الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/3125/2018

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

11 October 2022

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3125/2018 * **

بلاغ مقدم من : حسّان فرحاتي وفاطنة فرحاتي (تمثلهما المحامية نصيرة ديتور ، من تجمع عائلات المفقودين في الجزائر)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبا البلاغ ومصطفى فرحاتي (شقيق حسّان فرحاتي وابن فاطنة فرحاتي )

الدولة الطرف : الجزائر

تاريخ البلاغ : 19 تشرين الأول/أكتوبر 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملا ً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 16 شباط/فبراير 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 8 تموز/يوليه 2022

الموضوع : الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحرية الفرد والأمان على شخصه؛ والكرامة الإنسانية؛ والاعتراف بالشخصية القانونية

مواد العهد : 2 (الفقرتان 2 و 3) و 6 و 7 و 9 و 10 و 12 و 14 و 16

مواد البروتوكول الاختياري : 2 ، و 3 ، و 5 ( 2)

1 - صاحبا البلاغ، حسّان فرحاتي وأمّه فاطنة فرحاتي ، مواطنان جزائريان يدعيان أن مصطفى فرحاتي (شقيق حسّان فرحاتي وابن فاطنة فرحاتي )، وهو مواطن جزائري، مولود في 26 كانون الثاني/ يناير 1972 ، ضحية اختفاء قسري يُعزى إلى الدولة الطرف، وهو ما يشكل انتهاكاً للمواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 من العهد. ويؤكد صاحبا البلاغ أيضاً أنهما تعرّضا لانتهاك حقوقها المكفولة بموجب المواد 2 ( 2 )( 3) و 7 و 9 و 12 و 14 من العهد. ودخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 198 9. وتمثل صاحبيْ البلاغ المحامية نصيرة ديتور ، من تجمع عائلات المفقودين في الجزائر.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2 - 1 في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 ، أطلق أمنيون من مركز شرطة بلوزداد التابع لدائرة حسين داي بولاية الجزائر العاصمة، خلال اشتباك في حي سرفانتس في بلوزداد، النار على حسين فرحاتي - شقيق حسّان فرحاتي – فأردوه قتيلا ً . وفي اليوم نفسه، انتقل أفراد الأمن العسكري التابعون لمركز بن عكنون العسكري إلى منزل عائلة فرحاتي لاستجواب زوجة حسين التي شهدت إعدام زوجها. ولأن هذه الأخيرة لم تكن في البيت، ألقى عناصر الأمن القبض على مصطفى فرحاتي ، الشقيق الأصغر لحسين وحسّان فرحاتي . ولدى إطلاق سراحه، بعد احتجازه لمدة أربع وعشرين ساعة وتعرضه لسوء المعاملة، لجأ مصطفى، مذعورا ً ، إلى صديق له.

2 - 2 وفي نيسان/أبريل 1998 ، عاد أفراد الأمن العسكري للبحث عن مصطفى فرحاتي في منزل العائلة، لكنهم لم يعثروا عليه. وفي 28 أيار/مايو 1998 ، بينما كان مصطفى مع صديق له في شارع العناصر في بلدية القبة بالجزائر العاصمة، أطلق أفراد من فرقة الشرطة القضائية برفقة أفراد من إدارة الاستخبارات والأمن أعيرة نارية، هرول على إثرها المارة، وفرّ مصطفى فرحاتي راكضاً. إلا أن رصاصة منهم أصابته في ساقه، ليلقى القبض عليه ويقتاد إلى مكان مجهول. ومنذ ذلك اليوم، لم تسمع عنه العائلة خبرا ً قط.

2 - 3 ولم تبلغ أسرة فرحاتي قط باعتقال مصطفى، ولم تعرف بأمره إلا من خلال مقال نشر في صحيفة الخبر بتاريخ 1 حزيران/يونيه 1998 ، سردت فيه أحداث 28 أيار/مايو 1998 وذكر أن أجهزة الأمن ألقت القبض على مصطفى فرحاتي ( ) . وفي وقت لاحق، أبلغ أحد الجيران ممّن عاين واقعة الاشتباك في 28 أيار/مايو 1998 أسرة فرحاتي بأن أفرادا ً من إدارة الاستخبارات والأمن اعتقلوا مصطفى وأنه أصيب بجروح. وشهد شابان، كانا قد اعتقلا أيضا ً في اليوم نفسه، لعائلة مصطفى باعتقال الأخير.

2 - 4 وواصلت عائلة فرحاتي ، فيما بعد، عملية البحث عن مصطفى واصطدمت خلالها بمواقف متناقضة من السلطات التي اعتبرته تارة حيّا ً وتارة في عداد الموتى. فقد أرسل أمر بالحضور مؤرخ 23 تموز/يوليه 2001 إلى منزل أسرة مصطفى فرحاتي ، يشير إلى ضرورة تسليم نفسه إلى درك بلدية المرادية في الجزائر العاصمة. بيد أن اللجنة الاستشارية الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان أبلغت أسرة فرحاتي في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2002 بإصدار المدعي العام لدى محكمة حسين داي في 14 حزيران/ يونيه 1998 تصريح دفن (رقم 98 / 7 3) باسم مصطفى.

