الأمم المتحدة

CCPR/C/132/D/2865/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

2 March 2022

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2865/2016 * **

المقدم من: سفيتلانا زافادسكايا وآخرون (يمثلهم المحامي رومان كيسلياك )

الشخص المدعى أنه ضحية: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 21 كانون الثاني/يناير 2014 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 23 تموز/يوليه 2021

الموضوع: رفض السلطات الإذن في عقد اجتماعات؛ وحرية التعبير

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية: حرية التجمع؛ وحرية التعبير؛ ومحاكمة عادلة؛ وسبيل انتصاف فعال

مواد العهد: 2 و 14 ( 1 ) و 19 ( 2 ) و 21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 3 و 5 ( 2 )(ب)

1 - أصحاب البلاغ هم سفيتلانا زافادسكايا ، وسيرغي باخون ، وأولغا زافادسكايا ، وفاليريا كراسوفسكايا ، وفالنتينا ماليشيفا ، وتامارا باخون ، ومارينا كوكتيش ، ورومان كيسلياك ، وجميعهم من مواطني بيلاروس من مواليد 1973 و 1976 و 1947 و 1982 و 1942 و 1949 و 1977 و 1975 تباعاً. ويدعون أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم بموجب المواد 14 ( 1 ) و 19 ( 2 ) و 21 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لبيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992 . ويمثل أصحاب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2 - 1 يدفع أصحاب البلاغ بأن سلطات مينسك البلدية رفضت الترخيص لهم في تنظيم اعتصام في مناسبتين، منتهكة بذلك حقوقهم في حرية التجمع السلمي وحرية التعبير.

2 - 2 وكانت المحاولة الأولى في 21 نيسان/أبريل 2008 عندما طلب أصحاب البلاغ إلى لجنة مدينة مينسك التنفيذية أن ترخّص لهم في تنظيم اعتصام في 7 أيار/مايو 2008 بمناسبة الذكرى السنوية لاختفاء وزير الداخلية السابق يوري زاخارينكو . وكان من المقرر تنظيم اعتصام سلمي في ساحة أوكتيابرسك في مينسك من الساعة 6 مساء إلى الساعة 8 مساء بمشاركة حوالي 100 شخص. وكانت أهداف هذا الحدث لفت انتباه الجمهور إلى اختفاء بعض الأفراد في بيلاروس وحث السلطات على إجراء تحقيقات فعالة في هذه الاختفاءات والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

2 - 3 وفي 28 نيسان/أبريل 2008 ، رفضت لجنة مدينة مينسك التنفيذية، استناداً إلى المادة 9 ( 3 ) من القانون المنظم للأحداث العامة، الإذن في الاعتصام بحجة أن موقع الحدث المقترح يبعد بأقل من 200 متر عن محطات مترو وممرات تحت الأرض.

2 - 4 وفي 26 أيار/مايو 2008 ، طعن أصحاب البلاغ في قرار لجنة مدينة مينسك التنفيذية لدى محكمة منطقة موسكو في مينسك مدّعين انتهاك حقهم في حرية التجمع السلمي الذي تكفله المادة 21 من العهد.

2 - 5 وفي 20 حزيران/ يونيه 2008 ، وجدت محكمة موسكو المحلية أن قرار لجنة مدينة مينسك التنفيذية يمتثل أحكامَ القانون المنظّم للأحداث العامة ورفضت الطعن.

2 - 6 وطعن أصحاب البلاغ بالنقض في قرار محكمة موسكو المحلية لدى الدائرة المدنية بمحكمة مدينة مينسك مدّعين أن قرار محكمة موسكو المحلية غير قانوني وغير مبرر وينتهك حقوقهم المدنية. وادعوا أيضاً أنهم حُرموا حقَّهم في محاكمة عادلة لأن القاضي رفض التماساتهم. وفي 31 تموز/يوليه 2008 ، رُفض طعنهم بالنقض بوصفه لا أساس له.

