الأمم المتحدة

CCPR/C/137/D/2905/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19 May 2023

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2905/2016 * **

بلاغ مقدم من: عادل توردوكولوف (يمثله المحامي غيولشاير عبد الرسولوفا )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: قيرغيزستان

تاريخ تقديم البلاغ: 2 آب/أغسطس 2016 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 14 كانون الأول/ديسمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 10 آذار/مارس 2023

الموضوع: فرض غرامة بسبب الإخلال بالإجراء المعمول به لتنظيم تجمع سلمي

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ التوافق من حيث الاختصاص الموضوعي

المسائل الموضوعية: حرية التجمع؛ الحق في محاكمة عادلة

مواد العهد: 14 ( 1 ) و 21

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحب البلاغ هو عادل توردوكولوف ، وهو مواطن من قيرغيزستان، مولود في عام 198 1 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 14 ( 1 ) و 21 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 7 كانون الثاني/يناير 199 5 . ويمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ مُدوِّن. وهو يؤكد بأنه كان في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015 يعتزم المشاركة في تجمع سلمي بالقرب من مبنى الحكومة في بيشكيك، مع ستة مشاركين آخرين. وكان الغرض من التجمع هو الإعراب عن التضامن مع صحفي كان معرضاً لخطر الاعتقال لعدم دفعه تعويضاً عن ضرر معنوي أمرت به إحدى المحاكم لصالح رئيس قيرغيزستان بسبب انتهاك شرفه وكرامته. ويؤكد صاحب البلاغ أنه، لدى اقترابه من مكان التجمع، أوقفه ضباط شرطة وأمروه بعدم عقد التجمع لأن سلطات الدولة المختصة لم تُخطَر بالحدث. ورداً على ذلك، أوضح صاحب البلاغ أن له حقاً دستورياً في عقد التجمعات السلمية والمشاركة فيها وأن ذلك لا يستوجب تقديم أي إخطار. غير أن ضباط الشرطة أوقفوه واتهموه بانتهاك الإجراء المعمول به لعقد التجمعات السلمية وعدم إطاعة الأوامر المشروعة للشرطة - وهما مخالفتان إداريتان بموجب المادتين 392 ( 1 ) و 371 ( 1 ) من قانون المسؤولية الإدارية، على التوالي.

2 - 2 وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، أدانت محكمة بيرفومايسكي المحلية في بيشكيك صاحب البلاغ بارتكاب مخالفة إدارية بموجب المادة 392 ( 1 ) من قانون المسؤولية الإدارية ( ) وأمرته بدفع غرامة، وفقاً لصاحب البلاغ. وخلصت المحكمة إلى أن صاحب البلاغ شارك في تجمع سلمي دون أن يكون قد أخطر السلطات المختصة من قبل، وهو ما يتعارض مع القانون رقم 120 المؤرخ 23 تموز/يوليه 2002 بشأن حق المواطنين في التجمع السلمي، بدون أسلحة، وإقامة مسيرات ومظاهرات بحرّية، الذي ينص على أن عقد تجمعات أو مسيرات أو احتشادات أو مظاهرات أو أحداث عامة سلمية أخرى يخضع لإخطار السلطات الإدارية المحلية مسبقاً. وبناءً على ذلك، خلصت المحكمة إلى أن عقد التجمع السلمي دون إخطار مسبق كان غير قانوني وتترتب عليه مسؤولية قانونية.

2 - 3 وطعن صاحب البلاغ في قرار المحكمة، مدعياً أنه شارك في تجمع سلمي بموجب حق تكفله له المادة 34 من الدستور. ودفع صاحب البلاغ أيضاً بأن القانون رقم 120 لم يكن سارياً وقت وقوع الأحداث لأنه استُعيض عنه بالقانون رقم 64 المؤرخ 23 أيار/مايو 2012 بشأن التجمعات السلمية. ووفقاً للقانون الجديد، فإن عدم إخطار السلطات المحلية لا يمكن أن يكون أساساً لحظر تجمع سلمي. ومن ثم، فإن أمر الشرطة بالتفرق بسبب عدم الإخطار لا يستند إلى أي أساس قانوني، وكذلك إدانته الإدارية بخرق الإجراء المعمول به لتنظيم تجمع سلمي.

