الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2695/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 November 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2015/2695* **

بلاغ مقدم من: فالنتين بوروفيك (تمثله المحامية، دينا شافيتسوفا )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 29 آذار/مارس 2011 ( تاريخ الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 2 كانون الأول/ديسمبر 2015 ( لم يصدر في شكل وثيقة )

تاريخ اعتماد الآراء: 25 آذار/مارس 2021

الموضوع: حرية الدين ‬

المسألة الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسألة الموضوعية : حرية الدين ‬

مواد العهد : 18 ( 1 ) و ( 3 ) ؛

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )( ب )

1 - صاحب البلاغ هو فالنتين بوروفيك ، مواطن من بيلاروس، مولود في 7 أيار/مايو 1961 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 18 ( 1 ) و ( 3 ) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992 . وتمثل محامية صاحبَ البلاغ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ هو زعيم طائفة دينية مسيحية رسولية يقل عدد أعضائها عن 20 عض واً في بلدة موستي الواقعة في بيلاروس. وهناك عدة جماعات مسيحية رسولية في بيلاروس وبعضها مسجل باعتباره كيانات قانونية. وتعقد جماعة صاحب البلاغ بانتظام اجتماعين اثنين في الأسبوع للصلاة ودراسة الكتاب المقدس وممارسة الطقوس. ويتمثل دور صاحب البلاغ بصفته زعيم الجماعة، في تنظيم الخطب وخدمة العبادة وممارسة الطقوس. ونظ راً لصغر حجم هذه الجماعة، فإنها لم تكن بحاجة إلى استئجار مقر أو توظيف أشخاص أو القيام بأنشطة أخرى لها علاقة بصفة الكيان القانوني. ولذلك، مارس الأعضاء حقهم في إقامة شعائر دينهم مع جماعة من دون إنشاء كيان قانوني.

2 - 2 وفي 16 آذار/مارس 2008، اجتمع 13 عض واً من هذه الجماعة الدينية في منزل أحد أعضائها لعبادة الأحد. وأقدم ممثلون لمختلف سلطات الدولة على إيقاف خدمة العبادة للتحقق مما إذا كانت هذه الجماعة قد تصرفت وفقاً لقانون حرية الوجدان والتنظيمات الدينية. وبما أن الجماعة لم تسجل على النحو الواجب ككيان قانوني، كما يقتضي القانون، فقد اتُهم صاحب البلاغ، بصفته زعيم الجماعة، بارتكاب مخالفة إدارية بموجب المادة 9 - 9 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية (أنشطة غير مأذون بها لتنظيم ديني). و وفقاً لقرار الاتهام، كان هناك ثلاثة أطفال في خدمة العبادة.

2 - 3 وفي 28 نيسان/أبريل 2008، أدانت محكمة موسكوفسكي المحلية في إقليم غرودنو صاحب البلاغ استنادا إلى المادة 9 - 9 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية لإنشائه وتزعمه تنظيما دينيا من دون تسجيل رسمي ( ) وفرضت عليه غرامة قيمتها 000 140 روبل بيلاروسي ( ) . ورأت المحكمة المحلية على وجه الخصوص أن صاحب البلاغ كان قد أُبلغ في وقت سابق بوجوب الالتزام بتسجيل التنظيم، ولكنه استمر في تنظيم خدمات العبادة والطقوس من دون تسجيل. وفي تاريخ غير محدد، استأنف صاحب البلاغ الحكم أمام محكمة غرودنو الإقليمية.

2 - 4 وفي 22 أيار/مايو 2008، نقضت محكمة غرودنو الإقليمية حكم المحكمة الابتدائية وأحالت القضية إلى المحكمة نفسها لإعادة النظر فيها، حيث خلصت إلى أن قرار المحكمة المحلية لم يتضمن رأيا معللا بشأن إدانة صاحب البلاغ، ولا تقييما بشأن حضور أطفال خدمة العبادة.

