الأمم المتحدة

CCPR/C/136/D/2808/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

8 December 2022

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2808/2016 * **

بلاغ مقدَّم من: محمد جاو (يمثِّله محامٍ من جمعية الكرامة)

الشخصان المدَّعى أنهما ضحيتان: صاحب البلاغ وتوفيق جاو (ابن صاحب البلاغ)

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 26 حزيران/يونيه 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار اتُّخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للَّجنة، وأُحيل إلى الدولة الطرف في 14 أيلول/سبتمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 24 تشرين الأول/أكتوبر 2022

الموضوع: الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية: الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه؛ والكرامة الإنسانية؛ والاعتراف بالشخصية القانونية.

مواد العهد: 2 ( 2 ) و( 3 ) و 6 ( 1 ) و 7 و 9 و 10 و 16 و 19 و 23 ( 1 )

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 3 و 5 ( 2 )

1 - صاحب البلاغ هو محمد جاو، المولود في 28 أيلول/سبتمبر 1936 ، وهو مواطن جزائري. يدّعي أنَّ ابنه توفيق جاو، المولود في 22 ت شٍ رين الأول/أكتوبر 1962 ، وهو أيضاً مواطن جزائري، ضحية اختفاء قسري على يد الدولة الطرف، وهو ما يشكِّل انتهاكاً للمواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 و 23 ( 1 ) من العهد، والمادة 2 ( 3 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 و 23 ( 1 ). ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً أنَّ حقوقه هو نفسه انتُهكت بموجب المادة 2 ( 3 ) والمادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 )، وبموجب المادة 23 ( 1 ) من العهد. ويدَّعي كذلك حدوث انتهاك للمادة 2 ( 2 )، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد ( ) . وقد دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ في الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 198 9 . ويمثِّل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ ضابط شرطة متقاعد ومن قدماء المحاربين في جيش التحرير الوطني، الذي أنشئ في عام 1954 للنضال من أجل تحقيق استقلال الجزائر. وبالنظر إلى ما يتمتع به من مهارات، طلبت منه دائرة الاستعلام والأمن الجزائرية مراراً وتكراراً أن يتولى قيادة ميليشيا مسلَّحة في قسنطينة من أجل محاربة الجماعات الإسلامية المسلَّحة. ولهذا الغرض، كثيراً ما استدعي إلى ثكنة بلفيو ، حيث حاول ضباط الدائرة إقناعه بهذا الأمر. غير أنَّ رفضه دفعهم إلى نعته بالخائن وإهانته وتهديده بالانتقام. وبعد أسابيع قليلة من استدعائه آخر مرة إلى الثكنة نفَّذ الضباط تهديداتهم باختطاف ابنه.

2 - 2 ففي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1997 ، كان توفيق جاو الذي كان يعمل صائغاً ويملك محلاًّ تجاريّاً في قسنطينة في متجره برفقة شقيقه فريد، عندما وصل أعوان مسل َّ حون من دائرة الاستعلام والأمن، بعضهم يرتدي ملابس مدنية وآخرون يرتدون الزي العسكري، إلى المتجر حوالي الساعة التاسعة صباحاً على متن عدة مركبات، بعضها أبيض اللون تستخدمها عادةً وحدات التدخل التابعة للدائرة. وبالإضافة إلى الشقيقين، كان في المتجر سبعة مستخدمين ( ) .

2 - 3 و قد قدِم عدد غفير من الجنود عدة عشرات وأغلقوا الشارع أمام حركة المرور. ودخل ثلاثة منهم فقط وفتشوا محل المجوهرات ثم استولوا على جميع المجوهرات المعروضة في واجهة المحل. وطلبوا من توفيق جاو بعد ذلك فتح خزنة المال و سلبوا محتوياتها ( ) . وبعد وضع المجوهرات والنقود في أكياس، صفَّد الجنود يدي توفيق جاو وأدخلوه قسراً إلى صندوق إحدى المركبات لاقتياده إلى جهة مجهولة. ومنذئذ، فقد أقاربه كل أثر عنه.

2 - 4 وفور علمه باعتقال ابنه، توجَّه صاحب البلاغ إلى ثكنة بلفيو بعد أن أدرك أنَّ أجهزة دائرة الاستعلام والأمن قد نفَّذت تهديداتها في حقه وطلب مقابلة ابنه. فطرده الأعوان الذين كانوا متواجدين هناك، وأخبروه أنَّ ابنه غير محتجَز في الثكنة. ثم اتصل صاحب البلاغ بأحد الأعوان الذي كان على معرفة به منذ حرب التحرير بالنظر إلى أنه كان من رفاقه في السلاح، غير أنَّ هذا الأخير لم يتسنَّ له تزويده بأي معلومات لأنه كان في إجازة وقت الواقعة.

2 - 5 ولم يعلم صاحب البلاغ بمصير ابنه إلا في كانون الثاني/يناير 1998 من شخص أفرجت عنه دائرة الاستعلام والأمن من ثكنة بلفيو ، إذ أك َّ د له أنَّ ابنه كان لا يزال في الثكنة حتى يوم الإفراج عن هذا الشخص. وتوجَّه صاحب البلاغ مرة أخرى إلى الثكنة، على أمل أن يتلقى خبراً عن ابنه، غير أنَّ أعوان مركز الحراسة طردوه مرة أخرى. كما توجَّه إلى ثكنات عسكرية أخرى كان يعتقد أنَّ ابنه قد يكون قد نُقل إليها، ولكن من دون جدوى.

