الأمم المتحدة

CCPR/C/132/D/2996/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

7 June 2022

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2996/2017 * **

بلاغ مقدم من: خوسيه أنطونيو ساينث دي لا ماثا إي ديل كاستيو (يمثله دييغو فرنانديث فرنانديث )

الشخص المدع ى أنه ضحي ة : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 16 أيلول/سبتمبر 2015

تاريخ اعتماد الآراء : 21 تموز/يوليه 2021

الموضوع: الحق في المحاكمة وفق الأصول القانونية الواجبة وفي اللجوء إلى محكمة أعلى درجة

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وعرض المسألة سابقاً على إجراء آخر من إجراءات التسوية الدولية؛ وعدم إثبات الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية: الحق في مراجعة الحكم؛ والحق في المحاكمة وفق الأصول القانونية الواجبة؛ والحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة

مواد العهد: 14

مواد البروتوكول الاختياري: 2 ؛ و 3 ؛ و 5 ( 2 )(أ) و(ب)

1 - صاحب البلاغ هو خوسيه أنطونيو ساينث دي لا ماثا إي ديل كاستيو ، وهو مواطن إسباني وُلد في 27 تموز/يوليه 195 0 . ويدَّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 25 نيسان/أبريل 198 5 . ويمثل صاحبَ البلاغ المحامي دييغو فرنانديث فرنانديث .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 كان صاحب البلاغ يشغل منصب مدير الشركة التجارية "Obras y Casas S. A"، التي لم تقدم إقراراتها الضريبية للأعوام 1987 و 1988 و 1999 ، ولا إقرار ضريبة القيمة المضافة لعام 1988 ، مما كبَّد الخزانة العامة الإسبانية خسارة قدرها 356 639 928 بيسيط َ ا (حوالي 6 ملايين دولار من دولارات الولايات المتحدة ). ولذلك، قدّمت النيابة العامة شكوى ضد صاحب البلاغ باعتباره مدير الشركة خلال تلك الفترات، وكذلك ضد اثنين من شركائه، بدعوى ارتكاب عدة جرائم ضد الخزانة العامة، منصوص عليها في المادة 349 من قانون العقوبات الساري خلال فترة حدوث الوقائع.

2 - 2 وأدت تلك الشكوى إلى مباشرة إجراءات مستعجلة، وأُسندت مهمة التحقيق فيها إلى محكمة التحقيق رقم 43 في مدريد. وبمجرد إتمام جميع الإجراءات الأولية، قدمت النيابة العامة ومحامي الدولة لائحتي اتهام ضد صاحب البلاغ وشريكيْه، وأُسندت بالتالي مهمة المحاكمة إلى المحكمة الجنائية رقم 18 في مدريد.

2 - 3 وفي أواخر عام 2005 ، أصدرت المحكمة الجنائية رقم 18 في مدريد، بعد جلسة المحاكمة الشفوية، حكماً قضت فيه بتبرئة المتهمين، حيث رأت أنه لم يثبت بما فيه الكفاية العنصر الذاتي للجريمة، إذ لم تُتِح الأدلة إمكانية استنتاج أن المتهمين لم يكونوا مسيِّرين إداريين للشركة من الناحية القانونية فحسب، بل كذلك من الناحية الفعلية، وأنهم تصرفوا بالتالي بنية الاحتيال. واستأنف الطرفان المدعيان هذا القرار. وفي 11 أيار/مايو 2006 ، أعلنت الدائرة الأولى بالمحكمة العليا الإقليمية في مدريد أن الطعنين معلَّلان، بالنظر إلى التعليل المعيب لحكم البراءة، وأعلنت بالتالي بطلان الحكم وأعادت القضية إلى المحكمة الجنائية لتصدر قراراً جديداً بشأنها.

2 - 4 وأصدرت المحكمة الجنائية رقم 18 حكماً جديداً برأت فيه المتهمين مرة أخرى. وطعن الطرفان المدعيان في هذا القرار، وقضت المحكمة العليا الإقليمية في مدريد مرة أخرى، في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2009 ، ببطلان حكم البراءة على أساس تعليله المعيب، وطلبت إلى المحكمة الجنائية إصدار قرار جديد.

2 - 5 وفي 21 كانون الثاني/يناير 2011 ، أصدرت المحكمة الجنائية رقم 18 حكمها الثالث ببراءة صاحب البلاغ والمتهمين الآخرين. واستأنف الطرفان المدعيان هذا الحكم مرة أخرى أمام المحكمة العليا الإقليمية في مدريد، التي رأت أنه من الضروري عقد جلسة استماع للبت في الطعنيْن. واستند هذان الطعنان إلى ارتكاب المحكمة الابتدائية خطأ في تقييم الأدلة. ويُستنتج من تلك الأدلة، في رأي الطرفين المدعيين، أن صاحب البلاغ تصرف بوصفه مديراً للشركة وأنه كان على علم بعدم تقديم الإقرارات الضريبية موضوع الدعوى وسمح بذلك، حيث كان مديراً يتمتع بجميع الصلاحيات التي يخولها له مجلس الإدارة وكان بإمكانه تقديم هذه الإقرارات بنفسه.

2 - 6 وفي 30 نيسان/أبريل 2012 ، قبلت المحكمة العليا الإقليمية في مدريد الطعنيْن وأدانت صاحب البلاغ بارتكاب أربع جرائم ضد الخزانة العامة، مقترنة بالظرف المخف ِّ ف للغاية المتمثل في التأخير غير المبرر، وحكمت عليه، فيما يتعلق بكل جريمة، بعقوبة السَّجن الاعتيادي القصير الأجل مدة ستة أشهر ويوم واحد، وبغرامة مالية قدرها ثلاثة أضعاف المبلغ موضوع التحايل.

2 - 7 ويدعي صاحب البلاغ أن المحكمة غيَّرت في هذا الحكم رواية الوقائع المثبتة في حكم البراءة الصادر عن المحكمة الابتدائية، وأجرت كذلك تقييماً للأدلة المقدمة خلال المحاكمة الشفوية، لم يشمل الأدلة المستندية فحسب، بل كذلك الأدلة ذات الطابع الشخصي، ولم تستمع إلى طرفي الدعوى، حيث لم يجر، رغم عقد جلسة استماع جديدة، تقديم أي أدلة عدا توجيه أسئلة عامة إلى صاحب البلاغ بشأن الاعتراف بالأفعال المنسوبة إليه أو نفيها. وفي 29 أيار/مايو 2012 ، أُبلغ صاحب البلاغ بحكم الإدانة الذي لم يكن قابلاً للاستئناف ( ) .

2 - 8 وفي 20 حزيران/ يونيه 2012 ، قدم محامي صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا الإقليمية مذكرة أعلن فيها تنحيه عن الدفاع وطلب تعليق الأجل المحدد في 20 يوماً لتقديم الدعوى الاستثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات.

