الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2805/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19 July 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2805/2016 * ** ***

بلاغ مقدم من: عزيز علييف ، وجيهون علييف ، وفاغيف علييف ، وغامار علييفا ، وحواء علييفا ويفدوكيا سوبكو (يمثلهم المحاميان دانيال بول وبيتر موزني )

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: أذربيجان

تاريخ تقديم البلاغ: 1 أبريل/نيسان 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عمل اً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 13 أيلول/سبتمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 آذار/مارس 2021

الموضوع: اعتقال واحتجاز وتغريم بسبب النشاط الديني لشهود يهوه

المسائل الإجرائية: المقبولية - استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ والمقبولية - ادعاءات ظاهرة البطلان

المسائل الموضوعية: الاعتقال والاحتجاز التعسـفيان؛ التمييز؛ حرية التجمع؛ حرية تكوين الجمعيات؛ حرية التعبير؛ حرية الدين الأقليات – حق المرء في التمتع بثقافته

مواد العهد: 9(1) و18(1) و(3) و19(2) و(3) و21 و22(1) و26 و27

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و5(2)(ب)

1- أصحاب البلاغ هم عزيز علييف ، وجيهون علييف ، وفاغيف علييف ، وغامار علييفا ، وحواء علييفا ، ويفدوكيا سوبكو ، وهم من رعايا أذربيجان، مولودون في 1960 و1989 و1959 و1959 و1969 و1958 على التوالي. ويدعون أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب المواد 9(1) و18(1) و(3) و19(2) و(3) و21 و22(1) و26 و27 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 27 شباط/فبراير 2002. ويمثل أصحاب البلاغ محاميان.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 أصحاب البلاغ هم من شهود يهوه، وهي طائفة مسيحية يجتمع أعضاؤها في إطار انتمائهم الديني أو في أماكن العبادة أو في منازلهم. ويعتمد شهود يهوه على الكتاب المقدس والمؤلفات الدينية في عبادتهم الفردية والجماعية. ولا ينتمي أصحاب البلاغ إلى منظمة دينية مسجلة رسمي اً لدى الحكومة.

2-2 ويشكل شهود يهوه أقلية دينية في أذربيجان، حيث غالبية السكان من المسلمين. وقد خضعت المؤلفات الدينية لشهود يهوه لرقابة الدولة في أذربيجان. وللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية سلطة الإشراف على النشاط الديني في أذربيجان، بما في ذلك استيراد المؤلفات الدينية ( ) . وتعد اللجنة الحكومية تقارير انتقادية عن شهود يهوه ومنشوراتهم. وكثير اً ما تتضمن تلك التقارير ادعاءات خاطئة وغير مدعومة بشأن المعتقدات الدينية الصادقة لشهود يهوه. وقدمت وزارة الأمن الوطني تقرير اً من هذا القبيل إلى إدارة الشرطة في مقاطعة زاغاتالا . وذكر ذلك التقرير، المؤرخ 5 تشرين الأول/أكتوبر 2013 وعنوانه "رأي بشأن عينات من المؤلفات الدينية التي قُدمت للمراجعة"، أن توزيع المنشورات التالية لا يعد أمر اً مستصوب اً ، لأنها استُوردت دون إذن مناسب من اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية: (أ) ما الذي يعلمه الكتاب المقدس حقاً ؛ (ب) الكتاب المقدس – كلمة الله أم كلمة الإنسان ؟ ؛ (ج) دراسة الكتاب المقدس يومي اً – 2013 (باللغة الروسية)؛ (ج) دراسة الكتاب المقدس يومي اً – 2013 ؛ (ه) التألق كمنوِّرين في العالم ؛ (و) حولية شهود يهوه لعام 2013 .

2-3 وفي 17 و18 أيلول/سبتمبر 2013، شرعت شرطة مقاطعة زاغاتالا في إجراء تحقيق بعد أن أفاد اثنان من السكان بأن شهود يهوه كانوا يعظون في المنطقة. وفي صباح يوم 21 أيلول/سبتمبر 2013، تجمع جميع أصحاب البلاغ، باستثناء عزيز علييف ، في المنزل الذي كان يتقاسمه الأخير مع زوجته حواء علييفا ، لحضور صلاة عامة أسبوعية من المقرر أن تبدأ في الساعة 11:00 صباح اً، وكان جيهون علييف ، ابن الزوجين، يبلغ من العمر 24 عام اً في ذلك الوقت وكان في المنزل. كما كان حاضراً في المنزل صديقا الزوجين فاغيف علييف وغامار علييفا ، فضل اً عن يفدوكيا سوبكو .

2-4 وفي حوالي الساعة 11:00 صباح اً، قبل بدء الصلاة، وصل ضباط شرطة بعضهم بملابس مدنية وبعضهم بزي رسمي إلى المنزل وطلبوا الدخول. وطلب جيهون علييف من الضباط تقديم تصريح بالدخول، لكنهم أخبروه أنهم ليسوا بحاجة إلى تقديم أي تصريح. وشق عدد من الضباط طريقهم إلى الداخل وأحضروا معهم جيران اً وممثل اً عن مجلس القرية. وطلبت حواء علييفا من الضباط مغادرة المنزل، وأغلقت الباب. ومع ذلك، وصل المزيد من ضباط الشرطة بدل اً من ذلك. لوحوا بوثيقة لكنهم لم يسمحوا لأصحاب البلاغ بقراءتها، ثم اقتحموا المنزل عبر نافذة. وبدأ ضابط شرطة في فتح الباب الأمامي بمفك براغي. وصرخ الضباط في وجه أصحاب البلاغ وهددوهم بزجهم في السجن. وأهانوا فاغيف علييف وغامار علييفا ، وهددوا بفصل الأخيرة، وهي معلمة مدرسة، من وظيفتها. وأخبروا الزوجين أنهما قد جُنّا، لأنهما أ صبحا من شهود يهوه.

2-5 واعتدى ضباط الشرطة جسدي اً على حواء علييفا ، رغم أن جيهون علييف حذرهم من أن والدته مصابة بالصرع. وأجبر الضباط حواء علييفا على تسليم مفتاح منزلها. وكان المنزل مليئ اً بضباط الشرطة، بمن فيهم نائب الرئيس، الذي تولى المسؤولية. وفتش الضباط المنزل ومختلف الممتلكات التي يحوزها أصحاب البلاغ، بما في ذلك الأسرّة والحقائب وغيرها من الأغراض الشخصية. وصادروا كتب اً، بما في ذلك مؤلفات دينية، وأموال اً، ووثائق قانونية وطبية خاصة. ولبث الضباط بالمنزل ساعات.

