اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3162/2018 * **
بلاغ مقدم من : كامي إيريانا طومسون (يمثلها المحامي دوغلاس أ. إيوين)
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ
الدولة الطرف : نيوزيلندا
تاريخ تقديم البلاغ : 21 شباط/فبراير 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 27 آذار/مارس 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء : 2 تموز/يوليه 2021
الموضوع : جبر الضرر الناجم عن الاعتقال والاحتجاز غير المشروعين
المسائل الإجرائية : لا يوجد
المسائل الموضوعية : الاحتجاز التعسفي؛ وسبيل انتصاف فعال
مواد العهد : المادة 2(3 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 9(1 )؛ والمادة 9( 1) و( 5)
مواد البروتوكول الاختياري : لا يوجد
1- صاحبة البلاغ هي كامي إيريانا طومسون، وهي مواطنة من نيوزيلندا، مولودة في 28 أيلول/ سبتمبر 198 6. وهي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 2(3 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 9(1 )، والمادة 9( 1) و( 5) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 26 آب/أغسطس 198 9. ويمثل صاحبة البلاغ محام.
الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ
2-1 في 28 تموز/يوليه 2010، ح ُ كم على صاحبة البلاغ ب 100 ساعة من الخدمات المجتمعية و بالخضوع لمدة تسعة أشهر ل إشراف مفوضي اختبار بسبب ارتكابها جريمة لم يرد ذكرها . وفي 15 أيار/مايو 2012، قدم مفوض اختبار طلب اً إلى محكمة ويلينغتون المحلية لإلغاء عقوبة الخدمات المجتمعية. وفي 6 حزيران/يونيه 2012، نظر قاض في الطلب، وأرجأ النظر في المسألة حتى 25 حزيران/يونيه 2012 على أساس أنه لم يُعرض على المحكمة أدلة لتأييد تقديم الطلب. وفي 9 حزيران/يونيه و23 تموز/يوليه 2012، أرجئت المسألة مرة أخرى للسبب نفسه.
2-2 وفي 18 تموز/يوليه 2012، مثلت صاحبة البلاغ أمام محكمة و ي لينغتون المحلية بتهم غير ذات صلة لم يرد ذكرها وحكم عليها بالخضوع للإشراف المكثف لمدة 15 شهرا ً ، ثم طلب موظف لشؤون السجون من القاضي أن يعالج في وقت واحد طلب إلغاء عقوبة الخدمات المجتمعية السابقة التي فرضت على صاحبة البلاغ. ووافق القاضي على الطلب ولبّاه وألغى هذه العقوبة. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، حُدثت التهم التي حكم على صاحبة البلاغ بسببها في نظام المحكمة الإلكتروني لإدارة القضايا. وأُعدّ أمر بالحكم على صاحبة البلاغ بالخضوع للإشراف المكثف لمدة 15 شهر اً ووقّعه كاتب المحكمة. بيد أن المحكمة لم تلغ، في خطأ كتابي على ما يبدو، عقوبة الخدمات المجتمعية المتعلقة بالجريمة السابقة سواء في سجلاتها أو في نظامها الإلكتروني لإدارة القضايا.
2-3 وفي 23 تموز/يوليه 2012، نظر قاض آخر لدى محكمة ويلينغتون المحلية مرة أخرى في طلب إلغاء عقوبة الخدمات المجتمعية الصادرة في حق صاحبة البلاغ. ولم يكن ذلك القاضي على علم بأن نفس العقوبة ألغيت قبل خمسة أيام من ذلك. وعندما لم تمثل صاحبة البلاغ أمام القاضي، أصدر القاضي مذكرة توقيف في حق صاحبة البلاغ.
2-4 وفي 31 تموز/يوليه 2012، في الساعة 50/18، اعت ُ قلت صاحبة البلاغ عمل اً بمذكرة التوقيف وفُت ّ شت لدى وصولها إلى مركز الشرطة واحتجزت طوال الليل. وفي صباح اليوم التالي، أي في 1 آب/أغسطس 2012، الساعة 12/10، مثلت أمام محكمة ويلينغتون المحلية؛ وعندئذ أطلق رئيس المحكمة سراحها بسرعة. وقد أمضت نحو 15 ساعة و22 دقيقة رهن الاحتجاز.
2-5 وطلبت صاحبة البلاغ تعويض اً عن اعتقالها واحتجازها. ففي 24 آب/أغسطس 2012، أرسلت بيان اً بمطالباتها إلى مكتب التاج للشؤون القانونية التماس اً لحل ودي؛ ثم أرسلت رسالة تذكيرية في 26 شباط/فبراير 201 3. وتدعي صاحبة البلاغ أنها لم تتلق أي رد على بيانها ( ) .
2-6 وفي 10 نيسان/أبريل 2013، رفعت صاحبة البلاغ دعوى مدنية للحصول على تعويض إلى محكمة الدرجة الثانية ل نيوزيلندا. ونظر اً لأن قضاة المحاكم المحلية يتمتعون بالحصانة من الدعاوى المدنية عندما يتصرفون بصفتهم القضائية، فقد أقامت صاحبة البلاغ دعواها ضد المدعي العام بوصفه المدعى عليه في مطالبتها. وساقت ادعاءات مستندة إلى المسؤولية التقصيرية تتعلق بالسجن الباطل، والإخلال بالتزام قانوني، والإهمال من موظفي المحاكم، والإهمال النظمي بعدم تدريب موظفي المحاكم تدريبا ً سليما ً ، والاعتقال والاحتجاز التعسفيين اللذين ينتهكان المادة 22 من قانون شرعة الحقوق النيوزيلندي لعام 199 0. فبموجب هذا الحكم، "يحق لكل شخص ألا يُعتقل أو يحتجز تعسفا ً ". وفي 24 أيلول/سبتمبر 2014، رفضت محكمة الدرجة الثانية ادعاءات صاحبة البلاغ. ورُفضت الادعاءات المتعلقة بالسجن الباطل، والإخلال بالالتزام القانوني، والإهمال، والإهمال النظمي لأن المادة 6( 5) من قانون إجراءات التاج لعام 1950 تحظر جميع المطالبات القائمة على المسؤولية التقصيرية ضد التاج بسبب أفعال قضائية أو امتناع عنها ( ) . ورفضت الادعاءات المتعلقة بالاعتقال والاحتجاز التعسفيين على أساس أن احتجاز صاحبة البلاغ لم يكن غير قانوني لأنه وقع بناء على مذكرة توقيف أصدرها قاض. ومع أن السّند الوقائعي الذي صدرت على أساسه مذكرة التوقيف كان خاطئا ً ، فإن القاضية المعنية تصرفت بناء على افتراض معقول يستند إلى الأدلة التي هي على علم بها.
