرموز التي يعتزم المستخدمون من خلالها إظهار انتمائهم إلى دين ما ينبع من مبدأ العلمانية المنبثق عن المادة 10 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن والمادة الأولى من الدستور الفرنسي. وتلاحظ اللجنة أن القرارات الصادرة في القضية لا تحدد أي معايير أخرى قابلة للتطبيق مباشرة.

8-7 وتلاحظ اللجنة أن المادة 10 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن تنص على ما يلي: "لا يجوز إزعاج أحد بسبب آرائه، حتى الدينية منها، شريطة ألا يُخل إظهارها بالنظام العام الذي أرساه القانون." وتنص المادة الأولى من الدستور على أن: "فرنسا جمهورية علمانية وديمقراطية واجتماعية غير قابلة للتجزئة. وهي تكفل المساواة أمام القانون بين جميع المواطنين دون تمييز بسبب الأصل أو العرق أو الدين. كما تحترم جميع المعتقدات. وتنظيمها لا مركزي." وتلاحظ اللجنة أن القرارين القضائيين المذكورين أعلاه، تبعاً لنفس المنطق الذي استند إليه مجلس الدولة في قراره المؤرخ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992، يستنتجان من هذين الحكمين الحالات الافتراضية التي يجوز فيها تقييد حرية المرء في إظهار دينه، بالنظر إلى أن قضية صاحبة البلاغ تطابق إحدى هذه الحالات، وهي الحالة التي قد يؤدي فيها الإظهار إلى الإخلال بسير الأنشطة التعليمية. ومع ذلك، ترى اللجنة أن مضمون هاتين المادتين، اللتين تشكلان معياري تطبيق واسعين جداً، ليس دقيقاً بما فيه الكفاية لتمكين الفرد من تكييف سلوكه وفقاً للقاعدة أو تمكين الأشخاص المكلفين بتطبيقهما من تحديد أشكال إظهار الدين أو المعتقد التي تُفرض عليها قيود مشروعة، وماهية أشكال الإظهار التي تكون غير مبررة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة وفقاً للمعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ والتي لم تعترض عليها الدولة الطرف أن المعيار المستمد من هذين الحكمين قد اختلف تفسيره باختلاف الأشخاص المسؤولين عن تطبيق القانون، نظراً لوجود مراكز تعليمية أخرى مماثلة للمركز المعني في هذه القضية، حيث يمكن أن تكون الإدارة قد اعتبرت أن القانون المنطبق يمنح المتدربات في التعليم المستمر الحق في ارتداء الحجاب الإسلامي، كما يتضح من بلاغ مدير المدرسة المتوسطة "هوليريث" وشهادتي امرأتين قدمتهما صاحبة البلاغ.

8-8 وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أنه لا قرارات مجلس الدولة التي أشارت إليها الدولة الطرف، ولا أحكام الدستور وإعلان حقوق الإنسان والمواطن تتسم بالدقة الكافية لتمكين الفرد من تكييف سلوكه وفقاً للقاعدة أو تمكين الأشخاص المسؤولين عن تنفيذها من تحديد أشكال المجاهرة بالدين أو المعتقد التي تُفرض عليها قيود مشروعة، وماهية أشكال المجاهرة التي تكون غير مبررة. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن التقييد الذي خضعت له صاحبة البلاغ لم ينصَّ عليه القانون بالمعنى المقصود في الفقرة 3 من المادة 18 من العهد.

8-9 وفيما يتعلق بشرط اعتبار التقييد ضرورياً لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين، وفقاً للفقرة 3 من المادة 18 من العهد، تذكِّر اللجنة بأنه وفقاً للفقرة 8 من تعليقها العام رقم 22(1993 )، يجب أن تكون القيود مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالهدف المحدد الذي تستند إليه ومتناسبة معه. وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن التقييد المفروض على صاحبة البلاغ كان له هدف مشروع، ألا وهو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم وحماية النظام العام، لأن التقييد ضروري لحسن سير عمل المؤسسة التعليمية، مع مراعاة أن "تعايش مستفيدين من التدريب الأساسي والمستمر خاضعين لقواعد مختلفة في نفس المؤسسة لا يمكن أن يؤدي إلا إلى خطر الإخلال بالنظام العام" ( ) . ولذلك فإن المنطق هو اعتبار أن القانون المنطبق على التلاميذ يجب أن يطبق بالتالي على صاحبة البلاغ، من أجل تجنب حدوث اضطراب من شأنه أن يحول دون حسن سير عمل المؤسسة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ قدمت شهادات لم تعترض عليها الدولة الطرف، تفيد بأن متدربات أخريات تمكنَّ من تلقي التدريب وهن محجَّبات ومخالطاتٍ لطلاب مدارس ثانوية خاضعين للقيود التي يفرضها القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004، دون أن يؤدي ذلك إلى الإخلال بالنظام العام أو إعاقة حسن سير المؤسسة. وتذكر اللجنة أيضاً بأنها أعربت عن قلقها إزاء تأطير القانون المتعلق بارتداء الرموز الدينية التي توصف بأنها "بارزة" في المدارس العامة، وترى أن هذا القانون ينتهك حرية المرء في إظهار دينه أو معتقده وأنه يؤثر بشكل خاص على الأشخاص المنتمين إلى ديانات معينة وعلى الفتيات ( ) . وإذ اعتبرت اللجنة، من ناحية، أنه لم تقدم أي أمثلة على الإخلال بالنظام العام أو إعاقة حسن سير المؤسسة التعليمية، وأنها، من ناحية أخرى، سبق أن رأت في حالة واحدة على الأقل أن تطبيق القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004، الذي ينطبق في هذه القضية على التلاميذ الذين يجب أن تتعايش معهم صاحبة البلاغ، قد شكل انتهاكاً للمادة 18 من العهد ( ) ، ترى أنه لم يثبت أن التقييد كان ضرورياً لحماية النظام العام أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين.