2 - 7 وكانت المحاولة الثانية لتنظيم اعتصام في 18 حزيران/ يونيه 2008 عندما طلب أصحاب البلاغ من لجنة مدينة مينسك التنفيذية أن ترخّص لهم فيه في 7 تموز/يوليه 2008 بمناسبة الذكرى السنوية لاختفاء ديمتري ألكسندروفيتش زافادسكي ، وهو مصور صحفي بيلاروسي. وكان من المقرر تنظيم الحدث في ساحة الحرية في مينسك من الساعة 7 مساء إلى الساعة 8 مساء بمشاركة نحو 50 شخصاً. وكانت أهداف الحدث هي نفسها أهداف الاعتصام الآخر المزمع تنظيمه (انظر الفقرة 2 - 2 أعلاه).

2 - 8 وفي 30 حزيران/ يونيه 2008 ، رفضت لجنة مدينة مينسك التنفيذية الإذن في الاعتصام بحجة أن موقع الحدث كان بالقرب من بلدية مينسك ومن شأنه أن يتداخل مع مرور المشاة والمركبات في المنطقة المحيطة به.

2 - 9 وفي 29 تموز/يوليه 2008 ، طعن أصحاب البلاغ في قرار لجنة مدينة مينسك التنفيذية لدى محكمة منطقة موسكو في مينسك مدّعين انتهاك حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي التي تكفلها المادتان 19 و 21 من العهد. وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2008 ، وجدت المحكمة أن قرار اللجنة التنفيذية قانوني ورفضت الطعن.

2 - 10 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2008 ، طعن أصحاب البلاغ بالنقض في قرار محكمة منطقة موسكو لدى الدائرة المدنية بمحكمة مدينة مينسك، لكن الطعن رفض في 22 كانون الثاني/يناير 2009 .

الشكوى

3 - 1 يدعي أصحاب البلاغ أن رفض السلطات المحلية الترخيص في تنظيم الاعتصامين ينتهك حقوقهم بموجب المادتين 19 و 21 مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 من العهد.

3 - 2 ويدعي أصحاب البلاغ أيضاً أن القيود التي فرضتها سلطات الدولة على ممارسة حقوقهم في حرية التجمع وحرية التعبير لم تكن مبررة لحماية الأمن الوطن ي أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة ولا هي كانت ضرورية لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ويضاف إلى ذلك أن سلطات الدولة لم تستطع أن تثبت أن تنظيم تجمع سلمي على مسافة تقل عن 200 متر من محطات مترو وممرات تحت الأرض أو بالقرب من بلدية مينسك سبب قانوني وعادل لحظر الاعتصامين المطلوبين.

3 - 3 ويدعي أصحاب البلاغ إضافة إلى ذلك انتهاك حقهم في محاكمة عادلة، وهو حق تحميه المادة 14 ( 1 ) من العهد، لأنهم يجادلون بأن المحاكم الوطنية تأثرت بلجنة مدينة مينسك التنفيذية ومن ثم لم تكن مستقلة. ويجادلون أيضاً بأن المحاكم كانت متحيزة وتجاهلت طلباتهم دون مسوّغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 في مذكرة شفوية مؤرخة 23 كانون الثاني/يناير 2017 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية فأشارت إلى أنه يجوز للأفراد الذين يدّعون أن حقوقهم التي يكفلها العهد انتهكت والذين استنفدوا جميع سبل الانتصاف الداخلية تقديم بلاغ مكتوب إلى اللجنة، وذلك عملاً بالبروتوكول الاختياري.

4 - 2 وتلاحظ الدولة الطرف أن لجنة مدينة مينسك التنفيذية رفضت في 30 حزيران/ يونيه 2008 طلبات أصحاب البلاغ تنظيم تجمع في 7 تموز/يوليه 2008 على أساس أن موقع الحدث قريب من بلدية مينسك ، الأمر الذي من شأنه أن يتداخل مع مرور المشاة والمركبات في المنطقة المحيطة به.

4 - 3 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن محكمة منطقة موسكو والدائرة المدنية بمحكمة مدينة مينسك رفضتا - بحقّ - طعون أصحاب البلاغ استناداً إلى المادة 9 من القانون المنظم للأحداث العامة المؤرخ 30 كانون الأول/ديسمبر 1997 التي تنص على أنه لا يمكن تنظيم أحداث جماهيرية على مسافة تقل عن 50 متراً من مباني المؤسسات العامة، بما في ذلك السلطات التنفيذية والإدارية المحلية والممثليات الدبلوماسية والقنصليات . وتدفع الدولة الطرف بأن الاعتصام المزمع تنظيمه كان من المقرر أن يكون بالقرب من بلدية مينسك.