2 - 6 وفي أيار/مايو 1998 ، بادر شخص ثان أُفرج عنه إلى إبلاغ صاحب البلاغ بأنه كان محتجزاً برفقة ابنه في ثكنة بلفيو ، وأنَّ ابنه كان لا يزال على قيد الحياة وقت الإفراج عن هذا الشخص، ولكنه كان يتعرَّض لتعذيب شديد. وأفاد هذا الشاهد بأنَّ توفيق جاو خضع لاستجواب تعرَّض خلاله للضرب المبرح وللصعق بالكهرباء. كما أخبره بأنَّ توفيق جاو كان يُجب َ ر بانتظام على الخروج إلى فناء الثكنة خلال فصل الشتاء، مجرَّداً من كل ثيابه، وكان يُربَط تحت مزراب في البرد القارس. ومنذ هذه الشهادة الأخيرة، لم يتلقَّ صاحب البلاغ أيَّ معلومات أخرى عن مصير ابنه الذي استمرت السلطات في إنكار احتجازه.

2 - 7 وفي تاريخ غير محدَّد، تقدَّم صاحب البلاغ بشكوى أمام المدعي العام في قسنطينة، الذي يتمتع بالاختصاص الإقليمي، غير أنَّ هذا الأخير رفض تسجيل شكواه. كما تقدَّم بشكوى أمام المدعي العام العسكري، أشار فيها إلى أنَّ الجيش اعتقل ابنه واحتجزه وفقاً لعدة شهادات في ثكنة بلفيو التي تشرف عليها أجهزة دائرة الاستعلام والأمن. وقوبلت شكواه بالرفض مجدَّداً.

2 - 8 وحاولت زوجة توفيق جاو، هي الأخرى، تقديم شكاوى إلى نفس السلطات القضائية، غير أنَّ مسعاها باء بالفشل أيضاً. وبسبب الموقف الصعب للغاية الذي وجدت نفسها فيه، بما في ذلك تعذُّر ممارسة الولاية القانونية على أطفالها القُصَّر، باشرت زوجة توفيق جاو إجراءات إدارية في عام 2006 للاعتراف باختفائه ومن ثم استصدار شهادة وفاة تسمح لها بالحصول على الولاية القانونية على أبنائها. وفي 22 تموز/يوليه 2006 ، أعدَّت أجهزة الدرك الوطني محضر اختفاء بناء على طلبها، تشهد فيه بأنَّ الضحية قد اختفى منذ 29 تشرين الأول/أكتوبر 1997 ، و ت شير إلى فتح تحقيق، من دون أي نتيجة في هذا الصدد ( ) . إذ لم يُجْرَ في الواقع أي تحقيق. فلم يُستدع الشهود السبعة الذين شهدوا واقعة الاختطاف، ولا شقيق الضحية، ولا المدعي بالحق المدني للاستماع إليهم في سياق هذا التحقيق المزعوم ( ) . ومن ثم كان من الواضح أنَّ الدولة الطرف، رغم إصدارها هذه الشهادة، لم تُجْر أي تحقيق في ملابسات اختفاء توفيق جاو.

2 - 9 وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، أحال صاحب البلاغ قضية ابنه إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي. وعلى الرغم من أنَّ الفريق العامل أحال القضية إلى السلطات الجزائرية، فإنها لم تردَّ قط.

2 - 10 ويؤكِّد صاحب البلاغ أنه لم يعد يجوز له قانوناً اللجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 المؤرَّخ 27 شباط/ فبراير 2006 و المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. ومن ثم انعدمت سبل الانتصاف المحلية، التي كانت عديمة الفائدة وغير فعالة. ذلك أنَّ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ينص على أنه "لا يخول لأي كان، في الجزائر أو خارجها، أن يتذرع بـما خلفته المأساة الوطنية من جراح وكلوم، أو يعتد به بقصد المساس بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، أو زعزعة أركان الدولة، أو وصم شرف جميـع أعوانها الذين أخلصوا خدمتها، أو تشويه صورة الجزائر على الصعيد الدولي". ويرفض الميثاق "كل زعم يقصد به رمي الدولة بالمسؤولية عن التسبب في ظاهرة الافتقاد". ويشير الميثاق علاوة على ذلك إلى أنَّ "الأفعال الجديرة بالعقاب المقترفة من قبل أعوان الدولة الذين تمت معاقبتهم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال، لا يمكن أن تكون مدعاة لإلقاء الشبهة على سائر قوات النظام العام التي اضطلعت بواجبها بمؤازرة من المواطنين وخدمة للوطن".

2 - 11 ويفيد صاحب البلاغ بأنَّ الأمر رقم 06 - 01 يحظر اللجوء إلى القضاء تحت طائلة الملاحقة الجنائية، وهو ما تنتفي معه ضرورة استنفاد الضحايا سبلَ الانتصاف المحلية. إذ يحظر هذا الأمر تقديم أي شكوى بشأن الاختفاء أو الجرائم الأخرى، من حيث إنَّ المادة 45 منه تنص على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدّفاع والأمن للجمهوريّة، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمّة والحفاظ على مؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبية". وبمقتضى هذا الحكم، على السلطة القضائية المختصة التصريح بعدم قبول كل إبلاغ أو شكوى. وإضافة إلى ذلك، تنص المادة 46 من الأمر نفسه على ما يلي:

يعاقب بالحبس من ثلاث ( 3 ) سنوات إلى خمس ( 5 ) سنوات وبغرامة من250000دج [دينار جزائري] إلى 500000دج، كلّ من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أيّ عمل آخر، جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية. وتبــاشر النيــابة العـامّة المتابعات الجزائية تلقائي اً. وفي حالة العود، تضاعف العقوبة ا لمنصوص عليها في هذه المادّة.

