الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/3248/2018

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

15 March 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3248 / 201 8 * ** ***

مقدم البلاغ: أحمد ثولال وجيهان محمود (تمثلهما محامية، مادلين سنكلير، من منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبا البلاغ

الدولة الطرف: ملديف

تاريخ تقديم البلاغ: 25 أيلول/سبتمبر 2016 ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذته اللجنة بموجب المادة 92 من نظامها الداخلي وأحالته إلى الدولة الطرف 3 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع: القيود القضائية المفروضة على مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان

المسائل الإجرائية: المقبولية - صفة الضحية

المسائل الموضوعية: حُرية التعبير

مادة العهد: 19

مادة البروتوكول الاختياري: 1

1 - صاحبا البلاغ هما أحمد ثولال وجيهان محمود، وهما من مواطني ملديف. ويدعيان في البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما بموجب المادة 19 من العهد. ودخل البرتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 19 كانون الأول/ديسمبر 2006 . وتمثل صاحبي البلاغ محامية.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2 - 1 أنشئت لجنة حقوق الإنسان في ملديف لأول مرة بموجب مرسوم رئاسي صدر في عام 2003 . وأصبحت اللجنة في 18 آب/أغسطس 2005 ، بعد التصديق على قانون لجنة حقوق الإنسان، أول هيئة قانونية مستقلة وقائمة بذاتها في ملديف. ووسَّعت التعديلات التي أُدخلت على قانون لجنة حقوق الإنسان في آب/أغسطس 2006 ولاية اللجنة واختصاصاتها وواءمتها مع المبادئ المرتبطة بمركز المؤسسات الوطنية المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها (مبادئ باريس). وبعد التصديق على دستور ملديف في آب/أغسطس 2008 ، أصبحت اللجنة هيئة دستورية مستقلة وقائمة بذاتها. وكانت اللجنة وقت تقديم هذا البلاغ معتمدة في ” المركز باء“ لدى لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (المعروفة حالياً باسم التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لح قوق الإنسان).

2 - 2 وكان صاحبا البلاغ من بين المفوضين الخمسة للجنة حقوق الإنسان الذين امتدت فترة عملهم فيها من أيلول/سبتمبر 2014 إلى حزيران/ يونيه 2015 ، وهي المدة الزمنية ذات الصلة بالمسألة المعروضة في البلاغ. وفي أيلول/سبتمبر 2014 ، نشرت اللجنة تقريراً وقدمته للنظر فيه أثناء الاستعراض الدوري الشامل الثاني لملديف في مجلس حقوق الإنسان. واستند التقرير الذي ركز على مسائل حقوق الإنسان في ملديف، إلى المعلومات التي جمعتها اللجنة بصفتها الخاصة، والمعلومات المقدمة من السلطات الحكومية وأعضاء المجتمع المدني، وسائر أصحاب المصلحة المعنيين. وأجرت اللجنة في الأشهر الثلاثة السابقة على نشر تقريرها سلسلة اجتماعات لتيسير الحوار البناء حول تنفيذ التوصيات المنبثقة عن الدورة الأولى للاستعراض الدوري الشامل.

2 - 3 وفي التقرير، شككت اللجنة في استقلال الجهاز القضائي في ملديف وشفافيته وحياده وكفاءته واتساقه وإمكانية الوصول إليه. وأشارت بصفة خاصة إلى أن المحكمة العليا سيطرت على الجهاز القضائي وأضعفت الصلاحيات القضائية لسائر المحاكم العليا والمحاكم الأدنى درجة، بما يشمل إصدارها تعميماً أمرت فيه جميع مؤسسات الدولة بعدم التواصل مع أي من فرادى المحاكم بشأن أي معلومات متعلقة بالجهاز القضائي إلاّ من خلال المحكمة العليا. وانتقدت اللجنة أيضاً في التقرير حكومة ملديف لإعلانها أن المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين سعت إلى تقويض النظام القضائي للبلد في تقريرها عن البعثة الموفدة إلى ملديف. وأخيراً، أشارت اللجنة في تقريرها إلى أنها واجهت صعوبات في جمع المعلومات المتعلقة بالجهاز القضائي بسبب عدم تعاون الحكومة. وفي ختام التقرير، طلبت اللجنة من الحكومة تنفيذ توصيات لجنة الحقوقيين الدولية والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، وتدوين أحكام الشريعة والقانون العام والمواءمة بينها وفقاً للدستور؛ ووضع قوانين لزيادة اتساق الاجتهادات القضائية المحلية .

2 - 4 وفي أيلول/سبتمبر 2014 ، وعقب نشر التقرير، باشرت المحكمة العليا إجراءات من تلقاء نفسها ضد لجنة حقوق الإنسان. وفي 22 أيلول/سبتمبر 2014 ، وجهت المحكمة العليا استدعاء للمفوضين للمثول أمامها، وعُقدت بعد ذلك بيومين جلسة أوَّلية. ورفضت المحكمة العليا طلب المفوضين عرض القضية أولا على محكمة ال استئناف ، الأمر الذي كان سيتيح لهم وسيلة للاستئناف. وعرضت المحكمة العليا أثناء الجلسة الادعاءات المزعومة ضد اللجنة، ومنحت المفوضين فرصة للرد. وزعمت المحكمة تحديداً أن اللجنة ارتكبت الأفعال غير القانونية التالية:

(أ) ارتكاب أفعال تهدد الأمن الوطني والمصالح الوطنية وفقاً للدستور؛

(ب) تمثيل ملديف بصورة غير قانونية؛

(ج) إقامة علاقات سياسية غير قانونية مع منظمات دولية؛

(د) نشر معلومات وتقارير باسم الدولة بشكل غير قانوني على هيئات أجنبية؛

(هـ) انتهاك سيادة الدستور (المادة 299 ) ومبدأ سيادة القانون؛

(و) تقديم معلومات كاذبة عن الإجراءات القانونية؛

(ز) مخالفة المادة 189 من الدستور التي تنص على أن لجنة حقوق الإنسان في ملديف يجب أن تكون مستقلة ومحايدة وأن تُعزز احترام حقوق الإنسان بحيادية دونما محاباة أو تُحيُّز؛

(ح) التدخل في عمل القضاء والتأثير على الجهاز القضائي دون مُبرر؛

(ط) مخالفة المادة 141 (ج) و(د) من الدستور - اللتين تقتضيان من الموظفين العموميين احترام استقلال المحاكم وكرامتها - ومخالفة الأعراف الدولية؛