2-6 ثم اصطحب ضباط الشرطة صاحبي البلاغ إلى مركز الشرطة في مقاطعة زاغاتالا . وفي الطريق إلى المركز، أصيبت حواء علييفا بنوبة صرع، وفقدت الوعي، ونُقلت إلى المستشفى. وما أن استعادت وعيها حتى تحرش بها رجال الشرطة وأجبروها على الذهاب معهم إلى مركز الشرطة. وفي المركز، هدد الضباط أصحاب البلاغ بفقدان العمل والسجن. كما هُدد جيهون علييف بالاعتداء الجنسي.

2-7 وكان عزيز علييف خارج منزله في ذلك اليوم. واتصلت به حواء علييفا لتخبره أن الشرطة تفتش منزلهم. واتصل به جيهون علييف في وقت لاحق، عندما تسببت إساءة المعاملة التي صدرت عن ضباط الشرطة في إصابة حواء علييفا بنوبة الصرع. وهرع عزيز علييف إلى المستشفى، لكن الشرطة منعته من رؤيتها واعتقلته وأخذته إلى مركز الشرطة.

2-8 وعلى مدى ساعات عديدة، استجوبت الشرطة أصحاب البلاغ وحاولت إجبارهم على كتابة إفادات تمليها عليهم. وعندما رفض أصحاب البلاغ، وجهت الشرطة إليهم المزيد من التهديدات واتهمتهم بأنهم إرهابيون وخونة وأفراد مختلون عقلي اً وأعضاء في طائفة خطيرة. وقالت الشرطة لأصحاب البلاغ إنهم "يجب أن يتعفنوا في السجن" وعليهم دراسة القرآن بدل اً من الكتاب المقدس. وأخبروا يفدوكيا سوبكو أنها مجرمة وأن شهود يهوه دين متطرف.

2-9 واتهمت الشرطة كلا من أصحاب البلاغ بموجب المادة 299-0-2 من قانون الجرائم الإدارية ( ) بانتهاك القواعد المتعلقة بتنظيم الاجتماعات الدينية وإجرائها، والمواكب في الشوارع، وغير ذلك من الاحتفالات الدينية. وقدم كل واحد من أصحاب البلاغ التماس اً برفض التهمة، واحتج بحقوقه بموجب العهد.

2-10 وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، بدأت محاكمة أصحاب البلاغ في محكمة زاغاتالا المحلية. وتتألف الأدلة التي قدمها الادعاء من أقوال اثنين من السكان المحليين ووثيقة صادرة عن وزارة الأمن الوطني، تتضمن معلومات كاذبة عن شهود يهوه. وقدم كل واحد من أصحاب البلاغ إفاد ة تتناقض مع مزاعم الادعاء وتؤكد انتهاكات لحقوقهم الإنسانية، بما في ذلك حقوقهم بموجب العهد.

2-11 وفي التاريخ نفسه، أصدرت محكمة مقاطعة زاغاتالا قرارات مماثلة تقريب اً أدانت فيها أصحاب البلاغ بانتهاك المادة 299-0-2 من قانون الجرائم الإدارية. وباستثناء حواء علييفا ، التي أُعطيت تحذير اً رسمي اً، غُرِّم كل واحد من أصحاب البلاغ 500 1 مانات (أي ما يعادل 413 1 يورو تقريب اً في ذلك الوقت). وذكرت المحكمة المحلية في قرارها المتعلق بعزيز علييف أن أصحاب البلاغ الذين يعدون أنفسهم أعضاء في جماعة شهود يهوه الدينية، تجمعوا في منزل عزيز علييف "بهدف الدعاية لهذه الطائفة الدينية". ووفق اً للمحكمة المحلية، فإن أصحاب البلاغ "انتهكوا الإجراء المحدد في التشريع لإجراء الاحتفالات الدينية وتنظيمها، باستخدام العينات الست المذكورة من المؤلفات المستوردة دون إذن من اللجنة الحكومية لجمهورية أذربيجان المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية، وعُدّت غير مستصوبة للتوزيع في أراضي البلد، في الدعاية الدينية لهذه الطائفة الدينية".

2-12 وقدم كل واحد من أصحاب البلاغ طعن اً في قرار المحكمة المحلية أمام المجلس الجنائي لمحكمة الاستئناف في شاكي. وعُقدت جلسة استماع في 23 كانون الأول/ديسمبر 2013. وفي التاريخ نفسه، أصدرت محكمة الاستئناف قرارات مماثلة تقريب اً لكل واحد من أصحاب البلاغ، ذكرت فيها أنهم اجتمعوا مع آخرين من طائفة دينية لم تسجل بصورة قانونية، وانتهكوا الإجراءات القانونية لتنظيم وإجراء الاحتفالات الدينية، وجلبوا إلى البلد، دون إذن، مؤلفات دينية استخدموها خلال الاجتماعات الأسبوعية. ورأت محكمة الاستئناف أن هذه الوقائع تشكل عناصر المادة 299-0-2 من قانون الجرائم الإدارية، وأن قرار المحكمة المحلية قانوني وقائم على أساس صحيح وعادل.

2-13 ويؤكد أصحاب البلاغ أنه لا يوجد سبيل انتصاف محلي آخر متاح لهم، لأنه لا يوجد حق في الطعن في قرار المجلس الجنائي لمحكمة الاستئناف. غير أنه في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2013، قدم ثلاثة من أصحاب البلاغ (عزيز وجيهون علييف وحواء علييفا ) دعوى أمام المجلس الإداري والاقتصادي في شاكي، التماس اً لتعويضات من إدارة الشرطة في مقاطعة زاغاتالا عن مداهمة الشرطة غير القانونية. وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2014، رفض المجلس الإداري والاقتصادي في شاكي الادعاء، محاجج اً بأن المداهمة كانت مطلوبة بسبب "حاجة عامة ملحة"، وأن شهود يهوه لم يُسجَّلوا رسمي اً في زاغاتالا ، وأن المؤلفات الدينية التي استخدمها أصحاب البلاغ لم توافق اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية على استيرادها.

2-14 وقدم عزيز وجيهون علييف وحواء علييفا استئناف اً ضد قرار المجلس الإداري والاقتصادي في شاكي أمام محكمة شاكي للاستئناف. وفي 17 حزيران/ يونيه 2015، رُفض هذا الاستئناف، للأسباب التي قدمها المجلس الإداري والاقتصادي في شاكي. وقدم أصحاب البلاغ استئناف اً لاحق اً إلى المحكمة العليا. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 2015، رفضت المحكمة العليا استئنافهم، للأسباب عينها التي قدمتها محكمة زاغاتالا المحلية. ولم تجادل المحكمة العليا في أن التجمع الديني في منزل آل علييف كان سلمي اً تمام اً، أو أن المؤلفات الدينية التي استولت عليها الشرطة لا تحرض على العنف أو تدعو إلى الكراهية الدينية.