2 - 9 وفي 3 تموز/يوليه 2012 ، أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة العليا الإقليمية في مدريد قراراً قضت فيه، بعد الإشارة صراحة إلى طلب تعليق الأجل المحدد لتقديم دعوى بطلان الإجراءات، بضم هذا الطلب إلى الإجراءات وإحالته إلى القاضي المقرر.

2 - 10 وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ، ووفقاً للمادة 241 من القانون الأساسي للسلطة القضائية، قدم المحامي الجديد لصاحب البلاغ ، بالنيابة عنه ، دعوى استثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات، إزاء الحكم الصادر في 30 نيسان/أبريل 2012 عن المحكمة العليا الإقليمية في مدريد ( ) . وادعى أن ذلك القرار انتهك الحق في محاكمة تراعي جميع الضمانات الواجبة والحق في قرينة البراءة، المعترف بهما في المادة 24 من الدستور ( ) ، لأن محكمة الاستئناف أصدرت حكماً بالإدانة بعد إلغائها حكم البراءة الصادر ابتدائياً، باستنادها إلى تقييم أدلة شخصية لم تقدَّم أمامها ، ولأنها غيَّرت رواية الوقائع المثبتة. وفي 6 كانون الأول/ديسمبر 2012 ، رفضت هيئة الاستئناف بالدائرة الأولى في المحكمة العليا الإقليمية في مدريد تلك الدعوى، حيث أشارت إلى أن طلب إعلان بطلان الإجراءات ا ستند إلى وجود عيوب مزعومة في الشكل تسببت في الحرمان من الحق في الدفاع لم يُبلغ عنها خلال المحاكمة، وإلى أن الأجل المحدد لتقديم هذا الطلب هو 20 يوماً من تاريخ الإبلاغ بالحكم، وأن تغيير المحامي ليس مبرراً لإعادة الإجراءات من مرحلة معينة للأغراض المطلوبة.

2 - 11 وفي 5 شباط/فبراير 2013 ، قدم صاحب البلاغ دعوى الحماية القضائية الدستورية للطعن في القرار السابق، لأنه انتهك حقه في الحماية القضائية الفعلية، حيث قضت فيه المحكمة برفض دعوى بطلان الإجراءات على أساس تقديمها خارج الأجل القانوني، رغم تقديم طلب لتمديد هذا الأجل بسبب تغيير المحامي . وبالإضافة إلى ذلك، اعتبر صاحب البلاغ من قبيل الخطأ البيِّن أن يُطلب إليه الإبلاغ عن الانتهاك المزعوم خلال المحاكمة، لأن ذلك مسألة مستحيلة، بالنظر إلى أن الانتهاك وقع لاحقاً، أي أثناء صدور الحكم. كما رأى صاحب البلاغ أنه وقع انتهاك لمبادئ شفوية المحاكمة، وفورية الإجراءات، والمحاكمة الحضورية، والدفاع، لأن القرار المعني اتُّخذ من دون وجود أي أدلة جديدة. وفي 6 حزيران/ يونيه 2013 ، رفضت المحكمة الدستورية هذا الطعن على أساس أنه "لم يقع أي انتهاك صريح لحق أساسي قابل للحماية بموجب دعوى الحماية القضائية الدستورية".

2 - 12 وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2013 ، قدم صاحب البلاغ دعوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 18 أيلول/سبتمبر 2014 ، قضت هذه المحكمة، التي انعقدت بقاضٍ واحد، برفض الدعوى لعدم استيفائها شروط المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 من العهد، حيث أ صدر ت في حقه الدائرة الأولى بالمحكمة العليا الإقليمية في مدريد، استئنافياً، حكماً بالإدانة، لا ينص النظام القانوني على أي سبيل للطعن فيه. غير أن صاحب البلاغ قدَّم، عملاً بأحكام المادة 241 من القانون الأساسي للسلطة القضائية، دعوى استثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات، جرى رفضها. ويشتكي صاحب البلاغ من استنتاج المحكمة أن الدعوى قُدمت خارج الأجل القانوني من دون أن تأخذ في الاعتبار تنحي المحامي والطلب الصريح الذي قدمه لتعليق الأجل المحدد لتقديم هذه الدعوى إلى حين تعيين محام جديد حتى لا يُحرم صاحب البلاغ من حقه في الدفاع. ويدعي صاحب البلاغ أن رفض الدعوى الاستثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات "قرار تعسفي وغير معقول ينطوي على خطأ بيِّن"، وأن هذه الدعوى تشكل سبيل الانتصاف الإجرائي الوحيد والمحدود المتاح للطعن في حكم الإدانة المذكور.

3 - 2 ويدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك للحق الأساسي في المحاكمة الحضورية، والحق في تكافؤ وسائل الدفاع، والحق في قرينة البراءة، والحق في جلسة استماع علنية، وكل ذلك بسبب إدانته استئنافياً من دون تقديم أدلة. ولم تُعقد في حالته جلسة استماع علنية كاملة الأركان في مرحلة الاستئناف، حيث أعاد قاضي محكمة الاستئناف تقييم ومقارنة إفادات المتهمين، من دون أن تتاح لصاحب البلاغ إمكانية تقديم الأدلة اللازمة، إذ لم يتسن على الإطلاق الاستماع مرة أخرى إلى الشهود والخبراء. ويلتمس صاحب البلاغ بالتالي أن يُطلب إلى الدولة الطرف إعلان البطلان المطلق للقرارات الصادرة في حقه.

3 - 3 ويدعي صاحب البلاغ على وجه الخصوص أن الدولة الطرف، بعدم إتاحة إمكانية مراجعة حكم الإدانة الذي أصدرته في حقه الدائرة الأولى بالمحكمة العليا الإقليمية في مدريد، قد انتهكت حقه في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في العقوبة المفروضة عليه، وهو الحق المنصوص عليه في المادة 14 ( 5 ) من العهد. ويضيف صاحب البلاغ أنه لم تبت أي محكمة في المسألة المثارة، إذ لم تقبل المحكمة الدستورية أيضاً دعوى الحماية القضائية الدستورية بشأنها، مما أدى إلى انتهاك حقي ْ ه الأساسيي ْ ن في محاكمة عادلة وفي اللجوء إلى القضاء. وانتُهك بذلك الحق في التقاضي على درجتين في المسائل الجنائية، المنصوص عليه في المادة 14 ( 5 ) من العهد، وفقاً لاجتهادات اللجنة في هذا الصدد. ولم يكن بالإمكان الإبلاغ عن هذا الانتهاك من خلال سبل الانتصاف المحلية، لأن النظام القانوني لم يكن يعترف بهذا الحق لدى حدوث الوقائع، ولأن المحكمة الدستورية الإسبانية أصدرت قرارات شتى أرست هذا النهج ( ) .

