الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/3297/2019

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 August 2023

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3297/2019 * ** ***

بلاغ مقدم من: أوريول جونكيراس إي فيس، وراؤول روميفا إي رويدا، وجوزيب رول إي أندرو، وجوردي تورول إي نيغري (يمثلهم نيكو كريش)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 18 كانون الأول/ديسمبر 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من نظام اللجنة الداخلي، والمحال إلى الدولة الطرف في 1 شباط/فبراير 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 12 تموز/يوليه 2022

الموضوع: تعليق نشاط أعضاء برلمان إقليمي خلال تحقيق جنائي في جريمة تمرد مزعومة

المسائل الإجرائية: المسألة ذاتها قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: التصويت والانتخابات؛ والمشاركة في الشؤون العامة

مواد العهد: 25

مواد البروتوكول الاختياري: 5(2)(ب)

1-1 أصحاب البلاغ هم أوريول جونكيراس إي فيس، وراؤول روميفا إي رويدا، وجوزيب رول إي أندرو، وجوردي تورول إي نيغري. وهم مواطنون إسبان ولدوا على التوالي في 11 نيسان/أبريل 1969 و12 آذار/مارس 1971 و2 أيلول/سبتمبر 1968 و6 أيلول/سبتمبر 196 6. وهم يدّعون أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب المادة 25 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في 25 نيسان/أبريل 198 5. ويُمثِّل أصحابَ الشكوى محام.

1-2 وطلب أصحاب البلاغ إلى اللجنة، في رسالتهم الأولى، حث الدولة الطرف على اتخاذ تدابير مؤقتة لوقف تعليق نشاطهم في الوظيفة العامة إلى حين محاكمتهم واستنفاد طعونهم المحتملة. وفي 1 شباط/فبراير 2019 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عن طريق مقرّريها الخاصين المعنيين بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، تقديم ملاحظاتها على طلب أصحاب البلاغ اتخاذ تدابير مؤقتة. وقدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها في 1 آذار/مارس 2019، ثم معلومات إضافية في 3 نيسان/أبريل 201 9. وفي 22 أيار/مايو 2019، قدّم أصحاب البلاغ معلومات إضافية بشأن طلب اتخاذ تدابير مؤقتة، وطلبت الدولة الطرف وقف النظر في البلاغ ( ) . وفي 10 أيلول/سبتمبر 2019، قدّم أصحاب البلاغ تعليقاتهم على طلب الدولة الطرف وقف النظر في البلاغ.

1-3 وفي 22 تموز/يوليه 2020، أبلغت اللجنة، من خلال مقرريها الخاصين المعنيين بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، الطرفين بأن طلب أصحاب البلاغ اتخاذ تدابير احترازية أصبح غير مجد في ظل التطورات التي شهدتها الإجراءات. بيد أنها رفضت طلبات الدولة الطرف وقف النظر في البلاغ لأن هذه التطورات لا تعني عدم حدوث الانتهاكات السابقة المزعومة لحقوقهم.

الوقائع كما عرضها أصحاب الشكوى

2-1 أصحاب البلاغ أعضاء سابقون في حكومة كاتالونيا. وقد كان السيد جونكيراس نائبا ً للرئيس، والسيد روميفا والسيد رول والسيد تورول وزراء. وهم يزعمون أنهم انتُخبوا على أساس برنامج مؤيد للاستقلال وأنهم ساعدوا في تنظيم ودعم استفتاء عام 2017 بشأن الاستقلال.

2-2 وفي 6 أيلول/سبتمبر 2017، أقرّ برلمان كاتالونيا القانون 19 / 2017 الذي يجيز تنظيم استفتاء بشأن استقلال كاتالونيا. وفي 7 أيلول/سبتمبر 2017، علّقت المحكمة الدستورية القانون إلى حين البت في مدى دستوريته. وعلى الرغم من ذلك، أُجري الاستفتاء في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2017 وشارك فيه 43 في المائة من الناخبين. وقد صوّت 92 في المائة منهم لصالح الاستقلال. ويشير أصحاب البلاغ إلى أن الدولة الطرف أرسلت يوم الاستفتاء حوالي 000 6 ضابط شرطة إلى كاتالونيا، وقد أسفر تدخلهم الوحشي عن إصابة حوالي 900 شخص واعتقال العديد من منظمي الاستفتاء.

2-3 وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2017، أعلنت المحكمة الدستورية أن القانون 19 / 2017 مخالف للدستور وباطل. ويدّعي أصحاب البلاغ أن برلمان وحكومة كاتالونيا دعيا حكومة الدولة الطرف إلى الحوار من أجل حلّ الأزمة الدستورية بشكل سلمي وقبول وساطة دولية. بيد أن حكومة الدولة الطرف رفضت هذه الدعوة. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 2017، أعلن برلمان كاتالونيا الاستقلال فجرى حله على الفور من قبل حكومة الدولة الطرف بموجب المادة 155 من الدستور. ودعت حكومة الدولة الطرف إلى إجراء انتخابات إقليمية جديدة في 21 كانون الأول/ديسمبر 2017 ( ) .

2-4 وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2017، باشرت المدعية العام للدولة الطرف إجراءات جنائية ضد أصحاب البلاغ بتهمة التمرد واختلاس الأموال العامة. وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أمر قاضي التحقيق بالمحكمة الوطنية العليا بإيداعهم الحبس الاحتياطي. وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أعلنت المحكمة العليا اختصاصها بالنظر في الإجراءات الجنائية المعنية. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2017، أيّدت المحكمة العليا إيداع لسيد جونكيراس الحبس الاحتياطي واشترطت كفالة للإفراج عن السادة روميفا ورول وتورول.

2-5 وفي 21 آذار/مارس 2018، أيّد قاضي التحقيق بالمحكمة العليا رسميا ً قرار مباشرة الإجراءات الجنائية ضد أصحاب البلاغ. وفي 23 آذار / مارس 2018، أصدر القاضي نفسه أمرا ً بتمديد اعتقال السادة روميفا ورول وتورول. وظل أصحاب البلاغ في الحبس الاحتياطي منذ ذلك التاريخ ولم يكن باستطاعتهم المشاركة في الشؤون البرلمانية إلا من خلال التصويت بالوكالة. ورُفضت طلباتهم لحضور جلسات البرلمان . ومُنع السيد تورول، الذي كان مرشحا ً لرئاسة كاتالونيا عند إيداعه الحبس الاحتياطي للمرة الثانية، من الترشح للانتخابات المقررة بعد يوم من ذلك، أي في 24 آذار/مارس 201 8. وفي أيار/مايو 2018، عُيّن السيدان رول وتورول وزيرين في حكومة كاتالونيا، لكنّهما مُنعا من تولي وظيفتهما. وفي 26 حزيران/يونيه 2018، رفضت غرفة الاستئناف بالمحكمة العليا الطعن في قرار قاضي التحقيق، مؤيدة بذلك قرار مباشرة الإجراءات الجنائية.

2-6 وفي 9 تموز/يوليه 2018، أعلن قاضي التحقيق نهاية مرحلة التحقيق، وأبلغ برلمان كاتالونيا بأمور منها أن أصحاب البلاغ أوقفوا - تلقائيا ً وبموجب المادة 384 مكررا ً من [قانون الإجراءات الجنائية] – عن ممارسة نشاطهم في الوظيفة العامة والمناصب العامة، وأن مكتب البرلمان ملزم باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ الحكم القانوني" ( ) .

2-7 ويؤكّد أصحاب البلاغ أن تعريف جريمة التمرد الوارد في المادة 472 من قانون العقوبات في الدولة الطرف ينص على ما يلي: "يتهم بجريمة التمرد كل من ينتفض بشكل عنيف وعلني لأي من الأغراض التالية:( 1) إلغاء الدستور أو تعليقه أو تعديله كليا ً أو جزئيا ً [.. .]؛ و( 5) إعلان استقلال جزء من الإقليم الوطني [.. .]". ويضيفون أن المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية للدولة الطرف تنص على ما يلي: "بمجرد توقيع لائحة اتهام وإصدار أمر بالحبس الاحتياطي بسبب جريمة ارتكبها شخص عضو في عصابات مسلّحة أو جماعات إرهابية أو متمردة أو مرتبط بها، يوقف الأشخاص المتهمون الذي يشغلون وظيفة عامة توقيفا ً تلقائيا ً عن الممارسة طيلة فترة حبسهم".