4 - 4 وتلاحظ الدولة الطرف إضافة إلى ذلك أن أصحاب البلاغ لم يطعنوا في القرار الصادر بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية لدى المحكمة العليا أو مكتب المدعي العام أو رئاسة المحكمة العليا، وتجادل من ثم بأنهم قدموا بلاغهم وهم ينتهكون المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4 - 5 وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار شكاوى أصحاب البلاغ إساءة استعمال للحق في تقديم بلاغ بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري بسبب عدم استنفادهم جميع سبل الانتصاف الداخلية المتاحة.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 27 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، لاحظ أصحاب البلاغ أن الطعن بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية ليس سبيل انتصاف فعالاً محتجّين بأن الدولة الطرف لم تحدد بالضبط في ملاحظاتها سبل الانتصاف الداخلية الفعالة التي لم يستنفدوها .

5 - 2 ويحيل أصحاب البلاغ إلى اجتهادات اللجنة بشأن استنفاد سبل الانتصاف الداخلية ويلاحظون أن سبل الانتصاف هذه يجب أن تكون متاحة وفعالة على حد سواء. ويدفعون بأنه يجب على الدولة الطرف أن تقدم تفاصيل عن سبل الانتصاف المتاحة لهم مشفوعة بأدلة على وجود احتمال معقول أن تكون سبل الانتصاف هذه فعالة ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تبت اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بملاحظات الدولة الطرف التي تلمح فيها إلى أن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا سبل الانتصاف الداخلية المتاحة كلها لأن المدعي العام أو رئاسة المحكمة العليا لم يبحثا طلباتهم إجراء مراجعة قضائية رقابية. وتذكّر باجتهاداتها التي جاء فيها أن التماس مراجعة قضائية رقابية من مكتب مدّع عام، وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية للمدعي العام، من أجل طلب مراجعة قرارات محكمة دخلت حيز النفاذ، ليس سبيل انتصاف فعالا يتعيّن استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وترى أيضاً أن تقديم طلبات إلى رئاسة المحكمة لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم التي بدأ نفاذها وتخضع لسلطة القاضي التقديرية سبيل انتصاف استثنائي وأن على الدولة الطرف أن تبيّن وجود احتمال معقول أن تتيح هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في ملابسات القضية ( ) . ولـمّا لم تقدم الدولة الطرف معلومات أو توضيحات إضافية عن القضية محل النظر، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من دراسة البلاغ. وتلاحظ أيضاً أن البلاغ قدم في غضون خمس سنوات من استنفاد سبل الانتصاف الداخلية ولا يمكن من ثم أن يشكل إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات المنصوص عليه في المادة 3 من البروتوكول الاختياري والمادة 99 (ج) من نظامها الداخلي على أساس التأخير في تقديم البلاغات.

