الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/2848/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

5 December 2022

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2848/2016 * ** ***

بلاغ مقدم من: لاريسا شيرياكوفا (يمثلها المحامي ليونيد سودالنكو )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 7 كانون الأول/ديسمبر 2015 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 7 تموز/يوليه 2022

الموضوع: حرية نقل المعلومات؛ وفرض غرامة بسبب إنتاج وتوزيع مواد إعلامية بصورة غير قانونية

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ ومستوى دعم الادعاء بالأدلة

المسائل الموضوعية: المحاكمة العادلة؛ وحرية التعبير

مواد العهد: 14(3)(ب) و(د )، و19 مقروءتان بالاقتران مع المادة 2( 2) و(3)(ب)

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و5(2)(ب)

1- صاحبة البلاغ هي السيدة لاريسا شيرياكوفا ، وهي مواطنة بيلاروسية وُلدت عام 197 3. وتدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 19 مقروءة بالاقتران مع المادة 2( 2) و(3)(ب) والمادة 14(3)(ب) و(د) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 199 2. ويمثل صاحبَة البلاغ محام.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 صاحبة البلاغ صحفية بيلاروسية مستقلة ( ) ، وعضوة في رابطة الصحفيين البيلاروسية المسجلة رسمياً، ونائبة رئيس فرع الرابطة في غوميل . وتقوم صاحبة البلاغ بجمع المعلومات في بيلاروس ونشرها على شبكة الإنترنت. وفي 13 كانون الثاني/يناير 2015، حملت كاميرا وأجرت مقابلات مع الباعة في السوق المركزية في غوميل . وبعد ذلك، نشرت تقريرها على شبكة الإنترنت، وبثته القناة الفضائية البولندية ‘ بيلسات ‘ في وقت لاحق ( ) .

2-2 وفي 4 آذار/مارس 2015، وعقب بث القناة البولندية للتقرير، وجه أفراد شرطة من المقاطعة الوسطى في غوميل تهماً إدارية ضد صاحبة البلاغ وقدموا بروتوكولاً إدارياً إلى محكمة المقاطعة الوسطى بالمدينة، مدعين أنها أنتجت مادة إعلامية ووزعتها بصورة غير قانونية تنتهك المادة 22-9( 2) (بشأن الإنتاج والتوزيع غير القانونيين لمواد لوسائط الإعلام الجماهيرية) من قانون المخالفات الإدارية في بيلاروس.

2-3 وفي 12 آذار/مارس 2015، فُرضت غرامة على صاحبة البلاغ قدرها 3,6 ملايين روبل بيلاروسي ( ) . واستند استدلال المحكمة إلى المادتين 1 و17 من قانون وسائط الإعلام الجماهيرية، اللتين تحظران النشر غير القانوني لمواد إعلامية ينبغي أن تدرج في سجل الدولة المخصص لذلك.

2-4 وفي 17 آذار/مارس 2015، قدمت صاحبة البلاغ طعناً إلى محكمة غوميل الإقليمية تطلب فيه إلغاء قرار محكمة المقاطعة الوسطى بشأن التهم الموجهة إليها والغرامة المفروضة عليها. وبالإضافة إلى ذلك، اشتكت من أن المحكمة لم تسمح لأحد أعضاء رابطة الصحفيين البيلاروسيين بتمثيلها بصفته مستشارها القانوني في القضية. وفي 17 نيسان/أبريل 2015، رفضت محكمة غوميل الإقليمية الطعن، وأيدت قرار المحكمة الأدنى درجة وذكرت أن الحق في أن يمثلها عضو زميل في الرابطة غير مدعوم بأدلة قانونية. وفي 4 أيلول/سبتمبر 2015، طعنت صاحبة البلاغ في الحكم أمام رئيس محكمة غوميل الإقليمية، فلم يجد أسباباً كافية لإلغاء قراري المحكمتين الدنيين ورفض الطعن في 7 تشرين الأول/أكتوبر 201 5.

2-5 وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2015، قدمت صاحبة البلاغ شكوى إلى رئيس المحكمة العليا في بيلاروس تطلب فيها إجراء مراجعة قضائية رقابية، ولكن القاضي أيد قراري المحكمتين الدنيين في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 201 5. وبالإضافة إلى ذلك، حاولت صاحبة البلاغ تقديم شكوى إلى مكتب المدعي العام، ولكنه رفض الشكوى في 2 كانون الأول/ديسمبر 2015، مشيراً إلى أن الادعاءات المتعلقة بقرارات المحاكم قد أعيد النظر فيها في غضون ستة أشهر من دخول قرار المحكمة الابتدائية حيز النفاذ.

