الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/3256/2018

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

15 February 2023

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3256/2018 * ** ***

بلاغ مقدم من: ديفرادج جادو (يمثله المحامي سيورد توم فان بيرغ هينيغوين )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ: 12 حزيران/يونيه 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 26 تموز/يوليه 2022

الموضوع: الحق في عرض قرار الإدانة الجنائية والعقوبة الصادرة على محكمة أعلى درجة لإعادة النظر فيهما

المسائل الإجرائية: عدم المقبولية - عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في المساواة أمام المحاكم وفي عرض قرار الإدانة الجنائية والعقوبة الصادرة على محكمة أعلى درجة لإعادة النظر فيهما

مادة العهد: 14 ( 5)

مادة البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )(ب)

1- صاحب البلاغ هو ديفرادج جادو، مواطن من سورينام، مولود في 18 آذار/مارس 196 1. ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة 14( 5) من العهد، بسبب عدم قيام ’’محكمة من الدرجة الثالثة‘‘ بمراجعة قضائية لقرار إدانته الجنائية والعقوبة الصادرين بحقه عن محكمة الاستئناف. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 11 آذار/مارس 197 9. ويمثل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 حوكم صاحب البلاغ بتهمة جريمتي قتل السيد ر. م. ن. كاراماتالي والسيد ب. أ. شتاين، اللتين ارتكبتا في عام 200 8. وفي 6 أيار/مايو 2010، أدين صاحب البلاغ وحكم عليه بالسجن لمدة 18 سنة بتهمة قتل السيد كاراماتالي ، وبرئت ساحته من تهمة قتل السيد ب. أ. شتاين، بموجب حكم صادر عن محكمة زوول - ليليشتاد المحلية (المحكمة الابتدائية ).

2-2 وعقب الاستئناف الذي قدمه المدعي العام إلى محكمة الاستئناف في أرنهيم - ليوواردن طعناً في حكم البراءة الصادر عن المحكمة الابتدائية، أجرت محكمة الاستئناف فحصاً جديداً للوقائع. وطعن صاحب البلاغ أيضاً بالاستئناف على حكم المحكمة الابتدائية، ولكن لم يكن بإمكانه الاستئناف إلا ضد قرار إدانته بقتل الضحية الأولى.

2-3 وفي 26 نيسان/أبريل 2013، أدانت محكمة الاستئناف في أرنهيم - ليوواردن صاحب البلاغ بقتل السيد كاراماتالي ، مؤكدةً بذلك الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية، وبقتل السيد شتاين الذي برئت ساحته بشأنه في المحكمة الابتدائية. فحُكم عليه بالسجن لمدة 29 عاماً وستة أشهر.

2-4 وفي 31 كانون الأول/ديسمبر 2014، قدم صاحب البلاغ طعناً بالنقض إلى المحكمة العليا، محتجاً بإساءة تطبيق القانون، لأن محكمة الاستئناف استندت في حكمها إلى فهم غير صحيح لمفهوم التواطؤ (حيث اعتبرت أنه يعني ’’المعيّة والاشتراك مع آخرين‘‘) ولمفهوم سبق الإصرار، واستخدمت أقوال الشهود على نحو يضر بصاحب البلاغ، وتوصلت إلى استنتاجات وقائعية لا يمكن استخلاصها من الأدلة وأسس الإثبات المستخدمة.

2-5 وفي 29 أيلول/سبتمبر 2015، رفضت المحكمة العليا الطعن بالنقض الذي قدمه صاحب البلاغ، معتبرة أنه لا يوجد أساس لتعديل الحكم المطعون فيه. ومع ذلك، قررت المحكمة العليا خفض عقوبة السجن من 29 سنة وستة أشهر إلى 29 سنة، وعدّلت أحكام محكمة الاستئناف فيما يتعلق بالتعويضات الممنوحة للأطراف.

2-6 ويدعي صاحب البلاغ عدم وجود سبل انتصاف أخرى متاحة للطعن في قرار المحكمة العليا. والمسألة ذاتها ليست محل دراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية ( ) .

الشكوى

3-1 يدفع صاحب البلاغ بأنه حرم من إمكانية أن يعرض قرار إدانته والعقوبة الصادرة بحقه عن محكمة الاستئناف بتهمة قتل السيد شتاين، التي برأته منها المحكمة الابتدائية، على محكمة أعلى درجة لتعيد النظر فيهما وفقاً للقانون. ومن ثم، فإن حقوقه المكفولة بموجب المادة 14( 5) من العهد قد انتُهكت.

3-2 ويؤكد أنه لا توجد هيئة قانونية في نظام هولندا من شأنها أن تستعرض وقائع القضية مرة أخرى بعد إدانة محكمة الاستئناف له في المرة الأولى. والمحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف هما الدرجتان القضائيتان الوحيدتان اللتان تستعرضان وقائع القضايا.

3-3 وعلى الرغم من أن صاحب البلاغ طعن بالنقض في حكم محكمة الاستئناف أمام المحكمة العليا، فإن الأخيرة لم تعد النظر في الوقائع. والهدف من النقض هو الحفاظ على الاتساق القانوني، وتوجيه تطوير القانون وضمان الحماية القانونية. فيمثل النقض نوعاً من أنواع مراقبة الجودة يختص بالأحكام المطعون فيها الصادرة عن محاكم الاستئناف فيما يتعلق بكل من تطبيق القانون والتعليل القانوني. وبالإضافة إلى ذلك، رفضت المحكمة العليا الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ بالنقض.

3-4 ووفقاً للاجتهادات السابقة للجنة، تستلزم أي مراجعة فعالة أن تنظر محكمة أعلى في وقائع القضية ( ) . ويدفع صاحب البلاغ بأن له الحق في أن يُعاد النظر في الوقائع المتعلقة بمقتل السيد شتاين، على النحو المنصوص عليه في المادة 14( 5) من العهد. غير أنه لا يمكن إعادة النظر في الوقائع بموجب النظام القانوني لهولندا بعد أن أدانت محكمة الاستئناف صاحب البلاغ في المرة الأولى. ولذلك، لم تتح لصاحب البلاغ إمكانية الوصول الفعلي إلى درجة الاستئناف.

3-5 وثمة عامل آخر وهو جسامة الجرائم التي أدين بها صاحب البلاغ. والعقوبة القصوى للقتل بموجب قانون هولندا هي السجن مدى الحياة. وعندما تتعلق القضية بجريمة بهذه الجسامة، كالقتل، يكون من الأهمية بمكان التمتع بالحق في إعادة النظر في الإدانة والعقوبة عند الاستئناف من قبل محكمة أعلى.

3-6 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت التزاماتها بموجب المادة 14( 5) من العهد، وأن توصي بأن تعتمد جميع التدابير اللازمة لتوفير سبل الانتصاف المناسبة لصاحب البلاغ، وفقاً للمادة 2( 3) من العهد، ومنها أن تعيد السلطات المحلية النظر في قضيته.

معلومات إضافية مقدمة من صاحب البلاغ

4-1 في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أشار صاحب البلاغ إلى أنه يود أن تعيد محكمة أعلى في هولندا النظر في قضيته، وفقاً للمادة 14( 5) من العهد، بما في ذلك وقائع القضية ( ) . كما يود أن تمنحه الدولة الطرف تعويضاً كاملاً عن انتهاك حقوقه.

4-2 وبالإضافة إلى ذلك، يرغب صاحب البلاغ في أن تتاح له فرصة أن تعيد المحكمة العليا النظر في قضيته، في حال خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك للعهد، بنفس الطريقة التي تُستخدم بها استنتاجات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي يكون مفادها حدوث انتهاك كأساس لإعادة النظر في الأحكام الوطنية. ويطلب صاحب البلاغ أيضاً شطب سجله الجنائي فيما يتعلق بالجريمة المعنية في هذه القضية، وحذف جميع البيانات المتعلقة بالجريمة من سجلات الشرطة، والحصول على تعويض عن السجن غير القانوني ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في 18 نيسان/أبريل 2019، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، مشيرة إلى الوقائع الرئيسية.

5-2 فلقد حوكم صاحب البلاغ لضلوعه في جريمتي قتل ارتكبتا في تشرين الأول/أكتوبر 200 8. وحكمت عليه محكمة زوول - ليلي ش تاد المحلية، في حكمها الصادر في 6 أيار/مايو 2010، بالسجن لمدة 18 عاماً لمشاركته في ارتكاب جريمة قتل وإخفاء الجثة والتخلص منها، ولمشاركته في إخفائه جثة ثانية والتخلص منها، ولمحاولته التحريض على القتل. ورأت المحكمة المحلية أنه لا توجد عناصر كافية لإثبات أن صاحب البلاغ مذنب بالضلوع في ارتكاب جريمة قتل ثانية وقررت تبرئته من تلك التهم. واستأنف صاحب البلاغ والمدعي العام حكم المحكمة المحلية. وأيدت محكمة الاستئناف في حكمها الصادر في 26 نيسان/أبريل 2013، بعد جلسات استجواب في المحكمة (في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 و9 كانون الثاني/يناير 2013 و8 و9 و10 و12 نيسان/أبريل 2013 )، قرار الإدانة الصادر عن المحكمة الابتدائية، وأدانت أيضاً صاحب البلاغ بجريمة القتل التي برأته منها المحكمة الابتدائية. وفرضت محكمة الاستئناف حكماً بالسجن لمدة 29 عاماً وستة أشهر.