(ي) انتهاك الاستقلال الممنوح للسلطة القضائية بموجب القوانين الدولية؛

(ك) إبداء التحيُّز؛

(ل) تقويض مصداقية لجنة حقوق الإنسان؛

(م) تعمُّد تجاهل التقدم الذي حققته ملديف وتواصل تحقيقه في إرساء الديمقراطية ودعم سيادة القانون وحقوق الإنسان؛

(ن) غض الطرف عن مرتكبي الأعمال الإرهابية ضد الشعب ومؤسسات الدولة وقوات الأمن، والأعمال التي تُهدِّد السلم والنظام وتقوِّض استقلال الدولة وسيادتها ومن يرتكبون تلك الأعمال؛

(س) التجاوز في اختصاصات السلطة التنفيذية وقوات الأمن والسلطة القضائية والسلطة التشريعية؛

(ع) تجاوز حدود اختصاصاتها عن طريق التدخل في اختصاصات السلطة التنفيذية وقوات الأمن والسلطة القضائية والسلطة التشريعية؛

( ف) التصرف على نحو يتداخل مع ولاية سائر مؤسسات الدولة وبالتالي تقويض ولايتها؛

(ص) مخالفة المادة 145 (ج) من الدستور التي تنص على أن المحكمة العليا هي صاحبة السلطة النهائية في تفسير الدستور أو القانون أو أي شأن آخر تتناوله المحكمة؛

(ق) مخالفة المادة 20 (أ) و(ب) من القانون رقم 22 / 2010 (قانون القضاء) اللتين تنصان على وجوب امتثال الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة لقرارات المحكمة العليا والالتزام بها؛

(ر) مخالفة المادة 141 (ب) من الدستور التي تنص على أن المحكمة العليا هي أعلى سلطة في إقامة العدل؛

(ش) مخالفة أحكام الدستور التي تنص على عدم وقوع التزامات على لجنة حقوق الإنسان في ملديف بخلاف ما هو مخوَّل لها بموجب الشريعة والدستور وقوانين ملديف والعهود الدولية التي تكون ملديف طرفاً فيها.

2 - 5 وأثناء الجلسة الأولى التي عُقدت أمام المحكمة، قدَّم المفوضون أدلة تؤيد موقفهم بأن نيتهم من تقديم التقرير لم تكن تقويض الدستور ولا المساس بسيادة البلد بقصد الإضرار بمؤسساته. وأوضح المفوضون أنهم قبل تقديم التقرير عرضوه على إدارة الشؤون القضائية التي تعمل وفق سياسات المحكمة العليا وتحت الإشراف المباشر لقاضٍ معيَّن منها. ولم تقترح الإدارة أي تعديلات على التقرير، ودفع المفوضون بأن ذلك يدل بوضوح على أن المعلومات الواردة فيه لا تُشكل انتهاكاً لأي قوانين. وقيَّمت المحكمة العليا هذه الأدلة الجديدة أثناء المداولة وقررت في نهاية المطاف تعليق الجلسات لذلك اليوم.

2 - 6 وفي 30 أيلول/سبتمبر 2014 ، عقدت المحكمة العليا جلسة ثانية نفى أثناءها المفوضون مرة أخرى التُهم المنسوبة إليهم. وذكر المفوضون أن النتائج التي توصلوا إليها بشأن الجهاز القضائي استندت إلى تقارير أعدتها المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، ولجنة الحقوقيين الدولية، ومنظمة الشفافية الدولية. غير أن المحكمة أشارت إلى أن تقرير المقررة الخاصة غير صحيح وأن تقرير منظمة الشفافية الدولية لا أساس له من الصحة ومتحيِّز. كما وجَّهت المحكمة توبيخاً إلى المفوضين لعدم الرجوع إليها عند إعداد التقرير. ورداً على ذلك، أكد رئيس اللجنة ونائبه من جديد أن القصد من تقديم التقرير كان طرح مسائل مثيرة للقلق وليس توجيه اتهامات كاذبة. وذكرا أن هذه الشواغل تستند إلى تقرير المقررة الخاصة وإلى خبرة اللجنة في التعامل مع المحكمة العليا في حالتين. ورأت اللجنة أن المحكمة في هاتين الحالتين اغتصبت صلاحيات ليست من اختصاصها عندما أصدرت أمراً للمحاكم بعدم التعاون مع اللجنة في تحقيقاتها وفي تقييم الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان. وفي الحالة الأولى، عرقلت المحكمة العليا التحقيق الذي أجرته اللجنة بشأن انتهاك محتمل لحقوق الإنسان ارتكبته محكمة أدنى درجة بإصدارها أمراً إلى تلك المحكمة الأدنى درجة بعدم التعاون مع اللجنة. وفي الحالة الثانية، أمرت المحكمة العليا ضمناً المحاكم الأدنى درجة بعدم التعاون مع برنامج اللجنة لرصد المحاكم من أجل تقييم مدى حماية حقوق الإنسان في إطار الإجراءات القضائية. ورأت المحكمة العليا في كلتا الحالتين أن إجراءات اللجنة تجاوزت نطاق ولايتها، مشيرة إلى أنها وحدها صاحبة سلطة رصد النظام القضائي.

2 - 7 وأثناء الجلسة الثانية، ذكر خمسة من القضاة السبعة أن تقرير اللجنة كان محاولة متعمَّدة للتقليل من شأن ملديف على الصعيد الدولي. وانتقدت المحكمة أيضاً عمل اللجنة بصفة عامة، وطرحت تساؤلات لا علاقة لها إلى حد كبير بالتُهم المنسوبة إليها في محاولة واضحة لتخويف المفوضين. ومن ذلك على سبيل المثال أنها تطرقت إلى أقسام أخرى من التقرير على الرغم من أن التُهم تعلقت بالقسم الذي يتناول السلطة القضائية. كما اتهمت المفوضين بخرق تعاليم الإسلام في قضية منفصلة أقامتها محكمة الأحداث ضد اللجنة في آذار/مارس 2014 ( ) .