2 - 5 وفي 9 حزيران/يونيه 2008، أكدت محكمة مقاطعة موسكوفسكي في إقليم غرودنو النتائج الأولية التي توصلت إليها ورفعت قيمة الغرامة إلى 000 315 روبل بيلاروسي ( ) . ورفضت المحكمة إفادة صاحب البلاغ الذي أكد أن جماعته ليست تنظيما ً دينيا ً ، وعللت ذلك بالقول إن هذه الجماعة تملك جميع خصائص الجماعة الدينية، لأن الأعضاء يعتنقون معتقدا ً محددا ً وينظمون خدمات العبادة ويعلمون أتباعهم. وخلصت المحكمة المحلية إلى أن المادة 14 من قانون حرية الوجدان والمنظمات الدينية تجيز فقط إنشاء وتسجيل الجماعات الدينية التي تضم أكثر من 20 عضوا ً ( ) . وعللت المحكمة المحلية قرارها كذلك بالقول إن الجماعة الدينية لصاحب البلاغ، التي يقل عدد أعضائها حاليا ً عن 20 شخصا ً بالغا ً ، أنشئت بطريقة مخالفة للقانون وأنها كانت تعمل بصورة غير قانونية من دون تسجيل.

2 - 6 وفي تاريخ غير محدد، قدم صاحب البلاغ طلب استئناف هذا الحكم أمام محكمة غرودنو الإقليمية لأنه لم يوافق على استنتاجات المحكمة المحلية التي رأت أن التسجيل كمنظمة دينية ضروري لممارسة حقه في إظهار معتقداته الدينية مع جماعة. وقال أيضاً إن مجموعة تضم أقل من 20 شخصا ً ستُحرم من هذا الحق، وستُحرم من فرصة التسجيل كجماعة دينية لأن قانون حرية الوجدان والمنظمات الدينية يشترط في تسجيلها ألا يقل عدد أعضائها عن 20 شخصا ً . وأكد صاحب البلاغ أن قرار المحكمة المحلية وطريقة تطبيق تلك المحكمة للقانون يتعارضان مع المادتين 23 و31 من الدستور. واستند إلى المادة 18 ( 3 ) من العهد، فدفع بأن التمتع بالحق في إظهار المعتقدات الدينية مع جماعة لا يمكن تقييده بشرط تسجيل تنظيم ديني، وهو ما يشكل برأيه تقييدا للحق في حرية الدين والمعتقد. واستند صاحب البلاغ أيضاً إلى المبادئ التوجيهية لاستعراض التشريعات المتعلقة بالدين أو المعتقد ( 2004 ) التي وضعتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا فقال إن تسجيل المنظمات الدينية لا ينبغي أن يكون إلزاميا وإن الأفراد والجماعات ينبغي أن يكونوا أحرا راً في ممارسة دينهم من دون تسجيل إذا رغبوا في ذلك. وأضاف كذلك إن المعاهدات الدولية لها الأسبقية على القانون المحلي، وفقاً للمادة 8 من الدستور والمادة 40 من قانون حرية الوجدان والتنظيمات الدينية. وبما أن الدستور والعهد لا يضعان قيو داً على العبادة الجماعية أو يشترطان التسجيل الإلزامي لكيان قانوني لإعمال الحق في إظهار المعتقدات الدينية مع جماعة، فإن إنشاء وقيادة تنظيم ديني بدون تسجيل رسمي لا ينبغي اعتباره جريمة بموجب المادة 9 - 9 ( 1 ) من قانون الجرائم الإدارية.

2 - 7 وفي 26 حزيران/يونيه 2008، أعادت محكمة غرودنو الإقليمية تأكيد الاستنتاجات التي توصلت إليها المحكمة المحلية ورفضت استئناف صاحب البلاغ. وأكدت المحكمة الإقليمية أن المحكمة المحلية أثبتت بحق إدانة صاحب البلاغ بموجب المادة 9 - 9 ( 1 ) من قانون الجرائم الإدارية لإنشائه وتزعمه جماعة دينية بدون تسجيل رسمي، منته كاً بذلك المادة 14 من قانون حرية الوجدان والتنظيمات الدينية.

