اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2540/2015 * **
بلاغ مقدم من: أياوثان كورتينباييفا (يمثلها محام من المنظمة غير الحكومية آر. روخ . خاك Ar.Rukh.Khak(
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ
الدولة الطرف: كازاخستان
تاريخ البلاغ: 2 أيلول/سبتمبر 2014 ( تاريخ الرسالة الأولى )
الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 11 كانون الأول/ديسمبر 2014 ( لم يصدر في شكل وثيقة )
تاريخ اعتماد الآراء: 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
الموضوع: معاقبة صاحبة البلاغ على التعبير عن رأيها؛ والمحاكمة غير العادلة
المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وإثبات الادعاءات بأدلة
المسائل الموضوعية: حرية التجمع؛ و حرية التعبير؛ والمحاكمة العادلة
مواد العهد: 14(3)( د ) و(ز)، و 19 ، و 21
مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 5(2)( ب )
1- صاحبة البلاغ هي أياوثان كورتينباييفا ، و مواطنة كازاخستانية مولودة في عام 1980. وهي تدّعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها التي تكفلها المواد 14(3)(د) و(ز)، و19، و21 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى كازاخستان في 30 أيلول/سبتمبر 2009. ويمثّل صاحبة البلاغ محام.
الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ
2-1 صاحبة البلاغ لا تعمل. وفي 15 شباط/فبراير 2014 ، شاركت في مظاهرة سلمية في ألماتي احتجاجاً على تخفيض قيمة العملة الوطنية الكازاخستانية ( التينغي ) بنسبة 30 في المائة. وتصادف أن كانت صاحبة البلاغ على مقربة من مكان المظاهرة فانضمت إليها عندما علمت بموضوعها ، دون تخطيط مسبق للحضور. وقد ألقت الشرطة القبض بوحشية على المشاركين في المظاهرة، بمن فيهم صاحبة البلاغ.
2-2 وفي اليوم نفسه، أدانت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات صاحبة البلاغ بموجب المادة 373 من قانون المخالفات الإدارية - المتعلقة بانتهاك التشريع الخاص بتنظيم وتسيير التجمعات والمسيرات والاجتماعات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية – وحكمت عليها بغرامة قدرها 704 3 تينغي كازاخستاني (نحو 20 دولاراً). وتدعي صاحبة البلاغ عدم توفير محام لها بعد إلقاء القبض عليها، رغم أنها طلبت ذلك، ومنع أفراد أسرتها والصحفيين والمراقبين من منظمات حقوق الإنسان من حضور الجلسة.
2-3 وفي 24 شباط/فبراير 2014 ، استأنفت صاحبة البلاغ الحكم أمام محكمة مدينة ألماتي . وفي 4 آذار/مارس 2014 رُفض طعنها.
2-4 وقدمت صاحبة البلاغ طلباً لإجراء مراجعة قضائية لحكم المحكمة الابتدائية إلى كل من مكتب النيابة العامة في ألماتي في 31 آذار/مارس 2014 ومكتب المدعي العام لكازاخستان في 26 أيار/مايو 2014. لكن رُفض الطلبان في 4 نيسان/أبريل 2014 وفي 14 تموز/يوليه 2014 ، على التوالي.
الشكوى
3- 1 تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها التي تكفلها المادتان 19 و 21 من العهد، بسبب الجزاءات التي فُرضت عليها لمشاركتها في مظاهرة سلمية.
3-2 وتدعي صاحبة البلاغ أن حقوقها بموجب المادة 14(3)( د ) من العهد انتُهكت لعدم توفير محام لها بعد القبض عليها، ولمنع أفراد أسرتها والصحفيين والمراقبين عن منظمات حقوق الإنسان من حضور الجلسة. وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً انتهاك المادة 14(3)( ز ) من العهد، ولكنها لم تقدم مزيداً من التفاصيل.
3-3 وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بما يلي: أن تقدم إلى العدالة المسؤولين عن انتهاك حقوقها ( ) ؛ وأن تقدم لها تعويضا عن الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بها، بما في ذلك رد مبلغ الغرامة وتكلفة المساعدة القانونية؛ وأن تتخذ تدابير لإزالة القيود المفروضة على الحق في حرية التجمع السلمي في تشريعات الدولة الطرف وللقضاء على انتهاكات الحق في محاكمة عادلة الذي تكفله المادة 14(3)( د ) و(ز) من العهد؛ وأن تضمن، على سبيل الاستعجال، ألا يتبع الاحتجاجات السلمية تدخل غير مبرر من جانب سلطات الدولة في حق المشاركين في الاحتجاجات وملاحقة لهم أمام القضاء.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 26 آذار/مارس 2015 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة إعلان عدم مقبوليته باعتباره لا يستند إلى أدلة.