5-3 وقُدم طعن بالنقض بالنيابة عن صاحب البلاغ. وفي جلسة الاستماع التي عقدت في 19 أيار/ مايو 2015، أوصى المدعي العام في المحكمة العليا بإبطال الحكم المطعون فيه، ولكن فقط فيما يتعلق بعقوبة السجن التي فرضت وعدد من القرارات التي تسمح بالمطالبات المالية. وفي 29 أيلول/ سبتمبر 2015، أبطلت المحكمة العليا الحكم المطعون فيه، ولكن فقط فيما يتعلق بمدة عقوبة السجن المفروضة. واتبعت المحكمة العليا فتوى المدعي العام. فخفضت العقوبة بمقدار ستة أشهر، أي إلى السجن لمدة 29 عاماً. وعلى جميع الأصعدة الأخرى، رفضت المحكمة العليا الطعن بالنقض وأصبح حكم محكمة الاستئناف واجب النفاذ.

5-4 وتجادل الدولة الطرف بأن هذا البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة، عملاً بالمادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، لأن صاحب البلاغ لم يثر أياً من المسائل المعروضة على اللجنة في إجراءات الجلسة التي عقدت أمام المحكمة العليا. وعلى وجه الخصوص، لم يشتك من أن قانون الإجراءات الجنائية في هولندا معيب لأنه لا يسمح باللجوء إلى درجة استئناف ثانية من شأنها أن تعيد تقييم وقائع القضية.

5-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تجادل الدولة الطرف بأن المادة 14( 5) من العهد لم تنتهك. ففي هذه القضية، لا تنص المادة 14( 5) على أي حق في الوصول إلى درجة ثانية من الاستئناف يعاد فيها تقييم وقائع القضية. وبعد كل إدانة، تسنى لصاحب البلاغ سبيل انتصاف قانوني بالمعنى المقصود في المادة 14( 5). ويستدل من الأعمال التحضيرية للحكم المعني أن القصد منه هو التعبير عن المبدأ العام الذي يفيد بوجوب إتاحة سبيل انتصاف قانوني للطعن في الإدانة الجنائية. وكقاعدة عامة، لأي شخص مدان بارتكاب جريمة الحق في الاستئناف. وتقرَّر عدم تحديد أي تفاصيل أخرى تتعلق بسبيل الانتصاف القانوني المذكور، بما يترك للدول حرية اتخاذ قرارات إضافية بشأن هذه النقطة. كما ليس هناك ما يشير إلى وجود أي حق في الوصول إلى عدة درجات من إجراءات الاستئناف بعد الإدانة. وتؤكد الدولة الطرف أن المادة 14( 5) لا تنص سوى على درجة استئناف واحدة يعاد فيها تقييم الوقائع.

5-6 ويجادل صاحب البلاغ بأن الاستئناف الذي تعيد فيه المحكمة تقييم الوقائع يجب أن يكون متاحاً دائماً في مثل هذه الحالة ( ) . ولا توافق الدولة الطرف على ذلك؛ فهذا التفسير يتنافى مع نية جميع الدول الأطراف في العهد. كما أنه يتعارض مع صكوك حقوق الإنسان الأخرى، مثل البروتوكول رقم 7 الملحق باتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ). وإذا قُبلت حجة صاحب البلاغ، فسيتعين تفسير المادة 14( 5) بحيث تعني أنه إذا توصلت محكمة ابتدائية إلى استنتاج على أساس الوقائع، ثم توصلت محكمة استئناف إلى استنتاج مختلف على أساس نفس الوقائع، فيتعين على محكمة استئناف أخرى إعادة تقييم تلك الوقائع نفسها. وقد يؤدي ذلك إلى إجراءات لا نهاية لها تتعلق بنفس الوقائع، وقد ينطوي على تعطيل ملحوظ لأنظمة المحاكم في بلدان القانون المدني. فبموجب هذه النظم، تجوز إدانة شخص (على النقيض من بلدان القانون العام) خلال إجراءات الاستئناف بعد أن بر أ ته المحكمة الابتدائية. ومن المستبعد أن يكون تفسير المادة 14( 5) الذي يحظر مثل هذه النتيجة في حال عدم توافر درجة استئناف ثانية، مطابقاً لنية جميع الدول الأطراف في الاتفاقية (ولا سيما الدول التي تجوز فيها الإدانة بعد صدور الحكم بالبراءة ). وتتجلى هذه النية في التحفظات التي أبدتها عدة دول أطراف على المادة 14( 5) من العهد، والتي تفسر المادة 14( 5) على نحو لا تتعارض بمقتضاه الاتفاقية مع التشريعات الوطنية التي تنص على عدم إتاحة استئناف آخر لقرار إدانة صدر عن إجراءات الاستئناف عقب صدور حكم بالبراءة في المحكمة الابتدائية. وعلى الرغم من أن هولندا لم تصدر إعلاناً بهذا المعنى، فإن الحكومة لا ترى ضرورة لذلك لأنها تعتبر التحفظات المذكورة أعلاه بمثابة إعلانات تفسيرية ( ) . وإذا كان ما يسمى تحفظاً يقتصر على عرض تفسير الدولة لحكم معين ولكنه لا يستبعد أو يعدل ذلك الحكم في انطباقه على تلك الدولة، فإنه لا يشكل تحفظاً في الواقع ( ) . ولم تعترض الدول الأطراف الأخرى على هذه الإعلانات التفسيرية.

5-7 وثمة دليل آخر على أن تفسير صاحب البلاغ للمادة 14( 5) لا يتفق مع نوايا الدول الأطراف، وهو أن 44 دولة من الدول الأطراف صدقت على البروتوكول رقم 7 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وتسمح المادة 2( 2) من البروتوكول رقم 7 بأن يخضع حق الشخص في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في إدانته لاستثناءات في الحالات التي يكون الشخص قد أدين فيها بعد استئناف حكم البراءة الصادر في المحكمة الابتدائية. ولذلك يبدو من الأرجح وجوب تفسير المادة 14( 5) على نحو لا ينطوي على أي حق في إعادة النظر في محكمة من الدرجة الثالثة بعد صدور قرار الإدانة في إجراءات الاستئناف.

5-8 وفي هذه القضية، أتيح لصاحب البلاغ سبيل انتصاف قانوني بالمعنى المقصود في المادة 14( 5) من العهد بعد كل إدانة. وتذكر الدولة الطرف بأن الإجراء الذي ينص على القيام بمراجعة قضائية للمسائل القانونية فقط لا يشكل سبيل انتصاف قانونياً بالمعنى المقصود في المادة 14( 5) من العهد ( ) . ولا تعتبر حتى ’’إعادة النظر التي تنحصر في الجوانب القانونية أو الرسمية من الإدانة دون مراعاة لأي جانب آخر‘‘ كافية ( ) . ومع ذلك، يكفي تنفيذ إجراء تنظر بموجبه ’’محكمة أعلى درجة (...) بدقة كبيرة في الادعاءات المقدمة ضد شخص مدان، وتدرس الأدلة المقدمة أثناء المحاكمة وتلك التي أُشير إليها في الاستئناف، فتجد ما يكفي من الأدلة الدامغة التي تبرر الإدانة في دعوى بعينها‘‘ ( ) . وتبين السوابق القضائية للجنة أيضاً أن من الأهمية بمكان أن تعيد المحكمة العليا النظر في تقييم محكمة الاستئناف لمدى كفاية الأدلة ( ) . وأشارت اللجنة إلى أن عبارة ’’وفقاً للقانون‘‘ يجب أن تفهم على أنها تشير إلى أساليب إعادة النظر من قبل هيئة قضائية أعلى ( ) .