2 - 4 وفي 21 كانون الثاني/يناير 2016 ، أيدت محكمة مدينة بيشكيك (محكمة الاستئناف) القرار المتعلق بالإدانة الإدارية لصاحب البلاغ. وخلصت محكمة الاستئناف إلى أن صاحب البلاغ شارك في تجمع سلمي جرى تنظيمه دون إخطار سلطات الدولة المختصة، وأنه لم يستجب لأوامر التفرق المشروعة التي أصدرتها الشرطة. وبالإشارة إلى أحكام القانون رقم 120 ، أيدت محكمة الاستئناف القرار الذي توصلت إليه المحكمة الابتدائية، وهو أن عقد أحداث عامة سلمية دون إخطار مسبق للسلطات الإدارية المحلية غير قانوني وترتب عليه مسؤولية قانونية.

2 - 5 وقدم صاحب البلاغ شكوى مراجعة قضائية إلى المحكمة العليا، مكرراً الحجج التي ساقها في الاستئناف. وفي 19 نيسان/أبريل 2016 ، أيدت المحكمة العليا إدانته، بعد أن خلصت إلى أنه شارك في تجمع سلمي دون إخطار سلطات الدولة المعنية مسبقاً. وقبلت المحكمة العليا حجة صاحب البلاغ بأن المحاكم الدنيا طبقت القانون رقم 120 ، وهو تشريع لم يكن سارياً وقت وقوع الأحداث؛ بيد أنها رأت أن التشريعات السارية المفعول، ولا سيما المادة 11 من القانون رقم 64 المتعلق بالتجمعات السلمية ( ) ، تتضمن أيضاً حكماً بشأن إخطار سلطات الدولة المعنية بأي تجمع سلمي يُعتزَم تنظيمه. ونظراً لعدم وجود إخطار مسبق، استنتجت المحكمة العليا أن صاحب البلاغ مذنب بارتكاب مخالفة بموجب المادة 391 ( 1 ) من قانون المسؤولية الإدارية.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 14 ( 1 ) و 21 من العهد. ويؤكد أن تدخل سلطات الدولة الطرف في الحدث العام السلمي بدعوى عدم الإخطار يشكل انتهاكاً لحقه في حرية التجمع. وعلاوة على ذلك، فإن المحاكم، عندما حمّلته المسؤولية الإدارية عن انتهاك الإجراء المعمول به لتنظيم التجمعات السلمية، استندت في قراراتها إلى قانون لم يكن سارياً وقت وقوع الأحداث، وتجاهلت التشريعات المحلية السارية، التي لا تلزم منظمي التجمع السلمي أو المشاركين فيه بإخطار سلطات الدولة بالحدث العام السلمي. ويجادل صاحب البلاغ بأن هذا الالتزام غير موجود في القانون رقم 64 بشأن التجمعات السلمية، الذي كان ينطبق على الأحداث المعنية. وعلاوة على ذلك، يشير إلى المادة 34 من دستور الدولة الطرف، التي تنص على عدم جواز حظر أي تجمع سلمي أو تقييده بسبب عدم الإخطار. وبالإضافة إلى ذلك، لا يتحمل منظمو التجمعات السلمية والمشاركون فيها مسؤولية عدم الإخطار بتجمع سلمي أو عدم الامتثال لشكل الإخطار ومحتواه والموعد النهائي لتقديمه ( ) .

