الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/2855/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

18 November 2022

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2855/2016 * **

بلاغ مقدم من: سرغاي غوفشا (لا يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ البلاغ: 17 أيار/مايو 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عمل اً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 27 تموز/يوليه 2022

الموضوع: رفض السلطات إصدار تصريح لتنظيم حدث عام (اعتصام )؛

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: حرية التجمع؛ وحرية التعبير

مادتا العهد: 19 و 21

مادة البروتوكول الاختياري : 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحب البلاغ، سرغاي غوفشا ، مواطن من بيلاروس، مولود في عام 194 9 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و 2 1 . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 199 2 . ولا يمثل صاحب البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى اللجنة التنفيذية لمدينة بارانوفيتشي للحصول على تصريح لتنظيم حدث عام سلمي (اعتصام) في 10 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، من الساعة 3 إلى الساعة 4 مساءً. وكان من المقرر أن يُقام الحدث في "الحديقة القديمة" في مدينة بارانوفيتشي ، في المكان الذي خصصته السلطات لمثل هذه الأحداث. ويدخل تنظيم هذا الحدث في إطار تعزيز القيم المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد، والاحتفال بالذكرى السنوية السادسة والستين للإعلان. وشملت الشعارات المراد رفعها أثناء الحدث: "الحرية للسجناء السياسيين" و"بيلاروس هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي تطبق فيها الحكومة عقوبة الإعدام".

2 - 2 ورفض إصدار التصريح بقرار من نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمدينة بارانوفيتشي في 5 كانون الأول/ديسمبر 201 4 . ولم تقدم أي أسباب تجيز الرفض بالرغم من أن قانون المناسبات العامة يقتضي ذلك. وفي 16 كانون الثاني/يناير 2015 ، كتب صاحب البلاغ إلى اللجنة التنفيذية لمدينة بارانوفيتشي طالب اً تفسير اً للرفض. وفي رد اللجنة التنفيذية المؤرخ 28 كانون الثاني/يناير 2015 ، أشارت السلطات إلى مقتضيات المادة 5 من القانون المتعلق بالأحداث الجماهيرية وادعت أن صاحب البلاغ لم يستوف شروط اتخاذ الترتيبات الطبية وترتيبات التنظيف. ويدعي صاحب البلاغ أنه استوفى جميع الشروط اللازمة لقبول الطلب، بما في ذلك الاستعانة بخدمات طبية وخدمات تنظيف طوال مدة الحدث، وأنه أرفق بالطلب العقود المبرمة مع مقدمي الخدمات.

2 - 3 وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى محكمة مقاطعة بارانوفيتشي ، مدعي اً أن قرار سلطات المدينة غير قانوني. وفي 27 كانون الثاني/يناير 2015 ، عارضت المحكمة الشكوى مرتئية أن صاحب البلاغ لم يستوف جميع متطلبات تنظيم الأحداث العامة على النحو المنصوص عليه في القانون، مثل توفير التدابير الأمنية اللازمة أثناء الحدث.

2 - 4 وفي 13 شباط / فبراير 2015 ، استأنف صاحب البلاغ هذا القرار أمام محكمة بريست الإقليمية. وفي 19 آذار/مارس 2015 ، أكدت محكمة بريست الإقليمية قرار المحكمة الأدنى درجة ورفضت استئناف صاحب البلاغ. وبالمثل، رفضت المحكمة العليا في بيلاروس استئنافه في 30 حزيران/ يونيه 201 5 . وعلى إثر ذلك قدم صاحب البلاغ استئنافين في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية إلى مكتب المدعي العام، ورُفض كلاهما في 9 أيلول/سبتمبر 2015 و 4 تشرين الثاني/نوفمبر 201 5 .

2 - 5 ويدفع صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه في حرية التعبير وحرية التجمع قد قُيدت، في انتهاك للمادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد، إذ حُرم من تصريح لتنظيم اعتصام سلمي يهدف إلى ترويج قيم منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وللاحتفال بالذكرى السادسة والستين لذاك الإعلان.