5-9 واستناداً إلى ما تقدم، تجادل الدولة الطرف بوجوب اعتبار الاستئناف والطعن بالنقض بمثابة سبيلي انتصاف قانونيين بالمعنى المقصود في المادة 14(5 )، علماً بأنهما كانا متاحين لصاحب البلاغ. وتقتضي الأحكام القانونية التي تنظم الاستئناف أن تتداول محكمة الاستئناف بشأن جلسات الاستجواب التي تعقد في المحكمة في كل من إجراءات المحكمة الابتدائية وإجراءات الاستئناف، وأن تبت فيها ( ) . وفي عام 2007، عُدل النظام باعتماد قانون إجراءات الاستئناف الجنائية، مما سمح بالتركيز خلال جلسات الاستجواب في المحكمة في سياق إجراءات الاستئناف على أوجه الاعتراض التي يثيرها المدعى عليه و/أو المدعي العام. ومع ذلك، تظل محكمة الاستئناف محكمة من الدرجة الثانية مكلفة بالبت في المسائل المتعلقة بالوقائع. وعقب الحكم بالبراءة من لائحة اتهام بكاملها في المحكمة الابتدائية، لا يتم تناول الجريمة المعنية في إجراءات الاستئناف، ما لم يستأنف المدعي العام حكم البراءة ( ) . ويجب على محكمة الاستئناف في جميع الحالات أن تبت من جديد في بعض المسائل ومنها ما إذا كانت التهم الواردة في لائحة الاتهام قد ثبتت بصورة قانونية ومقنعة. ويهدف سبيل الانتصاف القانوني المتمثل في الطعن بالنقض إلى جملة أمور منها تحديد ما إذا كان قرار محكمة الاستئناف متسقاً مع القانون، وما إذا كانت الشروط الإجرائية اللازمة قد استوفيت. ويجب أن تكون هناك شكوى محددة بشأن انتهاك قاعدة قانونية معينة و/أو خرق شرط إجرائي واجب التطبيق من قبل المحكمة.

5-10 ومن الأمثلة على هذه الأخيرة، شكوى تتعلق على سبيل المثال بتعليل معيب للأدلة المتعلقة ببعض التهم، مثل انتهاك المادة 359( 3) من قانون الإجراءات الجنائية. ويمكّن هذا الحكم المحكمة العليا من النظر في الوقائع وتفسير الأدلة. وفي حال مقبولية الطعن بالنقض وتقديم مبررات الاستئناف في الوقت المحدد، يناقشهما المحامي العام بمكتب المدعي العام في المحكمة العليا من خلال فتوى خطية ( ) .

5-11 وعلى سبيل المثال، إذا ناقش المحامي العام أوجه اعتراض الدفاع بشأن الأدلة بتفصيل كبير، وشرح سبب عدم استنادها إلى أي أساس من الصحة ثم أوصى بتطبيق المادة 81 من قانون السلطة القضائية، ثم أصدرت المحكمة العليا قراراً بهذا المعنى - بشكل عام دون تقديم أسباب أخرى - فهذا يشير إلى أن المحكمة العليا تتفق مع الفتوى. ودائماً ما يتولى البت في الطعن بالنقض ثلاثة أعضاء (على الأقل) من هيئة كاملة تابعة للمحكمة العليا، بعد إجرائها تقييم خاص من جانبها. وفي معظم القضايا التي خلصت فيها اللجنة في السنوات الأخيرة إلى حدوث انتهاك للمادة 14( 5) من العهد، تستتبع القيود التي تفرضها النظم الوطنية على الحق في الاستئناف النظر مرة واحدة فقط في الأسس الموضوعية لقضايا أصحاب البلاغات.

5-12 وقد نُظر في قضية صاحب البلاغ في ثلاث درجات من الإجراءات القضائية. وبُحثت الوقائع بتفصيل مستفيض في كل من المحكمة المحلية ومحكمة الاستئناف. وخلصت محكمة الاستئناف إلى وجود أدلة كافية لتبرير الإدانة. واستأنف محامي المدعى عليه بالنقض وقدم عدة مبررات للاستئناف، تضمنت شكاوى متعددة تتعلق بقرارات الإدانة التي اتُخذت على أساس الأدلة، والأسباب المقدمة لإصدار تلك القرارات. وتناول المحامي العام هذه الاعتراضات بتفصيل كبير في فتواه، موضحاً أن الشكاوى مصيرها الفشل، وأوصى برفض الطعن بالنقض بتطبيق المادة 81 من قانون السلطة القضائية. وقيّمت المحكمة العليا أيضاً مبررات الطعن بالنقض ثم اتبعت توصية المحامي العام. وتعتقد الحكومة أن الطعن بالنقض بمثابة إجراء تنظر من خلاله محكمة أعلى درجة بدقة كبيرة في الادعاءات المقدمة ضد شخص مدان، وتدرس الأدلة المقدمة أثناء المحاكمة وتلك التي أُشير إليها في الاستئناف، فتجد ما يكفي من الأدلة الدامغة التي تبرر الإدانة في دعوى بعينها.

5-13 وتحتج الدولة الطرف كذلك بأن إشارة صاحب البلاغ إلى قضية س. ي. ضد هولندا تتعلق بملابسات مختلفة تنطوي على إذن بالاستئناف. وفي هذه القضية، يتضح من الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف والمحكمة العليا أن قضية صاحب البلاغ قد بحثت بقدر كبير من التفصيل. ولا يوجد دليل على المساس بحقوق الدفاع بأي شكل من الأشكال. ومن غير المناسب استخدام اقتراح تسوية من قضية مختلفة كمعيار لجبر الضرر في هذه القضية، لا سيما وأن جوهر القضايا يختلف اختلافاً كبيراً. وتكرر الدولة الطرف أنه لا يوجد ما يشير إلى ضرورة توافر عدة درجات من الاستئناف. وفي هذه القضية، فإن اشتراط توافر سبيل آخر للاستئناف يمكن من خلاله إعادة تقييم الوقائع يتجاوز حدود المعقولية.

5-14 وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن عدم مقبولية الشكوى نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، أو أن تعتبر أن إدانة صاحب البلاغ لا تشكل انتهاكاً للمادة 14( 5) من العهد.

تعليقات إضافية من صاحب البلاغ

6-1 في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2019، قدم صاحب البلاغ تعليقات، محتجاً بأنه ينبغي اعتبار البلاغ مقبولاً لأنه استنفد سبل الانتصاف المحلية.

6-2 وقدم صاحب البلاغ والمدعي العام استئنافين في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية. وقدم صاحب البلاغ طعناً بالنقض في حكم محكمة الاستئناف إلى المحكمة العليا. وفي إجراءات النقض، لم يكن من الممكن تقديم شكوى بشأن وجود قصور في قانون الإجراءات الجنائية في البلد لعدم نصه على أي أحكام تتيح درجة استئناف ثانية يعاد فيها تقييم وقائع القضية، لأنه في حالة النقض لا يجرى فحص جديد لوقائع القضية. وبصفة عامة، لا يستطيع صاحب البلاغ أن يشكو من غياب درجة من درجات التقاضي في إجراءات قضائية غير موجودة أصلاً. فلا توجد درجة استئناف أخرى بعد الطعن بالنقض.

6-3 ويعترض صاحب البلاغ على الحجة المتعلقة بنية جميع الدول الأطراف في الاتفاقية عدم تطبيق المادة 14( 5) على الحالات التي لا تتوافر فيها درجة ثانية من الاستئناف. فلا تتجلى هذه النية في التحفظات التي أبدتها، ولم تصدر حكومة هولندا إعلاناً في هذا الصدد. وفيما يتعلق بالادعاء بأن تفسير صاحب البلاغ للمادة 14( 5) لا يتفق مع نوايا الدول الأطراف، استناداً إلى أن 44 دولة من الدول الأطراف قد صدقت على البروتوكول رقم 7 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، يدفع صاحب البلاغ بأن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تنص على الحق في اللجوء إلى درجتين من درجات التقاضي وليس إلى درجة تقاضي واحدة للنظر في الوقائع بعد الإدانة على النحو المنصوص عليه في العهد. وكفالة إعادة النظر في قرار الإدانة وفي العقوبة هو حرفياً ما ينص عليه الحكم المعني في العهد. كما أن أحكام العهد تنطبق مباشرة بموجب تشريعات هولندا. وبما أنه يجوز للمواطن أن يشكو من انتهاك للعهد، بعد اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن الهيئة التشريعية في هولندا ترى فرقاً بين المعاهدتين، وتقبل إمكانية توسيع نطاق الحماية القانونية بموجب العهد. ويخلص صاحب البلاغ إلى أن المادة 14( 5) من العهد توفر للمواطنين حماية أوسع من تلك التي يمنحها البروتوكول رقم 7 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لأنها لا تقصر الحق في الاستئناف على درجتين فقط من درجات التقاضي .