6 - 4 وعن الانتهاكات المزعومة للمادة 14 ( 1 ) من العهد، ترى اللجنة أن ادعاء حرمان أصحاب البلاغ الحقَّ في محاكمة عادلة لأن المحاكم تأثرت بلجنة مدينة مينسك التنفيذية وتجاهلت طلباتهم دون مبرر ادعاء غامض ومحدَّد تحديداً فضفاضاً، ومن ثم فهو غير مدعوم بأدلة كافية لأغراض المقبولية. ولذلك ترى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 5 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ بموجب المادتين 19 و 21 مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 من العهد. وبالنظر إلى عدم تضمين الملف معلومات وجيهة، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا ادعاءاتهم بما يكفي لأغراض المقبولية. وعلى هذا تعلن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 6 وفي الختام، تشير اللجنة إلى أن ادعاءات أصحاب البلاغ تثير بالطريقة التي قدمت بها قضايا في إطار المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد وترى أن هذه الادعاءات ثبتت بما يكفي لأغراض المقبولية وتنتقل إلى النظر في أسس البلاغ الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ أن حقهم في حرية التعبير وحرية التجمع قُيدا تقييداً ينتهك المادتين 19 و 21 من العهد لأنه لم يؤذن لهم في تنظيم تجمعات سلمية تهدف إلى لفت انتباه الجمهور إلى حالات اختفاء بعض الأفراد في بيلاروس وحث السلطات على إجراء تحقيقات فعالة في حالات الاختفاء هذه والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وتحيط علماً أيضاً بادعاءات أصحاب البلاغ أن السلطات لم توضح السبب الذي يجعل فرض قيود على حقهم في تنظيم تجمع إجراءً ضرورياً لحفظ الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم على النحو الذي تستوجبه المادتان 19 ( 3 ) و 21 من العهد، ولذلك تعتبر هذه القيود غير قانونية.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء أصحاب البلاغ أن حقهم في حرية التجمع السلمي الذي تكفله المادة 21 من العهد انتُهك أيضاً برفض لجنة مدينة مينسك التنفيذية الترخيص لهم في تنظيم تجمعات سلمية. وتذكّر بتعليقها العام رقم 37 ( 2020 ) حيث قالت بجواز تنظيم التجمعات السلمية، من حيث المبدأ، في جميع الأماكن التي يرتادها الناس أو التي ينبغي أن يتاح لهم ارتيادها، مثل الساحات العامة والشوارع. وينبغي عدم إبعاد التجمعات السلمية إلى مناطق نائية يتعذر فيها جلب اهتمام الفئات المستهدفة أو عامة الناس بفعالية. فالقاعدة العامة هي أنه لا يجوز فرض حظر كلي على جميع التجمعات في العاصمة أو في جميع الأماكن العامة باستثناء موقع واحد محدد داخل مدينة معينة أو خارج وسط المدينة أو على جميع شوارع مدينة ما ( ) .

7 - 4 وتذكّر اللجنة أيضاً بأن الحق في حرية التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان لا بد منه لجهر الفرد بآرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي ( ) . وتحمي المادة 21 من العهد التجمعات السلمية أينما كانت، سواء في الهواء الطلق أو في الأماكن المغلقة أو عبر الإنترنت أو في الأماكن العامة والخاصة أو في كل ذلك جميعاً. وقد تتّخذ هذه التجمعات أشكالاً عديدة ، بما فيها المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والتجمعات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية على ضوء الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي محمية بموجب المادة 21 سواء أكانت ثابتة، مثل الاعتصامات، أم متنقلة، مثل المواكب أو المسيرات ( ) . وعموماً، يحق لمنظمي التجمعات أن يختاروا موقعاً على مرأى ومسمع من الجمهور المستهدَف ( ) ، ولا يجوز تقييد هذا الحق ما لم يكن (أ) مفروضاً وفق القانون؛ (ب) وضرورياً في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً قصد التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة المذكورة آنفاً، ينبغي أن تستهدي بالغرض القاضي بتيسير إعمال هذا الحق عوضاً عن توخّي تقييده بقيود غير ضرورية أو غير متناسبة ( ) . وعلى هذا، فالدولة الطرف ملزمة بتبرير تقييدها الحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) .

7 - 5 وفي هذه القضية، على اللجنة أن تنظر فيما إن كانت القيود المفروضة على حق أصحاب البلاغ في حرية التجمع السلمي مبررة بموجب أي معيار من المعايير المبيّنة في المادة 21 من العهد. وفي ضوء المعلومات المتاحة في الملف، رفضت السلطات البلدية طلبات أصحاب البلاغ تنظيم تجمّعين محتجّة بأن التجمعين السلميين المقررين سينظمان بالقرب من محطات مترو وممرات تحت الأرض، وكذلك بالقرب من مؤسسات عامة، من بينها بلدية مينسك، ومن ثم فإن من شأنهما أن يعطلا مرور المشاة والمركبات في المنطقة المحيطة بهذه الأماكن، غير أن اللجنة تلاحظ في هذا السياق أنه لا لجنة مدينة مينسك التنفيذية ولا المحاكم المحلية قدمت أي تبرير أو توضيح يبين كيف ستنتهك احتجاجات أصحاب البلاغ عملياً الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغير وحرياتهم، وفق ما تنص عليه المادة 21 من العهد، ولم تثبت الدولة الطرف أيضاً أنها اتخذت أي تدابير بديلة لتيسير ممارسة أصحاب البلاغ حقوقهم بمقتضى المادة 21 .

