الأمم المتحدة

CCPR/C/134/D/3272/2018

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

5 August 2022

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3272/2018 * **

بلاغ مقدم من: أرسلان بيغينشوفيتش بيغينشوف (يمثّله المحاميان شين ه. برادي وهيكاز زوريان)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: تركمانستان

تاريخ تقديم البلاغ: 19 حزيران/يونيه 2018 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 11 آذار/مارس 2022

الموضوع: الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية الإلزامية

المسائل الإجرائية: المقبولية - استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ عدم التعاون

المسائل الموضوعية: الاحتجاز التعسفي؛ الحرية الدينية

مواد العهد: 9 ( 1 ) و( 3 ) و 18 ( 1 ) و( 3 )

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )(ب)

1- صاحب البلاغ هو أرسلان بيغينشوفيتش بيغينشوف ، وهو مواطن تركماني وُلِد في 16 أيار/ مايو 199 9. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 9( 1) و( 3) و18( 1) و( 3) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 آب/أغسطس 199 7. ويمثل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع

2-1 عند تقديم البلاغ، كان عمر صاحب البلاغ 19 عاماً. وهو عضو في طائفة شهود يهوه. واستناداً إلى ضميره الديني، يعتقد صاحب البلاغ اعتقاداً راسخاً أن الكتاب المقدس يحظر على الأفراد حمل السلاح وأداء الخدمة العسكرية. وهو على استعداد لأداء خدمة مدنية بديلة إن كانت حقاً غير ذات طابع عقابي أو ردعي.

2-2 وفي ربيع عام 2017، تلقى صاحب البلاغ أمراً بالحضور لأداء الخدمة العسكرية. وامتثل للأمر وطلب منه الجيش الخضوع لفحص طبي. وأثناء الفحص، تم تشخيص تدلي الصمام المترالي من الدرجة الأولى لديه.

2-3 وعلى الرغم من هذا التشخيص، تلقى صاحب البلاغ مرة أخرى أمراً بالحضور في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 لأداء الخدمة العسكرية. وامتثل صاحب البلاغ للأمر وأرسله الجيش ليخضع لفحص طبي آخر. وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أعلنت لجنة طبية أن صاحب البلاغ لائق بدنياً لأداء الخدمة العسكرية. وتجاهلت اللجنة الطبية التشخيص السابق لتدلي الصمام المترالي من الدرجة الأولى.

2-4 وفي التاريخ نفسه، أي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قدم صاحب البلاغ بياناً خطياً إلى السلطات العسكرية طلب فيه أن تُتاح له فرصة الاضطلاع بخدمة مدنية بديلة على أساس مشاكله الصحية. وتجاهلت المفوضية العسكرية هذا الطلب ووجهت إلى صاحب البلاغ أمراً بالحضور لأداء الخدمة العسكرية في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 201 7.

2-5 وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مثل صاحب البلاغ أمام المفوضية العسكرية استجابة لأمر الحضور. وأبلغ المسؤولين العسكريين شفوياً بأن ضميره الديني كشاهد يهوه لا يسمح له بأداء الخدمة العسكرية. وقدم أيضاً إلى المسؤولين البيان التالي المكتوب بخط اليد: "أنا، أرسلان بيغينشوف ، أرفض أداء الخدمة العسكرية لأن ضميري لا يسمح لي بذلك لأن الخدمة العسكرية تعلمك القتال وحمل الأسلحة. وقتل الناس أو التسبب في أي نوع من الأذى لشخص آخر لا يتفق مع معتقداتي. ويتمثل سبب آخر في أنني، إن قتلت شخصاً أو آذيته، سيتعين علي تحمل مسؤولية ذلك أمام القانون. وتنص المادة 4 من دستور تركمانستان على أن حماية الناس ودعمهم وخدمتهم هي الأهداف الرئيسية لسلطات الدولة. وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادتان 18 و42 على أن لكل شخص الحق في حرية الفكر والتعبير؛ وعلى هذا الأساس، أرفض أداء الخدمة العسكرية".