2-8 وفي 30 تموز/يوليه 2018، رفضت غرفة الاستئناف بالمحكمة العليا استئناف أصحاب البلاغ قرار قاضي التحقيق. ويشير أصحاب البلاغ إلى أن المحكمة أكدت أن المادة 384 مكررا ً تطبق بشكل تلقائي وأعلنت توافقها مع حقوقهم السياسية. وقد استأنف أصحاب البلاغ قرار المحكمة العليا أمام المحكمة الدستورية لإنفاذ الحقوق الدستورية في 19 أيلول/سبتمبر (بالنسبة للسيدين جونكيراس وروميفا) وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (بالنسبة للسيدين رول وتورول ). كما طالبوا باتخاذ تدابير احترازية لوقف قرار تعليق نشاطهم في الوظيفة العامة. ويدّعي أصحاب البلاغ أن المحكمة الدستورية لم تكن قد بتّت، عند تقديم البلاغ الفردي، في الأسس الموضوعية للقضية ولا في طلب اتخاذ تدابير احترازية. وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أعلنت المحكمة العليا عقد جلسة شفوية لمحاكمة أصحاب البلاغ بتهمة التمرد ضمن جرائم أخرى.

الشكوى

3-1 يّدعي أصحاب البلاغ أن ممارسة حقوقهم السياسية بموجب المادة 25 من العهد "لا يجوز تعليقها أو إنكارها إلا لأسباب ينص عليها القانون وتكون معقولة وموضوعية وتنطوي على إجراءات عادلة ومنصفة" ( ) . ويضيفون أن التبرير يجب أن يكون قويا ً بشكل خاص عندما تستهدف القيود الفائزين في الانتخابات وبالتالي تقوض حرية الناخبين في التعبير عن إرادتهم ( ) . وينبغي أن تخضع القيود لتمحيص خاص عندما لا تستهدف - كما في هذه القضية – الممثلين الفرديين للجماعات السياسية وإنما قيادتها، وعندما تُطبق قبل اختتام المحاكمة الجنائية التي تستوجب توفير الضمانات الإجرائية. ويدّعي أصحاب البلاغ أن قرار تعليق النشاط: (أ) لم يستند إلى أسس معقولة وموضوعية ينص عليها القانون؛ و(ب) كان تعسفيا ً لعدم مراعاة الظروف الفردية لأصحاب البلاغ، و(ج) لم ينفذ وفقا ً لضمانات النزاهة والإجراءات القانونية الواجبة ( ) .

3-2 وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، يدّعي أصحاب البلاغ أن القانون لا ينص على تعليق نشاطهم لأن جريمة التمرد تقتصر، بموجب القانون المحلي، على "من ينتفضون بشكل عنيف وعلني..." (انظر الفقرة 2- 7) لأغراض معينة، بما فيها إعلان استقلال جزء من إقليم الدولة الطرف. ويضيفون أن عنصر العنف محوري في تعريف جريمة التمرد كما يتضح من مساواة المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية بين التمرد والإرهاب والانتماء إلى عصابات مسلحة. ويوضح أصحاب البلاغ أن المحكمة العليا ترى أن عنصر العنف كان موجودا ً في خطة سياسية تشمل "استخدام الاحتجاجات الشعبية [.. .] للضغط على الدولة [الطرف]" ( ) . ويضيف أصحاب البلاغ أن المحكمة العليا خلصت إلى وجود العنف في حدثين. وأما الأول فتمثل في مظاهرة نُظمت في 20 أيلول/سبتمبر 2017 وكانت سلمية إلى حد كبير، إذ لم يتورط سوى عدد قليل من المشاركين في إتلاف سيارات الشرطة. وأما الثاني فتمثل في استفتاء 1 تشرين الأول/أكتوبر 2017، على الرغم من أن أعمال العنف الوحيدة الذي ارتُكبت في ذلك اليوم - وتناقلتها التقارير الصحفية في جميع أنحاء العالم – كانت من جانب الشرطة التي حاولت اقتحام مراكز الاقتراع التي كانت تعج بالمواطنين. ويدّعي أصحاب البلاغ أنهم، وقيادات أخرى في حكومة كاتالونيا، قاموا، في المناسبتين، بحثّ المواطنين على الالتزام بسلوك سلمي.

3-3 ويدفع أصحاب البلاغ بأن هذه الأحداث لا تصنف عادة على أنها "عنيفة". ويشيرون إلى أن المحكمة الألمانية التي بتت في تسليم الرئيس السابق لحكومة كاتالونيا، السيد بوتشيمون، أكدت ذلك. وشدّدت على أن بوتشيمون "سعى إلى استخدام طرق ديمقراطية محددة لإضفاء الشرعية على قضية الانفصال"، وأنه كان يوجد "اتفاق ضمني لنبذ العنف"، وأن الأفعال المنسوبة إليه لن تشكل، بموجب القانون الألماني، عملا ً جنائيا ً ( ) . ويشير أصحاب البلاغ إلى أن المحكمة ترى أن "نظام القانون الجنائي، في الدول الديمقراطية الاجتماعية، ملزم وفقا ً للدستور بأن يتدخل باعتدال في الخلافات السياسية" ( ) . وفي ضوء ذلك، رفضت المحكمة تسليم السيد بوتشيمون بسبب جريمة التمرد ( ) . ويشير أصحاب البلاغ إلى أن المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير طلب إلى سلطات الدولة الطرف الامتناع عن مقاضاة القادة السياسيين الكاتالونيين بموجب جريمة التمرد، وقال: "أخشى أن تتعارض الاتهامات بالتمرد بسبب أعمال لا تنطوي على عنف أو تحريض على العنف مع الحق في تنظيم الاحتجاجات العامة والمعارضة" ( ) .

3-4 ويدّعي أصحاب البلاغ أن المحكمة العليا اختارت بدلا ً من ذلك تفسيرا ً مبالغا ً فيه للعنف يبتعد عن القراءة التقييدية التي استخدمتها المحكمة الدستورية في السابق، وأقرت بأن "التمرد تقوم به جماعة تهدف إلى استخدام أسلحة الحرب أو المتفجرات استخداما ً غير مشروع بغرض تدمير النظام الدستوري أو قلبه" ( ) . ويدعي أصحاب البلاغ أن قاضي التحقيق لم يشر إلى هذا الاجتهاد القضائي عند بته في قرارات تعليق النشاط الصادرة في 9 تموز/يوليه 201 8. ويدفع أصحاب البلاغ بأن 100 خبير قانوني إسباني أعربوا في نهاية عام 2017 عن معارضتهم لاستخدام جريمة التمرد في قضيتهم كونها تقتضي وجود انتفاضة عنيفة ( ) . وقد سار على خطاهم أكثر من 120 قاضيا ً في نهاية عام 2018 ( ) . وهم يضيفون أن المدعية العامة للدولة الطرف نفسها قررت عدم توجيه تهم التمرّد متخذة موقفا ً مخالفا ً لموقف قاضي التحقيق وباقي الأطراف المدعية ضد أصحاب البلاغ (مكتب المدعي العام للدولة الطرف وحزب فوكس السياسي ). وقد أوضحوا أنها اكتفت بتوجيه تهم الفتنة والعصيان واختلاس الأموال العامة، وهي كلها جرائم لا تسفر عن التوقيف التلقائي عن ممارسة الوظيفة العامة.

3-5 ويدفع اصحاب البلاغ بأن السماح بمثل هذا التفسير للقانون سيكون أيضا ً غير معقول. ويدفعون بأنه إذا كانت "الاحتجاجات الشعبية" من أجل "الضغط على الدولة" لإحداث تغيير دستوري سببا ً كافيا ً لتعليق الولايات السياسية، فإنه سيكون بإمكان الحكومات تجاهل الضمانات المنصوص عليها في المادة 25 من العهد تجاهلا ً تاما ً . ويدّعي أصحاب البلاغ أن حالتهم تشبه الحالات التي يقيد فيها عمل الأحزاب السياسية التي "تروج بشكل سلمي لأفكار لا تحظى بتأييد الحكومة أو أغلبية السكان"، لأنها تتمثل في تعليق مهام غالبية قيادي الجماعات السياسية المؤيدة للاستقلال ( ) . ويوضحون أنه يتعين على الدولة الطرف، وفقا ً للجنة، أن "تبين أن حظر تكوين الجمعيات ومحاكمة أي شخص بسبب عضويته في هذه المنظمات أمر ضروري لدرء أي خطر حقيقي، وليس افتراضي فقط، على الأمن القومي أو النظام الديمقراطي، وأن اعتماد تدابير أقل تدخلا ً سيكون غير كاف لتحقيق هذا الغرض" ( ) .

