الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/3042/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

28 April 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3042/2017 * ** ***

بلاغ مقدم من : أ. س. ود. ي. وأو. اي. وج . د. (يمثلهم المحامي أندريا ساكوتشي )

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : أصحاب البلاغ وس . أ. وآخرون

الدولة الطرف : إيطاليا

تاريخ تقديم البلاغ : 19 أيار/مايو 2017 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع : عمليات الإنقاذ في البحر

المسائل الإجرائية : الولاية القضائية؛ استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسألة الموضوعية : الحق في الحياة؛ والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ والحق في سبيل انتصاف فعال

مواد العهد : 2 ( 3 ) و 6 و 7

مواد البروتوكول الاختياري : 1 و 5 ( 2 )(ب)

1 - 1 أصحاب البلاغ هم أ. س.، وهو مواطن من دولة فلسطين وُلد في عام 1958 ، ود. إي. وأو. وإي. وج . د.، وهم مواطنون من الجمهورية العربية السورية ولدوا في عام 1983 و 1988 و 1977 على التوالي. وهم يقدّمون البلاغ باسمهم وبالنيابة عن 13 من أقاربهم الذين كانوا موجودين، في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، على متن سفينة غرقت في البحر الأبيض المتوسط، على بعد 113 كيلومتر اً من جنوب جزيرة لامبيدوسا بإيطاليا، وبعد 218 كيلومتر اً من مالطة. وتفيد التقديرات بأن الحادث تسبب في هلاك أكثر من 200 شخص. ويقدم السيد أ. س. البلاغ بالنيابة عن 11 فرد اً من أفراد أسرته، وهم: شقيقه، المولود في عام 1952 ؛ وصهره، المولود في عام 1977 ؛ وابنة شقيقه، المولودة في عام 1983 ؛ وابنه، المولود في عام 1987 ؛ وابنته، المولودة في عام 1987 ؛ وزوجة ابنه، المولودة في عام 1992 ؛ وابنه، المولود في عام 1997 ؛ وحفيدته، المولودة في عام 2004 ؛ وابن شقيقه، المولود في عام 2005 ؛ وابن شقيقه، المولود في عام 2007 ؛ وحفيده، المولود في عام 2008 ، وجميعهم من مواطني الجمهورية العربية السورية. ويقدم د. إ. وأو. أي. البلاغ نيابة عن شقيقهما، وهو مواطن من الجمهورية العربية السورية وُلد في عام 1995 . وتقدم ج. د. البلاغ نيابة عن شقيقها، وهو مواطن من الجمهورية العربية السورية وُلد في عام 1992 .

1 - 2 ويدعي أصحاب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تتخذ التدابير المناسبة لمساعدة أقاربهم، الذين كانوا معرضين للخطر في البحر، بما يشكل انتهاك اً لحقوق أقاربهم بموجب المادة 6 من العهد. ويدّعي أصحاب البلاغ أيض اً أن سلطات الدولة الطرف لم تجر تحقيق اً فعال اً في أحداث غرق السفينة، بما يشكل انتهاك اً لحقوق أقاربهم بموجب المادة 6 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد. ويدّعون أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم بموجب المادة 7 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 15 كانون الأول/ديسمبر 1978 . ويمثل أصحاب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2 - 1 أصحاب البلاغ، وهم مهاجرون يلتمسون اللجوء، قدموا شكاوى نيابة عن أقاربهم الذين هلكوا بعد انقلاب السفينة التي كانوا على متنها ( ) .

2 - 2 ويدّعي أصحاب البلاغ عدم وجود سبل انتصاف فعالة تسمح لهم بتقديم مطالبهم إلى السلطات المحلية. ويشيرون إلى أن م. ج. قدّم شكوى إلى المدّعي العام لدى محكمة أغريجنتو بإيطاليا بشأن تأخر رد السلطات الإيطالية والمالطية على نداءات استغاثته ووفاة أو اختفاء اثنين من أبنائه عند غرق السفينة. غير أن إيطاليا ومالطة لم تباشرا أي تحقيق في ملابسات غرق السفينة، وأوقف المدعي العام الإجراءات الجنائية. ويلاحظ أصحاب البلاغ كذلك أن أ. س. قدّم شكوى إلى المدعي العام لدى محكمة سيراكيوز بإيطاليا، في 15 أيلول/سبتمبر 2014 . وادّعى أن 11 من أقاربه اختفوا فور غرق السفينة في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2013 . ويبدو من محضر الشكوى أنه بوشرت إجراءات جنائية ضد أشخاص مجهولين في أعقاب شكوى سابقة قدّمتها أ. س. في 6 أيلول/سبتمبر 2014 . غير أن أ. س. لم تتلق أي معلومات عن الإجراءات أو نتائجها. وبعد غرق السفينة، اتصل أحد أصحاب البلاغ، وهي أو. أي.، بالصليب الأحمر بمالطة وبالسكرتير الأول للسفارة الإيطالية في أبو ظبي - حيث كان تقيم آنذاك - وبالصليب الأحمر الإيطالي وبمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، للاستفسار عن مكان وجود شقيقها، الذي كان على متن السفينة. وبما أنها لم تتلق أي معلومات عن شقيقها، فإنها سافرت إلى إيطاليا ومالطة للحصول على معلومات في هذا الصدد. ولأن ج. د. تعيش في دمشق؛ فإنه لم يكن بإمكانها تقديم شكوى إلى سلطات الدولة الطرف. ويشير أصحاب البلاغ أيض اً إلى أنه طُلب من حكومة إيطاليا في 17 أيار/مايو 2017 الرد على أسئلة البرلمان بشأن الوقائع التي أسفرت عن غرق السفينة. غير أن الحكومة ممثلة بوزارة الدفاع لم تعالج المسألة واكتفت بالقول إن مركز تنسيق عمليات الإنقاذ في البحر في روما (المشار إليها لاحق اً باسم "مركز الإنقاذ الإيطالي") تصرف وفق اً للوائح الدولية.

2 - 3 ويقول أصحاب البلاغ إن عدم فتح تحقيق في الوقائع التي أدت إلى حادث غرق السفينة وما تلاه من وفاة أو اختفاء أشخاص كانوا على متنها، بمن فيهم أقارب أصحاب البلاغ، يعني عدم امتلاكهم سبيل انتصاف فعال اً في الدولة الطرف للطعن في تقصير السلطات في إنقاذهم. كما يدفع أصحاب البلاغ بأنهم غير ملزمين باتباع سبل الانتصاف المدنية لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن هدفهم يتمثل في ضمان مقاضاة ومعاقبة الأشخاص الذين عرّضوا حياة أقاربهم للخطر وتسببوا في وفاتهم أو اختفائهم. وهم يزعمون أن الدعوى المدنية لن تحقّق هذا الهدف، كون هذا الإجراء سيركّز فقط على التعويض ولن يتناول مسألة تحديد هوية المتورطين ومعاقبتهم. وسبل الانتصاف المدنية، حتى في حال استنفادها، ستثبت عدم فعاليتها في ظل عدم إجراء أي تحقيق للتأكد من حيثيات غرق السفينة ومن أي مسؤولية ذات صلة. ويدفع أصحاب البلاغ بأنهم ممن و عون بحكم الواقع من التماس سبل انتصاف مدنية في ظل عدم إجراء تحقيق مناسب في حادث غرق السفينة وفي فشل عملية الإنقاذ. كما يدفعون بوجود ظروف خاصة تعفيهم من شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية، بالنظر إلى حجم المأساة التي أفضت إلى شكواهم. ويدفعون بأنه ينبغي تطبيق البروتوكول الاختياري ببعض المرونة ودون الإفراط في الإجراءات الشكلية، ويؤكدون عدم امتلاكهم الوسائل الثقافية واللغوية والاقتصادية اللازمة لاتباع سبل الانتصاف القانونية في الدولة الطرف.

2 - 4 ويشير أصحاب البلاغ إلى أن غرق السفينة حدث خارج الأراضي الوطنية لكل من إيطاليا ومالطة. غير أنهم يؤكدون وقوع الشكوى ضمن الولاية القضائية لكل من إيطاليا ومالطة لعدة أسباب. وأولها أن كلا البلدين طرفان في الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 . وعلى الرغم من أن السلطات المالطية مسؤولة عن منطقة البحث والإنقاذ البحرية التي حُدّد فيها موقع السفينة، فإن السلطات الإيطالية تمارس سيطرة فعلية على منطقة البحث والإنقاذ المالطية، كون إيطاليا هي الدولة الوحيدة التي غالب اً ما تكون مستعدة للقيام بعمليات الإنقاذ في المنطقة وقادرة على ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، كانت كلتا الدولتين الطرفين على اتصال مستمر بالسفينة المنكوبة وفعّلتا إجراءات الإنقاذ. ولذلك، ورغم أوجه القصور الشديدة التي شابت العمليات، فإنه كانت للدولتين الطرفين السيطرة على الأشخاص المعرضين للخطر في منطقة البحث والإنقاذ. ويدفع أصحاب البلاغ بأنه نتيجة لذلك، توجد علاقة سببية بين عدم الاضطلاع بأنشطة إنقاذ فورية وغرق السفينة والخسائر البشرية. والدولتان الطرفان، من خلال تصرفهما الناشئ عن إهمال أو تقصير، شكّلتا حلقة حاسمة في السلسلة السببية المسؤولة عن غرق السفينة. ويشير أصحاب البلاغ إلى وجود حجج في هذا الصدد تفيد بأن نداء الاستغاثة يخلق علاقة بين مرسله والدولة المتلقية له، وبأن هذا النداء يسفر في ظل تلك العلاقة عن صلة قضائية بين الشخص المعرض للخطر وسلطات الدولة، مما يعني أن السلطات ملزمة من ثم بتقديم خدمات الطوارئ ( ) .