2 - 8 وفي 16 حزيران/يونيه 2015 ، استدعت المحكمة العليا المفوضين مرة أخرى وأصدرت حكمها في القضية ( ) . وأشارت المحكمة إلى أن اللجنة ذكرت في الصفحة 4 من تقريرها للاستعراض الدوري الشامل، تحت العنوان الفرعي ”الوصول إلى العدالة“ ، أن المحكمة العليا تُسيطر على محاكم ملديف. ورأت المحكمة أن هذا الوصف يتضمن معلومات كاذبة عن اختصاص المحكمة العليا؛ وعن الإجراءات الدستورية والقانونية التي تنتهجها محاكم السلطة القضائية في ملديف في إجراء المحاكمات وضمان العدالة؛ وعن الإجراءات المعمول بها في المحاكم. وخلصت المحكمة إلى أن اللجنة تصرفت بصورة غير قانونية بعدم اعتمادها على معلومات ذات مصداقية، وإعدادها تقريراً كاذباً ونشره. وذكرت المحكمة كذلك أنه بالنظر إلى أن السلطات الثلاث لحكومة ملديف تحمي حقوق الإنسان وتُعززها فإن أعضاء لجنة حقوق الإنسان أبدوا تحيزاً؛ وقوضوا مصداقية اللجنة؛ وتعمدوا غض الطرف عما حققته الدولة وما زالت تحققه من تقدم في إرساء الديمقراطية ودعم سيادة القانون وحقوق الإنسان؛ وتجاهلوا مرتكبي الأعمال الإرهابية ضد الشعب ومؤسسات الدولة وقوات الأمن، وتجاهلوا الأعمال التي تُهدِّد السلم والنظام وتقوِّض استقلال الدولة وسيادتها، ومرتكبي تلك الأعمال. وخلصت المحكمة إلى أن اللجنة حاولت عن عمد تقويض استقلال القضاء ودستور ملديف، وأنها شجعت على القيام بأعمال تمس استقلال البلد وسيادته ونظامه الدستوري وسلامه ونظامه. وقضت بأن اللجنة انتهكت بالتالي المواد 141 ، و 145 (ج)، و 299 (أ) من دستور ملديف، وكذلك المادة 20 (أ) و(ب) من القانون رقم 22 / 2010 (قانون القضاء).

2 - 9 وأمرت المحكمة في حكمها اللجنة بالتقيد بمجموعة من المبادئ التوجيهية من 11 نقطة تقتضي منها ما يلي:

(أ) العمل وفقاً لدستور ملديف وقوانينها لضمان الحماية الكاملة لمصالح ملديف ومواطنيها؛

(ب) ضمان ألاّ يؤدي ذلك بأي شكل من الأشكال إلى الإخلال بوحدة مواطني ملديف وتجانسهم؛

(ج) ضمان عدم تقويض السلام والأمن والنظام وقواعد السلوك القديمة العهد؛

(د) ضمان عدم التداخل مع مسؤوليات سائر مؤسسات الدولة واختصاصاتها وعدم الاستيلاء على تلك المسؤوليات والاختصاصات؛

(هـ) ضمان أن تكون تلك الأنشطة مسموحاً بها في مجتمع ملديف بموجب دستور البلد وقوانينه؛

(و) ضمان توافق هذه الأنشطة مع عقيدة ملديف والمعايير المجتمعية المقبولة وحُسن السلوك؛

(ز) ضمان أن تكون هذه الأنشطة نابعة من سياسات مستندة إلى بحوث ذات مصداقية بما يتفق مع عقيدة ملديف والمعايير المجتمعية المقبولة، وحُسن السلوك، ودستور ملديف وقوانينه، وعلى نحو يكفل حماية الأمن الوطني والسلام والوحدة وفي إطار من التعاون الكامل مع سائر المؤسسات في ملديف؛

(ح) اتباع الإجراءات التي وضعتها الحكومة والعمل بوساطة المؤسسة الحكومية ذات الصلة في حال ما إذا كان على اللجنة أن تعمل مع هيئات أجنبية؛

(ط) دعم الحكومة الشرعية وضمان احترام سيادة القانون والحرص على أن تؤدي تلك الأنشطة إلى زيادة التزام المواطنين بسيادة القانون؛

(ي) ضمان عدم انطواء تلك الأنشطة على تحيُّز سياسي وألاّ تهدف إلى تعزيز مصالح حزب معيَّن أو التشهير بحزب معيّن؛

(ك) ضمان ألا تُشجِّع هذه الأنشطة على التطرف السياسي والاجتماعي والديني وألاّ تكون سبباً في تعريض ملديف لمشاق، وألا تلطخ السمعة الطيبة للدولة.

2 - 10 وشكك كثير من المراقبين الدوليين في حياد القضاء في ملديف، بما في ذلك منظمة العفو الدولية ( ) ، ولجنة الحقوقيين الدولية ( ) ، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحاميين ( ) ، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ( ) . كما انتقد العديد من المراقبين عدم وجود حرية التعبير في ملديف. فعلى سبيل المثال، أشارت وزارة الخارجية في الولايات المتحدة في تقريرها لعام 2014 عن حالة حقوق الإنسان في ملديف إلى أن المحاكم تسعى في كثير من الأحيان إلى تقييد حرية التعبير عن طريق إجراء استجوابات أو الشروع في ملاحقات قضائية ضد الأفراد الذين ينتقدون المحاكم، بما في ذلك مقاضاة لجنة حقوق الإنسان ( ) . ويواجه الصحفيون والعناصر الفاعلة في المجتمع المدني تهديدات باتخاذ إجراءات مماثلة في حال انتقادهم الحكومة ( ) .

2 - 11 وشدَّد قرار الجمعية العامة 70 / 163 وقرار مجلس حقوق الإنسان 27 / 18 على ألا تواجه المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وأعضاء وموظفو كل منها أي شكل من أشكال الانتقام أو التخويف بسبب أنشطتها، وأهاب القراران بالدول أن تحقق بصورة فورية وشاملة في أي قضايا تتعلق بادعاءات بحدوث أعمال انتقام أو تخويف ضد أعضاء وموظفي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أو ضد الأفراد الذين يتعاونون أو يسعون إلى التعاون معهم ( ) .