3-6 وفيما يتعلق بالنقطة الثانية، يؤكد أصحاب البلاغ أن تقييد الاحتجاج بالمادة 25 من العهد يجب أن يأخذ في الاعتبار خطورة التدخل وقوة المبررات في كل حالة على حدة. وهم يرون أن التطبيق التلقائي للمادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية حال دون إجراء هذا التقييم الفردي. وخلصوا إلى أن التفسير الواسع للمحكمة العليا أفضى إلى تعليق وظائفهم العامة في ظروف متباينة جدا ً لا تسمح باعتبار هذا التدبير متناسبا ً ما لم يضف طابع فردي أكبر على أسباب التقييد في كل حالة على حدة.

3-7 وفيما يتعلق بالنقطة الثالثة والأخيرة، يدفع أصحاب البلاغ بأن المادة 25 من العهد تشترط أن تكون أسباب عزل المسؤولين المنتخبين مضبوطة بأحكام تشمل إجراءات عادلة ومنصفة (انظر الفقرة 3- 1). وهم يفهمون، بموجب العهد، أن مسألة العزل من المنصب في مثل هذه الحالات، على الرغم من أنه لا يمكن استبعادها تماما ً . غير أن هذا العزل يجب أن يخضع دائما ً للتمحيص، وأن يبرر استنادا ً إلى أسس استثنائية، وأن يستوفي معايير عالية من النزاهة الإجرائية. ويذكرون بأن اللجنة قررت أنه في الحالات التي يدان فيها معارضون للحكومة أو يحالون على القضاء في أعقاب تحقيق، قد يعتبر أي تعليق لنشاطهم أو تقويض لحقهم في التصويت أو الترشح للمناصب تعسفيا ً إذا ما أسفرت عنه محاكمة لم تحترم الإجراءات القانونية الواجبة ( ) . ويدّعون أن التوقيف عن العمل، في حالتهم، لم يستوف معايير التمحيص العالية في الإجراءات القانونية بموجب المادة 25 من العهد، وهو ما يضع أمورا ً منها نزاهة المحاكم المتدخلة موضع شك صارخ.

3-8 وفيما يتعلق بشرط استنفاد سبل الانتصاف، يدفع أصحاب البلاغ بأنهم استنفدوا جميع سبل الانتصاف المتاحة والفعالة لوقف إجراء تعليق نشاطهم. ويزعمون أنه على الرغم من تقديمهم طعونا ً إلى المحكمة الدستورية في تشرين الأول/أكتوبر 2018 لإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) - بما في ذلك طلبات اتخاذ تدابير احترازية - فإنه لا يمكن اعتبارها فعالة. ويوضحون أن المحكمة الدستورية رفضت في 11 كانون الأول/ديسمبر 2018 طلب تدابير احترازية في قضية موازية طلب فيها مواطنون وقف تعليق نشاط أصحاب البلاغ، بحجة أنه ينتهك حقهم في التصويت. ويؤكد أصحاب البلاغ أن المحكمة لم تنظر، في إطار هذه القضية، في مدى إمكانية نجاح التدابير الاحترازية، بل استندت في قرارها فقط إلى الحجة التي تفيد بـأن وقف تعليق النشاط "سيكون بمثابة استباق لإمكانية صدور حكم يؤيد طلب إنفاذ الحقوق الدستورية" ( ) . ويحتجون بأن هذا المنطق ينطبق أيضا ً على طلباتهم الخاصة بالتدابير الاحترازية، وبالتالي تنعدم فرص نجاح لطلباتهم. ويشير أصحاب البلاغ إلى أن الحقوق السياسية تتأثر جدا ً بمرور الوقت، مضيفين أن التعليق الذي يستهدفهم يعني ( ) إلغاء فوزهم الانتخابي، لأن بت المحكمة الدستورية في الأسس الموضوعية يستغرق أكثر من عامين في المتوسط ويمكن أن يستغرق مدة أطول. ويدعون أن سبيل الانتصاف المتمثل في إنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) أصبح، في هذه الظروف، غير فعال لأغراض استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأنه لا يستطيع منع إلحاق ضرر غير قابل للجبر بحقوقهم ( ) .

3-9 ويطلب أصحاب البلاغ إلى اللجنة أن تعلن (أ) أن التعليق المفروض عليهم يشكل انتهاكا ً للمادة 25 من العهد، و(ب) أن الدولة الطرف وجميع مؤسساتها ملزمة بإلغاء قرارات تعليق نشاطهم.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 تلاحظ الدولة الطرف، في ملاحظاتها المقدّمة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، أن أصحاب البلاغ وافقوا على تعويضهم بأعضاء آخرين في مجموعتهم البرلمانية طيلة فترة تعليق نشاطهم. وتضيف أن جميع أصحاب البلاغ، باستثناء السيد روميفا، استقالوا في 17 أيار/مايو 2019 من مناصبهم كنواب إقليميين لتولي مناصبهم كأعضاء في كونغرس البرلمان الإسباني بعد فوزهم في انتخابات نيسان/أبريل 2019 ( ) . وتوضّح أن الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا أدانت أصحاب البلاغ في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2019 ليس بجريمة التمرد بل بجريمة الفتنة، وأن تعليق عمل السيد روميفا كنائب إقليمي أُلغي فورا ً .

4-2 وأولا ً ، تدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لأن البت في طلبات إنفاذ الحقوق الدستورية، التي كانت لاتزال عالقة، لم يكن قد تم بعدُ عند تقديم البلاغ. وتوضح أن المحكمة الدستورية بتت في هذه الطلبات في 28 كانون الثاني/يناير و25 شباط/فبراير 2020 على التوالي. وتدفع بأن أصحاب البلاغ يدعون عدم فعالية طلبات إنفاذ الحقوق الدستورية، مع أن التشكيك في سبل الانتصاف المحلية لا يعفيهم من استنفادها ( ) ، ويجب عليهم بذل العناية الواجبة للاستفادة منها ( ) . وتدفع بأن تبرير عدم فعالية سبل الانتصاف المتاحة يقع على عاتق أصحاب البلاغ ( ) . وأخيرا ً ، تضيف الدولة الطرف أن اللجنة اعتبرت أن مهلة سنتين للنظر في طعن دستوري لا تشكل تأخرا ً طويلا ً جدا ً ( ) .

4-3 وثانيا ً ، تدفع الدولة الطرف بأنه لم يحدث انتهاك للمادة 25 من العهد كون إجراء التعليق تنص عليه المادة 384 مكرّرا ً من قانون الإجراءات الجنائية، ويتفق مع العهد لأنه إجراء معقول وموضوعي وطُبق على قضية أصحاب البلاغ تطبيقا ً فرديا ً ومتناسبا ً .

4-4 وفيما يتعلق بتوافق المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية مع العهد، تدفع الدولة الطرف بأن المادة وُضعت في عام 1988 وأعلنتها المحكمة الدستورية مطابقة للدستور في عام 199 4. وهكذا، لا يمكن القول إنها اعتمدت للحد من حقوق أصحاب البلاغ ( ) . وتدعي الدولة الطرف أن إجراء تعليق النشاط في الوظائف العامة الذي تنظمه هذه القاعدة الإجرائية يعتبر: (أ) ضروريا ً للمحافظة على مجتمع ديمقراطي وبالتالي معقولا؛ و(ب) موضوعيا ً ، لأنه مخصّص لغرض عام وليس لأي شخص بعينه؛ و(ج) متناسبا ً ، بالنظر إلى طبيعة الاعتداء المنسوب إلى الشخص المعني والذي يعتبر اعتداء على المجتمع الديمقراطي نفسه؛ و(د) منطبقا ً عندما تكون الإجراءات الجنائية قد بلغت بالفعل مرحلة متقدمة، أي عند توجيه الاتهام إلى الشخص المعني وصدور الأمر بإيداعه الحبس الاحتياطي.