8-10 وعليه، تخلص اللجنة إلى أن التقييد المفروض على صاحبة البلاغ بمنعها من المشاركة في تدريبها المستمر وهي ترتدي الحجاب يشكل قيداً على حريتها الدينية، مما يشكل انتهاكاً للمادة 18 من العهد.

8-11 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تشير أيضاً إلى حدوث انتهاك للمادة 26 من العهد، لأنها ترى أن حرمانها من الحصول على التدريب يستند إلى أساس يتصل بدينها ومعتقداتها الدينية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن هذا المعيار، وفقاً للدولة الطرف، لا يترتب عليه أي تمييز، لأنه لا يستهدف أي دين معين، بل ولا أي أحد من الجنسين في الواقع.

8-12 وتذكر اللجنة بتعليقها العام رقم 18(198 9) بشأن عدم التمييز، الذي تعرف الفقرة 7 منه التمييز على أنه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد أو تفضيل يقوم لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك، مما يستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف لجميع الأشخاص، على قدم المساواة، بجميع الحقوق والحريات أو التمتع بها أو ممارستها. وتذكر اللجنة بأن انتهاك المادة 26 من العهد قد ينجم عن قاعدة أو تدبير يبدو محايداً وخالياً من أي نية تمييزية، عندما يكون له أثر تمييزي ( ) . غير أن أي تفرقة بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك، على النحو المبين في العهد، لا تشكل تمييزاً ما دامت مستندة إلى معيار معقول وموضوعي وكانت لهدف مشروع.

8-13 ولذلك يجب على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت هذه التفرقة تشكل تمييزاً يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد. وتذكر اللجنة بأنها خلصت بالفعل، في حالة أخرى، إلى أن حظر ارتداء الرموز الدينية الظاهرة قد يشكل تمييزاً متعدد الجوانب على أساس الهوية الجنسانية والدين ( ) . وعلاوة على ذلك، تشير اللجنة إلى أنها سبق أن أعربت عن قلقها من أن آثار القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 على الشعور بالاستبعاد والتهميش لبعض الفئات قد تتعارض مع الأهداف المتوخاة ( ) . وتلاحظ اللجنة أن أثر التقييد المفروض على صاحبة البلاغ يتمثل في توسيع نطاق تطبيق القانون المؤرخ 15 آذار/ مارس 2004 ليشمل صاحبة البلاغ تفادياً لإيجاد حالة من عدم المساواة مع طلاب المدارس الثانوية. وتلاحظ اللجنة أيضاً، من الواضح، وفقاً لمنشور صادر عن وزارة التعليم الوطني، أن التمييز بين الرموز الدينية "اللافتة" أو "البارزة" وبين الرموز الدينية الأخرى ينطبق بشكل أكبر على النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن تطبيق القانون المؤرخ 15 آذار/مارس 2004 على صاحبة البلاغ بوصفها امرأة مسلمة تختار ارتداء الحجاب يشكل معاملة تفاضلية.

8-14 وبناء على ذلك، يجب على اللجنة أن تبت فيما إذا كانت المعاملة التفاضلية التي تعرضت لها صاحبة البلاغ مشروعة الهدف بموجب العهد وما إذا كانت تستوفي معياري المعقولية والموضوعية. وتحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف أنه يمكن أن يكون هناك اختلاف في المعاملة بين الأشخاص الذين لا يرغبون في إظهار دينهم أو الذين يظهرونه بطريقة تتفق مع سير الخدمة العادي والحفاظ على نظام المؤسسة، والأشخاص الذين يظهرونه بطريقة مخالفة لذلك ، غير أن هذا الاختلاف يستند إلى معايير معقولة وموضوعية، وبالتالي لا يمكن اعتباره تمييزاً غير مباشر بالمعنى المقصود في المادة 26 من العهد. بيد أن اللجنة تلاحظ أنه نتيجة لهذه المعاملة التفاضلية، منعت صاحبة البلاغ من تلقي التدريب المهني الذي قبلت فيه. وبعد أن سبق للجنة أن رأت أن هذا الحظر لم ينص عليه القانون ولم يكن له هدف مشروع بموجب العهد، تخلص إلى أن هذه المعاملة التفاضلية ليس لها هدف مشروع بموجب العهد ولا تفي بمعياري المعقولية والموضوعية. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن رفض مشاركة صاحبة البلاغ في تدريبها وهي ترتدي حجابها يشكل تمييزاً متعدد الجوانب على أساس الهوية الجنسانية والدين، مما يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد.

9- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادتين 18 و26 من العهد.

10- وعملاً بأحكام الفقرة (3)(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف الالتزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. ويقتضي ذلك منها جبر الضرر الذي لحق بالأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد جبراً كاملاً. وبناء على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتعويض صاحبة البلاغ تعويضاً كافياً واتخاذ التدابير المناسبة للترضية، بما في ذلك إعادة قبول صاحبة البلاغ في التدريب إذا رغبت في ذلك، والتعويض عن ضياع فرصة تلقي التدريب، وسداد أي تكاليف قانونية، وكذلك عن أي خسارة غير مالية تتكبدها صاحبة البلاغ نتيجة لوقائع القضية. كما أنّ الدولة الطرف ملزمة بالحؤول دون حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- ونظراً إلى أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، بأن للّجنة اختصاص البتّ فيما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، وبتوفير سبيل انتصاف فعّال وواجب النفاذ عند ثبوت حدوث انتهاك، فإن اللجنة تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ هذه الآراء. والدولة الطرف مدعوة كذلك إلى نشر آراء اللجنة.