الشكوى

3 - 1 يشير أصحاب البلاغ إلى أن واجب تقديم المساعدة لمن هم معرضون للخطر في البحر قاعدة دولية راسخة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974 ( ) . ويدّعون أن الدولة الطرف انتهكت حقوق أقاربهم بموجب المادة 6 ( 1 ) من العهد بسبب أعمالها الناشئة عن الإهمال والتقصير في أنشطة الإنقاذ في البحر، مما عرض حياة أقاربهم للخطر وأسفر عن وفاتهم أو اختفائهم. ويدّعون على وجه التحديد إخلال سلطات الدولة الطرف بواجبها في اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية حياة أقاربهم بعدم نقلها نداءات الاستغاثة بسرعة من السفينة إلى سلطات البحث والإنقاذ المختصة، أي مركز تنسيق الإنقاذ في مالطة (المشار إليه لاحق اً باسم "مركز الإنقاذ المالطي"). ويدعون أيض اً عدم إبلاغ سلطات الدولة الطرف الضحايا المزعومين على وجه السرعة بضرورة الاتصال بالسلطات المالطية، بما أدّى إلى تأخّر عملية الإنقاذ، وعدم إرسالها أيض اً سفن خفر السواحل من لامبيدوسا أو السفينة البحرية الإيطالية الأقرب إلى السفينة لإنقاذ الأشخاص الذين كانوا على متنها، على الرغم من طلب السلطات المالطية ذلك. ويدفع أصحاب البلاغ بأن تأخر السلطات الإيطالية في إبلاغ السلطات المالطية على وجه السرعة أخّر عملية الإنقاذ لمدة ساعتين. كما يدفعون بأن السلطات الإيطالية لو أنها قررت إرسال السفينة البحرية الإيطالية ITS Libra وقوارب خفر السواحل لإنقاذ الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة، لكانت وصلت إلى السفينة في الساعة 3 ظهر اً على أقصى تقدير، أي قبل ساعتين من غرقها. ويدفعون بأنه كان بإمكان السفينة ITS Libra قطع المسافة الفاصلة عن السفينة المنكوبة في ظرف ساعة واحدة. كما يدفعون بأن السفينة كانت تواجه خطر اً وشيك اً وفي حاجة ماسة إلى المساعدة، ومن ثم كان ينبغي للسلطات الإيطالية، في ظل علمها بعدم تدخل أي سلطة أخرى، أن تتحمل مسؤولية اتخاذ الإجراءات المناسبة، وأن تتشاور مع مراكز الإنقاذ المجاورة، بهدف تعيين مركز واحد لتولي المسؤولية، وفق اً للفصل 5 - 3 - 4 - 1 من الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 .

3-2ويدعي أصحاب البلاغ كذلك انتهاك حقوق أقاربهم بموجب المادة 6 ( 1 ) مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد، بزعمهم أن سلطات الدولة الطرف لم تجر تحقيق اً رسمي اً ومستقل اً وفعال اً في حادث غرق السفينة للتأكد من الوقائع وتحديد المسؤولين عن ذلك ومعاقبتهم.

3 - 3 ويدّعي أصحاب البلاغ أيض اً انتهاك حقوقهم بموجب المادة 7 مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد، لأن عدم التحقيق في وفاة أو اختفاء أقاربهم سبّب لهم، وما زال، حالة من الكرب، بما يرقى إلى مستوى المعاملة اللاإنسانية والمهينة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية في مذكرة شفوية مؤرخة 15 حزيران/ يونيه 2018 . وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم الاختصاص، كون السفينة غرقت خارج إقليم الدولة الطرف. وتشير أيض اً إلى عدم انتهاء الإجراءات القضائية المحلية بعد.

4 - 2 وتشير الدولة الطرف إلى وصول عدد كبير من المهاجرين إلى إيطاليا في السنوات الأخيرة، وإلى أن سجلات جلسة استماع برلمانية عُقدت في 3 أيار/مايو 2017 تفيد بأنه جرى يوم غرق السفينة المعنية تنفيذ ما مجموعه 23 عملية إنقاذ في وقت واحد ( ) .

4 - 3 وتلاحظ الدولة الطرف أيض اً أنه جرى بناء على التحقيقات القضائية والسجلات الهاتفية والمقابلات مع الشهود والمتهمين، إثبات الوقائع التالية فيما يتعلق بأحداث غرق السفينة المعنية. فبمجرد أن أطلقت السفينة المكالمة الهاتفية الأولى في اتجاه مركز الإنقاذ الإيطالي، وقد سُجّلت في الساعة 12 : 26 ظهر اً، بدأ مركز الإنقاذ الإيطالي في تحديد موقع الهاتف الساتلي الذي أجريت منه المكالمة. وفي أعقاب المكالمة الهاتفية الثانية من السفينة، وبعد تلقي معلومات أساسية، أبلغ مركز الإنقاذ الإيطالي مركز الإنقاذ المالطي، في الساعة 1 ظهر اً، بالحادث بعد أن حدد مكان السفينة في منطقة البحث والإنقاذ المالطية. وفي الساعة 1 : 05 ظهر اً، استجاب مركز الإنقاذ المالطي لطلب نظيره الإيطالي تنسيق عملية الإنقاذ رسمي اً. كما طلب مركز الإنقاذ الإيطال ي من نظيره المالط ي تأكيد ذلك كتابي اً. وقد ورد هذا التأكيد في الساعة 2 : 35 ظهر اً. وهكذا أضفى مركز الإنقاذ المالطي طابع اً رسمي اً على دوره التنسيقي، وأبلغ نظيره الإيطالي بإرسال زورق دورية إلى المنطقة التي يقال إن السفينة موجودة فيها. وفي غضون ذلك، جمع مركز الإنقاذ الإيطالي أيض اً معلومات، وحاول تحديد موقع السفينة المنكوبة، وواصل الاتصال بنظيره المالطي، وطلب إلى المهاجرين الاتصال بمركز الإنقاذ المالطي لضمان عملية إنقاذ مباشرة وفورية وفعالة. ورد اً على سؤال مركز الإنقاذ المالطي، صرّح مركز الإنقاذ الإيطالي بعدم امتلاكه سفن اً تابعة لخفر السواحل في المنطقة المعنية. بيد أنه أبلغ مركز الإنقاذ المالطي بوجود سفينة تابعة للبحرية الإيطالية وسفينتين تجاريتين في المنطقة. وفي الساعة 5 : 07 مساء، أُبلغ مركز الإنقاذ المالطي بانقلاب السفينة، وطلب مشاركة آليات الإنقاذ الإيطالية. وأبلغ مركز الإنقاذ الإيطالي السفينة البحرية الإيطالية، "ITS Libra" ، التي كانت متجهة بالفعل نحو المنطقة المعنية، بغرق السفينة. كما أبلغ بذلك سفينةً إيطالية أخرى، اسمها اسبيرو ، فتوجهت الى منطقة الانقاذ. وفي الساعة 6 مساء، وصلت السفينة "ITS Libra" إلى المنطقة المعنية وشاركت بنشاط في عملية الإنقاذ. وفي الساعة 6 : 30 مساء، عيّن مركز الإنقاذ المالطي سفينة "ITS Libra" منسق اً في الموقع لعملية الإنقاذ.

4 - 4 وتلاحظ الدولة الطرف أن الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 تنص على الالتزام بإنقاذ ومساعدة الأشخاص في البحر، بغض النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني. وتلاحظ أن الاتفاقية تحدد الحدود بين الدول ومناطق البحث والإنقاذ التابعة لها، بحيث تشمل، بالإضافة إلى المياه الإقليمية لكل دولة، أجزاء من أعالي البحار، مع تحديد سلطة واحدة مختصة للبحث والإنقاذ في تلك المنطقة. ونتيجة لذلك، وفي جميع الظروف، يجب تحديد مركز إنقاذ واحد يكون مسؤول اً عن تنسيق العمليات في منطقته وتسند له الخيارات العملياتية. وبموجب الاتفاقية، تسند إلى سلطة واحدة فقط مسؤولية تنسيق عمليات الإنقاذ في كل منطقة من مناطق البحث والإنقاذ. واختيار أنسب السفن والطائرات البحرية لتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ يندرج ضمن اختصاصات مركز الإنقاذ المسؤول. وتلاحظ الدولة الطرف أن غرق السفينة في هذه الحالة وقع خارج منطقة البحث والإنقاذ التابعة لها.