4 -5 وفيما يتعلق بتطبيق المادة 384 مكررا ً على أصحاب البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأن تطبيقها: (أ) جرى وفقا ً للشروط التي ينص عليها القانون نفسه، و(ب) جرى بشكل فردي حتى يكون تقييد الحقوق السياسية لأصحاب البلاغ متناسبا ً قدر الإمكان وأقل ضررا ً قدر الإمكان بمصالح المجموعة السياسية التي ينتمون إليها في برلمان كاتالونيا. وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، تؤكد الدولة الطرف أن مقتضيات المادة 384 مكررا ً امتثلت عند تطبيقها على أصحاب البلاغ. وفي هذا الصدد: (أ) اتهموا بجريمة التمرد، و(ب) أودعوا الحبس الاحتياطي، و(ج) صدرت في حقهم لائحة اتهام ( ) . وفيما يتعلق بالنقطة الثانية، توضح الدولة الطرف أن التطبيق الفردي لإجراء التعليق على أصحاب البلاغ لم يكن قد تمّ بعد عند صدور أمر 9 تموز/يوليه 201 8. وتطبيقه الفعلي، كما يوضح ذلك الأمر نفسه، يندرج ضمن اختصاص برلمان كاتالونيا. وتوضح أن برلمان كاتالونيا طبق القرار بشكل فردي لضمان عدم حدوث تغيير على الأغلبية البرلمانية. وتحقيقا ً لهذه الغاية، استعاض البرلمان عن الأعضاء الموقوفين بأعضاء آخرين من نفس المجموعة، وهو تدبير أقرته المجموعة البرلمانية لأصحاب البلاغ وأصحاب البلاغ أنفسهم ( ) . وتدفع الدولة الطرف بأن التعليق لم يكن بالتالي "تلقائيا" لأنه يقتضي مشاركة البرلمان ، الذي طبقه على نحو أقل تقييدا ً للحقوق السياسية لأصحاب البلاغ وكذا لمجموعتهم البرلمانية. وتشير إلى أن كل أصحاب البلاغ وافقوا على تعويضهم بأعضاء آخرين من مجموعتهم البرلمانية، مع أن التعويض لم يشمل في الواقع سوى السيد روميفا لأنه الوحيد الذي رفض التخلي عن منصبه كنائب إقليمي. وتضيف أنه تم رفع إجراء التعليق بمجرد أن أصدرت المحكمة العليا حكمها في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث لم تخلص إلى وجود جريمة التمرد على وجه التحديد لعدم وجود عنصر العنف الذي يشترطه التصنيف الجنائي ( ) . ونتيجة لذلك، أمر قاضي التحقيق برفع إجراء تعليق نشاط السيد روميفا فورا ً .

4-6 وفيما يتعلق بادعاءات أصحاب البلاغ أن المحاكم غير نزيهة وأن الدعوى المرفوعة بتهمة التمرد الهدف منها اضطهاد الحركة الاستقلالية، تشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة العليا نفسها - التي يعتبرها أصحاب البلاغ متحيزة - قررت عدم وجود جريمة تمرد في غياب عنصر العنف المشترط ( ) . وتدّعي أن هذا دليل على حسن سير نظام القضاء في الدولة الطرف من خلال تمييزه بين مرحلتي التحقيق والمحاكمة وفصله بشكل مطلق بين مرحلتي الإجراءات الجنائية. وتؤكد الدولة الطرف أنه تم على هذا النحو استيفاء الحجة الرئيسية التي ساقها أصحاب البلاغ وتتمثل في عدم وجود جريمة التمرد.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 كرر أصحاب البلاغ، في تعليقاتهم المؤرخة 7 آذار/مارس 2021، حججهم بشأن المقبولية الواردة في رسالتهم الأولى. ويضيفون أن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لم يعد مشكلة، لأن المحكمة الدستورية رفضت نهائيا ً طعون أصحاب البلاغ في حكميها المؤرخين 28 كانون الثاني/يناير و25 شباط/فبراير 202 0. ويؤكّدون أنه لا تتاح سبل انتصاف أخرى في النظام القانوني المحلي. وهكذا، لم تغتنم الدولة الطرف الفرصة التي تتيحها قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية لمعالجة الانتهاكات من خلال نظامها القضائي. ويؤكّدون أن اللجنة ترى أنه لا توجد مشكلة في العادة عند بلوغ سبيل انتصاف معين مرحلته الأخيرة بعد تقديم البلاغ وإنما عند بلوغها قبل البت في مسألة المقبولية ( ) .

5-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يدّعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف تذكر بالأساس قرارات المحكمة الدستورية التي اكتفت بتقييم ما إذا طُبق القانون المعني بشكل تعسفي أم لا. ويضيفون أن الدولة الطرف لم تتناول قط مسألة ما إذا كان التدخل في حقوقهم مبررا ً في هذه القضية، نظرا ً لعدم وجود العناصر التالية: (أ) العنف، و(ب) التقييم الفردي، و(ج) إجراءات عادلة ومنصفة.

5-3 وفيما يتعلق بعدم وجود عنصر العنف، يدّعي أصحاب البلاغ أن المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية تنص على تدبير استثنائي، إذ لا يجوز في هذه المرحلة من الإجراءات، السابقة للمحاكمة الجنائية، تعليق نشاط أي موظف بسبب أي جريمة أخرى غير التمرد. وهم يزعمون أن جريمة التمرد تتطلب وجود عنصر "الانتفاضة العنيفة"، الذي لم يُشَر إليه قط في قضيتهم، والذي، باعتراف الجميع الآن، خالت منه كليا ً أعمالهم أو نداءاتهم أو استراتيجياتهم. ويضيفون أن قاضي التحقيق استخدم تفسيرا ً واسعا ً لإبعاد المعارضة السياسية السلمية عن مركز الحياة السياسية. ويدعي أصحاب البلاغ أن قاضي التحقيق اعتبر أفعالهم "عنيفة" بالأساس لأن زمرة من المشاركين أتلفوا عربات تابعة للشرطة وقطعوا الطريق أمام الشرطة أثناء المظاهرات والاستفتاء، ولأن الشرطة لجأت إلى العنف لتفريق المتظاهرين. ويلاحظون أن اللجنة قررت في تعليقها العام الأخير رقم 37(202 0) أنه لا يمكن الاستناد إلى هذه الأفعال لنسب العنف إلى من لم يستخدموه أو يحرضوا عليه ( ) . ويدفع أصحاب البلاغ بأن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي خلص في نيسان/أبريل 2019 إلى أن أفعالهم كانت سلمية وغير عنيفة وإلى أن الدولة الطرف انتهكت بوضوح حقوق ستة نشطاء وسياسيين من حركة الاستقلال الكاتالونية، بمن فيهم ثلاثة من أصحاب البلاغ ( ) . ويضيفون أن المحكمة العليا نفسها أقرت بأن عملهم السياسي لم يبلغ حد العنف الذي يحوله إلى " تمرد " .

5-4 ويدّعي أصحاب البلاغ أن تهمة "التمرد" كانت دائما ً تفتقر إلى أساس وقائعي، وأن الاتهامات الرسمية التي صدرت عن قاضي التحقيق – واستند إليها قرار تعليق نشاطهم - كانت دون أساس قانوني وبُنيت على تفسير فضفاض جدا ً لقانون العقوبات. ويضيفون أنه في ظل غياب عنصر العنف، كان قرار التعليق غير متناسب ومخلا ً بشرطي "الموضوعية والمعقولية" المنصوص عليهما في العهد. ويدفع أصحاب البلاغ بأن تحديد عتبة دنيا لإجراء خطير مثل تعليق الحقوق الديمقراطية الأساسية قبل المحاكمة سيكون مخلا ً بهذه الشروط. ويضيفون أن حرية التعبير والحقوق السياسية مترابطة ومتعاضدة. وهم يدفعون بأن الحملات السياسية السلمية محمية بحرية التعبير، ومن ثم لا يمكن الاستناد إليها لتقييد الحق في الترشح للانتخابات ( ) .