3 - 2 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بمواءمة تشريعاتها التي تنظم حرية التعبير والتجمع السلمي مع المعايير الدولية المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد، ومنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، ومنح صاحب البلاغ تعويضا ً ماليا ً ومعنويا ً مناسبا ً .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 في مذكرة شفوية مؤرخة 13 كانون الثاني/يناير 2017 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية. وهي تشير إلى أن اللجنة التنفيذية لمدينة بارانوفيتشي رفضت في 5 كانون الأول/ديسمبر 2014 طلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام بحجة عدم امتثال أحكام القانون المتعلق بالأحداث الجماهيرية في بيلاروس الذي ينظم عقد الأحداث العامة. وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة التنفيذية لمدينة بارانوفيشي قدمت، في رسالة مؤرخة 28 كانون الثاني/يناير 2015 ، إيضاحات مستفيضة إلى صاحب البلاغ بشأن أسباب رفض تصريح تنظيم الاعتصام. وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يبين التدابير المتخذة لكفالة النظام العام وصون السلامة، ولا الخدمات الطبية المتاحة أثناء الحدث ، ولا كيفية تنظيف المكان عقب الحدث.

4 - 2 وتفيد الدولة الطرف بأن محكمة مقاطعة بارانوفيشي رفضت في 27 كانون الثاني/يناير 2015 استئناف صاحب البلاغ. وفي 19 آذار/مارس 2015 ، رفضت محكمة بريست الإقليمية أيضاً الطعن بالنقض الذي قدمه صاحب البلاغ، وأيدت قرار المحكمة الأدنى درجة. وهكذا، دخل قرار محكمة مقاطعة بارانوفيتشي حيز النفاذ في 19 آذار/مارس 201 5 .

4 - 3 وفي وقت لاحق، استأنف صاحب البلاغ قراري المحكمتين المؤرخين 27 كانون الثاني/يناير 2015 و 19 آذار/مارس 2015 أمام رئيس محكمة بريست الإقليمية في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية . ورفضت محكمة بريست الإقليمية في 29 نيسان/أبريل 2015 التماس صاحب البلاغ المقدم في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية. واستأنف صاحب البلاغ كذلك القرار أمام المحكمة العليا في بيلاروس؛ ورفض نائب رئيس المحكمة هذا الاستئناف أيض اً في 30 حزيران/ يونيه 201 5 . كما رُفضت الطعون التي قدمها صاحب البلاغ إلى مكتب المدعي العام الإقليمي في بريست وإلى النيابة العامة.

4 - 4 وبالإشارة إلى مقبولية البلاغ، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأن رئيس المحكمة العليا والمدعي العام نفسيهما لم ينظرا في الطعون المقدمة في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية أمام المحكمة العليا وأمام مكتب المدعي العام، بل نظر فيها نائباهما.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - في 7 حزيران/ يونيه 2017 ، أشار صاحب البلاغ إلى ملاحظات الدولة الطرف بشأن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، وقال إنه استأنف القرارات المتخذة في إطار الإجراءات أمام رئيس المحكمة العليا في بيلاروس وأمام المدعي العام؛ غير أن نائبيهما رفضا الطعون، وهو ما لم تعترض عليه الدولة الطرف. وفي هذا السياق، يلاحظ أن رئيس المحكمة العليا ينوب عنه خمسة نواب وينوب عن المدعي العام أربعة نواب. ويدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تبين أي النواب كان يلزم تقديم الالتماس إليه لكي ينظر رئيس المحكمة العليا أو المدعي العام نفسيهما في الطعون المقدمة. ويدفع صاحب البلاغ بأنه، في غياب أي توضيح من الدولة الطرف في هذا الصدد، لا تعتبر إجراءات المراجعة القضائية الرقابية سبيل انتصاف فعالاً.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إن كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفق ما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البرتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أيّ إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علماً باحتجاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يلتمس من رئيس المحكمة العليا أو من المدعي العام النظر في قرارات المحاكم المحلية في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية. وترى اللجنة في هذا السياق، أن تقديم طلبات إلى رئيس إحدى المحاكم، في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، للنظر في قرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ وتخضع للسلطة التقديرية للقاضي يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول لأن توفر هذه الطلبات انتصافاً فعالاً في سياق ظروف القضية. وتشير اللجنة كذلك إلى احتجاج صاحب البلاغ بأنه قدم فعلاً، دون جدوى، طلبين للطعن في هذه القرارات في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، وذلك تحديداً إلى رئيس المحكمة العليا في بيلاروس والنيابة العامة، وقدم جميع الوثائق المفيدة في هذا الصدد. وتذكّر اللجنة كذلك باجتهاداتها القضائية التي ارتأت فيها أن التماس إجراء مراجعة قضائية رقابية من النيابة العامة وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية للمدعي العام، وأن التماس إعادة النظر في قرارات محاكم دخلت حيز النفاذ يشكّل سبيل انتصاف استثنائياً. وعليه، لا يعتبر إجراء المراجعة القضائية الرقابية سبيل انتصاف يستلزم استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد استنفد، في هذه القضية، جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بما في ذلك إجراءات المراجعة القضائية الرقابية. وعليه، ترى اللجنة أنه ليس ثمة ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ طبقا لأحكام المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

