الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2869/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

7 June 2022

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

قرار اعتمدته اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2869/2016 * **

بلاغ مقدم من: د. م. (تمثله المحامية ماريا إيفانوفيتش)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: صربيا

تاريخ البلاغ: 20 كانون الأول/ديسمبر 2012 ( بلاغ أول )

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملا بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ( لم يصدر في شكل وثيقة )

تاريخ اعتماد القرار: 25 آذار/مارس 2021

الموضوع: اشتراط التمثيل القانوني لتقديم الشكاوى الدستورية

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف الداخلية؛ وضوح عدم الاستناد إلى أسس سليمة؛ الاختصاص الموضوعي

المسائل الموضوعية: الوصول إلى المحكمة؛ التمييز؛ المحاكمة العادلة

مواد العهد: 14 ( 1 ) ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 26

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 3 و 5(2)(ب)

1 - صاحب البلاغ هو د. م .  وهو مواطن من صربيا مولود في 24 آذار/مارس 194 3 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة 14 ( 1 ) ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 26 من العهد. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 6 كانون الأول/ديسمبر 200 1 . ويمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 في عام 2001 ، فُّصلَ صاحب البلاغ من عمله في مكتبة مدينة بلغراد. وفي وقت لاحق من العام ذاته، قدم صاحب البلاغ شكوى مدنية ضد المكتبة أمام محكمة بلدية بلغراد الأولى، مطال باً فيها بإلغاء قرار إنهاء خدمته. وفي عام 2003 ، حكمت المحكمة لصالح صاحب البلاغ. بيد أن محكمة بلغراد المحلية وافقت فيما بعد على استئناف المكتبة لذلك القرار، وأمرت بإعادة المحاكمة.

2 - 2 وفي أيار/مايو 2009 ، أصدرت المحكمة الابتدائية في بلدية بلغراد حكما قضت فيه لصالح المكتبة. وأمرت المحكمة صاحب البلاغ بدفع تكاليف المحكمة وقدرها 500 173 دينار (أي ما يعادل حوالي 000 2 يورو في ذلك الوقت ). وفي 31 تموز/يوليه 2009 ، رفضت محكمة بلغراد المحلية استئناف صاحب البلاغ في قرار المحكمة الأدنى درجة، الذي أصبح عندئذ واجب الإنفاذ.

2 - 3 وفي 9 أيلول/سبتمبر 2010 ، سُلِّمَّ قرار محكمة بلغراد المحلية المؤرخ 31 تموز/يوليه 2009 إلى محام صاحب البلاغ ( ) . وبموجب قانون الإجراءات المدنية لعام 2004 ، يجوز تقديم استئناف بالنقض في منازعات قانون العمل. وتبدأ الفترة القانونية البالغة 30 يوما ً لتقديم الاستئناف بالنقض، بداية من تاريخ تسليم نسخة من الحكم النهائي ( ) . ويؤكد صاحب البلاغ أن آخر يوم لتقديم طعن بالنقض في قرار المحكمة المحلية كان 9 تشرين الأول/أكتوبر 201 0 .

2 - 4 واختلف صاحب البلاغ مع محاميه آنذاك الذي كان مترد داً في تقديم استئناف بالنقض بالنيابة عن صاحب البلاغ. ويعتقد صاحب البلاغ أن إحجام المحامي يُعزى إلى عدم قدرة صاحب البلاغ على دفع تكاليف الاستئناف، بالنظر إلى أن التكاليف التي أمرت المحكمة صاحب البلاغ بدفعها كانت أكبر من راتبه الشهري أربع مرات. وفي النهاية، قرر المحامي عدم تقديم استئناف بالنيابة عن صاحب البلاغ، وأعاد إليه ملف القضية في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، أي قبل الموعد النهائي لتقديم الاستئناف بالنقض بثلاثة أيام. وأعد صاحب البلاغ طعنه بالنقض من تلقاء نفسه وأرسله في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2010 ( ) .

2 - 5 وفي 11 شباط/فبراير 2011 ، أعلنت محكمة النقض العليا أن استئناف صاحب البلاغ لقرار محكمة بلغراد المحلية المؤرخ 31 تموز/يوليه 2009 غير مقبول لأنه قُدِمَ ووُّقِّع من جانب صاحب البلاغ نفسه، وليس من جانب ممثله القانوني ( ) .