2-6 وتلاحظ صاحبة البلاغ أيضاً أن التشريع الإجرائي الوطني الحالي لا يسمح للمواطنين البيلاروسيين بتقديم شكاوى مباشرة إلى المحكمة الدستورية لبيلاروس. وبالتالي، تدفع صاحبة الشكوى أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاكات بيلاروس لحقوقها بموجب المادة 19 مقروءة بالاقتران مع المادة 2( 2) و(3)(ب )، والمادة 14(3)(ب) و(د) من العهد.

3-2 وتدعي أن بيلاروس انتهكت حقوقها المنصوص عليها في المادة 19 مقروءة بالاقتران مع المادة 2( 2) و(3)(ب) من العهد، نظراً لأن تصويرها لمقاطع الفيديو ونشرها، إنما يدخل في ممارستها حقها في الحصول على المعلومات ونقلها، من دون المساس بالنظام العام، أو المصلحة العامة، أو الصحة العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم.

3-3 وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أنه لم يسمح لها بأن يمثلها محام من اختيارها ولم تُمنح الوقت الكافي لإعداد دفاعها، مما يشكل انتهاكاً لحقوقها بموجب المادة 14(3)(ب) و(د) من العهد.

3-4 وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بأن تجعل أحكام قانون وسائط الإعلام الجماهيرية متوائمة مع التزاماتها الدولية بموجب العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 6 كانون الثاني/يناير 2017، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، وأشارت إلى أن صاحبة البلاغ لم تقدم طعونها في غضون الإطار الزمني المطلوب للنظر فيها. وتلاحظ الدولة الطرف أن حق صاحبة البلاغ في الطعن في الغرامة الإدارية أمام مكتب المدعي العام قد فات أجله في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ( ) . وتجادل الدولة الطرف بأن ذلك يحول دون التماس المراجعة القضائية الرقابية الذي قدمته إلى مكتب المدعي العام لإقليم غوميل في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، ويمنع في الوقت الحالي إمكانية تقديم المزيد من الطعون إلى مكتب المدعي العام. وعلاوة على ذلك، لا يجوز لصاحبة البلاغ أن تدعي استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأنها لم تستأنف أمام رئيس المحكمة العليا لإعادة النظر في القرار القضائي الصادر ضدها ( ) .

4-2 وفيما يتعلق بقانون وسائط الإعلام الجماهيرية، تدفع الدولة الطرف بأن التدابير التقييدية لا تتعارض مع العهد. وتشدد الدولة الطرف على أن المادة 19( 3) من العهد تسمح صراحة بفرض قيود على الحق في حرية التعبير بغرض احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ ولحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وفيما يتعلق باختيار صاحبة البلاغ لمحام، تؤكد الدولة الطرف أن المادة 4-5 من قانون المخالفات الإدارية لا تقيّد إمكانية اختيار الشخص لمحاميه، على النحو الذي تحميه المادة 14(3)(ب) و(د) من العهد.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 15 أيار/مايو 2017، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وتلاحظ أن شكواها المقدمة إلى رئيس المحكمة العليا في بيلاروس بموجب المراجعة القضائية الرقابية قد رفضت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 201 5. وفيما يتعلق بالطعن الذي قدمته إلى مكتب المدعي العام، تقرّ صاحبة البلاغ أنها قدمته في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، أي بعد انقضاء مهلة الأشهر الستة، ولكنها تؤكد أن إجراء تقديم الشكاوى هذا لا يوفر سبيل انتصاف فعالاً. وتعتقد صاحبة البلاغ، وعلى وجه الخصوص، أنها لا تستطيع الحصول على سبيل انتصاف فعال لأن المراجعة القضائية لا تستتبع إعادة النظر في الأسس الموضوعية للقضية ولا تُستخدم إلا وفقاً لتقدير القاضي أو المدعي العام. وعلاوة على ذلك، لا يمنح التشريع الحالي المواطن الحق في تقديم شكوى دستورية مباشرة إلى المحكمة الدستورية. وبالتالي، تدفع صاحبة الشكوى بأنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة.