4-5 وتدفع الدولة الطرف بأن الانتهاك المزعوم لواجب حماية أرواح الضحايا المزعومين وقع خارج المياه الإقليمية الإيطالية وخارج منطقة البحث والإنقاذ التابعة لها، ومن ثم فإن الوقائع قيد الاستعراض لا تقع ضمن ولايتها القضائية بموجب المادة 2 من العهد والمادة 1 من البروتوكول الاختياري. وتشير إلى أنه بموجب الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 ، تقع مسؤولية حماية أرواح الأشخاص على متن سفينة في أعالي البحار على عاتق مركز الإنقاذ المختص التابع للدولة المسؤولة عن منطقة البحث والإنقاذ المعنية. وتدفع الدولة الطرف بأن هذه المسؤولية تقع في هذه القضية على عاتق مركز الإنقاذ المالطي، وتقول إنه لا يمكن الدفع بأن إيطاليا هي المسؤولة بحكم الواقع عن المنطقة المعنية فقط لأن سلطاتها تنظم عمليات الإنقاذ، بطريقة مستقلة وغير إلزامية، في منطقة البحث والإنقاذ المالطية. وتدفع الدولة الطرف بأن مالطة، من خلال تحديد منطقة البحث والإنقاذ الخاصة بها، تحملت سلطة ومسؤولية الوفاء بالتزاماتها في منطقتها، وتؤكّد أن السفينة المقلة للمهاجرين لم تكن، بمفهوم السلطة والسيطرة، خاضعة لولاية إيطاليا القضائية. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن السلطات المالطية تعهدت رسمي اً بتنسيق عملية الإنقاذ. ومع أن مركز الإنقاذ الإيطالي أبلغ مالطة بوجود سفينة بحرية إيطالية في المنطقة، فإنها مالطة أرسلت بدورها آليات إنقاذ لاعتراض السفينة المنكوبة. وتدفع الدولة الطرف بأن مالطة أضفت من ثم طابع اً رسمي اً على نيتها ممارسة ولايتها القضائية في عملية الإنقاذ، وقد مارستها بالفعل. وتلاحظ الدولة الطرف أن سفينة ITS Libra تدخلت أيض اً في عملية الإنقاذ، حتى قبل أن تتلقى طلب رسمي اً من مالطة، وباتت مركز تنسيق عمليات الإنقاذ، مما أدى إلى إنقاذ العديد من الأرواح.

4 - 6 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لهذا البلاغ، تلاحظ الدولة الطرف فتح إجراءات تحقيق قضائية معقدة للغاية في الحادث. وتلاحظ أن العملية شاركت فيها محاكم مختلفة ونُفّذت بهدف التحقق من طريقة عمل جميع الآليات المنخرطة في السيناريو الدولي العام، بما في ذلك خلال الأشهر الستة التي سبقت الأحداث المأساوية، ومن ثم ليس فقط فيما يتعلق بالقضية المحددة المشار إليها. كما أن تدخل المحكمة العليا كان ضروري اً لتحديد ما إذا كان ينبغي إدراج التحقيق ضمن اختصاص المحاكم العسكرية أو العادية. وقد قررت المحكمة العليا إدراجه ضمن الولاية القضائية العادية أمام المحكمة العادية في روما.

4 - 7 وتلاحظ الدولة الطرف أن التحقيقات في أحداث غرق السفينة بدأت إثر تقديم شكوى في 11 نيسان/أبريل 2014 إلى قنصلية إيطاليا في فرانكفورت بألمانيا، وقد أحيلت إلى مكتب المدعي العام في باليرمو بإيطاليا. وقُدّمت لاحق اً شكاوى إضافية من أفراد أسر ضحايا غرق السفينة ومن بعض الأشخاص الناجين من الحادث. وقدم مكتب المدعي العام في سيراكيوز طلب اً برد الدعوى فيما يتعلق بشكوى واحدة في 27 شباط/فبراير 2017 . وفي أعقاب نقل الإجراءات من مكتب المدعي العام في أغرجنتو وباليرمو إلى روما، طلب مكتب المدعي العام في روما ردّ الدعوى فيما يتعلق بشكويين، في 3 نيسان/أبريل و 18 تموز/يوليه 2017 . وفي أعقاب تقديم شكوى إضافية، بوشرت محاكمة جنائية ثالثة في روما. وفي حين لا تزال هذه المحاكمة جارية، أُخطر أصحاب الشكوى بحقهم في المشاركة في جلسة الاستماع الممهدة للمحاكمة التي كان مقرر اً عقدها في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018 عند تقديم هذه الملاحظات. وفي سياق إجراءات المحاكمة، وُجّهت التهم إلى ضباط من البحرية الإيطالية، وسلاح خفر سواحل الميناء الرئيسي، والطاقم الذي كان في الخدمة في مركز الإنقاذ الإيطالي. وتشمل التهم جرائم جنائية متمثلة في عدم تقديم المساعدة والقتل بسبب الإهمال. وتلاحظ الدولة الطرف أن أصحاب هذا البلاغ ليسوا أطراف اً في الإجراءات الجارية لأنهم لم يقدموا الشكوى. وتلاحظ أن التحقيق في حادث غرق السفينة كان معقد اً بسبب العدد الكبير لأصحاب المصلحة وصعوبة إعادة بناء الوقائع. وتدفع الدولة الطرف بأن التحقيقات التي أجرتها السلطات المحلية كانت شاملة وسريعة وفعالة، وتشير إلى أن الهدف من الإجراءات الجارية يكمن في تحديد مسؤولية الأشخاص المتورطين في أحداث غرق السفينة، إن وجدت.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5 - 1 في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ، قدم أصحاب البلاغ تعليقاتهم على ملاحظات الدولة الطرف. وهم يؤكدون أن البلاغ مقبول. ويعيدون تأكيد حجتهم أن السلطات الإيطالية تسيطر بحكم الواقع على المنطقة البحرية المالطية للبحث والإنقاذ، وأن إيطاليا تتحمل بالتالي مسؤولية عملية الإنقاذ الفاشلة التي وقعت في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2013 . وفيما يتعلق بحجج الدولة الطرف التي تفيد بأن ثمة إجراءات قضائية جارية، يدفع أصحاب البلاغ بأن تلك الإجراءات قد تأخرت دون مبرر. وعند تقديم تعليقاتهم، كانت خمس سنوات قد انقضت وكانت التحقيقات لاتزال جارية. كما يدفعون بأن سلطات الدولة الطرف لم تشركهم، باعتبارهم أقارب، في الإجراءات الجنائية. ويشير أصحاب البلاغ إلى رفض سلطات الدولة الطرف الشكاوى الأولية المتعلقة بالحادث، ويدعون عدم توجيه التهم إلى ضابطين بارتكاب جرائم جنائية إلا بعد نشر إحدى الصحف معلومات عن وقائع الحادث.

5 - 2 ويحيط أصحاب البلاغ علم اً بادعاء الدولة الطرف أن مركز الإنقاذ الإيطالي تلقى نداء الاستغاثة الأول في الساعة 12 : 26 ظهر اً من يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر 2013 . ويعيدون تأكيد ادعائهم أن المكالمة الأولى من السفينة المنكوبة أجريت في الساعة 11 صباح اً. لكنهم يشيرون إلى عدم وجود أي خلاف بشأن تلقي مركز الإنقاذ الإيطالي نداء الاستغاثة الأول من السفينة وأنه كان يتعين عليه بموجب المادة 3 - 6 - 1 من الدليل الدولي للبحث والإنقاذ الجوي والبحري إخطار مركز تنسيق الإنقاذ المناسب بالحادث فور اً واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتنسيق الاستجابة إلى أن يتولى مركز تنسيق عمليات الإنقاذ المعني المسؤولية. ويشير أصحاب البلاغ إلى أن مركز الإنقاذ المالطي لم يضطلع رسمي اً بواجب تنسيق عملية الإنقاذ حتى الساعة 2 : 35 ظهر اً. كما يدّعون أن البيانات الخاصة بالسفينة المنكوبة قُدّمت بالفعل إلى مركز الإنقاذ الإيطالي في نداء الاستغاثة الأول المرسل في الساعة 11 صباح اً، ولذلك، لم تكن السلطات الإيطالية بحاجة إلى تضييع الوقت في تحديد موقع السفينة.

5 - 3 ويكرّر أصحاب البلاغ ادعاءاتهم أن مركز الإنقاذ الإيطالي لم يبلغ نظيره المالطي فور اً بوجود سفينة منكوبة ولم يقدم له المساعدة بل اكتفى بإبلاغه بوجود سفينة تابعة للبحرية الإيطالية وسفينتين تجاريتين في المنطقة، ولم يزوده باسم السفينة البحرية وموقعها. ويكرّر أصحاب البلاغ أيض اً زعمهم تلقي السفينة البحرية أمر اً بالابتعاد عن موقع السفينة المنكوبة لتجنب المشاركة في عمليات الإنقاذ ( ) . وعندما حددت السلطات المالطية وجود السفينة البحرية في المنطقة وطلبت إلى مركز الإنقاذ الإيطالي توجيهها نحو السفينة المنكوبة، رفض مركز الإنقاذ الإيطالي الطلب، وأبلغ السلطات المالطية بأن السفينة البحرية تقوم بعمليات مراقبة في منطقة أخرى، وبالتالي ليس بإمكانها الذهاب إلى المنطقة المطلوبة. كما أن المكالمات اللاسلكية بين القوات المسلحة المالطية والسفينة البحرية دقائق قبل غرق السفينة ظلت دون رد. ويؤكد أصحاب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تقم بواجبها في التعاون مع السلطات المالطية لإنقاذ الأرواح المعرضة للخطر في البحر.

5 - 4 ويشير أصحاب البلاغ إلى أنهم لا يدعون أنه كان يتعين على السلطات الإيطالية أن تتولى تنسيق عمليات الإنقاذ. بل إن شكواهم تركّز على عدم تقديم السلطات الإيطالية المساعدة إلى سلطات التنسيق المالطية برفضها وضع سفينة ITS Libra فور اً تحت تصرف عملية الإنقاذ، وبالتالي عدم تقديم المساعدة الفورية للأشخاص المعرضين للخطر في البحر.