الشكوى

3-1 يدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف، باعتقالهم واحتجازهم وإدانتهم وتغريمهم لحيازتهم مؤلفات دينية لم توافق عليها اللجنة الحكومية المعنية با لعمل مع الجمعيات الدينية، وممارسة نشاط ديني خارج عنوان مسجل، انتهكت حقوقهم بموجب المواد 9(1) و18(1) و(3) و19(2) و(3)، و21 و22(1) و26 و27 من العهد.

المادة 9(1)

3-2 في انتهاك للمادة 9(1) من العهد، اعتقلت الشرطة أصحاب البلاغ بسبب إظهار معتقداتهم الدينية سلمي اً وممارسة حقهم في تكوين جمعية دينية، واقتادتهم إلى مركز للشرطة رغم اً عنهم، واحتجزتهم فيه بينما أخضعتهم للاستجواب والتهديد لعدة ساعات. ولم يكن هناك مسوغ لاعتقال أصحاب البلاغ واحتجازهم ( ) . وفي تنظيم طقس ديني سلمي يتمثل في قراءة الكتاب المقدس وغيره من المنشورات الدينية ودراستها، انتظم أصحاب البلاغ في الممارسة المشروعة لحرية الدين وتكوين الجمعيات والتعبير. وهذه الحقوق مكفولة بموجب المواد 18 و19 و21 و22 من العهد ( ) .

المادة 18(1) و(3)

3-3 انتهكت الدولة الطرف حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 18(1) و(3) من العهد بقيام الشرطة بمداهمة لمنعهم من ممارسة حريتهم الدينية سلمي اً، بمفرده أو مع جماعة، أثناء طقس ديني في منزل خاص، باعتقالهم واقتيادهم إلى مركز للشرطة، وإخضاعهم للتهديد والإكراه لحملهم على التخلي عن معتقداتهم المسيحية باعتبارهم من شهود يهوه، واعتناق الديانة الإسلامية. ولم يكن التدخل في حرية أصحاب البلاغ في التعبير سلمي اً عن معتقداتهم الدينية وانتهاك حرمة منزل آل علييف الخاص مسموح اً به بموجب المادة 18(3) من العهد، لأنه لم يكن مشروع اً، ولم يكن له هدف مشروع، ولم يكن ضروري اً.

3-4 ولم ينص القانون على إدانة أصحاب البلاغ بموجب المادة 299-0-2 من قانون الجرائم الإدارية. ويكفل دستور الدولة الطرف حق المرء في اعتناق الدين بمفرده أو مع الآخرين، وحقه في التجمع بحرية مع الآخرين. وعلاوة على ذلك، يضمن قانون حرية المعتقد الديني حق الفرد في ممارسة دينه، سواء بمفرده أو مع الآخرين. ولا تسمح المادة 18 من العهد بأي قيود على حرية المرء في أن يكون له دين أو معتقد يختاره أو يعتنقه. واستندت تصرفات سلطات الدولة الطرف إلى فرضية خاطئة، هي أن الطقس الديني الذي أقيم في 21 أيلول/سبتمبر 2013 غير قانوني لأن اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية لم توافق على المنشورات الدينية التي يصدرها أصحاب البلاغ لاستخدامها في الطقس. والواقع أن حظر المنشورات غير مشروع. غير أن المحاكم المحلية لم تكن لها ملاحظة على عدم مشروعية الرقابة. ونتيجة لذلك، تعرض أصحاب البلاغ لتدخل في حقهم في الاجتماع لأغراض دينية ومناقشة نصوص دينية. وفي حكم يتعلق بمسألة منفصلة، ذكرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه "لا يمكن إنكار أن الدراسة الجماعية للنصوص الدينية ومناقشتها على يد أعضاء جماعة شهود يهوه الدينية كانت شكل اً معترف اً به من مظاهر دينهم في العبادة والتدريس" ( ) .

3-5 ولم يكن التدخل يرمي إلى تحقيق هدف مشروع لأن النشاط الديني الذي قام به أصحاب البلاغ لم يشكل أي تهديد للسلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ولم تزعم السلطات المحلية قط أن الاجتماع الديني الذي عقده أصحاب البلاغ لم يكن سلمي اً. وفسرت الدولة الطرف بصورة غير مشروعة قانون حرية المعتقد الديني وقانون الجرائم الإدارية، بطريقة توسع نطاق سلطة الشرطة في تحديد ما يشكل معتقد اً أو ممارسة دينية مسموح اً بها. ولا يمكن بموجب المادة 18(3) من العهد تسويغ تدخل الشرطة في حرمة منزل آل علييف الخاص، بذريعة تفتيشه لتحديد ما إذا كان يُستخدم في طقوس دينية غير مشروعة.

3-6 وبالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أي حجة موثوقة عن سبب الحاجة الملحة إلى تعطيل الطقس الديني السلمي الذي كان يقوم به أصحاب البلاغ، رغم عدم تسجيلهم رسمي اً في رابطة دينية، أو سبب الحاجة الملحة إلى مصادرة منشوراتهم الدينية، والتي لم توافق على نشرها هيئة الدولة المعنية. وقد رأت اللجنة في اجتهادها السابق أن اشتراط التسجيل حتى يتمكن المرء من ممارسة دين ما يشكل قيد اً غير متناسب على الحق في إظهار دينه، في انتهاك للمادة 18 من العهد ( ) . وعلاوة على ذلك، فإن الاستيلاء على المؤلفات الدينية التي كتبها أصحاب البلاغ يشكل رقابة غير مسموح بها، وأسفر عن إدانة أصحاب البلاغ لاعتناقهم معتقدات دينية لم يوافق عليها مسؤولو الدولة الطرف.

3-7 وكانت مقررة خاصة سابقة معنية بحرية الدين أو المعتقد، في تقرير عن بعثتها إلى أذربيجان، قد انتقدت الرقابة على المؤلفات الدينية على يد اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية. ولاحظت أن الرقابة التي تفرضها الدولة الطرف على الكتب الدينية لا علاقة لها بحماية الجمهور وأنها "تشكل قيود اً لا مسوغ لها على حق المرء في إظهار دينه أو معتقده" ( ) . ودعت إلى عرض قرارات اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية على المحاكم للمراجعة القضائية، وفق اً لمعايير حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة المعمول بها. غير أن السلطة القضائية في الدولة الطرف تؤيد، كما يتضح من هذا البلاغ، القرارات التي تفرض فيها اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية رقابة على المنشورات الدينية. ويتعارض تقييد حرية أصحاب البلاغ الدينية مع التزام الدولة الطرف بتعزيز مجتمع ديمقراطي تعددي. وفي جوهر الأمر، استندت الشرطة في تسويغها للتفتيش غير القانوني لمنزل آل علييف إلى الرقابة غير القانونية.