2-7 وفي 23 أيار/مايو 2016، رفضت محكمة الاستئناف استئناف صاحبة البلاغ قرارَ محكمة الدرجة الثانية ، غير أن ها نقضت في قرارها النتيجة التي خلصت إليها محكمة الدرجة الثانية ومفادها أن صاحبة البلاغ لم تعتقل وتحتجز تعسف اً وبصورة غير قانونية. وخلصت محكمة الاستئناف إلى أن اعتقال صاحبة البلاغ واحتجازها كانا تعسفيين وغير قانونيين لسببين: (أ) أنه عندما صدرت مذكرة التوقيف، لم يكن هناك طلب معلق لمثول صاحبة البلاغ أمام المحكمة؛ (ب) وأن القاضية أصدرت المذكرة من تلقاء نفسها وليس بناء على طلب من مفوض الاختبار بناء على ما تستوجبه المادة 72( 3) من قانون إصدار العقوبات. وخلصت محكمة الاستئناف من ثم إلى أن حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بالمادة 22 من شرعة الحقوق قد انتُهكت.
2-8 ومع ذلك، رأت محكمة الاستئناف أنه لا يحق لصاحبة البلاغ الحصول على تعويض عن فترة احتجازها غير القانوني ما لم يستنسب التاج دفع هبة لها . ولاحظت أن السبب الأقرب أو الفعلي لاعتقال صاحبة البلاغ واحتجازها غير القانونين هو إصدار مذكرة التوقيف التي هي فعل قضائي؛ ثم استنتجت محكمة الاستئناف أنه عمل اً بحكم محكمة الدرجة الثانية في قضية منفصلة، وهي قضية المدعي العام ضد تشابمان ( ) ، لا توجد مسؤولية للدولة عندما يتعلق الأمر بالإجراءات القضائية التي تؤدي إلى الإخلال بقانون شرعة الحقوق. وذكّرت محكمة الاستئناف بأن محكمة الدرجة الثانية خلصت إلى ما يلي في قضية المدعي العام ضد تشابمان : (أ) أن الحصانة القضائية الواسعة النطاق تنطبق بموجب القانون العام الأنكلوسكسوني على الإجراءات المتخذة للاضطلاع بالمسؤوليات القضائية بنيّة حسنة؛ (ب) أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية وأن أعضاءها ليسوا موظفين أو وكلاء للتاج؛ (ج) أن مبدأ الحصانة القضائية يقتضي عدم اعتبار التاج مسؤولا ً بالنيابة عن أفعال الأشخاص الذين يؤدون وظائف ذات طابع قضائي؛ (د) أن السماح بمطالبات التعويض عن الإخلال القضائي بقانون شرعة الحقوق من شأنه ، مبدئي اً، أن "ينافي استقلالية القضاء كما لو سُمح بتقديم مطالبات في حق القضاة شخصيا ً "؛ (ه) أن من غير الضروري توفير سبل انتصاف مالية عن الأفعال القضائية، بسبب وجود الحماية التصحيحية، مثل نظام التعويض على سبيل الهبة المتاح للأفراد الذين قضوا عقوبة السجن كلي اً أو جزئي اً قبل إلغاء الإدانة في الاستئناف، وإجراءات التماس المثول أمام القضاء المتاحة للأفراد الذين يدعون حدوث انتهاك للمادة 22 من قانون شرعة الحقوق. وأقرت محكمة الاستئناف بأن عدم منح صاحبة البلاغ الحق في الحصول على تعويضات عن الفترة التي احتجزت فيها بصورة غير قانونية يبدو غير م ُ رض، لكنها لم تر أن القانون يسمح بهذا الانتصاف.
2-9 وفي 17 حزيران/يونيه 2016، قدمت صاحبة البلاغ طلب اً للحصول على إذن باستئناف قرار محكمة الاستئناف أمام المحكمة العليا. وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2016، رفضت المحكمة العليا طلبها على أساس أن مطالبتها يحكمها الحكم الذي أصدرته مؤخر اً في قضية المدعي العام ضد تشابمان ، التي لم تر المحكمة وجود فرق كاف بينها وبين قضية صاحبة البلاغ . وتؤكد صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية.
الشكوى
3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف، باعتقالها واحتجازها إياها تعسف اً وبعدم تعويضها بعدئذ، قد انتهكت حقوقها بموجب المادة 2(3 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 9(1 )، والمادة 9( 1) و( 5) من العهد. وأقرت محكمة الاستئناف بأن اعتقال صاحبة البلاغ واحتجازها في الفترة من 31 تموز/يوليه 2012 إلى 1 آب/أغسطس 2012 كانا تعسفيين وغير قانونيين. وعليه، فإن اعتقالها واحتجازها ينتهكان المادة 9( 1) من العهد.