ملاحظات إضافية مقدمة من الدولة الطرف

6 - في 4 تموز/يوليه 2019 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية بشأن البلاغ. وأشارت إلى تقريرها المقدم في 15 حزيران/ يونيه 2018 وأفادت بأن الإجراءات القضائية المتعلقة بأحداث 11 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ما زالت جارية. وأشارت إلى أنه جرى عقد آخر جلسة استماع تمهيدية في 24 حزيران/ يونيه 2019 ، وإلى أنه من المقرر عقد الجلسة القادمة في 9 تموز/يوليه 2019 .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 3 وتحيط اللجنة علم اً بإفادة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري لعدم الاختصاص القضائي بالنظر إلى وقوع الأحداث خارج المياه الإقليمية للدولة الطرف. وتحيط اللجنة علم اً بإفادة أصحاب البلاغ أن الشكوى تندرج ضمن الولاية القضائية للدولة الطرف لأن سلطات الدولة الطرف تسيطر بحكم الواقع على منطقة البحث والإنقاذ المالطية؛ وكانت على اتصال مستمر مع السفينة المنكوبة؛ وقامت بتفعيل إجراءات الإنقاذ، وبالتالي مارست سيطرتها على الأشخاص المعرضين للخطر.

7 - 4 وتذكّر اللجنة بأن المادة 1 من البروتوكول الاختياري تخولها تلقي البلاغات من الأفراد الخاضعين للولاية القضائية للدول الأطراف. كما تشير إلى ذكرها في الفقرة 10 من التعليق العام رقم 31 ( 2004 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد أنه يجب على الدول الأطراف أن تحترم وتكفل، بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، الحقوق المشمولة به لجميع الأشخاص الذين قد يوجَدون في إقليمها وكذلك لجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها. وهذا يعني أنه يجب على الدولة الطرف أن تحترم وتكفل الحقوق المنصوص عليها في العهد لأي شخص يخضع لسلطتها أو سيطرتها الفعلية حتى ولو لم يكن موجوداً داخل إقليمها. وكما هو مبين في التعليق العام رقم 15 ( 1986 ) بشأن وضع الأجانب بموجب العهد، فإن التمتع بالحقوق المشمولة بالعهد لا يقتصر على مواطني الدول الأطراف بل يجب أن يكون متاحاً أيضاً لجميع الأفراد، بصرف النظر عن جنسيتهم أو وضعهم كعديمي الجنسية، مثل ملتمسي اللجوء واللاجئين والعمال المهاجرين وغيرهم من الأشخاص الذين قد يجدون أنفسهم في إقليم الدولة الطرف أو خاضعين لولايتها. وينطبق المبدأ أيضاً على أولئك الأشخاص الذين يوجَدون تحت السلطة أو السيطرة الفعلية لقوات دولة طرف تتصرف خارج إقليم تلك الدولة، بصرف النظر عن الظروف التي اكتُسبت فيها هذه السلطة أو السيطرة الفعلية، ومن الأمثلة على ذلك القوات التي تشكل فرقة عسكرية وطنية تابعة لدولة طرف ومكلَّفة بالمشاركة في عمليات حفظ السلم أو إحلال السلم على المستوى الدولي.

7 - 5 وتذكر اللجنة أيض اً بالفقرة 63 من التعليق العام رقم 36 ( 2018 ) بشأن الحق في الحياة حيث تلاحظ أن ه في ضوء الفقرة 1 من المادة 2 من العهد أنه على "الدول الأطراف التزام بموجب المادة 6 بأن تحترم وتكفل حقوق جميع الأشخاص الموجودين في إقليمها وجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها القضائية، أي جميع الأشخاص الذين تمارس الدولة صلاحيتها أو سلطتها الفعلية فيما يتعلق بتمتعهم بالحق في الحياة". ويشمل ذلك الأشخاص الموجودين خارج أي إقليم تسيطر عليه الدولة فعلياً ويتأثر حقهم في الحياة رغم ذلك بأنشطتها العسكرية أو غير العسكرية تأثر اً مباشر اً وقابل اً للتوقع على نحو معقول. ويجب على الدول الأطراف أن تحترم وتصون حياة الأفراد الموجودين في أماكن تخضع لسيطرتها الفعلية، مثل الأراضي المحتلة، وفي أقاليم قطعت على نفسها التزاماً دولياً بأن تطبق فيها العهد. والدول الأطراف مُلزمة أيضاً بأن تحترم وتصون حياة جميع الأشخاص الموجودين على متن السفن البحرية والطائرات المسجلة فيها أو التي تحمل عَلمها، وحياة من يواجهون الخطر في عرض البحر، وفقاً لالتزاماتها الدولية بشأن الإنقاذ في البحار ( ) . وتذكر اللجنة كذلك باجتهاداتها القضائية التي تفيد بأن الدولة الطرف قد تكون مسؤولة عن انتهاكات العهد المرتكبة خارج الحدود الإقليمية في حالات مثل تلك التي تنطوي على التسليم أو الترحيل، إذا كانت حلقة في سلسلة علاقة قد تفضي إلى وقوع انتهاكات في ولاية قضائية أخرى، حيث يكون خطر حدوث انتهاك خارج الحدود الإقليمية نتيجة حتمية ومتوقعة ويتحدد استناداً إلى المعلومات التي كانت تملكها الدولة الطرف في ذلك الوقت ( ) .

7 - 6 وتلاحظ اللجنة كذلك أنه وفق اً للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار يتعين على كل دولة أن تطالب ربان السفينة التي ترفع علمها بالتوجه بكل ما يمكن من السرعة لإنقاذ أي أشخاص يواجهون خطر اً ما إذا أخطرت بحاجتهم إلى المساعدة وفي حدود ما يكون هذا العمل متوقع اً بصورة معقولة، وعلى الدول الساحلية أن تعمل على إنشاء وتشغيل جهاز ملائم وفعال لخدمات البحث والإنقاذ المتصلة بالسلامة في البحار وفوقها والمحافظة عليه، وأن تتعاون، حيث تقتضي الظروف ذلك، عن طريق ترتيبات إقليمية متبادلة مع الدول المجاورة تحقيق اً لهذا الغرض. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة وجود ترتيبات محددة بشأن توفير وتنسيق خدمات البحث والإنقاذ في الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 ، وفي اللوائح المعتمدة عمل اً بالاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974 ، بما فيها بشأن تولي مركز تنسيق إقليمي تنسيق عمليات البحث عن السفن من مختلف الدول وإنقاذها، وواجب الدول في التعاون في أنشطة البحث والإنقاذ عند تلقي معلومات عن ح الات شدة في البحر ( ) .

7 - 7 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة عدم وجود خلاف بين الطرفين بأن حادث غرق السفينة وقع خارج إقليم الدولة الطرف، وبأنه لم يقع أي من الانتهاكات المزعومة عندما كان أقارب أصحاب البلاغ على متن سفينة ترفع علم اً إيطاليا. وبالتالي، فإن السؤال المطروح على اللجنة هو هل من الممكن اعتبار الضحايا المزعومين خاضعين للسلطة أو السيطرة الفعلية للدولة الطرف، على الرغم من وقوع الحادث خارج إقليمها. وتلاحظ اللجنة أنه في هذه الحالة، جرى اتصال أولي بين السفينة المنكوبة وسلطات الدولة الطرف في روما في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، ما بين الساعة 11 صباح اً والساعة 12 : 26 ظهر اً، وأن أصحاب البلاغ يزعمون أن السلطات الإيطالية أعادت في إحدى نداءات الاستغاثة طمأنة الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة بأنهم سينقذون. وتلاحظ اللجنة أيض اً أنه مما لا خلاف فيه أن مالطة لم تبلغ مركز الإنقاذ الإيطالي بقبولها تنسيق عملية الإنقاذ إلا بعد الساعة الواحدة ظهر اً، وأنها أكدت قبولها ذلك رسمي اً وكتابة في الساعة 2 : 35 ظهر اً. وعلاوة على ذلك، ظلت السلطات الإيطالية، حتى بعد قبول مالطة تحمل المسؤولية، تشارك في عملية الإنقاذ بالنظر إلى قرب موقع السفينة "ITS Libra" من السفينة المنكوبة. وفي الفترة ما بين الساعة الواحدة والخامسة ظهر اً، جرت مشاورات بين القوات الجوية والقوات البحرية الإيطالية بشأن إرسال سفينة "ITS Libra" للمساعدة في عملية الإنقاذ، وكانت السلطات المالطية قد طالبت بذلك في أكثر من مرة. وفي الساعة 5 : 07 مساء، أكّد مركز الإنقاذ الإيطالي، بعد إبلاغه بانقلاب السفينة، أن السفينة "ITS Libra" قد أُرسلت في اتجاه السفينة المنكوبة. وقد وصلت إلى مكان الحادث في الساعة 6 مساء واضطلعت بدور تنسيقي في الموقع في الساعة 6 : 30 مساء.

