الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2818/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19 March 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2818 / 2016 * ** ***

بلاغ مقدم من: سين (لا يمثله محامٍ)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: آيسلندا

تاريخ تقديم البلاغ: 24 شباط/فبراير 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020

الموضوع: مقاضاة صاحب البلاغ وإدانته وسجنه بتهمة الاتجار بالأشخاص

المسائل الإجرائية: المقبولية - ادعاءات ظاهرة البطلان؛ المقبولية - استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ المقبولية - الاختصاص الموضوعي؛ المقبولية - المسألة نفسها؛

المسائل الموضوعية: التوقيف/الاحتجاز التعسفي؛ الحق في الدفاع- إتاحة ما يكفي من الوقت والتسهيلات؛ التمييز؛ التمييز على أساس الجنسية والحق في محاكمة عادلة؛ الحق في الكرامة الإنسانية؛ قرينة البراءة؛ الحق في الاستئناف

مواد العهد: 2 و 7 و 9 و 10 و 14 و 26

مواد البروتوكول الاختياري: 2 ، و 3 ، و 5 ( 2 )( أ)- (ب)

1 - صاحب البلاغ يرمز إليه ب ‍ "سين"، وهو مواطن ليتواني ولد في عام 1986 . ويدعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف لحقوقه المكفولة بموجب المواد 2 و 7 و 9 و 10 و 14 و 26 من العهد، إذ احتجزته وأدانته وسجنته بتهمة الاتجار بالأشخاص. وقد دخل البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1979 . ولا يمثل صاحب البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 في عام 2007 ، انتقل صاحب البلاغ إلى آيسلندا لمتابعة دراسته، وكانت والدته تعيش هناك. وأثناء فترة التحضير لامتحان القبول في الجامعة، عمل صاحب البلاغ لدى شركات مختلفة ودفع ضريبة دخل سنوية إلى حكومة آيسلندا. وفي عام 2009 ، استُدعي للدراسة في جامعة بيفرست وكان ينوي قبول الدعوة بعد تحسين مهاراته اللغوية.

2 - 2 ويؤكد صاحب البلاغ أنه أقام علاقات صداقة في آيسلندا مع ليتوانيين آخرين بدوا له جديرين بالاحترام. ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يكن على علم بأي أعمال إجرامية قد ينسب إليهم ارتكابها ولم يأت هو نفسه أفعالا ً غير مشروعة. ويؤكد صاحب البلاغ أن أحد أصدقائه الليتوانيين عرَّفه على صديقته المزعومة، "صاد"، في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2009 . وكانت "صاد" تبلغ من العمر 19 سنة وكانت هي أيضا ً مواطنة ليتوانية. ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يكن يعرف شيئاً عن ملابسات وصول "صاد" إلى آيسلندا. وحين طردت "صاد" من شقتها، تلقى صاحب البلاغ من أحد أصدقائه طلبا ً بمساعدتها. ويؤكد صاحب البلاغ أنه استأجر غرفة في فندق ل ‍  "صاد" لليلة واحدة، واشترى لها بعض الطعام، ونفحها بعض المال، ثم نصحها بالتوجه إلى الشرطة.

2 - 3 وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، شاهد صاحب البلاغ تقريراً إخباريا ً في وسائط الإعلام ورد فيه أن الشرطة تبحث عنه. فسلَّم نفسه على الفور وقُبض عليه في اليوم نفسه بتهمة استغلال "صاد" في الاتجار بالبشر. وفي اليوم نفسه، مثل صاحب البلاغ أمام محكمة ريكيانس المحلية التي أمرت بإيداعه الحبس الانفرادي حتى 21 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، ومُدِّد أمر الحبس الانفرادي حتى 28 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ثم مُدِّد مرة أخرى حتى 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 . وتذرعت الشرطة بوجود أدلة قوية تشير إلى تورط صاحب البلاغ في الاتجار بالبشر وبأن صاحب البلاغ قد يحاول محو الأدلة أو التأثير على شركائه أو على الشهود إذا ما أُطلق سراحه. وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، رفضت المحكمة العليا الدعوى التي أقامها صاحب البلاغ لاستئناف ذلك القرار. وفي 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 ، قضت محكمة ريكيانس المحلية مرة أخرى بتمديد أمر الحبس الانفرادي حتى 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 . وفي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، رفضت المحكمة العليا الدعوى التي أقامها صاحب البلاغ لاستئناف القرار. وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، قضت محكمة ريكيانس المحلية مرة أخرى بتمديد أمر الحبس الانفرادي حتى 2 كانون الأول/ديسمبر 2009 . وفي 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 ، قبلت المحكمة العليا جزئياً استئناف البلاغ لذلك القرار، ورأت أن إعطاء الإذن باستمرار احتجاز صاحب البلاغ في الحبس الانفرادي لا يستند إلى أساس قانوني. وبناء على ذلك، احتُجز صاحب البلاغ، في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، مع عامة نزلاء السجن. وبعد ذلك، قدم صاحب البلاغ دعاوى إضافية للطعن في أوامر تمديد الاحتجاز التي أصدرتها محكمة ريكيانس المحلية. ورفضت المحكمة العليا تلك الدعاوى في 7 و 31 كانون الأول/ديسمبر 2009 وفي 29 كانون الثاني/يناير و 26 شباط/فبراير و 10 آذار/مارس و 9 نيسان/أبريل 2010 .

2 - 4 ويدعي صاحب البلاغ أنه كان محتجزا ً في ظروف غير إنسانية خلال الأسبوعين الأولين التي قضاها في الحبس الانفرادي في مركز شرطة كيفلافيك ، حيث لم يكن هناك مرحاض ولا ماء في زنزانته. وحين نقل إلى سجن ليتلا هراون (حيث أودع الحبس الانفرادي فترة من الزمن)، مُنع عليه التحدث إلى أحد سوى محاميه وموظفي إنفاذ القانون. وأثناء الفترة التي قضاها صاحب البلاغ في الحبس الانفرادي، حُرم أيضا ً من الحق في الحصول على المساعدة من أخصائي في علم النفس. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من احتجاز صاحب البلاغ، لم يُسمح له بالاتصال بأقاربه أو التواصل معهم، بمن في ذلك أمه.

2 - 5 وأثناء جلسات الاستجواب التي خضع لها صاحب البلاغ لدى الشرطة في 18 و 27 تشرين الأول/أكتوبر و 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، طلب من الضباط المسؤولين عن الاستجواب إطلاعه على نص التهمة الموجهة إليه رسميا ً ، ولكنهم تجاهلوا طلبه. وأُعلن اتهام صاحب البلاغ رسميا ً بالاتجار بالبشر في 29 كانون الأول/ديسمبر 2009 ، غير أن أوراق الاتهام لم تُترجم إلى الليتوانية، وهي لغته الأم، ولا إلى الإنكليزية، التي يفهمها جيداً.

2 - 6 وفي 8 آذار/مارس 2010 ، أدانت محكمة ريكيانس المحلية صاحب البلاغ وأربعة ليتوانيين آخرين بتهمة الاتجار بالبشر. وحُكم على المدعى عليهم الخمسة كافة بالسجن لمدة خمس سنوات. وبموجب القرار نفسه، بُرِّئ مدعى عليه آخر، وهو مواطن آيسلندي كان قد دبّر السكن ل ‍ "صاد". ويؤكد صاحب البلاغ أن إدانته صدرت بالدرجة الأولى من وسائط الإعلام والمجتمع عموما ً قبل أن تبدأ المحاكمة، وهي محاكمة تتعلق بأول قضية اتجار بالبشر في بلد آيسلندا الصغير. ولذلك، فإن وسائط الإعلام أولت اهتماما ً كبيرا ً لهذه القضية، مما أثر بقوة على الرأي العام. ويؤكد صاحب البلاغ أن وسائط الإعلام دأبت، منذ اليوم الأول لاحتجازه وطيلة فترة الإجراءات الجنائية، على نشر أخبار تتحدث عن "جرائم القرن" وتزعم تورط أعضاء المافيا الليتوانية في الاتجار بالبشر والابتزاز والحرق العمد والاحتيال. ويدعي صاحب البلاغ أن وسائط الإعلام أصدرت بيانات تتسم بالمبالغة، مما أدى إلى بث الخوف في نفوس الناس من أن تكون المافيا الليتوانية قد احتلت كامل أراضي آيسلندا. ويؤكد صاحب البلاغ أنه أُدين ظُلماً.