طلب الدولة الطرف وثائق تكميلية

4 - تطلب الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 19 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، وثائق تكميلية بشأن استنفاد صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية. وتطلب الدولة الطرف نسخة من مذكرة الاعتراض على عقد جلسة استماع علنية إلى ا لمتهم أمام محكمة الاستئناف، ونسخة من طلب إعلان بطلان الإجراءات، الذي قدمه صاحب البلاغ ضد الحكم رقم 120 / 2012 الصادر في 30 نيسان/أبريل 2012 عن المحكمة العليا الإقليمية في مدريد، تتضمن تاريخ تقديم الطلب ومضمونه، وكذلك تاريخ تعيين محام جديد، لأن المحامي المتنحي قدَّم مذكرة تنحيه في 20 حزيران/يونيه 2012 ، أي أربعة أيام عمل قبل انقضاء الأجل المحدد لتقديم طلب إعلان بطلان الإجراءات ( 26 حزيران/يونيه 2012 ) ، ولأن المحكمة نظرت في هذه المذكرة في 3 تموز/يوليه 2012 (تسعة أيام عمل بعد تقديمها )، بعدما انقضى بالفعل الأجل المحدد لتقديم طلب إعلان بطلان الإجراءات.

رد صاحب البلاغ على طلب الدولة الطرف وثائق تكميلية

5 - 1 يدعي صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 29 حزيران/ يونيه 2018 ، أن طلب الدولة الطرف وثائق تكميلية غير مقبول، لأنها كانت طرفاً مدعياً في الإجراءات المباشَرة ضده، ويمكنها بالتالي الحصول على الوثائق المطلوبة. ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف تُطيل بلا داع الإجراء المعروض على اللجنة، حيث طلبت معلومات للطعن في مقبولية البلاغ عندما أوشك على الانقضاء الأجل المحدد لتقديم تعليقاتها على الأسس الموضوعية. ولذلك، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تواصل الإجراءات.

5 - 2 وعلاوة على ذلك، يرى صاحب البلاغ أن الوثائق التي طلبتها الدولة الطرف لا تمت بصلة للمسألة التي يثيرها في شكواه. ويدعي أن الاعتراض على عقد جلسة استماع أمام محكمة الاستئناف مسألة لا علاقة لها باستنفاد سبل الانتصاف المحلية. ويندرج الاعتراض على عقد جلسة الاستماع المعنية في إطار ممارسة الحق المشروع في الدفاع. واعترض صاحب البلاغ على عقد جلسة الاستماع أمام محكمة الاستئناف لأنه لا يمكن عقدها ، طبقاً ل أحكام التشريعات المنطبقة، وفق نفس شروط عقدها أمام المحكمة الابتدائية، ولأنه لن يتمتع بالضمانات اللازمة بالنظر إلى الوقت المنصرم منذ حدوث الوقائع موضوع التحقيق (أكثر من 20 سنة )، ولأنه توفي اثنان من المتهمين.

5 - 3 ويوضح صاحب البلاغ أنه، بعد عقد هذه الجلسة وبالنظر إلى ظروف عقدها وإلى القرار الصادر عن المحكمة العليا الإقليمية، قدَّم دعوى بطلان الإجراءات، ولاحقاً دعوى الحماية القضائية الدستورية، التي أشار فيها إلى أن الجلسة المذكورة لم تكفل له كمتهم الضمانات اللازمة، وإلى أن محكمة الاستئناف أدانته استناداً إلى تقييم أدلة ذات طابع شخصي لم تقدَّم أمامها ، وهو ما يشكل انتهاكاً واضحاً للحق في إقامة العدل على نحو سليم أو الحق في محاكمة عادلة أو منصفة. إن اعتراض صاحب البلاغ على عقد جلسة الاستماع، على أساس أن الطريقة التي كانت ستُعقد بها لا تستوفي الضمانات الواجبة قانوناً، وادعاءه لاحقاً أن طريقة عقدها لم تستوف فعلاً الشروط المطلوبة لكفالة حقوقه الأساسية، مسألتان لا يوجد بينهما أي تعارض، وإنما تندرجان في إطار الممارسة المشروعة للحق في الدفاع والإبلاغ عن الانتهاكات المحتمل وق و ع ها في كل مرحلة من مراحل الإجراءات المباشَرة ضده.

5 - 4 ويرى صاحب البلاغ أن ما ينبغي أخذه في الاعتبار لتحديد ما إذا استُنفدت سبل الانتصاف أم لا هو أن المحكمة الابتدائية برأته من الجرائم المنسوبة إليه في لائحتي الاتهام؛ وأن النيابة العامة ومحامي الدولة استأنفا هذا القرار؛ وأن المحكمة العليا الإقليمية أصدرت، في مرحلة الاستئناف، قراراً قضت فيه بإلغاء الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية وبإدانة صاحب البلاغ باعتباره مرتكب أربع جرائم ضد الخزانة العامة؛ وأنه طعن في هذا الحكم بتقديم الدعوى الاستثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات؛ وأن المحكمة العليا الإقليمية رفضت هذه الدعوى؛ وأنه قدم دعوى الحماية القضائية الدستورية إلى المحكمة الدستورية للطعن في قرارات المحكمة العليا الإقليمية. ويشير صاحب البلاغ إلى أن دعوى بطلان الإجراءات ودعوى الحماية القضائية الدستورية هما الآليتان الوحيدتان المنصوص عليهما في القانون الوطني للطعن في قرار من هذا القبيل. وفي كلتا الدعوييْن ، ادعى صاحب البلاغ أن الحكم صدر من دون فحص الأدلة ذات الطابع الشخصي المقدمة خلال المحاكمة الشفوية، واكتفت المحكمة بتحديد موعد جلسة استماع تمثل الغرض الوحيد منها في استدعاء المتهم ومنحه إمكانية الإدلاء بأقواله بشأن مسؤوليته عن الجرائم المنسوبة إليه، وهو ما لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال بديلاً لضرورة نظر الهيئة التي أصدرت الحكم في جميع الأدلة ذات الطابع الشخصي التي قُدمت خلال الجلسة العامة والتي قيمتها المحكمة الجنائية لتخلص إلى حكمها ببراءة صاحب البلاغ.

5 - 5 وبالإضافة إلى ذلك، يرى صاحب البلاغ أن تقديم نسخة من دعوى بطلان الإجراءات وتحديد تاريخ تعيين محام جديد مسألتان لا صلة لهما أيضاً بالقضية. ويكرر أن محاميه قدم، في 20 حزيران/ يونيه 2012 ، مذكرة يبلغ فيها المحكمة بتنحيه عن الدفاع عنه. وقدم هذه المذكرة قبل انقضاء الأجل القانوني المحدد في 20 يوماً لتقديم دعوى بطلان الإجراءات المشار إليها، الذي كان سينقضي في 27 حزيران/ يونيه 201 2 . وعلاوة على ذلك، طلب المحامي صراحة في المذكرة المشار إليها ما يلي: "بما أنني بصدد إعداد طلب إعلان بطلان الإجراءات وبطلان الحكم الصادر في الإجراءات المعنية، فإنني ألتمس، تفادياً لأي ضرر قد يلحق بالشخص المعني، تعليق الأجل المحدد لتقديم طلب بطلان الإجراءات إلى أن يُعيَّن محام جديد للدفاع عن مصالح [صاحب البلاغ]".