2 - 6 ثم قدم صاحب البلاغ شكوى إلى المحكمة الدستورية ادعى فيها أن محكمة النقض العليا قد انتهكت حقه في الحصول على محاكمة عادلة وذلك بإساءة تطبيق الأحكام ذات الصلة من قانون الإجراءات المدنية. و بدلاً من ذلك، دفع بأن الالتزام بأن يمثله محام أمام محكمة النقض العليا، في غياب نظام للمعونة القضائية ومن دون فرصة واقعية للحصول على تمثيل قانوني في الوقت المناسب، يشكل انتها كاً لحقه في اللجوء إلى المحكمة. وأثار صاحب البلاغ أيضاً ادعاء بالتمييز غير المباشر، محتجا بأن القاعدة التي تتطلب التمثيل القانوني أمام محكمة النقض العليا تشكل تميزا ً ضد من لا يستطيعون دفع تكاليف الخدمات القانونية.

2 - 7 وفي 4 تموز/يوليه 2012 ، رفض المجلس المصغر للمحكمة الدستورية شكوى صاحب البلاغ على أساس أن ادعاءاته لم تكن "أسبابا ً منصوصا ً عليها دستوريا ً ". ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية، نظ راً إلى لعدم وجود سبل أخرى للاستئناف. ويذكر أيضاً أنه لم يقدم المسألة نفسها إلى هيئة دولية أخرى للتحقيق فيها أو لتسويتها.

2 - 8 وفيما يتعلق بالقانون المحلي المطبق، يذكر صاحب البلاغ أنه بموجب قانون الإجراءات المدنية لعام 2004، الذي كان ساريا ً في ذلك الوقت، "يجوز لأي طرف لديه كفاءة قانونية أن يتولى مهام الترافع عن نفسه في الدعوى (كفاءة التقاضي)"؛ غير أنه "يجب أن يكون لدى طرف الدعوى مستشار قانوني في دعوى المراجعة أو في الدعوى المرفوعة لحماية الشرعية" ( ) . ويؤكد صاحب البلاغ أن مصطلح "revizija" باللغة الصربية يمكن ترجمته بعبارة "دعوى المراجعة" و "دعوى النقض". وبالإضافة إلى ذلك، ينص قانون الإجراءات المدنية على أنه "عندما يعفى طرف من مسؤولية دفع تكاليف التقاضي، تعترف المحكمة الابتدائية بحقه في الحصول على المعونة القضائية المجانية، إذا كان ذلك ضرور ياً لحماية حقوق طرف" ( ) . ويحظر دستور الدولة الطرف جميع أشكال التمييز المباشر أو غير المباشر ويضمن إعمال حقوق الإنسان وحقوق الأقليات والحق في المحاكمة العلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، بعدم سماحها له بالطعن في قرار محكمة بلغراد المحلية أمام محكمة النقض العليا من دون تمثيل قانوني، في ظروف لم يكن من الممكن فيها له الحصول على هذا التمثيل في الوقت المناسب أو التقدم بطلب للحصول على معونة قضائية والحصول عليها بالفعل، قد انتهكت حقوقه بموجب المادة 14 ( 1 ) ، مقروءة وحدها وبالاقتران مع المادة 26 من العهد. وحُرمَّ صاحب البلاغ من إمكانية اللجوء إلى القضاء وتعرض للتمييز غير المباشر لأن القانون المفتقر للمرونة الذي يقضي بأن يكون أصحاب الدعاوى المرفوعة أمام محكمة النقض العليا ممثلين بمحام، يميز ضد من لا يستطيعون دفع تكاليف الخدمات القانونية.

3 - 2 وكان قرار المجلس المصغر للمحكمة الدستورية معيبا ً من الناحية الإجرائية. وذكرت المحكمة أن ادعاءات صاحب البلاغ ليست "أسبابا ً منصوص عليها دستوريا ً ". ويؤكد صاحب البلاغ أن هذا المنطق غريب وغير واضح. وإذا كانت ادعاءات صاحب البلاغ غير صحيحة من الناحية الموضوعية، كان ينبغي لفريق مؤلف من 8 قضاة أو للدائرة الكبرى المؤلفة من 15 قاضيا ً التابعة للمحكمة الدستورية أن تبت في شكواه، وليس المجلس المصغر المؤلف من 3 قضاة. ورفضت المحكمة الدستورية شكوى صاحب البلاغ رفضا ً غير صحيح لأسباب إجرائية في حين أن استدلالها يتعلق في الواقع بجوهر الشكوى.