2 - 12 ويؤكد صاحبا البلاغ أنهما استنفدا سُبل الانتصاف المحلية لأن قرارات المحكمة العليا نهائية ولا تتاح أي سُبل انتصاف فعالة غير قضائية. ويحتج صاحبا البلاغ بدلاً من ذلك بأنه في حال وجود سُبل انتصاف قضائية أخرى فإنها لن تكون فعالة. وذكرا أيضاً أنهما لم يحيلا المسألة إلى هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

الشكوى

3 - 1 يؤكد صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقهما بموجب المادة 19 من العهد عندما شرعت المحكمة العليا في مقاضاة لجنة حقوق الإنسان بسبب ما جاء في تقريرها الخاص بالاستعراض الدوري الشامل؛ وحكمت بأن تقرير اللجنة غير قانوني ومنحاز ويقوِّض استقلال القضاء. وطالبت اللجنة باتباع مبادئ توجيهية تحد من قدرتها على العمل وتبادل المعلومات بحرية مع الأمم المتحدة وتُشكل اتهامات المحكمة ومبادئها التوجيهية قيوداً على اتصالات صاحبي البلاغ المحمية مع الأمم المتحدة ( ) ، وتمثل انتقاماً من اللجنة لتعاونها المشروع مع نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ولا يُسمح بفرض هذه القيود بموجب المادة 19 ( 3 ) من العهد. وأقرت اللجنة نفسها بأن التواصل بحرية معها هو شكل من أشكال التعبير يجب حماية المدافعين عنه من الانتقام ( ) .

3 - 2 ولا ترقى التهم أو المبادئ التوجيهية التي أصدرتها المحكمة العليا إلى مستوى التدابير الضرورية لتحقيق هدف مشروع. وعلاوة على ذلك، لا ينص القانون على التهم ولا المبادئ التوجيهية بالمعنى الوارد في المادة 19 من العهد، مع مراعاة التعليق العام للجنة رقم 34 ( 2011 ) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير. ويعد كثير من التهم، سواء منفردة أو في مجملها:

(أ) غامض وفضفاض على نحو غير مُبرر - مثل تُهم تقويض سياسة الدولة وإبداء التحيُّز؛

(ب) غير مستند إلى أُسس قانونية أو تفاصيل واضحة - مثل تهم تمثيل ملديف بشكل غير قانوني؛

(ج) مستمد من القانون التقليدي أو الديني أو العرفي - مثل التهم المتنافية مع أحكام الدستور التي تنص على أن اللجنة غير ملتزمة إلاّ بما تنص عليه الشريعة؛

(د) متعارض مع أحكام العهد وأهدافه ومقاصده: على سبيل المثال تُهم إقامة علاقات سياسية بصورة غير قانونية مع منظمات دولية.

3 - 3 وكما يتضح من الاجتهادات السابقة للجنة المعنية بحقوق الإنسان في قضية سينغر ضد كندا ، لم تشكل إجراءات المحكمة العليا انتهاكاً لحقوق اللجنة فحسب، بل وكذلك لحقوق صاحبي البلاغ كفردين ( ) . وترتبط حرية التعبير في طبيعتها بالشخص ارتباطاً غير قابل للتصرف. ويحق لصاحبي البلاغ نقل معلومات إلى الهيئات الدولية، ولذلك فقد وقع عليهما ضرر مباشر وشخصي بسبب المبادئ التوجيهية والاتهامات الصادرة عن المحكمة العليا.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأُسس الموضوعية

4 - 1 تُقر الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 4 نيسان/أبريل 2019 بالصعاب التي تواجهها لجنة حقوق الإنسان في ملديف أثناء عملها نتيجة للإجراءات التي تتخذها المحكمة العليا من تلقاء نفسها. وستأخذ الدولة الطرف في الاعتبار تأثير الحكم الصادر عن المحكمة العليا. ودخلت الدولة الطرف حقبة جديدة من الحكم الديمقراطي. وتعهدت الإدارة الجديدة بإصلاح جميع مؤسسات الدولة من أجل ضمان حماية حقوق الإنسان، وإعادة فرض احترام الالتزامات الدولية للدولة، وتعزيز عمل مؤسساتها داخل النطاق المحدَّد لاختصاصاتها. وتدور مناقشات ومساجلات بين أصحاب المصلحة حول السياسات المتعلقة بتلك الإصلاحات على الرغم من أن الإدارة بقيادة الرئيس إبراهيم محمد صليح لا تزال في مراحلها الأولى. ومع ذلك، قُطعت أشواط نحو الوفاء بالتعهد الرئيسي للحكومة بشأن إصلاح القوانين الضرورية المتعلقة باللجان المستقلة من أجل تمكينها من أداء وظائفها بحرية وموضوعية. وفي هذا الاتجاه، جرت صياغة مشروع قانون يقترح إدخال تعديلات على قانون 6 / 2006 (قانون لجنة حقوق الإنسان) لتقديمه إلى البرلمان. وبمجرد سن مشروع القانون فإنه سيمنح اللجنة سلطة غير مقيَّدة للقيام بما يلي:

(أ) التماس المساعدة من الشركاء الدوليين المعنيين، بما يشمل الشركاء الثنائيين والإقليميين والمنظمات الدولية، لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها؛

(ب) تقديم تقارير إلى المنظمات واللجان والهيئات والأفرقة العاملة وغيرها من الأجهزة الدولية، بصفتها مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، فيما يتصل بالالتزامات التي تفرضها على الدولة المعاهدات والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان التي تكون الدولة طرفاً فيها.

4 - 2 ويمثل الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا من تلقاء نفسها بطبيعته عملاً قضائياً. وفي ضوء الفصل الكامل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، على النحو المنصوص عليه في دستور عام 2008 ، لا يمكن للحكومة إلغاء قرارات المحكمة العليا. غير أن من الممكن معالجة مثل تلك القرارات عن طريق تعديل التشريعات ذات الصلة التي تختص بوضعها الهيئة التشريعية. وحالما يوضع مشروع القانون المذكور أعلاه الذي اقترحته الحكومة من خلال خطة عمل المائة يوم فإنه سيبدد المخاوف التي أثيرت في هذا البلاغ.