2 - 8 وفي 25 كانون الأول/ديسمبر 2008، قدم صاحب البلاغ طلب إجراء مراجعة قضائية رقابية إلى المحكمة العليا، لكن طلبه رُفض في 2 آذار/مارس 2009 . وفي تاريخ غير محدد، أُنفذ قرار المحكمة ودفع صاحب البلاغ غرامة قدرها 000 315 روبل بيلاروسي.

2 - 9 ويؤكد صاحب البلاغ في بلاغه أمام اللجنة أن المحاكم بجميع درجاتها قضت بأنه ارتكب مخالفة إدارية. وفي معرض الإشارة إلى المادتين 13 و14 من قانون حرية الوجدان والتنظيمات الدينية، أثبتت المحاكم أن جماعته لها جميع خصائص التنظيم الديني، وعليه، فهي تخضع لشرط التسجيل الرسمي الإلزامي ككيان قانوني. ولذلك، فإن أنشطة صاحب البلاغ بصفته زعيم جماعة دينية غير مسجلة تشكل مخالفة إدارية. وتجاهلت المحاكم إشارة صاحب البلاغ إلى المادة 31 من دستور بيلاروس والمادة 18 من العهد، والمبادئ التوجيهية لاستعراض التشريعات المتعلقة بالدين أو المعتقد ( 2004 ) الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي توصي بأن يكون للأشخاص حرية ممارسة دينهم بدون تسجيل إذا رغبوا في ذلك. ولم توضح المحاكم كيف يمكن تسجيل تنظيم ديني يضم أقل من 20 عض واً على النحو الذي يقتضيه القانون، ولا عدد الأعضاء البالغين المطلوب لتسجيل هذه الجماعة.

2 - 10 ويدفع صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في حرية الدين والمعتقد، المكفول له بموجب المادة 18 ( 1 ) و ( 3 ) لأنه حُرم من إمكانية ممارسة دينه مع أفراد جماعته ما لم يسجل هذه الجماعة باعتبارها تنظيما. وعليه، فإن حق صاحب البلاغ في ممارسة شعائر دينه مع جماعة قد فرضت عليه قيود غير متناسبة. ويضيف صاحب البلاغ أنه لا يُسمح لغير التنظيمات الدينية التي يبلغ عدد أعضائها 20 عض واً على الأقل بتقديم طلب التسجيل بموجب قانون حرية الوجدان والمنظمات الدينية، في حين أن عدد الأعضاء في جماعته لم يكن يتجاوز 13 عض واً حين وقعت الأحداث.

3 - 2 وفي معرض الإشارة إلى الفقرة 8 من التعليق العام للجنة المعنية بحقوق الإنسان رقم 22 ( 1993 ) ، يؤكد صاحب البلاغ أن القيود المفروضة يجب أن ينص عليها القانون، كما يجب عدم تطبيقها على نحو يبطل الحقوق المكفولة في المادة 18 . ولا يجوز فرض قيود لأسباب لم يرد بيانها في المادة 18 ( 3 ) ؛ ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وضعت من أجلها، كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تستند إليه وأن تكون متناسبة معه. واستند صاحب البلاغ أيضاً إلى المبادئ التوجيهية لاستعراض التشريعات المتعلقة بالدين أو المعتقد التي وضعتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا فقال إن تسجيل المنظمات الدينية لا ينبغي أن يكون إلزاميا في حد ذاته وإن الأفراد والجماعات ينبغي أن يكونوا أحرا راً في ممارسة دينهم من دون تسجيل إذا رغبوا في ذلك. و وفقاً للفقرتين 22 و23 من التقرير الذي أعدته المقررة الخاصة السابقة المعنية بحرية الدين أو المعتقد‏ في عام 2010 بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب الديني، لا يشكّل التسجيل شرطاً مُسبقاً لكي يمارس الفرد دينه أو معتقده، ومن يتعذر عليه التسجيل أو لا يرغب فيه ينبغي أن يكون بمقدوره إظهار دينه أو معتقده فرديا ً وجماعيا ً ( ) .

