الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/2830/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

23 January 2023

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2830/2016 * **

بلاغ مقدم من : روسلان سافولاينين (تمثله المحامية سفيتلانا غروموفا )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ : 25 كانون الأول/ديسمبر 2014 (الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2016

تاريخ اعتماد الآراء : 19 تموز/يوليه 2022

الموضوع : الحق في التجمع السلمي؛ وحرية التعبير؛ وعدم التمييز

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : فرض قيود غير مبررة على الحق في التجمع السلمي والحق في حرية التعبير؛ والتمييز ضد المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية

مواد العهد : 19 و21 و26

مواد البروتوكول الاختياري : 5(2)(ب)

1- صاحب البلاغ هو روسلان سافولاينين ، وهو مواطن روسي وُلد في عام 198 9. ويدعي أنه ضحية انتهاك الاتحاد الروسي حقوقه المكفولة بموجب المواد 19 و21 و26 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 كانون الثاني/يناير 199 2. وتمثل صاحب البلاغ المحامية سفيتلانا غروموفا .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ من أفراد مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، ومن نشطائه في مجال حقوق الإنسان في سانت بطرسبرغ، الاتحاد الروسي. وفي 31 آذار/مارس 2013، أي اليوم الدولي للتوعية بقضايا مغايري الهوية الجنسانية، كان صاحب البلاغ ي عتزم تنظيم عدة اعتصامات في أماكن مختلفة في سانت بطرسبرغ ، وقدم طلبات إلى السلطات المختصة للحصول على إذن بذلك. غير أن السلطات رفضت جميع طلباته ، ولم تجر بالتالي تلك الاعتصامات.

2-2 و على وجه الخصوص ، قدم صاحب البلاغ، في 25 آذار/مارس 2013، إشعاراً إلى لجنة العدل والنظام القانوني والسلامة التابعة لإدارة بلدية سانت بطرسبرغ يتضمن معلومات عن اعتصام من المقرر تنظيمه في 31 آذار/مارس 2013 في ميدان بيونيرسكايا ، أمام نصب غريبويدوف التذكاري، من الساعة 00/1 5 إلى الساعة 00/1 6 ، بمشاركة حوالي 20 شخصاً. وتوخى هذا الحدث لفت انتباه عامة الناس وموظفي إنفاذ القانون إلى التمييز الذي يتعرض له مغايرو الهوية الجنسانية والمتحولون جنسياً وغيرهم من الأقليات الجنسانية، وزيادة مستوى توعية السلطات والمجتمع عموماً بقضايا مغايري الهوية الجنسانية. وأبلغ صاحب البلاغ إدارة البلدية بغرض الحدث وتاريخه و زمان ه ومكانه، وأشار في الإشعار أيضاً إلى أن المشاركين يعتزمون استخدام لافتات وملصقات ومطويات وغيرها من وسائل الدعاية المرئية. وأشار صاحب البلاغ، في إشعاره المقدم إلى السلطات، إلى أنه سيجري خلال الحدث عرض ملصقات تحمل الشعارات التالية: "جنسي - من اختياري"، و"الانتقال إلى المساواة والاحترام"، و"شكل الجسد ليس قَدَراً".

2-3 وفي 27 آذار/مارس 2013، أبلغه ممثل لإدارة البلدية عبر الهاتف أنه لا يمكن تنظيم الاعتصام، إذ من المقرر تنظيم حدث آخر في نفس اليوم والمكان. وكبديل لذلك، اقترح عليه ممثل إدارة البلدية تغيير توقيت أو مكان الاعتصام. واقترح كمكان بديل نوفوسيلكي ، وهي إحدى ضواحي سانت بطرسبرغ. واستفسر صاحب البلاغ ممثل إدارة البلدية عن التوقيت الذي يمكن فيه تنظيم الاعتصام في ميدان بيونيرسكايا ، ولكنه لم يقدم أي جواب م نط ق ي . واستفسره صاحب البلاغ أيضاً عن موعد بدء وانتهاء الحدث الآخر، فردَّ بأنه لا يعرف ذلك.

2-4 وفي رد خطي مؤرخ أيضاً 27 آذار/مارس 2013، أبلغت إدارة البلدية صاحب البلاغ أنه لا يمكن تنظيم الاعتصام في ميدان بيونيرسكايا لأن سلطات المقاطعة س تنظم هناك حدث اً رياضي اً جماهيري اً عبارة عن سباق موجَّه ، في 31 آذار/مارس 2013، ومن شأن ت زامن الحدثين أن ينتهك حقوق غير المشاركين في الاعتصام المقرر . واقترحت إدارة البلدية مرة أخرى على صاحب البلاغ أن يفكر في تغيير تاريخ و/أو توقيت الحدث المقرر أو ينظمه، عوض ذلك، في التاريخ والتوقيت المقررين في مكان مختلف، هو نوفوسيلكي في مقاطعة فيبورغ في سانت بطرسبرغ. وطلبت إليه إبلاغها خطياً بقراره بشأن التغيير المقترح. كما أبلغته أنه لن يؤذن له بتنظيم الحدث ما لم يجر الاتفاق على التغيير المقترح.

2-5 وفي 24 نيسان/أبريل 2013، طعن صاحب البلاغ في رد إدارة البلدية أمام محكمة سمولنينسكي المحلية في سانت بطرسبرغ، بحجة أن منع الاعتصام غير مبرر، إذ لا يَحول الحدث الرياضي المقرر بالضرورة دون تنظيمه. واحتج أيضاً بأن المكان البديل الذي اقترحته إدارة البلدية لن يخدم الغرض المتوخى من الاعتصام المقرر ولن يعكس أهميته الاجتماعية والسياسية، لأنه بعيد ولا يرتاده سوى عدد محدود من الأشخاص. ورغم أن المكان يقع رسمياً داخل حدود مدينة سانت بطرسبرغ، فهو بعيد عن وسط المدينة ويستغرق الوصول إليه بوسائل النقل العام حوالي ساعتين. وعلى خلاف ذلك، يقع ميدان بيونيرسكايا وسط المدينة ومن السهل الوصول إليها بالنسبة للمشاركين وممثلي وسائط الإعلام على حد سواء.