6-4 وفي حين أن المادة 14( 5) من العهد لا تقتضي من الدول الأطراف أن تتيح عدة درجات من الاستئناف، فإنه في الحالات التي تكون فيها محكمة ابتدائية قد برأت المشتبه فيه ولكن أدانته محكمة استئناف، لا بد أن تتاح للمتهم إمكانية اللجوء إلى محكمة أعلى درجة لتعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه. وإذا خلصت هذه المحكمة الأعلى درجة إلى أنه ينبغي إدانة المشتبه فيه استناداً إلى نفس الوقائع، يكون من الممكن أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه. وعندئذ تكون الإدانة قراراً قضائياً نهائياً. وبالتالي فإن التخوف من الخوض في إجراءات لا نهاية لها بشأن نفس الوقائع لا مبرر له.

6-5 وعلاوة على ذلك، لا يشاطر صاحب البلاغ حجة الدولة الطرف التي مفادها أنه تسنى له، بعد كل قرار إدانة، سبيل انتصاف قانوني بالمعنى المقصود في المادة 14( 5) من العهد. وكما ورد في قضية ه. ك. ضد النرويج ، يجب أن تتسنى درجة تقاضي تتم فيها إعادة فحص وقائع القضية ( ) . ويمكن القول إن إجراء النقض البحت غير كاف ولا يتفق مع المادة 14( 5). فهو ليس إجراء يمكن بموجبه للمتهم أن يعيد عرض قرار إدانته والعقاب الذي حكم به عليه أمام قاض. ولا تجري المحكمة العليا لهولندا فحصاً جديداً لوقائع القضية والأدلة.

6-6 وفي عدد من الحالات، خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك لحق المتهم في أن تعيد محكمة أعلى النظر في قرار الإدانة والعقوبة عقب تبرئته في المحكمة الابتدائية وإدانته في الاستئناف ( ) . وحتى في الحالات التي برئ فيها المتهم من بعض الجرائم وأدين بجرائم أخرى في المحكمة الابتدائية ثم أدين في الاستئناف عن الجرائم التي برئ منها في المحكمة الابتدائية، وجدت اللجنة حدوث انتهاك إذا لم تتح له درجة استئناف فعلية تسمح بالطعن في تلك الإدانات الابتدائية ( ) . وتتعلق الحالات التي يشير إليها صاحب البلاغ بحالة مماثلة إن لم تكن مطابقة لحالته.

6-7 وفي هولندا، لا توجد سوى درجتين من درجات التقاضي للنظر في الوقائع: المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف. وبعد أن أدانت محكمة الاستئناف صاحب البلاغ، لم تتسن له إمكانية تقديم استئناف إلى هيئة قانونية أعلى درجة تنظر في وقائع القضية. والحجة التي مفادها أنه أتيح لصاحب البلاغ، بعد كل إدانة، سبيل انتصاف قانوني بالمعنى المقصود في المادة 14( 5) من العهد حجة غير صحيحة.

ملاحظات أخرى من الدولة الطرف

7-1 في 9 كانون الأول/ديسمبر 2019، ذكرت الدولة الطرف أن تعليقات صاحب البلاغ المؤرخة 4 تشرين الأول/أكتوبر 2019 لم تتضمن ما يدعو إلى تغيير ملاحظاتها الأولية.

7-2 وفيما يتعلق بالمقبولية، تتمسك الدولة الطرف بالقول إنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ. وتذكر أن إجراء النقض يمثل درجة ثانية من درجات الاستئناف يعاد فيها تقييم وقائع القضية، مشيرة إلى قضيتين وطنيتين احتج فيهما بالمادة 14( 5) من العهد أمام المحكمة العليا.

7-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تشير الدولة الطرف إلى أن المادة 14( 5) من العهد لم تُنتهك لأنها لا تنص على أي حق في الوصول إلى درجة ثانية من درجات الاستئناف يعاد فيها تقييم وقائع القضية. وتدفع أيضاً بأنه تسنى لصاحب البلاغ سبيل انتصاف بعد كل إدانة.

7-4 ولا تتفق الدولة الطرف على أن قضيتي ه. ك. ضد النرويج و غوماريز فاليرا ضد إسبانيا تتعلقان بحالة مماثلة أو مطابقة لحالة صاحب البلاغ. ففي قضية ه. ك. ضد النرويج ، تعلق الأمر بقرار محكمة الاستئناف رفض الإذن بالاستئناف ضد قرار الإدانة الصادر عن المحكمة المحلية. واقتصر ادعاء صاحب البلاغ على عدم وجود حكم معلل حسب الأصول. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تجادل الدولة الطرف بأن المادة 14( 5) من العهد لم تنتهك.

7-5 وفي قضية فاليرا ضد إسبانيا ، تعلقت الادعاءات بعدم وجود إمكانية قانونية تتيح لصاحب البلاغ الطعن في إدانته أمام المحكمة العليا لإسبانيا. وكما هو موضح في هذا البلاغ، اضطلعت كل من المحكمة المحلية ومحكمة الاستئناف والمحكمة العليا بتقييم قضية صاحب البلاغ بالمعنى المقصود في المادة 14( 5).

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

8-1 في 9 تموز/يوليه 2020، طلبت الدولة الطرف الإذن بتقديم معلومات محدثة حول قرارات المحكمة العليا. وكانت قد ظهرت سوابق قضائية جديدة ذات صلة بالخلاف الوارد في هذا البلاغ بشأن نطاق المادة 14( 5) من العهد.

8-2 وكان قد صدر عن المحكمة العليا حكمٌ بشأن حالة مماثلة لحالة صاحب البلاغ في 18 شباط/ فبراير 2020 ( ) .

8-3 وفي تلك القضية، برّأت المحكمة المحلية المدعى عليه من الجرائم التي اتهم بها. وعند الاستئناف، أدين المدعى عليه بارتكاب جرائم متعددة. وفي إجراءات الاستئناف، احتج محامي المدعى عليه بأنه في مثل هذه الحالات، التي برئت فيها ساحة المدعى عليه في المحكمة الابتدائية وقدمت النيابة العامة استئنافاً، فإن قانون الإجراءات الجنائية في هولندا لا يمتثل للمتطلبات الدولية، ولا سيما المادة 14( 5) من العهد. ونظراً للقيود الملازمة للطعن بالنقض، احتُج بأن تلك الإجراءات لا يمكن اعتبارها إعادة نظر من جانب محكمة أعلى درجة بالمعنى المقصود في المادة 14( 5) من العهد. وبعد عدم نجاح هذه المرافعة في الاستئناف، قدم المحامي طعناً بالنقض. وقدم المحامي العام فتوى بشأن هذه القضية إلى المحكمة العليا في 3 كانون الأول/ديسمبر 2019، يحاج فيه بأن المادة 14( 5) لا تمنع اللجوء إلى نظام النقض في البلد، الذي يقضي بأن المراجعة التي تقوم بها المحكمة العليا تشمل استخدام محكمة الاستئناف للأدلة.

8-4 ويتعلق البلاغ المقدم من غوماريز فاليرا ضد إسبانيا الذي أشار إليه صاحب البلاغ، بنظام الطعون الإسباني قبل ’’التحول‘‘ في الاجتهادات القضائية الذي وسع نطاق النقض التقليدي الذي تعترف به المحكمة العليا الإسبانية. ومنذ ذلك الحين، اختُزلت مسائل الوقائع المستبعدة من الطعن بالنقض في إسبانيا إلى المسائل التي تتطلب إعادة تقديم الأدلة من أجل السماح بإعادة التقييم ( ) . وفي ضوء هذا التحول، لاحظت اللجنة أن المحكمة العليا الإسبانية قد درست بدقة كل مبرر من مبررات الاستئناف التي قدمها صاحب البلاغ وعليه، أعلنت عدم مقبولية شكوى صاحب البلاغ المتعلقة بالمادة 14(5) ( ) . ومنذ ذلك الحين، وردت حالات أخرى خلصت فيها اللجنة إلى أن نظام الاستئناف الإسباني لا يثير أي مسائل بموجب المادة 14( 5) من العهد ( ) .

8-5 ويتضح من قضية ف. س. ضد ليتوانيا أن محكمة النقض الليتوانية لا تعيد تقييم أدلة القضايا الجنائية ولا تجمع أدلة جديدة. ومع ذلك، فإنها تفحص بالفعل حجج الطعن بالنقض. وأكدت حكومة ليتوانيا أن محكمة النقض قد حللت حجج صاحب البلاغ وقارنتها بالأدلة الواردة في حكم محكمة الاستئناف ولم تجد أي انتهاكات ( ) . ولو وجدت محكمة النقض مخالفة، لأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لإعادة النظر فيها ( ) . ورأت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يتمكن من إثبات ادعائه بأن نطاق اختصاص الاستئناف الذي مارسته محكمة النقض الليتوانية قد حرمه من حقه في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في قرار إدانته والعقوبة الصادرة بحقه وفقاً للقانون، وأعلنت عدم مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ بشأن هذه النقطة ( ) .