4 - 3 وتؤكد الدولة الطرف التزامها باحترام التزاماتها بموجب الاتفاقيات والتقيد بها، وخاصة ما يرتبط منها بالحقوق الأساسية وتدابير الحماية، وتؤكد للجنة أنه سيجري القيام بما يلزم لضمان حماية الحقوق المدنية لكل من يخضع لولاية الدولة الطرف في جميع الأوقات.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأُسس الموضوعية

5 - أقر صاحبا البلاغ في تعليقاتهما المؤرخة 4 حزيران/ يونيه 2019 بالتعديلات التشريعية المقترحة من الدولة الطرف، وأعربا عن ترحيبهما بتلك التعديلات. ومع ذلك، بينما تحول تلك التعديلات دون وقوع انتهاكات في المستقبل، فإنها لا توفِّر سبيلاً فعالاً للانتصاف من الانتهاكات المرتكبة في الماضي. ويؤكد صاحبا البلاغ من جديد ادعاءاتهما ويطلبان من اللجنة، كوسيلة انتصاف، ما يلي:

(أ) إعلان أن حقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 19 من العهد فد تعرضت لانتهاك؛

(ب) إعلان أن انتهاكات حق صاحبي البلاغ في حرية التعبير لا تندرج تحت أي قيود منصوص عليها في المادة 19 ( 3 ) من العهد، وغير منصوص عليها في القانون؛

(ج) إعلان أن صياغة الاتهامات والمبادئ التوجيهية تفتقر إلى الدقة الكافية لتمكين الفرد من التأكد مما هو مقيَّد بصورة سليمة، ولتنظيم سلوك ذلك الفرد بناء على ذلك، وتمنح المحكمة العليا سلطة تقديرية غير محدودة؛

(د) إعلان أن الاتهامات والمبادئ التوجيهية تُشكل في حد ذاتها انتهاكات للمادة 19 من المعهد لأنها لا تسعى إلى تحقيق هدف مشروع؛

(هـ) إعلان عدم وجود ضرورة لا للتُهم ولا المبادئ التوجيهية في تحقيق أي هدف مشروع؛

(و) إعلان أن التُهم والمبادئ التوجيهية تُشكل أعمالاً انتقامية ضد صاحبي البلاغ بسبب اتصالهما بالأمم المتحدة في اتصالات تحميها المادة 19 من العهد؛

(ز) دعوة الدولة الطرف إلى دعم القانون المقترح ودعوة السلطة التشريعية أيضاً إلى إصداره.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6 - 1 أبلغت الدولة الطرف اللجنة في رسالتها الإضافية المؤرخة 12 أيلول/سبتمبر 2019 بأنها لا ترغب في تقديم ملاحظات إضافية بشأن الأُسس الموضوعية للبلاغ، وقدمت معلومات عن المستجدات بشأن ما سبقت الإشارة إليه أعلاه من تعديلات مقترح إدخالها على القانون رقم 6 / 2006 (قانون لجنة حقوق الإنسان). وانتهت مرحلة القراءة والمناقشة الأوَّلية لفحص مشروع القانون. وسيخضع القانون لاستعراض نهائي قبل إحالته إلى البرلمان للتصويت عليه. وشارك أحد مقدمي هذا البلاغ، وهي السيدة محمود، في تقديم التعديلات المقترح إدخالها على القانون. ومن أبرز ما تتضمنه التعديلات أحكام تهدف إلى ضمان سلامة أعضاء لجنة حقوق الإنسان، بما يشمل وضع مدونة لقواعد السلوك واشتراط إعلان الأعضاء عن أصولهم المالية. ويقترح القانون أيضاً منح سلطات أوسع للجنة، بما يشمل منحها سلطات من خلال إنشاء آلية تعويض. وأثناء مناقشة مشروع القانون، نوقشت أهمية مواءمة التعديلات المقترحة مع المبادئ التوجيهية المنصوص عليها في مبادئ باريس.

6 - 2 وبموجب البند 26 من مشروع القانون، ستُمنح لجنة حقوق الإنسان صلاحية الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان الدولية والتواصل معها بحرية وفقاً للاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفاً فيها. وسيتيح ذلك حلاً للقيود المفروضة على اللجنة من خلال المبادئ التوجيهية المؤلفة من 11 نقطة التي أصدرتها المحكمة العليا.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في أي بلاغ، يجب أن تُقرر اللجنة وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتحققت اللجنة، على النحو الذي تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 3 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية البلاغ أو على الحجة المحددة التي ساقها صاحبا البلاغ بأنهما استنفدا جميع سُبل الانتصاف المحلية المتاحة، وتلاحظ أيضاً أن القرار المطعون فيه صدر عن المحكمة العليا التي لا يمكن بعدها استئناف الحكم. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن أحكام المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

7 - 4 وتلاحظ اللجنة أن الادعاءات والاستنتاجات التي خلصت إليها المحكمة العليا قد وجِّهت إلى لجنة حقوق الإنسان في ملديف ككيان. وتُذكر اللجنة بعدم جواز ادعاء أفراد بأنهم ضحايا بالمعنى المقصود في المادة 1 من البروتوكول الاختياري ما لم تكن حقوقهم بموجب العهد قد تأثرت فعلياً بفعل أو امتناع عن فعل من جانب دولة طرف، وإن كان الأمر يتعلق بالمدى الفعلي لمراعاة هذا الشرط ( ) . وتُشير اللجنة أيضاً إلى اجتهادها السابق الذي قضت فيه بأن الحق في حرية التعبير يرتبط بطبيعة الشخص ارتباطاً لا ينفصم ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ كانا عضوين في لجنة حقوق الإنسان أثناء الفترة ذات الصلة، وأن حكم المحكمة العليا ذكر أن أعضاء تلك اللجنة أبدو تحيُّزاً وقوضوا مصداقية اللجنة. واستدعت المحكمة العليا صاحبي البلاغ، بصفتهما مفوضين، للمثول بشخصيهما أمام المحكمة العليا حيث واجها أسئلة تعلقت بمضمون التقرير وأنشطة المفوضية. وتُلاحظ اللجنة أيضاً أن الادعاءات والاستنتاجات والمبادئ التوجيهية القاسية قد حدّت من قدرة اللجنة، بما في ذلك قدرة أعضائها، على التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها، وربما تكون قد أحدثت أثراً مثبطاً من شأنه أن يحد من قدرة المفوضين على التعبير عن آرائهم المهنية أثناء اضطلاعهم بمهامهم الرسمية. وتُشير اللجنة إلى أن القيمة التي يُوليها العهد للتعبير غير المقيَّد هي قيمة عالية بوجه خاص في ظروف النقاش العام بشأن المؤسسات العامة ( ) . وتلاحظ كذلك أن صاحبي البلاغ بصفتهما عضوين في مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، كانا ينقلان عبارات من أفراد آخرين في المجتمع وإليهم، وكانا يسعيان إلى نقل معلومات عن القضايا ذات الاهتمام العام، بما يشمل معلومات عن عمل المؤسسات العامة، إلى هؤلاء الأفراد. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ، فضلا عن اللجنة، قد تأثرا فعلياً، بصورة شخصية ومباشرة، بالادعاءات والاستنتاجات والمبادئ التوجيهية التي أعلنتها المحكمة العليا. ولذلك ترى أن المادة 1 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