3-8 وفي حكم بشأن مسألة منفصلة تتعلق بشهود يهوه كانوا يقيمون في الاتحاد الروسي، ذكرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن "الدولة ليس لها الحق بموجب الاتفاقية في تقرير ما هي المعتقدات التي يجوز أو لا يجوز تدريسها، لأن الحق في حرية الدين على النحو المكفول بموجب الاتفاقية يستبعد أي سلطة تقديرية من جانب الدولة لتحديد ما إذا كانت المعتقدات الدينية أو الوسائل المستخدمة للتعبير عن مثل هذه المعتقدات مشروعة" ( ) .

المادة 19(2) و(3)

3-9 يستند أصحاب البلاغ إلى حججهم بموجب المادة 18 من العهد في تأكيدهم أن الدولة الطرف انتهكت أيض اً حقوقهم بموجب المادة 19(2) و(3) من العهد. وتحمي المادة 19(2) من العهد الحق الجماعي في المشاركة في التدريس والخطاب الديني ( ) . وتدخلت الإجراءات التي اتخذتها الدولة الطرف في حق أصحاب البلاغ في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها. وكان على الشرطة واجب حماية أصحاب البلاغ من الجيران المتعصبين. وينبغي أن تسمح القوانين المحلية بإجراء نقاش مفتوح بشأن المسائل المتصلة بالدين والمعتقدات، وألا تعطي الأفضلية لدين معين في هذا الصدد.

المادتان 21 و22(1)

3-10 انتهكت الدولة الطرف حقوق أصحاب البلاغ المكفولة بموجب المادتين 21 و22 من العهد، بقيام الشرطة بمداهمة المنزل وتفتيش الممتلكات والاستيلاء عليها بصورة غير مشروعة، وملاحقة أصحاب البلاغ وإدانتهم وتغريمهم لاجتماعهم من أجل العبادة الدينية. وحرية تكوين الجمعيات بموجب العهد حق دينامي. فالأفراد لا يُسمح لهم بتكوين مجموعات فحسب، بل أيض اً بالعمل مع اً سعي اً لتحقيق أهدافهم الجماعية كمجتمع.

3-11 وفي قضية أصحاب البلاغ، فرقت المحاكم المحلية بين حقوق تكوين الجمعيات لأفراد ينتمون إلى طوائف دينية مسجلة وغير مسجلة. وقررت محكمة الاستئناف في شاكي أن أصحاب البلاغ ليسوا أعضاء في طائفة دينية مسجلة لأن شهود يهوه في زاغاتالا لا يشكلون كيان اً قانوني اً. ولذلك خلصت محكمة الاستئناف إلى أن أصحاب البلاغ انتهكوا الإجراء الذي ينص عليه القانون المحلي لتنظيم الاحتفالات الدينية وإجرائها. غير أن حق أصحاب البلاغ في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي ينبغي ألا يتوقف على موافقة الدولة الطرف أو عدم موافقتها على تسجيل منظمتهم الدينية ( ) . وقد التقى أصحاب البلاغ لتأدية طقس ديني كجزء لا يتجزأ من عبادتهم بوصفهم من شهود يهوه. وقبلت المحاكم المحلية أن أصحاب البلاغ كانوا يمارسون العبادة مع آخرين ويقرأون مع اً كتب اً دينية ويؤدون شعائر دينية. وبذلك، كان أصحاب البلاغ يمارسون نشاط اً ديني اً مشترك اً مع شهود يهوه في جميع أنحاء العالم.

المادتان 26 و27

3-12 انتهكت الدولة الطرف حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادتين 26 و27 من العهد بإخضاعهم للتمييز الديني على أساس معتقداتهم كأقلية دينية. وينتمي أصحاب البلاغ، بوصفهم من شهود يهوه، إلى أقلية دينية مسيحية في بلد يغلب عليه الطابع الإسلامي. واتخذت الشرطة إجراءات ضد أصحاب البلاغ رد اً على تقارير تمييزية من أفراد ينتمون إلى أغلبية دينية. وبدل اً من رفض هذه التقارير التمييزية، لم تستخدم الشرطة هذه التقارير ذريعةً لشن مداهمة فحسب، بل عرضت أصحاب البلاغ أيض اً للإساءات والشتائم. وقد شوهت الشرطة المعتقدات الدينية الصادقة التي يعتنقها أصحاب البلاغ، واستخدمت التهديدات في محاولة لإجبارهم على تبني معتقدات إسلامية ( ) .

سبل الانتصاف المطلوبة

3-13 يطلب أصحاب البلاغ إصدار حكم توضيحي؛ وإزالة جميع القيود التي تنتهك حقوق أصحاب البلاغ في حرية تكوين جمعية لأغراض دينية أو لأغراض أخرى، واستيراد المنشورات الدينية ومناقشتها وتوزيعها؛ وتوفير تعويض مالي مناسب عن الأضرار المعنوية التي طالتهم بسبب تصرفات الشرطة؛ ورد مبالغ الغرامات (مع حساب الفوائد المستحقة)؛ والتعويض عن التكاليف القانونية والرسوم التي تكبدها أصحاب البلاغ أثناء الإجراءات المحلية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4-1 تلاحظ الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 30 أيار/مايو 2017، أن إدارة شرطة مقاطعة زاغاتالا أجرت في 21 أيلول/سبتمبر 2013 عملية تفتيش في منزل آل علييف . و كان التفتيش يتعلق بمعلومات تخص عقد اجتماعات دينية غير قانونية، وحيازة مؤلفات دينية محظورة لجماعة شهود يهوه الدينية، مع مجموعة من الأشخاص.

4-2 وعُثر على عينات مختلفة من المؤلفات الدينية أثناء التفتيش المنزلي. وفي التاريخ نفسه، حرر ضباط الشرطة بروتوكولا يتعلق بالتفتيش، متضمن اً تسجيل فيديو.

4-3 وفي 26 كانون الأول/ديسمبر 2013، أدانت محكمة زاغاتالا المحلية أصحاب البلاغ وغرمت كل واحد منهم - باستثناء حواء علييفا - 500 1 مانات بموجب المادة 299-0-2 من قانون الجرائم الإدارية، الذي كان ساري اً حتى 1 آذار/مارس 2016. كما أدانت المحكمة المحلية حواء علييفا ، ولكنها أُعطيت تحذيرا ً ( ) .

4-4 وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 2013، أيدت محكمة الاستئناف في شاكي قرارات المحكمة المحلية ورفضت استئناف أصحاب البلاغ. وفي وقت لاحق، قدم عزيز علييف وآخرون استئناف اً إلى المحكمة الإدارية والاقتصادية في شاكي بشأن تصرفات الشرطة، ورفضت المحكمة الاستئناف في 3 آذار/مارس 2014. وأيدت محكمة الاستئناف ومحكمة النقض هذا القرار في 17 حزيران/ يونيه و27 تشرين الأول/أكتوبر 2015 على التوالي.