3 - 3 كما أن قرار المحكمة الدستورية كان معي باً من حيث الجوهر إلى حد كبير. ومن المهم تناول مسألة اللجوء إلى المحاكم في سياق الدعوى المدنية، لأنه وقت تقديم الشكوى، لم يكن لدى الدولة الطرف نظام معونة قضائية بشأن الدعوى المدنية. ففي قضية إيري ضد أيرلندا ، خلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن المدعية تفتقر إلى إمكانية اللجوء إلى المحكمة في الظروف التي لم تستطع فيها دفع أتعاب لمحام للحصول على مرسوم بالانفصال الزوجي ولم تستطع تمثيل نفسها ( ) . ولم تمل المحكمة الأوروبية التدابير التي ينبغي أن تتخذها الدول لضمان الوصول إلى المحكمة، ولكنها أشارت إلى أن التدابير الممكنة قد تشمل وجود نظم للمعونة القضائية المجانية أو تسهيل الإجراءات القضائية. وفي قضية صاحب البلاغ، كان الحرمان من اللجوء إلى المحكمة أكثر ظلما ً مما كان عليه في قضية إيري ضد أيرلندا ، فقد كان صاحب البلاغ مستع داً لأن يمثل نفسه أمام محكمة النقض العليا ولكن القانون لم يسمح له بذلك. وخلصت المحكمة الأوروبية بصورة متكررة أيضاً أن عدم توفير المعونة القضائية في حالة دعاوى الاستئناف في مسائل القانون، يشكل انتها كاً للحق في محاكمة عادلة ( ) . واحتج صاحب البلاغ في استئنافه أمام المحكمة الدستورية بالسوابق القضائية للمحكمة الأوروبية المذكورة أعلاه. بيد أن المحكمة الدستورية تجاهلت حججه.

3 - 4 وتتسم استنتاجات المحكمة الدستورية بكونها مضللة وخاطئة. فقد أساءت المحكمة تفسير الأسباب التي ذكرها صاحب البلاغ لعدم رغبته في توكيل محام جديد قبل تقديم استئنافه إلى محكمة النقض العليا. وعللت المحكمة الدستورية ذلك بأن ادعاء صاحب البلاغ بأنه لا يملك الموارد اللازمة لتوكيل محام جديد، هو ادعاء لا صلة له بالموضوع، لأنه لم يطلب المعونة القضائية عن طريق الإجراءات المنصوص عليها في المواد من 164 إلى 169 من قانون الاجراءات المدنية. غير أن صاحب البلاغ حرر في شكواه الدستورية ما يلي:

أننا نذكر أن صاحب الدعوى متقاعد وأن المبلغ المستحق (000 2 يورو) يفوق دخله لمدة أربعة أشهر. وفي مثل هذه الحالة، لم يكن من الممكن تخصيص أموال جديدة لتوكيل محام في دعوى النقض. ولكن الاعتبارات المالية ليست الاعتبارات الوحيدة المهمة هنا. فبعد أن رفض محاميه السابق في آخر الأمر إعداد طلب النقض وتقديمه (قبل ثلاثة أيام من الموعد النهائي )، لم يرغب صاحب البلاغ في توكيل محام جديد يحتاج (صاحب البلاغ) أن يشرح له القضية برمتها ووقائعها في غضون ثلاثة أيام، ثم يتوقع من المحامي الجديد في النهاية أن يحرر طل باً جي داً للنقض. ف بدلاً من ذلك، أرسل صاحب البلاغ طلب النقض بنفسه، باسمه ولصالحه. وكان طلب النقض هذا قد قُّدِم في الوقت المحدد واستند إلى الأسباب الموضوعية المنصوص عليها. وما من سبب يدعو إلى عدم البت في هذا الطلب من حيث أسسه الموضوعية.