3 - 3 غير أن المواد 13 و14 و16 من قانون حرية الوجدان والتنظيمات الدينية تنص على إلزام جميع المنظمات الدينية، بما فيها الجماعات الدينية، بالتسجيل لدى الدولة. وعليه، فإن الأشخاص الذين يشكلون جماعة تجتمع فيها كل خصائص التنظيم الديني بالمعنى المقصود في المادة 13 من القانون لا يكتسبون الحق في إظهار دينهم مع جماعة إلا بعد تسجيلها باعتبارها كيانا ً قانونيا ً . وممارسة الأنشطة الدينية من دون الحصول على إذن من الدولة تنشأ عنه مسؤولية إدارية بموجب المادة 9 - 9 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية أو مسؤولية جنائية بموجب المادة 193 - 1 من قانون العقوبات. وبسبب التعديلات التي أدخلت على قانون المخالفات الإدارية في عام 2010، ألغيت المسؤولية الإدارية عن الأنشطة الدينية غير المرخصة وظلت المسؤولية الجنائية وحدها سارية.

3 - 4 ولذلك، يدعي صاحب البلاغ أن حقه في إظهار دينه مع جماعة خضع للتقييد. وبالنظر إلى أنه يجوز إخضاع المشاركة في تنظيم ديني غير مسجل لدى الدولة أو تزعم هذا التنظيم للمسؤولية الجنائية، فإن التقييد المفروض يشكل تدخلا غير متناسب في حقه في إظهار دينه في إطار جماعة. وعلاوة على ذلك، فرضت الدولة الطرف هذا القيد ولكنها لم تبين في تشريعاتها أي الأغراض المنصوص عليها في المادة 18 ( 3 ) من العهد استدعت فرضه. ولذلك، لا يمكن اعتبار هذا التقييد مبررا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وضع الجماعة الدينية سواء أكانت مسجلة أم لا ليس له أي تأثير على حماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ولذلك، فإن إلزام التنظيمات الدينية بالتسجيل لدى الدولة والمساءلة عن القيام بعمل من دون تسجيل يشكل تدخلا غير مقبول وغير متناسب في حرية الدين والمعتقد.

3 - 5 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى حدوث انتهاك للمادتين 18 ( 1 ) و ( 3 ) من العهد، وأن توصي الدولة الطرف بدفع تعويض عن هذا الانتهاك، وأن تضمن التمتع بحرية الدين والمعتقد، وأن تسدد قيمة الغرامة التي فرضت عليه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ وأسسها الموضوعية في مذكرة شفوية مؤرخة 10 شباط/فبراير 2016 . وتشير الدولة الطرف إلى إجراءات المحاكم المحلية. وفيما يتعلق بطلب الاستئناف الذي قدمه صاحب البلاغ لإجراء مراجعة قضائية رقابية لدى المحكمة العليا، تدعي الدولة الطرف أن هذا الطلب رفض في 9 آذار/مارس 2009 لعدم تقديم أدلة تدعم ادعاءاته بشأن انتهاك حقه في حرية الوجدان. ولم يقدم صاحب البلاغ طلبات المراجعة القضائية الرقابية إلى مكتب المدعي العام. وقالت إن حق صاحب البلاغ بموجب المادة 14 من العهد في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة ومحايدة منشأة طبقا للقانون هو حق مكفول. وتحظر الدولة الطرف الأنشطة التي تمارس باسم أحزاب سياسية أو جمعيات عامة أو تنظيمات دينية أو مؤسسات من دون أن تكون مسجلة على النحو الواجب. ولم يُنتهك حق صاحب البلاغ في حرية الدين بموجب المادة 18 ( 1 ) من العهد. والإجراءات المنصوص عليها في قانون حرية الوجدان والتنظيمات الدينية لإنشاء تنظيم ديني وإدارته تكفل الحق في حرية الوجدان والمعتقد وتصونه، ولا يمكن اعتبارها تقيي داً لهذا الحق.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - 1 ادعى صاحب البلاغ، في 18 تموز/يوليه 2018، أن الدولة الطرف لم تعالج شكواه التي ورد فيها أن إجراء التسجيل الإلزامي للتنظيمات الدينية المنصوص عليه في القانون والذي يفرض شروطا صارمة للتسجيل قد أدى إلى تقييد حقه في حرية الدين. ور داً على حجة الدولة الطرف بشأن حظر الأنشطة التي تمارس باسم التنظيمات الدينية غير المسجلة، قال إن الدولة الطرف أغفلت المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في المادة 193 - 1 من قانون العقوبات بهذا الشأن، وهي تسري منذ عام 2005 . وهذا يدل على أن الجماعات الدينية غير المسجلة تتعرض للضغط وتكون دائما مهددة بالاضطهاد.