4-5 وأشارت المحاكم المحلية في قراراتها إلى اجتهاد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وإلى اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، وإلى دستور أذربيجان وإلى تشريعات وطنية أخرى، ووجدت أن ادعاءات أصحاب البلاغ لا أساس لها من الصحة.

4-6 وبموجب المادة 18(3) من العهد، لا يجوز أن تخضع حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته إلا للقيود المنصوص عليها في القانون، وهي ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 في تعليقات مؤرخة 15 أيلول/سبتمبر 2017، يؤكد أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف حاولت تسويغ تدخلها في حقوق أصحاب البلاغ بموجب العهد. بيد أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يدعم موقفها. واكتفت ببسط النتائج التي توصلت إليها المحاكم المحلية، وأكدت أن القيود التي أيدتها المحاكم مسموح بها بموجب القانونين المحلي والدولي. ولا تتضمن ملاحظات الدولة الطرف تسويغ اً للقانون المحلي أو مداهمة منزل خاص بصورة غير قانونية، ولا أي تفسير لضرورة القانون أو سلوك الشرطة.

5-2 والعذر الوحيد الذي قدمته الشرطة إلى المحاكم لتبرير المداهمة غير القانونية، هو أن اثنين من السكان المحليين أبلغا بأن شهود يهوه كانوا يعظون في المنطقة ويستخدمون مؤلفات دينية محظورة. ولم يُقدَّم أي أساس قانوني آخر للدخول عنوة إلى منزل آل علييف الخاص. ولذلك من الواضح أن التحقيق الذي قامت به الشرطة ومداهمتها كانا بدافع التمييز الديني من الجيران وضباط الشرطة أنفسهم.

5-3 ولم تنكر الدولة الطرف ادعاءات أصحاب البلاغ بأنهم تعرضوا للتهديد والاعتداء البدني والمضايقة على يد ضباط الشرطة. ولم تسوغ الدولة الطرف تدخلها في حقوق أصحاب البلاغ بموجب العهد، باستثناء القول بأن التدخل مسموح به بموجب القانون المحلي. غير أن هذا التسويغ، بموجب القانون الدولي، ليس أساس اً كافي اً لانتهاك الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي. ولم تعترف الدولة الطرف بأن القانون المحلي المعني وتصرفات الشرطة، كانت بدافع التمييز الديني.

5-4 وهذا التعصب الديني هو نموذج لموقف الدولة الطرف تجاه شهود يهوه. وفي حين أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها سمحت لشهود يهوه بالعمل بحرية، رأت اللجنة أن الدولة الطرف تتدخل باستمرار في النشاط الديني لشهود يهوه والأقليات الأخرى، ودعت الدولة الطرف إلى ضمان الممارسة الفعلية لحرية الدين والمعتقد ( ) . ويدل موقف الدولة الطرف، وهو أن أصحاب البلاغ قد انتهكوا القانون المحلي بممارسة العبادة في منزل خاص دون إذن رسمي، على أنها لا تزال تتجاهل توصية اللجنة.

5-5 وفرضت المحاكم غرامة شديدة قدرها 500 1 مانات (أي ما يعادل 413 1 يورو في ذلك الوقت) على جميع أصحاب البلاغ باستثناء واحدة، متجاهلة أنهم كانوا عاطلين عن العمل. ولا بد أن المحاكم أدركت أنه سيكون من المحال على أصحاب البلاغ المعنيين دفع هذه المبالغ الكبيرة. ومن شأن هذه الغرامات الباهظة أن تخلق حالات تفاوت عن طريق التمييز ضد الفقراء، الذين عادةً ما يؤدي عدم دفعهم الغرامة إلى السجن ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 ووفقاً لما تتطلبه المادة 5(2)(أ) من البرتوكول الاختياري، تأكدت اللجنة من أن المسألة ذاتها لا يجري بحثها في إطار أيّ إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في حجة أصحاب البلاغ بأنهم استنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، على نحو ما تقضي به المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ، عند تقديمهم طعون اً غير ناجحة ضد إدانتهم إلى محكمة الاستئناف في شاكي، احتجوا صراحة بالمواد 9 و18 و19 و26 و27 من العهد، وأثاروا أيض اً مضمون مطالبتهم بموجب المادة 21 من العهد. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في تلك الادعاءات. غير أن المعلومات التي أتيحت للجنة لا تسمح لها بأن تخلص إلى أن أصحاب البلاغ طرحوا ادعاءاتهم بموجب المادة 22(1) من العهد أمام المحاكم المحلية. ولذلك، ترى اللجنة أن الادعاءات المقدمة بموجب المادة 22(1) من العهد غير مقبولة عملاً بالمادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري. ‬

6-4 وفيما يتعلق بادعاءات أصحاب البلاغ بموجب المادتين 26 و27 من العهد، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يقدموا تفاصيل كافية بشأن حججهم، ولا سيما فيما يتعلق بأي معاملة تفاضلية تعرضوا لها مقارنة بأفراد ينتمون إلى ديانات أخرى وينتظمون في النشاط عينه. وترى اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ بموجب المادتين 26 و27 لا تدعمها أدلة كافية لأغراض المقبولية، وتعلن عدم مقبوليتها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية هذا البلاغ، وترى أن أصحاب البلاغ قد أثبتوا بما فيه الكفاية ادعاءاتهم بموجب المواد 9(1) و18(1) و(3) و19(2) و(3) و21 من العهد لغرض المقبولية. ومن ثم تعلن اللجنة مقبولية هذه الادعاءات وتنتقل إلى دراستها من حيث أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ بموجب المادة 18(1) و(3) من العهد، تشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 22(1993)، الذي ذكرت فيه أن المادة 18 لا تسمح بأي قيود من أي نوع على حرية الفكر والوجدان أو على حرية اعتناق دين أو معتقد من اختيار المرء ( ) . وعلى النقيض من ذلك، فإن حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته قد تخضع لقيود معينة، ولكن فقط تلك المنصوص عليها في القانون والضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية ( ) . وتذكر اللجنة بأن ممارسة الدين وتعليمه يشملان حرية إعداد النصوص أو المنشورات الدينية وتوزيعها ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة حجج أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم بموجب المادة 18(1) من العهد بالقبض عليهم أثناء مناقشة خاصة للمعتقدات الدينية في منزل آل علييف ، ومصادرة مؤلفاتهم الدينية، واحتجازهم، وإدانتهم بارتكاب جريمة إدارية، وتغريم عزيز وجيهون وفاغيف علييف وغامار علييفا 500 1 مانات (حوالي 413 1 يورو) لكل منهم، وإعطاء حواء علييفا تحذير اً. وتلاحظ اللجنة تأكيدات أصحاب البلاغ بأن الشرطة اقتحمت منزل آل علييف ، بما في ذلك من خلال النوافذ، وأمضت عدة ساعات في تفتيش المنزل وممتلكاته تفتيش اً دقيق اً، وصادرت مؤلفات أصحاب البلاغ الدينية، وأجبرتهم على الذهاب إلى مركز الشرطة، حيث احتُجزوا حتى وقت متأخر من تلك الليلة، وهددت بفصل أصحاب البلاغ من وظائفهم وسجنهم، كما هددت بإخضاع جيهون علييف للاعتداء الجنسي. ومن ثم، ترى اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ تتعلق بحقهم في إظهار معتقداتهم الدينية، وأن اعتقالهم واحتجازهم وإدانتهم وتغريمهم هي قيود على ذلك الحق ( ) .