5 - 6 ويشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة لم تُصدر قط قراراً بشأن مذكرة التنحي التي قدمها محاميه ولا بشأن طلب تعليق الأجل المحدد لتقديم دعوى بطلان الإجراءات. وفي ظل هذه الملابسات، باشر صاحب البلاغ إجراءات تعيين محام جديد، رغم أن المحكمة لم تصدر أي قرار تطلب إليه فيه القيام بذلك. وبمجرد تعيين هذا المحامي، قدَّم مذكرة باسم صاحب البلاغ ضمَّنها "دعوى استثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات" إزاء الحكم الصادر عن المحكمة العليا الإقليمية في مدريد في 30 نيسان/أبريل 2012 ، خلال الأجل المحدد لتقديم هذه الدعوى.

5 - 7 ويرى صاحب البلاغ أنه لا يجوز رفض دعوى بطلان الإجراءات لاعتبارها مقدمة خارج الأجل المحدد إلاَّ إذا كانت المحكمة قد أصدرت قراراً تطلب فيه إلى المتهم تعيين محام جديد خلال أجل معين وتُضمنه حكمها بشأن طلب تعليق أجل تقديمها، مع الإشارة بوضوح إلى عدد الأيام المتبقية من ذلك الأجل، وما إذا جرى تجاوزه.

5 - 8 ويضيف صاحب البلاغ أن القرار نفسه الذي أصدرته المحكمة الدستورية بشأن دعوى الحماية القضائية الدستورية يُثبت أن هذه الدعوى لم تقدَّم خارج الأجل المحدد. والمسألة الأولى التي يجري تحليلها لدى البت في مقبولية دعوى الحماية القضائية الدستورية هي الأجل المحدد لتقديمه ا ؛ وبالتالي، فلو كانت دعوى بطلان الإجراءات المباشَرة قبل دعوى الحماية القضائية الدستورية قد قُدمت خارج الأجل المحدد، لصدر قرار بعدم مقبوليتها على أساس تقديمها خارج الأجل المحدد. غير أن المحكمة الدستورية الإسبانية أصدرت قراراً قضت فيه بعدم قبول دعوى الحماية القضائية الدستورية التي قدمها صاحب الشكوى "لعدم وقوع انتهاك واضح لأي حق من الحقوق الأساسية التي تحميها دعوى الحماية القضائية الدستورية". ويثبت هذا القرار استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة على النحو السليم، ولا تُعتبر بالتالي الوثائق التكميلية التي تشير إليها الدولة الطرف ضرورية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

6 - 1 في 7 كانون الثاني/يناير 2019 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، وادعت فيها أنه ينبغي إعلان عدم قبوله لعدم استنفاد صاحبه سبل الانتصاف المحلية بموجب المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية بخصوص ادعاءاته المتعلقة بانتهاك حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 من العهد في جانبها المتصل بالحق في أن تعيد محكمة جنائية أعلى درجة النظر في الحكم. ولم يدع صاحب البلاغ قط أمام المحاكم المحلية وقوع انتهاك لهذا الحق.

6 - 3 وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدَّع، لا في دعوى بطلان الإجراءات ولا في دعوى الحماية القضائية الدستورية، وقوع انتهاك للحق في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في حكم الإدانة الجنائي. كما لم يُثِر صاحب البلاغ هذه المسألة في اعتراضه على الاستئناف ولا خلال جلسة الاستماع أمام محكمة الاستئناف. ووفقاً لمضمون قرار المحكمة العليا الإقليمية الصادر في 6 كانون الأول/ديسمبر 2012 والقاضي برفض دعوى البطلان، ركز صاحب البلاغ في حججه على حرمانه من حقه في الدفاع لأن محكمة الاستئناف أدانته من دون وجود أي دليل على العنصر الذاتي للجريمة المالية واستندت إلى وثائق وتقارير يرى أنها لا تصلح لإثبات ذلك العنصر ولم تقيَّم على النحو السليم.

6 - 4 وفي دعوى الحماية القضائية الدستورية، ركز صاحب البلاغ على ادعاء أن عدم قبول دعوى البطلان لم يكن منطقياً فيما يتعلق بحساب الأجل المحدد لتقديمها، وعلى ضرورة إعادة النظر في الأدلة الشخصية التي قُدمت في المرحلة الابتدائية، وعلى انتهاك حقه في قرينة البراءة. وفي القرار المؤرخ 6 كانون الأول/ديسمبر 2012 ، أشارت المحكمة العليا الإقليمية، في إحالة ٍ إلى القرار المؤرخ 24 تموز / يوليه 2012 ، إلى أن هذا الانتهاك لم يُثَر خلال جلسة الاستماع ولم يجر النظر في أي دليل شخصي، لأن تقارير الخبراء أدلةٌ مستندية. وعلاوة على ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لا يحدد في مذكراته الأدلة التي أُسيء تقييمها.

6 - 5 أما بخصوص استنتاج صاحب البلاغ وقوع انتهاك للمادة 14 ، إذ كان ينبغي إعادة النظر في الأدلة الشخصية خلال جلسة الاستماع في مرحلة الاستئناف، فقد ادعى أنه لم يُثِر هذا الانتهاك آنذاك وأنه اعترض على عقد جلسة الاستماع على أساس أنه لا يمكن عقدها بنفس ضمانات المحاكمة الشفوية. وتدعي الدولة الطرف أن اجتهادات اللجنة واضحة في إشارتها إلى وجوب استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وأن شكوك صاحب البلاغ بخصوص فعالية سبل الانتصاف المحلية لا تعفيه من استنفادها. وترى الدولة الطرف أنه لا يُعتد كحجة برأي صاحب البلاغ أن إثارة ادعائه المتعلق بإعادة فحص الأدلة الشخصية خلال عقد جلسة الاستماع لن يكون لها أي أثر؛ وترى أنه كان عليه استنفاد سبل الانتصاف المحلية بغض النظر عن رأيه في جدواها.

6 - 6 كما تدعي الدولة الطرف أنه يجب إعلان عدم مقبولية البلاغ لعدم دعمه بالأدلة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. وترى الدولة الطرف أن اللجنة كانت واضحة في اجتهاداتها بشأن كيف ينبغي تفسير هذا السبب من أ س باب عدم المقبولية ( ) . وفيما يتعلق بانتهاك المادة 14 من العهد لعدم قبول دعوى بطلان الإجراءات، يشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة الدستورية ترى أنها قُدمت خلال الأجل المحدد. وبالإضافة إلى ذلك، ردَّت المحكمة العليا الإقليمية على جميع الحجج التي ساقها صاحب البلاغ بشأن الأسس الموضوعية بإشارتها إلى أنه كان عليه إثارة المسائل التي يحتج بها - إعادة النظر في الأدلة الشخصية - خلال جلسة الاستماع، وهو ما لم يفعله. وعلاوة على ذلك، اعترض صاحب البلاغ على عقد جلسة الاستماع وعلى تقديم أدلة شخصية خلالها؛ وخلافاً لذلك، اعتبر في دعوى بطلان الإجراءات وفي دعوى الحماية القضائية الدستورية إعادة تقديم هذه الأدلة مسألة ضرورية، وهذا موقف متناقض تماماً.