2-6 وفي جلسة الاستماع المعقودة أمام المحكمة المحلية في 30 نيسان/أبريل 2013، أضاف صاحب البلاغ أن ميدان بيونيرسكايا كان خالياً في 31 آذار/مارس 2013 ولم يجر فيه على ما يبدو أي حدث آخر. وطلب إلى المحكمة أن تستدعي كشاهد شخصاً كان في ميدان بيونيرسكايا في 31 آذار/مارس 2013 وعاين المكان والتقط له صوراً. كما طلب إلى المحكمة أن تقبل كدليل الصور التي تثبت أن الميدان كان خالياً. غير أن المحكمة رفض ت كلا الطلبيْن.

2-7 وفي 30 نيسان/أبريل 2013، رفضت المحكمة المحلية شكوى صاحب البلاغ، بعدما خلصت إلى أن رد إدارة البلدية المطعون فيه يتوافق مع الأحكام ذات الصلة الواردة في التشريعات المحلية ولا ينتهك حق صاحب البلاغ في حرية التعبير والتجمع السلمي. وخلصت على وجه الخصوص إلى أنه لا يمكن للسلطات العامة، كما هو واضح، أن توافق على تنظيم عدة أحداث في نفس الزمان والمكان، إذ من الواضح أن ذلك قد ينتهك حقوق المشاركين في كل حدث من هذه الأحداث. ولم يُحرم صاحب البلاغ من إمكانية تنظيم الحدث في المكان البديل الذي اقترحته إدارة البلدية، أو اقتراح مكان أو وقت آخر لتنظيمه.

2-8 واستأنف صاحب البلاغ قرار المحكمة المحلية أمام محكمة مدينة سانت بطرسبرغ. وفي 17 تموز/يوليه 2013، رفضت محكمة مدينة سانت بطرسبرغ طلب الاستئناف، ورأت، من دون كشف تقييمها للأسباب التي ساقتها إدارة البلدية في ردها المطعون فيه، أن رفض الموافقة على تنظيم الاعتصام في المكان والتوقيت اللذين اختارهما صاحب البلاغ مبرَّر. وأشارت المحكمة في هذا الصدد إلى أن نصب غريبويدوف التذكاري المُقام في ميدان بيونيرسكايا ، حيث كان من المقرر تنظيم الحدث المعني، قريب جداً من مسرح للأطفال، وهو ما يعني أن الأطفال من مختلف الأعمار يمرور عبر الميدان في طريقهم إلى المسرح أو منه. واستناداً إلى الأحكام ذات الصلة الواردة في التشريعات المحلية، بما فيها القانونان الاتحاديان رقم 124-FZ بشأن الضمانات الأساسية لحقوق الطفل ورقم 436-FZ بشأن حماية الأطفال من المعلومات الضارة بصحتهم ونمائهم، رأت المحكمة، على وجه الخصوص، أنه " رغم عدم الإسهاب في موضوع الشعارات الواردة في الإشعار، يُعتبر سعي المشاركين في الاعتصام المقرر تنظيمه في 31 آذار/مارس 2013 إلى توزيع مطويات ومواد أخرى ل لدعاية المرئية تدعو إلى التسامح تجاه مغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسياً والأقليات الجنسانية الأخرى قرب [مسرح الأطفال]، مسألة غير مقبولة، لأن هذه المواد قد تشكل خطراً على نماء الأطفال الأخلاقي والروحي". وخلصت كذلك إلى أن "عدم موافقة [إدارة البلدية] على تنظيم [صاحب البلاغ] الاعتصام في ميدان بيونيرسكايا ، قرب مؤسسة ثقافية . .. تقدِّم عروضاً مسرحية للأطفال، قرارٌ لم يشكل انتهاكاً ل حقوق ه ، بل منع في الواقع نشر معلومات من شأنها إشاعة أفكار مشوهة حول تساوي العلاقات الزوجية التقليدية وغير التقليدية من الناحية الاجتماعية بين أشخاص لا يستطيعون، بحكم سنهم، تحليلها نقدياً بمفردهم".

2-9 وقدَّم صاحب البلاغ طعناً بالنقض إلى هيئة رئاسة محكمة مدينة سانت بطرسبرغ. ورفضت المحكمة هذا الطعن في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2013 بدعوى عدم استناده إلى أي أساس.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك لحقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و21، لأن رفض السماح بتنظيم الاعتصام في 31 آذار/مارس 2013 شك َّ ل تدخلاً في حقوقه، لا ينص عليه القانون، ولا يخدم هدفاً مشروعاً، وليس ضرورياً في مجتمع ديمقراطي.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن رفض السماح بتنظيم الاعتصام في 31 آذار/مارس 2013 يشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 26 من العهد، لأنه ينطوي على معاملة مختلفة على أساس الهوية الجنسانية، لا تستند إلى أي مبرر معقول وموضوعي، وتعتبر بالتالي تمييزاً بالمعنى المقصود في المادة 26 من العهد. ويشير صاحب البلاغ، على وجه الخصوص، إلى أن رفض السماح بتنظيم الاعتصام له ، في هذه القضية، صلة بم و ضو ع الحدث العام وغرضه ويشكل حظراً فعلياً لنشر أي معلومات بين القاصرين عن المتحولين جنسياً ومغايري الهوية الجنسانية والأقليات الجنسانية الأخرى. كما يشير إلى الحالة العامة فيما يتعلق بالأحداث العامة التي ي نظمها م ج ت مع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية في الدولة الطرف، ويدعي أن مختلف السلطات المختصة رفضت، خلال الفترة الممتدة بين عامي 2008 و2013، معظم الإشعارات ال م قدم ة إليها بشأن تنظيم أحداث عامة لدعم هذه ال فئ ة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 اعترضت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 24 آب/أغسطس 2017، على مقبولية البلاغ بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري. وادعت أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة له في إطار الإجراءات المحلية، بعدم تقديمه طعناً بالنقض في قرارات المحاكم المحلية إلى المحكمة العليا. وفي هذا الصدد، ت ح ي ل الدولة الطرف إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أبراميان وآخرين ضد روسيا ، الذي خلصت فيه إلى أن إجراء النقض المستحدث في إطار تعديلات قانون الإجراءات المدنية بموجب القانون الاتحادي رقم 353-FZ سبيل ُ انتصاف فعال يجب استنفاده لأغراض مقبولية أي شكوى معروضة عل يها ( ) .