7 - 8 وترى اللجنة أنه في ظل الظروف الخاصة بالحالة، أقيمت علاقة تبعية خاصة بين الأفراد الموجودين على متن السفينة المنكوبة وإيطاليا. وشملت تلك العلاقة عناصر واقعية - ولا سيما الاتصال الأولي الذي أجرته السفينة المنكوبة مع مركز الإنقاذ الإيطالي، وقرب السفينة "ITS Libra" من السفينة المنكوبة، واستمرار مشاركة مركز الإنقاذ الإيطالي في عملية الإنقاذ - والتزامات قانونية ذات صلة تقع على عاتق إيطاليا بموجب القانون الدولي للبحار، بما في ذلك واجب الاستجابة بطريقة معقولة لنداءات الاستغاثة عمل اً بلوائح الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974 ، ولا سيما اللائحة 33 من فصلها الخامس، وواجب التعاون على النحو المناسب مع الدول الأخرى التي تضطلع بعمليات الإنقاذ عمل اً بالاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 ، ولا سيما الفصل 5 - 6 . ونتيجة لذلك، ترى اللجنة أن الأفراد الموجودين على متن السفينة المنكوبة قد تأثروا مباشرة بالقرارات التي اتخذتها السلطات الإيطالية بطريقة يتوقع أن تكون معقولة في ضوء الالتزامات القانونية ذات الصلة لإيطاليا، وأنهم كانوا بالتالي خاضعين للولاية القضائية للدولة الطرف لأغراض العهد، على الرغم من أنهم كانوا موجودين داخل منطقة البحث والإنقاذ المالطية وخاضعين من ثم في الوقت نفسه للولاية القضائية لمالطة ( ) . كما أن إجراء تحقيقات جنائية في إيطاليا بشأن سلوك مجموعة من ضباط البحرية المتورطين في الحادث يزيد تأكيد المسؤولية القانونية المحتملة - وإن كان ذلك بموجب القانون المحلي - للمسؤولين الإيطاليين تجاه ضحايا الحادث. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن أحكام المادة 1 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

7 - 9 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات أصحاب البلاغ بشأن طول مدة التحقيق المحلي في إيطاليا، وتلاحظ عدم اعتراض الدولة الطرف على ما أفيد من عدم وجود أي سبل انتصاف محلية أخرى أمام أصحاب البلاغ. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن أحكام المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

7 - 10 وترى اللجنة أن أصحاب البلاغ دعموا بما يكفي من الأدلة الادعاءات بموجب المادتين 6 و 7 ، مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد، لأغراض المقبولية. ومن ثم، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

فحص الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق أقاربهم بموجب المادة 6 ( 1 ) من العهد بسبب إهمال الدولة الطرف وتقصيرها فيما يتعلق بأنشطة الإنقاذ في البحر، مما عرض حياة أقاربهم للخطر وأسفر عن وفاتهم أو اختفائهم. غير أن اللجنة تحيط علم اً بادعاءات الدولة الطرف أن المسؤولية في هذه القضية تقع على عاتق مركز الإنقاذ المالطي، وأن السفينة البحرية الإيطالية ITS Libra تدخّلت في عملية الإنقاذ، حتى قبل تلقي طلب رسمي من مالطة، وأصبحت مركز تنسيق عمليات الإنقاذ وأنقذت أرواح اً كثيرة.

8 - 3 وتحيط اللجنة علم اً بأن الحق في الحياة يلزم الدول الأطراف باعتماد أي قوانين ملائمة أو تدابير أخرى لحماية الأرواح من جميع الأخطار القابل توقعها على نحو معقول ( ) . وتحيط علم اً أيض اً بأن بذل هذه العناية الواجبة يستوجب اتخاذ تدابير إيجابية معقولة لا تفرض على الدول الأعضاء أعباءً غير متناسبة في إطار التصدي للأخطار التي تهدد الأرواح ويمكن توقعها على نحو معقول ( ) .

8 - 4 وفي هذه القضية، يؤكد أصحاب البلاغ أن السلطات الإيطالية لم تستجب على وجه السرعة لنداء الاستغاثة الأولي، وتأخرت كثير اً في إرسال السفينة "ITS Libra" صوب السفينة المنكوبة. كما يزعمون أن السفينة البحرية تلقت أمر اً بالابتعاد أكثر عن السفينة المنكوبة لأن زوارق الدورية المالطية كانت ستتخلى عن مسؤولية عملية الإنقاذ لو أنها تعرفت عليها. وتحيط اللجنة أيض اً علم اً بادعاء أصحاب البلاغ أن السلطات الإيطالية لو أنها وجهت السفينة "ITS Libra" وزوارق خفر السواحل الأخرى في الوقت المناسب إلى السفينة لإنقاذ الأشخاص الذين كانوا على متنها، لكانت قد وصلت قبل غرقها. غير أن اللجنة تحيط علم اً بأن الدولة الطرف تدعي أنها أبلغت السلطات المالطية بنداء الاستغاثة على وجه السرعة وأنها نصحت المتصلين من السفينة المنكوبة بالاتصال مباشرة بمركز الإنقاذ المالطي. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف أنه جرى تنفيذ 23 عملية إنقاذ في وقت واحد يوم غرق السفينة المعنية، وأن السفينة "ITS Libra" أُرسلت إلى السفينة المنكوبة حتى قبل إخطارها بانقلاب السفينة.

8 - 5 وتشير اللجنة إلى أن المسؤولية الرئيسية عن عملية الإنقاذ تقع على عاتق مالطة، لأن السفينة انقلبت في منطقة البحث والإنقاذ التابعة لها، ولأنها تحملت كتابة مسؤولية عملية البحث والإنقاذ. غير أن اللجنة ترى أن الدولة الطرف لم تقدم تفسير اً واضح اً لما يبدو عدم استجابة سريعة لنداء الاستغاثة، قبل أن تتحمل السلطات المالطية مسؤولية عملية البحث والإنقاذ. وتلاحظ أيض اً أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات عن التدابير التي اتخذتها سلطاتها للتأكد من إبلاغ مركز الإنقاذ المالطي بالموقع الدقيق للسفينة المنكوبة ومن استجابتها بفعالية للحادث، على الرغم من ورود معلومات بشأن تردي الوضع والحاجة إلى مساعدة إيطاليا. وبالإضافة إلى ذلك، لم تفسّر الدولة الطرف التأخير في إرسال السفينة "ITS Libra" صوب السفينة المنكوبة، رغم أنها كانت موجودة على بعد ساعة واحدة فقط من هذه الأخيرة وحتى بعد تلقيها طلب اً رسمي اً من مركز الإنقاذ المالطي للقيام بذلك. وأخير اً، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تفسّر أو تدحض بوضوح ادعاء أصحاب البلاغ أن المكالمات الهاتفية المعترضة تشير إلى مطالبة السفينة "ITS Libra" " بالإبحار بعيد اً عن السفينة المنكوبة. وفي ضوء هذه الوقائع، ترى اللجنة أن إيطاليا لم تثبت أنها أوفت بالتزاماتها المتعلقة بالعناية الواجبة بموجب المادة 6 ( 1 ) من العهد.

8 - 6 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات أصحاب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تجر تحقيق اً رسمي اً ومستقل اً وفعال اً في حادث غرق السفينة للتأكد من الوقائع وتحديد المسؤولين عنها ومعاقبتهم، وأن عدم قيامها بذلك شكّل انتهاك اً لحقوق الضحايا بموجب المادة 6 مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد، وانتهاك اً لحقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 7 مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ). وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بتفسير الدولة الطرف أن التحقيق في حادث غرق السفينة لا يزال جاري اً وأنه كان معقد اً بسبب ارتفاع عدد أصحاب المصلحة المعنيين وصعوبة إعادة بناء الوقائع.

8 - 7 وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم تفسير اً واضح اً لطول مدة الإجراءات المحلية الجارية، باستثناء إشارة عامة إلى طابعها المعقد. كما أن الدولة الطرف لم تحدد الجدول الزمني المتوقع لإنجازها. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أنها أوفت بواجبها بإجراء تحقيق سريع في ادعاءات انتهاك الحق في الحياة وأنها، نتيجة لذلك، انتهكت التزاماتها بموجب المادة 6 ( 1 ) مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.

8 - 8 واللجنة، إذ خلصت إلى حدوث انتهاك في هذه القضية للمادة 6 من العهد، مقروءةً بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه، تقرر عدم النظر بشكل منفصل في ادعاء أصحاب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ).

9 - وترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادة 6 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.

10 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، تلزم الدولة الطرف بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وهذا يتطلب منها تقديم تعويض كامل للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم بموجب العهد، مع مراعاة المسؤولية المحتملة لدول أخرى عن الحادث نفسه. وبناء على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الخطوات المناسبة لإجراء تحقيق مستقل وفعال على وجه السرعة، وملاحقة ومحاكمة المسؤولين عن وفاة واختفاء أقارب أصحاب البلاغ، إذا اقتضى الأمر ذلك. وهي ملزمة أيض اً باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11 - وإذ تراعي اللجنة أن الدولة الطرف، بعد ما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن تتيح لهم سبيل انتصاف فعالاً إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. وتطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتوزعها على نطاق واسع باللغة الرسمية للدولة الطرف.

المرفق الأول

رأي مشترك (معارض) أبداه أعضاء اللجنة يوفال شاني وكريستوف هاينز وفوتيني بزاغتزيس

1 - إننا لا نوافق على قرار الأغلبية الذي يفيد بأن الأحداث المأساوية المذكورة في البلاغ تقع ضمن الولاية القضائية لإيطاليا لأغراض تحديد التزاماتها بموجب العهد وكذا مقبولية البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري.