4-2 وتشير الدولة الطرف إلى وقائع القضية وتلاحظ أن صاحبة البلاغ شاركت في نشاط جماهيري غير مرخص. وتفيد بأن المشاركين أخلوا بأمن الآخرين وكانوا يرددون شعارات ويحثون الآخرين على الانضمام إليهم. وطلبت الشرطة من المشاركين وقف النشاط غير المرخص له لكنهم تجاهلوا هذا الطلب.
4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ عوقبت على انتهاك قواعد تنظيم الأنشطة الجماهيرية، وهو ما يشكل مخالفة إدارية بموجب المادة 373(1) من قانون المخالفات الإدارية. وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن صاحبة البلاغ لم تطلب قط أن تُمثل بمحام أو بأي ممثل آخر. وهي لم تطلب أيضاً السماح لأقاربها وللصحفيين بدخول قاعة المحكمة.
4-4 وتعترض الدولة الطرف على حجج صاحبة البلاغ، ومؤداها أن أفعالها لا تشكل مخالفة لأن قرارها حضور الاجتماع كان تلقائياً، وبالتالي لم يكن بوسعها طلب الترخيص، وأن وجودها بالقرب من المظاهرة كان صدفة فقررت الانضمام إليها. وتشير الدولة الطرف إلى أن الحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد تخضع لبعض القيود. وتفيد الدولة الطرف بأن حرية التجمع السلمي غير محظورة في كازاخستان، ومع ذلك توضح أن تنظيم أي تجمع يتطلب اتباع إجراء معين. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى المادة 32 من الدستور وإلى المادتين 2 و 9 من القانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية، وهي المواد التي تُلزِم المنظمين بأن يطلبوا ترخيصاً من السلطات المحلية لعقد أي تجمع، وتعرض المخالفين للمساءلة القانونية.
4-5 وترى الدولة الطرف أن من الضروري فرض قيود معي ّ نة على الحق في حرية التجمع. و كما ي تبين من تجربة أوروبية حديثة العهد، من شأن إعمال الحق في حرية التجمع من قِبل جزء معين من المجتمع أن يلحق ضرراً بالدولة وبالممتلكات الخاصة والمواصلات، وما إلى ذلك، حتى وإن بدأت الأحداث الجماهيرية بشكل سلمي. ولذلك، من الضروري تنظيم (لا حظر) الأنشطة الجماهيرية.
4-6 وتؤكد الدولة الطرف أن الأنشطة التي شارك ت فيها صاحبة البلاغ كان من الممكن أن تثير ردود فعل من أشخاص آخرين لديهم وجهة نظر أخرى. وتسبَّب هذا النشاط في الإخلال بالسلام والسلامة العامة، وعرقل سير عمل وسائل النقل العام والبنية التحتية نظراً لعقده في مكان غير ملائم يستريح فيه الناس وتعمل فيه وسائل النقل العام. وتقع على الأشخاص الذين يرغبون في ممارسة حقهم في المشاركة في هذه الأحداث التزامات ومسؤوليات محددة لأن أفعالهم قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. وبالتالي، تشكل القيود المفروضة استجابة مناسبة من القانون. وفي هذه القضية، تمكنت الشرطة من قمع الأعمال غير القانونية لصاحبة البلاغ ولأشخاص آخرين في الوقت المناسب. وأتاح ذلك تفادي حدوث نتائج وخيمة.
4-7 وتفيد الدولة الطرف بأن ثمة أماكن محددة خُصّصت الأنشطة العامة لضمان حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، وسلامة الجمهور، وسير العمل العادي للنقل العام والهياكل الأساسية، وحماية الأماكن الخضراء والبيئة المعمارية. وتشير الدولة الطرف إلى أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يقر الحاجة إلى فرض بعض القيود على حرية التجمع.
4-8 ولذلك تدَّعي الدولة الطرف أن إعمال الحق في حرية التجمع في كازاخستان يتفق تماماً مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
4-9 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تُساءل قانوناً بسبب التعبير عن رأيها، ولكن بسبب انتهاك قواعد تنظيم نشاط جماهيري أعربت فيه عن رأيها.