2 - 12 ويضيف صاحب البلاغ أنَّ هذا الأمر بمثابة عفو فعلي عن مرتكبي الجرائم التي وقعت خلال العقد الماضي، بما في ذلك أشد الجرائم خطورة، مثل الاختفاء القسري. وهو يمنع أيضاً، تحت طائلة عقوبة الحبس، اللجوء إلى القضاء لاستجلاء مصير الضحايا ( ) . ومن الواضح أنَّ السلطات الجزائرية، بما فيها السلطات القضائية، ترفض إثبات مسؤولية أجهزة الأمن، التي قد يكون أعوانها متورطين في اختفاء توفيق جاو قسراً. وهذا الرفض يعوق فعالية سبل الانتصاف التي لجأت إليها أسرته.

الشكوى

3 - 1 يدَّعي صاحب البلاغ أنَّ ابنه ضحية اختفاء قسري بسبب أفعال ارتكبها أعوان قوات الأمن الجزائرية، ومن ثم تعزى إلى الدولة الطرف، وفقاً لتعريف حالات الاختفاء القسري الوارد في الفقرة 2 (ط) من المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ويؤكِّد أنه على الرغم من أنَّ العهد لا يتضمن حكماً محدَّداً يشير صراحةً إلى حالات الاختفاء القسري، فإنَّ ممارسة الاختفاء القسري تنطوي على انتهاكات للحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الفرد في الحرية والأمان على شخصه. وفي القضية قيد النظر، يدَّعي صاحب البلاغ أنَّ الدولة الطرف انتهكت حقوق توفيق جاو بموجب المواد 2 ( 3 ) و 6 ( 1 ) و 7 و 9 (الفقرات 1 - 4 ) و 10 ( 1 ) و 16 و 23 ( 1 )، كما انتَهكت حقوقه هو المكرَّسة بموجب المواد 2 ( 3 ) و 7 و 23 ( 1 ) من العهد.

3 - 2 ويذكِّر صاحب البلاغ بالطابع الأسمى للحق في الحياة، وبالالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف بالامتناع عن سلب الشخص حقَّه في الحياة تعسفاً، وأيضاً بمنع أي فعل ينطوي على انتهاك للمادة 6 من العهد وبالمعاقبة عليه، ولو كان الجاني أو الجناة من أعوان الدولة. ويذكِّر أيضاً بالتزام الدولة الطرف بحماية حياة الأشخاص المحتجزين والتحقيق في أي حالة اختفاء. وبناء على ذلك، فإنَّ عدم إجراء تحقيق قد يشكِّل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 6 ، بما في ذلك في الحالات التي لا يكون فيها أعوان الدولة مسؤولين عن الاختفاء. وقد وقع اختفاء توفيق جاو على إثر رفض صاحب البلاغ الانضمام إلى صفوف الميليشيات الجزائرية التي كانت تنفِّذ عمليات تحت إشراف الدولة. ولم يتلقَّ أقارب توفيق جاو أية أخبار عنه منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً. وكان من الواجب إدراج احتجازه في السجلات، وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية. وهذه العوامل، مقترنة بعدم فتح تحقيق، دليل على عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها وتشكِّل انتهاكاً للمادة 6 ( 1 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد، في حق الشخص المختفي.

3 - 3 ويذكِّر صاحب البلاغ بأنَّ الحق في عدم التعرض للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حق مطلق لا يقبل التقييد. ويهيِّئ الاحتجاز مع منع الاتصال تلقائيّاً بيئة مواتية لممارسة التعذيب، لأنَّ الفرد يكون محروماً من حماية القانون. ووفقاً للاجتهادات السابقة للَّجنة، قد تشكِّل هذه الممارسة في حد ذاتها انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ويدَّعي صاحب البلاغ أنه في غياب أي تسجيل أو أي إجراءات أخرى كان يمكن إطلاع الأسرة عليها، ظل احتجاز توفيق جاو سريّاً لأكثر من ثمانية عشر عاماً. وتعذَّر على عائلته التواصل معه خلال هذه الفترة. وتمثّل استحالة اتصال المحتجز بالعالم الخارجي، التي ينطوي عليها الاحتجاز مع منع الاتصال، معاناة نفسية شديدة وجسيمة بدرجة تجعلها تندرج ضمن نطاق المادة 7 من العهد. وبالإضافة إلى ذلك، تفيد شهادات محتجزين أُطلق سراحهم في وقت لاحق بأنَّ توفيق جاو تعرَّض لأعمال تعذيب شديدة أثناء استجوابه في الثكنة التابعة لدائرة الاستعلام والأمن في بلفيو في قسنطينة. وبذلك قد يكون توفيق جاو، الذي كان يتعرَّض للضرب والصعق بالكهرباء ويُجرَّد من ملابسه ويُعرَّض لدرجات حرارة قاسية، أُخضع لأفعال ترقى بلا شك إلى التعذيب. ولذلك يدعَّي صاحب البلاغ أنَّ حقوق توفيق جاو انتُهكت بموجب المادة 7 من العهد.

3 - 4 وتشكِّل حالة الكرب والشدة وعدم اليقين التي عاناها صاحب البلاغ وأسرة توفيق جاو لأكثر من ثمانية عشر عاماً من جراء تبعات الاختفاء وإنكار السلطات وعدم إجراء تحقيق في الموضوع، حالة معاملة لا إنسانية، ومن ثم انتهاكاً لحقوقهما المكفولة في المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.