3-2 وينتهك عدم تعويض الدولة الطرف صاحبة البلاغ المادة 9( 5) من العهد. ورأت محكمة الاستئناف خطأ أن هناك شَدّ اً بين الحاجة إلى تحقيق استقلالية القضاء وحقوق المدّعى عليهم جنائياً في محاكمة عادلة. ولا يوجد شَدّ من هذا القبيل لأن هاتين الضمانتين تعملان في تناغم إحداهما مع الأخرى.
3-3 ويعدّ اعتماد المحاكم المحلية على اجتهادات المحكمة العليا في قضية المدعي العام ضد تشابمان في غير محله لأن المدّعي في هذه القضية لم يبرّأ بعد إدانته ظلما ً ؛ وعلى هذا، فإن الدولة الطرف لم تكن ملزمة بتعويضه بمقتضى المادة 14( 6) من العهد. وقد أبدت الدولة الطرف تحفظ اً على المادة 14( 6) من العهد، مشيرة إلى أنها "تحتفظ بالحق في عدم تطبيق المادة 14( 6) ما دامت غير راضية عن النظام القائم لدفع الهبات إلى الأشخاص الذين يعانون نتيجة خطأ قضائي". وفي حين أن المادة 14( 6) من العهد ربما كانت قابلة للتطبيق في قضية المدعي العام ضد تشابمان ، فإنها لا تنطبق في قضية صاحبة البلاغ، الأمر الذي يمنح حقوق اً للدولة الطرف من جهة التزاماتها بموجب المادة 9( 5) من العهد.
3-4 ويضاف إلى ذلك أن القاعدة في قضية المدعي العام ضد تشابمان مستمدة من القانون العام الأنكلوسكسوني وليس ت مستمدة من سلطة مخولة بموجب نص قانوني. وهي لا تتسق مع الاجتهادات السابقة ( سيمبسون ضد المدعي العام (قضية بايجنت ( ) ) )، حيث أكدت محكمة الاستئناف أن سن قانون شرعة الحقوق لعام 1990 يقتضي توفير سبيل انتصاف فعال.
3-5 والدولة الطرف، بعدم تعويضها صاحبة البلاغ، تكون قد ارتكبت انتهاك اً خطير اً ومستمر اً للعهد والقانون الدولي العرفي، بموجب الصيغة المعتمدة في مواد لجنة القانون الدولي المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً.
3-6 ولم تُحْرم صاحبة البلاغ التعويضَ الذي تستحقه بمقتضى المادة 9( 5) من العهد فحسب، بل حرمت أيض اً أيَّ سبيل انتصاف آخر حتى هذا التاريخ عن احتجازها واعتقالها التعسفيين وغير القانونيين. ويبلغ هذا الأمر حد انتهاك المادة 2( 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 9 منه. وحتى الآن، لم يقدم أحد في وزارة العدل اعتذار اً عن اعتقالها واحتجازها. ولم يكن لها حق استئناف مسألة مذكرة التوقيف. وإضافة إلى ذلك، صدرت مذكرة التوقيف من جانب واحد، ولذلك فهي لم تكن على علم بوجودها. ومع أن طلب المراجعة القضائية أو المثول أمام القضاء متاح نظري اً، فإنه لم يكن من الممكن صياغته وتقديمه قبل أن يتضح عدم قانونية احتجازها، فضلا ً عن أن تنظر فيه المحكمة العليا وتبت فيه. ولا يمكن اعتبار الطبيعة النظرية لسبل الطعن هذه فعالة بالمعنى المقصود في المادة 2( 3) من العهد. ولم يكن في وسع صاحبة البلاغ رفع شكوى على القاضي بموجب قانون ال مفوض المعني ب سلوك الجهاز القضائي وفريق مراجعة سلوك الجهاز القضائي لعام 200 4. وتنص المادة 16(1)(و) من هذا القانون على أنه لا ينطبق على القرارات القضائية، أو وظيفة قضائية أخرى، تخضع أو كانت خاضعة لحق الاستئناف أو الحق في طلب مراجعة قضائية. ولا ينص القانون على أي حكم بشأن سبل الانتصاف للأفراد الذين تضرروا من سلوك القاضي. وقد يؤدي القانون، في أفضل الأحوال، إلى توصية إلى المدعي العام بأن سلوك القاضي يستدعي عزله من منصبه. ولو كانت صاحبة البلاغ حصلت على تعويض، استنادا ً إلى قرارات مماثلة في المحاكم الأعلى درجة، لكان من المرجح أن تتلقى ما يزيد على 000 20 دولار نيوزيلندي، إضافة إلى دفع التكاليف القانونية.