4-10 وتدفع الدولة الطرف بأن الحجج التي قدمتها صاحبة البلاغ بشأن انتهاك حقوقها التي تكفلها المادة 14 من العهد كانت موضع دراسة، وتبين عدم استنادها إلى أي أساس. وأُبلغت صاحبة البلاغ بجميع حقوقها وأكدت هذه الحقيقة بتوقيعها. وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد في الملف الإداري المحفوظ في سجلات المحكمة ما يفيد بأن صاحبة البلاغ طلبت السماح بحضور ممثلها أو مراقبين.
4-11 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن إجراءات الشرطة تجاه المشاركين في هذا النشاط الجماهيري كانت قانونية لأن هذه الإجراءات استهدفت وقف انتهاك القانون.
4-12 وتدفع الدولة الطرف بأن تشريع كازاخستان لا يعترف بمفهوم الأنشطة الجماهيرية العفوية. فجميع الأنشطة الجماهيرية يجب أن تُنظّم وتُعقد وفقاً للقانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية.
4-1 3 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأنها درست الممارسة المتبعة في عدة بلدان أخرى، وخلصت إلى أن القيود المفروضة على الأنشطة العامة في بعض البلدان أكثر صرامة من مثيلتها في كازاخستان. ففي مدينة نيويورك، مثلاً، يجب طلب الإذن قبل 45 يوماً من عقد أي نشاط مقرر، وتبيان مسار النشاط بدقة. ويحق لسلطات المدينة أن تغير مكان النشاط. ولدى سلطات أخرى، كسلطات السويد، قائمة سوداء بأسماء منظمي المظاهرات التي سبق حظرها أو تفريقها. وفي فرنسا، يحق للسلطات المحلية أن تحظر أي مظاهرة، كما يحق للسلطات في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية أن تفرض حظراً مؤقتاً. وبالإضافة إلى ذلك، لا يُسمح في المملكة المتحدة بتنظيم أنشطة في الشوارع إلا بعد الحصول على إذن من سلطات الشرطة. وفي ألمانيا، يجب أن يحصل منظمو أي نشاط جماهيري أو اجتماع أو مظاهرة، سواء في أماكن مغلقة أم مفتوحة، على إذن من السلطات.
4-14 وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تلتمس من المدعي العام تقديم طلب ل مراجعة قضيتها، وبالتالي لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية.
تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ
5-1 قدّمت صاحبة البلاغ، في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وهي تدفع بأنه رغم أن الحقوق التي تكفلها المادتان 19 و21 من العهد مكفولة في كازاخستان ولا يجوز تقييدها إلا في ظروف معينة، فالدولة الطرف لم تبرر الضرورة التي اقتضت فرض غرامة إدارية عليها. وتؤكد من جديد أن حقها في محاكمة عادلة انتُهك، كما لم تُتح لها إمكانية الاستفادة من مؤازرة محام عندما أُلقي القبض عليها، رغم أنها طلبت ذلك. وهي تفيد أيضاً بأنها لم تتمكن من تقديم أي التماسات خطية في المحكمة، وأن التماساتها الشفوية لم يُلتفت إليها. وبالإضافة إلى ذلك، لم تحتفظ المحكمة بنسخة من محضر الجلسة.
5-2 وتدَّعي صاحبة البلاغ أن الالتزامات الدولية للدولة الطرف تقتضي أن تكون أية قيود تفرض على حرية التجمع متناسبة وأن تطبق وفقاً للظروف الخاصة لكل حالة، وأن يُقلص تدخل السلطات في عملية تنظيم الأنشطة العامة إلى أدنى حد. وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تجاهلت هذه المبادئ وانتهكتها.
5-3 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بشأن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تدفع صاحبة البلاغ بأن تقديم طلب إلى المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية لا يشكل سبيل انتصاف محلياً فعالاً. وهي تشير إلى أنها قدمت طلبين من هذا القبيل إلى مكتب النيابة العامة في ألماتي وإلى مكتب المدعي العام، ورُفض الطلبان.