7 - 5 وترى اللجنة أن مقبولية البلاغ لا تعترضها أي عقبات أخرى، ومن ثم فإنها تنتقل إلى النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأُسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة من الطرفين، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 والمسألة التي يتعيَّن على اللجنة أن تبت فيها هي ما إذا كانت الادعاءات المتعلقة بأفعال غير قانونية ومبادئ توجيهية صادرة عن المحكمة العليا ضد لجنة حقوق الإنسان تدخل في نطاق المادة 19 ( 3 ) من العهد، والتي لا تسمح بفرض قيود على الحق في حرية التعبير إلاّ وفقاً لما ينص عليه القانون، وعند الضرورة من أجل مراعاة حقوق الآخرين وسمعتهم ولحماية الأمن القومي أو الصحة العامة أو الأخلاق ( ) . وحول هذا الشأن، تُشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34 الذي ذكرت فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النماء الكامل للفرد، وهما ضروريان لأي مجتمع، ويُشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع حر وديمقراطي ( ) . ويجب أن يكون فرض أي قيود على ممارسة هاتين الحريتين متوافقاً مع معياري الضرورة والتناسب الصارمين. ولا يجوز فرض قيود إلاّ للأغراض التي وضعت من أجلها، ويجب أن ترتبط القيود ارتباطاً مباشراً بالحاجة المحددة التي اقتضت فرضها ( ) . وتُذكر اللجنة أيضاً باجتهاداتها السابقة التي أشارت فيها إلى أن الدولة الطرف تتحمل عبء إثبات ضرورة القيود المفروضة على حقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 19 من العهد وتناسبها ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا ادعت أن لجنة حقوق الإنسان ارتكبت 20 عملاً غير قانوني عندما ذكرت في تقريرها لعام 2014 الخاص بالاستعراض الدوري الشامل أن السلطة القضائية في ملديف تخضع لسيطرة المحكمة العليا. وشملت الادعاءات الموجهة ضد اللجنة ارتكابها أفعالاً تهدد الأمن الوطني والمصالح الوطنية، ونقل معلومات وتقارير بصورة غير قانونية باسم الدولة إلى هيئات أجنبية. وخلصت المحكمة العليا إلى أن اللجنة انتهكت ثلاث مواد من الدستور وحكماً من أحكام قانون القضاء، وهذه تُكرِّس معاً سيادة المحكمة العليا والدستور داخل الحكومة. وطلبت المحكمة العليا أيضاً من اللجنة أن تتقيد بمجموعة من أحد عشر مبدأ توجيهياً تفرض عليها في جملة أمور الامتناع عن تقويض السلام والأمن والنظام وقواعد السلوك القديمة العهد.

8 - 4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، رغم تقديمها معلومات كانت موضع ترحيب بشأن التشريع المقترح، فإنها لم توضح الأوجه التي تجعل الإجراءات المتخذة من المحكمة العليا والتي بموجبها فرضت عقوبات على اللجنة لانتقادها القضاء وأعاقت قدرتها هي وقدرة أعضائها على تبادل المعلومات مع أصحاب المصلحة المعنيين، إجراءات قانونية وضرورية ومتناسبة مع أي هدف مشروع بموجب المادة 19 ( 3 ) من العهد. ولذلك، تنظر اللجنة في استدلال المحكمة العليا الذي رأت فيه أن البيان المطعون فيه من اللجنة كان كاذباً ولا أساس له من الصحة، وينتهك بالتالي مختلف أحكام الدستور والقانون المحلي. ورأت المحكمة أن لجنة حقوق الإنسان لم تستشهد بأي مصادر رسمية تؤيد صحة البيان المطعون فيه. وعلى النقيض من ذلك، تحيط اللجنة المعنية بحقوق الإنسان علماً بما أكده صاحبا البلاغ من أن البيان المطعون فيه استند إلى المواجهات السابقة بين اللجنة والمحكمة العليا، وإلى التعميم الصادر عن المحكمة والموجه إلى المحاكم الأدنى درجة، وإلى تقرير أعدته المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين. وتلاحظ أن تقييم صحة بيان اللجنة بشأن سيطرة المحكمة العليا على السلطة القضائية في سياق هذه الآراء لا يدخل في نطاق اختصاصها.

8 - 5 وتلاحظ اللجنة أنه حتى بافتراض أن الادعاءات والاستنتاجات والمبادئ التوجيهية الصدارة عن المحكمة ضد اللجنة تستند إلى القانون وتسعى إلى تحقيق هدف مشروع، فإن الدولة الطرف مطالبة بإثبات أن العملية الشبيهة بالمحاكمة التي أُجريت للجنة حقوق الإنسان وشملت 20 انتهاكاً مزعوماً للقانون الدولي وأسفرت عن مجموعة مبادئ توجيهية من 11 نقطة لمراقبة عملياتها في المستقبل، كانت ضرورية لتحقيق هذا الهدف. وتُسلِّم اللجنة، في تحليلها لضرورة التدابير المقيّدة لحرية الكلام، بأن من المتوقع من موظفي الخدمة المدنية التحلي بالانضباط في ممارسة حرية التعبير في الحالات التي يمكن أن توضع فيها سلطة الهيئات التي يعملون فيها وحيادها في موضع شك. ومع ذلك، ترى اللجنة أن الولاية التي تنفرد بها مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان تسعى إلى الامتثال لمبادئ باريس تتيح لمسؤولي تلك المؤسسة حرية أكبر في التعبير عن انتقاد الهيئات العامة من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في البلد.