3-7 وفي إفادة أخرى مؤرخة 14 آب/أغسطس 2018، تَذكر صاحبة البلاغ أن سبيل الانتصاف الذي ترغب فيه هو الحصول على تعويض قدره 000 20 دولار نيوزيلندي (أي ما يعادل تقريبا ً 384 14 دولارا ً من دولارات الولايات المتحدة )، إضافة إلى الفوائد المستحقة منذ تاريخ الانتهاك. وفي القانون الوطني، قد يؤدي تجاهل التزام قانوني من باب الاستهانة إلى منح تعويضات عقابية. والانتهاكات المستمرة والمتعمدة والصارخة للالتزام الوارد في المادة 9( 5) من العهد تدل على هذه الاستهانة، بيد أن التعويضات العقابية، في سياق الإجراءات المعروضة على اللجنة، قد تُعتبر غير ملائمة من الناحية النموذجية. وتعترف صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف هي التي يتعين عليها تحديد مبلغ التعويض إن وجدت اللجنة أن حقوقها انتهكت. وتلتمس صاحبة البلاغ أيضا اعتذارا مناسبا واسترداد التكاليف القانونية التي تكبدتها. وتطلب إلى اللجنة أن تعلن أنه ينبغي للدولة الطرف أن توائم قانونها الوطني (وتحديدا ً عن طريق تعديل قانون شرعة الحقوق النيوزيلندي لعام 199 0) مع الالتزام الوارد في العهد بتقديم تعويض عن الاعتقال والاحتجاز غير القانونيين حتى عندما يعزى هذا الاعتقال والاحتجاز إلى السلطة القضائية للحكومة.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية ( )
4-1 تذكّر الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 26 أيلول/سبتمبر 2018، بوقائع القضية وتعترف بأنها انتهكت حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 9( 1) من العهد باعتقالها واحتجازها تعسفا ً وبصورة غير قانونية. وقد أثبتت المحاكم الوطنية أصلاً هذا الإخلال في حكم محكمة الاستئناف. واحتجزت صاحبة البلاغ طوال الليل بعد أن صدر في حقها مذكرة توقيف غير صالحة لاعتقالها. وقد صدرت المذكرة بسبب خطأ قضائي. وقد أمضت نحو 15 ساعة و22 دقيقة في الاحتجاز.
4-2 وبصرف النظر عن انتهاك المادة 9( 1) من العهد، الذي سبق أن أثبت على الصعيد الوطني، تؤكد الدولة الطرف أن البلاغ ليس له أساس موضوعي. فهي لم تنتهك حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بالمادة 2( 3) أو 9( 5) من العهد. وقد حصلت على سبيل انتصاف فعال بالمعنى المقصود في المادة 9( 1) من العهد. وللأسباب المبينة أدناه، لا ينتهك عدم وجود حق قابل للإعمال في التعويض في الظروف الضيقة لقضية صاحبة البلاغ حقوقها بموجب المادة 9( 5) من العهد، التي يجب قراءتها على نحو يمنع تآكل استقلالية القضاء. ومن الضروري قراءة المادة 9( 5) من العهد قراءة محدودة لضمان عدم المساس بالحقوق الأخرى التي تستلزم وجود نظام قانوني عادل ومحايد، بما فيها الحقوق المنصوص عليها في المادة 14 من العهد، بسبب تآكل استقلالية القضاء.
4-3 وسبل الانتصاف، بما فيها الحق القابل للإعمال في الحصول على تعويضات بموجب القانون العام عندما يحدث الانتهاك من السلطة التنفيذية للحكومة، متاحة عندما يتعلق الأمر باحتجاز تعسفي ينتهك المادة 22 من قانون شرعة الحقوق. وقد وضعت المحاكم سبل الانتصاف هذه بوصفها وسيلة لإنفاذ المادة 2( 3) من العهد. غير أن المحكمة العليا خلصت في قضية المدعي العام ضد تشابمان ( ) إلى أن إتاحة سبيل انتصاف يفضي إلى ا لتعويض عن الأضرار أمر غير ممكن في حالة السلوك غير القانوني الناتج عن خطأ قضائي. وخلصت المحكمة العليا إلى أن توافر سبيل انتصاف من هذا القبيل من شأنه أن يقوض استقلالية القضاء في نيوزيلندا، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في المصالح المحمية الأخرى مثل حقوق المحاكمة العادلة. وتندرج قضية صاحبة البلاغ في مجموعة ضيقة من الملابسات التي لا يمكن فيها توفير سبيل انتصاف للتعويض عن الأضرار ، بيد أن هناك سبل ا ً فعالة أخرى للانتصاف من خطأ قضائي بحيث لا يكون من الضروري تقديم تعويض عن الأضرار.
4-4 وفي القضية محل النظر، رغم عدم وجود إمكانية لتقديم تعويضات، حصلت صاحبة البلاغ بالفعل على سبيل انتصاف فعال، ولم تنتهك الدولة الطرف المادة 2( 3) من العهد. فقد ألقي القبض على صاحبة البلاغ بعد أن صدر ت في حقها مذكرة توقيف خطأً مساء يوم 31 تموز/يوليه 2012 بعد انتهاء ساعات عمل المحكمة المحلية. ودُعيت إلى المحكمة المحلية للاستماع إلى قضيتها في صباح اليوم التالي، وأطلق سراحها فور الاعتراف بالخطأ الذي أدى إلى إصدار المذكرة. وهكذا، حصلت على سبيل انتصاف مناسب من خلال إطلاق سراحها بسرعة في أقرب فرصة ممكنة. ولو لم يطلق سراحها، لكانت قدمت طلب إحضار أمام المحكمة، بيد أن إطلاق سراحها كان سريعا ً ، ولذلك لم تكن تحتاج إلى التماس سبيل الانتصاف هذا. وحصلت صاحبة البلاغ أيضا ً على قرار من محكمة الاستئناف بأن حقوقها بموجب المادة 22 من قانون شرعة الحقوق قد انتهكت. ويعدّ الاعتراف القضائي بالإخلال بحق محمي، ومن ثم إحقاق حقوق المدعي، سبيل انتصاف هاما ً في القانون النيوزيلندي.
4-5 وتقدم الدولة الطرف تفاصيل إضافية عن قرار المحكمة العليا في قضية المدعي العام ضد تشابمان ( ) . فقد أدين السيد تشابمان بتهمة ارتكاب جريمة جنسية وحكم عليه بالسجن ست سنوات. واستأنف الحكم أمام محكمة الاستئناف. ولم يُقبل منحه معونة قضائية ورُفض استئنافه دون عقد جلسة شفوية، بموجب إجراءات تّبين لاحقا لمجلس الملكة الخاص أنها كانت غير قانونية وتخلّ ب قانون شرعة الحقوق. وبعد استئناف جديد، ألغيت إدانة السيد تشابمان، وأطلق سراحه في نهاية المطاف دون إعادة محاكمته عندما رفض شاهد رئيسٌ الإدلاء بشهادته . وعقب ذلك، اتخذ السيد تشابمان إجراءً في حق المدعي العام، مطالبا ً بتعويضات عن انتهاكات الحقوق التي اقترفها القضاة الذين رفضوا استئنافه الأولي.