5-4 وتشير صاحبة البلاغ إلى تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين جمعيات عقب زيارته لكازاخستان في كانون الثاني/يناير 2015، وهو التقرير الذي انتقد فيه المقرر الخاص نهج البلد في تقييد حرية التجمع ( ) . وهي تشير أيضاً إلى المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي ، التي وضعتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في عام 2007 ، وإلى التزام الدولة الطرف باتباع تلك المبادئ التوجيهية ( ) . وتؤكد صاحبة البلاغ أيضاً أن المادة 10 من قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، وإن كانت تسمح للسلطات المحلية بتنظيم إجراءات عقد أي تجمع سلمي، لا تمنح السلطات صلاحية تحديد أماكن دائمة لعقد التجمعات، ولا صلاحية قصر تلك الأماكن في موقع واحد. وهي تضيف، في هذا السياق، أن أي قيد يُفرض على ممارسة الحق في حرية التجمع ينبغي أن يكون متناسباً، وألا يُطبق تلقائياً بل ينبغي أن يخضع للمراجعة على أساس كل حالة على حدة، مع مراعاة الظروف المحددة للحالة.
5-5 وتدعي صاحبة البلاغ أن حقوقها التي تكفلها المواد 14 و19 و21 من العهد انتُهكت.
ملاحظات إضافية مقدمة من الدولة الطرف
6-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 16 آذار/مارس 2016 ، ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وتدعي عدم حدوث أي انتهاك في هذه القضية لحقوق صاحبة البلاغ التي تكفلها المادة 21 من العهد. وتكرر أيضاً حجها المتعلقة بعدم المقبولية. وتكرر الدولة الطرف كذلك أن حرية التجمع السلمي ليست محظورة في كازاخستان، ولكنها محكومة بقيود معينة.
6-2 وتدحض الدولة الطرف ادعاء صاحبة البلاغ عدم توضيح الضرورة التي اقتضت تقييد حقوقها. وتشير الدولة الطرف إلى أن الحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد تخضع لقيود معينة. فالحق في حرية التجمع غير محظور في كازاخستان، ولكن يجوز تقييده لحفظ الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ويشكل توفير النظام العام في كازاخستان أهم عنصر من عناصر احترام حقوق الإنسان التي يكفلها القانون، ويجب على الموظفين المختصين أن يوقفوا أي انتهاكات للنظام العام والمخالفات الإدارية.
6-3 وتلاحظ الدولة الطرف أن القيد المفروض على الحق في حرية التجمع، ولا سيما فيما يتعلق بمكان تنظيم الأنشطة الجماهيرية، يتفق مع أحكام العهد. وقد اعتمدت هيئة شرعية، في نطاق اختصاصها، القرار رقم 167 الصادر عن السلطة البلدية (Akimat)( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن القرار لا يسمح بالتمييز على أساس سياسي؛ بل يوصي فقط بأماكن عقد الأنشطة الجماهيرية. لذلك، يمكن للسلطا ت البلدي ة تحديد المكان – وهو الساحة الواقعة خلف سينما "ساري - أركا" – لعقد الأنشطة الرسمية وغيرها من الأنشطة ، بحسب الظروف.
6-4 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن شكوى صاحبة البلاغ ين ب غي اعتبارها غير مقبولة لتنافيها مع أحكام العهد، لأن أي انتهاك يُدعى في أية شكوى ينبغي أن يتعلق بالحقوق التي يحميها العهد. واللجنة عموماً ليست في وضع يسمح لها بإعادة النظر في حكم صدر عن المحاكم الوطنية، ولا بإعادة النظر في مسألة البراءة أو الإدانة. واللجنة أيضاً ليست في وضع يسمح لها عموماً بمراجعة تقييم الوقائع والأدلة الذي تجريه المحاكم والسلطات الوطنية، ولا بإعادة النظر في تفسير التشريعات المحلية، ما لم تثبت صاحبة البلاغ أن هذا التقييم تعسفي أو يشكل خطأً واضحاً أو إنكاراً للعدالة، أو أن المحاكم لم تتحل بالاستقلالية والنزاهة.
6-5 وتدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحبة البلاغ لا تتفق مع المبادئ المذكورة أعلاه. فقد طلبت صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تتجاوز حدود اختصاصها وأن تتدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة وأن تؤثر بشكل مباشر على السياسات العامة في مجال حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، لم تقدم صاحبة البلاغ أي استنتاجات مستندة إلى أدلة أو إلى رأي خبراء تثبت أن القانون الوطني المتعلق بحرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير يتعارض مع المعايير الدولية.
6-6 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن الطعن المقدم إلى المدعي العام هو سبيل انتصاف فعال. وتقدم ثلاثة أمثلة لطعون ناجحة قُدمت إلى المدعي العام.
6-7 وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري والمادة 99( ب ) من النظام الداخلي، لأن صاحبة البلاغ لم تقدم أي معلومات تبرر عدم تمكنها من تقديم شكواها شخصياً.