2 - وفي الفقرة 7 - 8 من الآراء، أشير إلى قيام علاقة تبعية خاصة بين الضحايا على متن السفينة المنكوبة وإيطاليا، وهو ما تترتب عليه التزامات الدولة الطرف بموجب القانون الدولي للبحار عمل اً بلوائح الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974 ، ولا سيما اللائحة 33 من فصلها الخامس، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 ، ولا سيما فصلها 5 - 6 . ونتيجة لذلك، رأت الأغلبية أن الأفراد الذين كانوا على متن السفينة المنكوبة تأثروا بقرارات السلطات الإيطالية بطريقة مباشرة وممكن توقعها بصورة معقولة في ضوء الالتزامات القانونية ذات الصلة لإيطاليا، وأنهم يخضعون من ثم للولاية القضائية للدولة الطرف لأغراض العهد، على الرغم من أنهم كانوا موجودين داخل منطقة البحث والإنقاذ المالطية وبالتالي خاضعين في الوقت نفسه لولاية مالطة القضائية. ونحن نرى أن آراء الأغلبية لا تميّز بين (أ) الحالات التي تكون فيها الدول قادرة على أن تخضع لسيطرتها الفعلية أفراد اً موجودين خارج أراضيها أو خارج مناطق خاضعة بالفعل لسيطرتها الفعلية، و(ب) الحالات التي تنطوي على وضع الأفراد فعلي اً تحت السيطرة الفعلية للدولة. والحالات الأخيرة وحدها التي تحدد الولاية القضائية لأغراض العهد والبروتوكول الاختياري.

3 - وعلى نحو ما هو موضح في الفقرتين 7 - 7 و 7 - 8 من الآراء، كانت السفينة المنكوبة موجودة طوال الفترة الزمنية ذات الصلة - أي بين وقت نداء الاستغاثة الأولي ووقت انقلابها - خارج المياه الإقليمية لإيطاليا وداخل منطقة البحث والإنقاذ المالطية. والسؤال الأولي المطروح على اللجنة في القضية قيد النظر يكمن فيما ما إذا كان ممكن اً أم لا اعتبار الضحايا على متن السفينة ضمن سلطة إيطاليا أو سيطرتها الفعلية، على الرغم من وقوع الحادث في أعالي البحار، في منطقة تتحمل فيها مالطة المسؤولية القانونية عن البحث والإنقاذ. ولم يُدّع أمام اللجنة أن إيطاليا قبلت رسمي اً المسؤولية القانونية عن مهمة البحث والإنقاذ قبل انقلاب السفينة، ولا أنها كانت تسيطر بحكم الواقع على العملية.

4 - وعلى الرغم من إجراء اتصال أولي بين السفينة المنكوبة ومركز الإنقاذ الإيطالي، فإن هذه الحقيقة وحدها، وفي ظل غياب معلومات إضافية تبين قبول المسؤولية القانونية، لا تكفي للاستنتاج أن الدولة مارست بالفعل ولايتها القضائية على الأفراد الذين كانوا على متن السفينة منذ تلك اللحظة أو أنها كانت ملزمة قانون اً بذلك. وتجدر الإشارة بصفة خاصة إلى أن إيطاليا لم تنسق بالفعل عملية البحث والإنقاذ، بل أحالت نداء الاستغاثة إلى السلطات المختصة في مالطة، وأن هذه الأخيرة أكدت خطي اً دور مالطة التنسيقي في عملية البحث والإنقاذ المضطلع بها. وفي حين دعّمت السلطات الإيطالية جهود البحث والإنقاذ التي بذلتها السلطات المالطية بإرسالها، وإن كان ذلك بشكل متأخّر، سفينة تابعة للبحرية الإيطالية ITS Libra إلى المنطقة، فإن السفينة المنكوبة لم تخضع للسيطرة الفعلية للسفينة البحرية قبل الساعة 6 : 30 مساء من يوم غرقها. ولم تصل السفينة ITS Libra إلى مكان الحادث و تصبح منسقة عملية الإنقاذ في الموقع إلا بعد أكثر من ساعة على انقلاب السفينة المنكوبة.

5 - وفي حين قد يكون حدوث إخفاقات خطيرة في استجابة مركز الإنقاذ الإيطالي والبحرية الإيطالية لنداءات الاستغاثة ولطلبات المساعدة المالطية أسهم في فقدان العديد من الضحايا بصورة مأسوية، فإن هذه الإخفاقات لا تثبت في حد ذاتها سيطرة إيطاليا الفعلية على الأفراد الموجودين على متن السفينة المنكوبة، بغض النظر عما إذا كانت هذه الإخفاقات تنطوي على مسؤولية جنائية بموجب القانون الإيطالي أو على انتهاك لالتزامات الدول الطرف بموجب قانون البحار تجاه مالطة والدول الأخرى. وهذا هو الحال بصفة خاصة في الظروف التي يكون فيها هؤلاء الأفراد موجودين في منطقة تتحمل دولة أخرى المسؤولية القانونية عنها - وبالتالي تخضع لولايتها القضائية - بموجب قانون البحار لعمليات البحث والإنقاذ. وبما أن مالطة، وليس إيطاليا، هي التي كانت مسؤولة بحكم القانون أو بحكم الواقع عن سير العملية، فإننا لا نرى أنه من المناسب مساءلة إيطاليا بموجب العهد عن عدم إرسال سفنها بسرعة أكبر بما يمكّنها من التحمل السريع للمسؤولية الفعلية عن عملية البحث والإنقاذ.

6 - ونرى كذلك أن النهج الذي اتبعته الأغلبية في المساواة بين القدرة على المشاركة في عملية بحرية في مناطق البحث والإنقاذ التي تتحمل دولة أخرى المسؤولية الدولية عنها ومفهوم ممارسة الولاية القضائية على الأفراد الموجودين على متن السفن المنكوبة قد يخلّ بالنظام القانوني الذي حاولت الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974 ، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 ، اعتماده، بهدف التقليل إلى أدنى حد من "مأساة المشاعات العالمية" الناجمة عن عدم وجود تقسيم واضح للعمل بين الدول الساحلية فيما يتعلق بعمليات البحث والإنقاذ. ولذلك، وفي حين قد يكون النهج الذي اتّبعته الأغلبية مناسب اً لتنظيم التزامات الدول في المناطق التي لا تتحمل فيها أي دولة المسؤولية الدولية عن عمليات البحث والإنقاذ، وذلك لتجنب النزاعات القضائية "السلبية"، فإنه قد يكون غير مناسب اً للمناطق التي توجد دولة مسؤولة عنها وتتحمل في الواقع مسؤولياتها، وقد يسفر عن نزاعات قضائية "إيجابية".

7 - ونتيجة لذلك، نرى أنه بالنظر إلى المسؤولية الرئيسية لمالطة عن عمليات البحث والإنقاذ في المنطقة البحرية ذات الصلة وإلى اكتفاء الدولة الطرف بالدعم، ما كان ينبغي للجنة أن تستنتج أن الضحايا الذين كانوا على متن السفينة المنقلبة خاضعون للولاية القضائية لإيطاليا لأغراض العهد والبروتوكول الاختياري، لا قبل انقلاب السفينة أو عند حصول ذلك، وكان ينبغي لها من ثم اعتبار البلاغ غير مقبول عمل اً بالمادة 1 من البروتوكول الاختياري.

المرفق الثاني

رأي فردي ( معارض ) أبداه عضو اللجنة أندرياس زيمرمان

1 - يجب قراءة هذا الرأي المخالف بالاقتران مع رأيي المنفصل في قضية موازية ضد مالطة تنطوي على نفس الوقائع ( ) . ولذلك، فإنه ينبغي اعتبار محتوى هذا الرأي المنفصل جزء اً من هذا الرأي ما لم ينص على خلاف ذلك. بيد أنّه يجب إعادة التأكيد بداية أن شخص اً ما لا يصبح، بمجرد وجوده في منطقة للبحث والإنقاذ تديرها دولة طرف معينة في العهد، خاضع اً لولايتها القضائية لأغراض المادة 2 ( 1 ) من العهد. وهكذا، يجب من حيث المبدأ بلوغ هذه النتيجة حتى في ظل غياب مثل هذا الرابط القانوني الذي أوجب، في نظر الأغلبية، تطبيق العهد على مالطة في المقام الأول.

2 - وأنا أفهم بوضوح أن إيطاليا، من خلال رفضها أن تضطلع سفينتها البحرية "ITS Libra" بعملية إنقاذ لإنقاذ حياة الأشخاص المعرضين للخطر في البحر، انتهكت التزاماتها بموجب القواعد المعمول بها في قانون البحار. ومع ذلك، فإنها ليست المسألة المعروضة على اللجنة، ولا المسألة التي على اللجنة أن تقرّر بشأنها. كما أنه لم يكن بوسع اللجنة في الواقع أن تقرر بشأنها. وخلاف اً لما توحي به الأغلبية على الأقل، فإن مسألة معرفة ما إذا كانت إيطاليا تمارس الولاية القضائية الجنائية على أساس الجنسية الإيطالية للضباط الموجودين على متن السفينة البحرية "ITS Libra" أو أي مسؤولين إيطاليين آخرين، تعد أقل أهمية من الناحية القانونية لأغراض المادة 2 ( 1 ) من العهد

3 - ومما يزيد من مشكلة قرار الأغلبية أن هذه الأخيرة تخلص أيض اً في القضية المرفوعة ضد إيطاليا إلى أن أصحاب البلاغ كانوا خاضعين في الوقت نفسه لولاية مالطة، على الرغم من اعتبار الشكوى المقدمة ضد مالطة غير مقبولة. وفي الوقت نفسه، يتعيّن على إيطاليا الآن أن تقدّم تعويض اً كامل اً للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم بموجب العهد، على الرغم من أن دولة أخرى هي التي قد تكون تسببت في الخسائر المأساوية في الأرواح، وعلى الرغم من أن المسؤولية الرئيسية عن عملية الإنقاذ - كما تخلص إلى ذلك الأغلبية، وبالتالي عن انتهاك الحقوق التي يحميها العهد كما في رأيها - تقع على عاتق مالطة بدل اً من إيطاليا. وإلى جانب ذلك، فإن إلزام إيطاليا بدفع تعويضات يترك الباب مفتوح اً أمام سؤال صعب متمثل في معرفة أي شكل من أشكال المسؤولية يقع على كل دولة، إن وجدت – هل هي مسؤولية متناسبة فقط أم بالأحرى مسؤولية مشتركة ومتعاضدة .