4-6 وقبلت المحكمة العليا كون رفض الاستئناف الأول الذي قدمه السيد تشابمان بموجب نظام المعونة القضائية غير القانوني انتَهك حقوقه بموجب قانون شرعة الحقوق في محاكمة عادلة وفي مراعاة مبادئ العدالة الطبيعية، غير أن المحكمة قررت أيضا أن مطالبة السيد تشابمان لم تكن قابلة للتطبيق في حق المدعي العام للحصول على تعويضات عن الأضرار بمقتضى قانون شرعة الحقوق. وكان ذلك يستند، أساس اً، إلى أن من شأن السماح بالمضي قدما في مطالبة من هذا النوع أن يكون "منافيا لاعتبارات النفع العام كما لو سُمح بتقديم مطالبة شخصية ضد القضاة". وأحاطت المحكمة علما بالموقف الراسخ في القانون العام الأنكلوسكسوني الذي يذهب إلى أن قضاة المحاكم العليا كانوا يتمتعون دائما ً بحصانة شخصية من رفع الدعاوى، ولاحظت أن التاج لا يمكن أن يكون مسؤولا ً عن أفعال القضاة مسؤولية مباشرة. ولطالما اعتُبرت استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، في إطار دستور يجسد فصل السلطات، غير متسقة مع كون القضاة موظفين أو وكلاء للتاج يتصرفون نيابة عنه.
4-7 ورأت المحكمة العليا بعدئذ أنه من بين مختلف المبررات السياساتية التي تقوم عليها الحصانة القضائية الشخصية، كانت هناك ثلاثة مبررات من هذا القبيل ذات أهمية رئيسَة في تحديد عدم توافر سبيل انتصاف للحصول على تعويضات بموجب القانون العام بسبب انتهاكات السلطة القضائية قانونَ شرعة الحقوق، وهي: (أ) استصواب تحقيق الغاية ؛ (ب) والحاجة إلى حماية استقلالية القضاء وتعزيزها؛ (ج) و توافر سبل انتصاف بديلة إزاء انتهاكات السلطة القضائية قانونَ شرعة الحقوق (بطرق منها عملية الاستئناف )؛ ثم انتقلت المحكمة إلى دراسة كل عامل من هذه العوامل الثلاثة على حِدة.
4-8 ففيما يتعلق باستصواب تحقيق الغاية في نتيجة التقاضي، أوضحت المحكمة أنه في حالة أمكن الإبقاء على الدعاوى المدنية المرفوعة على الدولة على أساس أن القاضي انتهك حقوق المدعي، فقد تُقدّم طعون جانبية بنفس النتائج التي تهدف الحصانة القضائية الشخصية إلى الوقاية منها. وهذا من شأنه أن يتسبب في مضايقة نظام العدالة المتقاضين وفقدان الثقة في الأداء الفعال لسيادة القانون. ونتيجة لذلك، فإن الحصانة المؤسسية ضرورية للحفاظ على ثقة الجمهور في إقامة العدل بإنصاف وفعالية.
4-9 وفيما يتعلق بالحاجة إلى تعزيز استقلالية القضاء وحمايتها، ذكرت المحكمة أن على السلطة القضائية دائم اً، عند الوفاء بالتزاماتها بموجب قانون شرعة الحقوق، أن تتصرف وأن يُنظر إليها على أنها تتصرف باستقلالية عن التأثيرات الخارجية، لا سيما السلطة التنفيذية. وإن أصبحت الحكومة التنفيذية مسؤولة عن التعويضات بسبب الانتهاكات القضائية للحقوق، فمن المرجح أن يشعر الناس الأطرافُ في منازعة قضائية أو مراقبوها بالقلق من أن احتمال هذه المنازعة في المستقبل قد يصرف انتباه القاضي عن التصرف بطريقة مستقلة تمام اً. ويمكن أن يتعرض القاضي لضغوط غير مباشرة لتقليل مخاطر المطالبات القائمة على مسؤولية الحكومة إلى أدنى حد. وبناء على ذلك، فمن شأن ثقة الناس في التدبير الفعال للقانون أن تتضاءل. وذكرت المحكمة أيضا أنه إن سُمح بمثل هذه المطالبات، ضغطت الحكومة المدعى عليها على القضاة ليكونوا شهودا في الدعاوى المرفوعة نتيجة أفعالهم. ومن غير المستصوب أن يشهد القضاة على سلوكهم؛ فمن شأن هذا الاحتمال في حد ذاته أن يعطي انطباعا بأن القضاة قد يتعرضون لضغوط في عملية صنع قراراتهم إن اعتقدوا أنهم قد يُستجوبون في هذا الصدد في مرحلة لاحقة.
4-10 وذكرت المحكمة العليا أيضا ً أنه ليس من الحكمة افتراض أن المطالبات المتعلقة بالسلوك القضائي ستكون نادرة. ورغم الحظر المفروض على رفع دعاوى شخصية على القضاة، فإن الدعاوى التي تُقام على القضاة من المتقاضين الساخطين، إضافة إلى طلبات الإلغاء المتكررة وغير المجدية ، هي سمة منتظمة من سمات التقاضي. وهناك أيضا مضايقات شخصية للقضاة من حين لآخر. وخلصت المحكمة إلى أنه لن يحدث نقص في المدعين المحتملين إن اعتبر التقاضي بشأن السلوك القضائي جائزا ً . وعللت المحكمة ذلك بأنه سيكون من قبيل التخمين افتراض عدم تأثير هذه المطالبات في السلوك القضائي. ورغم أنه يحق للقضاة عادة أن تعوضهم الدولة، فإن هذا الأمر سيظل مع ذلك منافيا ً لاستقلالية القضاء.
4-11 ورأت المحكمة العليا أيضا ً أن من شأن السماح بالمضي بهذه المطالبات قدما ً أن يستوجب من الحكومة التنفيذية، بوصفها مدعى عليها في مطالبات من هذا القبيل، أن تدافع عن القضايا المرفوعة المرتبطة بالسلوك القضائي. وسيطلب من القضاة التعاون مع الدولة على الدفاع عن هذه القضايا. وبالنسبة للمراقب الخارجي، يبدو أن الحكومة التنفيذية تدافع عن القاضي وأن القاضي سيساعد الحكومة؛ ثم إن جعل المدعي العام، وهو عضو في الحكومة التنفيذية، مسؤولا ً من الناحية المالية عن الإجراءات القضائية يعني ضمنا أن القضاة يتصرفون بالنيابة عن الحكومة التنفيذية عند ممارستهم وظائفَهم القضائية. ومن الناحية الدستورية، لا يجوز للحكومة أن تتدخل في العملية القضائية دون الإخلال بالاتفاقيات، بيد أنه إن أصبحت السلطة التنفيذية مسؤولة عن التعويض عن أفعال القضاة غير المشروعة دستوري اً، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى ضغوط سياسية، مباشرة وغير مباشرة، من أجل مساءلة القضاة أمام السلطة التنفيذية. ولهذه الأسباب، خلصت المحكمة إلى أن "من شأن السماح بمطالبات التعويض عن الانتهاك القضائي لقانون شرعة الحقوق أن ينافي استقلالية القضاء كما لو سُمح بتقديم مطالبات في حق القضاة شخصيا ً ".
4-12 وأوضحت المحكمة بعدئذ أن السمات التالية لنظام العدالة تصب في منع انتهاكات الحقوق وتوفير سبل انتصاف مناسبة عن هذه الانتهاكات عند وقوعها: (أ) استئناف القرارات أو مراجعتها أو إعادة النظر فيها؛ (ب) والدعاوى المدنية المتعلقة بالإجراءات التي يتخذها الموظفون القضائيون أثناء ممارستهم وظائفهم القضائية؛ (ج) والملاحقة الجنائية بخصوص الفساد في ممارسة الوظائف القضائية؛ (د) وعمليات الفصل بسبب جسامة سوء السلوك القضائي أو عدم الأهلية؛ (ه) والنظام المنصوص عليه في قانون ال مفوض المعني ب سلوك الجهاز القضائي وفريق مراجعة سلوك الجهاز القضائي لعام 2004، للتحقيق في الشكاوى المرفوعة على القضاة ومعالجتها وفقا لرأي المفوض في مدى جسامتها.
4-13 ولذلك خلصت المحكمة العليا إلى أن نفس أسباب السياسة العامة الداعمة للحصانة القضائية الشخصية تبرر أيضا استبعاد مسؤولية التاج عن الانتهاكات القضائية لقانون شرعة الحقوق. وبدلا ً من توفير حماية أفضل للحقوق، رأت المحكمة أن السماح بدفع تعويضات من السلطة التنفيذية عن الانتهاكات القضائية "سيكون مدمرا ً لإقامة العدل في نيوزيلندا وفي نهاية المطاف الحماية القضائية لحقوق الإنسان في نظامنا القضائي". ويضاف إلى ذلك أن من غير الضروري دفع تعويضات عن هذه الانتهاكات لتوفير سبل انتصاف فعالة في حال ارتكاب انتهاكات.
تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية
5-1 تستشهد صاحبة البلاغ في تعليقاتها المؤرخة 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 برأي مخالف في قضية المدعي العام ضد تشابمان ( ) . فالقاضي الذي حرّر الرأي رأى أن مبادئ استقلالية القضاء لا تتعرض للخطر بالسماح بسبيل انتصاف تعويضي ضد الدولة عن الانتهاكات القضائية لقانون شرعة الحقوق. وتستشهد صاحبة البلاغ أيضا برأي مطابق صدر في القضية نفسها شدد فيه قاض بوجه خاص على المبدأ القائل بأن الخطأ القضائي القابل للتصحيح الاستئنافي من غير المرجح أن يتطلب سبيل انتصاف تعويضيا ً . وتجادل صاحبة البلاغ بأن التصحيح الاستئنافي للفعل غير المشروع أمر مستحيل في قضيتها . فقد قبلت محكمة الاستئناف عدم وجود سبيل من هذا القبيل متاح لها. ويتخلل تعليلَ تعددية المحكمة في قضية المدعي العام ضد تشابمان الرأيُ القائل بأنه ينبغي إيلاء أهمية قليلة للالتزامات القانونية الدولية للدولة الطرف، بما فيها الالتزامات المنصوص عليها في العهد ما لم تدرج في القانون الوطني وبأوضح العبارات.
5-2 وقد سبق أن خلصت اللجنة إلى أن مسؤولية الدولة تسري على التمديدات القضائية للاحتجاز الذي يكون، والحال هذه ، قانونيا ومأذونا به ( ) . وقد رفضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الاقتراح القائل بأن مسؤولية الدول تمس باستقلالية القضاء ( ) . وبالمثل، رفضت الدائرة الكبرى لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الاقتراح الذي يذهب إلى أن التزام الدولة الأساسي بضمان استقلالية القضاء والحصانة القضائية الشخصية يؤديان إلى حصانة الدول من الالتزام بدفع التعويضات ( ) . وتؤيد المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية أيضا ً وجود حق تعويضي ضد الدولة عن الانتهاكات القضائية. وإضافة إلى ذلك، شدد المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين على أنه نظرا ً لأن كلا ً من القضاء ومكتب المدعي العام مؤسستان للدولة، فإن أفعالهما أو امتناعهما عن الفعل يلزمان الدولة مباشرة ( ) . وأشير أيضا ً إلى ضرورة المساءلة القضائية في ديباجة مبادئ بانغالور بشأن سلوك الجهاز القضائي، المنطبقة في نيوزيلندا ( ) . ولا تشكل استقلالية القضاء ولا المساءلة غاية في حد ذاتهما. فمن دون مساءلة، تضعف استقلالية القضاء ضعفا ً محفوفا ً بالمخاطر.
5-3 ولا تؤيد ممارسات دول أخرى ادعاء الدولة الطرف أن الاستثناءات قد تنطبق على الالتزام بدفع تعويض بموجب المادة 9( 5) من العهد. ولم تتمكن الدولة الطرف من تحديد ممارسات موحدة أو سائدة للدول لدعم ادعاء كون حصانة الدول من الأفعال القضائية عنصرا ً أساسيا ً من عناصر استقلالية القضاء. ففي قضية كوبلر ضد جمهورية النمسا المعروضة على محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، لم تتوافق آراء الدول في موضوع مسؤولية الدول عن الأفعال القضائية. وفي تقاليد القانون العام الأنكلوسكسوني، التي تنتمي إليها الدولة الطرف، فُسرت شروط سبل الانتصاف الفعالة الواردة في الدساتير الوطنية على أنها تنشئ مسؤولية الدولة عن الانتهاك القضائي ( ) . ويوجد في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية سبل انتصاف تعويضية عن الانتهاكات القضائية ( ) . ويمكن الدولةَ الطرف أن تصدر تشريعات لتنفيذ نظام انتصاف بنفس الطريقة التي ينفذه بها برلمان المملكة المتحدة. ولم تفعل ذلك بعد، الأمر الذي يفضي إلى احتمال حدوث انتهاكات مستمرة للالتزام بموجب المادة 9( 5) من العهد.
5-4 وخلافا ً للموقف الذي وقفته الدولة الطرف ومحاكمها، فإن إمكانية التقدم بطلب أمر إحضار أمام المحكمة ليست تعويضا بمقتضى المادة 9( 5) من العهد. ومن شأن هذا الطلب، في أحسن الأحوال، أن يخفف من الضرر. وتُعتبر باطلةً حجةُ المحكمة التي تقول بأن رفع دعوى على الدولة بسبب خطأ قضائي قد يستلزم من السلطة القضائية المشاركة في التقاضي على حساب استقلالها المتصور. ولا توجد ضرورة لانخراط قاض ما في التقاضي بشأن انتهاك المادة 9 من العهد مثلما لا توجد ضرورة لأداء القضاة دور اً فاعل اً في استئناف حكم من أحكامهم. وعلى مستوى الاستئناف، تتطلع محكمة الاستئناف إلى تحديد الخطأ القابل للإصلاح؛ وفور ثبوت الخطأ، يُجرى تحقيق بشأن الغُرم . ولا تقتضي هذه العملية من موظف قضائي أن يدعم دفاع الدولة أو أن يدلي بشهادته في إجراءات الاستئناف. وسيركز التحقيق، بحكم طبيعته، بدرجة أقل على الفعل القضائي المطعون فيه وبدرجة أكبر على الآثار التي خلفها الإجراء على الطرف المتأثر.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إن كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
6-2 وقد استيقنت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بمقتضى إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية البلاغ أو على حجة صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، على نحو ما تقضي به المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ أيض اً أن صاحبة البلاغ أثارت مضمون ادعاءاتها بموجب العهد أمام محكمة الاستئناف والمحكمة العليا لنيوزيلندا. لذلك ترى اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تحول دون النظر في هذا البلاغ.
6-4 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قد دعمت بما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، ادعاءاتها بمقتضى المادة 2( 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 9(1 )، والمادة 9( 1) و( 5) منه. وعليه، تعلن مقبولية هذه الادعاءات وتنتقل إلى دراستها من حيث أسسها الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5( 1) من البروتوكول الاختياري.
7-2 وتلاحظ اللجنة أن محكمة الاستئناف قررت، أثناء الإجراءات الوطنية، أن اعتقال صاحبة البلاغ واحتجازها كانا غير قانونيين وتعسفيين على حد سواء. وتلاحظ أيض اً أن الدولة الطرف تقر بأنها انتهكت حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 9( 1) من العهد باعتقالها واحتجازها تعسف اً وبصورة غير قانونية 15 ساعة و22 دقيقة تقريب اً في 31 تموز/يوليه و1 آب/أغسطس 201 2. ونظر اً إلى أنه لا يوجد نزاع بين الطرفين بشأن هذه المسألة، فإن اللجنة تقبل موقفيهما المتمثلين في أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 9( 1) من العهد.
7-3 وتحيط اللجنة علم اً بادّعاء صاحبة البلاغ أن من حقها الحصول على تعويض عن اعتقالها واحتجازها بمقتضى المادة 9( 5) من العهد. وتذكّر بأن المادة 9( 5) من العهد تلزم الدول الأطراف بوضع إطار قانوني يمكن من خلاله تقديم تعويضات لضحايا الاعتقال والاحتجاز غير القانونيين، باعتبار ذلك حقاً قابل اً للإعمال وليس مِنَّة أو أمراً تقديرياً ( ) . ويجب ألا يكون سبيل الانتصاف نظري اً فقط، بل يجب أن يعمل بفعالية وأن تُدفع التعويضات في غضون فترة زمنية معقولة ( ) . ولا تحدد المادة 9( 5) من العهد شكلا ً دقيقا ً للإجراءات قد يشمل سبل انتصاف ضد الدولة نفسها أو ضد أفراد من الموظفين العموميين مسؤولين عن الانتهاكات ما دامت إجراءات فعالة ( ) . ولا تقتضي المادة 9( 5) وضع إجراء واحد لمنح التعويضات عن جميع أشكال الاحتجاز غير القانوني، بل فقط وجود منظومة فعالة من الإجراءات تمنح تعويضات في جميع الحالات التي تندرج تحت المادة 9( 5) من العهد ( ) . ولا تلزِم الفقرة 5 الدول الأطراف بأن تبادر من تلقاء نفسها إلى تعويض ال ضحايا ، بل تسمح لها بأن تترك للضحية بدء إجراءات طلب التعويض ( ) .
7-4 وتلاحظ اللجنة أن التشريعات الوطنية للدولة الطرف وقانونها العام الأنكلوسكسوني ينصان عموم اً على التعويض عن الاعتقال والاحتجاز غير المشروعين، في حين يوجد استثناء لا يشترط بموجبه دفع تعويض إن انتهكت السلطة القضائية للحكومة قانونَ شرعة الحقوق ( ) . وتلاحظ أيض اً أن صاحبة البلاغ بدأت إجراءات بمبادرة منها لطلب تعويض من السلطات الوطنية، لكن دون جدوى. وتحيط علم اً بحجة الدولة الطرف القائلة إن صاحبة البلاغ حصلت على سبيل انتصاف مناسب من خلال الإفراج عنها بسرعة في أقرب فرصة ممكنة، وأنه لو لم يفرج عنها، لكان أتيح لها سبيل انتصاف منفصل يتمثل في طلب إحضار أمام المحكمة. وتلاحظ أن صاحبة البلاغ أمضت أقل من يوم كامل رهن الاحتجاز وأفرج عنها بسرعة عندما اكتشفت المحكمة الخطأ الذي دفعها إلى اعتقالها، بيد أنها تلاحظ أن الإفراج عن فرد من احتجاز غير قانوني - بغض النظر عن مدة الاحتجاز - لا يفي بالتزام الدولة الطرف بتقديم تعويض بالمعنى المقصود في المادة 9( 5) من العهد ( ) .
7-5 وتحيط اللجنة علم اً بحجج السياسة العامة المفصلة التي ساقتها الدولة الطرف ومحاكمها، ومفادها أن دفع تعويض عن الانتهاكات القضائية للحقوق من شأنه أن يقوض استقلالية القضاء. ومع ذلك، تلاحظ أن اللغة المبسَّطة للمادة 9( 5) من العهد لا تجيز استثناءات من شرط أن تدفع الدول الأطراف تعويض اً عن الاعتقال أو الاحتجاز غير القانوني. وعليه، ترى أنه حتى في القضية قيد النظر، حيث نتج اعتقال صاحبة البلاغ واحتجازها عن خطأ غير مقصود من سلطات الدولة الطرف، التي أفرجت عنها بسرعة عند اكتشاف الخطأ، فإن الالتزام بدفع تعويض بموجب المادة 9( 5) من العهد لا يزال ساريا ً ( ) .
7-6 وعن حجج الدولة الطرف بخصوص إمكانية أن يؤثر شرط التعويض غير المقيد تأثير اً سلبي اً في صنع القرار من جانب القضاة، تلاحظ اللجنة أيض اً أن الالتزام بمقتضى المادة 9( 5) من العهد لا يستوجب تحديد المسؤولية الفردية للقضاة أو غيرهم من الموظفين الحكوميين. وتذكّر اللجنة بأن التعويض المالي الذي تستلزمه المادة 9( 5) من العهد يرتبط تحديد اً بالأضرار المالية وغير المالية الناتجة عن الاعتقال أو الاحتجاز غير القانوني ( ) . ولذلك ترى أن المادة 9( 5) من العهد تعنى بتوفير سبل لجبر الأضرار بدل اً من إلقاء اللوم على الجهات الفاعلة الحكومية لتسببها في تلك الأضرار. وبناء على ذلك، ترى أنه في الحالات التي يؤدي فيها ارتكاب السلطة القضائية للحكومة خطأ إلى اعتقال أو احتجاز غير قانوني أو تعسفي، ينبغي ألا يفضي تعويض الضحية إلى تقويض استقلالية القضاء، بل ينبغي أن يدعّم المساءلة والثقة في القضاء بتوفير سبيل انتصاف من الخطأ.
7-7 وفي ضوء الاستنتاجات السابقة، لا ترى اللجنة من الضروري دراسة ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 2( 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 9( 1) منه.
8- واللجنة، إذ تتصرف بمقتضى المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 9( 1) و( 5) من العهد.
9- وعملاً بأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. ويقتضي منها ذلك توفير سبل الجبر التام للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وبناءً على ذلك، يتعين على الدولة الطرف، في جملة أمور، تقديم تعويض كاف لصاحبة البلاغ. والدولة الطرف ملزمة أيض اً باتخاذ جميع الخطوات الضرورية لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، بطرق منها مراجعة تشريعاتها و/أو لوائحها و/أو ممارساتها الوطنية لضمان إمكانية تَقدّم الأفراد الذين اعتقلوا أو احتجزوا بصورة غير قانونية نتيجة أفعال قضائية أو امتناع عنها بطلب للحصول على تعويض كاف، وفق اً للالتزام المبيّن في العهد.
10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البتّ في مسألة وقوع انتهاك لأحكام العهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة متى ثبت وقوع انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.