3 - 5 وفيما يتعلق بالمادة 9 من العهد، يدَّعي صاحب البلاغ أنَّ ابنه ضحية انتهاكات تعزى إلى الدولة الطرف: (أ) بمقتضى الفقرة 1 ، بالنظر إلى أنَّ توفيق جاو هو ضحية للحرمان التعسفي من حريته على أيدي أعوان دائرة الاستعلام والأمن التابعة للجيش الجزائري؛ و(ب) بمقتضى الفقرة 2 ، لأنَّ الضباط الذين اعتقلوا توفيق جاو لم يذكروا أسباب توقيفه ولم يقدِّموا مذكرة توقيف، ولم يتلقَّ قطُّ أي إخطار رسمي منذ اعتقاله؛ و(ج) بمقتضى الفقرة 3 ، لعدم مثول توفيق جاو بعد إلقاء القبض عليه أمام قاض مختص ولأنه لم يحاكَم ولم يُفرج عنه، وبالنظر إلى أنَّ المدة التي انصرمت منذ إلقاء القبض عليه، وهي أكثر من ثماني عشرة سنة، تتجاوز بكثيرٍ المدة القصوى للاحتجاز لدى الشرطة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية فيما يتعلق بالجرائم المتصلة بالإرهاب، وهي اثنا عشر يوماً؛ و(د) بمقتضى الفقرة 4 ، لأنَّ توفيق جاو لم يتمكّن إطلاقاً من الطعن في قانونية احتجازه، نظراً لكونه مستثنى من حماية القانون.

3 - 6 وبالنظر إلى تعرّض توفيق جاو لمعاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة، وهو ما ينتهك المادة 7 من العهد، فقد انتُهكت حقوقه أيضاً بمقتضى المادة 10 ( 1 ) لأنَّ المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تتنافى بطبيعتها مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان. ومن شأن الاحتجاز مع منع الاتصال أن يتسبب في ضروب من المعاناة للمحتجز تتسم بدرجة من الخطورة تجعلها تصنَّف ضمن أعمال التعذيب، بل إنه يهيِّئ أيضاً أسباب ممارسة أفعال غير إنسانية.

3 - 7 ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً أنَّ احتجاز توفيق جاو مع منع الاتصال يشكِّل انتهاكاً للمادة 16 من العهد يُنسَب إلى الدولة الطرف. ويحيل صاحب البلاغ في هذا الصدد إلى الملاحظات الختامية للَّجنة بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر المقدَّم بموجب المادة 40 من العهد ( ) ، التي ارتأت فيها أنَّ الأشخاص المختفين، الذين لا يزالون على قيد الحياة ويُحتجزون مع منع الاتصال، يُنتهك حقهم في الاعتراف لهم بشخصيتهم القانونية، على النحو المنصوص عليه في المادة 16 من العهد.

3 - 8 وإذ يشير صاحب البلاغ إلى أنَّ المادة 23 ( 1 ) من العهد تنص على الحق في حماية الأسرة، فإنه يدفع بأنَّ اختفاء توفيق جاو قد حرم أسرته من ابن وأب وزوج، ومن ثم فهو يشكِّل انتهاكاً لتلك المادة فيما يتعلق بتوفيق جاو وأيضاً فيما يتعلق بصاحب البلاغ وأقاربه.

3 - 9 ويذكِّر صاحب البلاغ بأنَّ المادة 2 ( 3 ) من العهد تكفل إمكانية الحصول على سبل انتصاف فعالة لأي شخص يدَّعي وقوع انتهاك لأيٍّ من حقوقه المشمولة بحماية العهد. فقد تعذَّر على توفيق جاو، وهو ضحية اختفاء قسري، في الواقع أن يسلك أي سبيل من سبل الانتصاف. واستناداً إلى اجتهادات اللجنة، يذكِّر صاحب البلاغ بأنَّ الدولة الطرف ملزمة بإجراء تحقيقات في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، وبمقاضاة الأشخاص المزعوم تورطهم فيها وبمعاقبتهم؛ وترى أنَّ الدولة الطرف، بعدم استجابة السلطات الجزائرية لطلبات صاحب البلاغ وأقارب الضحية، تكون قد تقاعست عن التزاماتها بموجب المادة 2 من العهد. ويشكِّل الأمر رقم 06 - 01 ، ولا سيما المادة 45 منه، خرقاً لالتزام الدولة الطرف بتوفير سبيل انتصاف فعال. وبناء على ذلك، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعترف بانتهاك حقوق توفيق جاو بموجب المادة 2 ( 3 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 و 23 من العهد.

3 - 10 ويطلب صاحب البلاغ أولاً إلى اللجنة أن تعترف بانتهاك المواد 2 ( 3 ) و 6 ( 1 ) و 7 و 9 ( 1 - 4 ) و 10 ( 1 ) و 16 و 23 ( 1 ) من العهد، فضلاً عن المادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 و 23 فيما يتعلق بتوفيق جاو. ويطلب إليها، ثانياً، أن تعترف بحدوث انتهاك للمادتين 2 ( 3 ) و 7 -  مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) والمادة 23 ( 1 ) من العهد فيما يتعلق به. ويطلب صاحب البلاغ كذلك إلى اللجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف ما يلي: (أ) الإفراج عن توفيق جاو إذا كان لا يزال على قيد الحياة؛ و(ب) ضمان حصوله على سبيل انتصاف فعال من خلال إجراء تحقيق معمَّق وفعال في الاختفاء القسري لابنه وإبلاغه بنتائج التحقيق؛ و(ج) مباشرة إجراءات جنائية ضد من يُزعم تورطهم في اختفاء توفيق جاو وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم وفقاً للالتزامات الدولية للدولة الطرف؛ و(د) تقديم تعويض مناسب إلى صاحب البلاغ وإلى أصحاب الحقوق من أقارب توفيق جاو عما تعرَّضوا له من انتهاكات.

ملاحظات الدولة الطرف

4 - 1 في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ، أحالت الدولة الطرف اللجنة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة حالات الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وطعنت في مقبولية البلاغات المتعلقة بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أمام اللجنة.