4 - وأخير اً، تحاول اللجنة تقييد استنتاجاتها بإعلانها قيام علاقة تبعية خاصة، في الظروف الخاصة للحالة، بين الأفراد الموجودين على متن السفينة المنكوبة وإيطاليا (الفقرة 7 - 8 )، وهي التي أدت، في رأي الأغلبية، إلى انطباق العهد. بيد أنه من الأسلم أن نفترض أنه سينظر إلى نتائج كل من القضية المالطية والإيطالية، عند قراءتها مجموعة، على أنها تنص على تطبيق العهد بشكل عام على الأشخاص الذين يجدون أنفسهم معرّضين للخطر في البحر سواء في منطقة البحث والإنقاذ لدولة طرف أو بالقرب من سفينة ترفع علم دولة طرف. وقد يكون لذلك، كما ذكرت من قبل، أثر مؤسف جد اً في نهاية المطاف يتمثل في توقف الدول الأطراف في العهد عن إبداء استعداد ا تها للاضطلاع بهذه الالتزامات، بل حتى في محاولتها تفادي الاقتراب جد اً من القوارب المنكوبة لتجنّب أي انطباعات عن قيام "علاقة تبعية خاصة".

المرفق الثالث

رأي فردي ( معارض ) لعضو اللجنة دافيد ه. مور

1 - يطرح البت في مسألة المقبولية في هذه القضية سؤالين رئيسيين. ويتعلق الأول والأهم بنطاق التزامات الدول الأطراف في العهد. وبموجب المادة 2 ( 1 ) من العهد، تشمل التزامات الدولة الطرف الأفراد الموجودين داخل إقليمها والخاضعين لولايتها القضائية. وقد فسرت اللجنة هذه العبارة بشكل منفصل ( ) . وتوجد حجج قوية لتفسير مقترن، لكن من غير الضروري الرجوع إليها لحل هذه القضية. ولا أحد يدّعي أن إقليم إيطاليا يمتد إلى أعالي البحار. وهكذا يصبح السؤال هو ما إذا كان ضحايا غرق السفينة خاضعين للولاية القضائية للدولة الطرف.

2 - ويثير هذا السؤال مسألة فرعية، وهي: مدى سلامة الاعتماد في تفسيره على صكوك دولية أخرى غير العهد. وتؤيد أسباب سياساتية، مثل المواءمة، تفسير العهد على نحو متسق مع باقي مصادر القانون الدولي. ومع ذلك، فإن اختصاص اللجنة لا يشمل سوى تفسير معاهدة معيّنة وافقت عليها الدول. وأرى أنه ينبغي استرشاد اللجنة بمبادئ اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات في استخدامها لمصادر أخرى غير العهد، سواء أكانت معاهدة أو قانون اً دولي اً عرفي اً، عند تفسير العهد.

3 - وتنص المادة 31 ( 3 )(ج) من اتفاقية فيينا على أن تؤخذ في الحسبان أيّ قاعدة من قواعد القانون الدولي ذات صلة وواجبة التطبيق في العلاقات بين الأطراف. والعديد من الدول الأطراف في العهد، بما فيها إيطاليا ومالطة، هي أيض اً أطراف في الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار لعام 1979 التي تنص على تقسيم أعالي البحار إلى مناطق للبحث والإنقاذ تُسند إلى دول بعينها. ويقترح هذا الترتيب، الذي يركز تحديد اً على تقسيم المسؤولية والسيطرة، أن تشمل الولاية القضائية لإيطاليا بموجب العهد، كحد أقصى، الأفراد الموجودين داخل منطقتها.

4 - وقرار اللجنة إعلانها الاختصاص خارج هذه المنطقة في هذه القضية المأساوية يعكس مقاصدها النبيلة، لا سيما بالنظر إلى إجراءات الدولة الطرف المشكوك فيها. ومع ذلك، أخشى أن يفاقم القرار الشعور بانعدام اليقين، بل حتى بالتوجس، فيما يتعلق بالمسؤولية في أعالي البحار، وهو ما قد يعوق الاستجابة لحالات الطوارئ في المستقبل بدل اً من أن يعززها. وهكذا، أخلص إلى عدم مقبولية البلاغ.

المرفق الرابع

رأي فردي (مؤيد) أبداه عضو اللجنة جينتيان زبيري

1 - إني أوافق على قرار اللجنة، لكن أودّ أن أوضّح الصلة القضائية والالتزامات القانونية الواقعة على عاتق الدول فيما يخص عمليات البحث والإنقاذ في البحار، ولا سيما بشأن اللاجئين والمهاجرين.

2 - وتبيّن هذه الحالة المحددة والإطار القانوني ذي الصلة المسؤولية المشتركة بين الدول عن عمليات البحث والإنقاذ هذه. وفي حين أن المسؤولية الرئيسية عن منطقة البحث والإنقاذ تتحملها دولة واحدة، فإن باقي المسؤولية المتمثلة في تقديم المساعدة، ولا سيما للدول ذات القدرات المحدودة، تقع على عاتق جميع الدول.

3 - وتستند الصلة القضائية في عمليات البحث والإنقاذ عموم اً إلى الالتزامات القانونية الدولية للدول بتقديم المساعدة إلى الأشخاص المعرضين للخطر في البحر، مقروءة في ضوء المادة 6 من العهد. وتشير اللجنة، في الفقرة 3 من تعليقها العام رقم 36 ( 2018 ) إلى أن الحق في الحياة يشمل حق الأفراد في عدم الوقوع ضحية أفعال وأوجه تقصير يُقصد بها أو يُتوقع منها أن تتسبب في وفاتهم وفاةً غير طبيعية أو مبكرة. وينبغي تفسير مفهومي "السلطة والسيطرة" اللذين يستخدمان عادة فيما يتعلق بالولاية خارج الحدود الإقليمية، في ضوء الظروف الخاصة في البحر. وعندما يتعلق الأمر بتقييم مسائل مسؤولية الدول فيما يخص عمليات البحث والإنقاذ الرامية إلى إنقاذ أشخاص معرضين للخطر في البحر، يعتبر شرط العناية الواجبة التزام اً ببذل العناية يقتضي من الدولة أن تبذل قصارى جهدها في حدود الوسائل المتاحة.

4 - وفي عمليات البحث والإنقاذ الفاشلة التي تسفر عن خسائر في الأرواح، يقع على عاتق الدولة التزام إجرائي بموجب المادة 6 من العهد بأن تباشر، بحكم وظيفتها، تحقيق اً فوري اً وفعال اً لمعرفة ما حدث، والقيام عند الاقتضاء بمحاسبة المسؤولين عنه.

المرفق الخامس

رأي فردي (مؤيد) أبداه عضو اللجنة خوسيه مانويل سانتوس بايس

1 - إني أتفق مع القرار الذي توصلت إليه اللجنة وخلصت فيه إلى انتهاك إيطاليا للفقرة 1 من المادة 6 ، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

2 - وهذه قضية معقدة كونها تشمل ولاية قضائية دولية متطابقة ومشتركة بين عدة دول: إيطاليا ومالطة، وربما ليبيا. بيد أن السؤال الرئيسي يتمثل في معرفة ما إذا كان الضحايا خاضعين لسلطة إيطاليا أو سيطرتها الفعلية، حتى وإن وقع الحادث خارج أراضيها (الفقرة 7 - 7 )، وما إذا قدمت إيطاليا، بموجب الصكوك الدولية ذات الصلة، المساعدة لإنقاذ الأشخاص المعرضين للخطر في البحر ( ) .

3 - وقد كانت السفينة المنكوبة موجودة على بعد 61 ميل اً جنوب لامبيدوسا و 118 ميل اً جنوب غرب مالطة، وبالتالي أقرب إلى الشواطئ الإيطالية. ووفق اً لوزير الدفاع الإيطالي، لم تكن السفينة التابعة للبحرية الإيطالية ITS Libra سوى على بعد 15 ميل اً من السفينة المنكوبة، أو على بعد أقل من ساعة واحدة منها ( ) ولذلك، كانت السفينة "ITS Libra" الأقرب إلى السفينة المنكوبة، غير أنها لم تعرض مساعدتها مباشرة ولم تضع نفسها تحت تصرف مركز الإنقاذ المالطي، وأهملت القيام بذلك ( ) .

4 - وتلقى مركز الإنقاذ الإيطالي المكالمة الأولى في الساعة 12 : 26 ظهر اً والثانية في الساعة 12 : 39 ظهر اً، ثم أُبلغ بأن السفينة بصدد الغرق، وبأن على متنها أطفال، وبأن ثمة حاجة إلى تدخل عاجل. وقد زُوّدت السلطات الإيطالية بمعلومات عن الموقع الدقيق للسفينة. وتلت ذلك عدة اتصالات أخرى، تضمنت طلبات أكثر إلحاح اً، في الساعة 1 : 17 ، والساعة 1 : 38 ، والساعة 2 : 22 ، والساعة 3 . 37 ظهرا ً .