6-8 وتكرر الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تُساءل قانوناً بسبب إعمال حقها في حرية التجمع بل بسبب انتهاكها للقواعد التي تنظم إعمال هذا الحق وفقاً للقانون. وقد انتهك النشاط الجماهيري الذي شاركت فيه صاحبة البلاغ النظام العام، ولهذا السبب كانت التدابير المطبقة متناسبة ومبررة.
تعليقات صاحبة البلاغ على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف
7- في 27 أيلول/سبتمبر 2016 ، أبلغت صاحبة البلاغ اللجنة بأن ليس ت لديها أي تعليقات إضافية.
القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، عملاً بالمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
8-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(2)( أ ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
8-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية البلاغ بأن اعتبرت أن صاحبة البلاغ لم تقدم التماساً إلى المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية للقرارات التي أصدرتها المحاكم في القضية. وتحيط اللجنة علماً بأن صاحبة البلاغ قدمت في 26 أيار/مايو 2014 التماساً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية لقضيتها الإدارية. غير أن أحد نواب المدعي العام رفض التماسها في 14 تموز/يوليه 2014. وتشير اللجنة كذلك إلى اجتهاداتها السابقة التي قضت فيها بأن تقديم التماس إلى النيابة العامة لأغراض إجراء مراجعة قضائية لقرارات المحاكم التي أصبحت نافذة، وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية للنيابة العامة ، لا يشكل سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 5(2)( ب ) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن المادة 5(2)( ب ) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.
8-4 وتحيط اللجنة علماً بإفادة الدولة الطرف بأن البلاغ قُدم إلى اللجنة من قِبل طرف ثالث لا من قِبل صاحبة البلاغ نفسها. وفي هذا الصدد، تذكِّر اللجنة بأن المادة 99( ب ) من نظامها الداخلي تنص على أن يُقدم أي بلاغ من قِبل الفرد المعني شخصياً أو من يمثِّله. وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الضحية المزعومة حررت توكيلاً قانونياً لمحامٍ لتمثيلها أمام اللجنة. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن المادة 1 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.
8-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ، المستند إلى الفقرة 3( د ) من المادة 14 ، أن ممثليها القانونيين لم يُسمح لهم بدخول قاعة المحكمة، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تطلب أن تُمثل بمحام سواء في مركز الشرطة أم في المحكمة. وترى اللجنة، في ضوء المعلومات المعروضة عليها، أن صاحبة البلاغ لم تثبت هذا الجزء من البلاغ بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، وتعلن عدم قبول هذا الجزء بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
8-6 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم أي معلومات تدعم ادعاءاتها المقدمة بموجب المادة 14(3)( ز ) من العهد. وترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ لا تدعمه أدلة كافية لأغراض المقبولية، وتعلن عدم مقبوليته بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
8-7 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ انتهاك حقوقها التي تكفلها المادتان 19 و21 من العهد، بالنظر إلى أنها عوقبت دون مبرر على مشاركتها في تجمع سلمي مع آخرين احتجاجاً على خفض قيمة العملة الوطنية لكازاخستان بنسبة 30 في المائة. وترى اللجنة أن هذه الادعاءات ثبتت بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وبناءً عليه، تعلن قبول هذه الادعاءات وتمضي إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.
النظر في الأسس الموضوعية
9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.