4-2 ولإثبات فعالية سبيل الانتصاف المحلي الجديد وإمكانية الاستفادة منه، تقدم الدولة الطرف معلومات إحصائية عن الفترة 2014-2015، تشير إلى العدد الإجمالي للقضايا التي نظرت فيها الدوائر المدنية والإدارية للمحكمة العليا في إطار إجراءات النقض، و عدد الطعون بالنقض التي قبلتها، وعدد قرارات المحاكم الأدنى درجة التي أيَّدتها أو عدَّلتها أو ألغتها وأحالت القضية لإعادة النظر فيها أو اعتماد قرار جديد بشأنها ( ) .

4-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لهذه القضية، تشير الدولة الطرف إلى التناقضات بين الحجج التي ساقها صاحب البلاغ في بلاغه المقدم إلى اللجنة وملابسات القضية كما حددتها المحاكم المحلية، وإلى أن صاحب البلاغ لم يشر خلال الإجراءات المباشَرة أمام المحاكم المحلية إلى أنه ينتمي إلى م ج ت مع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، وأنه كان ي عتزم تنظيم أحداث عامة عديدة في 31 آذار/مارس 2013، ولكن السلطات رفضت الإذن له بتنظيم أي منها. كما تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أشار خطأً في بلاغه إلى أن مكان الاعتصام المقرر هو "ميدان بيونيرسكايا ، أمام نصب غريبويدوف التذكاري"، في حين أشار في الإشعار المؤرخ 25 آذار/مارس 2013 إلى أن المكان ه و "ميدان بيونيرسكايا (جوار نصب غريبويدوف التذكاري)" ( ) . وترى الدولة الطرف أن ذلك يثبت نية صاحب البلاغ تنظيم الاعتصام في الميدان بكامله وليس فقط أمام النصب التذكاري، وهو ما يبرر تطبيق المحاكم المحلية التشريعات ذات الصلة المتعلقة بضمانات حقوق الطفل .

4-4 وت دع ي الدولة الطرف كذلك أنه لا توجد أي أدلة تدعم المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ بشأن مضمون مكالمته الهاتفية مع ممثل إدارة البلدية في 27 آذار/مارس 201 3. كما تشير الدولة الطرف إلى أن إدارة البلدية لم ترفض في ردها الخطي المطعون فيه، المؤرخ أيضاً 27 آذار/مارس 2013 ، تنظيم الاعتصام المقرر. فقد عرضت السلطات بالأحرى في ردها على صاحب البلاغ إمكانية تنظيم الحدث في توقيت أو مكان مختلف بالنظر إلى ضرورة مراعاة حقوق ومصالح أشخاص آخرين خططوا لتنظيم حدث رياضي في ميدان بيونيرسكايا في التاريخ الذي اختاره. ويقع المكان البديل الذي اقترحته السلطات على صاحب البلاغ داخل حدود المدينة ويمكن الوصول إليه بوسائل النقل العام لأي شخص مهتم بالمشاركة في الحدث. وتضيف أن المكان البديل المقترح أقرب من ميدان بيونيرسكايا إلى مكان إقامة صاحب البلاغ.

4-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن تقييد حقوقه ليس قانونياً ولا مبرراً ولم يتوخ تحقيق هدف مشروع، تشير الدولة الطرف إلى أن المحاكم المحلية أكدت في سياق إجراءاتها ضرورة فرض هذه القيود، لأن غرض الحدث المشار إليه في الإشعار المؤرخ 25 آذار/مارس 2013، واحتمال مشاركة حوالي 20 شخصاً في الاعتصام، واعتزام المنظمين ليس فقط استخدام اللافتات والملصقات بل كذلك توزيع مطويات، لم يُشَر إلى م ضم و ن ها في الإشعار، وكذلك اعتزامهم ضمان تغطية إعلامية للحدث، أمور تثبت أن الحدث المقرر ليس محايداً وينتهك القانون الروسي.

4-6 وبخصوص القرار الذي اعتمدته محكمة مدينة سانت بطرسبرغ في مرحلة ال استئناف في 17 تموز/يوليه 2013، تشير الدولة الطرف إلى أن استنتاجات المحكمة تتوافق مع أحكام اتفاقية حقوق الطفل والتشريعات المحلية، بما فيها القانون رقم 124-FZ بشأن الضمانات الأساسية لحقوق الطفل، والقانون رقم 436-FZ بشأن حماية الأطفال من المعلومات الضارة بصحتهم ونمائهم. وأخذت المحكمة في اعتبارها الملابسات الخاصة للقضية، بما فيها وجود المكان الذي كان صاحب البلاغ يعتزم أن ينظم فيه الحدث على مسافة قريبة جداً من مؤسسة ثقافية للأطفال ، وتزامن موعد تنظيم الحدث مع فترة العطلة المدرسية الربيعية ، وعدم الإسهاب في توضيح محتوى الشعارات المراد نشرها من خلال الملصقات والمطويات والمواد المرئية الأخرى. ورأت المحكمة أن القانون يحظر تعميم "معلومات تثير اهتمام ال أطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة بالجنس، قد يكون لها أثر سلبي ملموس على نمائهم الأخلاقي والروحي" قرب المؤسسات الثقافية.