2-6 ورفضت المفوضية العسكرية الأخذ بأقوال صاحب البلاغ واقتادته بدلاً من ذلك إلى مكتب المدعي العام لاستجوابه. وأوضح صاحب البلاغ اعتراضه الديني على الخدمة العسكرية وطلب فرصة أداء خدمة مدنية بديلة. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ذهب صاحب البلاغ طوعاً إلى مكتب المدعي العام وقدم بياناً خطياً أوضح فيه رفضه أداء الخدمة العسكرية وطلبه لخدمة بديلة.

2-7 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2017، تلقى صاحب البلاغ أمراً بالحضور إلى مكتب المدعي العام وسُئِل عما إذا كان قد غير رأيه. وأكد صاحب البلاغ من جديد أنه يرفض أداء الخدمة العسكرية استناداً إلى ضميره الديني. ورد المدعي العام بأن صاحب البلاغ متهم بانتهاك المادة 219( 1) من القانون الجنائي ( ) وأنه سيواجه إجراءات جنائية في المحكمة. وسُمِح لصاحب البلاغ بالمغادرة فعاد إلى منزله.

2-8 وفي 30 كانون الأول/ديسمبر 2017، قدم صاحب البلاغ إلى مكتب المدعي العام في توركمينابات شكوى ادعى فيها أن المعلومات التي قدمتها اللجنة الطبية لمكتب التسجيل والتجنيد التابع للجيش بشأن حالته الصحية غير صحيحة وأن القرار النهائي الذي خلصت فيه لجنة التجنيد إلى أن صاحب البلاغ لائق بدنياً للخدمة في الجيش غير قانوني.

2-9 وفي 2 كانون الثاني/يناير 2018، جاء مسؤول في مكتب المدعي العام إلى منزل صاحب البلاغ واقتاده إلى مركز للشرطة، حيث أُلقِي عليه القبض ووُضِع رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة. ولم يوضح الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين سبب ضرورة وضع صاحب البلاغ رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة. وقد تعاون صاحب البلاغ تعاوناً تاماً مع جميع الطلبات وأوامر الحضور السابقة ولم يحاول في أي وقت من الأوقات الفرار أو التدخل في التحقيق.

2-10 وفي 6 كانون الثاني/يناير 2018، قدم والد صاحب البلاغ شكوى إدارية إلى مكتب المدعي العام لمنطقة شارجو في توركمينابات . ودفع والد صاحب البلاغ في الشكوى بأنه لا يوجد أساس قانوني لاحتجاز صاحب البلاغ وطلب إلى المدعي العام أن يُفرَج عنه ويفرض عليه بدلاً من ذلك تدبيراً تقييدياً لا ينطوي على سلب الحرية. وأرسل والد صاحب البلاغ أيضاً نسخاً من الشكوى إلى مكتب المدعي العام في تركمانستان وإلى ممثلي الدولة في المعهد الوطني للديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي 16 كانون الثاني/ يناير 2018، أحال مكتب المدعي العام شكوى صاحب البلاغ إلى المدعي العام في منطقة ليباب طالباً منه الرد على صاحب البلاغ بحلول 25 كانون الثاني/يناير 201 8. وفي 25 كانون الثاني/يناير 2018، رد مكتب المدعي العام لمنطقة شارجو في توركمينابات على والد صاحب البلاغ وأبلغه بأن التحقيق في شكواه قد أُنهِي لأنه تبيّن أن صاحب البلاغ رفض أداء الخدمة العسكرية على الرغم من اعتباره لائقاً بدنياً للخدمة العسكرية بعد إجراء فحوص طبية ووُجِّهت إليه تهم وفقاً للمادة 219( 1) من القانون الجنائي.

2-11 وفي غضون ذلك، قُدِّم صاحب البلاغ في 17 كانون الثاني/يناير 2018 أمام محكمة شارجو المحلية في منطقة ليباب لمحاكمته. وفي التاريخ نفسه، أدانت المحكمة صاحب البلاغ بانتهاك المادة 219( 1) من القانون الجنائي وحكمت عليه بالسجن لمدة سنة واحدة في مستعمرة عقابية تابعة للنظام العام بسبب استنكافه الضميري من الخدمة العسكرية. وذكرت المحكمة المحلية في قرارها أن صاحب البلاغ اعتُبِر لائقاً طبياً لأداء الخدمة العسكرية ولكنه رفض الخدمة دون أي أساس مشروع. ووفقاً للمحكمة المحلية، أعلن صاحب البلاغ أنه من شهود يهوه وأكد أن الكتاب المقدس يحظر استخدام الأسلحة والخدمة العسكرية.