9-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ انتهاك حقها في حرية التجمع الذي تكفله المادة 21 من العهد، حيث قُبض عليها في 15 شباط/فبراير 2014 وحوكمت وفُرضت عليها غرامة بسبب مشاركتها في نشاط جماهيري غير مرخص للاحتجاج على خفض الحكومة لقيمة العملة الوطنية. وتذكِّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، هو حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى للفرد عنه للتعبير علناً عن آرائه ووجهات نظره، ولا غنى عنه في أي مجتمع ديمقراطي. وهذا الحق يمكِّن الأفراد من التعبير الجماعي عن آرائهم ومن المشاركة في تشكيل مجتمعاتهم. والحق في التجمع السلمي مهم في حد ذاته لأنه يحمي قدرة الأفراد على ممارسة استقلالهم الذاتي في التضامن مع الآخرين. ويشكل هذا الحق أيضاً، إلى جانب حقوق أخرى ذات صلة، الركيزة الأساسية لنظام حكم تشاركي قائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتعددية ( ) . وبالنظر إلى الطابع التعبيري المعتاد للتجمعات، يجب، قدر الإمكان، تمكين المشاركين في التجمعات من عقدها في مكان على مرأى ومسمع من الجمهور المستهدف، ولا يجوز تقييد ذلك الحق إلا إذا فُرض هذا القيد وفقاً للقانون، وكان ضرورياً لأي مجتمع ديمقراطي لتحقيق مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم ( ) . وبينما يجوز في حالات معينة تقييد الحق في التجمع السلمي، يقع على عاتق السلطات عبء تبرير أي قيود ( ) . ويجب أن تكون السلطات قادرة على إثبات أن أية قيود مفروضة تستوفي شرط المشروعية، وإثبات أن هذه القيود ضرورية لأساس واحد على الأقل من الأسس التي تجيز فرض القيود المذكورة في المادة 21 من العهد ومتناسبة معها. ويمثل عدم الوفاء بهذا العبء انتهاكاً للمادة 21 ( ) . وينبغي أن يتوخى في فرض أية قيود الاسترشادُ بما يُيسِّر هذا الحق بدلا مما يقيّده على نحو غير ضروري وغير متناسبة ( ) . ويجب ألا تكون هذه القيود تمييزية ، أو مخلة بجوهر الحق، أو هادفة إلى ردع المشاركة في التجمعات، أو ذات أثر مثبط ً ( ) .
9-3 وتلاحظ اللجنة أن نظم الترخيص، التي تُلزِم الراغبين في التجمع بطلب إذن (أو تصريح) من السلطات للقيام بذلك، تقوض فكرة أن التجمع السلمي حق أساسي ( ) . وحيثما يستمر العمل بهذه المقتضيات ، يجب أن تُستخدم، في الممارسة العملية، باعتبارها نظاما لل إخطار، وينبغي أن يُمنح الترخيص تلقائياً عندما لا توجد أسباب قاهرة تمنع ذلك. وينبغي أيضاً ألا تكون هذه النظم مفرطة في البيروقراطية ( ) . أما نظم الإخطار، فيجب ألا تُستخدم من الناحية العملية كنظم للترخيص ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن التجمعات العفوية، التي تكون عادةً ردّا ً مباشر ا ً على أحداث جارية، سواء أكانت هذه التجمعات منسقة أم لا، تحظى هي الأخرى بالحماية بموجب المادة 21 ( ) .
9-4 و تلاحظ اللجنة أن ا لالتزام باحترام وضمان التجمعات السلمية يفرض واجبات سلبية وإيجابية على الدول قبل التجمعات وأثناءها وبعدها. ويستلزم الواجب السلبي عدم التدخل بشكل غير مبرر في التجمعات السلمية. فالدول ملزمة، مثلاً، بعدم حظر التجمعات السلمية أو تقييدها أو منعها أو تفريقها أو عرقلتها دون مبرّر قاطع، وبعدم معاقبة المشاركين أو المنظّمين دون سبب مشروع ( ) . وعلاوة على ذلك، تقع على الدول الأطراف واجبات إيجابية معيّنة تقتضي تيسير التجمعات السلمية، وتمكين المشاركين من تحقيق أهدافهم . وبالتالي، يجب على الدول أن تهيئ بيئة مواتية لممارسة الحق في التجمع السلمي دون تمييز، وأن تضع إطاراً قانونياً ومؤسسياً يسمح بممارسة هذا الحق بفعالية. وقد يلزم أحيانا اتخاذ تدابير محددة من جانب السلطات. فعلى سبيل المثال، قد تغلق السلطات الشوارع أو تعيد توجيه حركة المرور أو توفر الأمان. وعند الاقتضاء، يجب على الدول أيضاً حماية المشاركين من أي اعتداء محتمل من جانب جهات فاعلة غير تابعة للدولة ، مثل التدخل أو العنف من قِبل أفراد آخرين من الجمهور أو من المتظاهرين المناوئين أو من مقدمي خدمات الأمن ( ) . وعلاوة على ذلك، من واجب الدول أن تحمي المشاركين من جميع أشكال الإساءة والاعتداءات ذات الطابع التمييزي ( ) . أما احتمال أن يثير أي تجمع سلمي ردود فعل سلبية أو حتى عنيفة من جانب بعض أفراد الجمهور، فليس سبباً كافياً لحظر التجمع أو تقييده . والدول ملزمة باتخاذ جميع التدابير المعقولة التي لا تفرض أعباء مفرطة عليها من أجل حماية جميع المشاركين والسماح بعقد هذه التجمعات دون عرقلة ( ) .