5-2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن تقييد حقوق صاحبة البلاغ مسموح به بموجب المادة 19 من العهد، تشير صاحبة البلاغ إلى معيار اللجنة القائل بأن أي تقييد يجب أن يكون متناسباً ومنصوصاً عليه في القانون وضرورياً لتحقيق الأهداف المحددة التي يسعى إلى تحقيقها ( ) . وتدفع صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف لم تثبت السبب في اعتبار القيود المفروضة على حقوقها كصحفية ضرورية ولو لغرض مشروع واحد بموجب المادة 19( 3) من العهد.

5-3 ورداً على تأكيد الدولة الطرف على عدم تعارض التشريع البيلاروسي المتعلق باختيار محامي الدفاع مع المادة 14( 3) من العهد، تكرر صاحبة البلاغ أن المحكمة الابتدائية لم تسمح لعضو من أعضاء رابطة الصحفيين البيلاروسيين بتمثيلها كمستشار قانوني أثناء إجراءات المحكمة. وتشير صاحبة البلاغ إلى أنه على الرغم من أن ذلك العضو غير مرخص له بالعمل كمحام، فقد عمل مستشاراً قانونياً لرابطة الصحفيين البيلاروسية على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية. وعلاوة على ذلك، كان سيمثل صاحبة البلاغ دون مقابل، بدلاً من أن تضطر إلى توكيل محام، الأمر الذي لم يكن بإمكانها تحمل تكاليفه.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وقد تحقَّقت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تلتمس من رئيس المحكمة العليا أو من المدعي العام نفسه إجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم المحلية، وأن شكواها لمكتب المدعي العام قدمت بعد انقضاء مهلة الأشهر الستة. وترى اللجنة، في هذا السياق، أن تقديم طلبات إلى رئيس إحدى المحاكم لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ وتتوقف على سلطة القاضي التقديرية يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول أن تتيح هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في سياق ظروف القضية. وتشير اللجنة كذلك إلى حجة صاحبة البلاغ أنها قدمت بالفعل طلب طعن في هذه القرارات في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، لا سيما إلى رئيس المحكمة العليا في بيلاروس وإلى مكتب المدعي العام، وقدّمت جميع المواد ذات الصلة في هذا الصدد، لكن من دون جدوى. وتذكّر اللجنة كذلك باجتهادها الذي جاء فيه أن التماس مراجعة قضائية رقابية من مكتب المدعي العام، وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية للادعاء العام، يطلب مراجعة قرارات محكمة دخلت حيز النفاذ، يشكّل سبيل انتصاف استثنائياً، وبالتالي ليس سبيل انتصاف يجب استنفاده لأغراض المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قد استنفدت في هذه الحالة جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بما فيها السبل التي تشكّل مراجعة قضائية رقابية، وعليه، ترى اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

6-4 وتشير اللجنة أيضاً إلى ادعاء صاحبة البلاغ أن حقوقها المكفولة بموجب المادة 19، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2 )، من العهد قد انتُهكت. وتذكّر اللجنة باجتهادها الذي يفيد بأن أحكام المادة 2 من العهد تحدد التزاماً عاماً يقع على عاتق الدول الأطراف ولا يمكن أن ينشأ عنها، عند الاستشهاد بها منفردةً، ادعاء في إطار بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أيضاً أن أحكام المادة 2 لا يمكن الاستشهاد بها في سياق ادعاء في بلاغ مقدم في إطار البروتوكول الاختياري بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد، إلا إذا كان إخلال الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب الرئيسي لانتهاك منفصل للعهد يؤثر مباشرة في الفرد الذي يدعي أنه ضحية. غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحبة البلاغ زعمت بالفعل أن حقوقها المكفولة بموجب المادة 19 قد انتهكت من جراء تفسير وتطبيق القوانين السارية في الدولة الطرف، ولا ترى اللجنة أن النظر فيما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت أيضاً التزاماتها العامة بموجب المادة 2( 2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 19، منفصل عن النظر في مسألة انتهاك حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 1 9. ولذلك ترى اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ في هذا الصدد لا تتوافق مع المادة 2 من العهد، وهي غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وترى اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءاتها بموجب المادة 19، مقروءة بالاقتران مع المادة 2( 3) من العهد، وتعلن بناء على ذلك عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ.