2-12 وفي 29 كانون الثاني/يناير 2018، قدم صاحب البلاغ طعناً بالنقض ضد قرار المحكمة المحلية في شارجو . وفي 13 شباط/فبراير 2018، رفضت محكمة ليباب الإقليمية استئناف صاحب البلاغ على أساس أن ذنبه قد ثبت بالكامل من خلال إفادة الشهود الذين تم استجوابهم أثناء المحاكمة ومن خلال مواد أخرى غير محددة في القضية. ورأت المحكمة الإقليمية في ليباب أن المحكمة الابتدائية صنفت سلوك صاحب البلاغ تصنيفاً صحيحاً على أنه انتهاك للمادة 219( 1) من القانون الجنائي. ورأت المحكمة أيضاً أن الحكم الصادر، الذي يقتضي بسلب حريته، حكم قانوني ويعكس طبيعة الجريمة، ودرجة الخطر العام الذي تنطوي عليه، والظروف المخففة والمشددة المرتبطة بها. ورأت المحكمة كذلك أن المحكمة المحلية في شارجو نظرت بالفعل في الحجج التي أثيرت في الاستئناف، وفقاً للقانون.

2-13 ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية للطعن في إدانته وسجنه. وفي مذكرة أخرى مؤرخة 21 أيلول/سبتمبر 2018، ذكر صاحب البلاغ أن القانون الجنائي لتركمانستان لا ينص إلا على مستوى واحد من الاستئناف، ولئن كان يجوز أيضاً تقديم استئناف إشرافي، فإن هذا الاستئناف يشكل سبيل انتصاف استثنائياً وتقديرياً. وإجراء الاستئناف الإشرافي، في هذا الصدد، مماثل للإجراءات التي اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنها تشكل سبل انتصاف غير فعالة ( ) . وعلاوة على ذلك، لم توافق محاكم الدولة الطرف حتى الآن على أي استئناف قدمه مستنكف ضميرياً من الخدمة العسكرية.

2-14 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يقدم أي شكوى إلى أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وكان صاحب البلاغ، وقت تقديم الشكوى، يقضي عقوبته في سجن LBK-12 في مدينة سِيْدي. وفيما عدا التهمة المذكورة أعلاه، لم تتم إدانة صاحب البلاغ قط بأي جنحة أو جريمة إدارية أخرى.

الشكوى

3-1 يدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف، إذ اعتقلته واحتجزته وسجنته تعسفاً لأنه رفض، على أساس معتقداته الدينية، أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، قد انتهكت حقوقه بموجب المادتين 9( 1) و( 3) و18( 1) و( 3) من العهد. وفيما يتعلق بالمادة 9( 1) من العهد، أُخِذ صاحب البلاغ من منزله في 2 كانون الثاني/يناير 2018 من جانب مسؤول في مكتب المدعي العام وأُلقِي عليه القبض تعسفاً ووُضِع رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لمجرد استنكافه الضميري من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية. واستند اعتراض صاحب البلاغ إلى ضميره الديني الصادق والقائم على قناعة حقيقية بوصفه عضواً في طائفة شهود يهوه. ولم يكن الاعتقال مبرراً. ورأت اللجنة أن سجن مستنكف ضميرياً بسبب اعتراضه الديني على الخدمة العسكرية يشكل انتهاكاً للمادة 9 من العهد ( ) . والحقيقة أن الآراء الراسخة للجنة تفيد بأن المادة 18 من العهد تعفي الشخص من الخدمة العسكرية الإلزامية إذا تعذر التوفيق بين هذه الخدمة وبين دينه أو معتقداته. ويجب ألا يعرّض أحد لإكراه يخل بهذا الحق ( ) . ويستند صاحب البلاغ، مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال، إلى حججه بموجب المادة 18 من العهد أدناه.