4 - 2 وفي 12 أيلول/سبتمبر 2022 ، كرَّرت الدولة الطرف إحالتها إلى المذكرة وقالت إنَّ جميع التدابير قد اتُّخذت على الصعيد الوطني لإجراء تحقيق. وفي هذا الصدد، تدفع الدولة الطرف بأنَّ الشرطة فتحت تحقيقاً عقب اختفاء توفيق جاو، واتصلت بشقيقه، الذي ذكر أنَّ أفراداً مسلحين قدِموا إلى محل المجوهرات الذي كان يعمل فيه توفيق جاو، مدَّعين أنهم ينتمون إلى أجهزة الأمن الجزائرية، وبعد الاستيلاء على جميع المجوهرات، اقتادوا توفيق جاو إلى وجهة مجهولة. ووفقاً للدولة الطرف، أمر القاضي بإجراء تحقيق ضد جهة مجهولة، وكرَّر شقيق توفيق جاو أمام القاضي أقواله التي أدلى بها أمام الشرطة. وعليه، تدفع الدولة الطرف بعدم وجود أدلة ومن ثم ينبغي اعتبار البلاغ المعروض على اللجنة غير مقبول.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 15 آذار/مارس 2017 ، قدَّم صاحب البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف المؤرَّخة 10 تشرين الثاني/نوفمبر 201 6 . ويشير صاحب البلاغ إلى أنَّ تلك الملاحظات غير ملائمة لأنها تشير إلى وثيقة نموذجية مؤرَّخة تموز/يوليه 2009 موجَّهة إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وليس إلى اللجنة. ولا تذكر ملاحظات الدولة الطرف تفاصيل القضية ولا تقدِّم أي ردّ بشأن الظروف الخاصة المحيطة باختفاء توفيق جاو.

5 - 2 ووفقاً لصاحب البلاغ، فإنَّ ردَّ الدولة الطرف يشكِّك في التزامها بالتعاون بحسن نية مع اللجنة، وهو واجب ينبع كما ذكرت اللجنة في الفقرة 15 من تعليقها العام رقم 33 ( 200 8 ) من تطبيق مبدأ تنفيذ جميع الالتزامات التعاهدية  بحسن نية.

5 - 3 وقد أكَّدت اللجنة، في اجتهاداتها السابقة الثابتة، أنه لا يجوز للدولة الطرف أن تتذرع بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدّموا بلاغات إلى اللجنة أو يعتزمون تقديمها ( ) . ويرى صاحب البلاغ أنَّ اعتماد الدولة الطرف للميثاق أو اعتماد "آلية داخلية شاملة للتسوية" لا يشكِّلان تدبيرين كافيين للوفاء بالتزاماتها التعاهدية بالتحقيق والمقاضاة والجبر، وأنه لا يمكن الاحتجاج بهذين التدبيرين على نحو سليم ضد اللجنة ولا أن يشكِّلا أساساً لاعتبار البلاغ غير مقبول.

5 - 4 وفي ختام تعليقاته، يرى صاحب البلاغ أنَّ الدولة الطرف قد أخلَّت بالتزامها العام بموجب المادة 2 ( 2 )، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد. ذلك أنَّ السبب الرئيسي لعدم فعالية أي سبيل انتصاف داخل الدولة الطرف يكمن في أنه يتعذر قانوناً على صاحب البلاغ، بموجب المادة 45 من الأمر رقم 06 - 01 ، أن يقدِّم تظلماً أمام محاكم الدولة الطرف. ومن آثار ذلك الأمر تكريس الاستحالة القانونية لتقديم استئناف فعال في الإطار التشريعي للدولة الطرف، في انتهاك للمادة 2 ( 3 ) من العهد، وتجريمه، بمقتضى المادة 46 منه، أيَّ تعبير سلمي عن مظالمه أو أية دعاية بشأن الوقائع المزعومة، في انتهاك لحقِّه في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من العهد. وما دامت أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المذكورة أعلاه سارية، لن تتوفر لأسر الضحايا أية سبل قانونية لإعمال حقوقها بموجب المادة 2 ( 3 ) من العهد، أو حتى التحدث علناً عن الانتهاكات المرتكبة ضد ذويها، مما يعرِّضها لعقوبة بالسجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات، في انتهاك للمادة 19 من العهد.

5 - 5 وفي 30 أيلول/سبتمبر 2022 ، أعرب صاحب البلاغ عن اندهاشه من دفع الدولة الطرف، بعد مرور ست سنوات على ردِّها المؤرَّخ 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 - ولأول مرة بشأن مسائل أولية ، - بإجراء تحقيق مزعوم ادُّعي أنَّ محكمة محلية باشرته، ومن كونها تدَّعي كذباً أنَّ أسرة توفيق جاو شاركت فيه. ويلاحظ صاحب البلاغ كذلك أنَّ الدولة الطرف لم تقدِّم أيَّ رد بشأن وقائع القضية.