5-5 ويدّعي أصحاب البلاغ أن المحكمة الدستورية لم تقيّم كما يجب الأسس الموضوعية عند إعادة النظر في قرار تعليق نشاطهم. وهم يؤكدون أن المحكمة أعادت النظر فيه بشكل محدود جدا ً ، وسعت فقط إلى تحديد ما إذا كان تفسير قاضي التحقيق للقانون "تعسفيا ً أو غير معقول أو خاطئا ً بشكل واضح"، وهو ما نفته. ويؤكدون أن تعليل المحكمة يستند بالأساس إلى أن أي تفسير لجريمة "التمرد" سيكون غير معقول إذا شمل النظر فيما إذا كان الهدف من التمرد "الطعن في أساس الدولة الديمقراطية" ( ) . ويدفع أصحاب البلاغ بأن ذلك يفضي إلى تجاهل كلي للمعنى الحرفي لـعنصر "الانتفاضة العنيفة" الذي يشترطه قانون العقوبات ويسمح بأن يطبق على كل الاحتجاجات السياسية السلمية، بما فيها مبادرات الإصلاحات الدستورية الأساسية. ويضيفون أن هذا من شأنه أن يخلق حالة من عدم الوضوح ويحوّل جريمة التمرد (التي يعاقب عليها بأحكام سجنية تصل إلى 25 عاما ً وتنطوي على إمكانية تعليق الحقوق السياسية قبل المحاكمة) إلى أداة مرنة لاضطهاد المعارضة السياسية.

5-6 وفيما يتعلق بعدم تقييم كل حالة عل حدة، يذكر أصحاب البلاغ أن اللجنة أبرزت مؤخرا ً أهمية القيام بذلك في سياق تقييد الحقوق الواردة في المادة 25 ( ) . ويدعون أن تحليل الدولة الطرف خاطئ لأنه يستند إلى فرضية أن مجرد تطبيق المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية يعتبر تقييما ً فرديا ً كافيا ً ، لأن المادة، في نظر المحكمة الدستورية نفسها، "تطبق تلقائيا ً بحكم القانون، دون ترك أي هامش للتفسير عند تطبيقها، على أن تستوفى الشروط التي يطبقها القانون على التدبير" ( ) .

5-7 وفيما يتعلق بعدم استيفاء شروط الإجراء العادل والمنصف لتقييد الحقوق بموجب المادة 25 من العهد، يدعي أصحاب البلاغ أن حكم المحكمة العليا لم يقيم بموضوعية الطعون في عدم حيادها، بل اعتبرها لأول وهلة غير مبرّرة. ويشيرون إلى أن المشكلة تتفاقم إذا ما نُظر فيها على ضوء المرحلة الإجرائية التي تقرر فيها التعليق، أي اللحظة التي قرر فيها قاضي تحقيق واحد توجيه اتهام التمرد دون اتباع إجراء تخاصمي.

ملاحظات إضافية مقدَّمة من الدولة الطرف

6-1 تدفع الدولة الطرف، في ردها المؤرخ 9 آب/أغسطس 2021، بأن المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن تطبيق إجراء تعليق النشاط في الوظائف العامة يجوز في حالات محددة جدا ً ، وبالتالي لا يطبق بشكل عام ( ) . وتدفع بأن تطبيق هذه القاعدة لا يكون تلقائيا ً ، بل يستوجب حكما ً قضائيا ً ينطبق على قضايا بعينها، مما يعني تحديد الوقائع في كل حالة فردية التي تطابق الظروف المحدودة والمحددة التي تسفر عن تطبيق هذا الإجراء. وتكرّر الدولة الطرف أن التطبيق النهائي لهذا الإجراء على كل حالة على حدة يستوجب إجراء من برلمان كاتالونيا (انظر الفقرة 4- 5). وتسلّط الضوء على السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على أن الحرمان من الحقوق السياسية لا يقتضي بالضرورة إصدار قرار قضائي محدد ( ) . وتخلص إلى أن القانون الذي ينظم التعليق يتوافق مع المعايير العالمية والإقليمية كونه يستجيب لضرورة "تعزيز الحس المدني واحترام سيادة القانون وحسن سير الديمقراطية والحفاظ عليها" ( ) .

6-2 وتذكر الدولة الطرف أن قرارات تعليق النشاط تُتخذ خلال مرحلة التحقيق، عندما يحدد قاضي التحقيق ما إذا كانت توجد، أم لا، أدلة ظرفية على ارتكاب الجريمة التي تستوجب إجراء التعليق. وتضيف أن هذا القرار لا يكون نهائيا ً بل مؤقتا ً وملازما ً لفترة المحاكمة بتهمة التمرد. وتدّعي أن الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا خلصت إلى غياب أركان جريمة التمرد التي خلص إليها قاضي التحقيق، وصنّفت الوقائع في حكمها على أنها جريمة فتنة. وهكذا أوقف التعليق المؤقت الذي قرره قاضي التحقيق. وتدفع الدولة الطرف بأن ذلك يعكس حسن سير عمل النظام الجنائي الإسباني، والتمييز بين مرحلتي التحقيق والمحاكمة، واستقلال القضاة ونزاهتهم وعدم التنسيق المسبق بينهم.

6-3 وتدفع الدولة الطرف بأن تقييم أصحاب البلاغ للوقائع يختلف عن تقييم قاضي التحقيق لها في الإجراءات المباشرة آنذاك، لكن هذا لا يعني ضمنا ً حدوث انتهاك للعهد، ما لم تعتبر اللجنة هذا التقييم تعسفيا ً أو منطويا ً على إنكار للعدالة. وعلى الرغم من إمكانية الاختلاف مع منطق قاضي التحقيق، فإنه لم يكن تعسفيا ً ولم ينطو على إنكار للعدالة، وبالتالي لم يُنتهك العهد. وتدفع الدولة الطرف بأن مبدأ اللجنة واضح في هذا الصدد وأن البروتوكول الاختياري لا يمكّنها من مراجعة تقييم المحاكم المحلية للوقائع.

6-4 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ توحيد سلطات الدولة مواقفها ضد حركة الاستقلال، تدفع الدولة الطرف بأنهم حوكموا وأدينوا بسبب محاولتهم الحصول على استقلال كاتالونيا بطرق غير مشروعة، ودون اتباع السبل الدستورية المنصوص عليها لتعديل الدستور الذي يسمح بتغيير النظام الإقليمي. وتؤكّد من جديد أن ذلك ينتهك سيادة القانون. وتدعي أنه لم تكن ثمة أيضا ً أي نية لإسكات حركة الاستقلال. وتشير إلى أن الانتخابات التي دعت إليها الحكومة الوطنية في كانون الأول/ديسمبر 2017 أسفرت عن أغلبية مؤيدة للاستقلال في برلمان كاتالونيا، وهي الأغلبية التي شكلت حكومة كاتالونيا بعد ذلك. وتدفع بأن انتخابات شباط/فبراير 2021 أفضت إلى تشكيل حكومة جديدة في كاتالونيا من أحزاب مؤيدة لاستقلال الإقليم. وفي هذا السياق، تهدف كل التدابير القضائية المتخذة في إطار الإجراءات الجنائية إلى احترام الأغلبية البرلمانية وإلى عدم تأثير العملية القضائية في نتيجة الانتخابات. ولهذا السبب، نُفّذ التعليق المؤقت للولايات بالتزامن مع تعويض النواب الموقوفين بآخرين من مجموعتهم حتى لا تتغير الأغلبية المؤيدة للاستقلال في برلمان كاتالونيا، وهو إجراء أيّده أصحاب البلاغ.