2 - 7 وفي 5 أيار/مايو 2010 ، استأنف صاحب البلاغ قرار محكمة ريكيانس المحلية لدى المحكمة العليا. وقدم صاحب البلاغ طلبات عديدة للحصول على معلومات، ومع ذلك، فإن محاميه لم يمده بالمعلومات اللازمة عن الاستئناف كما يجب. وزعم المحامي أن محكمة ريكيانس المحلية لم تقيّم تقييما ً صحيحاً عنصر القصد الجنائي المطلوب لتحقق الجريمة، وأن صاحب البلاغ لم يكن لديه النية المطلوب توافرها لأنه كان مجرد مساعد في ارتكاب فعل إجرامي.

2 - 8 وفي 16 حزيران/ يونيه 2010 ، عدلت المحكمة العليا القرار الصادر ضد صاحب البلاغ وثلاثة أشخاص من الليتوانيين الأربعة الآخرين الذين أدينوا في الوقت نفسه. وفي القرار المعدل، خففت المحكمة العليا الأحكام الصادرة بحق المدعى عليهم الأربعة إلى السجن لمدة أربع سنوات، على اعتبار أن دورهم في ارتكاب الجريمة كان أخف نسبياً مقارنة بالشخص الخامس المدعى عليه. وقدم صاحب البلاغ عدة طلبات للحصول على نص قرار المحكمة العليا مترجما ً إلى اللغة الليتوانية. وقدم له النص المترجم في 10 آب/أغسطس 2010 .

2 - 9 وقد أُطلق سراح صاحب البلاغ بعد أن قضى سنتين من مدة عقوبته البالغة أربع سنوات. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2011 ، أُبعد صاحب البلاغ من آيسلندا إلى ليتوانيا. ولم يكن حاضراً أثناء إجراءات الإبعاد، وأُطلع فقط على رسالة تفيد بأنه ممنوع من العودة إلى آيسلندا لمدة 30 عاماً. ويدعي صاحب البلاغ أن التجارب المؤلمة التي عاشها في السجن في آيسلندا خلفت لديه ذكريات سيئة ومشاكل نفسية. واضطر إلى تغيير كنيته بسبب تركيز وسائط الإعلام على قضيته الجنائية. وقد تطلب تحضير الموارد المالية اللازمة لتقديم البلاغ بشأن هذه القضية إلى اللجنة وقتا ً لأن صاحب البلاغ واجه صعوبات في العثور على عمل. وقد رفع صاحب البلاغ طلباً بشأن القضية نفسها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ورفضت الطلب في 28 آذار/مارس 2013 .

الشكوى

3 - 1 يدَّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المواد 7 و 9 و 10 من العهد بطرق متعددة. فقد خضع للاحتجاز المطول من دون مبرر. وبالإضافة إلى ذلك، ظل في الحبس الانفرادي لمدة 32 يوماً في حين أن ملابسات القضية - أي عدم وجود سوابق عدلية ومسارعته إلى تسليم نفسه طوعاً - تقتضي فقط إيداعه الحبس العام. وقد تسبب الحبس الانفرادي لصاحب البلاغ في معاناة نفسية وانتهك كرامته الإنسانية. وانتهك أيضا ً قانون الإجراءات الجنائية (القانون رقم 88 / 2008 )، الذي يجيز إيداع الشخص الحبس الانفرادي لمدة لا تتجاوز أربعة أسابيع (أي 28 يوماً) في الجرائم التي تستوجب عقوبة السجن لمدة تقل عن 10 سنوات. وقد أكدت المحكمة العليا عدم مشروعية الحبس الانفرادي المطول الذي خضع له صاحب البلاغ. وعلاوة على ذلك، مورس على صاحب البلاغ ضغط نفسي غير مشروع على نحو متواصل وذلك بهدف الحصول على أدلة في صالح الادعاء. ومُنع تحديدا ً ، من رؤية أفراد أسرته وزيارة أخصائي في الصحة العقلية. وبسبب تعذر زيارة أخصائي في الصحة العقلية كانت تنتابه مخاوف لا مبرر لها، وفقد الشعور بالأمان وعانى من اضطراب النوم وصعوبة التكيف. وبالإضافة إلى ذلك، نقل حراس السجن خبرا ً كاذبا ً إلى صاحب البلاغ بشأن صحة والدته مفاده أن حالتها الصحية ساءت كثيراً. وعلاوة على ذلك، قال له موظفو إنفاذ القانون أثناء احتجازه إنهم "سيحضرون الأدلة الصحيحة" وأن كل ما عليه فعله هو التوقيع عليها لتأكيدها. ومارس عليه الضباط عنفا ً نفسيا ً حقيقيا ً من أجل تحطيم نفسيته. وخلال الأسبوعين الأولين من مدة الحبس الانفرادي (أي قبل نقله من مركز شرطة كيفلافيك إلى سجن ليتلا هراون )، احتجز صاحب البلاغ في ظروف غير إنسانية ومهينة، حيث لم يكن في زنزانته مرحاض ولا ماء ولم يكن يُسمح له بقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق. ولم تكن هناك ضرورة تستوجب إيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي؛ فقد كان سلوكه مثاليا ً أثناء احتجازه ولم يكن من المجرومين المعروفين، كما زعمت الشرطة.

3 - 2 وانتهكت الدولة الطرف حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المواد 2 و 14 و 26 من العهد، حيث عانى من التحيز أثناء الإجراءات الجنائية بسبب جنسيته الليتوانية. وحُرم صاحب البلاغ من حقه في افتراض البراءة، وحقه في محاكمة عادلة، ومن حقه في التحرر من التمييز العنصري. وكانت المحاكمة برمتها مبنية على شائعات عن وجود عصابات ليتوانية تمارس العنف في آيسلندا وعلى الفكرة السائدة عن الليتوانيين باعتبارهم جميعا ً مجرمين. وتعرض صاحب البلاغ أيضا ً للتمييز المباشر بالنظر إلى أن المواطن الآيسلندي الذي ارتكب أفعالا ً مماثلة (مساعدة "صاد") بُرِّئ بموجب القرار القضائي نفسه مع أنه كان قد أُدين. وبالإضافة إلى ذلك، نعت مدير شرطة الولاية جميع المدعى عليهم، في تقرير لتقييم المخاطر بشأن سلامة ثلاثة شهود في القضية (أُرفق بملف قضية صاحب البلاغ في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 )، بأنهم مجرمون عنيفون ذوو سوابق عدلية. ويكرر صاحب البلاغ أنه ليس له سوابق عدلية ولم يحدث قط أن حوكم أو شارك في نشاط في إطار جماعة من الجماعات الإجرامية في أي ولاية قضائية. وقد أثر هذا التقرير، الذي كان مضللا ً ، تأثيرا ً شديدا ً على سير التحقيقات السابقة للمحاكمة، وأُشير إليه في قرار محكمة ريكيانس المحلية.

3 - 3 وقد أدين صاحب البلاغ استنادا ً إلى افتراضات، مما يشكل انتهاكاً لمبدأ افتراض البراءة المنصوص عليه في المادة 14 من العهد. ويقتضي تعريف الاتجار بالبشر القيام بفعل رغما ً عن إرادة الشخص بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر. وهذا العنصر غير متوافر في قضية صاحب البلاغ، لأنه لم يكن حتى يعلم بأن "صاد" هي ضحية الاتجار بالبشر. وعلاوة على ذلك، تجاهلت محكمة ريكيانس المحلية الأدلة التي تثبت انعدام المصداقية والاتساق في شهادة "صاد"، التي كانت تعاني من عدم استقرار حالتها العقلية. فهناك تقرير طبي صادر في 5 كانون الثاني/يناير 2010 يشير إلى أن "صاد" في حالة انفعالية مضطربة، وأن سلوكها مشوش وأنها تخضع للعلاج بعقاقير الذهان والحبوب المنومة. ويؤكد صاحب البلاغ أن الشهادة التي أدلت بها "صاد" تضمنت العديد من التناقضات الجوهرية وأن محاضر استجوابها لدى الشرطة تفيد بأنها شاهدة غير جديرة بالثقة وتعيش حياة انحلال ومجون، وتبحث عن المغامرة. ويدعي صاحب البلاغ أنه من المرجح جداً أن تكون "صاد" قد قدمت ضده أدلة مضللة واتهمته اتهامات باطلة من أجل تحقيق مكاسب مالية.