8 - 6 وينطوي شرط الضرورة على عنصر التناسب، أي تناسب نطاق التقييد المفروض على حرية التعبير مع قيمة ما يرمي التقييد إلى حمايته ( ) . وفي سياق تقييم تناسب الأفعال غير القانونية المزعومة والمبادئ التوجيهية الصادرة عن المحكمة العليا، تُشير اللجنة إلى أن من أهم أركان المجتمعات الحرة والديمقراطية السماح لمواطنيها بانتقاد مختلف فروع حكوماتهم أو تقييمها علناً ودون خوف من التدخل أو العقوبة ضمن الحدود المقررة في المادة 19 ( 3 ) من العهد ( ) . ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاحتجاج بالمادة 19 ( 3 ) من العهد لتبرير تكميم أي دعوة إلى المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ( ) .

8 - 7 وبهذا الصدد، ووفقاً للمادة 19 ( 3 ) من العهد، وضعت اللجنة في اعتبارها الحالة الخاصة للجنة كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، والواجبات والمسؤوليات الواقعة على عاتقها بسبب تلك الحالة، بما في ذلك ما يتعلق بحماية حرية التعبير. وتلاحظ اللجنة أن المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان يجب أن تتمتع بحرية التعليق المسؤول بُحسن نية على امتثال الحكومات لمبادئ حقوق الإنسان والالتزامات الناشئة عنها لكي تقوم بواجبها في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وتلاحظ اللجنة أيضاً السياق والمحفل اللذين صدر فيهما الانتقاد - أي في تقرير مكتوب مقدَّم إلى الاستعراض الدوري الشامل بهدف تحسين حالة حقوق الإنسان في كل بلد من خلال عملية بناءة تشمل تقديم تقارير من الدول والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وسائر أصحاب المصلحة المعنيين ( ) .

8 - 8 وترى اللجنة أن بادعاء المحكمة العليا ارتكاب لجنة حقوق الإنسان أفعالاً غير قانونية، بما في ذلك تصرفها على نحو يتداخل مع ولاية مؤسسات أخرى في الدولة ويقوض بالتالي ولايتها، وبمطالبتها ضمان ألاّ يلطخ عملها السمعة الطيبة للدولة الطرف وألاّ يُخل على أي وجه من الأوجه بوحدة مواطني ملديف وتجانسهم، يمكن تفسير المبادئ التوجيهية الصادرة عن المحكمة العليا بأنها تمنع اللجنة فعلياً من التعبير عما يساورها من قلق بشأن أي شخصية أو هيئة أو مؤسسة أو منظمة عامة أو خاصة داخل إقليم الدولة الطرف. وعليه، تلاحظ اللجنة أن ادعاءات المحكمة واستنتاجاتها ومبادئها التوجيهية أثرت على قدرة اللجنة على التعبير بحرية عن نفسها بشأن المسائل ذات الأهمية العامة، بما في ذلك أداء الحكومة مهامها واحترامها حقوق الإنسان في إقليم الدولة الطرف.

8 - 9 وبالتالي، ومع مراعاة طبيعة البيان المطعون فيه، ومهام اللجنة، والسياق البنّاء الذي صدر فيه البيان المطعون فيه، والطابع الخطير للدعوى التلقائية التي رُفعت ضد لجنة حقوق الإنسان، والعدد الكبير للأفعال والمبادئ التوجيهية غير القانونية المزعومة ونطاقها الواسع، وأثرها المثبط على قدرة اللجنة على التعبير عن نفسها في المستقبل، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات والاستنتاجات والمبادئ التوجيهية تُشكل قيوداً غير متناسبة على حُرية التعبير لصاحبي البلاغ لأنها لا تُمثِّل الأداة الأقل تدخلاً بين الأدوات التي يمكن أن تؤدي وظيفتها في حماية السلام والأمن ( ) . وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن ادعاءات المحكمة واستنتاجاتها بشأن ارتكاب أفعال غير قانونية والمبادئ التوجيهية التي أصدرتها ليست ضرورية لتحقيق هدف مشروع بالمعنى الوارد في المادة 19 ( 3 ) من العهد.

8 - 10 وبناءً على ما سبق، تخلص اللجنة إلى أن الادعاءات والاستنتاجات بشأن ارتكاب أفعال غير قانونية والمبادئ التوجيهية الصادرة عن المحكمة العليا ضد لجنة حقوق الإنسان في ملديف ترقى إلى مستوى انتهاك لحقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 19 من العهد.

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك من جانب الدولة الطرف للمادة 19 من العهد.

10 - وعملاً بالمادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر الضرر جبراً تاماً لمن انتهكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وترى اللجنة أن آراءها بشأن الأُسس الموضوعية للادعاء في هذه القضية تُشكل جبراً كافياً للضرر الناجم عن الانتهاك الذي تبيَّن حدوثه. ويقع على الدولة الطرف التزام باتخاذ كل ما يلزم من خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11 - واللجنة، إذا تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في وقوع انتهاك للعهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في أراضي إقليمها أو الخاضعين لولايتها، وأن توفِّر لهم سُبل انتصاف فعالة عندما يثبت وقوع انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع الآراء المعتمدة من اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

المرفق

رأي مشترك (مخالف) أعرب عنه أعضاء اللجنة كريستوف هاينز ، وخوسيه مانويل سانتوس باييس ، وأندرياس زيمرمان

1 - نأسف لعدم اتفاقنا مع ما ذهبت إليه غالبية أعضاء اللجنة من وقوع انتهاك لحقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في هذه القضية. وبينما لا يساورنا أي شك في أن المحكمة العليا تصرفت بطريقة يمكن أن تُثير انتقادات مبررة عن طريق لجوئها إلى إقامة دعوى من تلقاء نفسها ضد لجنة حقوق الإنسان في ملديف وإصدارها حكماً رسمياً بشأن الظروف المتصلة بالحق في التعبير وانتقاد المحكمة العليا نفسها، لا تُظهر الوقائع المعروضة على اللجنة أن صاحبي البلاغ قد تعرضا لضرر شخصي بسبب ذلك. ونرى بالتالي أنهما ليسا ”ضحيتين “ على النحو الذي تقتضيه المادة 1 من البروتوكول الاختياري لقبول الشكوى. وحتى في حال قبول الدعوى، فإن صاحبي البلاغ لم يثبتا انتهاك حقهما في حرية التعبير.