7 - 6 وتشير اللجنة إلى أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بنفس قوانين الدولة الطرف وممارساتها في عدد من البلاغات السابقة. وفي ضوء عدم ورود أي توضيحات إضافية من الدولة الطرف، تخلَص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

7 - 7 وتحيط اللجنة علماً بادعاء أصحاب البلاغ أن حقهم في حرية التعبير قُيّد خارج نطاق القانون إذ إنه رُفض الإذن لهم في تنظيم تجمعين سلميين لإثارة شواغل تتصل بحقوق الإنسان في بيلاروس. وعليه، فإن القضية المعروضة على اللجنة هي تحديد ما إن كان الحظر الذي فرضته السلطات البلدية على أصحاب البلاغ بخصوص تنظيم تجمعين سلميين لتوجيه انتباه الناس إلى حالات اختفاء بعض الأفراد في بيلاروس وحث السلطات على إجراء تحقيقات فعالة في حالات الاختفاء هذه والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري يبلغ حد انتهاك المادة 19 من العهد.

7 - 8 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) حيث أشارت، في جملة أمور، إلى أن حرية التعبير لا غنى عنها لأي مجتمع وهي حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . ولا تجيز المادة 19 ( 3 ) من العهد فرض قيود معينة على حرية التعبير، بما في ذلك حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا بقدر ما ينص القانون على هذه القيود وإلا إن اقتضتها الضرورة للسببين الآتيين: (أ) احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ (ب) أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، يجب ألّا يكون أي قيد يُفرض على حرية التعبير فضفاضاً للغاية في طابعه، أي أن هذا القيد يجب أن يكون أقل التدابير تدخلاً من بين التدابير التي قد تحقِّق الحماية المطلوبة وأن يتناسب مع المصلحة المراد حمايتها ( ) . وتذكّر اللجنة بأنه يقع على عاتق الدولة الطرف إثبات أن القيود المفروضة على حقوق أصحاب البلاغ التي تنص عليها المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة ( ) .

7 - 9 وتلاحظ اللجنة أن رفض الإذن في الاعتصامين المطلوبين يستند إلى المادة 9 من القانون المنظم للأحداث العامة، التي تنص على عدم جواز تنظيم الأحداث الجماهيرية على مسافة تقل عن 50 متراً من مباني المؤسسات العامة أو أقل من 200 متر من محطات المترو والممرات تحت الأرض. وتشير إلى أنه لا الدولة الطرف ولا محاكمها الوطنية قدمت أي توضيح للسبب الذي جعل القيود المفروضة ضرورية لغرض مشروع ( ) . وبالنظر إلى ملابسات هذه القضية، ترى اللجنة أن القيود المفروضة على أصحاب البلاغ، رغم استنادها إلى القانون الوطني، غير مبررة لأغراض المادة 19 ( 3 ) من العهد. ولـمّا كانت الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات أو توضيحات إضافية، فإن اللجنة تخلص إلى أن حقوق أصحاب البلاغ المنصوص عليها في المادة 19 من العهد قد انتُهكت.

8 - وترى اللجنة، وهي تتصرف وفق المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوق أصحاب البلاغ المكفولة بالمادتين 19 و 21 من العهد.

9 - هذا، والدولة الطرف ملزمة، بمقتضى المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغ، وهذا يستلزم منها جبر أضرار من انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد جبراً كاملاً. وبناءً على ذلك، فالدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض مناسب لأصحاب البلاغ. والدولة الطرف ملزمة أيضاً بأن تخطو جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى أنه ينبغي أن تراجع الدولة الطرف إطارها المعياري بشأن الأحداث العامة، وفقاً لالتزامها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، كي يتسنى التمتع التام بالحقوق التي تنص عليها المادتان 19 و 21 من العهد في الدولة الطرف.

10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البتّ في مسألة حدوث انتهاك للعهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد داخل إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة وقابلة للتطبيق متى ثبت وقوع انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.