8-6 وفيما يتعلق بهولندا، تؤكد الدولة الطرف أن المادة 79 من قانون السلطة القضائية تسمح للمحكمة العليا عند النظر في مبررات الطعن بالنقض بتحديد ما إذا كان قرار محكمة الاستئناف مطابقاً للقانون، وما إذا كانت الشروط الإجرائية قد استوفيت. وفي حال رأت المحكمة العليا أن الأدلة المستخدمة لا تصب في اتجاه إثبات التهم، فيمكنها إحالة القضية مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف، على النحو الذي أعادت المحكمة العليا تأكيده في حكمها الصادر في 18 شباط/فبراير 202 0. وفي حكم آخر بتاريخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 2018، قضت المحكمة العليا بأن محكمة الاستئناف مطالبة بإثبات التعليل الذي يؤدي إلى مثل هذه الإدانة في الاستئناف جزئياً على أساس إفادة أحد الشهود.

8-7 ورأت المحكمة العليا أن شرط التعليل الصارم يمكّنها من مراجعة استخدام محكمة الاستئناف للأدلة بمزيد من التعمق في مثل هذه الحالات.

تعليقات إضافية من صاحب البلاغ

9-1 في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، قدم صاحب البلاغ تعليقات إضافية.

9-2 وقد اعترض صاحب البلاغ قائلاً إن الطعن بالنقض لا يسمح بإعادة النظر في مدى كفاية الأدلة وتبرير القرار بناء على الأدلة، لأن ما يحدده هو مبررات الطعن بالنقض. وتؤدي جسامة الجريمة دوراً مهماً باعتباره عاملاً حاسماً ( ) . فإذا كانت الجريمة جسيمة بما فيه الكفاية، يلزم إعادة النظر فيها من قبل محكمة أعلى درجة عملاً بالمادة 14( 5) من العهد.

9-3 والمراجعة من قبل المحكمة العليا ليست مراجعة للوقائع لأن المحكمة لا تضطلع إلا بمراجعة قانونية للأدلة المستخدمة. وينبغي أن تشمل تلك المراجعة الوقائع ( ) . ولا تجري المحكمة العليا سوى اختبار قانوني فقط. كما أن التقييمات القانونية للأدلة المستخدمة ليست كافية للتمكن من القول إن المحكمة العليا تنظر في الجوانب المتعلقة بالوقائع ( ) .

9-4 واختبار المحكمة العليا لمعرفة ما إذا كانت هناك أدلة قانونية وكافية (ما إذا كانت هناك أدلة قانونية كافية لإدانة شخص ما) لا يتمثل في مراجعة كاملة تشمل الوقائع من قبل محكمة أعلى درجة. وحتى في الحالات التي تتوافر فيها أدلة قانونية وكافية للإدانة، يجوز للقضاة في هولندا تبرئة الشخص المعني لأنهم لم يقتنعوا، أو لوجود سيناريوهات بديلة.

9-5 وفي 18 شباط/فبراير 2020، قضت المحكمة العليا بأن إجراءاتها لم تنتهك المادة 14( 5) من العهد. وقد ذكرت المحكمة العليا مرات عديدة أن المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف هما درجتا التقاضي الوحيدتان اللتان تستعرضان الجوانب المتعلقة بالوقائع، وأن المحكمة العليا تتناول الوقائع على النحو الذي أقرته محكمة الاستئناف. وعليه، يخلص صاحب البلاغ إلى حدوث انتهاك للمادة 14( 5).

9-6 وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، طلب صاحب البلاغ معاملة تفسيره للسوابق القضائية الجديدة للبلد، على النحو الوارد في الرسالة المؤرخة 9 تشرين الأول/أكتوبر 2020، على قدم المساواة مع الملاحظات الإضافية التي أدلت بها الدولة الطرف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

10-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

10-2 وقد تحقَّقت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث ( ) بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية ( ) .

10-3 وتذكّر اللجنة بما ذهبت إليه في اجتهاداتها السابقة من أنه يجب على صاحب البلاغ استنفاد جميع سبل الانتصاف القضائية المحلية لاستيفاء الشرط المنصوص عليه في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، شريطة أن تبدو تلك السبل ذات جدوى في القضية محل النظر وأن تكون متاحة فعلياً لصاحب البلاغ ( ) . وتلاحظ اللجنة اعتراض الدولة الطرف الذي مفاده أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأن الادعاءات المعروضة على اللجنة لم تثر في سياق إجراءات النقض أمام المحكمة العليا، وأن صاحب البلاغ لم يشتك من عدم وجود درجة ثانية من إجراءات الاستئناف في قانون الإجراءات الجنائية في هولندا يمكن أن تتيح إعادة تقييم وقائع القضية. وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ التي مفادها أنه استأنف حكم المحكمة الابتدائية بإدانته بالجريمة الأولى، وقدم طعناً بالنقض في حكم محكمة الاستئناف بإدانته بالجريمة الثانية. وقيمت كلتا المحكمتين وقائع القضية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ بأنه نظراً لأن المحكمة العليا لا تنظر في سياق النقض إلا في تطبيق القانون، فإنه لا يمكن أن يتمتع باستئناف فعال ضد إدانته والحكم الصادر ضده من قبل محكمة الاستئناف بتهمة قتل السيد شتاين. وتلاحظ اللجنة كذلك حجة صاحب البلاغ بأنه لم يتسن له في إجراءات النقض أن يشكو من أوجه القصور التي تشوب قانون الإجراءات الجنائية في هولندا، نظراً لعدم وجود أحكام تنص على إتاحة درجة ثانية من إجراءات الاستئناف يعاد فيها تقييم وقائع القضية، ولأن الطعون بالنقض لا تنطوي على إجراء فحص جديد لوقائع القضية. وتلاحظ اللجنة أنه لم يكن بوسع صاحب البلاغ أن يشكو من غياب درجة تقاضي ما أثناء إجراءات النقض، وأن قانون هولندا لا ينص على أي استئنافات أخرى عقب صدور قرار المحكمة العليا بشأن الطعن بالنقض. لذلك، ترى اللجنة أن الشروط المنصوص عليها في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذه القضية.

10-4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد دعم بما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، ادعاءاته بموجب المادة 14( 5) من العهد. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة قبول البلاغ وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

11-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5( 1) من البروتوكول الاختياري.

11-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه بموجب المادة 14( 5) من العهد قد انتهكت، لأن محكمة الاستئناف أدانته في 26 نيسان/أبريل 2013 بتهمة قتل السيد شتاين، بعد أن برأته المحكمة الابتدائية من تلك الجريمة، ولأنه لم يستفد من سبيل فعال يتمثل في مراجعة قرار إدانته والعقاب الذي حكم به عليه، من قبل محكمة أعلى درجة وفقاً للقانون.

11-3 وتذكر اللجنة بأنه على الرغم من أن الدول الأطراف حرة في البت في طرائق الاستئناف، بموجب المادة 14( 5) من العهد، فإنها ملزمة بإخضاع قرار الإدانة والعقوبة لمراجعة فعلية ( ) . وتذكر اللجنة أيضاً بأن الحق في إعادة النظر في الإدانة أو الحكم الصادر أمام محكمة أعلى درجة يفرض على الدولة الطرف واجب إعادة النظر فعلياً، من حيث كفاية الأدلة ومن حيث الأساس القانوني، في قرار الإدانة والعقوبة بقدر ما تسمح الإجراءات بالنظر حسب الأصول في طبيعة الدعوى ( ) . ولا تعدّ إعادة النظر التي تنحصر في الجوانب القانونية أو الرسمية من الإدانة دون مراعاة لأي جانب آخر كافية بموجب العهد ( ) . ووفقاً للاجتهادات السابقة للجنة، لا تستوجب المادة 14( 5) إعادة المحاكمة بشكل كامل طالما كانت الهيئة القضائية التي تضطلع بإعادة النظر قادرة على النظر في جوانب الدعوى المتصلة بالوقائع ( ) . وتذكّر اللجنة كذلك بأن الحق في الاستئناف ينطبق أيضاً على حالة تغليظ الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف؛ ويشكل عدم وجود أي حق في إعادة النظر أمام محكمة أعلى درجة في حكم أصدرته محكمة استئناف، بعدما قضت محكمة أدنى درجة بالبراءة، انتهاكاً للمادة 14( 5) من العهد ( ) .