2 - 5 وبالإضافة إلى ذلك، وفي أعقاب إعدام حسين فرحاتي واختفاء مصطفى فرحاتي ، مارست إدارة الاستخبارات والأمن لعدة أشهر تضييقا ً على صاحبي البلاغ وزوجة حسين. واقترنت هذه المضايقات باعتقالات تعسفية وأعمال تعذيب. وكان أفراد إدارة الاستخبارات والأمن يبحثون عن زوجة حسين وعن معلومات حول هذا الأخير ومصطفى. وألقي القبض على صاحبي البلاغ ست مرات خلال الفترة ما بين عامي 1997 و 199 8. وتعرض حسّان فرحاتي ، على وجه الخصوص، للتعذيب البدني أثناء احتجازه في المركز الإقليمي للبحث والتحقيق في بن عكنون، وعانى من التعذيب النفسي لعدة سنوات. فقد حضر أفراد الشرطة في منتصف الليل، وطوّقوا الحي أو حاصروا منزله، واعتقلوه أمام زوجته وأطفاله. وألقي القبض على صاحبي البلاغ في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997 واحتجزا لمدة ثمان وأربعين ساعة في المركز الإقليمي للبحث والتحقيق في بن عكنون، وتعرضا للتعذيب. وأصيب حسّان فرحاتي بكسر في ذراعه بينما كان يحمي وجهه من ضربة بقضيب معدني وهو معلق من قدميه. وبعد انتهاء التحقيق، رماه أفراد الشرطة على الطريق السريع ليلا ً ، في فترة حظر التجول، حافي القدمين يمسك بسرواله دون حزام. وتعرضت فاطنة فرحاتي أيضا ً للتعذيب البدني والنفسي. وهي الآن مريضة جدا ً وترثي فراق فلذتي كبدها.

2 - 6 وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 ، قدمت فاطنة فرحاتي شكويين : أرسلت إحداهما إلى المدعي العام لدى محكمة بئر مراد رايس والأخرى إلى المدعي العام لدى محكمة الجزائر العاصمة. ولم يصدر أي ردّ على هاتين الشكويين.

2 - 7 وفي 10 كانون الأول/ديسمبر 2006 قدم حسّان فرحاتي ، شكوى جديدة إلى المدعي العام لدى محكمة بئر مراد رايس. وفي 3 شباط/فبراير 2008 ، أبلغ مفوض الشرطة المكلف بمنطقة بئر مراد رايس حسّان فرحاتي ، بناءً على طلب من المدعي العام مؤرخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 2007 ، بضرورة اتباع الإجراءات المنصوص عليها في الأمر رقم 06 - 01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 بشأن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.

2 - 8 وفي 3 كانون الثاني/يناير 2009 ، تلقى حسّان فرحاتي إخطارا ً من المديرية العامة للأمن الوطني يُبلّغ بموجبه بقرار النائب العام المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 2008 بحفظ ملف اختفاء مصطفى فرحاتي بحجة أنه توفي في صفوف منظمة الفداء في 28 أيار/مايو 1998 ، بعد تبادل لإطلاق النار بين القوات الخاصة التابعة للشرطة القضائية وهذه المنظمة. وبعد استلام هذا الإخطار، قدم حسّان فرحاتي شكوى إلى قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس يطلب فيها توضيح المعلومات المتضاربة بين ما ورد في المحضر بشأن وفاة شقيقه والمقال المنشور في صحيفة الخبر - الذي أشار إلى اعتقاله لا وفاته - وكذلك الشهادات التي تلقاها في هذا الصدد. وبقيت الشكوى الأخيرة دون ردّ.

2 - 9 وطلب صاحبا البلاغ، بالتوازي مع هذه الإجراءات أمام السلطات القضائية، تدخل مختلف الأجهزة غير القضائية في 11 مناسبة بين عامي 1999 و 200 6. وأرسلت الطلبات إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووزارة العدل، ورئيس الجمهورية الجزائرية، ورئيس الجمهورية الفرنسية، ومستشار رئيس الجمهورية لحقوق الإنسان، ووزير الداخلية، والوزير الأول. وبالإضافة إلى الرد المذكور أعلاه المؤرخ 20 تشرين الأول/أكتوبر 2002 الوارد من اللجنة الاستشارية الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، لم يتلق صاحبا البلاغ سوى ردين مؤرخين 14 آذار/مارس 200 7 : أحدهما من مكتب رئيس الجمهورية، الذي دعاهما إلى الاتصال بالمحكمة الأقرب إلى منزلهما لاتباع الإجراء المنصوص عليه في الأمر رقم 06 - 01 ، والآخر من مكتب رئيس الوزراء، الذي أبلغهما بأن طلبهما قد أحيل إلى الهيئتين المختصتين في هذه المسألة - أي اللجنة الاستشارية الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ووزارة العدل - وأنه ينبغي عليهما الاتصال بهذين المكتبين. وبالتالي، فإن هذين الردين لم يسمحا بإحراز أي تقدم في القضية، لاقتصارهما على إحالة صاحبي البلاغ إلى السلطات التي سبق الاتصال بها.

2 - 10 وواصل حسّان فرحاتي كفاحه من أجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في تسعينات القرن الماضي في الجزائر في إطار جمعية "SOS Disparus" (إغاثة المختفين ). وقد كلّفه هذا العمل التعرض للمزيد من المضايقات، بما في ذلك تلقي مكالمات هاتفية مجهولة المصدر، وتهديدات بالقتل، وأوامر حضور متعددة إلى مركز درك المرادية. وفي 25 آذار/مارس 2013 ، منعت شرطة الحدود في ولاية تبسة حسّان فرحاتي من مغادرة الأراضي الجزائرية، عندما أراد السفر إلى تونس للمشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي ضمن وفد جزائري من المدافعين عن حقوق الإنسان. ثم أخطر بحظر مغادرة البلاد دون مدّه بمزيد من المعلومات. وحاول حسّان فرحاتي مجدّدا ً السفر إلى تونس في اليوم التالي لكنه منع مرة أخرى من مغادرة الإقليم في مطار الجزائر العاصمة، دون الحصول على أي تفسير. وواجه الموقف ذاته لدى تكرار المحاولة في 27 آذار/مارس 201 3. وطلب منه حرس الحدود الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني للحصول على معلومات ( ) .