4-7 وتدعي الدولة الطرف كذلك أن المحاكم المحلية أخذت في اعتبارها، لدى النظر في القضية، جواز فرض قيود على الحقوق المعنية في حالات معينة. وقيمت المحاكم، استناداً إلى المعايير الأخلاقية وقواعد النظام العام المقبولة عموماً في الدولة الطرف، طبيعة الحدث العام الذي كان صاحب البلاغ يعتزم تنظيمه. وخلصت إلى أن القانون ينص على القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ ويُجيزها. وعلاوةً على ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن سلطات إدارة البلدية، كما يتبين من مضمون ردها المطعون فيه، لم ترفض الإذن لصاحب البلاغ بتنظيم الحدث العام في المكان الذي اختاره، بل دعته إلى تغيير وقت الحدث أو تنظيمه في مكان آخر في الوقت والتاريخ المطلوبين. وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ تنازل طوعاً عن حقوقه بعدم استجابته لاقتراح السلطات تنظيم الحدث في مكان بديل أو تغيير وقته. وتدعي كذلك أن صاحب البلاغ يُحمِّل، بطريقة عرضه ملابسات القضية، السلطات المسؤولية عن رفضه اتخاذ قرار بشأن تغيير مكان الاعتصام أو توقيته ويعرض الوقائع بطريقة توحي بأن السلطات لم ترفض الإذن له بتنظيم الاعتصام فحسب، بل هددته أيضاً بالاحتجاز. وكان من حق صاحب البلاغ أن يتجاهل اقتراح إدارة البلدية، ولكن كان عليه أن يقرر بنفسه تغيير وقت تنظيم الحدث إن كان التاريخ المقرر مهماً بالنسبة له.

4-8 وتخلص الدولة الطرف إلى أنه لم يقع أي انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المواد 1 9 و21 و26 من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف في 27 تشرين الأول/أكتوبر 201 7. أما بخصوص مسألة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، فقد ادعى أن إجراء النقض الجديد لا يزال يشكل سبيل انتصاف استثنائياً وغير فعال في قضيته بالتحديد ، وأن الإحصاءات التي قدمتها الدولة الطرف لإثبات فعالية هذا الإجراء غير دقيقة وغير متسقة ولا صلة لها بقضيته ، وأن الدولة الطرف لم تقدم أي إحصاءات تثبت أن هذا الإجراء سبيل انتصاف فعال في القضايا المتعلقة بحرية التعبير والتجمع السلمي. ويشير صاحب البلاغ كذلك إلى أنه قدم رسالته الأولى إلى اللجنة في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2014، أي قبل اعتماد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارها في قضية أبراميان وآخرين ضد روسيا في 12 أيار/مايو 2015، وأنه ما كان من المعقول أن يتوقع عندما قدم بلاغه أن يصبح إجراء النقض الجديد المستحدث بموجب الإصلاح التشريعي الذي كان قد اعتُمد للتو سبيل انتصاف فعالاً ينبغي استنفاده. ولذلك، لم يقدم طعنا ً آخر بالنقض إلى المحكمة العليا إذ يتبين م ن السوابق القضائية أن اللجوء إلى هذه ال محكمة من ال د ر ج ة الرابعة في الاتحاد الروسي لإعادة النظر في الأحكام القضائية ليس سبيل انتصاف فعالاً ينبغي استنفاده.

5-2 ويتناول صاحب البلاغ كذلك كل مسأل ة من ال مسائل التي أثارتها الدولة الطرف في ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للقضية. ويدعي على وجه الخصوص أن المعلومات المقدمة بشأن أحداث عامة مماثلة كان من المقرر تنظيمها في 31 آذار/مارس 2013 لا صلة لها بالإجراءات المحلية التي طعن من خلالها في القرار الذي أصدرته إدارة البلدية في 27 آذار/مارس 2013 بشأن الإشعار بتنظيم الاعتصام الذي قدمه إليها في 25 آذار/مارس 201 3. ويضيف أنه قدم إلى اللجنة معلومات عن مصير الاعتصامات الأخرى ال تي كانت مقررة لإثبات الخلفية التاريخية والنمط العام للتمييز ضد الأقليات الجنسانية و م ج ت مع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية بصفة عامة. وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف بشأن مكان تنظيم الاعتصام المقرر، يشير صاحب البلاغ إلى أنه بي َّ ن بوضوح في إشعاره المؤرخ 25 آذار/مارس 2013 أن المكان المعني هو ميدان بيونيرسكايا ، أمام نصب غريبويدوف التذكاري، أي المنطقة المجاورة مباشرة ً للنصب التذكاري وليس الميدان بكامله. وقد فسرت المحاكم المحلية بشكل صحيح المعلومات الواردة في إشعاره بشأن مكان الاعتصام المقرر ولم تخلص نهائياً إلى أنه كان ي نوي بالفعل تنظيم الاعتصام في ميدان بيونيرسكايا بكامله.