6 - 4 وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ، بالصيغة التي قُدمت بها، تثير مسائل في إطار المادتين 19 و 21 من العهد، وترى أن صاحب البلاغ قد أثبت ادعاءاته بأدلة كافية لأغراض المقبولية. وعليه، تشرع اللجنة في النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها طرفا القضية، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن حقه في حرية التعبير وحرية التجمع قد قُيِّد في انتهاك للمادتين 19 و 21 من العهد، لأنه حُرم من تصريح لتنظيم اعتصام سلمي في إطار ترويج قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد. وترى اللجنة أن المسألة عرضت عليها بغرض البت فيما إذا كان منع اللجنة التنفيذية لمدينة بارانوفيتشي صاحب البلاغ من تنظيم اعتصام عام يشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التجمع السلمي قد قُيد بصورة غير قانونية، لأنه لم يُمنح تصريح اً لتنظيم اعتصام سلمي في إطار تعزيز قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد. ولذلك، فإن المسألة المعروضة على اللجنة تتوخى تحديد ما إذا كان حظر عقد تجمع سلمي للغرض المذكور أعلاه، وهو الحظر الذي فرضته سلطات المدينة على صاحب البلاغ، يشكل انتهاكاً لحقه المكفول بموجب المادة 21 من العهد.

7 - 4 وارتأت اللجنة في تعليقها العام رقم 37 ( 202 0 ) أنه يجوز تنظيم التجمعات السلمية، من حيث المبدأ، في جميع الأماكن التي يمكن للجمهور الوصول إليها أو التي ينبغي أن تتاح له إمكانية الوصول إليها، مثل الساحات العامة والشوارع. وينبغي عدم إبعاد التجمعات السلمية إلى مناطق نائية يتعذر فيها استقطاب الفئات المستهدفة أو عامة الجمهور بصورة فعالة. والقاعدة العامة هي أنه لا يمكن فرض حظر شامل على كل التجمعات في العاصمة، أو في كل الأماكن العامة عدا مكان واحد محدد داخل المدينة أو خارج وسط المدينة، أو في كل شوارع المدينة ( ) . وتلاحظ اللجنة أن المتطلبات التي تُلزم المشتركين أو المنظمين إما بتولي ترتيبات حفظ النظام وصون السلامة وتوفير المساعدة الطبية والتنظيف وغيرها من الخدمات العامة المرتبطة بالتجمعات السلمية أو المساهمة في تكاليفها لا تتفق عموماً مع المادة 21 من العهد.

7 - 5 وتذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان ضروري لتعبير الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. وتشمل الحماية المنصوص عليها في المادة 21 من العهد التجمعات السلمية أينما كانت، سواء أ في الهواء الطلق أم في الأماكن المغلقة أم في شبكة الإنترنت أم في الأماكن العامة والخاصة أم في كل ذلك جميعاً. وقد تتخذ مثل هذه التجمعات أشكال اً عديدة، بما في ذلك المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والمسيرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية على ضوء الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي مشمولة بالحماية بموجب المادة 21 من العهد سواء أكانت في نقطة ثابتة، مثل الاعتصامات، أو متجولة، مثل المواكب أو المسيرات. ويحق لمنظمي التجمعات عموماً اختيار مكان التجمع يكون على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف، ولا يجوز فرض أي قيد على هذا الحق إلا إذا فُرِضَ على نحو يتوافق مع القانون وكان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي من أجل الحفاظ على الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة السالفة الذكر، ينبغي أن تسترشد بالهدف الذي يقضي بتيسير إعمال هذا الحق بدلاً من السعي إلى تقييده تقييداً غير ضروري وغير متناسب. وبناء ً عليه، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام تبرير القيود المفروضة على الحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد.