6 - 7 وبالإضافة إلى ذلك، عُقدت، بحضور صاحب البلاغ، جلسة الاستماع العلنية، حيث تمكن من الدفاع عن نفسه مباشرةً ومن خلال محاميه، وجرى تقييم الأدلة المستندية، وقدمت هيئة الادعاء وكذلك هيئة الدفاع حججهما بشأنها. وترى الدولة الطرف أنه استوفي رأي اللجنة الذي استشهد به صاحب البلاغ، أي ضرورة عقد جلسة استماع علنية في مرحلة الاستئناف بحضور المتهم ( ) .

6 - 8 وأخيراً، تشير الدولة الطرف إلى أن قراءة حكم المحكمة العليا الإقليمية في مدريد تبين أنه لا ينطوي على أي تفسير تعسفي ولا يشكل إنكاراً للعدالة، وإنما استند في تعليله إلى الشروط الصارمة للنظر في طلب الاستئناف: فحص الأدلة المستندية. وينضاف إلى ذلك أن صاحب البلاغ ينفي فقط أنه كان ملزماً بدفع الضريبة وأنه كانت لديه نوايا احتيالية، ولا يُنكر ارتكاب مخالفة ولا وجود مبالغ مالية غير مصرح بها، أثبتتها تقارير خبراء الخزانة العامة، وتستند كلتا المسألتين إلى أدلة مستندية وإلى أنه يمكن، وفقاً للاجتهادات القضائية، اعتبار المدير القانوني، كما المدير الفعلي، مسؤولاً فعلياً عن ارتكاب الجريمة المعنية .

6 - 9 وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة، كمسألة فرعية، أن ترفض البلاغ من حيث أسسه الموضوعية، لعدم وقوع أي انتهاك للمادة 14 من العهد. فلم يقدم صاحب البلاغ أي دليل للنظر فيه خلال جلسة الاستماع في مرحلة الاستئناف، ولا يمكن بالتالي استنتاج وقوع انتهاك للمادة 14 من العهد ( ) .

6 - 10 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، رغم إشارته في رسالته الأولى إلى أنه قدَّم إلى اللجنة مذكرة طلب بطلان الإجراءات كي تقيِّمها، لم يقدمها مع البلاغ ورفض تقديمها عندما طُلب إليه ذلك مرة أخرى.

6 - 11 وتشير الدولة الطرف، فيما يتعلق بجلسة الاستماع في مرحلة الاستئناف، إلى أن صاحب البلاغ اعترض على عقدها، على أساس أنه لن يكون من الممكن تقييم الأدلة الشخصية في هذه المرحلة. واستند صاحب البلاغ في اعتراضه إلى رأيه أنه ليس المرتكب َ الفعلي للجريمة وأنه لم تكن لديه نوايا احتيالية. وعُقدت جلسة الاستماع العلنية في مرحلة الاستئناف بحضور المدعى عليه، الذي مارس خلالها، منذ البداية حتى النهاية، حقه في الدفاع عن نفسه أمام المحكمة. وتلاحظ الدولة الطرف أنه، على نحو ما أشار إليه رئيس الجلسة في بدايتها، يعاد النظر خلال الاستئناف فقط في الأدلة المستندية، وليس في الأدلة الشخصية المقدمة خلال المحاكمة في المرحلة الابتدائية.

6 - 12 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن الحكم يشير، فيما يتعلق باعتراض صاحب البلاغ على عقد جلسة الاستماع العلنية، إلى أن الأمر يتعلق "بإجراء إلزامي وفقاً للسوابق القضائية" للمحكمة الدستورية. ولا يتضمن الحكم تقييماً جديداً للأدلة الشخصية وإنما للأدلة المستندية، لأن ما يُنكره صاحب البلاغ ليس ارتكاب فعل احتيالي (عدم تقديم الإقرارات الضريبية وبالتالي عدم دفع الدين الضريبي المستحق) بل اعتبارَه المرتكبَ الفعلي للجريمة بوصفه مديراً للشركة وتصرُّفَه بنية الاحتيال. ويتناول الحكم وضع صاحب البلاغ ، باعتباره المرتكب الفعلي للجريمة ، ونواياه الاحتيالية، ويقيِّم الأدلة المستندية المتعلقة بهذه المسألة. ويتناول الحكم بالتفصيل، في ثماني فقرات، الوثائق التي تثبت أن صاحب البلاغ ليس فقط مدير َ ا لشركة القانوني ، بل أيضاً مديرها الفعلي:

تثبت جميع هذه الوثائق أن المتهم تصرَّف، خلال معاملات مالية متعددة ومهمة، بوصفه مديراً للشركة وبالنيابة عنها، وينبغي بالتالي استنتاج أنه شارك في تطورها المالي ولا يُعقل أن يجهل مسؤولياته تجاه الخزانة العامة بالنظر إلى الكم الكبير من المعاملات التي شارك فيها، على نحو ما أُشير إليه. وباختصار، فإن تأكيد الهيئة القض ائ ي ة ، ضمنياً، عدم وجود أدلة كافية على أن المتهم تصرف كمدير أو ممثل للشركة، يتناقض مع العديد من الأدلة المستندية التي ترد في ملف القضية والتي لا يَذكرها الحكم. [.. .] ولا يتعارض أي من الأدلة الشخصية [.. .] مع الأدلة المستندية، حيث يتضح، من دون الخوض في تقييم تلك الأدلة، أن الحكم غير منطقي لعدم أخذه في الاعتبار الأدلة المستندية الوفيرة والشاملة التي سبقت الإشارة إليها.

6 - 13 وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يحاول أن يحاج في بلاغه بأن الحكم أعاد تقييم الأدلة الشخصية ، حيث قام بعملية "قص ولصق" مقاطع من هذا الحكم، وتجاهل الإشارة إلى أن جزءاً منها عبارة عن اقتباسات من أحكام أخرى سابقة، وكل ذلك، على ما يبدو، بقصد تقديم مضمون للحكم لا صلة له بالواقع.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

7 - 1 يدعي صاحب البلاغ، في ملاحظاته المؤرخة 19 أيار/مايو 2019 ، أن طلب الدولة الطرف إعلان عدم مقبولية البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية غير مقبول. ففيما يتعلق بانتهاك المادة 14 من العهد في جانبها المتصل بالحق في أن تعيد محكمة جنائية أعلى درجة النظر في حكم الإدانة الجنائية، لا يعترف النظام القانوني الإسباني بهذا الحق، رغم أن المادة 10 - 2 من الدستور الإسباني تنص على أنه "تُفسَّر القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية المعترف بها في الدستور وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات والاتفاقات الدولية التي صدقت عليها إسبانيا في هذا المجال"، وأن المادة 96 تنص على أنه "تصبح المعاهدات الدولية المبرمة بشكل سليم، بمجرد نشرها رسمياً في إسبانيا، جزءاً من النظام القانوني المحلي". ويشكل ذلك انتهاكاً واضحاً لمختلف القرارات التي أصدرتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا الصدد، لأن إسبانيا لم تتخذ التدابير المطلوبة، رغم إدانتها بسبب انتهاكها المادة 14 ( 5 ) من العهد ورغم تذكيرها بأنها ملزمة باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل ( ) .