3 - 4 وانتُهكت أيضا ً حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14 ( 3 ) من العهد، بالنظر إلى أنه لم يُمنح ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه. ولم تُقدم له وثيقة بلغة يفهمها، تبين طبيعة وأصل التهم المنسوبة إليه، ولم تتح له إمكانية الاطلاع على ملف القضية إلا بعد صدور قرار المحكمة العليا. ولذلك لم يتمكن صاحب البلاغ من الدفاع عن نفسه على نحو فعال لنفي التهم المنسوبة إليه. ونظرا لافتقاره إلى الموارد المالية اللازمة لتوكيل محام، فقد وكلت والدته محاميا ً للدفاع عنه. غير أن صاحب البلاغ غير محاميه عدة مرات، لأن جميع محاميه وقفوا موقفا ً سلبياً وأيدوا الملاحقة القضائية. ولم يحظ منهم بدفاع فعال. وكل ما فعلوه هو تشجيعه على الإقرار بالذنب لكي تكون عقوبته أخف مع أنه أصر على براءته. والمحامي الذي أعد دعوى الاستئناف لم يقدم أي تعليل في الاستئناف. ونتيجة لذلك، اضطرت والدة صاحب البلاغ إلى التماس المساعدة القانونية في ليتوانيا لإعداد ما يلزم من الإيضاحات التكميلية لطلب الاستئناف. ولذلك، لم يحظ صاحب البلاغ بالفرصة لإعداد دفاعه، الذي لم يكفله له محاميه أيضاً. فوجد صاحب البلاغ نفسه مجبرا ً على أن يقف موقف المتفرج على سير الإجراءات الجنائية أمام هيئة قضائية مستسلمة لم تعلق بشيء على ضعف أساس الاستئناف الذي قدمه محاميه.

3 - 5 وقد انتُهك حق صاحب البلاغ في ألا يكره على الشهادة ضد نفسه، المنصوص عليه في المادة 14 ( 3 )(ز) عندما خضع للاستجواب الأول في مركز الشرطة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2009 . ومنذ البداية، رفض صاحب البلاغ تقديم الأدلة إلى أن تتاح له إمكانية الاطلاع على الوثيقة التي تبين التهم الموجهة إليه وعلى المواد المدرجة في ملفه. ولكنه خضع لضغوط قوية قبل جلسات الاستجواب وأثناءها من أجل دفعه إلى الشهادة ضد نفسه وضد غيره في القضية. ويكشف محضر الاستجواب المؤرخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 2009 أن صاحب البلاغ رفض الإجابة على الأسئلة، وأن موظفي إنفاذ القانون تجاهلوا الأمر وواصلوا استجوابه رغم إعراضه. وتنص المادة 14 ( 3 )(ز) من العهد على حماية المتهم من التعرض لأي ضغط بدني أو عقلي للشهادة ضد نفسه.

3 - 6 وأقدمت الدولة الطرف أيضا ً على انتهاك حق صاحب البلاغ في الطعن الفعال بموجب المادة 14 ( 5 ) من العهد. واكتفت المحكمة العليا باستنساخ الحجة التي دفعت بها محكمة ريكيانس المحلية وقدمت تعليلاً خاطفاً لقرارها القاضي بتأييد إدانة صاحب البلاغ. ولم ترد المحكمة العليا على الحجج التي دفع بها صاحب البلاغ؛ وهذا يدل على تحيز المحكمة ضده.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 تؤكد الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 7 نيسان/أبريل 2017 أن معظم ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالوقائع لا أساس لها من الصحة. فالمحكمة العليا حكمت، في قرارها المؤرخ 16 حزيران/ يونيه 2010 ، على صاحب البلاغ وأربعة أشخاص آخرين مدعى عليهم بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر التي تنتهك المادة 227 (أ)( 1 ) من قانون العقوبات. وخُصمت مدة الاحتجاز، التي بدأت يوم إلقاء القبض عليه في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، من المدة المحكوم بها. وطلب من صاحب البلاغ أيضا ً دفع تعويض للضحية وتسديد الرسوم القانونية. وترد وقائع القضية في قراريْ محكمة ريكيانس المحلية والمحكمة العليا. وتوجه الدولة الطرف الانتباه إلى أن شرطة مطار كيفلافيك الدولي أُبلغت، في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، بأن "صاد"، التي كانت على متن طائرة قادمة من وارسو، كانت منفعلة كثيرا ً وتهدد الركاب الآخرين. وعند وصول "صاد" إلى أيسلندا، نقلت إلى المستشفى. ولاحظ موظفو الجمارك في المطار وجود ثلاثة رجال ينتظرون "صاد" وحين استعلموا عن وصولها أمروهم بمخاطبة الشرطة.

4 - 2 وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، استجوبت الشرطة "صاد" فقالت إنها على استعداد للبقاء في مركز الشرطة ريثما تؤمن لها السلطات رحلة جوية للعودة إلى ليتوانيا. وبقيت هناك ليلتين، ولكنها نُقلت في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2009 إلى مسكن توفره دوائر الخدمات الاجتماعية في ريكيانزبير . وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، اكتشفت الشرطة أن "صاد" غادرت مسكنها. وقال أحد الشهود إن "صاد" لم تكن تعرف اسم المكان الذي كانت موجودة فيه فطلبت منه المساعدة. وسلمت "صاد" الشاهد هاتفاً نقالاً ليتحدث إلى رجل كان على الخط وينعت له مكان وجود "صاد". ودعا الشاهد "صاد" إلى الانتظار في منزله، وفي وقت لاحق من مساء ذلك اليوم، رافقها إلى سيارة جاءت لتقلها .

4 - 3 وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، أعلنت الشرطة في وسائط الإعلام أنها بصدد البحث عن "صاد". وأُبلغت الشرطة بأن "صاد" كانت في فندق برفقة رجل استأجر غرفة باسم مستعار مطابق للاسم الأول لصاحب البلاغ. وبعد مرور يومين، شرعت الشرطة في عملية بحث رسمية عن مدعى عليه آخر وبضعة رجال آخرين ظهروا في صورة كانت في حوزة الشرطة. وحضر المدعى عليه الآخر وصاحب البلاغ إلى مركز الشرطة. وعُرضت على صاحب البلاغ صورة له سجلتها كاميرا المراقبة في الفندق. وأكد أنه كان موجودا ً في الفندق. وقال إنه توجه إلى هناك للاستفسار عن سعر الإقامة وغادر من دون استئجار غرفة. ورفض صاحب البلاغ الإجابة على الأسئلة المتعلقة ب ‍  "صاد"، التي ظهرت معه في الصورة.

4 - 4 وفي 18 و 30 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، أدلت "صاد" بأقوالها أمام الشرطة. وقالت إن الرجال الذين جاءوا لاصطحابها في ريكيانسبير اقتادوها إلى شقة تقع في ريكيافيك. ومكثت في تلك الشقة لمدة ثلاثة أيام، وخلال تلك الفترة، كان صاحب البلاغ هو من تتصل به بالدرجة الأولى. وأوصلها صاحب البلاغ إلى الفندق حيث عثرت عليها الشرطة. وقالت "صاد" إنها تعتقد أنها استقدمت إلى أيسلندا للاشتغال بالجنس.

4 - 5 وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، أُلقي القبض على صاحب البلاغ. ومثل أمام قاضٍ وأودع الحبس الاحتياطي. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2009 ، اتُهم باستغلال "صاد" في الاتجار بالبشر، التي خضعت للإكراه غير المشروع وسُلِبت حريتها من أشخاص بينهم صاحب البلاغ، الذي وافق على استغلال "صاد" جنسيا ً ونقلها ووفر لها المأوى.