3 - 5 ويجب أن تكون سبل الانتصاف القانونية متاحة وفعالة وكافية. ولا يلبي الإجراء المتعلق بالمعونة القضائية المجانية بموجب المادة 166 من قانون الإجراءات المدنية أ ياً من هذه المعايير، لذلك فهو ليس سبيل انتصاف يتعين على صاحب البلاغ استنفاده. ولا علم لصاحب البلاغ بأي ظروف يمنح فيها للمدعي معونة قضائية مجانية بموجب المادة 166 من قانون الاجراءات المدنية من أجل تقديم طعن بالنقض. وعلاوة على ذلك، لا ينطبق هذا الحكم على الإجراءات التي تنطوي على سبل انتصاف قانونية استثنائية. وحتى لو حدث ذلك، فمن الناحية العملية، لم يكن بوسع صاحب البلاغ الحصول على معونة قضائية مجانية لأن المحكمة المختصة لم تكن لتتمكن من البت في طلبه في هذه الفترة القصيرة. ولا يحدد قانون الاجراءات المدنية الإطار الزمني الذي يجب على المحكمة الابتدائية أن تبت خلاله في طلب المعونة القضائية المجانية. وفي حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على سيالكوسكا ضد بولندا ، خلصت المحكمة أنه كان يستحيل على صاحب الدعوى العثور على محام جديد بموجب نظام المعونة القضائية لأنه عندما التقى بمحاميه، كان من المقرر أن تنتهي المهلة الزمنية لتقديم الاستئناف بالنقض بعد ثلاثة أيام ( ) .

3 - 6 ويطلب صاحب البلاغ، كسبيل للانتصاف، أن تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقه في اللجوء إلى المحكمة وعرضته للتمييز غير المباشر فيما يتعلق بالحق في محاكمة عادلة. كما يطلب أن تلغي محكمة النقض العليا حكمها الصادر ضده وأن تعيد النظر في استئنافه وأن تصدر قرا راً بشأن مضمونه. ويطلب كذلك تعوي ضاً عن الانتهاكات التي تعرض لها ورد المصروفات القانونية التي تكبدها أثناء الإجراءات المعروضة أمام اللجنة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 تؤكد الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 18 أيار/مايو 2017 ، أنه يجب بموجب المادة 84 ( 2 ) من قانون الإجراءات المدنية، أن يُمَّثَل أي طرف بمحام قانوني في إجراءات إعادة النظر. وبموجب المادة 401 من القانون نفسه، لا يسمح بإعادة النظر، في جملة أمور، إذا قدم الالتماس شخص ليس بمحام.

4 - 2 إن محاكم النقض ودورها في تقييم تطبيق القانون هما ذوا طبيعة خاصة، كما أشارت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مرارا ً . وهكذا، فمن المعقول أن تكون الدعاوى أمام محكمة النقض أكثر رسمية من الدعاوى القضائية المعتادة. فاشتراط أن يكون المدعون أمام محكمة النقض ممثلين بمحام قانوني مؤهل هو أمر لا ينتهك المادة 6 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ). وقد طبقت عدة دول أعضاء في مجلس أوروبا الاشتراط ذاته. وبالإضافة إلى ذلك، وبموجب قانون الدفاع، الذي كان ساريا ً آنذاك، يجب على المحامين تقديم المساعدة القانونية لموكليهم باقتدار وبضمير، ويسمح لهم بالتنحي، إلا إذا كان من شأن هذا التنحي أن يسبب لموكلهم ضر راً لا يمكن تداركه. وعليه، كان بإمكان صاحب البلاغ أن يرفع دعوى قضائية يطلب فيها تعويضا ً من محاميه آنذاك إذا كان يعتقد أن أفعال المحامي قد أضرت به.

4 - 3 وبموجب المادة 170 من الدستور، فإن الشكوى الدستورية تشكل سبيل انتصاف قانونيا ً خاصا ً واستثنائيا ً . وقد تتعلق بالأفعال أو التصرفات الصادرة عن الهيئات الحكومية أو المنظمات التي تمارس السلطات العامة المخولة لها، في الحالات التي تشكل فيها هذه الأفعال انتها كاً لحقوق الإنسان أو لحقوق وحريات الأقليات التي يكفلها الدستور أو حرمانا منها. ويجب على الأفراد الذين يقدمون شكاوى دستورية أن يكونوا قد طلبوا مسب قاً الحماية القانونية أمام محاكم القضاء العام.

4 - 4 وفي هذه القضية، رفضت المحكمة الدستورية شكوى صاحب البلاغ استنا داً إلى السوابق القضائية الخاصة بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تقضي بوجوب تحليل انتهاك الحقوق تحليلا ً شاملا ً ومقنعا ً . ورفضت المحكمة الدستورية استئناف صاحب البلاغ لأن محكمة النقض العليا طبقت بطريقة مقبولة الاشتراطات القانونية للمادة 84 ( 2 ) من قانون الاجراءات المدنية، التي تنص على وجوب تمثيل أحد طرفي الدعوى بمحام في إجراءات المراجعة، والمادة 401 ( 2 ) من القانون نفسه التي تنص على أنه لا يسمح بإعادة النظر إذا قُّدِّم الالتماس من شخص ليس بمحام.