9-5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن سلطات الدولة الطرف ومحاكمها لم تبرر فرض غرامة إدارية عليها بسبب مشاركتها في تجمع سلمي وإن كان غير مرخص له. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء الدولة الطرف أن التقييد فُرض على صاحبة البلاغ وفقاً لأحكام قانون المخالفات الإدارية وأحكام قانون تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف أن اشتراط تقديم طلب يهدف إلى حماية النظام العام، فضلاً عن حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ومع ذلك، تحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحبة البلاغ أن فرض القيود قد يكون قانونياً بموجب القانون الوطني ولكن القبض عليها وإدانتها لم يكونا ضروريين في مجتمع ديمقراطي لتحقيق الأهداف المشروعة التي تذرعت بها الدولة الطرف. وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأن الاحتجاج، الذي نُظّم كرد فعل حيال قضية مهمة – هي خفض الحكومة لقيمة العملة الوطنية لكازاخستان بنسبة 30 في المائة - كان سلمياً ولم ينطو على ضرر أو تهديد لأي شخص أو أي شيء.
9-6 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف استندت إلى أحكام القانون المتعلق بالأنشطة العامة، الذي يشترط تقديم طلب قبل عقد النشاط بعشرة أيام والحصول على ترخيص بذلك من السلطات التنفيذية المحلية، وهما شرطان يشكلان قيوداً على الحق في التجمع السلمي. وتشير اللجنة إلى أن حرية التجمع حق وليست امتيازاً. ويقتضي الامتثال للعهد أن تستوفي القيود المفروضة على هذا الحق المعايير المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد، حتى وإن كانت القوانين الوطنية تجيز هذه القيود. وتحيط اللجنة علماً كذلك بملاحظة الدولة الطرف أن القبض على صاحبة البلاغ كان ضرورياً لحماية النظام العام، لأن المشاركين في التجمع أزعجوا الناس وأثروا على سير وسائل النقل العام. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن القيود المفروضة لحماية "حقوق الآخرين وحرياتهم" قد ترتبط بحماية الحقوق المنصوص عليها في العهد أو بحماية حقوق الإنسان الأخرى المكفولة للأشخاص غير المشاركين في التجمع. وفي الوقت نفسه، تُعد التجمّعات استخداماً مشروعاً للأماكن العامة وغير العامة . وبما أنها قد تسبب ب حكم طبيعتها مستوى معيناً من الاضطراب الذي قد يعرقل الحياة العادية، فالمطلوب هو استيعاب هذ ا الاضطراب ما لم ي فرض عبئاً غير متناسب، وفي هذه الحالة يتعين على السلطات أن تكون قادرة على تقديم مبرر مفصل لأي قيود ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن مصطلح "النظام العام" يشير إلى مجموعة القواعد التي تكفل حسن سير المجتمع، أو إلى مجموعة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، وهو ما يعني أيضاً احترام حقوق الإنسان، بما فيها الحق في التجمع السلمي ( ) . وينبغي ألا تعتمد الدول الأطراف على تعريف غامض لمصطلح "النظام العام" لتبرير فرض قيود مفرطة على الحق في التجمع السلمي ( ) . وقد تخل التجمعات السلمية في بعض الحالات بالنظام بطبيعتها أو بشكل مقصود، وتتطلب التحلي بدرجة كبيرة من التسامح. ومصطلح "النظام العام" ليس مرادفاً لـمصطلح "القانون والنظام" ولا ينبغي استخدام حظر "الفوضى العامة" في القانون المحلي استخداماً غير ملائم لتقييد التجمعات السلمية ( ) . وعلاوةً على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفاصيل عن طبيعة الاضطراب الذي نجم عن التجمع المعني، ولم تقدم أيضاً أي معلومات عن كيفية تجاوزها عتبة الاضطراب الذي يمكن التسامح معه.