6-5 وأخيرا ً ، تشير الدولة الطرف إلى أن حكومتها أصدرت في 22 حزيران/يونيه 2021 عفوا ً لفائدة أصحاب البلاغ المحكوم عليهم بعقوبات سجنية حرصا ً على المصلحة العامة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إن كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تحقَّقت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتحيط اللجنة علماً بتحفظ الدولة الطرف على أحكام المادة أعلاه التي تستبعد أيضا ً اختصاص اللجنة بالنظر في الحالات التي تكون فيها المسألة نفسها قد بُحثت في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أصدر في نيسان/ أبريل 2019 رأيين بشأن ستة نشطاء وسياسيين من حركة استقلال كاتالونيا، بمن فيهم السادة جونكيراس ( ) ورول وروميفا ( ) . ولذلك يجب على اللجنة أن تُقرّر ما إذا كانت المسألة نفسها قد بُحثت بالنسبة لأصحاب البلاغ الثلاثة المعنيين في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تشير إلى ضرورة فهم "المسألة ذاتها"، بمعناها المقصود في المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، على أنها تتعلق بنفس أصحاب البلاغ ونفس الوقائع ونفس الحقوق الجوهرية ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن ادعاء أصحاب البلاغ يرتبط بتعليق مهامهم ووظائفهم العامة قبل إدانتهم في أعقاب صدور أمر يقضي بإيداعهم الحبس الاحتياطي، وأن إجراء التعليق هذا ينتهك فيما يُزعم حقوقهم بموجب المادة 25 من العهد (انظر الفقرتين 3-1 و12- 3). غير أن اللجنة تلاحظ أن البلاغ المقدم إلى الفريق العامل يسعى إلى تحديد ما إذا كان احتجازهم تعسفيا ً . وتلاحظ أيضا ً أن أصحاب البلاغ يشيرون إلى المادة 25 من العهد في بلاغهم المعروض على الفريق العامل، لا للاحتجاج على تعليق مهامهم وظائفهم العامة، بل عموما ً لدعم ادعائهم أن احتجازهم التعسفي بموجب المادة 9 من العهد، لأنه ناجم عن ممارسة حقوقهم أو حرياتهم المكفولة في العهد ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن البلاغ المقدم إلى الفريق العامل لا يشكل "المسألة نفسها" بالمعنى المقصود في المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري. وهكذا، ودون تحديد ما إذا كان الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي يشكل "إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية"، ترى اللجنة أنه لا توجد عقبة ( ) أمام مقبولية هذا البلاغ بموجب هذا الحكم.

7-4 وفيما يتعلق بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لأن طلبات إنفاذ الحقوق الدستورية كانت قيد النظر عند تقديم البلاغ (انظر الفقرة 4- 2). غير أن اللجنة تُذكر باجتهاداتها الثابتة التي تفيد بأن تحديد ما إذا تم، أم لا استنفاد سبل الانتصاف المحلية، عند النظر في الشكوى، يتوقف على تاريخ النظر في البلاغ المعني ( ) . وتذكّر اللجنة بأن الدافع وراء ذلك هو اختصار الإجراءات، لأن البلاغ الذي استنفدت بشأنه سبل الانتصاف المحلية بعد تقديمه يمكن إعادة تقديمه فوراً إلى اللجنة في حال إعلان عدم مقبوليته للسبب نفسه ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الطرفين استطاعا، في هذه القضية، تقديم معلومات وادعاءات إضافية. وقد أُحيلت إلى الطرفين للتعليق عليها وإبداء الملاحظات بشأنها، ومنحهما من ثم إمكانية الطعن في كل واقعة جديدة وفي ادعاءات كل منهما ( ) .

7-5 وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بحجة الدولة الطرف أن شكوك أصحاب البلاغ بشأن فعالية سبل الانتصاف المحلية لا تعفيهم من استنفادها، وأنه ينبغي لهم أن يبذلوا العناية الواجبة للاستفادة منها (انظر الفقرة 4- 2). وتلاحظ اللجنة مرة أخرى أن شكوى أصحاب البلاغ ترتبط بتعليق مناصبهم ووظائفهم العامة قبل إدانتهم في أعقاب صدور أمر بإيداعهم الحبس الاحتياطي (انظر الفقرتين 3-1 و3 - 12 )، وأنه كان ينبغي لهم أن يستنفدوا سبل الانتصاف المحلية في هذا الصدد. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ قدّموا إلى المحكمة الدستورية طلبات لإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) مع اتخاذ تدابير احترازية، لوقف إجراء التعليق، وقد بُتّ فيها نهائيا ً في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 202 0. وتحيط اللجنة علما ً بحجة أصحاب البلاغ أن سبل الانتصاف هذه لم تكن فعالة في منع الضرر غير قابل للجبر الذين ادعوا التعرض له (انظر الفقرتين 4-7 و5 - 1). واعتبرتها اللجنة حينها مدعمة بأدلة كافية لأغراض تسجيل البلاغ الفردي. وتحيط اللجنة علما ً بحجة أصحاب البلاغ أنه لا توجد سبل انتصاف محلية أخرى متاحة في الوقت الراهن لمعالجة الانتهاكات المزعومة، وأن طلبات إنفاذ الحقوق الدستورية المذكورة أعلاه منحت الدولة الطرف الفرصة التي تتيحها قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية لمعالجة الانتهاكات من خلال نظامها القضائي (انظر الفقرة 5- 1). وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تشر إلى أي سبل انتصاف أخرى فعالة ومتاحة بشكل معقول كان على أصحاب البلاغ استنفادها في هذه المرحلة ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تشكل عقبة أمام مقبولية البلاغ.

7-6 وترى اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ بشأن قرار تعليق مناصبهم وظائفهم العامة قبل إدانتهم قد دُعّمت بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. ونظرا ً لعدم وجود أي مشكلة أخرى بشأن المقبولية، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول بموجب المادة 25 من العهد وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 5( 1) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات أصحاب البلاغ أن تعليق مناصبهم ووظائفهم العامة قبل إدانتهم خلال فترة الإجراءات الجنائية المباشرة ضدهم يشكّل انتهاكا ً لحقوقهم بموجب المادة 25 من العهد إلى حد أن إجراء التعليق قبل إدانتهم (أ) لم يستند إلى أسس معقولة وموضوعية ينص عليها القانون؛ و(ب) كان تعسفيا ً لعدم مراعاة الظروف الفردية لأصحاب البلاغ، و(ج) لم ينفذ وفقا ً لضمانات النزاهة والإجراءات القانونية الواجبة (انظر الفقرتين 3-1 و3 - 1 2 ).

8-3 وتشدد اللجنة على أن المادة 25 من العهد تمثل جوهر الحكم الديمقراطي ( ) . وتذكر الحكومة أن هذه المادة تُقر وتحمي حق كل مواطن في أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، وحقه في أن يَنتخب أو يُنتخب، وحقه في أن تتاح له فرصة تقلد الوظائف العامة. وبغض النظر عن شكل الدستور أو نظام الحكم الذي تتبعه الدولة، لا يجوز تعليق أو إبطال ممارسة المواطنين هذه الحقوق إلا لأسباب ينص عليها القانون وتكون موضوعية ومعقولة وتنطوي على إجراءات عادلة ومنصفة ( ) . وتلاحظ اللجنة أن تقييد هذه الحقوق لكي يُعتبر مطابقا ً للقانون، يجب أن يكون متوقعا ً ، أي مصاغا ً بدقة كافية من أجل السماح للشخص بتنظيم سلوكه وفقا ً للقانون، وأن لا يَمنح المسؤولين عن تنفيذه سلطة تقديرية غير محدودة أو معممة ( ) . وتذكر اللجنة أيضاً بأن تقييد الحق في التصويت وفي الترشح للانتخابات لتولي منصب عام ينبغي أن يكون متناسباً مع طبيعة الجريمة المرتكبة والعقوبة المفروضة إن كانت الإدانة بارتكاب جريمة سبب تعليق هذا الحق ( ) . وتذكّر اللجنة كذلك بأن تقييد الحقوق المنصوص عليها في المادة 25 قد يكون تعسفياً عندما تكون الإدانة تعسفية بشكل واضح أو تبلغ حد الخطأ البيّن أو إنكار العدالة، أو عندما تنتهك الإجراءات القضائية التي أدّت إلى الإدانة الحق في محاكمة عادلة ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الضمانات المنصوص عليها في المادة 25 ينبغي أن تطبق بشراسة أكبر عند تقييد هذه الحقوق قبل الإدانة بجريمة وليس بعدها ( ) . وفي ضوء ذلك، يجب على اللجنة عندئذ أن تقرر، أولا ً ، ما إذا كانت قرارات تعليق المناصب والوظائف العامة قبل الإدانة قد فرضت على أصحاب البلاغ لأسباب معقولة وموضوعية ينص عليها في القانون.