5 - وقد ربط مركز الإنقاذ الإيطالي اتصال اً بنظيره المالطي في الساعة 1 ظهر اً، ولكن لم تقدم أي معلومات عن الحالة الخطيرة للسفينة أو موقعها الدقيق أو قربها من السفينة "ITS Libra" واتصالاتها. وحدّدت السلطات المالطية موقع السفينة لأول مرة حوالي الساعة 4 ظهرا ً .

6 - وفي الساعة 1 : 34 ظهر اً، أرسل مركز الإنقاذ الإيطالي تحذير اً ملاحي اً إلى جميع وسائل النقل البحري المجاورة من أجل تقديم المساعدة. وفي الساعة 2 : 30 ظهر اً، فعل مركز الإنقاذ المالطي الشيء نفسه. ولم ترد السفينة "ITS Libra" على أي من التحذيرين.

7 - وأُبلغت قيادة البحرية الإيطالية في الساعة 1 : 35 ظهر اً بموقع السفينة وعدد الأشخاص الذين على متنها. غير أن القيادة البحرية أمرت في الساعة 3 : 34 ظهر اً السفينة "ITS Libra" بعدم الاقتراب من السفينة المنكوبة وتفادي أن ترصد في المنطقة. وتَكرَّر نفس الأمر في الساعة 3 : 41 ظهرا ً .

8 - وبعد ما حددت طائرة القوات المسلحة المالطية هوية السفينة "ITS Libra" بعد الساعة 4 ظهر اً، طلب مركز الإنقاذ المالطي من السفينة أن تمضي قدم اً وتقدم المساعدة بعدما لوحظ اكتظاظ السفينة المنكوبة وعدم استقرارها. غير أن السفينة "ITS Libra" لم ترد على مكالمات الطوارئ التي أجرتها الطائرة المالطية واستمرت لمدة دقيقتين.

9 - وفي الساعة 4 : 38 ظهر اً، طلب مركز الإنقاذ الإيطالي من قيادة البحرية الإيطالية وضع السفينة "ITS Libra" على اتصال مباشر بالسلطات المالطية. وقد رُخص لهذا الطلب في الساعة 4 : 41 ظهر اً والساعة 4 : 44 ظهر اً، وطلب مركز الإنقاذ المالطي مجدد اً إلى نظيره الإيطالي وضع سفينة "ITS Libra" تحت تصرف عملية الإنقاذ. لكن مركز الإنقاذ الإيطالي رفض الترخيص لذلك. ولم تتلق السفينة ITS Libra أمر اً بالتدخل سوى في الساعة 5 : 07 ظهر اً، أي بعد أن انقلبت السفينة، وبعد 4 ساعات و 40 دقيقة من إجراء أول مكالمة طوارئ. وبلغت السفينة ITS Libra مكان الحادث في الساعة 5 : 57 ظهر اً، أي بعد زورق دورية القوات المسلحة المالطية الذي وصل قبلها بست دقائق.

10 - وهكذا، رفضت السلطات البحرية الإيطالية اتخاذ أي إجراءات مع أنها الجهة التي كانت لا تزال تمثل حينها مركز الإنقاذ الأول المعني بتنسيق القضية، والتي أصدرت أول تحذير ملاحي. كما أغفلت باستمرار تقديم معلومات قيّمة إلى السلطات المالطية ومنعت عمد اً السفينة "ITS Libra"، التي كانت الأقرب إلى السفينة المنكوبة، من التدخل في عمليات الإنقاذ إلى ما بعد غرقها.

11 - ولذلك أعتبر أن الأفراد الذين كانوا موجودين على متن السفينة المنكوبة كانوا تحت الولاية القضائية لإيطاليا لأغراض العهد (الفقرات من 7 - 5 إلى 7 - 8 ). وعلاوة على ذلك، لم توضّح السلطات الإيطالية بشكل مقنع دوافع عدم تقديم المساعدة في الوقت المناسب في ظل هذه الظروف الملحة، مما تسبب في خسائر بشرية فادحة (الفقرة 8 - 5 ).

12 - ووُجّهت التهم إلى ضباط من البحرية الإيطالية وخفر السواحل الإيطالي ومركز الإنقاذ الإيطالي، وهم سبعة على الأقل، بعدم تقديم المساعدة والقتل بسبب الإهمال. ولا تزال المحاكمة جارية أمام المحاكم المحلية بعد مرور سبع سنوات على الأحداث، وهو ما شكل تأخر اً مفرط اً في تحقيق العدالة الفعالة والسريعة. ولم تقدم الدولة الطرف أي تفسير واضح لهذا التأخير، باستثناء إشارة عامة إلى الطابع المعقد للقضية، ولم تقدم أي جدول زمني متوقع لإتمام المحاكمة (الفقرتان 8 - 6 و 8 - 7 ).

المرفق السادس

رأي فردي (مؤيد) أبداه عضو اللجنة فاسيلكا سانسين

1 - إني أتفق مع آراء اللجنة التي تفيد بأن الأفراد الذين كانوا موجودين على متن السفينة المنكوبة تأثروا بقرارات إيطاليا على نحو مباشر وقابل للتوقع بصورة معقولة في ضوء الالتزامات القانونية ذات الصلة لإيطاليا، وبأنهم بذلك يخضعون لولاية الدولة الطرف، بالتزامن مع ولاية مالطة، لأغراض العهد، وبأن المادة 1 من البروتوكول الاختياري لا تمنع بالتالي اللجنة من النظر في هذا البلاغ. كما أتفق كلي اً مع استنتاج اللجنة انتهاك المادة 6 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.

2 - ومع ذلك، أود أن أؤكد رأيي أنه بالنظر إلى وقوع الأحداث المأساوية في أعالي البحار، حيث لا يجوز لإيطاليا ومالطة، وفق اً لقانون البحار، ممارسة أي ولاية قضائية إقليمية، إلا على السفن التي ترفع أعلامها، وفي ظل الظروف المنصوص عليها بشكل شامل في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار - كما في حالة القرصنة مثل اً - ترتبط مسألة مدى توافق البلاغ مع المادة 1 من البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بالاختصاص المحلي، والتي تحدد ما إذا كان الأفراد خاضعين لولاية الدولة الطرف، من خلال تطبيق مبدأ "السلطة أو السيطرة الفعلية"، ارتباط اً جوهري اً بالحق في الحياة. وأكدت اللجنة (الفقرة 7 - 5 )، بالإشارة إلى تعليقها العام رقم 36 ( 2018 )، أنه يجب على الدول الأطراف احترام وحماية أرواح الأفراد الذين يجدون أنفسهم عرضة للخطر في البحر، وفقاً لالتزاماتها الدولية بشأن الإنقاذ في البحر (أضيفت الخطوط للتأكيد).

3 - ولهذا السبب، أخلص، بعد النظر في وقائع القضية وظروفها الخاصة (الفقرة 7 - 7 )، أن البلاغ مقبول، رغم وقوع الأحداث في منطقة أعالي البحار. وقد أثبت أصحاب البلاغ بما فيه الكفاية (أ) أن إيطاليا كانت لديها سلطة التصرف وفق اً لواجباتها الدولية، أي تقديم المساعدة إلى سفينة منكوبة وفق اً للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ومساعدة السلطات المالطية في مجال البحث والإنقاذ؛ و(ب) أن إيطاليا دفعت الضحايا إلى الاعتقاد، ولا سيما في غضون الساعة (الساعات) الأولى بعد إجراء الاتصال، أنها ستمتثل تلك الواجبات؛ و(ج) أن هذه الأنشطة الضرورية كان بالإمكان أن تؤثر على نحو مباشر وممكن توقعه بشكل معقول على الأحداث. وأنا أرى أن إيطاليا، من خلال امتثال التزامها بممارسة السلطة القائمة في هذه القضية الملموسة، أخضعت الضحايا لولايتها القضائية، غير أن عدم تصرفها وفق اً لذلك جعلها تخل بواجب حماية حياتهم والتحقيق في الحادث على النحو الواجب بعد وقوعه، وهو ما أسفر عن انتهاك حقوق أصحاب البلاغ.

المرفق السابع

رأي فردي (مؤيد) أبدته عضوة اللجنة إيلين تيغرودجا

1 - إني أؤيد تأييد اً كامل اً الحل الذي توصلت إليه الأغلبية. وهذه الآراء تشكل المساهمة الأولى للجنة وتهدف إلى سد بعض الثغرات في قانون البحار ( ) . وقد تُوفّر بعض المحتوى لـ "حق جديد في الإنقاذ في البحر" ( ) . ومع ذلك، وكما جاء في رأيي المؤيد للبلاغ المتعلق بمالطة، فإن المنطق القانوني الذي اتبعه الأغلبية ليس دقيق اً تماما ً ( ) . ولن أكرّر ما كتبته عن القرار غير المعقول بتقسيم القضيتين وعن استخدام مجموعة القوانين غير المحدّثة. وتركز ملاحظتي الرئيسية بشأن هذه الآراء على مسألة الولاية خارج الحدود الإقليمية التي تمارسها إيطاليا (الفقرة 7 - 8 ). ولست مقتنعة تمام اً بالطريقة التي حلت بها الأغلبية المسألة. وهناك خلط بين الالتزامات الموضوعية والصلة القضائية الموجودة مع إيطاليا. والأهم من ذلك أن أسباب إثبات الصلة القضائية غير واضحة، ويؤسفني ألا ترد الأغلبية بوضوح على الحجج التي قدّمها أصحاب البلاغ في شكواهم استناد اً إلى الاجتهادات المتعلقة بقضية مناف ضد رومانيا ، والتي كانت أكثر إقناع اً مما ذُكر في الفقرة 7 - 8 .