عدم تعاون الدولة الطرف

6 - تذكّر اللجنة بأنَّ الدولة الطرف طعنت في مقبولية البلاغ في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 واستندت في ذلك إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وعقب رفض اللجنة النظر في مقبولية الشكوى بمعزل عن أسسها الموضوعية، دعيت الدولة الطرف في 19 تموز/يوليه و 20 أيلول/سبتمبر 2022 إلى تقديم ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتلاحظ اللجنة أنَّ الدولة الطرف واصلت الطعن في مقبولية البلاغ من دون توضيح سبب عدم تقديمها الحجج الجديدة ضمن ملاحظاتها المؤرَّخة 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بشأن مقبولية البلاغ. وعلاوة على ذلك، لم تُبْد الدولة الطرف تعليقات على الأسس الموضوعية، كما طلبت اللجنة ذلك في مناسبتين. وتأسف اللجنة لعدم تعاون الدولة الطرف بخصوص تقديم ملاحظاتها بشأن الشكوى قيد النظر. والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تحقِّق بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاك أحكام العهد التي تُنسب إليها وإلى من يمثِّلها، وأن توافي اللجنة بما تملك من معلومات بشأنها ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدِّد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أنَّ هذه القضية ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أنَّ الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قد أُبلغ بحالة الاختفاء هذه. بيْد أنها تذكِّر بأنَّ إجراءات أو آليات مجلس حقوق الإنسان الخارجة عن نطاق الاتفاقيات لا تندرج عموماً ضمن إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمعنى المقصود في المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري ( ) . وعليه، ترى اللجنة أنَّ دراسة الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قضيةَ توفيق جاو لا تجعل البلاغ غير مقبول استناداً إلى هذا الحكم.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة، وأنَّ الدولة الطرف تكتفي، في معرض الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بأنها دأبت على الإعراب عن قلقها من استمرار الدولة الطرف، على الرغم من طلباتها المتكررة، في الإحالة بصورة منهجية إلى وثيقة عامة نموذجية تُعرف باسم "مذكرة"، من دون الرد تحديداً على ادعاءات أصحاب البلاغات ( ) . وبناءً على ذلك، حثّت الدولةَ الطرف على أن تتعاون بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية بالكف عن الإحالة إلى "المذكرة" وتقديم رد محدَّد وفردي على ادعاءات أصحاب البلاغات.

7 - 4 وتذكِّر اللجنة بعدئذ بأنَّ واجب الدولة الطرف لا يقتصر على إجراء تحقيقات معمَّقة في ما تُبلَّغُ به سلطاتها من انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، لا سيما ما تعلّق منها بانتهاك الحق في الحياة، بل يشمل أيضاً ملاحقة كل شخص يُزعم ضلوعه في هذه الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وتلاحظ اللجنة في القضية قيد النظر أنَّ صاحب البلاغ وزوجة توفيق جاو قد نبَّها السلطات المختصة مراراً وتكراراً إلى اختفاء توفيق جاو القسري. وتحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف فتح تحقيق في القضية، ولكنها تلاحظ، من ناحية، أنَّ صاحب البلاغ يطعن في ذلك، ويدَّعي أنَّ أسرة توفيق جاو لم تُستدع قط في إطار أي تحقيق، وأنَّ الدولة الطرف، من ناحية أخرى، لا تدلي بأي وثائق تؤيِّد أقوالها بشأن مباشرة تحقيق في القضية. وحتى على افتراض صدور أمر بإجراء هذا التحقيق، تلاحظ اللجنة أنَّ الدولة الطرف لم تقدِّم أي دليل على بدء التحقيق أو سيره. وبالإضافة إلى ذلك، لم تقدِّم الدولة الطرف تفسيراً محدَّداً في ملاحظاتها بشأن قضية توفيق جاو يُمكن أن يُستنتج منه أن ثمة سبيل انتصاف فعالاً قد بات متاحاً، في حين أنَّ تطبيق الأمر رقم 06 - 01 ، الذي كان من آثاره تضييق نطاق تطبيق العهد، لا يزال مستمراً على الرغم من توصيات اللجنة بمواءمته مع العهد ( ) . وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أنْ لا شيء يمنعها من النظر في البلاغ وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

7 - 5 ويضاف إلى ذلك أنه بالنظر إلى أنَّ البلاغ قد يشكِّل إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات عندما يقدَّم بعد خمس سنوات من استنفاد صاحبه لسبل الانتصاف المحلية ( ) - حتى ولو لم تُثر الدولة الطرف هذا الأمر في القضية موضع النظر - ، تذكِّر اللجنة بالطابع المستمر للاختفاء القسري، مما يعني ضمناً أنَّ واجب إجراء تحقيق هو في حد ذاته مستمر، وهو ما انتفى في القضية قيد النظر بفعل الأمر رقم 06 - 01 وآثاره ( ) . وعليه، ترى اللجنة أنَّ هذا البلاغ لا يشكِّل إساءة استعمال للحقوق، في ظل ملابسات هذه القضية، ولا سيما بالنظر إلى أنَّ الأمر رقم 06 - 01 يجعل من المستحيل أي سبيل انتصاف لطلب إجراء تحقيق في اختفاء توفيق جاو.

7 - 6 وتلاحظ اللجنة أنَّ صاحب البلاغ يؤكِّد أنَّ الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 ، لأنَّ الدولة الطرف، باعتمادها الأمر رقم 06 - 01 ، تكون قد اتَّخذت تدبيراً تشريعيّاً يحرم من الآثار الفعلية للحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال من انتهاكات حقوق الإنسان، في انتهاك للمادة 2 ( 3 ) من العهد، وجرَّمت أيضاً أيَّ تعبير سلمي أو أية دعاية بشأن الوقائع المزعومة، في انتهاك لحقِّ صاحب البلاغ في حرية التعبير بموجب المادة 19 من العهد. وفي هذه القضية، ترى اللجنة أنَّ صاحب البلاغ لم يقدِّم معلومات كافية توضح كيف طُبِّق عليه الأمر رقم 06 - 01 فعلاً من منظور المادة 19 من العهد ( ) . وتشير اللجنة أيضاً إلى اجتهاداتها السابقة ( )  التي تفيد بأنه لا يجوز الاحتجاج بأحكام المادة 2 بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد في بلاغ مقدَّم بموجب البروتوكول الاختياري، ما لم يكن عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر لانتهاك منفصل للعهد يمس مباشرة بحقوق الشخص المدعي أنه ضحية. ولذلك، ترى اللجنة أنَّ صاحب البلاغ لم يدعم تلك الادعاءات بما يكفي من الأدلة، ومن ثم تعلن عدم قبولها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7 - 7 وتلاحظ اللجنة أنَّ صاحب البلاغ أثار أيضاً انتهاكاً منفصلاً للمادة 2 ( 3 ) من العهد فيما يتعلق بتوفيق جاو وبه أيضاً. وإذ تذكّر اللجنة باجتهاداتها التي رأت فيها أنَّ أحكام المادة 2 من العهد تضع التزامات عامة على عاتق الدول الأطراف، ولا تُعتبر، بمفردها، أساساً يمكن الاستناد إليه لتقديم ادعاء منفصل بموجب البروتوكول الاختياري، إذ لا يمكن الاحتجاج بها إلا مقترنة بمواد موضوعية أخرى من العهد ( ) ، فإنها تعتبر ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 2 ( 3 ) من العهد، المحتج بها بطريقة منفصلة، غير مقبول بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري ( ) .