7-3 ويجب على اللجنة أن تتناول مسألة ما إذا كانت القيود المذكورة التي فُرضت على حق أصحاب البلاغ في إظهار معتقداتهم الدينية "ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية"، بالمعنى الوارد في المادة 18(3) من العهد. وتذكر اللجنة بأنه وفق اً لتعليقها العام رقم 22(1993)، يجب تفسير المادة 18(3) تفسير اً دقيق اً، ولا يجوز تطبيق القيود المفروضة على حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته إلا للأغراض التي ينص عليها، ويجب أن تكون ذات صلة مباشرة ومتناسبة مع الحاجة المحددة التي يقوم عليها ( ) .

7-4 وفي هذه الحالة، تنبع القيود المفروضة على حق أصحاب البلاغ في إظهار معتقداتهم الدينية من الشروط التي تنص عليها القوانين المحلية، وهي أن توافق اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية على استيراد المؤلفات الدينية، وأن تسجَّل الجمعيات الدينية رسمي اً لدى الحكومة لكي تعمل بصورة مشروعة. وتلاحظ اللجنة أنه وفق اً لقرارات محكمة زاغاتالا المحلية، تصرفت الشرطة استجابة لشكوى من جار لآل علييف ، أفاد بأن شهود يهوه كانوا يعظون على نطاق واسع في المنطقة. وتلاحظ اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا تتضمن أية مؤشرات على أن أصحاب البلاغ قد تورطوا في أعمال أضرت بالآخرين أو بأنفسهم، أو بالسلامة والنظام العامين. ولا يدعي أي من أصحاب البلاغ الذين حضروا إلى منزل آل علييف أثناء الطقس الديني أن أصحاب البلاغ الآخرين قد أجبروه على القيام بأعمال ضارة أو غير سلمية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، باستثناء الاستشهاد بقوانين محلية، لم توضح على وجه التحديد سبب معاقبة أصحاب البلاغ على حيازتهم مؤلفات دينية لم يوافَق رسمي اً على استخدامها، أو على ممارسة العبادة الدينية دون استيفاء الشرط المسبق للتسجيل كجمعية دينية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تحدد سبب اعتبار المؤلفات المصادرة غير مستصوبة للتوزيع، كما أنها لم تصف أي مواد ضارة واردة فيها. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أدلة تشير إلى أن المظاهر السلمية لمعتقدات أصحاب البلاغ الدينية في منزل آل علييف تهدد السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية، سواء من خلال المؤلفات التي كان يستخدمها أصحاب البلاغ، أو من خلال الطقس الديني الذي نظموه. وحتى إذا استطاعت الدولة الطرف أن تثبت وجود تهديد محدد وكبير للسلامة والنظام العامين، فإنها لم تثبت أن تطبيق المادة 299-0-2 من قانون الجرائم الإدارية والقوانين ذات الصلة كان متناسب اً مع ذلك الهدف، نظر اً للقيود الكبيرة المفروضة على ما أداه أصحاب البلاغ من عبادة دينية. كما أن الدولة الطرف لم تحاول إثبات أن شروط الموافقة والتسجيل المسبقة هي أقل التدابير تقييد اً في لزومها لضمان حماية حرية الدين أو المعتقد. ولذلك ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم توفر أساس اً كافي اً لإثبات أن القيود المفروضة مسموح بها بالمعنى المقصود في المادة 18(3) من العهد.

7-5 وتذكّر اللجنة بأن المادة 18(1) من العهد تحمي حق جميع أعضاء أية جماعة دينية في إظهار دينهم مع آخرين، وفي التعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم ( ) . وتلاحظ اللجنة أنه خلال الإجراءات الداخلية، اعتُبرت الإجراءات التي اتخذها أصحاب البلاغ انتهاك اً للقوانين المحلية. غير أن اللجنة ترى أن المسوغات التي قدمتها المحكمة المحلية ومحكمة الاستئناف والمحكمة الاقتصادية الإدارية في شاكي لا تبين كيف أن شروط الحصول على موافقة رسمية على مؤلفات دينية قبل الاستيراد، أو الحصول على تسجيل قانوني كجمعية قبل ممارسة العبادة الدينية، كانت تدابير متناسبة وضرورية لخدمة غرض مشروع بالمعنى المقصود في المادة 18(3) من العهد. وتخلص اللجنة إلى أن العقوبة المفروضة على أصحاب البلاغ هي تقييد لحقهم في إظهار دينهم بموجب المادة 18(1) من العهد، وأن أياً من السلطات المحلية أو الدولة الطرف لم يثبت أن هذا التقييد يمثل تدبيراً متناسباً وضرورياً لخدمة غرض مشروع محدد في المادة 18(3) من العهد. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف، باعتقالها واحتجازها وإدانتها وتغريمها أصحاب البلاغ لحيازتهم مؤلفات دينية وإقامة شعائر دينية سلمية في منزل خاص، قد انتهكت حقوقهم بموجب المادة 18(1) من العهد.