2 - ولا جدال في أن الأشخاص الاعتباريين لا يتمتعون بشرعية قانونية لتقديم شكاوى إلى اللجنة فيما يتعلق بالحقوق المحمية في العهد. ويفرض البروتوكول الاختياري استيفاء شرط الضحية عندما يُقدِّم أصحاب البلاغ شكاوى فردية إلى اللجنة (المادتان 1 و 2 ). وقبل النظر في الأُسس الموضوعية لدعوى ارتكاب انتهاك، يجب أن تكون اللجنة مقتنعة بأن الانتهاك المزعوم قد أفضى إلى عواقب شخصية ضارة على صاحبي البلاغ كل على حدة ( ) .

3 - وتُمثِّل لجنة حقوق الإنسان في ملديف شخصية اعتبارية وتفتقر بالتالي إلى القدرة على إقامة دعوى أمام اللجنة. وحتى لو أقيمت الدعوى رسمياً باسم أفراد من أعضائها، يجب أن تسعى اللجنة إلى ”اختراق ال حُجب“ لمعرفة ما إذا كانت الضحية الحقيقية هي فعلاً اللجنة. وإذا ثبت ذلك، ينبغي عدم قبول الشكوى من حيث ارتباطها بصاحبي البلاغ ( ) .

4 - والمسألة الأخرى التي ينبغي أخذها في الاعتبار هي ما إذا كان صاحبا البلاغ قد تعرضا لضرر شخصي يبرر اعتبارهما ضحيتين. وعلى الرغم من إمكانية الافتراض بسهولة أن صاحبي البلاغ كانا محقين في ما شعرا به من إحباط شديد، بل وما تعرضا له من تقييد فعلي في وظائفهم المهنية بسبب الإجراءات المتخذة من المحكمة العليا، لا تُقدِّم الوقائع المعروضة علينا أدلة تُثبت تأثرهم شخصياً بقرار المحكمة.

5 - ويجب أولاً تأكيد أنه لا ينبغي النظر إلى الدعوى التي أقامتها المحكمة العليا من تلقاء نفسها باعتبارها قضية جنائية، ولم تنشأ عنها أي عقوبات جنائية. وعلاوة على ذلك، بينما أصدرت المحكمة ”أمراً “، لم يُقدَّم أي دليل يثبت أي عواقب محتملة، سواءً بالنسبة للجنة أو لصاحبي البلاغ، يمكن أن تكون مرتبطة بعدم الامتثال - مثل دعوى ازدراء المحكمة.

6 - وعندما أعد صاحبا البلاغ تقريرهما وقدماه إلى مجلس حقوق الإنسان للنظر فيه أثناء الاستعراض السنوي الشامل الثاني لملديف، لم يكن ذلك بصفتهما الشخصية، بل بصفتهما الرسمية. وطلب منهما أيضاً المثول أمام المحكمة العليا بصفتهما مسؤولين في لجنة حقوق الإنسان في ملديف. وينطبق أمر المحكمة ومبادئها التوجيهية مباشرة على اللجنة وليس على صاحبي البلاغ بصفتهما الشخصية. وعلى أقل تقدير، لم يُقدِّم صاحبا البلاغ إلى اللجنة أي مثال يوضح تعرضهما للانتقام أو التخويف بعد صدور حكم المحكمة. ولذلك لا توحي الأدلة المعروضة على اللجنة بقيام المحكمة بفرض أي عقبات على صاحبي البلاغ اللذين يُعربان بصفتهما الشخصية عما أرادا قوله تحديداً بصفتهما عضوين في اللجنة.

7 - ومع ذلك، يمكن التساؤل عما إذا كانت قدرة صاحبي البلاغ على التعبير عن نفسيهما قد تأثرت تأثراً غير مباشر بقدر يمكن معه اعتبارهما ضحيتين. ويمكن تصور حدوث ذلك عندما يكون عملهما كمفوضين مترابطاً ترابطاً وثيقاً مع التعبير الشخصي بحيث تؤثر القيود المفروضة على لجنة حقوق الإنسان تأثيراً بعيد المدى بما يكفي للتأثير على قدرتهما على التعبير عن نفسيهما لإثبات وضعهما كضحيتين . ومرة أخرى، من الصعب التوصل إلى أدلة مقدمة على الأقل من صاحبي البلاغ تثبت أن هذا هو ما حدث في هذه القضية لإثبات صحة هذا الادعاء.

8 - وليس ثمة ادعاء، على سبيل المثال، يزعم تعرض لجنة حقوق الإنسان لاحتمالات تخفيض ميزانيتها أو إيقافها عن مواصلة التعامل مع الهيئات الدولية، أو اتخاذ خطوات أخرى مماثلة تنطوي على عواقب ملموسة على صاحبي البلاغ، حتى بافتراض أن هذه الخطوات كانت ستدخل عندئذ في الحقوق الفردية لصاحبي البلاغ. وفيما يتعلق بالمبادئ التوجيهية التي أصدرتها المحكمة، ينبغي الإشارة إلى أن هذه المبادئ التوجيهية، رغم ما تنطوي عليه من إشكالية، قد صيغت بعبارات عامة من قبيل أن اللجنة يجب أن تلتزم بدستور ملديف وقوانينها، وأن تبني استنتاجاتها على وقائع؛ وأن تتحلى بعدم التحيز؛ وأن تتقيد بسيادة القانون (الفقرة 2 - 9 ). ولئن كان ذلك يُشكل بوضوح تدخلاً غير مبرر في عمل أي مؤسسية وطنية لحقوق الإنسان وينذر بالخطر - على سبيل المثال بموجب المبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها (مبادئ باريس) - فإنه لا يعني أن صاحبي البلاغ، بصفتهما الشخصية، كانا ضحيتين بالمعنى المستخدم في البروتوكول الاختياري ( ) .

9 - وحتى إذا اعتُبرت القضية مقبولة، ستؤثر نفس المسائل المبيَّنة أعلاه على ما إذا كان قد حدث انتهاك لحقوق صاحبي البلاغ. ومن الواضح أن لأعضاء اللجنة الحق في حرية التعبير، ولكن إثبات وقوع انتهاك بموجب العهد يتطلب اقتناع اللجنة بتقييد هذا الحق دون داعٍ. وللأسباب نفسها المذكورة أعلاه، لا نرى أن حق صاحبي البلاغ في حرية التعبير قد تعرض لأي انتهاك فعلي، ولذلك لا تنشأ هنا مسألة ما إذا كانت القيود مبررة.

10 - وبناء على ذلك، نرى أن القضية ما كان ينبغي قبولها، ونعتقد بعدم وقوع أي انتهاك لحقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 19 من العهد، حتى في حال قبول القضية.