11-4 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن صاحب البلاغ استأنف كل حكم إدانة (من المحكمة الابتدائية ومن محكمة الاستئناف )، وتمتع بسبل انتصاف فعالة في درجتين من درجات التقاضي (أمام محكمة الاستئناف والمحكمة العليا ). وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء الدولة الطرف بأن المحكمة العليا، في قرارها بشأن الطعن بالنقض الذي قدمه صاحب البلاغ، نظرت في تطبيق القانون أيضاً فيما يتعلق بالوقائع وكفاية الأدلة، وكذلك فيما يتعلق بأسباب القرار بناء على الأدلة في هذه القضية، وبالتالي أعادت هيئة قانونية أعلى درجة النظر في قرار إدانة صاحب البلاغ والعقوبة الصادرة بحقه استناداً إلى الوقائع. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة اعتراض صاحب البلاغ الذي مفاده أن الدولة الطرف لم تبد تحفظاً على المادة 14( 5) من العهد، وأن نطاق المراجعة من جانب المحكمة العليا تحدده مبررات الطعن بالنقض، وأن جسامة الجريمة عامل حاسم مهم لإعادة النظر من قبل محكمة أعلى درجة. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة صاحب البلاغ التي مفادها أن الاستعراض الذي تجريه المحكمة العليا لا يمثل مراجعة للوقائع في حد ذاته، لأنه لا يتعلق إلا بمراجعة قانونية للأدلة المستخدمة، وأن النقض هو بمثابة تحقق من نوعية الأحكام المطعون فيها التي تصدرها محاكم الاستئناف فيما يتعلق بكل من تطبيق القانون والتعليل القانوني الكامن وراءه، وهو ما لا يكفي للقول إن المحكمة العليا تنظر في الجوانب المتعلقة بالوقائع.

11-5 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ ذكر، في طعنه بالنقض المؤرخ 31 كانون الأول/ ديسمبر 2014، أنه قد أسيء تطبيق القانون، مما أدى إلى بطلان الحكم، لأن محكمة الاستئناف استندت في حكمها إلى فهم أو تطبيق غير صحيح لمفهوم التواطؤ (حيث فهمته بمعنى ’’المعيّة والاشتراك مع آخرين‘‘) ولمفهوم سبق الإصرار، واستخدمت أقوال الشهود على نحو يضر بصاحب البلاغ، وفرضت مدة عقوبة غير متناسبة، وأن الاستنتاجات التي توصلت إليها محكمة الاستئناف فيما يتعلق بالوقائع لا يمكن استخلاصها من الأدلة وأسس الإثبات المستخدمة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحكمة العليا ألغت في 29 أيلول/سبتمبر 2015 الحكم المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف فيما يتعلق حصرياً بمطالبات الأطراف المتضررة بالتعويض وبعقوبة السجن المفروضة، حيث خفضت مدتها إلى 29 سنة؛ ورفضت المحكمة بقية الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ بالنقض، معتبرة أن ’’المبررات التي قدمها لا تؤدي إلى النقض وأنه بالإشارة إلى المادة 81-1 من قانون القضاء، فإن الأمر لا يتطلب مزيداً من التعليل لأن الأسباب لا تحتاج أي إجابات فيما يتعلق بالمسائل القانونية التي تصب في مصلحة وحدة القانون أو تطويره‘‘ ( ) . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن قرار المحكمة لم يتضمن أي إشارة إلى الوقائع أو الأدلة التي استخدمتها محكمة الاستئناف لإدانة صاحب البلاغ بقتل السيد شتاين أو تقييم للوقائع والأدلة، بل على العكس من ذلك، ذكر صراحة أنه لا حاجة لتعليل آخر فوق استنتاجها بعدم وجود أسباب تتطلب أي إجابات.

11-6 وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن المحكمة العليا لم تقدم تفاصيل كافية بشأن نظرها في مشروعية الوقائع والأدلة المستخدمة وكفايتها وتعليل إعادة التقييم الذي أجرته. ولذلك، ترى اللجنة أن المحكمة العليا لم تقيم في هذه القضية على النحو الواجب كفاية الوقائع والأدلة الدامغة التي دعمت قرار إدانة صاحب البلاغ بجريمة قتل ثانية في الاستئناف، لأن الأسباب الرئيسية لرفض طعن صاحب البلاغ بالنقض كانت اعتبارات قانونية، مع الأخذ بطبيعة إجراءات النقض وعدم وجود أي تعليل مخالف، وليس مراجعة للوقائع، كما تقتضي الاجتهادات السابقة للجنة. وبناء على ذلك، ترى اللجنة، في ظل هذه الظروف المحددة، أنه نظراً لعدم وجود أدلة على أن المحكمة العليا قد راجعت الوقائع والأدلة بالقدر الكافي في قضية صاحب البلاغ، فقد حرم صاحب البلاغ من الممارسة الفعلية لحقه في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه وفقاً لما تقتضيه المادة 14( 5) من العهد.

12- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لأحكام المادة 14( 5) من العهد.

13- ووفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بأن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. وهذا يتطلب منها أن تمنح تعويضاً كاملاً للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بالعهد. وبناء على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بما يلي: (أ) إعادة النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه أمام محكمة أعلى درجة فيما يتعلق بقتل السيد شتاين؛ (ب) وتقديم تعويض مناسب لصاحب البلاغ. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة من جديد أنه ينبغي للدولة الطرف، وفقاً لالتزامها بموجب المادة 2( 2) من العهد، أن تكفل توافق الإطار القانوني والممارسات ذات الصلة مع مقتضيات المادة 14( 5) من العهد.

14- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها القضائية بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت وقوع انتهاك، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ هذه الآراء. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر هذه الآراء.

المرفق الأول

رأي فردي لعضوة اللجنة مارسيا ف. ج. كران (رأي مخالف)

1- لقد توصلت إلى استنتاج مختلف عن أغلبية أعضاء اللجنة. فإنني أرى أن الإجراء القانوني الذي اتبعته المحكمة العليا في هولندا لتأييد إدانة صاحب البلاغ لم ينتهك حقوقه بموجب المادة 14( 5) من العهد.

2- ويدعي صاحب البلاغ أن تبرئته في الطور الابتدائي وإدانته اللاحقة للمرة الأولى من قبل محكمة الاستئناف، إلى جانب الادعاء بأن المحكمة العليا في هولندا لم تستعرض وقائع قضيته على نحو كاف عند الاستئناف، يثبتان حدوث انتهاك لحقه في استئناف قرار إدانة جنائية وعقوبة جنائية بموجب المادة 14( 5) من العهد.

3- وعلى النقيض من ذلك، تجادل الدولة الطرف بأن النظام القانوني لهولندا قد نظر في وقائع وأدلة هذه القضية عدة مرات، وبذلك منح صاحب البلاغ سبل الانتصاف القانونية وفقاً للمادة 14( 5) من العهد.

4- وهكذا، فإن المسألة في هذه القضية تتمثل فيما إذا كان صاحب البلاغ قد أثبت بما فيه الكفاية ادعاءه بأن حقه بموجب المادة 14( 5) قد انتهك لأن المحكمة العليا لهولندا لم تستعرض على نحو كاف الجوانب المتعلقة بالوقائع في قضيته.

5- وتوضح الاجتهادات السابقة للجنة والأعمال التحضيرية للمادة 14( 5) من العهد أنه يجوز للدول الأطراف أن تحدد طريقة الاستئناف بموجب المادة 14( 5) ما دامت هناك مراجعة موضوعية للإدانة والعقوبة ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، ففي حين أن تعليق اللجنة العام رقم 32(200 7) يتطلب إعادة النظر فعلياً في القضية ( ) ، بما في ذلك النظر في الجوانب المتعلقة بالوقائع، فإنه لا يتطلب إعادة المحاكمة بشكل كامل ( ) .

6- وفي هذه القضية، استعرضت كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف الوقائع. وفي وقت لاحق، نظرت المحكمة العليا في الأسباب التي استأنف صاحب البلاغ على أساسها. وعند الاستئناف، لم يحتج صاحب البلاغ بأن القانون الجنائي في هولندا لا يتفق مع المادة 14( 5) من العهد، كما أنه لم يحتج بأي قصور في القانون الجنائي للبلد. وذكر صاحب البلاغ بدلاً من ذلك أنه لم يتمكن من تقديم أي ادعاء بشأن وجود قصور في القانون الجنائي لهولندا لأن الطعون بالنقض لا تستعرض سوى نوعية الحكم المطعون فيه بشأن تطبيق القانون وتعليل الحكم. وقدمت الدولة الطرف، في دحضها الفعلي لادعاءات صاحب البلاغ، تفسيرات بشأن الطريقة التي ينظر بها في الأدلة خلال الطعن بالنقض والطريقة التي نظرت بها المحكمة العليا في الوقائع ذات الصلة في هذه القضية للوفاء بأحكام المادة 14( 5) من العهد، على النحو المبين أدناه. وتشير الدولة الطرف إلى المادة 359( 3) من قانون الإجراءات الجنائية، التي تمكن المحاكم من النظر في الوقائع فضلاً عن تفسير الأدلة على نطاق أوسع. وتشير الدولة الطرف إلى أنه عندما تنظر المحكمة العليا في الأدلة التي تستخدمها المحكمة الأدنى درجة وتخلص إلى أن الأدلة لا يمكن أن تدعم استنتاجاً معيناً، يجوز إعادة إحالة القضية إلى المحكمة الأدنى درجة. وبالإضافة إلى ذلك، تقدم الدولة الطرف سوابق قضائية تدعم الاقتراح الذي يفيد بأنه يجب على محكمة الاستئناف أن تعلل قرارها في حالة نقض حكمٍ بالبراءة.

