اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري ، بشأن البلاغ رقم 2508 / 2014 * **
المقدم من : دودانبيغاماج أسانثا أرافيندا (تمثله محاميتان ، هما سارة فولتون ( ) وأليخاندرا فيسنتي من منظمة ريدرس(Redress Trust)
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ
الدولة الطرف : سري لانكا
تاريخ تقديم البلاغ : 31 تشرين الأول/أكتوبر 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 16 كانون الأول/ديسمبر 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء : 2 تموز/يوليه 2021
الموضوع : عدم التحقيق وفق الأصول فيما زُعم من احتجاز أحد الأشخاص وأفراد من الشرطة الضحيةَ تعسّفا وتعذيبه ومقاضاتهم وجبر ما أصابه من أضرار
المسائل الإجرائية : عدم تعاون الدولة الطرف؛ واستنفاد سبل الانتصاف الداخلية؛ وعدم كفاية الأدلة
المسائل الموضوعية : المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والاحتجاز التعسفي؛ والتمييز بسبب وضع آخر؛ وسبيل انتصاف فعال
مواد العهد : 7 و 9 و 26 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 )
1 - صاحب البلاغ هو دودانبيغاماج أسانثا أرافيندا ، مواطن من سري لانكا مولود في عام 1985 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 7 و 9 و 26 من العهد ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لسري لانكا في 3 كانون الثاني/يناير 1998 . ويمثل صاحب البلاغ محامي ت ان.
الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ
2 - 1 في 28 شباط/فبراير 2008 ، كادت دراجة صاحب البلاغ وصديقه النارية أن تصطدم بشاحنة يقودها السيد ب. ف. ش. الذي كان يعبر الطريق دون أن يتحقق من المرور المعاكس. وبعد الحادث ، تَلاسَن الأطراف ثم غادر صاحب البلاغ وصديقه المكان على متن دراجتهما النارية . بيد أن السيد ب. ف. ش. تبعهما في شاحنته وما لبث أن صدم الدراجة النارية ، الأمر الذي أسفر عن إصابة كل من صاحب البلاغ وصديقه بجروح خطيرة. وفي وقت لاحق ، اقتربت مركبة من مكان الحادث ونزل السيد ب. ف. ش. ، الذي كان قد فر من مكان الحادث ، من هذه المركبة ومعه بعض أفراد مركز شرطة بيتابادارا . وقيد أفراد الشرطة أيدي صاحب البلاغ وصديقه وضربوهما بمشاركة السيد ب. ف. ش. ثم سكب هذا الأخير حمضا على وجه صاحب البلاغ تسبب له في ألم شديد وأصاب إحدى عينيه بجروح بالغة.
2 - 2 وفي وقت لاحق ، اقتيد صاحب البلاغ وصديقه إلى مركز شرطة بيتابادارا . واعتدى عليهم أفراد من الشرطة جسد ياً ثم حبسوهما في زنزانة. وفي حوالي منتصف الليل ، ظهر السيد ب. ف. ش. في مركز الشرطة وضرب صاحب البلاغ في زنزانته وسكب مشرو باً كحول ياً على حروقه. وفقد صاحب البلاغ وعيه بسبب الألم الذي لا يطاق. وعندما عاد إلى رشده ، هدده أفراد الشرطة وأكرهوه على توقيع وثائق فارغة.
2 - 3 وأُ علم والد صاحب البلاغ باحتجاز ابنه في اليوم نفسه؛ غير أنه لم ي ُ سمح له برؤيته رغم طلبات الأسرة المتكررة وزياراتها مركزَ الشرطة في الفترة الممتدة من 29 شباط/فبراير إلى 1 آذار/مارس 2008 . وأخبرهم المسؤولون أن سكانا ً محليين اعتدوا على صاحب البلاغ وصديقه؛ وأن صاحب البلاغ أُحرق بحمض أثناء الحادث؛ وأن عناصر من الشرطة اكتشفوا أن صديق صاحب البلاغ كان يحمل سلاحا ً ناريا ً .
2 - 4 وفي 1 آذار/مارس 2008 ، أُكره صاحب البلاغ وصديقه على إظهار إصاباتهما لمجموعة من المصورين والصحفيين خارج مركز الشرطة. ولم يُدخل صاحب البلاغ المشفى حتى حوالي الساعة الثامنة مساء من اليوم نفسه رغم طلباته المتكررة وطلبات والديه في هذا الشأن. وبينما كان صاحب البلاغ وصديقه في طريقهما إلى المشفى ، هددهما رجلان من رجال الشرطة من عواقب إخبار الطاقم الطبي بسوء معاملتهما.
2 - 5 وأثناء وجود صاحب البلاغ وصديقه في المشفى ، زوّر الموظف المسؤول في مركز شرطة بيتابادارا ، السيد ك. ، التهم الموجهة إليهما في محكمة الصلح في موراواكا بحيازة سلاح ناري وقنبلة يدوية. وجادل الموظف المسؤول بأن صاحب البلاغ حاول قتل السيد ب. ف. ش. بمسدس وأن العديد من الأشخاص احتشدوا في مكان الحادث أثناء القبض عليه وألقى أحد المارة المجهولين الحمض عليه. وكانت القضيتان لا تزالان قيد النظر وقت رفع الشكوى. ورفضت محكمة الصلح تهما ملفقة أخرى موجهة إلى صاحب البلاغ بتهمة السرقة.
2 - 6 وفي 5 آذار/مارس 2008 ، ن ُ قل صاحب البلاغ إلى مشفى السجن. وتدهور بصره حتى إنه أصيب بالعمى في عينه التالفة في نهاية المطاف. ويلاحظ أنه لم يفحصه طبيب شرعي إلا في 6 آذار/مارس 2008 . وفي 2 نيسان/أبريل 2008 ، ن ُ قل إلى مشفى كولومبو للعيون حيث أجريت له ست عمليات جراحية بين 15 نيسان/أبريل و 16 كانون الأول/ديسمبر 2008 . ولا يزال يعامل معاملة المريض الخارجي ويعاني عمى دائما في إحدى عينيه نتيجة سوء المعاملة التي تعرض لها على يد السيد ب. ف. ش. وأفراد الشرطة.
2 - 7 وبُعيد الأحداث ، رفع والد صاحب البلاغ شكاوى عدة بشأن احتجاز أفراد الشرطة في مركز شرطة بيتابادارا ابنَه وتعذيبه بصورة غير قانونية. ويجدر بالذكر أنه رفع في 27 آذار/مارس 2008 شكوى إلى كبير مفوّضي شرطة ماتارا والمكتب الإقليمي للجنة سري لانكا ل حقوق الإنسان في ماتارا . وبعد أيام عدة ، قدم شكاوى إلى المفتش العام للشرطة ونائبه في المقاطعة الجنوبية ، ولجنة الشرطة الوطنية ، والمكتب الرئيسي ل لجنة سري لانكا ل حقوق الإنسان في كولومبو. ولـمّا لم ي ُ تخذ أي إجراء ، أمر محام ياً بتقديم شكوى خطية إلى مساعد مفوض الشرطة يطلب فيها إجراء تحقيقات فورية في الأحداث.
2 - 8 وفي 23 آب/أغسطس 2008 ، قدم نائب مفتش الشرطة العام تقريرا ً إلى لجنة الشرطة الوطنية وأوصى باتخاذ إجراءات تأديبية وجنائية في حق رجال الشرطة في مركز شرطة بيتابادارا بسبب سوء السلوك وانتهاكات حقوق صاحب البلاغ الإنسانية ، بمقتضى كل من قانون العقوبات وقانون التعذيب (رقم 22 لعام 1994 ). وبالتوازي مع ذلك ، و ُ جهت إلى السيد ب. ف. ش. تهم جنائية لسكبه حمضا على وجه صاحب البلاغ. ومع أنه احتجز في البداية ، ف قد أ ُ فرج عنه لاحقا بشرط أن يوقع كفالتين شخصيتين ولم يحاكم قط في محكمة.
2 - 9 وفي 27 شباط/فبراير 2009 ، نشرت لجنة سري لانكا ل حقوق الإنسان توصياتها النهائية في هذه المسألة. ورأت أن عدم اتخاذ الموظف المسؤول وعناصر الشرطة الآخرين إجراءات قانونية في حق السيد ب. ف. ش. هو بمثابة انتهاك للمادة 12 ( 1 ) من دستور سري لانكا التي تنص على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية القانون على قدم المساواة . وأوصت لجنة سري لانكا ل حقوق الإنسان بدفع تعويض قدره 000 5 روبية سريلانكية (نحو 50 دولارا ً ). وللحصول على هذا التعويض ، يتعين على صاحب البلاغ أن يرفع دعوى تعويض عن الأضرار أمام محكمة عادية ، لكن القرار لم يت طرق إلى ادعاءاته تعرضه للتعذيب على أيدي أفراد الشرطة ، واعتقاله تعسفا ، والتهم الملفقة الموجهة إليه.
2 - 10 وإضافة إلى ذلك ، رفع والد صاحب البلاغ في شباط/فبراير 2009 ، نيابة عن ابنه ، شكوى دستورية إلى المحكمة العليا بموجب المادة 126 من دستور سري لانكا يدعي فيها حدوث انتهاكات للمواد 11 و 12 ( 1 ) و 13 ( 1 ) و( 2 ) منه.
2 - 11 وفي تاريخ غير محدد من عام 2009 ، رفع صاحب البلاغ أيضاً دعوى تعويض أمام محكمة موراواكا المحلية.
2 - 12 وفي 15 تموز/يوليه 2020 ، قدم صاحب البلاغ معلومات محدّثة عن حالة الإجراءات المحلية وأبلغ اللجنة أن قضيتين جنائيتين رُفعتا على أفراد الشرطة بمقتضى قانون التعذيب أمام محكمة ماتارا العليا. وأحيلت كلتا القضيتين إلى المدعي العام للدولة للحصول على مشورة في 21 أيار/مايو 2019 ، لكن تعليماته لم تَرِد بعد. وعلى هذا ، لا تزال القضيتان قيد النظر بعد مرور أكثر من 13 عاما ً على الأحداث.
2 - 13 وأخبر صاحب البلاغ اللجنة أيضاً بأن المحكمة العليا أصدرت حكمها في 2 آب/ أغسطس 2016 وخلصت إلى أن عدم التماس مركز شرطة بيتابادارا الرعاية الطبية الفورية لصاحب البلاغ ، الذي أصيب بجروح خطيرة ، يشكل معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة. ورأت المحكمة العليا أن المسؤولية تقع فقط على عاتق الموظف المسؤول آنذاك عن مركز الشرطة ، الراحل السيد ك. ، الذي تبين أيضاً أنه مسؤول عن عدم ضمان حق صاحب البلاغ في التمتع بحماية القانون على قدم المساواة. ورأت أيضاً أنه لا يمكن إثبات مسؤولية أفراد الشرطة الآخرين ، الذين اكتفوا باتباع أوامر السيد ك. وقضت المحكمة العليا بمنح صاحب البلاغ تعويضا ً قدره 000 200 روبية سريلانكية (زهاء 075 1 دولارا ً ) ، وقد دُفع له.
2 - 14 وإضافة إلى ذلك ، أفاد صاحب البلاغ بأن مطالبته بالتعويض المدني لا تزال قيد النظر أمام محكمة موراواكا المحلية.
الشكوى
3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 7 و 9 و 26 من العهد ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه ، نتيجة عدم إجرائها تحقيقا فعالا في ادعائه تعرضه للتعذيب واحتجازه تعسفا وعدم تقديمها الجناة إلى العدالة.
3 - 2 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضُرب ضر باً مبرحا ً وع ُ ذب بألوان شتى من التعذيب أثناء اعتقاله واحتجازه على أيدي أفراد الشرطة في مركز شرطة بيتابادارا وبعلمهم ، الأمر الذي يخل بالمادة 7 من العهد. ويجادل في هذا الصدد بأن الدولة الطرف لم تكتف بانتهاك التزامها السلبي بموجب هذا الحكم ، أي عدم تعريض ه للتعذيب على أيدي جهات حكومية ، بل جاوزته إلى عدم احترام التزاماتها الإيجابية ، بما فيها الالتزام بحماية المحتجزين من العنف الذي تمارسه الجهات الخاصة. وإضافة إلى ذلك ، لم تقدَّم له رعاية طبية سريعة وملائمة رغم طلباته المتكررة ، الأمر الذي أدى إلى معاناته آلاما شديدة وإصابته بأضرار بدنية دائمة.
3 - 3 ويزعم أن اعتقاله كان تعسفيا ً بموجب المادة 9 ( 1 ) و( 2 ) من العهد بالنظر إلى عدم وجود سند قانوني لاحتجازه وعدم إبلاغه فو راً أسبابَ اعتقاله. ويلاحظ أنه علم لأول مرة أنه ات ُ هم بحيازة سلاح ناري وقنبلة يدوية عندما ن ُ قل إلى مشفى ماتارا في 1 آذار/مارس 2008 . أضف إلى ذلك أنه لم يمثل سريعا ً أمام محكمة ولم ي زوَّد محاميه بسجلات قضيته حتى 1 آذار/مارس 2008 . ويجادل بأنه حُرم عمليا ً حقَّه في أن تعيد محكمة النظر في مشروعية احتجازه ، الأمر الذي ينتهك المادة 9 ( 4 ) من العهد.
3 - 4 ويدعي صاحب البلاغ أن سوء معاملته أثناء احتجازه لدى الشرطة يشكل معاملة تمايزية غير قانونية تخلّ بالمادة 26 من العهد. ويجادل في هذا الصدد بأن المحتجزين أكثر عرضة للتعذيب مع إفلات الجناة من العقاب من أي فئة أخرى من الناس وأنه لا يوجد مبرر معقول وموضوعي لهذا التمايز ، الذي هو بمثابة تمييز لكونه سجينا ً .
3 - 5 ويجادل صاحب البلاغ أخيرا ً بأن الدولة الطرف لم تجر تحقيقا ً سريعا ً ومستقلا ً ونزيها ً في مزاعمه المتعلقة بالتعذيب وأن الجناة لم يقد َّ موا إلى العدالة ، الأمر الذي ينتهك المادة 2 ( 3 ) من العهد ، مقروءة بالاقتران مع المواد 7 و 9 و 26 منه . ويرى أن الإجراءات المحلية طويلة طولا ً غير معقول وغير فعالة. وما زال المدعي العام لم يبت في القضيت ي ن الجنائيت ي ن اللت ي ن ر ُ فعتا على أفراد الشرطة في إطار قانون التعذيب بعد مرور أكثر من 13 عاما ً على الأحداث. ويدعي أن الممارسة الواسعة الانتشار المتمثلة في عدم مقاضاة مرتكبي أعمال التعذيب أو مقاضاتهم الانتقائية تتعارض مع الحظر المطلق للتعذيب والتزام الدولة الطرف بالتحقيق في هذه الشكاوى وتخلّ بمبدأ المساواة أمام القانون. ويجادل أيضاً بأنه يخشى اتخاذ أي إجراء قانوني آخر في حق الشرطة لأن عناصرها المتورطين في الأحداث ما زالوا في مناصبهم ( ) .
3 - 6 وتمسك صاحب البلاغ في إفادته المؤرخة 15 تموز/يوليه 2020 بموقفه الذي يذهب إلى أن من انتهكوا حقوقه لم يعاقَبوا على أفعالهم بعد . ويجادل بأنه رغم القرارات التي أصدرتها المحكمة العليا ولجنة سري لانكا لحقوق الإنسان لصالح بعض جوانب قضيته ، فإن الاستنتاجات الوقائعية كانت ضيقة ومسؤولية المتورطين في الأحداث محدودةَ النطاق ، ولم يأخذ التعويض الممنوح في الحسبان خطورة انتهاك حقوقه. ومع أن حكم المحكمة العليا أقر بأن عدم تقديم مساعدة طبية إلى صاحب البلاغ أثناء احتجازه لدى الشرطة شكل تعذي باً ومعاملة لا إنسانية ، فإن المحكمة لم تتطرق إلى اعتقال صاحب البلاغ تعسفا وغيره من أشكال العنف التي تعرض لها. وإضافة إلى ذلك ، لم تأمر المحكمة العليا السلطات المختصة بتقديم الجناة إلى العدالة تمش ياً مع المادة 2 ( 3 ) من العهد. والشخص الوحيد الذي تبين أنه مسؤول عن انتهاك حقوق صاحب البلاغ تُوفي ، ولم يُدَن أحد بأي جريمة في محاكمة جنائية. ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن قضيته ليست قضية معزولة لأن ثقافة الإفلات من العقاب تعزى مباشرة إلى نظام العدالة الجنائية في الدولة الطرف برمته. ويحجم المدعي العام لسري لانكا والسلطة القضائية عن التحقيق في مزاعم التعذيب ومقاضاة مقترفيه ، وتفتقر السلطات المختصة إلى الاستقلالية. زد على ذلك أن من يتابعون مطالباتهم قد يتعرضون لأعمال انتقامية. ويجادل صاحب البلاغ بأن التدابير المتخذة حتى الآن لمكافحة الإفلات من العقاب غير كافية ( ) . ويدفع أيضاً بأنه جاء في استنتاجات لجنة مناهضة التعذيب أنه لم يُرفع سوى 17 دعوى تعذيب في إطار اتفاقية مناهضة التعذيب منذ عام 2012 ، ولم يُسفر عن إدانة ٍ سوى دعويَين ، الأمر الذي يوحي بأنه لم يحقَّق فعل ياً إلا في عدد قليل من مزاعم التعذيب. ولاحظت لجنة مناهضة التعذيب بقلق التباين الكبير بين قلة عدد شكاوى التعذيب التي تفيد التقارير بأن الشرطة تلقتها منذ عام 2012 ( 150 حالة) و ال عدد الكبير ل ادعاءات التعذيب ال ت ي تلقته ا لجنة سري لانكا لحقوق الإنسان خلال الفترة نفسها ( 259 2 حالة) ( ) .
3 - 7 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه اضطُر إلى تحمل معاناة بدنية ونفسية كبيرة نتيجةَ سوء المعاملة التي ألحقتها به السلطات السريلانكية وأن هذه المعاناة لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا. ويفيد بأنه كان لا بد من اقتلاع عينه وأن هذا الأمر كان له تأثير جَمّ على فرص عمله.
3 - 8 و عن سبل الانتصاف المنشودة ، يدعو صاحب البلاغ اللجنة إلى أن تأمر الدولة الطرف بتقديم الجناة إلى العدالة وإصدار اعتذار علني ، وأن تقدم له تعويضا ً كاف ياً عن الأضرار النقدية والعينية التي لحقت به ، وأن تكفل له إعادة تأهيل تام ة ، بما في ذلك المشورة النفسية.
عدم تعاون الدولة الطرف
4 - في مذكرات شفوية مؤرخة 16 كانون الأول/ديسمبر 2014 و 22 كانون الأول/ديسمبر 2015 و 23 أيار/مايو 2016 و 17 تموز/يوليه 2018 و 23 تموز/يوليه 2020 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف أن تقدم إليها معلومات عن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق هذه المعلومات. وتعرب عن أسفها لكون الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات عن مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ أو أسسها الموضوعية. وتذكّر بأن المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري تُلزم الدول الأطراف بأن تنظر بحسن نية في جميع المزاعم المرفوعة عليها وبأن تتيح للجنة كل ما لديها من معلومات. ونظراً لعدم ورود رد من الدولة الطرف ، يجب إيلاء مزاعم صاحب البلاغ ما تستحقه من اعتبار ما دامت مدعومة بأدلة.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
5 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما ، يتعين على اللجنة أن تقرر ، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي ، ما إن كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
5 - 2 وقد استيقنت اللجنة ، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري ، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
5 - 3 ونظرا ً إلى عدم ورود أي ملاحظات من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ ، وإذ تلاحظ اللجنة ما ذكره صاحب البلاغ من أن سبل الانتصاف ال داخل ية قد ثبت أنها غير فعالة أو مطوّلة دون مبرر ، فإنها ترى أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ في إطار المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.
5 - 4 وتحيط اللجنة علماً بمزاعم صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه بموجب المادة 26 من العهد لأنه ، بوصفه محتجزا ً ، تعرض للتعذيب مع إفلات الجناة من العقاب ، وهو ما يرجح أن يحدث للسجناء أكثر من أي فئة أخرى من الناس وأنه لا يوجد مبرر معقول وموضوعي لهذه المعاملة التمايزية . بيد أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ لم يضرب مثالا ً حقيق ياً يمكن القياس عليه ، أي شخ صاً في وضع مماثل ، لإثبات دعوى ظاهرة الوجاهة. وترى في هذا الصدد أنه من غير الممكن المقارنة بين معاملة المحتجزين وغير المحتجزين لأنهم ليسوا في وضع مماثل. وبناءً عليه ، ترى أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءاته بما يكفي من الأدلة بموجب المادة 26 من العهد وتعلن أن هذه الادعاءات غير مقبولة بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
5 - 5 وترى اللجنة أن مزاعم صاحب البلاغ بموجب المادتين 7 و 9 من العهد ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه ، تدعمها أدلة كافية لأغراض المقبولية وتمضي إلى النظر في أسسها الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
6 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان ، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.
6 - 2 و فيما يخص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد ، تحيط اللجنة علماً بالأحداث التي وقعت في 28 شباط/فبراير 2008 عندما صدمت شاحنة يقودها السيد ب. ف. ش. دراجة صاحب البلاغ النارية. وتحيط علماً على وجه الخصوص بأقوال صاحب البلاغ التي تفيد بأنه إضافة إلى الإصابات التي لحقت به نتيجةَ الحادث تعرض ل لضرب المبرح في مكان الحادث على أيدي بعض عناصر الشرطة وسائق الشاحنة الذي لم ي قتصر على ذلك بل صبّ كو باً من الحمض على وجهه. وتلاحظ أنه بدلا من أن يقدَّم له العلاج الطبي السريع والملائم الذي تستوجبه حالته الصحية الحرجة ، و ُ ضع رهن الاحتجاز الذي ظل فيه حتى مساء 1 آذار/مارس 2008 . وخلال هذه الفترة ، تعرض مرة أخرى لسوء المعاملة على أيدي عناصر الشرطة وسائق الشاحنة الذي ظهر مجد داً في مركز الشرطة. وتضع اللجنة في حسبانها ما ذكره صاحب البلاغ من أنه نتيجةَ سوء معاملته وتأخّر التدخل الطبي ، تعيّن إجراء عملية جراحية على عينه مرات عدة ولزم اقتلاعها في نهاية المطاف. ولا تزال حالته الصحية تسبب له معاناة بدنية ونفسية ومزي داً من الصعوبات في بعض نواحي حياته ، مثل العمل.
6 - 3 وتذكّر اللجنة في تعليقها العام رقم 20 ( 1992 ) بأن من واجب الدولة الطرف أن توفر لكل شخص ، عن طريق ما قد يلزم من التدابير التشريعية والتدابير الأخرى ، الحماية من الأفعال التي تحظرها المادة 7 ، سواء ألحقها به أشخاص يعملون بصفتهم الرسمية ، أو خارج نطاق صفتهم الرسمية ، أو بصفتهم الشخصية (الفقرة 2 ). وإضافة إلى ذلك ، تؤكد اللجنة من جديد ، تمش ياً مع اجتهاداتها السابقة ، موقفها القائل بأن عبء الإثبات لا يمكن أن يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده ، لا سيما بالنظر إلى أن الدولة الطرف هي وحدها التي يمكنها الوصول إلى بعض المعلومات الوجيهة ( ) . ونظ راً إلى عدم ورود أي بيانات دحض أو أي تعليقات من الدولة الطرف على الوقائع المذكورة آنفا ، تولي اللجنة ما يلزم من اعتبار لمزاعم صاحب البلاغ التي أكدتها أيضاً استنتاجات السلطات الوطنية ( ) . وترى أن التعذيب والظروف الموصوفة ، خاصة استخدام الحمض والضرب الذي ألحقه به سائق الشاحنة ، وعدم حماية الشرطة إياه عندما كان في عُهدتها وعدم التماسها المساعدة الطبية العاجلة ، واستمرار أفراد الشرطة في الاعتداء البدني عليه أثناء احتجازه ، وكلها عوامل سببت له ألما ً شدي داً وعجزا ً دائما ً ، من شأنها أن تنتهك حق صاحب البلاغ في ألاّ يعرّض لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة بمقتضى المادة 7 من العهد.
6 - 4 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بمزاعم صاحب البلاغ القائلة إن الدولة الطرف لم تستطع إثبات أن اعتقاله كان "معقولا ً " أو "ضروريا ً " في ملابسات قضيته. وتحيط علماً أيضاً بأن ه ، وفقا ً للمعلومات المتاحة لها ، لم يُدَن قط بالتهم الموجهة إليه ، سواء أكانت ملفقة أم لا. ونظ راً لعدم ورود أي توضيح من الدولة الطرف بشأن أسباب احتجازه في الفترة من 28 شباط/فبراير إلى 1 آذار/مارس 2008 ، تخلص اللجنة إلى أنها انتهكت حقوقه بموجب المادة 9 من العهد ( ) .
6 - 5 ويحتج صاحب البلاغ أيضاً بالمادة 2 ( 3 ) من العهد ، بالاقتران مع المادتين 7 و 9 م نه ، التي تلزم جميع الدول الأطراف بأن توفر لكل شخص ت ُ نتهك حقوقه التي يكفلها العهد سبيل انتصاف فعالا. وتذكّر اللجنة بأن التحقيقات الجنائية وما يُرتَّب عليها من مقاضاة الجناة هي من سبل الانتصاف الضرورية من انتهاكات حقوق الإنسان كتلك التي تحميها المادتان 6 و 7 من العهد ( ) . ويساور اللجنة القلق في القضية محل النظر لأنه بعد مرور أكثر من 13 عاما ً على الحادث ، لم يقد َّ م أحد إلى العدالة بسبب سوء معاملة صاحب البلاغ. وتلاحظ في هذا الصدد أنه رغم رفع قضيتين جنائيتين تتعلقان بادعاءات صاحب البلاغ تعرضه للتعذيب على عناصر الشرطة المتورطين في الأحداث ، أحيلتا إلى المدعي العام للحصول على المشورة ، فإن هما لا تزالان قيد النظر ولا يزال الجناة في مناصبهم. وجاء في المعلومات المعروضة على اللجنة أن ب. ف. ش. لم يحاك َ م أمام محكمة قانونية أيضاً ، وهو الآن متوفى. وإضافة إلى ذلك ، تلاحظ اللجنة بقلق أن بتّ المحكمة العليا في قضية صاحب البلاغ استغرق ما يقرب من ثمانية أعوام. وتضع اللجنة في حسبانها موقف صاحب البلاغ المتمثل في أن استنتاجات المحكمة العليا واستنتاجات لجنة سري لانكا لحقوق الإنسان غير كاملة بخصوص وقائع قضيته وأنها لا تثبت سوى مسؤولية محدودة لفرد واحد وأن التعويض المقدم له لا يتناسب مع جسامة انتهاك حقوقه. وتلاحظ اللجنة في الختام أن دعوى التعويض التي رفعها صاحب البلاغ إلى محكمة موراواكا المحلية في عام 2009 لم تنته بعد. وبعد أن نظرت اللجنة وفق الأصول في ما ورد أعلاه ، وبالنظر إلى عدم ورود أي تفسير من الدولة الطرف ، تخلص إلى أن الدولة الطرف لم تحقق كما يجب في احتجاز صاحب البلاغ وتعذيبه ولم تقاض الجناة ولم ت َ جب ُ ر ما أصاب صاحبَ البلاغ من أضرار ، منتهكةً بذلك حقوقه بمقتضى المادة 2 ( 3 ) من العهد ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 7 و 9 منه.
7 - وترى اللجنة ، وهي تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري ، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف المادتين 7 و 9 ، مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.
8 - والدولة الطرف ملزمة ، بمقتضى أحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد ، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويستلزم ذلك جبر أضرار من انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد جبرا ً تاما ً . و على هذا ، فالدولة الطرف ملزمة ، في جملة أمور ، بأن تخطو خطوات من أجل ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ونزيه ومستقل وفعال في الوقائع التي ساقها صاحب البلاغ؛ و(ب) ملاحقة المسؤولين عن اعتقال صاحب البلاغ تعسفا وإساءة معاملته ومحاكمتهم ومعاقبتهم ونشر ما أسفرت عنه هذه التدابير؛ و(ج) تعويض صاحب البلاغ تعويضا ً كافيا ً واتخاذ تدابير ترضية مناسبة له تَجب ُ ر ما تعرض له من انتهاكات. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً باتخاذ إجراءات لمنع تكرار انتهاكات مماثلة في المستقبل.
9 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت ، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري ، باختصاص اللجنة في البتّ في مسألة حدوث انتهاك للعهد من عدمه ، وأنها تعهدت ، عملاً بالمادة 2 منه ، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد داخل إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة متى ثبت وقوع انتهاك ، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. وتطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتوزعها على نطاق واسع بلغة الدولة الطرف الرسمية.