4 - 5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه حرم من اللجوء إلى المحاكم، رأت المحكمة الدستورية أنه بموجب السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يرتبط الحق في اللجوء إلى المحاكم بالدعاوى المنظورة في المحاكم الأقل درجة والدعاوى الابتدائية، في حين أن اللجوء إلى المحاكم الأعلى في التقاضي قد يجوز تضييقه بطرق مختلفة، ضمن حدود معينة. وقد أثبتت المحكمة الدستورية أيضاً في سوابقها القضائية أن المادتين 84 ( 2 ) و 401 ( 2 ) من قانون الاجراءات المدنية دستوريتان بالفعل بحيث أنهما لا تقيدان من حماية حقوق المواطنين ( ) . بل على العكس من ذلك، فإن اشتراط التمثيل القانوني يحمي حقوق المستأنفين، نظ راً إلى تعقد وأهمية الإجراءات والمنازعات الدستورية والكفاءة التي تتسم بها إجراءات المحاكم. ورأت المحكمة الدستورية في سوابقها القضائية أن الطاعنين يحتاجون إلى الحماية في شكل معرفة وخبرة قانونيتين مهنيتين لتمكنهم من تحديد حقوقهم والتزاماتهم الدستورية بطريقة فعالة وفي الوقت المناسب.

4 - 6 ورأت المحكمة الدستورية أيضاً أن ادعاء صاحب البلاغ بأنه لم يكن بإمكانه الاستعانة بتمثيل قانوني هو ادعاء لا صلة له بالموضوع لأن المواد من 164 إلى 168 من قانون الاجراءات المدنية تعفى من الالتزام بسداد تكاليف الدعوى. وتحدد المادتان 165 و 166 من قانون الاجراءات المدنية  أيضاً إجراءات المطالبة برد هذه التكاليف.

4 - 7 وكما هو مبين في قرار المحكمة الدستورية، كان ينبغي أن يستنفد صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بمطالبته بالحماية قبل تقديم شكواه الدستورية. بيد أن صاحب البلاغ لم يحاول حتى أثناء الإجراءات المدنية رفع دعوى بعدم قدرته على سداد تكاليف المحكمة لكي تتمكن المحاكم من منحه تمثيلا ً قانونيا ً مجانيا ً إذا كان ذلك ضروريا ً لحماية حقوقه، على النحو الذي يقتضيه قانون الإجراءات المدنية.

4 -8 وموقف المحكمة الدستورية ثابت في هذه المسألة. فقد ذهبت المحكمة، في قرارها IU-28/2005 المؤرخ 30 نيسان/أبريل 2009، إلى أن اشتراط التمثيل القانوني الإلزامي للمستأنفين لا يشكل تمييزا على أساس الملكية. ويرجع ذلك إلى أن الأحكام ذات الصلة من قانون الاجراءات المدنية تنص على إعفاء الأفراد الذين لا يستطيعون رد تكاليف الدعاوى، وتقر الحق في الحصول على معونة قضائية لأولئك الذين أعفوا تماما من هذا السداد والذين يحتاجون إلى معونة قضائية لحماية حقوقهم. وعلى الرغم من أن الحق في الإعفاء يجب أن يمارس في دعاوى الدرجة الأولى، فإن أثره يمتد إلى الدعاوى التي تنطوي على سبل انتصاف قانونية استثنائية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 يكرر صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 2 آب/أغسطس 2017، حججه التي ساقها ويذكر كذلك أنه لم يدع قط، كما تدعي الدولة الطرف، أن شرط التمثيل القانوني يشكل انتها كاً للمادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. بل تكمن المشكلة بالأحرى في أنه بالإضافة إلى اشتراط التمثيل القانوني، لا توجد فرصة حقيقية ومجدية للحصول على تمثيل قانوني، إذا لزم الأمر، في ظل غياب نظام للمعونة قضائية. وحجة الدولة الطرف فيما يتعلق بقانون الدفاع لا صلة لها بالموضوع لأن محامي صاحب البلاغ لم ينسحب من القضية أثناء النظر في الاجراءات. وحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان بإمكانه التماس تعويض من محاميه هي حجة منافية للعقل وغير ذات صلة.