7 - 2 وينضاف إلى كل ذلك تأكيد اللجنة مراراً في اجتهاداتها أن عبء الإثبات، وإن كان يقع بداية على عاتق صاحب البلاغ، الذي يجب عليه إثبات استنفاده أو محاولة استنفاده جميع سبل الانتصاف المحلية الملائمة، يقع في حالة عدم توافر أحد هذه السبل، كما هو الشأن في هذه القضية، على عاتق الدولة الطرف، التي يجب عليها تقديم أدلة على أنه لا تزال ثمة سبل انتصاف محلية متاحة وفعالة. ويكرر صاحب البلاغ أنه لم يتسن الإبلاغ عبر سبل الانتصاف المحلية عن انتهاك المادة 14 ( 5 ) من العهد، لأن النظام القانوني لا يعترف بالحق المنصوص عليه في هذه المادة، ولأن المحكمة الدستورية الإسبانية أصدرت قرارات شتى أرست هذا النهج. وإزاء هذه الادعاءات، كان على الدولة الطرف أن تثبت وجود سبيل انتصاف محلي متاح وفعال في النظام القانوني الإسباني، يُفضي إلى الاعتراف بوقوع انتهاك لأحكام المادة 14 ( 5 ) من العهد، وهو ما لم تفعله.

7 - 3 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 14 من العهد، لأنه كان ينبغي إعادة النظر في الأدلة الشخصية خلال جلسة الاستماع في مرحلة الاستئناف، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لعدم إبلاغه عن هذا الانتهاك خلال جلسة الاستماع. وفي هذا الصدد، يكرر صاحب البلاغ أنه، على نحو ما أشار إليه رئيس الجلسة في بدايتها، يُعاد النظر خلال الاستئناف فقط في الأدلة المستندية، وليس في الأدلة الشخصية المقدمة خلال المحاكمة في المرحلة الابتدائية. وبالنظر إلى هذا التوضيح، المدلى به في بداية جلسة الاستماع، لم يكن بإمكان المحامي الذي كان يد ا فع عن صاحب البلاغ إبداء أي رأي بشأن تقييم المحكمة ا لأدلة ذات الطابع الشخصي، فبالأحرى طلب فحص أي دليل من هذا القبيل. ولم يتسن لصاحب البلاغ، إلا بعد صدور قرار الحكم والتحقق من تقييم الأدلة الشخصية في هذا القرار، استخدام الآلية الوحيدة المنصوص عليها في القانون المحلي للطعن، وإن بشكل محدود للغاية، في قرار ال إدانة ال صادر عن محكمة الاستئناف، حيث قدم دعوى استثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات، رُفضت بشكل غير مبرر.

7 - 4 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يكن لدى دفاعه أدنى شك في استحالة أن تفحص محكمة الاستئناف الأدلة ذاتها المقدمة إلى المحكمة الابتدائية. ويُعزى ذلك إلى أن المادة 790 من قانون الإجراءات الجنائية، المتعلقة بالطعن في الحكم الصادر في إطار إجراءات مستعجلة، تنص في صيغتها السارية وقت حدوث الوقائع على ما يلي: لا تنص التشريعات المنطبقة في القانون المحلي للدولة الطرف بأي حال من الأحوال على إمكانية فحص محكمة الاستئناف الأدلة التي قُدمت إلى المحكمة الابتدائية؛ وتنص فقط على إمكانية طلب فحص الأدلة التي لم يتسن تقديمها إلى المحكمة الابتدائية، والأدلة المقدمة التي ر ُ فضت بلا مبرر، وتلك التي جرى قبولها ولم يُنظر فيها لأسباب لا تعزى إلى مقدمها. ولا ينبغي، بأي حال من الأحوال، إغفال أن الجهة التي كان عليها طلب تقديم أدلة شخصية أمام محكمة الاستئناف ليست هي هيئة الدفاع، بل هيئة الادعاء التي كانت تسعى إلى إدانة المتهم الذي جرت تبرئته. وعلى أية حال، كان على الدولة الطرف إثبات أن النظام القانوني الإسباني يتيح إمكانية تقديم جميع الأدلة مرة أخرى أمام المحكمة العليا الإقليمية، وأنه كان من الممكن قبول طلب إعادة النظر فيها لو قُدم من خلال أحد سبل الانتصاف المتاحة أمام المحاكم الوطنية.

7 - 5 ويدعي صاحب البلاغ أن رأي المحكمة الدستورية أن دعوى بطلان الإجراءات قُدمت خلال الأجل المحدد لا يجبر الضرر اللاحق به بسبب انتهاك حقوقه، لأن ذلك لا يعني أن الهيئة المختصة (المحكمة العليا الإقليمية) قبلت هذه الدعوى وأنها أصدرت قراراً معللاً وقائماً على أسس سليمة على النحو المنصوص عليه في القانون. ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، اعتبار القرار الذي أصدرته المحكمة الإقليمية والذي قضت فيه برفض دعوى البطلان، وإن كان يتضمن إشارات موجزة إلى المسائل المثارة في هذه الدعوى، قراراً معللاً وقائماً على أسس قانونية سليمة، ليس فقط لأن التوضيحات المقدمة فيه غير كافية بشكل واضح، بل لأنه لا يراعي ال إجراء ات المنصوص عليه ا في القانون الأساسي للسلطة القضائية لتقديم دعوى بطلان الإجراءات .

7 - 6 ويدعي صاحب البلاغ أنه، وفقاً لأحكام المادة 90 من النظام الداخلي للجنة، يجوز للأمين العام أن يطلب إلى صاحب بلاغ ما، وليس إلى الدولة الطرف، تقديم توضيحات أو معلومات إضافية بشأن مسائل معينة. ولكن صاحب البلاغ يُرفق رسالته بالوثائق ذات الصلة، لتمكين اللجنة من التحقق من أنه لم يكن ينوي قط إخفاء أي معلومات ( ) .

7 - 7 ويشدد صاحب البلاغ على ضرورة أن يؤخذ في الاعتبار بشكل خاص أن القرارات التي شكلت موضوع شكواه قضت بإدانته استئنافياً بعدما برأته المحكمة الابتدائية. ويرى صاحب البلاغ أن إطالة إجراءات هذه القضية بلا داعٍ، بطلب تمديد مهلة تقديم الملاحظات بشأن "المقبولية" بعد انقضاء الأجل المحدد في شهرين المنصوص عليه لهذا الغرض في المادة 97 ، وبالتمديد غير المبرر للأجل الذي يحدده النظام الداخلي في ستة أشهر، يُلحق به ضرراً بالغاً، لأنه، حتى لو خلصت اللجنة إلى وقوع الانتهاك المبلغ عنه، ستكون قد انقضت بالكامل مدة عقوبة السجن غير القانونية التي حكمت بها عليه المحاكم المحلية.