5 - 2 ويدعي صاحب البلاغ أن جماعته الدينية تعتبر نفسها من أتباع العقيدة الرسولية المسيحية. ويواصل أفرادها الاجتماع بانتظام لدراسة الكتاب المقدس والصلاة والتباحث وأداء الطقوس، فضلا عن القيام بأعمال خيرية في بعض الأحيان. غير أن قلة عدد أفراد الجماعة يجعلهم غير قادرين حتى الآن على تسجيل جماعتهم باعتبارها تنظيما دينيا لأن القانون يشترط في التسجيل ألا يقل عدد الأعضاء عن العشرين.

5 - 3 ويعترف صاحب البلاغ بأن جماعته الدينية تملك جميع خصائص التنظيم الديني وفقاً للقانون. وعليه، فإن هناك ما يكفي من الأسباب لإخضاعه هو وسائر أفراد جماعته للمسؤولية الجنائية. والمخاوف من المسؤولية الجنائية هي مخاوف مثبتة في ضوء وجود حالات مماثلة لمؤمنين وجهت إليهم تحذيرات رسمية واتخذت في حقهم إجراءات جنائية.

5 - 4 ويشير صاحب البلاغ إلى تعديلات تشريعية يقترح إدخالها لإلغاء المادة 193 - 1 من قانون العقوبات والاستعاضة عنها بفرض المسؤولية الإدارية وغرامة تصل إلى 500 يورو بموجب المادة 23 - 88 من قانون المخالفات الإدارية. واعتمد مشروع قانون في هذا الصدد في مرحلة القراءة الأولى. وعليه، فإن مسألتي القيود المفروضة على أنشطة التنظيمات الدينية والحق في ممارسة الدين مع جماعة لم يُبت فيهما بعد.

5 - 5 ولذلك، يدحض صاحب البلاغ أقوال الدولة الطرف التي تؤكد أن حقه في حرية الدين لم ينتهك وأن الإجراء المعمول به لإنشاء تنظيم ديني وإدارته يكفل الحق في حرية الوجدان والمعتقد ويصونه. ويكرر صاحب البلاغ ما ورد في التوصيات الدولية التي دعت إلى عدم فرض إلزامية التسجيل على التنظيمات الدينية. ويؤكد من جديد أنه ليس هناك ما يبرر تقييد حقه في حرية الدين باشتراط إلزامية التسجيل لدى الدولة على المنظمات الدينية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وبما أن المعلومات المقدمة من الدولة الطرف تشير إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأنه لم يقدم طلبات لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى مكتب المدعي العام، فإن اللجنة تذكر باجتهادها القضائي الذي يقضي بأن التماس مراجعة قضائية رقابية من مكتب المدعي العام، تتوقف على السلطة التقديرية للقاضي أو المدعي العام، بشأن حكم له قوة الأمر المقضي به لا يشكل سبيل انتصاف فعالاً يتعين استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري ‬ ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم طلبا، بموجب إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، إلى المحكمة العليا لاستئناف القرارين الصادرين عن المحاكم المحلية في 9 حزيران/يونيه 2008 و26 حزيران/يونيه 2008، ورفض طلبه، وهو ما أقرت به الدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ في هذه القضية قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بما في ذلك إجراءات المراجعة القضائية الرقابية. ولذلك، ترى اللجنة أن أحكام المادة 5 ( 2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