6-6 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ، المقدمة في إطار المادة 14(3)(ب) و(د) من العهد، أن الدولة الطرف انتهكت حقها في الحصول على ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعها والاتصال بمحام من اختيارها يدافع عنها في الإجراءات الإدارية المتخذة ضدها. وتلاحظ كذلك أن الدولة الطرف ردت على هذه الادعاءات، قائلة إن المادة 4-5 من قانون المخالفات الإدارية لا تحد من اختيار الشخص لمحاميه، على النحو الذي تحميه المادة 14(3)(ب) و(د) من العهد. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ اتُهمت بارتكاب مخالفة إدارية، في حين المادة 14(3)(ب) و(د) تنص على ضمانات يجب أن يتمتع بها كل فرد توجَّه إليه تهمة جنائية. وتشير اللجنة إلى أنه رغم صلة التهم الجنائية من حيث المبدأ بأفعال يعاقب عليها القانون الجنائي المحلي، لا بد أن يكون فهم مفهوم " التهمة الجنائية " ضمن حدود معنى العهد. ويجوز أيضاً توسيع هذا المفهوم ليشمل العقوبات التي يجب أن تعتبر جنائية نظـراً لطبيعتها وغرضها وصرامتها، وذلك بصرف النظر عن تعريفها في القانون المحلي. وفي هذا الصدد، رأت اللجنة في أحد اجتهاداتها السابقة أن العقوبات التي تتألف مثلاً من الاحتجاز الإداري لمدة معينة قد تتطلب تطبيق ضمانات المادة 14(3 )، وذلك بصرف النظر عن تعريفها في القانون المحلي، وعن كونها فرضت في سياق إجراءات إدارية ( ) . غير أن صاحبة البلاغ لم تقدم في هذه القضية أدلة كافية لأغراض المادة 14(3)(ب) و(د) من العهد، أي أنه ينبغي اعتبار الإجراء الذي خضعت له، ولا سيما الغرامة المفروضة عليها، بمثابة تهمة جنائية، سواء بسبب غرضها أو طبيعتها أو صرامتها. وفي ظلّ هذه الظروف، تعلن اللجنة عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وترى اللجنة أن ما تبقى من ادعاءات صاحبة البلاغ كما قدمتها تثير مسائل بموجب المادة 19 من العهد، وتعتبر أنها قد أُثبتت بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية، وتشرع في بحث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدَّمها إليها الطرفان، وفق ما تقتضيه المادة 5( 1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أن المحاكم لم تثبت وجه اندراج تقييد حقها في حرية التعبير ضمن أحد القيود المسموح بها على النحو المنصوص عليه في المادة 19( 3) من العهد. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبة البلاغ أنّ حقوقها المكفولة بموجب المادة 19 من العهد قد انتُهكت، في ظل غياب مثل هذه المبررات.

7-3 وتُذكّر اللجنة في هذا الصدد بتعليقها العام رقم 34(201 1) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، الذي تشير فيه، في جملة أمور، إلى أن حرية التعبير عنصر أساسي من عناصر أي مجتمع وحجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وتشير إلى أن المادة 19( 3) من العهد لا تسمح بفرض قيود على حرية التعبير، بما في ذلك حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا بقدر ما ينص عليه القانون وفقط إذا كانت ضرورية: (أ) من أجل احترام حقوق الآخرين وسمعتهم؛ أو (ب) حماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، لا يجب أن يكون أي تقييد لحرية التعبير فضفاضاً في طبيعته - أي يجب أن يكون الأقل تدخلاً بين التدابير التي قد تحقق وظيفة الحماية ذات الصلة ويجب أن يكون متناسباً مع المصلحة التي ينبغي حمايتها ( ) . وتُذكّر اللجنة بأنه يقع على عاتق الدولة الطرف إثبات أن القيود المفروضة على حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة ( ) .