2 - 11 ورُفعت قضية مصطفى فرحاتي أيضاً إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في أيلول/سبتمبر 200 7. ورغم إحالة الفريق العامل القضية إلى السلطات الجزائرية، فإن هذه الأخيرة لم ترد قط ( ) .

2 - 12 ورغم الجهود الحثيثة التي بذلها صاحبا البلاغ، لم تفتح السلطات الحكومية المختصة أي تحقيق في الموضوع. ويؤكد صاحبا البلاغ أنه أصبح من المستحيل قانوناً في الوقت الحاضر أن يلجآ إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 0 1. وعليه، تكون سبل الانتصاف الداخلية قد استنفدت، وهي التي تبيّن عدم فعاليتها وعدم جدواها على أيّ حال.

2 - 13 ويفيد صاحبا البلاغ بأن الأمر رقم 06 - 01 يمنع اللجوء إلى القضاء تحت طائلة الملاحقة الجنائية، وهو ما يحّل الضحايا من واجب استنفاد سبل الانتصاف الداخلية. فهذا الأمر يحظر رفع أي شكوى بشأن الاختفاء أو جرائم أخرى. فالمادة 45 منه تنص على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدّفاع والأمن للجمهوريّة، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمّة والحفاظ على مؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبية". وبمقتضى هذا الحكم، يجب على السلطة القضائية المختصة التصريح بعدم قبول أي إبلاغ أو شكوى. وإضافة إلى ذلك، تنص المادة 46 من الأمر نفسه على ما يلي :

"يعاقب بالحبس من ثلاث ( 3) سنوات إلى خمس ( 5) سنوات وبغرامة من 000 250 دينار إلى 000 500 دينار [دينار جزائري]، كلّ من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أيّ عمل آخر، جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية. وتبــاشر النيــابة العـامّة المتابعات الجزائية تلقائيا ً . وفي حالة العود، تضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذه المادّة".

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحبا البلاغ أن مصطفى فرحاتي وقع ضحية اختفاء وفقا ً لتعريف الاختفاء القسري الوارد في المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وعلى الرغم من أن العهد لا يتضمن حكماً محدداً يشير صراحةً إلى حالات الاختفاء القسري، فإن هذه الممارسة تنطوي على انتهاكات للحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الفرد في الحرية والأمان على شخصه. وفي هذه القضية، يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق مصطفى فرحاتي المكفولة بموجب المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 من العهد، وحقوقهما المكفولة بموجب المواد 2 ( 2 و 3) و 7 و 9 و 12 و 14 من العهد.

3 - 2 ويرى صاحبا البلاغ أن الأمر رقم 06 - 01 يخلّ بالالتزام العام للدولة الطرف المكرّس في المادة 2 ( 2) من العهد، حيث إن هذا الحكم يقتضي أيضاً تحمّل الدول الأطراف التزاماً سلبياً بعدم اتخاذ إجراءات منافية لأحكام العهد. وباعتماد الأمر المذكور، لا سيما المادة 45 منه، تكون الدولة الطرف قد اتخذت إجراء تشريعياً يمنع تلقائياً التمتع بالحقوق المكفولة بموجب العهد ( ) ، لا سيما الحق في إمكانية اللجوء إلى سبيل انتصاف فعال ضد انتهاكات حقوق الإنسان. ومنذ أن صدر هذا الأمر، تعذر على صاحبي البلاغ اللجوء إلى القضاء. وهما يريان أن الإخلال بالالتزام المنصوص عليه في المادة 2 ( 2) من العهد، بطريق الفعل أو الامتناع، يمكن أن تنشأ عنه المسؤولية الدولية للدولة الطرف ( ) . ويؤكدان أن الشكاوى التي قدماها لم تُثمر أي نتائج رغم المساعي التي بذلاها بعد دخول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوصه التطبيقية حيز النفاذ. ولذلك، فهما يعتبران أنهما تضررا من هذا الحكم التشريعي الذي يتعارض مع المادة 2 ( 2) من العهد.

3 - 3 ويضيف صاحبا البلاغ أن أحكام الأمر رقم 06 - 01 تتعارض مع المادة 2 ( 3) من العهد، لأنها تمنع رفع دعوى جنائية مستقبلاً ضد المشتبه في ارتكابهم جرائم الاختفاء القسري، إذا كانوا من موظفي الدولة. ويمنع هذا الأمر أيضاً اللجوء إلى القضاء لاستجلاء مصير الضحايا ( ) ، تحت طائلة عقوبة السجن. وتَبين أن المساعي التي بذلها صاحبا البلاغ أمام السلطات الجزائرية قبل اعتماد هذا الأمر وبعده غير ذات جدوى، إذ لم يتلقيا أي جواب عن مصير مصطفى فرحاتي . ويحول هذا الرفض دون فعالية سبل الانتصاف التي لجأت إليها أسرته. وأخيراً، تقضي المادة 2 ( 3) من العهد بأن توفر الدولة الطرف التعويض لكل شخص انتُهكت حقوقه المكفولة في العهد ( ) . ولا تنص المواد من 27 إلى 39 من الأمر رقم 06 - 01 سوى على تعويض مالي بسيط مشروط بإصدار حكم بثبوت الوفاة بعد إجراء تحقيق لم يصل إلى نتيجة، إذ إن المادة 38 تستبعد أي شكل آخر من أشكال الجبر. بيد أنه لا يُجرى في الواقع العملي أي تحقيق في مصير المختفي ولا بشأن مرتكبي أفعال الاختفاء. ويذكّر صاحبا البلاغ بأن اللجنة رأت أن الحق في سبيل انتصاف فعال يشمل بالضرورة الحق في توفير جبر كاف والحق في معرفة الحقيقة، وأوصت الدولة الطرف بأن تلتزم بضمان توفير سبيل انتصاف فعال للمختفين و/أو أسرهم وأن تحرص على حسن متابعة ذلك والتأكد من احترام الحق في التعويض والجبر على أكمل وجه ممكن ( ) . ويرى صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما المكفولة بموجب المادة 2 ( 3) من العهد.

3 - 4 ويذكّر صاحبا البلاغ بالتطور الذي طرأ على اجتهادات اللجنة فيما يخص الاختفاء القسري، ويريان أن مجرد وجود خطر يهدد بفقدان الشخص حياته في سياق هذا الاختفاء يكفي لاستنتاج وقوع انتهاك مباشر للمادة 6 من العهد. ويرى صاحبا البلاغ، بناءً على عدم إجراء تحقيق شامل في اختفاء مصطفى فرحاتي ، أن الدولة الطرف لم تلتزم بواجبها القاضي بحماية حقه في الحياة واتخاذ تدابير للتحقيق فيما حدث له، وهو ما ينتهك المادة 6 ( 1) من العهد.

3 - 5 ويذكّر صاحبا البلاغ بملابسات اختفاء مصطفى فرحاتي ، وما تنطوي عليه من افتقار تام إلى معلومات عن احتجازه وعن حالته الصحية، وعدم إجراء تحقيق متعمق في مصيره، فضلاً عن عدم الاتصال بأسرته وعائلته والعالم الخارجي. ويذكّران أيضاً بأن الاحتجاز التعسفي المطول يزيد من احتمال التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويشير صاحبا البلاغ إلى اجتهادات اللجنة ويؤكدان أيضاً أن حالات القلق والحيرة والكرب التي يعيشانها من جراء اختفاء مصطفى فرحاتي وأمر السلطات إياهما باتباع إجراءات التعويض المنصوص عليها في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية تشكل ضربا ً من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لأسرته. ويذكران أيضا ً بأنهما تعرضا بدورهما للتعذيب البدني أثناء اعتقالهما واحتجازهما في الفترة ما بين عامي 1996 و 1998 ، فضلا ً عن التعذيب النفسي. وبناء على ذلك، يدعيان أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك حقوقهما وحقوق مصطفى فرحاتي المكفولة بموجب المادة 7 من العهد.

3 - 6 ويؤكد صاحبا البلاغ، آخذين في الحسبان أن مصطفى فرحاتي احتُجز مع منع الاتصال بالعالم الخارجي، ودون السماح له بمقابلة محام، ودون إبلاغه بأسباب اعتقاله أو التهم الموجهة إليه، ودون تدوين اسمه في سجلات الاحتجاز لدى الشرطة، ودون توفر معلومات رسمية عن مكان وجوده أو مصيره، أن مصطفى فرحاتي حُرم من حقه في الحرية والأمان على شخصه ومن إمكانية الطعن أمام محكمة. ولذلك، يرى صاحبا البلاغ أن مصطفى فرحاتي حُرم من الضمانات المنصوص عليها في المادة 9 من العهد، وهو ما يشكل انتهاكا ً لحقوقه المكفولة بموجب هذه المادة.

3 - 7 ويرى صاحبا البلاغ أن عمليات التوقيف الست التي نفذتها في حقهما عناصر إدارة الاستخبارات والأمن التابعة لمركز بن عكنون خلال عامي 1997 و 1998 ، دون مذكرة توقيف أو مبرر، أدت إلى اعتقالات دون محاكمة لمدة اثنتي عشرة ساعة أو أربع وعشرين ساعة، لتكون بذلك اعتقالات تعسفية. وهكذا، انتهكت الدولة الطرف أيضا ً حقوق صاحبي البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 من العهد.

3 - 8 ويؤكد صاحبا البلاغ أن مصطفى فرحاتي سُلب حريته ولم يعامل معاملة إنسانية تحفظ كرامته في انتهاك لحقوقه المكفولة بموجب المادة 10 من العهد، بسبب عدم إجراء السلطات الجزائرية تحقيقاً في الموضوع.

3 - 9 وفيما يتعلق بالمادة 12 من العهد، يدفع حسّان فرحاتي بأنه، بسبب مشاركته في الدفاع عن حقوق الإنسان، تعرض لاعتداء على حريته في التنقل عن طريق تدخل عناصر من شرطة الحدود لمنعه من مغادرة الأراضي الجزائرية حينما أراد السفر إلى تونس للمشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي. ولا يبدو أن فرض قيود غير مبررة على حرية تنقل حسّان فرحاتي كان ضروريا ً . وهو إن دلّ على شيء فإنما على فرط القيود المفروضة، مما يشكل انتهاكا ً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 12 من العهد.

3 - 10 ويذكر صاحبا البلاغ بالمادة 14 من العهد، وبالفقرة 9 من تعليق اللجنة العام رقم 32 ( 2007 )، ويؤكدان أن جميع المساعي التي بُذلت أمام السلطات القضائية وغير القضائية باءت بالفشل. وكانت قوات أمن المرادية قد حضّتهما على اتباع إجراءات التعويض المنصوص عليها في الأمر رقم 06 - 01 ، من أجل التخلي عن أي فكرة لإجراء تحقيق في اختفاء مصطفى فرحاتي . وإضافة إلى ذلك، يحول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والمادة 45 من الأمر رقم 06 - 01 دون اتخاذ أي إجراء قضائي في حق أعوان الدولة، الأمر الذي يمنع صاحبي البلاغ من الدفاع عن قضيتهما. ويرى صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما المكفولة بموجب المادة 14 من العهد.

3 - 11 ثم يذكّر صاحبا البلاغ بأحكام المادة 16 من العهد والاجتهادات الثابتة للجنة التي تفيد بأن حرمان شخص ما من حماية القانون عمداً لفترة طويلةً يمكن أن يكون بمثابة امتناع عن الاعتراف له بالشخصية القانونية إن كان الضحية في عهدة سلطات الدولة في آخر ظهور له وأُحبطت بصورة ممنهجة جهودُ أقاربه الرامية إلى الحصول على سبل انتصاف فعالة، بما فيها اللجوء إلى القضاء. ويحيلان في هذا الصدد إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر المقدم بموجب المادة 40 من العهد ( ) ، حيث رأت اللجنة أن المختفين، الذين لا يزالون على قيد الحياة والمحتجزين مع منع الاتصال، يُنتهك حقهم في أن يُعترف لهم بالشخصية القانونية، على النحو المنصوص عليه في المادة 16 من العهد. وعليه يدفعان بأن السلطات الجزائرية، بإبقائها على مصطفى فرحاتي محتجزاً دون إبلاغ أسرته وأقاربه رسمياً بذلك، تكون قد حرمته من حماية القانون ومنعته من التمتع بحقه في الاعتراف له بشخصيته القانونية، الأمر الذي ينتهك المادة 16 من العهد.

3 - 12 ويطلب صاحبا البلاغ إلى اللجنة أن تلتمس من الدولة الطرف إصدار أمر بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة من أجل : (أ) العثور على مصطفى فرحاتي والوفاء بالتزامها بموجب المادة 2 ( 3) من العهد؛ و(ب) تقديم منفذي ومدبري أفعال الاختفاء القسري تلك أمام السلطات المدنية المختصّة قصد ملاحقتهم قضائيا ً وفقاً للمادة 2 ( 3) من العهد؛ و(ج) ضمان جبر الضرر الذي لحق مصطفى فرحاتي ، إن كان لا يزال على قيد الحياة، وبأسرته، جبراً كافياً وفعّالاً وفورياً وفقاً للمادتين 2 ( 3) و 9 من العهد، ويشمل ذلك التعويض الملائم الذي يتناسب مع خطورة الانتهاك، وإعادة التأهيل على أكمل وجه، وتقديم ضمانات عدم تكرار تلك الأفعال. ويطلبان أخيراً إلى اللجنة حث السلطات الجزائرية على إلغاء المواد من 27 إلى 39 و 45 و 46 من الأمر رقم 06 - 0 1.

ملاحظات الدولة الطرف

4 - في 9 نيسان/أبريل 2018 ، أحالت الدولة الطرف اللجنة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة حالات الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، فيما يتصل بعدم مقبولية البلاغات المقدمة إلى اللجنة فيما يتعلق بتنفيذ الميثاق.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 18 حزيران/يونيه 2018 ، علّق صاحبا البلاغ على الملاحظات المقدمة من الدولة الطرف بشأن المقبولية. ويؤكدان في هذا الصدد أن الملاحظات لا تتطرق بتاتا ً إلى مقبولية البلاغ أو خصائص القضية أو سبل الطعن التي لجأت إليها أسرة الضحية، الأمر الذي يدل على عدم جدية السلطات الجزائرية وازدرائها الإجراءَ المعروض على اللجنة. ويؤكدان أيضاً أن هذه الملاحظات متقادمة ويعود تاريخها إلى تموز/يوليه 200 9.

5 - 2 ويشير صاحبا البلاغ إلى أن سبل التظلم التي سلكاها لم يسفر أي منها عن إجراء تحقيق عاجل أو ملاحقة جنائية، وأن السلطات الجزائرية لم تَسُق أي عنصر ملموس يوحي ببذل جهود بحث فعلية للعثور على مصطفى فرحاتي وتحديد المسؤولين عن اختفائه، ويخلصان إلى أنهما استنفدا سبل الانتصاف المحلية المتاحة وأن اللجنة يجب أن تعتبر البلاغ مقبولاً.

5 - 3 ويذكّر صاحبا البلاغ، وهما يحيلان إلى اجتهادات اللجنة التي ارتأت فيها أنه لا يجوز التذرّع بميثاق السلم والمصالحة الوطنية لتثبيط عزيمة الأشخاص الذين يقدمون بلاغاً فردياً، بأن أحكام الميثاق ليست بأي شكل من الأشكال ضمانا يُعوّل عليه لمعالجة ملف المختفين معالجة مناسبة، لأن هذه المعالجة تفترض احترام الحق في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، وتوفير الجبر التام.

عدم تعاون الدولة الطرف

6 - تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف طعنت في مقبولية البلاغ في 9 نيسان/أبريل 2018 واستندت في ذلك إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي أعقاب رفض اللجنة النظر في مقبولية الشكوى بمعزل عن أسسها الموضوعية في 21 أيلول/سبتمبر 2018 ، وهو قرار أعيد تأكيده في 13 آذار/مارس و 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 ، دعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي ردّ على ادعاءات صاحبي البلاغ، وتعرب عن أسفها لعدم تعاون الدولة الطرف بخصوص تقديم ملاحظاتها بشأن هذه الشكوى. وفي هذا الصدد تشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2) من البروتوكول الاختياري، بأن تنظر بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاك أحكام العهد التي تنسب إليها وإلى ممثليها، وبأن توافيها بما تملك من معلومات ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي أُبلغ بحالة الاختفاء محل النظر. بيد أنها تذكّر بأن إجراءات أو آليات مجلس حقوق الإنسان الخارجة عن نطاق الاتفاقيات لا تندرج عموماً ضمن إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمعنى المقصود في الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في حالة مصطفى فرحاتي لا يحول دون قبول هذا البلاغ، بمقتضى هذه المادة.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحبي البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المتاحة، وأن الدولة الطرف تكتفي، في معرض الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتذكّر في هذا الصدد بأنها أعربت مراراً وتكراراً عن قلقها من تجاهل الدولة الطرف طلباتها المتكررة، ودأبها على الإحالة إلى وثيقة عامة نموذجية تُعرف باسم "المذكرة"، دون الرد تحديداً على ادعاءات أصحاب البلاغات ( ) . وبناءً على ذلك، حثّت اللجنة الدولة الطرف على أن تتعاون بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية بالتوقف عن الإحالة إلى "المذكرة" وتقديم رد محدد وفردي على ادعاءات أصحاب البلاغات.

7 - 4 وتذكّر اللجنة بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر على إجراء تحقيقات متعمقة في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة التي تُبلَّغ بها سلطاتها فحسب، لا سيما ما تعلّق منها بانتهاك الحق في الحياة، بل من واجبها أيضاً ملاحقة كل شخص يُزعم أنه ضالعٌ في هذه الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ أبلغا السلطات المختصة مراراً وتكراراً بالاختفاء القسري لمصطفى فرحاتي ، لكن الدولة الطرف تغاضت عن إجراء أي تحقيق في هذا الادعاء. وإضافة إلى ذلك، لم تقدم في ملاحظاتها رداً على قضية مصطفى فرحاتي أي تفسير محدد من شأنه أن يؤدي إلى استنتاج وجود سبيل انتصاف فعال متاح في الأفق، في حين يستمر العمل بالأمر رقم 06 - 01 ، الذي يحدّ من نطاق تطبيق العهد، بالرغم من توصيات اللجنة بشأن كفالة توافقه مع أحكام العهد ( ) . وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أن لا مانع من النظر في البلاغ وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

7 - 5 ومن ناحية أخرى، تذكر اللجنة، وهي توجه الانتباه إلى ما قد يشكله تقديم بلاغ ما بعد خمس سنوات من استنفاد صاحبه سبل الانتصاف المحلية ( ) من إساءة لاستخدام الحق في تقديم البلاغات - وإن لم تثر الدولة الطرف ذلك في هذه القضية، بأنه مادام هناك اختفاء قسري مستمر فقد وجب الحرص على إجراء تحقيق، وهو ما لم يتأت في هذه القضية بسبب قيود الأمر رقم 06 - 01 وآثاره ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن هذا البلاغ لا يشكل إساءة استخدام الحقوق في ضوء الملابسات الخاصة لهذه القضية، لا سيما أن الأمر رقم 06 - 01 يجعل من المستحيل التماس إجراء تحقيق في اختفاء مصطفى فرحاتي .

7 - 6 وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ دفعا أيضا ً بحدوث انتهاك منفصل لحقوقهما المكفولة بمقتضى المادة 2 ( 2) و( 3) من العهد. وإذ تذكّر باجتهاداتها التي رأت فيها أن أحكام المادة 2 من العهد تضع التزامات عامة على عاتق الدول الأطراف، ولا تعتبر، منفردة، أساساً يمكن الاستناد إليه لتقديم ادعاء منفصل بموجب البروتوكول الاختياري، إذ لا يمكن الاحتجاج بها إلا مقترنة بمواد موضوعية أخرى ينص عليها العهد ( ) ، فإنها تعتبر ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة 2 ( 2) و( 3) من العهد، المحتجّ بها بطريقة منفصلة، غير مقبولة بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري ( ) .

7 - 7 وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحبي البلاغ، باحتجاجهما بالمادتين 7 و 9 من العهد، يدعيان أنهما تعرضا بدورهما لعدة عمليات احتجاز تعسفي في عامي 1997 و 1998 ، عانيا خلالها من التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وفيما يتعلق بهذه المسألة، لم تقدم الدولة الطرف أي دليل يدحض ادعاءات صاحبي البلاغ ولا دليلا ً يؤكد أن سبيل انتصاف فعال ومتاح سيوفَّر لهما ( ) . وفي ظل ملابسات القضية، وفي غياب تفسير من الدولة الطرف، يجب على اللجنة أن تولي الاعتبار الواجب للملاحظات الختامية لصاحبي البلاغ. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن لا مانع من النظر في ادعاءات صاحبي البلاغ وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

7 - 8 وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات فاطنة فرحاتي في إطار المادة 7 من العهد بشأن تعرضها لأعمال التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لم تدعم بأدلة كافية. وعلاوة على ذلك، وفيما يتعلق بادعاء حسّان فرحاتي في إطار المادة 12 من العهد، تلاحظ اللجنة أنه لم يعترض أمام المديرية العامة للأمن الوطني على منعه من مغادرة الإقليم ، على نحو ما نصحه به حرس الحدود. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول عملاً بالمادتين 2 و 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

7 - 9 وترى اللجنة أن صاحبي البلاغ يدعيان من حيث المضمون انتهاك حقوق مصطفى فرحاتي المكفولة بموجب المادة 2 ( 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 ، وانتهاك حقوقهما المكفولة بموجب المادة 2 ( 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ قد أثبتا ادعاءاتهما الأخرى بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية. وعليه، ستشرع في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المقدمة في إطار المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 ، مقروءة، منفردة، وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فيما يتعلق بمصطفى فرحاتي ، والمادة 7 - فيما يتعلق بالتعذيب البدني، والكرب والضيق في حالة حسّان فرحاتي ، والكرب والضيق في حالة فاطنة فرحاتي – مقروءة، منفردة، وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، فضلا ً عن المادتين 9 و 14 من العهد فيما يتعلق بصاحبي البلاغ.

الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بالإحالة إلى ملاحظاتها التي سبق أن قدّمتها إلى اللجنة، فيما يتصل ببلاغات أخرى، بغرض تأكيد أنه سبق تسوية مثل هذه القضايا في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها ( ) ، وتذكّر بأنه لا يجوز للدولةَ الطرف أن تتذرع بأحكام الميثاق المذكور ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا أو يمكن أن يقدّموا بلاغات إلى اللجنة ( ) . وما لم تدخل الدولة الطرف على تشريعاتها التعديلات التي كانت اللجنة قد أوصت بها، فإن الأمر رقم 06 - 01 يُسهم في الإفلات من العقاب في القضية محل النظر. وعليه، لا يمكن اعتبار الميثاق، بصيغته الحالية، متوافقا ً مع أحكام العهد ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات صاحبي البلاغ بشأن الأسس الموضوعية، وتُذكّر باجتهاداتها التي ارتأت فيها بأن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة وأن هذا الأخير لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن الدولة الطرف غالباً ما تكون المالكة الوحيدة للمعلومات اللازمة ( ) . وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2) من البروتوكول الاختياري، بالتحقيق بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاكات العهد التي تنسب إليها وإلى من يمثلها، وبموافاتها بما تملكه من معلومات ( ) . وعليه، وفي ضوء امتناع الدولة الطرف عن تقديم أي توضيح في هذا الشأن، تعيّن إيلاء ادعاءات صاحبي البلاغ الاعتبار الواجب ما دامت مدعومة بأدلة كافية.

8 - 4 وتذكّر اللجنة بأنه على الرغم من أن مصطلح "الاختفاء القسري" لا يرد صراحة في أي مادة من مواد العهد، فإن الاختفاء القسري يشكل مجموعة فريدة ومتكاملة من الأفعال التي تنتهك العديد من الحقوق المكرسة في هذا الصك انتهاكاً مستمراً، مثل الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الفرد في الحرية والأمان على شخصه ( ) .

8 - 5 وتحيط اللجنة علما ً بما أدلى به أحد الجيران الذي رأى مصطفى فرحاتي آخر مرة في 28 أيار/مايو 1998 عندما التقى بصديق له في شارع العناصر في بلدية القبة بالجزائر العاصمة. قد وأبلغ شهود عيان أسرة مصطفى فرحاتي بأن أفرادا ً من فرقة الشرطة القضائية برفقة أفراد من إدارة الاستخبارات والأمن أطلقت أعيرة نارية أصابت مصطفى في ساقه، ليلقى القبض عليه ويقتاد إلى مكان مجهول. وتحيط اللجنة علماً كذلك بالمعلومات العديدة المتضاربة بشأن وفاة مصطفى فرحاتي المزعومة، وبأوامر حضور أرسلت باسمه، توهِم بأن السلطات الجزائرية كانت تعتبره على قيد الحياة في تاريخ لاحق لوفاته المزعومة كما يبيّن ذلك أمر الحضور الذي أرسل باسمه بتاريخ 23 تموز/يوليه 200 1. وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف لم تقدّم أي دليل يمكّن من تحديد مصير مصطفى فرحاتي . وتذكّر بأن سلب الشخص حريته ثم عدم الاعتراف بذلك، أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يعني، في حالات الاختفاء القسري، حرمان هذا الشخص من حماية القانون وتعريض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات من شأنها أن تبيّن أنها أوفت بالتزامها بحماية حياة مصطفى فرحاتي . وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت بالتزامها بحماية حياة مصطفى فرحاتي ، وهو ما يشكّل انتهاكاً للمادة 6 ( 1) من العهد.

8 - 6 وتقرّ اللجنة بمدى المعاناة الناجمة عن الاحتجاز دون اتصال بالعالم الخارجي لأجلٍ غير مسمى. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 20 ( 199 2) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حيث أوصت في متنه الدول الأطراف باتخاذ تدابير تمنع الاحتجاز السري. وتحيط اللجنة علما ً في هذه القضية بأن آخر من شاهد مصطفى فرحاتي هم ثلاثة أشخاص، وكان ذلك إبان اعتقاله في 28 أيار/مايو 199 8. وبعد ذلك، عجزت أسرته، بمن فيها صاحبا البلاغ، عن الحصول على أي معلومات عن مصير مصطفى أو مكان احتجازه على الرغم من طلباتها المتكررة إلى السلطات المختصة في الدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن المدعي العام لدى محكمة حسين داي أصدر تصريح الدفن في 14 حزيران/يونيه 1998 دون أي تشريح للجثة أو إجراء تحقيق. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الامتناع عن إجراء التحقيق المطالب به كان سيد الموقف رغم طلبات صاحبي البلاغ إلى المدعي العام في هذا الموضوع. وفي غياب تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، ترى اللجنة أن اختفاء مصطفى فرحاتي يشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 7 من العهد ( ) .

8 - 7 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد كل على حِدَة ( ) .

8 - 8 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحبي البلاغ المؤرخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997 ، الذي يفيد بأن حسّان فرحاتي علق من رجيله وكسرت ذراعه بينما كان يحمي وجهه من ضربات بقضيب معدني، خلال احتجازه لمدة ثمان وأربعين ساعة لدى الشرطة في المركز الإقليمي للبحث والتحقيق في بن عكنون. وفي غياب أي توضيح من الدولة الطرف بهذا الخصوص، ترى اللجنة أن المعاملة التي تعرض لها حسّان فرحاتي خلال اعتقاله بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997 ، تشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 7 من العهد.

8 - 9 وتحيط اللجنة علماً بحالة القلق والكرب التي سببها اختفاء مصطفى فرحاتي لصاحبي البلاغ منذ أكثر من 24 عاماً. وترى في هذا الصدد أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوقهما المكفولة بمقتضى المادة 7 من العهد ( ) .

8 - 10 وفيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للحقوق المكفولة بموجب المادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علما ً بالادعاءات التي تفيد بأن مصطفى فرحاتي وصاحبي البلاغ نفسهيما قد اعتقلوا تعسفا ً دون مذكرة توقيف ودون توجيه تهم إليهم ودون المثول أمام سلطة قضائية يستطيعوا الطعن أمامها في قانونية احتجازهم. وحيث إن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات في هذا الصدد، فإن اللجنة ترى وجوب إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبي البلاغ ( ) . وعليه، تخلص اللجنة إلى انتهاك حقوق صاحبي البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 من العهد ( ) .

8 - 11 وترى اللجنة أن حرمان الشخص عمداً من حماية القانون يشكل إنكاراً لحقه في أن يُعترف له بالشخصية القانونية، سِيّما عندما تحبط جهود أقاربه المبذولة في إطار ممارسة حقهم في الحصول على سبيل انتصاف فعال، بصورة ممنهجة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح مقنع بشأن مصير مصطفى فرحاتي ولا بشأن مكان وجوده، على الرغم من المساعي التي بذلها أقاربه، وعلى الرغم أيضاً من وجوده في عهدة سلطات الدولة الطرف عندما شوهد آخر مرة. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء مصطفى فرحاتي قسراً منذ ما يزيد على أربعة وعشرين عاماً حرمه من حماية القانون ومن حقه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، بما يشكّل انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

8 - 12 وأخيراً، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ وإن لم يحتجا صراحة بانتهاك حقوقهما المكفولة بموجب المادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، فقد أشارا إلى الالتزام الذي يفرضه هذا الحكم على الدول الأطراف بأن تضمن لكل شخص أمكانية الاستفادة من سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ لإعمال الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر اللجنة بأنها تولي أهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر أيضاً بتعليقها العام رقم 31 ( 200 4) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أن عدم تحقيق الدولة الطرف في الانتهاكات المزعومة يمكن أن يؤدي، في حد ذاته، إلى إخلال منفصل بأحكام العهد.

8 - 13 وفي القضية محل النظر، أخطر صاحبا البلاغ السلطات المختصة مراراً باختفاء مصطفى فرحاتي دون أن تباشر الدولة الطرف التحقيق في هذا الاختفاء ودون أن تخبرهما بمصيره. ثم إن استحالة اللجوء قانوناً إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 يواصل حرمان مصطفى فرحاتي وصاحبي البلاغ من أيَّ فرصة للحصول على سبيل انتصاف فعال، ما دام الأمر المذكور يمنع عليهما اللجوء إلى العدالة لاستجلاء ملابسات جريمة الاختفاء القسري التي هي من أشد الجرائم خطورة ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق مصطفى فرحاتي المكفولة بموجب المادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، وانتهاك حقوق حسّان فرحاتي المكفولة بموجب المادة 3 ( 2 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 - فيما يتعلق بالمعاملة التي تعرض لها وقت إلقاء القبض عليه، وما عاناه صاحبا البلاغ من كرب وضيق بسبب اختفاء مصطفى فرحاتي - وانتهاك حقوق صاحبي البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 من العهد ( ) .

8 - 14 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 14 من العهد كل على حدة ( ) .

9 - واللجنة إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات من الدولة الطرف لحقوق مصطفى فرحاتي بموجب المواد 6 و 7 و 9 و 16 ، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( 3) من العهد. وتلاحظ اللجنة أيضاً انتهاك الدولة الطرف حقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 7 ، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) وبموجب المادة 9 من العهد.

10 - وتتعهد الدولة الطرف، بموجب المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر الضرر الذي لحق من انتُهِكت حقوقهم المعترف بها في العهد جبراً تاماً. وفي القضية قيد النظر، يتعين على الدولة الطرف القيام بما يلي : (أ) إجراء تحقيق سريع وفعال وشامل ومستقل ونزيه وشفاف في اختفاء مصطفى فرحاتي وموافاة صاحبي البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ و(ب) الإفراج فوراً عن مصطفى فرحاتي إن كان لا يزال محبوساً في مكان سري؛ و(ج) إعادة رفات مصطفى فرحاتي إلى أسرته، إن كان قد توفي؛ و(د) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات التي اقتُرفت ومحاكمتهم ومعاقبهم بعقوبات تتناسب مع خطورة الانتهاكات؛ و(ه) تقديم تعويض كاف لصاحبي البلاغ ولمصطفى فرحاتي ، في حال بقائه على قيد الحياة؛ و(و) ضمان حصول صاحبي البلاغ على تعويض عن الضرر الذي لحقهما جرّاء احتجازهما)؛و(ز) ضمان حصول حسّان فرحاتي على تعويض عن الضرر الذي لحقه جراء اعتقاله في 23 تشرين الأول/أكتوبر 199 7. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً باتخاذ تدابير تمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. ويتعين على الدولة الطرف أن تضمن عدم إعاقة الحق في الانتصاف الفعال لضحايا الانتهاكات الجسيمة مثل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري. وفي ذات السياق، ترى اللجنة أن على الدولة الطرف أن تعيد النظر نظر في تشريعاتها، بمقتضى الالتزام الواقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2) من العهد، وأن تلغي ، على وجه الخصوص، أحكام الأمر رقم 06 - 01 التي تتنافى مع أحكام العهد، حتى يتسنى التمتع بالحقوق المكرسة في العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

11 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان العهد قد انتهك أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن تتيح سبيل انتصافٍ فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.