7-6 وتلاحظ اللجنة ادعاء أصحاب البلاغ بأن الشرطة احتجزتهم تعسف اً لعدة ساعات في 21 أيلول/سبتمبر 2013. وتلاحظ اللجنة أن جيهون وفاغيف علييف وحواء وغامار علييفا ويفدوكيا سوبكو كانوا في المنزل عندما وصلت الشرطة في الساعة 11 صباح اً تقريب اً، وفتشت المنزل لعدة ساعات. واقتيدوا جميع اً إلى مركز الشرطة في مقاطعة زاغاتالا ، بمن فيهم حواء علييفا ، التي فقدت الوعي في طريقها إلى هناك ونُقلت إلى المستشفى أول اً. وتلاحظ اللجنة أنه وفق اً للبيانات التي أدلى بها أصحاب البلاغ أثناء الإجراءات المحلية، أُطلق سراح يفدوكيا سوبكو في وقت ما حوالي الساعة 7 مساء، ونقل ضباط الشرطة عزيز علييف من المستشفى إلى مركز الشرطة حوالي الساعة 9 مساء، وأفرجت عنه الشرطة مع بقية أصحاب البلاغ في حوالي الساعة 11.00-11.30 من تلك الليلة. وعلى اللجنة أن تتأكد أول اً من أن أصحاب البلاغ سُلبوا حريتهم بالمعنى المقصود في المادة 9 (1) من العهد. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 35(2014) الذي ذكرت فيه أن" الحرية الشخصية لا تُسلب بالموافقة الحرة. ولا يدخل الأفراد الذين يذهبون طواعية إلى مراكز الشرطة للمشاركة في التحقيقات، والذين يدركون أنهم أحرار ويستطيعون الخروج في أية لحظة، في عداد الأشخاص المسلوبة حريتهم. ( ) وعلى النقيض من ذلك، تلاحظ اللجنة ادعاء أصحاب البلاغ أنهم لم يكن لهم حرية مغادرة الحبس لدى الشرطة خلال الفترة المعنية. ونظراً لعدم ورود معلومات من الدولة الطرف تعترض على هذا الادعاء المحدد، وتبين أن أصحاب البلاغ كان بإمكانهم أن يقرروا بحرية عدم مرافقة ضباط الشرطة إلى مركز الشرطة، أو المغادرة في أي وقت من الأوقات دون أن يواجهوا عواقب وخيمة، تخلص اللجنة إلى أن أصحاب البلاغ أُجبروا على مرافقة الشرطة إلى المركز والبقاء هناك حتى الإفراج عنهم، وبذلك فإنهم سُلبوا حريتهم.

7-7 وإذ تلاحظ اللجنة ادعاء أصحاب البلاغ أنهم اعتُقلوا واحتُجزوا لمدة ست ساعات، فإنها تشير إلى تعليقها العام رقم 35(2014) الذي ذكرت فيه أن مصطلح "الاعتقال" يشير إلى توقيف المرء كبداية لسلب حريته، وأن مصطلح "الاحتجاز" يشير إلى سلب الحرية الذي يبدأ بالاعتقال ويستمر منذ لحظة التوقيف حتى لحظة الإفراج" ( ) . ولذلك تلاحظ اللجنة أن المادة 9 من العهد لا تقضي بأن يكون للاحتجاز مدة دنيا لكي يكون تعسفي اً أو غير قانوني ( ) . وتذكر اللجنة أيض اً بأن الاعتقال بالمعنى المقصود في المادة 9 من العهد لا ينبغي أن ينطوي على اعتقال رسمي على النحو المحدد في القانون المحلي ( ) . وبناء عليه، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ اعتقلوا واحتجزوا بالمعنى المقصود في المادة 9 من العهد.

7-8 وفي سياق التذكير بأن المادة 9(1) من العهد تنص على أن الحرمان من الحرية يجب ألا يكون تعسفياً، وأن ينفَّذ في ظل احترام سيادة القانون ( ) ، يجب على اللجنة أن تقيّم بعد ذلك ما إذا كان اعتقال أصحاب البلاغ واحتجازهم إجراءين تعسفيين أو غير قانونيين. وتذكِّر اللجنة بأن الحماية من الاحتجاز التعسفي يجب أن تُطبق على نطاق واسع، وبأن "التعسف" لا ينبغي مساواته بمفهوم "مخالفة القانون"، ولكن يجب تفسيره بصورة أوسع ليشمل عناصر عدم الملاءمة والإجحاف وعدم إمكانية التنبؤ وعدم مراعاة الأصول القانونية ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً بأن الاعتقال أو الاحتجاز، كعقاب على الممارسة المشروعة للحقوق التي يكفلها العهد، بما فيها حرية الدين، هو إجراء تعسفي ( ) . وتلاحظ اللجنة ادعاء أصحاب البلاغ بأن شهود يهوه يواجهون نمط اً من المضايقة على يد سلطات الدولة الطرف، وأن ضباط الشرطة هددوهم في حالة محددة بسجنهم، وأهانوا بعضهم، وانتقدوا دينهم، ولكنهم لم يبلغوهم بأي إزعاج أو ضرر محتمل ناجم عن طقسهم الديني أو المؤلفات الدينية التي كانوا يستخدمونها. ولذلك، ترى اللجنة أن تصرفات الشرطة تفتقر إلى الملاءمة وإمكانية التنبؤ ومراعاة الأصول القانونية. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة، في سياق إشارتها إلى النتائج التي توصلت إليها في الفقرتين 7-4 و7-5 أعلاه، أن اعتقال أصحاب البلاغ واحتجازهم يشكلان عقوبة على ممارستهم المشروعة لحقهم في إظهار معتقداتهم الدينية. وبالتالي تخلص اللجنة إلى أن أصحاب البلاغ اعتُقلوا واحتُجزوا تعسفاً في انتهاك لحقوقهم المنصوص عليها في المادة 9(1) من العهد. ‬

7-9 ولا ترى اللجنة، في ضوء ما خلصت إليه، ضرورة للنظر فيما إذا كانت الوقائع نفسها تشكل انتهاكاً للمادة 19 أو المادة 21 من العهد.

8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكٍ لحقوق كل واحد من أصحاب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9(1) و18(1) من العهد. ‬

9- ووفقاً لأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتزويد أصحاب البلاغ بسبيل انتصاف فعال. وهذا يتطلب منها أن تقدم تعويضات كاملة للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم بموجب العهد. وبناء عليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض مناسب إلى أصحاب البلاغ، بما في ذلك سداد الغرامات المفروضة ورسوم المحاكم المتصلة بالقضايا المعنية. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، بسُبل منها مراجعة تشريعاتها وأنظمتها و/أو ممارساتها المحلية، بغية ضمان التمتع الكامل في الدولة الطرف بالحقوق المنصوص عليها في العهد.

10- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، وأن الدولة الطرف تعهدت، عمل اً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين داخل إقليمها والخاضعين لولايتها القضائية، وتوفير سبيل انتصاف فعال عندما يثبت أن انتهاك اً ما قد وقع، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوم اً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما يُطلب إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء ونشرها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

المرفق

رأي فردي لعضو اللجنة خوسيه مانويل سانتوس باييس (مخالف جزئياً)

1- أتفق مع الاستنتاج الذي توصلت إليه هذه الآراء، وهو أن الدولة الطرف انتهكت بالفعل حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 18(1) من العهد. بيد أن لدي شكوك اً بشأن استنتاج حدوث انتهاك للمادة 9(1).

2- فقد سوغت اللجنة هذا الانتهاك بقبول ادعاء أصحاب البلاغ أنهم اعتُقلوا واحتُجزوا تعسف اً لعدة ساعات في 21 أيلول/سبتمبر 2013، وسُلبوا بذلك حريتهم. وتفتقر إجراءات الشرطة إلى الملاءمة والقدرة على التنبؤ والاعتبار لضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، ويشكل اعتقال أصحاب البلاغ واحتجازهم عقاب اً على الممارسة المشروعة لحقهم في إظهار معتقداتهم الدينية (الفقرة 7-8). ورغم أنني أفهم هذا المنطق من جانب أغلبية أعضاء اللجنة، فإنني أميل إلى التوصل إلى استنتاج مختلف.