8-4 وتحيط اللجنة علما ً بحجة أصحاب البلاغ أن القانون لا ينص على تعليق المناصب والوظائف العامة قبل الإدانة كون جريمة التمرد بموجب المادة 472 من قانون العقوبات تقتصر على "الذين ينتفضون بشكل عنيف وعلني"؛ وأن شرط العنف هذا تنص عليه هذه المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية؛ وأن أفعالهم لا يمكن فهمها على أنها تستوفي هذا الشرط (انظر الفقرتين 2-7 و3- 2). وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أن المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية تتفق مع العهد لأن إجراء التعليق الذي ينص عليه معقول وموضوعي ومتناسب ويُعتمد عندما تكون الإجراءات الجنائية قد بلغت بالفعل مرحلة متقدمة (انظر الفقرتين 4-3 و4- 4). وتلاحظ اللجنة أن الطرفين لا يعترضان على أن المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية تشترط توجيه التهمة بارتكاب جريمة التمرد (انظر الفقرتين 4-5 و5- 3). وفي ضوء ذلك، ترى اللجنة أن تقييم مدى مشروعية إجراء التعليق قبل الإدانة ينبغي أن يشمل طريقة تطبيق المحاكم المحلية المادة 472 من القانون الجنائي على جريمة التمرّد، الذي يؤدي إلى تطبيق المادة 384 مكرّرا ً من قانون الإجراءات الجنائية تطبيقا ً تلقائيا ً . وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ سلطوا الضوء، حتى قبل صدور لائحة الاتهام، على العلاقة بين القاعدتين وعلى أثر المحاكمة بسبب جريمة التمرد على حقوقهم السياسية ( ) .

8-5 وفيما يتعلق بالمادة 472 من قانون العقوبات، تحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أن تقييم قاضي التحقيق للوقائع لم يكن تعسفيا ً وبالتالي لم يشكل إنكارا ً للعدالة (انظر الفقرتين 6-1 و6- 6). وقد ذكّرت اللجنة باجتهاداتها الثابتة التي تنص على أن محاكم الدول الأطراف هي التي تتولى عموماً استعراض الوقائع والأدلة وكذا تطبيق التشريعات المحلية وتفسيرها ( ) ، ما عدا عندما يكون تطبيقها أو تفسيرها تعسفيا ً أو يشكّل خطأ واضحا ً أو إنكارا ً للعدالة ( ) . بيد أن اللجنة ترى أنها غير ملزمة، في هذه القضية، بأن تنظر في مدى حسن تفسير المحاكم للقانون المحلي أو في تقييمها للوقائع والأدلة. وبدلا ً من ذلك، يجب على اللجنة أن تُحدّد، على النحو المشار إليه في الفقرة 8-3 أعلاه، ما إذا كان تطبيق المحاكم المحلية الأولي للمادة 472 من القانون الجنائي وما يترتب عليه من تطبيق للمادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية يستوفي شروط المادة 25 من العهد.

8-6 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن قاضي التحقيق اتهم أصحاب البلاغ بجريمة التمرد، لأنهم "[كانوا] يعتزمون، من خلال التحريض على الاحتجاجات الشعبية، الضغط على الدولة، بل اعترفوا بإمكانية حدوث مواجهات عنيفة" ( ) ، شملت "أعمال الشغب والعنف التي حدثت في 20 أيلول/سبتمبر و1 تشرين الأول/أكتوبر 2017 " (انظر الفقرة 3-2) ( ) . وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علما ً بحجّة أصحاب البلاغ أنه إذا كانت "الاحتجاجات الشعبية" من أجل "الضغط على الدولة" لإجراء تغيير دستوري سببا ً كافيا ً لتعليق الولايات السياسية، فإنه سيكون بإمكان الحكومات تجاهل الضمانات المنصوص عليها في المادة 25 تجاهلا ً كليا ً (انظر الفقرة 3- 5). وتحيط اللجنة علما ً بحجة أصحاب البلاغ أن هيئات وطنية ودولية مختلفة سلطت الضوء على الطابع السلمي لأفعال أصحاب البلاغ وغيرهم من الزعماء السياسيين والاجتماعيين في كاتالونيا الذين حوكموا بتهمة ارتكاب جريمة التمرد (انظر الفقرتين 3-3 و5 - 3). وتلاحظ اللجنة أن المحاكم المحلية في الدولة الطرف أدانت في نهاية المطاف أصحاب البلاغ بجريمة التحريض على الفتنة بدلا ً من جريمة التمرد لعدم استيفاء شرط العنف المنصوص عليه في المادة 472 من قانون العقوبات (انظر الفقرات 4-1 و6 -1 و6 - 5 ). وتذكّر اللجنة بأن الحقوق التي تكفلها المادة 25 من العهد ترتبط ارتباطا ً وثيقا ً بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات ( ) . واللجنة، دون تحديد ما إذا كانت توجد، حينذاك، أدلة كافية على استيفاء شرط العنف على النحو الذي فسرت به هيئة التحقيق الحكم الجنائي الموضوعي عند البت في التهمة، تلاحظ أن أصحاب البلاغ حثوا الناس على الالتزام بسلوك سلمي وتذكر بأن "توجد قرينة تؤيد اعتبار التجمعات سلميةً" وبأن "أعمال العنف المعزولة لبعض المشاركين ينبغي ألا تنسب إلى آخرين أو إلى المنظمين أو إلى التجمع في حد ذاته" ( ) .

8-7 وفيما يتعلق بالمادة 384 مكرّرا ً من قانون الإجراءات الجنائية، تحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أن القانون المنظم لإجراء التعليق يمتثل المعايير العالمية والإقليمية كونه يستجيب للحاجة إلى "تعزيز الحس المدني واحترام سيادة القانون وحسن سير الديمقراطية والحفاظ عليه" (انظر الفقرة 6- 4). وترى اللجنة أن للدولة الطرف مصلحة مشروعة في دعم هذه الأهداف. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بحجة أصحاب البلاغ أن المادة 384 مكرّرا ً تنص على تدبير استثنائي يتمثل في تعليق نشاط موظف عام قبل عقد المحاكمة الجنائية فقط في حال متابعته بجريمة التمرد (انظر الفقرة 5- 3). وفي ضوء ما تقدّم، تذكّر اللجنة بأنه بالنظر إلى أن إجراءات التعليق الاستثنائي تفرض قبل الإدانة، فإن معايير توافقها مع العهد ستكون، من حيث المبدأ، أكثر صرامة من معايير فرضها بعد الإدانة (انظر الفقرة 8- 3). ويكتسي هذا التمحيص المعزز أهمية أكبر كون المحاكم المحلية اعتبرت أن إجراءات التعليق قبل الإدانة "تطبق تلقائيا ً بحكم القانون، دون ترك أي هامش للتفسير عند تطبيقها، على أن تستوفى الشروط التي يطبقها القانون على التدبير" (انظر الفقرة 5-6) ( ) .

8-8 وفي ضوء ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن تطبيق المادة 472 من القانون الجنائي، وما يترتب على ذلك من تطبيق المحاكم المحلية للمادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية، يستوفي شرط إمكانية التنبؤ الذي تقتضيه المادة 25 من العهد. وعلاوة على ذلك، وفي ظروف هذه القضية، يحول أي تطبيق للقانون المحلي يسمح تلقائيا ً بتعليق نشاط المسؤولين المنتخبين بسبب جرائم مزعومة تشمل أفعال علنية وسلمية قبل الإدانة، دون تحليل مدى تناسب التدبير مع كل حالة على حدة، وبالتالي لا يمكن اعتباره مستوفيا ً لشرطي المعقولية والموضوعية المطلوبين. وختاما ً ، تخلص اللجنة إلى انتهاك الدولة الطرف حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 25 من العهد، لأن قرار اتهامهم بجريمة التمرد التي أدى تلقائيا ً إلى تعليق وظائفهم العامة قبل إدانتهم لم يستند إلى أسس معقولة وموضوعية بموجب القانون.

9- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف المادة 25 من العهد.