5-3 أما بخصوص رفض السلطات المحلية الإذن بتنظيم الاعتصام في ميدان بيونيرسكايا بدعوى أنه سبق أن تقرَّر تنظيم حدث عام آخر في نفس المكان وأنه يستحيل تنظيم حدثيْن عاميْن في نفس الزمان والمكان، فيشير صاحب البلاغ إلى أن التشريعات المحلية لا تحظر تنظيم حدثين مختلفين في نفس المكان. وفيما يتعلق بالسوابق القضائية للمحكمة الدستورية بالاتحاد الروسي ( ) ، يشير صاحب البلاغ إلى أنه لا يجوز للسلطات العامة أن تقترح من ال خيارات ال بديلة لتغيير زمان و/أو مكان ال أ حد ا ث العامة إلّا ما ي سمح بتحقيق أغراضه ا . ويشدد صاحب البلاغ كذلك على استنتاج السلطات المحلية أنه ي ستح ي ل تنظيم حدثين مختلفين في نفس الوقت من دون دراسة الظروف المحددة للحدث الرياضي المقرر و ا لحدث الذي كان يعتزم تنظيمه. ولم تأخذ السلطات في الاعتبار أن الاعتصام لن يضم أكثر من 20 مشاركاً، كانوا سينظمون تجمعاً ثابتاً مدة ساعة واحدة فقط في رقعة محددة بدقة من ميدان بيونيرسكايا - أي أمام نصب غريبويدوف التذكاري. كما يشير صاحب البلاغ إلى أن إدارة البلدية لم تقترح عليه تنظيم الاعتصام في اليوم ذاته قبل الحدث الرياضي المقرر أو بعده، وإنما في تاريخ مختلف، وأن المحاكم المحلية لم تقيم هذا التقصير على النحو الواجب. وعلاوة ً على ذلك، لم يتضمن رد إدارة البلدية المطعون فيه إي إشارة إلى الوقت المحدد لتنظيم الحدث الرياضي، وهو ما حال دون إمكانية التفاوض بشأن تنظيم الاعتصام في اليوم ذاته قبل هذا الحدث أو بعده. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي حجج ذات صلة من شأنها إثبات أنه يمكن تحقيق الغرض المتوخى من الحدث في المكان البديل المقترح، الذي يقع في منطقة نائية ي رتاد ها عدد محدود من الأشخاص. ويشير إلى أن رفض الموافقة على تنظيم الاعتصام كان بالنسبة له تدخلاً لا مبرر له في حقه في حرية التجمع السلمي، شكَّل انتهاكاً لم يكن من شأن اقتراح السلطات تنظيم الاعتصام في مكان مهجور في ضواحي سانت بطرسبرغ أن ي جبر الضرر الناجم عنه ( ) .

5-4 ويشير صاحب البلاغ في تعليقه على ادعاء الدولة الطرف في روايتها لملابسات القضية أنه تخلى طوعاً ع ن تنظيم الاعتصام، إلى أن إدارة البلدية لم تكتف في ردها المؤرخ 27 آذار/مارس 2013 برفض الموافقة على تنظيم الاعتصام في الم كان الم حدد فحسب، بل هددته أيضاً بالمساءلة إن نظَّم الاعتصام من دون موافقتها. وخشية التعرض للاحتجاز والمساءلة بتهمة انتهاك قواعد تنظيم الأحداث العامة، اضطر إلى التخلي عن فكرة تنظيم الاعتصام. وفيما يتعلق باستنتاجات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية بيلادير وآخرين ضد روسيا ( ) ،  يشير صاحب البلاغ إلى أنه، بموجب القانون الروسي، لا يجوز قانوناً تنظيم حدث عام إذا رفض منظمه اقتراح السلطات العامة تغيير مكانه و/أو توقيته. ويجوز للسلطات، في حالة تنظيم حدث من دون موافقها، فضُّه وتوقيف منظميه والمشاركين فيه وإدانتهم بارتكاب مخالفات إدارية. ويشير صاحب البلاغ في هذا الصدد إلى أن تنظيم الاعتصام في ميدان بيونيرسكايا بعد رفض السلطات الموافقة على ذلك قد يُعرِّضه والمشاركين الآخرين لخطر الملاحقة القضائية بتهمة ارتكاب مخالفة إدارية، في حين لن يكون للاعتصام أي معنى في حالة تنظيمه في المكان الذي اقترحته السلطات.

5-5 ويدعي صاحب البلاغ أن تعليل محكمة مدينة سانت بطرسبرغ لقرارها المؤرخ 17 تموز/ يوليه 2013 بشأن طلب الاستئناف الذي قدمه إليها، يدل على استناد الرفض إلى أسس تمييزية، للحيلولة دون تسليط الضوء على الأقليات الجنسانية ودون لفت انتباه الرأي العام إلى شواغلها. ويدعي صاحب البلاغ أن احتجاج محكمة مدينة سانت بطرسبرغ ضمنياً في تعليلها بحظر "الدعاية للمثلية الجنسية/مغايرة الهوية الجنسانية" بين القاصرين، يدل على وجود تحيز مسبق ضد الأقليات الجنسية والجنسانية ( ) . ويشير صاحب البلاغ إلى أن الرسائل التي كان من المقرر نقلها خلال الاعتصام لم تكن ذات مضمون جنسي صريح أو جارح ولا تدعو إلى أي نشاط أو سلوك جنسي معين. ويشير كذلك إلى أن التشريعات المحلية تنص بالفعل على المسؤولية الجنائية في حالة تعريض القاصرين لأفعال خليعة ونشر مواد إباحية بينهم. ولم ت وضح الدولة الطرف لماذا ليست هذه الأحكام كافية ولماذا ترى أن احتمال تعرض القاصرين للإيذاء أقوى في سياق إثارة قضايا مغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسياً منه في سياق تناول الحياة الجنسية والمسائل الجنسانية بصفة عامة.