7- وأتيحت للمحكمة العليا، لدى اتخاذ قرارها، إمكانية الاطلاع على سجل الوقائع الكامل للقضية، بما في ذلك الإجراءات التي تمت في المحاكم الأدنى درجة، ومذكرات صاحب البلاغ لدى استئنافه أمام المحكمة العليا، وتوصيات المدعي العام. وجدير بالذكر أن مكتب المدعي العام يشكل جزءاً من المحكمة العليا لهولندا وهو مكلف بإسداء المشورة إلى المحكمة العليا ( ) . وفي هذه القضية، أشير على وجه التحديد إلى رسالة المدعي العام المفصلة المؤلفة من 25 صفحة، والمؤرخة 19 أيار/مايو 2015، واتُّبعت التوصيات الواردة فيها في قرار المحكمة العليا لهولندا. وتناقش هذه الرسالة جميع الأسباب التي ذكرها صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا لهولندا وتنظر بتعمق في الأدلة المقدمة أثناء المحاكمة بشأن كل سبب من الأسباب، بما في ذلك التقارير الطبية، وأدلة الحمض الخلوي الصبغي، وشهادات المشتبه فيهم الآخرين. وأصدرت المحكمة العليا، استناداً إلى جميع المواد المعروضة عليها، بما في ذلك هذا التقييم للأدلة، حكماً مقتضباً يستند إلى توصية المدعي العام ويرفض جميع أسباب الاستئناف باستثناء السبب الأخير، الذي يتعلق بنقطة تقنية بشأن التأخر في تقديم الوثائق. وكما ذكر عضو سابق في اللجنة، وإن كان ذلك في سياق مختلف قليلاً، لا ينبغي أن يطلب من محاكم الاستئناف النهائية أن تذكر أسبابها بإسهاب ( ) . ووفقاً للاجتهادات السابقة للجنة، فإن دراسة المعلومات المتاحة أمام المحكمة العليا لهولندا تفي بمتطلبات المادة 14( 5) من العهد ( ) .

8- وفي ضوء ما تقدم، لم يثبت صاحب البلاغ ادعاءه بموجب المادة 14( 5) من العهد وينبغي اعتبار هذا الادعاء غير مقبول.

المرفق الثاني

رأيٌ مشترك لعضوَي اللجنة جينتيان زبيري وإيميرو تامرات إغيزو (رأي مخالف)

مقدمة

1 - إننا نختلف بشدة مع استنتاج اللجنة بحدوث انتهاك للمادة 14 ( 5) من العهد في هذه القضية. فلقد خلصت اللجنة إلى أنه ’’نظراً لعدم وجود أدلة على أن المحكمة العليا قد راجعت الوقائع والأدلة بالقدر الكافي في قضية صاحب البلاغ، فقد حرم صاحب البلاغ من الممارسة الفعلية لحقه في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه وفقاً لما تقتضيه المادة 14 ( 5) من العهد‘‘ ( ) . وكان ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة، إما لأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف القانونية المحلية، أو لعدم كفاية الأدلة.

عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

2- دفع صاحب البلاغ أمام اللجنة بأن حقوقه بموجب المادة 14( 5) من العهد قد انتهكت، لأنه لم يتمكن من إعادة النظر بصورة فعالة في إدانته والحكم الصادر بحقه من قبل محكمة أعلى درجة وفقاً للقانون. ووفقاً لصاحب البلاغ، فإن مراجعة المحكمة العليا لقرار الإدانة الصادر عن محكمة الاستئناف ليست مراجعة للوقائع لأنها لا تتعلق إلا بمراجعة قانونية للأدلة المستخدمة، وأن النقض لا يتحقق إلا من نوعية الأحكام المطعون فيها التي تصدرها محاكم الاستئناف بشأن كل من تطبيق القانون والتعليل القانوني الكامن وراءه. ولم يحتج صاحب البلاغ قط أمام أي محكمة هولندية بأن قانون الإجراءات الجنائية للبلد تشوبه شوائب، لأن ذلك القانون لم يمنحه استئنافاً موضوعياً للطعن في الإدانات الصادرة عن محكمة من الدرجة الثانية. ومن ثم، كان ينبغي إعلان عدم مقبولية الشكوى لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

عدم كفاية الأدلة وتطبيق المادة 14( 5) من العهد على الإدانات في مرحلة الاستئناف

3- تنص المادة 14( 5) على أن لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه ( ) . وقد سعت اللجنة جاهدة لضمان تفسير المادة 14( 5) تفسيراً وافياً، بما في ذلك ما يتعلق منها بإعادة النظر في صدور إدانة جنائية عند الاستئناف بالنقض ( ) . ولا تسمح الصيغة الواضحة لهذه المادة بفرض مقتضيات قانونية واسعة النطاق لا يدعمها نص الحكم ولا الأعمال التحضيرية ذات الصلة ( ) .

4- وفي حين أن للدول الأطراف في العهد حرية تحديد طرائق الاستئناف بموجب قوانينها، فإنها ملزمة، بموجب المادة 14( 5) من العهد، بإعادة النظر في قرار الإدانة والعقوبة في القضايا الجنائية ( ) . وكما أوضحت اللجنة، لا تكون الفقرة 5 من المادة 14 قد انتهكت إذا اعتبر قرار المحكمة الابتدائية نهائياً فحسب، بل أيضاً إذا لم يكن بالإمكان اللجوء إلى محكمة أعلى درجة لإعادة النظر في إدانة صادرة عن محكمة استئناف أو محكمة عليا عقب حكم بالبراءة صادر عن محكمة أدنى درجة، وفقاً للقانون المحلي ( ) . وما تشترطه المادة 14( 5) في مثل هذه الظروف هو إجراءات جنائية من درجتين. وإعادة النظر التي تنحصر في الجوانب القانونية أو الرسمية من الإدانة دون أي مراعاة لأي جانب آخر لا تعتبر كافية بموجب العهد ( ) . ووفقاً للاجتهادات السابقة للجنة، لا تستوجب المادة 14( 5) إعادة المحاكمة بشكل كامل مادامت الهيئة القضائية التي تضطلع بإعادة النظر قادرة على النظر في جوانب الدعوى المتعلقة بالوقائع ( ) . وفيما يتعلق بتعليق اللجنة العام رقم 32(2007 )، تجدر الإشارة إلى أن الفقرة 48 تتعلق بالشروط القانونية للطعون العادية، في حين أن الطعون بالنقض ترد بإيجاز في الفقرة 4 7.

5- ودفعت الدولة الطرف بأنه وفقاً للمادة 79 من قانون السلطة القضائية، يجوز للمحكمة العليا أن تقرر ما إذا كان قرار محكمة الاستئناف مطابقاً للقانون، وما إذا كانت الشروط الإجرائية قد استوفيت. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم استيفاء الشروط الإجرائية يشكل تعليلاً معيباً بالنسبة للأدلة المتعلقة بتهم معينة، مثل انتهاك المادة 359( 3) من قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على ضرورة أن يستند قرار ثبوت التهمة الموجهة إلى المدعى عليه إلى جوهر الأدلة المحددة في الحكم المتألفة من وقائع وظروف تدعم هذا الاستنتاج، وأنه إذا رأت المحكمة العليا أن الأدلة المستخدمة لا يمكن أن تدعم الخلوص إلى أن التهم قد ثبتت، فيمكنها إحالة القضية مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف. وأكدت الدولة الطرف أن هناك شرطاً خاصاً يقضي بتقديم الأسباب عندما تتم إدانة المدعى عليه في الاستئناف رغم تبرئته في المحكمة الابتدائية، وقدمت السوابق القضائية ذات الصلة دعماً لذلك. ولم يتناول صاحب البلاغ الحجج المذكورة أعلاه التي قدمتها الدولة الطرف بالقدر الكافي، وبالتالي لم يثبت أن المحكمة العليا لم تقيم في قرارها الصادر في 29 أيلول/سبتمبر 2015 الملابسات الوقائعية لقضيته.

6- وعلى وجه الخصوص، فيما يتعلق بعمل المحكمة العليا في هولندا، يشكل المدعي العام ومكتبه والمحكمة العليا ومدير العمليات منظومة واحدة ( ) . وفي هذه القضية، أدلى المدعي العام بفتوى مطولة في شكل 25 صفحة تتضمن إشارات مفصلة إلى وقائع القضية وتحليلاً شاملاً للمسائل القانونية ذات الصلة، وقررت المحكمة العليا اتباعها. ومن ثم، فمن الخطأ الفادح أن تتوصل اللجنة إلى استنتاجاتها كما فعلت.