3-2 وفي انتهاك للمادة 9( 3) من العهد، احتُجِز صاحب البلاغ تعسفاً لدى الشرطة في الفترة من 2 إلى 17 كانون الثاني/يناير 201 8. ورأت اللجنة أن سجن مستنكف ضميرياً بسبب اعتراضه الديني على الخدمة العسكرية يشكل انتهاكاً للمادة 9 من العهد. ولم يقدم مكتب المدعي العام أي مبرر لاحتجاز صاحب البلاغ السابق للمحاكمة. ورأت اللّجنة أن إجراء الحبس الاحتياطي ينبغي أن يكون هو الاستثناء وأن الإفراج بكفالة ينبغي أن يُقبَل، ما عدا في الحالات التي يُحتمَل فيها أن يستخفي المتهم أو يدمر الأدلة أو يؤثر على الشهود أو يهرب من الولاية القضائية للدولة الطرف ( ) . ويجب على الدولة الطرف أن تقدم أدلة تثبت ضرورة الاحتجاز السابق للمحاكمة لأن مجرد التخمين لا يبرر استثناء للمادة 9( 3) من العهد ( ) . وفي هذه القضية، لم تقدم الدولة الطرف أي دليل أو مبرر لإثبات أن احتجاز صاحب البلاغ كان ضرورياً. وعلاوة على ذلك، لا يوجد أي تبرير من هذا القبيل.

3-3 وبالإضافة إلى ذلك، إن الحق في الاستنكاف الضميري، كما أكدت اللجنة مراراً، متأصل في الحقوق التي تكفلها المادة 18( 1) من العهد ولا يخضع لأي مبرر بموجب المادة 18( 3) من العهد ( ) . وفي ثمانية أحكام على الأقل، أيدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حقوق المستنكفين ضميرياً من الخدمة العسكرية ( ) .

3-4 وقد أبلغ صاحب البلاغ سلطات الدولة الطرف مراراً وتكراراً بأنه مستعد لأداء خدمة مدنية بديلة حقيقية عوضاً عن الخدمة العسكرية. وسيكون ذلك متسقاً مع واجباته المدنية، وفقاً لقرارات اللجنة في العديد من القضايا المتعلقة بالمستنكفين ضميرياً الذين تمت محاكمتهم وإدانتهم في الدولة الطرف ( ) . وفي كل قضية من هذه القضايا، خلصت اللجنة إلى أن "الدولة الطرف ملزمة بتجنب حدوث انتهاكات مماثلة للعهد في المستقبل" وأن "عليها أن تنقح تشريعاتها وفقاً لالتزامها بموجب المادة 2(2 )، ولا سيما قانون الخدمة العسكرية والواجب العسكري، بصيغته المعدلة في 25 أيلول/سبتمبر 2010، بغية كفالة الضمان الفعال للحق في الاستنكاف الضميري بموجب المادة 18( 1) من العهد". وحتى الآن، تجاهلت الدولة الطرف طلب اللجنة.

3-5 وفيما يتعلق بسبل الانتصاف، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تقدم حكماً تفسيرياً وأن تطلب إلى الدولة الطرف تبرئته من التهم الموجهة إليه بموجب المادة 219( 1) من القانون الجنائي، ومحو سجله الجنائي، وتقديم تعويض عن الأضرار المعنوية والنفقات القانونية.

عدم تعاون الدولة الطرف

4- طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، في 7 كانون الأول/ديسمبر 2018، و23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، و27 كانون الثاني/يناير 2021 أن تقدم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. بيد أن اللجنة تلاحظ أنها لم تتلق أي ملاحظات من هذا القبيل حتى تاريخه. وتعرب اللجنة عن أسفها لأن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات بشأن مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ أو أسسها الموضوعية. وتذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة، بمقتضى المادة 4( 2) من البروتوكول الاختياري، بموافاة اللجنة بتفسيرات أو بيانات خطية لتوضيح المسألة والإشارة، عند الاقتضاء، إلى أي تدابير اتخذتها لتدارك هذا الوضع. وفي حالة عدم ورود رد من الدولة الطرف، يجب إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ بقدر ما هي مدعومة بأدلة كافية ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

5-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5-3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة. وفي غياب أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الصدد، ترى اللجنة أن الشروط المنصوص عليها في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري قد استُوفيت.

5-4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد دعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية ادعاءاته بموجب المادتين 9( 1) و( 3) و18 من العهد. ومن ثم تعلن اللجنة مقبولية تلك الادعاءات وتنتقل إلى دراستها من حيث أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 5( 1) من البروتوكول الاختياري.