3 - 2 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى أن هناك انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادتين 14 ( 1 ) و 21 من العهد وأن تطلب إلى الدولة الطرف أن تضع ضمانات ضد حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 19 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتوضح الدولة الطرف أن المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، عند البت في الإدانة الإدارية لصاحب البلاغ، استرشدتا بالقانون رقم 120 الذي يلزم الأشخاص المشاركين في حدث عام بإخطار السلطات الإدارية المحلية بالحدث المزمع تنظيمه قبل موعده بما لا يقل عن 12 يوماً تقويمياً. وتوضح الدولة الطرف أيضاً أن القانون رقم 120 أصبح غير نافذ في 23 أيار/مايو 2012 بسبب سن القانون رقم 64 بشأن التجمعات السلمية. وتبين الدولة الطرف أن القانون رقم 64 بشأن التجمعات السلمية ينص على أن الإخطار الأولي بالتجمع السلمي ليس إلزامياً.

4 - 2 وتلاحظ الدولة الطرف في هذا الصدد أن المحكمة العليا خلصت في قرارها المؤرخ 19 نيسان/أبريل 2016 إلى أن المحكمتين الأدنى درجة في قضية صاحب البلاغ طبقتا قانوناً لم يعد سارياً وقت وقوع الأحداث. بيد أن المحكمة العليا رأت أيضاً أن التشريعات السارية المفعول، ولا سيما المادة 11 من القانون رقم 64 المتعلق بالتجمعات السلمية، تتضمن أيضاً أحكاماً بشأن إخطار سلطات الدولة بالتجمعات السلمية. ولذلك ترى الدولة الطرف بطلان حجة صاحب البلاغ بأن المحاكم في قضيته أخطأت في القانون بتطبيقها أحكاماً قانونية لم تعد سارية وقت وقوع الأحداث.

4-3 وتجادل الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ يؤكد أن المادة 392 من قانون المسؤولية الإدارية، التي تنص على المسؤولية عن انتهاك الإجراء المعمول به في تنظيم التجمعات السلمية، تتناقض مع دستور الدولة الطرف، الذي ينص على عدم جواز حظر أي تجمع سلمي أو تقييده بسبب عدم الإخطار. وفي هذا الصدد، تدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أتيحت له فرصة للطعن أمام الدائرة الدستورية للمحكمة العليا في دستورية الحكم المذكور أعلاه من قانون المسؤولية الإدارية. وبالنظر إلى أن صاحب البلاغ لم يطعن في دستورية الحكم المذكور، فإنه لا يمكن القول بأن سبل الانتصاف المحلية في هذه القضية قد استُنفِدت.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - 1 في 25 كانون الثاني/يناير 2019 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات تفيد بأن الفصل في الدعوى على أساس قواعد قانونية لم تعد سارية وقت وقوع الأحداث المعنية يتعارض مع ضمانات المحاكمة العادلة بموجب العهد. وهو يدفع بأن التشريعات التي كانت سارية وقت وقوع الأحداث قيد النظر، ولا سيما الدستور، لا تسمح بحظر أو تقييد تجمع سلمي بسبب عدم الإخطار به. ويحظر الدستور أيضاً تحميل أي شخص مسؤولية عدم الإخطار بتجمع سلمي. وتكفل المادة 34 ( 2 ) من الدستور لكل شخص الحق في تقديم إخطار بتنظيم تجمع. وفي هذا الصدد، يجادل صاحب البلاغ بأن ثمة آلية لإعمال هذا الحق الدستوري منصوصاً عليها في المادة 11 من القانون رقم 64 بشأن التجمعات السلمية، التي كانت سارية وقت وقوع الأحداث المعنية، والتي تضمن الحق في عقد التجمع بإخطار مسبق أو بدونه.

5 - 2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بشأن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يدفع صاحب البلاغ بأن هذه الحجة لا صلة لها بالموضوع، لأن موضوع ادعائه لا يتعلق بمسألة دستورية المادة 392 من قانون المسؤولية الإدارية، بل بانتهاك حقوقه بموجب العهد بسبب إدانته الإدارية الناتجة عن عدم الإخطار بتجمع سلمي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأن صاحب البلاغ لم يطعن في دستورية قانون المسؤولية الإدارية أمام الدائرة الدستورية للمحكمة العليا. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بالحجة التي ساقها صاحب البلاغ ومفادها أنه لا يشكك في دستورية قانون المسؤولية الإدارية؛ وجوهر شكواه هو انتهاك حقوقه بموجب العهد بسبب إدانته الإدارية الناتجة عن عدم الإخطار بالتجمع السلمي. وبالنظر إلى موضوع الشكوى، كما صاغها صاحب البلاغ، لا ترى اللجنة أي سبب يدعو إلى استنتاج أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية للأسباب التي حددتها الدولة الطرف. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن أحكام الفقرة ( 2 )(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

6 - 4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادة 14 ( 1 ) من العهد قد انتُهِكت، تذكّر اللجنة بأن الحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام هيئة قضائية مختصة ومستقلة ومحايدة مكفول في القضايا المتعلقة بتحديد التهم الجنائية الموجهة إلى الأفراد أو حقوقهم أو واجباتهم في الدعاوى القضائية. وتذكّر كذلك بأن الاتهامات الجنائية تتعلق من حيث المبدأ بأفعال يعاقب عليها القانون الجنائي المحلي. بيد أنه يجوز أيضاً توسيع هذا المفهوم ليشمل الأفعال الإجرامية الطابع التي يعاقب عليها بعقوبات يجب أن تعتبر جنائية نظـراً لطبيعتها وغرضها وصرامتها، بصرف النظر عن تعريفها في القانون المحلي ( ) . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ حُكِم عليه بغرامة إدارية لانتهاكه الإجراء المعمول به في تنظيم التجمعات السلمية بموجب الأحكام ذات الصلة من قانون المسؤولية الإدارية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن العقوبات المفروضة على صاحب البلاغ، رغم أنها إدارية وفقاً لقانون الدولة الطرف، فإنها ترمي، من خلال العقوبات، إلى قمع المخالفات المنسوبة إليه وإلى أن تكون رادعاً للآخرين، وهي غايات مشابهة للهدف العام للقانون الجنائي. وتلاحظ كذلك أن القواعد القانونية، التي نسب انتهاكها إلى صاحب البلاغ، ذات طابع عام وموجهة إلى أي شخص يشارك، بصفته الشخصية، في تجمع سلمي. ولذلك، فإن الطابع العام للقواعد والغرض من العقوبة، نظراً لطابعهما الرادع والعقابي في آن واحد، يكفيان لإثبات أن الجريمة المنسوبة إلى صاحب البلاغ كانت إجرامية بالمعنى المقصود في المادة 14 من العهد ( ) . وبناءً على ذلك، تعتبر اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ الذي أُثير بموجب المادة 14 ( 1 ) من العهد مقبول من حيث الموضوع، ما دامت الإجراءات المتعلقة بإدانة صاحب البلاغ الإدارية تدخل في نطاق "تحديد" "تهمة جنائية" بموجب المادة 14 ( 1 ) من العهد.

6 - 5 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من الأدلة على ادعاءاته التي تندرج في إطار المادتين 14 ( 1 ) و 21 من العهد لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأن حقه في حرية التجمع الذي تكفله المادة 21 من العهد قد انتُهِك، إذ عوقب بموجب الأحكام ذات الصلة من التشريعات المحلية لانتهاكه الإجراء المعمول به لتنظيم الأحداث العامة لأنه لم يخطر سلطات الدولة المختصة بتنظيم مناسبة عامة سلمية. ولذلك، فإن المسألة المعروضة على اللجنة تتعلق بتحديد ما إذا كانت العقوبة الإدارية المفروضة على صاحب البلاغ تشكل انتهاكاً لحقوقه التي تكفلها المادة 21 من العهد.

7 - 3 وأشارت اللجنة في تعليقها العام رقم 37 ( 202 0 ) إلى أن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان ضروري لتعبير الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. وتحمي المادة 21 من العهد التجمعات السلمية أينما عُقدت، سواء في الهواء الطلق أو في الأماكن المغلقة أو عبر الإنترنت؛ أو في الأماكن العامة والخاصة؛ أو فيهما معاً. وقد تتّخذ هذه التجمعات أشكالاً عديدة، بما فيها المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والاحتشادات والاعتصامات والوقفات على ضوء الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي محمية بموجب المادة 21 سواء أكانت ثابتة، مثل الاعتصامات، أم متنقلة، مثل المواكب أو المسيرات ( ) . ولا يجوز أي تقييد للحق في التجمع السلمي، إلا في الحالات التالية: (أ) إذا فُرِض وفقاً للقانون؛ (ب) إذا كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لصون الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغير وحرياتهم. ويقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييد الحقَّ الذي تحميه المادة 21 من العهد ( ) .

7 - 4 وتذكّر اللجنة كذلك بموقفها القائل بأن نظم الإخطار التي تُلزِم الراغبين في تنظيم تجمع سلمي بإبلاغ السلطات مسبقاً به وبتقديم تفاصيل عن بعض سماته البارزة هي نظمٌ يجوز العمل بها بالقدر اللازم لمساعدة السلطات على تيسير عقد التجمعات السلمية بسلاسة وحماية حقوق الآخرين. ويجب ألا يُساءَ استخدام هذا الشرط لخنق التجمعات السلمية ويجب تبريره للأسباب المذكورة في المادة 21 ( ) . وعدم إخطار السلطات بتجمع قادم، عند الاقتضاء، لا يجعل فعل المشاركة في التجمع غير قانوني، ويجب ألا يُستخدَم في حد ذاته كأساس لتفريق التجمع أو اعتقال المشاركين أو المنظمين، أو لفرض عقوبات لا مبرر لها، مثل اتهام المشاركين أو المنظمين بجرائم جنائية. وفي الحالات التي تُفرَض فيها عقوبات إدارية على المنظمين لعدم الإخطار، يجب على السلطات أن تبرر ذلك ( ) . وعدم الإخطار لا يعفي السلطات من الالتزام، في حدود قدراتها، بتسهيل التجمع وحماية المشاركين ( ) .

7 - 5 وبالانتقال إلى ملابسات هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ عوقب لأنه انتهك الإجراء المعمول به في تنظيم التجمعات السلمية إذ لم يخطر سلطات الدولة بالتجمع السلمي. ويدعي صاحب البلاغ أن القيد المفروض عليه غير منصوص عليه في القانون، إذ لم يكن القانون المحلي الساري وقت وقوع الأحداث يلزم بإخطار سلطات الدولة بالتجمع السلمي. ولذلك، يجب على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت العقوبة الإدارية المفروضة على صاحب البلاغ في ظل ملابسات هذه القضية تشكل قيداً "طبقاً للقانون"، حسبما هو منصوص عليه في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد.

7-6 وتلاحظ اللجنة، في ضوء المواد المعروضة عليها، أن هناك اتفاقاً بين الطرفين بشأن الطابع السلمي للحدث المعني. ولا يتفق الطرفان على ما إذا كانت أحكام التشريعات المحلية قد فُسِّرَت وطُبِّقَت على نحو صحيح في ظروف هذه القضية. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، لدى إدانتهما لصاحب البلاغ بموجب الأحكام ذات الصلة من قانون المسؤولية الإدارية، استرشدتا بالقانون رقم 120 الذي ينص على التزام بإخطار سلطات الدولة بالتجمع السلمي المزمع تنظيمه، على الرغم من أنه كان قد ألغي وقت وقوع الأحداث المعنية. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحكمة العليا للدولة الطرف أقرت بأن القانون الذي طبقته المحكمتان الأقل درجة في الحكم على صاحب البلاغ لم يعد سارياً وقت وقوع الأحداث المعنية. ومع ذلك، أيدت المحكمة العليا الإدانة على أساس أن التشريع المنطبق في ذلك الوقت، أي المادة 11 من القانون رقم 64 بشأن التجمعات السلمية، يتضمن أيضاً أحكاماً تتعلق بإخطار سلطات الدولة بأي حدث عام سلمي (الفقرة 2-5 أعلاه ). وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بالتوضيحات التي قدمتها الدولة الطرف في ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية ومفادها أن إخطار سلطات الدولة بتجمع سلمي بموجب القانون رقم 64 بشأن التجمعات السلمية ليس إلزامياً (الفقرة 4-1 أعلاه ). وعلاوة على ذلك، تحيط اللجنة علماً بأحكام دستور الدولة الطرف، كما كان سارياً في ذلك الوقت، ولا سيما المادة 34( 2) و( 3) منه، التي تنص صراحة على ما يلي: (أ) لا يجوز حظر تجمع سلمي أو تقييده بسبب عدم الإخطار به أو عدم الامتثال لشكل الإخطار ومحتواه والموعد النهائي لتقديمه؛ (ب) ينبغي ألا يتحمل منظمو التجمعات السلمية والمشاركون فيها مسؤولية عدم الإخطار بتجمع سلمي أو عدم الامتثال لشكل الإخطار ومحتواه والموعد النهائي لتقديمه.

7 - 7 واستناداً إلى هذه المعلومات، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن القيد المفروض على حقوق صاحب البلاغ، أي إدانته الإدارية لانتهاكه الإجراء المعمول به في تنظيم التجمعات السلمية بسبب عدم إخطاره بالتجمع السلمي، قد فرض طبقاً للقانون، حسبما تقتضيه المادة 21 من العهد. وترى اللجنة، بالإشارة إلى أحكام دستور الدولة الطرف المذكورة أعلاه، فضلاً عن التوضيحات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن الطابع غير الإلزامي لنظام الإخطار بموجب التشريعات المحلية، أنه في غياب التزام قانوني في القانون المحلي بإخطار سلطات الدولة بالتجمع السلمي، لم يكن هناك أساس قانوني للحكم على صاحب البلاغ بغرامة إدارية لعدم إخطاره سلطات الدولة بالحادث العام السلمي. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن القيد المفروض على حقوق صاحب البلاغ لم يكن "طبقاً للقانون"، على نحو ما تقتضيه الأحكام الواردة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وفي ضوء الاستنتاج الوارد أعلاه، ترى اللجنة أنه لا حاجة إلى النظر فيما إذا كان التقييد المعني مبرراً بأحد الأهداف المشروعة المنصوص عليها في المادة 2 1 . ولما لم ترِد أي توضيحات أخرى من الدولة الطرف، فإن اللجنة تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

7 - 8 وفي ضوء ما تَقدم، تقرر اللجنة عدم النظر بشكل منفصل في الادعاءات المتعلقة بالمادة 14( 1) من العهد.

8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 21 من العهد.

9 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزامٌ بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك تقديم جبر كامل للأشخاص الذين انتُهِكت حقوقهم المكفولة في العهد. وبناءً على ذلك، يجب على الدولة الطرف، في جملة أمور، اتخاذ الإجراءات المناسبة لتقديم تعويض كافٍ لصاحب البلاغ، بما في ذلك رد قيمة الغرامة التي فُرضت عليه وأي تكاليف قانونية تكبدها. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10 - وإذ تأخذ اللجنة في الاعتبار أن الدولة الطرف، إذ أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، اعترفت باختصاص اللجنة في البتّ فيما إذا كان العهد قد انتُهك أم لا، وتعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ عندما يثبت حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.