9-7 وتذكّر اللجنة بأن المادة 21 من العهد توجب أن تكون أي قيود "ضرورية في مجتمع ديمقراطي". ولذلك يجب أن تكون القيود ضرورية ومتناسبة في سياق أي مجتمع قائم على الديمقراطية وسيادة القانون والتعددية السياسية وحقوق الإنسان، لا أن تكون فقط معقولة أو مناسبة ( ) . ويجب أن تكون هذه القيود استجابات مناسبة لضرورة اجتماعية ملحة تتصل بأحد الأسس المسموح بها في المادة 21. ويجب أيضاً أن تكون هذه القيود هي الأقل تدخلاً من بين التدابير التي قد تؤدي وظيفة الحماية ذات الصلة ( ) . وعلاوة على ذلك، يجب أن تكون التدابير متناسبة، ويتطلب ذلك تحديد قيمتها عن طريق الموازنة بين طبيعة التدخل وتأثيره الضار على ممارسة الحق، من جهة، والفائدة المترتبة على أحد أسباب التدخل، من جهة أخرى ( ) . فإذا رجَحَ الضرر على الفائدة، يكون التقييد غير متناسب وبالتالي غير مسموح به. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تثبت أن فرض غرامة إدارية على صاحبة البلاغ لمشاركتها في احتجاج عام سلمي كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لتحقيق غرض مشروع أو أنه يتناسب مع هذا الهدف وفقاً للشروط الصارمة المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وتشير اللجنة إلى أن أي قيود تفرض على المشاركة في التجمعات السلمية ينبغي أن تستند إلى تقييم متمايز أو فردي لسلوك المشاركين وللتجمع المعني. أما القيود الشاملة المفروضة على التجمعات السلمية فيُفترض أنها غير متناسبة ( ) . لهذه الأسباب، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تبرر القيد الذي فرضته على حق صاحبة البلاغ. وبذلك انتهكت الدولة الطرف المادة 21 من العهد.
9-8 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبة البلاغ انتهاك حقها في حرية التعبير الذي تكفله المادة 19 من العهد. لذا، يجب أن تقرر اللجنة ما إذا كانت القيود التي فُرضت على صاحبة البلاغ جائزة بموجب القيود المسموح بفرضها بموجب المادة 19(3) من العهد.
9-9 وتلاحظ اللجنة أن معاقبة صاحبة البلاغ على إعرابها عن آرائها عن طريق المشاركة في احتجاج عام هو تدخل في حقها في نقل مختلف ضروب المعلومات والأفكار، الذي تكفله المادة 19(2) من العهد. وتشير اللجنة إلى أن المادة 19(3) من العهد تسمح بقيود معينة، شريطة أن يُنص عليها في القانون وأن تكون ضرورية لاحترام الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وذكرت اللجنة، في تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، أن هاتين الحريتين شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النماء الكامل للفرد، وهما عنصران أساسيان لأي مجتمع. وذكرت أيضاً أن هاتين الحريتين تشكلان حجر الأساس لأي مجتمع حر وديمقراطي. ويجب أن يتوافق أي قيد يُفرض على ممارسة هاتين الحريتين مع معياريْ الضرورة والتناسب الصارمين. ويجب ألاَّ تُطبق القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها، وأن تتعلق القيود مباشرة بالغرض المحدد الذي استدعى فرضها . وتذكّر اللجنة بأنه يقع على عاتق الدولة الطرف إثبات أن القيود المفروضة على حقوق صاحبة البلاغ التي تكفلها المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة ( ) .
9-10 وفيما يتعلق بتقييد حرية صاحبة البلاغ في التعبير، تذكّر اللجنة بأن الخطاب السياسي ينبغي أن يحظى بمستوى عال من التسامح والحماية باعتباره شكلاً من أشكال التعبير ( ) . وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أن الغرض من التجمع هو الاحتجاج على خفض الحكومة لقيمة العملة الوطنية الكازاخستانية بنسبة 30 في المائة. ونظراً لعدم ورود أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف توضح كيف يتفق التقييد مع أحكام المادة 19(3) من العهد، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ المنصوص عليها في المادة 19(2) من العهد.
10- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادتين 19 و21 من العهد.
11- وعملا ً ب أحكام المادة 2(3)( أ ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. ويقتضي منها ذلك أن تمنح الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد تعويضاً كاملاً عما أصابهم من ضرر. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الإجراءات المناسبة لتقديم تعويض كاف لصاحبة البلاغ، بما في ذلك رد قيمة الغرامة التي فُرضت عليه ا وأي تكاليف قانونية تكبدتها. ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة من جديد أن الدولة ينبغي لها، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2(2) من العهد، أن تراجع تشريعاتها وممارساتها بما يكفل التمتع الكامل بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد، بما في ذلك الحق في تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية في الدولة الطرف.
12- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت ، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك لأحكام العهد أم لا ، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً متى ما ثبت وقوع انتهاك، فهي تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.