3- والأساس المنطقي وراء قرار اللجنة هو أن الشرطة قبضت على أصحاب البلاغ بينما كانوا يخوضون في نقاش خاص بشأن معتقدات دينية في منزل آل علييف ، وصادرت مؤلفاتهم الدينية ثم أخذتهم عنوة إلى مركز للشرطة واحتجزتهم. ونظر اً لعدم تمكن أصحاب البلاغ من مغادرة مركز الشرطة، فقد تعرضوا بالتالي للاعتقال. غير أن هذا المنطق من جانب أغلبية أعضاء اللجنة قد يستتبع في حد ذاته عيب المصادرة على المطلوب، ما دام السبب الرئيسي وراء التوصل إلى انتهاك للمادة 9 هو النتيجة المباشرة للتوصل إلى انتهاك للمادة 18.

4- ووفق اً للدولة الطرف (الفقرة 4-1)، أجرت السلطات المحلية تفتيشاً في منزل آل علييف . ويتعلق التفتيش بمعلومات تخص عقد اجتماعات دينية غير قانونية، وحيازة مؤلفات دينية محظورة لجماعة شهود يهوه الدينية، مع مجموعة من الأشخاص. وقد اجتمع أصحاب البلاغ كطائفة دينية لم تسجَّل حسبما يحدده القانون، ومن ثم انتهكوا الإجراء المحدد في التشريع المتعلق بتنظيم الاحتفالات الدينية وإجرائها. وخلال الاجتماعات الأسبوعية، استخدموا مؤلفات دينية جُلبت إلى البلد دون إذن. وبذلك انتهك أصحاب البلاغ المادة 299-0-2 من قانون الجرائم الإدارية (الفقرات 2-11 و2-12 و4-3). ولذلك يوجد في ظاهر الأمر دافع مشروع لتدخل الشرطة، حتى إن رأت اللجنة في النهاية أن القيود المفروضة على حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 18(1) لم تكن متناسبة (الفقرة 7-5 أعلاه).

5- ويوجد أيضاً دافع قانوني لنقل أصحاب البلاغ إلى مركز الشرطة لأنه اشتُبه في انتهاكهم القانون وضُبطوا في حالة تلبس. ويستلزم ذلك، في العديد من الولايات القضائية، ضرورة مرافقة المشتبه فيهم لضباط الشرطة لغرض تحديد هويتهم وتحرير جميع المحاضر اللازمة التي ستمكن المحاكم لاحق اً من النظر في القضية، إن اقتضى الحال ذل ك .

6- وفيما يتعلق باحتجاز أصحاب البلاغ لبضع ساعات في مركز الشرطة عند احتجازهم لدى الشرطة، كان لا بد من تحرير بروتوكولات مكتوبة للأحداث المشتبه فيها وتوقيع أصحاب البلاغ عليها (الفقرة 2-8). وكان تحرير بروتوكولات خطية للجرائم الإدارية أمر اً هام اً لحماية حقوق أصحاب البلاغ، إذ إن أصحاب البلاغ، بإحاطتهم علم اً بهذه البروتوكولات، أبلغوا بحكم الواقع بالأسباب الكامنة وراء تدخل الشرطة، وعلموا بوضعهم في الإجراءات، وبالتالي تمكنوا أيض اً من البدء في إعداد دفاعهم. وعلاوة على ذلك، فإن الفترة الزمنية المحدودة لاحتجاز أصحاب البلاغ في مركز الشرطة - ست ساعات (الفقرة 7-7 ) - لا تبدو غير معقولة في ظل هذه الظروف، نظر اً لتنوع المواد المصادرة، وعدد المشتبه فيهم الذين استُجوبوا، وعدم حضورهم جميع اً في الوقت نفسه. ويمكن أن يستغرق عمل الشرطة وقت اً طويلا ً .

7- والسؤال إذن هو ما إذا كان أصحاب البلاغ قد أجبروا على الحضور إلى مركز الشرطة، وما إذا كانت حالتهم تختلف عن حالة أي مواطن آخر يتعاون مع الشرطة، كشاهد أو ضحية أو مدعى عليه على سبيل المثال. وينبغي توقُّع أن يقدم أي مواطن ملتزم بالقانون المساعدة في التحقيقات التي يجريها موظفو إنفاذ القانون، لا سيما إذا قُبض عليه متلبساً بالجرم المشهود. وقد تنطوي تحقيقات الشرطة، في كثير من الأحيان، على استجواب اعتيادي للأفراد في مراكز الشرطة، لغرض التثبت من الوقائع ومعالجة الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات أو الجرائم، دون أن يشكل ذلك بالضرورة سلباً تعسفياً أو غير قانوني للحرية. وإذا استُدعي شخص ما إلى محكمة أو إلى مركز شرطة، فهو لا يُعد معتقلاً أو محتجزاً، وإنما هو تحت تصرف السلطات إلى أن يفي بالغرض الذي استُدعي من أجله. هذا ما حدث في هذه القضية، إذ كان لأصحاب البلاغ حرية مغادرة مركز الشرطة بمجرد تحرير المحاضر اللازمة وتوقيعها.

8- وفي رأيي، لم يثبت أن إجراءات التحقيق هذه التي قامت بها الشرطة تجاوزت ما كان ضروري اً إلى حد معقول للتأكد مما إذا كان قد حدث انتهاك للقانون المحلي. ولذلك، لا يزال في الإمكان اعتبار الإجراءات المذكورة غير تعسفية. وأخلُص بالتالي إلى أن الدولة الطرف لم تنتهك حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 9(1) من العهد.

9- أما الطريقة التي تصرف بها موظفو إنفاذ القانون أثناء إلقاء القبض على أصحاب البلاغ واستجوابهم فهي مسألة مختلفة تماماً. وإذا كانت أقوال أصحاب البلاغ دقيقة، فمن الواضح أن هؤلاء المسؤولين تصرفوا بطريقة غير لائقة، دون احترام لواجباتهم كمسؤولين عن إنفاذ القانون، إذ يجب عليهم التصرف بطريقة مهنية وغير متحيزة، مع احترام مبدأ تساوي الجميع أمام القانون، ولا سيما عند التعامل مع المشتبه في انتهاكهم للقانون. ولذلك، فإن السلوك المذكور قد ينطوي على مسؤولية تأديبية، ولكنه لا يؤثر بالضرورة على مشروعية وملاءمة واجب إحضار المشتبه بهم إلى مركز الشرطة لاستجوابهم على النحو الملائم والسليم.