6 - 4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم أدلة كافية لدعم ادعاءاته التي تندرج في إطار المادة 18 ( 1 ) و ( 3 ) من العهد لأغراض المقبولية. وبناء عليه، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 22 الذي رأت فيه أن المادة 18 من العهد لا تجيز أي تقييد على الإطلاق لحق كل إنسان في حرية الفكر والوجدان أو لحريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره ( ) . وفي المقابل، لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي ينص عليها القانون وتكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.

7 - 3 وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ التي تفيد بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 18 ( 1 ) و ( 3 ) من العهد إذ أدانته بارتكاب مخالفة إدارية وغرمته 000 315 روبل بيلاروسي بدعوى أنه أنشأ جماعة دينية وتزعمها وأقام شعائر دينية من دون تسجيل جماعته باعتبارها كيانا ً قانونيا ً . وتحيط اللجنة علماً بأن صاحب البلاغ يستحيل عليه تسجيل جماعته الدينية لأن عدد الأعضاء في جماعته يقل عن 20 عضوا ً ، ولا يصل إلى الحد الأدنى المطلوب لتسجيل التنظيم الديني باعتباره كيانا ً قانونيا ً بموجب قانون حرية الوجدان والتنظيمات الدينية. وتحيط اللجنة أيضاً بالمعلومات المقدمة من الدولة الطرف التي تشير إلى أن شرط تسجيل التنظيمات الدينية منصوص عليه في القانون، الذي يهدف إلى ضمان الحق في حرية الوجدان والمعتقد، ولا يشكل بذلك تقيي داً لحقوق صاحب البلاغ. وتشير اللجنة إلى أن المادة 18 ( 1 ) من العهد تكفل حرية كل شخص في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. ولا تتوقف ممارسة هذا الحق على حجم الجماعة. وفي الظروف الراهنة، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ لها علاقة بحقه في إظهار معتقداته الدينية مع جماعة، وأن إدانته وفرض غرامة عليه بتهمة إنشاء وتزعُّم تنظيم ديني يقل عدد أعضائه عن العشرين من دون تسجيل هذا التنظيم لدى الدولة يشكلان قيو داً على هذا الحق.

7 - 4 ويجب على اللجنة أن تعالج مسألة ما إذا كان فرض القيود المذكورة على حق صاحب البلاغ في إظهار معتقداته الدينية ضروري لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية، بالمعنى المقصود في المادة 18 ( 3 ) من العهد. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 22 الذي رأت فيه أن المادة 18 ( 3 ) ينبغي أن تفسر تفسيرا ً دقيقا ً ، وأن تطبيق القيود على حرية الفرد في إظهار دينه أو معتقداته لا يجوز إلا للأغراض التي وضعت من أجلها، ويجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تستند إليه وأن تكون متناسبة معه ( ) .