7 - 8 بيْد أنَّ اللجنة ترى أنَّ صاحب البلاغ قدَّم ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاته لأغراض المقبولية، وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المقدَّمة بموجب المواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 و 23 ( 1 ) من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 )، فيما يتعلق بتوفيق جاو، والمادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) والمادة 23 ( 1 ) من العهد، فيما يتعلق بصاحب البلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتلاحظ اللجنة أنَّ الدولة الطرف اكتفت بالإحالة إلى ملاحظاتها الجماعية والعامة التي سبق أن قدَّمتها إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي وإلى اللجنة بخصوص بلاغات أخرى، وذلك من أجل تأكيد موقفها القائل بأنه سبقت تسوية مثل هذه القضايا في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها ( ) ، وتذكّر بأنه لا يجوز للدولة الطرف أن تتذرَّع بأحكام الميثاق المذكور ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدَّموا بلاغات إلى اللجنة أو يعتزمون تقديمها ( ) . ونظراً إلى أنَّ الدولة الطرف لم تُدخل التعديلات التي أوصت بها اللجنة، فإنَّ الأمر رقم 06-01 يسهم في الإفلات من العقاب في القضية قيد النظر، ولذلك لا يمكن اعتباره، بصيغته الحالية، متوافقاً مع أحكام العهد ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة أنَّ الدولة الطرف لم تردَّ على ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الأسس الموضوعية، وتذكِّر باجتهاداتها التي تفيد بأنَّ عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أنه لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على الأدلة وأنَّ الدولة الطرف هي التي تملك المعلومات اللازمة في معظم الأحيان ( ) . والدولة الطرف ملزمة، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تحقِّق بحسن نية في جميع الادعاءات التي تُنسب لها ولمن يمثِّلها بارتكاب انتهاكات لأحكام العهد، وبأن توافي اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) . فإن لم تقدِّم الدولة الطرف أيَّ توضيح في هذا الشأن، تَعَيَّن إيلاء ادعاءات صاحبي البلاغ ما يلزم من اهتمام ما دامت مدعومة بما يكفي من الأدلة.

8 - 4 وتذكّر اللجنة بأنه على الرغم من أنَّ مصطلح "الاختفاء القسري" لا يرِد صراحة في أي مادة من مواد العهد، فإنَّ الاختفاء القسري يشكِّل مجموعة فريدة ومتكاملة من أفعال تنتهك العديد من الحقوق المكرَّسة في هذا الصك انتهاكاً مستمراً، مثل الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه ( ) .

8 - 5 وتلاحظ اللجنة أنَّ أحد المعتقلين شاهد توفيق جاو آخر مرة في أيار/مايو 1998 عندما كان محتجزاً معه في ثكنة بلفيو . وتحيط علماً بأنَّ الدولة الطرف لم تقدِّم أيَّ دليل يمكِّن من تحديد مصير توفيق جاو ولم تؤكِّد قط احتجازه. وتذكِّر اللجنة بأنَّ سلب الشخص حريته ثم رفْضَ الاعتراف بذلك، أو رفْض الكشف عن مصير الشخص المختفي يعني، في حالات الاختفاء القسري، حرمان ذلك الشخص من حماية القانون وتعريض حياته لخطر مستمر وجسيم تُعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أنَّ الدولة الطرف لم تقدِّم أي معلومات من شأنها أن تثْبت أنها وفت بالتزامها بحماية حياة توفيق جاو. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أنَّ الدولة الطرف أخلَّت بالتزامها بحماية حياة توفيق جاو، وهو ما يشكّل انتهاكاً للمادة 6 ( 1 ) من العهد.

8 - 6 وتقر اللجنة بحجم المعاناة الناجمة عن الاحتجاز من دون اتصال بالعالم الخارجي لأجل غير مسمى. وتذكِّر بتعليقها العام رقم 20 ( 199 2 ) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي توصي فيه الدول الأطراف باتخاذ خطوات تحظر الاحتجاز مع منع الاتصال. وتلاحظ في هذه القضية أنَّ صاحب البلاغ، بعدما كان قد تلقَّى أنباء عن ابنه بعد مرور ثلاثة أشهر ثم سبعة أشهر على توقيف توفيق جاو، عندما أكَّد له أشخاص ألقي عليهم القبض واحتُجزوا في ثكنة بلفيو في قسنطينة أنَّ توفيق جاو محتجز في نفس المكان، لم يتلقَّ منذئذ أي معلومات، سواء كانت رسمية أم غير رسمية، عن مصيره أو مكان احتجازه، على الرغم من محاولاته الكثيرة لزيارة أماكن الاحتجاز التي ربما يكون محتجزاً فيها، وعلى الرغم من الطلبات العديدة المتتالية المقدَّمة إلى السلطات. وبناء على ذلك، ترجِّح اللجنة أن يكون توفيق جاو، الذي اختفى في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1997 ، لا يزال قيد الاحتجاز مع منع الاتصال لدى السلطات الجزائرية. وبالنظر إلى أنَّ الدولة الطرف لم تقدِّم أيَّ توضيحات بهذا الخصوص، ترى اللجنة أنَّ هذا الاختفاء يشكِّل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق توفيق جاو ( ) .

8 - 7 وفي ضوء ما تقدَّم، لن تنظر اللجنة، على حدة، في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد ( ) .

8 - 8 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أنَّ توفيق جاو اعتُقل تعسفاً من دون أمر قضائي ودون أن توجَّه إليه أي تهمة أو يمثل أمام سلطة قضائية يمكن أن يطعن لديها في قانونية احتجازه. وحيث إنَّ الدولة الطرف لم تقدِّم أيَّ معلومات في هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ ( ) . وعليه، تخلص اللجنة إلى انتهاك حقوق توفيق جاو بمقتضى المادة 9 من العهد ( ) .

8 - 9 وترى اللجنة أنَّ حرمان الشخص عمداً من حماية القانون يشكل إنكاراً لحقِّه في أن يُعترف له بالشخصية القانونية، ولا سيما في الحالات التي توضع فيها عراقيل بصورة منهجية أمام جهود أقاربه الرامية إلى ممارسة حقهم في الوصول إلى سبل انتصاف فعالة ( ) . وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أنَّ الدولة الطرف لم تقدِّم أيَّ توضيح بشأن مصير توفيق جاو ولا بشأن مكان وجوده، رغم المساعي التي بذلها أقاربه ورغم وجوده في عهدة سلطات الدولة الطرف آخر مرة شوهد فيها. وتخلص اللجنة إلى أنَّ اختفاء توفيق جاو قسراً منذ خمسة وعشرين عاماً حرمه من حماية القانون ومن حقِّه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، وهو ما يشكِّل انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

8 - 10 وتحيط اللجنة علماً بحالة القلق والكرب التي سبَّبها اختفاء توفيق جاو لصاحب البلاغ وأسرته منذ خمسة وعشرين عاماً. وترى في هذا الصدد أنَّ الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بمقتضى المادة 7 من العهد ( ) .

8 - 11 وفي ضوء ما تقدَّم، لن تنظر اللجنة بصورة مستقلة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 23 ( 1 ) من العهد ( ) .

8 - 12 ويحتج صاحب البلاغ أيضاً بالمادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، التي تُلزم الدول الأطراف بأن تضمن لجميع الأفراد سبل انتصاف ميسَّرة وفعالة وقابلة للإنفاذ من أجل إعمال الحقوق التي يكفلها العهد. وتُذكِّر اللجنة بأنها تولي الأهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر بتعليقها العام رقم 31 ( 200 4 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أنَّ تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك منفصل للعهد.

8 - 13 وفي هذه القضية، أَخطر صاحب البلاغ وزوجة توفيق جاو السلطات المختصة مراراً وتكراراً باختفاء هذا الأخير من دون أن تجري الدولة الطرف تحقيقاً في واقعة الاختفاء هذه، ومن دون إبلاغ صاحب البلاغ بمصير توفيق جاو. وعلاوة على ذلك، فإنَّ تعذُّر اللجوء قانوناً إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 ما فتئ يحرم توفيق جاو وصاحب البلاغ من أي فرصة للوصول إلى سبيل انتصاف فعال لأنَّ ذلك الأمر يحول دون لجوئهما إلى العدالة لاستجلاء ملابسات أشد الجرائم جسامة، مثل جريمة الاختفاء القسري ( ) . وتخلص اللجنة إلى أنَّ الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق توفيق جاو بمقتضى المادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، وحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد ( ) .

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أنَّ الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات من جانب الدولة الطرف لحقوق توفيق جاو بمقتضى المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ). وترى أيضاً انتهاك الدولة الطرف حقوقَ صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ).

10 - ووفقاً للمادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، فالدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وهذا الأمر يقتضي منها أن تتيح جبراً تاماً للضرر الذي لحق الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة في العهد. والدولة الطرف ملزمة بما يلي في القضية موضع النظر: (أ) إجراء تحقيق سريع وفعال وشامل ومستقل ونزيه وشفاف في اختفاء توفيق جاو، وتزويد صاحب البلاغ بمعلومات مفصَّلة عن نتائج هذا التحقيق؛ و(ب) الإفراج فوراً عن توفيق جاو إذا كان لا يزال محتجزاً مع منع الاتصال؛ و(ج) إعادة رفات توفيق جاو، في حال وفاته، إلى أسرته في ظروف تحفظ الكرامة، وفقاً للمعايير والتقاليد الثقافية للضحايا؛ و(د) ملاحقة المسؤولين عما اقتُرف من انتهاكات، ومحاكمتهم ومعاقبتهم بعقوبات تتناسب مع جسامة الانتهاكات؛ و(هـ) منح تعويض مناسب لصاحب البلاغ ولتوفيق جاو، إذا كان لا يزال على قيد الحياة، أو لأصحاب الحقوق من ذويه. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ تدابير تكفل منع تكرار مثل تلك الانتهاكات في المستقبل. ويتعين على الدولة الطرف أن تحرص على أن يمارس ضحايا الانتهاكات الجسيمة مثل التعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، حقَّهم في سبيل انتصاف فعال من دون عراقيل. وترى اللجنة في هذا الصدد أنه ينبغي أن تعيد الدولة الطرف النظر في تشريعاتها وفقاً للالتزام الواقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، وأن تلغي على وجه الخصوص أحكام الأمر رقم 06 - 01 التي تتنافى مع العهد، لكي يتسنى التمتع بالحقوق المكرَّسة في العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

11 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أنَّ الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك، فهي تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتَّخذتها لتنفيذ هذه الآراء. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.