6-2 وتشير اللجنة إلى ادعاءات صاحب البلاغ أن حقوقه المكفولة بموجب المادة 18 من العهد قد انتُهِكَت لعدم وجود بديل عن الخدمة العسكرية الإلزامية في الدولة الطرف، وهو ما جعل رفضه أداء الخدمة العسكرية بسبب معتقداته الدينية يؤدي إلى مقاضاته جنائياً ثم إلى حبسه. وتلاحظ اللجنة أن الخدمة العسكرية إلزامية للمواطنين الذكور في إقليم الدولة الطرف، وأنه في حالة عدم وجود أسس قانونية للإعفاء من الخدمة العسكرية، يعاقب بموجب المادة 219( 1) من القانون الجنائي على التهرب من الخدمة العسكرية.

6-3 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 22(199 3) الذي ذكرت فيه أن الطابع الأساسي للحريات المكرسة في المادة 18( 1) ينعكس في عدم جواز مخالفة هذا الحكم حتى في حالة الطوارئ العامة، كما تنص على ذلك المادة 4( 2) من العهد (الفقرة 1) ( ) . وتشير اللجنة أيضاً إلى اجتهادها السابق الذي أشارت فيه إلى أن الحق في الاستنكاف الضميري، وإن كان العهد لا يشير إليه صراحةً، يستمد مشروعيته من المادة 18 ما دام الالتزام بالمشاركة في استخدام القوة الفتاكة قد يتعارض بشدة مع حرية الفكر والوجدان والدين ( ) . فالحق في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية جزء أصيل من الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. وهو يخوّل أي فرد حق الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية إن كان لا يمكن التوفيق بين هذه الخدمة وبين دينه أو معتقداته. ويجب ألا يعرّض أحد لإكراه يخل بهذا الحق. ويجوز للدولة، إن شاءت ذلك، أن تلزم المستنكف بأداء خدمة مدنية بديلة عن الخدمة العسكرية، خارج المجال العسكري وتحت قيادة غير عسكرية. ويجب ألا تكون الخدمة البديلة ذات صبغة عقابية. وينبغي أن تكون خدمة حقيقية للمجتمع وأن تتوافق مع مبدأ احترام حقوق الإنسان ( ) .

6-4 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ حُكِم عليه بالسجن لمدة 12 شهراً، على الرغم من أنه، حسبما يدعي، أبلغ سلطات الدولة الطرف باستعداده لأداء خدمة مدنية بدلاً من الخدمة العسكرية. وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن رفض صاحب البلاغ أن يُجنَّد لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية ينبع من معتقداته الدينية التي يدعي أنه يؤمن بها حقيقة. وتُذكِّر اللجنة بأن قمع من يرفضون أن يُجنَّدوا لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية لأن ضميرهم أو دينهم يحظر استخدام السلاح مسألةٌ تتعارض مع المادة 18( 1) من العهد ( ) . وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن مقاضاة صاحب البلاغ وإدانته وسجنه لرفضه أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب معتقداته الدينية واستنكافه ضميرياً يُعد بمثابة انتهاك لحقه في حرية الفكر والوجدان والدين، وفي ذلك خرق للمادة 18( 1) من العهد.

6-5 وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحب البلاغ أن سجنه كعقاب على رفضه أداء الخدمة العسكرية يُعد بمثابة احتجاز تعسفي بموجب المادة 9 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن المادة 9( 1) من العهد تنص على عدم جواز تعريض أحد اً للاعتقال أو الاحتجاز تعسفاً. وتذكِّر اللجنة بأن مفهوم "التعسف" لا ينبغي مساواته بمفهوم "مخالفة القانون"، ولكن يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر عدم الملاءمة، والإجحاف، وعدم إمكانية التنبؤ، وعدم مراعاة الأصول القانونية الواجبة ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أن سلب الحرية كعقوبة على الممارسة المشروعة لحق يحميه العهد، بما في ذلك حرية الدين والوجدان على النحو الذي تكفله المادة 18 من العهد، هو في الواقع أمر تعسفي بطبيعته ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن محكمة مقاطعة شارجو في منطقة ليباب أدانت صاحب البلاغ بانتهاك المادة 219( 1) من القانون الجنائي وحكمت عليه بالسجن لمدة 12 شهراً بسبب استنكافه الضميري من الخدمة العسكرية، مع الاعتراف بأن صاحب البلاغ اعترف بأنه من شهود يهوه وأكد أن الكتاب المقدس يحظر استخدام الأسلحة والخدمة العسكرية (الفقرة 2-11 أعلاه ). وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة أيضاً إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9( 1) من العهد.

6-6 وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، إذ وضعته رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة دونما حاجة إلى ذلك، انتهكت حقه بموجب المادة 9( 3) من العهد. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 35(201 4) الذي ذكرت فيه أن الاحتجاز السابق للمحاكمة ينبغي أن يكون الاستثناء وليس القاعدة ( ) . وينبغي ألا يكون الاحتجاز السابق للمحاكمة إلزامياً لجميع المدعى عليهم المدانين بجريمة معينة، بل يجب بدلاً من ذلك أن يستند إلى قرار يؤكد في كل حالة على حدة أن هذا الاحتجاز معقول وضروري لأغراض من قبيل منع فرار المتهم أو التلاعب بالأدلة أو تكرار الجريمة، مع أخذ جميع الظروف في الاعتبار. وينبغي أن تُحدَّد العوامل ذات الصلة في القانون وألا تتضمن هذه العوامل معايير مبهمة ومطاطة من قبيل "الأمن العام" ( ) .

6-7 وتشير المعلومات المتاحة للجنة إلى أن صاحب البلاغ دخل رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة في 2 كانون الثاني/يناير 2018 وأُفْرِج عنه في 17 كانون الثاني/يناير 2018، حين مثل أمام محكمة مقاطعة شارجو بتهمة انتهاك المادة 219( 1) من القانون الجنائي. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن والد صاحب البلاغ أرسل في 6 كانون الثاني/يناير 2018 شكوى مفصلة إلى مكتب المدعي العام لمنطقة شارجو في توركمينابات ، محتجاً بعدم وجود أساس قانوني لاحتجاز صاحب البلاغ وطالباً إلى المدعي العام أن يفرج عنه ويفرض عوضاً عن ذلك تدبيراً تقييدياً لا ينطوي على سلب حريته. وفي 25 كانون الثاني/ يناير 2018، رد مكتب المدعي العام على والد صاحب البلاغ وأخبره بأن التحقيق في شكواه قد أُنهِي لأنه تبيّن أن صاحب البلاغ رفض أداء الخدمة العسكرية على الرغم من اعتباره لائقاً بدنياً للخدمة العسكرية بعد إجراء فحوص طبية ووُجِّهت إليه تهم وفقاً للمادة 219( 1) من القانون الجنائي. وتلاحظ اللجنة أنه لم يذكر لا مكتب المدعي العام ولا أي موظف آخر مكلف بإنفاذ القوانين سبب ضرورة احتجاز صاحب البلاغ، أو ما إذا كان قد تم النظر في بدائل لسلب الحرية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ استجاب لأوامر الحضور للخدمة العسكرية التي أُرسِلت إليه ومثل أمام السلطات حسبما طُلِب منه. وترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا تشير إلى أن صاحب البلاغ كان من المرجح أن يفر أو يتدخل بأي شكل آخر في أنشطة أجهزة إنفاذ القانون. وفي غياب أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف، تخلص اللجنة أيضاً إلى أن الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 9( 3) من العهد.

7- واللجنة، إذ تتصرف بمقتضى المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادتين 9( 1) و( 3) و18( 1) من العهد.

8- والدولة الطرف ملزمة، بمقتضى أحكام المادة 2(3)(أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك منها تقديم جبر كامل للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزَمة، في جملة أمور، بمحو السجل الجنائي لصاحب البلاغ وتقديم تعويض كافٍ له، بما في ذلك بسداد أي تكاليف قانونية تكبدها. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة. وتكرر اللجنة في هذا الصدد أن على الدولة الطرف، عملاً بالتزامها بموجب المادة 2( 2) من العهد، أن تنقح تشريعاتها بحيث تكفل توفير ضمانة فعلية للحق في الاستنكاف الضميري بمقتضى المادة 18( 1) من العهد، مثلاً عن طريق توفير إمكانية أداء خدمة بديلة ذات طابع مدني.

9- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.