7 - 5 وفي هذه القضية، نشأت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في إظهار معتقداته الدينية مع جماعة عن الشرط المنصوص عليه في المادة 9 - 9 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية، والذي يقضي بأن يُسجَّل رسميا ً لدى الحكومة أي تنظيم ديني يتجاوز عدد أعضائه 20 لكي يتسنى له العمل بصورة قانونية. وتحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف أن حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 18 ( 1 ) من العهد لم تنتهك، وباستنتاجات محكمة موسكوفسكي المحلية التي ذكرت أن صاحب البلاغ قد أبلغ سابقا ً بالالتزام بتسجيل جماعته، غير أنها تلاحظ أن الدولة الطرف لم توضح على وجه التحديد سبب إدانة صاحب البلاغ وتغريمه لمشاركته في أداء شعائر دينية مع جماعة من دون استيفاء الشرط المسبق المتمثل في التسجيل رسمياً، ولا السبب الذي يجعل فرض هذا الشرط المسبق ضروريا بأيّة حال لضمان حماية حرية الدين أو المعتقد بالمعنى المقصود في المادة 18 ( 1 ) من العهد. وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف والمحاكم المحلية لم تتطرق لحجة صاحب البلاغ الذي دفع بأن القانون لا ينص على تسجيل التنظيمات الدينية التي يقل عدد أعضائها عن 20 عضوا ً ، وبذلك استحال عليه تسجيل جماعته الصغيرة المؤلفة من 13 عض واً مما أدى إلى حرمانه من الحق في العبادة الجماعية. وتحيط اللجنة علماً كذلك بحجج صاحب البلاغ التي تفيد بأن المسؤولية الناشئة عن إدارة تنظيم ديني غير مسجل قد شددت في عام 2010، واستُعيض عن المسؤولية الجنائية بفرض مسؤولية إدارية بموجب المادة 193 - 1 من قانون العقوبات، وأنه كان معرضا لتحمل مسؤولية جنائية حين استمر في إدارة جماعته الدينية، وأن إجراءات جنائية قد اتخذت في حق مؤمنين يعانون من وضع مماثل لوضعه، وأن المسؤولية الجنائية عن إدارة تنظيمات غير مسجلة لم تلغ إلا بعد 10 سنوات من وقوع الأحداث، في عام 2019.

7 - 6 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أدلة على أن إظهار صاحب البلاغ لمعتقداته الدينية سلميا مع جماعة من دون أن يُسجل مسبقا جماعته الدينية باعتبارها تنظيما دينيا، ولا سيما في 16 آذار/مارس 2008 حين شارك صاحب البلاغ في عبادة الأحد مع جماعة في بيت خاص، كان يهدد السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ولم تثبت الدولة الطرف أيضاً أن شرط التسجيل كان متناسبا مع أي من هذه الأهداف المحددة، في ضوء تقييدها لفعل أداء الشعائر الدينية. ولم تحاول الدولة الطرف أيضاً أن تقيم الدليل على أن شرط التسجيل وإدانة صاحب البلاغ لاحقا ومعاقبته على عدم الامتثال لهذا الشرط هي أقل التدابير الضرورية لضمان حماية حرية الدين أو المعتقد تقييداً ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أساساً كافياً يبرر القيود المفروضة، حتى تثبت أن هذه التدابير مقبولة ومتناسبة وضرورية لتحقيق غرض مشروع بالمعنى المقصود في المادة 18 ( 3 ) من العهد. وبناء عليه، ترى اللجنة أن إدانة الدولة الطرف لصاحب البلاغ وتغريمها إياه بسبب إنشاء وتزعم تنظيم ديني من دون تسجيله لدى الدولة، وتقييدها لحق صاحب البلاغ في إظهار معتقداته الدينية سلميا ً مع جماعة، فيه انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 18 ( 1 ) من العهد.

8 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 18 ( 1 ) من العهد.

9 - و وفقاً لأحكام الفقرة 3 ( أ ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وهذا يستلزم جبر ضرر الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد جبراً كاملاً. وبناء عليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض مناسب إلى صاحب البلاغ، بما في ذلك سداد قيمة الغرامات المفروضة والرسوم القضائية المتصلة بالقضايا المشار إليها. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، بما في ذلك بمراجعة تشريعاتها وأنظمتها و/أو ممارساتها بغية ضمان التمتع الكامل بالحقوق المنصوص عليها في المادة 18 من العهد في الدولة الطرف. ‬ ‬ ‬

10 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً عندما يثبت وقوع انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات بشأن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.