5-6 وختاماً، يدعي صاحب البلاغ أن السلطات استندت في رفض ها الموافقة على تنظيم الاعتصام ، في حالته، إلى قوالب نمطية سلبية ومواقف متحيزة إزاء مغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسياً والأقليات الجنسانية الأخرى، وبالتالي إلى أسس تمييزية ، ولم يكن قرارها ضرورياً في مجتمع ديمقراطي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وقد تحققت اللجنة، وفقما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، أي إجراء النقض أمام المحكمة العليا. وقد أحاطت اللجنة علماً على النحو الواجب بإشارة الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتعديلات المدخلة على قانون الإجراءات المدنية، بصيغته المعدلة بالقانون الاتحادي رقم 353-FZ لعام 2010، وباستنتاج هذه المحكمة بشأن فعالية إجراء النقض الجديد. كما تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه لم يستنفد إجراء النقض الجديد للأسباب المبينة في الفقرة 5-1 أعلاه. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى اجتهاداتها التي رأت فيها أنه يجب على أصحاب البلاغات استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية لاستيفاء مقتضيات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، شريطة أن تكون هذه السبل فعالة بشكل واضح في ق ضاياهم ومتاحة لهم فعلياً ( ) . وتذكر اللجنة أيضاً بأن مجرد الشك في فعالية سبل الانتصاف المحلية المتاحة لا يعفي الفرد من استنفادها ( ) .

6-4 وفي هذه القضية، لم يدع صاحب البلاغ أنه لم يكن بإمكانه مباشرة إجراء النقض الجديد، الذي كان متاحاً له. ولكنه يطعن في فعالية هذا الإجراء في قضيته بالذات، أي تنظيم حدث عام بوصفه فرداً في م ج ت مع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية في سياق نمط عام من التمييز ضد هذه الفئة وضد الأقليات الجنسانية في الدولة الطرف.

6-5 وتلاحظ اللجنة، في سياق تقييمها فعالية إجراء النقض الجديد فيما يتعلق بهذا البلاغ، أن هذا الإجراء، المستحدث بموجب القانون الاتحادي رقم 353-FZ لعام 2010، الذي دخل حيز النفاذ في 1 كانون الثاني/ يناير 2012، يجيز إعادة النظر من الناحية القانونية فقط في قرارات المحاكم التي صارت ن ا فذ ة . وإحالة أو عدم إحالة قضية ما إلى محكمة النقض كي تنظر فيها قرارٌ يقوم بحكم طبيعته على السلطة التقديرية ويتخذه قاض واحد. ويعني ذلك أن هذا الإجراء يكتسي صبغة سبيل انتصاف استثنائي. وبالتالي، يجب على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول بأن يتيح هذا الإجراء سبيل انتصاف فعالاً في ظل ملابسات القضية قيد النظر ( ) . وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن الدولة الطرف قدمت معلومات إحصائية لإثبات ادعائها أن مباشرة إجراء النقض أمام المحكمة العليا سبيل انتصاف محلي فعال يجب استنفاده. غير أن اللجنة تلاحظ أن هذه المعلومات الإحصائية ذات طابع عام ولا تعكس الحالات التي تنطوي على ادعاءات انتهاك الحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية التعبير، وبخاصة فيما يتعلق ب م ج ت مع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية. وتحيط اللجنة علماً كذلك بإشارة الدولة الطرف إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المؤرخ 12 أيار/مايو 2015، الذي خلصت فيه هذه المحكمة إلى أن إجراء النقض المستحدث من خلال التعديلات المدخلة على قانون الإجراءات المدنية بموجب القانون الاتحادي رقم 353-FZسبيل انتصاف فعال يجب استنفاده لأغراض مقبولية أي شكوى معروضة عليها. وترى اللجنة أن تطبيق السلطات تشريعات الدولة الطرف على التجمعات المتعلقة بقضايا المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، بالنظر إلى تأييد المحكمة الدستورية للدولة الطرف هذه الممارسة وإلى عدم ورود أي معلومات من الدولة الطرف بشأن فعالية الإجراء الجديد للطعن بالنقض في قضايا من هذا القبيل، يجعل احتمال تكلل دعوى صاحب البلاغ في إطار هذا الإجراء غير وارد ( ) . وبالتالي، ترى اللجنة، في ظل ملابسات هذه القضية، أن إجراء النقض بموجب قانون الإجراءات المدنية لا يعتبر سبيل انتصاف كان على صاحب البلاغ استنفاده لأغراض مقبولية البلاغ. وعليه، ترى اللجنة أن ه لا يرد في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري أي حكم ي منعها من النظر في هذا البلاغ.

6-6 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية ادعاءاته المدرجة في إطار المواد 19 و21 و26 من العهد. وتعلن بالتالي مقبوليتها وتشرع في النظر في ها من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، وفقاً للمادة 5( 1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ وقوع انتهاك لحقوقه المكفولة بموجب المادة 21 من العهد. وتذكر بتعليقها العام رقم 37(2020 )، الذي أشارت فيه إلى أن إعمال الحق في التجمع السلمي فيه حماية لإمكانية ممارسة الناس حقهم في الاستقلال الذاتي الفردي بالتضامن مع الآخرين. كما يشكل هذا الحق، إلى جانب حقوق أخرى ذات صلة، الركيزة الأساسية لأي نظام حكم تشاركي قائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتعددية ( ) . وعلاوةً على ذلك، يجب على الدول أن تكفل ألا تؤدي القوانين وتفسيرها وتطبيقها إلى التمييز في التمتع بالحق في التجمع السلمي على أسس منها الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية ( ) .

7-3 وتشير اللجنة كذلك في تعليقها العام رقم 37(202 0) إلى أنه لا يجوز فرض أي قيود على الحق في التجمع السلمي إلا إذا كانت (أ) متوافقة مع القانون و(ب) ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. ويقع على الدول الأطراف عبء تبرير القيود المفروضة على هذا الحق الذي تحميه المادة 21 من العهد وإثبات أنها لا تعوق على نحو غير متناسب ممارسته ( ) . ويجب على السلطات أن تثبت أن أي قيود تستوفي شرط الشرعية، ومعيارَيْ الضرورة والتناسب على الأقل في ضوء أحد أسباب تقييد هذا الحق الجائزة المذكورة في المادة 2 1. ويجب ألا تكون هذه القيود تمييزية وألا تمس بجوهر الحق وألا تهدف أو تؤدي إلى الثني عن المشاركة في التجمعات. ويشكل عدم استيفاء هذا الشرط انتهاكاً للمادة 21 من العهد ( ) .