5-2 ويذكر صاحب البلاغ أنه لا يتفق صاحب البلاغ مع جميع النقاط التي أثيرت في قرار المحكمة الدستورية وهو يقدم ترجمة للمواد من 164 إلى 167 من قانون الإجراءات المدنية. ذلك أن تقديم التماس إلى المحكمة الابتدائية لطلب استرداد رسوم المحكمة لا يشكل سبيل انتصاف واقعيا ً وفعالا ً يتعين على صاحب البلاغ استنفاده. بل يجب تقديم استئناف النقض في غضون 30 يوما ً من تاريخ استلام قرار المحكمة النهائي. ولا يمكن طلب تمديد الوقت لتقديم طعن بالنقض. وبعد أن حصل صاحب البلاغ على قرار قضائي نهائي يلزمه بدفع تكاليف المحكمة البالغ قدرها 500 173 دينار، أصبح من المستحيل قانونا ً إعفاؤه من سداد تكاليف المحكمة. ويرجع ذلك إلى أنه بعد صدور ذلك القرار، لم يكن مسموحا ً للمحكمة الابتدائية بتغيير أي جزء من القرار. وبدون إعفاء من رد تكاليف المحكمة، لم يتمكن صاحب البلاغ من الحصول على تمثيل قانوني مجاني.

5-3 وحتى لو أمكن التغلب على هذه العقبة الإجرائية، فإن صاحب البلاغ كان سيواجه صعوبات أخرى في استرداد تكاليف المحكمة. ولكي يتقدم الأفراد بطلب للحصول على إعفاء، يجب تقديم شهادة ملكية صادرة من سلطة مختصة؛ ويستغرق الحصول على هذه الشهادة عدة أيام على الأقل. وبالإضافة إلى ذلك، فحتى إذا جرت الموافقة على طلب الإعفاء بالكامل، يظل الأفراد مُلزَمين بإثبات ضرورة التمثيل القانوني لحماية حقوقهم من أجل الحصول على معونة قضائية مجانية. ويحتمل أيضاً أن يطول أمد عملية رد التكاليف لارتباطها بأكثر من سلطة واحدة معنية باتخاذ القرار؛ فبينما تبت المحكمة الابتدائية في طلب المعونة القضائية، يقرر رئيس المحكمة الابتدائية من يجري توكيله محاميا. وكان بإمكان الدولة الطرف أن تقدم إحصاءات عن متوسط الوقت اللازم لمعالجة طلبات رد تكاليف المحكمة والحصول على المعونة القضائية المجانية، ولكنها لم تفعل ذلك.

5-4 وخلاصة القول أن من غير الواقعي إلى حد كبير أن يُتَوَقَّع من المستأنف بالنقض، القيام في غضون 30 يوما، بتجميع جميع الوثائق اللازمة، وتقديم طلب للإعفاء من التكاليف من المحكمة، والحصول على قرار بشأن ذلك الطلب، والحصول على قرار منفصل بتوكيل محام في إطار المعونة القضائية وإطلاع المحامي على وقائع القضية، و طلب تقديم الاستئناف من المحامي. ولهذا السبب، فإن إجراءات الحصول على إعفاء من تكاليف المحكمة وعلى المعونة القضائية المجانية لا تشكل سبيل انتصاف فعالا يتعين على صاحب البلاغ استنفاده.

5-5 واستشها داً بالسوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن قضية ماشيريفيتش ضد صربيا ( ) ، يؤكد صاحب البلاغ من جديد أن محكمة النقض العليا، برفضها طعنه بالنقض، تدخلت في حقه في اللجوء إلى المحكمة وحرمته من العدالة.

5-6 ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الوطنية للإصلاح القضائي للفترة 2013-2018 وخطة العمل المتصلة بها في تحسين إمكانية اللجوء إلى القضاء. وتؤكد الاستراتيجية وخطة العمل على أهمية اعتماد وتنفيذ مشروع القانون المتعلق بالمعونة القضائية المجانية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة، وف قاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إن كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بموقف الدولة الطرف القائل بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، على النحو المطلوب في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري. وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحب البلاغ لم يستفد من الإجراء المنصوص عليه في قانون الاجراءات المدنية لطلب رد تكاليف المحكمة والحصول على المعونة القضائية المجانية. وترى اللجنة أن مسألة توافر سبل الانتصاف هذه وفعاليتها ترتبط ارتباطا ً وثيقا ً في هذه القضية بجوهر الحجج التي ساقها صاحب البلاغ فيما يتعلق باللجوء إلى القضاء. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحب البلاغ، في استئنافه لقرار محكمة النقض العليا أمام المحكمة الدستورية، أثار جوهر ادعاءاته بموجب المادة 14(1 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 26 من العهد. وتبعا ً لذلك، ترى اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في الأسس الموضوعية لهذا البلاغ.