7 - 6 وفي هذه القضية، يجب على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في التجمع السلمي مسوغة بموجب أي معيار من المعايير الواردة في المادة 21 من العهد، على الرغم من أنه كان من المقرر تنظيم الاعتصام السلمي في موقع "الحديقة القديمة" الذي سبق للجنة التنفيذية للمدينة أن اعتبرته منطقة مخصصة تحديداً في المدينة لتنظيم التجمع السلمي. وفي ضوء المعلومات المتاحة في الملف، رُفضت طلبات صاحب البلاغ تنظيم الاعتصام السلمي لأن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات تثبت توفير الخدمات الطبية أثناء الحدث وخدمة تنظيف المكان عقب ذلك. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن اللجنة التنفيذية لمدينة بارانوفيتشي والمحاكم المحلية لم يقدم أي منها أي تبرير أو توضيح للكيفية التي كان الاعتصام الذي سينظمه صاحب البلاغ سينتهك بها، عملياً، مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغير وحرياتهم، وفق ما تنص عليه المادة 21 من العهد. ولم تثبت الدولة الطرف أنها اتخذت أي تدابير بديلة لتيسير ممارسة صاحب البلاغ حقوقه المكفولة بموجب المادة 2 1 .

7 - 7 وفي غياب أي إيضاحات إضافية من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 21 من العهد.

7 - 8 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التعبير قد قُيّد بصورة غير قانونية، لأنه لم يمنح تصريح اً لتنظيم اعتصام سلمي في إطار تعزيز قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد. ولذلك، فإن المسألة المعروضة على اللجنة تندرج في إطار تحديد ما إذا كان منع سلطات المدينة صاحب البلاغ من تنظيم تجمع سلمي يشكل انتهاكاً للمادة 19 من العهد.

7 - 9 وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بتعليقها العام رقم 34 ( 201 1 ) حيث أشارت، في جملة أمور، إلى أن حرية التعبير عنصر لا غنى عنه في أي مجتمع، ويشكل حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وتشير إلى أن المادة 19 ( 3 ) من الاتفاقية لا تجيز فرض قيود معينة على حرية التعبير، بما فيها حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا في حدود ما ينص عليه القانون، وفقط إذا كانت ضرورية لاحترام حقوق الغير أو سمعتهم أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، يجب ألّا يكون أي قيد يُفرض على حرية التعبير ذا طابع فضفاض، أي أن هذا القيد يجب أن يكون التدبير الأقل اقتحاماً من بين التدابير التي قد تحقِّق الحماية المطلوبة والتناسب مع المصلحة المراد حمايتها. وتذكر اللجنة بأن الدولة الطرف تتحمل مسؤولية إثبات وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 19 من العهد.

7 - 10 وتلاحظ اللجنة أن تقييد تنظيم الاعتصامات في بعض الأماكن المحددة سلفاً لا يفي، حسبما يبدو، بمعياري الضرورة والتناسب بموجب المادة 19 من العهد. وفي هذه القضية، كان من المقرر أن ينظم الاعتصام السلمي في موقع "الحديقة القديمة"، وهو موقع سبق أن اعتبرته اللجنة التنفيذية للمدينة منطقة مخصصة على وجه التحديد في المدينة لتنظيم التجمعات السلمية. وعلى الرغم من ذلك، رفضت اللجنة التنفيذية للمدينة منح تصريح لتنظيم الاعتصام لأن صاحب البلاغ لم يحصل على الدعم ذي الصلة من مقدمي خدمات المدينة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ومحاكمها الوطنية قلم يقدّم أي منها توضيح اً لما يجعل القيود المفروضة ضرورية لخدمة هدف مشروع، ولم تثبت أن تلك التدابير هي الأقل اقتحاماً من بين التدابير التي قد تحقق الحماية المطلوبة والتناسب مع المصلحة المراد حمايتها. وبالنظر إلى ملابسات هذه القضية، ترى اللجنة أن القيود المفروضة على صاحب البلاغ، رغم استنادها إلى القانون المحلي، لم يكن لها ما يبررها لأغراض المادة 19 ( 3 ) من العهد.

7 - 11 وفي غياب أي معلومات أو إيضاحات إضافية من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 من العهد قد انتهكت.

8 - وإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من جانب الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.

9 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي هذا الأمر منها أن تتيح جبراً تاماً للضرر الذي لحق الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة في العهد. وبناء عليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض مناسب لصاحب البلاغ ، وملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بقوانين الدولة الطرف وممارساتها ذاتها في عدد من البلاغات السابقة. لذا، ينبغي للدولة الطرف أن تنقح إطارها المعياري المتعلق بالأحداث العامة بما يتوافق مع التزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، لكي تكفل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد تمتعاً كاملاً في إقليمها.

10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إن كان وقع انتهاك للعهد أم لا، وتعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفّر لهم سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.