7-4 وتلاحظ اللجنة أن العقوبات فُرضت على صاحبة البلاغ لقيامها بتصوير السكان المحليين والباعة في السوق ونشر مواد مصورة بالفيديو عبر شبكة الإنترنت وعن طريق قناة فضائية أجنبية من دون الحصول على اعتماد ساري المفعول. وفرضت المحكمة المحلية غرامة على صاحبة البلاغ بسبب إنتاجها وتوزيعها موادَّ إعلامية بطريقة غير مشروعة، بما يشكل انتهاكاً لقانون وسائط الإعلام الجماهيرية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه لا الدولة الطرف ولا المحكمة المحلية قدمتا أي توضيحات بشأن كيفية تبرير هذه القيود عملاً بشرطَيْ الضرورة والتناسب المنصوص عليهما في المادة 19( 3) من العهد، وبشأن ما إذا كانت العقوبة المفروضة (أي الغرامة الإدارية )، حتى وإن استندت إلى القانون، ضرورية ومتناسبة وممتثِلة لأي غرض من الأغراض المشروعة المدرجة في الأحكام المشار إليها. وفي ظل هذه الملابسات، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحبة البلاغ المنصوص عليها في المادة 19( 2) من العهد قد انتُهكت.

8- وترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاك الدولة الطرف لأحكام المادة 19( 2) من العهد.

9- وعملاً بأحكام المادة 2(3)(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. وهذا يتطلب منها أن تمنح تعويضاً كاملاً للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بالعهد. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بأن تقدم لصاحبة البلاغ تعويضاً كافياً وتعيد إليها الغرامة وأي تكاليف قانونية تكبدتها. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بنفس قوانين الدولة الطرف وممارساتها في عدد من البلاغات السابقة وأنه ينبغي من ثم للدولة الطرف مراجعة إطارها المعياري، ولا سيما قانونها بشأن وسائط الإعلام الجماهيرية، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2( 2) من العهد، بما يكفل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادة 19 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البتّ في مسألة وقوع انتهاك لأحكام العهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة متى ثبت وقوع انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

المرفق

رأي فردي (مخالف جزئياً) لعضو اللجنة فورويا شويتشي

1- أتفق مع الاستنتاج القائل بأن الوقائع في هذه القضية تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 19( 2) من العهد. غير أنني لا أستطيع أن أتفق مع الاستنتاج القائل بأن ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 14(3)(ب) و(د) غير مقبولة ( ) .

2- ووفقاً لتعليق اللجنة العام رقم 32(2007 )، يجوز توسيع مفهوم الاتهامات الجنائية ليشمل الأفعال الإجرامية الطابع التي يعاقب عليها بعقوبات يجب أن تعتبر جنائية نظـراً لطبيعتها وغرضها وصرامتها، وذلك بصرف النظر عن تعريفها في القانون المحلي. وأشارت آراء اللجنة، رغم اتباعها لهذا المبدأ، إلى أن عقوبات الاحتجاز الإداري لمدة معينة قد تقتضي، وفق اجتهادات سابقة، تطبيق ضمانات المادة 14(3 )، وتخلص إلى أن " صاحبة البلاغ لم تقدم في هذه القضية أدلة كافية . .. أي أنه ينبغي اعتبار الإجراء الذي خضعت له، ولا سيما الغرامة المفروضة عليها، بمثابة تهمة جنائية، سواء بسبب غرضها أو طبيعتها أو صرامتها " (انظر الفقرة 6-6 أعلاه ). غير أن هذا الاستنتاج لا يفسر الاجتهادات السابقة ذات الصلة تفسيراً مناسباً، وفي رأيي فإنه يعطي العنصر الأقل شدة المتمثل في الجزاء المفروض على صاحبة البلاغ أكثر من قيمته.