7-4 كما تلاحظ اللجنة أنه تقع على الدول الأطراف التزام ات إيجابية معينة بتيسير التجمعات السلمية وتمكين المشاركين فيها من تحقيق أغراضها ( ) . ويجب على الدول أن تهيئ بيئة مواتية لممارسة الحق في التجمع السلمي دون تمييز، وأن تضع إطاراً قانونياً ومؤسسياً يسمح بممارسة هذا الحق بفعالية.

7-5 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف وصاحب البلاغ يتفقان في أن عدم الإذن بتنظيم الاعتصام في ميدان بيونيرسكايا في سانت بطرسبرغ شكَّل مساساً بحق صاحب البلاغ في حرية التجمع السلمي، ولكنهما يختلفان في ما إذا كان هذا ال تقييد جائزاً.

7-6 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء الدولة الطرف أن عدم إذن ها بتنظيم الاعتصام الذي كان غرضه المعلن هو لفت انتباه عامة الناس والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون إلى التمييز الذي يتعرض له مغايرو الهوية الجنسانية والمتحولون جنسياً والأقليات الجنسانية الأخرى، فضلاً عن زيادة مستوى توعية السلطات والمجتمع بقضايا مغايري الهوية الجنسانية كان قراراً قانونياً وضرورياً ومتناسباً، وذلك لحماية حقوق آخرين، هم القاصر و ن، الذين وجبت حمايتهم من معلومات ض ا ر ة بنمائهم الأخلاقي والروحي، والمشارك و ن في حدث عام آخر كان سينظَّم في نفس المكان والزمان (الفقرات من 4-4 إلى 4-6 أعلاه ).

7-7 وأشارت اللجنة، في تعليقها العام رقم 37(2020 ) ، إلى أنه لا ينبغي فرض قيود على التجمعات السلمية إلا في حالات استثنائية لحماية "الآداب العامة". وفي حالة فرض هذه القيود، يجب ألا تهدف إلى حماية مفاهيم أخلاقية مستمدة حصراً من تقليد اجتماعي أو فلسفي أو ديني واحد، و ينبغي أن تراعي أي قيود من هذا القبيل الطابع العالمي لحقوق الإنسان والتعددية ومبدأ عدم التمييز. وعلى سبيل المثال، لا يجوز فرضها بدافع الاعتراض على أشكال التعبير عن الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية ( ) .

7-8 كما أشارت اللجنة في تعليقها العام رقم 37(202 0) إلى أنه يجوز، من حيث المبدأ، تنظيم التجمعات السلمية في جميع الأماكن التي يمكن ل لجمهور الوصول إليها أو التي ينبغي أن تتاح له إمكانية الوصول إليها، مثل الساحات العامة والشوارع ( ) . ولا ينبغي إبعاد التجمعات السلمية إلى مناطق نائية يتعذر فيها جذب اهتمام الفئات المستهدفة أو عامة ال ناس . ورغم أنه يجوز بموجب المادة 21 إخضاع التجمعات السلمية في بعض الحالات لقيود مشروعة فيما يتعلق بمكان تنظيمها وزمانه وطريقته، نظراً للطابع التعبيري المعتاد في التجمعات، فينبغي تمكين المشاركين قدر المستطاع من تنظيمها على مرأى ومسمع م َ ن تستهدفهم ( ) . وي ج ب أن يستند أي تقييد للمشاركة في التجمعات السلمية إلى تقييم متمايز أو فردي لسلوك المشاركين في التجمع المعني ( ) .

7-9 وقد تتعلق القيود المفروضة لحماية "حقوق الآخرين وحرياتهم" بحماية الحقوق المكفولة بموجب العهد أو غيرها من حقوق الإنسان المكفولة للأشخاص غير المشاركين في التجمع ( ) . وفي هذه القضية، ترى اللجنة، سيراً على نهجها في معالجة القضايا المتعلقة بالتعبير العلني عن المثلية الجنسية ( ) ، أنه لا يجوز أن تخلف أي دعوة عامة إلى احترام حقوق مغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسياً والأقليات الجنسانية الأخرى، تلفت الانتباه إلى التمييز الذي يتعرض له هؤلاء الأشخاص في المجتمع، أثراً سلبياً على حقوق القاصرين وحرياتهم. وأشارت اللجنة أيضاً، في تعليقها العام رقم 37(2020 ) ، إلى أنه يجب على الدول أن تفسح المجال للمشاركين في أي تجمع سلمي لاختيار غرضه بحرية وللتعبير علناً عن الأفكار والأهداف المنشودة ولتحديد نطاق تأييد أو معارضة هذه الأفكار والأهداف. ومن الشروط الأساسية لإعمال الحق في حرية التجمع السلمي أن تكون، مبدئياً، أي قيود مفروضة على ممارسته محايدة في مغزاها ، وألا ت كون لها بالتالي أي صلة بموضوع التجمع ( ) . ويُبطل اتباع نهج مخالف الغرض ذاته المتوخى من التجمعات السلمية بوصفها أداة للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية تسمح ل لناس بطرح أفكار وتحديد مدى الدعم الذي تحظى به ( ) . وعليه، ترى اللجنة في هذه القضية أن القيود التي فرضتها الدولة الطرف على حق صاحب البلاغ في حرية التجمع السلمي تتعلق مباشرة ً بغرض التجمع و موضوع ه المحدديْن، أي تسليط الضوء على حقوق مغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسياً والأقليات الجنسانية الأخرى، ولا تستوفي على ما يبدو شرطي الضرورة والتناسب بموجب المادة 21 من العهد.

7-10 وفيما يتعلق بالهدف المتمثل في حماية حقوق المشاركين في حدث عام آخر كان من المقرر تنظيمه في نفس المكان، تلاحظ اللجنة أنه لم تسق إدارة البلدية ولا المحاكم المحلية أي حجة قائمة على تقييم الحدثيْن العامين المقررين، كل على حدة، تبين كيف كان الحدث العام الذي كان صاحب البلاغ يعتزم تنظيمه سينتهك فعلياً حقوق الآخرين وحرياتهم المبينة في المادة 21 من العهد. ولم تثبت الدولة الطرف أيضاً أنها اتخذت ما يكفي من التدابير البديلة لتيسير ممارسة صاحب البلاغ حقوقه المكفولة بموجب المادة 21 من العهد . وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن السماح بتنظيم الاعتصامات حصراً في بعض الأماكن المعزولة لا يستوفي على ما يبدو شرط ي الضرورة والتناسب بموجب المادة 21 من العهد.

7-11 وتخلص اللجنة بالتالي إلى أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقييد حقوق صاحب البلاغ ضروري في مجتمع ديمقراطي من أجل حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وعليه، ترى اللجنة أن وقائع القضية كما عرضها صاحب البلاغ تكشف وقوع انتهاك لحقوقه المكفولة بموجب المادة 21 من العهد.

7-12 وفي ضوء ما تَقدم، تقرر اللجنة عدم النظر بشكل منفصل في الادعاء المتعلق بانتهاك المادة 19 من العهد.

7-13 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أن السلطات، برفضها الإذن بتنظيم الحدث المقرر، مارست ا لتمييز ضده على أساس هويته الجنسانية على نحو فيه انتهاك للمادة 26 من العهد. كما تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن أحد أسباب رفض الإذن بتنظيم الحدث هو ضرورة حماية حقوق القاصرين (الفقرتان 4-5 و 4- 6 أعلاه ).

7-14 وتشير اللجنة إلى ت ذ كي ر ها في تعليقها العام رقم 37(202 0) بأنه يجب على الدول ألا تعالج طلبات تنظيم التجمعات بطريقة تمييزية، بالاستناد مثل اً إلى الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية. وينبغي بذل جهود خاصة لضمان حماية الحق في التجمع السلمي وتيسير ممارسته فعلياً وعلى قدم المساواة للمنتمين إلى الجماعات التي تتعرض أو تعرضت للتمييز. وعلاوة ً على ذلك، يجب على الدول أن تحمي المشاركين من جميع أشكال الإساءة والاعتداء ذات الطابع التمييزي ( ) .

7-15 وتُذكِّر اللجنة بإشارتها، في الفقرة 1 من تعليقها العام رقم 18(1989 ) ، إلى أن المادة 26 من العهد تكفل لجميع الأشخاص المساواة أمام القانون والتمتع بحماية القانون على قدم المساواة، وتحظر أي تمييز بمقتضى القانون، وتضمن لجميع الأشخاص على قدم المساواة الحماية الفعلية من التمييز على أي أساس، مثل العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر. وإذ تشير اللجنة إلى آرائها السابقة ( ) ، فهي تُذكِّر بأن حظر التمييز بموجب المادة 26 يشمل أيضاً التمييز على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية ( ) .

7-16 وترى اللجنة أن السلطات عارضت موضوع الحدث المقترح (الفقرات 2-8 و 5-4 و 6-4 أعلاه )، ومارست تمييزاً واضحاً على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية، وهو تمييز على أسس محظورة بموجب المادة 26 من العهد ( ) .

7-17 وتشير اللجنة كذلك إلى آرائها السابقة التي خلصت فيها إلى أنه لا يشكل كل تفريق قائم على الأسس المشار إليها في المادة 26 من العهد تمييزاً، إن استند إلى معايير معقولة وموضوعية ( )  وتوخى تحقيق هدف مشروع بموجب العهد ( ) . وفي حين تقر اللجنة بدور سلطات الدولة الطرف في حماية سلامة القاصرين، فهي تلاحظ أن الدولة الطرف لم تثبت أن القيود المفروضة على التجمع السلمي المقترح استندت إلى معايير معقولة وموضوعية. وعلاوةً على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أي دليل على وجود مبررات لفرض هذه القيود.

7-18 وفي ظل هذه الملابسات، كان من واجب الدولة الطرف كفالة ممارسة صاحب البلاغ حقوقه المكفولة بموجب العهد وليس المساهمة في قمعها ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أنها استنتج ت في آرا ء سابقة أن القوانين التي تحظر الترويج بين القاصرين للعلاقات الجنسية غير التقليدية في الدولة الطرف تؤدي إلى تفاقم التصوير النمطي السلبي للمثليين على أساس ميلهم الجنسي وهويتهم الجنسانية وتقيد على نحو غير متناسب حقوقهم المكفولة بموجب العهد، ودعت إلى إلغا ئ ها ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقييد حق صاحب البلاغ في حرية التجمع السلمي استند إلى معايير معقولة وموضوعية، وتوخى تحقيق هدف مشروع بموجب العهد. وبالتالي، فقد شكَّل منع تنظيم الحدث المعني انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 26 من العهد.

8- وإذ تتصرف اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، فهي ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاك الدولة الطرف ا لمادتين 21 و 26 من العهد.

9- وعملاً بأحكام المادة 2(3)( أ ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك إتاحة كامل سبل الجبر لمن انتُهِكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد، بما في ذلك منحهم تعويضاً مناسباً. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2( 2) من العهد، أن تعيد النظر في تشريعاتها بغرض ضمان التمتع الكامل في إقليمها بالحقوق المكفولة بموجب المادتين 21 و 26 من العهد، بما في ذلك تنظيم التجمعات السلمية.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة بالبت في ما إذا وقع انتهاك للعهد، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبتوفير سبيل انتصاف فعال متى ثبت وقوع انتهاك لهذه الحقوق، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ هذه الآراء. كما تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع بلغتها الرسمية.