10- وتتعهد الدولة الطرف، وفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغ. وهذا يتطلب تقديم الجبر الكامل للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم. وترى اللجنة أن آراءها بشأن الأسس الموضوعية للشكوى تشكل، في هذه القضية، جبراً كافياً للانتهاك المستنتج. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها القضائية بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ آرائها. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

المرفق

[Origina l: Englis h]

رأي مشترك (مخالف) لعضوي اللجنة، خوسيه مانويل سانتوس باييس ووفاء أشرف محرم باسم

1- نأسف لعدم تمكننا من تأييد آراء اللجنة. فلم يكن ينبغي اعتبار شكاوى أصحاب البلاغ مقبولة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وحتى إن اعتبرت مقبولة ما كنا لنخلص إلى حدوث انتهاك لحقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 25 من العهد.

2- وأصحاب البلاغ هم أعضاء سابقون في حكومة كاتالونيا. وفي 6 أيلول/سبتمبر 2017، اعتمد البرلمان الإقليمي القانون رقم 19 / 2017 الذي يجيز تنظيم استفتاء بشأن استقلال هذا المجتمع المتمتع بالحكم الذاتي. وفي اليوم التالي، علقت المحكمة الدستورية في إسبانيا هذا القانون، ريثما تصدر حكما ً بشأن دستوريته. وعلى الرغم من صدور هذا القرار، نُظم الاستفتاء في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2017، بمشاركة 43 في المائة من الناخبين (انظر الفقرة 2- 2). وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2017، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون رقم 19 / 2017 وببطلانه. وعلى الرغم من هذا الحكم، أعلن برلمان كاتالونيا الاستقلال في 27 تشرين الأول/أكتوبر وحُلّ على الفور من قبل حكومة إسبانيا. وقد تقرر إجراء انتخابات إقليمية جديدة في كانون الأول/ديسمبر 2017 (انظر الفقرة 2- 3).

3- وكانت الحالة السياسية في الدولة الطرف حينها حساسة جدا ً وكانت وحدتها مهددة. وقد نُظمت مظاهرات، ليس فقط في كاتالونيا وإنما أيضا ً في مناطق أخرى، مع ما يشكله ذلك من خطر كبير على الأمن القومي والنظام الديمقراطي. وكان أصحاب البلاغ يدركون ما قد يتعرضون له بسبب انتهاكهم الصارخ لقانون المحكمة الدستورية وقراراتها، إلا أنّهم واصلوا جهودهم الرامية إلى تحقيق استقلال كاتالونيا. ولذلك باشرت المدّعية العام الإجراءات الجنائية ضدهم لارتكابهم جريمتي التمرد واختلاس الأموال العامة. وأمر قاضي التحقيق بإيداع أصحاب البلاغ الحبس الاحتياطي في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 201 7. وأيدت المحكمة العليا هذا القرار بشأن أحدهم وقررت الإفراج بكفالة عن الآخرين (انظر الفقرة 2- 4).

4- وفي 9 تموز/يوليه 2018، أبلغت المحكمة العليا برلمان كاتالونيا بأنه جرى تعليق وظائف أصحاب البلاغ ومناصبهم العامة عملا ً بالمادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية وبأنه يتعين عليه اتخاذ التدابير اللازمة (انظر الفقرتين 2-6 و4 - 5 ). ووافق أصحاب البلاغ على تعويضهم بأعضاء آخرين من مجموعتهم البرلمانية (انظر الفقرة 4- 1). ورفضت المحكمة العليا في 30 تموز/يوليه 2018 طعن أصحاب البلاغ في قرار تعليق نشاطهم. وقدموا طلبات لإنفاذ الحقوق الدستورية إلى المحكمة الدستورية في 19 أيلول/سبتمبر و10 تشرين الأول/أكتوبر 2018، وطلبوا اتخاذ تدابير احترازية لوقف قرار تعليق نشاطهم. وبعد شهرين من ذلك فقط، أي في 18 كانون الأول/ديسمبر 2018، قدموا بلاغهم إلى اللجنة.

5- وعند تقديم البلاغ، لم يكن قد جرى بعدُ البت في طلبات إنفاذ الحقوق الدستورية. وصدرت الأحكام في 28 كانون الثاني/يناير و25 شباط/فبراير 2020 (انظر الفقرة 4- 2). وقد بتت المحكمة الدستورية في الطلبات بعد سنة، وهي آجال معقولة بالنسبة لهذه الإجراءات القضائية. وأصدرت المحكمة العليا قرارها بشأن إدانة أصحاب البلاغ في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وهي آجال معقولة أيضا ً . ولذلك فإن سبل الانتصاف المحلية ليست دون جدوى، بل فعالة واستغرقت فترة معقولة، بما أنه نُظر في شكاوى أصحاب البلاغ بل وقُبلت بعض حججهم. ولذلك كان ينبغي إعلان بلاغهم غير مقبول. ونرى أن التعليل الوارد في هذه الآراء (انظر الفقرات 7-4 إلى 7- 5) سيجعل من الصعب جدا ً تطبيق المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري بفعالية في المستقبل.

6- وقد وُضعت المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية في عام 1988 وأعلنت المحكمة الدستورية دستوريتها في عام 199 4. ولذلك فهو ليس حكما ً جديدا ً وكان أصحاب البلاغ يعلمون به. وقد كان إجراء تعليق نشاط أصحاب البلاغ بسبب الآثار السياسية البعيدة المدى لأفعالهم، ضروريا ً ومعقولا ً وموضوعيا ً ومتناسبا ً . وقد اتخذه قاضي التحقيق، بعد تعليل شامل ومفصل لجميع الأدلة المتاحة في ذلك الوقت، في إطار تحقيق جنائي، وإتاحة جميع ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة (انظر الفقرات 4-4 و4 - 5 و6 - 1 و6 - 4 ). وقررت المحكمة العليا لاحقا ً ، في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2019، أن أصحاب البلاغ لم يرتكبوا جريمة التمرد، بل جريمة الفتنة، بسبب عدم كفاية الأدلة على وجود عنصر العنف، وبالتالي ألغي إجراء التعليق فورا ً (انظر الفقرة 4- 1). ويعكس مسار الأحداث السير العادي للمحاكم المحلية، حيث يقوم قرار لاحق (صادر أثناء المحاكمة) بتقييم وتغيير قرار سابق (صادر عن قاضي التحقيق) على ضوء أدلة أكثر تفصيلا ً ووفرة. ولذلك لم يكن هناك تعسف أو إنكار للعدالة من قبل المحاكم المحلية ولم يلحق بأصحاب البلاغ أي ضرر لا يمكن جبره، إذ استعادوا حقوقهم السياسية (انتُخب معظمهم كأعضاء في البرلمان في عام 201 9). وفي نهاية المطاف، ألغت حكومة الدولة الطرف أحكام السجن الصادرة في حق أصحاب البلاغ في 22 حزيران/يونيه 2021، حرصا ً على المصلحة العامة (انظر الفقرة 6- 5).

7- وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 25 من العهد، تصرف أصحاب البلاغ تصرفا ً غير قانوني ولم يحترموا قرارات المحكمة الدستورية. ولذلك قيدت حقوقهم بسبب لجوئهم إلى وسائل غير مشروعة بدلا ً من الطرق الدستورية المتاحة لإصلاح دستور الدولة الطرف. وحاولت اللجنة، في آرائها، تجنب الوقوع في شرك اجتهاداتها القضائية الراسخة بشأن تفسير المحاكم الوطنية للتشريعات المحلية وتقييمها للوقائع والأدلة (الفقرتان 8-5 و8- 6). ومهما كان المنطق المستخدم دقيقا ً ، فإنه لا يزال يعترضه التفسير بموجب القانون المحلي لجرائم التمرد والفتنة وانطباق المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية. وقد حسمت المحاكم المحلية هذا التفسير بشكل معقول وسريع، ولذلك لا ينبغي أن تتصرف اللجنة كجهة رابعة من للطعن في تحاليلها. وأوضحت الدولة الطرف أيضا ً أن استخدام المادة 384 مكررا ً من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون تلقائيا ً بل يطبق على حالة محددة، بطريقة فردية وفي ضوء ظروف محددة (انظر الفقرتين 4-5 و6- 1). وعلى أي حال، فإن إجراء تعليق الواجبات العامة المفروض يكتسي طابعا ً معقولا ً وضروريا ً ومتناسبا ً ، ويمكن التنبؤ به أيضا ً في الظروف الخطيرة التي واجهتها المحاكم المحلية حينها. وعليه، فإننا لم نكن لنخلص إلى حدوث انتهاك لحقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 25 من العهد.