4 - 6 وأثناء محاكمة صاحب البلاغ أمام محكمة ريكيانس المحلية، ادعى أنه لم ير "صاد" قط ونفى أن يكون قد أقلَّها أو نقلها إلى أي مكان. وقال إنه لم يكن قط في الشقة التي كانت تقيم فيها "صاد" وأنكر واقعة وجوده مع امرأة في الفندق. وكما ذكر صاحب البلاغ، فقد حكمت عليه محكمة ريكيانس المحلية في 8 آذار/مارس 2010 بالسجن لمدة خمس سنوات، وخففت المحكمة العليا الحكم إلى أربع سنوات بموجب قرارها المؤرخ 16 حزيران/ يونيه 2010 . وفي 5 أيار/مايو 2010 ، قدم صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا رسالة موجهة إلى محاميه، ذكر فيها العديد من العناصر المشار إليها في الفقرة 2 - 2 أعلاه.

4 - 7 وترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأنه لم يقدم في غضون خمس سنوات من التاريخ الذي استنفد فيه صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية. وتقول إن البلاغ غير مقبول أيضا ً لأنه يتنافى مع أحكام العهد. ولا يذكر صاحب البلاغ جوهر شكواه بوضوح، بل يكتفي بالإشارة، بعبارات عامة، إلى المواد 2 و 7 و 9 و 10 و 14 و 26 من العهد، من دون أن يبين وجه انطباق هذه المواد على قضيته.

4 - 8 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تطعن الدولة الطرف في ادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه تعرض للتمييز بسبب جنسيته الليتوانية وأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 2 و 26 من العهد. وتقول إن معظم حقوق الإنسان الأساسية محمية بموجب دستور آيسلندا لعام 1944 . وفي عام 1995 ، أُدرج العديد من الحقوق الإضافية في باب حقوق الإنسان في الدستور بموجب القانون رقم 97 / 1995 . ومن بين المقاصد المتوخاة من هذه الخطوة ضمان مواءمة الدستور مع التزامات آيسلندا الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزامات المنصوص عليها في العهد. ويُذكر من بين الأحكام الجديدة التي أضيفت إلى الدستور المادة 65 ، وهي حكم مؤثر وكثيرا ً ما يُستشهد به وينص على المساواة بين الناس أمام القانون والتمتع بحقوق الإنسان على قدم المساواة.

4 - 9 ولم تستند المحاكم في قضية صاحب البلاغ، إلى شائعات عن عنف العصابات الليتوانية، بل إنها بينت بالتفصيل سلوك صاحب البلاغ وصلته بالاتجار بالبشر. وكانت أقوال صاحب البلاغ متضاربة وقد غيّر شهادته أثناء التحقيق وأثناء الجلسة الرئيسية التي عقدتها المحكمة للنظر في القضية. فأكد في البداية أنه لا يعرف "صاد" ثم عاد وأقر بأنه يعرفها. وظهر صاحب البلاغ في صورة ثابتة التقطتها كاميرا المراقبة بصحبة "صاد" في إحدى الفنادق وأشارت الشهادة التي أدلت بها "صاد" وأشخاص آخرون إلى ضلوعه على نحو مباشر في أحداث القضية. ولو أن شخصا ً آيسلنديا ً اتُّهم بالاتجار بالبشر لعومل بنفس الطريقة. وتنطبق المادة 65 من الدستور على أي كان في آيسلندا، بمن في ذلك الأجانب، وهو حكم يتعين على المحاكم والسلطات والشرطة التقيد به.

4 - 10 ولا تمثل تبرئة المواطن الآيسلندي الوحيد المتهم في القضية دليلا ً على حدوث تمييز مباشر. ودور صاحب البلاغ في الأحداث ذات الصلة مختلفٌ تماما ً عن الدور الذي اضطلع به المدّعى عليه الآيسلندي . وكما ورد في قرار محكمة ريكيانس المحلية، فإن "صاد" ذكرت مراراً وتكراراً أنها لم تر قط المدعى عليه الآيسلندي ، ولا توجد أدلة أخرى تدينه (أي التسجيلات الهاتفية أو الأقوال التي أدلى بها سائر المدعى عليهم). ومن جهة أخرى، رأت محكمة ريكيانس المحلية أن شهادة صاحب البلاغ تفتقر تماما ً إلى المصداقية، وتبدو أحياناً غير معقولة. وبالإضافة إلى أقواله المتذبذبة، هناك العديد من الأدلة الأخرى التي تدينه (أقوال "صاد"، وأقوال سائر المدعى عليهم، والتسجيلات الهاتفية، واللقطات التي سجلتها كاميرا المراقبة في الفندق). وقد استندت المحاكم المحلية في قراراتها إلى هذه العناصر، وليس إلى جنسية صاحب البلاغ.

4 - 11 وذكر صاحب البلاغ مراراً وتكراراً التغطية الإعلامية لهذه القضية الجنائية، ولكن تجدر الإشارة إلى أن وسائط الإعلام في آيسلندا مستقلة وليس من صلاحية الدولة الطرف مراقبتها. وعلاوة على ذلك، لم تُنشر سجلات من المحاكم أو سجلات من الشرطة أثناء فترة التحقيق. ولم يُنشر أي قرار من القرارات التي صدرت عن المحاكم بشأن إيداع صاحب البلاغ الحبس الاحتياطي إلا بعد مرور شهور على صدور قرار المحكمة العليا. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف لم تنتهك حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادتين 2 و 26 من العهد. ‬

4 - 12 وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف لم تنتهك حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المواد 7 أو 9 أو 10 من العهد. ‬ ‬ وتستشهد الدولة الطرف بفقرات من دستور آيسلندا، المعدل بموجب القانون رقم  97 / 1995 ، صيغت على منوال المادتين 7 و9 من العهد والأحكام ذات الصلة من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان). ولا يجوز، بموجب المادة 95(1) من قانون الإجراءات الجنائية، إيداع المدعى عليه الحبس الاحتياطي إلا إذا كانت هناك أسباب معقولة تدعو إلى الاشتباه في ارتكابه جريمة تستوجب عقوبة السجن، وإذا توافرت إحدى الشروط التالية على الأقل: (أ) إذا كان من المحتمل أن يعيق المدعى عليه التحقيق عن طريق محو الأدلة أو التأثير على غيره من المدعى عليهم أو الشهود؛ (ب) إذا كان من الممكن أن يغادر المتهم البلد؛ (ج) إذا كان من المرجح أن يستمر المدعى عليه في سلوكه الإجرامي؛ أو (د) إذا اقتضت الضرورة اللجوء إلى الحبس الاحتياطي لحماية الآخرين من المدعى عليه أو حماية المشتبه فيه من التعرض للاعتداء أو التأثير من الغير. وبالإضافة إلى ذلك، إذا لم تتوافر الشروط المنصوص عليها في المادة 95(1) من قانون الإجراءات الجنائية، يجوز إيداع المدعى عليه الحبس الاحتياطي بموجب المادة 95(2) إذا كان هناك اشتباه قوي في أن المدعى عليه قد ارتكب جريمة تستوجب عقوبة السجن لمدة 10 سنوات. وللقاضي أن يقضي بجواز إيداع المدعى عليه الحبس الانفرادي إذا توافر أحد الشرطين (أ) أو (د) من المادة 95(1).

4 - 13 وقد أودع صاحب البلاغ الحبس الاحتياطي للضرورة، وفقاً للشروط المنصوص عليها في المادة 95 ( 1 ) من قانون الإجراءات الجنائية. واشتُبه في ارتكابه صاحب البلاغ جريمة الاتجار بالبشر، وهي جريمة كانت تستوجب في ذلك الوقت، عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات. واتسمت الأقوال التي أدلى بها صاحب البلاغ بالتذبذب، وكان من الواضح أنه على اتصال وثيق بالمدعى عليهم الآخرين. وتدل هذه العوامل على أنه من المحتمل أن يقدم صاحب البلاغ على محو الأدلة أو التداول مع المدعى عليهم الآخرين.