6-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه حرم من اللجوء إلى محكمة النقض العليا، انتها كاً لحقوقه بموجب المادة 14(1 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 26 من العهد. وتحيط اللجنة علماً بموقف صاحب البلاغ القائل بأن القانون الداخلي الذي يشترط تمثيل المستأنفين بالنقض بوجود محام هو قانون يمنعه من الوصول إلى المحكمة، لأن محاميه آنذاك رفض تقديم الاستئناف ولم يعد ملفه إليه إلا قبل أيام قليلة من الموعد النهائي لتقديم الطلبات، مما لم يترك له الوقت الكافي للعثور على محام جديد. وتحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحب البلاغ أنه عندما قدم الاستئناف باسمه الشخصي، رفضته محكمة النقض العليا لأنه لم يقدمه محام. وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ بأن ذلك قد شكل تمييزا ً قائما ً على الوضع المالي لصاحب البلاغ. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بتأكيد صاحب البلاغ أن الفترة القصيرة لتقديم الطلبات البالغة 30 يوما ً ، لم تكن لتسمح له بالحصول في الوقت المناسب على رد تكاليف المحكمة و/أو المعونة القضائية لو أنه طلبها من خلال الإجراءات المنصوص عليها في القانون.

6-5 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 32(200 7) الذي جاء فيه أن الحق في اللجوء إلى المحكمة على قدم المساواة، الوارد في المادة 14( 1) من العهد، يتعلق باللجوء إلى المحاكم الابتدائية ولا يتناول مسألة الحق في الاستئناف أو سبل الانتصاف الأخرى ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن هذا البلاغ يتعلق بمسألة تخص العمل المدني، وتلاحظ أن المادة 14(3)(د) من العهد، التي تنص على حق محدود في الدفاع عن النفس، تنطبق على المدعى عليهم الجنائيين وليس على المتقاضين المدنيين. وتذكر اللجنة كذلك بأن الحق في إعادة النظر من جانب محكمة أعلى بموجب المادة 14( 5) من العهد لا ينطبق على الإجراءات التي تحدد الحقوق والالتزامات في دعوى قضائية، أو أي إجراء آخر لا يكون جزءا ً من عملية استئناف جنائية ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بشأن حرمانه من اللجوء إلى محكمة النقض العليا يقع خارج نطاق الحماية المنصوص عليها في المادة 14 من العهد، وبالتالي فهو غير مقبول من حيث الموضوع بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أن قرار المحكمة الدستورية غير واضح وخاطئ، ويُفترض أنه يشكل انتها كاً للحق في محاكمة عادلة بموجب المادة 14( 1) من العهد. وتذكر اللجنة بأن محاكم الدول الأطراف في العهد هي التي تقوم عموما بتقييم كل من الوقائع والأدلة، وتطبيق التشريعات المحلية في القضية المعنية، ما لم يثبت أن تقييمها كان تعسفيا ً بشكل واضح أو بلغ حد الخطأ الواضح أو إنكار العدالة، أو أن المحكمة قد انتهكت بخلاف ذلك التزامها بالاستقلالية والحيادية ( ) . وترى اللجنة أن المعلومات المتاحة لها لا تثبت أن قرار المحكمة الدستورية بشأن شكوى صاحب البلاغ يعاني من أوجه القصور هذه. بل رفضت المحكمة بالأحرى الشكوى لأن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة النقض العليا استند إلى أن المادتين 84( 2) و401( 2) من قانون الإجراءات المدنية تشترطان أن يمثل الأفراد محام في دعاوى المراجعة، وأن صاحب البلاغ لم يحاول التماس المعونة القضائية عن طريق الإجراءات التي يسمح بها القانون. لذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، أن قرار المحكمة الدستورية كان تعسفيا ً أو خاطئا ً بشكل واضح، أو بلغ حد إنكار العدالة. وبناء عليه، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ بمقتضى المادة 14( 1) غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7 - وعليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و 3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إحالة هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.