3- وتجب الإشارة إلى أن التعليق العام يعدد بالتوازي العناصر الثلاثة، وهي " الغرض " و " الطبيعة " و " الصرامة " ، ويربط هذه الكلمات بحرف العطف " أو " . والواقع أن اللجنة ركّزت تقييماتها، في القضايا السابقة المتعلقة بتطبيق قانون المخالفات الإدارية في الدولة الطرف، على عنصري الغرض من العقوبات وطبيعتها وليس صرامتها، إذ تعرّض أصحاب البلاغات في معظم الحالات للاعتقال الإداري أو الاحتجاز. ففي قضية أوسيوك ضد بيلاروس ، التي اتهم فيها صاحب البلاغ بانتهاك المادة 184-3 من قانون المخالفات الإدارية لعام 1984 (بشأن عبور الحدود الوطنية بصورة غير قانونية )، خلصت اللجنة إلى أنه " بالرغم من أن الجزاءات المفروضة على صاحب البلاغ، وإن كانت إدارية وفقاً لقانون الدولة الطرف، فإنها كانت تهدف إلى قمع الجرائم المنسوبة إليه وإلى ردع الآخرين، من خلال توقيع عقوبات، وهي أهداف مماثلة للهدف العام للقانون الجنائي. كما تلاحظ أن قواعد القانون التي انتهكها صاحب البلاغ ليست موجهة إلى مجموعة معينة ذات مركز خاص - على شاكلة قانون تأديبي على سبيل المثال - ولكنها موجهة نحو كل شخص يعبر بصفته الفردية الحدود الوطنية لبيلاروس؛ ذلك أنها تفرض سلوكاً بعينه وتُخضِع المقتضيات المترتبة على ذلك لصدور قرار يقضي بفرض جزاء ذي طبيعة عقابية. وبالتالي، فإن الطابع العام للقواعد والغرض من الجزاء، سواء كرادع أو كعقاب، يكفيان لإثبات أن المخالفات المشار إليها جنائية في طبيعتها وفقاً للمادة 14 من العهد " ( ) . وبالمثل، استندت اللجنة إلى نفس المنطق في قضية إ. ف. ضد بيلاروس ، التي اتهم فيها صاحب البلاغ بانتهاك المادة 23-34 من قانون المخالفات الإدارية لعام 2003 (بشأن المشاركة في حدث جماهيري غير مصرح به) ( ) .

4- وفي القضية الراهنة، استندت الجزاءات المفروضة على صاحبة البلاغ إلى نفس قانون المخالفات الإدارية لعام 2003، الذي كان يهدف إلى قمع الجرائم المدعى ارتكابها من خلال فرض العقوبات واستخدامها لردع الآخرين. وقواعد القانون التي انتهكتها صاحبة البلاغ ليست موجهة إلى مجموعة معينة ذات مركز خاص، ولكنها موجهة نحو كل شخص يقوم بصفته الفردية بإنتاج مقاطع فيديو ونشرها. ومن شأن هذه الوقائع أن تؤدي إلى استنتاج مفاده أن الطابع العام للقواعد الواردة في قانون المخالفات الإدارية والغرض من العقوبة المفروضة بموجبه، كما في الحالات السابقة المذكورة أعلاه، يكفي لإثبات أن الإجراءات الإدارية المعنية ذات طبيعة إجرامية.

5- وعلاوة على ذلك، وحسبما اعترفت الدولة الطرف في ملاحظاتها، ووفقاً للمادة 4-5 من القانون الإجرائي والتنفيذي للمخالفات الإدارية، يجوز قبول أحد أقارب الفرد المقربين أو ممثليه القانونيين كمحامي دفاع، بناء على طلب الفرد الذي تجري الإجراءات الإدارية بشأنه، بقرار من الهيئة المضطلعة بالإجراء الإداري. وهذا يعني ضمناً أن لصاحبة البلاغ الحق في أن يمثلها محام من اختيارها في الإجراءات الإدارية بموجب قانون المخالفات الإدارية. وفي هذا الصدد أيضاً، فإن ادعاء صاحبة البلاغ بشأن تمثيلها في الإجراءات الإدارية يندرج في نطاق الضمانات المنصوص عليها في المادة 14( 3).

6- وفي ضوء الأسباب المذكورة في الفقرات السابقة، أرى أن ادعاءات صاحبة البلاغ مقبولة بموجب المادة 14( 3).

7- وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، فإن الحقيقة التي لم تدحضها الدولة الطرف هي أن محكمة المقاطعة الوسطى في غوميل لم تسمح لعضو من أعضاء رابطة الصحفيين البيلاروسيين بتمثيل صاحبة البلاغ كمستشار قانوني لها، ورفضت محكمة غوميل الإقليمية طعنها في هذه المسألة. ولم تقدم هاتان المحكمتان ولا الدولة الطرف أي أسباب مشروعة لعدم أهلية الشخص الذي عينته محامياً لها لتمثيلها أمام محكمة المقاطعة الوسطى. وعليه، لا مناص لي من أن أستنتج أن الوقائع المعروضة على اللجنة تظهر حدوث انتهاك للمادة 14(3)(ب) و(د) من العهد.