7 - 8 ويرفض صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف أن الحكم لا يقيم الأدلة الشخصية وإنما الأدلة المستندية. فرغم تأكيد دائرة الاستئناف أنه لم يجر تقييم سوى هذا النوع من الأدلة، فإن أجزاء الحكم المستنسخة أدناه تبين عكس ذلك:

لا يتناقض مع الأدلة المستندية أي من الأدلة الشخصية (الإفادات التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق المتوفى السيد إ.، والشهود، والمتهم نفسه، والمتوفى س. خ.، عضو مجلس إدارة الشركة )، حيث يتضح، من دون الخوض في تقييم تلك الأدلة، أن الحكم غير منطقي لعدم أخذه في الاعتبار الأدلة المستندية الوفيرة والشاملة التي سبقت الإشارة إليها. وتمثل موضوع لائحة الاتهام في السلوك المتسم بالتقصير [.. . ].

ويرى صاحب البلاغ أن ادعاء الدولة الطرف عدم تعارض أي من الأدلة الشخصية مع الأدلة المستندية يدل بالفعل على أنه جرى تقييم تلك الأدلة، ولو بغرض تجريدها من أي قيمة إثباتية، ويدل على ذلك أيضاً إعطاء الأولوية لوثائق معينة، واتخاذ قرار بعدم إيلاء أي أهمية لإفادات المتهمين أنفسهم والشهود. وفي هذه القضية، رأى قاضي المحكمة الابتدائية، بعد فحص الأدلة، أن إفادات الشهود تفوق الأدلةَ المستندية من حيث القيمة. وي ر ى صاحب البلاغ أنه لا يمكن إغفال أنه من المعتاد ألا تتوافق مع الواقع بعض المعلومات المسجلة رسمياً في وثائق معينة. وقد أخذت المحكمة الابتدائية ذلك في الاعتبار، حيث رأت، بعد فحص الأدلة، أنه من الملائم اعتبار إفادات الشهود والمتهمين أكثر مصداقية مما يرد في بعض الوثائق. ويشير صاحب البلاغ إلى أن التقارير المشار إليها ليست مجرد أدلة مستندية، حيث تحققت منها المحكمة الابتدائية خلال جلسة الاستماع الشفوية، واس ت جوبت معدِّيها، وقيمت إفاداتهم، ويدل بالتالي أخذ دائرة الاستئناف هذه التقارير في الاعتبار أيضاً على أنه جرى تقييم الأدلة ذات الطابع الشخصي، من دون الاستماع إلى مقدميها.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم دعوى بشأن الوقائع ذاتها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتُذكر بأن إسبانيا، لدى تصديقها على البروتوكول الاختياري، أبدت تحفظاً تستثني فيه من اختصاص اللجنة المسائل التي جرى أو يجري النظر فيها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. بيد أن اللجنة تحيط علماً برفض المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي انعقدت بقاضٍ واحد، هذه الدعوى في 18 أيلول/سبتمبر 2014 ، لعدم استيفائها شروط المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، من دون تحديد سبب عدم المقبولية. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية تشير ببساطة في قرارها إلى أن الدعوى لا تستوفي شروط المقبولية، ولا تقدم مزيداً من التوضيح في هذا الصدد ( ) . وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد ما يمنع قبول هذا البلاغ بموجب المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 3 كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لحقه في التقاضي على درجتين بعدم منحه إمكانية الاحتجاج بهذا الحق لا أمام المحكمة العليا الإقليمية في مدريد من خلال الدعوى الاستثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات ولا أمام المحكمة الدستورية من خلال دعوى الحماية القضائية الدستورية. وتذكر اللجنة باجتهاداتها التي مفادها أنه لا ينبغي استنفاد سوى سبل الانتصاف التي يوجد احتمال معقول بأن تتكلل بالنجاح ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أنه، وفقاً للمادة 241 ( 1 ) من القانون الأساسي للسلطة القضائية:

لا تُقبل عموماً دعاوى بطلان الإجراءات. غير أنه يجوز، استثنائياً، لمن لهم أو كان ينبغي أن تكون لهم صفة الطرف الشرعي أن يطلبوا كتابة إعلان بطلان الإجراءات على أساس أي انتهاك لحق من الحقوق الأساسية الواردة في المادة 53 - 2 من الدستور، ما لم تُتَح إمكانية الإبلاغ عن هذا الانتهاك قبل صدور القرار النهائي في القضية وما لم يكن هذا القرار قابلاً للطعن من خلال الإجراءات العادية أو الاستثنائية".

وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه، وفقاً للمادة 241 ( 2 ) من هذا القانون، "في حالة قبول دعوى البطلان، تُعاد الإجراءات من المرحلة السابقة مباشرة ل تلك التي وقع فيها ا لعيب الذي دفع إلى تقديم هذه الدعوى، ويُتبع الإجراء المنصوص عليه قانوناً لهذا الغرض ". وتحيط اللجنة علماً بالطابع الاستثنائي والمحدود لدعوى بطلان الإجراءات، وترى أيضاً أن هذا السبيل من سبل الانتصاف ما كان ليتيح إمكانية مراجعة محكمة أعلى درجة ا لحكم الصادر عن ال محكمة العليا الإقليمية في مدريد. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن القانون الوطني وموقف المحكمة الدستورية الثابت - الذي أعادت تأكيده في قرارات رفض دعاوى الحماية القضائية الدستورية - كانا، على حد سواء، واضحين فيما يتعلق بعدم إعادة النظر في أحكام الإدانة الصادرة عن محكمة الاستئناف. ولذلك، لم يكن ثمة أي احتمال بأن تتكلل بالنجا ح لا دعوى بطلان الإجراءات ولا دعوى الحماية القضائية الدستورية، وهما بالتالي سبيلَا انتصاف غير فعالين في ظل ملابسات هذه القضية ( ) . وبناء عليه، ترى اللجنة أن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت فيما يتعلق بالادعاءات في إطار المادة 14 ( 5 ).