7- وأخيراً، تجنبت اللجنة الرد على حجة هامة قدمتها الدولة الطرف ومفادها أنه من غير المحتمل أن تصدق 44 دولة طرفاً في العهد على البروتوكول رقم 7 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لو أن تلك الدول اعتبرت أن ذلك يعني الخروج عن التزاماتها بموجب العهد ( ) . وفي حين أن بعض البلدان اختارت إبداء تحفظات أو إصدار إعلانات بشأن تطبيق المادة 14(5 )، ينبغي للجنة أن تتجنب تفسير العهد تفسيراً فضفاضاً من شأنه أن يجبر عدداً كبيراً من الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري (أي حوالي الثلث) على إبداء تحفظات أو إصدار إعلانات تتعلق بأحكام العهد وذات أثر مماثل ( ) .

ملاحظات ختامية

8- ومما يؤسف له أن قرار اللجنة هذا يدل على عدم تقدير الأداء المؤسسي للنظام القانوني لهولندا ومحكمتها العليا، فيما يتعلق بالمادة 14( 5) من العهد. وإلى جانب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لم تدعم شكوى صاحب البلاغ بأدلة كافية. وبناء على ذلك، كان ينبغي للجنة أن تعتبر الشكوى غير مقبولة.

المرفق الثالث

رأي فردي أدلى به عضو اللجنة عارف بلقان (رأي مخالف)

1- إنني أختلف بشدة مع استنتاج الأغلبية في هذه القضية. فالأغلبية، إذ اعتبرت البلاغ مقبولاً وأن صاحب البلاغ حرم من الممارسة الفعلية لحقه في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في إدانته والعقوبة الصادرة بحقه، فإنها لم تتجاهل فقط عدم استنفاده لسبل الانتصاف المحلية وإثبات ادعائه على النحو الواجب، بل خلطت أيضاً بين موقفين متميزين - وهما إمكانية إعادة النظر في الوقائع والحق في إصدار حكم معلل على النحو الواجب.

2- وكان ادعاء صاحب البلاغ الأولي هو أنه لا يمكن في النظام القانوني الهولندي الحصول على مراجعة لوقائع قضية ما بعد صدور إدانة للمرة الأولى من قبل محكمة الاستئناف، ولكن هذا التعارض المزعوم بين الإجراءات الجنائية في هولندا والمادة 14( 5) من العهد لم يثر قط في الإجراءات المحلية. ويعترف صاحب البلاغ بهذا التقصير ويفسره بحجة ضعيفة، وهي كونه لم يستطع فعل ذلك لأنه لا يمكن تقديم شكوى بشأن عدم وجود درجة ما من درجات التقاضي في إجراءات قضائية غير موجودة أصلاً. وتكشف فداحة عبثية هذه الحجة حقيقة أنه أعاد الاستئناف أمام المحكمة العليا، ولم يكن هناك ما يمنعه من إثارة هذا القصور المزعوم هناك. بل إن عدم قيامه بذلك لا يغتفر بالنظر إلى أن المحكمة العليا، حسب قوله، ’’لا تصدر أحكاماً إلا بشأن المسائل القانونية‘‘ ( ) . وعلى هذا النحو، فإن استنتاج الأغلبية بأن صاحب البلاغ منع من إثارة هذه النقطة الإجرائية أثناء إجراءات النقض يتجاهل وصف صاحب البلاغ نفسه لاختصاص المحكمة العليا. وبالنظر إلى أن صاحب البلاغ لم يناقش هذا القصور المزعوم في النظام القانوني أمام المحاكم المحلية دون مبرر، من الواضح أنه ينبغي إعلان هذا البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

3- زد على ذلك أن جوهر ادعاء صاحب البلاغ يتناقض مع الحجج المستفيضة التي قُدمت نيابة عن الدولة الطرف، والتي لم يتناولها صاحب البلاغ قط. وشرحت الدولة الطرف الإجراءات الجنائية في هولندا بتفصيل دقيق، وكشفت أن المادة 359( 3) من قانون الإجراءات الجنائية تمكن المحكمة العليا في إجراءات النقض من النظر في الوقائع وتفسير الأدلة وتقييم ما إذا كانت الأدلة المقدمة في المحاكم الأدنى درجة كافية لدعم الإدانة ( ) . ولم يدحض صاحب البلاغ في أي وقت هذا التفسير القاطع؛ بل والأسوأ من ذلك أن الأغلبية تقبل ببساطة افتراضات صاحب البلاغ التي لا أساس لها وترى حدوث انتهاك على أساس اقتضاب حكم المحكمة. ولكن المسألة الأخيرة مسألة منفصلة شرحتها أيضاً الدولة الطرف، ومن ثم لا يتبقى لدينا سوى رفض التفسير الإيجابي للدولة دون سبب وجيه.

4- ومراجعة الأدلة في الاستئناف أمام المحكمة العليا ليست فقط ممكنة، بل إنها جرت بالفعل في هذه القضية. وكشف صاحب البلاغ أنه أثار في طعنه بالنقض أسباباً تتعلق بالأدلة المقدمة وتفسير الوقائع ( ) ، وهو أمر غريب إذا كانت فعلاً المحكمة العليا لا تراجع الوقائع. وعلى أية حال، وكما أوضحت الدولة الطرف بمزيد من التفصيل، رد المحامي العام على حجج صاحب البلاغ بتفصيل كبير، ونظرت المحكمة العليا في هذه الحجج، ثم رفضت الاستئناف من خلال تطبيق المادة 81 من قانون السلطة القضائية ( ) . ومرة أخرى، فإن هذا الدحض المباشر لادعاء صاحب البلاغ لم يلق رداً من جانبه وتجاهلته الأغلبية دون اكتراث.

5- وتكمن النقطة الأساسية لمنطق الأغلبية في اقتضاب حكم المحكمة العليا الذي قضى برفض الاستئناف ( ) . بيد أن الدولة الطرف أوضحت حتى هذه النقطة. فالمادة 81 تسمح للمحكمة العليا برفض الاستئناف دون تقديم تعليل مفصل، على الرغم من أنها ملزمة بالنظر في حجج مقدم الطعن ورد المحامي العام، قبل القيام بذلك. ومن ثم، إذا ما أردنا قبول ادعاء صاحب البلاغ، فعلينا أن نتجاهل المادة 81 ونجد أن الدولة الطرف متورطة في خداع متعمد، وهو موقف لا أتبناه.

6- وثمة عامل آخر يقوّض ادعاء صاحب البلاغ، وهو مواقفه المتغيرة. فردّاً على رد الدولة الطرف المستفيض على ادعائه الأصلي بأن النظام القانوني في هولندا لا يمكنه إعادة النظر في الأساس الوقائعي للإدانة ( ) ، غيّر موقفه محتجاً بأن ما يحصل عليه لا يكفي. وبينما يسلم صاحب البلاغ في نهاية المطاف بأن المحكمة العليا يمكنها بالفعل استعراض الوقائع والأدلة، فإنه يعدّل موقفه قائلاً إن بإمكانها تبرئته ’’لأنهم لم يقتنعوا أو لوجود سيناريوهات بديلة‘‘ ( ) . وتجدر الإشارة هنا إلى اعتراف صاحب البلاغ بأن المحكمة العليا تعتمد اختباراً لتحديد ما إذا كانت هناك أدلة قانونية وكافية - وهو جوهر شكواه المقدمة إلى اللجنة - ولكن تحولت أقواله بحيث أصبح يطالب بمعيار يتجاوز بكثير كل ما تشترطه المادة 14( 5) من العهد.

7- وفي نهاية المطاف، يخلط استنتاج الأغلبية بين موقفين مختلفين - وهما توافر مراجعة للوقائع والحق في حكم معلل حسب الأصول ( ) . غير أن هذا الحق الأخير ليس هو ما يُزعم انتهاكه، ومع ذلك، أوضحت الدولة الطرف لماذا لم يكن من الضروري أن تقدم المحكمة العليا تعليلاً مفصلاً. أما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ الفعلي المتعلق بقصور الإجراءات الجنائية في هولندا، فوفقاً لموقف الدولة الطرف الذي لا جدال فيه، هذا الاستئناف متاح وقد استفاد منه صاحب البلاغ بالفعل في هذه القضية. ومن ثم، فإن صاحب البلاغ لم يثر هذا الادعاء في الإجراءات المحلية، بل أخفق تماماً في إثباته بالأدلة. وبناء على ذلك، فإنني أرفض ادعاءه باعتباره غير مقبول.