4 - 14 وتبين من هذه العوامل أيضا ً أن الضرورة تستدعي إيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي لمدة 30 يوماً، حتى 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2019. ومبادرة صاحب البلاغ إلى تسليم نفسه للشرطة بعدما علم من وسائط الإعلام أنه في عداد المطلوبين لا تدل على أنه كان سيبدي تعاونا ً تنتفي معه ضرورة إيداعه الحبس الاحتياطي. وظهر من سلوكه أثناء استجواب الشرطة أنه لا ينوي التعاون. وتقر الدولة الطرف بأن المادة 98(2) من قانون الإجراءات الجنائية تجيز إيداع المدعى عليه الحبس الانفرادي لمدة أربعة أسابيع متوالية فقط، ما لم يكن متهما بارتكاب انتهاك قد يفضي إلى السجن لمدة لا تقل عن 10 سنوات. ولكن الجريمة موضوع التحقيق، في قضية صاحب البلاغ، هي جريمة خطيرة جدا (يُعاقب عليها حالياً بالسجن لمدة 12 سنة، رغم أنها كانت تستوجب عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات أثناء فترة احتجاز صاحب البلاغ). ولا يشكل إيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي انتهاكاً للمادة 7 أو 9 أو 10 من العهد.

4 - 15 وترفض الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ الذي يفيد بأن ظروف احتجازه كانت غير ملائمة. وفي عام 2009 ، كان يتعين أحياناً إبقاء المدعى عليهم جنائيا محتجزين في زنزانات مراكز الشرطة لفترات قصيرة. وربما لم يكن هذا الترتيب مناسبا ً ، غير أنه لا ينطوي على انتهاك لأي حكم من الأحكام القانونية أو حق من حقوق الإنسان الأساسية. ومع أن زنزانة صاحب البلاغ لم يكن فيها ربما مرحاض أو ماء، فإنه لم يحرم من هذه الاحتياجات الأساسية. وقد بُني سجن جديد وتوقف احتجاز المدعى عليهم في زنازين مراكز الشرطة.

4 - 16 وخضع صاحب البلاغ لبعض القيود أثناء احتجازه، وفقا للمادة 99 ( 1 ) من قانون الإجراءات الجنائية، التي تتفق مع العهد. فعلى سبيل المثال، لم يكن بمقدور صاحب البلاغ استقبال الزوار أو استخدام الهاتف أو وسائل الاتصال الأخرى. وأصدر أحد القضاة قرارا ً يقضي بضرورة فرض هذه القيود في حالة صاحب البلاغ.

4 - 17 وترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأن ضباط الشرطة أصروا عليه ليقر بالذنب وتصرفوا بطريقة غير لائقة. ولا يوجد دليل على هذا السلوك.

4 - 18 ولم تنتهك الدولة الطرف حق صاحب البلاغ في اعتباره بريئاً بموجب المادة 14 من العهد. وينص دستور آيسلندا والمواد 53 و 109 و 111 و 145 من قانون الإجراءات الجنائية على حماية الحق في محاكمة عادلة وافتراض البراءة، وفقا ً للمادة 14 من العهد. ويدفع صاحب البلاغ بأن إدانته قامت على افتراض، غير أن الأشخاص المحتجزين يمثلون دوما أمام قاض، وعلى القاضي أن يصدر قرارا ً معللا ً في غضون 24 ساعة لتبرير قرار الحبس الاحتياطي. وقد كانت قرارات كل من محكمة ريكيانس المحلية والمحكمة العليا قرارات مفصلة ومحكمة الصياغة. ومن الواضح أن المحكمتين قيمتا جميع الأدلة ولم تستندا إلى افتراض لإدانة صاحب البلاغ.

4 - 19 وصلاحية اللجنة في مراجعة تقييم السلطات المحلية هي صلاحية محدودة. ويقضي مبدأ الولاية الاحتياطية بأن السلطات المحلية أقدر من المحاكم الدولية على تقييم الوقائع والأدلة الثابتة. ويعزى ذلك جزئيا إلى بعد اللجنة زمنيا ً ومكانيا ً عن الأحداث في قضية بعينها. ولا بد من تطبيق مبدأ الولاية الاحتياطية في هذه القضية.

4 - 20 وقد حصل صاحب البلاغ على دفاع فعال بالمعنى المقصود في المادة 14 من العهد ( ) . أما الأقوال التي أدلى بها بهذا الشأن فهي أقوال كاذبة وغير مدعمة بالأدلة. وهو يدعي أنه لم يكن يفهم اللغة التي اعتمدت في التحقيق والمحاكمة، ولكنه كان مصحوبا ً بمترجم شفوي منذ اللحظة الأولى التي خضع فيها الاستجواب لدى الشرطة. وقد تولى المترجم الشفوي الترجمة من اللغة الآيسلندية إلى اللغة الليتوانية ومن اللغة الليتوانية إلى اللغة الآيسلندية . وقدمت له هذه الخدمات وفقا ً للمادة 12 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تقضي بتعيين مترجم شفوي للمدعى عليه الذي لا يفهم اللغة الآيسلندية . وعملاً بالمادة 28(1) من هذا القانون، أبلغت الشرطة صاحب البلاغ على الفور بأنه قيد التحقيق في الجريمة التي اتهم بارتكابها في نهاية المطاف. وعليه، فإن صاحب البلاغ كان على علم بأسباب اعتقاله منذ بداية إجراءات الشرطة. وقد غيَّر صاحب البلاغ محاميه عدة مرات أثناء الإجراءات الجنائية، ولكن لا توجد أدلة على عدم فعالية الدفاع الذي حصل عليه. وهو يدعي أن المحاكم المحلية لم تعين له محاميا ً آخر للدفاع عنه. غير أن السجلات لا تتضمن ما يفيد بأن صاحب البلاغ تظلم من الدفاع. بل إنه على العكس من ذلك، تلقى دفاعا ً سليما ً خلال جميع مراحل القضية. ويدفع صاحب البلاغ بأن محامي الدفاع قدم طلب استئناف رسمي لم يعلل فيه أسباب الطلب، ولكن هذا الإجراء هو إجراء معتاد في آيسلندا عند تقديم استئناف. وفي مراحل الاستئناف اللاحقة، يقدم محامي الدفاع ملاحظات خطية إلى المحكمة. ويقدم محامي الدفاع أيضا ً مرافعات شفوية في جلسة استماع تعقد أمام المحكمة العليا. ولم يكره صاحب البلاغ على الإقرار بذنبه. وربما يكون قد سئل مرارا ً عن سلوكه، ولكن هذا لا يعني أن الشرطة أجبرته على الإقرار بالذنب.

4 - 21 وفيما يتعلق بالمطالبة المتعلقة بالمادة 14 ( 5 ) من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أتيح له تقديم استئناف فعال. وكان بإمكان صاحب البلاغ أن يقدم شهودا ً وأن يدلي بإفادة شفوية أمام المحكمة العليا، التي كان يمكن أن تبطل قرار محكمة ريكيانس المحلية وتأمر بإرجاع القضية لإعادة المحاكمة. بيد أن الأدلة والحجج التي قدمها صاحب البلاغ لم تغير شيئا ً في تقييم محكمة ريكيانس المحلية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - 1 يؤكد صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة 30 أيار/مايو 2017 أن الدولة الطرف لم تعترض على روايته للوقائع فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية التي اتخذت بحقه. ويرى أن موقف الدولة الطرف استند أساساً إلى وجود قوانين محلية يزعم أنها تكفل حقوق صاحب البلاغ باعتباره شخصا ً مدعى عليه في قضية جنائية، ولكن الدولة الطرف تجاهلت تماما ً أن هذه الضمانات قد انتهكت في قضية صاحب البلاغ.

5 - 2 وقد فسرت الدولة الطرف على نحو خاطئ النظام الداخلي للجنة فيما يتعلق بالأجل المحدد لتقديم البلاغات. وقدم صاحب البلاغ بلاغه في غضون ثلاث سنوات من تاريخ صدور قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن المسألة ذاتها.

5 - 3 ولم تطبق القوانين المحلية المتعلقة بعدم التمييز في قضية صاحب البلاغ. وعلاوة على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ غيَّر شهادته بشأن معرفته ب ‍  "صاد"، ولكن تناقض شهادته، مهما بلغت درجته، ما كان ليعطي السلطات المحلية الحق في ممارسة التمييز ضده. ويقر صاحب البلاغ بأن شهادته قد اعتراها الكثير من التناقضات في بداية الإجراءات الجنائية. ولكن امتناع السلطات عن إبلاغ صاحب البلاغ بالتهم الموجهة إليه بلغة يفهمها والعنف النفسي الذي مارسته ضده بإجباره على الشهادة ضد نفسه هو ما أفقده الثقة في هذه السلطات ودفعه إلى الإدلاء بتلك الأقوال المتناقضة.

5 - 4 وقد أكدت الدولة الطرف أن دور صاحب البلاغ في ارتكاب الجريمة المزعومة يختلف عن دور المدعى عليه الذي يحمل الجنسية الآيسلندية ، غير أن هذا القول ليس صحيحا ً . فالمحكمة العليا ذكرت في قرارها أن المدعى عليه الآيسلندي اتصل بالشرطة، ووفر السكن ل ‍  "صاد"، واتصل بصاحب البلاغ ليطلب منه إخراج "صاد". وكل ذلك إنما يدل على أن تورط المدعى عليه الآيسلندي في ارتكاب الجريمة المزعومة أكبر من تورط صاحب البلاغ. فكل ما فعله صاحب البلاغ هو اصطحاب "صاد" إلى الفندق بناء على طلب المدعى عليه الآيسلندي . ومعاملة المدعى عليهما معاملة مختلفة يدل على تعرض صاحب البلاغ للتمييز. وعلاوة على ذلك، أقرت الدولة الطرف بأن وسائط الإعلام في آيسلندا لا تخضع للرقابة.

5 - 5 ويكرر صاحب البلاغ الحجج التي ساقها بموجب المواد 7 و 9 و 10 من العهد ويؤكد أن الدولة الطرف لم تنكر ادعاءاته بل اكتفت بالقول إن إلقاء القبض على صاحب البلاغ اقتضته الضرورة. ولم تحدد الدولة الطرف العوامل التي أفضت إلى هذا الافتراض.

5 - 6 وأقرت الدولة الطرف بأنه لا يجوز إعطاء الإذن بتطبيق الحبس الانفرادي لمدة أقصاها 28 يوما ً إلا إذا كانت العقوبة القصوى للجريمة هي السجن لمدة 10 سنوات. وأبدت الدولة الطرف استخفافا ً بحقوق صاحب البلاغ إذ دفعت بأن مدة عقوبة الاتجار بالبشر قد رفعت إلى 12 سنة (بينما كانت هذه المدة محددة في ثماني سنوات حين حوكم صاحب البلاغ). ويعد مبدأ عدم رجعية القوانين من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في العهد. ورفع عقوبة الاتجار بالبشر بعد تاريخ إلقاء القبض على صاحب البلاغ لا يجعل إيداعه الحبس الانفرادي إجراء ً قانونيا ً .

5 - 7 وقد أقام صاحب البلاغ الدليل على ادعاءاته التي تستند إلى المادة 14 من العهد ولم تطعن الدولة الطرف في ادعائه بشأن نشر أخبار تشهر به في وسائط الإعلام. وأشارت الدولة الطرف إلى قوانين محلية تضمن الحق في محاكمة عادلة، غير أنها لم تقدم ما يثبت تطبيق هذه الضمانات على صاحب البلاغ. ويفند صاحب البلاغ قول الدولة الطرف إن وسائط الإعلام لم تقدم على نشر أي مقالات عنه إلا بعد صدور قرار المحكمة العليا. وحقيقة الأمر أن صاحب البلاغ علم من وسائط الإعلام أن الشرطة تبحث عنه. وانطلقت في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2009 حملة إعلامية تنعت صاحب البلاغ بأنه مجرم عنيف ومُتَّجر بالأشخاص وشريك في جماعات الجريمة المنظمة الليتوانية. وقد انتهكت الادعاءات المنشورة في وسائط الإعلام حق صاحب البلاغ في افتراض البراءة. ويؤكد صاحب البلاغ أنه كان هناك بالفعل، مترجمُ شفوي أخبره، باللغة الليتوانية، أنه متهم بالاتجار بالبشر، ولكنه لم يتلق إشعارا ً رسميا ً يبين بالتفصيل الاتهامات ويوضح له حقوقه كمتهم.

5 - 8 ومع أنه كان بمقدور صاحب البلاغ استئناف القرار الصادر ضده ومُنح الحق في الكلام، فإن الدولة الطرف لم تثبت أن الاستئناف هو من إجراءات المراجعة الفعالة. ولم تحلل المحكمة العليا استئناف صاحب البلاغ والحجج التي دفع بها، وقد كانت متحيزة ضد صاحب البلاغ واكتفت بإعادة صياغة التعليل الذي قدمته المحكمة الابتدائية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وتشير اللجنة إلى أنه بموجب المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري وتحفظ الدولة الطرف على نص هذا الحكم، لا يمكنها أن تنظر في مسألة تخضع للدراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وفي 28 آذار/مارس 2013 ، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن طلب صاحب البلاغ غير مقبول ( ) . غير أن اللجنة تلاحظ أن المحكمة لا تقدم في قرارها سببا ً محددا ً يبرر عدم المقبولية. ولذلك، فإنه من غير الواضح ما إذا كان هذا القرار يستند إلى أسس إجرائية أو موضوعية. وبناءً عليه، لا يسع اللجنة أن تستنتج أن المحكمة قد نظرت في المسألة نفسها ( ) . ومن هنا، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

6 - 3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في الحجة التي دفع بها صاحب البلاغ فيما يخص استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ أيضا ً أن صاحب البلاغ أثار في سياق استئناف حكم إدانته أمام المحكمة العليا، مسائل متعددة تتعلق بالحياد في محاكمته وطول مدة احتجازه وإيداعه الحبس الانفرادي. وتلاحظ اللجنة أن المواد المعروضة عليها لا تبين، مع ذلك، أن صاحب البلاغ أثار في طلبات الاستئناف المقدمة جوهر ادعاءاته بموجب المادتين 7 أو 10 من العهد، فيما عدا الادعاءات المبنية على واقعة إيداعه الحبس الانفرادي؛ وادعاءاته بموجب المادة 26 بشأن نشر مقالات متحيزة في وسائل الإعلام. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في تلك الادعاءات. ‬ وترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر فيما تبقى من ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 2 و 7 و 9 و 10 و 14 و 26 من العهد.

6 - 4 وتلاحظ اللجنة رأي الدولة الطرف القائل إن البلاغ غير مقبول لأنه لم يقدم في غضون خمس سنوات من التاريخ الذي استنفد فيه صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية. وتشير اللجنة إلى أنه لا توجد مهلة زمنية محددة لتقديم البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري ( ) ، غير أن المادة 99 (ج) من النظام الداخلي للجنة تنص على أن تقديم بلاغ قد يمثل إساءة لاستخدام الحق في تقديم البلاغات إذا قُدم بعد مرور خمس سنوات على استنفاد صاحب البلاغ لسبل الانتصاف المحلية أو، حسب مقتضى الحال، بعد مرور ثلاث سنوات على إتمام إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، ما لم توجد أسباب تبرر هذا التأخر، مع مراعاة جميع ملابسات البلاغ. وفي قضية صاحب البلاغ، قدم البلاغ بعد مرور أقل من ثلاث سنوات على صدور قرار عدم المقبولية عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 28 آذار/مارس 2013 . وعليه، فإن اللجنة ترى أن البلاغ لا يمثل إساءة لاستعمال الحق في تقديم البلاغات.

6 - 5 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 2 من العهد. وتشير اللجنة إلى اجتهادها القضائي الذي رأت فيه أنه لا يجوز أن يتذرع الأفراد بالمادة 2 إلا بالاقتران مع مواد أخرى من العهد وأن هذه المادة لا تشكل، في حد ذاتها، أساساً للتظلم بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 2 من العهد هو ادعاء غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6 - 6 وتشير اللجنة إلى حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن البلاغ يعتبر غير مقبول لأن الحجج التي ساقها صاحب البلاغ هي حجج عمومية. وتحيط اللجنة علما بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 7 و 10 من العهد بشأن ملابسات إيداعه الحبس الانفرادي، وتلاحظ أيضا ً ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 1 ) و( 2 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 26 من العهد، التي تفيد بأنه أُدين استناداً إلى مقالات إعلامية متحيزة وتقرير تقييم المخاطر المتحامل الذي أعدته الشرطة، مما ينم عن مواقف تمييزية تجاهه بسبب جنسيته الليتوانية. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 3 )(أ) و(ب) و(ز) والمادة 14 ( 5 ) من العهد، التي تفيد بأنه لم يُمنح التسهيلات الكافية لإعداد دفاعه، ولم يُتح له الاطلاع على مواد، لم تحدد طبيعتها، وردت في ملف القضية أثناء المحاكمة الجنائية، وأجبر على الشهادة ضد نفسه ولم يكن بإمكانه اللجوء إلى إجراء استئناف فعال. غير أن اللجنة تحيط علما ً بالمعلومات المفصلة التي قدمتها الدولة الطرف ومفادها أن إدانة صاحب البلاغ لم تستند إلى جنسيته بل إلى أدلة خضعت لتقييم شامل من محكمة ريكيانس المحلية والمحكمة العليا. وعلاوة على ذلك، تحيط اللجنة علما ً بالتوضيحات المقدمة من الدولة الطرف بشأن التسهيلات التي أُتيحت لصاحب البلاغ وكسبه جزءا ً من دعوى الاستئناف. وفي ضوء هذه التوضيحات، وعدم ورود تفاصيل أخرى من صاحب البلاغ، ترى اللجنة أنه لم يقدم ما يكفي من الأدلة لإثبات هذه الادعاءات لغرض المقبولية، ولذلك، تعتبرها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 7 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم أدلة كافية لدعم ادعاءاته التي تندرج في إطار المادة 9 من العهد لأغراض المقبولية. ولذلك، تعتبرها مقبولة وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 9 من العهد حين أودعته الحبس الانفرادي المطول لمدة 32 يوما أثناء فترة الحبس الاحتياطي. وتلاحظ اللجنة أن المادة 9 ( 1 ) من العهد تحظر أشكال سلب الحرية التعسفي وغير القانوني. وتذكر اللجنة بتعليقها العام رقم 35 ( 2014 )، الذي ينص على أن سلب الحرية يشمل الحبس الانفرادي ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أودع الحبس الانفرادي لمدة 30 يوما ً ، من 18 تشرين الأول/أكتوبر إلى 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 . وتلاحظ اللجنة أن القانون المحلي الذي كان مطبقا ً في ذلك الوقت ينص، كما اعترفت المحكمة العليا في قرارها المؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، على حظر تطبيق الحبس الانفرادي لمدة تتجاوز أربعة أسابيع (أي 28 يوما ً ) في الجرائم التي تستوجب عقوبة السجن لمدة تقل عن 10 سنوات، بما في ذلك الاتجار بالبشر. وتشير اللجنة أيضا ً إلى قسوة الحبس الانفرادي كشكل من أشكال العقوبة، وتحيط علما ً بأن الدولة الطرف لم تقدم معلومات مفصلة ومحددة تُبين وجه الضرورة التي استدعت إيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي، فيما خلا الإشارة إلى القانون المحلي. ولذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد احتجز بصورة غير قانونية في الحبس الانفرادي يومي 16 و17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، مما يشكل انتهاكا لحقوقه المكفولة بموجب المادة 9(1) من العهد .

7 - 3 وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن محكمة ريكيانس المحلية أصدرت قرارين في 18 و 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 يقضيان بإيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي أثناء فترة الحبس الاحتياطي الفترة من 18 إلى 28 تشرين الأول/أكتوبر 2009 . وتلاحظ اللجنة أن محكمة ريكيانس المحلية لم تُضمِّن القرارين أي معلومات عن الشكوى المرفوعة ضد صاحب البلاغ أو الأدلة التي جمعت ضده. واكتفت بأن أشارت، في التعليل الذي قدمته، إلى المادة 99 ( 1 )(ب) من قانون الإجراءات الجنائية، من دون أن تبين كيف يبرر هذا الحكم استمرار احتجاز صاحب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أن المادة 99 ( 1 )(ب) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على عدم جواز الحبس الانفرادي إلا بناء على أمر من القاضي؛ ولا يوفر أساساً يُستند إليه لتحديد متى يُعدُّ هذا الإجراء مناسبا ً . ولذلك، ترى اللجنة أن مضمون القرارين الصادرين في 18 و 21 تشرين الأول/أكتوبر 2009 والتوضيحات الأخرى المقدمة من الدولة الطرف لا يسمح بتبيُّن الأسباب المحددة التي دعت إلى احتجاز صاحب البلاغ لمدة 30 يوما ً في الحبس الانفرادي، كما تؤكد الدولة الطرف. وتذكر اللجنة بأن الحبس الانفرادي، باعتباره قيدا ً إضافيا ً يفرض على الشخص المحتجز بالفعل، يمكن أن يعد أيضا ً بمثابة انتهاك للمادة 9 ( ) ، ولا سيما عندما لا تكون هناك صلة بين معاملة الشخص المحتجز والغرض المزعوم من احتجازه ( ) . وبناء على ذلك، وبالنظر إلى أن الدولة الطرف لم تقدم تبريرا ً مخصصا ً لإيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي، تخلص اللجنة إلى أن إيداع صاحب الحبس الانفرادي في الفترة من 18 تشرين الأول/أكتوبر إلى 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 كان إجراء ً تعسفيا ً ، مما يشكل انتهاكا ً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 9 ( 1 ) من العهد.

8 - ولا ترى اللجنة، في ضوء النتائج التي توصلت إليها، أن ثمة ضرورة للنظر في الادعاء المنفصل الذي قدمه صاحب البلاغ بموجب المادة 9 من العهد بشأن المدة الإجمالية لإيداعه الحبس الاحتياطي.

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 ( 1 ) من العهد.

10 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر ضرر من انتُهكت حقوقه المكفولة بموجب العهد جبراً تاماً. وبناء على ذلك، تكون الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور أخرى، بمنح صاحب البلاغ تعويضاً كافياً عن الانتهاك الذي تعرض له. وهي ملزمة أيضاً باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً عندما يثبت وقوع انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات بشأن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغات الرسمية للدولة الطرف. ‬

المرفق

رأي فردي لخوسيه مانويل سانتو باييس (رأي مخالف جزئياً)

1 - أتفق مع الاستنتاج الوارد في آراء اللجنة ومفاده أن الدولة الطرف خالفت القانون بإيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي في 16 و17 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، لأنها تجاوزت بيومين الأجل المحدد في القانون المحلي لهذا الغرض (28 يوما ً )، مما يشكل انتهاكا ً لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9(1) من العهد (الفقرة 7- 2) ( ) . غير أن المحكمة العليا في الدولة الطرف تنبهت إلى ذلك وأمرت فورا ً ، في قرارها المؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، بوقف الحبس الانفرادي وإبقاء صاحب البلاغ قيد الاحتجاز.

2 - غير أني لا أتفق مع اللجنة في استنتاجها الذي ذهبت فيه إلى أن عدم ورود تبرير مخصص من الدولة الطرف بشأن إيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي يجعل من هذا الحبس إجراء ً تعسفيا ً على وجه الإجمال، ويشكل بذلك، انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 ( 1 ) من العهد (الفقرة 7 - 3 ). فهذا الاستنتاج لا يتطابق، من وجهة نظري، مع الوقائع في هذه القضية.

3 - وهذه قضية تتعلق بجريمة الاتجار بالبشر ادُّعي فيها على خمسة أشخاص ليسوا من رعايا الدولة الطرف ويشتبه في انتمائهم إلى منظمة إجرامية (كانت هناك أيضا ً شبهات بالابتزاز والحرق العمد والاحتيال، الفقرة 2 - 6 ). وانتهى التحقيق الجنائي والمحاكمة التي تلته في غضون فترة لا تكاد تصل إلى خمسة أشهر، من 18 تشرين الأول/أكتوبر إلى 29 كانون الأول/ديسمبر 2009 ، على الرغم من تشابك القضية، والحاجة إلى التعاون الدولي، وموقف صاحب البلاغ الذي لم يبد تعاونا ً وادعى أنه لم يقابل الضحية قط. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2009 ، وجهت التهم إلى صاحب البلاغ (الفقرة 4 - 5 ) وفي 8 آذار/مارس 2010 حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات (الفقرة 2 - 6 ). وفي وقت لاحق، خفضت المحكمة العليا مدة العقوبة إلى أربع سنوات سجن (الفقرة 2 - 8 )، قضى منها صاحب البلاغ سنتين فقط ثم أبعد عن إقليم الدولة الطرف ونقل إلى بلده الأصلي في تشرين الأول/أكتوبر 2011 (الفقرة 2 - 9 ). وهذا الأمر جدير أن ينظر إليه، في أي ولاية قضائية جنائية، كمثال على بذل العناية الواجبة من محكمة جنائية وإنجاز هام في حد ذاته في قضية الاتجار بالبشر.

4 - وقد خضع قرار احتجاز صاحب البلاغ للمراجعة القضائية باستمرار، وأصدرت المحاكم المحلية 17 قرارا ً في هذا الصدد، بينها ثمانية صادرة عن المحكمة العليا، التي دأبت على إصدار قراراتها في غضون فترة تتراوح بين يومين وخمسة أيام فقط لا غير. ووفقا للقاعدة التي دأبت عليها اللجنة، فإن استعراض الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات المحلية في دعوى بعينها، يعود عموماً إلى محاكم الدولة الطرف، ما لم يتضح أن تقييم هذه المحاكم للتشريعات أو تطبيقها بائن التعسف أو يشكل خطأ واضحاً أو إنكاراً للعدالة، أو أن المحكمة قد انتهكت بصورة أخرى التزامها بالاستقلال والحيادية. وأنا أعتقد أن القضية المعروضة على اللجنة لا تنطبق عليها أي من هذه الظروف.

5 - فقد ألقي القبض على صاحب البلاغ، وهو من الجنسية الليتوانية، في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 وأبلغ على الفور بأنه يشتبه في ضلوعه في الاتجار بالبشر. وفي اليوم نفسه، مثُل صاحب البلاغ أمام محكمة ريكيانس المحلية، التي أمرت بإيداعه الحبس الانفرادي حتى 21 تشرين الأول/أكتوبر 2009، وفي هذا التاريخ مُدد أمر الحبس الانفرادي الصادر في حقه حتى 28 تشرين الأول/أكتوبر 2009.

6 - وقد اتسمت القرارات القضائية بنمط واحد. إذ أبلغ صاحب البلاغ بالشكوى، بحضور محامي الدفاع ومترجم شفوي، وهو نفسه يعترف في الصفحة 17 من بلاغه باشتباه السلطات في ضلوعه في الاتجار بالبشر، وبذلك تصبح ادعاءاته بشأن انتهاك المادة 14 ( 3 ) من العهد ادعاءات باطلة تماما ً (الفقرة 4 - 20 )؛ وتولت النيابة العامة أو الشرطة عرض الأسباب التي دعت إلى احتجازه؛ وتدخل محامي الدفاع فيما بعد؛ ثم أصدرت المحكمة قرارها الذي يقضي بإيداع صاحب البلاغ الحبس الانفرادي أو، في وقت لاحق، بإبقائه في الحبس.

7 - وقضت المحكمة، في قرارها الأول المؤرخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، بإيداع المتهم الحبس الانفرادي، عملاً بالمادة 99 ( 1 )(ب) من قانون الإجراءات الجنائية والقيود المنصوص عليها في المادة 99 ( 1 )( أ)- (و). وأعلن المتهم أنه راض بهذا القرار.

8 - وعليه، فإن القاضي بين بوضوح الأسباب التي تبرر قرار الحبس الانفرادي، بالاستناد إلى الأحكام المحلية ذات الصلة. ويقر صاحب البلاغ، في الصفحة 6 من بلاغه، بأنه فهم هذه الأسباب، أي أن الجريمة المرتكبة تستوجب عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات، وترجيح إمكانية التأثير الشهود وإتلاف الأدلة. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف وكذلك صاحب البلاغ، إلى سببين هما احتمال أن يقدم المدعى عليه على عرقلة سير التحقيق عن طريق محو الأدلة أو التأثير على سائر المدعى عليهم أو على الشهود؛ وقد اقتضت الضرورة اللجوء إلى الحبس الاحتياطي لحماية الآخرين من المدعى عليه أو لحماية المشتبه به من التعرض للاعتداء أو من تأثير الآخرين عليه (الفقرة 4-12). ويمكن للقاضي أن يقضي بجواز إيداع المدعى عليه الحبس الانفرادي إذا توفر أحد هذين الشرطين. وهذا ما حدث بالضبط. وتؤكد الدولة الطرف أيضا ً أن صاحب البلاغ كان متقلبا في أقواله وأنه من الواضح أنه على علاقة وثيقة بسائر المدعى عليهم، مما يجعله قادرا ً على إزالة الأدلة أو التشاور مع المدعى عليهم الآخرين (الفقرة 4-13).

9 - ولذلك، فأنا لا أرى أن ثمة تعليلا ً آخر كان يُنتظر من المحكمة المحلية أن تقدمه لكي تدعم به قرارها، في بداية هذا التحقيق الجنائي المعقد حيث لم يكن قد جرى بعد كشف معظم الوقائع وتخمينها وتقييمها، غير الإشارة إلى وجود سببين محتملين للجوء إلى الحبس الانفرادي نصت عليهما الأحكام المحلية ذات الصلة. ويصدق القول نفسه على قرار المحكمة الثاني، الصادر في 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 ، الذي يقضي باستمرار الحبس الانفرادي. أما قرار المحكمة الثالث بشأن الحبس الانفرادي، الذي صدر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، بعد مرور 10 أيام على إلقاء القبض على صاحب البلاغ، فقد تضمن تقييما ً أكثر موضوعية للوقائع، وأعني بذلك التقرير المفصل الصادر عن رئيس الشرطة في سورنس ، الذي وردت فيه الاستنتاجات التالية:

إن التحقيق في تجارة الرقيق المزعومة معقد للغاية وتعتقد الشرطة أن المتهم قد يعطل التحقيق في القضية ويؤثر على المتواطئين أو الشهود، أو حتى يقدم على إزالة الأدلة، إذا تركت له حرية التنقل. وقد احتُجز الآن سبعة أشخاص في إطار هذه القضية، وهناك تناقضات كبيرة تعتري الشهادات التي أدلوا بها للشرطة.

10 - وفي ظل هذه الظروف، ونظرا لتشابك القضية، وعدم تعاون صاحب البلاغ، واحتمال وجود منظمة إجرامية خطيرة تعمل في أراضي الدولة الطرف، وضرورة الفصل بين الأشخاص المدعى عليهم، وتوخي ضمان إجراء تحقيق فعال وشامل بعيدا ً عن أي تدخل غير مشروع من الأشخاص المدعى عليهم، يبدو قرار إبقاء صاحب البلاغ في الحبس الانفرادي قرارا ً معقولا ً . وهو الاستنتاج الذي توصلت إليه المحكمة العليا أيضا ً ، باستثناء قرارها المؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، عندما تجاوزت مدة الحبس الانفرادي بالفعل المدة القصوى المحددة في 28 يوما ً .

11 - وبناء على ما تقدم، لا أرى كيف يمكن القول إن قرارات المحاكم المحلية بائنة التعسف أو إنها تشكل خطأ واضحا ً أو إنكارا ً للعدالة، ولذلك، فأنا ما كنت لأقول في استنتاجي إن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 ( 1 ) من العهد بإقدامها على إيداعه الحبس الانفرادي لمدة 28 يوما ً أو إبقائه رهن الاحتجاز الاحتياطي حتى تاريخ محاكمته في آذار/مارس 2010 .