8 - 4 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة الأخرى للمادة 14 ، لأنه لم يُثر خلال جلسة الاستماع المعقودة في مرحلة الاستئناف أمام المحكمة العليا الإقليمية مسألة ضرورة إ ع ادة تقديم الأدلة الشخصية، وأنه كان عليه استنفاد سبل الانتصاف المحلية بغض النظر عن رأيه في جدواها. كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن دعوى البطلان قُدمت خارج الأجل المحدد. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ أنه لم يتسن له، إلا بعد صدور حكم المحكمة العليا الإقليمية، التحقق من أنه جرى تقييم الأدلة الشخصية، وأنه قدَّم حينها الدعوى الاستثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات. وتلاحظ اللجنة أنه لم يُتَح لصاحب البلاغ سوى هذا السبيل من سبل الانتصاف، وهو الوحيد المنصوص عليه في النظام المحلي، للطعن، بشكل محدود للغاية، في قرار الإدانة الصادر عن محكمة الاستئناف. وترى اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تبين كيف كان بإمكان صاحب البلاغ إثارة الانتهاكات المزعومة للمادة 14 خلال المحاكمة الشفوية واحتمالات أن يتكلل ذلك بالنجاح. كما لم توضح الدولة الطرف إلى أي حد كان من شأن تقديم دعوى بطلان الإجراءات في الوقت المناسب ، في ظل الملابسات الخاصة لهذه القضية، أن يشكل سبيل انتصاف فعالاً لحماية الحقوق المحتج بها أمام اللجنة. وبالتالي، ترى اللجنة أن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت فيما يتعلق بالادعاءات الأخرى في إطار المادة 14 من العهد.

8 - 5 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة ادعاءاته بشأن الانتهاكات الأخرى للمادة 14 فيما يتعلق بإدانته من قبل المحكمة العليا الإقليمية في مدريد، على نحو ما تقتضيه المادة 3 من البروتوكول الاختياري، وأنه يُستنتج من قراءة حكم هذه المحكمة الصادر في 30 نيسان/أبريل 2012 أنه لا ينطوي على أي تفسير تعسفي ولا يشكل إنكاراً للعدالة، وإنما استند في تعليله إلى الشروط الصارمة للنظر في طلب الاستئناف. وتُذكّر اللجنة بأن مسألة تقييم الوقائع والأدلة، وفقاً لاجتهاداتها الراسخة، تندرج من حيث المبدأ ضمن اختصاص المحاكم الوطنية، ما لم يكن هذا التقييم تعسفياً بشكل واضح أو بمثابة إنكار للعدالة ( ) . وترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها الطرفان طوال الإجراءات لا تسمح باستنتاج أن المحاكم الوطنية تصرفت بشكل تعسفي لدى تقييم الأدلة أو تفسير التشريعات الوطنية، ولا يحق للجنة بالتالي التدخل في هذا الصدد بعدما تحققت من تفاصيل الأسس التي استندت إليها هذه المحاكم ومن اتساق الحجج التي ساقتها ( ) . وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة ادعاءاته بشأن الانتهاكات الأخرى للمادة 14 وتعلن عدم مقبوليتها بموجب المادة 3 من العهد.

8 - 6 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعم بما يكفي من الأدلة ادعاءاته في إطار المادة 14 ( 5 )، وأن هذه الادعاءات تستوفي الشروط الأخرى للمقبولية، وتشرع في النظر فيها من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لأحكام المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 ويدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك لحقه المكفول بموجب المادة 14 ( 5 ) من العهد في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في العقوبة الصادرة في حقه، لعدم وجود آلية فعالة تتيح له إمكانية استئناف حكم الإدانة الصادر في حقه في 30 نيسان/أبريل 2012 عن الدائرة الأولى بالمحكمة العليا الإقليمية في مدريد، وإمكانية طلب أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في حكم الإدانة والعقوبة المقررة. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا القرار غير قابل للاستئناف وأنه لا يوجد في الدولة الطرف أي سبيل انتصاف فعال لطلب إعادة النظر في حكم الإدانة الصادر عن محكمة الاستئناف، في ظل ملابسات قضيته. ويدعي أن الدعوى الاستثنائية لطلب إعلان بطلان الإجراءات محدودة الفعالية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم توضح كيف كان من شأن هذه الدعوى، حتى لو قُدمت في الوقت المناسب، أن تتيح إمكانية إعادة محكمة أخرى أعلى درجة النظر في الحكم الصادر في حق صاحب البلاغ.

9 - 3 وتذكر اللجنة بأن المادة 14 ( 5 ) من العهد تنص على أن لكل شخص أدين ب ارتكاب جريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى كي تعيد النظر في قرار إدانته وف ي العقوبة الصادرة في حقه. ولا تُنتهك هذه المادة إذا اعتُبر قرار المحكمة الابتدائية نهائياً فحسب، بل أيضاً إذا لم يكن بالإمكان اللجوء إلى محكمة أعلى لإعادة النظر في إدانة صادرة عن محكمة استئناف أو محكمة عليا عقب حكم بالبراءة صادر عن محكمة أدنى ( ) . وتُذكر اللجنة بأن عبارة "وفقاً للقانون" لا يُقصد بها أن وجود الحق في المراجعة في حد ذاته مسألة متروكة للسلطة التقديرية للدول الأطراف. وعلى سبيل المثال، وحتى لو كانت تشريعات دولة طرف تنص، في حالات معينة، على محاكمة شخص ما، بحكم منصبه، أمام محكمة أعلى درجة من تلك التي تنظر عادةً في القضايا المماثلة، فلا يجوز أن يمس ذلك في حد ذاته بحق المتهم في أن تراجع محكمة أعلى قرار إدانته وعقوبته ( ) .

9 - 4 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أنه لم يُتَح لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعال لطلب أن تراجع محكمة أعلى درجةً حكمَ الإدانة والعقوبةَ الصادرين في حقه في مرحلة الاستئناف. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14 ( 5 ) من العهد ( ) .

9 - 5 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أصدرت في عام 2015 ، أي بعد حدوث وقائع هذا البلاغ، قانوناً جديداً ينص على جواز استئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم العليا الإقليمية أمام الدوائر الجنائية في محاكم العدل العليا الموجود ة في ال إقليم المعني ( ) . وترى اللجنة أن هذا القانون يمكن أن يمنع حدوث انتهاكات مماثلة لتلك الواردة في هذا البلاغ، لأنه يتيح للسلطات القضائية بمحكمة أعلى درجة إمكانية إعادة النظر في حكم الإدانة والعقوبة المفروضة، ويوفر بالتالي سبيل انتصاف فعالاً.

10 - وترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، أن الوقائع المعروضة عليها تُبين بالفعل وقوع انتهاك للمادة 14 ( 5 ) من العهد.

11 - ووفقاً للمادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك تقديمَ تعويض كامل للأشخاص الذين انتُهِكت حقوقهم. وبالتالي، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن توفر لصاحب البلاغ سبيلاً مناسباً لجبر الضرر، يشمل سبيل انتصاف يتيح إمكانية أن تعيد محكمة أعلى د ر جة النظر في حكم الإدانة والعقوبة الصادرين في حقه. كما يجب على الدولة الطرف أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات ولكفالة الوفاء التام بالالتزامات التي تفرضها المادة 14 ( 5 ) من العهد.

12 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ قانونياً في حالة ثبوت وقوع انتهاك ما، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ هذه الآراء. وتطلب اللجنة إلى الد و لة الطرف أيضاً أن ت ن شر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع.